سقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعسياسة

سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 20 شباط  2025

كل الأحداث والتقارير اعتبارا من 08 كانون الأول 2024، ملاحقة يومية دون توقف تجدها في الرابط التالي:

سقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوع

————————————–

رفع عقوبات مرتقب عن سوريا ولافروف يحذرها من “تهديد

20/2/2025

أظهرت مسودة إعلان قالت رويترز إنها اطلعت عليه أن الاتحاد الأوروبي يعتزم تعليق عقوبات مفروضة على سوريا في مجالات الطاقة والنقل وإعادة الإعمار، في وقت حذّر فيه وزير الخارجية الروسي دمشق من “تهديد” يحيق بالبلاد.

ومن المتوقع أن يناقش وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الملف السوري خلال اجتماع يعقد في بروكسل في 24 فبراير/ شباط الجاري.

وكان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد فرضا مجموعة من العقوبات على أفراد وقطاعات اقتصادية في سوريا إبان عهد الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد.

وبدأ زعماء أوروبيون إعادة النظر في ذلك النهج بعد الإطاحة بالنظام السوري في ديسمبر/ كانون الأول الماضي إثر هجوم مباغت شنه الثوار من شمال البلاد سرعان ما وصل خلال أيام إلى دمشق.

واتفق وزراء دول التكتل في يناير/ كانون الثاني الماضي على خريطة طريق لتخفيف العقوبات عن سوريا، مع ترك بقية التفاصيل للمفاوضات.

وتنص مسودة الإعلان على أن المجلس الأوروبي قرر تعليق عدد من الإجراءات التقييدية “في مجالات الطاقة والنقل وإعادة الإعمار، إضافة إلى تسهيل التحويلات المالية والمصرفية المرتبطة بها”.

وأشارت المسودة إلى أن الاتحاد الأوروبي سيمدد إلى أجل غير مسمى الإعفاء الإنساني الذي يسهل إيصال المساعدات الإنسانية.

وأضافت المسودة “في إطار نهج تدريجي وفي خطوة مقبلة، سيقيم المجلس ما إذا كان سيعلق المزيد من الإجراءات التقييدية”. وتابعت “المجلس سيواصل التحقق من أن التعليق سيظل سديدا بناء على متابعة وثيقة للموقف في البلاد”.

مخاطر تهدد البلاد

من جانب آخر، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن القيادة السورية الجديدة تدرك وجود مخاطر تهدد وحدة البلاد. واعتبر لافروف أن الأهم هو منع تكرار ما وصفه بالسيناريو الليبي في سوريا.

وقال لافروف إن “زيارة الوفد الروسي لدمشق تمت قبل أيام من الاتصال الهاتفي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الإدارة الحالية أحمد الشرع، وكانت نتائجها إيجابية”.

وأضاف وزير الخارجية الروسي “من الواضح أن أحد أهم الملفات بالنسبة لهم هو منع تكرار السيناريو الليبي، عندما فقدت البلاد كيانها بسبب عدوان حلف الناتو وانقسمت ولم تعد قادرة على توحيد نفسها. في سوريا يوجد مثل هذا التهديد ومن وصل إلى السلطة يدرك ذلك”، وفق تعبيره.

وكانت روسيا من أبرز حلفاء بشار الأسد وساعدته عسكريا على مدار سنوات ضد الثوار، وتمتلك قاعدتين عسكريتين في اللاذقية وطرطوس الساحليتين على البحر الأبيض المتوسط.

وعقب الإطاحة بالأسد سعت موسكو للتواصل مع الإدارة الجديدة بهدف الحفاظ على موطئ قدم فيها.

ورجح موقع بلومبيرغ الاثنين -نقلا عن مصادر مطلعة- احتفاظ روسيا بوجود عسكري مخفض في سوريا، في ظل اقتراب موسكو من اتفاق مع الحكومة الجديدة يسمح لها بإبقاء بعض الموظفين والمعدات بالبلاد.

المصدر : الجزيرة + وكالات

————————————

حق الشعب”.. سوريا تطالب باستعادة أموالها المحتجزة بدول أوروبية/ ليث الجنيدي

طالب وزير الاقتصاد السوري باسل عبد الحنان، الخميس، باستعادة أموال بلاده المحتجزة لدى دول أوروبية، مشيراً إلى أنها “من حق الشعب السوري”.

جاء ذلك في لقائه مع وفد من ‏مفوضية الاتحاد الأوروبي، وفق ما أوردته وكالة الأنباء السورية “سانا” على موقعها الإلكتروني.

وبحث وزير الاقتصاد مع الوفد الأوروبي “أهمية الاستمرار في رفع كافة العقوبات عن سوريا، وانعكاس ذلك إيجابياً على اقتصاد البلاد والأوضاع المعيشية لشعبها”، حسب الوكالة ذاتها.

وبينت سانا أن اللقاء تناول “المبالغ المحتجزة المجمدة في الدول ‏الأوروبية، وضرورة استعادتها لكونها من حق الشعب السوري، وخاصة تلك المتعلقة برموز ‏النظام البائد”، دون أن تشير إلى قيمتها.

وأوضح الوزير عبد الحنان أنه “ستتم هيكلة المؤسسات بما يتلاءم مع نظام السوق الحر، ‏وتعديل القوانين والتشريعات التي كانت تعرقل العملية الاقتصادية، والعمل على خطط ‏إسعافية قصيرة الأمد ريثما يتعافى الاقتصاد السوري”.

وأشار إلى أن “الحكومة لن تتدخل ‏بالسوق، وسيكون دورها إشرافياً تنظيمياً رقابياً، وستحرص على دعم الصناعة المحلية ‏لتكون قادرة على التصدير”.

واستدرك أن “عاماً واحداً كفيل بتحقيق تغير في الاقتصاد السوري”.

ولفت الوزير السوري إلى “أهمية البرامج التدريبية التطويرية للكوادر الحكومية، في شتى المجالات ‏بعدما هاجر قسم كبير منها إلى الخارج، نتيجة الفساد والقبضة الأمنية لعصابة الأسد”.

ونوّه بـ”عودة أكثر من 100 مستثمر إلى سوريا، خلال الشهر الماضي (يناير/ كانون الثاني) للمشاركة بعملية إعادة الإعمار، رغم المعوقات الموجودة مثل موضوع الطاقة، والعقوبات التي لم تحل ‏بعد”.

وفي 7 يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا لمدة 6 أشهر، بهدف تسهيل استمرار الخدمات الأساسية في البلاد.

كما أعلنت الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، في 27 من الشهر نفسه، اتفاق وزراء خارجية الاتحاد على خارطة طريق لتخفيف العقوبات على سوريا.

وبحسب معلومات استقتها الأناضول من وزارتي الخارجية والخزانة الأمريكيتين، فإن العقوبات على سوريا بدأت في ديسمبر/ كانون الأول 1979، عندما صُنفت سوريا “دولة داعمة للإرهاب”، وأصبحت أكثر شمولا مع بداية الثورة السورية في 2011.

وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، بسطت فصائل سورية سيطرتها على دمشق بعد مدن أخرى، منهية 61 عاما من نظام حزب البعث الدموي، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.

وفي 29 يناير الماضي، أعلنت الإدارة السورية الجديدة تعيين أحمد الشرع رئيسا للبلاد بالمرحلة الانتقالية، بجانب قرارات أخرى منها حل الفصائل المسلحة والأجهزة الأمنية القائمة بالعهد السابق، ومجلس الشعب (البرلمان)، وحزب البعث الذي حكم البلاد على مدى عقود، وإلغاء العمل بالدستور.

(الأناضول)

———————————-

الاتحاد الأوروبي يقرر تعليق عقوبات مفروضة على سوريا

الأربعاء 2025/02/19

يستعد الاتحاد الأوروبي لتعليق مجموعة من العقوبات المفروضة على سوريا، تشمل قطاعات الطاقة والنقل وإعادة الإعمار بحسب ما أفادت وكالة “رويترز”.

اجتماع جديد

وقالت الوكالة إن وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، سيناقشون الوضع الحالي في سوريا خلال اجتماع جديد للوزراء يعقد في بروكسل، في 24 شباط/فبراير الجاري.

وأظهرت مسودة إعلان اطلعت عليها “رويترز”، أن مجلس الاتحاد الأوروبي قرر تعليق عدد من التدابير التقييدية في مجالات الطاقة والنقل وإعادة الإعمار، فضلاً عن تسهيل المعاملات المالية والمصرفية المرتبطة بها.

وأوضحت المسودّة أن الإجراء هو جزء من “نهج تدريجي”، فيما لفتت إلى أن مجلس الاتحاد “سيقيّم تعليق المزيد من التدابير التقييدية في خطوة تالية”.

وسيواصل مجلس الاتحاد الأوروبي “دراسة ما إذا كانت عمليات التعليق لا تزال مناسبة، بناءً على المراقبة الدقيقة للوضع في البلاد”، حسبما نصت المسودة.

معارضة يونانية- قبرصية

وكان وزراء خارجية الاتحاد قد اتفقوا خلال اجتماع عقد في بروكسل في 27 كانون الثاني/يناير، على خريطة طريق تضمن رفع تدريجي للعقوبات المفروضة على سوريا، تبدأ من قطاع الطاقة.

وأعلنت مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، عن خريطة الطريق، مشيرة إلى أن الوزراء اتفقوا على خريطة طريق لرفع العقوبات بشكل تدريجي عن سوريا، تبدأ برفع العقوبات التي تستهدف قطاع الطاقة.

وإذ أكدت كالاس، أن الاتحاد لن يرفع أي عقوبات تتعلق بتصدير الأسلحة، حذرت الإدارة الجديدة في سوريا من “خطوات خاطئة” قد تتسبب بتراجع الاتحاد الأوروبي عن خطواته.

لكن صحيفة “بوليتكو”، كشفت قبل أيام عن أن اليونان وقبرص تعارضان رفع العقوبات، وذلك على الرغم من توصل وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق سياسي، الشهر الماضي، لرفع جزئي للعقوبات.

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين أوروبيين قولهم إن الدولتين العضوين في الاتحاد الأوروبي “تريدان ضمانات بأن العقوبات التي يعتزم الاتحاد رفعها يمكن استبدالها بسهولة إذا لزم الأمر”. وقال أحد الدبلوماسيين إنه “إذا لم تغير الإدارة الجديدة في سوريا من موقفها فلن نتمكن من المضي قدماً”.

وأشار مسؤول دبلوماسي قبرصي إلى أن النص المتعلق برفع العقوبات “قيد المناقشة في مجموعة العمل ذات الصلة، ونأمل أن نتمكن من الانتقال إلى الخطوة التالية من العملية قريباً”.

المدن

————————–

لقاء تحضيري في درعا لمؤتمر الحوار الوطني السوري.. هذه أبرز المطالب/ ضياء الصحناوي

20 فبراير 2025

أوصى المشاركون في اللقاء التحضيري للمؤتمر الوطني الذي عقد يوم أمس في محافظة درعا، جنوبي سورية، بإنشاء جمعية أو هيئة تتبع لمنظمة حقوقية للإشراف على السجون السورية والمحاكمات ومراقبة الأعمال والتصرفات الصادرة عن المؤسسات العسكرية والأمنية والانتهاكات التي قد تحدث من جانبها، وذلك لضمان الحقوق العامة والشخصية للسجناء، وحق المحاكمات العادلة، ومنعاً لتكرار المآسي في زمن نظام بشار الأسد.

وما بين التوصيات المطلبية المرتبطة بالواقع الاقتصادي والمعيشي، وبين المقترحات التي حددتها اللجنة التحضيرية للحوار الوطني السوري، طالب المشاركون في لقاء درعا بتحديد زمن ولاية الرئيس السوري، وفق الإعلان الدستوري، أو الدستور المقبل للبلاد، وعدد المرات التي يحق للرئيس إعادة ترشيح نفسه. كما طالب الحضور بتشكيل محاكم جنائية في كل المحافظات من أجل محاسبة مرتكبي الجرائم خلال سنوات الثورة ومن كل الأطراف، معتبرين أن المحاسبة جزء من العدالة الانتقالية والمقدمة الضرورية ليعم السلم الأهلي في سورية.

وتحدثت إحدى المشاركات عن تأسيس نقابة للمرأة تهتم بشؤونها وتحافظ على حقوقها وتساهم في تمكينها لتأخذ دورها في المجتمع، بعيداً عن التعنيف الأسري والتمييز الجنسي. وكان العديد من المشاركين وغيرهم قد انتقدوا طريقة اختيار الحضور في اللقاءات التي جرت أمس في محافظتي درعا والسويداء، معتبرين أن هذا الاختيار قام على المحاصصة بين الوجهاء ورجال الدين وبعض الناشطين في العمل المدني والسياسي. وطالب أحد المحامين أن يجري اختيار الممثلين في المؤتمر الوطني السوري، بناء على الاختصاص والكفاءة، بعيداً عما وصفه بـ”الحالة الشعبوية التي شهدتها معظم اللقاءات حتى الآن”.

وقال في حديثه لـ”العربي الجديد”، شريطة عدم ذكر اسمه، إنه من الطبيعي أن يجمع اللقاء أطيافاً مختلفة من الشعب السوري، وأن يتحدث البعض عن المعاناة المعيشية، وعن سوء الخدمات، وهذا هو وجع كل السوريين، وهي الفرصة الأولى منذ عقود للتحدث والمطالبة بحرية وأمام وسائل الإعلام وممثلين معينين من قبل الدولة، ولكن ما لم يجر التحضير له وفي جميع المحافظات هو التعريف الصحيح عن ماهية اللقاء وأهدافه وبرنامج العمل والحوار، وأيضاً طريقة انتقاء الحضور المشارك.

واعتبر أن هذا يخلق مخاوف حول كيفية انتقاء ممثلين في المؤتمر الوطني المقرر في دمشق، حيث يتساءل الكثيرون عمّن يمثل كل محافظة، رغم أن معظم التوصيات ومن جميع المحافظات، تلتقي حول تحقيق العدالة الانتقالية، وبناء الدستور، وإصلاح مؤسسات الدولة والحريات العامة والشخصية، إضافة لدور منظمات المجتمع المدني والنظام الاقتصادي الجديد.

ممثلو الحسكة يجتمعون في دمشق

 وفي سياق هذه اللقاءات، اجتمع في دمشق اليوم ممثلون عن محافظة الحسكة بعدما تعذّر على اللجنة التحضيرية للحوار الوطني الذهاب للحسكة، بسبب الأوضاع الأمنية وسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) على معظم المحافظة. وتركزت توصيات الحضور على تحرير المحافظة، وضبط الأمن، وإعادة الأمان إليها، حيث ينظر الحضور إلى محافظتهم على أنها ما زالت مخطوفة من قوى الأمر الواقع، وتطالب الدولة بإنهاء هذا الوضع بطريقة أو بأخرى، وبسط سيطرتها على كامل التراب السوري.

وكان عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني، حسن الدغيم، قد أكد في حديث صحافي أنه لم يجر دعوة ممثلين عن فصائل عسكرية أو أجنحتها السياسية الداعية للانفصال إلى لقاءات اللجنة التحضيرية في المحافظات، مشيراً إلى أن “قسد” ما زالت جهة عسكرية تسيطر على بعض المحافظات السورية وخارج نطاق الدولة، ولا يمكن دعوتها للحوار، ضمن هذا المعطى.

من جانبه، أصدر المجلس الوطني الكردي بياناً استنكر فيه تغييب الحركة الكردية في الحسكة عن الحوار الوطني السوري، معتبراً أن هذا التغييب “يخل بمبدأ الشراكة الوطنية وتجاهلاً لدور مكون رئيسي من الشعب السوري عانى من سياسات التمييز والإقصاء لعقود، وحرم من حقوقه المشروعة”. وأكد البيان أن أي حوار وطني يُعنى بمستقبل سورية، لا يمكن أن يكون جاداً أو مثمراً ما لم يضمن مشاركة فعلية لمختلف المكونات، وفي مقدمتها الشعب الكردي، وفق البيان.

———————————

ماذا وجد الأمن السوري بمنازل “متنفذين” في النظام السابق؟

20 فبراير 2025

أعلن المدير العام للآثار والمتاحف في سوريا، نظير عوض، عن قيام الأمن العام بضبط عدد كبير من القطع الأثرية في منازل شخصيات متنفذة ورجال أعمال تابعين للنظام السابق.

وقال عوض، خلال مقابلة مع تلفزيون سوريا، إن “كبار الشخصيات والمتنفذين، الذين كانوا يعلمون أنهم محميون من القانون، امتهنوا تجارة الآثار”.

وأضاف أن “عمليات التنقيب غير الشرعي وبيع الآثار لم تكن لتتم إلا بغطاء وحماية. العديد من القطع الأثرية هُربت إلى خارج سوريا بتسهيل من ضباط في الجيش وأجهزة الأمن التابعة للنظام المخلوع، بينما قام بعض عناصر الجيش والشرطة آنذاك بتسليم عدد من القطع الأثرية”.

وأشار إلى أن “التنقيب عن الآثار كان يجري سواء في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام أو الخارجة عنها في ذلك الوقت، إلا أن الكارثة الحقيقية تكمن في تعرض المواقع الأثرية في سوريا لأعمال تنقيب عشوائية، مما أدى إلى إلحاق أضرار جسيمة بالتراث الثقافي السوري”.

الحرة

——————————–

المغتربون السوريون… العودة أو الزيارة رهن الاستتباب الأمني/ ضياء الصحناوي

20 فبراير 2025

ينتظر المغتربون السوريون أينما حلوا استتباب الواقع الأمني في سورية للعودة أو الزيارة، ويرجحون أن يكون الصيف المقبل حافلاً بالعائدين

تتجه أنظار السوريين في دول الاغتراب والشتات إلى ما ستؤول إليه الأوضاع الأمنية والمعيشية في سورية، وسط توقعات بأن يكون صيف سورية المقبل مزدهراً بأعداد العائدين والزوار من المغتربين السوريين.

وتشكل الأوضاع الأمنية الهاجس الأول والعائق الأهم أمام العودة والاستقرار في سورية مجدداً أو مجرد الزيارة، وما يتبعها من عوائق أخرى تتعلق بتأمين الخدمات والأوضاع المعيشية، وصولاً إلى البنية التحتية المدمرة في العديد من المناطق السورية.

حمزة نصر، اللاجئ في هولندا منذ تسعة أعوام، يقول لـ العربي الجديد” إن نجاح الثورة السورية أزاح من أمام الشباب أهم عوائق العودة أو الزيارة، وهي الخدمة الإلزامية التي كانت سبباً للهجرة واللجوء، والخوف من الاعتقال والابتزاز وأعمال النهب والإذلال على الحواجز الأمنية والمعابر. ويؤكد أن هذا في حد ذاته سبب للتفكير في العودة أو الزيارات المتكررة على أقل تقدير.

أما عن الاستقرار في سورية، يضيف نصر: “من المبكر الحسم في مثل هذه القرارات. لا تزال البلاد تعاني وضعاً اقتصادياً ومعيشياً سيئاً، وتنتشر فيها البطالة التي تهدد الاستقرار وتؤدي إلى تفشي أعمال السرقة والخطف والعنف بشكل كبير، وخصوصاً أن الأجهزة الأمنية لا تزال في طور التشكيل. والأصح في مثل هذا الواقع ألا يشكل المغتربون عبئاً إضافياً على البلاد، بل المطلوب الاستمرار في أماكن اللجوء والعمل والمساهمة في دعم الأسرة ريثما تستطيع الحكومة العمل على إيجاد حلول للأوضاع الأمنية والاقتصادية”.

وكانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد بينت في مسح أجرته، ارتفاع نسبة اللاجئين السوريين الراغبين بالعودة إلى بلداتهم بعد سقوط النظام السابق، إلى 27% مقارنة بـ 1.7% قبل سقوط النظام. وأكدت أن أعدادا كبيرة من السوريين ما زالوا مترددين في اتخاذ قرار العودة أمام الاحتياجات الأساسية وسبل الاستقرار والتي لا تزال غير واضحة.

من جهته، يقول محسن النعسان المقيم في ألمانيا، لـ “العربي الجديد”: “لا يزال قرار العودة صعباً ومستحيلاً أحياناً، وخصوصاً بالنسبة لمعظم الأسر التي فقدت منازلها، ولم تعد تملك في سورية مأوى صالحا للعيش، أو مكانا يستقبلها، علماً أن حالها أفضل من مئات آلاف النازحين في المخيمات. ووجدت هذه العائلات والأفراد في دول اللجوء المأوى اللائق والخدمات الإنسانية التي كانت تفتقدها في سورية ولا تزال، مثل المياه والكهرباء والتدفئة، وحتى سبل العيش المناسبة والتعليم”.

يضيف: “معظم اللاجئين في دول أوروبا يفكرون بالزيارة بعد أن تستقر الأوضاع الأمنية وتتضح معالم الحكم الجديد، وتحديداً القضاء وما يضمن أمن وسلامة العائد. ولا يزال العديد من السوريين يخشون أعمال العنف والانتقام وخصوصاً في المناطق التي لا تزال تشهد أحداثاً امنية”.

مع هذا، يرى أن الصيف المقبل سيشهد توافداً ضخماً للسوريين بقصد الزيارة والاطلاع على ما آلت إليه البلاد، والأمر سيتوقف بطبيعة الحال على إنجازات الحكومة والقيادة الجديدة وقدرتها على تذليل الصعوبات وتهيئة الوضع المناسب.

أما رجال الأعمال السوريون والمستثمرون في دول الاغتراب وحتى أصحاب رؤوس الأموال الصغيرة العاملون في دول الخليج العربي والسعودية، فلا يزالون يترقبون القوانين والتشريعات الصادرة عن الحكومة التي تحقق لاستثماراتهم الحد المناسب من الأمان والاستمرارية.

عماد الدوارة المقيم في السعودية منذ أكثر من 35 عاماً، يتحدث لـ “العربي الجديد” عن زيارته القصيرة للبلاد عقب غياب قسري دام 15 عاماً عن سورية. زار عدداً من المدن بعد التحرير، واختلطت لديه المشاعر بين الفرح والقلق. ويقول إن أمام الحكومة الجديدة والشعب السوري الكثير من العمل لترميم الخراب الهائل الذي أحدثه النظام البائد.

يضيف: “أكاد لا أصدق أن هذا البلد استطاع تجاوز شهرين من سقوط نظام الأسد من دون حرب أهلية، وبأقل ما يمكن من الحوادث الأمنية. وما أذهلني أن غالبية السوريين وبكل المكونات والاتجاهات الفكرية والعقائدية، يأملون في بداية جديدة ومصالحة وطنية ويسعون إلى السلم الأهلي رغم الجراح والشرخ الذي صنعه نظام الأسد الأب وأججه وعمقه الأسد الابن”.

أما التفكير في الاستثمار والاستقرار في سورية، “فيتطلب أرضية آمنة وتشريعات ضامنة، ومن المبكر التفكير في الأمر. لا تزال الحكومة المؤقتة تسعى إلى ضبط السلاح العشوائي والانفلات الأمني بحسب الأولويات، وأمامها عمل شاق لتأهيل البنية التحتية المناسبة للاستثمار والاستقرار، وهذا يتطلب تكاتفاً في الجهود بين السلطة والمجتمع، ويحتاج في حده الأدنى إلى أشهر طويلة وربما إلى أعوام”.

جسر دمره نظام الأسد المخلوع بين حلب ودمشق عام 2020 (فرانس برس)

وتُظهر إحصائيات غير رسمية توافد أعداد كبيرة من الشبان السوريين للزيارة، وتحديداً أولئك الذين كانت الخدمة الإلزامية تمنعهم من دخول البلاد خلال فترة نظام الأسد.

ويقول كريم جموّل، العامل في دولة الإمارات العربية المتحدة، لـ “العربي الجديد”: “هناك أولويات وضرورات لا بد أن يعيها معظم السوريين، منها الحفاظ على السلم الأهلي بين مكونات الشعب السوري في الداخل. فهذا مفتاح الاستقرار وعودة السوريين والاستثمار والنهوض في البلاد”. ويرى أن من واجبات الحكومة بعد ضبط الأمن وتشريع القوانين الناظمة للحياة العامة وتحقيق العدالة الانتقالية، تحفيز رأس المال السوري في دول الاغتراب والكفاءات العلمية والحرفية من أجل بناء قاعدة أعمال تمنح السوريين فرص عمل وتحثهم على الإنتاج، ما يحقق العيش الكريم والاستقرار. ولا يزال الشباب السوري يسعى للسفر والاغتراب بهدف تغيير الواقع الاقتصادي والمعيشي الصعب”.

يتابع جمّول أن “آلاف السوريين ممن وجدوا أنفسهم خارج الخدمة في الجيش والقوى الأمنية، أو ممن طاولتهم قرارات الفصل من مؤسسات الدولة، بدأوا جميعاً البحث عن فرص عمل خارج البلاد، وخصوصاً أولائك الذين يخشون الملاحقات الأمنية من النظام الحديد. وأخشى أن يشهد العالم نزوحاً سورياً آخر لا يقل خطورة عمّا سبقه من نزوح وهجرة خلال السنوات الماضية”.                                                      وأعلنت الأمم المتحدة، أول من أمس الثلاثاء، عودة أكثر من مليون سوري، من بينهم 800 ألف نازح داخلي، و280 ألف لاجئ في الخارج، إلى ديارهم منذ سقوط بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، على “إكس”: “منذ سقوط النظام في سورية، نقدر أن 280 ألف لاجئ سوري وأكثر من 800 ألف نازح عادوا إلى ديارهم”.

—————————–

تل أبيب ترسم بالنار «خطوطاً حمراء» لدمشق

تل أبيب: نظير مجلي

19 فبراير 2025 م

رأت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس، أن قصف الجيش الإسرائيلي، لمحيط بلدة سعسع في جنوب سوريا، بمثابة رسالة نارية لرسم «خطوط حمراء» لن يُسمح لأي قوة عسكرية بتجاوزها، في الجنوب السوري.

وقالت المصادر، لوسائل إعلام عبرية، إن هناك فرقاً عسكرية تتحرك في المنطقة وتتحدى القوات السورية هناك، وإن القصف رسالة مررتها إسرائيل إلى العهد الجديد في دمشق.

في غضون ذلك، كشفت مسودة مسربة من الاتحاد الأوروبي، عن أنه يعتزم تعليق إجراءات تقييدية بشأن سوريا في مجالات «الطاقة، والنقل، وإعادة الإعمار، وتسهيل التحويلات المالية والمصرفية المرتبطة بها».

وأشارت المسودة إلى أن الاتحاد الذي يناقش الملف السوري في اجتماع ببروكسل، الاثنين المقبل، سيمدد إلى أجل غير مسمى الإعفاء الإنساني لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية.

——————————-

صناعة سورية في خطر بسبب الارتفاع الكبير بأسعار الكهرباء/ جلنار العلي

20 فبراير 2025

برزت مطالب كثيرة، خلال الفترة الأخيرة، بتخفيض كلف الإنتاج، خاصة الكهرباء، التي باتت أسعارها الرسمية تثقل كاهل المستثمرين الصناعيين في سورية، وتمنعهم من تطوير استثماراتهم وضخ أموال جديدة.

وهذا ما دفع غرفة صناعة دمشق وريفها لرفع كتاب لوزارة الكهرباء تطرح فيه شكاوى الصناعيين من الارتفاع الكبير لقيمة فواتير الطاقة، والذي أدى إلى إحداث ضرر بكل القطاعات الصناعية وفي مقدمتها الكيميائية والغذائية والهندسية والنسيجية، إذ إن الفرق في أسعار الكهرباء بين سورية والدول المجاورة أصبح كبيراً، إذ يبلغ سعر الكيلو وات في الأردن ما يعادل 9.5 سنتات، وتركيا 12 سنتاً، بينما يصل سعر الكيلو وات في سورية إلى 1900 ليرة، مضافاً إليها 22% رسوم إضافية، لتصبح تكلفة الكيلو وات بحدود 2300 ليرة، أي ما يعادل نحو 18 سنتاً (الدولار = 100 سنت).

ميراث النظام البائد في سورية

واعتبرت منظمات وأعضاء قطاع الأعمال والصناعة في سورية أن “هذا الارتفاع الذي فرضه النظام البائد سابقاً على الصناعيين، كان له انعكاس كبير على كلفة المنتج النهائي، وبالتالي عدم القدرة على المنافسة في الأسواق التصديرية”، مطالبين بإعادة النظر بدراسة السعر بالنسبة للصناعيين بما يتوافق مع الأسعار العالمية، والتوجيه بإلغاء جميع الضرائب والرسوم الإضافية على فاتورة الكهرباء، والتي تشكل 22% من التكلفة.

وشاطر صناعيو حلب غرفة صناعة دمشق وريفها بالمطالب ذاتها، فرفعوا كتاباً إلى وزارة الكهرباء عبر غرفتهم أيضاً، طالبوا فيه بتخفيض سعر الكهرباء بما يتناسب مع الوضع الراهن للصناعيين، ليكون بين 8-10 سنتات، وأن تصدر التسعيرة بالدولار، لتعزيز النمو الاقتصادي ورفع القدرة التنافسية للمنتجات الوطنية بالأسواق.

من جانبه، اعتبر المستثمر العامل في قطاع النسيج، ماهر الزيات في تصريحه لـ”العربي الجديد” أنه لا يجوز مقارنة سورية مع باقي الدول، في ظل الفارق الكبير الموجود بأسعار الطاقة، والذي يصل إلى أكثر من الضعف، وهذا ما وصفه بأنه جريمة كبرى بحق الصناعة السورية، إذ لا يمكن للصناعي أن يحتمل هذه التكاليف الباهظة، مشيراً إلى أنه لا يمكن لبلد أن ينمو صناعياً ما لم تتوفر فيه الكهرباء، خاصة أن المشكلة في سورية لا تتوقف عند الأسعار المرتفعة فقط، بل تصل إلى انعدام وصل التيار الكهربائي، وهذا ما جعله يغلق مصنعه منذ شهرين إلى اليوم، علماً أنه يؤمن فرص عمل لنحو 50 عاملاً.

وعن الأثر الحقيقي والملموس لذلك، أشار الزيات إلى أن المعمل الذي كان بإمكانه إنتاج 3000 قطعة باليوم الواحد، أصبح غير قادر على إنتاج أكثر من 200 قطعة باليوم، إضافة إلى خروج المنتج السوري عن المنافسة، خاصة مع فتح باب الاستيراد والتهريب لأدنى البضائع جودة، والتي باتت منتشرة على الأرصفة والطرقات، لافتاً إلى أن الصناعي السوري أصبح خاسراً بكل ما للكلمة من معنى. وطالب بأن تسعر الكهرباء وفقاً للأسعار العالمية، وذلك أسوة ببقية السلع التي تعتمد الحكومة على تسعيرها وفقاً لما هو متبع عالمياً.

لا صناعة بدون كهرباء

أما الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة حلب، حسن الحزوري، فأكد في بداية تصريحه لـ”العربي الجديد” أنه لا يمكن بناء صناعة حقيقية بدون كهرباء مستقرة ودائمة وبأسعار تنافسية تتقارب مع الأسعار العالمية أو مع أسعار دول الجوار، وهذا ما تفتقده الصناعة السورية في الوقت الراهن، إذ لا توجد تغذية منتظمة ولا أسعار عادلة أو تنافسية.

وأشار إلى أن ذلك سيؤثر على المنتجات الصناعية السورية، خاصة في حالة عدم استقرار سعر الصرف، إذ يؤدي ذلك إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، مما ينعكس سلباً على تنافسية المنتجات السورية في الأسواق المحلية والخارجية وتعطل العديد من المنشآت الصناعية أو توقفها عن الإنتاج، أو إلغاء عقود تصنيعية نتيجة ارتفاع التكاليف.

ولفت الحزوري إلى أن سعر الكيلو وات الساعي في الأردن يعادل 9.5 سنتات، بينما في سورية تكلفته مع رسومها الملحقة تعادل بسعر الصرف الرسمي 17.69 سنتاً، وعندما تحسن سعر الصرف لصالح العملة السورية في السوق السوداء ووصل إلى 7500 ليرة للدولار في وقت سابق، أصبحت تكلفة الكيلو وات ساعي 30 سنتاً، معتبراً أنه لا يمكن للصناعي أن يستمر في الإنتاج، نتيجة تغير التكاليف الناتج عن تغير أسعار الصرف وارتفاع أسعار الكهرباء حتى بسعر الصرف الرسمي مقارنة بدول الجوار، علماً أن تغير التكاليف يعني عدم قدرة المنتج المحلي عن منافسة الأجنبي وخاصة التركية الرخيصة التي تغزو الأسواق السورية.

وحدد الحزوري الأمور الواجب اتباعها لعدم اللحاق بتغيرات سعر الصرف، إذ يجب أن يكون تسعير الكهرباء بالدولار بدلاً من الليرة السورية، كون الصناعي يحسب تكاليف صناعته وأرباحه بالدولار عندما يصدر أو يرتبط بعقود تصديرية.

كما اقترح الأستاذ الجامعي، تشجيع الاستثمار في الطاقة المتجددة لتخفيف الضغط عن الشبكة الكهربائية، وتحسين كفاءة الاستخدام في المصانع عبر تقنيات حديثة موفرة للطاقة مما يؤدي لتخفيض التكاليف، كما يجب الإسراع بالربط الكهربائي مع تركيا والأردن.

العربي الجديد

———————————

الذخائر غير المنفجرة تهدد حياة 15 مليون سوري

ثلثا السكان معرضون لخطر مباشر بالقتل أو الإصابة

أ ف ب

الخميس 20 فبراير 2025

تسجيل 136 حادثة متعلقة بالذخائر غير المنفجرة ومخلفات الحرب في سوريا خلال يناير الماضي وفبراير الجاري

حذرت منظمة دولية أمس الأربعاء من “كارثة بكل معنى الكلمة” تهدد أكثر من 15 مليون سوري.

وقالت منظمة “هانديكاب إنترناشونال” إن 15 مليون سوري، أي ثلثي السكان، معرضون لما يراوح ما بين 100 و300 ألف من الذخائر غير المنفجرة المنتشرة في جميع أنحاء سوريا بعد 14 عاماً من النزاع

وأضافت مسؤولة برنامج سوريا في المنظمة دانيلا زيزي خلال مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية “إنها كارثة بكل معنى الكلمة”.

ودمرت 14 عاماً من الحرب سوريا وأسفرت عن مقتل أكثر من 500 ألف شخص وتشريد 10 ملايين داخل البلاد وخارجها، وخلال هذه الفترة اُستخدمت مليون قطعة ذخيرة متفجرة، بحسب تقديرات دولية جمعتها منظمة “هانديكاب إنترناشونال”.

وبحسب المنظمة فإن ما بين 100 و300 ألف من هذه الذخائر لم تنفجر، وهو ما يؤثر في البلاد بأكملها حيث إن “ثلثي السكان معرضون لخطر مباشر بالقتل أو الإصابة بالمتفجرات”.

وأوضحت دانيلا زيزي أنه “في سوريا اُستخدمت كثير من الأسلحة غير التقليدية مثل البراميل المتفجرة التي لديها معدل إخفاق أعلى”، كما زرع تنظيم “داعش” الألغام في مناطق عدة، مشيرة إلى أن “أكثر من 15 مليون شخص معرضون للخطر”.

ومع عودة 800 ألف نازح داخلياً و280 ألف لاجئ لديارهم في سوريا منذ سقوط بشار الأسد في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وفق أرقام الأمم المتحدة، فإن هذه الظاهرة “تشكل تهديداً خطراً لأمن المدنيين وستكون لها عواقب على جهود تعافي البلاد”، وفق ما تؤكد المنظمة الدولية.

وحذرت المنظمة غير الحكومية من أنه “خلال شهرين فقط لاحظنا زيادة حادة في الحوادث المتعلقة بـالذخائر غير المنفجرة ومخلفات الحرب من المتفجرات”، حيث جرى تسجيل 136 حادثة خلال يناير (كانون الثاني) الماضي وفبراير (شباط) الجاري.

وتابعت زيزي أن “هذه واحدة من المشكلات الرئيسة التي تواجه سوريا”، وخصوصاً أن الذخائر غير المنفجرة “توجد قرب بنى تحتية مدنية وفي الحقول” مما يجعلها غير صالحة للاستخدام.

واستشهدت المسؤولة في “هانديكاب إنترناشونال” بقصة شابين من دير الزور (شرق) داسا لغماً في يناير الماضي، فبُترت ساق أحدهما بينما أصيب الآخر “بحروق خطرة وإصابات بالغة”.

وأضافت زيزي أن “هذه الحوادث يومية ويصعب إحصاؤها”، داعية إلى رسم خريطة للأراضي السورية والبدء بتطهيرها، وهذه العملية طويلة ومكلفة في حين أن المساعدات الإنسانية الدولية تتجه إلى الانخفاض، وخصوصاً تلك التي مصدرها الولايات المتحدة.

————————–

البودكاست السوري: الإعلام البديل بعد سقوط الأسد/ محمد كساح

الأربعاء 2025/02/19

أدى سقوط نظام الأسد المفاجئ في كانون الأول/ديسمبر الماضي، إلى انتشار كبير لمشاريع البث الصوتي “بودكاست” في سوريا، كوسيلة غير مكلفة نسبياً لتغطية الحدث السياسي وكواليسه ومتابعة آخر المستجدات والتداعيات المنبثقة عنه إلى جانب إجراء مراجعات للأفكار والأحداث والتبدلات السياسية السابقة.

وأتى الانتشار الواسع للبودكاست السوري اليوم، كامتداد لمشاريع البث الصوتي التي أطلقتها في الفترة السابقة، منصات ووسائل إعلام سورية في الشتات تناولت قضايا داخلية ملحّة وقضايا تمس مستقبل سوريا، توقف معظمها بسرعة.

ورغم تواضع جزء كبير من الأفكار المطروحة وسطحيتها، حيث يغيب الطرح العميق القائم على تقديم إجابات دقيقة لعلامات الاستفهام الإشكالية، تحظى حزمة البرامج المتنوعة والغنية بحضور شخصيات عامة وأخرى مؤثرة في خط سير الأحداث، بمشاهدات كبيرة تدلل على أهمية هذه البرامج بالنسبة لفئة كبيرة من السوريين.

وربما يكون السوريون المقيمون في الخارج هم الفئة الأكثر مشاهدة للبودكاست، انطلاقاً من أن ذلك يتطلب وقتاً كبيراً قد لا يكون متوافراً لدى معظم سوريي الداخل الذين يبحثون عن أساسيات الحياة وسط أزمة اقتصادية خانقة حيث يعيش 90% من السوريين داخل البلاد تحت خط الفقر بحسب تقديرات الأمم المتحدة، كما لا تتوفر في معظم مناطق الداخل السوري تلك النوعية الجيدة من خدمة الإنترنت التي يتطلبها مقطع صوتي طويل يقارب وسطياً في معظم الأحيان حدود 3 ساعات، وهي فرضية قد تتغير لاحقاً تبعا لمستوى خدمات الاتصالات التي تعمل الدولة الجديدة على توفيرها.

واللافت في معظم ما يطرح من بودكاست سوري هو تحول “يوتيوب” إلى المنصة الرقم واحد لعرض هذا النوع من البرامج، التي يفترض أنها برامج تعتمد على الصوت لا الصورة وعلى منصات مخصصة للبودكاست على رأسها “غوغل بودكاست” و”أبل بودكاست” و”سبوتيفاي” و”ساوند كلاود”، ومر هذا التحول أولا بطفرة لبرامج سورية احترافية تم بثها خلال السنوات السابقة في تلك المنصات، لكن معظم هذه البرامج توقفت وبات “يوتيوب” المحطة الأخيرة للبودكاست السوري فعلياً.

وفي جولة على المواضيع التي تطرحها برامج البودكاست المختلفة منذ سقوط النظام، يمكن رصد حالة عامة من الاهتمام بكواليس وتفاصيل العملية العسكرية الأخيرة التي قادت إلى إسقاط النظام، وهي فكرة نالت اهتماماً بارزاً لدرجة تسجيل حلقات كثيرة حول الموضوع أغلبها تكرار لما سبق ما يوقع هذه الفكرة في فخي السطحية وعدم تقديم ما هو جديد.

كما يمكن ملاحظة حالة الرجوع إلى الماضي التي تطاول حلقات عديدة أخرى، مثل لقاء “أثير” مع الجهادي و القيادي في إدارة العمليات حسن صوفان، حول كواليس عصيان سجن صيدنايا الشهير، وحلقة “سوريا بودكاست” حول مجزرة حماة، فيما بقيت المواضيع الأكثر إشكالية عن قضايا الاقتصاد والسياسة وحقوق الإنسان التي تخص مستقبل السوريين لا ماضيهم، قليلة نسبياً.

في المقابل، لا يغيب بعض التوجهات السابقة عن حلقات بودكاست يمكن وصفها بانها وازنة أو تميل نحو التعمق ووضع النقاط على الحروف. وضمن هذا السياق تأتي حلقة “هامش جاد” التي التقت بالمفكر السوري برهان غليون في حديث حول سورية ما بعد الأسد ومستقبل الدولة والمجتمع، وحلقة “سوريا بودكاست” مع رضوان زيادة التي ناقشت قضايا مهمة وحدثية مثل الدستور والعدالة الانتقالية وملاحقة فلول النظام.

وفي الإطار نفسه، يشارك موقع “الاقتصادي” في حلقات عميقة تحت عنوان “حوارات الاقتصادي” تناقش قضايا إشكالية مثل: سوريا بحاجة إلى بناء من الصفر وليس إعادة الإعمار، وهل الصناعة السورية جاهزة لاقتصاد السوق الحقيقي؟.

كما طرح “بودكاست سوريا المستقبل” أفكاراً نالت جدلاً كبيراً وربما سوء فهم كثير من السوريين، مثل العلمانية ومستقبلها في سوريا، أزمة الهوية السورية، ودور “هيئة تحرير الشام” في مستقبل سوريا وتحليل شبكة علاقاتها وشخصياتها القيادية وعلاقتها بمختلف المكونات السورية ومصير المقاتلين الأجانب.

وانعكس سقوط النظام على برامج البودكاست غير السورية التي شدها الحدث وتفاصيله المثيرة، فقامت بتخصيص حلقات للشأن السوري واستضافت ناشطين إعلاميين سوريين شهيرين مثل هادي العبد الله وجميل الحسن. كما وسعت برامج البودكاست الإسلامية نطاق اهتمامها الجغرافي لتستضيف شخصيات إسلامية سورية مثل عماد الدين الرشيد الذي تحدث عن الشريعة والسياسة، وعميد كلية الشريعة في جامعة إدلب ياسين علوش في حلقة: “من المصحف إلى البندقية.. كيف ربت إدلب جيل التحرير”.

ويعتبر بودكاست “ما بعد الأبد” وليد المرحلة اللاحقة لإسقاط النظام، ورغم تواضع المحتوى تقنياً إلا أنه غني ودسم بالتحليلات والأفكار المطروحة، والتي تمس المرحلة ومستقبل السوريين، حيث يطرح البودكاست من خلال استضافة شخصيات صحافية وباحثين وكتاب قضايا جدلية مثل المراجعات الاجتماعية والضميرية المطلوبة من الطائفة العلوية، وهل توجد طائفة سنّية فعلاً؟ وهل تتوافر فرصة للنسوية الإسلامية؟ ومدى تمثيل السلطة الجديدة للسوريين…

كما استضاف البودكاست في حلقاته الأولى الكاتب المتخصص في سيرة الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع، حسام جزماتي مستعرضاً بدقة تفاصيل سيرته ومحللاً جوانب شخصيته.

المدن

————————–

جهاز الأمن العام يكشف اللغز: هل قتلت “هيئة التحرير” عائلة سورية من “الأقليات” ذبحا؟

تحديث 20 شباط 2025

إيلاف من دمشق: في قرية المشرفة بريف مصياف بسوريا استيقظ السكان، مؤخرا على فاجعة مروعة هزّت المنطقة بأكملها، حيث عُثر على جثث ثلاثة أفراد من عائلة واحدة (ينتمون إلى إحدى الأقليات الدينية) مقتولين بطريقة وحشية، مما أثار عاصفة من الشائعات بشأن هوية الجهة الفاعلة، والدوافع الكامنة وراء تلك الواقعة.

ومع انتشار خبر الجريمة، عجّت وسائل التواصل الاجتماعي بتفسيرات متباينة، وذهب البعض إلى اتهام “هيئة تحرير الشام”، وهي الفصيل المسلح الأساسي الذي ساهم بسقوط نظام بشار الأسد، بارتكاب الجريمة، زاعمين أن الحادثة تأتي ضمن “حملة استهداف الأقليات”، مما أشعل الجدل وزاد من حالة التوتر.

وحسب تصريح رسمي لمحافظة حماة، تمكنت الشرطة وجهاز الأمن العام من حل لغز الجريمة، وكشفت التحقيقات أن القاتل لم يكن مجموعة مسلحة أو فصيلًا متطرفًا، بل كان الفاعل ابن العائلة نفسه، الذي نفّذ الجريمة بمساعدة صديقه.

وتم العثور على الضحايا—الأب أحمد جمول، والأم ريم سليمان، وابنهما فاطر- في أحد السهول سهل المشرفة، وقد قُتلوا ذبحًا بالسلاح الأبيض، في حادثة صدمت الجميع بسبب وحشيتها وملابساتها غير المتوقعة.

ونقلت منصة “تأكد” المختصة بالتحقق من الأخبار الزائفة، نفي أحد أقرباء الضحايا أي علاقة لهيئة تحرير الشام أو أي فصيل مسلح بالجريمة، مؤكدًا أن ما نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي كان مجرد شائعات لا أساس لها من الصحة.

وأضاف المصدر أن الشرطة استجابت بسرعة بعد اكتشاف الجثث، وبدأت تحقيقًا مكثفًا أدى إلى الكشف عن الجناة خلال وقت قياسي، مما ساهم في تهدئة الأوضاع بعد موجة من الذعر والتخمينات الخاطئة.

من جانبه، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، الخميس، أن مناطق عدة في سوريا قد شهدت موجة متصاعدة من جرائم التصفية والانتقام الفردي.

وقال إن عمليات قتل مباشرة تُنفَّذ بأساليب مختلفة، من الإعدام الميداني إلى الاغتيالات المباغتة برصاص مسلحين مجهولين

وأوضح أن تلك العمليات “تستهدف شخصيات عسكرية وأمنية سابقة، إلى جانب مدنيين، في سياق انتقامات تحمل أبعاداً مختلفة، بعضها يتخذ منحى طائفي واضح”.

وحسب المرصد فقد: “بلغ عدد السلوكيات الانتقامية والتصفية منذ مطلع عام 2025 في محافظات سورية متفرقة 163عملية، راح ضحيتها 298 شخصاً، هم: 290 رجلاً، و7 سيدات، و طفل واحد”

————————–

مصير الحماية المؤقتة الممنوحة للاجئين السوريين بتركيا بعد سقوط الأسد/ عمار دروبي

معبر باب الهوى- ترجح السلطات التركية عودة أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين إلى ديارهم خلال الفترة القادمة

20/2/2025

دمشق- يقيم اللاجئ السوري عبد الرحمن المحمد في جنوبي تركيا، وأكد أنه يفضل البقاء فيها الوقت الحالي رغم حنينه واشتياقه لوطنه، مشيرا إلى أنه أسس شركة لتقديم الخدمات الإعلانية ويعيش حالة استقرار مادي واندماج مع محيطه من الأتراك عبر إتقانه اللغة.

وقال المحمد للجزيرة نت إن لديه مخاوف من أن يتم إلغاء نظام الحماية المؤقتة ويُجبر السوريون على العودة خلال الفترة المقبلة، معربا عن أمله أن تكون تصريحات الحكومة التركية عن احتضان الراغبين بالبقاء منهم جدية.

ويبلغ عدد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في الوقت الحالي نحو مليونين و935 ألفا، وفق تصريحات رسمية لوزير الداخلية التركي علي يرلي كايا، مع ترجيحات بانخفاض العدد تزامنا مع العودة الطوعية إلى ديارهم.

ترقب

ويترقب عدد منهم مصيرهم، إذ يتداولون إشاعات عن إمكانية إلغاء هذا النظام في نهاية يونيو/ حزيران المقبل، مع ربط ذلك بسقوط نظام الأسد وانتفاء سبب هذا النظام.

في وقت تصاعدت فيه أعداد العائدين إلى دمشق عقب سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، يعتزم لاجئون سوريون الاستقرار في تركيا، مستفيدين من مناخ الترحيب الذي عبرت عنه الحكومة التركية من خلال تصريحات رسمية تؤكد عدم إجبار أي منهم على العودة، في حين تقدم تسهيلات عدة للراغبين في ذلك.

ويُرجع لاجئون رغبتهم بالبقاء في تركيا لأسباب اقتصادية وأمنية، من أبرزها عدم امتلاكهم منازل في وطنهم الأم، وغياب فرص العمل وصعوبة المعيشة وغلاء الأسعار، فضلا عن مخاوف أمنية من حالة عدم الاستقرار.

بدوره، يعتقد اللاجئ السوري المقيم في إسطنبول عبد الرحمن الططري أن شروط العودة إلى دمشق “غير متوفرة لديه”، مؤكدا للجزيرة نت أنه قام ببناء حياة جديدة له منذ أكثر من عقد من الزمن في تركيا، ويفضل التريث في حسم مسألة مغادرته إلى دياره.

موقف تركيا

ويقول مراقبون ومحللون سوريون وأتراك إن أنقرة تدرك أن فئة من السوريين تفضل البقاء في الوقت الحالي، لافتين إلى أنه ليس من مصلحة تركيا رحيل معظم اللاجئين، لا سيما من أصحاب المشاريع والكفاءات.

في السياق، أكد محمد أكتع، المدير العام لمنبر منظمات المجتمع المدني في تركيا، أن أنقرة منحت للاجئين السوريين حق زيارة بلادهم 3 مرات مؤخرا بهدف تشجيعهم على العودة الطوعية بعد سقوط نظام الأسد، مشددا على أن هذه الزيارات ليست مشروطة بالعودة، ويحق لمن ذهب أن يعود ويبقى تحت نظام الحماية المؤقتة.

وحول مصير نظام الحماية المؤقتة للسوريين الباقين في تركيا، قال أكتع للجزيرة نت إنه تم طرح أفكار قبيل سقوط الأسد باستبدال هذا النظام بالإقامات، لافتا إلى أن الموضوع يناقش بشكل جدي اليوم.

ورجح استدعاء السوريين الباقين في تركيا خلال المرحلة المقبلة للتقديم على طلب الإقامة في البلاد بشكل رسمي، مع توضيح أسبابها، سواء كانت إقامة سياحية أم عملا أو دراسة.

البطاقة الزرقاء

وسيعود معظم السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا إلى سوريا، ولكن يمكن توقع بقاء الكثير منهم، وفق محلل السياسة الخارجية والأمن في أنقرة عمر أوزكيزيلجيك، قائلا إن أنقرة “أنشأت رابطة مع اللاجئين ستستمر سواء عادوا أم لا”.

وأشار أوزكيزيلجيك -في حديث للجزيرة نت- إلى ضرورة إيجاد وضع قانوني جديد للاجئين السوريين في تركيا، وللذين عادوا بالفعل وسيرجعون، مقترحا منحهم البطاقة الزرقاء كبديل واقعي عن الحماية المؤقتة.

وأوضح أن هذه البطاقة تُمنح للأتراك الذين تنازلوا عن الجنسية التركية بموجب المادة 28 من قانون الجنسية التركية رقم 5901، وتُعطي لحاملها رقم هوية تركيا بدلا عن رقم الهوية الأجنبية التي تبدأ برقمي “99”، ويمكن لهم بموجبها العيش في تركيا وامتلاك العقارات والعمل والإقامة دون تصريح.

ووفق أوزكيزيلجيك، فإن السوريين إن حصلوا عليها سيُعاملون كالأتراك عند الحصول على خدمات الهاتف والكهرباء والماء والغاز الطبيعي، كما يتم دفع اشتراكات الضمان الاجتماعي لهم ويمكنهم الاستفادة من الخدمات الصحية كالأتراك، لكن لا يمكنهم التصويت في الانتخابات، ولا يمكنهم أن يصبحوا موظفين حكوميين، ولا يؤدون الخدمة العسكرية الإلزامية.

المصدر : الجزيرة

————————————–

في سوريا الجديدة.. الأب ينتقد سياسات ابنه الرئيس والشعب يتفاعل

عمر زقزوق

20/2/2025

شهدت منصات التواصل السورية تفاعلا واسعا مع منشور منسوب لحسين الشرع والد الرئيس السوري أحمد الشرع ينتقد فيه سياسة خصخصة الحكومة لمؤسسات بالقطاع العام، حيث علق المستخدمون بعبارة “مانا متعودين” على منشور الشرع المتداول على منصات التواصل.

وكتب حسين الشرع في المنشور الرائج “ما سمعته حول خصخصة شركات ومؤسسات القطاع العام الاقتصادي أود أن أقول بملء الفم هذا خطأ كبير، ذلك أن هذا القطاع العام أُقيم خلال عشرات السنين وهو ثروة قومية وملك للشعب. إذا كان هناك ترهل وفساد وخسائر فهذا لا يعود للبنى الأساسية، بل يرجع إلى الإدارات الجاهلة التي أدارتها بلا خبرة ولا اهتمام لأنها اعتبرتها ملكا لها تعمل فيه كما تشاء”.

المنشور انتشر كالنار في الهشيم بين المغردين السوريين الذين تفاعلوا معه بدهشة، مستغربين انتقاد الأب لسياسة ابنه في إدارة هذا الملف.

وعلّق أحد المغردين قائلا “الفكرة ليست بصواب أو خطأ منشور والد الرئيس، فهذا من شأن أهل الاختصاص والخبرة بالدولة. الفكرة بأن والد الرئيس له صفحة شخصية وينتقد فيها سياسة الدولة التي يقودها ابنه ببساطة، سواء أصاب بانتقاده أم لا”.

وأشار آخرون إلى أنه من طرائف وآثار نجاح الثورة السورية هو متابعة السيد حسين الشرع – الذي يصنف بأنه اشتراكي- وهو ينتقد على الفيسبوك قرارات ابنه أحمد الشرع، رئيس سوريا، فيما يخص خصخصة القطاع العام.

وكتب مدون “الرئيس السوري الجديد لديه توجه رأسمالي إلى حد ما ونيّة في خصخصة مؤسسات الدولة. الشعب موافق على أي شيء يقوله السيد الرئيس أحمد الشرع حاليا. والاعتراض على هذه الرؤية يأتي من والد الرئيس (السيد حسين الشرع) وهو دكتور في الاقتصاد ومفكر ناصري مؤيد للفكر الاشتراكي”.

وأضاف مغرد آخر أن حسين الشرع شارك منشورا لبيان عدم جدوى رؤية ابنه الاقتصادية والجمهور في التعليقات يدافع عن رؤية الرئيس ويحاول إقناع والده (المعارض) بها، وأضاف “هناك سريالية في المشهد، تشعر بأنك بحاجة لمن يقرصك لتتأكد أن ما يحدث حقيقي”.

وعلق أحد المغردين من باب المزاح على منشور انتقاد والد الرئيس السوري لابنه، قائلا “تعلمت من بوست السيد حسين الشرع، قد ما كبرت وإذا صرت رئيس دولة مثل أحمد، سيظل أهلك يرونك على غلط”.

المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي

———————————————

كيف يبدو قطاع التجارة في سوريا حاليا؟/ شام مصطفى

20/2/2025

دمشق– يواجه قطاع التجارة الداخلية في سوريا تحديات متعددة في ظل التغيّرات الاقتصادية والسياسية المتسارعة، التي أثرت على مختلف قطاعات اقتصاد البلد بعد سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي.

يأتي تذبذب سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية، والفجوة بين سعره في المصرف المركزي وسعره في السوق الموازية في مقدمة تلك التحديات، ويليه شلل حركة الاستيراد على خلفية تعليق البنوك والمصارف إصدار الاعتمادات البنكية، إلى جانب انتشار البضائع الأجنبية في الأسواق ومنافستها البضائع المحلية المرتفعة الأسعار.

ووسط هذا الركود التجاري، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى ضبط المشهد عبر مجموعة من الإجراءات، منها توحيد الرسوم الجمركية، وتقليل تدخل الدولة في الأسواق، والعمل على إعادة هيكلة النظام الاقتصادي.

تآكل الأرباح

يشكو تجار وصناعيون في أسواق دمشق وريفها من تآكل أرباحهم بسبب التقلبات الحادة في سعر صرف الليرة خلال الأسابيع القليلة الماضية، وضعف حركة الاستيراد.

ويقول جمال حمد تركمان، صاحب معمل لتصنيع الحجر في منطقة عدرا الصناعية في ريف دمشق، إن الاعتمادات المصرفية متوقفة منذ الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، وعليه فإن حركة الاستيراد متوقفة كذلك.

ويضيف تركمان، في حديث للجزيرة نت، أن الهبوط المفاجئ بسعر صرف الدولار مؤخرًا كان له أثر سلبي على تجارته، لأن بضاعته جلها كانت من “الحجر المستورد” بالدولار، مما أدى إلى تآكل أرباحه.

ويشير إلى أنه بالرغم من ارتفاع قيمة الليرة فإن أسعار الطاقة وأجور العمال لا تزال ثابتة على السعر القديم، مضيفا: “كنت أسدد الأجور الأسبوعية لعمالي في مقالع الحجر بـ500 دولار، أما اليوم فأحتاج إلى ضعف هذا المبلغ، ناهيك عن فواتير الكهرباء المرتفعة”.

صعوبات مضافة

ويعاني تركمان من تحديد البنوك والمصارف سقف السحب اليومي بمبالغ قليلة لا تكفيه لتسديد الأجور وتغطية تكاليف الإنتاج.

ويقول إن لديه أرصدة في المصرف التجاري والبنك الإسلامي، لكن السحب محدد بسقف 500 ألف ليرة (39 دولارا تقريبا)، لذا لم يعد بإمكانه دفع أجور جميع العمال، الأمر الذي اضطره إلى تسريح 10 منهم بشكل مؤقت الأسبوع الماضي، مضيفا أن ثمة إمكانية لتسديد الفواتير عبر التحويلات البنكية.

وقال مصدر في المصرف الدولي للتجارة والتمويل في دمشق للجزيرة نت إن البنوك متوقفة عن إصدار الاعتمادات البنكية وتقديم القروض، وتعمل فقط على تسيير عمليات السحب والإيداع.

وأضاف المصدر -الذي رفض نشر اسمه- أن البنوك تحصل على النقد من المصرف المركزي، لكن المركزي اليوم يتبع سياسة حبس السيولة، ولذا فإن سقف السحب منخفض، لأنه مرتبط بالنقد المتوفر.

تذبذب سعر الصرف

أما عن أثر تذبذب سعر صرف الليرة على تجارته، فيؤكد فادي الأمير، صاحب متجر عالم الحجر في منطقة الأزبكية في دمشق، أن له أثرا كبيرا، قائلا: “قد يأتيني زبون ويطلب 100 متر من الحجر، ويعطيني عربونا، لكن ريثما أنهي عملية القصّ والتحضير التي تحتاج إلى 20 يوما، يكون سعر الصرف اختلف، وبالتالي ارتفعت كلفة البضاعة، لكن الزبون يسدد لي حسب السعر المتفق عليه، مما قد يعرضني للخسارة”.

ويضيف صاحب متجر عالم الحجر في منطقة الأزبكية في حديث للجزيرة نت: “نضطر اليوم إلى بيع بضائعنا بخسارة بعد انتشار البضائع التركية في الأسواق، والتي هي أرخص من المنتج الوطني، فقطعة الرخام في المتجر لدي كلفتها بين 70 و80 دولارا، لكنها اليوم متوفرة في السوق بسعر 25 دولارا”.

وبينما يعمل عدد من الصناعيين والتجار في بيئة غير مستقرة، وظروف اقتصادية متغيرة وسط تراجع قدرتهم على المنافسة أمام المنتجات المستوردة، ثمة قطاعات تجارية لم تتأثر بشكل مباشر بهذه التغييرات.

ويقول محمود هاشم، صاحب وكالة لبيع الأجهزة الكهربائية المنزلية، للجزيرة نت: “سوقنا لا يزال متعبا، والمبيعات شبه متوقفة، ولا يوجد فائض مالي لنودعه في البنوك، وأنا تاجر موزّع لا أحتاج إلى اعتمادات بنكية”.

ويضيف: “أما بالنسبة لسعر الصرف وتقلباته فأنا اشتري بضاعتي بالدولار وأضع لنفسي هامش ربح بسيطا، وبالرغم من أننا نعتمد على تسعيرة الدولار في السوق الموازي، فإن هذا لا يعني الخسارة عند البيع في حالتي، لأني حتى لو قبضت من الزبون بالعملة السورية أسارع إلى تحويل المبلغ لعملة أجنبية بما يحفظ قيمته بهذه العملة”.

ويشير هاشم إلى أن الشركات الكبرى في سوريا تضع سقف حماية لسعر منتجها بالعملة السورية، الأمر الذي يضمن لها ربحا ثابتا في حال حدوث أي تذبذب بسعر صرف العملة.

آثار عديدة

يقول الخبير الاقتصادي السوري يونس الكريم إن توقف الاعتمادات البنكية وصعوبة سحب السيولة من البنوك يدفع التجار والصناعيين في سوريا إلى استبدال أموالهم الخاصة (من العملات الأجنبية أو المحتجزة بالبنوك) في السوق.

لكن المشكلة أن هذه الأموال تُصرّف بسعر أقل بنسبة 40% عن النشرة الرسمية، مما يجبر التجار والصناعيين على تعويض خسائرهم عبر رفع الأسعار، مما يؤدي في النهاية إلى تحميل المستهلك هذه التكاليف الإضافية.

وحسب كريم، فإن غياب القروض المصرفية أدى إلى ارتفاع التكاليف، فعادة ما يحصل التجار على قروض قصيرة الأجل من البنوك لشراء السلع، مما يساعدهم في تخفيض التكاليف، لكن توقف هذه القروض في الآونة الأخيرة أجبر التجار على تمويل عملياتهم من أموالهم الخاصة أو الاستدانة من بعضهم بعضا، كما أن عدم توفر القروض يعني عدم قدرة التجار والصناعيين على شراء السلع مباشرة، مما يؤدي إلى توقف بعض المعامل أو ارتفاع الأسعار.

ويلخص الكريم آثار توقف بعض خدمات البنوك على التجارة الداخلية في سوريا في ما يلي:

    عدم السماح للتجار بسحب أموالهم مما يعوق دفع الرواتب والأجور.

    عدم القدرة على سداد قيمة المشتريات، خاصة المشتريات الداخلية التي تتعامل بالليرة السورية، وهذا من شأنه أن يعوق استمرار أعمالهم.

    عدم القدرة على تقديم تسهيلات ائتمانية لبعض التجار بسبب نقص السيولة، مما يؤثر على عمليات البيع والشراء.

    تراجع الثقة في النظام المصرفي، الأمر الذي يدفع التجار إلى الاحتفاظ بأموالهم خارج البنوك، مما يؤدي إلى نقص السيولة في الجهاز المصرفي، ويجبر الحكومة على طباعة مزيد من الأموال، الأمر الذي يسهم في انخفاض قيمة العملة.

منافسة غير عادلة

وتشكل البضائع الأجنبية المستوردة مؤخرا والمنتشرة في الأسواق السورية تحديا مضافا للصناعيين والتجار.

وفي هذا الصدد، يقول الكريم إن وجود هذه البضائع في السوق السورية طبيعي بسبب “عدم قدرة الإنتاج المحلي على تغطية احتياجات السوق. لكن عمليات الاستيراد تمت بطريقة أضرت بالاقتصاد”.

ويضيف: “رافقت هذه العمليات تصريحات حكومية تشجع على التخلي عن القطاع الحكومي، مما يعني أن الاستيراد يتم من دون دعم من مؤسسات الدولة أو البنوك. كما أن الاستيراد يركّز على السلع الفاخرة مثل السيارات، مما استنزف الدولار من السوق وأدى إلى ضغط إضافي على الاقتصاد”.

ويوضح أن الاستيراد العشوائي أدى إلى منافسة غير عادلة للصناعيين المحليين، خاصة في قطاع الملابس، إذ تُفرض الرسوم الجمركية نفسها على الأقمشة المستوردة وعلى الملابس الجاهزة، مما يجعل الإنتاج المحلي أقل تنافسية.

وأدى ذلك إلى امتناع التجار عن استيراد السلع الأساسية التي يحتاجها السوق، لأن أرباحها صغيرة وتحتاج لسيولة كبيرة، فلا أحد يستورد المنتجات الغذائية “على اعتبار أنه لا يوجد عمال، ولا يوجد موظفون، وأن القدرة الشرائية منعدمة”.

المصدر : الجزيرة

————————-

قسد” ودمشق.. نوايا التوافق حقيقية أم “لشراء الوقت”؟

ضياء عودة – إسطنبول

19 فبراير 2025

مخرجات الاجتماع الذي عقدته “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) مع جسمها السياسي “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد) والمدني الممثل بالإدارة الذاتية، قبل يومين، ينظر إليها خبراء ومراقبون تحدثوا لموقع “الحرة” باتجاهين.

وبينما اعتبرها البعض أنها تعكس اختراقا “إيجابيا” على صعيد المفاوضات الحاصلة مع إدارة المرحلة الانتقالية بقيادة أحمد الشرع في العاصمة السورية دمشق، قال آخرون إنها لم تأت بأي جديد، وتندرج في إطار “لعبة لشراء الوقت”.

الاجتماع الثلاثي تزامن مع “رسالة” وسلسلة تحركات داخلية وخارجية.

وتمثلت التحركات الداخلية ببدء إدارة الشرع أولى الخطوات المتعلقة بـ”مؤتمر الحوار الوطني” عبر تسمية اللجنة المكلفة بتنظيمه، مع اعتزامها تسمية حكومة جديدة، بدلا عن حكومة تصريف الأعمال التي يترأسها محمد البشير.

وارتبطت التحركات الخارجية بما هو أبعد من سوريا، إذ تجاوزت الحدود باتجاه تركيا والسجن الذي يقبع به عبد الله أوجلان مؤسس حزب “العمال الكردستاني” ببحر مرمرة ووصولا إلى أربيل في كردستان العراق.

أما “الرسالة” فقد كانت “قسد” قد تلقتها من أوجلان القابع بسجنه، قبل أيام، ولم يكشف عن تفاصيلها حتى الآن.

وجاء في الاجتماع الثلاثي أن (قسد، مسد، الإدارة الذاتية) أكدت على أهمية الحوار القائم مع دمشق، وأبدت حرصها على إنجاحه، وضرورة إيجاد حل للجزئيات والقضايا التي يتم النقاش عليها، من خلال الاتفاق للوصول إلى آلية تنفيذ مناسبة.

وتشمل القضايا: دمج المؤسسات العسكرية والإدارية، عودة المهجرين قسرا إلى أماكنهم الأصلية التي هُجّروا منها، وقضايا خلافية أخرى.

كما شدد الاجتماع أيضا في ختام البيان الخاص به على الوصول إلى عملية وقف إطلاق النار كضرورة لا بد منها للتقدم في الحوار، ودعا إدارة الشرع إلى تحمل مسؤولياتها بما يخص ذلك.

توافق حقيقي أم “لشراء الوقت”؟

ويمكن اعتبار مخرجات الاجتماع أو حتى الصيغة الثلاثية الذي جاء به خطوة مستجدة وللأمام على صعيد مسار التفاوض الحاصل مع دمشق. لكنها تبقى من جانب واحد، ولم يبدِ الطرف المقابل بشأنها أي موقف معلن.

ويعتقد الأكاديمي السوري، فريد سعدون، أن اللقاءات بين “قسد” وإدارة دمشق لم تنقطع، وتجري وراء الكواليس بعيدا عن الإعلام.

وقال سعدون، لموقع “الحرة”، إنه وبناء على المعطيات القائمة فإن “الإشكاليات” بين الطرفين لاتزال عالقة، دون أن يعني ذلك أن كل من “قسد” ودمشق لا يعملان على تقديم المبادرات واستعراض الحلول.

سعدون يرى أن الاجتماع الثلاثي الذي تمخض عن جملة من البنود ورؤية لحل الإشكاليات يعتبر “مبادرة هامة”، كونه يعكس وجود موافقة من جانب “قسد” على الانضمام للجيش السوري الجديد، من حيث المبدأ.

وأضاف أن “الأمور العالقة المتبقية تفصيلية وستحتاج إلى تشكيل لجان”.

تشمل الأمور التفصيلية عدة تساؤلات، على غرار: كيف ستنضم “قسد” للجيش الجديد؟ وما آلية ذلك؟ وأين سيخدم عناصرها وهل ستبقى كتلة واحدة أم ستنصهر بالكامل؟

وتابع الأكاديمي السوري: “الموافقة من حيث المبدأ التي أبدتها (قسد) هامة وتفتح المجال أمام الحوار بعيدا عن أي صدام”.

لكن في المقابل يعتبر المحلل السياسي السوري، عمر كوش، أن اجتماع “قسد” الثلاثي لم يأت بشيء جديد، وإنما أرادت القوات الكردية من خلاله توجيه “رسائل”.

وشرح، في حديثه لموقع “الحرة”، أن المواقف التي أبدتها “قسد” كانت مكررة، وإن بصياغة مختلفة قليلا.

ورغم أن القوات الكردية أكدت على الحوار كسبيل لحل الإشكاليات، فإن هذه النقطة طالما أكد عليها السوريون، وليست جديدة، يتابع كوش.

كما أضاف أن مخرجات الاجتماع المتعلقة بنية اندماج “قسد” ضمن الجيش السوري الجديد كانت بصيغة عمومية، ولم تغوص بالقضية التي سبق وأن أكدت عليها عندما اشترطت البقاء ككتلة. وهو ما رفضته إدارة الشرع في دمشق.

وعلى أساس كل ما سبق، راى المحلل السياسي أن ما عبّرت عنه “قسد” بمثابة “محاولة لشراء الوقت.. ومن أجل المماطلة”.

“على ضفتين”

وتسيطر “قسد” على مناطق واسعة في شمال وشرق سوريا. وتشمل هذه السيطرة محافظة الحسكة بالكامل وأجزاء واسعة من محافظتي الرقة ودير الزور.

وفي حين تحظى بدعم من التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، تحت إطار محاربة تنظيم “داعش” تنظر إليها تركيا على أنها فرع سوري لـ”حزب العمال الكردستاني” المصنف على قوائم الإرهاب.

ورأى عمر أبو ليلى، المختص في قضايا فض النزاعات، أنه لا حل أمام “قسد” إلا “الرضوخ للقرارات الصادرة عن دمشق”، وقال، لموقع “الحرة”، إنها “باتت تدرك أن الدول تتجه لشرعنة حكومة الشرع. وبالتالي تتحرك قبل فوات الأوان”.

ووفقا لأبو ليلى أيضا كانت “قسد” تراهن خلال الأسابيع الماضية على أنها “قوة عسكرية وسياسية”، وأن دمشق لا تستطيع النأي بالنفس عن مشاركتها في الحكومة.

لكن يوما بعد يوم رأت أن الواقع مغاير لذلك، مما دفعها لاستشعار الخطر واضطرها للتوصل لقناعة بأنه “لا حل إلا مع دمشق”، على حد تعبير المختص.

وأعرب الأكاديمي السوري عن اعتقاده بأن مسار المفاوضات بين “قسد” وإدارة الشرع في دمشق يذهب باتجاه مخالف لما سبق.

وأوضح أن “الطرفين متفقان على مبدأ أساسي، وهو عدم الانجرار إلى صدام عسكري”.

كما توحي مخرجات الاجتماع الثلاثي الذي عقدته “قسد” بأن التنسيق مع إدارة دمشق بدأ يتصاعد من المستويات الدنيا إلى العليا.

وأضاف الأكاديمي السوري: “ما دامت اللقاءات مستمرة مع وجود إشارات وتصريحات من الجانبين بأن الحوارات ستكون لها نتائج إيجابية نعتقد أنه يتم التمهيد الطريق للوصول إلى اتفاق شامل”.

“معضلة العمال”

وتعتبر قضية اندماج “قسد” ضمن الجيش السوري الجديد أحد أبرز القضايا الخلافية مع إدارة دمشق. وفي حين تصر الأولى على البقاء كتلة واحدة، ترفض الأخيرة ذلك، وتؤكد على ضرورة الانصهار الكامل على مستوى الأفراد.

وهناك قضايا أخرى تتعلق بطبيعة الإدارة المدنية لمناطق شمال وشرق سوريا وممارسات الإقصاء، إضافة إلى مسألة ارتباط “قسد” بـ”حزب العمال الكردستاني” ووجود قيادات ومقاتلين للأخيرة في البلاد.

وسبق وأن أبدى قائد “قسد”، مظلوم عبدي، استعداده لإخراج مقاتلي “العمال الكردستاني” من مناطق سيطرة قواته في شمال وشرق سوريا، لكن مراقبين يرون أن هذه المهمة صعبة.

ويعتبر المحلل السياسي كوش أن “قسد” واجهة لـ”حزب الاتحاد الديمقراطي”.

وقال إن هذا الحزب له مخرجات مدنية ممثلة بـ”الإدارة الذاتية” وسياسية يتصدرها “مجلس سوريا الديمقراطية” وعسكرية “وحدات حماية الشعب” الجهة المتحكمة بــ”قسد”.

“بالعودة إلى تاريخ (الاتحاد الديمقراطي) فهو تشكل بإرادة وبسواعد مقاتلي حزب العمال في جبال قنديل.. وبالتالي لا تمتلك قسد حرية اتخاذ القرار فيما يخص دمجها داخل الجيش السوري الجديد”، يضيف كوش.

لكنه يردف في المقابل، أن الحالة المرتبطة بـ”قسد” و”الاتحاد الديمقراطي” لا تمنع وجود عناصر سورية (سواء كردية أو عربية) تحاول التمايز عن “جماعة قنديل”، على حد وصفه.

وتتجه الأنظار في الوقت الحالي للدعوة التي من المقرر أن يوجهها أوجلان (مؤسس العمال الكردستاني) لأعضاء وقادة حزبه المنتشر في عدة دول، بينها سوريا.

وبينما كانت التوقعات تذهب باتجاه أن يطلق أوجلان الدعوة في 15 فبراير الحالي أعلن حزب كردي ينشط في تركيا (ديم) أن الأخير وجه 3 رسائل استهدف بها “قسد” في شمال وشرق سوريا وجبال قنديل وأنصار حزبه في أوروبا.

ولم تعرف تفاصيل تلك الرسائل الثلاث، لكن الأكاديمي السوري، فريد سعدون المقيم في القامشلي بمحافظة الحسكة أشار إلى تسريبات خصّت الرسالة التي وصلت لقائد “قسد”، مظلوم عبدي.

وقال سعدون: “يقال إن أوجلان أوحى لعبدي بأن يكون الحل سياسيا وسلميا مع إدارة دمشق، كما المسار القائم الآن بينه وبين الحكومة التركية”.

ويُعتبر أوجلان بالنسبة للحركة السياسية الكردية وخاصة “حزب الاتحاد الديمقراطي” “رمزا ومرجعية”، على حد تعبير الأكاديمي السوري، ولذلك يعتقد أن “عبدي لن يحيد أو يبتعد عن التوصيات التي تلقاها منه”.

كما أضاف: “هذه التوصيات سيكون لها تأثير إيجابي على مسار الحوارات واللقاءات التي تجري بين قسد والإدارة الجديدة في دمشق”.

“موقفان يحددان مصير التفاوض”

رغم أن المفاوضات تبدو وكأنها تمضي ضمن إطار ثنائي (دمشق – شمال وشرق سوريا)، فإن مصيرها سيكون مرتبطا على نحو كبير بمواقف عدة دول، على رأسها تركيا والولايات المتحدة الأميركية.

ولم يصدر أي تعليق من جانب الولايات المتحدة عما يجري بين “قسد” وإدارة الشرع.

وكذلك الأمر بالنسبة لتركيا التي لا توجد مؤشرات فعلية أنها بصدد التراجع عن استراتيجيتها العسكرية في ضرب “حزب العمال” و”قسد”.

ويميل الخبير في قضايا فض النزاعات أبو ليلى إلى أن “المفاوضات بين قسد وإدارة الشرع ستنجح”.

وقال إن النجاح “مسألة وقت”، وسيكون له انعكاسات إيجابية على كامل الوضع السوري، كون القوات الكردية تسيطر على السلة الغذائية الأكبر في البلاد ومجمل الثروات.

وأضاف أبو ليلى أن “الخطوة الأخيرة المتمثلة باجتماع قسد الثلاثي تهدف إلى احتواء أي نزاعات قد تلحق بها الضرر في المرحلة المقبلة”.

ولا يعتقد المحلل السياسي أن نجاح التفاوض والوصول إلى اتفاق سيكون بالأمر السهل، في المدى المنظور.

وقال: “العديد من الخطوات يمكن أن تقوم بها (قسد) للتأكيد أنها جزء من سوريا لكن جماعة حزب العمال في قنديل ليسوا في وارد الاندماج مع الحكومة الجديدة لأن طموحهم انفصالي”.

ومع ذلك، لا يستبعد كوش أن تجبر الضغوطات الحاصلة الجناح السوري ضمن “قسد” للميل باتجاه التفاوض وإجبار التيارات الأخرى على اتخاذ مواقف أكثر اندماجا ضمن الجسم السوري.

وسيكون ما سبق مرتبطا بعاملين، الأول يتعلق بالموقف الذي ستتخذه تركيا وإقليم كردستان العراق والثاني بما ستكون عليه إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب.

وتابع المحلل السياسي: “قسد تماطل بانتظار موقف ترامب. إذا سحب القوات الأميركية من سوريا ستكون مضطرة للاندماج.. وفي حال فعل غير ذلك وقرر البقاء ستبقى قضيتها مستعصية”.

ومن وجهة نظر الأكاديمي السوري، فريد سعدون تعطي المبادرات الحاصلة بين الطرفين (قسد، إدارة الشرع) نوع من الانطباع والارتياح، بأن هناك لقاءات وحوارات.

ومن المتوقع أن تؤدي هذه الحوارات إلى “نتائج إيجابية يمكن أن يكون لها دور في ترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة”، بحسب الأكاديمي السوري.

ضياء عودة

الحرة

————————–

وزارة الدفاع التركية تعلّق على انضمام “قسد” لـ”الجيش السوري الجديد

ضياء عودة – إسطنبول

20 فبراير 2025

أكدت وزارة الدفاع التركية متابعتها الدقيقة للتطورات الجارية في سوريا، مشددة على ضرورة اتخاذ خطوات حاسمة لضمان استقرار المنطقة.

جاء ذلك في تصريحات نقلتها صحيفة “حرييت” المحلية، الخميس، عن مصدر في وزارة الدفاع التركية.

وقال المصدر  إنه يتم  متابعة التطورات عن كثب في سوريا، مضيفا أنه يجب  قوات سوريا الديقراطية ووحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني إلقاء سلاحها.

وشدد على ضرورة “مغادرة القادة والمقاتلين الأجانب” في تلك المنظمات البلاد، لافتا إلى وأنه ينبغي على الجماعات المسلحة أن تأخذ مكانها في الجيش السوري الجديد دون أن يكون لها “هيكل منفصل” داخله.

وأضاف المصدر: “إن وجهة نظر تركيا وموقفها تجاه عملية إعادة الإعمار والاستقرار والسلام في سوريا واضح.

وتابع: “نؤكد أننا لا نقبل بالهياكل المستقلة في سوريا، سواء على المستوى السياسي أو العسكري، وأننا سنواصل التعاون مع الحكومة السورية الجديدة في هذا الإطار”.

وتسيطر  قوات سوريا الديمقراطية”قسد” على مناطق واسعة في شمال وشرق سوريا، حيث تشمل هذه السيطرة محافظة الحسكة بالكامل وأجزاء واسعة من محافظتي الرقة ودير الزور.

وفي حين تحظى قسد بدعم من التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، تحت إطار محاربة تنظيم “داعش” فإن تركيا على تنظر إليها إلى أنها فرع سوري لـ”حزب العمال الكردستاني” المصنف على قوائم الإرهاب.

والسبت قال، وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إن بلاده ستعيد النظر في وجودها العسكري شمال شرقي سوريا، لو “قضى” القادة الجدد في سوريا على مسلحي حزب العمال الكردستاني.

وقاد حزب العمال الكردستاني تمردا ضد تركيا لعقود، مطالبا بمزيد من الحكم الذاتي للأكراد.

وقال فيدان: “لا يمكننا تحمل أي شكل من أشكال الميليشيات المسلحة”، مشددا على أن هذه الجماعات يجب أن تندمج “تحت جيش وطني واحد” في سوريا.

وأشار إلى أن القادة الجدد في سوريا “استجابوا” لهذه الفكرة.

والإثنين، هنّأ القائد العام لقسد، مظلوم عبدي، رئيس المرحلة الانتقالية في البلاد، أحمد الشرع، بتولّيه المنصب، مشدّدًا على أهمية “تعزيز التواصل” بين جميع السوريين.

ودعا عبدي الشرع إلى زيارة مدن ومحافظات شمال شرقي سوريا، مؤكدا في مقابلة مع موقع “نورث برس”، أنه يأمل بأن يتمكن الشرع من قيادة البلاد خلال هذه الفترة الحسّاسة.

ضياء عودة

الحرة

——————————

رياح القلق تتقاذف الأسد في صقيع منفاه بموسكو/ سعيد طانيوس

أصوات تطالبه بدفع بدل “خدمات روسيا” له وعائلته مهدت للهرب بشراء العقارات

الخميس 20 فبراير 2025

ملخص

استقر رئيس النظام السوري المخلوع في موسكو بعد انتقال السلطة في بلاده إلى المعارضة. وكتبت وسائل إعلام روسية أنه قبل فترة طويلة من الإطاحة به كان يسحب الأموال نقداً ويشتري عشرات الشقق في العاصمة الروسية، لتأويه مع زوجته وأولاده الثلاثة، الذين تتراوح أعمارهم بين 21 و22 و24 سنة.

آثر بشار الأسد سلامته الشخصية وسلامة عائلته وأقربائه، ففر هارباً إلى روسيا تاركاً “ملكاً رئاسياً” ورثه وأضاعه لأنه “لم يستطع الدفاع عنه كالرجال”، لكنه حين وصل إلى العاصمة الروسية سالماً سليماً معافى، فقد سلامه الداخلي وانسجامه الوجداني ورضاه النفسي، على رغم عيشه في ملكه الفاخر ببرج عاجي يطل على رياض موسكو ونهرها وأضوائها المتلألئة في الأمسيات والليالي الطوال في أشهر الشتاء التي استضافت الصقيع والبرد والثلج التي استوطنوها قبل أن تستضيفه.

فقد الرئيس السوري المخلوع سلامه الداخلي ليس فقط لأنه أضاع “ملكاً” تمسك به بنواجذه طويلاً، وأراق الكثير من الدماء على جوانبه، بل لأن مصيره أصبح على كفّ عفريت ومعلقاً على شحطة قلم في الكرملين، أو على مفاوضات يجريها “القيصر” فلاديمير بوتين مع أحمد الشرع، الرئيس الجديد الذي أزاح الأسد من قصر الرئاسة وحلّ محله، بعد أن استوطنه لمدة ربع قرن، شهدت البلاد خلالها أنهاراً من الدم وخراباً ودماراً وفقراً وفساداً.

الأسد في ملجأه الفاخر في موسكو قلق كأن ناراً تحته تكويه وتتقاذفه، ففي الركن زوجته وأمّ أطفاله تئن من أوجاع المرض الخبيث الذي ينهش جسدها النحيل، ومن ندوب الدهر الذي أجبرها على العيش في عاصمة تفتقد الودّ والانسجام معها. وفوق ذلك يستشعر أن عاصمة الصقيع وأهلها ونُخبها بدأوا سريعاً بضيقون ذرعاً به وباستضافته كلاجئ، فأخذوا يطلقون تصريحات تطالبه بردّ الجميل ودفع ما يتوجب عليه بدل إنقاذه من دون نظامه، وتأمين سلامته الشخصية من دون سلامة بلاده.

مطالبة الأسد بـ”فدية” اللجوء

فها هو نائب رئيس مجلس النواب الروسي (الدوما) دميتري كوزنيتسوف، يعلن يوم الإثنين 17 فبراير (شباط) الجاري، أن الأسد الذي حصل على حق اللجوء في روسيا، “اعتقدنا أنه قد يساعد الروس كعلامة على الامتنان، لكن حتى الآن لم تتم معاينته وهو يفعل ذلك”.

وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وكان كوزنيتسوف المنتمي إلى حزب “روسيا العادلة-الحياة” قد اقترح بعد أيام قليلة من لجوء الأسد إلى موسكو في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إرسال الرئيس السوري المخلوع لإعادة بناء مدينة ماريوبول الواقعة على البحر الأسود، والتي دمرتها الحرب الضارية التي دارت فيها بين الجيشين الروس والأوكراني أواخر عام 2022 قبل أن تسقط بيد القوات الروسية.

وقال كوزنيتسوف في تصريح صحافي “يريد ناخبونا أن ينفق الحكام ورجال الأعمال الأجانب، لأسباب إنسانية، أموالهم الكثيرة على مساعدة الشعب الروسي كعلامة على الامتنان لروسيا ورداً لجميلها عليهم. حتى الآن، لم يقم الأسد أو ممثلو النخبة الأوكرانية بشكل خاص بهذا الأمر. من العار أن يفوتوا الفرص ويضيعوا الوقت الثمين”. وأضاف “لم يلغ أحد محكمة الضمير والتاريخ”.

صمت وحصار

ليس هناك من شخص على وجه الأرض يعرف أكثر من بشار الأسد أسرار وخبايا وألغاز السقوط السريع والمريع لنظامه الذي قاوم الانهيار طيلة 14 سنة ثم تهاوى كأوراق الخريف في أقل من 14 يوماً أمام عاصفة هجوم مناوئيه. لا أحد يعلم متى وأين وكيف سيتواصل بشار الأسد مع الصحافة، ليبوح بما في قلبه وذاكرته من معلومات ومحظورات خطيرة قد تكشف أسراراً كثيرة. لكن الأكيد أن وسائل الإعلام الروسية تتعامى بقدرة قادر وأمر صادر عن تغطية أنشطة عائلة الأسد في موسكو. فالصحافيون الروس يعلمون علم اليقين أن هناك تعميماً شفهياً غير مكتوب يحظر عليهم فتح سيرة الأسد أو التطرق لحياته وحالته وأوضاعه في منفاه الجديد، فليس هناك من صحافي واحد يجرؤ على انتهاك الحظر والحديث علناً عن مكان إقامة الأسد وأفراد الأسرة، وما يفعلونه أو كيف يقضون أوقاتهم في ملماتهم داخل نفق المنفى الذي وجدوا أنفسهم فيه بين ليلة وضحاها.

ويصل الأمر إلى حدّ أن الكرملين الذي منح الأسد حق اللجوء، يحظر عليه حتى الوقوف أمام الصحافيين المعتمدين لشكره على هذه اللفتة أو للإشادة بكرم روح روسيا ومدى جودة الحياة فيها، ربما لأن السلطات في الوقت الحالي، تخشى أن يعكر هذا مزاج السلطات السورية الجديدة، ويزعج الرئيس الجديد أحمد الشرع. فكل شيء بحساب، كما يقول بوتين، فأقراص اللحم على حدة، والذباب الذي يحوم حولها على حدة، إذا لم يكن لديك ما تكسبه منها. فأي تصريح أو تلميح يصدر عن الأسد المعزول قد يضر بالكرملين في مفاوضاته مع السلطات السورية الجديدة للحفاظ على القواعد العسكرية الروسية في سوريا.

“شبل” الأسد

لكن هذا الحصار الإعلامي المطبق على الأسد الأب والذي يمكن اعتباره أحد شروط منحه اللجوء لأسباب إنسانية، لم يمنع نجله حافظ الذي يدرس في روسيا ويقيم فيها بصفة طالب دراسات عليا وليس لاجئاً، من أن يروي قصة ليلة الهرب من دمشق، ويعلن فيها أن “سوريا مرت على مدى الـ14 عاماً الماضية بظروف لم تكن أقل صعوبة وخطورة من التي مرت بها في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) وبداية ديسمبر (كانون الأول) الماضيين”. وأن “من أراد الهرب لكان هرب خلالها، وبخاصة خلال السنوات الأولى عندما كانت دمشق شبه محاصرة وتُقصف يومياً، وكان الإرهابيون على أطرافها واحتمال وصولهم إلى قلب العاصمة قائماً طوال تلك الفترة”.

وتابع قائلاً “لم تكن هناك تحضيرات أو أي شيء يوحي بمغادرتنا، إلى أن وصل بيتنا في حي المالكي مسؤولان كبيران من الجانب الروسي بعد منتصف الليل، أي فجر يوم الأحد 8 ديسمبر، وطلبا انتقال الرئيس إلى اللاذقية لبضعة أيام بسبب خطورة الوضع في دمشق، وإمكانية الإشراف على قيادة المعارك من هناك، باعتبارها كانت لم تزل مستمرة على جبهتي الساحل وسهل الغاب”. وأضاف، “في ساعات النهار الأولى، أي الأحد، كان من المفترض أن نتحرك من قاعدة حميميم الروسية باتجاه الاستراحة الرئاسية في منطقة برج إسلام، والتي تبعد عن القاعدة بالطريق أكثر من 40 كيلومتراً، ولكن محاولات التواصل مع أي أحد من العاملين فيها باءت بالفشل حيث كانت جميع الهواتف التي تم الاتصال بها مغلقة، وبدأت ترد المعلومات بانسحاب القوات من الجبهة مع الإرهابيين وسقوط آخر المواقع العسكرية”.

وتابع “في نفس الوقت بدأت الهجمات المتتالية بالطيران المسير تستهدف القاعدة، وتزامن ذلك مع إطلاق نار قريب وبعيد في محيطها، وهذه الحالة استمرت طوال فترة تواجدنا هناك. بعد الظهر، أطلعتنا قيادة القاعدة على خطورة الموقف في محيطها، وأبلغتنا بتعذر الخروج من القاعدة، نظراً لانتشار الإرهابيين والفوضى وانسحاب الوحدات المسؤولة عن حماية القاعدة، بالإضافة إلى انقطاع الاتصال مع كافة القيادات العسكرية، وأنه بعد التشاور مع موسكو، طلبت القيادة الروسية منهم تأمين انتقالنا إلى موسكو، حيث أقلعنا باتجاهها على متن طائرة عسكرية روسية، ووصلنا إليها في الليل، ليل الأحد في الثامن من ديسمبر”.

كثيرون قرأوا في هذه الرواية تلميحاً إلى أن هناك من أخرج الأسد وعائلته من سوريا، وأن عملية هربهم ولجوئهم إلى روسيا لم تتم بمحض إرادتهم ولا باختيارهم، وهنا تثور أسئلة حول الدور الذي لعبته روسيا وقواتها واستخباراتها في عملية عزل الأسد ونقله إلى موسكو وتسليم البلاد إلى مناوئيه.

تمكنت السلطات الروسية من الفرض على وسائل الإعلام في البلاد التعتيم على كل ما يتعلق بالأسد وعائلته في موسكو، لكنها لم تقدر على منع وسائل التواصل الاجتماعي والدوائر الاجتماعية النخبوية في موسكو، من تداول الإشاعات حول تجارب عائلة الأسد في موقعها الجديد. كما أن قنوات “تيليغرام”، وهي أداة فعالة إلى حد ما في المشهد الإعلامي الروسي المكبوت، لا تصمت أيضاً، حيث تقدم الكثير من المعلومات التي لا تخلو من الإشاعات، والتي تقول إحداها إن الأسد قد يلجأ لمزاولة مهنته الأصلية ويفتتح عيادة لطب العيون في العاصمة الروسية. وتضيف القناة الروسية المشهورة على “تيليغرام”، أنه “حتى في شبابه، أثناء إقامته في لندن، كان طبيب عيون ناجحاً، وهو الآن يخطط لافتتاح عيادة خاصة لطب العيون في روسيا. وأن آخر مرة عمل فيها كطبيب كانت منذ ربع قرن تقريباً”.

الآن أصبح أمر واحد واضحاً، وهو أن الأسد لن يختفي ببساطة من الخريطة السياسية للعالم. وبينما يظل صامتاً صمتاً مطبقاً، تواصل وسائل الإعلام العالمية التكهنات والنقاشات حول “عطلته السياسية في موسكو”.

اللجوء المخطط والمحسوب

استقر رئيس النظام السوري المخلوع في موسكو بعد انتقال السلطة في بلاده إلى المعارضة. وكتبت وسائل إعلام روسية أنه قبل فترة طويلة من الإطاحة به كان يسحب الأموال نقداً ويشتري عشرات الشقق في العاصمة الروسية، لتأويه مع زوجته وأولاده الثلاثة، الذين تتراوح أعمارهم بين 21 و22 و24 سنة.

ويبدو أن الأسد كان يشتبه في أن سلطته تقترب من نهايتها، إذ اكتشف صحافيون وثائق أظهرت أنه في الفترة بين عامي 2018 و 2019، نقل الجانب السوري نحو طنين من الأوراق النقدية من فئة 100 دولار و500 يورو إلى موسكو بالطائرة، بحسب ما ذكرت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية.

على مدى عام ونصف العام، كان هناك أكثر من عشرين رحلة “مالية” من هذا القبيل. وبناءً على ذلك، وبحسب وسائل إعلام غربية، تم نقل نحو 250 مليون دولار من دمشق إلى البنوك الروسية.

وبالمناسبة، يقولون إن زوجة رئيس النظام السابق، أسماء الأسد ترأست مجلساً اقتصادياً رئاسياً سرياً في سوريا لمدة 10 سنوات. وبفضل ذلك، وحتى في ظل خزانة فارغة، كانت للأسد وأقرب مساعديه سيطرة شخصية على ما تبقى من اقتصاد البلاد وتهريب الوقود.

ويبدو أن الأسد كان يحضّر طرق الهرب بنفسه مسبقاً. وكتب الباحثان أندريه سولداتوف وإيرينا بوروغان في ربيع عام 2022 أنه “حتى في ذلك الوقت، لم يشك أحد في أن بوتين سيمنح بشار الأسد اللجوء إذا سقط نظامه”. وأشاروا في الوقت نفسه إلى أن الصحافيين الذين يبحثون عن ممتلكات الأسد في موسكو حددوا منذ عام 2019 19 شقة قد تكون مملوكة لأفراد من عائلة رئيس النظام السوري السابق.

وبطبيعة الحال، في الوقت الراهن كل هذا مجرد كلام من دون أي تأكيد وثائقي واحد. ولكن من المعروف أن السوريين العاديين عاشوا في السنوات الأخيرة في فقر، وأن البلاد تعاني من التضخم والبطالة المستشرية.

ويرفض السكرتير الصحافي للكرملين، دميتري بيسكوف، بشكل قاطع إعطاء أي تفاصيل حول حياة ودور الأسد على الأراضي الروسية. ويوضح فقط أنه ليس من الممكن منح أي شخص وضع اللاجئ لولا قرار بوتين. ويضيف بيسكوف أن “جدول أعمال الرئيس لا يتضمن لقاءً مع الأسد” على رغم أن الرئيس الروسي أعلن في مؤتمره الصحافي الكبير في 19 ديسمبر الماضي عزمه على اللقاء معه.

يدرس أبناء الأسد في جامعة موسكو الحكومية، كما دافع ابنه الأكبر حافظ أخيراً عن أطروحته وحصل على درجة الدكتوراه في الفيزياء والرياضيات. وتتلقى أسماء الأسد العلاج في موسكو من إصابتها بسرطان الدم، الذي تم تشخيص إصابتها به مرة أخرى في مايو (أيار) الماضي.

ماذا يملك الأسد في روسيا؟

أفاد صحافيون روس على معرفة سابقة بالرئيس السوري المعزول، بأن الأسد لم يكن يريد الانتقال إلى روسيا، لكنه أدرك أن احتمالات هذه الخطوة غير المرغوبة كانت عالية، إذ عارضته جهات قوية، غامضة وغير غامضة. ولذلك، بدأ مع أفراد أسرته، بالاستثمار في العقارات في موسكو مسبقاً.

في عام 2019، ظهرت معلومات تفيد بأن آل مخلوف، أقارب رئيس النظام السابق من جهة والدته، استحوذوا على ما لا يقل عن 19 شقة في أبراج موسكو من خلال شركات وهمية خلال السنوات الأولى من الحرب الأهلية السورية.

وتبلغ المساحة الإجمالية للسكن 1342 متراً مربعاً، وتقدر قيمته بأكثر من 40 مليون دولار أميركي. ويعتقد الخبراء أن الرئيس السابق وعائلته استقروا في إحدى الشقق الفاخرة في أبراج العاصمة.

ومعروف أن هذه الشقة الكائنة في الطابق العشرين، مسجلة باسم كندة مخلوف، زوجة ابن خال الأسد، الرئيس السابق لقوات الأمن السورية حافظ مخلوف، الذي يملك شقة في الطابق الستين من المبنى نفسه.

وفي الطابق الثاني من المبنى يقع عقار زوجة شقيق رامي مخلوف الأكبر، رزان عثمان. كما تملك أختها، بدورها، شقة في الطابق 54 من ناطحة السحاب.

وفي الطابق الثامن والعشرين، يمتلك اثنان آخران من أقارب الأسد شقتين، وهما: الرائد السابق في المخابرات السورية إياد مخلوف، وشقيقه التوأم إيهاب. وقبل عامين أسسا في موسكو شركة لشراء وبيع وتأجير العقارات تحت اسم “مدينة زافيليس” بمكتب ليس بعيداً من المنزل، على جسر بريسنينسكايا. ووفقاً للبيانات المفتوحة، فإن مخلوف هو أيضاً مؤسس شركة “أيستي أل أل سي” منذ 21 مارس (آذار) 2018 وشركة “غلوبال غروب” منذ 15 مارس 2018.

وإضافة إلى العقارات في المدينة، أصبح أبناء أعمام الأسد وأقارب آخرون له، مالكين لما لا يقل عن 20 شقة في مناطق مختلفة من موسكو.

أصول الأسد في الخارج

وإضافة إلى كل ما سبق، تملك عائلة الرئيس السابق عقارات في دبي بقيمة 43 مليون دولار، وشقق في رومانيا، و18 حساباً في فروع بنك “أتش أس بي سي” (HSBC) في جزر كايمان وجزر فيرجن البريطانية.

ويزعم الأميركيون أنهم تمكنوا من اكتشاف أصول في الخارج تعود لعائلة زوجة الأسد، ووالدته أنيسة مخلوف، وعمه رفعت. وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن الأخير يملك عقارات في فرنسا تبلغ قيمتها نحو 90 مليون يورو.

لكن في عام 2019، أصدرت محكمة في باريس حكماً بمصادرة هذه الأصول. وقال المحامون إنهم يعتقدون أن عائلة مخلوف ستستفيد من الاستثمار وتمويل الأسد، الذي يخضع لعقوبات من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بحسب الحاجة.

جار غير عادي

يستقبلك مركز الأعمال حيث يقيم الأسد في مدينة موسكو، كما هي الحال دائماً، بمناظر المدينة المستقبلية. هنا، تتحرك روبوتات التوصيل في كل مكان، وتُعرض السيارات الفاخرة باهظة الثمن في واجهات المتاجر، والضوء القادم من النوافذ العديدة، الممتد إلى ما وراء السحاب، يجعلك تشعر بالدوار حرفياً. وهنا يقال إن أبناء أعمام بشار الأسد وأقاربهم اشتروا ما لا يقل عن 20 شقة بقيمة 40 مليون دولار بين عامي 2013 و2019. وتعيش عائلة بشار الأسد حالياً في أحدها.

لا تحتوي ناطحات السحاب على مداخل بالمعنى المعتاد للكلمة. تم تصميم مداخل الأبراج على غرار القاعات الكبيرة في الفنادق ذات الخمس نجوم، مع تشطيبات باهظة الثمن، وكراسٍ بذراعين، وأرائك، وطاولات قهوة. خلف الباب الدوار، يتحكم الأمن ليس فقط بمدخل غرفة المصعد والممر الذي يوصل إلى المصاعد بل بكل حركة أو إشارة تصدر من كاميرات المراقبة التي تتولى نقل كل ما يدور حولك بالصورة والصوت والوقت الحقيقي.

لا أزرار هنا لاستدعاء المصاعد، المحظوظون من أصحاب العقارات الفاخرة هنا يخرجون بطاقة ممغنطة يستطيعون من خلالها استدعاء المصعد. الأرضية تلمع بالرخام المصقول. تمتد الممرات الواسعة إلى مداخل للشقق الفاخرة على كلا الجانبين.

وبحسب السجلات العقارية فإن الشقق الفاخرة في ناطحة السحاب الروسية تعود إلى أبناء خال الأسد، حافظ وإياد وإيهاب مخلوف، وشقيقتهم كندة مخلوف، ورزان عثمان، زوجة ابن خال آخر لرئيس النظام السوري السابق، رجل الأعمال رامي مخلوف. وكما ذكرت صحيفة “فايننشال تايمز”، يملك حافظ أيضاً شقة مكونة من ثلاث غرف على بعد بضع دقائق بالسيارة من مدينة موسكو.

ويزعم مصدر في جهاز المخابرات العامة الروسي أن أقارب الأسد لم يشتروا هذه الشقق في مدينة موسكو، بل حصلوا عليها كجزء من الأرباح مقابل استثمارات في بناء برج نيفا. ويشير إلى أن عائلة مخلوف اشترت أيضاً منزلاً جديداً في العاصمة الروسية هو عبارة عن شقة بمساحة تزيد على 300 متر مربع، في شارع كليماشكينا في منطقة محطة مترو “أوليتسا 1905 غودا”، حيث يقضي أطفال حافظ أوقاتهم هناك، وحيث يقيم أيضاً طاقم الأسد من مترجمين وسائقين وحراس أمن بعد انتقالهم إلى روسيا.

وقدرت وزارة الخارجية الأميركية صافي ثروة عائلة الأسد بما يتراوح بين مليار وملياري دولار، لكن من الصعب حسابها بدقة أكبر لأن الأصول “موزعة ومخفية في العديد من الحسابات، ومحافظ العقارات، والشركات، والاستثمارات الخارجية”.

وبينما تقول صحيفة “التلغراف” أنه “لن تكون هناك وجبات عشاء دافئة في الكرملين، إلا أن بشار الأسد لا يزال يشرب الشمبانيا ويأكل الكافيار في حياته الجديدة الفاخرة في المنفى”، يشير رئيس جهاز الاستخبارات البريطاني السابق (أم آي 6) أليكس يانغر إلى أن الأسد وعائلته سيواجهون بدلاً من ذلك “تدهوراً دراماتيكياً في الظروف المعيشية” مقارنةً بالرفاهية التي اعتادوا عليها في دمشق. ويوضح أن روسيا لديها “أولوية أكثر أهمية بكثير، وهي أوكرانيا”.

الوضع القانوني للأسد في روسيا

رسمياً، لم يتم تحديد وضع الرئيس السوري المخلوع علناً، لكنه قد يصبح من أوائل الحائزين على اللجوء السياسي في روسيا منذ عام 1992، بحسب صحيفة “كوميرسانت”. وفي أغلب الحالات، يُمنح الأجانب حق اللجوء المؤقت، وهو ما استخدمه الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش وموظف وكالة الأمن القومي الأميركية السابق إدوارد سنودن.

وأوضح محامي سنودن، أناتولي كوتشيرينا للصحيفة، أن اللجوء السياسي يمنحه الرئيس الروسي، في حين تدرس “هيئة الهجرة” طلبات اللجوء المؤقت. وأضاف أن الحصول على اللجوء المؤقت “ليس بالأمر السهل”. فهو يعطي حقوقاً أقل ويتطلب التجديد كل عام.

يسمح وضع اللاجئ بالحصول على بوليصة تأمين طبي وبطاقة بنكية، ويمنح الحق في البقاء والعمل في روسيا. ويسلم حاملو هذا الوضع جوازات سفرهم الوطنية إلى هيئة الهجرة للحفظ، ويحصلون في المقابل على شهادة لجوء مؤقت.

“لا يوجد حالياً الكثير من الأشخاص الحاصلين على اللجوء السياسي في روسيا. كانت هناك حالات معزولة. وتم تطوير نوعين من الأوضاع بموجب القانون: وضع اللاجئ واللجوء المؤقت. لكن حالات منح وضع اللاجئ نادرة للغاية، إذ يبلغ عددهم نحو 300 شخص فقط”، بحسب ما قالته إيلينا بورتينا، عضو لجنة المساعدة المدنية للصحيفة.

يمكن تفسير قرار فلاديمير بوتين بمنح اللجوء لبشار الأسد بدوافع براغماتية كما يقول عالم الاجتماع والناشط السياسي إيغور إيدمان. وفي رأيه، فإن بوتين يثبت بذلك عمداً أنه “لا يتخلى عن أنصاره” في المتاعب.

ويضيف في تعليق لإذاعة “صوت أميركا الروسية”، أن “الرئيس الروسي يساعدهم حتى عندما يفشلون في كل خطط موسكو المتعلقة بهم ويجدون أنفسهم عاطلين من العمل. دعونا نتذكر الرئيس الأوكراني الأسبق فيكتور يانوكوفيتش، على سبيل المثال. وتعرض يانوكوفيتش لانتقادات شديدة في وسائل الإعلام الروسية، وكان بوتين نفسه حزيناً للغاية لأن تلميذه تراجع وهرب من أوكرانيا”.

وفي حالة بشار الأسد، كان بوتين يسترشد بالاعتبارات نفسها تقريباً، لقد تعاونت عائلة الرئيس السوري المخلوع مع موسكو لمدة 50 سنة تقريباً، بما في ذلك خلال الفترة السوفياتية. ولهذا السبب لم يترك بوتين الأسد لمصيره. وربما لم يفقد الكرملين الأمل بعد في استخدامه لأغراضه الخاصة بطريقة أو بأخرى.

الأسباب الوجيهة لقلق الأسد

الآن تتكشف العقدة الرئيسة بالنسبة لموسكو حول القواعد العسكرية الروسية في سوريا في طرطوس وحميميم. وتقع حميميم في محافظة اللاذقية، حيث كانت لعائلة الأسد في السابق مكانةً قوية هناك. وبطبيعة الحال، فإن قضية القواعد ستحسمها الحكومة الجديدة، ولكن مع ذلك يحاول بوتين فتح خطوط اتصال مباشر مع الرئيس السوري أحمد الشرع للحفاظ على هذه القواعد، وهذا ما يزيد قلق الأسد ويفاقم مخاوفه، لأن هذا الأمر قد يضطره لدفع ثمن باهظ، خصوصاً وأن الشرع طالب مبعوث الرئيس الروسي ميخائيل بوغدانوف عندما التقاه للمرة الأولى في فبراير (شباط) الجاري، بتسليم الأسد ليواجه محاكمة من قبل خصومه.

ومع أن الشيء الأساسي هنا لا يزال الرغبة في إنقاذ موسكو لأحد حلفائها القلائل بشكل واضح، وهذا تقليد موروث من تقاليد الاتحاد السوفياتي، إلا أن حلفاء روسيا الجديدة لم يعودوا واثقين من وفائها لهم بشكل قاطع لا لبس فيه، بعد أن تخلت عن الأيديولوجيا والمبادئ وصارت تسترشد بمصالحها قبل مبادئها، لذلك يجب عليهم ألا يكونوا واثقين من أن الكرملين سيساعدهم في الأوقات الصعبة، إذا تعارضت هذه المساعدة مع مصالح الكرملين العليا.

المحاضر في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة تشارلز في براغ، دميتري دوبروفسكي، يعتبر أن كل شيء أصبح أبسط بكثير. وبحسب قوله، فإن “روسيا عادت لتلعب ببساطة دور القوة العظمى، التي مثل الولايات المتحدة أو فرنسا أو بريطانيا، توفر اللجوء لرؤساء الدول المعزولين، بعد أن تخلت عن ذلك إثر انهيار الاتحاد السوفياتي وطردت رئيس ألمانيا الشرقية المخلوع، إريك هونيكر، من أراضيها آنذاك مسايرةً للغرب الذي فتح ذراعيه لها”. وأضاف “هناك مقولة شائعة في روسيا مفادها بأن بوتين لديه خصوصية احترام تعهداته التي يلاحظها الجميع، فهو يستطيع أن يبصق على أي اتفاق باستثناء الاتفاقات الشخصية. وأعتقد أنه لديه التزامات شخصية تجاه الأسد، وكذلك تجاه كل أنواع الحكام الهاربين الآخرين من حلفائه. على سبيل المثال، استوطن في موسكو في وقت ما، عسكر أكاييف، الرئيس السابق لقيرغيزستان، الذي فر من بيشكك، والرئيس الأوكراني المخلوع فيكتور يانوكوفيتش وآخرون. لذا أعتقد أن بوتين يتصرف وفقاً لمنطقه الخاص في هذه الحالة أيضاً”.

من حيث المبدأ، هذه ممارسة راسخة في العديد من البلدان، كما يقول دميتري دوبروفسكي، “لنفترض أن بعض الشخصيات البغيضة للغاية من المستعمرات الفرنسية السابقة حصلت على مأوى في فرنسا. وكذلك فإن بوتين يفكر بنفس الروح تقريباً. نعم فهو يلتزم بالاتفاقيات الشخصية. علاوةً على ذلك، فإن هذه ممارسة طبيعية لدى رؤساء القوى العظمى التي اعتاد الزعيم الروسي على التعريف بنفسه من خلالها. لهذا السبب يتصرف بهذه الطريقة.”

إن خسارة روسيا لنفوذها في سوريا أمر مميز ودال للغاية، ولكن من السابق لأوانه استخلاص استنتاجات حول العواقب السلبية العالمية على الكرملين، فعندما سحب الأميركيون قواتهم من أفغانستان، لم يعلن أحد أن انهيار الولايات المتحدة قد حدث. نعم كان هناك فشل لسياسة الكرملين في سوريا. ولكن إلى حد أكبر، هذه قصة عن مدى استحالة الاحتفاظ بالسلطة باستخدام الحراب وحدها. فكما قال نابليون، يمكنك أن تفعل أي شيء بالحراب، ولكن لا يمكنك الجلوس معها. من حيث المبدأ، أمضى الأسد وقتاً طويلاً في إثبات العكس، لكن هذا لم يكن من الممكن أن يستمر إلى ما لا نهاية.

أما في ما يتعلق بمعنى الوجود العسكري الروسي في سوريا وتبرير الخسائر التي تكبدتها روسيا هناك، فإن هذا السؤال اليوم، على خلفية المشكلات الأخرى التي يواجهها الكرملين، يبدو بلاغياً إلى حد ما.

وبحسب مصادر متطابقة، قُتل ما لا يقل عن 543 من العسكريين الروس وضباط الاستخبارات ومسلحي شركة “فاغنر” الأمنية الخاصة في سوريا منذ عام 2015.

القلق الرئيس الآن في روسيا ومنطقة الشرق الأوسط بأسرها ليس مصير الأسد، بل هو القلق بشأن الطبيعة غير المتوقعة للقوى التي استولت على السلطة في سوريا. فمنذ بدء الحرب الأهلية هناك تم اعتبارهم أحد فروع تنظيم “القاعدة”، وعلى رغم أنهم الآن يظهرون سلوكاً مختلفاً عن ذي قبل، وأكثر تحضراً، إلا أن المنطقة بأسرها لا تزال في حالة صدمة. وستنتظر دول الشرق الأوسط بفارغ الصبر لمعرفة كيف ستتطور الأحداث داخل سوريا.

لقد فرّ بشار الأسد من البلاد حتى لا يلاقي مصير القذافي في ليبيا، أو مصير صدّام حسين في العراق. ونحن بحاجة إلى مراقبة نوع الحكومة التي ستشكلها القوى التي سيطرت على مقاليد السلطة الآن. ومن الصعب أن نتصور أنهم سيشكلون حكومة ديمقراطية شاملة. كل هذا يمكن أن يخرج عن السيطرة بسرعة، فالتغيير الدراماتيكي للنظام يمكن أن يؤدي إلى حرب أهلية، كما هي الحال في ليبيا.

اعترفت روسيا علناً بأن السلطات السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع طالبتها بتسليم الأسد، لكنها لم تقدم رداً على هذا الطلب الصعب والمعقد والذي فيه الكثير من الإحراج، لذلك فإن الأمور مرهونة بأوقاتها وبتطوراتها، فإذا ما نجح الكرملين في كسب ودّ السلطات الجديدة في سوريا، وموافقتها على إبقاء قاعدتيه العسكريتين المهمتين في طرطوس وحميميم، مقابل تقديمها مساعدات عسكرية وغذائية ومالية عاجلة تشكل نوعاً من التعويضات، فعندها سيكون على الأسد أن يختار منفى آخر في دولة من الدول التي ساندته وأيدته قبل سقوطه، ولا أستبعد أن يكون منفاه الجديد في بيلاروس المجاورة التي تربط الأسد برئيسها ألكسندر لوكاشينكو علاقات صداقة وتعاون قديمة.

————————————

مقتل 5 أشخاص بانفجار مخلفات حرب في النيرب بمحافظة إدلب السورية

وقال الدفاع المدني السوري، في بيان صحفي نشره على صفحته بموقع فيسبوك: “قتل ثلاثة مدنيين (رجل وامرأة وطفل) وأصيبت طفلة بجروح وجميعهم من عائلة واحدة

20 فبراير ,2025

قتل 5 مدنيين سوريين، اليوم الخميس، إثر انفجار ناجم عن مخلفات الحرب شرقي إدلب في شمال غرب البلاد.

وقال الدفاع المدني السوري، في بيان صحفي نشره على صفحته بموقع فيسبوك: “قتل 5 مدنيين (رجل وامرأة وطفل) وأصيبت طفلة بجروح وجميعهم من عائلة واحدة، في حصيلة أولية”.

وأضاف أن ذلك جاء جراء “انفجار لمخلفات الحرب وقع اليوم في منزل سكني ببلدة النيرب شرقي إدلب”، لافتا إلى أن “فرقه تواصل عمليات البحث والإنقاذ عن مفقودين في المكان وسط دمار كبير أحدثه الانفجار في المنزل”.

وأفاد “تلفزيون سوريا”، بمقتل 5 أشخاص وفقد آخرين؛ جراء انفجار مخلفات من سنوات الحرب في النيرب بمحافظة إدلب السورية.

ولم يذكر التلفزيون تفاصيل أخرى.

ووفق “الخوذ البيضاء”، تشهد سوريا بشكل يومي انفجارات لمخلفات الحرب، موقعة ضحايا مدنيين.

وتهدد هذه المخلفات حياة السكان وتمنعهم من الاستقرار والعودة إلى منازلهم والعمل في مزارعهم، وتعمّق فجوة الاحتياجات الإنسانية.

—————————–

تركيا: نؤيد انضمام المجموعات المسلحة للجيش السوري دون تشكيل هيكل منفصل

اسطنبول- العربية.نت

20 فبراير ,2025

أعربت وزارة الدفاع التركية، اليوم الخميس، عن تأييدها: لانضمام المجموعات المسلحة للجيش السوري دون تشكيل هيكل منفصل.

وشددت الدفاع التركية على ضرورة تخلي ما أسمته المنظمات الإرهابية عن السلاح ومغادرة الأجانب منهم لسوريا.

وكشفت الوزارة عن تحييد 31 مسلحا خلال الأسبوع الماضي في عمليات داخل وخارج البلاد.

وأكدت وزارة الدفاع التركية متابعتها الدقيقة للتطورات الجارية في سوريا، مشددة على ضرورة اتخاذ خطوات حاسمة لضمان استقرار المنطقة.

جاء ذلك في تصريحات نقلتها صحيفة “حرييت” المحلية، الخميس، عن مصدر في وزارة الدفاع التركية.

وقال المصدر إنه يتم متابعة التطورات عن كثب في سوريا، مضيفا أنه يجب على قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني إلقاء سلاحها.

وشدد على ضرورة “مغادرة القادة والمقاتلين الأجانب” في تلك المنظمات البلاد، لافتا إلى أنه ينبغي على الجماعات المسلحة أن تأخذ مكانها في الجيش السوري الجديد دون أن يكون لها “هيكل منفصل” داخله.

وأضاف المصدر: “إن وجهة نظر تركيا وموقفها تجاه عملية إعادة الإعمار والاستقرار والسلام في سوريا واضح.

وتابع: “نؤكد أننا لا نقبل بالهياكل المستقلة في سوريا، سواء على المستوى السياسي أو العسكري، وأننا سنواصل التعاون مع الحكومة السورية الجديدة في هذا الإطار”.

وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية “قسد” على مناطق واسعة في شمال وشرق سوريا، حيث تشمل هذه السيطرة محافظة الحسكة بالكامل وأجزاء واسعة من محافظتي الرقة ودير الزور.

وفي حين تحظى قسد بدعم من التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، تحت إطار محاربة تنظيم “داعش” فإن تركيا تنظر إليها إلى أنها فرع سوري لـ”حزب العمال الكردستاني” المصنف على قوائم الإرهاب.

والاثنين، هنّأ القائد العام لقسد، مظلوم عبدي، الرئيس السوري أحمد الشرع، بتولّيه المنصب، مشدّدًا على أهمية “تعزيز التواصل” بين جميع السوريين.

ودعا عبدي الشرع إلى زيارة مدن ومحافظات شمال شرقي سوريا، مؤكدا في مقابلة مع موقع “نورث برس”، أنه يأمل بأن يتمكن الشرع من قيادة البلاد خلال هذه الفترة الحسّاسة.

———————————

مباحثات بين هيئة التخطيط والأمم المتحدة لإعادة بناء جسر الرستن

2025.02.20

ناقش المكلف بتسيير أعمال هيئة التخطيط والتعاون الدولي، مصعب بدوي، اليوم الخميس، مع مدير برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في سوريا (الموئل)، هيروشي تاكاباياشي، إمكانية تأمين التمويل لإعادة بناء جسر مدينة الرستن في ريف حمص الشمالي، والتعاون في إعداد خطط التعافي، في إطار التحضير لمنهجية إعادة الإعمار.

وأفادت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن “بدوي” أكد خلال الاجتماع أن الهيئة أعدت دراسة متكاملة لتأهيل الجسر بكلفة تتجاوز 2 مليون دولار، معرباً عن أمله في الوصول إلى رؤية توافقية مع برنامج الأمم المتحدة لتنفيذ هذا المشروع الحيوي.

وأشار إلى تطلع الهيئة للاستفادة من خبرات البرنامج في تطوير استراتيجية وطنية لإعادة الإعمار، موضحاً أن رئاسة مجلس الوزراء بدأت وضع رؤية شاملة لهذا الملف.

من جهته، تعهد “تاكاباياشي” بالتواصل مع عدة جهات مانحة في دول مختلفة لتأمين التمويل اللازم لإعادة تأهيل الجسر، مؤكداً استعداد البرنامج لدعم جهود إعادة الإعمار في سوريا.

حملة إعلامية لإنقاذ جسر الرستن

أطلق ناشطون وإعلاميون في مدينة حمص وريفها حملة إعلامية تهدف إلى تسليط الضوء على الأوضاع الخطيرة التي يعاني منها جسر الرستن في الريف الشمالي، الذي يشهد حالة تدهور كبيرة تهدد بانهياره، بسبب القصف الجوي الروسي الذي استهدفه قبيل أيام من إسقاط النظام المخلوع.

ويؤكد منظمو الحملة أن الحفاظ على حياة المواطنين مسؤولية جماعية، مطالبين الجهات المعنية ووسائل الإعلام بتكثيف الجهود لدعم الحملة، لرفع مستوى الوعي حول المخاطر المحدقة بالجسر، والعمل على تحسين بنيته التحتية وتأمين بدائل آمنة.

تلفزيون سوريا يعاين أوضاع الجسر

عاين مراسل تلفزيون سوريا أوضاع جسر الرستن، بعدما تصاعدت مخاوف المسؤولين والسكان على حد سواء من انهياره، لكونه شرياناً حيوياً يربط جنوبي سوريا بشمالها.

وقال رئيس المجلس المحلي في الرستن محمد رحال لتلفزيون سوريا، إنّ لجنة المهندسين التي أتت من مدينة حمص، أوصت حتى بعدم مرور السيارات الصغيرة عبر الجسر، مضيفاً أن جسم الجسر في حالة خطيرة، مشدداً على أهمية منع السيارات والشاحنات الثقيلة من المرور عبره.

من جهته، قال مدير الموارد المائية في حماة مصطفى سماق، لتلفزيون سوريا: “لو تساقطت الأمطار بغزارة في الموسم الحالي على غرار الموسم الماضي، لزاد تخزين بحيرة الرستن وارتفع منسوبها، مما قد يؤدي إلى كوارث”.

الأهمية الاستراتيجية لجسر الرستن

يُعد جسر الرستن واحداً من أهم الطرق الحيوية في وسط سوريا، إذ يشكل نقطة ربط أساسية بين شمالي البلاد وجنوبها، ويمر عبره الطريق الدولي السريع M5، الذي يصل العاصمة دمشق بحلب، ويعتمد عليه الأهالي والمسافرون، إضافة إلى كونه شرياناً رئيسياً لحركة البضائع والتجارة بين المحافظات السورية.

وخلال معركة “ردع العدوان” الأخيرة، شنت القوات الروسية وقوات النظام المخلوع غارات جوية مكثفة على الجسر، في محاولة لتأخير وإعاقة تقدم فصائل المعارضة من حماة باتجاه حمص، وكان الاستهداف جزءاً من استراتيجية عسكرية تهدف إلى قطع طرق الإمداد وإضعاف قدرة الفصائل على التنقل بين مناطق الاشتباك.

ونتيجة للقصف الروسي المكثف، تعرض الجسر لأضرار بالغة، مما أدى إلى تصدعه بشكل خطير، وأصبح غير صالح لحركة الشاحنات الثقيلة، وأدى لاحقاً إلى فرض قيود على حركة المركبات الخفيفة أيضاً، ما أثر سلباً على السكان المحليين الذين يعتمدون عليه في التنقل بين الريف الشمالي لمحافظة حمص والمناطق الجنوبية لمحافظة حماة.

——————————

 حلّ قواتنا يهدد الأمن.. قسد: الاندماج بالجيش ممكن مع الحفاظ على هيكلنا

2025.02.20

قال المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، محمود حبيب، إنه ينبغي أن تكون “قسد” تحت مظلة وزارة الدفاع السورية مع الحفاظ على هيكليتها الخاصة، مضيفاً: “أن الجيش السوري لا يملك قوة عسكرية كافية لحماية هذه المناطق الواسعة”.

وكان مجلس سوريا الديمقراطية “مسد” ومسؤولون في الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا قد عقدوا اجتماعاً ثلاثياً يوم الإثنين الماضي، بمشاركة القائد العام لـ “قسد” مظلوم عبدي.

تناول الاجتماع قرارات تتعلق بدمج “قسد” مع المؤسسات الأمنية التابعة لـ “الإدارة الذاتية” ضمن هيكل الجيش السوري، وإعادة تفعيل المؤسسات الحكومية السورية في شمال شرقي سوريا، إضافة إلى انسحاب المقاتلين الأجانب غير السوريين من صفوف “قسد”.

وفي مداخلة على شاشة قناة (رووداو

)، تحدث المتحدث باسم لواء الشمال الديمقراطي التابع لـ “قسد”، محمود حبيب، عن مخرجات الاجتماع الثلاثي.

وأكد حبيب أن الاجتماع “أثبت بشكل لا يدع مجالاً للشك قبولنا الاندماج مع القوات العسكرية والأمنية السورية”.

وأضاف أن هذا القرار جاء “لوضع حد للشائعات التي تزعم أن قسد لا تريد أن تكون جزءاً من الجيش السوري أو المؤسسات الأمنية للدولة”.

وأوضح أن الاجتماع كان ضرورياً لتوضيح هذه المسألة، قائلاً: “يجب أن نعلن بوضوح أننا نرغب في أن نكون جزءاً من الجيش السوري المستقبلي ومنظومته الأمنية، ونريد المساهمة في إعادة الاستقرار إلى سوريا، والدفاع عن البلاد، ومكافحة الإرهاب والتطرف، وضمان الأمن والاستقرار”.

وذكر محمود حبيب أن هذه التطورات جاءت عقب الاجتماع الذي عُقد في دمشق بين القائد العام لـ “قسد” مظلوم عبدي والرئيس السوري أحمد الشرع، والذي استمر لمدة ساعتين، مشيراً إلى أن الاجتماع تناول العديد من القضايا، لكن تم تأجيل مناقشة بندين أساسيين إلى جولات المفاوضات القادمة.

“حلّ قسد سيخلق فراغاً أمنياً كبيراً”

وأوضح حبيب أن من بين القضايا التي نوقشت كانت مسألة تفكيك “قسد”، لكنه شدد على أن ذلك لن يكون في مصلحة شمال شرقي سوريا، ولا حتى سوريا بشكل عام.

وأضاف: “حالياً، تضم هذه القوات عشرات الآلاف من المقاتلين الذين يحمون المنطقة من خطر داعش، ويؤمّنون الحدود، ويدافعون عن المدن. وإذا تم حلّ قسد، فسيحدث فراغاً أمنياً هائلاً لن تتمكن الإدارة العسكرية الحالية من ملئه، ولذلك فإن حلّ القوات ليس خياراً منطقياً أو مفيداً”.

وأشار حبيب إلى أن إدماج “قسد” ضمن وزارة الدفاع السورية هو الحل الأكثر واقعية وفعالية، لافتاً إلى أن تجربة دمج المقاتلين في درعا والسويداء ضمن الجيش السوري تعد مثالاً يمكن تطبيقه أيضاً في شرق الفرات.

وأكد أن “قسد” ترغب في أن تكون جزءاً من الجيش السوري، لكنها ترى ضرورة استمرارها في تنفيذ مهامها الأمنية والدفاعية الحالية. وأضاف: “لا أعتقد أن حكومة دمشق سترفض ذلك”.

وأشار إلى أن القضية الأهم هي الاتفاق على إطار عام لدمج هذه القوات ضمن وزارة الدفاع السورية، مضيفاً أن المفاوضات حول هذا الموضوع لا تزال مستمرة.

“تجربة وحدات حماية المرأة نموذج مهم ورائد”

وتحدث محمود حبيب عن وحدات حماية المرأة (YPJ)، مشيراً إلى أن الجيش السوري يضم النساء منذ 70 عاماً، حيث كنّ يتولين غالباً مهام إدارية، وفي بعض الحالات شاركن في مهام قتالية.

لكن حبيب شدد على أن الجيش السوري يجب أن يستفيد من تجربة (YPJ) “الرائدة والمهمة” بحسب تعبيره.

وقال: “لذلك، لا يوجد أي مبرر لعدم استمرار وجود هذه القوات”. وأضاف أن أهم وأخطر المهام التي تقوم بها “قسد” حالياً تتركز في محيط سد تشرين، حيث تدور اشتباكات مستمرة.

ونقل حبيب عن القائد العام لـ “قسد” مظلوم عبدي قوله: “طالما استمرت هذه الاشتباكات اليومية، فلا يمكننا اتخاذ أي قرارات أو المضي قدماً في أي خطوة”.

كما أشار إلى أنه إذا كانت حكومة دمشق قد ضمت بالفعل “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا إلى صفوفها، فعليها إصدار أوامر لهذه الفصائل بوقف القتال، معتبراً أن هذه الخطوة ستمهد الطريق للتوصل إلى اتفاق مع بقية القوى.

“قرار سيادي يجب أن ينهي النزاعات الداخلية”

وأكد محمود حبيب أن سوريا بحاجة إلى قرار سيادي ينهي النزاعات الداخلية ويصفر الأزمات، مشيراً إلى أنه بعد ذلك يمكن مناقشة جميع القضايا عبر التفاوض.

وأضاف: “حالياً، نسيطر على ربع الأراضي السورية ونواجه تحديات كبيرة، من بينها تهديد داعش، والتدخلات الخارجية من دولة مجاورة، ومسألة ضمان أمن أكثر من 6 ملايين شخص يعيشون في هذه المناطق. لذلك، هناك حاجة لآلاف من القوات العسكرية والأمنية”.

وأشار إلى أنه إذا كانت حكومة دمشق تتبنى سياسة أمنية طويلة الأمد ومستدامة، فعليها اعتبار “قسد” قوة سورية وطنية، موضحاً أن هذه القوات تتألف من مكونات سورية متنوعة، مثل العرب والأكراد والتركمان.

وأكد حبيب أن “قسد” قادرة على تنفيذ مهامها ويجب أن تعمل تحت مظلة وزارة الدفاع السورية، مضيفاً: “حالياً، لا يوجد بديل لهذا الحل، لأن الجيش السوري لا يمتلك قوة عسكرية كافية لحماية هذه المناطق الواسعة”.

كما شدد على أن منح “قسد” وضعاً رسمياً سيمكنها من تنفيذ مهامها بفعالية أكبر، والمساهمة في تحقيق الاستقرار في باقي المناطق السورية.

المقاتلين الأجانب

وأوضح حبيب أن “قسد” تلقت تدريبات على يد التحالف الدولي، واكتسبت خبرة كبيرة في مكافحة الإرهاب، وحروب المدن، والتعامل مع الخلايا السرية.

وأضاف: “الجيش السوري الجديد، الذي سيعاد تشكيله، يمكنه الاستفادة من هذه الخبرات”.

وأشار حبيب إلى أنه تم تعيين شخصيات غير سورية في مواقع عسكرية واستخباراتية مهمة داخل سوريا، مضيفاً: “إذا كان هناك توجه لاعتماد معايير وطنية، فيجب تطبيقها على الجميع دون استثناء”.

أوضح محمود حبيب، في إشارة إلى مقاتلي حزب العمال الكردستاني (PKK)، أن المقاتلين الذين قدموا إلى شرق الفرات لم يأتوا بدافع المصالح الشخصية أو للتنافس مع أي فصيل آخر، بل أسهموا في تحرير المنطقة من “داعش” ولعبوا دوراً رئيسياً في معركة عين العرب (كوباني).

وأضاف: “لو سقطت كوباني، لكان داعش قد تمكن من التقدم حتى حلب والسيطرة على جزء كبير من سوريا”.

وأكد حبيب أن من يرغب من المقاتلين في المغادرة فله ذلك، وأي شخص يُطلب منه المغادرة سيغادر، لكن السوريين سيبقون في بلادهم.

كما أشار إلى أن العديد من الأكراد في سوريا كانوا محرومين من الوثائق الرسمية في الماضي، موضحاً: “هؤلاء ليسوا أجانب، بل سوريون فقدوا حقوقهم بسبب السياسات السابقة، ولذلك يجب منحهم حقوق المواطنة الكاملة”.

“زيارات أحمد الشرع تهدف إلى طمأنة السوريين”

وشدد حبيب على أن هدف الاجتماع كان الحد من التوترات الداخلية ومنع التصعيد الذي تحاول بعض الأطراف تأجيجه، مؤكداً أن التعاون بين حكومة دمشق ومظلوم عبدي ليس جديداً، بل يعود إلى الأسابيع الأولى بعد اندلاع “الأزمة السورية” بحسب وصفه.

وأشار حبيب إلى أن أحمد الشرع يقوم بجولات في مختلف المحافظات السورية لتهيئة المواطنين للمرحلة المقبلة وتهدئة المخاوف، مضيفاً أن زياراته إلى شمال شرقي سوريا قوبلت بترحيب كبير.

ودعا حبيب لجنة الحوار الوطني لزيارة شرق الفرات والاستماع إلى آراء السكان حول مستقبلهم، مؤكداً: “سوريا واحدة، وحكومة دمشق يجب أن تمثل جميع مكوناتها”.

———————————-

 هواء دمشق ملوث بالشِّعر والنايلون والأشجار المقطوعة

زيد قطريب

2025.02.19 | 11:48 دمشق

زملكا

دخان يتصاعد من مدخنة أحد المنازل في منطقة زملكا بدمشق، 4 شباط 2025، أ ف ب

دمشق ـ زيد قطريب

+A

حجم الخط

-A

إظهار الملخص icon

العنوان يبدو غريباً!. لكن، لو كان هناك معدات تقيس نسبة الكلمات في الجوّ، مثلما يفعل موقع accuweather، عند تحديد حجم أوكسيد الكربون والنيتروجين في الهواء، لنالت سماء دمشق، المرتبة الأولى عالمياً، في القدرة على تحويل النصوص إلى خيوط دخان، أسوةً بأكياس النايلون وعلب البلاستيك والأحذية، التي يستخدمها السوريون كوقود في “الصوبيا” نتيجة شحّ وغلاء المازوت.

عام 2024، وُضعت سوريا، في قائمة الدول الأكثر تلوثاً، في دراسة أعدتها شركة (IQ Air )السويسرية، وقبلها، أظهرت دراسة لمجموعة من المختصين السوريين، أن التلوث في دمشق يتجاوز الحد المسموح عالمياً بـ11 ضعفاً!.

وقالت الدراسة، إن العوالق الهوائية في دمشق، تتراوح بين 231 و 588 ميكرو غراماً/م3، بينما المقياس العالمي المسموح يبلغ 150 ميكرو غراما/م3. أما العوالق التنفسية الأصغر، فهي بين 82-115/م3، بينما الطبيعي يتراوح بين 15 و 50 ميكروغراماً/م3.

ويعتبر مريضو الربو والجهاز التنفسي، الأكثر معاناة من تلوث هواء دمشق في الشتاء. فالضبابة السوداء الكبيرة التي تكلل المدينة، تظهر بشكل واضح للقادمين من مداخلها المختلفة، حيث تنخفض نسبة الأوكسجين، كلما اقترب الزائرون من المركز، حيث يتضاعف التلوث 11 مرة كما أسلفنا.

اقرأ أيضاً

سوريا

“لا مازوت ولا كهرباء ولا حطب”.. حلول التدفئة في اللاذقية تتلاشى

واضطر السوريون، خلال السنوات الماضية، لتحويل جميع المخلفات القابلة للاشتعال، إلى وقود يبعث الدفء في الشتاء عوضاً عن المازوت. وكان ارتفاع أسعار الحطب، سبباً إضافياً، في جعل أطفال جمع المخلفات من الشوارع، يخصصون كيساً للنفايات القابلة للاشتعال، ويخزنونه كوقود للتدفئة في الشتاء.

سوريون يحرقون الكتب لأجل التدفئة

مفارقات معاناة السوريين من البرد، كثيرة. فأحد الشعراء والإعلاميين، يخبرنا أنه يبدأ فرز مكتبته، منذ بداية ديسمبر كل عام، استعداداً للمربعانية الباردة، التي تبدأ في الحادي والعشرين منه. ويؤدي الفرز إلى تقسيم الكتب لثلاثة مستويات.

الأول يمكن التضحية به في “الصوبيا” بلا تردد، لأنه “دبح” القراء بقلة الإبداع، والأخطاء اللغوية، والمشاعر المستهلكة، ويتضمن الكثير من كتب الشعر والقصة القصيرة والروايات، الصادرة عن وزارة الثقافة واتحاد الكتاب العرب وبعض الدور الخاصة. حيث تتكفل تلك الكتب، بتوفير التدفئة للمنزل، خلال الجزء الأول من المربعانية المسمى “سعد دبح”.

أما المستوى الثاني من الكتب، فيضم المؤلفات المطبوعة بهدف “البلع” وتحصيل المكاسب، ومنها كتب دراسات التطبيل السياسي، وتمجيد القادة، ومهمتها، التصدي للمنخفضات الجوية المتوقعة في المرحلة الثانية من المربعانية، المسماة “سعد بلع”.

على المنوال نفسه، سيختص المستوى الثالث، بتدفئة المنزل في فترة “سعد السعود”، ويتضمن جميع الكتب التي سلبت “السعادة” من قرائها، نتيجة التسرع والارتجال والإغراق في النواح على الحبيب. أما كتب “سعد الخبايا”، التي ستستقبلها “الصوبيا” بلا أسف، فهي كتب الإهداءات، التي تشير خباياها، بأنها مقنوصة من “غوغل”، وفيها مزيج من كتب النصوص المفتوحة والتهويمات الشخصية.

سحابة دخان تغطي دمشق

ويفغر القادم إلى دمشق من مدخلها الشمالي، فمه، عندما تنحدر الحافلة من مرتفع “الثنايا” نحو دمشق، وهو يرى ضبابة كبرى، من دخان أكياس النايلون ومخلفات البلاستيك المختلطة باحتراق أشجار الغوطة. ولأن السوريين، حين يبردون يفعلون أيّ شيء، سيخيل للقادم، أن السماء تزدحم أيضاً بالأقدام والخطوات، لأن الأحذية القديمة، تحجز مكانها المتقدم في “صوبيات” الناس “المطعونين” منذ دهر كامل، بعيداً عن رفاهية “المازوت”!.

مع الوقت، أصبحت مهنة جمع “الكرتون” و”قناني” البلاستيك، تعيّش عائلات كاملة وتحميها من برد الشتاء. يقول”علي” لموقع تلفزيون سوريا إن تجهيز الكرتون، لا بد أن يبدأ في الصيف، حيث يُفرَد على سطوح المنازل، ثم يُرش بالماء، قبل أن يُدرج على شكل بكرات صغيرة توضع في الشمس حتى تجفّ.

اقرأ أيضاً

دمشق

حملات تنظيف تطوعية تحاول إنقاذ دمشق.. الغبار والأوساخ يلوثان وجه المدينة

يبلغ سعر كرتونة الموز الفارغة، 5000 ليرة سورية، ولهذا لن يعثر “عليّ” عليها في الطريق أو قرب حاويات الزبالة، وسيكتفي بعلب البسكوت الصغيرة، وكرتون الدخان، ومخلفات العلب المرمية هنا وهناك. لكن هذا لا يكفي، فلا بد أن يدعّم الكرتون، بالبلاستيك، والأحذية الملقاة في النفايات أو الشوارع، حتى الألبسة القديمة المرمية، سيكون لها دور في المربعانية القادمة، يقول علي: “كل شيء قابل للاشتعال، سينتهي في الصوبيا، لأن البرد قاتل ولا يمكن للأطفال الصغار الاحتمال”.

أكبر غنيمة يمكن أن تشكل ضربة حظ لـ”علي”، هو البوط العسكري. فهذا الحذاء القاسي ذو الساق الطويلة، يستهلك ساعتين من الاحتراق في “الصوبيا”، حتى يتحول لرماد، كأنه يحترق، ومعه تاريخ كامل من “الدعسات” الناقصة المثقلة بالانتهاكات. يسألنا “علي” إن كان بإمكان موقع accuweather اكتشاف نسبة الظلم في الجو؟ وهل تظهر في مختبراته ملوثات الشعارات الكاذبة، مع الهزائم وآثام المعتقلات؟.

يضحك “علي”، وهو يخبرنا عن الرائحة الغريبة، التي اندفعت يوماً، من مدخنة جارهم “المثقف”، وكيف تمنى عليه الجيران، أن يرأف بأجهزتهم التنفسية وأنوفهم، لأن الرائحة الخارجة من مدخنة صوبيته، لا تطاق. يضيف علي، بأن الجار المثقف، ابتسم حينها بثقة وقال: لا تقلقوا، إن ما تشمونه، هو رائحة الكذب. فوجبة الصوبيا اليوم، كانت دفعة من كتب المنظّرين للقادة “الأبديين”.

إحصاءات وزارة الصحة عام 2013، أكدت ارتفاع نسبة الأمراض التنفسية في سوريا، إلى 13% بسبب تلوث الهواء. وكانت قياسات مديرية البيئة عام 2011، أكدت  وجود ازدياد مؤشرات العوالق القابلة للانتشار (PM2-5- PM10)  في عدة مناطق، مثل جوبر والعباسيين، إلى جانب ارتفاع قياسات غازات الكبريت والكربون، في أخرى، مثل ساحة المحافظة وشارع النصر.

وإذا ما أضفنا حجم التلوث الناتج عن السيارات والمعامل، إلى ذاك الناتج عن إحراق المخلفات الضارة في الشتاء من أجل التدفئة، نتأكد أننا أمام كارثة، بيئية وصحية، يؤكدها عدم قدرة كبار السن ومرضى الجهاز التنفسي، على التحرك بلا كمامات تنقي الهواء قدر الإمكان!.

مسرحية المعاناة، وتطعيمها بالسخرية، باتت من صفات الشخصية السورية، فالشاعر والإعلامي، المواظب على حرق الكتب في الصوبيا، بهدف التدفئة، يقول إننا نسينا تلوثاً خطيراً، تسببه أدخنة هذه الكتب المحروقة، والتي تؤدي لأمراض خطيرة في الفكر، ويصف هذا التلوث بالخطير، الذي لا تفيد معه الكمّامات، ولا إغلاق  النوافذة والأبواب!.

——————————–

مؤتمر للعدالة الانتقالية يطالب بمحاسبة المجرمين

تحديث 20 شباط 2025

ناقش المؤتمر السوري للعدالة الانتقالية، آليات تحقيق العدالة الانتقالية لبناء دولة قائمة على سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، وتناول فئات مختلفة يفترض أن تطالها العدالة، بينها المتورطون في الأعمال العسكرية والأمنية، وفئة رجال الأعمال.

المؤتمر نظمته رابطة المحامين السوريين الأحرار، برعاية من نقابة المحامين السوريين في فندق البوابات السبع (شيراتون سابقًا) بدمشق، الإثنين 17 من شباط.

وحضره ممثلون عن منظمات المجتمع المدني، وجهات حكومية ومدنية فاعلة وخبراء قانونيين، وناشطين حقوقيين.

وخلال المؤتمر أكد ممثل رابطة المحامين السوريين الأحرار، سامر الضيعي، أن الهدف من هذا المؤتمر ليس مناقشة العدالة الانتقالية فقط، بل يطرح أسئلة حول مستقبل سوريا وسبل إعادة إعمارها سياسيًا، واجتماعيًا ،واقتصاديًا.

وأكد ضرورة إبلاغ أهالي الضحايا بأن عملية المحاسبة هي عملية تسلسلية، فليس كل من كان جزءًا من النظام سيكون تحت المسائلة أو يتعرض للمحاسبة، ويجب التمييز بين القيادات التي خططت لارتكاب الجرائم، والأفراد الذين نفذوا وساهموا في هذه الجرائم، إضافة إلى الأفراد العاديين، وهنا يجب إجراء عملية موازنة نفسية واجتماعية بين قضية الاستقرار والمحاسبة.

واقترح الضيعي أن يتم إحداث هيئة مستقلة تضم عائلات الضحايا والأشخاص الذين تعرضوا لانتهاكات، لتراقب مسار عمل العدالة الانتقالية والمحاسبة، كي لا تتحول المحاسبة إلى عملية انتقامية ضد طرف معين، ويجب أن تكون متوازنة هدفها الاستقرار.

وتعتبر العدالة الانتقالية مهمة لتسوية النزاعات وتحقيق المصالحة في المجتمعات المتضررة من الصراعات، وهي سبيل لإعادة بناء الثقة بين المواطنين والدولة، ونجاحها يعتمد على مشاركة المجتمع المدني والمواطنين، بحسب المحامي الضيعي.

انتهاكات رجال الأعمال

مدير البرامج في البرنامج السوري للتطوير القانوني، زهرة البرازي، ذكرت خلال المؤتمر أن العدالة الانتقالية تشمل أيضًا الانتهاكات ضد حقوق الإنسان التي ارتكبها رجال الأعمال بحق الشعب السوري، وأن أسماء من قاموا بهذا الدور معروفة لدى أغلبية الشعب السوري، ومن المهم معرفة كيف ستتم محاسبتهم لأن القانون السوري غير واضح بشأن التعامل مع مثل هذه الانتهاكات.

وأصدرت الحكومة السورية الحالية أوامر بتجميد الأصول والحسابات المصرفية للشركات والأفراد المرتبطين بالنظام السابق، وشملت الأسماء المدرجة على قوائم العقوبات الأمريكية .

جبر ضرر أهالي الضحايا

مدير منظمة ميزان للدراسات وحقوق الإنسان، ياسر فرحان، بيّن أن العدالة والسلام مساران متلازمان، ويجب جبر الضرر عن الضحايا من الناحية المادية والمعنوية، و هذا الأمر  يحتاج إلى دعم دولي هائل.

وتابع ان من المفترض الإصغاء لأهالي الضحايا لأنهم طرف أساسي، وتلبية احتياجاتهم الطبية والنفسية والاجتماعية، إذ تساعد هذه الشهادات على توثيق انتهاكات حقوق الإنسان.

واعتبر المحلل السياسي والباحث في مركز جسور للدراسات، وائل علوان، أن العدالة الانتقالية جزء من هذه المرحلة و ترتبط بالعديد من الأمور والإجراءات، و تقي من الفوضى من ناحية و تنصف الضحايا من ناحية أخرى.

علوان قال لعنب بلدي، إن اجتماع المجرم والضحية سويًا يستدعي وجود العدالة لأن ما يهدد المجتمع  والأمان هو الثأر الانتقامي، ولطي الصفحة بشكل صحيح يجب تحقيق المحاسبة، بحسب علوان.

مديرة مؤسسة إشراقات (منتدى المرأة السورية)، ميساء سعيد، ذكرت لعنب بلدي أن مسار العدالة الذي يستغرق الكثير من الوقت يزعج الأهالي، وأن التأخير يفقدهم الثقة به.

وتابعت، أن تحقيق السلام والمصالحة في المجتمعات التي تعرضت للصراعات والانتهاكات يتطلب أكثر من مجرد محاسبة الجناة على أفعالهم، بل يحتاج إلى استراتيجيات شاملة تجمع بين الاعتراف بمعاناة الضحايا، ضمان حقوقهم، وتقديم التعويضات اللازمة.

ويثير تأخر تطبيق العدالة الانتقالية في سوريا المخاوف بشأن أثر ذلك على السوريين، خاصة الضحايا ممن تضرروا في عهد النظام ويبحثون عن عدالة تخفف من حجم معاناتهم وترد إليهم جزءًا من حقوقهم.

وتتطلب العدالة الانتقالية إلى مدة زمنية لإطلاق المسارات التي تأتي تباعًا، بحسب ما ذكره تقرير صادر عن مركز “الحوار السوري“، في 11 من شباط الحالي.

وحتى لا يتعرض الضحايا وذووهم في الحالة السورية لخيبات أمل واسعة تفقدهم الإصرار على تطبيق العدالة، فإن من المهم معرفة نسبية الإنجازات المتاحة، وتشجيعهم على طرح مبادرات وأفكار إبداعية للتعامل مع إرث الماضي، وفق التقرير.

————————

رغيف الخبز السوري يفقد قيمته الغذائية

تحديث 20 شباط 2025

رغم زيادة عدد الأرغفة في ربطة الخبز، بعد التعديلات الأخيرة التي أقرتها وزارة التجارة الداخلية في سوريا، فإن قيمة رغيف الخبز الغذائية تراجعت، ما يؤثر على إحساس الشبع لدى المستهلك.

ويكتسب الخبز أهميته، من كونه الغذاء الأكثر توافرًا والأقل تكلفة، خاصة مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وضعف القدرة الشرائية للكثير من العائلات التي تجد صعوبة في توفير بدائل غذائية أخرى.

الحرية لربطة الخبز

تحررت ربطة الخبز من قيود البطاقة الذكية، مع سقوط نظام الأسد السابق، ليصبح وزن الربطة الواحدة 1500 غرام بدلًا من 1100، بعدد 12 رغيفًا بدلًا من 7، وسعر مبيع 4000 ليرة سورية بدلًا من 400.

وانخفض بالمقابل قطر رغيف الخبز الواحد من 38 سنتمترًا إلى 28، حسبما أوضح مدير المخبز الاحتياطي “المزة 4″، زياد الزعبي، لعنب بلدي.

وحفاظًا على المخزون القمحي في سوريا، خفضت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة دمشق المؤقتة، في 4 من شباط الحالي، وزن ربطة الخبز الواحدة إلى 1200 غرام بقطر يتراوح بين 25 و28، دون تغيير في عدد الأرغفة، حسب تصريح المدير العام للمؤسسة السورية للمخابز، محمد الصيادي، لموقع “الاقتصاد اليوم”.

تحسنت نوعية الطحين المستخدم في صناعة الخبز، لتحصل الأفران اليوم على أكياس من الطحين الأبيض والناعم، بعدما كانت تستعمل طحينًا أكثر سمرة وخشونة، مما انعكس على جمالية رغيف الخبز، وساعد العمال على صنع الرغيف بالمواصفات الجديدة، بحسب مدير مخبز “المزة 4” زياد الزعبي.

خطوط الإنتاج في الأفران السورية غير مجهزة بالمعايير المطلوبة لإنتاج الرغيف بالمواصفات الجديدة، بحسب الزعبي، ولذلك جرى تعديل مواصفاتها بشكل يدوي من قبل الفنيين في المخبز للحصول على جودة جيدة تتناسب مع المواصفات.

عدد أكبر وقيمة أقل

نتيجة التغييرات على مواصفات رغيف الخبز من حيث الوزن وعدد الأرغفة وتغيير الحجم، يضطر الأفراد لتناول 4 إلى 6 أرغفة يوميًا بدلًا من رغيفين، للوصول إلى مستوى الشبع نفسه، مما يؤدي إلى زيادة الاستهلاك العام للخبز والنشويات، دون تعويض نقص العناصر الغذائية الأخرى، وفق ما قالت خبيرة التغذية آلاء المصري لعنب بلدي.

وأوضحت المصري أن تقليل سماكة الرغيف أثر على قوامه وجفافه، ما جعله أقل احتفاظًا بالرطوبة وبالتالي أكثر جفافًا، وهذا يؤدي إلى مضغ أقل وشعور أسرع بالجوع، وزيادة استهلاك الخبز دون توازن مع بقية العناصر الغذائية، مؤديًا إلى ارتفاع استهلاك الكربوهيدرات، ما يسبب تقلبات في سكر الدم وشعورًا متكررًا بالجوع.

يحتوي رغيف الخبز الحالي على أكثر من 250 إلى 270 سعرة، و50 إلى 55 غرامًا من الكربوهيدرات، بينما تتراوح احتياجات الفرد اليومية من السعرات الحرارية بين 1800 و2500 سعرة حرارية، ومن الكربوهيدرات بين 50 و60% من السعرات الكلية، أي بين 225 و325 غرامًا، حسب المصري.

تأثيرات صحية

ينتج عن اعتماد الأفراد بشكل كبير على الخبز كمصدر أساسي لغذائهم، دون تنويع النظام الغذائي، الكثير من الأضرار الصحية، وضحتها خبيرة التغذية آلاء المصري لعنب بلدي ضمن عدة نقاط:

    زيادة استهلاك الكربوهيدرات: تناول كميات كبيرة من الخبز الأبيض يوميًا يرفع نسبة السكر في الدم، ما قد يؤدي إلى مشاكل مثل مقاومة الأنسولين، زيادة الوزن، وارتفاع خطر الإصابة بمقاومة الأنسولين والمتلازمة الأيضية.

    عدم الشعور بالشبع لفترات طويلة: لأن الخبز الأبيض يفتقر إلى الألياف والبروتين، ما يجعل الشخص يشعر بالجوع بعد فترة قصيرة من تناوله.

    . نقص الفيتامينات والمعادن: مثل الحديد والكالسيوم، ما قد يسبب فقر الدم وضعف العظام على المدى الطويل.

ويتفاقم الوضع بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري وأمراض القلب، فتناول كميات كبيرة من الخبز، قد يؤدي إلى تقلبات حادة في مستويات السكر في الدم، ويزيد من خطر زيادة الوزن وزيادة تراكم الدهون وارتفاع ضغط الدم  والكولسترول، حسب المصري.

نظام صحي رغم سوء الظروف

بالرغم من استمرار معاناة الأسرة السورية، من تردي الوضع الاقتصادي والمعيشي، تقدم خبيرة التغذية آلاء المصري، بعض النصائح  تمكن الأفراد من محاولة تحسين تغذيتهم والاستفادة من الخبز بطريقة أفضل، من خلال:

    إضافة مصدر بروتين بسيط مثل الفول، العدس، أو الحمص عند تناول الخبز، فهذا يساعد على تحقيق توازن غذائي ويزيد من الشعور بالشبع.

    تناول الخبز مع الخضار المتوفرة مثل البصل، البقدونس، الخس، أو الطماطم، لأن ذلك يضيف الألياف والفيتامينات الأساسية للجسم.

    استخدام اللبن أو الزبادي إن أمكن: تناول الخبز مع أي مصدر للألبان يساعد في تحسين التوازن الغذائي وإضافة الكالسيوم والبروتين.

    تجنب الإفراط في تناول الخبز وحده، لأن الاعتماد عليه فقط دون أي إضافات قد يؤدي إلى مشاكل صحية على المدى الطويل.

    مضغ الطعام جيدًا وتناول الوجبات ببطء، لأن ذلك يساعد على الشعور بالشبع بشكل أسرع وتقليل الحاجة إلى تناول كميات كبيرة من الخبز.

نصائح للمسؤولين

وسعيًا لتحسين القيمة الغذائية للخبز دون التأثير على تكلفته، ضمان تزويد المواطنين بغذاء أكثر صحة وقيمة في ظل الظروف الصعبة، وجهت الخبيرة الغذائية آلاء المصري بعض النصائح للمختصين وأصحاب القرار.

وقالت المصري، إنه يمكن تحسين الخبز المدعوم من خلال إضافة طحين القمح الكامل أو البقوليات إلى العجين لزيادة محتوى الألياف والبروتين، ما يسهم في زيادة الشعور بالشبع ويحسن الهضم. كما يُنصح بتدعيم الخبز بالحديد والكالسيوم لمكافحة نقص هذه المعادن في الجسم، خصوصًا في ظل الظروف الراهنة.

وأضافت أنه يجب تشجيع المخابز على استخدام طرق التخمير الطبيعية، فهذه الطريقة يمكن أن تعزز القيمة الغذائية للخبز وتحسن الهضم بفضل الخمائر الطبيعية. كما يمكن أن تساعد في تقليل الاستهلاك الزائد للكربوهيدرات المكررة

وأكدت المصري أهمية التوعية التي لا تقل عن أهمية التحسين في الإنتاج، فيجب أن يكون هناك برامج توعية للمستهلكين حول كيفية تناول الخبز بشكل متوازن، مع مصادر غذائية أخرى مثل الفول أو اللبن، لضمان تغذية متكاملة وصحية.

عنب بلدي

——————————–

الوطني الكردي” ينتقد جولة “مؤتمر الحوار

تحديث 20 شباط 2025

انتقد “المجلس الوطني الكردي”، وهو أحد الأقطاب السياسية الكردية في شمال شرقي سوريا، جولة اللجنة التمهيدية لـ”مؤتمر الحوار الوطني” التي غابت عن المناطق التي تسيطر عليها “الإدارة الذاتية” شمال شرقي سوريا.

وقال “المجلس” في بيان للمتحدث الرسمي باسمه، فيصل يوسف، حصلت عنب بلدي على نسخة منه، الخميس 20 من شباط، إن “الحوار الوطني” يشكل مدخلًا أساسيًا لصياغة مستقبل البلاد، لكن الحركة السياسية الكردية تغيب عن جلسات هذا الحوار.

واعتبر أن هذا الغياب يمثل “إخلالًا بمبدأ الشراكة الوطنية، وتجاهلًا لدور مكون رئيس من الشعب السوري عانى من سياسات التمييز والإقصاء لعقود، وحرم من حقوقه المشروعة في ظل الأنظمة المتعاقبة”.

ولفت “المجلس الوطني” إلى أن “الحركة السياسية الكردية” تمتلك رؤية متكاملة تعكس معاناة المكون الكردي، وتقدم “حلولًا واقعية” لمعالجة قضاياه ضمن إطار وطني.

البيان أضاف أيضًا أن أي حوار وطني يُعنى بمستقبل سوريا “لا يمكن أن يكون جادًا أو مثمرًا ما لم يضمن مشاركة فعلية لمختلف المكونات، وفي مقدمتها الشعب الكردي، ممثلًا بقواه السياسية”.

واعتبر أن الحوار الشامل، القائم على مبادئ الشراكة والاعتراف المتبادل، هو “السبيل الوحيد لإرساء دعائم سوريا جديدة، تُبنى على أسس العدل واحترام التعددية السياسية والمواطنة المتساوية، بعيدًا عن أي إقصاء أو تهميش للقوى الوطنية”.

وجاء البيان كرد فعل على عقد اللجنة التمهيدية لمؤتمر “الحوار الوطني” للحوار مع أبناء محافظة الحسكة، في العاصمة السورية دمشق، على خلاف الجولات الأخرى التي أجرتها في المحافظات السورية.

ولا تزال محافظات شمال شرقي سوريا (الحسكة، والرقة، وريف دير الزور الشرقي) خارج سيطرة الحكومة السورية، وتسيطر عليها “الإدارة الذاتية” وجناحها العسكري “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).

ويعتبر “المجلس الوطني الكردي” قطبًا رئيسيًا بين التيارات الكردية في المنطقة، وتربطه علاقة وطيدة بإقليم كردستان العراق وتركيا، والمعارضة السياسية، إذ كان عضوًا في “الائتلاف الوطني المعارض” حتى مطلع شباط الحالي، عندما أعلن انسحابه من “الائتلاف”.

سبق أن انتقد “الوطني الكردي”، تحضيرات دمشق لـ”مؤتمر الحوار الوطني”، وذلك عقب تشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر، معتبرًا أنها لا تمثل السوريين كافة، بسبب غياب المكون الكردي عنها.

وقال “المجلس” عبر بيان، إن تشكيل اللجنة التحضيرية، التي أُعلن عنها الأربعاء، “كان ينبغي أن يعكس واقع التعددية السياسية والقومية في البلاد، ويضمن تمثيلًا حقيقيًا لجميع المكونات الوطنية”.

“قسد” خارج المؤتمر

سبق أن قال المتحدث باسم اللجنة التحضيرية لـ”مؤتمر الحوار الوطني”، حسن الدغيم، إن “قسد” لن تشارك بالمؤتمر.

ولفت الدغيم في مؤتمر صحفي للجنة التحضيرية، حضرته عنب بلدي، الخميس، إلى أن “قسد” لا تمثل الكرد، وأن من يمثل المواطنين السوريين (ويقصد في شمال شرقي سوريا) هم أهل هذه المحافظات.

وأضاف، “ليس لأي أحد في سوريا أن يفرض امتيازًا له أو يحتجز قطعة من الوطن”، في إشارة إلى مناطق شمال شرقي سوريا، حيث تسيطر “قسد”.

من جانبه، اعتبر مؤسس حزب “الاتحاد الديمقراطي” (PYD) وعضو الهيئة الرئاسية فيه، صالح مسلم، وهو أيضًا من أبرز مؤسسي “الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا، أن “اللجنة التي تمّ تعيينها تمثّل لونًا واحدًا وجرى تطعيمها فقط لإرضاء بعض الأطراف الخارجية وهي لا تمثل كل أطياف الشعب السوري”، على حدّ تعبيره.

وقال مسلم في تصريحات لـ “الحدث نت“، إن “هناك جهات سياسية لـ(قسد) كـ(مجلس سوريا الديمقراطية) ومؤسسات (الإدارة الذاتية) التي تمثل مكونات شمال شرقي سوريا، و إذا لم يتم تمثيلها بشكل عادل فلن تكون ملزمة بقرارات المؤتمر”.

بدوره، قال مدير المركز الإعلامي لـ”قسد”، فرهاد شامي، إن “أي مؤتمر سوري يستبعد (قسد) أو (الإدارة الذاتية) لن يكون وطنيًا ومتماسكًا ويُراد منه تكرار سياسة الإقصاء السابقة التي أدت إلى تدمير سوريا وتفتيت مجتمعها”، وفق تعبيره.

ولفت إلى أن “قسد” لن تنفذ مخرجات المؤتمر إن لم تشارك فيه.

عنب بلدي

———————-

إيران تؤكد عدم وجود خلاف داخلي بشأن سوريا

أكد مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية، مجيد تخت روانجي، عدم وجود خلاف داخلي في إيران بشأن القضية السورية، مشددًا على ضرورة احترام وحدة أراضي سوريا وسيادتها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.

وقال في تصريحات نقلتها وكالة “إرنا” الإيرانية اليوم، الخميس 20 من شباط، إنه “عندما يتم تشكيل حكومة سورية جديدة، فإننا سنحترم قرار الشعب السوري ونتواصل معه بناء على ذلك”.

وأضاف، “إننا نتابع عن كثب التطورات في سوريا ونأمل أن يسود الأمن في هذا البلد وألا تتدخل الدول في شؤونه الداخلية”.

يأتي ذلك بعد تصريحات للرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع أمير دولة قطر، تميم بن حمد آل ثاني، الأربعاء 19 من شباط، تحدث فيها عن المحادثات مع الجانب القطري بشأن أهمية حماية وحدة الأراضي السورية وسيادتها، وضمان مشاركة جميع السوريين في تقرير مصيرهم.

كما أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، في 17 من شباط، أن موقف طهران “ثابت”، قائلًا، “مصير الشعب السوري يجب أن يقرره السوريون أنفسهم دون أي تدخل أجنبي مدمر”.

و”فيما يتعلق بالمباحثات الثنائية بين إيران وسوريا، فإننا نراقب التطورات بعناية ونتخذ القرارات بشأن الخطوات الواجب اتخاذها وفقا لأداء الأطراف الأخرى”، بحسب بقائي.

بدوره، كشف الممثل الخاص لوزير الخارجية الإيراني لشؤون سوريا، محمدرضا رؤوف شيباني، في 15 من شباط، عن وجود تبادل للرسائل بين طهران ودمشق، مشيرًا إلى أن إيران “تحافظ على قنوات اتصال غير مباشرة مع المسؤولين السوريين”، وتراقب التطورات بعناية لاتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب. 

وسبق أن صرح وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في 5 من كانون الثاني الماضي، أن بلاده تدرس استئناف العلاقات السياسية والدبلوماسية مع دمشق، لكنها “ليست في عجلة من أمرها”.

وتأتي هذه التصريحات في ظل استمرار النقاشات حول مستقبل العلاقات الإيرانية- السورية.

وعقب سقوط الأسد، في 8 من كانون الأول 2024، قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إنه لا يمكن الحكم على التطورات في سوريا، إذ إن هناك العديد من العوامل التي تؤثر في مستقبل البلاد، بحسب وكالة “مهر” للأنباء الإيرانية.

في حين وصف المرشد الإيراني، علي خامنئي، سقوط رئيس النظام السوري المخلوع، بشار الأسد، بـ”الفوضى”، متهمًا الثوار السوريين بالتسبب في هذه الفوضى.

ولطالما كان لإيران حضور قوي في سوريا، تمثل في دعمها للرئيس المخلوع بشار الأسد ونظامه عسكريًا واقتصاديًا وسياسيًا منذ اندلاع الثورة عام 2011.

ومع سقوط نظام الأسد، باتت إيران خارج الحدود السورية، وبينما تدّعي إيران أن وجودها في سوريا كان “استشاريًا”، تشير الوقائع والدراسات إلى أنها أرسلت عشرات الآلاف من عناصر الميليشيات ومولتهم وأدارتهم، كما استغلت سفارتها في دمشق كمركز لتنسيق العمليات العسكرية ضد الشعب السوري، ما يعزز اتهامات تورطها المباشر في دعم القمع وتأجيج الصراع.

——————————-

الرئيسة المشتركة لـ “DEM” بارتي: نداء أوجلان سيصدر هذا الشهر أو مطلع الشهر المقبل

تحديث 20 شباط 2025

أعلنت الرئيسة المشتركة لحزب المساواة وديمقراطية الشعوب (DEM) بارتي، لشبكة رووداو الإعلامية، أنهم يتوقعون أن يصدر عبد الله أوجلان رسالته بشأن عملية السلام في نهاية هذا الشهر أو بداية الشهر المقبل.

ألقى تونجر باكرهان وتولاي هاتيم أوغلاري، الرئيسان المشتركان لحزب المساواة وديمقراطية الشعوب، خطاباً في أنقرة، اليوم الأربعاء (19 شباط 2025). وبعد الخطاب، تحدثت هاتيم أوغلاري لمراسل شبكة رووداو الإعلامية في أنقرة، شوكت هركي، عن آخر التطورات المتعلقة بالقضية الكوردية.

“ننتظر عودة وفدنا من إقليم كوردستان. سنناقش آخر المعلومات والتطورات في كوردستان مع الوفد. ثم سيزورون إمرالي مجدداً لإطلاع السيد أوجلان على آخر المعلومات والمواقف”.

خارطة طريق جديدة

حول الرسالة المتوقعة من أوجلان، توقعت هاتيم أوغلاري أن “يصدرها في نهاية الشهر أو بداية الشهر المقبل”، وأن يعلن في رسالته خارطة طريق جديدة لعملية السلام، “خارطة طريق لحل القضية الكوردية بأكملها بالطرق الديمقراطية والسلمية”.

وأعربت عن اعتقادها بأن نداء أوجلان “سيكون بداية جديدة في حل القضية الكوردية”، معربة عن أملها في أن تتعاون الحكومة التركية “بعقلية حكيمة مع خارطة الطريق التي سيتم إعلانها في النداء، وأن تظهر حسن النية”.

فيما يتعلق بمسألة نزع سلاح حزب العمال الكوردستاني وتوقعاتهم من الحكومة التركية، رأت هاتيم أوغلاري أن “الخطوات التي يجب أن تتخذها الحكومة واضحة. يجب التأكيد على حل القضية الكوردية، لأن المشكلة الكوردية لم تبدأ مع حمل حزب العمال الكوردستاني للسلاح، إنها قضية عمرها 100 عام”.

كيف بدأت المحادثات؟

في الأول من تشرين الأول من العام الماضي، اتخذت الحكومة التركية خطوة بشأن القضية الكوردية وطلبت من حزب المساواة وديمقراطية الشعوب عقد لقاء مع عبد الله أوجلان، الزعيم المسجون لحزب العمال الكوردستاني.

وقد زار وفد الحزب أوجلان في سجنه بجزيرة إمرالي مرتين حتى الآن، ونقل رسائله إلى الرأي العام، والتي أكد فيها على تعزيز الأخوة بين الكورد والأتراك.

بعد سلسلة اجتماعات مع القوى السياسية في تركيا، زار الوفد إقليم كوردستان، حيث اجتمع في أربيل يوم 16 شباط مع الرئيس مسعود بارزاني، وفي اليوم التالي مع رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني، لمناقشة مضمون رسائل أوجلان.

كما زار السليمانية واجتمع مع رئيس الاتحاد الوطني الكوردستاني بافل طالباني، ونائب رئيس وزراء إقليم كوردستان قوباد طالباني. ثم عاد إلى أربيل واجتمع اليوم مع مسرور بارزاني، رئيس حكومة إقليم كوردستان.

أدناه نص الحوار:

رووداو: هل هناك خارطة طريق جديدة بخصوص نداء السيد أوجلان؟ متى سيقدم الرسالة والنداء؟ ما هي آخر المعلومات بهذا الشأن؟

هاتيم أوغلاري: بالنسبة لتوقيت النداء، نحن ننتظر عودة وفدنا من إقليم كوردستان، سنناقش آخر المعلومات والتطورات في كوردستان مع الوفد، ثم سيزورون إمرالي مجدداً لإطلاع السيد أوجلان على آخر المستجدات والمواقف. نتوقع أن يصدر نداء سيادته في نهاية الشهر أو بداية الشهر المقبل. فيما يتعلق بمحتوى الرسالة والنداء، فقد نُشر سابقاً للرأي العام وكان مرتبطاً مباشرة بالقضية الكوردية، حيث تحدث عن التمهيد لتحويل القضية من المسلحة إلى السياسية والديمقراطية. نتوقع أن يعلن في رسالته وندائه خارطة طريق جديدة لعملية السلام، خارطة طريق لحل القضية الكوردية بالكامل بالطرق الديمقراطية والسلمية. نحن نؤمن بأن رسالته ونداءه سيمثلان نهجاً وبداية جديدة لمرحلة حل القضية الكوردية. آمل أن يتعاون مسؤولو السلطة بعقلية الدولة والحكمة في الحكم، مع خارطة الطريق التي سيتم إعلانها في الرسالة والنداء، وأن يظهروا بدورهم رسالة السلام وحسن النية.

رووداو: فيما يتعلق بنزع السلاح، هل هناك مطالب ملموسة؟ ما هي الخطوات التي يجب أن تتخذها الحكومة في هذا الصدد؟

هاتيم أوغلاري: الخطوات التي يجب أن تتخذها الحكومة واضحة وجلية. يجب التأكيد على حل القضية الكوردية، لأن المشكلة الكوردية لم تبدأ مع حمل حزب العمال الكوردستاني للسلاح، إنها قضية عمرها 100 عام. نتوقع تكثيف الجهود لحل القضية الكوردية بطريقة ديمقراطية وسلمية. لقد تحدثنا عن هذا باستمرار في خطاباتنا وتصريحاتنا وتوضيحاتنا. إن تعيين القيّم وحملات الاعتقال والمحاكمات تحرف العملية عن مسارها، ومن هنا نطالب الحكومة والسلطة بضرورة تطوير هذه المفاوضات والحوارات من أجل حل القضية الكوردية بشكل ديمقراطي وسلمي. نحن نتطلع إلى خطوات ملموسة وجادة.

رووداو ديجيتال

—————————–

لماذا يتأخر رفع العقوبات الأميركية: إجراءات بيروقراطية أم ورقة ضغط؟/ نينار خليفة

تحديث 20 شباط 2025

بعد سنواتٍ من الأزمات الاقتصادية الخانقة، التي أثقلت كاهلهم وألقت بظلالها على تفاصيل حياتهم اليومية، يتلقّى السوريون نبأ القرار الأميركي برفع جزئي عن العقوبات المفروضة على بلادهم، بشيءٍ من التفاؤل، آملين بتحقيق انفراجةٍ اقتصاديةٍ تخفف من وطأة حصارٍ طال أمده.

فبين ندرة الموارد، وارتفاع الأسعار، وانقطاع الكهرباء ومواد التدفئة، تركت العقوبات أثرها على حياة كلّ مواطنٍ سوريّ، وبات أيّ بصيص أملٍ بتحسن الأوضاع الاقتصادية يشكّل بارقة رجاءٍ للكثيرين، علّه ينير عتمة حياتهم ويبعث دفئًا في لياليهم القارسة.

وبينما يرى خبراء اقتصاديون أن الإعفاءات الجديدة تشكل مؤشرًا إيجابيًا من شأنه تخفيف الأعباء على المواطنين، يعتقد آخرون أنها غير كافية وتأثيرها سيكون محدودًا للغاية، لا سيما إزاء ملف إعادة الإعمار.

وأصدرت وزارة الخزانة الأمريكية في 6 كانون الثاني/يناير الماضي، الترخيص العام رقم 24 (GL24)، من أجل توسيع نطاق التصاريح للأنشطة والمعاملات المسموح بها مع سوريا بعد 8 من كانون الأول/ديسمبر 2024، لمدة ستة أشهر قابلة للتمديد أو التعديل وفقًا لتطورات الأوضاع السورية على الأرض.

وتهدف الرخصة وفقًا للخزانة إلى “المساعدة في ضمان عدم إعاقة العقوبات للخدمات الأساسية واستمرار الحكومة بأداء مهامها في جميع أنحاء سوريا، بما في ذلك توفير الكهرباء والطاقة والمياه والصرف الصحي”.

وأشارت الوزارة إلى أنها لم ترفع الحظر عن أي ممتلكات أو مصالح لأشخاص أو كيانات مدرجة حاليًا على لائحة العقوبات، بما في ذلك بشار الأسد وشركاؤه ورموز نظامه، والبنك المركزي السوري، إضافة لـ”هيئة تحرير الشام” وأعضائها، ومنهم الرئيس السوري الحالي، أحمد الشرع، ورئيس جهاز الاستخبارات في الحكومة الانتقالية، أنس خطاب.

إيجابيات القرار

 الدكتور كرم شعار، الاستشاري في الاقتصاد السياسي السوري، والخبير غير المقيم في معهد نيولاينز للأبحاث السياسية والاقتصادية، والشريك المؤسس في مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية، يرى أن أهم ما في الترخيص رقم 24، الانفتاح على التعامل مع الحكومة السورية الجديدة، وهو ما لم يكن ممكنًا سابقًا. ويوضح في حديثه لـ”ألترا سوريا” بأن القرار أتاح إمكانية توريد سوريا بالوقود والكهرباء من دول الجوار: “على سبيل المثال أصبح من الممكن الاستفادة من اتفاقية خط الغاز العربي الذي يزوّد لبنان بغاز مصري من خلال الأنبوب الذي يمر من الأردن وسوريا، الأمر الذي لم يكن متاحًا سابقًا بسبب العقوبات”. وينوّه شعار إلى أن هذه العقبة خُففت ولم تلغَ بشكل كامل، إذ إن الوضع القانوني فيها ليس واضحًا تمامًا بعد.

ويشير تقييم نشره موقع “مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية”، إلى أن إحدى نقاط قوة القرار الأساسية، “قدرته على معالجة التحديات الإنسانية الملحة، وتسهيل توفير الخدمات الأساسية، لاسيما تخفيف النقص الحاد في الطاقة والكهرباء، والذي يعد أمرًا بالغ الأهمية للتعافي والاستقرار”. كما يُظهر القرار “مرونة من قبل الإدارة الأميركية بالتعامل مع العقوبات، ويعطي إشارات إيجابية إلى الفاعلين الدوليين خاصة في أوروبا للنظر بتدابير مماثلة، وإلى القيادة الجديدة في دمشق بأن المجتمع الدولي مستعد للتعامل معها بشكل عملي في ظل ظروف معينة”، وفقًا ما يرى معدو التقييم.

مهلة غير كافية

الخبير الاقتصادي، خالد التركاوي، الباحث في مركز جسور للدراسات، يؤكد من جهته أن نقطة القوة في القرار هي إتاحة التعامل مع مؤسسات الحكومة السورية التي كان عليها عقوبات. ويُبيّن في حديثه لـ”ألترا سوريا” أن ذلك “يُمكّن المؤسسات الأمريكية العاملة في القطاعين العام والخاص وكذلك الأفراد من التعاون مع الإدارة السورية الجديدة في تقييم الاحتياجات وتقدير الوضع، ومعرفة الظروف الحالية والمستقبلية وأفق التعاون، وذلك بعد إجرائها زيارات ميدانية”. ويستبعد حصول أي بوادر إيجابية سريعة لتعافي الاقتصاد السوري إذ إن مدة ستة أشهر لن تكفِ إلا لتقييم الوضع.

يتوافق دكتور الاقتصاد، كرم شعار، مع الخبير الاقتصادي، خالد التركاوي، في محدودية دور القرار، مشيرًا إلى أن هذا النوع من الاستثناءات يحتاج إلى الكثير من الوقت حتى تظهر الآثار الناتجة عنه، وهي بالكاد تحقق أي تأثير.

ويعتقد أن من سلبيات القرار الأساسية أيضًا أنه “لا يفعل الكثير لتسهيل إعادة الإعمار على نطاق أوسع أو جذب استثمارات جديدة، كما أنه لا يلغي العقوبات على القطاع المصرفي والتي لها آثار كبيرة جدًا”.

ووفقًا لـ تقييم موقع “مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية”، فإن المدة الزمنية المحددة بستة أشهر على الترخيص من شأنها تثبيط عزيمة المنظمات والشركات عن بدء أي مشاريع بسبب عدم اليقين حيال تجديده.

فضلًا عن أن الحدود غير الواضحة بين ما يمكن اعتباره دعمًا للمؤسسات الحكومية التي يرأسها أعضاء “هيئة تحرير الشام”، وتقديم الدعم المباشر للهيئة كمنظمة، والتي تظل مسؤولة جنائيًا بموجب تصنيفها كمنظمة إرهابية، يشكل نقطة ضعف أخرى للترخيص، ويجعل من الصعب على المنظمات غير الحكومية أو الأفراد الإقدام على مثل هذه التعاملات، خوفًا من المسؤولية التي قد تترتب على ذلك.

وبدأت حكاية سوريا مع العقوبات الأمريكية منذ سبعينيات القرن الماضي، لكن التحول الحقيقي جاء بعد قمع نظام بشار الأسد للاحتجاجات المناهضة له عام 2011.

أبرز مراحلها:

    كانون الأول/ديسمبر 1979، أُدرجت سوريا على قائمة “الدول الراعية للإرهاب”، وأدت العقوبات إلى فرض حظر شامل على صادرات الأسلحة والمبيعات الدفاعية، وقيود على تصدير المنتجات ذات الاستخدام المزدوج (المدني والعسكري).

    أيار/مايو 2004: بدء تطبيق قانون “محاسبة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية” الذي أقرّه الرئيس جورج بوش، والذي حظر تصدير التكنولوجيا الأمريكية إلى سوريا، كما منع الشركات الأمريكية من العمل أو الاستثمار داخلها.

    أيار/مايو 2010: تم تجديد القرار مرة أخرى، من قبل إدارة الرئيس باراك أوباما.

    عام 2011: أصبحت العقوبات أكثر شمولًا إذ تضمنت: تجميد أصول مسؤولين سوريين، بينهم بشار الأسد ومجموعة من الوزراء والقيادات الأمنية بتهمة ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، وحظر التعاملات التجارية الأمريكية واستيراد المنتجات النفطية ومشتقاتها.

    حزيران/يونيو 2020: وقّع الرئيس دونالد ترامب، “قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا”، الذي فرض عقوبات على الأفراد والجهات الداعمة لنظام الأسد وعائلاتهم، وامتدّ تأثيره ليشمل الشركات والمؤسسات الدولية التي تتعامل معه، كما حظر دعم المشاريع المتعلقة بإعادة الإعمار، وقد تم تمديده مؤخرًا لمدة خمس سنوات أخرى حتى عام 2029.

    نيسان/أبريل 2024: وقّع الرئيس جو بايدن، “قانون الكبتاغون”، لمكافحة تجارة النظام السوري في المخدرات، وفرض عقوبات على ثماني شخصيات سياسية واقتصادية بارزة، من بينهم ماهر الأسد، شقيق الرئيس السابق.

ورقة ضغط

حول مستقبل العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، يقول الشعار: “للأسف أزداد تشاؤمًا يومًا بعد يوم بأن الإدارة الأمريكية ليست متجهة لرفع العقوبات عن سوريا بشكل سريع”.

ويضيف: “من الواضح أن الطريق سيكون طويلًا، أرى أن الولايات المتحدة بالدرجة الأولى ودول غربية أخرى، يتجهون إلى التفاوض واستخدام العقوبات كورقة ضغط، وفي كثير من الحالات بأمور غير مرتبطة أصلًا بسبب فرض العقوبات”.

ويلفت إلى أنه لا يوجد أي مبرر لبقاء سوريا تحت العقوبات التي كانت مفروضة على نظام الأسد، إذ إن ذلك “مرفوض بعين القانون الدولي، فبحسبه عندما تُلغى الأسباب تُلغى معها العقوبات، أما تلك المرتبطة بالإرهاب فهي أمر آخر”.

ويُبّين الشعار أن الأصوات في أمريكا بغالبيتها الكاسحة تنادي برفع كل العقوبات عن سوريا وبأشكالها كافة، بما في ذلك المرتبطة بالإرهاب، والانخراط بعملية إعادة الإعمار لتحقيق استثمارات تجارية، “لكنه موقف لا أعتقد أن الإدارة الأمريكية ستقبل به”، يُكمل مستدركًا.

فرص إعادة الإعمار

في المقابل يبدو الباحث في مركز جسور، خالد تركاوي، أكثر تفاؤلًا، فهو يرى أن الترخيص رقم 24 ربما يكون بوابة لرفع كلّي للعقوبات الأمريكية على سوريا، لا سيما وأن تصريحات الحكومة الجديدة في سوريا، تُعتبر مطمئنة للإدارة الأمريكية.

يتابع بهذا الصدد: “لا يوجد حدّية في التعامل بين الإدارتين السورية والأمريكية، على سبيل المثال: اصطفاف من قبل الحكومة السورية الجديدة مع إيران أو روسيا أو إعلان محاربة لإسرائيل… القضايا الأخرى مثل حقوق الإنسان أعتقد أنها تأتي كأولوية ثانية للولايات المتحدة، لكن حتى اللحظة لا يوجد شيء مستفز بالنسبة لها، ويبدو أن الطرفين سيبقيان متعاونين إلى حدّ ما”.

أما في حال الإبقاء على العقوبات الأمريكية فلن يكون هناك إعادة إعمار في سوريا، وفقًا لتركاوي، لأن: “الولايات المتحدة تؤثر على كل الدول الأخرى، كالبلدان الأوروبية مثلًا، ورأينا أن النظام السابق حاول المناورة على العقوبات في كثير من الأحيان لكنه لم يستطع القيام بأي شيء حيال تحدّيه لواشنطن والدول الغربية، ينطبق ذلك في حالة الإدارة الجديدة”.

وهو ما يذهب إليه شعار معتبرًا أنه في ظل وجود العقوبات الأمريكية ستكون عملية إعادة الإعمار شبه مستحيلة، بينما يعزو ذلك برأيه إلى أنها: “لا تسمح للقطاع الخاص السوري وغيره بالعمل، بسبب وجود عقوبات على إعادة الإعمار نفسها، وأيضًا على القطاع المصرفي الذي يشلّ الاقتصاد بشكل كامل”.

وجهة نظر الحكومة السورية

اعتبر وزير الخارجية في الإدارة السورية الجديدة، أسعد الشيباني، أن العقوبات الاقتصادية هي أبرز معوق للمرحلة المقبلة، مؤكدًا على ضرورة إلغائها بشكل كامل مع سقوط النظام السابق فقد، “تحولت من مفروضة لصالح الشعب السوري إلى مفروضة على الشعب السوري”، بحسب تعبيره.

وأضاف بهذا الصدد أن، “الاستثناءات من بعض العقوبات لا تلبي طموحات وأحلام الشعب السوري بأن تكون سوريا بلدًا تنمويًا ومتقدمًا وحضاريًا”.

إعفاءات أمريكية سابقة:

    على خلفية انتشار فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، أصدرت الإدارة الأمريكية، في نيسان/أبريل 2020، استثناء من العقوبات الاقتصادية كي لا تحد من قدرة سوريا على تلقي الدعم اللازم من المجتمع الدولي، وأكدت وزارة الخزانة الأمريكية التزام واشنطن بضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع الدول التي تحتاج إلى دعم طبي وإنساني، بما فيها الدول المشمولة بالعقوبات.

    عقب زلزال 6 من شباط/فبراير 2023 المدمّر، الذي ضرب أجزاء من سوريا وتركيا، أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية قرارًا يقضي بإعفاء سوريا من العقوبات المفروضة بموجب “قانون قيصر”، لمدة ستة أشهر لجميع المعاملات المتعلقة بالاستجابة للزلزال.

شروط أمريكية لرفع العقوبات

أعلن رئيس لجنة السياسة الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، جيم ريش، في 13 من شباط/فبراير الحالي، عن قائمة من أربع نقاط تتوقعها واشنطن من الحكومة الانتقالية في سوريا قبل رفع العقوبات.

تضمنت: “القضاء على النفوذ الروسي والإيراني داخل البلاد، تقديم أدلة على أن الحكومة المؤقتة لن تسمح لسوريا بأن تصبح منصة إطلاق لهجمات إرهابية ضد الولايات المتحدة وشركائها، تدمير مخزون نظام الأسد من الكبتاغون، معرفة مصير المواطنين الأمريكيين الذين اعتقلهم نظام الرئيس السابق بشار الأسد، بما في ذلك الصحفي أوستن تايس”.

وأضاف في جلسة استماع للجنة حول سوريا ما بعد الأسد: “الوقت هو جوهر المسألة.. دعونا نرى كيف ستتصرف الحكومة المؤقتة الجديدة، وإذا حدث ذلك، فسوف نستمر في رفع تلك العقوبات”.

وفي شهادته أمام اللجنة، أكد الزميل البارز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط، مايكل سينغ، أنه حتى مع استئناف المساعدات، فإن تخفيف العقوبات هو “الأداة الأكثر قوة” التي تمتلكها واشنطن في تعزيز الاقتصاد السوري المتعثر.

وعلى مدار سنوات، تسببت العقوبات الأمريكية التي تستهدف قطاعات كاملة من الاقتصاد السوري وجميع البنوك الكبرى، بهبوط قيمة الليرة السورية لمستويات قياسية، وارتفاع معدلات التضخم، وبين عامي 2019 و2021، ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية في سوريا بنسبة 800%، وفقًا لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة.

الترا سوريا

——————————–

السيادة السورية.. بين من يدّعون الدفاع عنها ومن ينتهكونها/ رائد وحش

تحديث 20 شباط 2025

لطالما استخدمت القوى الكبرى مصطلح “احترام السيادة” كأداة سياسية تخدم مصالحها، حيث نراها تدعو إلى احترام سيادة بعض الدول بينما تتدخل عسكريًا أو اقتصاديًا في دول أخرى.

وفي الحالة السورية، لا تختلف الصورة كثيرًا، فقد تدخلت الولايات المتحدة وروسيا وتركيا وإيران بأشكال مختلفة. ومع ذلك، يتحدث كل طرف عن احترام سيادة سوريا وفقًا لرؤيته الخاصة.

إذا كان احترام السيادة فعلًا من أولويات المجتمع الدولي، فلماذا يتم تقاسم قوى متعددة مناطق نفوذ داخل سوريا دون استشارة السوريين أنفسهم؟ ولماذا تُبقي بعض الدول قواتها العسكرية هناك، بينما تدعو في العلن إلى إنهاء التدخلات الأجنبية؟

من عادة الدول ألا تبالي بسيادة بعضها بعضًا، لكن سيادة سوريا تبدو مسألة متفقًا عليها من الجميع، ذلك أن هذه السيادة حين تعرضت للمساس من قِبَل دول مختلفة، كانت النتيجة اضطرابًا ارتد على جزء كبير من العالم، سواء من خلال انتشار الإرهاب، ممثلًا في تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، أو في موجات اللاجئين التي ضربت عددًا من البلدان الأوروبية.

من هنا، باتت دول المنطقة والعالم تكرر عبارة “سيادة سوريا” أكثر بكثير مما تفعل سوريا نفسها. فكل القوى التي تريد فرض سيطرتها وأجندتها تتحدث عنها.

ومؤخرًا، في مؤتمر باريس، شدد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على ضرورة احترام سيادة سوريا، وأضاف: “لهذا ندعو إلى وقف إطلاق النار في جميع الأراضي السورية، بما في ذلك الشمال والشمال الشرقي، وإلى إنهاء التدخل الأجنبي في الجنوب”.

وقال ماكرون إن فرنسا: “مستعدة لبذل المزيد من الجهود لمحاربة الجماعات الإرهابية في سوريا”، مضيفًا أنه: “لا ينبغي أن تشهد سوريا عودة جماعات تابعة لإيران”.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر دبلوماسية، خلال انعقاد مؤتمر باريس، أن المؤتمر: “يهدف إلى التركيز على حماية سوريا من التدخل الأجنبي المُزعزع للاستقرار، وتنسيق جهود الإغاثة، وإرسال رسائل إلى الحكومة السورية الجديدة”.

تصلح تصريحات ماكرون لتكون مثالًا على النظرة الدولية إلى سيادة سوريا، بوصفها خلاصًا للآخرين من عبئين رئيسين، هما: اللجوء والإرهاب.

ومثله فعل المبعوث الإيراني، محمد رضا رؤوف شيباني، المبعوث الخاص لوزير الخارجية الإيراني للشأن السوري، في محادثات أجراها في موسكو، إذ أكد أن إيران تحافظ على تواصل غير مباشر مع دمشق، حيث تتلقى رسائل بهذا الشأن وتتابع المستجدات بدقة لاتخاذ القرار المناسب في الوقت الملائم.

كما شدّد على أن طهران تراقب تطورات الأوضاع في سوريا عن كثب، وأن أي خطوة ستُتخذ بناءً على تقييم دقيق للواقع.

وأوضح أن إيران ترى أن مستقبل سوريا يجب أن يقرره شعبها، مع ضرورة مشاركة جميع القوى السياسية بعيدًا عن التدخلات الخارجية. وأن استقرار سوريا وسلامها يمثلان أولوية خاصة لإيران، مع التشديد على رفض أي تدخل أجنبي في شؤونها الداخلية.

أما وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، فنادى بضرورة التعاون لدعم استقرار سوريا ووحدة أراضيها، في حين لا تزال القوات الأميركية منتشرة في مناطق شمال شرقي سوريا، حيث يقول البنتاغون إن المهمة العسكرية في سوريا هي إضعاف تنظيم “داعش”، ودعم الشركاء المحليين العاملين هناك، في إشارة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تتولى دورًا رئيسيًا في هذا المجال، وهو ما يعد تدخلًا وانتهاكًا للسيادة الوطنية.

في حين ذهب وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إلى الحديث عن ضرورة ضمان وحدة أراضي سوريا وسيادتها السياسية، وتشكيل حكومة شاملة في المرحلة الجديدة. في المقابل تعزّز القوات التركية وجودها شمالي البلاد.

لم يعد الحديث عن السيادة السورية مجرد تعبير عن موقف سياسي، بل هاجسًا دوليًا مرتبطًا بالأمن الإقليمي وقضايا اللاجئين والإرهاب.

من الواضح أن السيادة السورية لم تعد مسألة تخص السوريين وحدهم، بل أصبحت محورًا لنقاش عالمي تحكمه المصالح السياسية والأمنية. ويكشف الواقع عن تباين واضح بين الأقوال والأفعال. فكل قوة دولية أو إقليمية تدعي دعم سيادة سوريا، لكنها في المقابل تسعى إلى تعزيز نفوذها وحماية مصالحها الخاصة داخلها، وتحاول أن تتحكم في مسار الأحداث داخل البلاد، حتى أصبحت هذه “السيادة” ورقة تفاوضية وأداة لإعادة ترتيب النفوذ الإقليمي.

ومن هنا فإن السؤال الذي يجب أن يُطرح هو: متى تتحول السيادة السورية من مجرد ورقة ضغط تستخدمها القوى الإقليمية والدولية إلى واقع يقرره السوريون بأنفسهم؟

الترا سوريا

———————

حي جوبر الدمشقي.. أرض بلا معالم

تحديث 20 شباط 2025

صُدم الكثير من سكان حي جوبر الدمشقي العائدين إلى بيوتهم بعد سقوط نظام الأسد، باختفاء معظم معالم الحي بعد أن سُوّيت أجزاء كبيرة منه بالأرض أو تعرضت للدمار.

ولجأ الآلاف من سكان الحي إلى خارج البلاد أو مخيمات الشمال السوري، أو اضطروا للنزوح إلى المناطق القريبة التي كان يقع بعضها تحت سيطرة النظام السابق.

وتتأرجح أحلامهم بين إعادة ترميم منازلهم المدمرة، الفكرة التي تبدو مستحيلة، أو انتظار مشاريع إعادة الإعمار، دون أي وعود رسمية من الإدارة الجديدة في دمشق حتى هذه اللحظة.

وكان حي جوبر أحد الأحياء الأولى التي احتضنت مظاهرات الريف الدمشقي عام 2011، وقد هتف المتظاهرون يومها بإسقاط النظام أثناء توجههم إلى ساحة الأمويين، لكن سرعان ما قابلهم رجال الأمن بإطلاق النار والغاز المسيل للدموع مما أوقع قتلى وجرحى في صفوفهم.

الحي قبل الثورة

واشتهر الحي بوصفه سوقًا حيويًا لكثرة المحلات التجارية فيه وتنوعها، واشتهر بعدة صناعات حرفية، منها النقش على النحاس والنجارة بكافة أنواعها، وتجارة الأخشاب، ومعامل تلبيس الذهب والفضة، ومعامل الألبسة.

ويعتبر الحي، وفق ما قاله بعض المؤرخين، المكان الثاني لليهود في دمشق، إذ يوجد وسطه أقدم كنيس يهودي في العالم يحتوي على أقدم نسخة توراة معروفة.

ويوجد في الحي حمام عام يسمى “الحمام القديم” ويعود تاريخ بنائه إلى العهد التركي، ويضم الحي العديد من المساجد أيضًا والمقامات، أشهرها مسجد جوبر الكبير الذي بجانبه “مقام” الأصمعي عالم اللغة العربي المشهور.

ويقع حي جوبر شمال شرقي دمشق على بعد سبعة كيلومترات من القصر الجمهوري الرئاسي، وهو من أقرب الأحياء إلى ساحة العباسيين بدمشق، وملاصق لمنطقة الزبلطاني القريبة من أحياء باب توما والقصاع، وتبلغ مساحته كيلومترين وثمانمئة وستين مترًا.

الحي أيام الثورة

يحتل حي جوبر مكانة خاصة في قائمة الأمكنة السورية عند استذكار بدايات الثورة السورية، ثم مراحل تحولها القسري إلى كفاح مسلح، قبل انتهائها إلى حرب طاحنة لأسباب كثيرة.

ومن أهم الأسباب التي تعطي للحي هذه المكانة، هو وقوفه مع الثورة منذ بداية انطلاقتها تقريبًا، ثم تحوّل الحي بعد ذلك إلى خطّ المواجهة الأكثر تقدمًا وحصار الحي لفترة طويلة. إضافةً إلى تعرضه لأعلى كثافة قصف على رقعة جغرافية واحدة، بالطيران والصواريخ والمدفعية والدبابات، والكيمياوي أيضًا.

وشهد حي جوبر معارك عنيفة بين الفصائل وقوات النظام السابق، على مدى سنوات منذ عام 2011، إلى أن تمكنت قوات النظام السابق من بسط سيطرتها على الحي عام 2018، بعد أن وقعت روسيا اتفاقية “تسوية” مع فيلق الرحمن، خرج بموجبها مقاتلو الغوطة الشرقية إلى الشمال السوري.

قبل السقوط بعدة أشهر

بعد السيطرة الكاملة للنظام السابق على حي جوبر عام 2018، بدأت شركات تابعة له بعملية هدم واسعة النطاق لمباني الحي.

ولم يقتصر الهدم على المباني المتضررة جراء القصف فقط، بل شمل أيضًا مباني سليمة لم تتعرض للأضرار، حيث تم استخراج الحديد ومواد البناء الأخرى من هذه المباني لإعادة تدويرها وبيعها.

وقبل السقوط بعدة أشهر، صرح مصدر في محافظة دمشق، أن أهالي حي جوبر الدمشقي لن يعودوا إلى منازلهم بسبب الوضع الإنشائي غير الآمن، على حسب قوله آنذاك، مشيرًا إلى أن المنطقة مشمولة بالمخطط التنظيمي.

وكان هذا المخطط، الذي شمل حي جوبر والمناطق المحيطة مثل القابون وعربين وعين ترما ومسجد الأقصاب أحد أشكال استكمال سياسة النظام السوري السابق التي كانت تهدف إلى الاستيلاء على أملاك السوريين العقارية، وذلك وفق تقرير صادر عن منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”.

تحديات العودة

يواجه سكان الحي تحديات كبيرة تعيق عودتهم، أبرزها الدمار الواسع وغياب الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء، إضافةً إلى عمليات السرقة والنهب التي طالت المنازل والمرافق العامة خلال فترة سيطرة النظام بشكل كامل على الحي.

وتظهر عملية تحليل صور الأقمار الصناعية للحي بين عامي 2010 و2024 حجم الدمار واسع النطاق، مما يعكس تحول الحي بشكل شبه رسمي إلى منطقة غير صالحة للسكن.

ويرى سكان جوبر أن العائق الأكبر يتمثل في اضطرارهم للبدء من الصفر، إن هم عادوا. وفي حال قاموا بذلك، هل سيكون هناك مخطط عمراني حديث يدمر مرة جديدة كل ما بنوه؟ خصوصًا أن مدينتهم متاخمة للعاصمة.

————————

أصبح الدخول إليها حلمًا للكثيرين.. فواتير باهظة في مطاعم دمشق بذريعة الضرائب

تحديث 20 شباط 2025

تذمر بشار الشيخ (45 عامًا) بعد خروجه من أحد المطاعم في حي باب توما الدمشقي، وذلك بعد دفعه فاتورة باهظة لغداء مع عدد من أصدقائه، معتبرًا أن الأسعار خيالية ولا تناسب حياة السوريين تمامًا.

الشيخ طلب 4 وجبات متوسطة مع القليل من المقبلات وأكوابًا من الشاي ونرجيلة، لكنه تفاجأ بأن الفاتورة كانت نحو مليون ونصف ليرة سورية، أي ما يقارب 150 دولارًا، ما يعادل راتب موظف أو عامل لمدة ثلاثة أشهر.

وقال في حديث لموقع “الترا سوريا” إن: “نفس الطعام وبأكثر جودة ولنفس الأشخاص تكلف 50 دولارًا في إدلب وشمال حلب، مع أن رواتب العاملين في المطاعم هناك أضعاف رواتب عمال المطاعم والمقاهي في دمشق”.

واشتكى معظم القادمين من المحافظات السورية، أو حتى القادمين من خارج سوريا، من أن أسعار المطاعم والمقاهي في العاصمة دمشق قد وصلت في بعض الأحيان إلى أن تكون أغلى من عواصم أوروبية مشهورة بغلائها.

وعلى سبيل المثال، بلغت فاتورة عشاء مع مشروبات غازية لـ18 شخصًا، في أحد المطاعم الدمشقية، ما يقارب 950 دولارًا أميركيًا، ما يعني أن تكلفة عشاء الشخص الواحد تجاوزت 50 دولارًا أميركيًا، رغم أن العشاء ليس فاخرًا بما يكفي.

وقارن الكثير من السوريين الأسعار في دمشق بتلك السائدة في شمال سوريا، حيث إن أسعار العاصمة تكون مضاعفة بنسبة 3 أو 4 أضعاف، على الرغم من أن أجور العمال في هذه المطاعم لا تتجاوز 50 دولارًا، على عكس أجور العمال شمال سوريا.

يؤكد أيمن الأخرس، وهو تاجر سوري في إفريقيا قدم إلى دمشق مؤخرًا، أن الأسعار في مطاعم دمشق تفوق أحيانًا أسعار مطاعم زارها في دبي والقاهرة، على الرغم من أن الطعام ليس بالجودة الكافية كما هي الأسعار.

ويقول إن: “كيلو اللحم من الخروف المشوي أو اللحم بعجين يصل سعره إلى 55 دولارًا، بينما يبلغ سعره في إدلب مشويًا 17 دولارًا، على الرغم من أن سعر الخراف موحد تقريبًا في كل الأراضي السورية بعد تحريرها من نظام الأسد”.

ويضيف أن هذه الأسعار غير منطقية وهي بحاجة إلى رقابة فورية من الحكومة لأنها تحقق مكاسب لأصحاب المطاعم على حساب الزبائن، وعلى حساب العمال الذين يتقاضون أجورًا زهيدة، الأمر الذي يحرم الطبقة المتوسطة من زيارة المطاعم والمقاهي.

في المقابل، أعاد كثيرون من أصحاب المطاعم الغلاء إلى الضرائب الجمركية، وكذلك ارتفاع أسعار السلع وعدم قدرتهم على جلبها من شمال سوريا بسبب ارتفاع تكاليف الشحن.

وأكد كثيرون ممن التقيناهم أن عدم توفر الكهرباء والحاجة إلى جلب مصادر كهرباء عبر ألواح الطاقة والأمبيرات ترفع من التكاليف، ناهيك عن أجور المحال والمواد المستوردة من الخارج.

غازي المحمد، صاحب مطعم في منطقة الصالحية في العاصمة دمشق، يشير إلى أن معظم البضائع باتت تُباع في السوق الحرة وبتكاليف عالية فوق الأسعار بالشمال السوري بضعفين، وذلك بسبب قرب الشمال السوري من تركيا ما، يخفف من التكاليف.

وأضاف أن: “استئجار المطعم أو المقهى في حي راقٍ في دمشق، إضافةً إلى جلب الكهرباء، يكلف شهريًا مبالغ طائلة، بالإضافة إلى أجور وعملية الطهي على الغاز، والتي ارتفع سعرها عدة أضعاف”. وتابع: “هناك أيضًا ارتفاع في أجور نقل البضائع بسبب ارتفاع أسعار الديزل والضرائب المفروضة من الحكومة، وهذه الأمور جميعًا تتسبب في ارتفاع أسعار الفواتير على الزبون”.

ولفت إلى أن تشغيل الكهرباء لـ10 ساعات يوميًا من قِبل الحكومة وتخفيف جمركة البضائع وتخفيف الضرائب المفروضة، كلها ستساهم في تخفيف الأسعار على الزبائن إلى النصف خلال وقت قريب.

واعتبر خبراء اقتصاديون أن الأسعار في المدن التي كان يحكمها النظام السابق، وخصوصًا دمشق، لا تتناسب إطلاقًا مع حجم دخل الفرد، حيث إن راتب عامل في مطعم شعبي لمدة شهر كامل يساوي كيلو لحم مشوي يُقدَّم للزبائن.

الخبير الاقتصادي أسامة العبد الله يؤكد أن معدل التضخم ارتفع بشكل لا يُصدق في الآونة الأخيرة، ما تسبب بارتفاع جنوني للأسعار بعد سقوط النظام، حيث إن أصحاب المطاعم والمقاهي والمحال التجارية يضعون هامشًا كبيرًا للربح خوفًا من تبدُّل الأسعار اليومية، خصوصًا أن الليرة ارتفعت أمام الدولار الأميركي ثم عادت للانخفاض.

وأوضح في حديث لموقع “الترا سوريا”: “حسب معاينتي لعمليات البيع والشراء، فإن معظم البائعين ما زالوا يحسبون الأسعار على 15 ألف ليرة سورية مقابل الدولار الواحد، في حين أن الليرة و،صلت قبل أيام إلى 8 آلاف ليرة مقابل الدولار الواحد، وهذا الأمر هو استغلال واضح لغياب الرقابة من قِبل وزارة التموين”.

يُشار إلى أن أجور العمال في مدينة دمشق تتراوح ما بين 400 ألف ليرة سورية إلى مليون سورية، أي ما بين 40 دولارًا إلى 100 دولار شهريًا، وهو مبلغ لا يكفي إلا لعدة أيام، حيث يعتمد معظمهم على البقشيش لتحقيق مصدر دخل إضافي لتدبُّر أمور المعيشة.

——————————

حوار| رهادة عبدوش: يجب الاستفادة من تجارب الآخرين لكن لا يمكن نسخها حرفيًا

تحديث 20 شباط 2025

تحظى مسألة العدالة الانتقالية بأهمية وحساسية كبيرتين في السياق السوري الراهن. فإغلاق الحقبة الأسدية السوداء، وإعادة السلم الأهلي، ووحدة المجتمع والمصالحة الداخلية، تتطلب إجراءات استثنائية تتجاوز قدرة مؤسسات العدالة “العادية”، وهو ما يجعل الحديث عن العدالة الانتقالية ملحة.

لكن كيف تستطيع سوريا تطبيق هذه الإجراءات في واقعها الراهن؟ ما الذي تحتاجه العدالة الانتقالية من الدولة والمجتمع؟ وما هي التجارب التي يمكن استلهامها؟ حول هذه الأسئلة وغيرها تجيبنا المحامية رهادة عبدوش.

ــــــــــــــــــــــــــــــ

    كيف يمكن لسوريا اليوم أن تتبنى نموذجًا فعالًا لتحقيق العدالة دون السقوط في فوضى الانتقام أو إفلات الجناة من العقاب؟

لكل دولة خصوصيتها وطريقتها ومشاكلها التي يمكن حلها حسب المجتمع والمعطيات على الأرض، لذلك يمكن الاستفادة من تجارب الدول التي مرّت بالثورات أو الصراعات أو الحروب الأهلية، لكن لا يمكن العمل بطريقة واحدة أو العمل وفق تجربة محدّدة.

الحل في سوريا يحتاج عدة أساليب قد تختلف من مدينة إلى أخرى باختلاف المكونات وحسب درجة التورط في استخدام السلاح، وحسب المناصب كذلك.

التعويض المالي، المكاشفة، الاعتراف بالجرائم من قبل مناطق معينة ومعروفة بغض النظر عن طائفة ما، إعادة الأموال لأصحابها، إعادة العائلات إلى بيوتها أو تعويضهم بأماكن سكن كريمة، وعمل لائق ومحترم. والحوار على عدّة مستويات:

    حوارات حقيقية بعيدة عن الإعلام والتسييس وبوجود مختصين بعلم المجتمع والنفس وبمفاهيم العدالة والقانون.

    حوار بين النساء من مختلف المناطق التي شهدت اقتتالًا طائفيًا، وهن نساء عايشن ظروف الاعتقال والخطف والإخفاء، ويمكنهن شرح ما حدث معهنّ أيضًا بعيدًا عن الخوف من الفهم الخاطئ والضغط المجتمعي، ويمكن الخروج بتوصيات وأفكار وعرضها ودراستها.

    حوار بين الشباب بعمر الـ 15-30 وهم الذين عانوا كأطفال وفهموا الأفكار بطريقتهم، يجب الحوار والإصغاء واستخراج التوصيات التي ستنتج عن تلك اللقاءات.

    حوار بين المقاتلين من أطراف مختلفة وهؤلاء المقاتلون يمكن شرح تخوفاتهم وأفكارهم ودراستها، وهذا أيضًا سيخرج بأفكار جديدة يمكن فهمها وطرحها.

ثم جمع كل تلك الأفكار والتوصيات وإيصالها إلى لجنة الحوار الرسمية. هذه المرحلة ستحتاج وقتًا طويلًا ليبرز السؤال: هل ستنتظر أسر الضحايا وقتًا طويلًا لتأخذ حقّها، وهل يمكن هروب العديد من المتورطين بدماء الشعب السوري؟

هنا يجب العمل بشكل متوازٍ: الوصول إلى أسماء المتورّطين قبل وصول الناس إليهم، وإيداع المتورطين في السجون ريثما تنتهي عمليات التحقيق معهم، والبحث بالادعاءات الشخصية لتتم محاكمتهم وفق القانون، واستخدام المعايير الدولية في محاسبتهم.

    هل تعتقدين أن سوريا ستحتاج إلى “لجنة حقيقة ومصالحة” على غرار جنوب إفريقيا، أم أن هناك حاجة لمحاكمات مباشرة؟

تحتاج سوريا للعمل على الشقين معًا، الحقيقة والمصالحة، بالتوازي مع المحاكمات لكن بعد التحقيق والإثبات من خلال الأدلة والشهود وعدم إغفال كبار القادة الذين أمروا واستباحوا البلاد وتاجروا بالشعب.

    كيف يمكن معالجة مسألة “تورط قطاع كبير من المؤسسات المدنية والأمنية” في الانتهاكات، كما حدث في ألمانيا بعد سقوط النازية؟

يجب حماية الوثائق وهي في الحقيقة التي تحفظ الأدلة على ارتكاب الجرائم ومن هم المرتكبون وكيفية تورطهم، من أعطى الأمر وكيف تم التنفيذ وما هي الحدود التي نفذت ضمنها الأوامر، وهنا يجب الانتباه إلى أن القادة والمنفذين يعملون بطريقة تسلسلية واضحة وهذا ما تشير إليه الوثائق التي تم العثور عليها، فلا تخلو وثيقة من توقيع وشرح لأسباب الوفاة ووضع التاريخ، وهذا إن يدل على شيء فعلى إدراك المجرمين أهمية تبرئة أنفسهم (الآمر والمنفذ والطريقة).

تتبع الخرائط والمراسلات دليلًا هامًا على المجرمين، وهنا يجب الاستفادة من تجارب دول كثيرة مثل راوندا. وهنا يبرز دور الآلية الدولية المحايدة والمستقلة في التحرك السريع لتأمين الأدلة، بما في ذلك من خلال إبرام اتفاق رسمي مع سلطات الحكومة الانتقالية للعمل بشكل قانوني وشفاف داخل سوريا. الخرائط، المواقع، السجلات، والأدلة كافة.

    في تقرير صدر مؤخرًا بعنوان “عقوبة الإعدام في القوانين السورية واستغلالها من قبل نظام الأسد للقضاء على معارضيه”، تم توثيق استخدام الإعدام كوسيلة سياسية لتصفية الخصوم. كيف ينسجم هذا مع تعريف الأمم المتحدة للقتل التعسفي والجرائم ضد الإنسانية؟

في سجون صيدنايا أظهرت الإعدامات أنها كانت لتصفية من تم تعذيبهم بطريقة وحشية، وما هذا الإعدام إلا لتغطية هذه الانتهاكات ضد الإنسان. وهذه العمليات من إعدام وإخفاء قسري لم تكن قرارات فردية، بل سياسة ممنهجة أشرفت عليها أعلى المستويات الأمنية والعسكرية في نظام الأسد. وتستوجب هذه الجرائم مساءلة قانونية دولية بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، حيث تصنف ضمن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.

ومن جهتي أعتبر أن النظام الأسدي ارتكب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب معًا لأنها ضد المدنيين والمقاتلين وليست جرائم إبادة جماعية أي ليست ضد مكون ما معين.

حيث تعرّف الجرائم ضد الإنسانية بأنها قتل المدنيين عمدًا أو إبادتهم أو تهجيرهم، أو أي أعمال غير إنسانية ترتكب ضدهم قبل الحرب أو خلالها، وكذلك أفعال الاضطهاد المرتكبة على أسس سياسية أو عنصرية أو دينية، وتختص المحكمة الجنائية الدولية بالنظر في الجرائم ضد الإنسانية في حال عجز المحاكم الوطنية عن ملاحقتها.

وتعرّف المادة الثامنة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية جرائم الحرب بأنها الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة 12 أغسطس/آب 1949، وأي فعل من الأفعال التالية ضد الأشخاص أو الممتلكات الذين تحميهم أحكام اتفاقية جنيف ذات الصلة منها: القتل العمد، التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية بما في ذلك إجراء تجارب بيولوجية، تعمّد إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة، إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والاستيلاء عليها بدون أن تكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك وبالمخالفة للقانون وبطريقة عابثة، إرغام أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية على الخدمة في صفوف قوات دولة معادية، تعمّد حرمان أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية من حقه في أن يحاكم محاكمة عادلة ونظامية، الإبعاد أو النقل غير المشروعين أو الحبس غير المشروع، وأخذ رهائن.

الترا سوريا

——————————–

تحرير سوريا يمرّ عبر “الطاقة المتجددة”… أين يبدأ الحلّ؟ وكيف؟/ لانا المصري

الخميس 20 فبراير 2025

في صباح الثامن من كانون الأول/ يناير 2024، حقّق الشعب السوري انتصاراً عظيماً على الديكتاتورية، يُمثّل تتويجاً لنضال استمرّ 13 عاماً، وانطلاقةً نحو مرحلة جديدة من الإصلاح وإعادة بناء البلاد.

أحد أهم القطاعات التي تحظى بأولوية في عملية إعادة الإعمار، قطاع الطاقة. فمن دون الوقود أو الكهرباء، لن يكون ممكناً إنعاش القطاعات الأخرى، أو توفير الحدّ الأدنى من مقوّمات الحياة الكريمة للسوريين، داخل وطنهم.

في هذا المقال، نستعرض مجموعةً من الأجوبة حول أسئلة الطاقة الأساسية في سوريا، مع الإشارة إلى الحلول الممكنة، بالأرقام والاحتمالات. 

بدايةً، علينا أن نعرف أين يتمركز السوريون، وما تأثير التوزّع السكّاني على احتياجاتهم للطاقة؟ وبحسب المصادر الأحدث، ومنها إحصائيات الأمم المتحدة، فالإجابة على النحو التالي:

10 ملايين سوري بقوا في بيوتهم ولم ينزحوا، ولكنهم عانوا من انقطاع الكهرباء، ونقص الوقود والخدمات الأساسية

6.5 ملايين سوري نزحوا من بيوتهم داخل سوريا، في مناطق مثل داريا، ضواحي دمشق، وحلب الشرقية، بالإضافة إلى أحياء كاملة في حمص أُخليت ودُمّرت تماماً.

3.5 ملايين سوري يتواجدون في تركيا.

1.5 ملايين سوري يتواجدون في ألمانيا.

2 مليون سوري موزّعون بين الأردن ولبنان.

مليون في بلاد أخرى.

هذا بالطبع بالإضافة إلى نصف مليون لا يزالون مفقودين أو مغيّبين.

البنية التحتية

بحسب دراسة أجراها الصليب الأحمر، في عام 2023، يعيش 90% من السوريين تحت خط الفقر. فقد أسفرت سنوات الحرب الطويلة عن تدمير قرابة 40% من البنية التحتية في سوريا، ما أدّى إلى محو أحياء كاملة مثل شرق حلب، وحي الخالدية في حمص، ومدينة حرستا في غوطة دمشق. وقد قُدّرت الخسائر بنحو 530 مليار دولار أمريكي.

وفقاً لتقرير نشرته صحيفة “الثورة”، عاد 115 ألف سوري إلى بلادهم خلال الأسابيع الثلاثة الأولى بعد سقوط النظام. بينما تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أنه من المتوقع عودة مليون لاجئ سوري خلال الأشهر الستة المقبلة فقط، بالإضافة إلى عدد كبير من النازحين داخل سوريا، الذين يسعون للعودة إلى مدنهم ومنازلهم التي أُجبروا على مغادرتها.

لكن هذا الخبر المفرح يعني -للأسف- أنّ عودة المهجّرين سوف تزيد من أزمة الطاقة، وتفاقم الضغط على الموارد في سوريا، وهاتان من أهم المشكلات التي يجب التعامل معها والاستجابة لها بسرعة. فما هي حالة الموارد الطبيعية في سوريا اليوم؟

النفط السوري

من ضمن الموارد الطبيعية للطاقة في سوريا، الزيت الخام (النفط)، الذي يُستخرج عن طريق آلات حفر الآبار، ويتمّ ضخّه بواسطة مضخّات ميكانيكية، ويعالَج لإزالة الشوائب، ثم يُنقل عبر خطوط الطاقة/ الأنابيب أو الشاحنات إلى المصافي (مثل مصفاة حمص أو بانياس)، أو إلى الموانئ للتصدير بواسطة سفن صهريجية. وبحسب  تقارير صحافية، تحتوي محافظة دير الزور، وحدها، على 40% من احتياطي الزيت في أكبر الحقول، مثل حقلَي العمر وتنك. وحتى قبل 2011، كان احتياطي النفط الخام المؤكد في سوريا، يُقدّر بنحو 2.5 مليارات برميل، ما يجعلها من الدول ذات الاحتياطيات المتوسطة في الشرق الأوسط. ولا توجد تقديرات دقيقة محدّثة بعد ذلك العام، بسبب تراجع عمليات التنقيب والإنتاج نتيجة النزاع.

وقد أشارت دراسة صادرة في 2023، عن “Sciencedirect”، إلى أنّ الوضع الحالي لاستخراج النفط السوري سيئ جداً، بسبب العقوبات وقلة الاستثمار والتقنيات القديمة، ناهيك عن تدمير جزء من الحقول جرّاء القصف (متل حقل العمر).

وفي حين كانت سوريا تنتج في العام 2010، نحو 400 ألف برميل، انخفض هذا الرقم في 2023، إلى 90 ألفاً، لأسباب عدة، منها العقوبات التي عرقلت قدرة النظام السابق على الإصلاح، وكذلك بسبب الصراع في شمال شرق سوريا، ولفقدان السيطرة، وفوق هذا زلزال شباط/ فبراير 2023.

مركز “ألما” الإسرائيلي للدراسات الأمنية، كان قد نشر تقريراً حول السنوات العشر الأخيرة، أشار فيه إلى أنّ سوريا خلال تلك الفترة كانت تستورد كميات تتراوح بين 50 و70 ألف برميل من النفط الخام يومياً من إيران، بالإضافة إلى قرابة 140 ألف برميل يومياً من العراق، لكن هذه الأرقام تظلّ محل تساؤل، ومشكوكاً في دقتها، نظراً إلى العقوبات المفروضة، والتي تجعل هذه الكميات الكبيرة صعبة التحقّق.

هذا ليس كل شيء، فهناك مزيد من النفط السوري، المسروق هذه المرة. في حوار أجراه في العام 2015، مع “الإيكونوميست”، أشار كبير الجيولوجيين في شركة “أفك”، يوڤال بارتوف، إلى أنّ شركته اكتشفت “مكمن نفط بإمكانات تصل إلى مليارات البراميل”، في الجولان المحتل، ما قد يشكل حافزاً مهماً لإسرائيل للبقاء على الأراضي السورية وأخذ المزيد منها. وهو ما شهدناه فور سقوط نظام الأسد.

الغاز الطبيعي ومياه الساحل غير المكتشفة

تتمركز حقول الغاز في سوريا في محافظات دير الزور وتدمر، وأيضاً في هضبة الجولان المحتل. ومعيقات استخراج الغاز الطبيعي في سوريا تشبه إلى حدّ كبير معيقات استخراج النفط، حيث يعتمد الاستخراج على تقنيات حديثة، وتقييم دقيق للحقول، هذا بالإضافة إلى أنّ الغاز الطبيعي له متطلبات خاصة بسبب طبيعته.

وكما في حالة الزيت الخام، وبرغم امتلاكها احتياطات محليةً، إلا أنّ سوريا استوردت الغاز الطبيعي من الخارج في فترات مختلفة، وجاء الاعتماد على الاستيراد نتيجةً لعوامل متعددة، تتعلق بالإنتاج المحلي، والطلب المتزايد، والبنية التحتية.

في العودة إلى ما قبل 2011، حيث كانت البلاد تنتج نحو 10 مليارات متر مكعب من الغاز سنوياً، كان معظم هذا الإنتاج يُستخدم محلياً في توليد الكهرباء، وتشغيل المنشآت الصناعية. مع ذلك كانت سوريا تستورد الغاز المصري عن طريق خط الغاز العربي الذي يمرّ عبر الأردن.

بعد الـ2011، انخفض إنتاج الغاز إلى مليارَي متر مكعب، بسبب تضرر الحقول والبنية التحتية، وسيطرة أطراف متعددة على مناطق وحقول إنتاج الغاز، كالموجودة في دير الزور وتدمر. هذا بالإضافة إلى العقوبات الدولية التي منعت تطوير القطاع. وكما في حالة النفط، اعتمدت سوريا اعتماداً كبيراً على استيراد الغاز الإيراني والروسي عبر الصهاريج، وعن طريق الموانئ في حالة الغاز المسال.

إذا نظرنا إلى خريطة حقول الغاز والنفط في البحر المتوسط، على صفحة Global Energy Monitor، سنلاحظ عدم وجود حقول بين سوريا ولبنان وقبرص، في حين تمتلك إسرائيل حقلَي “لفنتين” و”تمار”، وتعمل على تطوير 10 حقول. 

وحسب تقريرين صادرين في العامين 2007 و2011، عن مجلة “جيو أرابيا” -الممولة من أكبر شركات النفط في العالم- فهنالك احتمالية عالية لوجود مركبات هيدروكاربونية (المكوّنات الأساسية للبترول)، في مياه الساحل السوري. ويُقدَّر بأنّ المنطقة تحتوي على من 1.7 مليارات برميل من النفط، و122 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، وفي حال ثبتت هذه الأرقام، فقد تُمثّل ثلث إجمالي الموارد الهيدروكربونية في حوض المتوسط.

حسب تقرير مجلة “أويل أند جاز”، بدأت شركة “سي سي جي فيريتاس”، المدعومة من الحكومة الفرنسية، باستكشاف الموارد البحرية في سوريا في العام 2010، وتم التعاقد معها من قبل نظام الأسد، وكان هذا السبب وراء استضافة دمشق لمؤتمر الغاز والنفط الطبيعي السابع في السنة نفسها، والذي حضرته أبرز شركات النفط والغاز العالمية.

تغيّر الوضع بعد الثورة السورية، فوضعت روسيا يدها على الميناء، وفي 2015 بدأت شركة “سويوز نيفتي غاز”، الروسية للنفط والغاز، عمليات التنقيب عن النفط على الساحل الغربي لسوريا، وهو الموقع نفسه الذي قامت “سي سي جي فيريتاس” باستكشافه. واستندت هذه العمليات على اتفاقية موقعة بين سوريا وروسيا، في العام 2013، تنصّ على أن تستثمر “سويوز نيفتي غاز” مبلغاً أولياً يقارب 9 ملايين دولار.

 ما هو الوضع الحالي للبنية التحتية

بالإضافة إلى حقول النفط والغاز المذكورة، تمتلك سوريا خطوط نفط تربط حقولاً مثل العمر ورميلان بمصفاة بانياس ومصفاة حمص. وخطوط غاز تنقل الغاز من الحقول في تدمر وحمص إلى محطات توليد الكهرباء. أيضاً خطّ الغاز العربي الذي كان ينقل الغاز من مصر إلى الأردن وسوريا، لكنه توقف عن العمل في الجزء السوري.

المصافي النفطية، أو محطات التكرير، هي منشآت صناعية متخصصة في معالجة النفط الخام، وتحويله إلى منتجات قابلة للاستخدام مثل الوقود، الزيوت، والمواد الكيميائية. هدفها الأساسي، فصل النفط الخام إلى مكوناته الأساسية ثم تحسينها لتلبية احتياجات السوق. تمتلك الدولة السورية مصفاتين أساسيتين: الأولى في بانياس (طاقتها الإنتاجية تُقدّر بنحو 130،000 برميل يومياً)، والثانية في حمص (طاقتها الإنتاجية تقدّر بنحو 100،000 برميل يومياً). ومع سقوط النظام، تراجع إنتاج المصافي بشكل كبير لعدم وصول الوقود الإيراني و الروسي، ما أدى إلى وضع حرج للغاية في المصافي.

أما بالنسبة إلى الموانئ البحرية، فهناك موانئ بانياس واللاذقية وطرطوس، التي تُستخدم لتصدير واستيراد النفط والغاز. ووفقاً لتقرير من سنة 2019، لجوزيف داهر، وهو باحث سوري في علوم الاقتصاد، وقّع نظام الأسد مع الشركة الروسية “ستروي ترانس غاز”، اتفاقيةً لإدارة وصيانة ميناء طرطوس لمدة 49 عاماً، وفي عام 2017، وقّع النظام مع الشركة الروسية “جلوجيستيك”، عقداً لصيانة واستخراج الفوسفات في البادية السورية وصناعة الأسمدة مع إعطاء سوريا 30% من الأرباح. حسب المصادر فقد ألغت الحكومة السورية الانتقالية هذه الاتفاقيات. فما هو وضع خطوط الطاقة والدور الذي يمكن أن تلعبه سياسياً؟

خطوط الغاز والنفط هي شبكة أنابيب مصممة لنقل الوقود الأحفوري (النفط الخام، الغاز الطبيعي، المنتجات البترولية)، من أماكن الإنتاج إلى محطات التكرير، فالتوزيع، أو الاستهلاك. تُصنع عادةً من الفولاذ أو البولي إيثلين عالي الكثافة. تحتوي على صمامات التحكم في التدفق، ومحطات ضخّ وضغط لدفع الغاز أو النفط مسافات طويلة، ونظام مراقبة لمراقبة الضغط والكشف عن التسربات. غالباً تكون الأنابيب مدفونةً تحت البحر لحمايتها وتقليل المخاطر وبعضها يمتد تحت البحر.

خط الغاز العربي

دخل خط الغاز العربي، الخدمة في عام 2003، لربط مصر، الأردن، سوريا، ولبنان، بالغاز الطبيعي. واكتمل بناؤه وتم توصيله بين الأردن ومدينة حمص السورية، لكنه لم يصل إلى لبنان. وحالياً، تضخّ مصر وإسرائيل الغاز عبر هذا الخط فقط لتلبية احتياجات الأردن، مع غياب أي تبادل بين سوريا والأردن منذ عام 2012.

هناك خطة لإعادة تأهيل خط الغاز العربي وتوسيعه ليشمل حقول الغاز في شمال شرق سوريا، وربطه بتركيا ولبنان. مثل هذا المشروع سيعود بالفائدة على جميع الأطراف، ما يتيح تنوعاً في مصادر الطاقة ويعزز التعاون الإقليمي.

وبحسب تقرير كريم الجندي، الباحث في شؤون الاستدامة وسياسات المناخ، تركيا تمتلك 7 خطوط أنابيب غاز طبيعي منها خط الغاز الطبيعي العابر للأناضول (تاناب) الذي يربط أذربيجان بأوروبا. وتمتلك أيضا 5 موانئ لاستقبال الغاز المسال ( إل إن جي)، و5 منشآت للتخزين، ما يجسّد طموحاتها لتوسيع دورها كمركز طاقة إقليمي. من بين هذه الطموحات، تطمح تركيا إلى الاتصال بخطّ الغاز العربي لتعزيز تدفق الغاز إلى أوروبا.

خط قطر-تركيا

بالنسبة إلى خطّ الغاز الذي كان يرمي إلى ربط قطر بتركيا، فكان يُفترض أن يبلغ طوله 1،500 كم بكلفة تفوق الـ10 مليارات دولار، وقد بدأ الحديث عنه في عام 2008، وتم عرضه على بشار الأسد، لكنه قوبل بالرفض، ربما بسبب ضغوط روسية، إلا أنّ السبب الحقيقي وراء الرفض غير واضح تماماً، وتوقّف المشروع بعدها.

وتشير تقارير إلى أنّ احتمالية تنفيذ هذا الخط اليوم ضئيلة نظراً إلى عدم الاستقرار في المنطقة، واعتماد أوروبا المتزايد على الغاز المسال الذي يتم نقله عبر السفن، ومن المحتمل أن يكون جزء كبير من الغاز القطري قد تم تخصيصه للتصدير كغاز مسال لعقود قادمة، بالإضافة إلى توقع انخفاض استهلاك أوروبا للغاز، بحلول عام 2030.

مع ذلك، وبحسب تصريح صادر عن وزير الطاقة التركي، ألب أرسلان بيرقدار، فقد أعرب عن اهتمامه بإعادة فتح ملف هذا الخط بين قطر وتركيا، ودعم البلدين لسوريا. في الوقت الحالي يظهر أنّ هناك اهتماماً بتفعيل هذا المشروع.

إلا أنّ تنفيذ هذين المشروعين قد يؤدي إلى منافسة مباشرة مع خط الغاز “إيست ميد”، الذي يخطَّط لأن يربط إسرائيل بقبرص وأوروبا، وهو الذي تعارضه تركيا معارضةً شديدة لأنه يمرّ بمياهها. كما سيخفّض عائدات قناة السويس، بسبب تراجع عبور السفن القطرية.

خط كركوك-بانياس

خط كركوك-بانياس، الذي كان غير فعّال منذ ثمانينيات القرن الماضي، بسبب الحروب والعقوبات والمشكلات الأمنية، عاد إلى دائرة الاهتمام بعد سقوط نظام بشار الأسد. ظهرت دعوات بحسب تقرير من كانون الثاني/ يناير هذه السنة من مجلة “بايب لاين جورنال” لإعادة بناء هذا الخط، خاصةً من الخبراء العراقيين، الذين يرون فيه فرصةً إستراتيجيةً لتعزيز تصدير النفط العراقي إلى أوروبا عبر البحر المتوسط.

يمثّل هذا المشروع جزءاً من جهود العراق لتوسيع منافذ تصدير النفط، والتقليل من الاعتماد على موانئ تركيا، مثل ميناء جيهان، مع السعي للوصول المباشر إلى الأسواق الأوروبية. إعادة تأهيل الخط قد تساهم في تنويع مسارات تصدير النفط وتقليل الاعتماد على البنية التحتية الحالية في تركيا.

برغم الاهتمام المتزايد، يواجه مشروع إعادة بناء خط كركوك-بانياس، تحديات كبيرةً، تشمل تدهور البنية التحتية، نقص التمويل، وعدم استقرار الأوضاع السياسية. ومع ذلك، في حال تنفيذه، سيشكل هذا المشروع خطوةً إستراتيجيةً للعراق لتوسيع أسواق تصديره النفطية، بالإضافة إلى تقديم دعم اقتصادي مهم لسوريا.

ما هي حالة الشبكة الكهربائية؟

سوريا تمتلك محطات عدة لتوليد الطاقة الكهربائية، موزعة في الرسم التوضيحي أدناه، وتعتمد في إنتاجها بنحو 40% على الغاز الطبيعي، و60% على الوقود، مثل محطة تشرين في ريف دمشق (100 ميغاواط)، محطة ريف حمص (1،000 ميغاواط)، محطة بانياس (680 ميغاواط). كما تعتمد بعض المحطات على الطاقة الكهرومائية مثل محطة سدّ الفرات (800 ميغاواط)، بحسب خريطة “غلوبال إينرجي مونيتر” لمحطات الغاز والنفط لإنتاج الكهرباء.

الميغاواط هي وحدة قياس للطاقة الكهربائية أو القدرة الكهربائية، وتعادل مليون واط. تُستخدم عادة لقياس القدرة الإنتاجية لمحطات توليد الكهرباء أو استهلاك الكهرباء في شبكات كبيرة.

وبحسب تقرير من مجلة “ساينس دايركت”، صادر في سنة 2023، فقد كان استهلاك الشخص في سوريا في العام 2010، يعادل 1،960 كيلو واط/ ساعة، لينزل الاستهلاك تدريجياً حتى وصل إلى أصبح 761 كيلو واط/ ساعة في سنة 2020، ولغرض المقارنة يقدّر استهلاك المواطن في الأردن سنة 2022، بـ1،786 كيلو واط/ ساعة، حسب الوكالة الدولية للطاقة.

قبل 2011، كانت سوريا تستورد كهرباء من الأردن وتصدرها إليه، ولكن هذا الاستيراد انقطع تماماً بسبب العقوبات، وأصبح استيراد وتصدير الكهرباء مقتصراً على إيران ولبنان. مع العلم أنّ سوريا مرتبطة بجميع جيرانها بخطوط 400 و230 كيلو فولت (كما في الرسم التوضيحي أدناه)، بينما تزوّد خطوط لشركة “أي كي إينرجي” التركية مناطق المعارضة الشمالية. وهذا العزل الكهربائي أضعف موقف سوريا جداً، وجعلها بحاجة ماسّة إلى المساعدات.

وتعمل شركة “كارباورشيب” التركية، حالياً، على إعداد تقرير تحليلي للشبكة الكهربائية السورية، والذي من المتوقع أن يكون جاهزاً خلال الأسابيع المقبلة. أما في الوقت الحالي، فتزوّد تركيا سوريا بالكهرباء عبر خطوط التمديد وعبر المحطات الكهربائية العائمة، والمعروفة باسم “السفن الكهربائية”، بحسب تقرير المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء السورية، وتقرير “العربي الجديد”. فعلى مدى السنوات الخمس الماضية، واصلت تركيا دعم المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة في شمال سوريا من خلال توفير الكهرباء، كما جاء في تقرير من 2021، في صحيفة “الشرق الأوسط”.

تعرّضت الشبكة الكهربائية السورية، لدمار هائل في السنوات الـ13 الأخيرة، لأنّ المحطات والخطوط الكهربائية تم استهدافها، بينما قُطعت الإمدادات، بالإضافة إلى تدهور الخدمات بسبب الانقطاع المتكرر للكهرباء والضغط على الإمدادات التي ظلّت في الخدمة، ناهيك عن نقص الصيانة والاستثمار.

وبحسب تقرير صحيفة “صدى”، في تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي، فإنّ 50% من الشبكة السورية دُمّرت، وبحسب تقرير مجلة “ذا سيريا ريبورت”، من آذار/ مارس 2022، فقد كانت هناك مشاريع لبناء محطات كهرباء جديدة من قبل شركات روسية، ولكنها توقفت. فما هي الحلول قصيرة الأمد (في الأشهر القادمة) لتوفير الحدّ الأدنى من الطاقة للمواطن السوري؟

اعتمدت سوريا اعتماداً كبيراً على إيران وروسيا في تلبية احتياجاتها من الطاقة المحلية، والآن بعد سقوط نظام الأسد وتحقيق هذا الإنجاز التاريخي، يحتاج الشعب السوري إلى دعم كبير لأجل النهوض، وليبدأ مسيرته في بناء وطن جديد. لذا فعلى الإدارة السورية الجديدة، العمل على النقاط التالية:

محاولة رفع العقوبات الدولية التي تعيق تطوير قطاع الطاقة، والمفروضة على استيراد التكنولوجيا والمعدّات اللازمة لتوليد الطاقة، بالإضافة إلى القيود المالية التي تعرقل الاستثمار والتمويل. وحتى لحظة إعداد هذا التقرير، كان هناك تخفيف على بعض القيود على المواد والمعدّات اللازمة لإعادة الإعمار، مع السماح بتوفير الوقود والمشتقّات النفطية للأغراض الإنسانية. وفي هذه المصادر، يوجد شرح مبسط للعقوبات المفروضة من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، مع التذكير بوجود عقوبات من دول أخرى مثل بريطانيا وكندا.

إصلاح الطرق البرّية الأساسية والموانئ لضمان سلامة الشحنات من الوقود وسلامة السفن الكهربائية، مثل السفينة القطرية والسفينة التركية اللتين ترسوان في ميناء طرطوس واللاذقية، ويفترض أن تساهما في إمداد سوريا بـ800 ميغاواط.

العمل على خلق علاقات دبلوماسية قوية لضمان دخول الوقود والكهرباء، والاستثمار في البنية التحتية. مع العلم أنّ سوريا يمكنها أن تكون صلة وصل بين البلاد المجاورة عبر تمديدات خطوط الغاز وخطوط الكهرباء، وأن تكون ذات منفعة لهم بمكانتها الإستراتيجية.

تأمين الوقود لمحطات الكهرباء، وذلك سيكون غالباً عن طريق شحنات في البحر المتوسط من تركيا وقطر والعراق، ومن الوارد من السعودية. فبحسب مقالين لمركز “ألما” للبحوث الإسرائيلية، و”العربي الجديد”، في كانون الأول/ ديسمبر 2024، أعربت كلّ من تركيا والسعودية وقطر عن رغبة في دعم سوريا بالزيت الخام والوقود، وعن إرادة لمساعدة سوريا في البنية التحتية للغاز والزيت.

يُعدّ التوافق مع الفصائل في سوريا، مثل الموجودة في درعا والسويداء، وشمال سوريا وشرقها، ضامناً لاستهلاك الإمكانيات الموجودة، مع الحذر من حصول سيناريو مشابه للّذي حصل في العراق، باستيلاء أحزاب وفصائل مسلحة عدة على بعض الحقول، لتحقيق القوة السياسية والاقتصادية.

بدء العمل على إصلاح وتحسين بنية الطاقة التحتية، كالحقول، وخطوط الطاقة، والمصافي، والمخازن، وغيرها، بهدف استرجاع القدرة على استخراج 400 ألف برميل من الآبار في سوريا.

بداية عمليات الإصلاح للشبكة الكهربائية ومكوناتها مثل مولدات الكهرباء، شبكة النقل، شبكة التوزيع، ونظم التحكم والمراقبة وغيرها.

إعداد إطار قانوني وتنظيمي لجذب الشركات العالمية لاكتشاف النفط والغاز الذي يمكن أن يكون موجوداً في البحر المتوسط وشمال شرق سوريا. يمكن لسوريا بناء نموذج مشابه لنموذج مصر وقبرص من خلال التعاون الدولي واستخدام التكنولوجيا المتقدمة.

نشر الوعي السوري بتعزيز المعرفة العامة بقضايا الطاقة وأنظمتها الطاقة في سوريا والدول الأخرى. يتطلب فهم الإمكانيات المتاحة، وتحديد نقاط القوة والمزايا التنافسية في البلاد، واستثمارها بفعالية. فعاجلاً أم آجلاً، ستصبح سوريا جزءاً من نظام طاقة متكامل مع دول الجوار، يشبه نظام الربط الكهربائي في أوروبا. يمثل الربط الكهربائي أهميةً كبيرةً، حيث يسهم في تحقيق توازن الحمل الكهربائي في أوقات الذروة، ويحسّن كفاءة الاستهلاك والطلب. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ ربط البلاد بشبكات وخطوط الطاقة سيؤدي إلى خفض تكاليف النقل، تعزيز أمن الطاقة، ودعم نمو الصناعات المحلية، ما يساهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية وتحقيق استقرار طاقي طويل الأمد لسوريا وجيرانها.

كيف يمكن للطاقة المتجددة أن تجعل سوريا حرّةً بالفعل ؟

المقصود بالطاقة المتجددة، الكهرباء المستمدة من مصادر طبيعية مستدامة لا تنفد مع الاستهلاك، مثل الشمس والرياح والطاقة الكهرومائية. ويمكن لأيّ شخص أو وجهة لديها الإمكانيات المادية والمعرفة اللازمة، تركيب الألواح الشمسية والاستفادة منها أو من مزارع الرياح. يمكن أن تكون الطاقة المتجددة مصدر طاقة ديمقراطياً للجميع، لأنها توفر إمكانيات متساويةً للحصول على الطاقة بشكل لامركزي ومستدام، وتقلل من اعتماد سوريا على بلاد أو شركات أخرى تمتلك الغاز والنفط وتحتكره.

حالياً، في سوريا ثلاثة أنواع من الطاقة المتجددة، الأول هو الطاقة الكهرومائية التي تعتمد على تدفق المياه لتوليد الكهرباء. يتم توليد الطاقة الكهرومائية من عدد من السدود الرئيسية التي بُنيت على الأنهار، وأبرزها سد الفرات وسد تشرين على نهر الفرات. وفي 2022، بلغت القدرة الإنتاجية للطاقة الكهرومائية 4% من إنتاج الكهرباء في سوريا. هذا مع العلم بأنّ هذه المحطات تضررت كثيراً بسبب الصراع وانخفضت كفاءة التوربينات ونظم التشغيل نظراً إلى نقص الصيانة.

والنوع الثاني هو الطاقة الشمسية، وبحسب موقع “غلوبال إنيرجي مونيتور”، هناك محطتان شمسيتان؛ محطة شيخ نجار في حلب، سعة 42 ميغاواط، ومحطة عدرا في دمشق سعة 10 ميغاواط. وهناك ألواح صغيرة ليست على القدرة الكافية لتغذية مدن أو قرى، فهي فقط مركّبة على أسطح بيوت ومصانع (أقل من 10 كيلو واط). 

الخبر الجيد أنّ سوريا تمتلك مواقع مميزةً تتمتع بإمكانات عالية لتوليد الطاقة الشمسية، حيث يمكن أن يصل الإنتاج الفوتوفولطي المحدد إلى 5.3 كيلو واط/ ساعة لكل كيلو واط ذروة (kWh/kWp)، مثل مناطق يبرود والنبك والمناطق الصحراوية جنوبي شرق سوريا. لغرض المقارنة، متوسط إنتاج الطاقة الشمسية في ألمانيا يتراوح بين 2.5 إلى 3.5 كيلو واط/ ساعة لكل كيلو واط ذروة يومياً.

والنوع الثالث هو الطاقة المنتجة من زعانف أو توربينات الرياح. وهناك إمكانيات كبيرة لتطوير مزارع الرياح، فبحسب دراسة في العام 2012 صادرة عن “ساينس دايركت”، عن الرياح في سوريا، فبعض المناطق في حمص مناسبة لإنتاج طاقة رياح بسرعة تصل إلى 8 متر/ ثانية، وبطريقة مستمرة. إذ يتراوح متوسط سرعة الرياح في سوريا بين 4 إلى 6 متر/ ثانية. وحالياً، توجد زعنفتان للرياح في حمص من صنع وبناء وإدارة الشركة السورية “دبليو دي آر في إم”.

الطاقة المتجددة في البلاد المجاورة

لفهم الإمكانيات السورية، لا بدّ من مقارنة القدرة الإنتاجية للطاقة مع البلاد المجاورة التي تتمتع بظروف جغرافية ومناخية مشابهة، ومع ذلك، من المهم الإشارة إلى أنّ هذه الدول لم تواجه ظروف الحرب التي مرّت بها سوريا، وهو عامل أساسي يؤثر على القدرات والإمكانيات المتاحة.

إذا نظرنا إلى الأردن، على مدار الـ 15 عاماً الماضية، فقد تمكّن من رفع نسبة الكهرباء المولّدة من الشمس والرياح من 0% إلى 30%. هذا الإنجاز أدى إلى تحقيق فائض في إنتاج الكهرباء في بعض الأوقات، ما ساهم في تعزيز استقلالية الأردن عن الدول الأخرى.

الكثير من الاستثمارات والمشاريع جاءت من الخارج، ومن الأمثلة البارزة مشروع التعديل على الشبكة الكهربائية لتصبح مهيأةً لاستقبال طاقة متجددة، هو مشروع “الممر الأخضر” في الأردن، ففي 2017، تعاونت شركات ألمانية وبلجيكية لمدّ خطوط نقل الكهرباء، ما أتاح نقل الطاقة الشمسية المولّدة في جنوب الأردن، الذي يتمتع بإمكانات شمسية كبيرة، إلى شمال الأردن حيث تتركز الكثافة السكانية.

هذا التطور مهّد الطريق لدخول السيارات الكهربائية إلى السوق الأردني، حيث أصبحت حوالي 45% من السيارات الحكومية تعمل على الكهرباء، ما خفف الاعتماد على الوقود الأحفوري، بالإضافة إلى تقديم دورات تعليمية وتدريبية للتوعية بأهمية وفوائد الشحن الذكي. يعتمد هذا النوع من الشحن على استغلال الفترات التي تكون فيها تكلفة الكيلو واط منخفضةً. فعلى سبيل المثال، أصبح مالك السيارة الكهربائية في الأردن، يشحن سيارته خلال الليل لتوفير التكاليف وتحقيق استخدام أكثر كفاءةً الشبكة الكهربائية الوطنية. بوجود الذكاء الاصطناعي وتطوره سوف تتطور تقنيات الشحن الذكي وتصبح أكثر فعاليةً.

إذا نظرنا إلى قطاع الطاقة المتجددة في تركيا، سنشهد تطوراً ملحوظاً خلال العقدين الأخيرين. تركيا بدأت باستثمار الطاقة المتجددة بشكل كبير لتقليل اعتمادها على الطاقة المستوردة وتعزيز استدامة الاقتصاد الوطني. فقد تجاوزت القدرة المركبة للطاقة المتجددة في البلاد، 35%، ما خفض اعتمادها على المحروقات بشكل كبير.

وهذا جعلها واحدةً من الدول الرائدة في استخدام مصادر الطاقة المتجددة في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا وحسن الأمن الطاقي، وخلق فرص عمل جديدة، وساعد في تحسين جودة الهواء وخفض تكاليف الطاقة على الأفراد. صرّح وزير الطاقة التركي مؤخراً، عن استعداد بلاده لدعم سوريا في بداية مشوارها نحو الطاقة المتجددة.

اللافت، والمحزن، أنّ إسرائيل تقوم حالياً ببناء أكبر محطة طاقة رياح (207 ميغاواط)، على أراضي الجولان السوري المحتلّ، والتي سوف تغذّي 17% من احتياجاتها للطاقة المتجددة، وهذا بحسب تقرير من مجلة “هارتز” للعام 2019.

 كيف يمكن ترجمة الإمكانيات السابقة إلى أرقام؟

في عام 2022، أنتجت سوريا 20،000 جيجاوات/ ساعة GWh، من الطاقة (جيجا واط/ ساعة هي وحدة قياس الطاقة الكهربائية المنتجة أو المستهلكة). وإذا قامت بتركيب 3 جيجاواط من طاقة الرياح و6 جيجاوات من الطاقة الشمسية، فإنها ستتمكن من إنتاج حوالي 25،000 جيجاوات/ ساعة سنوياً. يتراوح الإنفاق الرأسمالي لتنفيذ هذا المشروع بين 7 إلى 8 مليارات يورو، ويعادل تكلفة بناء ملاعب كأس العالم 2022، في قطر.

بالإضافة إلى ذلك، ستحتاج سوريا إلى صيانة وتعديل الشبكة الكهربائية، وإضافة خطوط كهربائية لضمان قدرة الشبكة على التعامل مع تقلبات الإنتاج من الطاقة الشمسية والرياح. وهي مشاريع تشبه مشروع “الممرّ الأخضر” في الأردن. وقد تصل كلفة الإصلاحات والتعديلات إلى 5 مليارات أخرى. مع ملاحظة أنّ هذه الأرقام تقريبية ومبنيّة على معطيات من مشاريع أخرى.

مشروع بهذا الحجم يستغرق عادةً ثلاث سنوات للتطوير والدراسات، وسنتين لاستيراد وتركيب الماكينات من الخارج، وقد شهدت أسعارها انخفاضاً وصل إلى 82% في السنوات العشر الماضية، ومن بعدها يصبح المشروع جاهزاً للتشغيل وضخّ الكهرباء لما يعادل 25 إلى 30 سنةً بالشبكة السورية. هذا إذا تحققت الشروط المطلوبة، وأهمها إزالة العقوبات. ومن بعد ذلك، في استطاعتنا كسوريين أن نكون أكثر استقلاليةً مع دعم أقلّ من الخارج.

وفي مجال الطاقة الكهرومائية، هناك فرصة كبيرة لسوريا للتعاون مع البلدان الرائدة في هذا المجال، مثل النرويج، كندا، وتركيا للعمل على مشاريع إصلاح وتبديل للمحطات الموجودة.

يكمن التحدّي الأكبر في تأهيل وتدريب الشبان والشابات السوريين/ ات، وهو أمر أصبح أكثر سهولةً في عصرنا الحالي، بفضل الإنترنت وتقنيات الذكاء الاصطناعي. هذا غير أنّ السوريين أصبحوا بحكم الضرورة على معرفة جيدة بتركيب وتشغيل الألواح الشمسية، بحسب تقرير صحيفة “صدى” من تشرين الأول/ أكتوبر 2024، وذلك بسبب الانقطاع المستمر للكهرباء في السنوات السابقة، واعتمادهم على الألواح الشمسية الصغيرة لتلبية احتياجاتهم اليومية.

لمن يرغب في خلق افتراضات واستكشاف سيناريوهات مختلفة، يمكنه تجربة هذه الأداة المجانية المتاحة عبر الإنترنت، والتي تحسب تكلفة تلبية طلب كهرباء ثابت من خلال مزيج من طاقة الرياح والطاقة الشمسية والتخزين في مختلف مناطق العالم. لكنه مجرد نموذج تجريبي، ولا يجب استخدامه بطريقة تجارية.

الفرصة الذهبية

تمتلك سوريا حالياً فرصةً ذهبيةً للشروع في بناء محطات الطاقة الشمسية ومحطات طاقة الرياح وإصلاح سدودها على نهر الفرات. وبرغم تأخّرنا بالمقارنة مع الدول المجاورة والخليج وأوروبا، بسبب الحرب والديكتاتورية القامعة، إلا أنّ هذا التأخر قد يكون ميزةً في صالحنا من الناحية التجارية لأنّ سعر التركيب والتشغيل هبطت كثيراً مقارنةً بالسنوات الماضية.

من أولويات الحكومة الحالية وضع خطة واضحة للطاقة المتجددة، وبدأ العمل على تطوير الأنظمة والقوانين التي تتيح للمستثمرين الدوليين القدوم وإنشاء محطات الطاقة وإصلاح شبكات الكهرباء، وتهيئة بيئة مستقرة وجاذبة للاستثمار، والتعاون مع الشركات العالمية ودعم الشركات المحلية مثل شركة “دبليو دي آر في إم” التي أنجزت شيئاً شبه مستحيل في ظلّ ظروف السنوات العشر الأخيرة.

لقد خضعت سوريا في نصف القرن الماضي لسيطرة الجهات والشركات التي تمتلك الوقود وتتحكم في وصوله وتوقيته وكميته، والتي تحكمت كذلك بقدرة السوريين على استخدام الوقود الموجود على أرضهم، من خلال منع المعدات اللازمة، وخلق صراعات جديدة على أرضها لاستغلال ما يوجد فيها، ما أدى إلى معاناة الشعب السوري من نقص الكهرباء والتدفئة والغذاء. إنّ إدراك أهمية اعتماد سوريا على الطاقة المتجددة يمنحها استقلاليةً حقيقيةً، بعيداً عن أي هيمنة جديدة على مصادر طاقتها.

التحول إلى الطاقة المتجددة لن يقتصر على تحقيق الاستقلال الطاقي فحسب، بل سيساهم أيضاً في خلق فرص عمل واسعة، وتعزيز المجتمعات الصغيرة في القرى والمدن، وإنعاش الصناعة المحلية، فضلاً عن تحسين جودة الهواء الذي يتنفسه السوريون. وبرغم أنّ التكلفة الرأسمالية الأولية لهذه المشاريع قد تكون مرتفعةً مقارنةً بمحطات حرق الوقود الأحفوري، إلا أنّ العوائد طويلة الأمد ستكون أعظم بكثير. لذا، فهذه اللحظة تمثل فرصةً استثنائيةً للانطلاق نحو مستقبل مستدام ومستقلّ من دون احتكارات من شركات أجنبية أو بلدان أخرى.

تقع على عاتقنا نحن السوريين والسوريات، خاصةً المقيمين خارج البلاد، مسؤولية خلق المساحات المناسبة وتوفير المؤهلات اللازمة لإعادة إعمار هذا البلد. إذ صرنا نمتلك اليوم خبرات ثمينةً اكتسبناها خلال 13 عاماً من التهجير القسري والتحديات المرتبطة ببناء حياة جديدة في أماكن مختلفة. نعم، سوريا تواجه دماراً واسعاً وتحتاج إلى إصلاحات كبيرة، لكنها أيضاً فرصة لبداية جديدة بعقلية جديدة نصنعها مع شباب وشابات هذا البلد، الذين يشكلون أكثر من 60% من سكانه، ولديهم الطاقة على التعلم واكتساب المهارات والخبرات اللازمة لبناء المستقبل، هؤلاء الشباب متعطشون للعمل والإنتاج، ويتطلعون للعودة إلى التواصل مع العالم الخارجي.

رصيف 22

———————————-

====================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى