سقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعصفحات الحوار

عزمي بشارة: الردّ على ترامب يكون بجعل قطاع غزة صالحاً للعيش

العربي الجديد

09 فبراير 2025

عزمي بشارة:

ما يجعل كلام ترامب جدياً هو ضعف الأمة العربية

القمة العربية والإسلامية قادرة على توحيد الفلسطينيين

لست متأكداً أن السوريين يتجهون لنظام ديمقراطي ليبرالي

حذّر المدير العام لـ”المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات” عزمي بشارة من أن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين قد تصبح واقعية مع أنها ليست قدراً محتوماً، وأن الرد عليها يكون بجعل قطاع غزة صالحاً للعيش. وفي حين قال إن ما يجعل كلام ترامب جدياً هو ضعف الأمة العربية، فقد نبّه من أن الرئيس الأميركي لن يتوقف إلى أن يصدر ردّ عربي عملي، معرباً عن ثقته بأن الاستقواء الأميركي ــ الإسرائيلي على العرب اليوم هو نتيجة موقفهم من حرب غزة. أما في ما يتعلق بسورية وبمرحلتها الانتقالية، فقد جزم بشارة بأن المواطنة المتساوية الكافية في سورية تبطل الحاجة إلى شعار حماية الأقليات، كما أنه بدا غير متأكد من أن السوريين يتجهون إلى نظام ديمقراطي ليبرالي وجاهر بخشيته على الحريات فيها.

وأسف بشارة، في مقابلة خاصة مع تلفزيون “العربي” مساء الأحد من مدينة لوسيل في دولة قطر، من أننا مضطرون إلى التعاطي مع طروحات ترامب بجدية بما أنه رئيس للولايات المتحدة الأميركية، بغض النظر عن مستواه الفكري والمعلومات التي يمتلكها ومصالحه ونزواته وشخصيته. ووصف أفكار ترامب في ما يتعلق بتهجير الفلسطينيين بأنها استفزازية وسيئة جداً. ومع أنها ليست برنامجاً للتطبيق حتى الآن، بدليل أنه لم تكن لدى صاحبها إجابات عن الأسئلة حول مشروعه، إلا أن المفكر العربي حذّر من أن مجموعة الأفكار هذه قد تتحول إلى خطة مثلما يفعل الإسرائيليون حالياً، هم الذين أيقظ تصريح ترامب ذاكرتهم مع الترانسفير الذي مارسوه مرتين بحق الفلسطينيين، في عامي 1948 و1967، مذكراً بأن 72% من الإسرائيليين أيدوا فكرة ترامب الخاصة بالفلسطينيين في غزة.

ووفق ما يراه بشارة، فإنّ البحث عن مكان يستقبل الفلسطينيين قد يتحول إلى تشجيع لهجرتهم مجموعاتٍ وأفراداً لا كشعب. وفي هذا السياق، شدد على أن الرد المبدئي على ترامب ومشاريعه يكون بجعل هجرة أهل غزة غير حتمية ولا ضرورية من خلال إعادة الإعمار التي تساوي كلفتها جزءاً صغيراً من الاستثمارات العسكرية التي يطلبها ترامب من العرب على شكل ابتزاز لم يعد له مبرر في ظل الضعف الذي يضرب إيران حالياً. وما يجعل بشارة مقتنعاً بأن خطة ترامب ليست قدراً حتمياً، تأكيده أن الرئيس الأميركي، بوصفه رجل صفقات تجارية، قد يقتنع بفشل مشروعه الخاص بغزة، شرط أن يحصل فعل عربيّ لا مجرد قول وبيانات.

خطة مارشال عربية لغزة

وعن هذا الموضوع، ذكّر صاحب كتاب “صفقة ترامب – نتنياهو”: الطريق إلى النص، ومنه إلى الإجابة عن سؤال: ما العمل؟، بأنه عند وضع هذه الميزانيات، يجب ألا ننسى تشجيع الفلسطينيين على رفع دعاوى ضد إسرائيل للتعويض عن الحرب. والموقف العربي المتفرج على حرب غزة أو المتواطئ معها في انتظار أن تقضي إسرائيل على المقاومة الفلسطينية، كان برأي بشارة “البنية التحتية التي على أساسها صدر تصريح ترامب”، الذي يكتسب جديته من حالة الهوان التي تعاني منها الأمة العربية. وعن ذلك قال بشارة إنه ما كان لمثل هذا التصريح (فكرة ترامب لتهجير الفلسطينيين) أن يصدر لولا مراقبة المسؤولين الأميركيين لسلوكنا العربي في الحرب على غزة، وقد تحول مسؤولو البلدان العربية إلى ما يشبه المراقبين لما يحصل في القطاع.

وخلص مدير “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات” إلى أن ترامب لن يتوقف حتى يصدر رد عربي عملي يتمثل في إعادة إعمار غزة وتعزيز صمود الفلسطينيين عبر فتح حدود القطاع مع مصر لا للهجرة بل لإدخال ما يلزم للعيش بلا انتظار إذن إسرائيل. ومصر الدولة الكبرى “لا تحتاج إذناً لإدخال كرفانات وخيام إلى غزة” بحسب بشارة الذي جزم بأن إسرائيل لن تعلن حرباً عليها لهذا السبب. ووجد بشارة أن القمة العربية المقررة في 27 فبراير/شباط الحالي في القاهرة، قد تكون فرصة تاريخية لتغيير نظرة الرأي العام العربي للقمم العربية بوصفها بلا جدوى.

وتوجه إلى المسؤولين العرب بالقول إن الرد في القمة العربية التي قد تصبح لاحقاً قمة مشتركة عربية إسلامية، لا بد أن يكون بقرارات تجعل قطاع غزة صالحاً للعيش، ووضع خطة مارشال عربية لغزة وتنفيذها. أكثر من ذلك بدا صاحب “في المسألة العربية: مقدمة لبيان ديمقراطي عربي”، حاسماً في تقديره بأن القمة العربية والإسلامية قادرة على إجبار الفلسطينيين على الوحدة وإعادة ترتيب منظمة التحرير الفلسطينية، لا إجراء وساطات بين الطرفين الفلسطينيين الأساسيين. وختم فكرته حول هذا الأمر بالتنبيه من أنه في ظل هذه الظروف، إن لم تتوحد القوى الفلسطينية، فهذا يعني أن لا ضوء في آخر النفق.

إيقاف التنازل عن المبادرة العربية

ورداً على سؤال حول كلام وزير الخارجية الأميركية ماركو روبيو والذي يطلب فيه من الرافضين لفكرة ترامب أن يقدموا بدائلهم، أجاب بشارة بأن العرب قدموا مشروعهم منذ عام 2002 من خلال مبادرة السلام العربية في بيروت (دولة فلسطينية على حدود 1967 وعودة اللاجئين والانسحاب من هضبة الجولان المحتلة، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل)، وراحوا يتخلون عنها بالتطبيع المجاني مع إسرائيل. وأشار إلى أن الحل لا يكمن بالتنازل عن المبادرة العربية، بل بوقف التنازل عنها من خلال التطبيع المجاني.

أما عن احتمال أن تؤدي أفكار ترامب عن تهجير الفلسطينيين إلى عودة الحرب الإسرائيلية على غزة، فقد استبعد بشارة ذلك، ولفت إلى أن ترامب لا يريد العودة إلى الحرب لأنه يعرف أن أهدافها العسكرية استنفدت. أما عن المخاوف من وصول قطار التهجير من غزة إلى الضفة الغربية، فقد أوضح كاتب “من يهودية الدولة حتى شارون” أنه منذ عام 1967 والهجرة تتسارع في الضفة، لكن الصمود موجود هناك. واستدرك بأنه بالنسبة إلى الأردن، هذا موضوع استراتيجي وقد تغلق المملكة الحدود بسببه. ووصف أسوأ ما يحصل في الضفة بأنه جعْل الدولة الفلسطينية مستحيلة عبر الانتقال من كون المستوطنات كانتونات في الضفة، إلى جعل أماكن سكن الفلسطينيين كانتونات في أرضهم وتحويل حياتهم إلى جحيم بواسطة التضييق والتهجير والحواجز.

سورية والمرحلة الانتقالية

وفي الجزء الثاني من حوار بشارة مع تلفزيون “العربي”، والخاص بسورية وبمرحلتها الانتقالية، توقف صاحب كتاب “سورية: درب الآلام نحو الحرية” عند خطورة الإسراع في إجراء انتخابات قبل أن تستقر الدولة وقبل الاتفاق على الدستور، داعياً إلى الاتعاظ من التجربة الليبية الماثلة أمامنا. ورأى أنه لا معنى لأي شيء يحصل في سورية إن لم يحافَظ على الحريات والحقوق من قبل الحكم الانتقالي ولاحقاً في الإعلان الدستوري. حتى إن بشارة أعرب صراحة عن خشيته على واقع الحريات والحقوق في سورية، خصوصاً في المرحلة التي تقوى فيها الدولة. وقال: “لست متأكداً أن السوريين يتجهون إلى نظام ديمقراطي ليبرالي”.

وعن توقعاته ومعلوماته حيال إجراءات المرحلة الانتقالية، رجح كاتب “الطائفة، الطائفية، الطوائف المتخيلة” أن تُشكّل حكومة تعددية يشددون فيها على فكرة المواطنة المتساوية وسيادة القانون. وأوضح أن المواطنة المتساوية هي التي تبطل الحاجة إلى شعار “حماية الأقليات”، كما شدد على الحاجة إلى هيئة تشريعية تضع إعلاناً دستورياً مؤقتاً. وحسب ما يرى بشارة، فإن المرحلة الانتقالية في سورية يجب أن تبدأ بإجراء قانوني واضح خاص بإنشاء قضاء العدالة الانتقالية ومحاكم تعاقب حصراً على الجرائم الكبيرة التي ارتكبها النظام، وتجري تسويات ومصالحات ولا تمأسس الرغبة بالثأر، بحسب تعبير كاتب “الانتقال الديمقراطي وإشكالياته: دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة”. ونصح في هذا الإطار بالتمييز بين النظام من جهة، والدولة وبيروقراطيتها الضرورية لبقاء المؤسسات من جهة ثانية، والتي دمّر النظام الكثير منها. وتوقف المفكر العربي عند الجيش الذي يعتبر أن حلّه لم يكن قراراً صائباً، لكنه تابع أن استدراك ذلك سريعاً ببناء جيش جديد أمر مهم جداً.

وعرّج بشارة على معاناة الشعب السوري طويلاً من عبادة الشخصيات، لذلك اقترح عدم نقل التعصب من شخص إلى آخر، واصفاً الرئيس أحمد الشرع بالشخصية الكاريزمية وصاحب الدور الأساسي في مواجهة “داعش” وإدارة إدلب وقرار الزحف إلى دمشق، وهذا بمصطلحات بشارة، يُقدَّر له “ولكنّ كل شيء آخر قابل للنقاش”، ذلك أن الشرع لا هو فوق النقد، ولا هو بشار الأسد. وأبدى مدير “المركز العربي” ثقته بأن العالم يريد أن تنجح التجربة الانتقالية في سورية نحو دولة مستقرة لكنّ “إسرائيل معنية فعلاً بتقسيم سورية ومد خطوط نحو مجموعات سكانية ليكون عندها نفوذ في أوساطها”.

العربي الجديد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى