“#الجولاني_سفاح_سوريا”: من يقف خلف الوسم الأعلى تداولاً على “إكس”؟/ شريف مراد

15.02.2025
بالتزامن مع زيارة الرئيس الانتقالي السوري، أحمد الشرع، إلى المملكة العربية السعودية والتوترات على الحدود السورية – اللبنانية، عاد النشاط مجدداً على وسم “#الجولاني_سفاح_سوريا”، مدفوعاً بحسابات مرتبطة بإيران وأخرى تقول إنها مرتبطة بالطائفة العلوية في سوريا.
عاد وسم “#الجولاني_سفاح_سوريا” إلى الواجهة مجدداً بالتزامن مع زيارة الرئيس الانتقالي السوري، أحمد الشرع، إلى المملكة العربية السعودية، في الثاني من شباط/ فبراير 2025، وتصاعد الاشتباكات المسلّحة على الحدود السورية – اللبنانية في السابع من الشهر نفسه.
واندلعت اشتباكات بين الأمن العام السوري ومسلحين من عشائر لبنانية في بلدة حاويك السورية المتاخمة للحدود اللبنانية، ما أسفر عن سقوط قتيلين لبنانيين على الأقل، ووقوع عمليات خطف متبادلة بين الطرفين.
ويعد وسم “#الجولاني_سفاح_سوريا” الأكثر تكراراً منذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وفي كل حملة يتصدر قائمة الأعلى تداولاً على منصة “إكس” في عدد من الدول العربية؛ على رأسها سوريا والعراق.
تحليل بيانات الوسم تشير إلى وقوف حسابات تدعي أنها تمثل العلويين في سوريا وأخرى مقرّبة من إيران تستهدف النظام السوري الجديد، خلف إطلاق الوسم ودفعه إلى الواجهة مراراً، بخاصة عند زيارته إلى السعودية.
يكشف “مجتمع التحقق العربي” أن هذه الحملة لم تكن مجرد موجة عفوية من التفاعل، بل اتبعت ديناميكيات تضخيم مصطنعة عبر شبكات منظمة من الحسابات الرقمية، التي لعبت دوراً أساسياً في إعادة نشر المحتوى، وتعزيز انتشار الوسم على نطاق واسع خلال فترة قصيرة.
انطلاق ثم انتشار سريع
أظهرت البيانات أن وسم “#الجولاني سفاح سوريا” حقق معدلات تفاعل مرتفعة خلال الساعات الأولى من إطلاقه في الثاني من شباط/ فبراير، إذ تصدر قائمة الوسوم الأكثر تداولاً في عدد من الدول العربية؛ أبرزها السعودية والعراق وسوريا.
وفقاً للتحليل الرقمي، كانت هناك زيادة مفاجئة في معدلات النشر في اليوم، وإعادة النشر خلال الساعتين الأولتين، ما يشير إلى دفع منسق لتعزيز انتشاره في وقت قياسي، ما أوصل الوسم إلى ذروة انتشاره في اليوم الرابع من الشهر نفسه، واستمرّ الزخم عليه حتى الثامن من شباط/ فبراير.
وحقق الوسم في آخر شهر إجمالي تفاعل بلغ نحو 37 ألف بزيادة قدرها 589 في المئة عن الشهر السابق.
وتمركز التفاعل على الوسم في عدد محدود من الدول؛ إذ كانت أعلى نسب التفاعل مسجلة في السعودية والعراق وسوريا ولبنان.
وتشير البيانات إلى أن ما يقرب من 23,426 منشوراً ضمن الحملة كانت يحمل طابعاً سلبياً بشكل صريح، وهو ما يشكل أكثر من ضعف عدد المنشورات ذات الطابع المحايد (11,366 منشوراً)، وأكثر بكثير من المحتوى الإيجابي (1,988 منشوراً فقط).
كما يكشف التحليل الإحصائي لأكثر من 25,000 كلمة مفتاحية داخل الحملة، أن الغالبية العظمى جاءت ضمن التصنيف السلبي، مع تكرار ممنهج لمصطلحات مثل: “الإرهاب” (521 مرة)، “نظام الجهاديين” (520 مرة)، “الإبادة الجماعية” (441 مرة)، و”العقاب الجماعي” (436 مرة).
وبلغ عدد الردود (Replies) داخل الحملة 18,399 منشوراً، وهو رقم مرتفع للغاية يعكس استراتيجية الإغراق بالمحتوى المتكرر، إذ استُخدمت الردود بشكل مكثف لإعادة توجيه النقاش نحو محتوى سلبي محدد. تُعد هذه التقنية شائعة في الحملات الرقمية المنسقة، إذ تهدف إلى خلق انطباع زائف بوجود إجماع واسع حول قضية معينة، حتى وإن كان هذا التفاعل مدفوعاً وليس ناتجاً من نقاش حقيقي بين المستخدمين.
إلى جانب ذلك، بلغت إعادة النشر 15,818 منشوراً، ما يكشف عن دور الشبكات المغلقة في تضخيم الحملة. فبدلاً من إنتاج محتوى جديد، اعتمدت الحملة بشكل أساسي على إعادة نشر المواد نفسها.
في المقابل، كان عدد المنشورات الأصلية محدوداً، إذ بلغ 1,025 منشوراً فقط، وهو ما يعكس افتقار الحملة إلى تفاعل حقيقي قائم على إنشاء محتوى جديد.
تضخيم مصطنع وشبكات تنسيق مغلقة
تحليل النمط الزمني للنشر أظهر أن الوسم لم يمر بمراحل تصاعدية طبيعية كما هو معتاد في الوسوم البشرية، وفي فترة قصيرة، كان هناك تزايد كبير في عدد المنشورات القادمة من حسابات محددة لعبت دوراً رئيسياً في تعزيز الوسم، ما يشير إلى استخدام تكتيكات نشر مكثفة لرفع الوسم إلى قوائم الأكثر تداولًا بسرعة غير طبيعية.
تشير البيانات إلى أن أول منشور على الوسم صدر من حساب @hilina_an عند الساعة 05:18 صباحاً بتوقيت سوريا. خلال الساعات الست الأولى، برزت مجموعة من الحسابات التي كانت من أوائل المستخدمين للوسم وساهمت في تضخيمه؛ وكان من بينها حسابات: “سوريا العلمانية”، و”العراقي الجنوبي”، و@ali_abbass_h01، و@nisology1919، إذ أعادت هذه الحسابات نشر المحتوى ذاته مرات عدة مع فترات زمنية قصيرة بين كل موجة نشر.
التتبع الزمني للوسم أظهر أن الحساب @hilina_an لم يكتفِ فقط بإطلاق الوسم، بل كان أيضاً الأكثر مساهمةً في انتشاره خلال الساعات الأولى، إذ نشر سبعة منشورات حصلت على 68 إعادة نشر، وهو ما يعكس تأثيره الكبير في عملية التضخيم. في المرتبة الثانية، جاء حساب “سوريا العلمانية” الذي نشر ثلاثة منشورات حصدت 42 إعادة نشر؛ وهو رقم مرتفع إذا ما قورن بعدد المنشورات المحدود، أما حساب “العراقي الجنوبي” فقد نشر منشورين فقط، لكنه تمكّن من حصد 12 إعادة نشر.
ولوحظ أن بعض الحسابات نشرت المحتوى نفسه أو أعادت نشر منشورات أخرى خلال فترات زمنية قصيرة. على سبيل المثال، في الساعة 03:20 صباحاً يوم 5 شباط/ فبراير 2025، شهد التفاعل على الوسم قفزة مفاجئة في عدد المنشورات، إذ نشرت الحسابات الرئيسية محتوى متشابهاً في التوقيت نفسه.
وبرز نمط واضح لتكرار المحتوى، إذ نشرت الحسابات “D_79797979797″ و”Maya Haddad” تدويناتهما الوحيدة بفواصل زمنية متقاربة لم تتعدَّ بضع دقائق. كما أظهرت الحسابات “Lora Pacific 4846″ و”Yuiolh” سلوكاً مشابهاً تمثل في النشر المتزامن وإعادة النشر المكثفة للمحتوى ذاته، ما يعكس ممارسات منظمة تهدف إلى تضخيم الرسائل السلبية للحملة.
إضافةً إلى أنماط التضخيم التي كشفتها أنماط النشر الزمني، استخدمنا منهجية التحليل الشبكي للكشف عن الهيكلية الداخلية للتفاعل على وسم “#الجولاني_سفاح_سوريا”، وفهم طبيعة العلاقات بين الحسابات المتفاعلة معه. يعتمد هذا التحليل على دراسة الروابط بين الحسابات من خلال إعادة النشر، والإشارات المباشرة (Mentions)، وأنماط التفاعل المتكرر، ما يتيح التعرف على الحسابات الأكثر تأثيراً داخل الشبكة. كما يساعد في تحديد ما إذا كان الانتشار عفوياً أم منسقاً عبر شبكة مغلقة تعمل على تضخيم الرسائل المستهدفة.
أظهر التحليل الشبكي أن الانتشار لم يكن موزعاً بشكل طبيعي بين المستخدمين، بل كان متمركزاً حول عدد محدود من الحسابات التي لعبت دوراً محورياً في نشر المحتوى وتضخيمه.
يعد الحساب “سوريا العلمانية” الأكثر تأثيراً داخل الشبكة، إذ أظهر التحليل أنه كان محوراً رئيسياً للتفاعل، فحاز عدداً مرتفعاً من الإشارات المباشرة (Mentions) وإعادة النشر. وبالمثل، حصلت حسابات؛ مثل: “hilina_an”، و “News_News”، و “yuiolh” على مستويات تفاعل مرتفعة على رغم أن نشاطها لم يكن واسع النطاق خارج إطار هذه الحملة.
وحصد الحساب “سوريا العلمانية” على 3814 إعادة نشر، وهو رقم مرتفع مقارنة بعدد منشوراته البالغ 139 فقط. كما أظهر الحساب “Syrian Knight” نمطاً مشابهاً، إذ سجل 32 إعادة نشر على عدد محدود من المنشورات، ما يشير إلى استخدامه في تعزيز انتشار الوسم داخل الدائرة المغلقة للحملة.
من يقف وراء الهجوم ضد أحمد الشرع؟
يوضح تحليل بيانات التفاعل أن معظم المشاركات جاءت من خمس دول رئيسية؛ وهي: المملكة العربية السعودية، والعراق، وسوريا، ولبنان، ومصر. هذه الدول وحدها ساهمت في أكثر من 60 في المئة من إجمالي التفاعل مع الوسم.
بتحليل الحساب الذي أطلق الحملة الأخيرة على الوسم “hilina_an”، وجدنا أنه يدعي الارتباط بخلفية علوية، ويتسم خطاب هذا الحساب بطابع طائفي واضح، إذ ينظر إلى أحمد الشرع على أنه تهديد مباشر للطائفة العلوية في سوريا.
في إحدى تغريداته، يتساءل الحساب بشكل مباشر إن كان العلويون يدركون أنهم يتعرضون لـ”حملة إبادة جماعية”؛ وهو خطاب يهدف إلى إثارة الخوف والتعبئة داخل الطائفة العلوية.
كما أظهرت الحسابات العراقية المشاركة في الحملة تقارباً واضحاً مع خطاب الإعلام الإيراني، إذ صوّرت سقوط الأسد على أنه مؤامرة غربية – تركية تهدف إلى إسقاط محور المقاومة. واعتمدت حسابات عدة على صور رمزية لقادة إيرانيين ومن حزب الله، مثل قاسم سليماني وحسن نصرالله، في إشارة إلى ولائها للخطاب السياسي ذاته.
لم تقتصر هذه الحسابات على مهاجمة الشرع، بل سعت أيضاً إلى تصوير النظام السوري الجديد على أنه أداة أميركية – إسرائيلية لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط. كما روّجت لفكرة أن إيران تعرضت للخيانة من الأسد نفسه قبل سقوطه، ما أدى إلى فقدان سوريا حليفاً استراتيجياً في مواجهة إسرائيل والغرب.
درج