سقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعصفحات الحوار

نص مقابلة الرئيس السوري أحمد الشرع مع مجلة “ذي إكونوميست”


نص لقاء الشرع مع المجلة البريطانية ذي إكونوميست
04 فبراير 2025

تنشر “المجلة” النص الحرفي لمقابلة الرئيس السوري أحمد الشرع مع رئيسة تحرير مجلة “ذي إيكونوميست”وفريقها في 31 يناير/كانون الثاني، ونشرت في موقع المجلة البريطانية مساء الاثنين 3 فبراير 2025، بموجب اتفاق تعاون بين المجلتين:

  • ربما يمكنك أن تبدأ بإعطائي فكرة عن رؤيتك لسوريا. أين تتوقع أن تكون البلاد بعد خمس سنوات؟

-بداية، خضعتسوريا لسيطرة النظام السابق لمدة 54 عاما، واجهت سوريا خلالها الكثير من الكوارث، وتراجعت مكانتها إقليميا على مستوى تنمية الموارد البشرية وعلى مستوى الاقتصاد، وأيضا على مستوى العلاقات السياسية مع دول الجوار. لقد كانت سوريا في السابق مصدر قلق لجميع دول الجوار. وفي الوقت نفسه، لم تكن تقوم بواجباتها الأساسية تجاه الشعب. كان أهم شيء بالنسبة للنظام السابق هو الحفاظ على السلطة واستخدام الأساليب الأمنية للبقاء في السلطة، بما في ذلك التعذيب كما رأيتم في سجن صيدنايا، واعتقال الناس وضربهم، وعندما ثار الشعب ضده استخدم الأسلحة الكيماوية والبراميل المتفجرة وغيرها من الأساليب.

عانى المجتمع السوري في ظل النظام السابق من انقسام اجتماعي واضح، حيث اعتمد النظام على فئة معينة لتعزيز سلطته على حساب الفئات الأخرى، مما جعل البلاد دائما على حافة حرب أهلية شاملة.

أما فيما يتعلق بالاقتصاد، فكل القطاعات الاقتصادية شبه مدمرة لأن النظام لم يعمل على بناء اقتصاد للبلد نفسه، بل كان يحاول سرقة ثروات البلد لجمع الأموال وتصديرها للخارج بطريقة غير شرعية.

لذلك، فإن السنوات الخمس المقبلة ستتركز على إعادة بناء الدولة وفق أسس حديثة ومتطورة. وستعمل على تعزيز العدالة والمشورة، وستقوم على مشاركة جميع شرائح المجتمع في إدارة البلاد. وستشهد السنوات الخمس القادمة الكثير من المحطات البارزة. ونأمل أن نتجاوز كل هذه الصعوبات والعقبات بطريقة سلسة، معولين على حكمة الشعب السوري والتسامح الذي يبديه جميع أطياف الشعب السوري.

على الصعيد السياسي والخارجي، كانت سوريا تعيش في عزلة كبيرة في عهد النظام السابق، وعلى مستوى الجوار، تسبب النظام في خلق مشاكل عديدة داخل لبنان، حيث تسبب في اغتيال معظم القادة السياسيين والشخصيات البارزة في لبنان، وهكذا لم يكن تدخله هناك صحيحا، وحين انسحب ترك وراءه “حزب الله” الذي سيطر على لبنان بطريقة سلبية حتى وصلت الأمور إلى حرب شاملة.

أما بالنسبة للأردن فقد كان النظام يستهدفه بتصدير المخدرات بشكل مباشر، وعندما يتعلق الأمر بالعراق، كانت هناك قطيعة طويلة في زمن صدام حسين، وبعد الوجود الأميركي- الاحتلال الأميركي للعراق- كانت سوريا في أيام النظام تصدر المشاكل للعراق. ولم تسلم تركيا من النظام السابق الذي تسبب لها في مشاكل كثيرة، وتأثرت دول الخليج بالوجود الإيراني في سوريا. كما تضررت الدول الأوروبية أيضا من النظام الذي كان يصدر البشر إليها. فقد كان يستخدم البشر لتحقيق مكاسب مالية، وكان يعتمد على الإتجار بالبشر والتهجير المتعمد للبشر إلى الدول الأوروبية.

وإذن، كما سمعتم، هناك الكثير من المشاكل في سوريا التي تحتاج إلى اتخاذ خطوات جادة وسريعة وفعالة. وأهم هذه الخطوات هي أن يكون الشعب السوري داخل البلاد موحدا، وهذا، والحق يقال، أهم رأسمال لدينا، والحمد لله أن هذا الأمر قد تحقق اليوم. وعلى الرغم من أننا دخلنا دمشق من خلال معركة عسكرية، فإن تلك المعركة اتسمت في معظمها بالرأفة والمسامحة. ومن هنا كان للطريقة التي دخلنا بها إلى دمشق الدور الأكبر في خلق السلم الأهلي في دمشق، على الرغم من وجود بعض الانتهاكات التي تحدث هنا وهناك، لكنها قليلة.

الأمر الآخر هو أن سوريا بحاجة إلى بناء اقتصاد قوي. ونحن اليوم نعمل على إعادة تأهيل الاقتصاد في البلاد. أيضا، التحدي الأمني لا يقل أهمية، خاصة فيما يتعلق بضبط انتشار السلاح. لقد أحرزنا تقدما كبيرا في هذا المجال، حيث أصبح السلاح تحت سيطرة الدولة باستثناء المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية والمناطق التي تحت نفوذ “حزب العمال الكردستاني” في شمال شرقي البلاد. ونحن نجري مفاوضات معهم، على أمل حل الأمور دون أي مواجهة.

في هذه الأثناء، عملنا خلال الفترة القصيرة الماضية على إعادة العلاقات بين سوريا والدول الإقليمية والدولية، ونجحنا بفضل الله في ذلك إلى حد كبير حتى الآن. إذن، إذا سارت الأمور على هذا النحو خلال السنوات الخمس القادمة، أعتقد أن المستقبل سيكون مشرقا أمامنا خلال هذه السنوات. ولكنني أعتقد أن أهم أمرين يمكن أن يزيدا من معاناة الشعب السوري هما: أولا العقوبات الأميركية التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على النظام السابق لأنه كان يقتل شعبه، وهذه العقوبات لا تزال قائمة. والأمر الآخر هو التقدم الإسرائيلي الأخير الذي يحتاج إلى حل. يتعين على إسرائيل التراجع، إذ إن استمرار هذا التقدم قد يؤدي إلى تصعيد خطير في المستقبل.

  • هل يمكنني أن أسأل إن كان ثمة قائد سياسي تعتبره قدوة لك؟ جورج واشنطن؟ محمد بن سلمان؟ من الذي تستلهم منه؟
  • السياق السوري فريد من نوعه، ولكل دولة تحدياتها الخاصة. يجب أن تنبع الحلول السياسية من الواقع على الأرض، مما يجعل من غير الحكمة إسقاط النماذج السياسية الأجنبية على الحالة السورية. لقد درستُ التاريخ، عبر السياقات العربية والدولية والإسلامية، ومن مختلف المناطق، شرقا وغربا، وشمالا وجنوبا. وسعينا إلى الاستفادة من الأحداث العالمية، لا سيما خلال القرن الماضي الذي شهد أحداثا جساما مثل الحربين العالميتين. كما أن المنطقة العربية مرت باضطرابات كبيرة، ما وفر لنا دروسا غنية يجب الاستفادة منها. التاريخ مليء بالعبر، ونحن نهدف إلى استخلاصها مع تطوير نهج مستقل للحكم، مدعوم بفهم تجارب الدول الأخرى. بالنسبة للقادة الذين ذكرتهم، فقد نجح كل منهم في إدارة بلده، ولكن السياق السوري يختلف جوهريا عن أي سياق آخر.
  • تحدثتم عن سوريا حديثة وشاملة للجميع، ولكن عندما شاهدت صور اجتماعكم قبل يومين، لم أشعر بأنكم كنتم شاملين. كنت ترتدي الزي العسكري، بحضور مجموعة من القادة العسكريين. وقد بدا الأمر، بصراحة، وكأنه انقلاب عسكري أكثر من كونه بداية لدولة ديمقراطية. هل فاتني شيء ما؟ لم يكن المشهد يوحي بأنه انطلاقة لدولة شاملة لجميع مكوناتها.

-الاجتماع كان لكل الفصائل الثورية التي ساهمت في إسقاط النظام. وكما تعلمون أن النظام لم يسقط بالسياسة، بل بمعركة عسكرية وبوسائل عسكرية لأنه أغلق الباب أمام كل الحلول السياسية التي طُرحت، وكان دائما سلبيا في اغتنام الفرص التي كانت تُعرض عليه إقليميا ودوليا. ونتيجة لذلك، لم يكن أمام الشعب أي خيار سوى العمل العسكري.

عندما سقط النظام من خلال العمل العسكري، كان هناك الكثير من المهتمين بالشأن السوري. تشاورنا مع عدد كبير من الأشخاص، بمن في ذلك مستشارون وخبراء قانونيون، وكما تعلمون، كان هناك فراغ في السلطة في سوريا خلال الشهرين الماضيين، وكان لا بد من ملء هذا الفراغ. وقد نصحنا الخبراء القانونيون بأن الأعراف الدولية تقول إن القوة التي حققت انتصار الثورة هي المؤهلة لاختيار الرئيس. وهنا، فإن القوى التي حققت النصر هي القوى العسكرية، لذلك سأكون متناغما هنا. كما أنني كنت قائدا للمعركة التي أدت إلى إسقاط النظام، لذلك يجب أن أكون منسجما مع هذا الوضع.

الاجتماع إذن كان إلى حد كبير لإدارة العمليات العسكرية والفصائل العسكرية التي ساهمت في إسقاط النظام، لذلك اخترت أن أكون منسجما معها في الأداء. على أن هذه ليست رسالة بأن البلاد ستدار من قبل العسكريين. بل هو مدخل للتوافق العسكري، لأن أحد التحديات الكبرى، كما ذكرت سابقا، هو أن يكون السلاح تحت سيطرة الدولة. وأن يتحقق ذلك من خلال التوافق فهو أمر جيد، لأنه يطمئن الشعب السوري بأن الفصائل التي تحمل السلاح اتفقت على رئاسة الدولة طواعية دون الدخول في مشاكل كبيرة. فكثير من الدول تصبح مهددة بالفوضى بعد انتصار الثورات بسبب اختلاف الفصائل العسكرية فيما بينها.

والحمد لله أن وعي الشعب السوري والوعي الثوري لدى هذه الفصائل دفعها للاجتماع والاتفاق على البنود المهمة التي ستبدأ بتحديد مستقبل سوريا وملء هذا الفراغ حتى تكون سوريا جاهزة لانتخابات حرة ونزيهة.

  • الليلة الماضية، وضعتم خارطة الطريق إلى الأمام، وقلتم إنه ستكون هناك حكومة انتقالية إلى حين إجراء انتخابات حرة ونزيهة. متى تتوقعون إجراء تلك الانتخابات، وهل ستتضمن انتخابات رئاسية؟

-الحمد لله، خطاب الأمس تم بالبدلة الرسمية وليس بالزي العسكري، لكن لعلك لم تلاحظ ذلك.

أولا، يجب أن نعرف أنه خلال الأربعة عشر عاما الماضية، ترك عدد كبير جدا من السوريين، نصف الشعب السوري تقريبا، تركوا البلاد وذهبوا إلى بلدان مختلفة. هؤلاء الأشخاص الذين غادروا، معظمهم لم يعد لهم أي تواصل قانوني مع بلدهم. هناك الكثير من الولادات والوفيات التي لم يتم تسجيلها في سجلات الدولة. وهناك أيضا أولئك الذين حصلوا على جنسيات جديدة وتخلوا عن جنسيتهم السورية، أو لم يعودوا يهتمون بها بسبب وجود النظام السابق آنذاك.

كما أن هناك مساحة شاسعة لا تزال خارج سيطرة الدولة السورية حتى الآن. وهي تحت سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وفيها عدد كبير من السكان. اليوم، ومنذ خمسة عشر عاما وحتى الآن، لا توجد إحصائيات دقيقة في سوريا. لا أحد يعرف العدد الإجمالي للسكان السوريين، ولا عدد الشباب، ولا عدد الأشخاص المؤهلين للمشاركة في الانتخابات. الكثير من البيانات مفقودة الآن، ولذا فإن أي انتخابات في الوقت الحالي لن تكون مبنية على أسس صحيحة وسليمة.

لذلك، لكي تتمكن سوريا من إجراء انتخابات حرة ونزيهة تتمتع بالمصداقية، فهي بحاجة إلى إجراء تعداد سكاني، وعودة المواطنين المقيمين في الخارج، وفتح السفارات، واستعادة التواصل القانوني مع الشعب، ناهيك عن أن الكثير من النازحين داخليا أو الموجودين في المخيمات في الدول المجاورة غير مسجلين أيضا لدى مفوضيات اللاجئين، وهذا يضيف طبقة أخرى من التحديات.

ولذلك، تحتاج هذه العملية إلى وقت، وقد سألت الخبراء، وقالوا إننا بحاجة إلى ما لا يقل عن ثلاث إلى أربع سنوات لإتمام هذه العملية. ولكننا نعمل، في الوقت نفسه على تطوير قانون للانتخابات، إلى جانب كتابة الدستور والقوانين التي ستنظم البلاد. نحن نعمل عليها بدقة وبالتشاور مع الخبراء والأمم المتحدة أيضا. وبالتالي، عندما تصبح هذه الأمور جاهزة، ستكون لدينا انتخابات تتسم بالنزاهة.

  • وهل ستكون هناك انتخابات للرئاسة؟
  • بالطبع.
  • وهل ستتمكن الأحزاب السياسية من المنافسة في هذه الانتخابات؟
  • هذا ليس أمرا أقرره أنا، هناك لجنة دستورية ستعمل على صياغة الدستور. وهي تضم خبراء موثوقين من ذوي الكفاءة العالية. وهم من سيحددون قانون الأحزاب، ومن سيؤسس الحزب، ومن يمكنه المشاركة في الانتخابات. كل هذا سيتم وفقا للقوانين، ودوري في هذه الفترة هو تنفيذ القانون الذي ستتم صياغته.
  • هل يمكنني أن أبسط السؤال؟ هل ستصبح سوريا ديمقراطية؟ لا أعتقد أنني سمعتك تستخدم هذه الكلمة قط.
  • في منطقتنا، هناك تعريفات مختلفة للديمقراطية. إذا كانت الديمقراطية تعني أن الشعب هو من يقرر من سيحكمه ومن يمثله في البرلمان، فنعم سوريا تسير في هذا الاتجاه.
  • أرى أن الأمر سيستغرق، كما تقول، عدة سنوات لصياغة دستور جديد. في هذه الأثناء، هل سيستند النظام القانوني والمحاكم إلى القانون المدني، أم ستكون الشريعة الإسلامية؟
  • أولا، خلال هذه المرحلة، سيتم إصدار إعلان دستوري يحدد هوية الدولة وطبيعة نظامها المستقبلي، إضافة إلى القواعد الأساسية لتنظيم شؤون الحكم والقضاء. لا يمكننا إلغاء كل القوانين السابقة دفعة واحدة لأن هناك الكثير من القضايا المفتوحة. هناك أكثر من 150 ألف قضية مفتوحة في المحاكم، لذلك لا يمكننا إلغاؤها حتى يتم وضع قانون جديد. ولكن من خلال الخبراء واللجان المتخصصة في القوانين القضائية سيجري اقتراح قوانين جديدة واستبدال القوانين القديمة التي لا تتماشى مع الوضع السوري. وسيعرض أي قانون قبل إصداره على الجمعية البرلمانية المؤقتة التي ستصوت على إقراره أو رفضه. وبالإضافة إلى ذلك، هناك مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الدستورية العليا، لذلك هناك إجراء قانوني لتمرير أي قانون في البلاد. فهي ليست عملية ارتجالية، ولا يملك الرئيس سلطة القول إنني أريد تمرير هذا القانون أو ذاك، بل ستخضع العملية للقوانين العامة والمبادئ التوجيهية الشاملة التي سيجري تحديدها في الإعلان الدستوري.
  • إذن من الممكن أن تكون الشريعة الإسلامية؟
  • هذا أمر متروك للخبراء ليقرروه. إذا وافقوا عليه، فدوري هو تطبيقه، وإذا لم يوافقوا عليه، فدوري هو تطبيق قرارهم أيضا.
  • سبب سؤالي هو أن هناك قلقا من قبل البعض في سوريا وبالتأكيد خارجها من أنكم ستتبنون الحكم الإسلامي المحافظ، وأنه لن يكون هناك دور للمرأة، على سبيل المثال. هل ستكون المرأة في مواقع سلطة حقيقية في حكومتكم؟ مناصب حقيقية في السلطة الحقيقية، وليس مجرد مناصب رمزية؟ هل ستكون هناك نساء ذوات سلطة حقيقية؟
  • أولا، تلعب المرأة دورا في النظام الإسلامي. من يقول إن النظام الإسلامي المحافظ لا يسمح بدور للمرأة لديه سوء فهم للإسلام. طبعا المرأة هي نصف المجتمع تقريبا، وغالبية الموارد البشرية في الجامعات الآن من النساء، وسوق العمل سوق عمل واسع للمرأة. المرأة السورية تعمل بالفعل، فإذا أرادت المرأة أن تعمل فسوق العمل مفتوح أمامها.
  • هل ستكون زوجتك سيدة سوريا الأولى؟
  • جرت العادة أن زوجة الرئيس تشغل هذا المنصب تلقائيا. لذا، بالطبع، إذا كان هناك منصب يسمى “السيدة الأولى”، فلن تشغله امرأة بالتعيين من الشارع يتم توظيفها لشغله. ومع ذلك فإن فهمنا للسيدة الأولى هو أنها خادمة للمجتمع، وليست سيدة في مستوى أعلى من أبناء المجتمع.
  • أمضيت في سوريا خمسة أيام، وقد تحدثت إلى الكثير من الناس. أحد المخاوف التي سمعتها مرارا من رجال الأعمال، ومن كثير من الناس، هو أنكم تركزون الكثير من السيطرة، وأنكم تحاولون إدارة سوريا كما كنتم تديرون إدلب. هل هذا انتقاد عادل؟ وكيف ستقومون بتوسيع مجموعة الأشخاص الذين يديرون البلاد؟
  • بداية، كان في إدلب أناس من كل الطوائف السورية، كانت إدلب مكانا نزح إليه معظم الشعب السوري. في المرحلة الأولى، ولتفادي انهيار الدولة، اعتمدنا في المرحلة الأولى على الفريق الكبير الذي كان لدينا في إدلب. لم أدخل بالقوة العسكرية فقط. دخلت بقوة مدنية تضم أناسا يعملون في الصرف الصحي والتعليم العالي والتربية والصحة والرياضة وكل جوانب الحياة الأخرى.
  • هل ستوسع دائرة القيادة؟ هل ستضم أفرادا من خارج “هيئة تحرير الشام”، نظرا لأن معظم الشخصيات البارزة حاليا من إدلب؟

-كان منع انهيار مؤسسات الدولة أولويتنا في المرحلة الأولى، لذلك تولينا إدارتها عبر الحكومة التي جرى إعدادها في إدلب. وخصصنا لها فترة ثلاثة أشهر لجمع البيانات والتواصل مع مختلف الفئات. وبمجرد انتهاء هذه الفترة، سيتم تشكيل حكومة أكثر شمولا وتنوعا، تضمن تمثيل جميع مكونات المجتمع. ومع ذلك، ستكون عملية الاختيار قائمة بشكل صارم على الجدارة والكفاءة، وليس على العرق أو الدين.

  • هذا قريب جدا. ثلاثة أشهر هي بداية شهر مارس. هذا هو موعد تشكيل الحكومة الأوسع نطاقا؟
  • بعد شهر. هذا صحيح.
  • لنتحدث عن الأمن. لقد ذكرته كأولوية. لقد حضر الكثير من الفصائل الاجتماع قبل يومين، لكن لم توافق جميع الفصائل على الانضمام إليكم. كيف ستقنعون الرجال الذين يملكون السلاح والسلطة بالرجوع إليكم؟ كيف ستسيطرون عليهم؟
  • أولا، جميع الفصائل كانت حاضرة في المؤتمر الأخير، وقد عقدت اجتماعات كثيرة معهم خلال الشهرين الماضيين. وقد وافقوا جميعا على الانضمام إلى الجيش وأن يكونوا جزءا منه، لذلك لا أعتقد أنه سيكون هناك سلاح خارج سيطرة الدولة. وحتى لو كان هناك سلاح، فسوف يُمنع بقانون، وسوف تتخذ إجراءات ضد كل من يحتفظ بسلاح خارج سيطرة الدولة. لا يمكن بناء دولة في المستقبل دون وجود قانون يضبط السلاح ضمن مؤسسة عسكرية موحدة.
  • ولكن ماذا عن الشمال الشرقي؟ المنطقة الكردية؟ لقد توقفت المحادثات مع “قوات سوريا الديمقراطية”. هل ستسمح بنظام فيدرالي يريده الأكراد، أم إن هناك خطر اندلاع العنف؟ مزيد من العنف، حرب أهلية؟
  • لا يحظى النظام الفيدرالي في سوريا بقبول شعبي، وأعتقد أنه ليس من مصلحة سوريا في المستقبل لأن مجتمعاتنا لم تعتد على ممارسة الفيدرالية، لذلك ستذهب آراء الناس إلى الاستقلال التام باسم الفيدرالية. الأمر الآخر أن في تلك المنطقة أغلبية عربية لا توافق على حكم “قوات سوريا الديمقراطية” لها، والمنطقة الشمالية الشرقية فيها وجود لبعض الفصائل الأجنبية التي لها تاريخ طويل من الصراع مع تركيا، وقد أعطينا تطمينات لجميع الدول بأن سوريا لن تكون منصة لإلحاق الضرر بدول الجوار. وتعهدنا بذلك. ناهيك عن قلق تركيا الكبير من وجود “حزب العمال الكردستاني” في تلك المنطقة، وكانت تستعد لشن حرب شاملة هناك، ولكننا طلبنا منهم التريث من أجل إفساح المجال للمفاوضات. هناك أيضا ضغط شعبي من المكون العربي هناك الذي يطالب بانضمام المنطقة إلى الدولة السورية وإزالة حكم “قسد”.

وبالمناسبة، لم تعلن “قسد”عن مطالبتها بنظام فيدرالي لأنهم يعلمون أن ذلك غير ممكن تحقيقه الآن في سوريا. بل على العكس، أعلنت استعدادها للانضمام إلى الدولة ودمج قواتها العسكرية في الدولة. ولكنّ هناك نقاشا حول التفاصيل. إذن هم موافقون من حيث المبدأ، ولكن هناك نقاشا حول التفاصيل. نحن بحاجة إلى مزيد من الوقت للتوصل إلى هذا الاتفاق.

  • هل تعتقد أنه سيكون هناك اتفاق؟ هل أنتم بصدد وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل؟
  • دعني أقل: ليس بهذا القدر من التفاؤل. نحن ندخل في عملية التفاوض ونأمل في حل الأمور بسلام دون أي ضرر.
  • أخبرني عن خطر تنظيم “داعش”. لقد سمعت عدة تقارير تفيد بأن مقاتلي “داعش” موجودون في مدن سورية، بما في ذلك في دمشق. ما حجم الخطر الذي يشكلونه بالنسبة لكم؟
  • هناك مبالغة كبيرة فيما يتعلق بحجم تنظيم “داعش” وأعدادهم وانتشارهم وما إلى ذلك. وأعتقد أن قوات الأمن تتابع موضوع تنظيم “داعش” بكثير من الاجتهاد، وقد أحبطت الكثير من المحاولات التي كان من الممكن أن يقوم بها التنظيم لإحداث فتنة واضطراب في البلاد خلال الشهرين الماضيين. ولا أعتقد أن لدى التنظيم فرصة حقيقية للوجود بشكل كبير، باستثناء بعض الخلايا الأمنية.
  • أرى أن إدارة ترمب أوقفت المساعدات الخارجية، وهذا يعني أنني فهمت أنهم أوقفوا توزيع المساعدات في بعض المخيمات في الشمال. ماذا ستكون عواقب ذلك؟
  • هناك عدة أمور مترابطة في الوضع السوري الآن. الاستقرار الأمني مرتبط بشكل وثيق بإيجاد حل للنازحين واللاجئين. ومن ناحية أخرى، فإن مسألة النازحين واللاجئين مرتبطة بإيجاد بيئة صحية للاستثمار في البلاد. فمن دون استثمارات في سوريا لن تكون هناك تنمية اقتصادية، ودون تنمية اقتصادية سيعود الناس إلى حالة من الفوضى. كل هذه الأمور مترابطة.

وبرأيي أن الخطر الأكبر هو العقوبات التي لا تزال الإدارة الأميركية تفرضها على سوريا على الرغم من زوال الأسباب التي أدت إلى إصدار هذه العقوبات. فأي حظر يستهدف سوريا الآن هو عقاب للشعب السوري الذي عانى بما فيه الكفاية على يد النظام السابق.

  • دعنا نتحدث عن الاقتصاد، لأنه في وضع صعب للغاية. أنت بحاجة ماسة إلى دعم مالي. لديكم أمير قطر هنا، وأنتم ذاهبون إلى المملكة العربية السعودية. هل ستحصلون على دعم مالي من دول الخليج الآن، وهل سيكون كافيا للمساعدة في استقرار اقتصادكم؟
  • أنا أحاول قدر الإمكان أن لا تعيش سوريا على المساعدات والدعم، بل أن تبني اقتصادها. لدى سوريا فرصة كبيرة للاستثمار، ويمكن لهذه الدول من خلال صناديقها السيادية أن تقوم باستثمارات واسعة في سوريا. وهناك الكثير من الفرص المتاحة لهم هنا. المملكة العربية السعودية وقطر دولتان تحبان سوريا كثيرا، وقد سارعتا إلى دعم الشعب السوري منذ اللحظة الأولى. نناقش فرصا استثمارية مع دول الخليج، تهدف إلى إعادة بناء البنية التحتية وخلق فرص عمل، بما يحقق مصلحة مشتركة عبر مشاريع تنموية مستدامة.
  • كما قلت، أنتم بحاجة إلى رفع العقوبات، خاصة العقوبات المالية من أميركا. هل تحدثتم مع إدارة ترمب بهذا الشأن، وهل أنتم واثقون من أنهم سيرفعونها قريبا؟
  • لقد تولت إدارة ترمب السلطة مؤخرا فقط، ولم يحدث أي تواصل حتى الآن، لكننا نطمح إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية خلال الفترة المقبلة. وإذا حدث ذلك، فسوف نقدم اعتراضنا على استمرار العقوبات، وأعتقد أن الرئيس ترمب يسعى إلى السلام في المنطقة، ومن أهم أولوياتنا رفع العقوبات. الولايات المتحدة الأميركية ليس لديها أي مصلحة في استمرار معاناة الشعب السوري.
  • أنتم تريدون إعادة العلاقات الدبلوماسية مع أميركا، لكن في الوقت الحالي “هيئة تحرير الشام” مدرجة كجماعة إرهابية من قبل الأمم المتحدة. هل يجب رفع هذا التصنيف قبل أن تتمكنوا من إقامة علاقات دبلوماسية؟
  • أعتقد أن الكثير من الأحداث تغير واقع الأمور، وفي المؤتمر الأخير كان هناك بند ينص على حل جميع الفصائل بما فيها “هيئة تحرير الشام”، ولكن ربما لم ترَ سوى الزي العسكري في ذلك المؤتمر (مازحا).

هناك بند ينص على حل جميع فصائل الثورة السورية بما فيها “هيئة تحرير الشام”. وبالتالي، أصبح التصنيف لا معنى له.فوضعي اليوم هو رئيس سوريا وليس “هيئة تحرير الشام”، والعلاقات يجب أن تكون بين سوريا وأميركا وليس بين “هيئة تحرير الشام” وأميركا.

  • هناك تقارير تفيد برغبة إدارة ترمب في إخراج قواتهم من سوريا. هل ترحب بذلك؟
  • في ضوء الدولة السورية الجديدة، أعتقد أن أي وجود عسكري غير شرعي يجب أن لا يستمر. أي وجود عسكري في دولة ذات سيادة يجب أن يتم بموجب اتفاق معين، ولم يكن هناك مثل هذا الاتفاق بيننا وبين الولايات المتحدة الأميركية.

نحن الآن نعيد تقييم الوجود العسكري الروسي، وقد نتوصل إلى اتفاق (معهم) أو لا، لكن بطريقة أو بأخرى، أي وجود عسكري يجب أن يكون بموافقة الدولة المضيفة.

  • ماذا عن الإسرائيليين؟ هل تجاوزوا المنطقة العازلة؟ هل هذا وجود غير قانوني؟ وهل هم بحاجة إلى العودة؟
  • بالطبع عليهم العودة.

هناك اتفاق تم إبرامه عام 1974 بين سوريا وإسرائيل من خلال الأمم المتحدة. في أول يوم لنا في دمشق أرسلنا إلى الأمم المتحدة لإبلاغهم بأننا ملتزمون باتفاقية 1974، ونحن مستعدون لاستقبال قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك التي كانت في المنطقة العازلة. تواصلنا مباشرة مع قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك، وقد أعربوا عن استعدادهم للعودة إلى المنطقة العازلة، شريطة انسحاب القوات الإسرائيلية.

أما بالنسبة لما سنفعله، فلدينا كل الضغوط الدولية معنا، وكل الدول التي زارت دمشق والدول التي لم تزر دمشق نددت بتقدم القوات الإسرائيلية في المنطقة. هناك شبه إجماع دولي على أن هذا التقدم غير صحيح.

  • السيد ترمب رجل ذو أفكار كبيرة. هناك تقارير اليوم تفيد بأنه يريد نقل سكان غزة إلى سوريا. يقول إنه مكان به الكثير من المساحات الفارغة. هل ستقبل بذلك؟
  • أعتقد أن أهل كل بلد أحق بالبقاء في بلدهم. لماذا يجب تهجير الناس؟ تهجير الناس جريمة كبيرة يرفضها القانون. بالإضافة إلى أن سوريا خرجت للتو من الحرب، وهي تعاني من أعباء كبيرة. لا يجب أن تُثقل سوريا بمشاكل جديدة لأننا نحتاج إلى سنوات طويلة لإصلاح تركة النظام التي دامت ستين عاما، ناهيك عن إضافة مشاكل جديدة.
  • إذا كان هناك تقدم نحو اتفاق سلام واسع النطاق في الشرق الأوسط؟ هل يمكن أن تتخيل تطبيع العلاقات مع إسرائيل؟
  • في الحقيقة نحن نريد السلام مع جميع الأطراف، لكن هناك حساسية كبيرة فيما يتعلق بالشأن الإسرائيلي في المنطقة، خاصة بعد الحروب الكبيرة التي وقعت واحتلالهم لمنطقة سورية هي الجولان منذ عام 1967. نحن دخلنا دمشق منذ شهرين فقط، وهناك أولويات كثيرة أمامنا، لذلك من المبكر جدا مناقشة مثل هذا الأمر لأنه يتطلب رأيا عاما واسعا. كما أنه يحتاج إلى الكثير من الإجراءات والقوانين من أجل مناقشته، وللأمانة لم نفكر فيه بعد.
  • المجلة تنشر نص اللقاء الكامل لمقابلة الرئيس السوري أحمد الشرع مع رئيس تحرير مجلة “الإيكونوميست”، وذلك بموجب اتفاق مع مجلة “الايكونومست”
    المجلة

ينشر بموجب اتفاق مع مجلة “الايكونومست”

© 2024 The Economist Ne

—————————

أحمد الشرع يتحدث لـ”الإيكونوميست” عن المستقبل السياسي والاقتصادي في سوريا

04-فبراير-2025

قدم الرئيس السوري، أحمد الشرع، الذي تم تعيينه من قبل إدارة العمليات العسكرية لإدارة المرحلة الانتقالية في البلاد بعد سقوط نظام آل الأسد، تلخيصًا للقضايا الرئيسية التي سيتم العمل عليها خلال المرحلة المُقبلة في حوار مطوّل مع مجلة “الإيكونوميست”.

لم تخرج إجابات الشرع الذي ظهر في أول مقابلة مع وسيلة إعلام أجنبية منذ توليه منصبه الجديد عن حواراته السابقة، بقدر ما أعاد التأكيد على مجموعة من النقاط التي أُثيرت خلال هذه المقابلة.

عاملان يزيدان من معاناة السوريين

مثل جميع الحوارات السابقة، افتتح الشرع إجابته عن الأسئلة بالإشارة إلى الفترة التي حكم فيها النظام السابق لمدة تصل لنحو 54 عامًا، والتي شهدت خلالها تراجع الدولة السورية على مختلف الأصعدة، بما في ذلك الإقليمي والسياسي والاقتصادي مع محيطها المجاور، فقد كان أكثر ما يشغل النظام السوري خلال هذه السنوات “استخدام الأساليب الأمنية للحفاظ على السلطة”. لا يخفِ الشرع في المقابلة دور النظام السابق في تعزيز الانقسام الاجتماعي عبر اعتماده على “فئة معينة من الشعب ضد الفئات الأخرى، مما شكل تهديدًا بحدوث حرب أهلية شاملة في سوريا”.

يؤكد الشرع الذي ورث تركة من الفساد والدمار والانهيار الاقتصادي والوضع الأمني غير المستقر أن المرحلة الانتقالية التي ستمتد لنحو خمس سنوات ستتمحور “حول إعادة بناء الدولة على أسس جديدة وحديثة وسوف تعمل على تعزيز العدالة والإرشاد، ومشاركة كافة شرائح المجتمع في إدارة البلاد”، والتي يأتي في مقدمتها “توحيد الشعب السوري داخل البلاد”، بوصفه “رأس المال الأهم” في سوريا، مستندًا في حديثه إلى معركة دمشق التي أفضت إلى دخول مقاتلي إدارة العمليات العسكرية إلى العاصمة، والتي كان لها دور كبير في الحفاظ على “السلم الأهلي”، إذ إنه على الرغم من وجود “بعض الانتهاكات”، إلا أنها تبقى “محدودة”، بحسب ما أخبر الشرع “الإيكونوميست”.

بالإضافة إلى التحديات الاقتصادية التي تواجه إدارة الشرع، يبرز أيضًا التحدي الأمني ممثلًا باحتكار الدولة للسلاح، وهو يرى في هذا الجانب أنهم قطعوا “شوطًا كبيرًا” لضبط السلاح المتفلت، باستثناء مناطق شرق سوريا التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، مؤكدًا أن المفاوضات “تجري معهم لحل مسألة السلاح”.

يشير الشرع أيضًا في المقابلة إلى أن أكثر عاملين يزيدان من معاناة السوريين يتمثلان بالعقوبات الأميركية المفروضة على سوريا خلال فترة حكم النظام السابق، والتوغل الإسرائيلي في عمق الأراضي السورية، وما سينجم عنه من “متاعب في المستقبل”.

النظام فشل في اغتنام الفرص الإقليمية والدولية

في قراءته لمحاولات إعادة النظام السابق إلى حظيرة جامعة الدول العربية خلال العامين الماضيين، يرى الشرع أن نظام الأسد “كان دائمًا سلبيًا في اغتنام الفرص التي أتيحت له إقليميًا ودوليًا”، وهو ما فرض حتمية العمل العسكري الذي أفضى في النهاية إلى انهياره، وهروب بشار الأسد إلى موسكو. هذه التطورات فرضت على إدارة العمليات العسكرية العمل على تجنب فراغ السلطة خلال الشهرين الماضيين. وفي المقابلة يشرح الشرع أن توليهم للسلطة جاء بعد المشاورات مع الخبراء القانونيين الذين أكدوا أن “الأعراف الدولية تقول إن القوة التي حققت النصر للثورة هي التي يحق لها اختيار الرئيس”.

يحدد الشرع في المقابلة الشروط التي يجب توفرها لتنظيم انتخابات مستقلة في سوريا، والي يلخصها بـ”الحاجة إلى إحصاء سكاني، وعودة المقيمين في الخارج، وفتح السفارات، واستعادة الاتصال القانوني مع الناس”، كما أنه يوجد أولئك الذين اضطروا للنزوح داخليًا أو إلى مخيمات اللجوء في الدول المجاورة، وهم في الأساس غير مسجلين في سجلات الأمم المتحدة. وفي هذا الشأن، يؤكد الشرع أنه يجري العمل على “تطوير قانون الانتخابات والدستور والقوانين التي ستنظم البلاد”، وذلك بالتشاور مع مع الخبراء والأمم المتحدة، لافتًا أيضًا إلى وجود “لجنة دستورية ستعمل على صياغة الدستور، وهي تضم خبراء موثوقين يتمتعون بكفاءة عالية”.

يتم العمل مع الخبراء على إعداد إعلان دستوري

في معرض إجابته عن سؤال الديمقراطية، أظهر الشرع نوعًا من “البراغماتية” التي وصف بها خلال حواراته ولقاءاته السابقة، معتبرًا أنه “إذا كانت الديمقراطية تعني أن الشعب يقرر من سيحكمه ومن يمثله في البرلمان، فإن سوريا نعم تسير في هذا الاتجاه”.

كذلك تحدث الشرع عن التوجه لإعلان دستوري سيكون “عبارة عن مجموعة من المبادئ التي تحدد هوية الدولة وشكلها ومستقبلها وبعض الأمور المهمة في هذا الصدد”، كما أنه يرفض إلغاء جميع القوانين السابقة نظرًا لوجود “الكثير من القضايا المفتوحة”، مؤكدًا أن “أي قانون سيصدر سيعرض على مجلس نيابي مؤقت سيصوت على إقراره أو عدم إقراره”.

من بين الأسئلة الإشكالية التي طرحها فريق “الأيكونوميست”، كان السؤال المرتبط بأن يقوم الحكم في سوريا على أسس الشريعة الإسلامية، وهو ما أجاب عنه الشرع بالقول: “هذا الأمر متروك للخبراء ليقرروه. فإذا وافقوا عليه، فإن دوري هو تنفيذه؛ وإذا لم يوافقوا عليه، فإن دوري هو تنفيذ قرارهم أيضًا”. أما فيما يخص دور المرأة في مستقبل سوريا، فإن الشرع أشار إلى “الفهم الخاطئ” للإسلام، مشيرًا إلى أن “أغلبية الموارد البشرية في الجامعات الآن من النساء، وسوق العمل هي سوق عمل واسعة للنساء”، موضحًا أنه “إذا أرادت المرأة أن تعمل فإن سوق العمل مفتوح لها”.

كان من بين الانتقادات التي وجهت لإدارة العمليات العسكرية خلال الفترة الماضية اعتمادها على حكومة الإنقاذ التي تشكل لونًا واحدًا، وهو ما يفسره الشرع بالقول إنه كان لـ”منع انهيار مؤسسات الدولة”، مضيفًا أن مهمة الحكومة الحالية المحددة بثلاثة أشهر تقتصر على “جمع البيانات”، قبل أن يضيف مؤكدًا أنه “ستكون هناك حكومة أوسع وأكثر تنوعًا، بمشاركة من جميع شرائح المجتمع، لكن عملية الاختيار ستكون على أساس الكفاءة وليس العرق أو الدين”.

دون الاستثمارات لن يكون تنمية اقتصادية

كما قلل الشرع في المقابلة من أهمية التقارير التي ترجح عودة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” إلى الواجهة التي حصرها بتواجد “بعض الخلايا” فقط. وفي المقابل يركز على أهمية “الاستقرار الأمني” الذي يربطه بعودة اللاجئين السوريين، وهي “مرتبطة بإيجاد بيئة صحية للاستثمار في البلاد”، نظرًا لأنه دون “الاستثمارات في سوريا لن يكون هناك تنمية اقتصادية، وبدون تنمية اقتصادية سيعود الناس قريبًا إلى حالة الفوضى”، ومع ذلك، يبقى الخطر الأكبر ممثلًا بالعقوبات الأميركية المفروضة على سوريا، معيدًا التذكير بأن “الأسباب التي أدت إلى فرض هذه العقوبات قد زالت، وأي حظر يستهدف سوريا يمثل عقابًا للشعب السوري الذي عانى ما يكفيه على يد النظام السابق”.

من ضمن الخطط التي تعمل عليها إدارة الشرع لإعادة بناء الاقتصاد السوري، تبرز فرصة الاستثمار في سوريا، والتي يرى أنه يجب أن تكون عبر صناديق الدول السيادية، كما الحال مع السعودية وقطر، لافتًا إلى أنه يجري النقاش معهما حول “إقامة مشاريع استثمارية كبيرة لبناء البنية التحتية وخلق فرص العمل، وفي الوقت نفسه تعود عليهما بالفائدة من خلال العائد الاستثماري للمشاريع التي تنفذانها”. كما أن الشرع أكد على أن سوريا تسعى لإعادة بناء العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، معتقدًا أن “الرئيس (دونالد) ترامب يسعى إلى السلام في المنطقة، ومن أولوياته رفع العقوبات”، وذلك من منطلق أن “الولايات المتحدة ليس لديها أي مصلحة في استمرار معاناة الشعب السوري”.

وختم الشرع مقابلته مع “الإيكونوميست” بالتأكيد على ضرورة أن يكون أي تواجد عسكري في سوريا بـ”موجب اتفاق” مع السلطات الحالية، واصفًا التواجد الأميركي بأنه “غير قانوني”. أما فيما القواعد العسكرية الروسية في الساحل السوري، فقد أشار إلى إعادة “تقييمها”. وفي الوقت نفسه أشار الشرع إلى التوغل الإسرائيلي في جنوب سوريا، مؤكدًا استعداد السلطات السورية استقبال قوة الأمم المتحدة التي كانت في المنطقة العازلة، لكن أولًا ينبغي على القوات الإسرائيلية الانسحاب من الأراضي التي تقدمت إليها.

الترا صوت

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى