سقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعسياسة

سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 28 كانون الثاني

كل الأحداث والتقارير اعتبارا من 08 كانون الأول، ملاحقة يومية دون توقف تجدها في الرابط التالي:

سقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوع

———————————-

حكومة تصريف الأعمال في سوريا أمام الترهل الإداري وإنهاء الوظائف

مظاهرات قطاعي التعليم والصحة تحتج على إصلاح القطاع العام

دمشق: سعاد جروس

27 يناير 2025 م

تواجه حكومة تسيير الأعمال في سوريا معضلة الترهل الإداري والفساد التي ورثتها من حكومات النظام السابق.

وتشهد محافظة طرطوس على الساحل السوري منذ أسابيع تظاهر أعداد من العاملين في قطاع التعليم أمام مديرية التربية في مدينة طرطوس، احتجاجاً على قرار إلغاء تحديد مركز العمل الذي أصدرته حكومة تسيير الأعمال مؤخراً، والذي يقضي بإعادة كل معلم إلى الموقع الذي تم تحديده في قرار التعيين الأصلي.

وطالب المحتجون، اليوم الاثنين، وأغلبهم من المعلمات، بإلغاء القرار وإحداث شواغر لهم في مناطقهم، مراعاة للظروف المعيشية القاسية التي تعاني منها البلاد وصعوبات وتكاليف النقل.

تجدر الإشارة إلى أن حكومات النظام السابق اعتادت تعيين معلمات أو معلمين «من أصحاب الواسطات» في أماكن شاغرة أينما وجدت حتى بعيداً عن مكان الإقامة، يتم بعدها نقل المعلم أو المعلمة لمحافظته. وقد أدى هذا الالتفاف إلى اختلال في تغطية الاحتياجات للمعلمين في المناطق النائية. وأدى إلغاء هذا القرار خلق أزمة للعشرات ممن وجدوا أنفسهم أمام احتمالات تغيير إقامتهم للالتحاق بالوظيفة، أو قطع مسافات يومياً، أو الاستقالة من الوظيفة.

جدير بالذكر أن الاحتجاجات بدأت في زمن حكومة النظام السابق، إذ ناشد معلمون من محافظة طرطوس، صيف 2023 وزير التربية آنذاك، دارم الطباع، إعادتهم للدوام في محافظتهم، بعد أن تم تحديد مركز عملهم في مدارس محافظات أخرى، لمدة خمس سنوات، حسب شروط المسابقة التي عُينوا بموجبها.

المعلمة رابعة (43 عاماً)، قالت إنه خلال السنوات العشر الأخيرة، دخل إلى قطاع التعليم الحكومي، أعداد كبيرة من النساء ممن لا يتجاوز تحصيلهن العلمي البكالوريا (ثانوية عامة)، على سبيل «التنفيعة»، والآن يتحول استبعادهن إلى «مشكلة إنسانية معقدة» إذ لا يجوز قطع الأرزاق، «لكن لا بد من إصلاح قطاع التعليم الحكومي الذي وصل إلى الحضيض»، بحسب رابعة.

وتواجه حكومة تسيير الأعمال في الإدارة الجديدة انتقادات واسعة تتعلق بطريقة معالجتها لـ«معضلة» الترهل الإداري في كافة مؤسسات الدولة، والبطالة المقنعة، وتركة الفساد الثقيلة التي خلفها نظام الأسد في القطاع العام. وقد قامت الإدارة الجديدة وفور تسلمها السلطة، بمنح إجازة ثلاثة أشهر مأجورة لآلاف الموظفين، ريثما يتم النظر في وضعهم، الأمر الذي جرى تفسيره بأنه إجراء فصل تعسفي لتزامنه مع تأخر في دفع الرواتب لعدم توفر الميزانية اللازمة لذلك.

أحد الإداريين في القطاع الإعلامي بدمشق ممن أوقفوا عن العمل لثلاثة أشهر، وفضل عدم ذكر اسمه، قال لـ«الشرق الأوسط» إن النظام السابق استخدم فرصة التعيين في الوظائف الحكومية على أنه تعويض لذوي قتلى قواته، بغض النظر عن الكفاءة، ولذلك تم تعيين المئات، لا سيما النساء ممن فقدن المعيل في مختلف القطاعات، ففي وزارة الإعلام هناك أكثر من عشرة آلاف موظف منهم سبعة آلاف في التلفزيون وحده، وأعداد المنتجين منهم لا تتجاوز ربع الكادر.

ولفت الإداري إلى أن التعيينات في ظل النظام السابق كانت تجري وفق فرز فئوي، فمثلاً قطاعات التمريض والتعليم ذات الدخل الأدنى تذهب للفقراء من ذوي قتلى قوات النظام، وهو ما يفسر تركز الأعداد الكبيرة منهم في محافظة طرطوس التي شهدت احتجاجات للموظفين، كونها المحافظة التي قدمت العدد الأكبر من قوات النظام السابق ومعظمهم من الفقراء.

مصادر في وزارة الإعلام أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن المشكلة الأبرز التي تواجه الوزارة هي حجم الفساد الذي خلفه النظام، وقالت إنه في الأسبوع الأول «انهمك موظفو الوزارة بتقديم وشايات عن بعضهم البعض للمديرين الجدد ما أفقدنا الثقة بالجميع». مضيفاً أن هذه الأجواء تعرقل عملية الإصلاح الإداري للتحقق من سيرة وكفاءة كل شخص بعيداً عن الوشاية. وعبرت المصادر عن الأسف لترسيخ النظام السابق ثقافة «دق التقارير» أي الوشايات الكيدية التي راح ضحيتها آلاف السوريين في العهد البائد.

يشار إلى أن الإدارة الجديدة فوجئت بوجود أكثر من سبعة آلاف موظف في مشفى طرطوس الوطني الذي يحوي 180 سريراً فقط. كما وجد في سجلات الرواتب عشرات الأسماء التي تتقاضى رواتب من دون وجودها في موقع العمل. وقد قامت وزارة الصحة بتخفيض عدد العاملين والإبقاء فقط على العدد الذي يتناسب مع احتياجات المنشآت والمراكز الصحية وعبء العمل الفعلي، وبموجب معايير قياسية بهدف تحقيق أداء أفضل، مع فتح باب الاعتراضات والتأكيد على أن الموقوفين عن العمل ليسوا مفصولين من الخدمة، وإنما هو إيقاف مؤقت لحين تأمين فرصة عمل أخرى حسب الاحتياج.

وفي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، نفى مدير التنمية البشرية محمد حمرون «أي تسريح تعسفي للموظفين في وزارته»، وقال في تصريح لوكالة «سانا» الرسمية إنه «في ظل الترهل الإداري ووجود البطالة المقنعة في بعض الأقسام، منح عدد من الموظفين إجازات مدفوعة الأجر لثلاثة أشهر، وذلك لإتاحة الفرصة لدراسة وضعهم الوظيفي بشكل دقيق».

وأشار حمرون إلى أنه «ستتم بعد مرور هذه الفترة إعادة تقييم وضع الموظفين، ومراجعة إمكانية إعادة تفعيلهم في أماكن جديدة داخل الوزارة، أو تحديد مدى الحاجة لهم بناء على الاحتياجات الفعلية للأقسام».

إلا أن التصريحات الرسمية والتوضيحات حول مصير العاملين في الدولة لم تحد من مخاوف آلاف من العاملين في مؤسسات القطاع العام، وخرجت يوم الأحد مظاهرة احتجاجية للموظفين في الهيئة العامة للاستشعار عن بعد التابعة لوزارة المواصلات، وذلك بعد أنباء عن استعادة البيوت التي منحتها الحكومات السابقة لهم، وطلب إخلائها خلال ثلاثة أشهر.

كما شكا محتجون من فصل تعسفي للموظفين واستبعاد الكفاءات استناداً لعلاقاتهم مع رموز النظام السابق أو بسبب وشايات كيدية حول تورطهم بالفساد دون التحقق منها.

———————————–

«خريطة طريق» أوروبية لتخفيف عقوبات سوريا

موسكو لإرسال وفد إلى دمشق لمناقشة العلاقات المستقبلية

باريس: ميشال أبونجم موسكو: رائد جبر

27 يناير 2025 م

اتفق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، أمس (الاثنين)، في بروكسل، على «خريطة طريق» لتخفيف العقوبات على سوريا التي فُرضت في عهد بشار الأسد، وفق ما أعلنت مسؤولة السياسة الخارجية في التكتل.

وأعرب الاتحاد الأوروبي عن رغبته في المساعدة في إعادة إعمار الدولة التي مزقتها الحرب وبناء علاقات مع قادتها الجدد.

ورحب وزير الخارجية السوري، أسعد حسن الشيباني، بالقرار ووصفه بـ«الخطوة الإيجابية». وقال الشيباني على منصة «إكس»: «نتطلع لأن ينعكس هذا القرار إيجابياً على جميع مناحي الحياة للشعب السوري ويؤمن التنمية المستدامة».

في سياق آخر، أبلغ مصدر روسي مطلع «الشرق الأوسط»، بأن وفداً روسياً رفيع المستوى سوف يصل إلى دمشق «في القريب العاجل»، لإطلاق حوار شامل يتناول العلاقات المستقبلية والملفات المطروحة على أجندة الطرفين. ويضم الوفد الذي يرأسه ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية ومبعوث الرئيس الروسي إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومسؤولين في مجالات الاقتصاد والدفاع والخارجية.

———————-

سوريون يتظاهرون في القنيطرة مطالبين بانسحاب إسرائيل

28/1/2025

تظاهر سوريون في محافظة القنيطرة، الاثنين، ضد التوغل الإسرائيلي جنوب سوريا، بعد سقوط نظام المخلوع بشار الأسد.

وأفاد مراسل وكالة الأناضول أن المظاهرة خرجت في مدينة السلام (البعث سابقا).

وحمل المتظاهرون لافتات باللغتين العربية والإنجليزية عليها عبارات من قبيل “نستنكر التوغل الإسرائيلي في أراضينا، ويجب أن تأخذ قوات الأمم المتحدة دورها في حفظ السلام”.

ورصدت الأناضول قافلة للأمم المتحدة عبرت من منطقة المظاهرة وتوجهت نحو مبنى المحافظة الذي تحتله إسرائيل في مدينة السلام.

وفي حديث للأناضول خلال المظاهرة، أوضح الناشط في مجال حقوق الإنسان محمد فياض أن إسرائيل بدأت باحتلال القنيطرة بعد يوم من سقوط نظام الأسد.

وقال فياض “عندما دخلنا قرية الحميدية أدركنا أن إسرائيل تستعد للبدء بمشروع استيطاني هناك من خلال جمع معلومات إحصائية، وهذا مؤشر على أن احتلالهم للقنيطرة سيتحول إلى مشروع استيطاني”.

وأشار إلى أنه وفريقه يعملون على فيلم وثائقي يسلط الضوء على الاحتلال الإسرائيلي. وذكر أن الجيش الإسرائيلي اقتادهم إلى التحقيق لأنه يعتبر توثيق الاحتلال ونشر ذلك مصدر تهديد.

ولفت إلى أنهم خضعوا للاستجواب لمدة 8 ساعات، إثر اتهامهم بتصوير القواعد الإسرائيلية. ودعا فياض المجتمع الدولي وكل صاحب ضمير إلى التحرك الفوري ضد الخطوات الإسرائيلية.

بدوره ندد السوري موفق الحفري من محافظة درعا بالاحتلال، مؤكدا أنه خرق لاتفاقية فصل القوات الموقعة بين إسرائيل وسوريا عام 1974.

وأشار إلى أن فرحهم بإسقاط نظام بشار الأسد لم يكتمل بسبب احتلال إسرائيل لأراض بالبلاد.

احتلال 45 قرية

من جانبه، ذكر عمر محمد الطحان أن إسرائيل احتلت 45 قرية ويجب انسحابها منها فورا.

بدوره، أوضح يوسف الحوامدة أنهم هنا اليوم للتضامن مع شعبهم ووطنهم، مبينا أن السكان قلقون من تقدم إسرائيل.

وخاطب الحوامدة الأمم المتحدة وقادة العالم قائلا: “عليهم أن يوقفوا العدو الصهيوني ويضمنوا انسحاب إسرائيل إلى حدودها السابقة، من دون الدخول إلى هذه المنطقة، وخاصة القنيطرة وما بعدها”.

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي احتلال المنطقة السورية العازلة في هضبة الجولان، منتهكا اتفاق فصل القوات لعام 1974.

وبدخوله المنطقة السورية العازلة، وسع الجيش الإسرائيلي رقعة احتلاله لهضبة الجولان السورية التي يحتل معظم مساحتها منذ حرب الخامس من يونيو/حزيران 1967.

وجاء احتلال المنطقة العازلة بعد أن أطاحت فصائل سورية، في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، بنظام بشار الأسد (2000-2024).

ومنذ اليوم التالي تدير حكومة جديدة، برئاسة محمد البشير، مرحلة انتقالية في البلاد، بتكليف من قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع.

المصدر : وكالة الأناضول

——————————

تحقيق أممي يكشف عن تعذيب وانتهاكات ممنهجة إبان حكم الأسد

28/1/2025

كشفت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا التابعة للأمم المتحدة عن أن الممارسات غير القانونية مثل الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري استخدمت بشكل ممنهج لقمع المعارضين إبان حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد.

جاء ذلك في تقرير نشرته اللجنة بعنوان “شبكة الألم: الاحتجاز التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة في الجمهورية العربية السورية” وذلك بعد إجراء مقابلات مع آلاف الشهود بشأن التجاوزات التي حدثت في عهد نظام الأسد المخلوع.

وجاء في التقرير أن نظام الأسد استخدم بشكل ممنهج الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري لقمع المعارضة، “وتشكل هذه الأفعال جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وبعضا من أسوأ الانتهاكات المنهجية للقانون الدولي المرتكبة أثناء النزاعات”.

وأشار تقرير اللجنة الدولية إلى أنه تم إطلاق سراح المعتقلين من غرف التعذيب بعد الإطاحة بالنظام السابق، مبينا أن هذا يشير إلى تغير بالنسبة للسوريين كان من غير الممكن تصوره قبل شهرين.

 الألم مستمر

وأكد التقرير أن الانتهاكات المتعلقة بالاعتقالات في عهد الأسد صادمة للشعب السوري، لافتا إلى أن الألم مستمر لدى عشرات الآلاف من العائلات التي لم تتمكن من العثور على ذويها المفقودين بين المعتقلين المفرج عنهم.

وذكر أن اكتشاف المقابر الجماعية قاد العديد من العائلات إلى أسوأ نتيجة.

وأضاف التقرير أن الخبراء شددوا على الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراء حاسم للحفاظ على الأدلة والأرشيفات ومسارح الجريمة، بما في ذلك المقابر الجماعية، حتى يتمكنوا من فحصها، وإجراء حفريات الطب الشرعي عندما تقتضي الحاجة.

وأشار التقرير إلى أن المفرج عنهم كانوا يعانون من التعذيب وسوء التغذية وأمراض مختلفة، وأكد أن هؤلاء الأشخاص تركوا ليموتوا في آلام لا تطاق.

ونقل التقرير عن رئيس اللجنة باولو بينيرو قوله “نمر بمرحلة انتقالية حرجة، ويمكن للحكومة الانتقالية والمسؤولين السوريين المستقبليين ضمان عدم تكرار هذه الجرائم مرة أخرى”.

وأوضح بينيرو أن فريقه حصل على نتائج من تحقيقات استمرت ما يقرب من 14 عاما، معربا عن أمله في أن تساعد هذه النتائج في إنهاء الإفلات من العقاب على هذه الانتهاكات.

من جانبها، أوضحت العضو في اللجنة لين ويلشمان أن هذه الأدلة قد تشكل أملا للسوريين الذين لم يعثروا على أحبائهم بين من تم الإفراج عنهم.

وأشادت بالسلطات الجديدة في سوريا إزاء عزمها الحفاظ على المقابر الجماعية والأدلة، “ونشجعها على بذل المزيد من الجهود بدعم من المجتمع المدني السوري المعني والجهات الفاعلة الدولية”.

وفي الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، بسطت فصائل سورية سيطرتها على العاصمة دمشق بعد أيام من السيطرة على مدن أخرى، لينتهي بذلك 61 عاما من حكم حزب البعث و53 سنة من سيطرة عائلة الأسد.

وفي اليوم التالي، أعلن قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع تكليف محمد البشير رئيس الحكومة التي كانت تدير إدلب منذ سنوات، بتشكيل حكومة لإدارة المرحلة الانتقالية.

المصدر : وكالة الأناضول

————————

سوريا: «خريطة طريق» أوروبية لتخفيف العقوبات

هبة محمد

تحديث 28 كانون الثاني 2025

دمشق ـ «القدس العربي»: اتفق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، أمس الإثنين، على “خريطة طريق” لتخفيف العقوبات على سوريا والتي فُرضت في عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد، فيما سارعت دمشق إلى وصف الخطوة بـ “الإيجابية”.

وفُرضت العقوبات على حكومة الأسد، وعلى قطاعات كاملة من الاقتصاد السوري.

وقالت مسؤولة السياسة الخارجية الأوروبية كايا كالاس عبر منصّة “إكس”: “اتفق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على خريطة طريق لتخفيف العقوبات الأوروبية على سوريا”.

وأعرب الاتحاد الأوروبي عن رغبته في المساعدة في إعادة إعمار الدولة التي مزقتها الحرب وبناء علاقات مع قادتها الجُدد الذين يدعون بانتظام إلى رفع العقوبات.

وأكد وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، دعم بلاده للإدارة الجديدة في سوريا، لافتاً إلى أهمية منحها الثقة لضمان وحدة البلاد وسلامة أراضيها.

وأضاف في تصريحات أدلى بها على هامش اجتماعات بروكسل: “نحن ندعم الإدارة الجديدة في سوريا إذا كانت تسعى إلى توحيد البلاد عبر منح الحقوق نفسها لجميع المواطنين”، حسب وسائل إعلام إيطالية.

مع ذلك، فإن بعض الدول الأعضاء أبدت تحفظاتها بشأن رفع العقوبات، وطالبت بضمانات ملموسة من الإدارة السورية الجديدة بشأن عملية الانتقال السياسي.

وأكدت كالاس في هذا الصدد “نريد التحرك بسرعة، لكن يمكن التراجع عن رفع العقوبات إذا تم اتخاذ قرارات خاطئة”.

ورحّب وزير الخارجية السوري، أسعد حسن الشيباني بقرار الاتحاد الأوروبي ووصفه بأنه “خطوة إيجابية”.

وقال في منشور على منصّة “إكس”: “نرحب بالخطوة الإيجابية التي بادر بها الاتحاد الأوروبي بتعليق العقوبات المفروضة على سوريا لمدة عام واحد تمهيداً لرفعها بشكل نهائي، ونتطلع أن ينعكس هذا القرار إيجابياً على جميع مناحي الحياة للشعب السوري ويؤمّن التنمية المستدامة”.

———————-

من الظلّ إلى الواجهة.. كتب محظورة تعود إلى مكتبات دمشق

تحديث 28 كانون الثاني 2025

دمشق: في مكتبات دمشق، خرجت الكتب التي كانت تُقرأ وتباع في الخفاء على مدى عقود، إلى العلن، وباتت روايات معاناة السجناء السياسيين تجاور نصوصاً عن فكر ابن تيمية، وهو ما كان غير قابل للتصور قبل أسابيع معدودة.

عثر الطالب عمرو اللحام (25 عاماً) على كتاب كان يبحث عنه منذ فترة طويلة، وهو “المعبر”، تصف فيه المؤلفة معارك مدينة حلب من نقطة عبور كانت تربط، خلال أعوام النزاع السوري، الأحياء الشرقية التي كانت تحت سيطرة مسلحي المعارضة، بتلك الغربية الخاضعة لسيطرة قوات النظام.

يجول اللحام مع شقيقه في المكتبات المجاورة لجامعة دمشق، حيث تتوافر حالياً كتب كانت محظورة لأسابيع خلت.

ويقول الشاب: “قبل ستين يوماً، لو سألت عن كتاب، لربما كنت اختفيت في سجن صيدنايا” السيئ السمعة قرب دمشق.

يضيف: “كنا نخاف سابقاً من التصنيف. في فروع المخابرات كانت هناك تصنيفات، أنت كشخص مثلاً تشتري كتاباً ما تكون… صوفياً، سلفياً، اشتراكياً، يسارياً”.

طوت الإطاحة ببشار الأسد من قبل فصائل مسلحة تقودها “هيئة تحرير الشام” ذات التوجه الإسلامي، في الثامن من كانون الأول/ديسمبر، صفحة أكثر من نصف قرن من حكم العائلة الواحدة، حيث كان القمع الشديد مصير أي معارضة، وخضعت الحريات العامة للتكميم من قبل عدد كبير من الأجهزة الأمنية التي أرعبت السكان وعذّبت المعارضين في السجون.

لكن القلق لا يزال يراود العديد من السوريين حول مستقبلهم الذي يأملون أن يكون ديموقراطياً. وعلى الرغم من ذلك، ارتاحت دمشق الآن من قبضة الوجود الأمني القائم عند كل زاوية، في بلد غرق في نزاع دامٍ منذ العام 2011.

أدب السجون

على الرفوف والجدران الممتدة على الأرصفة وفي المتاجر، تتكرر العناوين نفسها التي لم تكن متوفرة سابقاً إلا بنسخ مقرصنة على الإنترنت.

من بينها رواية “بيت خالتي”، هي العبارة التي يستخدمها السوريون للإشارة إلى السجن، للروائي العراقي أحمد خيري العمري، وكذلك رواية “القوقعة” للسوري مصطفى خليفة، الذي يسرد قصة اعتقال شاب مسيحي في سجن تدمر بتهمة أنه إسلامي متشدّد.

ويقول بائع الكتب الخمسيني أبو يامن إن روايات “أدب السجون” تلك “كانت ممنوعة نهائياً”، مضيفاً: “في السابق، لم يكن الناس يجرؤون حتى أن يسألوا”.

ووافق صاحب دار نشر معروفة أن يروي مخاطر المهنة بشرط عدم كشف هويته.

ومنذ الثمانينات، أزال الرجل كلّ الكتب السياسية من جداوله، باستثناء تلك التي تتناول “فكراً سياسياً عاماً، وليس مرتبطاً بمنطقة أو دولة”.

يضيف: “لكن مع ذلك، كنا نطلب كل عام إلى الفروع الأمنية… يسألوننا عن عملنا ومبيعاتنا، من جاء إلينا ومن غادر، ماذا اشترى، ماذا يطلب الناس… علماً أنهم أجهل الناس بهذه الكتب”.

ويروي أن أحد المحققين طلب إحضار ابن تيمية، العالِم المعروف بـ”شيخ الإسلام” وتوفّي في القرن الرابع عشر، للتحقيق.

نبيع في السر

على الرفوف عند مدخل مكتبته، وضع عبد الرحمن سروجي كتباً ذات أغلفة جلدية وعناوين مكتوبة بحروف ذهبية: مؤلفات لابن القيّم الجوزية، وهو فقيه مسلم من العصور الوسطى وأحد كبار منظري الفكر السلفي، وأخرى لسيد قطب، أحد أبرز منظّري فكر “الإخوان المسلمين”.

ويقول البائع، البالغ 62 عاماً، كانت “كتب هؤلاء كلها محظورة، كنا نبيعها في السر لمن نثق بهم، من طلاب العلم والباحثين”.

لكن اليوم، بات هناك “إقبال شديد جداً” عليها. ومن زبائنه الجدد، سكان من دمشق، وسوريون عائدون من الخارج، وآخرون جاؤوا من معاقل المعارضة في شمال سوريا.

على مدى العقود الثلاثة الماضية، تعلّم الرجل الستيني التمييز بين المخبِرين والطلاب الباحثين عن كتاب. وفي العام 2010، قامت مجموعة مكونة من حوالي عشرة عناصر أمن بتفتيش مكتبته بشكل دقيق، وفي النهاية “صادروا أكثر من 600 كتاب”.

جاء مصطفى القاني، الذي يعدّ لماجستير في الفكر الإسلامي، للسؤال عن أسعار كتب سيد قطب.

ويقول: “خلال فترة الثورة، بتنا نخاف كثيراً… لم نكن نستطيع أن نقتني بعض الكتب، كنا نبحث عنها على الإنترنت”.

ويضيف: “من كان ينشر أي شيء من أقوال سيد قطب أو اقتباساته، كان يُرمى في السجون”.

(أ ف ب)

————————-

بوغدانوف في دمشق.. أول زيارة لمسؤول روسي منذ خلع الأسد/ عبسي سميسم

28 يناير 2025

في تطور لافت عقب سقوط نظام بشار الأسد في سورية، وصل وفد روسي رفيع المستوى برئاسة نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، إلى دمشق اليوم الثلاثاء. ومن المقرّر أن يجري الوفد الذي يضم المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون التسوية السورية ألكسندر لافرينتييف، مباحثات مع رئيس الادارة السورية أحمد الشرع، ويلتقي وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني.

وقال بوغدانوف، المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا، في تصريح خاص لموقع “روسيا اليوم”، إن “الزيارة تأتي في سياق تعزيز العلاقات التاريخية بين روسيا الاتحادية وسورية وفق قاعدة المصالح المشتركة”، مشدداً على أن “روسيا حريصة على وحدة واستقلال وسلامة الأراضي السورية، وتحقيق الوفاق والسلم الاجتماعي في البلاد”.

وتُعتبر روسيا أبرز حليف لنظام المخلوع بشار الأسد، الذي لجأ إليها بعد فراره من البلاد فجر الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، كما أنها متهمة بارتكاب جرائم حرب ضد السوريين خلال مساندة القوات الروسية للنظام منذ تدخلها المباشر في البلاد منذ خريف العام 2015.

جانب من ميناء طرطوس،16 ديسمبر 2024(بكري القسيم/ فرانس برس)

اقتصاد عربي

سورية تلغي عقد إدارة ميناء طرطوس

كما تنتشر لروسيا قواعد في مناطق متفرقة في البلاد، لا سيما قاعدة حميميم الجوية بريف اللاذقية، ورغم أن موسكو خففت وجودها في سورية بشكل كبير عقب سقوط النظام، إلا أنها لا تزال موجودة على الأرض السورية، ما يعتبره السوريون قوة احتلال أجنبي.

وكان “العربي الجديد”، حضر اجتماعاً مع وزير الدفاع في الحكومة السورية الحالية مرهف أبو قصرة مع عدد من النشطاء والصحافيين، كشف خلاله عن أن موسكو على تواصل مع الإدارة الجديدة منذ الأيام القليلة التي تلت سقوط النظام. وأضاف أبو قصرة في الاجتماع الذي جرى قبل أيام، أن التواصل كان يجري للتفاهم حول الكثير من الإشكاليات المتعلقة بوجود القوات الروسية في البلاد، إضافة إلى عدد من الاتفاقيات الاقتصادية والسياسية الكثيرة التي كان النظام قد أبرمها مع موسكو، لا سيما المتعلقة بتأجير ميناء طرطوس على البحر المتوسط.

ولفت وزير الدفاع حينها، إلى أن زيارة المسؤولين الروس إلى دمشق ستبحث وتناقش كل هذه المواضيع وتحسمها، مشيراً إلى أن الإدارة الجديدة تتعاطى بإيجابية مع الانفتاح الروسي على سورية الجديدة وتأتي زيارة الوفد الروسي إلى دمشق، في أعقاب إعلان الاتحاد الأوربي تخفيف العقوبات على سورية، لا سيما في قطاعات اقتصادية هامة، لكن مسؤولين أوروبيين أشاروا إلى أن رفع العقوبات بشكل كامل، يتضمن شروطاً تتعلق بالانتشار الروسي في سورية.

وقال مسؤول رفيع المستوى في الاتحاد الأوروبي، إن الاتحاد أبلغ الإدارة السورية الجديدة بأن “إنهاء وجود القواعد الروسية في سورية شرط رئيسي لرفع العقوبات عنها”.

————————–

ضبط شبكة تهريب من سوريا أدخَلَت البضائع من “القاع

الثلاثاء 2025/01/28

لا يزال التهريب مستمراً عبر الحدود بين لبنان وسوريا، إذ تدخل البضائع، لا سيّما الفواكه والخضار التي يتُخَزَّن في لبنان وتُغرق الأسواق. وفي سياق مكافحة التهريب، أعلنت مديرية أمن الدولة، أنها “دهمت مخازن وتعاونيّات زراعيّة تعمل بالتنسيق بين بعضها البعض على إدخال وتوزيع الخضار المهرّب من سوريا إلى لبنان”.

وأوضحت المديرية في بيان أنّه “خلال الأسبوع المنصرم، وبالتعاون بين مديريّات البقاع وبعلبك الهرمل والجنوب والشمال وعكّار في أمن الدولة، تمّ رصد فواكه وخضار مهرّبة في الأسواق، وبعد التحرّيات تبيّن أنّها أُدخِلت عبر طريق القاع، ومنها عبر الحدود الشماليّة عن طريق معابر غير شرعيّة، وبالتنسيق مع مديرية بعلبك الهرمل الإقليميّة، تم دهم تعاونيّة الجمّال في مشاريع القاع لصاحبها (ع. ج.)، حيث تبيّن وجود كميّة كبيرة من الخضار المهرّب، تمّ توقيف صاحب التعاونيّة بعد أخذ إشارة القضاء”.

وكشفت أنّه “أثناء التحقيق، اعترف (ع. ج.) بتوزيع الخضار المهرّب عبر شبكة في مختلف المناطق اللبنانيّة ومنها الجنوب، وعلى الأثر، تمّ التنسيق مع مديريّة الجنوب الإقليميّة، حيث تمّ دهم تعاونيّة (م. ز.) وتمّت مصادرة الخضار المهرّبة بكميّات كبيرة وتمّ ختم التعاونيّة بالشمع الأحمر، كذلك تمّت مداهمة تعاونيّة (ا. م.) في رأس بعلبك وختمها بالشمع الأحمر، وبعد تحليل اتصالات (ع. ص.)، تبيّن تواصله مع تجار خضار من مختلف المناطق اللبنانيّة، وتمّ الكشف على مستودعاتهم، فتمّ العثور على خضار مهرّب في أحد المستودعات في بلدة كفرزبد البقاعيّة تعود لأحد تجار تلك الشبكة وهو سوريّ الجنسيّة يدعى (ي. م.) الذي تمّ توقيفه وختم مخزنه بالشمع الأحمر”.

وأوضحت المديرية أن “هذا التهريب ينعكس سلباً على المصلحة الاقتصاديّة للمزارعين الذين رفعوا الصوت نتيجة الخسارات الماليّة التي يتعرّضون لها”.

—————————-

دمشق تخفّض الرسوم على سلع تركية..مقدمة لاتفاقية تجارة حرة؟/ منصور حسين

الثلاثاء 2025/01/28

رغم التفاؤل والتأييد الذي يبديه كثير من الصناعيين والتجار السوريين، لإعادة إحياء اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا، وما تحمله من آثار إيجابية على القطاع الصناعي السوري المدمر، يشكك اقتصاديون في جدية التحرك لتفعيل الاتفاقية على المدى المنظور، وفاعليتها على الاقتصاد السوري الهش.

ومع سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في 8 كانون الأول/سبتمبر 2024، سارعت تركيا لتثبيت نفوذها في سوريا والعمل على توسعته، لضمان الحصة الكبيرة من القطاع الاقتصادي ومرحلة إعادة الإعمار في البلاد، من خلال عقد تفاهمات واتفاقيات مع الإدارة السورية الجديدة شملت مختلف المجالات الاقتصادية والتنموية.

مناقشة ومفاوضات تركية-سورية

وأمس الاثنين، أعلن وزير التجارة التركية عمر بولات، عن اتفاق مع الإدارة السورية الجديدة، لتخفيض الرسوم الجمركية على 269 سلعة، بعد توقف عبور الصادرات التركية إلى سوريا. وقال إن الحكومة التركية توصلت مع سوريا، إلى اتفاق حول إعادة إحياء التجارة الحرة، مضيفاً أنه بعد زيارته دمشق تقررت إعادة تقييم الرسوم الجمركية على بعض المنتجات.

والخميس الماضي، عُقد اجتماع ضم مسؤولين في وزارة التجارة التركية، برئاسة نائب وزير التجارة مصطفى طوزجو، مع وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك ماهر خليل الحسن، ورئيس هيئة المنافذ البرية والبحرية قتيبة بدوي، ومسؤولين في وزارة الخارجية في حكومة تصريف الأعمال السورية، لمناقشة رفع التعاون الاقتصادي بين البلدين في مجالات التجارة الصناعية والزراعية والنقل والترانزيت والنقل الثنائي والمقاولات.

وبحسب تصريحات سابقة لمسؤولين أتراك، كان الهدف المباشر من زيارة دمشق، مناقشة قرار زيادة الرسوم الجمركية المفروضة على البضائع المستوردة من تركيا، الذي بدأ بتطبيقه الجانب السوري على جميع الدول والمنافذ الحدودية يوم 11 كانون الثاني/يناير الجاري، إلى جانب البحث في إمكانية إحياء اتفاق التجارة الحرة بين البلدين.

اتفاقية مشجعة لتحريك الصناعة

وبحسب مصادر خاصة لـ”المدن”، فقد طلب الوفد التركي خلال الاجتماع، إلغاء كامل للقائمة الجمركية التي يعتبرونها تهديداً لحركة الصادرات التركية باتجاه سوريا والأسواق العربية، حتى قبل البدء في مناقشات بنود اتفاقية التجارة الحرة وتعديلها، وهو ما أثار خلافات بسبب رفض الطرف السوري.

ومع ذلك، تؤكد المصادر أن ممثلي الإدارة السورية تجاوبوا مع مطالب الوفد التركي ومناقشة العديد منها بإيجابية كبيرة، لكن دون تقديم وعود أو ضمانات ملزمة، بانتظار الاجتماع مع القيادة السورية وممثلين عن الفعاليات التجارية والصناعية لصياغة قرارها النهائي.

وأكد بيان الوفد التركي “الاتفاق على بدء مفاوضات لإحياء اتفاقية التجارة الحرة بين سوريا وتركيا، التي عُلقت عام 2011، مع إتباع نهج شراكة اقتصادية أكثر شمولاً عن سابقتها التي وقعت عام 2004”.

ويؤيد المستشار الصناعي سعيد نحاس هذه الخطوة، معتبراً أن التوجه لتوقيع اتفاقية التجارة الحرة، يمثل دعوة لمختلف الفعاليات الصناعية والتجارية والاقتصادية السورية لمناقشتها ودراسة ما يمكن الاستفادة من تطبيقه، مع الصناعيين والصناع القرار.

ويرى نحاس أن هذه الاتفاقية من شأنها تشجيع الصناعيين السوريين في الخارج، خصوصاً في تركيا ومصر، على نقل نشاطهم إلى سوريا مستقبلاً أو افتتاح خطوط إنتاج في الداخل السوري، مع ضمان وجود موافقة بدخول المنتجات السورية إلى السوق التركية، وحماية خطوط إنتاجهم في السوق المحلي.

ويقول لـ”المدن”: “تكمن فائدة الاتفاقية في خلق سوق تصدير خارجي للمنتجات المحلية السورية متمثلاً بالسوق التركي، ومنه العمل على التوسع الخارجي في الدول المحيطة، بعد سنوات طويلة من غياب الصناعة السورية عالمياً، ومعاناتها من هذا الجانب الذي قوض جهود الصناعيين سابقاً”.

ويضيف أن “الصناعة السورية تمتلك خطوط إنتاج كثيرة قادرة على المنافسة في السوق التركية والأسواق الخارجية، حتى في الوضع الحالي الذي يعيشه القطاع، مثل خطوط الإنتاج والآلات الصناعية السورية التي تطورت كثيراً خلال سنوات الاستقرار في الشمال السوري، إضافة إلى الحرف اليدوية والنصف آلية التي تمتلك سمعتها خارجياً، وصولاً إلى الإنتاج الغذائي والزراعي، وعدد من المهن الأخرى”.

قرار سياسي

لكن مدير “منصة اقتصادي” يونس الكريم، يرى أن هذه الاتفاقية تمثل توجهاً سياسياً، ومحاولة من قبل أنقرة إرسال رسائل للمجتمع الدولي وللسوريين والأتراك، حول قدرتها على صناعة القرار السوري ومدى نفوذها داخل بنيته الاقتصادية.

ويوضح الكريم في حديث لـ”المدن”، أن مقومات تنفيذ هذا النوع من الاتفاقيات بين سوريا وتركيا غير متوفرة، فضلاً عن المخاوف المشتركة بين الصناعيين الأتراك والسوريين، نتيجة القرارات الارتجالية التي تصدرها حكومة تصريف الأعمال الحالية، ومنها قرار الرسوم الجمركية.

ويقول إن “الحديث عن تفعيل اتفاقية التجارة الحرة، هي محاولة تسويقية لكسب ود الشارع الصناعي التركي تحديداً، من خلال تقديم السوق السورية على أنها منفذ للبضائع التركية باتجاه السوق الخليجية، خاصة بعد الاضطرابات التي تشهدها الحركة التجارية مع دول الخليج العربي منذ عام 2017”.

ويضيف الكريم “فعلياً لا تتوافر أي من الظروف المشجعة لعودة الصناعيين السوريين أو حصول نهضة كبيرة للقطاع على المدى المنظور، بسبب انهيار البنية التحتية وضعف القدرة الشرائية للسكان، مقابل عوامل خارجية مشجعة لهم بالاستمرار في دول مثل تركيا التي توفر الاستقرار وأسواق التصريف والدعم الحكومي”.

———————————-

جامع بني أمية في دمشق.. بين هوية الماضي وتحولات الحاضر/ محمد خير موسى

28/1/2025

لم يزل جامع بني أمية -المعروف بالجامع الأموي- وجهة لزائري دمشق من جميع المذاهب والطوائف، سواء كانت زياراتهم سياحية أم ترفيهية أم دينية. وبعد سقوط نظام الأسد، أصبح الجامع الأموي مهوى لأفئدة القادمين بعد طول غياب عن دمشق، وموئلا للقلوب المشتاقة، فيه يعلنون فرحهم، ومنه ينشرون صورهم.

لقد أصبح الجامع الأموي مكانا للذكرى التاريخية ومجسدا للتناقضات الأيديولوجية بين الماضي والحاضر، مما يحمل عدة دلالات، من أهمها أنه كان عنوانا بارزا على سطوة النظام وسيطرته وهيمنته، ورمزًا سلطويا وعلامة بارزة لأفعال النظام وأعوانه من “القوات الرديفة” كما يسميهم، وهي المليشيات العابرة للحدود التي كانت تمارس طقوسها في هذا الجامع الكبير، متسببة في كثر من الأحيان بتغيير الطابع الروحي لهذا الصرح الإسلامي العريق.

بين شهرين وهويتين

وبعد الإطاحة بنظام الأسد، أصبح الجامع رمزا للتحرر والإرادة الشعبية، وعنوانا لسقوط هيمنة ذلك النظام واستعادة الإرادة الحرة. تنتشر منه الصور يمينا ويسارا لتطوف البلاد وتسرّ كل مشتاق للعودة إلى دياره.

وبالعودة إلى الوراء، أي إلى ما قبل شهرين فقط أو قبلها بقليل، كان جامع بني أمية ميدانًا لهوية دينية لا تعبر عن أبناء سوريا، ومكانًا يتسم بالانقسامات الطائفية والسياسية.

ففي السنوات العشر الأخيرة، كان يمكنك أن تلحظ تحولا كبيرا في الجامع، إذ كانت تمارَس فيه طقوس عاشوراء ومواكب اللطم الحسينية وغيرها، وهو ما كان يعكس الهيمنة السياسية الإيرانية الطاغية على مشهد الجامع.

فعلاقة إيران بجامع بني أمية وبالمدينة أضحت علاقة سيطرة، وهو مشهد كان الثائرون ينقلون صوره من وراء الحدود، ويتحدثون عن وقوعه في الأسر، وعن استخدامه بطريقة غير إنسانية وغير أخلاقية للتعبير عن الهيمنة السياسية لاتجاه ديني محدد.

مشاهد من صحن الجامع

أما بعد سقوط النظام بشهر واحد فقط، فإنك إن دخلت جامع بني أمية فستجد صحنه الذي يتسع لعشرات الآلاف يكاد يفيض بالزائرين، في رمزية عظيمة طال انتظارها للاحتشاد الشعبي بعد سنوات من القمع.

علم الثورة ترفعه فتاة صغيرة وسط ساحة الجامع وهي تلتقط صورة للتعبير عن الفرح والنصر معًا، معلنة بداية مرحلة جديدة من الأمل، ومقاتل يرتدي زيا عسكريا بلحية كثيفة يتجمع الناس حوله، يلقي موعظة في زاوية أخرى من الصحن عن مجريات المعركة و”ما تم من فتوح ربانية أجراها الله على أيدي المجاهدين”.

ومجموعة مقاتلين بزي عسكري وجوههم تشير إلى أنهم من تركستان أو أوزبكستان أو غيرهما من الجمهوريات، يلعبون فيما بينهم ويضحكون فرحين، في صورة للتلاحم بين الشعوب المختلفة في سبيل هدف مشترك.

ومجموعة من العلماء القادمين من دول الخليج يتجولون في مكان آخر، في وقت يلفت فيه نظرك رجل تركي يستوقفك متحدثا بلهجة عربية مكسرة عن فرح تركيا وشعبها بالتحرير.

كل هذه الصور لم يكن لأي واحد من الثائرين أن يتخيل قبل شهر واحد فقط أنها ستكون هي الطابع الغالب على دمشق وجامعها الكبير، جامع بني أمية.

ملتقى التغيير

جامع بني أمية اليوم شاهد حي على التغيرات السياسية والاجتماعية التي مرّت بها البلاد. فهو لا يمثل مركزًا لأداء العبادات فقط، بل هو مؤشر على حجم التغيرات التي تشهدها سوريا كلها في صورتها الشعبية وهويتها المعلنة.

كما بات الأموي مقصدا لبعض السائحين الذين حرصوا أن يعبّروا من قلبه عن مواقفهم تجاه بعض الحكومات والدول، وهو ما أثار حساسية عدد من الناشطين السوريين، فطالبوا بمنع اتخاذ ساحة جامع بني أمية منبرا للتعبير عن المواقف السياسية المناوئة للسلطات في الوطن العربي.

الجامع العريق أضحى بعد الإطاحة بالنظام القديم رمزا للقبول والتسامح بين مختلف الأطياف، فالجميع هنا -وإن كانوا يمارسون سياحة ثورية وإعلانًا عن النصر- يقدمون نموذجا للمواطن الذي يحرص على أن يكون المسجد للجميع: عربا وعجما، صغارا وكبارا، ومن مختلف التوجهات والتيارات، دون أن يقع في قبضة احتكار أحد.

إنه مكان يجسد المستقبل المشرق الذي ينتظر البلاد، فصحن الجامع، إذا دخلته وتجولت فيه نصف ساعة، تستطيع أن تتلمس به سوريا الجديدة التي تصوغها الأيام، وتخبئ في جعبتها الكثير لتقوله للشعب السوري.

المصدر : الجزيرة

————————–

ما تكلفة اللاجئ السوري على الدول المستضيفة؟ وما نسبة العائدين؟

27/1/2025

لقد حول أكثر من نصف قرن لحكم نظام الأسد، بما في ذلك 14 عاما من الحرب، سوريا إلى حالة من القمع الجماعي فضلا عن ثقب أسود جيوسياسي.

وكانت الحرب السورية، الصراع الأكثر دموية وتدميرا في العقد الثاني من القرن الـ21، وتسببت بعواقب وخيمة على الأمن الإنساني والإقليمي والسياسة العالمية.

وتبين خلال أزمة المهاجرين العالمية في العقد الثاني من هذا القرن، أن أكثر من ربع لاجئي العالم من السوريين.

وأثبتت الهجرة أنها قضية حساسة وأن تداعيات سوريا الحرة والمستقرة كبيرة بالنسبة للسكان المعرضين للخطر وكذلك البلدان التي تستضيفهم. والمناقشات حول إعادتهم إلى أوطانهم جارية بالفعل في الدول الأوربية وغيرها.

ومع ذلك، فإن هذه المحادثات سابقة لأوانها ومثيرة للجدل، فسوريا ليست مستعدة بعد لاستقبال ودمج العائدين في البلاد، حيث يجب معالجة التحديات الإنسانية والاقتصادية والسياسية والعسكرية الكبيرة.

وحددت الوكالات التابعة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وضمن الخطة الإقليمية للقدرة على الصمود (3RP) والاستجابة لاحتياجات اللاجئين والمجتمعات المضيفة لهم، خطة الاتجاه الإستراتيجية للدعم الإنساني ونشرت احصائيات حتى مارس/آذار 2025.

وبحسب إحصائية المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ومؤسساتها، تابع المادة التالية لمعرفة الآثار الكارثية لحكم الأسد على سوريا، وكيف تسبب بانهيار شبه كامل للبنية الاقتصادية؟ والتحليل التفصيلي لتكلفة اللاجئين واحتياجاتهم في الدول المستضيفة، وما نسبة العائدين للبلاد قبل وبعد سقوط النظام؟

——————————-

عمر أبو نبوت للجزيرة نت: مذكرة التوقيف ضد الأسد تتويج نحو العدالة لكل السوريين/ حفصة علمي

28/1/2025

باريس- للمرة الثانية، قرر قضاة التحقيق في دائرة مكافحة الجرائم ضد الإنسانية في المحكمة الجنائية في العاصمة الفرنسية باريس إصدار مذكرة توقيف دولية بحق الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، الاثنين 21 يناير/كانون الثاني الجاري، بتهمة التواطؤ في جريمة حرب.

وجاء هذا القرار بناء على طلب النيابة العامة لمكافحة الإرهاب في فرنسا على خلفية مقتل المواطن الفرنسي السوري صلاح أبو نبوت في السابع من يونيو/حزيران 2017 عقب قصف منزله في مدينة درعا بمروحيات تابعة لقوات الأسد.

ولأنه كان مقتنعا بأن المحاسبة أمام القضاء ستكون المنفذ والأمل الوحيد لتحقيق العدالة، حمل عمر، نجل صلاح أبو نبوت، على عاتقه مسؤولية إيصال تفاصيل هذه القضية للجهات المعنية طوال 8 سنوات تقريبا تتبع خلالها خيوط الأدلة والشهود والمعلومات، بعيدا عن مسرح الجريمة الذي كان شاهدا على فظاعة ما حدث.

وفي تصريحات خاصة للجزيرة نت، قال عمر “الآن يمكنني أن أقول لوالدي: نم بسلام يا أبي، ولكل من يقرأ هذه الكلمات: قضيتنا تتويج لطريق طويل نحو العدالة التي آمنت وعائلتي بها منذ البداية، وجزء من مسار العدالة الانتقالية في سوريا ومنع مجرمي الحرب من الإفلات من العقاب. محاسبة بشار الأسد ستبعث آمالا كبيرة لجميع الضحايا السوريين”.

طريق نحو العدالة

تأتي هذه المذكرة بعد تحقيق قضائي طويل بدأ مع تقديم عمر أبو نبوت، نجل الضحية، شكوى إلى القضاء الفرنسي نيابة عن والده، حيث وافق المدعي العام على فتح تحقيق مستند على مبدأ الولاية القضائية في فرنسا، لأن والده كان يحمل الجنسية الفرنسية، وتم إرسال طلب التحقيق ضد مجهول في قسم الجرائم الإنسانية وجرائم الحرب بمحكمة باريس القضائية.

وأوضح عمر للجزيرة نت “كانت مرحلة صعبة للغاية، وخاصة في البداية، حيث كنت أبلغ من العمر 21 عاما ولم أكن أجيد التحدث باللغة الفرنسية ووجدت نفسي في مجتمع وثقافة جديدة. وفعليا، قمت لوحدي بدور المحامي والمدعي في الوقت نفسه لأن المحامي الذي كنت أتعامل معه آنذاك لم يكن نشيطا، وأتذكر أنني كنت بحاجة لوجود مترجم معي في أول موعد لي مع قاضي التحقيق”.

وتابع “كانت المهمة صعبة ومعقدة لكنني عملت بصمت شديد وتصميم قوي لإدانة مجرمي الحرب، خاصة في مرحلة جمع المعلومات والاتصال بالشهود من سوريا والأردن ودول أخرى”.

وبعد سنوات، تعرف عمر على المركز السوري للإعلام وحرية التعبير ـ وكان مختصا وقتها في مساعدة فريق التحقيق بالمعلومات ـ ووافق نجل الضحية على تعيين المركز كطرف مدني مشارك في القضية، مما أضاف ثقلا مهما ومثمرا للملف من خلال جمع الأدلة والمعلومات والتواصل مع الشهود.

وعن الصعوبات القانونية التي واجهت المحامية الفرنسية المكلفة بالقضية، أشارت كليمانس بيكتارت إلى إمكانية الوصول إلى الميدان والذهاب إلى درعا لجمع الأدلة المادية بشكل مباشر والمتعلقة بالتفجير الذي تسبب بمقتل والد موكلي عمر أبو نبوت لم تكن متوفرة، كما هو الحال مع كل التحقيقات في جرائم النظام السوري قبل سقوط بشار الأسد.

وأضافت بيكتارت في حديثها للجزيرة نت “لم يكن لدينا خيار آخر سوى التحقيق عن بعد، ولا يتعلق الأمر بالوحدة المتخصصة أي القضاة فقط، بل أيضا بالمركز السوري للإعلام وحرية التعبير الذي أسسه مازن درويش، والذي قدم كمية كبيرة من الأدلة والعناصر التي جعلت من الممكن تحريك الملف بشكل فعال للغاية”.

سقوط الحصانة

ويتحمل بشار الأسد المسؤولية المباشرة عن كل الجرائم التي ارتكبتها قواته بصفته رئيس الدولة والقائد العام للقوات المسلحة السورية أثناء وقوع الجريمة في 7 يونيو/حزيران 2017، وفقا للقانون الدولي الإنساني الذي ينص على أن “القائد يعتبر مسؤولا عن الجرائم التي تقع تحت قيادته إذا كان على علم بها ولم يتخذ أي خطوات لمنعها أو محاسبة مرتكبيها”.

وفي هذا السياق، قالت بيكتارت “واجهنا ترددا من جانب السلطات القضائية الفرنسية ومكتب المدعي العام في الاعتراف بعدم وجود حصانة لكبار المسؤولين العسكريين الذين كانوا مستهدفين في هذه القضية، وكانت هناك 6 مذكرات اعتقال دولية صدرت قبل صدور مذكرة التوقيف التي استهدفت بشار الأسد نفسه”.

وتابعت المحامية المتخصصة في القانون الجنائي والقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي “فيما يتعلق بالمذكرات الستة الأوائل، وجدنا أن النيابة العامة لم تكن ـ في البداية على الأقل ـ موافقة على الاعتراف برفع الحصانة عن مسؤوليها لأننا كنا في خضم أزمة حرب. وفي نهاية المطاف، كان هذا خطأ منطقيا أقنعهم وقبلوا أن المتهمين لا يتمتعون بأي حصانة”.

كما أكدت أن سقوط النظام السوري والتغيير السياسي الذي شهدته البلاد أسهما في تسريع صدور مذكرة التوقيف في فرنسا لأن النيابة العامة التي أصدرت القرار تابعت الوضع السياسي في سوريا وطلبت إصدار المذكرة بحق الأسد لأنه لم يعد يتمتع بمنصب رئيس الدولة.

من جانبه، يعتقد عمر أبو نبوت أن سقوط نظام الأسد ساعد في التعجيل بإصدار المذكرة وأن اتهامه بالتواطؤ في جرائم حرب ومسؤوليته القيادية، جرّدته من المطالبة بحصانة شخصية، وأن حصانته الوظيفية لا يمكن اعتبارها قابلة للتطبيق في قضية تتعلق بجرائم دولية تتضمن جرائم حرب.

المعركة مستمرة

وتأتي مذكرة التوقيف الجديدة بعد سلسلة من الإجراءات القضائية التي اتخذها القضاء الفرنسي بحق مسؤولين سوريين. فبين عامي 2023 و2024، أصدِرت مذكرات توقيف دولية بحق 6 من كبار الضباط في سوريا على خلفية هذه الدعوى.

وفي 18 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أصدر قضاة التحقيق 4 مذكرات توقيف دولية بحق ضباط رفيعي المستوى في قوات الأسد، تركزت الاتهامات فيها حول التواطؤ وارتكاب جرائم حرب. كما تضمنت الاستهداف المتعمد للمدنيين والمواقع المدنية التي لا تشكل أهدافا عسكرية باستخدام البراميل المتفجرة.

وقد أثبت التحقيق أن هذا الهجوم كان جزءا من إستراتيجية ممنهجة استهدفت المدارس والمستشفيات والبنية التحتية المدنية، حيث قُتل أكثر من ألفي مدني خلال الغارات الجوية والبرية التي استهدفت درعا بين 3 و17 يونيو/حزيران 2017.

وعند سؤال المحامية المكلفة بالملف عن احتمالية إصدار مذكرات توقيف جديدة، أوضحت كليمانس بيكتارت “نحن في انتظار مذكرات اعتقال في قضايا أخرى لا تزال مستمرة. واليوم، لا نستطيع معرفة ما إذا كانت ملفات أخرى ستُرفع أمام القضاء الفرنسي لأن الرغبة الأساسية لدى السوريين هي أن تتحقق العدالة الآن في سوريا”.

كما سلطت الضوء على وجود حالات أخرى جارية، وخاصة في فرنسا عندما يتعلق الأمر بضحايا فرنسيين سوريين، والتي قد تكون موضوع أوامر اعتقال جديدة ستصدر في المستقبل القريب.

وعن ذكرياته مع والده وآخر مكالمة هاتفية معه، قال عمر “أوصاني بمتابعة دراستي وزرع بداخلي حب العلم قبل أن يتركني وحيدا في هذا العالم الممزق، لكن ما حدث زادني إصرارا على الاهتمام بمسار العدالة والمحاسبة، لذلك درست العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة السوربون بباريس لكي أكون مفيدا في هذا المجال يوما ما”.

المصدر : الجزيرة

———————–

 إحياء “التجارة الحرة” بين سوريا وتركيا.. من المستفيد الأكبر؟

ضياء عودة – إسطنبول

27 يناير 2025

تعتبر تركيا من أبرز داعمي الإدارة الجديدة في سوريا.

في حال أعادت تركيا وسوريا إحياء اتفاقية “التجارة الحرة” الموقعة بين البلدين في 2004 قبل أن يتم تعليق العمل بها بعد 2011، ستفتح هذه الخطوة الباب أمام العديد من “الفرص والمحاذير”.

وفي وقت يقول خبراء في الاقتصاد لموقع “الحرة” إن الاتفاقية من شأنها أن تدفع عجلة الاقتصاد والتجارة بين البلدين إلى مستويات عليا، يحذرون، في المقابل، أنه قد يكون لها “جانب سلبي” بناء على الظروف الراهنة.

وهذا الجانب السلبي لا يتعلق في الأساس بالساحة التركية بل ستكون انعكاساته على الساحة السورية على نحو خاص ومحدد. وهي التي تعاني من حالة ترهل كبيرة على صعيد عمليتي الإنتاج والتصنيع.

ووفقا لوزير التجارة التركي، عمر بولاط، توصلت تركيا مع الجانب السوري إلى تفاهم بشأن إحياء اتفاقية “التجارة الحرة”.

وقال الوزير، الاثنين، إنه تم الاتفاق أيضا على “مراجعة الإدارة الجديدة في دمشق لقرار الرسوم الجمركية”.

ما قاله بولاط جاء بعد اجتماع جمع مسؤولين أتراك وسوريين في سوريا، يوم الجمعة.

وعكست مخرجات هذا الاجتماع رغبة تركية بضرورة إعادة إحياء التجارة على طرفي الحدود إلى مستويات غير مسبوقة، مع رفع الرسوم الجمركية من الجانب السوري على عدة سلع ومنتجات.

وأشار بيان لوزارة التجارة التركية، الجمعة، عقب الاجتماع، إلى أنه “تم الاتفاق على اتباع نهج شراكة اقتصادية أكثر شمولا”.

كما أوضحت الوزارة أنه “تم الاتفاق أيضا بين المسؤولين الأتراك والسوريين على التعاون في مجالات مثل تجارة المنتجات الصناعية والزراعية ونقل الترانزيت والنقل الثنائي والمقاولات وغيرها لتنشيط الاقتصاد السوري”.

و”أكدت سوريا أن الشركات التركية ستلعب دورا أساسيا في تنمية سوريا وستلعب دورا رائدا في تطوير الصناعة السورية”، بحسب بيان “التجارة التركية”.

ما “اتفاقية التجارة الحرة”؟

اتفاقية “التجارة الحرة” التي تقول تركيا الآن إنها تعتزم إعادة تفعيلها مع سوريا يعود تاريخ توقيعها إلى عام 2004. أي عندما كانت العلاقة بين البلدين تمر بـ”شهر عسل”.

وكان الهدف الرئيسي من وراء هذه الاتفاقية “تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين”، وهو الأمر الذي تم بالفعل حتى مطلع الثورة السورية في 2011.

بعد اندلاع الثورة وتحول الحراك السلمي إلى مسلح في 2011، وما تلا ذلك من تطورات سياسية، تأثرت العلاقات الاقتصادية بين تركيا وسوريا بشكل كبير.

ووصل الحال بعد ذلك وفي نهاية المطاف إلى إيقاف العمل بـ”التجارة الحرة”.

الاتفاقية كانت بنودها تذهب بعدة اتجاهات، وبينما كانت تضمن أولا إلغاء الرسوم الجمركية نصت في مسارات أخرى على تعزيز انسيابية المنتجات بين البلدين، الزراعية والصناعية وغير ذلك.

استهدفت الاتفاقية تشجيع الاستثمارات المشتركة في المشاريع الاقتصادية بين الشركات السورية والتركية، وتوفير بيئة قانونية مشجعة للمستثمرين، بحسب ما يورده موقع وزارة التجارة التركية.

ويضيف الموقع أيضا أنه وبموجب الاتفاقية تم تسهيل حركة التجارة إلى حد كبير، من خلال تحسين البنية التحتية للنقل والمواصلات بين سوريا وتركيا، بما في ذلك الطرق البرية والموانئ.

ماذا لو أعيد العمل بها؟

من خلال اتفاقية “التجارة الحرة” استهدفت تركيا وسوريا تحقيق حجم تجارة يبلغ 5 مليارات دولار.

وفي حين تجاوز حجم التجارة الخارجية 2 مليار دولار لأول مرة في عام 2010، فإن الحرب التي بدأت في سوريا بعد عام 2011 أدت إلى تأجيل جميع الأهداف الاقتصادية.

يشرح الباحث الاقتصادي السوري، خالد تركاوي، أن “السوق بين سوريا وتركيا كانت مفتوحة من 2017″، ويقول لموقع “الحرة” إن السلع منذ التاريخ المذكور تدفقت بالاتجاهين.

لكن حالة التدفق لم تكن تشمل كل المحافظات السورية، بل كانت المنتجات والسلع تمر فقط من المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة سابقا باتجاه الجانب التركي وبالعكس.

وبحسب وزارة التجارة التركية فإن تركيا وسوريا تنسقان للسماح للشركات التركية، التي تعمل حتى الآن فقط في مناطق شمال سوريا لتوسيع عملياتها في جميع أنحاء البلاد والاستثمار هناك.

وبالإضافة إلى ذلك، اتفق الجانبان على تعزيز التنسيق لإدارة الجمارك على الحدود بشكل أفضل، حيث زادت حركة المرور بشكل كبير منذ الإطاحة بنظام الأسد.

ويوضح تركاوي أنه لإعادة اتفاقية “التجارة الحرة” جانبين، الأول يتعلق “بتجارة الترانزيت” والثاني “بدخول السلع التركية إلى الأسواق السورية”.

وفي حال تم إلغاء التعرفة الجمركية والسماح بدخول كل السلع التركية يعتقد الباحث الاقتصادي أنه “سيكون هناك اكتساح تركي للأسواق السورية. وهذا لن يكون مفيدا للاقتصاد السوري”.

يقول تركاوي: “يجب أن تنضبط الأمور وأن تكون الخطوات محسوبة مع المحافظة على بقاء رسوم جمركية على مجموعة من السلع مثل النسيج والزراعة”.

“حتى نحمي المصانع الصغيرة والمتوسطة والمزارع في سوريا يجب أن يكون هناك تعرفة جمركية من نوع ما”، وفقا لتركاوي.

لكنه يشير في المقابل إلى فرص وإيجابيات تتعلق بإعادة استئناف العمل بـ”التجارة الحرة”. وتتعلق هذه الفرص بما يعرف بـ”تجارة الترانزيت”.

ويضيف الباحث: “سيكون هناك فوائد لحركة السيارات التجارية القادمة من معبر باب الهوى (شمال سوريا) وصولا إلى نصيب (يربط سوريا بالأردن جنوبا)”.

ويتابع: “وتكمن فوائد أخرى أيضا بالحركة التي ستسفر عنها عملية عبور السائقين مع شاحناتهم على طول الطريق الواصل من شمال سوريا وصولا إلى جنوبها”.

من “المستفيد الأكبر”؟

وفي وقت سابق من هذا الشهر، رفعت الحكومة السورية الجديدة الرسوم الجمركية على الواردات التركية بنسبة تصل إلى 300 في المئة، بهدف توحيد الأسعار عبر حدودها.

وأثارت هذه الخطوة غضب المصدرين الأتراك وبعض رجال الأعمال السوريين، حيث تبلغ قيمة صادرات تركيا السنوية إلى سوريا ملياري دولار، وفقا لبيانات وزارة التجارة.

وعلى أساس ما سبق عقد اجتماع بين المسؤولين السوريين والأتراك، الجمعة، وانتهى في إحدى جزئياته بالإشارة إلى قرب إعادة إحياء “التجارة الحرة”.

ويوضح الباحث الاقتصادي السوري، فراس شعبو، أن “اتفاقيات التجارة الحرة بين الدول هو أمر إيجابي ويساعد في تنشيط الحركة الاقتصادية.. لكن عندما يكون هناك تبادل فعلي بينهما”.

وعند النظر إلى حالة سوريا الآن تكاد تختلف الصورة على نحو كبير وعما كانت عليه في 2004.

يقول شعبو لموقع “الحرة”: “في سوريا الآن بنى تحتية متهالكة ومعامل متوقفة. لدينا أيضا حركة اقتصادية ضعيفة وعملة متدهورة القيمة”.

وفي ظل هذه الظروف “قد تكون تركيا المستفيد الأكبر من اتفاقية التجارة الحرة”، بحسب شعبو، دون أن يستبعد الباحث وجود فوائد أخرى قد تعود على الجانب السوري.

ويضيف: “الاتفاقية قد تكون مقبولة لفترة قصيرة في سوريا، بسبب غياب التصنيع والإنتاج”. وقد تكون لازمة أيضا لكي تحدث منافسة داخلية، وتحفز الصناعة المحلية لزيادة الجودة والخدمات، بحسب قول شعبو.

كما يشير إلى ما سبق الباحث الاقتصادي، أدهم قضيماتي، قائلا لموقع “الحرة” إن اتفاقية التجارة الحرة قد تلعب دورا في دفع عجلة الإنتاج في سوريا.

ويضيف: “وعندما تعود عجلة الإنتاج إلى مسارها الصحيح يمكن العمل بعد ذلك على تعديل نصوص الاتفاقية”.

وفي بداية العام الحالي أعلن رئيس مجلس الأعمال التركي- السوري في مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي (DEIK)، إبراهيم فؤاد أوزكوركجي أن تركيا تهدف إلى الوصول إلى حجم معاملات ثنائية مع سوريا بقيمة 10 مليارات دولار على المدى القصير والمتوسط.

وأضاف أوزكوركجي أن حجم التجارة بين البلدين ارتفع من 250-300 مليون دولار قبل عام 2011، إلى 2.5 مليار دولار بحلول عام 2024.

وأوضح أن أهم الصادرات التركية إلى سوريا هي الحديد والصلب والبلاستيك والأدوات المنزلية ومواد البناء والمنتجات الغذائية.

في حين أن أهم صادرات سوريا إلى تركيا هي القطن وزيت الزيتون وزيت عباد الشمس.

“على فترات”

ولن يكون إعادة العمل باتفاقية “التجارة الحرة” أمرا مجحفا، كما يؤكد الباحث الاقتصادي، قضيماتي. ويرتبط ذلك بغياب الصناعيين عن سوريا وتهالك البنى التحتية.

ويوضح الباحث أن “سوريا بحاجة الآن للمواد الأولية وقد تستمر على هذه الحالة حتى يعود الصناعيون إلى البلاد ويبدأون أعمالهم بشكل سلس وفعلي”.

ومن وجهة نظر الباحث شعبو فإن “التجارة الحرة” بين سوريا وتركيا سيكون “مقبولا لفترة زمنية معينة”.

ويقول إنه “لا يمكن أن تستمر الاتفاقية بالبنود التي عليها منذ 2004 لأن ذلك سيكون كفيلا بقتل الإنتاج السوري. وهو الضعيف بالأساس”.

شعبو يشير أيضا إلى أنه يجب العمل على إعادة تعديل بنود الاتفاقية بما يتناسب مع الظروف القائمة في سوريا، على صعيد الاقتصاد وعملية الإنتاج.

وفيما يتعلق بتركيا يرجح أن “هدفها لا يقتصر على السوق السوري فقط بل على الخليجي والخارجي مرورا من الطرقات السورية”.

ضياء عودة

الحرة

———————————

معتقل الدواعش.. خطة نقل سجن “غويران” من سوريا إلى العراق

دلشاد حسين – أربيل

27 يناير 2025

كشف نائب في لجنة الأمن والدفاع النيابية العراقية عن خطة يجري بحثها حاليا مع الجانبين التركي والسوري لنقل سجن غويران من سوريا إلى العراق، تمهيدا لمحاكمة نزلائه من معتقلي تنظيم داعش الإرهابي وفقا للقانون العراقي.

وتقع السجون التي تحتضن مسلحي وقادة داعش في المناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا.

وقد أعلن مسؤولون في قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، الجناح العسكري للإدارة الذاتية، في تصريحات سابقة لـ”الحرة”، عن خشيتهم من أن تتسبب هجمات الفصائل السورية المدعومة من تركيا على مناطق الإدارة الذاتية في فتح هذه السجون وهروب مسلحي وقادة التنظيم منها.

سجن الصناعة

يعتبر سجن غويران أحد أكبر السجون في شمال شرق سوريا، ويخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، ويعرف أيضا باسم “سجن الصناعة”، لأنه كان مبنى إعدادية الصناعة في مدينة الحسكة قبل تحويله إلى سجن من قبل “قسد” عام 2017.

ووفق إحصائيات غير رسمية، يقدر عدد النزلاء في سجن غويران بنحو 5 آلاف نزيل من مسلحي تنظيم داعش، غالبيتهم من قادة التنظيم البارزين ومسلحيهم العرب والأجانب، الذين ألقت “قسد” القبض عليهم خلال المعارك والعمليات العسكرية خلال الأعوام الماضية.

ويعتبر العراق سجن غويران والسجون الأخرى، إلى جانب مخيم الهول الواقع في سوريا، تهديدا حقيقيا لاستقراره.

ويخشى البلد من أن تؤدي الهجمات التركية أو التي تشنها الفصائل السورية على مناطق سيطرة “قسد” إلى انهيار هذه السجون والمخيم، وبالتالي عودة تنظيم داعش مجددا بقوة وزحفه باتجاه العراق، خاصة أن السجون والمخيم تقع قرب الحدود العراقية السورية، لذلك لا يخفي العراق محاولاته لتفكيكها.

ويؤكد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية العراقية، النائب ياسر إسكندر، وجود خطة يجري بحثها الآن مع عدد من الدول على رأسها سوريا وتركيا لإنهاء ملف سجن غويران ومخيم الهول بشكل نهائي.

ويوضح إسكندر لـ”الحرة” أن الخطة تتركز على نقل نزلاء سجن غويران العراقيين إلى العراق، ونقل كافة النزلاء الآخرين المتورطين بالقتال إلى داخل البلاد، حتى لو لم يكونوا عراقيين، تمهيدا لمحاكمتهم وفق القانون العراقي.

ويلفت إسكندر إلى أن العراق سيحصل على دعم دولي لبناء سجن ومنشآت كافية لاستيعاب السجناء المنقولين من سوريا، وسيخضعهم لمحاكمات بموجب القانون العراقي بالاتفاق مع بعثة الأمم المتحدة والتحالف الدولي وتركيا وسوريا.

وتشير إحصائيات رسمية صادرة عن “قسد” إلى وجود 26 سجنا في المناطق الخاضعة للإدارة الذاتية، تحتضن نحو 12 ألف سجينا من مسلحي وقادة تنظيم داعش غالبيتهم من العرب والأجانب.

بين النفي والإثبات

ولمعرفة تفاصيل أكثر عن خطة تفكيك سجن غويران تواصلت “الحرة” مع ٍالناطق الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة في العراق، صباح النعمان، لكنه أشار إلى عدم امتلاكه أي معلومات عن الموضوع ولم يصدر أي بيان رسمي بذلك.

كما نفى مسؤول في إعلام قوات سوريا الديمقراطية لـ”الحرة”، مفضلا عدم الكشف عن اسمه، وجود اتفاق بهذا الخصوص، قائلا “لا أساس لوجود هكذا اتفاق.”

وفي المقابل، رفضت الإدارة السورية الجديدة الادلاء بأي تصريحات عن الاتفاق لـ”الحرة” بحجة عدم اتاحة المسؤول المختص بالتصريح في الوقت الحالي.

وشكلت الأوضاع والتطورات التي تشهدها سوريا واستمرار مكافحة تنظيم داعش، أبرز الملفات التي بحثها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال لقائه في بغداد، الاحد الماضي، مع كل من وزير الخارجية التركي هاكان فيدان وقائد قوات التحالف الدولي لمحاربة داعش في العراق وسوريا

وبحسب متابعات “الحرة” لملف تفكيك سجن غويران ومخيم الهول، تؤكد هذه الاجتماعات مباشرة العراق بالتنسيق والتعاون مع تركيا والتحالف الدولي خطة تفكيك السجن والمخيم وانهاء ملفهما على مراحل.

حدود قانونية

وسيخضع مسلحو وقادة الداعش المعتقلين، وفق الخطة، بعد نقلهم إلى العراق للمحاكمة في المحاكم العراقية، حيث يعطي قانون العقوبات العراقي رقم 111 سنة 1969 المعدل للمحاكم العراقية الجنائية اختصاص النظر في كل الدعاوي التي ترتكب على الأراضي العراقية، سواء كان مرتكبها فاعلا أصليا أو شريكا مساهما كمحرض أو ممول وغيرها من أساليب المساهمة الجنائية أو الاشتراك الجنائي.

ويضيف الخبير القانوني وائل البياتي لـ”الحرة”: “حتى في حال عدم حصول الجريمة داخل الأراضي العراقية، لكن إذ وقع فعل أو جزء من أفعالها داخل الأراضي العراقية، أو أريد أن ترتكب داخل الأراضي العراقية ولم يتحقق الفعل أمام حالة من حالات الشروع، أيضا القضاء العراقي هو المختص في هذا الجانب ويمتلك الولاية في محاسبة كل من يرتكب جريمة او ينوي ارتكبها داخل الأراضي العراقية”.

ويشير البياتي إلى أنه “وفقا المادة 13 من قانون العقوبات، للقضاء العراقي الولاية العامة في محاكمة مرتكبي جرائم الاتجار بالبشر وجرائم الاتجار بالأطفال وجرائم المخدرات وأيضا الرقيق الأبيض، وتخريب وسائل الاتصال والمواصلات الدولية، حتى لو ارتُكبت خارج الأراضي العراقية، لكن وجد مرتكبها داخل الأراضي العراقية وألقي القبض عليه عن إحدى هذه الجرائم.

ويؤكد البياتي على أنه “وباستثناء جرائم الاتجار بالبشر وما حددته المادة 13 من قانون العقوبات، لا يملك القضاء العراقي الولاية على الجرائم التي ترتكب خارج العراق إذا كان مرتكب الجريمة عربيا أو من جنسية أجنبية”.

دلشاد حسين

الحرة

——————————–

 قصة أغنية “ارفع راسك فوق”.. القسيم والناطور يتحدثان عن الفن في سوريا الجديدة

2025.01.28

تحدث الفنانان السوريان أحمد القسيم ومازن الناطور، خلال ظهورهما في برنامج “ما تبقى” على شاشة “تلفزيون سوريا”، عن دور الفن في الثورة السورية، والتحديات التي تواجه الشعب السوري في إعادة بناء وطنه.

وتناول اللقاء قصة أغنية “ارفع راسك فوق.. أنت سوري حر” التي أصبحت رمزاً للثورة السورية، بالإضافة إلى مناقشة مستقبل الفن والدراما السورية بعد سقوط نظام الأسد.

أحمد القسيم: هذه قصة أغنية “ارفع راسك فوق”

تحدث الفنان أحمد القسيم عن أغنيته الشهيرة “ارفع راسك فوق.. أنت سوري حر”، التي استوحاها من مشهد مؤلم لرجل يتعرض للتعذيب، قائلاً: “رأيت مع بداية الثورة رجلاً يُجبر من قبل معذبيه على رفع رأسه رغم الألم، ومن هذا المشهد ولدت فكرة الأغنية التي أصبحت رمزاً يعبر عن كرامة السوريين ومطالبهم بالحرية.

وأشار القسيم إلى أن الأغنية، التي حملت كلمات بسيطة لكنها عميقة المعنى، بدأت كلحن مستوحى من عبارات سُمعت في أهازيج الثورات الليبية واليمنية، لكنها ارتبطت بروح الثورة السورية وصدى معاناة شعبها، وهو ما جعلها نبضاً يرافق السوريين في كل مكان.

وأكد القسيم أن انتشار الأغنية بشكل واسع يعود إلى قدرتها على ملامسة وجدان الشعب السوري، الذي كان بحاجة إلى كلمات بسيطة تعبّر عن الكرامة وتعكس روح الثورة.

وفيما يتعلق بتوثيق الثورة السورية وتضحيات الشعب السوري، شدد القسيم على أهمية الحفاظ على ذاكرة الشعب وتضحياته، معتبراً أن توثيق هذه اللحظات ضرورة لضمان بقائها حية في أذهان الأجيال القادمة وتفادي تكرار المآسي.

واختتم القسيم حديثه بتأكيد تفاؤله بمستقبل سوريا، معتبراً أن الشعب السوري قادر على إعادة بناء وطنه إذا تم التركيز على إصلاح العلاقات الاجتماعية قبل إعادة إعمار البنية التحتية، مشيراً إلى أن الحب والتكاتف هما الأساس لإعادة بناء سوريا الجديدة.

مازن الناطور: الفن والدراما في قلب الثورة

من جهته، شدد الفنان مازن الناطور على الدور المحوري للفن في الثورة السورية، لافتاً إلى أن الثورة ليست مجرد حراك سياسي، بل هي تغيير شامل يطول مختلف جوانب الحياة، بما في ذلك الفن والثقافة.

وشدد على أن الفن في سوريا يجب أن يكون مرآة لآلام الشعب السوري وآماله، قائلاً: “الفن يجب أن يعكس هموم الشعب السوري وأحلامه.. سوريا الآن بحاجة إلى دراما حقيقية تعكس الواقع بصدق وتنصف جميع أطياف الشعب السوري”.

وأشار الناطور إلى أن الفن السوري يملك القدرة على أن يكون أداة توثيق للثورة وتضحيات الشعب، مؤكداً أهمية إنتاج أعمال درامية وفنية تسلط الضوء على معاناة السوريين وتخلد ذكرى نضالهم.

كما أشاد الناطور بأغنية “ارفع راسك فوق”، واصفاً إياها بأنها أصبحت جزءا من تراث الثورة السورية، مضيفاً: “الكلمات التي استخدمها أحمد القسيم ليست ملكاً وحكراً لأحد، فهي كلمات عربية صادقة تعبر عن وجدان الأمة العربية.. الأغنية أصبحت رمزاً نفتخر به، وشعبنا قدم تضحيات كبيرة تجعلنا نرفع رؤوسنا ونفخر بما تحقق”.

نظام الأسد ومستقبل الدراما السورية

وتطرق الناطور للحديث عن نظام الأسد المخلوع الذي وصفه بأنه كان قائماً على القمع والطائفية، مشدداً على ضرورة تحطيم الحواجز التي زرعها النظام بين السوريين، وإعادة بناء الجسور بين مختلف أطياف الشعب.

وأكد الفنان السوري أن الدراما السورية تعيش في الوقت الحالي مرحلة انعطاف تاريخي، وأن المرحلة القادمة تتطلب إرادة صادقة ودعماً إنتاجياً حقيقياً من رجال الأعمال لإنتاج أعمال درامية تعكس هموم الشعب وآماله.

وأضاف: “يجب أن تكون هناك إرادة لدعم أعمال درامية تُظهر الثورة والتضحيات بواقعية وصدق، بعيداً عن سيطرة النظام السابق”.

كما أعرب الناطور عن أمله في وجود هامش أوسع من الحرية في سوريا الجديدة، يتيح للفنانين والكتّاب توثيق الثورة ومعاناة الشعب بأسلوب صادق، قائلاً: “التحدي القادم هو بناء دراما وطنية جديدة تعبّر عن الشعب السوري بكل أطيافه وتنوعه، مع الحفاظ على القيم التي قامت عليها الثورة”.

رسالة أمل وتفاؤل

اختتم الفنانان اللقاء برسالة مفعمة بالأمل والتفاؤل، أكدا فيها أن الثورة حققت معجزة ضد نظام مستبد، وأن المستقبل مشرق إذا اجتمع السوريون على المحبة والوحدة، كما أعربا عن تفاؤلهما بأن الشعب السوري قادر على تجاوز المحن وبناء وطن يليق بتضحياته.

وقال مازن الناطور:”الحب والتكاتف هما الأساس لإعادة بناء سوريا.. الثورة انتصرت، وما علينا الآن إلا أن نضع أيدينا بأيدي بعضنا البعض لبناء وطن جديد يليق بآمال شعبه”.

بينما شدد أحمد القسيم على الإبداع والتكاتف بأنهما المفتاح لتجاوز المحن والتغلب على الصعوبات، مشيراً إلى أن “الشعب السوري مبدع بطبيعته، وبتكاتفه وإصراره، سيبني وطناً حراً ومستقلاً، بعيداً عن الظلم والقمع”.

———————-

الأمن العام يعثر على مستودع أسلحة لـ”الفرقة الرابعة” في ريف دمشق

2025.01.28

عثرت إدارة الأمن العام في سوريا على مستودع أسلحة تابع لـ”الفرقة الرابعة” في جيش النظام السوري، وذلك في منطقة بيت جن بريف دمشق. 

ونشرت وكالة الأنباء السورية “سانا”، اليوم الثلاثاء، صوراً تُظهر عناصر من الأمن العام وهم يستخرجون الأسلحة من مستودع تحت الأرض يقع في منطقة جبلية وعرة ببيت جن. 

 ضبط أسلحة وملاحقة فلول النظام 

قبل أيام، ضبطت إدارة الأمن العام مستودعاً للأسلحة والذخائر في ريف حمص الغربي. وأوضحت الإدارة أن المستودع يعود لعناصر من النظام السابق الذين رفضوا الانخراط في برامج التسوية التي أقرتها السلطات بعد سقوط النظام. 

وسبق ذلك إعلان قوات الأمن العام التابعة لوزارة الداخلية السورية عن العثور على مستودع مملوء بالألغام في محيط قرية الربوة بريف حمص الغربي. 

منذ سقوط النظام السابق، أطلقت إدارة الأمن العام حملات مكثفة في مختلف المحافظات السورية بهدف ملاحقة فلول النظام وضبط الأسلحة. 

وقد شهدت العديد من المناطق مواجهات بين عناصر الأمن العام وفلول النظام، لا سيما في ريفي حمص واللاذقية.

————————–

طالت أطفالاً.. “قسد” تنفذ حملة اعتقالات واسعة شمال شرقي سوريا

2025.01.28

نفذت “قوات سوريا الديمقراطية – قسد” حملة اعتقالات واسعة في مناطق سيطرتها شمال شرقي سوريا، طالت عدداً من المدنيين من بينهم أطفال.

وأفادت مصادر محلية بأن دوريات من “قسد” دهمت بلدة العزبة شمالي دير الزور واعتقلت عدداً من المدنيين، منهم: “محمد صالح الشاهر، وحمود صالح الشاهر، وحسين العسكر، وناجي العسكر، وأحمد الصليح، وعلي الحلبة، وعبد الجليل الصالح، وخليل السوادي”.

كما اعتقلت “قسد” مدنياً يدعى حسين الحمادي البالغ من العمر 65 عاماً في قرية تل طويل مرشو بريف الحسكة الشمالي، بتهمة فرار ابنه من الخدمة العسكرية الإجبارية، بحسب ما ذكرت شبكة “الخابور” المحلية.

كذلك جرى اعتقال الناشط ثامر الشحادة بعد مداهمة منزله في بلدة الشعفة بريف دير الزور الشرقي، إضافة إلى 5 أطفال في الحسكة والرقة جرى نقلهم إلى معسكرات التجنيد، وفقاً للمصدر.

إلى ذلك استقدمت “قسد” تعزيزات عسكرية إلى محيط بلدتي القحطانية ومعبدة شمال شرقي الحسكة بهدف تنفيذ حملة دهم وتفتيش بحثاً عن عناصر منشقين.

توترات مستمرة شمال شرقي سوريا

منذ سقوط نظام الأسد، شهدت مناطق شرقي سوريا مظاهرات تطالب بخروج “قسد” من المنطقة وتطالب بدخول الإدارة السورية الجديدة، إلا أن “قسد” تعاملت مع بعض هذه الاحتجاجات باستخدام الرصاص الحي، ما أدى إلى وقوع ضحايا في صفوف المحتجين.

عقب ذلك صعدت “قسد” من حملات الاعتقال والتجنيد الإجباري بهدف تعزيز مواقعها على محاور سد تشرين بريف حلب الشرقي والتي تشهد مواجهات عنيفة مع الجيش الوطني السوري.

لماذا تستمر “قسد” بنقل المدنيين إلى سد تشرين؟

يشار إلى أنه خلال الأسابيع الماضية تم رصد نقل “قسد” قوافل من المدنيين معظمهم موظفين في مؤسساتها إلى سد تشرين، بذريعة التنديد بهجوم الجيش الوطني السوري، في حين كشفت مصادر خاصة لتلفزيون سوريا أن العملية مرتبطة بشكل رئيسي بنقل أسلحة ومواد لوجستية لمقاتليها.

————————

مظلوم عبدي: وصلتنا مطالب للإدارة السورية وأرسلنا مطالبنا وننتظر الرد

2025.01.28

تحدث زعيم “قوات سوريا الديمقراطية” مظلوم عبدي عن مستجدات الحوار مع الإدارة السورية الجديدة، وموقفه من اندلاع معارك ضد “هيئة تحرير الشام” سابقاً، مشيراً إلى أن سوريا تشهد تغيّراً تاريخياً، ولكنها تواجه الكثير من التحديات.

وقال عبدي: “مر أكثر من شهر ونصف على سقوط النظام البعثي والتغيير التاريخي في سوريا، الشعب السوري على اختلاف مكوناته مسرور وسعيد بهذا التغيير في العموم، وفي مقدمته المكونات المتعايشة في إقليم شمال وشرق سوريا ومن بينها الكرد، لأنه مع بدء الثورة السورية عام 2011، كان أهالي المنطقة من الأوائل المشاركين في الحراك والاعتصامات ضد النظام، لذلك فهم قبل كل الأطراف سعداء بسقوط نظام الأسد”.

لا يوجد منحى واضح

وأضاف: “اليوم وبشكل تدريجي تتكشف وتتجلى الصورة بشكل أكبر، لكن إلى الآن لم يتخذ الوضع منحى واضحاً بالنسبة للجميع في سوريا. سوريا دخلت مرحلة جديدة ولن يكون فيها رجعة ولن تعود البلاد إلى المراحل السابقة، جميع الأطراف بدءاً من الشعب السوري مروراً بالدول الإقليمية وصولاً إلى القوى الدولية لم تعد ترغب بأن تشهد البلاد حرباً أهلية أو أي اضطرابات وتوترات مجدداً. جميع الأطراف تسعى للاستفادة من هذا التغيير الحالي واستغلال الفرصة لبناء سوريا جديدة”.

وتابع في لقاء مع وكالة “ANHA”: “في البداية، كانت القوى الدولية متخوفة من المرحلة والتغيير ومن وصل إلى دمشق، ولكن صورة ومواقف تلك الأطراف باتت تتجلى بشكل أكبر وتتضح. الآن تلك الأطراف تريد الاستمرار مع الإدارة الجديدة في دمشق، لكن في الوقت نفسه تريد أن تدفع بتلك الإدارة إلى تغيير بعض ما فيها. نحن في قوات سوريا الديمقراطية وأيضاً ممثلي مكونات شمال وشرق سوريا، نريد أن يكون التغيير الحاصل أرضية لمرحلة جديدة في سوريا”.

ورأى زعيم “قسد” أن “المرحلة الجديدة في سوريا تقابلها تحديات كبيرة تولّد المخاوف لدى عموم الشعب السوري، أهمها أن هناك فراغاً أمنياً كبيراً وواضحاً قائماً، نسمع عن انتهاكات من قبل أطراف تريد زعزعة أمن المناطق السورية. الوضع الاقتصادي ما يزال متدهوراً وما يزال يتدهور بشكل أكبر، سوريا ما تزال تشهد عقوبات، العقوبات الاقتصادية لم تُرفع عن البلاد بعد، والقوى الدولية لم تتوصل إلى قناعة تامة لرفع تلك العقوبات، لأنه إلى الآن لم تصل البلاد إلى شكل الإدارة الجديدة المطلوبة بالنسبة للسوريين، ولم تتوصل تلك الأطراف المسؤولة لموقف ثابت بعد. إلى جانب ذلك هناك أيضاً ما يشكل تحدياً ومخاوف مثل كيفية تقرب الإدارة الجديدة من الناحية السياسية لمستقبل البلاد، وفي مقدمة كل ذلك استمرار الهجمات الخارجية على الأراضي السورية”.

الواقع الميداني

ذكر عبدي أن هناك “تناقضاً كبيراً وواضحاً وظاهراً للعيان، فغالبية سوريا تشهد مرحلة توقف الحرب، قد يكون هناك بعض الاشتباكات البسيطة، لكن هناك استقرار نسبي، وليس هناك حرب أو معارك قائمة، فقط هناك هجمات على مناطق شمال وشرق سوريا”.

وأضاف: “طرحنا العديد من المبادرات والمقترحات. كما تعلمون، مثال على ذلك ما طرحناه من أجل إيقاف الهجوم على كوباني، وما زلنا نقترح، والآن لإيقاف هذه الهجمات على سد تشرين وجسر قرقوزاق، هناك اقتراحات نبديها ويجري العمل على ذلك عبر الوسطاء وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية، وهناك أطراف أخرى أيضاً تعمل على ذلك، ولدينا مساعٍ، ونتقرب بكل إيجابية من أي مقترح يرد إلينا لإيقاف هذه الهجمات”.

وبحسب وصفه، فإن “الجهة المقابلة هي من تصر وتستمر في الهجمات. نحن ما زلنا نعمل من أجل وقف إطلاق نار عام ومستدام ودفع المنطقة كسائر سوريا للاستقرار وإيلاء الأهمية للمرحلة السياسية المقبلة. لم نتلق من تلك الأطراف حتى الآن أي مبادرة إيجابية، ولم تتوصل تلك الأطراف إلى الآن إلى أي قرار بهذا الخصوص، لذلك ما تزال تلك الهجمات مستمرة، ومن هنا نرى بأن مسؤوليات الإدارة الجديدة في سوريا تتمثل في إبداء موقف واضح من هذه الهجمات والدفع نحو إيقافها، على اعتبارها إدارة جديدة وترى في نفسها مسؤولة عن عموم سوريا وتتواصل معنا للدخول في حوار والعمل معاً لبناء سوريا المستقبل”.

وأردف: “قرارنا يتلخص بعدم السماح بتنفيذ ذلك المخطط والدخول بالقوة إلى مناطقنا، وقرار قواتنا واضح ونؤكد عليه مرة أخرى وهو عدم السماح بعبور سد تشرين والوصول إلى شرق الفرات مهما كلف الأمر”.

الحوار مع الإدارة السورية الجديدة

بهذا الخصوص، قال عبدي: “أعتقد أن شعبنا وكل مكونات شمال وشرق سوريا يسعون لمعرفة طبيعة العلاقة بيننا، إلى أين وصلنا، وماذا نناقش. حالياً، المناقشات مستمرة. بداية، نحن ذهبنا إلى دمشق لمعرفة آرائهم ووجهة نظرهم، وهم أيضاً كانوا يحاولون أن يعرفوا وجهة نظرنا، أجرينا لقاءً مطولاً مع قيادة هيئة تحرير الشام السيد أحمد الشرع، وظهرت هناك نقاط مشتركة بيننا ونحن متفقون عليها، حول مستقبل وطبيعة قوات سوريا الديمقراطية ضمن الجيش السوري في المستقبل، ووحدة الأراضي السورية، ورفض التقسيم، وضرورة تفعيل الحوار والحل السياسي”.

وأكمل: “نحن نفكر في سوريا ككل، نريد سوريا موحدة، كما أنه ليست لدينا نية انفصالية. الكثيرون يروجون أننا نعمل على بناء جيشين في سوريا وإنشاء دولة ضمن دولة. ليس لدينا نية في هذا الاتجاه الذي يتم الترويج له. هدفنا ومخططنا السياسي واضح. في الخطوط الأساسية، ليس هناك أي خلاف بين الطرفين”.

واستدرك: “لكن هناك نقاشات ومباحثات مستمرة تدور حول آلية وكيفية ومضمون تطبيق هذه النقاط، وتوقيت ترجمة هذه الأمور. نحن متفقون بأن يكون لسوريا جيش واحد، وقسد جزء منه، ولكن بأي طريقة سيتم دمج قسد مع وزارة الدفاع السورية. قسد موجودة منذ عشرة أعوام، وتتألف من كل مكونات شمال وشرق سوريا، ولديها العديد من المؤسسات العسكرية التابعة لها. وهناك أيضاً يجري التحضير لبناء قوة جديدة، وليست قوة موحدة سابقاً وعلينا الانضمام إليها. أن يكون هناك جيش جديد يحتاج إلى وقت وعمل كثير. هناك خلاف على التوقيت بيننا وبينهم حول المدة التي يتوجب فيها تشكيل هذا الجيش، وأيضاً حول كيفية تفعيل المعابر المغلقة ضمن مناطق الإدارة الذاتية. ولهذا، اللقاءات ستبقى مستمرة”.

وقال: “قبل عدة أيام جرى لقاء، شاركنا معهم وجهة نظرنا، وهم أيضاً قدموا بعض المطالب. وبدورنا نحن أرسلنا لهم مطالبنا، وأعتقد أنه سيتم الرد علينا. وعند توضح بعض النقاط، يمكننا أن نعقد اجتماعات على مستوى القيادة العامة بيننا وبينهم، من أجل العمل على تنفيذ بعض الخطوات العملية. ولكن يجب أن يتم النقاش على الخطوات التي سيتم تنفيذها وتوضيحها فيما بيننا”.

وعن فحوى المطالب، أضاف عبدي: “أوضحنا سابقاً في سياق حوارنا بعضاً منها، وبما أن تلك المطالب في طي المناقشة والحوار، لا أريد التطرق بشكل تفصيلي لتلك المطالب الآن. أود المعذرة، وأعتقد أن ما سردناه من معلومات حول علاقتنا كافٍ إلى هذه اللحظة”.

————————-

استمرار اختفاء “أبو عباية” بظروف غامضة

تحديث 28 كانون الثاني 2025

مازال رئيس رابطة مشجعي نادي الإتحاد السوري، محمد أبو عباية، مختفيًا لخمسة أيام في ظروف غامضة، بعد أن تم اختطافه من قبل جهة مجهولة بمدينة الباب شرقيَ حلب، الخميس في 23 من كانون الثاني.

وقال نجل أبو عباية وائل أبو عباية، لعنب بلدي، إن والده كان متوجهًا من مدينة الباب إلى منطقة عفرين لتلبية دعوة حضور حفل زفاف بمنطقة عفرين شماليّ حلب، ثم انقطع الاتصال عنه وعن خمسة أشخاص كانوا برفته.

المرافقون لأبو عباية أحدهم نجله عبد العزيز، والمصور فادي جعرور، إضافة لثلاثة أشخاص من عائلة سواس.

ورجّح نجله أن يكون سبب اختطافه مرتبطًا بمواقف سياسية أو لأسباب تتعلق بالشأن الرياضي، باعتبار أن لـ”أبو عباية” منافسين داخل الوسط الرياضي.

وخلال مكالمة هاتفية مع عنب بلدي، اتهم نجل أبو عباية شخصًا يدعى عماد. ن (تحفظت عنب بلدي عن ذكر الاسم الصريح دون لعدم وجود إثبات قانوني)، وهو متزعم فصيل مسلح سابقًا، باختطاف والده، بحسب معلومات حصل عليها من عدة مصدر، لم يبينها، كما لم يؤكد المعلومة.

تواصلت عنب بلدي مع “أبو علي” القيادي في “الشرطة العسكرية” بالباب، وبدوره، قال إن عملية اختفاء أبو عباية جرت في الحدود الإدارية لمدينة الباب، ما يعني أنها خارج سلطة قطاعه.

ولفت إلى أن الإدعاءات حول هوية الخاطف المذكور أو غيره لا ترتبط بأدلة، وهو ما يمنعه من إجراء تحقيقات بهذا الخصوص.

وأشار مشجعون لنادي الإتحاد إلى أن أبو عباية تلقى تهديدات قبل أيام من اختفائه تتعلق برفض أشخاص لعودته إلى النادي.

من هو أبو عباية

أبو عباية هو رئيس رابطة مشجعي نادي الإتحاد السوري، ورئيس رابطة مشجعي المنتخب السوري سابقًا، ولقب بـ”شيخ المشجعين”، وعرف بردائه الذي يحمل ألوان العلم السوري.

وبعد الثورة السورية، عرف أبو عباية بموقفه المناهض للنظام السابق، وأعلن انشقاقه من رابطة المشجعين عام 2013، وانتقل للعيش في مدينة مرسين جنوبي تركيا، وخرج بردائه المعهود لكن بألوان العلم الجديد (علم الثورة).

وبعد سقوط النظام، عاد أبو عباية إلى مدينة حلب، تمهيدًا لعودته إلى النشاط الرياضي، بعد أن أعلن اعتزاله عام 2018.

حالات خطف

وما زالت مدينة الباب تشهد وجودًا كثيفًا لفصائل متعددة يتبع معظمها لـ”الجيش الوطني السوري”، ويتهم بعضها بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.

ويشهد شمال غربي سوريا، حالات خطف باستمرار، بعضها يتعلق بأسباب سياسية فصائلية وأخرى لإجبار الأهالي على دفع فديات مالية.

بعض حالات الخطف ينفذها عناصر يتبعون لفصائل “الجيش الحر” والآخر عصابات لا تتبع لأحد.

بدورها تعلن “الشرطة العسكرية” التابعة لـ”الجيش الوطني” لأكثر من مرة، عن قبضها على “عصابات” لخطف مدنيين وطلب فديات للإفراج عنهم.

—————————

إلغاء “مؤسسة التجارة الخارجية” في سوريا

تحديث 28 كانون الثاني 2025

أصدرت حكومة دمشق المؤقتة قرارًا يقضي بإلغاء “المؤسسة العامة للتجارة الخارجية” التابعة لوزارة الاقتصاد وتصفية عملها.

وفق القرار الذي نشرته الوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا) اليوم، الثلاثاء 28 من كانون الثاني، تتولى وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية ‏إصدار واتخاذ كل القرارات والإجراءات المترتبة على إلغاء المؤسسة ‏المذكورة، وتحل الوزارة محلها بكل ما لها من حقوق وما عليها من التزامات.‏

وطالب القرار وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بوضع قائمة تتضمن أسماء ‏العاملين المطلوب استمرار عملهم لمتابعة تصفية أعمال المؤسسة العامة ‏للتجارة الخارجية، ويحق لهم الاستعانة بما يرونه مناسبًا، بينما يوضع باقي ‏العاملين تحت تصرف وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية.‏

كانت المؤسسة العامة للتجارة الخارجية تتبع لوزارة الاقتصاد تأسست عام 2003، وتتمثّل مهامها باستيراد كل أنواع السلع والمواد المحصور والمقيّد استيرادها، بالإضافة إلى تأمين احتياجات الجهات الصحية واللقاحات البيطرية، واحتياجات الآليات الثقيلة والسيارات السياحية، والمبيدات الزراعية والأسمدة.

ومنذ بدأ استلام مهامها أصدرت الحكومة عدد من القرارات المتعلقة بالاستيراد والتصدير والنشاط التجاري في البلاد، كما أتاحت للقطاع الخاص استيراد العديد من المواد التي كان محصورة سابقًا إما بالدولة أو برجال أعمال مقربين من النظام المخلوع.

في 21 من كانون الثاني الحالي، أعفت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية في سوريا، خطوط الإنتاج والآلات من كل الرسوم الجمركية المقررة في التعرفة الجمركية النافذة لمدة سنتين، واشترط القرار إبراز سجل صناعي ساري المفعول، وكتاب من وزارة الصناعة يبين حاجة المعمل لهذا الخط أو الآلة.

سبق القرار إعلان وزير النفط والثروة المعدنية السوري، غياث دياب، عن فتح المجال أمام القطاع الخاص لاستيراد المواد البترولية إلى سوريا، لكن دون السماح بتوزيع هذه المواد، موضحًا أن استيراد مواد المحروقات سيكون متاحًا لجميع الجهات الدولية والشركات والدول، دون حصر استيرادها بالحكومة فقط.

في 31 من كانون الأول الماضي، أعلنت حكومة دمشق المؤقتة إحداث هيئة عامة للمنافذ البرية والبحرية، وإلحاق الجمارك والمراكز الحدودية ومؤسسة المناطق الحرة بها، مرتبطة بالمجلس الوزاري، وتتمتع بالاستقلالية الإدارية والمادية.

وتتولى الهيئة المحدثة، بحسب بيان الوزارة، عمليات الإشراف والتنظيم للدخول والخروج الإنساني والتجاري، والإشراف على شؤون الملاحة البحرية وأعمال النقل البحري وتملّك واستئجار السفن التجارية والعقارات اللازمة لأعمالها.

————————–

الصليب الأحمر: 35 ألف طلب للبحث عن مفقودين سوريين

تحديث 28 كانون الثاني 2025

أفادت رئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الأردن، سارة أفريود، بأن اللجنة الدولية لديها أكثر من 35 ألف طلب من عائلات سورية للبحث عن مفقودين، منها 3 آلاف طلب في الأردن منذ 13 عامًا. 

وقالت  في تصريحات لها، الاثنين 27 من كانون الثاني، إن اللجنة تلقت اتصالات جديدة منذ كانون الأول الماضي، من عائلات تبحث عن أخبار أقاربها المفقودين، مؤكدة الحاجة إلى تعاون متواصل مع الإدارة السورية الجديدة لتحديد مصير المفقودين، وفق قناة “المملكة” الأردنية.

وأضافت أن اللجنة الدولية تعمل للحفاظ على سجلات المفقودين الموجودة في سوريا، إضافة إلى حماية مواقع المقابر، مؤكدة أهمية إدارة هذه المواقع بشكل صحيح لتسهيل الوصول إلى المعلومات وإجراء عمليات التعرف. 

وأشارت أفريود إلى أن اللجنة تركّز جهودها على مساعدة العائلات السورية المنفصلة عن أقاربها بسبب النزاع، بما في ذلك دعم العائلات في الأردن بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر الأردني.

وتطرقت إلى تأثيرات الانفصال العائلي الناتج عن النزوح والاعتقالات على رفاهية العائلات، مشيرة إلى أن سقوط نظام بشار الأسد أدى إلى آمال جديدة بالحصول على معلومات حول المفقودين من خلال السجلات المتاحة في سوريا. 

واعتبرت أن انفصال العائلات بسبب “النزاعات” هو محزن لأي نزاع في العالم.

وأوضحت أن بعض العائلات تمكنت من إعادة التواصل مع أقاربها بعد إطلاق سراح المعتقلين، لكن العديد منهم ما زالوا بلا أخبار عن ذويهم. 

ودعت أفريود إلى مواصلة دعم العائلات السورية لمواجهة التحديات الاقتصادية والقانونية والاجتماعية والنفسية التي تعانيها، مشيرة إلى استمرار عدم اليقين بشأن أعداد المعتقلين في السجون السورية أو من لقوا حتفهم خلال الأزمة. 

وأكدت أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تعمل مع شبكة الصليب الأحمر والهلال الأحمر عالميًا لتجميع المعلومات المتوفرة وتقديم الإجابات للعائلات التي تبحث عن ذويها.

من جهته، قال مدير مديرية التخطيط والتعاون الدولي في سوريا، الدكتور زهير قراط، لعنب بلدي، بعد زيارة وفد من الهلال الأحمر والصليب الأحمر سوريا، إن  الهدف من زيارة الوفد هو التأكيد على استمرار التنسيق مع الهلال الأحمر السوري ووزارة الصحة في مختلف القطاعات، والتعرف إلى الاحتياجات الطارئة للشعب السوري بشكل عام، والعمل مع منظمات الهلال الأحمر والصليب الأحمر على المستوى الدولي بتأمين هذه الاحتياجات.

وأضاف قراط أن هناك وعودًا بوصول أجهزة طبية نوعية ومعدات لتطوير المستشفيات خلال الفترة المقبلة.

وكانت رئيسة “اللجنة الدولية للصليب الأحمر”، ميريانا سبولياريتش، قالت في وقت سابق لعنب بلدي، إن الهدف الرئيس من زيارتها لدمشق كان “التواصل مع السلطات الجديدة”، واستكشاف كيفية توسيع نطاق المساعدة الإنسانية “نظرًا للاحتياجات الهائلة في سوريا التي تتطلب دعمًا كبيرًا”.

وأضافت سبولياريتش أنه يجب على المجتمع الدولي أيضًا ضمان الدعم المستدام لمساعدة سوريا على التعافي وإعادة البناء، فالاحتياجات الإنسانية هائلة، وستتطلب من المنظمات الإنسانية مثل “اللجنة الدولية للصليب الأحمر” توسيع نطاق عملها في جميع أنحاء البلاد.

———————————-

قسد”: هناك من يحاول جرّنا لصدام مع دمشق

تحديث 28 كانون الثاني 2025

قالت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) إن هناك أطراف تحاول خلق صدام عسكري بينها وبين “إدارة العمليات العسكرية” التي تقود الحكومة في دمشق بعد سقوط النظام السوري، ولفتت لوجود تنسيق لتفادي هذا الصدام.

وقال قائد “قسد” مظلوم عبدي، في مقابلة مع وكالة “هاوار” المقربة من “الإدارة الذاتية”، الثلاثاء 28 من كانون الثاني، إن “جهة ثالثة”، وجهات محلية، وبعض الدول، تحاول جاهدة إحداث اقتتال بين قواته و”إدارة العمليات”، وهذا يجري بشكل علني وليس في الخفاء.

وأضاف أنه بطبيعة الحال، يعي الجميع ذلك، وتفضل “قسد” و”هيئة تحرير الشام” والقوى الدولية، أن يكون هناك حوار ومشروع وطني، ولا يجب أن يعود الاقتتال.

ولفت عبدي إلى أن قواته لم تصطدم بـ”إدارة العمليات” منذ إطلاق “ردع العدوام” ودخول فصائل المعارضة حلب في تشرين الثاني 2024، وقال: “عندما بدأت عملية (ردع العدوان)، اتصلوا بي، وأوضحوا بأن هدفهم هو النظام السوري، وأنهم لا يستهدفون مناطق قسد، ولا يسعون إلى أن تظهر اشتباكات أو تصادم بيننا وبينهم”.

وأضاف أن هناك تنسيقًا قائمًا من الناحية العسكرية بمحافظات الرقة ودير الزور وحتى في مدينة حلب.

وحول طبيعة المحادثات مع دمشق، قال عبدي إنه طرح مطالبه بـ”سوريا موحدة”، ولا تملك قواته أي نية للانفصال، “الكثير يروجون بأننا نعمل على بناء جيشين في سوريا وإنشاء دولة ضمن دولة. ليس لدينا نية في هذا الاتجاه الذي يتم الترويج له. هدفنا ومخططنا السياسي واضح. في الخطوط الأساسية ليس هناك أي خلاف بين الطرفين”.

عبدي ذكر أيضًا أن قواته متفقة مع دمشق على أن يكون لسوريا جيش واحد و”قسد” جزء منه، لكن المحادثات قائمة حول الطريقة التي ستُدمج بها “قسد” مع وزارة الدفاع السورية.

وخلال الأسابيع الماضية، نفت “قسد” مرارًا وقوع مواجهات عسكرية مع “إدارة العمليات العسكرية” في كل من دير الزور والرقة، بعد انشار معلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تفيد بوقوع مواجهات.

ولم تعلق “إدارة العمليات” على هذه الأنباء حتى اليوم.

ويشترط قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، وجود قواعد أساسية لحل المشكلة القائمة شمال شرقي سوريا وهي:

    ألا يكون هناك تقسيم في سوريا بأي شكل من الأشكال، حتى لو كانت بشكل فيدرالي.

    مغادرة المسلحين الأجانب الذين يتسببون بمشكلات لدول مجاورة.

    ينبغي أن يكون السلاح محصورًا بيد الدولة فقط.

من جانبه، سبق وأعلن قائد “قسد”، مظلوم عبدي، استعداده الانخراط في اندماج عسكري مع المعارضة السورية، وقال لصحيفة “التايمز” البريطانية، قبل أكثر من شهر، إن قواته المكونة من 100 ألف عنصر مستعدة لحل نفسها، والانضمام إلى جيش سوريا الجديد.

مؤخرًا تجاوز عبدي استعداد فصيله لحل نفسه، ورفض الانضمام للجيش الجديد كأفراد، إنما ككتلة عسكرية.

—————————–

 انتهاكات ريف حمص: تعتيم إعلامي وخطر تصاعد التوتّرات الطائفيّة!

تحديث 28 كانون الثاني 2025

أصبح الحديث عن أي انتهاكات يرتكبها عناصر تابعون لإدارة العمليات العسكرية أمراً صعباً اليوم، سواء بسبب هجوم المؤيدين للحكومة الجديدة أو بسبب التعمية عمّا يحدث، ما يعيد إلى أذهان السوريين ممارسات عهد النظام السابق.

شهد ريف خلال الأيام الماضية توتراً أمنياً وطائفياً مع انطلاق حملات تمشيط نفذتها فصائل عسكرية في ريف المدينة الغربي، لملاحقة من سمتهم بـ”عناصر خارجة عن القانون”. تزامن ذلك مع انقطاع الإنترنت الذي وصفته وزارة الاتصالات في الحكومة المؤقتة بأنه محاولة من “فلول النظام البائد الهاربة لزعزعة الأمن والاستقرار في أنحاء سوريا، وكان آخرها أعمال تخريب وقطع مسارين ضوئيين على طريق دمشق – حمص، ما أدى إلى انقطاع الإنترنت عن العاصمة وريفها ومناطق أخرى عدة”.

الحملة أحاطها تعتيم إعلامي ومعلومات متناقضة في ظل عشرات الانتهاكات التي وصفتها المصادر الرسمية عبر سانا بـ”غير مقبولة”، حدثت “عقب انسحاب القوات الأمنية، إذ استغلّت مجموعة إجرامية هذا الظرف لارتكاب تجاوزات بحق الأهالي، منتحلة صفة أمنية، ونؤكد أن أي تجاوزات من أفراد أو مجموعات سيتم التعامل معها بحزم وفق القوانين النافذة”.

هذا التناقض في الأنباء يتضح في خطف الأكاديمية السورية رشا ناصر العلي أثناء توجهها إلى جامعة حمص، وانتشار أخبار زائفة ومتناقضة تبين نهاية أن مصيرها ما زال مجهولاً، وتزامنت الحملة والانتهاكات التي شهدتها قرى ريف حمص باستغاثات على وسائل التواصل الاجتماعي اختلطت مع الأخبار المزيفة، كما تم تداول فيديوهات لتصفية أشخاص مجهولي الهوية.

الواضح مما شهده ريف حمص، تخبّط الإدارة الجديدة في التعامل مع ما حدث إعلامياً وأمنياً وغياب مصادر موثوقة، ومع زيارة محافظ حمص عبد الرحمن الأعمى لقرية مريمين، تم الحديث عن تشكيل لجنة لتعويض الأهالي، و”محاسبة الجناة”، بالتزامن مع نشاط التجمعات المدنية لمحاولة توثيق عدد القتلى في مريمين وفاحل في ظل خوف الأهالي من الحديث للناشطين ووسائل الإعلام التي الغائبة عن المنطقة.

تواصلنا في “درج” مع ناشطين وأهال من المنطقة لمعرفة طبيعة هذه الانتهاكات والحساسيات الطائفية في المنطقة التي شهدت طوال سنين الثورة تجييشاً، اشتدّ بعد سقوط النظام وانقلاب موازين القوى.

كيف بدأت “الحوادث”؟

تقول ناشطة من حمص، فضّلت عدم ذكر اسمها خوفاً على سلامتها: “كانت المدينة تشهد حالة من الاستقرار النسبي، حتى أن الشوارع التي كانت شبه خالية بدأت تشهد حركة أكبر. ومع ذلك، تظل الحركة محدودة بزمن معين، إذ تخلو هذه الشوارع بشكل شبه تام بعد الساعة الثامنة مساء”.

وتضيف:”قبل أسبوع، بدأت عمليات تمشيط في الريف الغربي لحمص، وهي منطقة تتميز بتنوع ديمغرافي كبير يشمل قرى علوية وشيعية ومراشدة ومسيحية وسنية. انطلقت هذه الحملات بشكل واسع في قرى عدة، من بينها جبورين والغور وغيرهما، والتي شهدت للأسف انتهاكات واسعة وصلت إلى حد توثيق حالات قتل”.

الوضع انفجر مع امتداد حملات التمشيط إلى قرى فاحل وشين ومريمين، بحسب الناشطة التي تقول: “شهدت هذه القرى انتهاكات واسعة. سجلت قرية فاحل أعلى عدد من القتلى حتى الآن، إذ تم توثيق اسم 16 قتيلاً، في حين بقي مصير 7 أشخاص آخرين أوقفهم مجهولون. هذا الغموض يثير مخاوف كبيرة، بخاصة أن 15 ممن قُتلوا كانوا اعتُقلوا في البداية، ثم تبيّن لأهاليهم لاحقاً أنهم قُتلوا علماً أن قرى أخرى محيطة بفاحل شهدت اعتقالات أيضاً من القبو وفلة والشرقلية وغيرها”.

تتابع الناشطة: “دخلت الهيئة إلى قريتي شين ومريمين، حيث ارتكبت انتهاكات واسعة النطاق أيضاً، تتضمن سرقات وإهانات وضرب وإساءات طائفية طاولت معظم الطوائف، بخاصة أبناء الطائفة المرشدية، ما أدى إلى تصاعد حالة الغضب، وأسفر عن تحركات وتظاهرات نظّمها أفراد من الطائفة في دمشق وريف حماة والريف الحمصي واللاذقية.”

تعرّض شبان في قريتي شين ومريمين للضرب المبرح وغير المبرر، وسُجلت حالات اعتداء على أطفال يافعين دون سن الـ15، وطاولت الإهانات الطائفة المرشدية والعلوية بشكل مباشر، ما زاد من حالة التوتر والغضب. وعلى الرغم من أن القرى المسيحية شهدت وضعاً أفضل نسبياً، إلا أن هذه الانتهاكات ساهمت بشكل كبير في تصاعد حدة الأمور في المنطقة أدت الى وصول محافظ حمص وقائد شرطتها الى مريمين لمتابعة الموضوع.

من الذي قام بالانتهاكات؟

مع تطور الأحداث وانتشار فيديوهات التصفية في بلدة فاحل، خرجت أصوات مؤيدة للحكومة الجديدة تنفي قيام عناصر تابعين لإدارة العمليات العسكرية بعمليات التصفية.

منذ يومين، نشرت وكالة سانا الرسمية خبراً عن قرية مريمين وعن الانتهاكات التي حصلت فيها، وأكدت تدخل الجهات الأمنية، لكنها في الوقت ذاته لم تصدر أي خبر عما حصل في فاحل لا بل نشرت خبراً تكذب فيه “الإعدامات الميدانية”.

رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، قال لـ “درج” إن من قام بالانتهاكات هم: “فصائل محلية وفصائل تعمل تحت إدارة العمليات العسكرية، وحصل المرصد السوري لحقوق الإنسان، على أشرطة مصورة لعمليات إعدام بحق مواطنين على يد مسلحين محليين في ريف حمص”.

يضيف رامي عبد الرحمن: “كما أكدت مصادر المرصد أن مسلحين محليين من الأكثرية العقائدية في سوريا يقومون بعمليات انتقامية، وتصفية حسابات قديمة ضد أبناء مكونات عقائدية مختلفة، من دون الرجوع الى القانون، مستندين إلى حالة الفوضى وانتشار السلاح، وتقرّبهم من إدارة العمليات العسكرية”.

وهذا ما أكده الكاتب والناشط السياسي يامن حسين الذي قال لـ “درج”: “في بعض الأحيان، تكون هذه المجموعات نفسها تتمتع بنفوذ يسمح لها باستخدام كلمات سر على الحواجز، ما يشير إلى أنها جزء من سلطة الأمن العام التي تضم فصائل عدة”.

وفي محاولة لاحتواء الأزمة، زار محافظ حمص وقائد الشرطة قرية مريمين، وأعلنا أن الفصائل المسؤولة عن هذه الانتهاكات هي فصائل “منفلتة”، متعهدّين بمحاسبتها، لكن لم يصدر أي بيان للآن بشأن ما حصل في فاحل.

عن تبرير قتل الضباط والعسكريين من دون محاكمة

لاحقاً، أصدرت “مجموعة السلم الأهلي في سوريا- حمص” قائمة بأسماء قتلى فاحل، والذين تبين أنهم عناصر كانوا يتبعون للنظام السابق، بينهم ضباط متقاعدون وضباط سابقون ومجندون. وبحسب مصادر “مجموعة السلم الأهلي” وهي “مبادرة مجتمعية تم تأسيسها بعد سقوط نظام الأسد لضمان تعزيز السلم الأهلي في مدينة حمص، وبناء جسور التواصل بين جميع مكونات المجتمع الحمصي بمختلف أطيافهم”، تم توقيف 58 شخصاً معظمهم يحمل بطاقة تسوية، وهي بطاقات تمنح للعسكريين السابقين في جيش النظام بعد من قبل السلطات الجديدة، تشير إلى أنهم سلموا سلاحهم.

لكن استمرار تضارب الأحداث أثار تساؤلات عما حدث، إذ تقول الناشطة نفسها التي تواصلنا معها من حمص: “إن قطع الاتصالات عن هذه المناطق وما حدث فيها والغموض الذي لفَّ الأيام الماضية، ذلك كله أثّر على المدينة بالكامل وأدى إلى توتر واسع في معظم أنحاء سوريا”.

الانتهاكات الصادمة رآها البعض أشبه بإعادة تدوير لانتهاكات النظام السابق لكن ماختلاف موازين القوى، وتبرير الانتهاكات حتى لو كانت بحق ضباط تمت تسوية وضعهم، يطرح تساؤلات حول حقيقة جهود العدالة الانتقاليّة التي ما زال موقف الإدارة الجديدة منها غامضاً مع غياب وجود أي استراتيجية واضحة، والاكتفاء بـ”التسويات”.

ما حدث يطرح أسئلة حول إن كان ما يحدث هو أمر ممنهج، وحول هذا قال يامن حسين: “لا يبدو أن هناك سياسة ممنهجة في الانتهاكات التي وقعت، ولكن هناك تعمية واضحة على الأحداث. فعلى سبيل المثال، عندما تقع انتهاكات مثل الخطف ويتم الإفراج عن الضحايا، لا تُحاسب الهيئة المجموعة التي قامت بالخطف”.

وبحسب يامن، حاولت مجموعة السلم الأهلي مراراً تتبع نمط محدد لهذه الانتهاكات لكن من دون جدوى. فخلال عمليات التمشيط في حمص، كانت هناك مجموعات تحمل إشارات صفراء أو خضراء أو حمراء، وأحياناً يكون سلوك هذه المجموعات جيداً وأحياناً أخرى سيئاً، ما جعل السلوك يعتمد على هوية الشخص أو المجموعة المعنية وليس على سياسة واضحة.

على رغم إعلان إدارة العمليات العسكرية نيتها ضبط الوضع وحماية المدنيين، فإن أحداث ريف حمص الغربي تثير الشكوك حول قدرتها على تحقيق ذلك. وهو ما يجيب عنه يامن: “الهيئة غير قادرة على ضبط عناصرها بشكل فعال، ولا تملك القدرة على السيطرة على العناصر الأخرى. فعندما تحدث انتهاكات، لا تتمكن الهيئة من مواجهة المسؤولين عنها بشكل جازم. في بعض الحالات، يُحرر المخطوفون من قبضة هذه المجموعات، لكنهم يتجنبون محاسبة الأشخاص الذين كانوا وراء هذه الانتهاكات. هذا الصمت والتكتم يعكسان العجز عن اتخاذ إجراءات حقيقية ضد هذه الممارسات، ويزيد من صعوبة محاسبة المسؤولين عنها”.

الناس خائفون من كشف ما حصل!

السمة الأساسية لما يحدث اليوم، أن معظم من تعرضوا لانتهاكات يخشون التحدث عنها. وحاول “درج” التواصل مع أكثر من شخص تعرضوا لانتهاكات لكنهم لم يتجاوبوا، وحول هذه الحالة يقول يامن: “في إحدى الحالات، تعرّض رجل مسن لضرب مبرح لكنه رفض التحدث عما حدث، خوفاً من ردود الفعل أو من أن يتم تكذيب روايته. هذا الخوف المنتشر بين الناس يعكس حالة الرعب التي يعيشونها، ويجعل توثيق الانتهاكات أكثر صعوبة”.

منذ سيطرة إدارة العمليات العسكرية على معظم المناطق السورية، ساد استقرار نسبي في غالبية المناطق، مع تصنيف أي انتهاك كحالة فردية. لكن حمص وريفها شكّلا استثناءً بسبب تاريخهما الطويل مع مجازر نظام الأسد وانتهاكاته، فضلاً عن التنوع الطائفي والانقسامات المتفاقمة على مدار السنوات الماضية، ما زاد من عمق الشرخ في المدينة.

يقول يامن: “منذ عام 2011، عانت مدينة حمص من تفخيخ طائفي جعلها مسرحاً لانتهاكات ارتُكبت باسم النظام السوري على يد الشبيحة، وباسم الثورة من أطراف أخرى. كما شهدت المدينة موجة هائلة من عمليات الخطف في عامي 2011 و2012، تلاها ارتكاب مجازر مروعة مثل مجازر السبيل، الزهرة، وكرم الزيتون”.

يتابع يامن: “هذا الواقع زاد من التوتر الطائفي الذي كان قائماً أساساً، بخاصة مع التوزيع الديمغرافي المعقّد الذي خلق نقاط تماس عديدة في المدينة. ومع غياب الحلول لهذه التوترات، يبقى العبء الأكبر دائماً على الطرف الأضعف، وفقاً لمن يكون الطرف المسيطر في كل مرحلة من الصراع”.

إلى الآن، لم تُعرف الفصائل المشاركة في الانتهاكات، وبحسب يامن: “لا يوجد وضوح كامل بشأن الفصائل الموجودة في حمص، لكن من المعروف أن هناك تشكيلات عسكرية عدة تشارك في الصراع، من بينها جيش العزة، والجيش الوطني، وهيئة تحرير الشام، بالإضافة إلى مجموعات أخرى قد انضوت أو ستنضم إلى هذه الفصائل في فترات مختلفة. الوضع العسكري في حمص يشهد تغيّرات مستمرة مع انتقال الفصائل والتحالفات بين الأطراف المختلفة، ما يجعل من الصعب تحديد القوى المسيطرة أو المتحكمة بشكل ثابت”.

حملات إلكترونية وإساءة توظيف الحقائق

التبريات الشعبوية التي تم تداولها حول قتل هؤلاء ضباط من الجيش السوري بسبب مشاركتهم في جرائم النظام السابق، يقوض مسار العدالة الذي طالب به السوريون منذ 13 عاماً، ويعمق الاحتقان الطائفي في المنطقة، ناهيك بحملات وسائل التواصل الاجتماعي التي استغلت منصات تدقيق المعلومات كـ”تأكّد” واتهامها بـ”تبرير عمليات القتل خارج القانون”، الاتهام الذي أدانته ورفضته المنصة بشدة.

أصبح الحديث عن أي انتهاكات يرتكبها عناصر تابعون لإدارة العمليات العسكرية أمراً صعباً اليوم، سواء بسبب هجوم المؤيدين للحكومة الجديدة أو بسبب التعمية عمّا يحدث، ما يعيد إلى أذهان السوريين ممارسات عهد النظام السابق.

يقول يامن: “هذا يعكس الانقسامات العميقة والتوترات المستمرة في المدينة، حيث يبدو أن هناك من يعارض حتى محاولات التوثيق أو الحديث عن الانتهاكات… الوضع الأهلي في حمص شديد التشنج والانقسام، ومن الممكن أن تتطور الأمور بشكل سلبي، ولا بد من تحرك عاجل يمنع الانقسامات الأهلية، فهي بالأساس تماسكات هشة”.

 درج

—————————–

اعتقال وترهيب.. كيف أحكم ماهر الأسد سيطرته على سوق المحروقات في سوريا؟/ محمود عبد اللطيف

28-يناير-2025

في تموز/يوليو 2023، أتى حريق ضخم على مستودعات للمحروقات في منطقة السومرية على مشارف العاصمة دمشق. دفع هذا الحريق باللواء غسان بلال، الذي كان يشغل منصب رئيس مكتب أمن الفرقة الرابعة، إلى تغيير سياسة تجارة المحروقات في العاصمة بوصفه القائم على أعمال التهريب الخاصة بماهر الأسد، قائد الفرقة الرابعة.

وبحسب المعلومات التي جرى تداولها آنذاك، فإن الحريق كان مفتعلًا لإخفاء حجم السرقات التي نفذها المشرفون على تجارة المحروقات قبل أن يكتشف بلال أمرهم. وقد ازدادت سرية العمل في بيع المحروقات بالسوق السوداء فيما بعد، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار.

وكان الباعة الذين يحصلون على كميات قليلة من البنزين والمازوت والغاز المنزلي يخافون، في ذلك الوقت، من سلطات النظام على الرغم من أنهم يحصلون على بضاعتهم من تجار مرتبطين بالفرقة الرابعة نفسها. والمفارقة أن غالبية الدوريات التي كانت تعمل على ضبط المحروقات هي تابعة لـ”أمن الرابعة”، وهو ليس جهازًا أمنيًا معترفًا به من قِبل الحكومة السورية، ومن المفترض أنه الجهاز الأمني الخاص بالفرقة التي كان يقودها ماهر الأسد، وتعتبر ذراعه الضاربة للتحكم في الأسواق.

وتمتع هذا الجهاز بصلاحيات واسعة، حيث كان قادرًا على اعتقال دوريات من الجمارك، والأمن السياسي، وشرطة المرور، وغيرهم كما يقول أحد المصادر، مضيفًا أن هؤلاء لم يكن يُطلق سراحهم إلى أن يتدخل الوزير المسؤول عنهم لدى ماهر الأسد بصفة شخصية، مشيرًا إلى أن كل ما يتم مصادرته من المهربات يعود إلى المستودعات، ويتم بيعها لتجار الجملة مجددًا.

هكذا كان ماهر الأسد يمسك بسوق المحروقات، وهو سوق كان الخوف العامل الأساسي الذي يحكمه، فمن يحمل عبوة بسعة 9 ليترات ليؤمّن قدرة سيارته على الحركة، كان يلتفت حوله وكأنه يحمل نوعًا من الممنوعات الخطرة، والأمر نفسه بالنسبة إلى من يحمل “غالون” من المازوت لتدفئة منزله.

وكان السوق يستفيد من تقنين بيع المحروقات عبر البطاقة الذكية، التي تسمح لأصحاب السيارات الخاصة بمرتين أو ثلاث مرات تعبئة شهريًا، وكذلك بالنسبة لأصحاب سيارات النقل العمومي “تاكسي”. ولأن الأخيرة كانت بحاجة إلى البنزين بشكل يومي، وفي ظل منعها من الحصول عليه من خلال محطات “أوكتان 95″، بات أصحابها من الزبائن الدائمين في السوق السوداء.

تجارة رابحة

في حديثه لموقع “الترا صوت”، قال أحد العناصر السابقين في “الفرقة الرابعة”، وقد تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته: “كانت لدينا تعليمات مشددة بخصوص عبور أي كمية من المحروقات من لبنان لبيعها في الأسواق من قبل المهربين. كنا نقوم بمصادرة هذه الكميات واعتقال المهرب وتسليمه لـ(مكتب أمن الرابعة)، الذي كان يوقفه لأسبوع أو 10 أيام قبل إطلاق سراحه بعد تعريضه للضرب والتحقيق بهدف خلق حالة من الخوف لديه تمنعه من الحديث عن اعتقاله أساسًا. يكتفي المكتب بمصادرة المهربات ونقلها إلى المستودعات التي كانت تحت إشراف مباشر من قبل قائد أمن الرابعة غسان إسماعيل، والأمر لا يقتصر على المحروقات وحسب، بل كان يشمل كذلك المواد الغذائية والأجهزة الإلكترونية وخاصةً الهواتف. كان مهربو هذه المواد يعملون بالطريقة ذاتها، ولم يكن مهمًا حجم المهربات سواء كانت جهازي هاتف، أو عبوتين بنزين فقط. كان يتم تحويل كل شيء إلى الحاجز”.

ويضيف العنصر، الذي يفضل أن يتم التعريف به باسم “أبو محمد”، قائلًا: “في بعض الأحيان، كنا نحس بنوع من التعاطف مع المهرب إذا كان يحمل كميات قليلة من المهربات، لكن الخشية من (كتبة التقارير)، هي التي كانت تجبرنا على اتخاذ الإجراءات التي يفرضها مكتب أمن الرابعة الذي كان يستمد سطوته وقوته من كونه تابعًا لماهر الأسد بشكل مباشر، وأي عنصر على الحاجز كان يقول لنفسه إنه سيكون هو المعتقل والمتهم بالشراكة في حال قرر أن يسمح للمهرب بالمرور”.

الإجراءات كانت تطبق بحق المدنيين غالبًا. مع ذلك، وقع عدد قليل من العسكريين في مشكلة مع مكتب “أمن الرابعة”، إذ يقول حمزة لـ”الترا صوت”: “كنت وأخي المتطوع في الأمن العسكري نعمل على نقل البنزين من منطقة (جديدة يابوس)، أو من (الديماس)، على دراجتين ناريتين. كان عناصر الحاجز غالبًا ما يقومون بتركنا نعبر لكونهم يعتبرون أنهم شركاؤنا في الفقر، إذ إن العمل في المؤسسات العسكرية والأمنية كان يقيّد الواحد منهم براتبه الشهري الذي وصل في آخر أيام النظام إلى 350 – 450 ألف ليرة سورية (22 – 32 دولارًا في ذلك الوقت)”.

وأضاف: “لأننا لا نملك رفاهية الوقت الذي يسمح لنا بالعمل الإضافي كما حال الموظفين المدنيين، كنا نضطر للعمل بالتهريب، إلى أن تم اعتقالي من قبل دورية تابعة لـ(أمن الرابعة) في منطقة السومرية التي كنت أبيع فيها ما أنقله من محروقات. وفي داخل المكتب، وبعد التعرض للتعذيب، كانت الجمل التي أسمعها، مثل (عم تخرب اقتصاد الوطن) أو “إنتو أوسخ من الإرهابيين”، تثير رعبي مما ستنتهي إليه الأمور فيما لو تم نقلي إلى القضاء العسكري، لكن حين تم إطلاق سراحي مقابل مصادرة كمية الـ60 لترًا التي كنت أعرضها للبيع بعد نقلها من منطقة الديماس، اعتبرت إن خسارتي المادية هي الفدية التي كسبت فيها نفسي”.

يقول ماجد المصطفى، الذي ظل يغامر بتهريب كميات قليلة من البنزين من منطقة الديماس ليعيل أسرته الصغيرة، إنه كان يشعر بأنه يبيع “أفيونًا” وليس بنزينًا. ويقول لـ”الترا صوت”: “مرت فترات طويلة وأنا أخشى نقل البنزين على دراجتي النارية من الديماس إلى دمشق وكأنني أنقل المخدرات”. ويتابع ساخرًا: “لو أنني نقلت المخدرات بشكل فعلي لكان الأمر أسهل من الوقوع بيد “أمن الرابعة”، أو أي فرع أمني كان سيحملني مسؤولية الفشل الاقتصادي في كل سوريا. اليوم، أحس فعليًا أنني أبيع المحروقات وليس أي مادة ممنوعة أو محرمة أو تؤذي الناس”.

ويضيف الشاب الثلاثيني قائلًا: “كنا نغامر بحياتنا وعوائلنا في بيع المحروقات خارج منظومة أمن الرابعة التي تسيطر على السوق للحصول على هوامش ربح معقولة تمكننا من الحياة بشكل لائق. لو أنني تعاملت مع أي من تجار المحروقات المرتبطين بالفرقة التي كان يسيطر عليها ماهر الأسد، لربحت ربع ما أربحه بالعادة، وذلك لأن هؤلاء التجار لا يقبلون بأقل من أن يكون الجزء الأكبر من الأرباح لهم، على الرغم من أن الوقوف على الطرقات والتعرض المحتمل للاعتقال من قبل السلطات الأمنية، أو حتى من دوريات أمن الرابعة أنفسهم، ستعني خسارة مادية ومعنوية كبيرة للبائع، لكن الأمر غالبًا ما كان تنتهي مناقشته مع التاجر بالقول: (السعر مو من عندي)”.

الرابعة تكافح التهريب؟

يؤكد العامل في محطة لبيع المحروقات في مدينة دمشق، علي العلي، أن العمل بالبطاقة الذكية التي كان قد أقرها النظام المخلوع للحصول على المحروقات، توقف منذ اليوم الأول لسقوطه. وفي اليوم التالي، توافرت في كامل المحطات العاملة كميات من البنزين تباع للناس بسعر يحدد من قبل وزارة النفط ووزارة التجارة الداخلية في كل يوم على حدة تقريبًا، لكن هناك استقرار نسبي في السعر بين 20 – 21 ألف للتر البنزين الواحد”.

ويشرح الرجل الذي يقترب من العقد الخامس من العمر في حديثه لـ”الترا صوت”: “لا أعرف على وجه التحديد مصدر المحروقات التي توزع على المحطات، لكنها ممتازة وسليمة، ويبدو أنها مستوردة ويتم نقلها من إدلب التي تشهد وفرة في المحروقات منذ سنوات، لكن ما يهم اليوم هو الارتياح الكبير والاستقرار الذي تشهده الأسواق بسبب توافر المحروقات، وهذا ما هو مهم بالنسبة للسكان”.

بدروها، تقول بدور الأسعد لـ”الترا صوت” إنها كانت تتجنب التوجه إلى محطات البنزين والوقوف الطويل في طابور الانتظار للحصول على كمية البنزين المخصصة لها عبر “البطاقة الذكية”، وكانت تلجأ إلى دفع أحد أشقائها للتوجه إلى المحطة. وغالبًا ما كان شقيقها يقوم بدفع مبلغ مالي بين 5000 – 10000 ليرة سورية (35 – 70 سنتًا أميركيًا)، لمن تخصصهم وزارة الداخلية من العناصر بهدف تنظيم “الدور” على المحطات لكي يقوم بمنحه دور أحد غيره، وقد وصل الأمر في آخر أيام النظام إلى 50 ألف ليرة سورية (3.3 دولار أميركي)، كرشوة لتجاوز الطابور.

وتضيف: “بعد سقوط النظام وتوافر المحروقات لم أعد أجد مانعًا من المرور بشكل شخصي إلى المحطة، ولم أعد أحتاج لدفع أي مبلغ لتجاوز الطابور، وأعتقد أن توافر المحروقات في الأسواق بهذه الكميات كشف كذب نظام الأسد المستمر في هذا الخصوص لأنها كانت واحدة من مصادر ضخ المال إلى خزائنه، أو إنه كان صادقًا بالفعل في صعوبة الوصول للمحروقات لأنها كانت ورقة ضغط من قبل من اختارهم كحلفاء ليبتزونه بين الحين والآخر”.

من جهته، يقول محمد أبو صالح الذي يبيع المحروقات، بنزين ومازوت وغاز منزلي، عبر بسطة على أوتوستراد المزة، إن السلطات الحالية لا تتعرض لهذا النوع من العمل نهائيًا: “اليوم نحن نساعد على توفير المادة في الأسواق بكميات كبيرة، وفي أوائل أيام السقوط كان هناك باعة لبنانيون، يأتون محملين بمادة البنزين بالاستفادة من عدم وجود رقابة على الحدود لبيع ما ينقلوه من بلدهم في العاصمة السورية”.

ويقول صاحب الـ45 عامًا: “كنت أعاني من قلة الدخل حتى سقوط النظام، أعمل في سوق الهال على بسطة لبيع الخضار في سوق الحرامية، وبعد السقوط استدنت من أحد أقاربي مبلغ 5 ملايين لأعمل في بيع البنزين. اليوم سددت المبلغ وأستطيع أن أعيل أسرتي، ولو أنني فكرت بالأمر قبل سقوط النظام لوجدت صعوبة كبيرة في تأمين المبلغ ذاته، وذلك لأن لا أحد سيقوم بإعطائي مبلغًا للمغامرة ببيع المحروقات واحتمال الاعتقال في أي لحظة موجود، ولكن ما أخشاه أن يكون هناك قانون يمنع تجارة هذه المواد على الطرقات العامة لاحقًا، إن طلب مني عدم الوقوف هنا ربما أتجه للوقوف على الطرقات التي تربط بين المحافظات لتأمين المحروقات للسيارات التي قد تحتاجها، لكن إن عاد الأمر وأصبح ممنوعًا سأعود للعمل في سوق الهال وبالتالي الحاجة مرة أخرى”.

خجل من التسعيرة

أحمد الحسن، سائق تاكسي يعمل في العاصمة السورية، يقول في حديثه لـ”الترا صوت”: “وصلت في مراحل عدة إلى مرحلة الخجل من طلب الأجرة المناسبة من الراكب بسبب ارتفاعها، فكيف لي أن أقول لمواطن إن رحلة تمتد على مسافة 15 كم إلى خارج العاصمة ستكلفه 120 ألف ليرة سورية (10 دولارات)، وأنا أعرف أنها ثلث راتب الموظف في أي مؤسسة حكومية؟ لكن ارتفاع أسعار المحروقات والحصول عليها من السوق السوداء بأسعار مرتفعة وصلت لـ 30 ألف ليرة سورية لكل ليتر (2 دولار أميركي)، كان يجبرنا على رفع أسعار النقل، فلا خيار لدينا في ذلك الوقت”.

ويشرح الشاب، الذي يحمل إجازة في الحقوق دون الاستفادة منها إلى الآن، بالقول: “كان البحث عن بنزين من المسائل الخطرة نسبيًا، مثلًا حينما كنت أتصل بمن يؤمن لي المادة من السوق السوداء لم أكن استخدم كلمة (بنزين)، عبر الهاتف، بل أقول له مثلًا (عندك مي؟)، أو أقول بشكل مباشر (رح تقطعني السيارة وين صف؟)، فيكون جوابه رمزيًا أيضًا: (تعا شراب قهوة)، بمعنى تعال البنزين متوفر. أو (عندي ضيوف اصبر شوي)، أي إنه لا يملك أي كمية من البنزين وعليّ الانتظار”.

وأضاف: “حافلات النقل العامة الصغيرة التي كانت تعمل في دمشق لم تكن أفضل حالًا، فالحصول على أي كمية من المازوت، خارج مخصصات البطاقة الذكية، والتي باتت محكومة في الفترة الأخيرة من حياة النظام بنظام المراقبة جي بي إس، كان يعد من المسائل الصعبة”.

ويقول نورس خليل الذي يعمل على أحد خطوط النقل في دمشق، في حديثه لـ “الترا صوت”، إنه لم يكن يسمح لهم بمغادرة الخط إذا أرادوا الحصول على الوقود في نهاية النهار، إذ إن: “مسار الحافلة محكوم بما حدد لها، لكن أغلب أصحاب الحافلات (السرافيس) يتعاقدون مع المدارس والروضات، وأحيانًا مع سكان من منطقتهم لنقل الأطفال إلى المدارس، وبالتالي لدينا مسارات خارج الخط المخصص لنا، ولن نحصل على الوقود، ما يجبرنا على شراء المازوت من السوق السوداء، وغالبًا ما يكون التجار صغارًا كانوا أم موردين، من المرتبطين بـ(أمن الرابعة)، أو بعض العسكريين الذين يغامرون في بيع المازوت، مقابل 17 ألف ليرة لليتر الواحد (1.2) دولار أميركي، وهذا ما ينعكس سلبًا على عملنا، إذ نضطر إلى العمل في الليل بأجر مضاعف لنقل الركاب، ونخالف التسعيرة. لكن الناس لم يشتكوا من الأمر لسببين، الأول معرفتهم بأننا نحصل على الوقود من السوق السوداء، والثاني حاجتهم لاستمرارنا بالعمل لتأمين تنقلهم قدر الإمكان”.

يذهب عباس الفرج إلى أبعد من ذلك في حديثه لـ”الترا صوت”، حيث يقول: “أعمل على سيارة لنقل الخضار من ريف دمشق الجنوبي الغربي باتجاه السوق المركزي في منطقة الزبلطاني شرق العاصمة دمشق. كانت أسعار النقل مرتفعة لعدة أسباب، منها أننا كأصحاب سيارات شحن لم نكن مخصصين بكميات كافية من الوقود لنقل الخضار بشكل يومي، وبالتالي نحتاج للحصول على المادة من الأسواق القريبة مننا، وهذه الأسواق كانت تغذى بالمحروقات من قبل بعض الضباط الفاسدين في زمن النظام، إذ يقومون ببيع مخصصات التدفئة والنقل التي تقدم من إدارة المحروقات في الجيش زمن النظام للقطعات العسكرية”.

ويضيف: “حينما تحصل على المحروقات بسعر غال، مع اضطرار دفع مبالغ مالية للحواجز لتسهيل المرور، تصل الخضار وقد زاد سعرها الحقيقي أضعافًا، وسيتم نقلها مرة أخرى من السوق إلى المحال التجارية، وبالتالي زيادة على أسعارها. وعلى سبيل المثال، لو أن سعر الكيلو غرام من أي مادة في المزارع يبلغ دولارًا واحدًا، فإنه سيباع في سوق الجملة بما يعادل ثلاث دولارات، وسيصل لاحقًا إلى المواطن بسعر ما بين 4 – 5 دولار أميركي، وهذا ما تخلص منه المواطن بسقوط النظام، حيث باتت المحروقات متوفرة بسعر مقبول يصل لـ10 – 13 ألف ليرة، ولا يوجد حواجز تتقاضى رشاوى، المسألة باتت أهون علينا أيضًا، فنحن اليوم نعرف مصدر المحروقات التي نشتريها، إما مهربة من أسواق لبنان، أو من المحطات الرسمية”.

 الترا صوت

————————

=======================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى