قصائد من كتاب «نزهة في حديقة الشعر البلغاري»
نيكولا فابتساروف ” 1909-1942 “
وداع
أحياناً سآتي إلى حلمك ِ
مثل ضيف من بعيد لم يخطر في البال
لا تدعيني خارجاً
لا توصدي الباب
سأدخل في صمت
وسأجلس قبالتك
وسأنظر إليك في عتمة الليل
وعندما أشبع من رؤيتك
سأقبّلك وأنصرف ” ص 12 “
مع الصديق المترجم ورفيقة دربه في كافتيريا بشارع ” نوهدرا ” بدهوك، صباحاً
إليزافيتا باغريانا ” 1893-1991 “
مطر
صامتون نحن، مثل ذلك العشاء الأخير
السهم يركض، الزمن يمضي
ماذا قلت لي؟ الشفتان ترتعشان
سمعت بصعوبة: لكم أحبُّك..
استيقظت من النوم، كما لو أنني نمتُ قرناً
كانت المسافة بيننا تزداد اتساعاً
أي لزوم لانفصالنا عن بعضنا بعضاً؟
لم أعلم شيئاً ولا حتى استوعبته
أنا الآن جالسة أمرر كل شيء أمام النظر
في الخارج يهطل المطر
طي اصفرار الخريف
أراني وحدي دون موطن
ضائعة في هذه المدينة الكبيرة
ما وقع لن يعود ثانية
يشعر قلبي بالذنب
سوى أنني كنت سأحتضنك
بجنون وحميمية
كنت سأحتضنك
لو سنحت فرصة أخرى
وكنت معك ” ص 21 “
فاليري بيتروف ” 1920-2014 “
الوداع الكبير
يا أمل! كفى! توقف عن الكذب علي
أصدقك بصعوبة أيضاً، إنما ها أنت
مرة أخرى..
كم مرة تحركت أشعتك وسط هذه الأيام المعتمة
وبعيداً؟ بعد برهة، عتمتي
تحضنني، وتعصر صدري العجوز كاملاً
العتمة نفسها، إنما أخطر من السابقة مرتين
ومجدداً أنت تومض
بالرغم من أنها حتى النهاية ستكون هكذا كذلك
لا حيلة لي، دون شعاعك الخاص بانعدام أملي
لم تقدِر
دوبري جوتيف ” 1923-…؟ “
الأغنية البسيطة
قولي للهواء
متى
أين
وكيف يتحرك
ولا يصبح هواء
قولي للشمس
متى
أين
وكيف تشرق
ولا تصبح شمساً
قولي للحب
متى
أين
وكيف يحب
ولا يصبح حباً ” ص 49 “
***
قطْع الطريق
كنت أداعبك وأنا أعلم
أنك ستكونين لي
خطفتك، وقد آلمك ذلك
سوى أنني عرفت أنك ستكونين لي
وفي الحالتين كنت تضحكين
تجيزين في كل شيء
كنت أستطيع قتلَك
بحجة
أنك كنت تتمنين ذلك ” ص 51 “
أتاناس دالجيف ” 1958 …”
حسنٌ، لماذا علي أن أحزن عندما أرحل ؟
لا صديق لي هنا ولا حتى صاحب
ألازم الحائط وأنا رافع قبعتي للهواء
ذلك الهواء الذي يصبح إعصاراً
ويجتث العالم
ويمضي به بعيداً ” ص 68 “
***
كتاب
مفتوح أمامي ليل نهار
دائماً وحدي أكون
لا إنساناً أعرفه
ولا حتى العالم
الطيور تحط وتطير
الأيام تأتي وتمضي:
أنا تعبُ، أمضي
أيامي مثل صفحات الكتاب
لسنوات، في غربة
تقرأ حياة شخص غريب
وحياتك المعدومة المعنى
تمضي في صمت وفي خواء
دون أن يعلم بها أحد
أبداً لم تبلغني!
آه، يا نداء الحب
ومن أجل الكتب كذلك
قد ضيَّعتُ العالم والحياة ” ص 71 “
ديمجا دِبيليانوف ” 1887-1916 “
لم يكن لي شيء، كان لي، ولم يعد لي ثانية
العقل، المال، الحب والصيت
لا أحد يعلم
إلى متى وكم سيكون !
كل شيء كذل.
وحده فاعل الخير غنيّ
جئت عارياً إلى الدنيا
وعارياً سأخرج منها ” ص 80 “
إيفان زدرافكوف ” 1941 …”
ابن السماء
لماذا لا ينام ابن السماء؟
لماذا هو صامت ؟
لماذا يطوف في حدائق السموات ؟
دمع ابن السموات نور
حزن ابن السموات خضرة
حلوة روح الابن السماوي
الجميع ينامون
الملائكة جميعاً في السلام السماوي
يستغرقون في النوم
لماذا لا ينام ملاكي التعِبُ ؟ ” ص 114 “
أدريانا زاريفا
انظرْ إلى النجم الطويل
تعالي إلي في درب مع القمر
مع شلال نجمي من النور
وبغمّك الخفيفة لا تعكّر صفو الليل الناعس
تعال! أنتظرك طيبت نفسي في دمع من ندى صباح
وأبقي معبراً للأشياء العجيبة
الطريق الناعم الشارد في ليل برّي
اجعلني تراباً، الجسد والروح
لنصبح غبار النجم
وليكن هذا الليل لنا وحدنا
بدلاً من الذنوب على الطريق
أنت تضحك، أهو حلم ؟
انظر إلى هذه السماء الجميلة
أأبصرت داخلك كيف تنسكب النجوم؟
تراك تمنيت شيئاً في سرّك ؟ ” ص 135 “
ملاحظة من المترجم: نزهة في حديقة الشعر البلغاري، ترجمة خورشيد عليوي، منشورات دار الزمان، 2024، في 150 صفحة، من القطع الوسط. كتاب جميل في مختاراته الشعرية، بذائقة جميلة جهة الترجمة إلى الكردية، من قبل الصديق المترجم وعن البلغارية، كما تقدم، والذي أهداني إياه ” اليوم ” : الخميس: 7-3/ 2024، في زيارة خاطفة له مع رفيقة دربه في الحياة، قادمين من سويسرا، حيث التقينا في دهوك، وحين عدت به إلى البيت، وتصفحته، راقت لي قراءته، وشدتني نصوصه المختارة. فكان الذي أقبلت على ترجمته، تعبيراً عن تقديري لجهد الصديق خورشيد، والتأكيد من خلال الترجمة، على أن الجميل شعراً أو نثراً في محتواه يستطيع التكلم بكل اللغات .. فكان ما كان.
————————
أحيانا سأجول في أحلامك
مثل ضيف غير منتظر وغير مرغوب فيه
لا تتركيني في الخارج، في الطريق
لا تقفلي الباب
سأدخل بهدوء وأجلس
سأحدق في الظلام حتى أراك
وعندما أشبع من النظر إليك
سأقبلك وأرحل
———————-
حدث في مثل هذا اليوم: 23 يوليو
نيكولا فابتساروف
إعدام الشاعر والزعيم الشيوعي البلغاري نيكولا فابتساروف رميا بالرصاص.
كان نيكولا يونكوف فابتساروف (بلغاري: ؛ 7 ديسمبر 1909 ، 23 يوليو 1942) شاعرًا بلغاريًا وشيوعيًا وثوريًا. عمل معظم حياته كآلة ميكانيكي ، ولم يكتب إلا في أوقات فراغه. على الرغم من حقيقة أنه لم ينشر سوى كتاب شعري واحد ، إلا أنه يعتبر من أهم الشعراء البلغاريين. بسبب نشاطه الشيوعي السري ضد حكومة بوريس الثالث والقوات الألمانية في بلغاريا ، ألقي القبض على فابتساروف وحوكم وحكم عليه وأعدم في نفس الليلة رميا بالرصاص.
نيكولا فابتساروف
بلغاريا ((استمع) ؛ البلغارية: България ، بالحروف اللاتينية: Blgariya) ، رسميًا جمهورية بلغاريا ، هي دولة تقع في جنوب شرق أوروبا. تحتل الجزء الشرقي من البلقان ، وتحدها رومانيا من الشمال ، وصربيا ومقدونيا من الغرب ، واليونان وتركيا من الجنوب ، والبحر الأسود من الشرق. تبلغ مساحة بلغاريا 110994 كيلومتر مربع (42855 ميل مربع) ، وهي سادس عشر أكبر دولة في أوروبا. صوفيا هي عاصمة البلاد وأكبر مدنها. المدن الرئيسية الأخرى هي بلوفديف وفارنا وبورجاس.
كانت حضارة كارانوفو من أقدم المجتمعات في أراضي بلغاريا الحديثة ، والتي يعود تاريخها إلى 6500 قبل الميلاد. في القرن السادس إلى القرن الثالث قبل الميلاد ، كانت المنطقة ساحة معركة للتراقيين والفرس والكلت والمقدونيين القدماء. جاء الاستقرار عندما احتلت الإمبراطورية الرومانية المنطقة في عام 45 بعد الميلاد. وبعد انقسام الدولة الرومانية ، استؤنفت الغزوات القبلية في المنطقة. حوالي القرن السادس ، استوطن السلاف الأوائل هذه الأراضي. هاجم البلغار بقيادة أسباروخ البلغاري من أراضي بلغاريا (العظمى القديمة) وغزوا البلقان بشكل دائم في أواخر القرن السابع. أسسوا بلغاريا (الدانوبية) ، التي اعترفت بها الإمبراطورية الرومانية الشرقية منتصراً بموجب معاهدة عام 681 بعد الميلاد. سيطرت على معظم دول البلقان وأثرت بشكل كبير على الثقافات السلافية من خلال تطوير الكتابة السيريلية. استمرت الإمبراطورية البلغارية الأولى حتى أوائل القرن الحادي عشر ، عندما غزاها الإمبراطور البيزنطي باسيل الثاني وفككها. أدت ثورة بلغارية ناجحة عام 1185 إلى تأسيس إمبراطورية بلغارية ثانية وصلت إلى ذروتها تحت حكم إيفان آسين الثاني (1218-1241). بعد العديد من الحروب المرهقة والصراعات الإقطاعية ، تفككت الإمبراطورية في عام 1396 ووقعت تحت الحكم العثماني لما يقرب من خمسة قرون.
أدت الحرب الروسية التركية 1877-1878 إلى تشكيل الدولة البلغارية الثالثة والحالية. تُرك العديد من البلغار الإثنيين خارج حدود الدولة الجديدة ، مما أثار المشاعر الوحدوية التي أدت إلى عدة صراعات مع جيرانها وتحالفات مع ألمانيا في كلتا الحربين العالميتين. في عام 1946 ، أصبحت بلغاريا تحت قيادة الكتلة الشرقية السوفيتية وأصبحت دولة اشتراكية. تخلى الحزب الشيوعي الحاكم عن احتكاره للسلطة بعد ثورات عام 1989 وسمح بانتخابات متعددة الأحزاب. ثم انتقلت بلغاريا إلى الديمقراطية والاقتصاد القائم على السوق. منذ اعتماد دستور ديمقراطي في عام 1991 ، أصبحت بلغاريا جمهورية برلمانية موحدة تتكون من 28 مقاطعة ، تتمتع بدرجة عالية من المركزية السياسية والإدارية والاقتصادية.
بلغاريا بلد نام ، مع اقتصاد الدخل المتوسط الأعلى ، وتحتل المرتبة 56 في مؤشر التنمية البشرية. يعتبر اقتصاد السوق الخاص بها جزءًا من السوق الأوروبية الموحدة ويعتمد إلى حد كبير على الخدمات ، تليها الصناعة – وخاصة بناء الآلات والتعدين – والزراعة. انتشار الفساد هو قضية اجتماعية واقتصادية كبرى. احتلت بلغاريا المرتبة الأولى بين الدول الأكثر فسادًا في الاتحاد الأوروبي في عام 2018. وتواجه البلاد أيضًا أزمة ديموغرافية ، حيث يتقلص عدد سكانها سنويًا منذ حوالي عام 1990 ؛ يبلغ عددها حاليًا حوالي سبعة ملايين ، بانخفاض عن ذروة بلغت تسعة ملايين عام 1988. بلغاريا عضو في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ومجلس أوروبا. وهي أيضًا عضو مؤسس في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ، وقد شغلت مقعدًا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ثلاث مرات.
————————–
الشاعر البلغاري نيقولا فابتساروف
حياته وشعره
ولد الشاعر البلغاري (نيكولا فابتساروف) في الرابع والعشرين من نوفمبر عام 1909 للميلاد في مدينة بانسكو البلغارية. حيث تلقى علومه المدرسية ما بين (1924-1926) لينتقل بعدها تلبية لرغبة أبيه للمدرسة التقنية البحرية في مدينة فارنا ما بين (1926-1932) فتنقل على متن السفن عبر عدة موانئ من أبرزها تلك العربية حيث حطت سفنه المختلفة على موانئ بيروت والإسكندرية وبور سعيد وحيفا.
أصل اسم عائلته (فابتساروف) يعوج إلى مهنة جده ، والتي تعني في العربية الصباغ ، حيث كان جده يعمل صابغا للأقمشة.
كانت أمنيته أن يدرس الآداب ، إلا أن شظف العيش وسوء الوضع المادي دفعا بأقداره بعيدا عن الأدب حيث عمل في معمل (صناعات الغابات البلغارية) كتقني (ميكانيكي) والذي لم يطل فيه مكثه حيث تم تسريحه بسبب البطالة الثقيلة التي سادت آنذاك. لينتقل بين عدد من الأعمال الشاقة بما فيها سكة الحديد.
كان ناشطا في الحزب الشيوعي البلغاري قبل أن يتسلم الحزب المذكور الحكم بعد الثورة، كما وشارك في المقاومة ضد الإحتلال النازي لبلاده، فتعرض للنفي أولا بسبب قيامه بجمع التواقيع على عريضة تؤيد اتفاقية الصداقة والتعاون بين بلغاريا والإتحاد السوفيتي ، ليعود من منفاه بعد ذلك لينشط في العمل ضد الجنود الألمان ثم ليلقي القبض عليه في مارس عام 1942 ليحاكم بتهمة نشاطه العسكري كمسؤول عن اللجنة الحربية المركزية في الحزب الشيوعي ويتلقى حكما بالإعدام في 23 يوليو من نفس العام ليتم إعدامه رميا بالرصاص مساء نفس يوم المحاكمة قبل أن يكمل ربيعه الحادي والثلاثين منضما بذلك إلى بوتقة من المبدعين الذين قضوا في ريعان الشباب بعد أن تركوا بصماتهم جلية في التاريخ الأدبي.
له عدة قصائد بيد أنه لم يعرف له إلا ديوانا واحدا مطبوعا صدر عام 1940 بعنوان ( أغاني المحركات).وقد أثنى عليه العديد من النقاد والشعراء الرومان واليونانيين والفرنسيين، بل أن بعضهم اعتبره أحد أهم شعراء العصر ، وليس مجرد شاعر بلغاري . وقد إمتاز شعره بالنقاء الروحي ، والإنسانية العميقة المؤثرة كما وبالقوة الأخلاقية كما سنلمس من ترجمات قصائده في حلقات لاحقة. وجدير بالذكر أن قصائده قد ترجمت إلى 60 لغة.
أطلق اسم (فابتساروف) فيما بعد على (المدرسة البحرية العسكرية ) في فارنا حيث تلقى الشاعر دراسته في صباه.
تلقى الشاعر المذكور جائزة دولية للسلام عام 1952 بعد موته بعشرة أعوام
——————————
لي وطن
لنيكولا فابتساروف
ترجمة: د.عبدالرحمن أقرع
لي وطنٌ فوقه تسطُعُ
سماءٌ نهاراً بزرقتها
وتلمع ليلا فيها النجومُ
ليطفئها الصبحُ عند انبلاجه
ولكنني عندما أرجِعُ
لبيتي مساءً
أسامِر فوقَ السطوحِ الظلامَ
أرى كيف في النهرِ جانب بيتي
عدوٌ يجثمُ بالبندقية
فيا أمُّ يا من علَّمتِني
تعاليمَ ذاكَ الكِتاب
أردتِني أن أحبَ الأنامَ
كحبِّكِ أنتِ
بودي أحبّ الجميعَ بودّي
ولكنْ: يلزمني الخبزُ
وتلزمني الحرية
————————————
الربيع
لنكولا فابتساروف
ترجمة: د.عبدالرحمن أقرع
يعلو هديل الحمائمِ
في الغابة القريبة
وَعلى العثشبِ تتساقط
رياشٌ فضية
كم أشعر بالخفة
كما لم يحدث لي من قبل
أشعر وكأني كائن أثيري
أشعر وكأني بلا بدن
وتومض عبر أشجار التنوب
أشعة الشمس
سأغلق عيني البارقتين
غير أني سأحس
كيف سيُقَبِّلُنِي الربيعُ بدفء
الطيور تحلق في الآفاقِ بحرية
تغني وتدور في سِربٍ ملتوٍ
وفي أغانيها أدرِكُ نشيداً موحى
بهِ سأستقبِلُ غَدي
——————————–
—————-