سقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعسياسة

سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 17 شباط  2025

كل الأحداث والتقارير اعتبارا من 08 كانون الأول 2024، ملاحقة يومية دون توقف تجدها في الرابط التالي:

سقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوع

————————————-

الشرع في الميدان.. ما الرسائل التي حملتها جولة الرئيس السوري على المحافظات؟/ ثائر المحمد

2025.02.17

شكّلت جولة الرئيس السوري أحمد الشرع على عدد من المحافظات السورية حدثاً بارزاً تابعه السوريون بكل تفاصيله، حيث راقبوا الحدث منذ بدايته، عندما قال أحد المواطنين للشرع خلال جولته في إدلب: “الله محييك يا شيخ، ما أحلى يلي ما ينسى أهله”، وصولاً إلى احتشاد الأهالي حوله في الساحل السوري.

اختار الرئيس الشرع أن تكون إدلب محطته الأولى في جولته، ففيها استعد آلاف المقاتلين لمعركة إسقاط الأسد، ومنها انطلقت الرصاصة الأولى لرحلة دحره بفترة قياسية لم تتجاوز 12 يوماً، وإليها لجأ الملايين من المهجّرين.

لا شك أن جولة الرئيس الشرع على عدد من المحافظات حملت رسائل سياسية موحّدة، إلا أن كل محطة من محطات الزيارة عكست خصوصية محلية تستدعي قراءة متأنية، حيث تباينت الأولويات والتحديات من منطقة إلى أخرى، وتنوّعت الرسائل والدلالات لكل زيارة.

إدلب.. رد الجميل لمحافظة احتضنت الملايين

لاحظ كثيرون أن زيارة الشرع إلى إدلب لم تكن مجرد محطة بروتوكولية ضمن جولته على المحافظات السورية، بل جاءت في سياق رد الجميل لمحافظة احتضنت ملايين السوريين في ذروة المحنة وحرب نظام الأسد على الشعب السوري.

تحولت إدلب إلى نموذج فريد في التلاحم الاجتماعي والوطني، فمنذ بدايات اشتداد عمليات تهجير السكان من المحافظات الأخرى، استوعبت إدلب ملايين المهجّرين قسراً، وشهدت ولادة مجتمعات جديدة امتزج فيها القادمون بأهل الأرض، لتتشكل صورة مصغّرة لسوريا بكافة أطيافها.

كذلك، كانت إدلب نقطة انطلاق للقوات العسكرية التي استكملت السيطرة على بقية الأراضي السورية، مما منحها بعداً استراتيجياً فريداً. فمن بين جميع المناطق السورية، شكّلت إدلب الركيزة الأساسية لقلب الطاولة على بشار الأسد، بعدما كانت توصف على عهده وعهد أبيه حافظ بالمدينة المنسية، حيث عانت التهميش في سياسات التنمية والخدمات.

في العديد من الدول الحديثة، يُنظر إلى التجمعات السكانية المختلطة، التي تضم أبناء مناطق مختلفة، بوصفها أرضية لبناء هوية وطنية جامعة، تتجاوز الهويات الفرعية لصالح اندماج قومي واسع. وإدلب، رغم سنوات الحرب وما رافقها من تحديات، قدّمت نموذجاً أولياً لما يمكن أن يكون عليه مستقبل سوريا، حيث ذابت الفروقات المناطقية والقبلية والطائفية تحت وطأة المعاناة المشتركة، وحضر الشعور الوطني العام في أبرز اللحظات المفصلية.

ويبدو أن اختيار الرئيس الشرع لإدلب كمحطة أولى يعكس إدراكاً لأهمية الدور الذي لعبته هذه المحافظة، ليس فقط على مستوى احتضان المهجرين، بل أيضاً في الحفاظ على روح المقاومة لدى السوريين والتماسك المجتمعي، وربما تحمل هذه الزيارة دلالة على رغبة السلطة في إعادة تعريف علاقتها بهذه المنطقة، والاعتراف بتضحياتها، وتقديم ما تستحقه من اهتمام.

زيارة مخيمات النازحين في إدلب

حملت زيارة الرئيس أحمد الشرع لمخيمات النازحين في إدلب أبعاداً سياسية واجتماعية تعكس توجهات المرحلة المقبلة، فمنذ سنوات، تحوّلت إدلب إلى أكبر تجمع للنازحين السوريين، حيث ضمّت مئات الآلاف ممن هُجّروا قسراً من مختلف المحافظات، لتعكس بوضوح المعاناة الإنسانية والتغيرات الديموغرافية التي تسبّب بها نظام الأسد وحلفاؤه.

وربما تحمل الزيارة رسالة مفادها أن الدولة لا تتجاهل معاناة النازحين، ومن خلال تواجده المباشر في المخيمات، يحاول الشرع توجيه رسالة تطمين بأن النازحين ضمن الحسابات، إذ وعدهم بأن من أولويات الدولة إعادة المهجّرين إلى مناطقهم وإعادة إعمار منازلهم، طالباً منهم القليل من الصبر.

زيارة الرئيس الشرع إلى حلب

تحمل زيارة الرئيس الشرع إلى حلب رسائل تعكس الأهمية الاستراتيجية والتاريخية لهذه المحافظة، إذ كانت أول محافظة تسيطر عليها الفصائل خلال معركة “ردع العدوان”، وكان هذا الحدث نقطة تحوّل كبرى انتهت بإسقاط الأسد والوصول إلى دمشق.

لا تقتصر أهمية حلب على بعدها السياسي، بل تمتد إلى موقعها الاقتصادي ودورها في تحريك عجلة الإنتاج والتجارة، ورغم الأضرار التي لحقت بالمدينة جراء قصفها من قبل الأسد وروسيا وإيران لسنوات، إلا أنها تبقى المفتاح الأساسي لأي مشروع لنهضة البلاد.

تعكس زيارة الشرع إلى حلب إدراكه لضرورة إعادة إحياء هذه المدينة، التي لا يمكن لسوريا أن تستعيد عافيتها الاقتصادية دون استقرارها وعودة دورها الإنتاجي، بوصفها العاصمة الاقتصادية للبلاد.

لسنوات، عانت حلب من دمار واسع في بنيتها التحتية، إلى جانب تحديات اقتصادية كبرى جعلت الكثير من مصانعها وأسواقها خارج الخدمة، ومن خلال زيارته، ربما يحاول الشرع توجيه رسالة بأن هذه المدينة ليست منسية، وأن هناك توجهاً نحو إعادة الاهتمام بها على المستويات كافة.

كذلك، تعكس الزيارة إدراكاً لضرورة ترسيخ الاستقرار في حلب، باعتبارها بوابة أساسية لأي نهضة اقتصادية في سوريا، فبدون استقرار شامل يعيد الأمان إلى المناطق الصناعية والأسواق التجارية، ستبقى محاولات النهوض الاقتصادي محدودة التأثير.

تمثّل حلب، بواقعها المتغير وتحدياتها، اختباراً لقدرة الدولة على تحقيق التوازن بين الماضي والمستقبل، فإعادة النهوض بهذه المدينة يتطلب ليس فقط إعادة بناء ما دُمّر، بل أيضاً معالجة آثار التحولات الديموغرافية والاقتصادية التي شهدتها، لا سيما بعد تهجير معظم سكانها خلال السنوات الماضية واستيطان عناصر الميليشيات الإيرانية فيها.

زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى عفرين

جاءت زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى مدينة عفرين شمالي حلب بعدما عانت من انتهاكات خلال السنوات الماضية، سواء بحق سكانها الكُرد أو من خلال تقاسم الفصائل العسكرية لنواحيها، وتحويلها إلى ثكنات عسكرية خاضعة لمنطق النفوذ والمحاصصة.

تعرّض سكان عفرين، ولا سيما الأكراد، إلى سلسلة من الانتهاكات بعد سيطرة فصائل من الجيش الوطني السوري عليها، بما في ذلك فرض الضرائب الجائرة على المزارعين، ومصادرة الممتلكات، وسجن المدنيين بذرائع أمنية وسياسية.

ويحمل دخول الرئيس الشرع إلى عفرين رسالة واضحة بأن واقع الأمس قد اختلف، وأن سلطة الدولة باتت المرجعية الوحيدة في المنطقة، بعد أن عانت طويلاً من حالة التفكك والانفلات الأمني، كما تؤكد الزيارة أن المرحلة الحالية تقوم على إنهاء المحاصصة العسكرية، وإعادة فرض النظام المؤسساتي بدلاً من الهيمنة الفصائلية.

ويوجّه الشرع، من خلال زيارته، إشارة واضحة إلى القوى المحلية والدولية بأن الدولة السورية استعادت سيادتها على المنطقة، وأنه لن يُسمح مجدداً بتحويلها إلى ساحة لتصفية الحسابات أو فرض الإتاوات على المدنيين.

ورغم انتهاء مرحلة الفصائل شكلياً، تبقى عفرين اختباراً حقيقياً لمدى قدرة الدولة على فرض الاستقرار وتحقيق العدالة، خاصةً في ظل الإرث الثقيل من الانتهاكات التي تعرّض لها السكان.

زيارة الرئيس إلى الساحل السوري.. كسر للتصورات الخاطئة

تحمل زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى اللاذقية وطرطوس دلالات تتجاوز كونها مجرد محطة ضمن جولته في المحافظات السورية، فهي زيارة تكسر التصورات النمطية التي سعى نظام الأسد المخلوع إلى ترسيخها لعقود، والتي حاول من خلالها تصوير الساحل السوري كمعقل حصري لولائه. إلا أن الوقائع أثبتت زيف هذا الادعاء، فالساحل، الذي عانى من التهميش والاستغلال الممنهج، لم يكن يوماً كتلة صلبة تابعة للنظام، بل كان فضاءً متنوعاً يضم مختلف الشرائح المجتمعية التي تفاعلت مع الأحداث وفق مصالحها وتعقيدات واقعها.

وُصفت زيارة الشرع إلى اللاذقية وطرطوس بأنها “انتحار دبلوماسي”، في ظل وجود مئات من فلول نظام الأسد في المنطقة، وهو ما أثار مخاوف من خروقات أمنية قد تستهدفه، لكن المفاجأة كانت في حجم الالتفاف الشعبي حوله، حيث أظهرت المقاطع المصورة آلاف السكان يرحبون به، في مشهد يعكس مدى التحول الذي شهدته هذه المناطق، ويفنّد تماماً مزاعم الأسد المخلوع بأن الساحل كان حصناً حصرياً لسلطته.

الجموع التي استقبلت الشرع بترحاب قد تكون نفس الفئات التي عانت من سياسات الاستغلال والهيمنة التي فرضها النظام السابق، ورأت في المرحلة الجديدة فرصة لإعادة تعريف موقعها في المشهد الوطني بعيداً عن الاصطفافات القسرية التي فُرضت عليها لعقود.

على المستوى الأمني، عكست الزيارة استقرار الساحل السوري بشكل ينسف أي مزاعم بوجود مناطق خارجة عن السيطرة أو أن “فلول الأسد” لا تزال قادرة على تهديد الاستقرار، إذ لم يُسجل أي اختراق أمني، ولم تظهر أي تحركات غير طبيعية، مما يبعث برسالة قوية إلى الداخل والخارج بأن الدولة ممسكة تماماً بزمام الأمور، وأن المرحلة الجديدة تؤسس لاستقرار حقيقي قائم على أسس صلبة.

أما سياسياً، فإن الزيارة تؤكد أن نظام الأسد انتهى فعلياً وخرج من المعادلة بدون رجعة، فالشرع لم يدخل الساحل كقائد يبحث عن تفاهمات مع بقايا النظام السابق، بل كرئيس يرسخ شرعية جديدة مبنية على دولة تشمل الجميع، لا على منظومة حكم قائمة على الخوف والاستقطاب الطائفي.

هذه الرسالة ليست موجهة فقط إلى الداخل السوري، بل أيضاً إلى القوى الإقليمية والدولية التي قد تكون لا تزال تراهن على إنعاش فلول نظام الأسد المخلوع عبر إعادة تسليحها وترتيب صفوفها، لا سيما بعدما ألمحت إيران لذلك في أكثر من مناسبة.

تفكيك إرث الطائفية والاستغلال في الساحل

خلال السنوات الماضية، لطالما استثمر نظام الأسد، وخاصة في عهد الأسد الأب، في استراتيجية تقسيم المجتمع السوري على أسس طائفية، حيث دفع المكونات المختلفة، وخاصة السوريين السنة، إلى التقوقع لحماية أنفسهم، بينما عمل على إعادة تشكيل الطائفة العلوية عبر تدمير بنيتها التقليدية وإفقارها بشكل ممنهج، مما جعلها تعتمد على النظام في بقائها.

ومن خلال تجنيد العديد من أبنائها في الأجهزة القمعية، نجح النظام في تقديم نفسه كحامي مصالحهم، في الوقت الذي كان يستخدمهم كأداة لإحكام قبضته.

ويُرجّح أن تكون زيارة الشرع إلى الساحل قد جاءت في سياق تفكيك هذا الإرث، وتوجيه رسالة بأن الدولة الجديدة ليست مبنية على الامتيازات الطائفية أو الاستقطاب، بل على مفهوم أوسع من المواطنة المتساوية.

الساحل، الذي عانى من تهميش اقتصادي واستغلال سياسي رغم ادعاءات النظام السابق بأنه معقله، يحتاج اليوم إلى مقاربة مختلفة تعترف بحقوق سكانه كمواطنين متساوين، لا كأدوات بيد السلطة.

من الواضح أن النهج الجديد للدولة لا يقوم على تصفية الحسابات، بل على الاستثمار في المستقبل، وهو ما يعكسه الخطاب الرسمي الذي يركز على العدالة الانتقالية “المقوننة” بدلاً من الانتقام السياسي.

فالتحدي اليوم ليس فقط في التخلص من إرث الأسد، بل في بناء دولة يكون فيها الساحل جزءاً متكاملاً من النسيج الوطني، لا مجرد منطقة يُنظر إليها من منظور الولاءات السابقة.

من هنا، فإن زيارة الشرع تحمل رسالة طمأنة، ليس فقط لسكان الساحل، بل لكل السوريين، بأن المستقبل لا يُبنى على الثأر، بل على المصالحة الوطنية الحقيقية التي تعترف بالمظلومية وتحاسب المجرمين دون أن تعيد إنتاج دوائر الإقصاء.

تلفزيون سوريا

—————————-

بعد سنوات من الركود.. أي القطاعات ستحمل لواء النهوض الاقتصادي في سوريا؟/ عبد العظيم المغربل

2025.02.17

بعد سقوط النظام المخلوع، برزت أسئلة كثيرة حول ماهية القطاعات الاقتصادية التي يمكن الاعتماد عليها في التنمية الاقتصادية والنهوض الاقتصادي في سوريا وإعادة الإعمار بعد سنوات من الحرب. وفي هذا الإطار، وضمن مقابلة مع تلفزيون سوريا بتاريخ 3 شباط/فبراير 2025، قال الرئيس السوري أحمد الشرع إنه يتم تشكيل فريق اقتصادي يضم خبرات سورية من داخل البلاد وخارجها. يعمل هذا الفريق على تحليل البيانات المتوفرة حول الاقتصاد السوري وإعداد خطة إصلاح اقتصادية تمتد لعشر سنوات، تهدف إلى تحويل سوريا إلى بيئة استثمارية جاذبة.

تتألف هذه الخطة من ثلاث مراحل: إسعافية على المدى القصير، متوسطة المدى، وبعيدة المدى، وتركز على إعادة هيكلة الاقتصاد وتعزيز الإنتاج المحلي. وأشار الرئيس الشرع أيضاً إلى أن الاقتصاد السوري يعتمد بشكل أساسي على الزراعة ثم الصناعة، إلى جانب أهمية العمل على تطوير البنية التحتية من اتصالات ونقل وكهرباء ومياه. كما أن تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد يعدان من الأولويات لتحقيق الاكتفاء الذاتي للاقتصاد السوري.

وشدد الرئيس على أهمية تعزيز الأمن، لما لهذا العامل من دور في جذب الاستثمارات إلى البلاد، حيث تأتي هذه الخطوات في إطار نهج مؤسسي يهدف إلى بناء اقتصاد مستدام لسوريا، ويسهم في تطوير القطاع الخاص وخلق فرص عمل جديدة تسهم في تخفيض معدلات البطالة.

وفي تعليقه على سؤال حول ماهية القطاعات الاقتصادية التي يمكن الاعتماد عليها في التنمية الاقتصادية لسوريا، قال الباحث الاقتصادي مخلص الناظر في حديث مع موقع تلفزيون سوريا: “يمكن الاعتماد على قطاعي الزراعة والصناعة كركيزتين أساسيتين في نهوض الاقتصاد السوري، ولكن بشرط تبني استراتيجيات تنموية فعالة. تاريخياً، كان هذان القطاعان يشكلان جزءاً كبيراً من الناتج المحلي الإجمالي لسوريا، حيث تمتلك البلاد موارد طبيعية وزراعية غنية، بالإضافة إلى قاعدة صناعية يمكن إعادة تأهيلها وتطويرها. ومع ذلك، فإن الاعتماد الحصري عليهما قد لا يكون كافياً، إذ يجب دمجهما مع قطاعات أخرى مثل التجارة والخدمات والتكنولوجيا لتحقيق تنمية شاملة”.

دور القطاع الزراعي في النهوض الاقتصادي

يعد القطاع الزراعي أحد الدعائم الأساسية للاقتصاد السوري، حيث كان يمثل أكثر من 19% من الناتج المحلي الإجمالي حتى عام 2011، وفقاً لمنظمة FAO، على الرغم من تقدم بعض القطاعات الأخرى. كما يعمل به أكثر من 25% من القوى العاملة في سوريا، وتبلغ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة حوالي 32% من إجمالي مساحة البلاد، أي ما يعادل 6.5 ملايين هكتار، مما يجعله قطاعاً استراتيجياً في إعادة النشاط الاقتصادي وتحقيق الأمن الغذائي. إلا أن المساحات المستغلة فعلياً شهدت انخفاضاً ملحوظاً بسبب الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، وتراجع الدعم الحكومي خلال العقد الماضي، وهجرة اليد العاملة نتيجة للحملات العسكرية التي شنها النظام البائد على المدن والأرياف. كما يعد نقص الموارد المائية أحد أكبر التحديات التي تواجه القطاع الزراعي، حيث انخفضت حصة الفرد من المياه بنسبة 40% خلال العقدين الماضيين نتيجة التغيرات المناخية وتضرر شبكات الري، وفقاً لمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي.

وفي تصريحه لتلفزيون سوريا، قال الدكتور مخلص الناظر: “تُقدَّر أهمية قطاعي الزراعة والصناعة بنسبة كبيرة في إعادة بناء الاقتصاد السوري، ولكن هذه النسبة تعتمد على مدى توفر الظروف الملائمة للاستثمار والإنتاج. يمكن تقدير أهمية هذين القطاعين وفق عدة معايير، فالزراعة يمكن أن تساهم في تنمية الاقتصاد السوري بنسبة 35-40%، حيث تعد من أكثر القطاعات الواعدة، خاصة أن سوريا تتمتع بتربة خصبة، ومناخ متنوع، ووفرة في الموارد المائية رغم التحديات المتعلقة بشح المياه في بعض المناطق. الاستثمار في هذا القطاع يعزز الأمن الغذائي، ويخلق فرص عمل، ويقلل الاعتماد على الاستيراد”.

ما هي مقترحات النهوض بالقطاع الزراعي في سوريا؟

يعد النهوض بالقطاع الزراعي في سوريا ضرورة اقتصادية واستراتيجية تتطلب معالجة شاملة لمختلف التحديات التي واجهها القطاع خلال سنوات الحرب. ولتحقيق ذلك، يجب تبني نهج متكامل يقوم على إعادة تأهيل البنية التحتية، وتعزيز القيمة المضافة عبر الصناعات التحويلية، وتحقيق الأمن الغذائي والاستدامة الاقتصادية. ويشكل كل محور من هذه المحاور ركيزة أساسية في استعادة الدور الريادي للزراعة في دعم الاقتصاد السوري، وذلك من خلال ما يلي:

إعادة تأهيل البنية التحتية الزراعية وتحسين الإنتاجية

تعرضت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في سوريا للتلف نتيجة للحرب، فقد تضررت شبكات الري التقليدية، وانخفضت كفاءة الأراضي المنتجة بسبب الإهمال وندرة المدخلات الزراعية. وفقاً للتقارير، فقد تضرر ما يقارب 50% من أنظمة الري بشكل جزئي أو كلي، مما أدى إلى تراجع الإنتاج الزراعي بنسبة كبيرة.

لذلك، فإن إعادة تأهيل شبكات الري وتحديثها باستخدام أنظمة الري الحديثة، مثل الري بالتنقيط والري المحوري، تعد خطوة أساسية لتحسين الإنتاجية الزراعية وتقليل الهدر المائي. بالإضافة إلى ذلك، يجب تقديم حوافز للمزارعين لتشجيعهم على العودة إلى العمل الزراعي، من خلال تيسير الحصول على البذور والأسمدة المحسنة، وإعادة تأهيل الطرق الزراعية لتسهيل نقل المنتجات من المناطق الريفية إلى الأسواق المحلية والموانئ التصديرية. كما أن إدخال التكنولوجيا الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي والاستشعار عن بعد، يمكن أن يسهم في تحسين التخطيط الزراعي، ورصد الإنتاج، وتوجيه الموارد بشكل أكثر كفاءة.

دعم الصناعات الزراعية التحويلية وزيادة القيمة المضافة

لا يقتصر تطوير القطاع الزراعي على زيادة الإنتاج فقط، بل يجب تعزيز الصناعات التحويلية الزراعية لتحقيق أقصى استفادة من المحاصيل المنتجة. تُعد سوريا غنية بالموارد الزراعية التي يمكن معالجتها محلياً بدلاً من تصديرها كمواد خام، فقد تراجعت صادرات المنتجات الزراعية بنسبة 60% خلال العقد الماضي نتيجة لانخفاض القدرة الإنتاجية وضعف سلاسل التوريد.

لذلك، يتعين إعادة تأهيل أو إنشاء مصانع للمنتجات الزراعية التحويلية مثل مطاحن القمح، ومعاصر الزيتون، ومصانع التعليب والتجفيف، بهدف زيادة القيمة المضافة وتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات السورية في الأسواق الإقليمية والدولية. كما أن دعم الابتكار في الصناعات الغذائية، مثل إنتاج الأغذية العضوية والمنتجات الطبيعية الموجهة للأسواق الأوروبية والخليجية، يمكن أن يفتح فرصاً جديدة للصادرات ويخلق وظائف إضافية في الاقتصاد المحلي.

تحقيق الأمن الغذائي وتقليل الاعتماد على الاستيراد

يعد تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي من الأولويات الاستراتيجية، لا سيما مع ارتفاع أسعار الغذاء عالمياً وتزايد الضغوط على الميزان التجاري السوري الخاسر منذ سنوات. ويكمن الحل في تعزيز زراعة المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح، والشعير، والقطن، والذرة، والبقوليات، حيث تتمتع سوريا بقدرة إنتاجية عالية في هذه القطاعات، فضلاً عن الخبرات المحلية المتراكمة في زراعتها.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن تبني سياسات زراعية داعمة، مثل تقديم الدعم المباشر للمزارعين، وضبط أسعار المدخلات الزراعية، وتحسين خدمات التسويق والتوزيع الداخلي. كما أن تنويع الإنتاج الزراعي ليشمل زراعات جديدة مثل النباتات الطبية والعطرية، والمنتجات العضوية، يمكن أن يعزز التنوع الاقتصادي ويوفر مصادر دخل إضافية للمزارعين.

خلق بيئة استثمارية جاذبة في القطاع الزراعي

يمثل تطوير القطاع الزراعي فرصة هامة لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، خاصة في ظل الاهتمام العالمي المتزايد بالاستثمار في الزراعة المستدامة والتكنولوجيا الزراعية الحديثة. فهناك اهتمام متزايد من المستثمرين الدوليين بالمشاريع الزراعية التي تعتمد على التقنيات الذكية، مثل أنظمة الري بالطاقة الشمسية، والزراعة العمودية، والمزارع الذكية، التي تعزز الإنتاج وتقلل من استهلاك الموارد الطبيعية.

كما يمكن للحكومة السورية تقديم حوافز استثمارية، مثل منح تسهيلات ضريبية للمستثمرين في القطاع الزراعي، وتمويل المشاريع الزراعية عبر شراكات بين القطاعين العام والخاص، ودعم إنشاء مناطق زراعية متخصصة، مما يضمن استدامة الاستثمارات ويسهم في تطوير البنية الاقتصادية للبلاد.

ثانياً: دور القطاع الصناعي في النهوض الاقتصادي

يُعدّ القطاع الصناعي أحد أهم محركات الاقتصاد السوري، إذ كان يسهم بحوالي 34% من الناتج المحلي الإجمالي قبل عام 2010، ويُعتقد أنه انخفض إلى 24% عام 2021، ليتنافس مع القطاع الزراعي على المرتبة الأولى، في حين كانت نسبة العاملين فيه تشكل جزءاً هاماً من القوى العاملة، خصوصاً في المدن الصناعية الكبرى مثل حلب ودمشق وحمص. وتمتلك سوريا قاعدة صناعية متنوعة تشمل الصناعات التحويلية، والنسيجية، والدوائية، والبتروكيماوية، والصناعات الغذائية، والتي كانت تسهم في تأمين احتياجات السوق المحلي وتعزيز الصادرات.

إلا أن الحرب أدت إلى أضرار واسعة في القطاع الصناعي، حيث قدّرت وزارة الصناعة السورية في عام 2021 أن الخسائر التي لحقت بالمصانع والمنشآت الصناعية بلغت أكثر من 600 تريليون ليرة سورية (حوالي 150 مليار دولار). كما أن الأضرار المباشرة وغير المباشرة للقطاع حتى عام 2019 قُدّرت بحوالي 23.5 مليار دولار. هذه الأضرار شملت تدمير البنية التحتية، وتوقف الإنتاج، ونقص الإمدادات اللوجستية، وخسارة الأسواق التصديرية، مما أدى إلى تراجع كبير في القدرة الصناعية والإنتاجية للبلاد.

وفي هذا الإطار، يقول الدكتور الناظر لتلفزيون سوريا: “يمكن أن تلعب الصناعة دوراً بنسبة 30-40% في تنمية الاقتصاد السوري، حيث يمكن للصناعة، وخاصة الصناعات التحويلية والمواد الغذائية والنسيجية، أن تؤدي دوراً مهماً في تحريك عجلة الإنتاج وزيادة الصادرات، خاصة إذا تم توفير بنية تحتية حديثة وتحفيز الصناعات الصغيرة والمتوسطة”.

ما هي مقترحات النهوض بالقطاع الصناعي في سوريا؟

إعادة إحياء القطاع الصناعي تتطلب تبنّي سياسات شاملة تستهدف إعادة تأهيل البنية التحتية، وتحفيز الصناعات التحويلية، وتعزيز الإنتاج المحلي، وتحسين بيئة الاستثمار الصناعي، وذلك من خلال ما يلي:

إعادة تأهيل البنية التحتية الصناعية وتعزيز الإنتاجية: تعرضت آلاف المنشآت الصناعية لأضرار جسيمة، خصوصاً في المدن الصناعية الكبرى مثل حلب وريف دمشق وحمص، حيث تضرر أكثر من 50% من المصانع بشكل جزئي أو كلي، مما أدى إلى تعطيل سلاسل الإنتاج والتوزيع. ولإعادة تنشيط القطاع الصناعي، يجب إصلاح المدن الصناعية الكبرى مثل مدينة عدرا الصناعية (ريف دمشق)، والشيخ نجار (حلب)، وحسياء (حمص)، وذلك من خلال توفير البنية التحتية اللازمة، وإعادة تأهيل شبكات الكهرباء والمياه، وتحسين الخدمات اللوجستية التي تسهّل نقل المواد الأولية والمنتجات النهائية. كما أن توفير الطاقة بأسعار معقولة يُعدّ أحد العوامل الحاسمة في إعادة تشغيل المصانع، فقد أدى نقص الكهرباء والوقود إلى توقف العديد من خطوط الإنتاج. لذلك، فإن الاستثمار في الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح يمكن أن يوفر حلولاً مؤقتة للمصانع ويقلل من تكاليف التشغيل.

تحفيز الصناعات التحويلية وزيادة القيمة المضافة: تعتمد سوريا على الصناعات التحويلية التي تشمل النسيج، والمنتجات الغذائية، والأدوية، والكيماويات، والإسمنت، إلا أن هذه الصناعات شهدت انخفاضاً حاداً في الإنتاج والتصدير بسبب الحرب. ولإعادة تنشيط هذا القطاع، يجب التركيز على تحفيز الصناعات التي تعتمد على المواد الأولية المحلية والتي يمكن الاعتماد عليها من القطاع الزراعي على سبيل المثال، مثل صناعة النسيج المستندة إلى القطن السوري، ومعاصر الزيتون، والمصانع الغذائية، مما يقلل الحاجة إلى الاستيراد ويعزز القيمة المضافة محلياً.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تحديث خطوط الإنتاج عبر إدخال تقنيات حديثة في التصنيع، وتسهيل استيراد المعدات الصناعية، ودعم البحوث والابتكار في الإنتاج، يمكن أن يرفع جودة المنتجات السورية ويجعلها أكثر تنافسية في الأسواق الإقليمية والعالمية.

تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات: قبل الحرب، كانت سوريا تتمتع بقاعدة صناعية قوية توفر معظم احتياجات السوق المحلي، إلا أن تضرر الإنتاج أدى إلى ارتفاع نسبة الاستيراد إلى أكثر من 70% من إجمالي الاستهلاك المحلي، مما زاد من الضغط على الميزان التجاري الخاسر. لذلك، يجب التركيز على إعادة تشغيل المصانع المغلقة، ودعم إنشاء مصانع جديدة في القطاعات الأساسية مثل الحديد، والإسمنت، والبلاستيك، والبتروكيماويات، والصناعات الغذائية، وذلك عبر تقديم تسهيلات حكومية وخفض الرسوم الجمركية على المواد الأولية اللازمة للصناعة. كما أن دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في المجال الصناعي يمكن أن يلعب دوراً مهماً في تعزيز الإنتاج المحلي، إذ تسهم هذه المشاريع في خلق فرص عمل جديدة، وزيادة مرونة الاقتصاد، وتحقيق الاستقرار الاجتماعي.

تحسين بيئة الاستثمار وجذب الاستثمارات الصناعية: لضمان استدامة الانتعاش الصناعي، لا بد من تحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية في القطاع، حيث إن العديد من المستثمرين يبحثون عن فرص صناعية جديدة في سوريا، خصوصاً في ظل الكلفة المنخفضة نسبياً لليد العاملة، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تقديم حوافز استثمارية، مثل تخفيض الضرائب، وتوفير الأراضي بأسعار مخفضة، وإنشاء شراكات بين القطاعين العام والخاص، وتفعيل صناديق استثمارية. إضافة إلى ذلك، فإن إنشاء مناطق صناعية متخصصة يمكن أن يسهم في تنويع الاقتصاد، مثل مناطق التكنولوجيا المتقدمة، والصناعات الدوائية، والمعدات الطبية، وغيرها، مما يعزز قدرة سوريا على مواكبة التطورات التكنولوجية وجذب استثمارات نوعية.

ثالثاً: دور بقية القطاعات في النهوض الاقتصادي

إلى جانب الزراعة والصناعة، تلعب قطاعات التكنولوجيا، التعليم، النقل، الطاقة، السياحة، الصحة، الخدمات، والتجارة دوراً أساسياً في إعادة بناء الاقتصاد السوري وتحقيق التنمية الاقتصادية؛ إذ يُعدّ قطاع التكنولوجيا من أكثر المجالات الواعدة، نظراً للنقص الحاد في البنية التحتية الرقمية نتيجة للعقوبات المفروضة على البلاد، إضافةً إلى القيود التي فرضها النظام السابق على احتكار التكنولوجيا لصالحه.

لذا، يمكن للتكنولوجيا أن تسهم في رقمنة الخدمات الحكومية، وتطوير قطاع الاتصالات، وتعزيز ريادة الأعمال في البرمجيات والتجارة الإلكترونية، مما يرفع كفاءة الإنتاج ويفتح آفاقاً جديدة لسوق العمل، لا سيما مع تزايد الطلب العالمي على الحلول التقنية.

أما قطاع التعليم، فهو حجر الأساس لبناء رأس مال بشري مؤهل لقيادة الاقتصاد، إذ يتطلب الواقع الحالي إصلاحاً شاملاً للمنظومة التعليمية، وإعادة تأهيل المدارس والجامعات، وربط المناهج بسوق العمل الحديث. وهذا يسهم في رفع مستوى الإنتاجية، والحد من معدلات البطالة بين الشباب، وتحفيز البحث العلمي والتطوير، مما يعزز تنافسية الاقتصاد السوري في المستقبل.

من جهة أخرى، يُعد قطاع النقل عنصراً مهماً في تحفيز الأنشطة الاقتصادية، إذ إن إعادة تأهيل شبكات الطرق، وتحديث السكك الحديدية، وتطوير الموانئ والمطارات ستُمكّن من تقليل تكاليف الإنتاج، وتحسين تدفق السلع والخدمات، وتعزيز القدرة التنافسية للصناعات المحلية، مما يسهم في استقطاب الاستثمارات وزيادة حركة التجارة الداخلية والخارجية.

ويُعد قطاع الطاقة ركيزة أساسية لأي عملية تنموية، إذ إن إعادة تأهيل محطات الكهرباء، وتحسين شبكات التوزيع، والاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة لا يضمن فقط استقرار الإنتاج الصناعي والزراعي، بل يعزز كذلك مناخ الاستثمار، ويقلل من الاعتماد على الوقود المستورد، ويخفف الضغط على خزانة الدولة.

أما قطاع السياحة، فهو من أكثر القطاعات الواعدة نظراً للإرث الثقافي والتاريخي الغني لسوريا، والذي يشمل مواقع أثرية مهمة في دمشق وحلب وحمص، ومناطق سياحية خلابة في الساحل السوري. لذا، فإن إعادة تأهيل البنية التحتية السياحية، وتحسين الأمن، وتشجيع الاستثمارات الفندقية يمكن أن يسهم في جذب السياح مجدداً، وزيادة العوائد المالية، وتنشيط قطاع الخدمات والتوظيف.

وفي هذا الإطار، يقول الدكتور مخلص الناظر لتلفزيون سوريا: “يمكن أن تساهم قطاعات أخرى مثل التجارة، السياحة، والخدمات بنسبة 20-30% في التنمية الاقتصادية، والتي يمكن أن تدعم الزراعة والصناعة من خلال توفير أسواق للمنتجات والبنية التحتية اللوجستية”.

بشكل عام، يعتمد النهوض الاقتصادي في سوريا خلال السنوات القادمة على ما تمتلكه البلاد من خبرات وإمكانات في قطاعات الزراعة والصناعة بشكل رئيسي، ثم على قطاعات التكنولوجيا، التعليم، والنقل. وعبر إعادة تنشيط هذه القطاعات، وإعادة تأهيل البنية التحتية، وتحفيز الاستثمارات، وتعزيز الإنتاج المحلي، وضمان الأمن والاستقرار السياسي، يمكن لسوريا إعادة تنمية اقتصادها، وتوفير فرص عمل، وتحسين مستوى المعيشة.

هذا يعتمد على سياسات اقتصادية متوازنة، ودعم القطاع الخاص، والاستفادة من الخبرات المحلية والدولية في بناء اقتصاد حديث للبلاد يعتمد على نموذج السوق الحر، بعيدًا عن النموذج الاشتراكي والمختلط الذي اتبعه نظام الأسد البائد في الاقتصاد السوري لعقود.

تلفزيون سوريا

—————————-

السلطات السورية تلقي القبض على متورطين بارتكاب مجزرة التضامن بدمشق

تحديث 17 شباط 2025

لندن- “القدس العربي”: تمكنت إدارة الأمن العام التابعة لوزارة الداخلية السورية من تحقيق تقدم جديد في ملف مجزرة حي التضامن دمشق المرتكبة قبل 12 عامًا، حيث تستمر عمليات الملاحقة والقبض على المتورطين.

وأفاد مصدر أمني مطلع بأن التحقيقات الجارية مع الموقوفين الثلاثة الذين تم القبض عليهم يوم الإثنين ساهمت بالكشفت عن أسماء أخرى متورطة في المجزرة، وأن الجهات المختصة بدأت بتوسيع دائرة البحث عنهم.

وأوضح المصدر أن من بين المتورطين الجدد أسماء كانت تشغل مناصب قيادية في ميليشيات تابعة للنظام السابق، وأن الاعترافات التي أدلى بها المعتقلون تضمنت تفاصيل مروّعة عن عمليات التصفية الجماعية التي طالت المدنيين في حي “التضامن”.

وأكد مدير أمن دمشق، المقدم عبد الرحمن الدباغ، أن السلطات لن تتهاون في ملاحقة جميع المشاركين في المجازر، مشيرًا إلى أن الموقوفين الجدد سيمثلون قريبًا أمام القضاء، وأن التحقيقات مستمرة للكشف عن مواقع دفن الضحايا.

يُذكر أن اعتقال غدير السالم، أحد مساعدي قائد ميليشيا النظام السابق فادي صقر، في 7 فبراير/ شباط الجاري، شكّل بداية لسلسلة من الاعتقالات التي طالت متورطين في مجازر ارتُكبت خلال سنوات النزاع، ما يعكس توجهًا جديدًا لدى السلطات في التعامل مع جرائم الحرب والمجازر الجماعية.

تأتي هذه التطورات وسط مطالبات حقوقية محلية ودولية بضرورة محاسبة جميع المتورطين في جرائم الحرب بسوريا، وضمان العدالة لذوي الضحايا الذين ينتظرون منذ سنوات كشف الحقيقة ومحاسبة المسؤولين.

(وكالات)

——————————-

دمشق: القبض على 3 متورطين بمجزرة التضامن..أمجد اليوسف بينهم؟

الإثنين 2025/02/17

أعلن الأمن السوري، اليوم الاثنين، القبض على ثلاثة متورطين في مجزرة حي التضامن، جنوب العاصمة دمشق، بينهم أحد أبرز المسؤولين عنها، لكن مصادر “المدن”، أكدت أن أمجد اليوسف ليس واحداً منهم.

القبض على متورطين

وقال مدير الأمن في دمشق عبد الرحمن الدباغ، لوكالة “سانا”، إن الأمن السوري قبض على أحد رؤوس المجرمين المسؤولين عن مجزرة حي التضامن قبل 12 عاماً، موضحاً أن التحقيقات الأولية مع الموقوف، قادت إلى التعرف على عدة أشخاص ممن شاركوا في المجزرة، قبضت القوات الأمنية على اثنين منهم.

ولفت الدباغ إلى أن الموقوفين الثلاثة اعترفوا بارتكاب مجزرة التضامن، والتي تم فيها قتل أكثر من 500 رجل وامرأة من المدنيين، بدون أي محاكمة أو تهمة.

وشدد المسؤول السوري على أن البحث جارٍ للبحث على مواقع المجازر، وأن “المجرمين لن يفلتوا من العقاب وسنعمل على تقديمهم للقضاء لينالوا جزاءهم العادل”.

أمجد اليوسف بينهم؟

وقالت مصادر متابعة لـ”المدن”، إن العملية بدأت بالقبض على أحد أبرز المشاركين في مجزرة التضامن، وهو منذر الجزائري، وذلك عبر كمين نصب له في حي الزاهرة في العاصمة دمشق، وذلك قبل أن يعترف على آخرين ممن شاركوا في المجزرة ومجازر أخرى لم يتم كشفها على الإعلام.

وأضافت أنه، وبعد القبض على الجزائري، وبناءً على اعترافاته، نفّذت قوى الأمن حملة أمنية في حي التضامن، أدت إلى القبض على اثنين من المتورطين في المجزرة، هما سومر محمد المحمود وعماد محمد المحمود.

وأكدت أن المسؤول الأول عن المجزرة، المقدم أمجد اليوسف، لم يكن بين الموقوفين، لافتةً إلى أن مكان اليوسف لا يزال مجهولاً حتى الآن، منذ الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، بينما تشير الأنباء المتداولة إلى أنه متوارٍ عن الأنظار في قرى ريف حمص الغربي.

وكانت إدارة العمليات العسكرية قد تمكنت من القبض على مصور المجزرة، بعد عدة أيام فقط على الإطاحة بنظام الأسد.

مجزرة التضامن

في 27 نيسان/أبريل 2022، كشفت تحقيق لصحيفة “الغارديان” البريطانية، عن مجزرة مروعة ارتكبها عناصر وضباط من فرع الأمن العسكري في دمشق، المعروف بفرع “المنطقة”، أدت لمقتل 41 شخصاً، ودفنهم في مقبرة جماعية.

وظهر ضحايا المجزرة آنذاك في المقطع وهم يسقطون في مقبرة جماعية في مذبحة يعتقد أنها شملت “مئات المدنيين”، وتم إلقاء القبض على مجموعات من المدنيين، وكانوا معصوبي العيون، ومقيدي الأيدي، وساروا نحو حفرة الإعدام، غير مدركين أنهم على وشك أن يُقتلوا بالرصاص. وعندما انتهت عمليات القتل، لقي ما لا يقل عن 41 رجلاً مصرعهم في المقبرة الجماعية بالتضامن، وسكب قتَلتهم الوقود على رفاتهم وأشعلوها ضاحكين.

وفي مقال نُشر في نسيان/أبريل 2022، في “مجلة نيو لاينز”، قال الباحثان اللذان ساعدا في فضح المجزرة، إن المقاطع المصورة التي كانت “صادمة بالفعل بسبب فظاعتها، تبرز في إيجازها وقسوتها بين آلاف الساعات من اللقطات التي فحصناها طوال حياتنا المهنية كباحثين في العنف الجماعي والإبادة الجماعية في سوريا وأماكن أخرى”.

وفي تحقيق آخر في خريف العام 2022، قالت “الغارديان”، إن أمجد اليوسف، الذي ظهر وهو يقوم بإعدام المدنيين، مازال على رأس عمله في قاعدة للمخابرات السورية بمنطقة كفرسوسة في دمشق.

——————————

تريث أميركي قبل رفع العقوبات ودعم الحكومة الجديدة في سوريا/ مصطفى رستم

واشنطن حذرة من أي تطورات غير متوقعة بخاصة أنها لا تمتلك مصلحة مباشرة في أي سيناريو هناك حالياً باستثناء ضمان عدم وجود تهديد لإسرائيل

الاثنين 17 فبراير 2025

“قيصر سوريا” ظهر والعقوبات لم ترفع…

يدرك الأميركيون أن سوريا ما بعد الأسد ستظل في حال اضطراب لأعوام، مما يدفعهم إلى مزيد من الحذر

القرار الأميركي النهائي سيظل مرتبطاً بالحسابات الإسرائيلية، فتل أبيب لن تسمح بقيام نظام سوري جديد يتمتع بحرية مناورة كبيرة، حتى لو كان معادياً لإيران.

السؤال الأبرز المطروح في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد متى ستزول العقوبات عن بلد اكتوى بالحرب، وتلوع ناسه فقراً وعوزاً بسبب الحصار المطبق عليهم، فظلت العقوبات الاقتصادية التي نص عليها قانون “قيصر” وغيره كسيف مسلط على رقاب السوريين بعدما تردت أحوالهم بمرور عقد من السنوات العجاف.

فبعد الثامن من ديسمبر (كانون الأول) من عام 2024، باتت الأوساط الشعبية تتطلع إلى حياة كريمة وعودة اللاجئين لبيوتهم ونهوض الاقتصاد المنهار مجدداً، وكل هذا رهن أن تلغي الولايات المتحدة والدول الأوروبية العقوبات على سوريا التي كانت بالأساس تستهدف الأسد وكبار المسؤولين والهيئات والشركات المتعاونة مع النظام، أو التي تنضوي تحت خدمته.

مصالح أمنية أميركية

في الأثناء حذر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جيم ريتش من أخطار رفع العقوبات بسرعة ودفعة واحدة، ومن توسيع الولايات المتحدة دخولها في سوريا قبل معالجة كثير من المصالح الأمنية والحيوية، ورجح أن يخلق الدخول المبكر والمفرط مزيداً من المعضلات الأمنية بينما محدودية الدخول في الشأن السوري أو غيابه تماماً قد تعطي انطباعاً خاطئاً بعدم اهتمام واشنطن، مما يمنح روسيا وإيران الفرصة لاستعادة نفوذهما هناك.

وحدد السيناتور ريتش أربع نقاط لرفع العقوبات وتسبقها معالجة كثير من المصالح الأمنية والحيوية، أولها الحاجة إلى إثبات الحكومة السورية الجديدة بأنها لن تكون منصة لانطلاق الهجمات الإرهابية ضد الولايات المتحدة أو شركائها والقضاء على مخزون الأسلحة الكيماوية الباقي من نظام الأسد، وإنهاء النفوذين الروسي والإيراني ومنع موسكو من استخدام مينائها في سوريا المطل على البحر المتوسط لتهديد واشنطن والقلق من استضافة دمشق في الفترة الأخيرة وفداً روسياً لبحث القواعد العسكرية، وضرورة تدمير إمبراطورية الكبتاغون التي بناها نظام الأسد وهي أولوية بالنسبة إلى أميركا، بحسب السيناتور.

رأس السلطة

وكانت الولايات المتحدة الأميركية أصدرت قوانين من أبرزها “قيصر” لحماية المدنيين في سوريا في الـ17 من ديسمبر عام 2019 ويستهدف الأفراد والشركات التي تمول أو تدعم نظام الأسد، كما يستهدف الصناعات السورية بما فيها المتعلقة بالبنية التحتية والصيانة العسكرية وإنتاج الطاقة والكيانات الإيرانية والروسية التي تقدم الدعم لحكومة الأسد خلال الحرب الأهلية.

وسمي “قيصر” بهذا الاسم نسبة إلى شخص كان في ذلك الوقت مجهولاً سرب معلومات وصوراً لضحايا التعذيب في السجون والمعتقلات بين عامي 2011 و2014، وكشف أخيراً عن هويته ليتبين أنه فريد المذهان وهو مساعد ضابط يعمل كمصور في الطب الشرعي بالشرطة العسكرية.

في الأثناء يرى عضو نادي الصحافة الوطني في واشنطن ورئيس مركز “ريكونسنس” للبحوث والدراسات عبدالعزيز العنجري في حديث إلى “اندبندنت عربية” أن واشنطن تتوخى الحذر الشديد في التعامل مع النظام الجديد في سوريا لأنها تدرك أن تغيير رأس السلطة لا يعني بالضرورة تغيير الديناميكيات السياسية والأمنية التي جعلت البلاد ساحة صراع إقليمي ودولي، وخير شاهد التجربة الأميركية في العراق وأفغانستان فأدركت واشنطن أن انهيار النظام لا يؤدي بالضرورة إلى استقرار، بل قد يفتح الباب أمام صراعات داخلية أو تدخلات خارجية جديدة، لا سيما في ظل تصاعد التنافس الدولي، خصوصاً مع الصين كما أن واشنطن لن تقدم أي تنازلات مجانية وستواصل مراقبة الوضع لفترة طويلة قبل اتخاذ أي خطوات جوهرية.

وتوقع بأن تتريث واشنطن بتقديم الدعم للإدارة الجديدة، ليس بسبب أولوياتها الأخرى فحسب، بل أيضاً بسبب الحسابات الإسرائيلية حتى في حال توافق واشنطن ودمشق على الشروط المعلنة، فإن القرار الأميركي النهائي سيظل مرتبطاً بالحسابات الإسرائيلية، خصوصاً أن تل أبيب لن تسمح بقيام نظام سوري جديد يتمتع بحرية مناورة كبيرة، حتى لو كان معادياً لإيران، وستسعى إلى فرض ترتيبات أمنية صارمة تضمن استمرار تفوقها الاستراتيجي.

وأضاف أن “نتنياهو ربما يستغل نفوذه في واشنطن للضغط من أجل إبقاء سوريا في حال ضعف سياسي وعسكري، مما يعني أن تل أبيب قد تعارض أي رفع سريع للعقوبات، أو تطالب بضمانات أمنية إضافية قبل أن تسمح للإدارة الأميركية بتخفيف الضغط عن دمشق”.

الإيفاء بالشروط

في المقابل، يحاول الوجه الدبلوماسي الجديد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بث مشاعر الارتياح في الأوساط الأوروبية والدول الغربية والتخفيف من توجس الغرب تجاه الإدارة الجديدة، فأعرب خلال جلسة حوارية على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن في ألمانيا عن أمله بلاده في بناء علاقات إيجابية مع الإدارة الأميركية الجديدة، ورفع العقوبات عن سوريا لأنها فرضت على النظام السابق.

في غضون ذلك، يرى أستاذ العلاقات الدولية في كلية الاقتصاد بجامعة حلب رائد حاج سليمان في حديث خاص أن هناك عقوبات تستهدف الأفراد وأخرى قطاعية تستهدف قطاعات محددة ولإزالتها نهائياً على الحكومة الجديدة الإيفاء بالشروط السياسية الأخرى ومنها التزام بمحاربة الإرهاب.

ملفات عالقة

بعد سقوط النظام السوري وتولي الإدارة الجديدة الحكم برئاسة أحمد الشرع، طالب عضوان في الكونغرس الأميركي في ظل الإدارة الأميركية السابقة تعليق العقوبات المفروضة على سوريا لتخفيف الضغوط الاقتصادية عقب الإطاحة بالأسد.

وقال العنجري “يجب ألا ننسى دعم الولايات المتحدة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) الكردية في شمال شرقي سوريا، ومن الصعب أن تتخلى عن دعمها لها نظراً إلى أهمية المنطقة هناك، حيث يسيطر الأكراد على أكثر من 60 في المئة من الثروات الطبيعية للبلاد، بما في ذلك النفط والغاز والمياه والقمح”.

غياب الاستقرار

وبالحديث عن التغيير في سوريا وإضعاف محور إيران ومشروعها للوصول إلى البحر المتوسط، لا تزال الولايات المتحدة تتوجس من النفوذين الإيراني والروسي لأن القوة الحقيقية لا تتعلق بعدد القواعد أو حجم القوات، بل بالقدرة على التأثير السياسي والاجتماعي والاقتصادي. ويقول العنجري “حتى مع التراجع الكبير في دورهما العسكري، لا تزال لديهما أدوات نفوذ متناثرة يمكن أن تنشط مجدداً مع غياب الاستقرار في سوريا، وفي بلد مضطرب كهذا لا يتطلب الأمر كثيراً لإحداث تغيير مؤثر، مما يجعل واشنطن حذرة من أي تطورات غير متوقعة، خصوصاً أنها لا تمتلك مصلحة مباشرة في أي سيناريو هناك حالياً، باستثناء ضمان عدم وجود تهديد، حتى لو كان معنوياً، ضد إسرائيل”.

ويعرب العنجري عن اعتقاده بأن سياسات ترمب ركزت على تقليص الإنفاق الخارجي وتحميل الحلفاء كلفة القضايا الإقليمية، انطلاقاً من قناعته بأن الولايات المتحدة لن تستمر في تحمل كلف الأزمات العالمية من دون مقابل أو منفعة مباشرة.

وتابع “في هذا السياق، يدرك الأميركيون أن سوريا ما بعد الأسد ستظل في حال اضطراب لأعوام، مما يدفعهم إلى مزيد من الحذر قبل التورط في هذا المستنقع من دون ضمانات سياسية واضحة، ويتعزز هذا الحذر في ظل توجه الإدارة نحو تقليص الالتزامات الخارجية واعتماد نهج أكثر انتقائية في التدخلات الدولية”.

———————————–

«حراس الدين» وقد حلّ نفسه… فقاعة صوتية أم تهديد مبطن؟/ سلطان الكنج

دلالات البيان والعلاقة مع «تحرير الشام» من الولاء إلى العداء

16 فبراير 2025 م

في نهاية شهر يناير (كانون الثاني) الفائت، ومن دون مقدمات مسبقة، أعلن الفرع السوري لتنظيم «القاعدة»، المعروف بتنظيم «حراس الدين»، حلّ نفسه رسمياً، مؤكداً في بيان أن قراره جاء بعد ما وصفه بـ«تحقيق النصر المبين» بإسقاط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد.

وأعاد هذا البيان تسليط الضوء على تنظيم يفترض أنه انتهى عملياً على الأرض، كما وأثار تساؤلات حول حجمه الفعلي، واختياره توقيت هذا الإعلان. فقد دعا التنظيم الإدارة الجديدة في سوريا إلى الحفاظ على السلاح بيد «أهل السنة»، ونصحها بـ«إقامة الدين وتحكيم الشريعة»، معتبراً أن سوريا لا تزال ساحةً للمعارك الكبرى ضد «الطغاة والمستعمرين»، وداعياً مقاتليه السابقين للاستعداد لأي استحقاقات مستقبلية.

كذلك شدد «حراس الدين» على أنه سيبقى مستعداً لتلبية أي «نداء استغاثة» في مناطق المسلمين، متمسكاً بـ«ثوابته الشرعية دون تغيير أو تمييع».

لكن هل لا يزال لتنظيم «القاعدة» أي وجود في سوريا؟ وهل فعلاً هناك أهمية لتوقيت البيان؟

تحدثت «الشرق الأوسط» إلى عدد من المصادر، بينهم قيادي سابق في «حراس الدين»، يكنّى بأبي عبد الرحمن الحلبي، التحق بصفوف «هيئة تحرير الشام»، بعد انتهاء التنظيم فعلياً في منتصف عام 2020.

قال الحلبي: «لا يتجاوز البيان كونه خطوةً إعلاميةً، فالتنظيم لم يعد له وجود حقيقي على الأرض، وهو يحاول فقط الإيحاء بأنه لا يزال حاضراً وفاعلاً في سوريا». وأضاف: «عملياً هناك بعض المتعاطفين لكن من دون انتماء تنظيمي. لذا، يمكن اعتبار البيان بمثابة تعزية للأنصار السابقين، وليس أكثر».

وأوضح الحلبي: «في بداية تشكيل (حراس الدين)، كانت لدينا قناعة بأن (تحرير الشام) تنحرف عن أهداف الجهاد وغاياته، بدءاً بقبولها بالوجود التركي وحماية نقاط الجيش التركي والتنسيق مع تركيا، ثم رفضها مطالب القادة العسكريين بضرورة فتح معركة ضد قوات النظام في ريف اللاذقية أو إدلب. وبرّرت قيادة الهيئة حينذاك بأن أي عمل عسكري ليس في مصلحة المعارضة، وكنا نرى هذا مجرد ذَرٍّ للرماد في العيون، وأن (تحرير الشام) كانت في الحقيقة ملتزمة باتفاق آستانة».

النشأة والشقاق

وكان تنظيم «حراس الدين» تشكل في فبراير (شباط) 2018 من عدة تجمعات صغيرة، مرتبطة ببيعة شرعية لأيمن الظواهري، لكن سرعان ما بدأ يظهر الشقاق بين تيارات متباينة داخل هذه الجماعات نفسها بين خط جهادي محلي مطالب بفك الارتباط عن تنظيم «القاعدة» وقيادة الظواهري (تحرير الشام)، وخط جهادي عالمي ومدافع عن البقاء تحت رايتها كحال «حراس الدين».

وشهدت الفترة بين عامي 2019 و2020 مواجهات متكررة بين «هيئة تحرير الشام» وتنظيم «حراس الدين»، وتصاعدت حدة الاشتباكات بين الطرفين، خصوصاً بعد تشكيل غرفة عمليات «فاثبتوا» التي قادها «حراس الدين». وبلغ هذا الصراع ذروته في مايو (أيار) 2020، عقب قيام «تحرير الشام» باعتقال أبو مالك التلي، الزعيم السابق لـ«جبهة النصرة» في القلمون، الذي كان قد انشق عن «تحرير الشام» وأصبح مقرباً من «حراس الدين»، إضافة إلى اعتقال القيادي أبو صلاح الأوزبكي.

على أثر هذه الأحداث، تمكنت «حراس الدين» من السيطرة على بعض مواقع «تحرير الشام» في ريف إدلب الغربي، لكن الأخيرة سرعان ما ردت باستخدام القوة العسكرية، ما أدى إلى تفكيك غرفة عمليات «فاثبتوا» بالكامل.

وبهذا الإجراء، أنهت «تحرير الشام» فعلياً وجود تنظيم «حراس الدين» ككيان عسكري مستقل.

جدير بالذكر أنه عندما كان قادة «حراس الدين»، ضمن «جبهة النصرة»، لعبوا دوراً كبيراً في المواجهات التي خاضتها الأخيرة ضد بعض فصائل «الجيش الحر» في إدلب وريف حلب.

وفي تلك الفترة استخدم أحمد الشرع (الجولاني) قادة «حراس الدين» وثقلهم في الوسط الجهادي لتحقيق مكاسب كبيرة، سواء في تصفية الفصائل المنافسة، أو في تثبيت حكمه في إدلب. ولكن، عندما رأى أنهم باتوا يشكلون خطراً على مشروعه، عمل على القضاء عليهم، مستغلاً فشلهم التنظيمي والإعلامي، بالإضافة إلى عدم قدرتهم على تكوين حاضنة اجتماعية في إدلب، مما جعلهم عرضة للتهميش والاستهداف. كما تعرضوا حينها لهجمات مباشرة ومؤلمة من التحالف الدولي اتهم الجولاني بالتنسيق فيها.

ويقول الحلبي: «قُتل بعض القادة، وسُجن آخرون، بينما اختار كثيرٌ من العناصر الصمت والعزلة تفادياً للصدام مع (تحرير الشام)، لأن ذلك لم يكن في مصلحة ما يُعرف بـ(الجهاد الشامي)، أي الثورة في سوريا».

ويضيف: «بعد انهيار (حراس الدين) كتنظيم على الأرض، عاد بعض عناصره – وأنا منهم – إلى (تحرير الشام)، لإدراكنا أن الارتباط بـ(القاعدة) لم يعد خياراً مجدياً، بل قد يضرّ بالثورة السورية والمشروع الجهادي ككل في سوريا».

من الجولاني إلى الشرع

يقول عروة عجوب، طالب الدكتوراه في جامعة مالمو، السويد، والمختص بشؤون الجماعات الجهادية، لـ«الشرق الأوسط»، إن تنظيم «حراس الدين»، «لم يعد له وجود فعلي منذ عام 2021، عندما شُكِّلت غرفتا عمليات (وحرض المؤمنين) و(فاثبتوا) بمشاركة عدة فصائل محلية غاضبة من النهج البراغماتي لزعيم (هيئة تحرير الشام) آنذاك أبو محمد الجولاني». ويشير عجوب إلى أن «الجولاني (أحمد الشرع)، شعر في ذلك الوقت بأن هذه الفصائل قد تشكّل تهديداً مباشراً لنفوذه في إدلب، ما دفعه إلى تفكيك هذه الغرف، ومنع أي محاولات لاحقة لتشكيل فصائل أو غرف عمليات جديدة».

ويعتقد عجوب أن العداء بين الجولاني وتنظيم «القاعدة» بدأ فعلياً منذ انفصال «هيئة تحرير الشام» عن «القاعدة» عام 2016، وأن الجولاني استطاع لاحقاً، بالتعاون مع التحالف الدولي، القضاء على تنظيمي «داعش» و«حراس الدين» داخل مناطق سيطرته.

ويرى عجوب أن الإعلان الجديد عن التنظيم يهدف بالدرجة الأولى إلى إثبات الوجود، لافتاً إلى أنه يستبعد أي مستقبل لتنظيم «القاعدة» في سوريا بعد تحوّل «هيئة تحرير الشام» إلى السلطة، ويقول: «عندما كانت الهيئة مجرد فصيل مسلح، كانت تتهم (القاعدة) بالغلو وتقوم بملاحقة عناصرها، فكيف وقد أصبحت اليوم السلطة الشرعية؟».

ويتفق الحلبي مع وجهة النظر هذه، قائلاً: «لن يكون لـ(القاعدة) أي مستقبل في سوريا بعد انتصار (تحرير الشام)، كما أن المجتمع السوري ليس مستعداً لقبول أي تنظيم فصائلي الآن. كذلك، فإن أحمد الشرع بات يتمتع برمزية كبيرة بين الفصائل والمقاتلين، ما يجعل من المستحيل على (القاعدة) إحياء نفسها حالياً».

شركاء النصر

في المقابل، يقول قيادي في «الجيش الحر» سابقاً، مفضلاً عدم ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»: «رغم الانهيار الميداني، سعى (حراس الدين) عبر إعلان حل نفسه إلى التأكيد على أن (القاعدة) لا تزال موجودة وفاعلة في سوريا، وأنها جزءٌ من (انتصارات الثورة) ضد النظام، في محاولة لإعادة إنتاج دورها في المشهد (الجهادي). كما أراد التنظيم تذكير خصومه، خصوصاً (تحرير الشام)، بأنه كان شريكاً أساسياً في مسيرتهم، وبأنه ساهم في توجيه زعيم (الهيئة)، أحمد الشرع أو أبو محمد الجولاني، نحو فك ارتباطه بـ(القاعدة) بدعوى مصلحة الثورة السورية».

ولفت المصدر إلى أن التنظيم يرى نفسه «المدبر الرئيسي لمشروع أحمد الشرع، وأنه هو من خلّصه من تنظيم (داعش) ومنحه الشرعية، وهذا البيان هو محاولة لاستثمار هذا القرار لصالحه عبر الإظهار أنه لا يعارض مصلحة الشعب السوري، بل كان جزءاً ممن قاتلوا لتحقيق مصالحه».

وتحدثت «الشرق الأوسط» إلى قيادي داخل «تحرير الشام» (سابقاً)، مفضلاً عدم ذكر اسمه، فاعتبر أن بيان «حراس الدين» هو محاولة من تنظيم «القاعدة» لتخليص السلطة الجديدة من تركتها لإتاحة المجال أمامها نحو نيل الشرعية الدولية كأن تزيح حملاً ثقيلاً ما زلت بقاياه ملقاة على كاهلها، وأن «القاعدة» ليست عثرةً في طريق إدارة أحمد الشرع الوليدة.

كذلك عدَّ القيادي السابق أن تنظيم «القاعدة»، «يسعى لتسهيل استقلال (هيئة تحرير الشام) بقيادة أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) فعلياً عن ماضيها، لكنه في المقابل، يدرك أهمية كسب المجتمع المحلي السوري، خصوصاً الحواضن الاجتماعية للثورة، من خلال إظهار نفسه أنه لا يعرقل مصالح سوريا الجديدة الإقليمية والدولية».

ويحاول تنظيم «القاعدة»، حسب المصدر أيضاً، إظهار قدرته على التعامل البراغماتي مع الواقع السياسي، وتبني تكتيكات مرنة خدمةً للمصلحة الكبرى، حتى لو تعارض ذلك ظرفياً مع مصلحة التنظيم نفسه. وكان أيمن الظواهري أشار في أحد خطاباته إلى هذه المقاربة عند تعليقه على انفصال «جبهة النصرة» عن «القاعدة» في صيف 2016، مؤكداً أن «القاعدة» ليست عائقاً أمام الثورة السورية.

هذا التوجه يهدف إلى تقديم «القاعدة» تنظيماً قادراً على التأقلم، خلافاً لتنظيم «داعش»، الذي يرفض تغيير استراتيجيته بغض النظر عن الواقع السياسي والعسكري. فـ«القاعدة» يرى أن المرونة في الوسائل يحقق أهدافه الاستراتيجية العامة، في حين أن «تنظيم الدولة» يعدُّ الوسائل جزءاً لا يتجزأ من العقيدة، ولا يقبل بتغييرها.

محاولة «القاعدة» نسب نجاح «تحرير الشام» إلى استراتيجيتها وسعيها إلى تجنب الاعتراف بأن استقلال «تحرير الشام» كان شرطاً أساسياً لنجاحها. لذلك، تحاول تصوير هذا الانفصال على أنه قرار استراتيجي مدروس من قِبَل قيادتها هي. وعلى رغم وجود جناح داخل «القاعدة» وقتها لم يكن راضياً عن انفصال «جبهة النصرة»، فإن النجاحات التي حققتها «تحرير الشام» دفعت «القاعدة» إلى اعتبار هذا القرار خطوة حكيمة أفرزت نتائج إيجابية، يجعلها شريكة في هذا النجاح.

وبهذا، تريد «القاعدة» أن تُشعر «تحرير الشام» أو السلطة الجديدة بأنها مدينة لها، ولهذه السياسة البراغماتية، وأن ارتباطهما ليس صفحة سوداء يجب طيّها، بل جزء من تاريخ «الجهاد» الذي أدى إلى انتصار مهم في سوريا.

تهديد مبطن

إلى ذلك، قد يحتوي موقف «القاعدة» أيضاً على تهديد مبطن للسلطة الناشئة، مفاده أن التنظيم قادر على إعادة تشكيل نفسه داخل سوريا إذا لم تحقق «تحرير الشام» بحلتها الجديدة الأهداف الكبرى، مثل تطبيق حكم إسلامي لا يخرج عن الإطار العام الذي تتبناه، وأن تتجاهل «تحرير الشام» هذا الخط بالتوسع في التنازل عنه، بحيث تبقى ضمن الهوامش التي يمكن التنازل عنها مرحلياً. ومن ملامح الخط العام هذا تجنب إشراك الليبراليين والعلمانيين بالمشهد السياسي الوليد.

وفي البيان تلويح بإمكانية شنّ حرب ضد أي ثورة مضادة تقودها الأقليات أو القوى العلمانية، وتراهن «القاعدة» على تبلور تيار متشدد داخل «تحرير الشام» وباقي الفصائل يعارض التوجه البراغماتي للقيادة الحالية، مما يفتح المجال أمام تشكيل تكتلات معارضة أكثر تشدداً.

وهنا، قد يلعب «القاعدة» دور المحرك لهذا الاستياء، خصوصاً إذا ابتعدت «تحرير الشام» عن الأسس العقائدية التي يتبناها الجهاديون المحليون، حتى وإن كانوا أقل تشدداً من الجهاديين التقليديين.

مستقبل «القاعدة» في سوريا

يعتمد مستقبل «القاعدة» في سوريا على عدة عوامل؛ أهمها احتمالات وقوع صراع طائفي. فإذا تطورت أعمال العنف المتفرقة التي تحدث في بعض المناطق إلى صراع طائفي واضح المعالم، نتيجة تحركات فلول النظام أو تدخلات إيرانية مباشرة، قد تجد «القاعدة» في ذلك بيئة خصبة لإعادة بناء نفوذها وتأجيج نزاع طائفي، لا سيما وأنها تملك باعاً طويلاً في ذلك. العامل الآخر أنه يمكن استغلال الانقسامات داخل «تحرير الشام» في حال نشبت خلافات تعارض براغماتية الإدارة الجديدة وتتربص بها؛ هنا تقدم «القاعدة» نفسها خياراً بديلاً للجهاديين المحليين. إلا أن نجاح هذا الخيار يتوقف أيضاً على تطورات الأوضاع الأمنية، وتعامل «هيئة تحرير الشام» مع الفئات الغاضبة أو الأكثر تشدداً من جهة، ورد فعلها إذا لمست تشكل نواة صلبة ضدها. فـ«تحرير الشام» تمتلك خبرة واسعة في مواجهة الجماعات الجهادية، مستفيدةً من معرفتها العميقة بأساليبهم الأمنية وطرق تشكيلهم للخلايا النشطة، وكانت إدلب المنطقة الأكثر نجاحاً في مطاردة «تنظيم الدولة» والمتعاطفين معه. هذه الخبرة نابعة من تجربة «الهيئة» نفسها في مراحلها الأولى، حين مرت بظروف مماثلة قبل أن تصبح القوة المهيمنة في إدلب. وعلى هذا الأساس، تمكنت من فرض قبضتها الأمنية ضد الجماعات الجهادية على نحو أكثر فاعلية من «الجيش الوطني» أو «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) على السواء.

—————————

مؤتمر باريس ومصير المساعدات الخارجية لسورية

سهام معط الله

17 فبراير 2025

في 13 فبراير/ شباط 2025، انعقد في العاصمة الفرنسية باريس مؤتمر دولي هو الثالث من نوعه، بشأن الانتقال السياسي والتحدِّيات الأمنية والاقتصادية الجمّة التي تواجهها سورية، منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأوّل الماضي بعد مؤتمرَي العقبة والرياض، وحضره وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، كما شارك فيه ممثِّلون من عشرين دولة من بينها مجموعة السبع الكبار ودول عربية. في الواقع، ينطبق المثل العربي القديم “تمخَّض الجبل، فولد فأراً” في مدلوله العام على حوار باريس العقيم الذي عكس بوضوح همّ القوى الكبرى الوحيد المتمثِّل في عدم بقاء سورية ملاذاً للتنظيمات الإرهابية والجماعات الإيرانية التي تهدِّد بشكل مباشر أمن جارتها إسرائيل.

بدلاً من الإعلان عن الرفع الفوري للعقوبات الغربية المفروضة على سورية، والسماح بتدفُّق المساعدات الإنسانية، وتسهيل التدفُّقات المالية لإعادة إعمار البلاد وتشجيع الاستثمار فيها، راح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يؤكِّد أن بلاده ستقدِّم خمسين مليون يورو (52.5 مليون دولار) لدعم جهود الاستقرار في سورية، وضمان عدم قدرة الجماعات الإرهابية على خلق ملاذٍ آمن لها مجدَّداً في الأراضي السورية، ودعا الحكومة السورية الجديدة إلى الدمج الكامل لقوّات سوريا الديمقراطية، التي يقودها الأكراد وتدعمها الولايات المتّحدة، في عملية الانتقال السورية.

من جهته، استرسل وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في التذكير مرّة أخرى بأنّ الاتّحاد الأوروبي خصَّص ما يزيد عن 35 مليار يورو (36.7 مليار دولار) منذ عام 2011 من أجل سورية والدول المجاورة لها، شكلاً من أشكال التمنين قبل أن ينمِّق أسلوبه ويبدي استعداد الاتّحاد للمشاركة في جهود إعادة إعمار سورية ومساعدة شعبها، وتسهيل عودة اللاجئين السوريين إليها.

تمثّل الهدف الرئيسي لمؤتمر باريس في إعادة فتح قنوات التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، من أجل الحصول على ضمانات تتعلَّق بالدرجة الأولى بالتعاون مع التحالف الذي تقوده الولايات المتّحدة لمحاربة الجماعات المتطرِّفة في منطقة الشرق الأوسط المشتعلة والمؤرِّقة للكيان الصهيوني، لا سيَّما في ظلّ عدم اليقين بشأن التزام الولايات المتّحدة بالمنطقة ومستقبل الدعم العسكري الأميركي فيها.

من الواضح أنّ الاتّحاد الأوروبي يتَّبع نهج “خطوة بخطوة” لرفع العقوبات عن سورية، وسيلةَ ضغطٍ لضمان تلبية الحكومة السورية الجديدة للشروط كافة، ونلحظُ أن مؤتمر باريس لم يقترب صوب مناقشة جمع الأموال اللاّزمة لإعادة إعمار سورية، تاركاً هذه المهمّة لمؤتمر المانحين السنوي الذي سيُعقَد في بروكسل في مارس/ آذار المقبل. ويبدو أيضاً أنّ الرفع التامّ للعقوبات قد جرى ترحيله هو الآخر لجدول أعمال مؤتمر بروكسل الذي تتربَّص به العراقيل التي تنثرها معارضة قبرص واليونان، وسط مخاوف جدِّية بشأن محادثات ترسيم الحدود البحرية بين سورية وتركيا.

أسواق دمشق في رأس السنة، 31 ديسمبر 2024()على حاج سليمان/Getty)

بحسب تقديرات الأمم المتّحدة، تُقدَّر تكلفة إعادة إعمار سورية بـ 250 مليار دولار على الأقلّ، بينما يفيد خبراء آخرون بأنّ الرقم الحقيقي قد يصل الآن إلى 400 مليار دولار على أقلّ تقدير. ولكي تزداد الأمور سوءاً، أوقفت إدارة ترامب المساعدات الخارجية الأميركية الشهر الماضي، الأمر الذي أدَّى إلى تجفيف المساعدات عن سورية التي يوجد فيها حالياً عدد قليل من القطاعات الإنتاجية، ويكسب موظفوها الحكوميون أجوراً تعادل حوالى عشرين دولاراً شهرياً.

وفقاً لبيان صحافي صادر عن وزارة الخارجية الأميركية، يهدف هذا التجميد إلى جعل المساعدات الخارجية فعَّالة ومتَّسقة مع السياسة الخارجية الأميركية بموجب أجندة أميركا أوّلاً، فبعد أن منحت إدارة جو بايدن في أسابيعها الأخيرة تخفيفاً محدوداً من العقوبات لسورية مدّةَ ستّة أشهر من خلال وزارة الخزانة الأميركية، بهدف تسهيل تقديم الخدمات العامة والمساعدات الإنسانية، جاء قرار الرئيس دونالد ترامب ليعرِّض كلّ فرص التعافي الهشّ لسورية إلى الخطر.

من المعلوم أنّ الولايات المتّحدة هي أكبر جهة مانحة للمساعدات الأجنبية لسورية، فقد ساهمت بأكثر من 18 مليار دولار في المساعدات الإنسانية منذ عام 2011، بما في ذلك 1.2 مليار دولار في عام 2024. وكما كان متوقَّعاً، قام السمسار الذي تولَّى سدّة الحكم في البيت الأبيض بوضع حدٍّ لكل تلك المساعدات التي يرى أنّ بلاده غير مسؤولة عن منحها، في ظلّ وجود ما يكفي من الأموال في دول الخليج العربي.

وهذا الإجراء كان مرتقباً من الملياردير الدوغمائي المقتنع قطعياً في الأصل بأنّ بلاده، التي دعمت جيش الاحتلال الصهيوني بالأسلحة، غير مسؤولة حتّى عن إعادة إعمار غزة، ومن سابع المستحيلات أن يسمح الغوغائي المهووس بالصفقات الذي يسير بعقائدية الأخذ دون العطاء أن تستمرّ بلاده في منح المساعدات لبلاد ما زالت جسراً برِّياً محتملاً للوكلاء الإيرانيين ورقعة شطرنج للتدخُّلات الأجنبية التي قد تتعارض مع المصالح الأميركية.

لا يمكن لسياسات العربدة وليّ الذراع التي ينتهجها الرئيس ترامب أن تُخرج سورية إلى برّ الاستقرار، فمن جهة يرغب ترامب بألّا تتحوّل سورية مجدّداً إلى تهديد إرهابي للكيان الصهيوني، لكنّه يقطع عنها المساعدات من جهة أخرى، وكأنّه ينهى عن الشيء ويأتي بمثله.

بنوك سورية، الليرة السورية والدولار، دمشق في 16 ديسمبر 2024 (فرانس برس)

مشكلة ترامب أنّه لا يؤمن باستراتيجية القوّة الناعمة التي لعبت فيها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية دوراً محورياً على مدى عقود عدّة؛ فبمجرَّد أن وطَأت قدماه المكتب البيضاوي، شرع بتنفيذ إجراءات فعليّة لتفكيك هذه الوكالة ومنح موظّفيها إجازة، ضارباً بعرض الحائط التحذيرات بشأن تشويه سمعة أميركا بين الحلفاء والمنظّمات الدولية، والإضرار بسخائها والتزامها بالقضايا الإنسانية والاستقرار العالمي وتعزيز الديمقراطية.

خلاصة القول، إنّه بالرغم من أنّ مصلحة الأمن القومي للولايات المتّحدة وشركائها تكمن في مساعدة سورية، التي تمرّ بمرحلة حرجة في تاريخها، على التعافي، تمهيداً لبدء عملية تحسين العلاقات الأميركية-السورية، وتسهيل عودة اللاجئين والنازحين السوريين في جميع أنحاء العالم، وضمان الاستقرار الإقليمي، فإنّ البلطجة الأميركية، التي يقودها الرئيس ترامب الذي يبدو بدوره أنّه يتسابق مع نتنياهو على من هو الأكثر ولاءً للفكر الصهيوني المتطرِّف، هي التي تطغى حالياً على ملامح السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

العربي الجديدة

——————————–

تفاؤل سوري بوصول نقود مطبوعة في روسيا… ومخاوف من التضخم/ جلنار العلي

17 فبراير 2025

شكّل إعلان مصرف سورية المركزي وصول مبالغ نقدية جديدة من عملة الليرة قادمة من روسيا إلى مطار دمشق الدولي بقيمة 300 مليار ليرة، تفاؤلاً كبيراً لدى السوريين من ناحية حاجة الأسواق المحلية إلى ضخ نقدي كبير وتحريك الجمود الحاصل بها، الناتج عن سياسة حبس السيولة وعدم طباعة نقود جديدة والمتبعة حالياً من قبل المصرف المركزي.

ووفق مصادر سورية فقد تمت طباعة تلك النقود في روسيا وقت أن كان الأسد لا يزال في الحكم، لكنها لم تُشحن إلى دمشق قبل الإطاحة بالنظام السابق في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024.

ورغم وصول تلك المبالغ من روسيا، فقد انتقد الخبير في العلوم المالية والمصرفية فراس شعبو، في حديثه لـ”العربي الجديد” الإشاعات التي سبقت إعلان المبلغ الحقيقي، والتي قدرت المبلغ بـ 60 تريليون ليرة، وهو ما يفوق موازنة سورية المقدرة بـ52.6 تريليون ليرة، وليس من المنطق إرسال هذا المبلغ، لافتاً إلى أن المبالغ الحقيقية، والتي تصل قيمتها إلى 300 مليار ليرة أي نحو 23 مليون دولار، لا تساوي أكثر من 0.5% من إجمالي الموازنة العامة المقررة (الدولار = 13 ألفاً و200 ليرة رسمياً).

واعتبر أنها قد تحسن وضع الأسواق بشكل طفيف جداً، فهي غير كافية إذا قيست بالعجز الكبير الموجود في الميزان التجاري في سورية، وحاجة الدولة إلى عشرة أضعاف هذا المبلغ، لذلك قد تغطي هذه الأموال الأجور لمدة شهرين فقط في أحسن الأحوال.

وتساءل شعبو فيما إذا كانت هذه الأموال فيها تغطية نقدية حقيقية، خاصة أنها تتبع للنظام المخلوع، وكان من المقرر أن تصل قبل بداية العام الحالي، فهل هي كانت مقابل إنتاج أم مقابل احتياطات أجنبية، أم أنها عبارة عن طباعة من دون إصدار؟ وفي حال كان الاحتمال الأخير هو الصحيح، فإن هذا الأمر سيرفع من نسبة التضخم بشكل كبير، وسيؤدي إلى زيادة سعر صرف الليرة مقابل الدولار، وقد يعود إلى أرقامه السابقة، لأن السيولة التي ستضخ في الأسواق غير ناتجة عن تحسن الوضع الاقتصادي، أو زيادة في الإنتاج، أو حركة في العجلة الاقتصادية، وبذلك لن تعالج هذه الكتلة النقدية المشكلات الاقتصادية التي تمر بها البلاد.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن مصرف سورية المركزي كان يعيش حالة غيبوبة مطلقة منذ عام تأسيسه في سنة 1956، وذلك لأن النظام المخلوع لعب على تفريغه من مضمونه وكان عاجزاً عن التدخل، لذلك ليس بإمكانه أن يعالج هذا التقصير في ظرف شهرين أو ثلاثة، ولكن بالمجمل الشارع السوري لا يعرف حجم السيولة الموجودة في مصرف سورية المركزي وحجم الديون على الحكومة، لذلك لا يمكن معرفة فيما إذا كانت سياسة حبس السيولة مقصودة أم ناتجة عن عدم وجود كتلة نقدية لدى المصرف.

خطط سورية لحل أزمة السيولة

أضاف: “هذا الأمر يحتاج إلى معلومات رسمية، لأن الحلول التي يمكن اقتراحها قد تكون مثالية في ظل عدم توافر هذه المعلومات، وقد لا تناسب الحالة السورية، ولكن ما اتبعه المصرف في اعتماد الخطة الاثني عشرية بدلاً من التخطيط السنوي، يشير إلى وجود مشكلات نقدية وخلل في تحسين الواقع النقدي لسورية، ولكن ممكن خلال الفترة القادمة تحسين الإيرادات الحكومية، من خلال تخفيف الهدر والاعتماد على الضرائب نوعاً ما وزيادة الإنتاج وتحقيق استقرار في سعر الصرف”.

واقترح شعبو على المصرف المركزي أن يتبع خطوات عدة منها: تأمين السيولة والضخ التدريجي في السوق، وتحسين الثقة بالمؤسسات المالية بالتوازي مع تحسين الخدمات والمستوى المعيشي، معتبراً أن سياسة تقييد السيولة إيجابية ومقبولة في حال اتبعت لفترة قصيرة، ولكن لا بد من أن تساهم السيولة التي تدخل الأسواق في تحسين الخدمات للأفراد ليشعروا بتغير الوضع الاقتصادي، لأن خلاف ذلك قد يؤدي إلى حالة كارثية، خاصة في ظل تأخر الرواتب وسوء الخدمات الأساسية ورفع الدعم عن المواطنين.

—————————

الشيباني يتواصل مباشرة مع كردستان العراق ويتلقى دعوة رسمية لزيارة بغداد

مشرق ريسان

تحديث 17 شباط 2025

بغداد ـ «القدس العربي»: في الوقت الذي تواصل فيه رئيس إقليم كردستان العراق، نيجيرفان بارزاني، بشكلٍ مباشرٍ، مع وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، وبحث معه مستقبل الأكراد في سوريا الجديدة، كشف وزير الخارجية العراقية، فؤاد حسين، عن تسليم نظيره السوري دعوة رسمية لزيارة العاصمة الاتحادية بغداد، وسط مخاوف من تصاعد ردود الفعل الشيعية المعترضة على التواصل العراقي مع الإدارة السورية الجديدة.

ونقلت الوكالة الرسمية تصريحاً مقتضباً لزعيم الدبلوماسية العراقية، أشار فيه إلى أنه «وجه دعوة رسمية لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني لزيارة العاصمة بغداد الأسبوع المقبل».

في ميونيخ، كانت أجواء التواصل العراقية ـ السورية، أكثر تقدماً، عندما بحث بارزاني مع الشيباني، التطورات السياسية والأمنية في سوريا والعراق، حيث تم التطرق إلى أوضاع الجالية السورية في المنطقة وضمان مشاركتها في مستقبل البلاد.

ووفق بيان لمكتب بارزاني الذي شارك في مؤتمر ميونيخ، والتقى عدداً من المسؤولين الإقليميين والغربيين، فإن رئيس الإقليم أكد خلال لقائه الوزير السوري أهمية «حماية حقوق الشعب الكردي وجميع المكونات في سوريا وتحقيق السلام والاستقرار» مشيرًا إلى ضرورة «حل القضايا عبر الحوار والتفاهم والعمل من أجل مستقبل مستقر لجميع المكونات في سوريا». وشدد الشيباني على «التزام سوريا بتحقيق الاستقرار وتوفير الظروف الملائمة للحوار الوطني» معرباً «عن رغبة سوريا في تعزيز العلاقات مع العراق وإقليم كردستان وتعزيز التعاون المشترك لمواجهة التحديات الراهنة».

فيما تناول اللقاء الوضع الإقليمي والتحديات المشتركة، بالإضافة إلى التعاون المستقبلي لتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة، طبقاً للبيان.

ملف أكراد سوريا كان محوراً أساسياً أيضاً في اجتماع اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني، برئاسة مسعود بارزاني، في أربيل، المنعقد في مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، أول أمس.

المجتمعون سلّطوا الضوء على «تداعيات سقوط نظام البعث في سوريا وصعود أحزاب المعارضة بقيادة أحمد الشرع وتحليل كافة جوانب هذا التغيير، وكذلك تأثير الأطراف الأجنبية على طريقة إدارة سوريا الجديدة والتوجه السياسي للحكومة الحالية وكيفية تعاملها مع المكونات القومية والدينية للبلاد من جهة، ومن جهة أخرى كيفية تعامل الحكومة الجديدة مع القضية الكردية وإنهاء انتهاكات حقوق الكرد في الماضي» طبقاً لبيان صحافي.

كما اعتبر الاجتماع، لقاء بارزاني مع قائد قوات سوريا الديمقراطية «قسد» منتصف كانون الثاني/ يناير الماضي، وجهوده للتقريب بين الأطراف الكردية في سوريا لـ«تكون جزءا أساسيا من المفاوضات لإعادة تأسيس سوريا الجديدة، مهمة وموضوعية، كما نوقشت الجوانب الإيجابية والسلبية للمستجدات على الساحة السورية، على العلاقات بين دول المنطقة».

وباستثناء لقاء جمع رئيس جهاز المخابرات العراقية، حميد الشطري، مع الرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، في العاصمة دمشق، أواخر كانون الأول/ ديسمبر 2024، يعدّ لقاء بارزاني والشيباني أول تواصل معلن بين مسؤولين من كلا البلدين.

التواجد في ميونيخ، وفّر أيضاً فرصة لوزير الخارجية العراقية، فؤاد حسين، لبحث تطورات الملف السوري مع مسؤولين غربيين، من بينهم المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون.

بيان للخارجية العراقية أصدرته أمس الأحد، أفاد أن اللقاء شهد «بحث آخر مستجدات الأوضاع في سوريا، وسير العملية السياسية هناك، إضافة إلى الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار».

وأعرب الوزير العراقي وفق البيان، عن «رؤية العراق إزاء التطورات الجارية في سوريا» مشدداً على «انعكاساتها المباشرة على الأمن والاستقرار في العراق والمنطقة».

كما أكد حسين «موقف العراق الثابت تجاه الأزمة السورية، والمتمثل في احترام إرادة الشعب السوري، وضرورة ضمان مشاركة جميع أطيافه في العملية السياسية دون إقصاء أو تهميش لأي طرف».

وجدد الوزير، حسب البيان، دعوة العراق للمجتمع الدولي إلى «تكثيف الجهود لدعم سوريا في تحقيق الاستقرار وتعزيز الأمن المجتمعي».

وقبل ذلك، أعلن حسين، أن العراق بدأ بتسلم «إرهابيين» عراقيين من قوات سوريا الديمقراطية «قسد» ونقلهم إلى سجونه.

وأفادت الوزارة أن حسين التقى بجوناثان باول، مستشار الأمن القومي لرئيس وزراء المملكة المتحدة وبحثا تعقيدات المشهد السياسي في سوريا».

وأعرب حسين حسب البيان، عن «قلق العراق من نشاطات عصابات داعش الإرهابية داخل الحدود السورية» مشيرا إلى «قضية السجناء الإرهابيين المحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية».

وأكد أن «العراق بدأ باستلام مجموعة من الإرهابيين، وهم مواطنون عراقيون، ونقلهم إلى السجون العراقية».

كما ناقش الجانبان الدور الإقليمي والدولي في تحقيق السلام والاستقرار في سوريا والمنطقة، إذ استعرض حسين، «نتائج لقائه مع وزير الخارجية في الإدارة السورية على هامش مؤتمر باريس لدعم سوريا الذي عُقد مؤخراً».

وأكد الوزير ضرورة أن «تشمل العملية السياسية في سوريا جميع مكونات وأطياف الشعب السوري دون تهميش لأي طرف» معرباً عن «استعداد العراق لتقديم الدعم والمساعدة لضمان مشاركة جميع الأطراف في تحقيق الاستقرار وتجنب التفرد في اتخاذ القرارات».

ومن المقرر أن تحتضن العاصمة الاتحادية بغداد، مؤتمراً للقمّة العربية، في أيار/ مايو المقبل، من المؤمّل أن يحضره الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، لكن «اللجنة التحضيرية للتظاهرات والاعتصامات» المقربة من القوى السياسية الشيعية والفصائل، حذرت الحكومة من المضي في دعوة الشرع لحضور قمة بغداد.

——————————-

ماهر علوش: مؤتمر الحوار الوطني فرصة لرسم ملامح سورية المستقبل

عبد الله البشير

17 فبراير 2025

انتهت أمس الأحد أولى الجلسات التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني في مدينة حمص وسط سورية، والتي نوقشت فيها محاور البناء الدستوري، وإصلاح المؤسسات، والعدالة الانتقالية، وقضايا الحريات، والحياة السياسية، ودور المنظمات الاجتماعية، وشكل النظام الاقتصادي. وفي هذا السياق، أوضح ماهر علوش، رئيس لجنة الحوار الوطني السوري، لـ”العربي الجديد” أن الجلسة تأتي في مرحلة مفصلية من تاريخ سورية. وقال: “هذا الحوار يهدف إلى الاستماع إلى آراء المواطنين ومقترحاتهم حول القضايا الوطنية المطروحة، لتحويلها إلى ورشات عمل خلال المؤتمر، بما يضمن تفاعلاً حقيقياً بين مختلف فئات المجتمع، ويعكس إرادتهم”.

ولم يتحاور السوريون فيما بينهم منذ 75 عاماً، وفق ما أوضح علوش، الذي أضاف: “لم تكن لهم مشاركة فعلية في صنع القرار السياسي وبناء مستقبلهم، واليوم نحن أمام فرصة حقيقية لتحمل مسؤولياتنا الوطنية في رسم ملامح المرحلة القادمة”. وكان السؤال عن المستقبل هو ما يشغل السوريين، وفق علوش، الذي أضاف: “لقد كان السؤال عن اليوم التالي مصدر قلق دائم للسوريين، حيث حمل الماضي الكثير من الجراح والآلام، أما اليوم فنحن أمام لحظة فارقة لنثبت أن القادم سيكون أكثر إشراقاً، وأننا قادرون على تجاوز التحديات وإعادة بناء سورية على أسس صلبة”.

وأردف علوش: “حلمنا هو بناء دولة قوية يشعر فيها كل مواطن بالفخر والكرامة، دولة تستند إلى مبادئ العدالة والحرية والمساواة، وهي القيم التي ضحّى السوريون كثيراً من أجلها. ومن خلال اللجنة التحضيرية، سنواصل العمل لضمان ترجمة هذه الطموحات إلى خطوات عملية”. وأعدّت اللجنة كثيراً من الآليات والأدوات بهدف إنجاح مؤتمر الحوار الوطني، كما أكد علوش، مشيراً إلى أنها ستواصل لقاءاتها في مختلف المحافظات السورية للوصول إلى أوراق عمل تمثل جميع الآراء والأفكار المطروحة في الجلسات، والتي سيتم مناقشتها خلال المؤتمر العام.

مؤتمر الحوار الوطني السوري

وستُراعى خلال الجلسات كافة الشرائح السورية في التمثيل، كون الهدف الأساسي لها ضمان مشاركة وطنية شاملة وفعالة، كما أشار علوش، موضحاً أن المؤتمر سيناقش قضايا جوهرية مثل العدالة الانتقالية، والمبادئ الدستورية، وإصلاح المؤسسات العامة، والحريات، ودور منظمات المجتمع المدني، والمبادئ الاقتصادية التي ستشكل دعامة قوية لسورية المستقبل.

وختم علوش بالقول: “نؤكد أن دور اللجنة تنظيمي، ومهمتنا الاستماع إلى الآراء والأفكار بحيادية تامة. نريد أن يكون هذا الحوار منصة مفتوحة لجميع السوريين والسوريات، حيث يُسمع صوت الجميع، ويكون لكل مواطن دور في رسم مستقبل بلده”. يشار إلى أنه في 12 فبراير/ شباط الحالي، أصدر الرئيس السوري أحمد الشرع قرارا بتشكيل لجنة تحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني تتكون من “حسن الدغيم، ماهر علوش، محمد مستت، يوسف الهجر، مصطفى موسى، هدى الأتاسي، هند قبوات”. ويشار إلى أن اللجنة مكلفة بإعداد التوصيات الخاصة بكل من البناء الدستوري والعدالة الانتقالية، ومن ثم ترفع التوصيات لرئاسة الجمهورية، حيث أكدت اللجنة التزامها بالمصداقية والشفافية، مع مراعاة التنوع الاجتماعي في سورية، واستبعاد مشاركة داعمي النظام السوري المخلوع.

———————–

دمشق في عهد الأسدين… صورة الابن تُخفي صورة الأب/ ميار مهنا

17 فبراير 2025

خلال الأيام الأولى بعد سقوط النظام السوري، تجمع عدد من الشبان لإزالة صورة ضخمة لبشار الأسد، متموضعةٍ على جدار كبير في مطار المزة العسكري في دمشق. وفي أجواء احتفالية، بدؤوا بإزالة الصورة وتمزيقها، ضمن حالة رمزية لا تكثف فكرة الانتصار السياسي فحسب، بل الرغبة العارمة في “تنظيف” عاصمتهم، وتخليصها من التشوه البصري والنفسي الذي أغرقها فيه النظام السابق. الطريف في الأمر هو أن عملية نزع الصورة الضخمة لبشار الأسد، سرعان ما كشفت عن صورة أخرى تحتها، بالقياس نفسه، لحافظ الأسد.

طرافة هذا المشهد، بمرارتها وسوداويتها، هي طرافةٌ موحيةٌ تعبّر عن تراكب طبقتين من التشوه فوق وجه دمشق، في عهد الأسدين الأب والابن، الذي استمر لـ54 عاماً. عهد غيّر ملامح المدينة وهويتها المعمارية، مروراً بساحاتها وحدائقها ونهرها الأهم، بردى، بتفرعاته السبعة، ووصولاً إلى أسماء الأزقة والشوارع والساحات، وليس انتهاءً بالطريقة الكاريكاتيرية لانتشار صور بشار الأسد في كل مكان، والعلم ذي النجمتين بوصفه طلاءً معتمداً للحواجز الإسمنتية ولواجهات المحلات التجارية، في عملية تسخيفٍ وامتهانٍ فظيعة لرمزٍ وطني تاريخي، عبّر عن مرحلة الوحدة بين سورية ومصر، عبر تحويله بالإرغام من علم لكل السوريين إلى علمٍ للنظام الحاكم، بل للسلطة الحاكمة تحديداً، وزعيمها بشار الأسد.

المخططات الأولى لتشويه الهوية المعمارية لدمشق، أقدم المدن المأهولة في العالم، لم يضعها بشار الأسد ولم يضعها أبوه من قبله، ولكنهما “أفضل” من حولها إلى واقع. دارسو العمارة الدمشقية يعرفون جيداً اسم ميشيل إيكوشار، المهندس الفرنسي الذي صاغ تصوراً محدّداً لإعادة رسم دمشق في ثلاثينيات القرن الماضي، خلال مرحلة الاحتلال الفرنسي لسورية. ضمن تصوره الهزلي عن العصرنة والتحديث، وضع إيكوشار تصوراً لشق المدينة القديمة عبر مجموعة من الشوارع العريضة المستقيمة، بينها ما بات يعرف لاحقاً بـ”شارع الثورة”، ونُفّذ نهاية ستينيات القرن. كان الغرض من تخطيط إيكوشار له، كما تبين الباحثة السورية ناديا خوست، شَقّ وتدمير أجزاء مهمة من الحي العربي في ساروجة، الذي كان معقلاً من معاقل المقاومة الوطنية ضد الفرنسيين.

الهوس الغربي في إعادة رسم بلداننا باستخدام المستقيمات، امتد من طريقة رسم خرائط سايكس بيكو إلى التنظيم الداخلي للمدن؛ مستقيمات وظيفتها شقّ المدن القديمة وتدمير هويتها وتبسيطها، عبر تفكيك تعقيدها وغناها وتداخلها المتناسب مع طبيعة الشعوب التي تسكنها، التي لطالما رأت في الأقواس والقناطر والدوائر تعبيراً أكثر دقة عن غناها ومرونتها وقدرتها على احتضان بعضها بعضاً، وعلى التفاعل المرن مع العواصف السياسية المستمرة عبر تاريخها الطويل، إذ تبتلع غزاتها وتعيد إنتاجهم، محافظة على جوهرها. لم يُقدَّر لمخططات الفرنسيين أن تتحول إلى واقع، إلا بعد أكثر من عشرين عاماً من جلائهم عن سورية، وعلى يد نظام البعث بأطواره المتعاقبة، خاصة الأسدين.

إذا حاولنا تقصّي التشوهات التي أحدثها الأسدان في وجه دمشق وعموم سورية خلال أكثر من نصف قرن، فسنجد أنفسنا، وكما مثال الصورة في مطار المزة، أمام عدة طبقات من التشوه متراكبة بعضها فوق بعض.

الطبقة السطحية الأولى، تتمثل بصور الأسدين وتماثيلهما والشعارات الموزعة على الجدران التي ما تزال عمليات إزالتها مستمرة وقد تأخذ وقتاً. الطبقة الثانية هي أسماء الشوارع والساحات والمرافق العامة؛ “جسر الرئيس حافظ الأسد”، و”مكتبة الأسد”، و”مشفى الباسل”، و”مدينة البعث”، و”شارع الثورة” نسبةً إلى ما يُسمّى ثورة الثامن من آذار التي استولى عبرها البعث على السلطة عام 1963 بانقلاب عسكري… وغيرها من الأمثلة التي قد تصل، من دون مبالغة، إلى عشرات الآلاف في مختلف محافظات سورية.

الطبقة التالية هي المناهج الدراسية في المدارس والجامعات، التي لا تقتصر على التمجيد المباشر للأسدين، وصولاً إلى تسمية حافظ الأسد بـ”القائد المؤسس”، وكأن تاريخ سورية قد بدأ بالذات من الانقلاب الذي قام به، بل تمتد إلى العبث بالتاريخ الوطني السوري. على سبيل المثال، يحدث ذلك من خلال تحويل قادة الثورة السورية الكبرى (1925 – 1927)، من قادة وطنيين إلى رموزٍ محلية وطائفية، بما ينسجم مع محاولة محو التاريخ وتقصير قامات كبرى فيه، لتأمين بروز عالٍ لقامة حافظ الأسد، ومن بعده بشار.

هناك طبقات أخرى أكثر عمقاً ورمزية، ربما يقدّم التحول الذي جرى على تمثالٍ شهير ليوسف العظمة مثالاً مهماً عنها. يوسف العظمة هو وزير الحربية الذي قاد معركة ميسلون ضد الغزو الفرنسي لدمشق عام 1920، واستشهد فيها، مثبتاً المقولة الشامية: “لا يدخلون إلا على جثثنا”، ممهّداً الطريق لـ25 سنة من المقاومة المستمرة للفرنسي في كل أرجاء سورية.

عرف السوريون تمثال يوسف العظمة للمرة الأولى عام 1938، وكان تمثالاً مشابهاً للتمثال الموجود الآن في ساحة المحافظة (ساحة يوسف العظمة)، وسط دمشق وقرب ساحة السبع بحرات. مع فارق مهم، التمثال الأول كان رافعاً سيفه، وأما الحالي الذي نُصب عام 2007، فسيفه موضوع في غمده.

للتمثال الأول قصة فريدة لن نطيل في تفصيلها هنا، ولكن مختصرها هو أن الجالية السورية في البرازيل، وفي ساو باولو تحديداً، هي من تبرعت لإنشائه وصُمّم في البرازيل وأُرسل إلى سورية في النصف الأول من عام 1938، وكان في استقباله كل من شكري القوتلي (وزير الدفاع آنذاك)، وفائز الخوري وفخري البارودي، النائبين عن دمشق في المجلس النيابي، وعادل العظمة مدير وزارة الداخلية.

المفارقة التاريخية هي أن التمثال شاهر السيف، نُصب واحتُفي به رغماً عن الفرنسيين، وخلال وجودهم بصفة انتداب على الأرض السورية. أما التمثال الحالي ذو السيف الموضوع في غمده، فنُصب عام 2007 بعد شهر العسل بين بشار الأسد والدول الغربية، خاصة فرنسا التي تولى رئيسها جاك شيراك مهمة تأمين حملة علاقات عامة لبشار الأسد في الدول الغربية عبر استقباله في الإليزيه.

الطبقة التالية هي الهوية المعمارية لدمشق خاصة، لأن نظام الأسدين لم يُعِر اهتماماً جدياً لأي من المحافظات السورية على مستوى التنمية.

وربما يمكن للمرء اليوم أن ينظر “إيجاباً” إلى هذه المسألة، لأن قلة اهتمام الأسدين بتنمية المناطق السورية، قد رحمتها في كثير من الأحيان من العبث المنظم الذي طاول دمشق؛ فإلى جانب السرقة الممنهجة لآثار المدينة والبلاد كلها، في عملية “تعفيش” كبرى استمرت طوال نصف قرن، فإن إصرار الأسدين على مركزة كل دوائر الدولة ضمن العاصمة دمشق، حوّلها إلى سجن كبير بأبنية إسمنتية باهتة وقبيحة. عملية التمركز هذه كانت تهدف قبل كل شيء، إلى تمرير كل شرايين البلد الاقتصادية تحت نظر المركز وتحكمه، فيتيح له ذلك امتصاص أكبر قدر ممكن منها. في حين تلجأ كل الأنظمة التي تحترم تراث بلدانها إلى الحفاظ على المدن القديمة وترميمها باستمرار، مع بناء مدن موازية وظيفتها استيعاب النمو السكاني، وتأمين الوظائف الإدارية والتنظيمية والخدمية، أو إيجاد حلول إبداعية بين هذه وتلك، تحافظ على التراث وتؤمن الخدمات.

يُعبّر كل من ساحة السبع بحرات، ومشروع “وردة أسماء”، تعبيراً مكثفاً عن مفاهيم “الحداثة والتطوير” من وجهة النظر عديمة الذوق للسلطة السابقة؛ فالسبع بحرات ساحة تاريخية مقابلة للمصرف المركزي السوري، وتمثل جزءاً من تاريخ المدينة وهويتها الشامية الممتدة من البيوت القديمة إلى وسط العاصمة. نسفتها أسماء الأسد قبل أكثر من سنة بقليل، وأعادت تصميمها لتظهر معدومةَ الروح. كُسرت الاستدارة الطبيعية للبحرة، الراسخة في وجدان الدمشقي، وتحولت إلى مستقيمات حادة هندسية تجعل من البحرة فكرة مجردة ومشوهة، وشبيهة إلى حد بعيدٍ بتنظيراتها وتنظيرات بشار الأسد المستمرة، وحربهما الشعواء في إعادة تعريف المصطلحات، انطلاقاً من ضرورة “تعليم الشعب الجاهل”.

كذلك الأمر مع مشروع “وردة دمشق”، أو “وردة أسماء”، كما يُطلق عليه السوريون، وهو مشروع غريب كل الغرابة وقبيح أشد القبح، أُنشئ عبر سنوات مكان مدينة المعارض القديمة، التي شكلت مع أغاني فيروز جزءاً من هوية سورية طوال عقود. “وردة أسماء” هي وردة إسمنتية ضخمة عديمة الوظيفة، وعديمة الجمالية، تعيد تأكيد الطريقة التجريدية المنفصلة عن الواقع التي سعت السلطة إلى فرضها على دمشق، وعلى السوريين.

الطبقات التي أشرنا إليها هنا، يمكن النظر إليها بمجموعها على أنها الطبقة الأولى فقط التي يحتاج السوريون إلى إزالتها عن وجه بلادهم. أما الطبقات الأخرى الأعمق، النفسية والفكرية والاجتماعية، فذلك حديث آخر أكثر عمقاً وهولاً في آن.

العربي الجديد

——————————–

روسيا اليوم” ضلّلت المتابعين…وأسماء الأسد لم تخرج عن صمتها

المدن – ميديا

الإثنين 2025/02/17

ادعت مواقع إخبارية عربية أن أسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، تحدثت لأول مرة بعد سقوط النظام، و”خرجت عن صمتها”، استناداً إلى منشورات حساب في “إكس” يحمل اسم وصورة أسماء، وروج له حساب يحمل اسم ابنها حافظ الأسد، وانتشر بين ناشطين أسديين مازالوا يروجون لنظام الأسد الذي سقط في كانون الأول/ديسمبر الماضي.

وتحت عنوان “أسماء الأسد تخرج عن صمتها وتتحدث لأول مرة بعد سقوط النظام”، نشر موقع قناة “روسيا اليوم” بنسخته العربية، الاثنين 17، خبراً نقل فيه مجموعة من المنشورات الواردة في الحساب المذكور، والذي روج له عبر قناة في تطبيق “تيلغرام” تحمل اسم حافظ الأسد، نجل الرئيس السوري المخلوع. وزعمت القناة أن الحساب المنسوب لأسماء الأسد “سيكون بعيداً عن السياسة، ويهدف إلى تقديم محتوى يعكس جوانب مختلفة من حياتها وأنشطتها الإنسانية”.

    “خلال السنوات الماضية، كنت دائمًا ملتزمة بالصمت في ما يتعلق بالقضايا السياسية، ولن يكون لي أي تدخل في هذا المجال مستقبلاً. لكن الأمل يبقى في أن يعم السلام والأمان في كل زاوية من هذا الوطن، ويعيش شعبه في أمان وطمأنينة.”

    — Asma Al Assad – أسماء الأسد (@AsmaFAlAkhras) February 16, 2025

وفي وقت لاحق، نقلت قنوات إخبارية عربية وسورية الخبر نقلاً عن “روسيا اليوم” وعن حسابات منسوبة إلى حافظ الأسد، لكن فريق منصة “تأكد” للتحقق من المعلومات الكاذبة، أوضح أن الخبر مضلل وليس دقيقاً، وأن الحساب الذي استندت إليه المواقع الإخبارية حساب مزور.

وبالعودة إلى القناة التي تحمل اسم “حافظ الأسد”، والتي روجت لحساب أسماء الأسد في “إكس”، تبين أنها قناة مزورة، وليست القناة الرسمية التي ظهر عليها نجل الرئيس المخلوع بتاريخ 13 شباط/فبراير الجاري، حيث حرص الأخير في ظهوره على وضع علامة مائية بمعرّف القناة على كامل الفيديو الذي نشره، للتأكيد على أنها القناة التابعة له، ويحمل معرفها اسم “HafezBAlAssad”.

في المقابل، فإن معرف القناة التي روجت للحساب المزور الذي ينتحل هوية أسماء الأسد هو “HafezBAlAssadd”، ويُلاحظ الفرق بإضافة حرف “D” إلى نهايته، ما يميزه عن الحساب الأساسي.

    كل يوم جديد يحمل معه فرصة لبداية أجمل. لا شيء يبقى على حاله، والأمل هو سر الاستمرار.

    — Asma Al Assad – أسماء الأسد (@AsmaFAlAkhras) February 16, 2025

———————————–

الشرع يطوي صفحة الأسد باللاذقية: مصالحة مع العلويين

المدن – ميديا

الأحد 2025/02/16

في زيارة تحمل دلالات سياسية واجتماعية بارزة، وصل الرئيس السوري أحمد الشرع إلى مدينة اللاذقية ضمن جولته في عدد من المحافظات السورية. وتعد هذه الزيارة الأولى له منذ تنصيبه رئيساً للجمهورية، حيث يلتقي بوجهاء المدينة من مختلف الطوائف لمناقشة القضايا والتحديات التي تواجه سكان اللاذقية، وفق من نقلته وكالة الأنباء السورية “سانا”.

وشهدت زيارته إجراءات أمنية مشددة، تمثلت في انتشار واسع للقوات الأمنية وإغلاق الطرق المؤدية إلى ساحة الشيخ ضاهر حيث استقبلته الحشود.. ونظراً للأعداد الكبيرة من المواطنين الذين احتشدوا لتحيته، اضطر موكبه إلى التحرك ببطء شديد، واستغرقت رحلته داخل مدخل الشيخ ضاهر وقتاً طويلاً، رغم قصر المسافة التي لم تتجاوز مئة متر.

وتداول ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو تُظهر أحمد الشرع يترجل من سيارته الشخصية، ممسكاً بالعلم السوري وهو يحيي المواطنين بشكل مباشر، في خطوة بدت محاولة لتعزيز صورته كرئيس قريب من الشارع، وهو مشهد لا يخلو من رمزية كبيرة، خصوصاً أن اللاذقية كانت أحد المعاقل الرئيسية للنظام السابق.

تعقيدات المشهد السياسي

تحمل هذه الزيارة أبعاداً تتجاوز كونها مجرد لقاء مع الأهالي، إذ تعد اللاذقية مسقط رأس الرئيس المخلوع بشار الأسد، مما يجعلها محطة رئيسية لأي زعيم يسعى لترسيخ شرعيته في مرحلة ما بعد الأسد.

وشهدت المدينة خلال الأسابيع الماضية توترات شعبية بعد عمليات خطف غامضة. وينظر ناشطون إلى زيارة الشرع على أنها محاولة لإعادة ترتيب العلاقة بين السلطة الجديدة والسكان لا سيما في ظل الانقسامات الشعبية التي خلفها انهيار النظام السابق.

ويكتسب المكان الذي شهد استقبال الشرع، رمزية خاصة، إذ تحتضن ساحة الشيخ ضاهر مدرسة “جول جمال” التي درس فيها الرئيس الراحل حافظ الأسد، كما أن هذه الساحة كانت شاهدة على إحدى أبرز محطات الحراك الشعبي في سوريا فور سقوط الاسد، حيث خرج أهالي المنطقة في مظاهرات احتفالية، وانتهى الأمر بهدم تمثال حافظ الأسد الذي كان يتوسطها.

دعوات لزيارة القرداحة

في سياق متصل، دعا الممثل السوري بشار إسماعيل في منشور على حسابه في فايسبوك، الرئيس الشرع، إلى توسيع جولته لتشمل مدينة القرداحة، معقل عائلة الأسد، معتبراً أن هذه الخطوة ستعزز العلاقة بين الرئيس الجديد والطائفة العلوية. وقال إسماعيل: “لا أدري لماذا غمرتني تلك السعادة، واعتبرتها مؤشراً رائعاً للعلاقة بين الرئيس والشعب”.

واقترح إسماعيل أن يقوم الرئيس بجولة في الساحل السوري من طرطوس وريفها إلى اللاذقية وريفها للقاء هذا الشعب الطيب وليتعرف عليهم عن قرب، وأضاف: “أنا على ثقة بأنه سيصدر مرسوماً يعيد جميع الموظفين الذين سرحوا إلى وظائفهم”.

احتجاجات متزامنة

بالتزامن مع زيارة الشرع اللاذقية، شهد مرفأ المدينة اعتصاماً احتجاجياً من قبل مجموعة من الموظفين الذين تم فصلهم، حيث رفعوا شعارات مناهضة للقرارات الحكومية، مطالبين بإنصافهم وإعادتهم إلى أعمالهم، ورددوا هتاف: “استمرار استمرار حتى يسقط القرار”. ويعكس هذا المشهد الانقسامات المتزايدة في المجتمع المحلي بين فئات ترى في الشرع فرصة للتغيير الإيجابي وأخرى تشعر بالإقصاء والتهميش مما يضع تحديات أمام الرئيس الجديد في كيفية التعامل مع هذه المطالب المتزايدة.

جولة الشرع في الشمال

وكان الشرع قد زار مدينة إدلب، حيث التقى وجهاء المدينة، وسط استقبال شعبي واسع من سكان المدينة التي كانت أحد أبرز معاقل المعارضة السورية، والتي عاش فيها الشرع لسنوات قبل أن ينتقل إلى دمشق عقب سقوط النظام.

وبعد زيارته الى إدلب، توجّه الشرع إلى حلب، حيث اجتمع بشخصيات من المجتمع المحلي بحضور محافظ المدينة عزام غريب، وناقش معهم الأوضاع الاقتصادية والخدمية. كما شملت جولته مدينة عفرين وريفها، حيث التقى بممثلين عن المجتمع الكردي ومن بينهم رئيس المجلس المحلي لعفرين التابع للمجلس الوطني الكردي، في خطوة لفتح قنوات تواصل مع الأكراد الذين ظلوا لعقود على هامش القرار السياسي في البلاد.

———————————–

تركيا اتفقت مع الأردن والعراق وسوريا على «تحالف رباعي» ضد «داعش»

مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»: أنقرة تستهدف انسحاباً أميركياً ووقف دعم المسلحين الأكراد

أنقرة: سعيد عبد الرازق

16 فبراير 2025 م

اتفقت تركيا والأردن والعراق وسوريا على آلية للتعاون المشترك ضد تنظيم «داعش» الإرهابي ترمي أنقرة من خلاله إلى تحقيق هدف آخر يتعلق بوقف الدعم الأميركي لوحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها ذراع حزب «العمال الكردستاني» في سوريا، والتي تقود «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد).

وكشفت مصادر دبلوماسية تركية، لـ«الشرق الأوسط»، عن اتفاق الدول الأربع على تشكيل آلية للتحرك المشترك ضد «داعش»، على مستوى وزراء الخارجية والدفاع ورؤساء أجهزة المخابرات ستعقد أول اجتماعاتها في عمان خلال فبراير (شباط) الحالي.

وقالت المصادر إن تركيا تتحرك في الوقت نفسه لوقف الدعم الأميركي لوحدات حماية الشعب الكردية لتطويق حزب «العمال الكردستاني» عبر جهود مشتركة مع كل من العراق وسوريا وإيران، لافتة إلى زيارة رئيس جهاز المخابرات التركي، إبراهيم كالين، إلى طهران الأسبوع الماضي.

خطة شاملة

وأوضحت المصادر أن تركيا والأردن والعراق وسوريا تعمل على إعداد خطة تعاون شاملة في مجال الحرب ضد تنظيم «داعش»، يتم من خلالها التنسيق الوثيق بين وزارات الخارجية والدفاع وأجهزة المخابرات في مجالات أمن الحدود وتبادل المعلومات الاستخبارية والقيام بالعمليات المشتركة، كأمر حيوي لمنع ظهور التنظيم في المنطقة مجدداً.

وقال نائب وزير الخارجية التركي، نوح يلماظ، خلال مشاركته في المؤتمر الدولي حول سوريا في باريس، الخميس الماضي، إن تركيا تعمل على تشكيل تحالف رباعي ضد «داعش» يضم تركيا والعراق والأردن وسوريا، لمنع التنظيم من تهديد المنطقة مجدداً. وأشار إلى مزاعم حول سحب الولايات المتحدة قواتها من سوريا، مؤكداً أن القرار أميركي، وأن تركيا قدمت مقترحات ملموسة لتلبية الاحتياجات الأمنية الأميركية، بما في ذلك إدارة سجون أعضاء «داعش».

وأضاف أن التحالف الرباعي سيشمل تبادل المعلومات الاستخبارية والعمليات المشتركة، معرباً عن استعداد تركيا لدعم الإدارة السورية في إدارة سجون «داعش».

ولا يزال آلاف من أعضاء تنظيم «داعش» المعتقلين في سجون شمال شرقي سوريا يشكلون تهديداً للأمن الإقليمي. وتطالب تركيا بتسليم هذه السجون، التي تسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) المدعومة أميركياً، إلى الإدارة السورية الجديدة، مع استعدادها لدعم حراستها. وكان وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، قد دعا خلال زيارته للعراق في يناير (كانون الثاني) الماضي إلى تشكيل «تحالف إقليمي» يضم تركيا والعراق وسوريا والأردن لمحاربة «داعش»، بهدف القضاء على وجود التنظيم وتجفيف مصادر تمويله وضمان استقرار المنطقة.

نزع الذريعة الأميركية

وعد مراقبون أن أهمية الاقتراح التركي بشأن «التحالف الرباعي» تكمن في الحجة التي تستند إليها أميركا في مواصلة دعم وحدات حماية الشعب الكردية، كحليف وثيق في الحرب على «داعش»، حيث تبرر وجود قواتها في سوريا وتحالفها العسكري مع «قسد»، التي تقودها الوحدات الكردية، بهذه الحجة.

ومع سعي الإدارة السورية برئاسة الرئيس الانتقالي، أحمد الشرع، لدمج «قسد» في الجيش السوري الجديد، أكد مسؤولون أميركيون أن أمن السجون التي يُحتجز فيها آلاف من مسلحي «داعش» توفره «وحدات حماية الشعب الكردية» وأن حل «قسد» من شأنه أن يضعف القتال ضد «داعش» بشكل كبير ويؤدي إلى انتشار إرهابه مرة أخرى.

ويرى مراقبون أن الاقتراح التركي بإنشاء «تحالف رباعي» يهدف إلى تقويض الحجة الأميركية التي تعتمد عليها لدعم «وحدات حماية الشعب الكردية» في الحرب ضد «داعش»، حيث تُبرر واشنطن وجود قواتها في سوريا وتحالفها مع «قسد» بضرورة مكافحة الإرهاب. وفي الوقت الذي تسعى فيه الإدارة السورية لدمج «قسد» في الجيش السوري الجديد، يؤكد مسؤولون أميركيون أن «قسد» هي الضامن لأمن السجون التي تحتجز آلاف عناصر «داعش»، وأن حل هذه الوحدات قد يُضعف الحرب ضد التنظيم ويعيد انتشاره.

وقال الكاتب البارز في صحيفة «حرييت» القريبة من الحكومة التركية، سادات أرغين، إنه يمكن الافتراض أن فيدان نسق المسألة مسبقاً مع الشرع عندما طرح هذا الاقتراح على المسؤولين في بغداد وعمان. وأضاف أن توقيت المبادرة التركية مهم، خاصة بعد تولي الرئيس الأميركي دونالد ترمب منصبه في 20 يناير الماضي، حيث قدّمت تركيا الحجة لإدارة ترمب الجديدة لدعم سحب القوات الأميركية من سوريا.

وكان ترمب، الذي أراد سحب القوات الأميركية من سوريا خلال رئاسته الأولى بين عامي 2017 و2020، قد أصر على أن تتخذ وزارة الدفاع (بنتاغون) والكونغرس مثل هذا القرار في الحرب ضد «داعش»، وتراجع عن قراره بعد أن واجه اعتراضات استندت إلى أن سحب القوات سيعطل الإجراءات ضد «داعش».

ويرى أرغين أن الاقتراح التركي يهدف إلى التأثير على قرار واشنطن في مراجعة سياستها تجاه سوريا، مع توقعات بأن يطرح الرئيس إردوغان هذا المقترح في أول لقاء مع ترمب.

الحل الإقليمي

وأضاف أن هذا الاقتراح له بعد آخر يتمثل في تعزيز خطاب «الملكية الإقليمية» الذي يؤكد عليه فيدان منذ فترة، بالدفاع عن أطروحة مفادها أن دول المنطقة يجب أن تأخذ المشاكل في جغرافيتها على عاتقها وتعمل على حلها، وبالتالي منع الجهات الفاعلة من خارج المنطقة من التدخل في مشاكلها.

والتقى فيدان، على هامش مشاركته في مؤتمر ميونيخ للأمن، للمرة الأولى، نظيره الأميركي الجديد، ماركو روبيو، كمال التقى وزيري الخارجية؛ الأردني أيمن الصفدي، والسوري أسعد الشيباني، ورئيس إقليم كردستان العراق، نيجرفان بارزاني.

وطرح فيدان مسألة سجون «داعش» والذرائع الأميركية بدعم «الوحدات الكردية» لأنها تتولى مهمة حراستها، خلال جلسة عقدت السبت في إطار مؤتمر ميونيخ، تحت عنوان «بداية حقبة جديدة لدمشق: التوقعات من عملية الانتقال في سوريا» شارك فيها الشيباني، قائلاً: «القضية الوحيدة المتبقية بالنسبة لنا فيما يتعلق بالأمن في سوريا هي التخلص من «وحدات حماية الشعب»، امتداد حزب «العمال الكردستاني»، ونتوقع من أصدقائنا في دمشق معالجة هذه القضية.

وأضاف أن «هذه الهياكل تختبئ وراء ذريعة محاربة (داعش)، لا توجد حرب ضد (داعش)، وهم يقدمون خدمات السجون للجيش الأميركي لأنه لا يوجد مكان آخر لوضع سجناء (داعش) فيه».

وأكد أنه «لا يمكن السماح لهؤلاء الأشخاص باحتلال ثلث سوريا، والجلوس على حقول النفط والغاز وسرقة البلاد، دون أن تستفيد الحكومة المركزية وملايين السوريين الآخرين من النفط والغاز… يجب أن ينتهي هذا…هذا لا يشكل تهديداً للأمن القومي بالنسبة لتركيا فحسب، بل يمثل أيضاً مشكلة كبيرة لمنطقتنا».

وأضاف فيدان: «لا يمكننا أن نتسامح مع الميليشيات المسلحة في سوريا لأننا رأينا أن هذه التجربة لم تجلب سوى الفوضى وعدم الاستقرار إلى المنطقة، والإدارة الجديدة في دمشق تتخذ الخطوات الصحيحة لجمع المجموعات المسلحة تحت سقف جيش وطني، ونحن نتابع العملية عن كثب».

تحرك مع إيران

وفي جلسة أخرى، أكد رئيس المخابرات التركية، إيراهين كالين، أهمية عملية الانتقال في سوريا، وأهمية رفع العقوبات المفروضة على البلاد من أجل تنميتها، وشدد على عدم السماح بوجود المنظمات الإرهابية مثل «داعش» وحزب «العمال الكردستاني»، وامتداداته، في المنطقة.

وفيما يعد سعياً تركياً لتوسيع دائرة التحالف الإقليمي ضد «داعش» و«العمال الكردستاني» وامتداداته، قام كالين، الأسبوع الماضي، بزيارة لإيران، حيث التقى وزير الاستخبارات، إسماعيل خطيب، وأمين مجلس الأمن القومي، على أكبر أحمديان.

وقالت مصادر تركية إن التعاون ضد حزب «العمال الكردستاني» وتنظيم «داعش» والتطورات في سوريا وأزمة غزة كانت من أبرز الموضوعات التي بحثها كالين خلال الاجتماعات، وأن الجانبين قررا «زيادة تبادل المعلومات الاستخبارية ضد التنظيمات الإرهابية».

—————————-

انطلاق جلسات تحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني بمحافظات سوريا

انطلاق الجلسة الحوارية الأولى للجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني في مدينة حمص الوكالة السورية للانباء سانا

17/2/2025

عقدت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري اليوم الاثنين جلسة حوارية ضمن المسار الوطني في مدينة طرطوس غربي سوريا بحضور أكثر من 100 شخصية تمثل كل مكونات وشرائح المجتمع في المحافظة.

ومن المنتظر أن تعقد اللجنة اليوم جلسة أخرى في محافظة اللاذقية المجاورة سيشارك فيها نحو 150 من وجهاء المحافظة والشخصيات الاعتبارية فيها.

وأمس الأحد، انطلقت في مدينة حمص السورية الجلسة الحوارية الأولى للجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري.

    اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري، تعقد جلسة حوارية ضمن المسار الوطني، في مدينة طرطوس، بحضور ممثل الشؤون السياسية في طرطوس واللاذقية إياد هزاع. pic.twitter.com/VA6gOGLCD0

    — Ali Al Barghouth (@AliAlBarghout) February 17, 2025

والخميس الماضي، عقدت اللجنة في العاصمة دمشق مؤتمرا صحفيا أعلنت خلاله انطلاق أعمالها رسميا.

وبشأن موعد انعقاد المؤتمر، قال المتحدث باسم اللجنة حسن الدغيم إن “المسألة متروكة للنقاش مع المواطنين، وزيارة المحافظات، والاطلاع على مختلف الرؤى، وتقديم أوراق العمل، وعندما تكتمل هذه المراحل سيتم تحديد موعد الانطلاق”.

وأشار الدغيم إلى أن المؤتمر سيرفع توصياته إلى رئاسة الجمهورية، والتي ستتولى تنفيذها.

والأربعاء الماضي، أصدر رئيس الجمهورية السورية أحمد الشرع قرارا يقضي بتشكيل لجنة تحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي أعلن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني تريث حكومة بلاده في عقد مؤتمر الحوار الوطني الذي سبق أن أعلنت عنه، حرصا منها على تشكيل لجنة تحضيرية موسعة للمؤتمر تستوعب كافة شرائح ومناطق البلاد.

وسبق أن كشفت حكومة تصريف الأعمال السورية أنها تخطط لعقد مؤتمر الحوار الوطني، والذي اعتبرت أنه سيكون “حجر أساس في إنشاء الهوية السياسية لسوريا المستقبل”.

ومن المرتقب أن يضم المؤتمر أكثر من ألف شخص من مختلف شرائح المجتمع السوري.

وفي 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 بسطت فصائل سورية سيطرتها على دمشق بعد مدن أخرى، منهية 61 عاما من نظام حزب البعث الدموي و53 سنة من حكم عائلة الأسد.

وفي 29 يناير/كانون الثاني الماضي أعلنت الإدارة السورية تعيين الشرع رئيسا للبلاد خلال المرحلة الانتقالية، إلى جانب قرارات أخرى، منها حل الفصائل المسلحة والأجهزة الأمنية في العهد السابق ومجلس الشعب (البرلمان) وحزب البعث الذي حكم البلاد على مدى عقود، وإلغاء العمل بالدستور السابق.

المصدر : الجزيرة + وكالات

——————————–

سوق الحريقة بدمشق.. يوم ألهب هتاف “الشعب السوري ما بينذل

عقبة الأحمد

17/2/2025

دمشق- لم يدر في خلد التاجر عماد نسب عندما توجه صباح يوم 17 فبراير/شباط 2011 إلى عمله في سوق الحريقة الشهير في دمشق أن تتحول مشكلته مع شرطي مرور إلى مظاهرة حاشدة صدحت بهتاف “الشعب السوري ما بينذل” فألهبت المشاعر وأرقت حينها النظام السوري المخلوع في أوج ثورات الربيع العربي.

جاءت الحادثة قبل نحو شهر من انطلاق الثورة السورية في شهر مارس/آذار من نفس العام لتخرج إلى العلن ما يختلج قلوب الناس من قهر جراء الإساءة والظلم الذي يتعرض له السوريون من النظام المخلوع وأدواته الأمنية التي تغولت وتدخلت في حياة الناس اليومية وبات الوضع لا يطاق.

وفي موقعه الجغرافي يحاذي سوق الحريقة العريق من الجنوب سوق الحميدية الشهير، وسوق مدحت باشا من جهة الشمال، وجادة الدرويشية غربا وسوق الخياطين شرقا متخذا مكانا إستراتيجيا في قلب دمشق القديمة.

وقد عُرفت هذه المنطقة سابقا بـ”سيدي عامود” لكن اسمها تبدل عقب الحريق الذي شب جراء قصف قوات الاحتلال الفرنسية دمشق لأول مرة عام 1925 فأحرقت المحال والبيوت وتسببت بدمار كبير شمل الآثار الهامة.

ويمتاز سوق الحريقة بأهمية عن باقي الأسواق المنتشرة في دمشق لقربه من الأبنية الرسمية وحركة الناس النشطة فيه في جميع الأيام والأشهر على مدار العام، ويقدر عدد تجار السوق ما بين 3 آلاف و4 آلاف تاجر.

نقطة البداية

يروي التاجر عماد نسب للجزيرة نت كيف بدأت القصة قبل 14 عاما، إذ توجه بسيارته إلى عمله بصحبة شقيقه صبيحة يوم الخميس الموافق 17 فبراير/شباط من عام 2011، ولدى وصوله إلى تقاطع شارع الدخول إلى السوق بسيارته طلب الشرطي من عماد أن يكمل طريقه عند الإشارة، لكن شرطيا آخر على الزاوية المقابلة طلب منه التوقف، وعندما شاهده الشرطي الأول متوقفا كال له السباب.

لم يتمالك التاجر الشاب نفسه فرد على الشرطي بنفس طريقته فتمادى شرطي المرور بتكرار السباب فنزل عماد من سيارته ليتحدث له، فما كان من رجل المرور إلا أن بدأ بضربه بعصا يحملها، فاندلع الاشتباك والضرب بينهما وتكاثر الناس من حولهما.

وبينما تدخل زملاء الشرطي نصرة لزميلهم، تجمهر التجار والأصدقاء في السوق لمؤازرة التاجر الذي تعرض للإهانة.

تطور الأمر سريعا وتزايدت الحشود لتنطلق الحناجر بالهتاف “الشعب السوري ما بينذل”.

عقب ذلك يحكي عماد نسب كيف جاء قائد الشرطة حينها وحاول لملمة الموضوع لكنه لم يستطع ذلك، فلم يقبل ولا المتظاهرون المذلة والتعدي الذي حصل لأن شرطي المرور ليس له الحق بالتهجم والشتم في حال ارتكاب خطأ مروري وإنما إيقاع عقاب بدفع مخالفة لمنتهك قانون السير.

تصاعدت المطالب لدعوة وزير الداخلية اللواء سعيد سمور للحضور إلى المكان ليحل الموضوع لأن التاجر عماد رفض الذهاب إلى الأفرع الأمنية خوفا من عدم العودة مستغلا التجمهر الكبير في المكان.

وصل وزير الداخلية وحاول لملمة الموضوع لكن الحشود كانت تردد “الشعب السوري ما بينذل”.

بعد ذلك -يستطرد عماد- قام التجار في المنطقة بإغلاق محلاتهم التجارية تضامنا معه لأن التجار لا يريدون إنهاء المشكلة بطريقة اللملمة دون معاقبة الشرطي وعدم تكرار الذل والمهانة، فكان أن تعهدت الأفرع الأمنية بمحاسبة الشرطي المتسبب بالمشكلة وهو ما حدث لاحقا من أجل لملمة هذا الحدث في ظل استنفار أمني.

رعب ومضايقات

لم تنتهِ الأزمة عند هذا الحد فقد طُلب من التاجر عماد في اليوم التالي مراجعة فرع المخابرات الجوية حيث استجوب هناك لساعات طويلة عن من تواصل معه أو وجه لعمل هذه الأزمة والمظاهرة.

وللخروج من هذا المأزق بأقل الخسائر دفع عماد مبالغ مالية طائلة تبعده عن الملاحقة الأمنية الدائمة.

وبسبب الرعب والخوف الذي ألم به عقب المظاهرة والاستجواب بقي عماد 15 يوما حبيس المنزل لم يذهب إلى محله التجاري.

ولم يكد التاجر يعود إلى عمله حتى بدأ سيل من المضايقات عبر الجمارك أحيانا وجهاز التموين أحيانا أخرى، دفع ثمنها أموالا طائلة.

3:58

اختطاف واعتقال

وقد تجاوزت أجهزة النظام المخلوع في بعض الأحيان المضايقات المالية لتصل إلى تهديد الحياة، فيروي التاجر عماد كيف خطفت مجموعات تتبع للمخابرات الجوية شقيقه الأصغر وطلبت مبلغ مليوني دولار للإفراج عنه.

لكن أخاه تمكن من الفرار بعد 15 يوما من المنزل الذي كانت لجان الجوية تحتجزه فيه، فسارع الأهل إلى تسفير الأخ الأصغر لعماد إلى خارج البلاد حيث بقي مغتربا إلى حين سقوط النظام المخلوع والتحرير كي يتمكن من العودة إلى أرض الوطن.

وتطورت المضايقات في يوم اقتحم عناصر من الفرع 215 التابع للمخابرات محله التجاري حيث كان يوجد شريكه بلال حواط وخلال عملية التفتيش تم مصادرة 112 دولارا، وبقي موقوفا في الأفرع الأمنية نحو شهرين تنقل خلالها بين الفرع 215 ثم الجنائية ثم إلى سجن عدرا في دمشق.

من جانبه يحكي بلال حواط شريك عماد للجزيرة نت كيف اقتحم عناصر الفرع 215 مخابرات المحل وصادروا 112 دولارا باعتباره من تجار الدولار رغم أنه كان يمتلك أوراقا تثبت شراءه الدولار من محل للصرافة حيث كان المبلغ ما تبقى من رحلة سفر.

ويروي حواط كيف دخل 20 عنصرا من الفرع 215 يقودهم ضابط برتبة عقيد.

وأضاف “اعتقلوني وابتزوني وسرقوا أموالا طائلة كانت في المحل بحجة وجود 112 دولارا، واعتقلت 60 يوما تقريبا وتنقلت بين عدة أفرع، وتعرضت للتعذيب والإهانة والذل وجميع أنواع الغطرسة والقهر، وكسرت أسناني، ودفعت أموالا طائلة”.

ويؤكد حواط أنه محكوم بمبلغ مادي كبير وبالسجن ومجرد من حقوقه المدنية، حيث دفع أمولا للخروج من السجن.

ويتذكر حواط يوم هروب بشار الأسد وتحرير السجناء من سجن صيدنايا الذي يقع بمنطقة تل منين بريف دمشق حيث يسكن.

فقد كان حواط من أوائل الواصلين للسجن بهدف مساعدة المعتقلين وتحريرهم لكنه عندما وصل ورأى أحوال السجناء تذكر فترة اعتقاله وما تعرض فيها من التعذيب فأصيب بالانهيار وبكى إذ كما قال “لا يشعر بشعور المعتقلين إلا الذين تعرضوا للسجن مثلهم”.

منظر عام لأحد الشوارع بسوق الحريقة في دمشق (الجزيرة نت)

سوق الحريقة يحاذي من الجنوب سوق الحميدية، وسوق مدحت باشا من جهة الشمال (الجزيرة نت)

وفي قصف القوات الفرنسية لمنطقة سوق الحريقة عام 1925 كتب أمير الشعراء أحمد شوقي قصيدته الشهيرة إثر تلك النكبة التي تعرضت لها دمشق على يد الاستعمار وفيها:

سَلامٌ مِن صَبا بَرَدى أَرَقُّ .. ودمعٌ لا يُكَفكَفُ يا دِمَشقُ

وَذِكرى عَن خَواطِرِها لِقَلبي .. إِلَيكِ تَلَفُّتٌ أَبَدًا وَخَفقُ

وَبي مِمّا رَمَتكِ بِهِ الليالي .. جِراحاتٌ لَها في القَلبِ عُمقُ

وعندما صدح السوريون مطالبين بالحرية عام 2011، كفكفت دمشق وسوريا دموعها في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024 بعد ثورة استمرت نحو 14 عاما أنهت 53 عاما من حكم آل الأسد.

المصدر : الجزيرة

——————————–

بلومبيرغ يتحدث عن قرب التوصل لاتفاق بين موسكو ودمشق

17/2/2025

أفاد موقع بلومبيرغ اليوم الاثنين -نقلا عن مصادر مطلعة- بأنه من المرجح أن تحتفظ روسيا بوجود عسكري مخفض في سوريا، في ظل اقتراب موسكو من اتفاق مع الحكومة الجديدة يسمح لها بالاحتفاظ ببعض الموظفين والمعدات بالبلاد.

وقالت مصادر مطلعة للموقع الأميركي إن روسيا “يمكن أن تساعد في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية الذي ينشط شرق سوريا”.

وأضافت المصادر أن روسيا تأمل في الاحتفاظ بالقواعد البحرية والجوية التي استخدمتها في سوريا حتى بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

وأوضح الموقع أن ذلك علامة على أن موسكو تعمل على تحسين علاقاتها مع الحكومة الجديدة في سوريا، لا سيما بعد اتصال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالرئيس السوري أحمد الشرع، والذي أعرب خلاله بوتين عن استعداده لدعم الاقتصاد السوري الذي يعد واحدا من أهم التحديات أمام الحكومة.

وكان وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة أوضح سابقا أن بلاده منفتحة على استمرار الوجود العسكري الروسي في قاعدتي طرطوس وحميميم، طالما أن ذلك يخدم المصالح السورية، وذلك في مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست الأميركية.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، ألغت الإدارة السورية الجديدة عقدا مع شركة روسية لإدارة وتشغيل ميناء طرطوس غربي البلاد وقِّع في عهد الأسد.

المصدر : بلومبيرغ

————————–

إصلاح” القضاء السوري.. هل ينهي إرث محكمة الإرهاب؟

محمد الناموس – إسطنبول

17 فبراير 2025

“اتهموه بمساعدة المسلحين، لكنه كان مجرد متطوع ينقل مساعدات إنسانية إلى العائلات المحاصرة.. لم يُسمح له بالدفاع عن نفسه، ولم يُسمح لنا بتوكيل محام له”.

“عندما حاولنا زيارته تعرضنا للإهانة.. وبعد أيام اختفى.. لم نسمع عنه شيئا منذ ذلك الحين”.

كلمات يعتصر السورية ديما مارتيني الألم وهي تبوح بها، لتكشف معاناتها وأسرتها بعد فقدان الاتصال بأخيها محمود، إثر استدعائه إلى محكمة الإرهاب عام 2015.

وأوضحت في اتصال هاتفي مع موقع “الحرة” من دمشق، أن “أحد المسؤولين قال لأسرتها إن شقيقها نُقل إلى السجن، لكن لا أحد يعرف مصيره”.

لكن مارتيني هي واحدة من بين آلاف السوريين الذين عانوا من محكمة الإرهاب في عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد، وهي أحد أبرز أدوات القمع التي اعتمدها نظامه ضد المعارضين، حيث شكلت غطاءً قانونيًا للاعتقالات السياسية، وأضفت شرعية زائفة على القمع الممنهج.

نزار موسى، وهو والد أحد المعتقلين السابقين، يروي هو الآخر كيف حُكم على ابنه عن طريق محكمة الإرهاب بالسجن 4 سنوات ونصف، مع غرامة مالية ضخمة، بسبب “محادثة وجدوها على هاتفه”.

وقال في اتصال مع موقع “الحرة”: “ابني لم يكن لديه أي سجل إجرامي، ورغم ذلك صدر بحقه حكم قاسٍ دون أدلة حقيقية، ولم يكن هناك فرصة حقيقية للدفاع عنه”.

نفق عثر فيه على رفات بشرية في حي التضامن بدمشق (أرشيفية من رويترز)

ومنذ إنشاء محكمة الإرهاب في سوريا عام 2012، أصدرت بحق آلاف السوريين أحكاما جائرة، بسبب أنشطتهم الحقوقية والإنسانية، واستنادًا إلى اعترافات انتُزعت منهم تحت التعذيب.

ومع التغيرات السياسية التي شهدتها البلاد، أعلنت وزارة العدل السورية منذ أيام، عن “إصلاحات جوهرية”، أبرزها إحالة 87 قاضيا من محكمة الإرهاب للتحقيق، في خطوة تهدف إلى “إعادة هيكلة القضاء بما ينسجم مع العدالة الانتقالية”.

وقالت الوزارة التي نشرت أسماء القضاة على صفحتها، أنها أحالتهم إلى إدارة التفتيش القضائي للتحقيق معهم بشأن أدائهم منذ تأسيس المحكمة حتى الآن.

وحظيت الخطوة بتفاعل كبير من قبل السوريين، باعتبارها “ضرورية” لإعادة الثقة في النظام القضائي، رغم التحديات الكبيرة التي تواجه عملية الإصلاح.

تاريخ محكمة الإرهاب

أنشأ نظام الأسد محكمة قضايا الإرهاب عام 2012، بحجة مكافحة الجماعات المسلحة، إلا أن تقارير حقوقية، من بينها تقارير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، كشفت أن المحكمة “تحولت إلى أداة لمعاقبة المعارضين السياسيين والمدنيين”.

وشملت الأحكام الصادرة عنها: إعدامات، والسجن المؤبد، ومصادرة الممتلكات، وكل ذلك دون محاكمة عادلة.

وعرّفت المحكمة قانون الإرهاب الصادر عن حكومة نظام الأسد عام 2012، بأنه “كل فعل يهدف إلى إيجاد حالة من الذعر بين الناس، أو الإخلال بالأمن العام، أو الإضرار بالبنى التحتية أو الأساسية للدولة، ويرتكب باستخدام الأسلحة أو الذخائر أو المتفجرات أو المواد الملتهبة أو المنتجات السامة أو المحرقة أو العوامل الوبائية أو الجرثومية، مهما كان نوع هذه الوسائل، أو باستخدام أي أداة تؤدي الغرض ذاته”.

وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية عن تعريف المحكمة بقانون الإرهاب، إن استخدام تعبير “مهما كان نوع هذه الوسائل”، “يفتح الباب لإلصاق صفة الإرهاب بأي فعل تقريباً”.

وأكدت على أن هذه المحكمة “لم تكن سوى وسيلة لإضفاء الشرعية على الانتهاكات الواسعة التي ارتكبها النظام ضد النشطاء السياسيين والحقوقيين”، حيث حوكم آلاف الأشخاص في محاكمات تفتقر إلى أدنى معايير العدالة.

الشرع في جولة بدمشق

“خطوة في الاتجاه الصحيح”

اعتبر مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، أن قرار إيقاف عمل محكمة قضايا الإرهاب في سوريا “خطوة في الاتجاه الصحيح”، لكنه شدد على “ضرورة اتخاذ إجراءات إضافية” لإبطال جميع الأحكام الصادرة عنها بأثر رجعي.

وأكد عبد الغني في حديث خاص لموقع الحرة، أن هذه المحكمة “استثنائية وغير قانونية وغير شرعية، وكان يجب إلغاؤها منذ بداية استلام السلطة الجديدة، شأنها شأن محكمة الميدان العسكرية التي تم تعليق عملها وأحيلت قضاياها إلى القضاء العسكري”.

وأوضح أن المحكمة “تسببت بضرر مباشر لعشرات الآلاف من السوريين”، مشيراً إلى أن تقريرا للشبكة السورية لحقوق الإنسان، “قدّر أن نحو 11 ألف شخص مَثَلوا أمامها، لكن العدد الفعلي للمتضررين منها منذ إنشائها قد يكون ضعفي هذا الرقم أو ثلاثة أضعاف”.

كما شدد على أن أحكامها “لم تقتصر على السجن أو الإعدام، بل شملت أيضاً مصادرة ممتلكات المحكومين”، موضحا أن بعض المعتقلين أُفرج عنهم بعد سنوات، بينما لا يزال آخرون محتجزين.

وطالب مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، بضرورة إعادة جميع الأموال والممتلكات المصادرة إلى أصحابها، والعمل على إبطال عشرات الآلاف من الأحكام الجائرة التي صدرت عن المحكمة.

“محاسبة القضاة”

ودعا عبد الغني إلى “محاسبة القضاة والمسؤولين الذين عملوا في المحكمة”، معتبرا أنهم “كانوا أداة لتنفيذ جرائم وأحكام جائرة، وجزءاً من منظومة القمع التي استخدمها النظام لإصدار عشرات الآلاف من الأحكام التعسفية، بما في ذلك الإعدامات”، معتبرا أن المحكمة “فرع أمني”.

كما اعتبر أن هؤلاء القضاة “تورطوا بارتكاب انتهاكات جسيمة، ويجب إيقافهم والتحقيق معهم وإيداعهم السجون، وإلزامهم بالمشاركة في تصحيح الأحكام التي أصدروها وإعادة الحقوق إلى أصحابها، نظراً إلى معرفتهم بتفاصيل القضايا”.

واختتم عبد الغني بالإشارة إلى تقرير الشبكة الصادر حديثا حول أحكام الإعدام الصادرة عن محكمة الإرهاب ومحكمة الميدان العسكرية، والتي كانت إحدى أدوات النظام للسيطرة على معارضيه، حيث لم يُفرج إلا عن عدد ضئيل من المعتقلين.

وأوضح أن “من بين 136 ألف مختف قسرياً، لم يظهر سوى 23 أو 24 ألف شخص، مما يعني أن نحو 113 ألف شخص إما قُتلوا تحت التعذيب أو أُعدموا”.

السلطات السورية الجديدة حلّت الجيش.

الحجز على الممتلكات

ولم يكتفِ نظام الأسد بتصفية خصومه السياسيين بالسجن والإعدام، بل قام أيضا بتضمين قانون مكافحة الإرهاب الذي تحكُم بموجبه المحكمة نصوصاً تهدف إلى السيطرة على ممتلكات المعارضين، وذلك وفقاً للمادة 11 والمادة 12 من نصوصه.

كما أنه خصَّص قانوناً خاصاً لتجريد ملكية خصومه الذين شاركوا في الحراك الشعبي ضده.

وبموجب قانون مكافحة الإرهاب والمرسوم رقم 63 لعام 2012، أطلقت يد كل من محكمة الإرهاب ووزارة المالية والأجهزة الأمنية، وغيرها من الجهات العامة، بإصدار قوائم مصادرة جماعية، استهدفت آلاف الماثلين أمام المحكمة أو المحالين إليها غيابياً بتهم الإرهاب، أو الذين أصدرت اللجان الأمنية بحقهم قرارات تقضي بالحجز على ممتلكاتهم.

وفي ذات السياق، يوضح الخمسيني محمود المناوي من مدينة داريا في ريف دمشق، كيف أصبح ضحية لمحكمة الإرهاب دون أن يكون طرفًا في أي صراع مسلح.

ففي عام 2019، صدر بحقه حكم غيابي بمصادرة أملاكه، بسبب نشاطه الحقوقي ومنشوراته التي انتقد فيها النظام السوري وكشف انتهاكاته.

وقال: “كانوا يريدون إسكاتي بكل الطرق الممكنة، بدأت بتلقي تهديدات، ثم فوجئت بحجز ممتلكاتي دون إمكانية الطعن في القرار”.

وبعد توقيف القضاة اليوم من قِبل السلطات الجديدة، ينوي المناوي توكيل محامٍ وتقديم جميع المستندات التي تثبت ملكيته العقارية، على أمل استرجاعها بالطرق القانونية بعد إبطال الأحكام السابقة.

ورغم أن الإصلاحات القضائية الحالية لا تزال في مراحلها الأولى، فإن تحقيق العدالة الانتقالية يتطلب إجراءات أكثر حسمًا، تشمل محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات وإعادة النظر في القوانين التي استُخدمت لقمع المعارضين.

وبينما يترقب السوريون مدى جدية السلطات الجديدة في تحقيق هذه الأهداف، تبقى معاناتهم شاهدة على إرث ثقيل من الظلم، لا يمكن تجاوزه إلا بخطوات جريئة تضمن عدم تكراره.

محمد الناموس

الحرة

———————–

الشعوب الديمقراطي الكردي يؤكد: قيادة “قسد” تسلمت رسالة من أوجلان

2025.02.17

أكدت المتحدثة باسم حزب المساواة والشعوب الديمقراطي (DEM) عائشة غُول دوغان، أن زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، أرسل ثلاث رسائل إلى قنديل، وشمال شرقي سوريا، وأوروبا.

وبحسب موقع (ANHA

)، أشارت دوغان إلى أن الجدل حول هذا الموضوع قد حُسم.

وقالت دوغان خلال مؤتمر صحفي عقدته في مقر الحزب بشأن اجتماع اللجنة التنفيذية المركزية: “أود أن أقدم معلومات دقيقة حول هذا الموضوع. نعم، تم إرسال رسالة من السيد أوجلان إلى قنديل، وأوروبا، وشمال وشرق سوريا، وقد وصلت إلى الجهات المعنية. تم تأكيد ذلك من قبل هذه الجهات، ونحن أيضًا نؤكد ذلك”.

الرسالة سُلمت إلى قسد

وأوضحت دوغان أن الرسائل أُرسلت إلى مسؤولين محددين، قائلة: “تم توجيه الرسالة إلى مسؤولي منظومة المجتمع الكردستاني (KCK) في قنديل، وإلى مسؤولي قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال وشرق سوريا، وإلى كل من مؤتمر المجتمع الديمقراطي الكردستاني (KCDK-E) والكونغرس الوطني الكردي (KNK) في أوروبا”.

كما شددت دوغان على أن حزب الشعوب الديمقراطي ليس لديه أي قنوات اتصال أخرى مع إمرالي، موضحة: “نود التأكيد على أنه لا يوجد لدينا أي تواصل مع السيد أوجلان خارج القنوات الرسمية المعروفة، والتي تقتصر على وفد الحزب المعتمد لهذا الغرض”.

ودعت دوغان إلى ضرورة تهيئة بيئة سياسية تتيح مشاركة جميع الأطراف في الحوار الديمقراطي، مؤكدة: “من الضروري خلق أجواء سياسية تتيح لكل الأطراف المعنية إمكانية التعبير عن آرائها والمشاركة في العملية السياسية بشكل ديمقراطي”.

————————–

قبل 20 شباط.. الداخلية السورية تحدّد الفئات المشمولة بالتسوية من “حزب البعث

2025.02.17

أصدرت وزارة الداخلية في حكومة تصريف الأعمال السورية، تعميماً يقضي بتحديد فئات العاملين السابقين في مؤسسات النظام المخلوع وأعضاء “حزب البعث”، والذين تنتهي مهلتهم المحددة لإجراء تسوية أوضاعهم في 20 شباط الجاري، تحت طائلة المحاسبة القانونية.

وفي إشارة إلى تعميمها السابق الصادر في 10 شباط، بينت وزارة الداخلية في تعميمها الجديد أن التسوية تشمل أعضاء ومنتسبي “حزب البعث” ممن هم (أعضاء القيادة القومية والقطرية – أمناء الأفرع الحزبية وأعضاء قيادات الفرع – أُمناء الشعبة وأعضاء قيادات الشُعب – أمناء الفرقة الحزبية).

عزل قضاة في “البعث”

في سياق متصل، أصدر وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال، شادي محمد الويسي، قراراً يقضي بعزل عدد من القضاة الذين شغلوا مناصب خارج ملاك الوزارة.

وجاء القرار بناءً على قرار مجلس القضاء الأعلى الصادر بتاريخ 23  كانون الثاني 2025، بعزل قضاة كان يشغلون مناصب في “حزب البعث” و”مجلس الشعب”.

وشملت العقوبة المفروضة القضاةَ الواردة أسماؤهم في الجدول المرفق بالقرار، والذين فقدوا حقهم في الاستمرار ضمن السلطة القضائية، والعمل على تصفية حقوقهم وفق القوانين النافذة.

تأتي هذه الإجراءات ضمن ما وصفته وزارة العدل بـ”مقتضيات المصلحة العامة”، وسط تغييرات تشهدها المؤسسات القضائية والتشريعية في البلاد، للتخلص من إرث الفساد الذي تركه النظام المخلوع في 8 كانون الأول الماضي.

————————-

طرطوس ودمشق على طاولة الحوار.. اللجنة التحضيرية تواصل جلساتها

2025.02.17

عقدت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري، اليوم الإثنين، جلسات حوارية في مدينتي طرطوس ودمشق، بحضور شخصيات سياسية وإعلامية.

وقالت الوكالة السورية للأنباء (سانا) إن الجلسة الحوارية في طرطوس شهدت مشاركة ممثل الشؤون السياسية في طرطوس واللاذقية، إياد هزاع، إلى جانب عدد من الخبراء والشخصيات المحلية.

وفي دمشق، نظّمت اللجنة جلسة حوارية مع الإعلاميين في مبنى وزارة الإعلام، حيث ناقش الحضور محاور تتعلق بمستقبل العملية السياسية ومسارات الحوار الوطني.

من جهته، أكد المتحدث باسم اللجنة، حسن الدغيم، أن الجلسة الأولى التي عُقدت في حمص تميّزت بحضور ممثلين عن مختلف المكونات، بما في ذلك قانونيون وخبراء، كما قُدمت خلالها أوراق عمل من مغتربين سوريين في الخارج، خاصة من أبناء حمص.

الحوار الوطني يسعى لضمان مشاركة جميع السوريين في صنع القرار

وأكد رئيس لجنة الحوار الوطني، ماهر علوش، أمس، أن سوريا تمر بمحطة مفصلية تتطلب من الجميع تحمل المسؤولية الوطنية لإيجاد حلول لمختلف القضايا المطروحة.

وأوضح علوش أن مؤتمر الحوار الوطني يهدف إلى الاستماع إلى آراء المواطنين واقتراحاتهم حول القضايا الوطنية، مع تحويل هذه الأفكار إلى ورش عمل فعلية لضمان تفاعل حقيقي بين مختلف فئات المجتمع.

وبيّن أن الهدف الرئيسي من المؤتمر هو بناء دولة قائمة على العدالة والحرية والمساواة، وهي المبادئ التي ضحّى السوريون من أجلها، مشدداً على أن اللجنة التحضيرية ستعمل على ترجمة هذه الطموحات إلى خطوات عملية.

الاجتماع الأول للجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني

عقدت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، الأحد، جلستها الأولى في مدينة حمص، بحضور خمسة من أعضائها السبعة، حيث اجتمعوا مع مجموعة من الشخصيات الاجتماعية والمدنية والعسكرية.

وأفاد مراسل تلفزيون سوريا بأن اللقاء، الذي عُقد في قصر الثقافة بالمدينة، شهد مشاركة ممثلين عن منظمات المجتمع المدني في حمص وريفها، وأكاديميين من جامعة حمص، إلى جانب عدد من القيادات العسكرية.

يُذكر أن الرئاسة السورية أعلنت، يوم الأربعاء الفائت، تشكيل لجنة للتحضير لمؤتمر الحوار الوطني، بعضوية كل من: حسن الدغيم، وماهر علوش، ومحمد مستت، ومصطفى الموسى، ويوسف الهجر، وهند قبوات، وهدى الأتاسي.

——————————–

نتنياهو: الإطاحة بالأسد في سوريا لم تكن في صالح إسرائيل

2025.02.17

أكّد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن الإطاحة برئيس النظام المخلوع بشار الأسد في 8 كانون الأول الماضي، لم تكن في صالح إسرائيل.

وقال نتنياهو خلال اجتماع الحكومة الأسبوعي أمس الأحد: “لم نحصل على الزهور عند سقوط نظام بشار الأسد، لكن لا بأس في هذا. لن نسمح باستخدام الأراضي السورية لمهاجمتنا”، وفق وكالة الأناضول.

وزعم أن إسرائيل أوقفت محاولات إيران لدعم نظام بشار، واعتبر أن سقوطه أدى إلى تغيير خريطة الشرق الأوسط.

وأضاف: “نحن ملتزمون بضمان ألا تعود سوريا لتُشكل تهديدا لإسرائيل”.

ومنذ عام 1967 تحتل إسرائيل معظم مساحة هضبة الجولان السورية، وإثر الإطاحة ببشار الأسد احتلت مساحات واسعة من المنطقة العازلة مع سوريا، ودمرت بغارات جوية مواقع ومعدات عسكرية وذخائر للجيش السوري.

—————————

تهجير واستيلاء.. سكان المزة وكفرسوسة يكشفون خفايا مشروع “ماروتا سيتي

2025.02.17

ما تزال أصوات أهالي سكان المزة بساتين تتعالى، وهم يطالبون بالتعويض عن أراضيهم التي هجّرهم منها النظام المخلوع بموجب “المرسوم 66 والقانون رقم 10″، وسلبت وعود زائفة وخفايا كثيرة السكان الأصليين منازلهم وأملاكهم وحقوقهم رغمًا عنهم.

المرسوم 66 والتغيير الديمغرافي

وقال عبد القادر تمراز، المستشار القانوني وأحد الناشطين من أهالي المزة الأصليين، لموقع تلفزيون سوريا: “إن المرسوم 66 والقانون رقم 10 ليسا سوى مسميات لغاية واحدة رسم لها النظام، وهي التغيير الديمغرافي للمنطقة وطرد أصحابها منها. ذلك القرار اتخذه النظام السابق لمعاقبة المناطق الثائرة”.

ولفت تمراز إلى أن النظام عاقب كل المناطق التي ثارت ضده، مثل المزة وكفرسوسة وجوبر والميدان والسيدة عائشة والدحاديل والقدم وعسالي وبرزة وغيرها، بتغييرها ديمغرافيًا، وأصدر قرارًا بإحداث مناطق تنظيمية فيها.

وأضاف: “ما كانت تلك إلا كذبة كبيرة، فالنظام لم يهتم يوما بإعادة الإعمار، بل كان ديدنه قصف وتدمير المناطق المنتفضة. وكانت المزة بساتين وكفرسوسة الضحية الأولى في مسلسل تهجير الشعب السوري وإجراء التغيير الديمغرافي”.

وأشار تمراز إلى أن ذلك تجلى بوضوح في المرسوم 66 نفسه، حيث وردت في أسبابه الموجبة عبارة “إعادة رسم النسيج الاجتماعي للمجتمع السوري في المناطق المشمولة بالمرسوم”.

وأوضح تمراز أن المرسوم، الذي مضى على صدوره ثلاثة عشر عاما، ما تزال آثاره السلبية والنفسية واضحة على سكان المناطق المشمولة فيه.

وأشار إلى أن صور الأبراج القليلة التي شُيّدت على أرض المشروع ليست سوى شكل صوري، لم يستفد منه معظم أهالي منطقتي المزة وكفرسوسة، إذ لا يتجاوز عدد من بقي منهم في المشروع 20% من السكان الأصليين، وهم ضحايا لإجراءاته وتعقيداته.

كذلك، غالبية الطبقة الاجتماعية التي هُجّرت من منطقة المزة وكفرسوسة، المشمولتين بما يسمى منطقة “ماروتا سيتي”، باتت إمّا مشردة في الأرياف البعيدة، تعاني مرارة الإيجار وانتظار إنشاء السكن البديل، أو فقراء ومعدمين بعد أن أجبروا على بيع أسهمهم التنظيمية القليلة، لعدم قدرتهم على انتظار قيام المشروع. وفي نهاية المطاف، حصلوا على بضع أمتار في شقة سكنية يملكها عشرات الأشخاص، إن لم يكن أكثر.

ولفت تمراز إلى أن المرسوم 66 حدّد سعر السهم التنظيمي، وفق تقييم المنطقة التنظيمية، بليرة سورية واحدة، في حين كان سعر قرص الفلافل في ذلك الوقت يتجاوز عشر ليرات سورية، حسب تعبيره.

وأكد أن النظام أجبر السكان على الإخلاء ضمن فترة محددة وحرجة، إذ كان العام الدراسي قد بدأ، فيما كانت الطائرات الحربية ما تزال ترمي ببراميلها على المعضمية وداريا والريف المحيط بالمنطقة.

وأشار إلى أن المرسوم قيّم المنطقة تنظيميًا بشكل جائر، حيث بات من كان يمتلك قبل التنظيم منزلًا مساحته 150 مترًا، لا يمتلك بعد التنظيم إلا أسهمًا لا تعوض نصف المساحة التي كان يملكها سابقًا.

وقد خدع النظام بمرسومه المشمولين بأحكامه، وادعى أنه تنظيم خاص ومتميز. وبيّن تمراز أنه لو طُبق على المنطقتين قانون تنظيم المدن أو التطوير العمراني لبناء المدن، النافذان، اللذان يمنحان أصحاب الأراضي 60% من أرضهم مقابل 40% للمحافظة، لكان ذلك أفضل لهم بكثير من المرسوم 66.

ماروتا سيتي والسيطرة على مساحات واسعة من أملاك السوريين

وأشار إلى أن النظام بهذا المرسوم سيطر على مساحات واسعة من أراضي السكان، تجاوزت 75% من مساحة المنطقة المشمولة بالمرسوم. وأوضح أن مساحة مشروع “ماروتا” بلغت مليونًا ومئة وستين ألف متر مربع، لم يخصص منها للسكان الأصليين سوى 370 ألف متر مربع، في حين استولى النظام، ممثلًا بالمحافظة وشركة “شام القابضة”، على 390 ألف متر مربع، عدا المساحات الأخرى التي استُخدمت كحدائق ومرافق عامة وأبنية إدارية وغيرها.

وأكد أن الظلم والقرارات الجائرة التي اتُّخذت بحق السكان الأصليين كانت متنوعة ومتعددة الأوجه، بدءًا من التقييم التنظيمي الظالم لمتر الهواء، مرورًا بالإجراءات التعسفية التي حُرم منها السكان، ولا سيما المعارضون وذووهم، من استحقاق الأسهم التنظيمية والسكن البديل، الذي هجّرهم النظام من أرضهم ومنازلهم قبل تأمينه لهم. وإلى اليوم، وبعد مضي أكثر من تسع سنوات، لم يحصلوا عليه، ما حول المشمولين بالمرسوم إلى فقراء ومشردين.

ولفت إلى أن إفراغ المنطقة من سكانها، في نهاية عام 2015، جاء في وقت عصيب على السوريين، خلال أوج الحرب الهمجية التي شنها النظام على الشعب، ما جعل هذا التنظيم المزعوم وبالًا على السكان الأصليين، إذ حوّلهم من ملاك لمنازل وأراضٍ وبساتين إلى ملاك لأسهم تنظيمية لا تساوي قيمتها ثمن الحبر الذي كُتبت به.

وأوضح تمراز، في تصريح لموقع تلفزيون سوريا، أن “مشروع 66” استثمره النظام بطريقة إعلامية خبيثة، ليظهر أنه ينظم المناطق لمصلحة سكانها، ويعيد الإعمار بشكل حضاري، بينما كان في الواقع يدمر البلد ويهجّر سكانه من منازلهم وأراضيهم بطرق احتيالية.

وحذّر تمراز من خطورة تطبيق المرسوم نفسه على مناطق أخرى في دمشق أو المحافظات السورية، بالإجراءات والآليات ذاتها، لما له من نتائج كارثية على السكان في تلك المناطق، وعلى البنية الاجتماعية عمومًا.

وأوضح أن هناك العديد من صور التجاوزات والمخالفات والفضائح التي ارتكبها النظام خلال تنفيذ المرسوم 66، والتي يمكن التطرق إليها في مادة قادمة إن تطلب الأمر.

ما مطالب المتضررين؟

من جهتها، قالت هزار تمراز، إحدى السكان الأصليين للمنطقة: “مطالبنا واضحة، وهي إعادة دراسة ملكية الأسهم، وتحديد موقع السكن البديل وشروط دفعاته الظالمة، واسترداد أملاك المحافظة المسروقة من حصص المالكين”.

وشددت على ضرورة تخفيض رسوم المقاسم، واسترداد أسهم المالكين الذين حُرموا منها لأنهم ثاروا ضد الظلم آنذاك، بالإضافة إلى استعادة حق السكن البديل للمحرومين منه، سواء كانوا من المسافرين أو أصحاب البيوت المغلقة أو الثوار الذين جُرّدوا من كل ممتلكاتهم، مؤكدةً التمسك بموقع السكن البديل في المنطقة الأولى.

كما طالبت بمحاسبة الموظفين في الإدارة الذين شاركوا المحافظ السابق في سرقة الممتلكات، وأكدت أن الأهالي سيرفعون هذه المطالب إلى المحافظة، وكل جهة معنية بإعادة الحقوق المسلوبة.

بدوره قال خالد كوكش من سكان المزة المحليين: “لقد شكّلنا لجنة مؤلفة من وجهاء المنطقة وحقوقيين ومهندسيين للمطالبة بإعادة فتح ملف ماروتا سيتي”، مردفاً: “اللجنة زارت المحافظ الجديد واطلعته على طلباتهم الجديدة”.

وشدّد كوكش على أنّ أهم مطالب الأهالي هي إعادة دراسة سعر الاسهم، بالإضافة إلى إعادة أسهم المعتقلين، والمهاجرين التي سلبت حقوقهم، مؤكداً: “لم نتخل ولن نتخلى عن حقوقنا ومطالبنا، وسيبقى حراك الأهالي مستمر حتى تعود الحقوق للجميع”.

————————

رئيس البرلمان التركي: نرى ثلاثة عناصر أساسية مهمة لمستقبل سوريا

2025.02.17

أكد رئيس البرلمان التركي، نعمان كورتولموش، أن بلاده ترى ثلاثة عناصر أساسية لمستقبل سوريا، تشمل الحفاظ على وحدة أراضيها، وبناء نظام ديمقراطي شامل، وإنهاء وجود التنظيمات المسلحة، مشيراً إلى أن تركيا مصممة على دعم الشعب السوري في تحقيق الاستقرار.

جاء ذلك خلال كلمة ألقاها كورتولموش في مؤتمر بعنوان “آفاق السلام في الشرق الأوسط وتركيا”، الذي عُقد في طوكيو بعد زيارته لمؤسسة ساساكاوا، حيث التقى برئيسها الفخري، يوي ساساكاوا. وذلك بحسب وكالة (DHA ) التركية.

ثلاثة مبادئ لمستقبل سوريا

وقال كورتولموش: “نرى ثلاثة عناصر أساسية مهمة لمستقبل سوريا. أولاً، يجب ضمان وحدة أراضيها بشكل كامل. ثانياً، يجب اتخاذ خطوات لبناء ديمقراطية ناضجة تتيح تمثيل جميع الأطراف، حيث تعيش المكونات الدينية والمذهبية والعرقية والسياسية معاً في بيئة متجانسة. ثالثاً، يجب إنهاء وجود التنظيمات الإرهابية مثل داعش وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وحزب العمال الكردستاني (PKK)، وتجريد سوريا من جميع الجماعات المسلحة، بحيث يكون الجيش الوطني السوري هو القوة العسكرية الوحيدة في البلاد”.

وشدد على أن “سوريا كانت مسرحاً لاضطهاد واستبداد استمر 61 عاماً، وبعد انهيار هذا النظام، بدأ الشعب السوري في تأسيس إدارة جديدة تعكس إرادته”، لافتاً إلى أن تركيا تسعى لتحقيق “سلام دائم وعادل” في سوريا، لكن الأهم من ذلك هو “تعزيز قدرات المؤسسات الحكومية السورية، وتمكينها من الاستمرار”.

وفيما يتعلق بمستقبل الجماعات المسلحة في سوريا، أوضح كورتولموش أن “كل الفصائل المسلحة يجب أن تندمج تحت مظلة الجيش الوطني الجديد، ووفقاً لمعلوماتنا، أعلنت نحو 20 مجموعة مسلحة حتى الآن تخليها عن السلاح وانضمامها إلى الجيش الوطني”، مضيفاً: “نأمل أن يتم إزالة العقبات أمام إقامة نظام ديمقراطي في سوريا في أقرب وقت ممكن”.

دعوة لدعم المؤسسات السورية

وأشار رئيس البرلمان التركي إلى أن “سوريا تمتلك تراثاً ثقافياً وحضارياً غنياً”، مؤكداً أن تعزيز قدرات مؤسساتها يعد أمراً ضرورياً، داعياً الشعب الياباني إلى دعم الجهود المبذولة في هذا الاتجاه.

يُذكر أن زيارة كورتولموش إلى اليابان تأتي في إطار جولة رسمية، حيث أجرى خلالها سلسلة لقاءات تناولت قضايا إقليمية ودولية.

—————————-

جمال سليمان يعلق على زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى الساحل السوري

2025.02.17

أشاد الفنان السوري جمال سليمان بزيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى محافظتي اللاذقية وطرطوس، معتبراً أنها تمثل “خطوة كبيرة إلى الأمام” على طريق تعزيز الوحدة الوطنية، وذلك وفقاً لما نشره عبر حسابه الرسمي على فيسبوك.

وقال جمال سليمان في منشوره: “جولة الرئيس الشرع في المحافظات السورية خطوة كبيرة إلى الأمام، وخاصة زيارته إلى اللاذقية، لأنها تنزع فتيل لغم الطائفية الذي تركه النظام البائد بين السوريين”.

وأضاف: “كلامه في لقائه مع المجتمع الحلبي هو ما نحتاجه اليوم، وخصوصاً عندما قال: دعونا نترك الماضي وراءنا ونتطلع نحو المستقبل”.

أحمد الشرع يزور اللاذقية وطرطوس

يوم أمس الأحد، زار الرئيس السوري أحمد الشرع، محافظتي اللاذقية وطرطوس، وذلك في أول زيارة رسمية له إلى الساحل السوري منذ توليه منصب الرئاسة.

وجاءت هذه الزيارة بعد جولة ميدانية أجراها يوم السبت في محافظة إدلب، حيث تفقد أوضاع النازحين في المخيمات، والتقى عدداً من السكان للاستماع إلى مطالبهم وظروفهم المعيشية.

وعقب زيارته إلى إدلب، توجه الرئيس السوري أحمد الشرع إلى مدينة حلب، حيث التقى شخصيات من المجتمع المحلي بحضور محافظ المدينة عزام غريب، وناقش معهم أبرز التحديات التي تواجه السكان.

ويُتوقع أن تكون هذه الزيارات جزءاً من جولة أوسع تهدف إلى الاطلاع المباشر على الأوضاع المعيشية للسوريين، وتعزيز التواصل مع الأهالي في مختلف المحافظات.

————————————-

الداخلية السورية” تعيد تفعيل شرطة السويداء

أعلنت وزارة الداخلية السورية إعادة تفعيل قيادة شرطة السويداء وعدد من أقسامها، وذلك خلال لقاء مع العناصر الشرطية التي أجرت عمليات التسوية الأمنية خلال الفترة الماضية.

وقال موفد وزارة الداخلية إلى محافظة السويداء، محمد صواف، اليوم الاثنين 17 من شباط، إن إعادة التفعيل شملت قيادة الشرطة بأقسامها المختلفة، من الأمن الجنائي وفرع المرور إلى قسم المدينة والقسم الخارجي وقسم البلدية، إضافة إلى مخفر المستشفى وفرع الطبابة، وفق وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

وأشار إلى أن باقي الوحدات الشرطية سيتم تفعيلها خلال ‏الفترة المقبلة.‏

بدوره، أكد المكلف بمتابعة شؤون محافظة السويداء، مصطفى البكور، على أهمية دور الشرطة في حفظ الأمن وتقديم الخدمات للمواطنين، داعيًا إلى التعامل اللائق مع السكان وتحمل المسؤوليات الموكلة إليهم.

وكانت وزارة الداخلية دعت العسكريين في السويداء من الضباط وصف الضباط المتطوعين الذين كانوا على رأس عملهم عند سقوط النظام السوري السابق إلى تسوية أوضاعهم، بدءًا من اليوم الاثنين.

كما أكدت الوزارة إمكانية تسوية أوضاع العناصر الذين لم يتمكنوا من تسوية أوضاعهم سابقًا.

وكانت الوزارة عممت، في 10 من شباط الحالي، على العاملين السابقين في المؤسسات الأمنية والعسكرية وأعضاء حزب “البعث” في النظام السوري السابق، بأن المهلة المحددة لتسوية أوضاعهم تنتهي في 20 من شباط الحالي،  تحت طائلة المحاسبة القانونية والملاحقة القضائية لكل من تخلف عن تسوية وضعه بعد هذا التاريخ.

ونوهت إلى أن التسوية لأعضاء و منتسبي حزب “البعث” هم أعضاء القيادة القومية والقطرية وأمناء الفروع الحزبية وأعضاء قيادات الفروع، وأمناء الشعبة وأعضاء قيادات الشعب وأمناء الفرقة الحزبية.

يأتي ذلك بالتزامن مع استمرار وزارة الداخلية في حكومة دمشق المؤقتة بتخريج دفعات جديدة من قوات الشرطة، إذ تم تخريج ألف عنصر، في 5 من شباط، في العاصمة دمشق، بعد تخريج 400 عنصر في 14 كانون الثاني الماضي.

وتعتمد الوزارة في تدريبها على كوادر وزارة الداخلية في حكومة “الإنقاذ” سابقًا، التي أنشأت كلية للشرطة أواخر 2022 لتخريج الضباط والأفراد للعمل ضمن الوزارة.

—————————-

خضر خضّور يناقش التطوّرات الأخيرة على طول الحدود السورية اللبنانية

مايكل يونغ

تحديث 17 شباط 2025

مايكل يونغ: كيف أثّر سقوط نظام الأسد في سورية على الأوضاع على الحدود السورية اللبنانية؟

خضر خضّور: خلال الأشهر التي سبقت سقوط نظام الأسد، كثّف الطيران الإسرائيلي غاراته على الحدود، مُستهدفًا مواقع عدّة، من بينها معابر حدودية رسمية، ما أدّى إلى إضعاف قدرات حزب الله. ثم فرض انهيار النظام في سورية واقعًا أمنيًا جديدًا، إذ سيطرت الجماعات المنضوية تحت لواء هيئة تحرير الشام على المعابر الحدودية الرسمية، وانتشر مقاتلوها في جميع المناطق الحدودية وحلّوا محل مقاتلي حزب الله وعناصر الجيش السوري السابق والأجهزة الأمنية. وخلّف ذلك وضعًا أمنيًا هشًّا للغاية على جانبَي الحدود. فقبضة الدولة اللبنانية لطالما كانت ضعيفة في هذه المناطق، ناهيك عن أن الجماعات التي سيطرت على الجانب السوري من الحدود تتمتّع ببنية ميليشاوية.

يونغ: ما سبب الاشتباكات التي اندلعت مؤخرًا في المناطق الحدودية؟

خضّور: لقد تركّزت الجولة الأخيرة من المعارك في مدينتَي القصير السورية، والهرمل الواقعة شمال شرق لبنان. يبرز العامل الديموغرافي باعتباره الأهم في هذه المعادلة، إذ ثمّة مزيجٌ من القرى الشيعية والسّنية في هذه المناطق. لقد دخل حزب الله إلى سورية عبر القصير في العام 2013، بيد أن التركيز اليوم ليس على المدينة في حدّ ذاتها، بل على المنطقة الواقعة غرب نهر العاصي بشكل أساسي. تضمّ هذه المنطقة قرى ذات غالبية شيعية يقطنها لبنانيون يملكون أراضي على الجانب السوري من الحدود منذ عقود. كانت هذه المنطقة بمثابة بوابةٍ للدخول إلى سورية خلال الصراع السوري، وباتت راهنًا ساحةً للمواجهات المسلّحة بين عناصر هيئة تحرير الشام وعشائر شيعية من آل جعفر وآل زعيتر. تعبّر هذه الاشتباكات عن التوتّرات الطائفية السائدة منذ اندلاع الحرب السورية في العام 2012.

يونغ: لطالما كان التهريب مشكلةً على طول الحدود، والتقارير الأخيرة تشير إلى أنه لا يزال مستمرًّا. ما هي تداعيات ذلك على الحكومة السورية الجديدة؟ وهل هي في وضعٍ يسمح لها بإنهاء هذه الأنشطة؟

خضّور: كان التهريب مشكلةً أساسيةً منذ إنشاء الحدود بين سورية ولبنان، وثمّة نوعان منه. النوع الأول تهريب السلع الأساسية، وهو لم يتوقّف قطّ، ويرتبط بفوارق الأسعار بين الأسواق في البلدَين. حاليًا، وفي خضمّ الوضع الأمنيّ المتوتّر، تتولّى شبكات التهريب نقل السلع مثل المازوت والدواجن من لبنان إلى سورية. تعتمد مئات الأُسَر على جانبَي الحدود على هذه التجارة لكسب لقمة العيش. أما النوع الثاني من التهريب فسياسيٌّ بطبيعته، ويشمل الأسلحة والمخدّرات والبشر. توقّف هذا النوع من التهريب بالكامل في الشهرَين الماضيَين نظرًا إلى إسقاط نظام الأسد، وعجز حزب الله عن الانخراط في أنشطةٍ عبر الحدود.

يونغ: كيف هو وضع حزب الله في المنطقة الحدودية، نظرًا إلى أنه اضطلع في وقتٍ من الأوقات بدورٍ كبيرٍ في السيطرة على جانبَي الحدود؟ هل شهدنا تراجعًا لحزب الله على هذا الصعيد؟

خضّور: إن حزب الله محاصرٌ في الوقت الراهن، مع وجود الجيش اللبناني على جانبٍ من الحدود، وعناصر هيئة تحرير الشام والجماعات التابعة لها على الجانب الآخر. مع ذلك، يحتفظ الحزب بنفوذٍ كبير في منطقة البقاع وفي جميع القرى الشيعية الواقعة على طول الحدود. تعتمد أنشطة الحزب في المنطقة الحدودية على عاملَين رئيسَين: موقعه ضمن الإطار السياسي الجديد للدولة اللبنانية؛ والتوتّرات الأمنية والطائفية على طول الحدود، التي قد ترسي أرضيةً ملائمةً لاستئناف الحزب نشاطه. وثمّة عامل مهمّ آخر وهو الهجمات الإسرائيلية المتواصلة ضدّ أنشطة حزب الله وأصوله. فالضربات ضدّ العشائر المرتبطة بالحزب ستُضعِف حضوره في المنطقة الحدودية، وتُقوّي هيئة تحرير الشام على الجانب السوري.

يونغ: من الأمور التي تثير المخاوف في لبنان أن القيادة الجديدة في دمشق ذات جذور جهادية سلفية، وأن تأثير ذلك قد يمتدّ إلى لبنان. هل ترى هذا السيناريو واقعيًا، وما هي المخاطر المحتملة برأيك؟

خضّور: أعتقد أن هذه المسألة ستُعيد تشكيل العلاقة بين لبنان وسورية بصورة جذرية. ثمّة ثلاث نقاط رئيسة يجب الإشارة إليها هنا: الإيديولوجيا الجديدة لسورية؛ وهزيمة ما يُعرَف بمحور المقاومة في المنطقة، والفراغ الأمني الذي أعقبه؛ وإمكانية اندلاع صراع طائفي في لبنان. إن إيديولوجيا القوى على الأرض في سورية اليوم تحدّد نفسها أساسًا من خلال “الآخر”، أي أن الإيديولوجيا السنّية لهيئة تحرير الشام هي ردّ فعلٍ على الإيديولوجيا السياسية الشيعية التي هيمنت في العراق وسورية ولبنان منذ الغزو الأميركي للعراق في العام 2003. فاليوم، يعمل حكّام دمشق على تشكيل هوية سورية جديدة قائمة على أُسُس إيديولوجية، تعبّر عن نفسها من خلال عبارات كتلك التي تصف سورية بـ”دولة الأمويين”، أو عبارات يجري تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي مثل “يا إيران جنّي جنّي بدّو يحكمنا سنّي!”. وحتى أحمد الشرع، رئيس سلطة الأمر الواقع لسورية، دخل على الخطّ متحدّثًا عن “سورية الطبيعية” في إشارة إلى سورية السنّية مقارنةً بسورية الشيعية.

لقد ترك محور المقاومة فراغًا أمنيًا كبيرًا في سورية بعد هزيمته على يد إسرائيل بعد أكثر من عامٍ على هجوم حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. وملأت هذا الفراغ جماعات جهادية محلية قد تشكّل مصدر إلهام للشبكات السلفية المنتشرة داخل لبنان، وتُمكّنها من التعبير عن نفسها من طرابلس إلى عكار والبقاع. تشعر الحركة السلفية في لبنان باستعادة حيويّتها بفضل التطوّرات في سورية، ويُرجَّح أن تتعزّز علاقتها بنظيرتها في سورية مع مرور الوقت. من شأن هذا التطوّر أن يولّد توتّرات طائفية في لبنان، حيث قد تقوّض الصراعات المحلية السلم الأهلي والاستقرار. فعلى سبيل المثال، في قضاء زحلة بلدتان، تعلبايا، التي تضمّ سكّانًا شيعة، وسعدنايل السنّية. واتّسمت الاحتفالات بسقوط الأسد في سعدنايل بالشماتة والنكاية الموجّهة ضدّ شيعة تعلبايا. يُضاف إلى ذلك أن ملصقات أحمد الشرع على نوافذ السيارات والأناشيد الجهادية تملأ الشوارع بين الفينة والأخرى. هذه الممارسات قد تتفاقم لتتحوّل إلى اشتباكات مسلحة في مختلف المناطق اللبنانية.

بصورةٍ أعمّ، لا يحرّك الدينُ السياسة وما يحدث على الأرض. ولكن الهوية المحلية مُسيَّسة أصلًا، وما دام الوضع في سورية غير مستقرّ، فالمزاج العام في لبنان سيكون مشحونًا وعرضةً للتعبئة بناءً على تصوّرات الذات والآخر. وهذا ما علينا تداركه.

مايكل يونغ

محرّر مدوّنة ‘ديوان’, مدير تحرير في مركز مالكوم كير– كارنيغي للشرق الأوسط

تقدّم مدوّنة “ديوان” الصادرة عن مركز مالكوم كير– كارنيغي للشرق الأوسط وبرنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي تحليلات معمّقة حول منطقة الشرق الأوسط، تسندها إلى تجارب كوكبةٍ من خبراء كارنيغي في بيروت وواشنطن. وسوف تنقل المدوّنة أيضاً ردود فعل الخبراء تجاه الأخبار العاجلة والأحداث الآنيّة، وتشكّل منبراً لبثّ مقابلات تُجرى مع شخصيّات عامّة وسياسية، كما ستسمح بمواكبة الأبحاث الصادرة عن كارنيغي.

للمزيد من المعلومات

خضر خضّور باحث غير مقيم في مركز مالكوم كير–كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، تشمل أبحاثه العلاقات المدنية العسكرية والهويات المحليّة في منطقة المشرق، مع تركيز خاص على سورية. شارك مع أرميناك توكماجيان مؤخّرًا في تأليف دراسة مهمّة حول المناطق الحدودية السورية، تحمل عنوان Borders Without a Nation: Syria, Outside Powers, and Open-Ended Instability (حدود بلا دولة: سورية والقوى الخارجية وانعدام الاستقرار المستمر). أجرت “ديوان” مقابلة معه في أوائل شباط/فبراير للاطّلاع على وجهة نظره حول الأوضاع على الحدود السورية اللبنانية، التي شهدت مواجهات خلال الأسابيع الماضية.

لا تتّخذ مؤسسة كارنيغي مواقف مؤسّسية بشأن قضايا السياسة العامة؛ تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الدراسة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المؤسسة، أو فريق عملها، أو مجلس الأمناء فيها.

مركز مالكوم كير– كارنيغي للشرق الأوسط

——————————

جولات الشرع الداخلية…خفايا الزيارات وخلفياتها

زيارات الشرع لها دلالات من حيث التوقيت والمضمون

هولير حكيم

2025-02-17

في زيارات وُصفت بالخاطفة والمفاجئة، أجرى رئيس الإدارة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، عدة جولات داخلية في عدد من المحافظات السورية، ما أثار تساؤلات في الشارع السوري حول خفايا هذه الزيارات المتتالية التي استمرت لساعات محدودة وخلفياتها، خاصة أنها جاءت بالتزامن مع جولات ولقاءات خارجية يقوم بها وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال السورية أسعد الشيباني.

ووصل الشرع، الأحد، إلى مدينتي اللاذقية وطرطوس في الساحل السوري. وقال مصدر محلي لموقع “+963’’، إن الشرع التقى بعدد من وجهاء المدينتين وناشطين حيث دارت النقاشات حول المشاكل التي تواجهها المحافظتين بشكل عام.

وكان الشرع قد استهل أولى جولاته الداخلية، السبت، بزيارة محافظة إدلب شمال غربي البلاد، وتجول في شوارعها وزار مخيمات بريف المحافظة. وبعدها بساعات زار محافظة حلب شمالي البلاد، قبل الانتقال لمدينة عفرين حيث أجرى هناك اجتماعاً مع وجهاء المنطقة وسياسيين وممثلين عن المجلس الوطني الكردي، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

ووفقاً لمصادر محلية لـ“963+’’، فإن الاجتماع استمر لمدة ساعة في مطعم “سن سيتي” تناول عدة قضايا منها تحسين الأوضاع الأمنية والمعيشية والاقتصادية وإعادة بناء البنية التحتية والحد من المظاهر المسلحة وضرورة عودة مهجري عفرين لديارهم، ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات بحق الأهالي.

دلالات وأبعاد الزيارات

في تصريحات خاصة لـ‘‘963+’’، يؤكد الإعلامي والباحث السياسي السوري خضر دهام، أن الزيارات المكوكية الداخلية التي قام بها الشرع، لها دلالاتها من حيث التوقيت والمضمون.

ويوضح دهام، أن الشرع أراد من هذه الجولات الداخلية ‘‘كسب ود السوريين واحتواء هواجسهم ومخاوفهم، وكسر حاجز الجليد على صعيد الداخل السوري، وإرضاء رفاق دربه في إدلب التي افتتح جولته بزيارتها بوصفها مهد انتصاره ووصوله للسلطة’’.

من جانبه، يقول المحلل السياسي مصطفى رستم، أن الشرع اختار إدلب كأول محطة داخلية له، ‘‘لما تحمله من رمزية له، فهي كانت المعقل الرئيسي لهيئة تحرير الشام التي كان يتزعمها، واختار حلب لثقلها في الواقع السوري وأهميتها الاقتصادية، أما عفرين لرمزية التواجد الكردي فيها، واختيار مدن الساحل لما لها من حساسية كبيرة في ظل الظروف الراهنة، خاصة أن هناك احتجاجات مستمرة”.

ولليوم الثاني على التوالي، تظاهر العشرات من العمال المفصولين من المرفأ والجمارك والنقل البحري في تظاهرات أمام مبنى شركة مرفأ اللاذقية والجمارك بمدينة اللاذقية، كما تظاهر المئات من عمال الشركة السورية لنقل النفط في مدينة بانياس بريف طرطوس، احتجاجاً على قرار فصلهم من قبل الإدارة السورية الانتقالية بشكل تعسفي.

رسائل سياسية خارجية

يوضح رستم، في حديث خاص لـ‘‘963+’’، أن زيارات الشرع تأتي بدافع التأكيد على شعبيته وإيصال رسالة للرأي العام الداخلي والإقليمي والدولي أن له “حظوة مجتمعية”. ويتابع، أن الوضع الداخلي اليوم ‘‘ليس بحاجة فقط لزيارة بعض المحافظات، وإنما يجب زيارة جميع المحافظات والاستماع للأهالي والإيفاء بالوعود’’.

وينوه رستم إلى أن زيارات الشرع الداخلية جاءت بالتزامن مع جولات وزير خارجيته أسعد الشيباني في الخارج، فيقول: “حاول الشيباني إظهار ما أظهره الشرع من خلال لقاءاته، وهي إيصال رسالة للمجتمع الدولي بأنهم يعملون بجد وبدأوا بحل الملفات العالقة ويجب منحهم الوقت، لأن المشهد معقد وشائك’’.

وفي ذات السياق، يقول دهام: ‘‘الشرع يريد إرسال رسائل سياسية للخارج، بأنه بات يتعاطى كرجل دولة ويقف على مسافة واحدة من كل أطياف الشعب السوري وفق المنهجية البراغماتية العالية في التعامل، لتحقيق مواقف إيجابية داخلياً تعزز من المكانة والثقل في الخارج’’.

مأزقان وتحديات

نجحت الحكومة في دمشق بعد ما يزيد عن شهرين في استقبال الوفود الإقليمية والدولية، كما أجرى الشيباني سلسلة زيارات لعدد من عواصم المنطقة والعالم، ولكن بحسب دهام، ‘‘لم تكن الرياح تجري بحسب ما تشتهي سفن حكام دمشق الجدد’’.

ويزيد دهام، أن أحداث الساحل السوري، تهجير الكرد من مدنهم وقراهم، ملف شمال شرقي سوريا والجنوب السوري، وضرورة حماية حقوق جميع المكونات، هي أبرز التحديات التي عصفت بوجه الإدارة السورية الانتقالية، وكان التأكيد على ضرورة حلها حاضراً في معظم اللقاءات التي كان الشيباني يبحث فيها عن رفع العقوبات الاقتصادية والتعويم السياسي وآخرها اللقاءات التي جرت في مؤتمر باريس بشأن سوريا.

ويرى الإعلامي السوري، أن الشرع يواجه مأزقين، أولهما أن “الفصائل الأكثر تشدداً ترى أن الشرع بات يغرد خارج السرب ويتحدث بديبلوماسية وبراغماتية’’، أما المأزق الآخر هو‘‘احتواء المزاج العام السوري الذي يرى في حكومة اللون الواحد التي شكّلها الشرع لا تلبي تطلعاتهم الداخلية والخارجية’’.

وشكلت هذه الممارسات عامل ضغط على الشرع وحكومته خصوصاً في جولاتهم الخارجية، لذا وفق دهام، ‘‘كان لابد للشرع أن يحقق هدفين من خلال جولاته الداخلية، الأول كسب المشروعية الداخلية وتعويم نفسه، والهدف الثاني الإثبات بأنه يحظى بإجماع شعبي حتى في المناطق الني يعتبرها المجتمع الدولي بأن فيها تجاوزات كبيرة بحق أطياف المجتمع السوري’’.

ملفات عالقة ومفاوضات جارية

يشير دهام إلى أن فصائل الحمزات والعمشات وغيرها من الفصائل الموالية لتركيا لا تزال تحتل مدناً سورية وتهجر أهلها، وهذا يعتبر حجر عثرة في طريق الشرع وحكومته لتعويم أنفسهم داخلياً فكانت زيارة عفرين وقطع الوعود بعودة أهلها المهجّرين إليها ورفع المظالم عنهم.

وكان مصدر أمني أكد في وقت سابق لـ“963+” أن هناك مفاوضات جارية لانضمام الشرطة العسكرية والمدنية التابعة للفصائل في عفرين إلى الأمن العام. وكانت أرتال من إدارة الأمن العام قد دخلت إلى المدينة الخميس الفائت في خطوة لتعزيز الأمن المحلي، مما يعكس تحولاً في الإدارة الأمنية في المنطقة بعد سنوات من سيطرة الفصائل المسلحة.

وقال ذات المصدر الأمني بأن هناك خططاً لزيارات مستمرة من قبل إدارة الأمن العام في سوريا إلى مناطق أخرى في ريف حلب الشمالي، مثل الباب وجرابلس، بالإضافة إلى مناطق رأس العين وتل أبيض. تهدف هذه الزيارات إلى توسيع نطاق انتشار الأمن العام وتعزيز السيطرة في تلك المناطق خلال الفترة المقبلة.

ومع كثرة الملفات العالقة والمفاوضات الجارية، يبدو أن الشرع بات يتحرك داخلياً، خشيةً من غضب الشارع السوري، في ظل ضيق الوقت الذي يملكه لحل جميع هذه الملفات التي تعهد بتنفيذها ولم تنفذ حتى الآن، منها ‘‘تسوية الوضع مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بشمال شرقي سوريا، وملف درعا والسويداء في الجنوب’’، وفق رستم.

وتهدف الزيارات الداخلية للشرع، إلى فتح قنوات تواصل مع مختلف الأطياف والمكونات السورية، في محاولة لرأب الصدع وتحقيق التغيير السياسي المنشود، والتأكيد على شعبيته للرأي العام الداخلي والإقليمي والدولي، في وقت يتم فيه التحضير لمؤتمر وطني جامع، يُراهن عليه الكثيرون كفرصة لإعادة بناء سوريا على أسس جديدة وشاملة.

963+

—————————

الحد من المظاهر المسلحة والحفاظ على الأمن.. مخرجات لقاء الشرع مع وجهاء عفرين

أحمد الشرع يلتقي أهالي عفرين: رؤية جديدة للتنمية والعدالة في ريف حلب

2025-02-16

في خطوة وصفت بأنها لـ”تعزيز الأمن والاستقرار” في منطقة عفرين بريف حلب الشمالي، عقد رئيس الإدارة الانتقالية السورية، أحمد الشرع، أمس السبت، اجتماعاً موسعاً مع وجهاء المنطقة، سياسيين، وممثلين عن المجلس الوطني الكردي. الاجتماع الذي استمر لأكثر من ساعة في مطعم “سن سيتي”، تناول قضايا محورية مثل تحسين الأوضاع الأمنية والاقتصادية والمعيشية في المنطقة، بالإضافة إلى ضرورة إعادة بناء البنية التحتية.

وكان الشرع قد زار محافظتي إدلب وحلب في أول زيارة داخلية له منذ توليه منصبه، قبل أن يتوجه إلى عفرين.

تفاصيل الاجتماع

وفقاً لمصادر محلية لموقع “963+”، حضر الاجتماع ممثلون عن مجلس عفرين المحلي، وجهاء المنطقة، بالإضافة إلى أعضاء من المجلس الوطني الكردي. وقد استمر الاجتماع لأكثر من ساعة، تناول خلالها المشاركون قضايا متعددة تهم المنطقة.

من جانبه، قال محمود كنجو، أحد الوجهاء المحليين الذين حضروا الاجتماع، إن اللقاء مع الشرع كان “مثمراً”، حيث تم مناقشة عدة قضايا مهمة تتعلق بالمنطقة.

وأضاف كنجو لـ”963+”: “تم الحديث عن ضرورة المحافظة على أمن واستقرار منطقة عفرين وريفها، من خلال الحد من المظاهر المسلحة، مع التركيز على أهمية تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والبنية التحتية”.

وأشار إلى أن زيارة الشرع كانت تهدف للاستماع إلى أهالي عفرين، ومعرفة المشاكل والشكاوى التي يواجهونها في حياتهم اليومية.

من جهة أخرى، لفت الناشط حسن جعفر، أحد الحاضرين في الاجتماع، إلى أن أحد المواضيع الهامة التي تمت مناقشتها كان قضية النازحين.

وقال جعفر لـ”963+”: “تم الحديث عن ضرورة عودة النازحين من أهالي المدينة وريفها إلى ديارهم، مع إعادة ممتلكاتهم، وكذلك ضرورة الإفراج عن المعتقلين من السجون وإعادة النظر بالاتهامات الموجهة لهم”.

وأكد جعفر أن “الشرع وعد بالعمل على محاسبة مرتكبي الانتهاكات ضد الأهالي، كما تم التطرق إلى إمكانية تشكيل لجنة من أهالي المنطقة للتواصل مع الرئاسة السورية في المستقبل لضمان تنفيذ الوعود وتوصيل مطالب الأهالي بشكل مستمر”.

تطورات الوضع الأمني

في سياق متصل، أفاد مصدر محلي في عفرين لـ”963+” أن “قوات الأمن العام قد استلمت ملف الأمن في المدينة بشكل كامل، بعد أن قامت برفع السواتر الترابية وفتح الطرقات بشكل كامل”.

وأضاف المصدر أن “التواجد العسكري للفصائل المسلحة في عفرين أصبح محدوداً، حيث بدأت القوات المتواجدة على الأرض بالتعاون مع وزارة الدفاع السورية”.

وأوضح أن عملية سحب الفصائل من المدينة “تتم بشكل تدريجي، ما يعني تقليص سيطرتهم على الأرض”، خصوصاً في المناطق التي كانت تسيطر عليها فصائل الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا.

المفاوضات الجارية

كما أكد مصدر أمني في وقت سابق لموقع “963+” أن هناك مفاوضات جارية لانضمام الشرطة العسكرية والمدنية التابعة للفصائل في عفرين إلى الأمن العام. وكانت أرتال من إدارة الأمن العام قد دخلت إلى المدينة الخميس الماضي في خطوة لتعزيز الأمن المحلي، مما يعكس تحولًا في الإدارة الأمنية في المنطقة بعد سنوات من سيطرة الفصائل المسلحة.

يشار إلى أن منطقة عفرين كانت قد خضعت لسيطرة القوات التركية وفصائل “الجيش الوطني السوري” منذ عام 2018، بعد عملية عسكرية أطلقت عليها تركيا اسم “غصن الزيتون”. ومنذ ذلك الحين، شهدت المنطقة تغييرات كبيرة في تركيبة الحكم المحلي والأمني.

وفي سياق متصل، أفاد المصدر الأمني بأن هناك خططًا لزيارات مستمرة من قبل إدارة الأمن العام في سوريا إلى مناطق أخرى في ريف حلب الشمالي، مثل الباب وجرابلس (التي تقع ضمن منطقة “درع الفرات”)، بالإضافة إلى مناطق رأس العين (سري كانيه) وتل أبيض (التي تمثل مناطق “نبع السلام”). تهدف هذه الزيارات إلى توسيع نطاق انتشار الأمن العام وتعزيز السيطرة في تلك المناطق خلال الفترة المقبلة.

963+

——————————

الثقة الأوروبية بسوريا.. بين المصالح الاستراتيجية والواقع الداخلي المضطرب؟

الثقة الأوروبية بسوريا.. خطوة نحو الاستقرار أم استثمار في المجهول؟

معاذ الحمد

2025-02-17

في تحول لافت على الساحة الدولية، منحت الدول الأوروبية ثقتها للإدارة الانتقالية في سوريا، في خطوة تعكس تغيراً في الموقف الأوروبي تجاه المشهد السوري بعد سنوات من القطيعة والعقوبات. وبينما ترى العواصم الأوروبية أن هذا الدعم يحمل فرصاً لتعزيز الاستقرار الإقليمي وخفض أزمات اللاجئين، يبرز تساؤل جوهري: هل يمكن للإدارة الانتقالية ترجمة هذا الدعم إلى واقع ملموس، أم أن التعقيدات الداخلية ستظل حجر عثرة أمام إعادة بناء البلاد؟ أم هو مصالح استراتيجية؟

وكانت قد أعلنت نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية لشؤون الشرق الأوسط، دوبرافكا زويكا، عن أن الاتحاد الأوروبي منح الثقة للإدارة الانتقالية في سوريا، مشيرةً إلى أن الدول الأوروبية ترى تطورات إيجابية في الخطوات التي اتخذتها هذه الإدارة، وكذلك في التصريحات الرسمية الصادرة عن وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني. 

أوروبا والمصالح الاستراتيجية في سوريا

يأتي هذا التحول الأوروبي بعد سنوات من العقوبات والتوجس من الوضع السوري، حيث كانت دول الاتحاد الأوروبي تتبنى موقفاً صارماً تجاه النظام السابق في دمشق. إلا أن سقوط هذا النظام ووصول إدارة انتقالية جديدة خلق فرصة لدول أوروبا لإعادة تقييم سياستها تجاه سوريا. ويرى خبراء أن هذا التوجه الجديد “ليس فقط مبنياً على الاعتبارات الإنسانية، بل يتماشى مع المصالح الاستراتيجية الأوروبية في المنطقة”. 

وفي هذا السياق، أكد الخبير في الشؤون الأوروبية والدولية، زاهي علاوي، في تصريحات لموقع “963+” أن تغير الموقف الأوروبي جاء نتيجة “تحولات جذرية في المشهد السياسي السوري”.

وأضاف علاوي: “الاتحاد الأوروبي، الذي كان يفرض عقوبات قاسية على النظام السابق، فضل التريث قبل اتخاذ أي قرارات حاسمة تجاه الإدارة الجديدة، إلا أن التصريحات الصادرة عنها دفعت الاتحاد إلى تبني موقف أكثر مرونة، تمثل في التواصل مع القيادة السورية الجديدة وصولًا إلى توجيه دعوات رسمية للرئيس السوري لزيارة فرنسا وألمانيا”. 

وأشار علاوي إلى أن هذا الدعم الأوروبي ليس مجرد مجاملة سياسية، بل “يندرج ضمن استراتيجية أوسع لتحقيق الاستقرار في سوريا”، مما يسهم في “تقليل أعداد اللاجئين إلى أوروبا والحد من تداعيات الأزمات السياسية والاجتماعية المرتبطة بهم داخل القارة”.

كما أكد الخبير في الشؤون الأوروبية والدولية، أن “استقرار سوريا يسهم في الحد من صعود التيارات اليمينية المتطرفة في أوروبا، والتي استغلت أزمة اللاجئين لتعزيز شعبيتها”. 

مؤتمر باريس: تعهدات بالدعم وإعادة الإعمار 

جاءت هذه التطورات بعد مؤتمر باريس الدولي حول سوريا، الذي وصفه وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، بأنه كان “قيّماً ومثمراً”، مشيراً إلى أن الدول المشاركة قدمت “تعهدات بدعم الإدارة الانتقالية والشعب السوري لإعادة إعمار البلاد”.

وأكد أن المؤتمر شهد “إرادة قوية لدعم العملية السياسية والحوار الوطني” في سوريا، في حين اختتمت أعماله ببيان يؤكد على دعم الشعب السوري في “حقه بتقرير مصيره وبناء دولته الجديدة على أسس العدالة والمساواة”. 

من جانبه، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في ختام المؤتمر، إن الإدارة الانتقالية في سوريا “تحمل أملاً لجميع السوريين ويجب أن تلقى الدعم الدولي اللازم”، مشدداً على أن احترام مكونات الشعب السوري وتحقيق تطلعاته هو “مفتاح استقرار البلاد”. 

الدعم الأوروبي تجاوز التصريحات السياسية ليأخذ طابعاً عملياً، حيث أُعلن عن تقديم 50 مليون دولار دعماً للإدارة الانتقالية، بالإضافة إلى توجه العديد من الدول الأوروبية نحو رفع العقوبات الاقتصادية تدريجياً عن سوريا.

كما شهدت الفترة الأخيرة زيارات مكثفة لوزير الخارجية السوري لعدة عواصم أوروبية، من بينها باريس، في مؤشر واضح على رغبة أوروبا في إعادة بناء العلاقات مع سوريا بشكل يخدم المصالح المشتركة. 

الوضع الداخلي في سوريا: حالة من الترقب والقلق

رغم التفاؤل الأوروبي والتقدم الديبلوماسي الذي حققته الإدارة الانتقالية، إلا أن الواقع السوري لا يزال يعاني من حالة من عدم الاستقرار الداخلي، وفقاً لما أكده الباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية، طارق عجيب. 

وأوضح عجيب في تصريحات لـ”963+” أن سقوط النظام السابق شكل “نقطة تحول جوهرية في المشهد السياسي، مما دفع الاتحاد الأوروبي إلى تبني سياسة جديدة لدعم الاستقرار، إلا أن التحديات الداخلية في سوريا لا تزال ماثلة بقوة”. فرغم النشاط الديبلوماسي المكثف للإدارة الانتقالية، هناك “مخاوف متزايدة بشأن مدى قدرتها على تحقيق إصلاحات حقيقية تستوعب جميع مكونات المجتمع السوري”. 

وأشار إلى أن بعض الدول الأوروبية “لا تزال تبدي تحفظات بشأن دعم الإدارة الانتقالية، بسبب علاقاتها السابقة مع تنظيمات مصنفة إرهابية وفق قرارات الأمم المتحدة والدول الغربية، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى قدرتها على ترسيخ الاستقرار بعيداً عن الإقصاء والانفراد بالسلطة”. 

اختلالات داخلية وغياب الثقة الشعبية

رغم الوعود التي قدمتها الإدارة الجديدة، إلا أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي داخل سوريا لا يزال هشاً، حيث يعاني المواطنون من أزمات معيشية خانقة، ناجمة عن سياسات النظام السابق واستمرار غياب خطط اقتصادية واضحة. 

وفي هذا الصدد، أكد عجيب أن هناك “تناقضاً واضحاً بين التصريحات الإيجابية التي تصدر عن الإدارة الانتقالية على المستوى الدولي، والواقع الداخلي في سوريا، حيث تسود حالة من عدم الرضا الشعبي تجاه العديد من القرارات الحكومية، وسط تزايد الشكاوى والمخاوف من استمرار الاختلالات الإدارية والاقتصادية”. 

وأضاف أن الاتحاد الأوروبي، رغم إبداء استعداده لدعم سوريا، إلا أنه “يربط أي دعم إضافي بإجراءات ملموسة لتحسين الأوضاع الداخلية”، مشيراً إلى أن الدعم الأوروبي لن يكون “مجرد وعود وتصريحات، بل يحتاج إلى خطوات إصلاحية فعلية يشعر بها المواطن السوري أولاً، ثم المجتمع الدولي”. 

وبينما تسعى الدول الأوروبية إلى تعزيز استقرار سوريا من منطلق مصالحها الاستراتيجية في تخفيف أزمة اللاجئين، ومواجهة التيارات المتطرفة، وخلق فرص اقتصادية جديدة، فإن التحديات الداخلية في سوريا لا تزال تثير الشكوك حول مدى نجاح الإدارة الانتقالية في تحقيق إصلاحات حقيقية. 

ويرى مراقبون أن الدعم الأوروبي لسوريا، رغم كونه فرصة ثمينة للإدارة الجديدة، “إلا أنه مشروط بالخطوات العملية على الأرض، وهو ما يجعل الفترة المقبلة حاسمة في تحديد مدى قدرة سوريا على تجاوز أزماتها الداخلية والانتقال إلى مرحلة جديدة من الاستقرار والتعاون الدولي”. 

963+

——————————-

=======================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى