سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 22 شباط 2025

كل الأحداث والتقارير اعتبارا من 08 كانون الأول 2024، ملاحقة يومية دون توقف تجدها في الرابط التالي:
سقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوع
————————————–
من حقول دير الزور والحسكة.. “قسد” تستأنف تصدير النفط إلى الحكومة السورية
2025.02.22
استأنفت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) تصدير النفط الخام إلى الحكومة السورية، وذلك بعد انقطاع دام منذ كانون الأول/ ديسمبر الماضي عقب سقوط نظام الأسد المخلوع وما تبعه من تغيرات سياسية شهدتها البلاد.
وقال مهندس في حقول رميلان النفطية لموقع تلفزيون سوريا: “بعد توصل قسد والحكومة السورية إلى اتفاق مبدئي بخصوص النفط، استؤنفت عملية إرسال النفط من حقول الحسكة إلى الداخل السوري عبر الصهاريج”.
وأضاف المهندس، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته لدواعٍ أمنية، أن “عشرات الصهاريج بدأت بالفعل بنقل النفط الخام من محطة تل عدس بريف المالكية باتجاه مصافي التكرير في حمص وبانياس، في خطوة تُعيد تدفق النفط إلى مناطق الداخل السوري”.
وأكد المصدر أن معدل التصدير اليومي يتجاوز خمسة آلاف برميل من النفط الخام، يتم نقلها بانتظام إلى المصافي السورية، من حقول النفط في محافظتي الحسكة ودير الزور.
قسد تخفض كمية تكرير النفط في مناطقها
كشف مصدر في أحد مواقع تكرير النفط بريف الحسكة عن تخفيض كمية النفط الخام المكرر محلياً في مناطق شمال شرقي سوريا، وذلك بالتزامن مع استئناف تصدير النفط إلى الداخل السوري.
وأوضح المصدر، في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، أن المسؤولين عن قطاع المحروقات في رميلان قرروا خفض مخصصات النفط لكل موقع تكرير (حراقات) بنسبة 30%، بسبب استئناف عمليات نقل النفط إلى الحكومة السورية.
وأشار المصدر إلى أن النفط المستخرج من حقول دير الزور والحسكة يتم توزيعه على ثلاثة مسارات رئيسية:
تصدير قسم منه إلى إقليم كردستان العراق.
إرسال جزء آخر إلى الحكومة السورية عبر الصهاريج.
تكرير ما تبقى محلياً وبيعه في مناطق شمال شرقي سوريا.
وتوقع المصدر أن تؤثر هذه التخفيضات على توفر المحروقات وأسعارها في مناطق شمال شرقي سوريا، في ظل استمرار التغيرات في آليات توزيع النفط الخام بين الجهات المختلفة.
اتفاق مبدئي لاستجرار الغاز من الحسكة
كشف المنسق الإعلامي لوزارة النفط، أحمد سليمان، الأحد الفائت، عن توقيع عقد مبدئي لاستجرار مادة الغاز الطبيعي من مناطق شرقي سوريا الواقعة تحت سيطرة قوات “قسد”.
وقال سليمان لإذاعة “أرابيسك”: “الكميات المستجرة حالياً ليست ضخمة، حيث تبلغ حوالي 500 ألف متر مكعب يومياً، ويتم استجرارها وفقاً لاستخراج الآبار وحاجة السوق”.
ونوّه إلى أن “الغاز القادم من شمال شرقي البلاد سيساهم في توليد الطاقة الكهربائية في محطات التوليد الحرارية”.
سوريا تلجأ لاستيراد النفط الخام عبر وسطاء
قالت عدة مصادر تجارية لوكالة “رويترز” إن سوريا تسعى لاستيراد النفط عبر وسطاء محليين، إذ لم تحظَ أولى المناقصات التي طرحتها بعد سقوط بشار الأسد باهتمام واضح من كبار تجار النفط، بسبب استمرار العقوبات والمخاطر المالية.
وأظهرت وثائق أن حكومة تصريف الأعمال السورية طرحت مناقصات لاستيراد 4.2 ملايين برميل من النفط الخام و100 ألف طن من زيت الوقود والديزل “في أقرب وقت ممكن”.
وذكرت المصادر أن المناقصات، التي أُغلقت أواخر كانون الثاني الفائت، لم تتم ترسيتها بعد، وتتفاوض الحكومة الآن مع شركات محلية لتوفير الاحتياجات.
وقد تؤدي صعوبة العثور على موردين كبار للوقود إلى تفاقم مشكلات أمن الطاقة التي تواجهها السلطات الجديدة في سوريا، بعدما علّقت إيران عمليات التسليم المنتظمة للنفط التي كانت ترسله في السابق.
النفط
هل ستكون سوريا ممراً لخطوط أنابيب الطاقة بعد سقوط الأسد؟
ولم يتسنَّ لـ “رويترز” التأكد من أسماء الشركات المحلية أو الجهات التي قد تكون قادرة على بيع كميات النفط الكبيرة المطلوبة في المناقصة.
حقول النفط والغاز في مناطق سيطرة “قسد”
تنتج حقول رميلان في الحسكة أكثر من 20 ألف برميل يومياً من النفط الخام، في حين يتجاوز إجمالي إنتاج النفط في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” 50 ألف برميل يومياً، وفقاً لموظفين ومهندسين في حقول الحسكة. وتشير بعض المصادر إلى أن الإنتاج تجاوز 100 ألف برميل يومياً قبل الضربات الجوية التركية التي استهدفت مواقع وحقول نفط بريف الحسكة خلال العامين الماضيين.
وتعمل “الإدارة الذاتية” على تكرير النفط محلياً وبيع مشتقاته (بنزين – مازوت – كاز) في محطات وقود خاصة وأخرى تابعة لها في مناطق سيطرتها.
بالإضافة إلى ذلك، يُقدّر إنتاج معمل السويدية، جنوبي رميلان، بنصف مليون متر مكعب يومياً من الغاز، حيث يتم تعبئة ما بين 12 و14 ألف أسطوانة غاز منزلي يومياً.
أما معمل غاز الجبسة في منطقة الشدادي، جنوبي الحسكة، فينتج نحو 1.2 مليون متر مكعب يومياً، وهو مرتبط بأنبوب يمتد من الحسكة مروراً بريف دير الزور وصولاً إلى محطة الريان في ريف حمص.
———————————
قسد تزود دمشق النفط.. كميات قليلة لجسّ نبض الحوار/ مصطفى محمد
السبت 2025/02/22
عززت المعلومات عن استئناف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، تزويد الدولة السورية بالنفط الخام من مناطق سيطرتها، الأنباء المتداولة عن توصل حكومة دمشق إلى تفاهم “مبدئي” مع قسد، رغم تشكيك معظم المصادر الرسمية وغير الرسمية بإمكانية ذلك.
وكانت لهجة قسد تجاه الحكومة السورية قد تغيرت خلال الأيام القليلة الماضية، إذ بدا أن الجانبين قد اتفقا على تجزئة الملفات الخلافية، والبدء بتطبيق أولي للنقاط التي يمكن الالتفاف على إشكالياتها لتعزيز الثقة، ويمكن في هذا السياق، إدراج خطوة قسد المتعلقة بتصدير النفط الخام إلى الداخل السوري بعد توقف لأكثر من ثلاثة أشهر، منذ سقوط النظام المخلوع.
وأفادت مصادر “المدن”، بأن قسد أرادت من خلال استئناف تزويد دمشق بالنفط الخام، أن تثبت جديتها بالمفاوضات، رداً على الاتهامات غير المباشرة لها بوضع شروط فقط، دون اتخاذ خطوات تثبت انفتاحها على المفاوضات.
ويدل على ذلك، بحسب المصادر، أن كميات النفط الخام التي سيتم تمريرها إلى الداخل السوري، قليلة مقارنة بتلك التي كانت تُسلم للنظام السوري البائد.
وكان الناطق الإعلامي باسم وزارة النفط والثروة المعدنية السورية أحمد السليمان، قد أكد أن الحكومة السورية قررت استجرار الغاز من مناطق شمال شرقي سوريا، التي تُسيطر عليها قسد، لتوليد محطات توليد الطاقة الكهربائية.
قسد تنتظر الرد على رؤيتها
وعن المفاوضات والتفاهمات التي جرى التوصل إليها، يؤكد رياض درار مستشار الهيئة الرئاسية في مجلس سوريا الديمقراطية (مسد)، المظلة السياسية لقسد، في حديث لـ”المدن”، أن المجلس ينتظر من دمشق الرد على النقاط التي خرجت عن الاجتماع الثلاثي (قسد، مسد، الإدارة الذاتية).
والاجتماع الذي عُقد الأسبوع الماضي، طالب بإيجاد حل للجزئيات والقضايا التي يتم النقاش حولها مثل، دمج المؤسسات العسكرية والإدارية، وعودة المهجرين قسرًا إلى مدنهم، وحل جميع الأمور الخلافية الأخرى عبر الحوار والتوصل إلى آلية تنفيذ مناسبة.
ونادى الاجتماع بتوحيد الجهود وتعزيز القوة الوطنية، إلى جانب إعادة تفعيل المؤسسات المدنية والخدمية التابعة للدولة في شمال وشرق سوريا، وتعزيز التنسيق مع الحكومة السورية وتكثيف الاجتماعات لتعزيز التعاون حول القضايا الوطنية.
وبحسب درار، فإن طروحات الاجتماع الثلاثي تستوجب الرد المباشر أو غير المباشر من الحكومة السورية، مستدركاً: “لكن الرد جاء من تركيا، التي أعلنت معارضتها انضمام قسد ككتلة موحدة إلى الجيش السوري”.
الدور التركي
وقبل يومين، نقلت صحيفة تركية عن مصدر من وزارة الدفاع التركية، قوله إن “أنقرة لا نقبل بالهياكل المستقلة في سوريا، سواء على المستوى السياسي أو العسكري”. وأضاف أنه “يجب على قسد ووحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني إلقاء السلاح”.
وقال درار إن “التصريحات التركية تعد تدخلاً في شأن دولة جارة”، وأضاف أن “قسد أعلنت استعدادها للاندماج في الجيش السوري، لكن لم يجر للآن نقاش آليات ذلك”. واعتبر أن كل من يعارض النقاش والحوار من الداخل السوري، وهذا يمكن تفسيره بـ”الكراهية” و”الرفض المسبق لوحدة السوريين”.
من جانب دمشق، لم تصدر تصريحات رسمية عن مجريات المفاوضات مع قسد، باستثناء تصريح من عضو اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني يوسف الهجر، نفى فيه التوصل لأي تفاهم مع قسد، وشدد على أن “توحيد الأرض السورية هو قرار دستوري”.
أما بخصوص الأنباء عن وساطة سعودية بين دمشق وقسد، رحب درار بأي تحرك من قبل الرياض “صاحبة الدور المعياري والأساسي”. وقال: “لكن لم أسمع عن وساطة، رغم الأمل المعقود على الدور السعودي”.
المدن
—————————
الدغيم: لم نوجه أي دعوة لحضور مؤتمر الحوار السوري وهناك دعوات “مفبركة“
2025.02.22
نفى حسن الدغيم، المتحدث باسم اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني في سوريا، توجيه دعوة لأي شخص لحضور المؤتمر، مشيراً إلى أن الدعوات التي انتشرت مؤخراً عبر منصات التواصل الاجتماعي “مفبركة”.
جاء ذلك رداً على تداول منصات التواصل صوراً لدعوات شملت أسماء أثارت حفيظة السوريين، من بينها “ماسة قنوع” ابنة الممثل السوري محمد قنوع، واليوتيوبر أحمد عزيز الجاسم، في حين تداولت حسابات صورة تُظهر توجيه دعوة للمغنية الشعبية “سارية السواس”.
وقال الدغيم عبر منشور على منصة إكس أمس الجمعة، إن “اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، وفي سبيل الاستماع والنقاش المفتوح مع المواطنين، تتعاون مع كثير من النشطاء والفرق التطوعية على تنسيق جلسات استماعٍ وحوارٍ مع المواطنين السوريين حول مسارات الحوار الوطني”.
توضيح
تتعاون اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني ، وفي سبيل الاستماع والنقاش المفتوح مع المواطنين للتعاون مع كثير من النشطاء والفرق التطوعية على تنسيق جلسات استماعٍ وحوارٍ مع المواطنين السوريين ، حول مسارات الحوار الوطني ، وتُرْسَل دعوات وبطاقات حضور من قبل المتطوعين…
— حسن الدغيم (@Hasan_Dagim)
February 21, 2025
وأضاف الدغيم أن “الدعوات وبطاقات الحضور تُرسل من قبل المتطوعين والمنسقين لكثير من الشرائح الاجتماعية لحضور هذه الجلسات المفتوحة”.
وأكد بأن “الدعوات المتداولة والتي تعج بها وسائل التواصل الاجتماعي ليست الدعوات الرسمية لحضور مؤتمر الحوار الوطني، والكثير منها يتم فبركته، وإنما هي اجتهادات في التصميم والإرسال من قبل الفرق التطوعية. وبهذا الصدد نؤكد أنه حتى الآن لم يتم توجيه أي دعوة رسمية لأي مواطن لحضور
“لم نحدد موعد المؤتمر”
في السياق، قال الدغيم في تصريحات لوكالة “أسوشيتد
برس” أمس الجمعة، إنه لم يُحدَّد ما إذا كان مؤتمر الحوار سيُعقد قبل تشكيل الحكومة الجديدة أو بعده، مشيراً إلى أن موعد المؤتمر لم يتم تحديده بعد، وبأن “التوقيت مطروح للنقاش من جانب المواطنين”.
وأضاف: “إذا تم تشكيل الحكومة الانتقالية قبل مؤتمر الحوار الوطني، فهذا أمر طبيعي”، وأردف: “على الجانب الآخر، ربما يتم تمديد الحكومة الانتقالية عقب نهاية مؤتمر الحوار الوطني”.
ولفت الدغيم إلى أن المؤتمر سيركز على “صياغة الدستور، والاقتصاد والعدالة الانتقالية والإصلاح المؤسسي وكيفية تعامل السلطات مع السوريين”، قائلاً إن “هذه التوصيات لا تقتصر على النصائح والإجراءات الشكلية، بل هي توصيات ينتظرها رئيس الجمهورية للبناء عليها”.
————————–
أزمة التعليم شمال شرقي سورية… استهتار بمستقبل الطلاب/ عبد الله البشير
22 فبراير 2025
ليس التعليم أولوية في مناطق شمال شرقي سورية الخاضعة لسيطرة “الإدارة الذاتية”، فالدوام في مدارس كثيرة معطّل منذ سنوات، وبعضها تحوّلت إلى مراكز لإيواء النازحين، أو استُخدمت لأغراض أخرى غير التعليم، ما حرم أطفالاً كثيرين هذا الحق الأساسي، وبالتالي يهدد بضياع جيل كامل في المنطقة التي تعاني أيضاً من واقع سيئ على مستويات معيشية وبيئية.
واللافت أن أطفالاً كثيرين يتطلعون إلى العودة إلى مدارسهم، خصوصاً أن بعض زملائهم يواصلون تعليمهم في مدارس خاصة. تقول الطفلة تريفا حسن لـ”العربي الجديد”: “أنظر كل صباح إلى زميلاتي وزملائي في طريقهم إلى المدرسة، وأترقب أن أرافقهم يوماً. إنهم محظوظون لأن مدارسهم لم تُغلق بخلاف مدرستي التي يسكن فيها نازحون، ولا تتوافر مدرسة بديلة لي ولطلاب آخرين، ما يجعلنا بلا تعليم”.
تبلغ تريفا 10 سنوات، ولا تدرك تماماً ما يحدث من حولها، بينما يشعر والداها بخوف كبير على مستقبلها. تقول الوالدة نايا لـ”العربي الجديد”: “حاولنا نقلها إلى مدرسة أخرى، لكن جهودنا كانت من دون جدوى، لأننا لم نحصل على موافقة من هيئة التربية التي بررت قرارها بعدم توافر شواغر أو مقاعد دراسية بسبب الأعداد الكبيرة للطلاب”.
ولا يقتصر سوء الواقع التعليمي على عدم وجود مدارس، بل يمتد إلى قرارات تراكمية انتهجتها “الإدارة الذاتية” خلال السنوات الماضية بالتزامن مع قلة عدد المدارس. يقول المدرس جميل الإبراهيم المتحدر من مدينة القامشلي لـ”العربي الجديد”: “هناك إهمال للقطاع التربوي والتعليمي منذ بداية الأزمة، ولم تُحترم حرمة المدارس التي استخدمت لأغراض عسكرية، ولا يزال بعضها في المدن والأرياف والبلدات والنواحي مشغولاً حتى الآن من جهات عسكرية، وتُمارس فيه أعمال عسكرية وأمنية”.
يتابع الإبراهيم: “لم تلتفت الإدارة الذاتية قَطّ إلى أوضاع التلاميذ، واستمرت في اتباع السياسة نفسها من دون تغيير، وكذلك ضيّقت على المدارس الخاصة التي كانت بمثابة بديل متاح، وأصدرت قرارات متكررة بإغلاقها. طبعاً استُثنيت المدارس الخاصة التابعة للكنائس وللإدارة الذاتية نفسها، بينما أغلقت معظم المدارس الحكومية التي تُدرّس المنهاج الرسمي، ولا تزال هذه السياسة قائمة، والمدارس القليلة التي كانت لا تزال تُدرّس المناهج الحكومية الرسمية، تحولت إلى مراكز إيواء أُسكِن فيها نازحون ومهجّرون من مناطق ريف حلب وعفرين ورأس العين، رغم وجود بدائل لنقلهم إلى منازل أو مخيمات أو مراكز إيواء بعيدة عن مقار القطاع التعليمي”.
وتعكس الأرقام الكبيرة للأطفال المتسربين حجم الأزمة، إذ تقدّر منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” أن نحو 2,4 مليون طفل سوري تتراوح أعمارهم بين 5 و17 سنة خارج مقاعد الدراسة، ما يعادل نحو نصف عدد الأطفال في سن الدراسة البالغ 5,5 ملايين في عموم سورية.
ويقول رزان إبراهيم (35 سنة)، من مدينة القامشلي لـ”العربي الجديد”: “أعمل مع زوجتي في مهن متعبة، وأؤدي شخصياً دواماً إضافياً خارج عملي كمهندس زراعي، بينما تعمل زوجتي مدرّسة، لكنها بسبب توقف المدارس تعطي دروساً خصوصية. نفعل كل ذلك في سبيل تعليم ولدينا فيصل ومحمد بطريقة جيدة لضمان مستقبلهما، لكن إغلاق المدارس أو استخدامها مراكز إيواء حرم الطفلين من الذهاب إلى المدرسة، وهما في المرحلة الابتدائية، تحديداً في الصفين الرابع والسادس”.
ويوضح إبراهيم: “هذا الأمر يشكّل هاجساً كبيراً بالنسبة إليّ وإلى زوجتي، إذ لا نملك القدرة على إرسال طفلينا إلى المدارس الخاصة التابعة للكنيسة، كونها مكتظّة بالطلاب، ولم تعد تضم شواغر، ولا تقبل إلا من هم مقرّبون من السلطات. حاولنا إرسال طفلينا إلى مدارس خاصة تابعة لأهالي، لكن الإدارة أغلقتها أيضاً، فلم نهد نملك سوى خيار إرسالهما إلى المدارس الرسمية القليلة المتبقية في مركز مدينة القامشلي، لكننا فوجئنا أخيراً بإغلاق مدرسة طفلينا بحجة إسكان نازحين”.
ويناشد إبراهيم السلطات المعنية وهيئة التربية في “الإدارة الذاتية” إفساح المجال أمام متابعة الأطفال لدراستهم، وإيجاد حلول أخرى لإيواء النازحين، ويقول: “نرحب بأهلنا النازحين، لكن هناك أماكن أخرى لإسكانهم غير المدارس التي تحتضن العملية التربوية. مثلًا هناك مدارس تابعة للإدارة الذاتية تضم عدداً قليلاً من الطلاب، ويمكن دمج مدرستين، لأن طلاباً قليلين يدرسون مناهج الإدارة الذاتية، ويمكن إسكان النازحين في مراكز إيواء أخرى، أو إنشاء مخيمات مخصصة لهم بعيداً عن المدارس كي يتمكن التلاميذ من مواصلة التعلم”.
بدوره، يقول جاسم المحمد، المتحدر من ريف مدينة الطبقة لـ”العربي الجديد”: “هناك استياء واسع لدى أهالي المنطقة من ضياع العام الدراسي الحالي على أطفال كثيرين نتيجة التعامل غير المناسب مع المدارس، وتحويل بعضها إلى مراكز إيواء للنازحين، ما يحرم الطلاب حقهم الأساسي في التعلم”.
يتابع: “هذا استهتار بمستقبل الأطفال، خصوصاً في ظل غياب أي حلول جذرية لأزمة التعليم التي تمر بها المنطقة حالياً. لا تزال مدارس عدة مشغولة بالنازحين من عفرين، رغم أنهم يستطيعون العودة إلى مناطقهم، واستمرار هذا الوضع يتطلب تدخلاً عاجلاً من الحكومة السورية، إذ يجب أن يلتحق الأطفال بمقاعد الدراسة في أقرب وقت. طفلي في الصف السادس، وهو منقطع عن التعليم لأن مدرسته يشغلها نازحون”.
العربي الجديد
——————————–
بين الانتقاد والتوضيح.. جلسة حوارية في دمشق تثير تساؤلات حول معايير الدعوات
2025.02.21
أثارت دعوات وجهتها اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري إلى عدد من الأشخاص للمشاركة في جلسة حوارية ضمن مسار الحوار الوطني في دمشق، جدلاً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بسبب طبيعة المدعوين.
ووجّه منتقدون انتقادات حادة لقائمة المدعوين، معتبرين أن العديد منهم غير مؤهلين للمشاركة في مثل هذه الجلسات الحوارية، في حين أشار بعضهم إلى أن بعض الأسماء كانت في السابق من الموالين لنظام الأسد المخلوع.
وشملت قائمة المدعوين أسماءً مثل ماسة قنوع، ابنة الممثل السوري محمد قنوع، واليوتيوبر أحمد عزيز الجاسم، في حين تداولت صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي صورة تُظهر توجيه دعوة للمغنية الشعبية سارية السواس، وهو أمر لم يتم تأكيده رسمياً.
اللجنة التحضيرية ترد
وسط الجدل المثار، أصدرت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني بياناً توضيحياً عبر وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا”، قالت فيه: “جلسات الاستماع والحوار التي يتم تنظيمها بمشاركة شخصيات وفرق تطوعية تهدف إلى إشراك المواطنين في مناقشة مسار الحوار الوطني، ويتم توجيه دعوات لهذه الجلسات من قبل المتطوعين، وهي مفتوحة للجميع، وأحياناً تُنظم وفق الشرائح والتخصصات”.
وأضافت اللجنة: “نود التوضيح بأن هذه الدعوات لا تعني دعوة رسمية لحضور مؤتمر الحوار الوطني، بل تأتي في إطار الجهود التمهيدية لتسهيل عمل اللجنة التحضيرية”.
الجلسات التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني
وخلال الأيام الماضية، انطلقت الجلسات التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري في عدد من المحافظات، منها حمص، وحماة، وإدلب، واللاذقية، وطرطوس، والسويداء، ودرعا، ودير الزور، والحسكة، والرقة، تحضيراً لعقد مؤتمر الحوار الوطني الذي يهدف إلى الاستماع إلى آراء المواطنين واقتراحاتهم بشأن القضايا الوطنية.
ووفقاً لما صرّح به ماهر علوش، رئيس لجنة الحوار الوطني، فإن هذه الأفكار سيتم تحويلها إلى ورش عمل فعلية لضمان تفاعل حقيقي بين مختلف فئات المجتمع.
يُذكر أن الرئاسة السورية أعلنت في وقت سابق تشكيل لجنة للتحضير لمؤتمر الحوار الوطني، بعضوية: حسن الدغيم، وماهر علوش، ومحمد مستت، ومصطفى الموسى، ويوسف الهجر، وهند قبوات، وهدى الأتاسي.
———————————
أثارت جدلاً.. إلغاء دعوات فئة “المؤثرين” لحضور جلسة تحضيرية لمؤتمر الحوار بدمشق
2025.02.22
ألغت وزارة الإعلام في سوريا دعوات حضور جلسة تحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، والتي كانت موجهة إلى فئة “المؤثرين”، وذلك عقب موجة من الجدل أثارها الإعلان عن الدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأكدت شبكة “صوت العاصمة” المحلية إلغاء الدعوات بعد ردود فعل متباينة على وسائل التواصل الاجتماعي، وسط انتقادات طالت طبيعة المشاركين.
وبحسب المصادر، فقد جرى توجيه الدعوات الرسمية لأكثر من 40 شخصاً من مختلف المحافظات السورية، في إطار الإعداد للجلسة التحضيرية.
ومع ذلك، شددت المصادر على أن هذه الفعالية ليست مرتبطة بشكل مباشر بالمؤتمر الوطني أو اللجنة التحضيرية للمؤتمر، بل كان من المفترض أن يشارك فيها بعض أعضاء اللجنة فقط.
يُذكر أن قرار إلغاء الدعوات جاء بعد تصاعد الجدل حول طبيعة الأشخاص المدعوين ودورهم في مثل هذه الفعاليات، وتأثير ذلك على صورة المؤتمر المرتقب.
انتقادات وتوضيح رسمي
ويوم أمس أثارت الدعوات التي وجهتها اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري إلى عدد من الأشخاص للمشاركة في جلسة حوارية ضمن مسار الحوار الوطني في دمشق، جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب طبيعة المدعوين.
ووجّه منتقدون انتقادات حادة لقائمة المدعوين، معتبرين أن العديد منهم غير مؤهلين للمشاركة في مثل هذه الجلسات الحوارية، في حين أشار بعضهم إلى أن بعض الأسماء كانت في السابق من الموالين لنظام الأسد المخلوع.
وشملت قائمة المدعوين أسماءً مثل ماسة قنوع، ابنة الممثل السوري محمد قنوع، واليوتيوبر أحمد عزيز الجاسم، في حين تداولت صفحات على مواقع التواصل صورة تُظهر توجيه دعوة للمغنية الشعبية سارية السواس، وهو أمر لم يتم تأكيده رسمياً.
ووسط الجدل المثار، أصدرت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني بياناً توضيحياً عبر وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا”، قالت فيه: “جلسات الاستماع والحوار التي يتم تنظيمها بمشاركة شخصيات وفرق تطوعية تهدف إلى إشراك المواطنين في مناقشة مسار الحوار الوطني، ويتم توجيه دعوات لهذه الجلسات من قبل المتطوعين، وهي مفتوحة للجميع، وأحياناً تُنظم وفق الشرائح والتخصصات”.
وأضافت اللجنة: “نود التوضيح بأن هذه الدعوات لا تعني دعوة رسمية لحضور مؤتمر الحوار الوطني، بل تأتي في إطار الجهود التمهيدية لتسهيل عمل اللجنة التحضيرية”.
تلفزيون سوريا
—————————-
من جديد.. تقارب سعودي – تركي واتفاق على إعادة إعمار سوريا/ ربى خدام الجامع
2025.02.22
منذ أن أنهت تركيا فترة التوتر الحاد مع عدد من دول الخليج في عام 2021، حسنت أنقرة علاقاتها مع كل دول المنطقة، وخاصة مع السعودية، وهكذا وضعت أنقرة والرياض خلافاتهما القديمة جانباً وطورتا علاقاتهما الاستراتيجية.
والآن، تحولت عملية إعادة إعمار سوريا بعد الأسد إلى فرصة أمام تركيا والسعودية لتطوير علاقاتهما بنسبة أكبر، إذ بعد أن نصب أحمد الشرع نفسه حاكماً جديداً على سوريا، زار السعودية وتركيا في أول زيارتين له خارج البلد، وفي ذلك خير دليل على الدور المهم الذي من المتوقع لكلا البلدين أن تلعباه في سوريا الجديدة.
ومن المرجح للشرع أن يظهر نية القيادة السورية الجديدة للنأي بنفسها عن إيران والسعي لاستقطاب الاستثمارات السعودية التي باتت سوريا بأمس الحاجة إليها.
يذكر أنه أصبح لتركيا اليد العليا في سوريا عقب سقوط نظام الأسد، ولذلك وصفها كثير من المحللين بأنها البلد الذي من المرجح أن يكون له أكبر تأثير على مستقبل سوريا، ولكن، وبخلاف توقعات بعض المحللين، لم تستعن تركيا بمكانتها فحسب لتوسيع نفوذها، بل سعت عوضاً عن ذلك لوضع سياسة دبلوماسية متينة مع دول الخليج والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وذلك حتى تشارك في رسم مستقبل سوريا بما يضمن أمن المنطقة واستقرارها.
وللبحث في أسباب حالة المشاركة هذه والهدف المشترك في السياسات التركية والسعودية تجاه سوريا، ما علينا إلا أن نبحث فيما قاله وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، الذي أعلن في كانون الأول من العام الفائت، بأنهم لا يريدون: “هيمنة إيرانية في المنطقة ولا هيمنة تركية أو عربية”.
وكما ألمح وزير الخارجية التركي في تصريحاته، فإن تركيا بوسعها تحقيق أهداف في سوريا المزدهرة بعد الحرب على أكمل وجه وضمن منطقة مستقرة، وذلك عبر التعاون والتنسيق مع دول الخليج، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. كما أن زيادة التعاون مع دول الخليج لابد لها أن تقوي شرعية تركيا بالنسبة لمشاركتها في مستقبل سوريا، مع مساهمتها في تأمين الأموال اللازمة لإعادة إعمار سوريا.
ما الذي أظهرته سوريا؟
خلال الربيع العربي، اختلفت تركيا مع السعودية في نهجيهما تجاه قضية الإسلام السياسي، إذ في الوقت الذي اعتبرت السعودية الثورات العربية تهديداً لاستقرار المنطقة، دعمت تركيا معظم تلك الثورات، وعلى الرغم من قلق السعودية، فإنها دعمت الثورة في سوريا لوقوفها ضد الدكتاتور بشار الأسد، ولأن هدفها التصدي للنفوذ الإيراني.
ولكن بخلاف تركيا، دعمت السعودية فصائل داخل الجيش السوري الحر، وهذه الفصائل لم تكن مرتبطة بحركة الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة، إلى جانب دعمها لشخصيات سياسية علمانية ووطنية لا تعتنق الإسلام السياسي نهجاً لها. ولم يخف حكام الخليج قلقهم تجاه الخلفية الجهادية للقيادة السورية الجديدة والطريقة التي وصلت بها إلى السلطة والتي قد تعتبر بمنزلة عودة للإسلام السياسي في مختلف أنحاء المنطقة.
وبما أن تركيا كانت على دراية بتلك المخاوف، لذا فإنها دعت دول الخليج وعلى رأسها السعودية والإمارات عقب سقوط الأسد للاستثمار في مستقبل سوريا، وقد تجلى ذلك باللقاءات المتكررة التي جرت بين وزير الخارجية التركي ونظرائه الخليجيين، كما حرصت تركيا على لعب دور الوسيط عبر مساعدتها لحكام سوريا الجدد على تطوير علاقاتهم مع دول الخليج، فأصبحت السعودية أول دول خليجية تقيم علاقات رسمية مع سوريا بعد الأسد، كما طالبت المجتمع الدولي برفع العقوبات عن سوريا تماماً كما فعلت تركيا.
هنالك مصلحة مشتركة في استقرار سوريا وازدهارها لدى كل من تركيا والسعودية، بما أنهما الدولتان الوحيدتان العضوتان في مجموعة العشرين ضمن هذه المنطقة، كما أن كلتيهما شريكتان مهمتان للولايات المتحدة، ولهذا لابد أن تسعى كل منهما للعب دور مهم في عملية إعادة إعمار سوريا التي تعتبر عملية مهمة ليس فقط من أجل مستقبل سوريا بل أيضاً من أجل استقرار منطقة الشرق الأوسط برمتها.
لدى كل من تركيا والسعودية الرغبة بأن تريا سوريا موحدة ومستقرة وبعيدة كل البعد عن تحولها إلى بؤرة للإرهاب، وكلتاهما ترغبان بمنع إيران من العودة لمد نفوذها في سوريا ولبنان، إلى جانب تصديهما للنفوذ الإيراني في العراق، ولا يمكن لذلك أن يتحقق من دون إدارة سورية قائمة على التشاركية بحيث تحظى كل الجماعات الدينية والعرقية في البلد بتمثيل ضمن تلك الحكومة، وتعتبر هذه التشاركية هدفاً مشتركاً بين مختلف دول المجتمع الدولي، وعلى رأسها تركيا والسعودية، إذ لدى هاتين الدولتين مصلحة في تأمين السلام لسوريا مع قدرتها على التعافي والانتعاش على المستوى الاقتصادي، لأن هذا ما سيتيح للاجئين السوريين المقيمين في تركيا والسعودية العودة بسلام إلى بلدهم.
كشفت إعادة بناء سوريا من جديد بأن لدى كل من تركيا والسعودية مصالح مشتركة تستوجب تعاونهما على هذا الصعيد، وقد أتاح ذلك فرصة لأنقرة والرياض حتى تطورا علاقتهما، وخاصة في مجال الدفاع، بما أن هذا الملف يعتبر ضرورياً لأمن المنطقة.
فرصة سانحة
ضمن رؤية السعودية 2030، تسعى الرياض لتنويع مصادرها الأجنبية ضمن مجال واردات الدفاع إلى جانب تقوية صناعتها الدفاعية المحلية. فلقد تحسنت العلاقات الدفاعية التركية-السعودية بشكل كبير منذ تطبيع علاقاتهما في عام 2021، عندما قبلت السعودية بالعروض التركية في مجال مشاركة التقانة، مع إتاحة الفرصة أمام الشركات السعودية للمشاركة في الإنتاج المحلي.
بقيت تركيا تعاني طوال عقود في شراء العتاد الدفاعي الذي تريده من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، ويعود سبب ذلك للحظر والعقوبات الرسمية وغير الرسمية التي فرضت على أنقرة، وتلك العوائق هي التي دفعت لتطور صناعة الدفاع المحلية في تركيا، فأصبح ترتيبها الحادي عشر ضمن أكبر الدول المصدرة للسلاح على مستوى العالم.
ومقارنة بالفترتين ما بين 2014 – 2018، و2019 – 2023، ارتفعت حصة تركيا في صادرات الأسلحة عالمياً بنسبة 106%، وفي ظل هذا النمو، زادت تركيا من صادرات أسلحتها إلى عدد كبير من دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى رأسها السعودية، والغالبية العظمى من تلك الصادرات ضمت مسيرات قتالية.
وبالطريقة ذاتها تشجعت السعودية على الحد من اعتمادها على الغرب فيما يتصل بسد حاجاتها الدفاعية، واعتمدت في ذلك على مصاعب عانت منها في السابق بالنسبة للحصول على ما تريده من عتاد من شركائها الغربيين، ولهذا أبرمت السعودية مع تركيا اتفاقيات لتصنيع المعدات الدفاعية وشرائها، شملت إحداها اتفاقية ركزت على التعاون في مجال إنتاج المسيرات القتالية المسلحة التي تعرف باسم ببيرقدار آكينجي.
وهذا التعاون بين السعودية والشركة التركية المصنعة لتلك المسيرات لم يساعد السعودية على تعزيز إمكانيات تصنيع معدات الدفاع محلياً فحسب بل أسهم أيضاً في ردع إيران والتصدي للنفوذ الذي حققته الصين في الشرق الأوسط من خلال مبيعات أسلحتها إلى تلك المنطقة.
ولكن ثمة فرص تعاون أخرى بدأت بالظهور الآن، ولذلك تتوقع تركيا أن تبرم صفقة أسلحة مع السعودية بقيمة ستة مليارات دولار تشمل بيع بوارج حربية ودبابات وصواريخ، كما قد تبرم تركيا أيضاً صفقة خاصة ببيع طائراتها المقاتلة من نوع TF KAAN للسعودية، بعد أن أبدت الرياض اهتمامها بشراء مئة طائرة من هذا النوع خلال العام الفائت بعدما بقيت تراوح مكانها ضمن نقاشات مطولة بخصوص شراء طائرات إف- 35 المقاتلة من الولايات المتحدة.
وبدأت تركيا العمل على تطوير طائرات مقاتلة ليس فقط لتحل محل أسطولها المؤلف من طائرات إف – 16 العتيقة، بل أيضاً لضمان حصول تركيا على كل ما تحتاجه مع عتاد على الرغم من التجميد الذي فرضه الكونغرس على مبيعات الأسلحة الأميركية والقرار الأميركي القاضي بإخراج تركيا من برنامج شراء طائرات إف – 35 المقاتلة والهجومية في عام 2019.
ومن المتوقع للقوات الجوية التركية أن تستلم أول عشر طائرات من نوع KAAN في عام 2028. لذا فإن شراء الطائرات الحربية التركية قد يساعد السعودية أيضاً على تطوير صناعاتها الدفاعية المحلية، بما أنه بوسع هذه الدولة أن تطلب إقامة أجزاء من خط إنتاج تلك الطائرات في السعودية.
إن رفع مستوى التعاون الدفاعي من خلال مبيعات الأسلحة بين تركيا ودول الخليج (وعلى رأسها السعودية)، قد يغير من ديناميات توريد السلاح في المنطقة، بما يسهم في نشر الأمن والاستقرار إقليمياً.
ما أهمية ذلك بالنسبة للشرق الأوسط والولايات المتحدة؟
إذا رغبت الولايات المتحدة بتعزيز مصالحها الاستراتيجية في المناطق التي من المرجح للإدارة الجديدة إخراجها من قائمة أولوياتها، وعلى رأسها الشرق الأوسط، فإنه سيتعين عليها إقامة مراكز ثقل إقليمية عبر الأخذ بعين الاعتبار لاحتياجات القوى المتوسطة والعمل على إدماجها. وشركاء الولايات المتحدة، مثل تركيا والسعودية، من بين أهم القوى المتوسطة الصاعدة في المنطقة، ومن مصلحة واشنطن أن تجمع بين أهم دولتين شريكتين لها في المنطقة لتعملا على احتواء النفوذ العسكري لإيران والاقتصادي للصين.
في مقالة كتبها جورج فريدمان عن احتمال قيام اتفاق نووي بين الولايات المتحدة وإيران، تحدث هذا الرجل عن أنجع وسيلة لخلق قوة توازي إيران بحيث تشكل حالة توازن معها، وذلك عبر إقامة تكتل بين دول الخليج، على أن تترأسه السعودية، وبين إسرائيل، وأضاف بأن هذا التكتل لن ينجح إلا بعد انضمام تركيا إليه.
ثمة عوائق جديدة تقف في طريق إقامة هذا التكتل، ومن بينها هجوم السابع من تشرين الأول لعام 2023 وما تلاه من حرب لإسرائيل على قطاع غزة، بيد أن التقارب التركي – السعودي يعد خطوة راسخة نحو خلق حالة توازن إقليمية واحتواء النفوذ الإيراني.
المصدر: “المجلس الأطلسي
“
——————————
تكتلات سياسية سورية: آن الأوان لرفع العقوبات وإنقاذ الاقتصاد
2025.02.21
دعت تكتلات وأحزاب سورية، تضم شخصيات مستقلة ومنظمات مجتمع مدني، إلى رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، مؤكدة أن استمرارها يؤدي إلى تفاقم الأوضاع المعيشية والإنسانية، ويعرقل جهود إعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار في البلاد.
وأكد الموقعون على البيان أن العقوبات، رغم فرضها على النظام المخلوع، ألحقت ضرراً بالغاً بالمجتمع السوري، إذ تسببت في نقص حاد في الغذاء والدواء، وأعاقت حصول القطاعات الحيوية على الطاقة، مما فاقم الأزمات الاقتصادية وأدى إلى انهيار البنية التحتية وتعطيل عجلة الإنتاج.
وطالب البيان حكومات الدول الكبرى، بما في ذلك الإدارة الأميركية والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، باتخاذ خطوات فاعلة نحو تخفيف العقوبات، خاصة في قطاعات الطاقة، واستيراد المعدات والمواد الأولية، والمعاملات المالية، والاستثمارات، والتبادل التجاري، وذلك لضمان إعادة تأهيل الاقتصاد السوري وتحقيق تنمية مستدامة.
بناء الاقتصاد السوري
وأوضح البيان أن رفع العقوبات أو تخفيفها سيسهم في إعادة بناء الاقتصاد السوري، ويخلق بيئة إنسانية واقتصادية ملائمة تعزز فرص التعليم والتطوير، مما يساعد في التصدي للتطرف ويدعم استقرار المنطقة.
كذلك شدد على أن معاناة السوريين يجب ألا تكون ورقة ضغط سياسية، بل مسؤولية أخلاقية وإنسانية مشتركة تتطلب استجابة دولية عاجلة.
وضم البيان توقيع
عدد من التكتلات والأحزاب السياسية، من بينها تكتل السوريين، حزب بناء سورية الديمقراطي، حزب أحرار – الحزب الليبرالي السوري، الميثاق الوطني السوري، والتحالف الوطني السوري، بالإضافة إلى شخصيات سياسية وأكاديمية.
———————–
الطيران المدني السوري: ثلاثة عروض أوروبية لتركيب جهاز رادار جديد في مطار دمشق
2025.02.22
كشف مستشار رئيس الهيئة العامة للطيران المدني السوري، سامح عرابي، أن هناك عروضا من ثلاث شركات أوروبية لتركيب جهاز رادار جديد في مطار دمشق الدولي، مشيراً إلى أن مطاري دمشق وحلب سيكونان مستعدان لاستقبال الرحلات وتسييرها بشكل كامل خلال ستة أشهر.
وفي تصريحات لقناة “العربية الحدث”، قال عرابي إن الهيئة العامة للطيران المدني تقوم بالاستعداد لما هو مطلوب لاستقبال رحلات الطيران، مضيفاً أنه “تم إعادة تأهيل مطار دمشق خلال شهرين من تحرير سوريا، لكن المطار الآن يعمل بطاقة استيعابية معينة، ليست ذاتها التي كان يعمل بها قبل 14 عاماً”.
وذكر أن المطارات السورية تشهد نقصاً في المعدات الملاحية الضرورية، موضحاً أن الفريق الفني للهيئة يعمل حالياً على تجهيزات الملاحة الجوية، وإعادة تركيب الأجهزة الجوية المهمة لهبوط الطائرات، مثل جهاز توجيه الطائرات في الهبوط “VOR”، وجهاز قياس المسافة “DME”، وجهاز الهبوط الآلي “ILS”.
وأشار عرابي إلى أنه خلال الأسبوع القادم سيزور دمشق وفد من ثلاث شركات أوروبية لتقديم عروض لتركيب جهاز رادار جديد، مشيراً إلى أن هذا الجهاز “مهم جداً لإعادة فتح الأجواء السورية، وخدمة الطائرات القادمة”.
ورداً على سؤال حول الوقت الذي يحتاجه مطار دمشق لتسيير الرحلات واستقبالها بشكل كامل، قال عرابي إن مطار دمشق حالياً قادر على التشغيل واستقبال الرحلات، ولكن ليس بكثافة كبيرة، مؤكداً أنه في غضون ستة أشهر سيكون مطاري دمشق وحلب على استعداد كبير وعالي جداً لاستقبال معظم الرحلات.
وكشف مستشار رئيس الهيئة العامة للطيران المدني السوري أن ثلاث دول أوروبية طلبت تسيير رحلات منتظمة إلى سوريا، بينها ألمانيا، التي أرسلت كتاباً رسمياً بهذا الخصوص، مضيفاً أن دولتين أخريتين تواصلت مع الهيئة وتحاول فهم ما هو المطلوب منهما بشأن ذلك، دون أن يكشف هوية الدولتين.
فريق تقني تركي بدأ تأهيل مطار دمشق
وقبل أيام، بدأ فريق تقني تركي أعماله في سوريا لإعادة تأهيل وتطوير مطار دمشق الدولي، وتدريب الموظفين على استخدام أجهزة جديدة أرسلتها تركيا، وتدريب الموظفين على استخدامها.
وذكرت وكالة “الأناضول” التركية أن وزير النقل والبنية التحتية التركي، عبد القادر أورال أوغلو، أعلن في بيان أن بلاده أرسلت فريقاً تقنيا يضم 25 شخصًا إلى سوريا لإعادة تأهيل وتطوير مطار دمشق، موضحاً أنه تم تشكيل فريق تقني من موظفي المديرية العامة لتشغيل المطارات الحكومية بهدف تأهيل وتطوير مطار دمشق، الذي أصيب بتهالك خلال السنوات الـ 13 الماضية.
وأشار الوزير التركي إلى أن الفريق دخل الأراضي السورية عبر معبر “جيلوه غوزو” الحدودي المقابل لمعبر باب الهوى السوري بتاريخ 7 شباط الجاري، موضحاً أنه تم إرسال 6 شاحنات محملة بـ 113 من المعدات والأجهزة، ستعمل على ضمان سلامة الرحلات الجوية في مطار دمشق والمجال الجوي السوري.
————————-
بدعم من الطيران المروحي..”قسد” تعتقل شخصين شرقي دير الزور
2025.02.22
نفذت “قوات سوريا الديمقراطية (قسد)”، اليوم السبت، مداهمة في بلدة الكشكية شرقي دير الزور، واعتقلت شخصين، من دون معرفة التهمة الموجهة لهما.
وأفادت شبكة “مراسل الشرقية” الإخبارية المحلية بأن “قسد” اعتقلت خلال المداهمة كلاً من محمد صياح الرجب ومهيدي الخلف، وهما مدنيان، وذلك بغطاء من الطيران المروحي.
ويوم الخميس الماضي، دهمت دورية تابعة لـ”قسد” عدة منازل في بلدة درنج، واعتقلت أيمن فاضل الحسين، واقتادته إلى جهة مجهولة.
والأربعاء دهمت دورية تابعة لـ “قسد” منزلاً في بلدة الهرموشية غربي دير الزور، واعتقلت كلاً من حسن وعلي الكندح، واقتادتهما إلى جهة مجهولة، من دون معرفة الأسباب. كما اعتقلت محمود الحجي وماجد العبدالله والمسن حجي الجاسم، الثلاثاء الفائت، في أثناء مداهمتها قرية القرعة بمنطقة الجرنية غربي الرقة، بتهمة حيازة السلاح، وقد تعرض المعتقلون للضرب قبل أن يتم نقلهم إلى سجن عايد بمدينة الطبقة غربي الرقة.
وفي وقت سابق اعتقلت قوات التحالف الدولي، “عبد عواد العاصي” من أبناء ريف دير الزور الشمالي، وذلك بعملية إنزال جوي نفذتها في بلدة النملية التابعة لناحية الصور شمالي دير الزور.
وقبلها، نفذت قوات التحالف الدولي، عمليتي إنزال جوي في بلدتين بريف دير الزور الغربي، بمشاركة وحدات برية من “قسد”، أسفرتا عن اعتقال أربعة أشخاص.
تصاعد حملة الاعتقالات
تأتي هذه الحملة في سياق التصعيد المستمر من قبل “قسد”، التي تواجه اتهامات بتنفيذ اعتقالات تعسفية تستهدف المدنيين في مناطق سيطرتها، وسط تصاعد الغضب الشعبي تجاه ممارساتها الأمنية.
وتشير تقارير حقوقية إلى أن 85% من المعتقلين لدى “قسد” يواجهون خطر الاختفاء القسري، مما يثير مخاوف متزايدة بشأن مصيرهم، في ظل توثيق حالات تعذيب وانتهاكات متكررة داخل سجون الميليشيا.
وطالبت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بالكشف عن مصير المختفين قسرياً في سجون “قسد”، ووقف الاعتقالات التعسفية التي تهدف إلى إسكات الأصوات الحرة وبث الخوف بين المدنيين، داعيةً إلى محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات وتعويض الضحايا وذويهم.
————————–
“خلفه أذيال النظام المخلوع”.. إدارة القصير تدين الاعتداء على كنيسة المدينة
2025.02.22
أدانت إدارة منطقة القصير الاعتداءات المتكررة على كنيسة مار إلياس الحي في المدينة، متهمة “أذيال النظام المخلوع” بالسعي لإثارة الفتنة والاقتتال بين أطياف المدينة.
وتعرضت كنيسة مار إلياس الحي في مدينة القصير لاعتداءات من مجهولين عدة مرات، كان آخرها ليلة أول أمس الخميس، حيث أطلق مسلحون مجهولون النار على الكنيسة، دون أن تُعرف هويتهم.
وفي بيان لها، قالت إدارة منطقة القصير إنها “تدين الفعل الإجرامي المتكرر على كنيسة القصير”، مؤكدة أن هذا العمل “وراءه أيدٍ تسعى لإثارة الفتنة والاقتتال بين أطياف المدينة، بعد ما تم إغلاق الحدود، وشهدت المنطقة أماناً واستقراراً”.
أضاف البيان أن “أعداء سوريا الذين تم إغلاق الحدود عليهم لا يهنئ لهم عيش، لأن منطقة القصير تعيش حالة أمنية لم تعشها منذ سنين، لذلك قاموا بإطلاق النار على الكنيسة”، مشيراً إلى أن “هذا الفعل دليل واضح أن خلفه أذيال النظام البائد، الذي عمل على مدار سنين على إثارة النعرات والفتن الطائفية”.
وشدد البيان أن إدارة منطقة القصيرة “حريصة أشد الحرص السلم والوئام الأهلي الذي تشهده المنطقة”، مضيفة أنها “قامت بالتحقيقات اللازمة وستواصل الأعمال والتحقيقات الأمنية للوصول إلى الفاعل الحقيقي حتى ينال عقابه”.
وأكدت إدارة منطقة القصير أنها “ستتخذ كامل التدابير والحوائل لعدم تكرار هذا الأمر، وستصل إلى الفاعل الحقيقي”.
وتقع القصير في ريف حمص الغربي بالقرب من الحدود مع لبنان، ويتبع لها أكثر من 80 بلدة وقرية، وهي منطقة متعددة الطوائف، وتضم سكاناً من المسلمين السنة والشيعة والعلويين والمسيحيين، فضلاً عن عائلات لبنانية نتيجة تداخل الأراضي والحدود في المنطقة.
وسعى النظام المخلوع إلى جعل المنطقة معقلاً لميليشيا “حزب الله”، الذي أقام في قراها وبلداتها الحدودية نقاطاً عسكرية، وجعل منها منطلقاً لعمليات تهريب السلاح والذخائر والمخدرات.
———————————–
الأمم المتحدة تحذّر من “أزمة خبز” في سوريا بسبب تراجع إنتاج القمح
2025.02.22
حذرت الأمم المتحدة من “تهديدات خطيرة للأمن الغذائي” في سوريا، نتيجة تراجع إنتاج القمح وتضرر سلاسل الإمداد، مما يهدد بتقليص توفر الخبز وارتفاع أسعاره.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA
)، في تقرير نشره الجمعة، إن سوريا لا تزال واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية تعقيداً في العالم، حيث أثرت الأزمة المستمرة على إنتاج القمح وطحنه وتوفير الخبز، مما يهدد الأمن الغذائي لسكان البلاد.
وأشار التقرير إلى أن البنية التحتية الحيوية لإنتاج القمح، بما في ذلك المخابز والمطاحن والصوامع، تعرضت لأضرار كبيرة منذ اندلاع النزاع، ما أدى إلى تراجع كفاءتها وزيادة كلفة الإنتاج. كما تعاني سوق القمح من اضطرابات في سلاسل الإمداد، وارتفاع مستويات التضخم، وزيادة تكاليف التشغيل، ما يفاقم التحديات التي تواجه المنتجين.
وأظهر التقييم أن العديد من المخابز والصوامع تعمل جزئياً أو توقفت عن العمل، وتحتاج إلى تحديثات عاجلة في المعدات ودعم إضافي لتعزيز الإنتاج وتلبية الطلب المتزايد على الخبز.
تراج إنتاج القمح في شمال غربي سوريا
وفي ظل غياب الدعم الكافي من السلطات المحلية، يواجه المنتجون صعوبات في تغطية تكاليف التشغيل والصيانة، مما يؤدي إلى تراجع الإنتاج وارتفاع الأسعار.
وأشار التقرير إلى أن 58 بالمئة من مزارعي القمح في شمال غربي سوريا أبلغوا عن تراجع غلالهم خلال موسم 2023-2024، خاصة في إدلب وحماة، وهو ما يزيد من مخاطر نقص الخبز في العام المقبل، وقد يدفع بعض المزارعين إلى تقليص زراعة القمح أو التوقف عنها.
وأوضح التقرير أن إنتاج المخابز لا يفي باحتياجات السكان، مع تسجيل أكبر فجوات الإنتاج في محافظتي حلب وإدلب، حيث تعاني منطقة دارة عزة في إدلب من نقص حاد مقارنة بعدد سكانها.
كما أفاد 63 بالمئة من السكان بأنهم يواجهون صعوبة في تحمل تكاليف الخبز، ما يعكس اضطرابات في سلاسل الإمداد وتفاوت القدرة على الوصول إلى الغذاء الأساسي.
وأكدت الأمم المتحدة أنها تعمل بالتعاون مع منظمات إنسانية على دعم سلسلة إنتاج الخبز عبر إعادة تأهيل البنية التحتية وتوفير المدخلات الأساسية، لضمان استمرار توفر الخبز في شمال غرب سوريا.
————————-
كارثة بيئية وصحية.. كيف تلاعب النظام المخلوع بملف تلوث المياه في ريف حمص؟/ بسام الرحال
2025.02.18
يواجه سكان منطقة الحولة في ريف حمص الشمالي كارثة صحية متفاقمة نتيجة تلوث مياه الشرب بمياه الصرف الصحي، فقد بات السكان يلاحظون تغيرات واضحة في لون المياه ورائحتها، وسط تصاعد المخاوف من خطورة استهلاكها.
هذا التلوث، الذي استمر لسنوات دون أي تدخل فعلي لمعالجته من قبل النظام المخلوع، لم يقتصر تأثيره على جودة المياه فحسب، بل أصبح سبباً رئيسياً في انتشار العديد من الأمراض الخطيرة، بدءاً من التهابات الجهاز الهضمي والأمراض الجلدية، وصولاً إلى حالات السرطان التي أودت بحياة العديد من الأهالي.
تلوث المياه يهدد صحة الأهالي
يشكل تلوث مياه الشرب بمياه الصرف الصحي تهديداً متزايداً على صحة الأهالي في الحولة، في ظل غياب الحلول وضعف البنية التحتية، مع انعدام أي إجراء لمعالجة تلوث المياه، مثل تحسين بنية الصرف الصحي وتعزيز الرقابة على المياه الملوثة.
وقال المهندس محمود هرموش، رئيس أحد المجالس المحلية في الحولة، لموقع تلفزيون سوريا: “إن مشكلة تلوث مياه الشرب بمياه الصرف الصحي أصبحت خطراً كبيراً على الصحة العامة، حيث يؤدي انسداد شبكات الصرف الصحي إلى اختلاط المياه الملوثة بمياه الشرب، خاصة خلال فترات هطل الأمطار، مما يتسبب في ارتداد مياه الصرف الصحي عبر المصارف إلى داخل المنازل”.
وأضاف هرموش: “تفاقمت هذه الأزمة خلال سنوات الثورة وما بعدها، حيث لجأ العديد من الأهالي إلى استجرار خطوط المياه بشكل عشوائي بسبب غياب الخدمات، مما أدى إلى ثقوب في شبكات المياه وتمديدات غير خاضعة للرقابة، وهو ما أسهم في انتشار التلوث بشكل أوسع”.
وأوضح أن الوضع الصحي في المنطقة بات مقلقاً، إذ تنتشر الأمراض المعدية مثل التهاب الكبد والتهابات الأمعاء بشكل متكرر بعد كل موجة أمطار، لافتاً إلى وجود ارتفاع في حالات الإصابة بالسرطان، مما دفع الأهالي إلى الربط بين تلوث المياه وتزايد هذه الأمراض.
وحول دور البلديات، أكد هرموش أنها حاولت التدخل لكنها تفتقر إلى الإمكانيات اللازمة، لافتاً إلى أنها تواصلت سابقاً مع النظام ومديريات المياه والصرف الصحي في حمص، لكن الرد كان واضحاً بعدم توفر أي حلول أو إمكانيات، مما يعني تأجيل حل الأزمة إلى أجل غير مسمى.
وشدد على أن تلوث مياه الشرب لا يمكن السكوت عنه أو تأجيله، فهو يشكل خطراً مباشراً على الصحة العامة ويتطلب استجابة عاجلة قبل تفاقم الكارثة.
تحذير طبي من مدير المشفى الوطني
وفي ظل هذا الواقع المقلق، حذّر مدير مشفى الحولة الوطني، الدكتور عبد الكافي بركات، خلال حديثه مع موقع تلفزيون سوريا، من المخاطر الصحية الجسيمة الناتجة عن تلوث مياه الشرب بمياه الصرف الصحي، حيث تحتوي هذه المياه على ملوثات بيولوجية وكيميائية قد تسبب أمراضاً خطيرة تهدد حياة السكان.
ووفقاً لـ بركات، فإن من أبرز هذه الأمراض الكوليرا والتيفوئيد، الذي يسبب حمى شديدة واضطرابات معوية قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة. كما أشار إلى أن تأثيرات تلوث المياه لا تقتصر على الجهاز الهضمي، بل تمتد لتشمل التهاب الكبد الوبائي (أ)، الذي يسبب التهاباً حاداً في الكبد، وشلل الأطفال، الذي قد يؤدي إلى إعاقة دائمة.
ويؤكد مدير المشفى أن خطورة هذه الأمراض قد تتضاعف وفقاً لنوع الملوِّث وكميته، بالإضافة إلى الحالة الصحية للأفراد، إذ يكون الأطفال وكبار السن أكثر عرضة للمضاعفات. لذا، فإن اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة هذا التلوث أصبح ضرورة ملحّة لحماية صحة السكان ومنع انتشار الأوبئة.
مشكلة تمتد لعدة سنوات
تعد مشكلة تلوث المياه من القضايا القديمة التي تمتد لعدة سنوات، حيث كشف مدير الشؤون الصحية شمالي حمص، الدكتور عبد الحكيم المصري، عن “فضيحة صحية خطيرة” ارتكبتها سلطات النظام السابق في تعاملها مع قضية تلوث المياه قبل 15 عاماً، وذلك أثناء إجراء دراسة بيئية حول تلوث المياه في منطقة الحولة عام 2010.
وقال المصري في حديثه لموقع تلفزيون سوريا: “إن الدراسة التي أجريتها شملت مسحاً شاملاً لقنوات الري الزراعية المتصلة بسد الحولة، حيث تبين أن مياه الصرف الصحي القادمة من عدة قرى جبلية، مثل فاحل، والشرقلية، والقناقية، والقبو، تُصب مباشرة في سد الحولة (سد تلدو)، الذي يُعدّ منطقة منخفضة، مما أدى إلى تلوث شديد في المياه”.
وأضاف المصري: “كان المزارعون في محيط السد يعتمدون على هذه المياه لري مزروعاتهم الصيفية، مما أدى إلى انتشار واسع للأمراض المعدية مثل الحمى التيفية (التيفوئيد) والمالطية، بالإضافة إلى أمراض جلدية مثل الإكزيما والفطريات، مما أسهم في خلق بيئة وبائية في المنطقة”.
وأشار إلى أنه قدّم تقريراً رسمياً إلى إدارة البيئة، التي أحالت القضية إلى وزارة الصحة في دمشق، وبعد إجراء الكشف الميداني، وثّقت الفرق المختصة التلوث البيئي الشديد والتغيرات الخطيرة في لون المياه ورائحته.
وأوضح أنه خلال وجود الفرق المختصة في الموقع، كانت المياه تبدو سوداء تماماً وتنبعث منها روائح كريهة، بالإضافة إلى وجود كائنات حية تأثرت بالتلوث، مثل سلاحف بلغ وزن بعضها ما بين 9 و10 كغ، والتي تحولت أيضاً إلى اللون الأسود.
ورغم هذه الأدلة الدامغة، فوجئ المصري بإصدار تقرير رسمي من اللجنة المكلفة بالتحقيق، يفيد بأن مياه الصرف الصحي “صالحة للشرب والسقاية”، وهو ما اعتبره نتيجة لضغوط مورست من ضباط ينتمون إلى القرى الجبلية العلوية المحيطة بالحولة، والذين كانوا يخدمون في القصر الجمهوري.
وتابع الدكتور المصري: “بناءً على هذا التقرير المُضلِّل، قرر محافظ حمص حينذاك سحب تكليفي بوضع الحلول المناسبة، وأُغلق الملف بشكل كامل، رغم استمرار المخاطر الصحية التي تهدد المنطقة وسكانها، وتأثيرها الممتد لسنوات”.
حلول مقترحة.. وجهات حكومية تزور الحولة
استجابةً لشكاوى السكان المتكررة حول تلوث مياه الشرب، خاصةً مع ملاحظتهم تغير لونها عند وصولها إلى المنازل، تم تشكيل لجنة مشتركة مع البلدية تضم مجموعة من المهندسين والمختصين لدراسة المشكلة واقتراح حلول عملية.
وأوضح معن بربر، عضو اللجنة، أن السبب الرئيسي لتلوث المياه يعود إلى تهالك شبكة الإمداد القديمة، المصنوعة من أنابيب PVC المتآكلة، والتي لم تعد صالحة للاستخدام. وأكد أن الحل الجذري يتطلب إعداد دراسة متكاملة ودفتر شروط فنية لاستبدال الشبكة بالكامل، مشيراً إلى أن هذا الأمر يقع ضمن اختصاص الشركة العامة للمياه.
ويبدأ الحل، وفق بربر، بـاستبدال خطوط المياه القديمة، إلى جانب معالجة مياه الصرف الصحي من خلال:
تشغيل محطات الضخ وتزويدها بمضخات فعالة.
تأمين خط كهربائي دائم لضمان استمرار تشغيل المحطات.
إنشاء محطة معالجة متكاملة لمياه الصرف الصحي كحل مستدام للحد من التلوث البيئي وحماية صحة السكان.
زيارة ميدانية
وحول إخطار الجهات الرسمية بالمشكلة، قال بربر: “إن لجنة تابعة لمؤسسة المياه زارت الحولة مؤخراً وأجرت كشفاً ميدانياً باستخدام أجهزة متخصصة، حيث تمكنت من رصد تسربات في تسعة مواقع ضمن شبكة المياه”.
وأوضح أنه قد يتم ضغط المياه مجدداً بالصرف لتحديد مواقع التسرب بدقة أكبر.
كما أشار إلى أن اللجنة قدّمت تقرير مفصلاً إلى المحافظ، الدكتور عبد الرحمن الأعمى، خلال زيارته للمنطقة يوم الخميس 13 من شباط، يتضمن تفاصيل حول تلوث المياه الناجم عن اختلاطها بمياه الصرف الصحي، خاصةً في بلدة تل ذهب.
بالإضافة إلى ذلك، شمل التقرير تحليلاً طبياً أعدّه أطباء من المنطقة، يوضح تفشي الأمراض والأوبئة الناتجة عن هذا التلوث، كما جرى الاتفاق على عقد لقاءات موسعة لمناقشة الحلول الممكنة.
تلفزيون سوريا
——————————
مظلوم عبدي: نحن جزء من سوريا ونسعى للحفاظ على وحدتها
2025.02.21
أكد زعيم”قسد” مظلوم عبدي أن قواته “جزء من سوريا وتسعى للحفاظ على وحدتها”، مشيراً إلى وجود خلافات مع الحكومة الجديدة في دمشق حول آليات المرحلة الانتقالية.
وقال عبدي، في تصريح لصحيفة “ذا غارديان” نُشر اليوم الجمعة، إن “المحادثات مع الحكومة السورية الجديدة كانت إيجابية”، موضحاً أن الطرفين اتفقا على تشكيل لجنتين تقنيتين للتنسيق العسكري والمدني، لكنه أضاف: “لدينا رؤية مختلفة حول تفاصيل وآليات المرحلة الانتقالية”.
وحذر عبدي من أن ما سماه “التدخل التركي” يعرقل المفاوضات مع دمشق، مضيفاً أن “تركيا تسعى لإضعاف موقفنا في هذه المحادثات”.
وأشار إلى أن “الإدارة الذاتية” مستعدة للاندماج في جيش سوري جديد، لكنها تطالب بالحفاظ على قدر من الحكم الذاتي ضمن دستور جديد للبلاد.
وكانت دمشق قد دعت الفصائل المسلحة إلى تسليم أسلحتها كشرط للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني، وهو ما رفضته “قوات سوريا الديمقراطية”، حيث شدد عبدي على أن “المشاركة في المؤتمر يجب أن تكون بلا شروط مسبقة”.
موقف مرتبك لـ “قسد”
سبق أن صرّح المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، محمود حبيب، بأنه ينبغي أن تكون “قسد” تحت مظلة وزارة الدفاع السورية، مع الحفاظ على هيكليتها الخاصة، مضيفاً: “الجيش السوري لا يملك قوة عسكرية كافية لحماية هذه المناطق الواسعة”.
وكان مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) ومسؤولون في الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا قد عقدوا اجتماعاً ثلاثياً، يوم الإثنين الماضي، بمشاركة القائد العام لـ “قسد” مظلوم عبدي.
وتناول الاجتماع قرارات تتعلق بدمج “قسد” مع المؤسسات الأمنية التابعة لـ “الإدارة الذاتية” ضمن هيكل الجيش السوري، وإعادة تفعيل المؤسسات الحكومية السورية في شمال شرقي سوريا، إضافة إلى انسحاب المقاتلين الأجانب غير السوريين من صفوف “قسد”.
——————–
العثور على مقبرة جماعية قرب بلدة عقربا بريف دمشق/ محمد كركص
22 فبراير 2025
عثر الأهالي، اليوم السبت، على مقبرة جماعية جديدة على الطريق الزراعي الواصل بين بلدة عقربا ومنطقة السيدة زينب بريف دمشق، قرب منطقة كانت تسيطر عليها قوات النظام السوري السابق. المقبرة التي تحتوي على رفات عدة أشخاص، فيها جثث مكبلة الأيدي، تعود إلى فترة حكم نظام بشار الأسد المخلوع.
وقالت مصادر محلية لـ”العربي الجديد” إن المقبرة تقع ضمن أرضٍ زراعية على طريق عقربا – السيدة زينب قرب طريق مطار دمشق الدولي، الذي كان يمر بالقرب من حاجز تابع لقوات النظام السوري. وأوضحت المصادر أن الأهالي طلبوا من مؤسسة الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) التوجه إلى الموقع للكشف عن الجثث والحفاظ على الأدلة. كما أرسل الأمن الداخلي فرقاً إلى المكان لتأمين الموقع ومنع أي شخص من الاقتراب للحفاظ على الأدلة ومنع طمس معالم المقبرة.
وكان الأهالي قد عثروا على فترات متقطعة على العديد من المقابر الجماعية في عدة مناطق من ريف دمشق وريف درعا وحلب بعد سقوط النظام المخلوع في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، معظم تلك المقابر تضم رفات معتقلين سابقين كانوا في سجون النظام.
سيارة استهدفها التحالف الدولي في سورية، 31 يناير 2025 (فرانس برس)
من جهة أخرى، قُتل شاب مساء أمس الجمعة في حي السبيل بمدينة حمص، وسط سورية، إثر تعرضه لإطلاق نار من قبل ثلاثة مسلحين ملثمين أمام منزله، فيما فرّ الجناة إلى جهة غير معلومة بعد تنفيذ الجريمة.
وبحسب مصادر محلية، كان الضحية يعمل في جمع وبيع المعادن والبلاستيك لتأمين لقمة العيش لأطفاله الثلاثة، ولم يكن له أي ارتباط بأي جهة عسكرية أو أمنية.
وكانت إدارة الأمن العام قد أطلقت في وقت سابق حملة أمنية في حي السبيل بمدينة حمص، تهدف إلى ملاحقة فلول النظام السابق، حيث تمكنت من اعتقال عدد من الأشخاص. ومع مرور الوقت، أُفرِج عن العديد منهم بعد التأكد من عدم تورطهم في أي جرائم ضد الشعب السوري.
وتشهد محافظة حمص بين الحين والآخر عمليات قتل وتصفيات في ظل الأوضاع الأمنية المتوترة في بعض مناطق المحافظة. وتواصل قوات الأمن العام انتشارها على مداخل عدد من الأحياء، إذ تقوم بتطبيق تدقيق أمني مشدد، خاصة بعد تعرض حواجزها لعدة هجمات مسلحة من مجهولين أسفرت عن وقوع قتلى وجرحى.
—————————
التحالف الدولي يستهدف سيارة شمال غرب سورية/ عبد الله البشر
21 فبراير 2025
استهدفت طائرة مسيّرة تابعة للتحالف الدولي، مساء اليوم الجمعة، سيارة بالقرب من مدينة الدانا في ريف محافظة إدلب، شمال غرب سورية. ووفق مصادر “العربي الجديد”، فإن المستهدف بالغارة الجوية يدعى أبو عمران الشامي، وهو مدير مطعم في المنطقة، حيث لقي حفته بصاروخ من طراز MQ9، وفق ما كشفته مراصد عسكرية في المنطقة.
ويأتي ذلك بعد غارة جوية شنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، استهدفت سيارة في 15 فبراير/ شباط الجاري بالقرب من بلدة أورم الجوز في ريف إدلب الجنوبي، شمالي سورية، أسفرت عن مقتل شخصين مجهولي الهوية، حيث احترقت السيارة بالكامل نتيجة القصف الذي نُفذ بواسطة طائرة مسيّرة.
وكانت القيادة المركزية الأميركية قد أعلنت، في 31 يناير/ كانون الثاني الماضي، عن مقتل القيادي البارز في تنظيم “حراس الدين”، محمد صلاح الزبير، في غارة جوية شمال غرب سورية. جاءت تلك الغارة بعد إعلان التنظيم عن حلّ نفسه عقب إسقاط نظام بشار الأسد. وتأسس التنظيم في عام 2018 بعد انشقاقه عن “هيئة تحرير الشام”، مع إعلان التبعية لتنظيم “القاعدة”، ليعلن في وقت لاحق حلّ نفسه، مؤكداً أن مهمته في سورية انتهت مع سقوط نظام الأسد.
وفي محافظة إدلب أيضاً، قُتل عنصر وأُصيب آخر من فرق الهندسة التابعة لإدارة العمليات العسكرية، خلال عملية إزالة الألغام الأرضية في قرية الفطيرة بريف إدلب الجنوبي. وأكد سكان من المنطقة لـ”العربي الجديد” انتشار الألغام المضادة للأفراد والآليات في المنطقة بشكل مكثف، مشددين على ضرورة إزالتها لحماية المدنيين.
وكانت منظمة “هانديكاب إنترناشونال” غير الحكومية قد حذّرت من أن 15 مليون سوري، أي ثلثي السكان، معرّضون لما بين 100 ألف و300 ألف من الذخائر غير المنفجرة المنتشرة في أنحاء سورية، بعد نحو 14 عاماً من النزاع. وقالت مسؤولة برنامج سورية لدى المنظمة، دانيلا زيزي، في مقابلة مع
وفي سياق متصل، أعلنت وزارة الداخلية السورية أن مديرية الأمن في محافظة حمص، وسط سورية، ألقت القبض على أحد المجرمين المنتمين سابقاً للفرقة 25، التي تزعمها سهيل الحسن، وهو من الضباط الضالعين في ارتكاب جرائم وانتهاكات بحق السوريين. وكشفت الوزارة أن المقبوض عليه “متورط في ارتكاب جرائم حرب، ومنها إلقاء البراميل المتفجرة من الطيران المروحي على الأحياء السكنية المأهولة بالمدنيين”. وأكدت أن عمليات المتابعة الأمنية مستمرة لملاحقة المطلوبين للعدالة وتحويلهم للقضاء حتى ينالوا جزاءهم.
——————————-
التسهيلات الجمركية مطلب صناعيي سورية
دانيا الدوس
22 فبراير 2025
تتزايد مطالب الصناعيين السوريين في خفض الرسوم الجمركية عن المواد الأولية وإلغاء بعضها، رغم قرار حكومة تصريف الأعمال في الإدارة السورية الجديدة الأخير الذي يقضي بإعفاء خطوط الإنتاج والآلات المستوردة من الرسوم الجمركية. وقال الصناعي حسام عابدين لـ “العربي الجديد” إن الاستفادة من هذا القرار تقتصر على من يرغب في تحديث آلاته من أصحاب المنشآت القديمة أو من يود إنشاء خط إنتاج جديد، بينما لا يستفيد منه أصحاب المنشآت القائمة إطلاقاً.
وأضاف: “هناك أكثر من 100 ألف منشأة صناعية في سورية، وجميعها بحاجة إلى قوانين تدعمها وتحمي استمراريتها”. وأكد عابدين أن تطبيق هذا القرار لن يؤثر على أسعار السلع، إذ لا تزال تكاليف الإنتاج والتسويق كما هي، مشيراً إلى أن انخفاض الأسعار يتحقق فقط عند إعفاء المواد الأولية الداخلة في الإنتاج من الضرائب والرسوم.
ورأى عابدين أن الأولوية اليوم هي فرض رسوم على المنتجات المستوردة التي لها بديل محلي، لضمان حماية الصناعات الوطنية، بالإضافة إلى إعفاء جميع المواد الأولية المستخدمة في الإنتاج من الرسوم الجمركية، معتبراً أن الاقتصاد السوري يعتمد على السوق المفتوحة، مما يستدعي إصدار قرارات تدعم الصناعيين وتمكنهم من تطوير صناعاتهم.
من جهته، اعتبر الصناعي ماهر الزيات أن القرار الحكومي الأخير يمثل خطوة جيدة، لكنه ليس ذا أهمية كبيرة، إذ إن الرسوم الجمركية على استيراد الآلات لا تتعدى 5% أصلاً. وأضاف “العربي الجديد”: “هناك مشكلات أكثر إلحاحاً بحاجة إلى حلول سريعة، مثل ارتفاع تكاليف النقل والطاقة الكهربائية”. وأشار الزيات إلى أن البلاد ليست مؤهلة حالياً لاقتصاد السوق الحر، إذ تحتاج لفترة انتقالية للتكيف مع المتغيرات.
وقال: “لا تتوفر الكهرباء بشكل كافٍ، حيث تصل لساعة واحدة فقط كل 8 ساعات في معظم المناطق، ومن يملك خطاً كهربائياً خاصاً يعاني من تكلفته الباهظة، حيث دفع أحد أصحاب معامل البلاستيك 700 مليون ليرة لتشغيل معمله لمدة شهر فقط عبر الخط الذهبي”. وأكد أن معالجة الوضع الاقتصادي تتطلب نهجاً متكاملاً يشمل تسهيل استيراد المواد الأولية، وتأمين قروض ميسرة للصناعيين، متسائلاً: “كيف يمكن للصناعة أن تتطور في ظل فوائد قروض تتجاوز 30%، وهي نسبة غير موجودة في أي دولة أخرى؟”.
وأضاف: “نحن في مرحلة انتقالية بعد سنوات من الفساد الذي دمر الصناعة، وهذه المرحلة تحتاج إلى وقت لحل المشكلات، وغالباً ما تصاحبها خسائر، لكننا نحمد الله أنها حتى الآن محدودة”. أما الصناعي أيمن المولوي، فاعتبر لـ”العربي الجديد” أن القرار كان صائباً وجاء في توقيت مناسب، متوقعاً أن يكون له أثر إيجابي في جذب المزيد من المستثمرين إلى قطاع الصناعة، خاصة أنه يلغى الرسوم الجمركية على استيراد الآلات.
وأضاف: “نحن في مرحلة إعادة إعمار، وهناك حاجة ماسة لمشاريع صناعية جديدة، لذلك طلبنا من الوزير أن يشمل الإعفاء كل من يرغب في إنشاء منشأة صناعية جديدة، وليس فقط من يمتلك سجلاً صناعياً ويريد تجديد آلاته”.
———————————-
الساحل السوري.. شاطئ البحر مفتوح بعد عقود من الاحتكار والخوف/ يوسف أحمد بدوي
22 فبراير 2025
يبلغ طول الساحل السوري 183 كيلومتراً، ويمتد على كامل الجهة الغربية من محافظتي طرطوس واللاذقية، ولطالما تغنى الشعراء والأدباء بالشواطئ السورية. لكنّ معظم السوريين كانوا محرومين من هذا البحر بسبب تحويل النظام السابق كل الشواطئ إلى منتجعات تم تعهيدها لأشخاص محسوبين عليه، كما حُرم ملايين السكان في المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد من الشواطئ لسنوات عدة خشية الاعتقال أو الاختطاف أو التصفية.
عناق بعد سنوات من الغياب في دمشق، 21 ديسمبر 2024 (كريس ماكراث/Getty)
من ريف إدلب، يقول محمد رائد أبو عدنان، لـ”العربي الجديد”: “أطفالي كانوا يسألونني عن البحر لأنهم لا يعرفونه، ولم يروه في حياتهم، ولم أكن أستطيع الشرح لهم، وأكتفي بالقول إنه واسعٌ وكبير وممتلئ بالمياه المالحة، لكنهم كانوا يرونه على شبكة الإنترنت، ويلحون في طلب الذهاب إليه، فآخذهم إلى مدينة دركوش في إدلب، حيث يوجد نهر العاصي، لكنه لم يكن يلبي سقف طموحاتهم. منعنا النظام السابق لأكثر من عقد من الذهاب إلى البحر، ولم أكن لأذهب بأطفالي إلى هناك لولا سقوط نظام الأسد، فحياة عائلتي وأمانها أهم من كل شيء”.
ورغم قدرة السوريين المقيمين في مناطق سيطرة النظام السابق على الذهاب إلى البحر أحياناً، إلا أن المتنفذين كانوا يهيمنون على الشواطئ، وبعضها كانت مقصورة على أفراد العائلة الحاكمة والمقربين منها، وكانت تستخدم منتجعاتٍ خاصةً، أو تحولت إلى مشاريع استثمارية، وبعض الشواطئ لم يستطع أحد الدخول إليها طوال عقود، لكن سقوط النظام جعل كثيرين يتوجهون إليها، ويلتقطون الصور فيها.
يقول معتز حميداتي، وهو أحد سكان مدينة طرطوس لـ “العربي الجديد”: “لم نكن نستطيع رؤية الشواطئ إلا من بعيد، أو عند اعتلاء الجبال المطلة عليها، كما أن ساكنيها غير معروفين بالنسبة لنا، باستثناء معرفة ألقاب بعضهم، ومنهم أفراد عائلة المعلم وعائلة الرفيق. عندما سقط النظام توجهت إلى أحد المنتجعات التي كانت تستخدم صيفاً لإقامة الحفلات، وفوجئت بالتجهيزات الكبيرة على الشاطئ الأزرق الصافي”.
لم يكن تاريخ سقوط النظام في ديسمبر/كانون الأول الماضي مناسباً للرحلات الجماعية بسبب الطقس البارد غير الملائم للسباحة، وفرص هطول الأمطار التي تعكر الجلسات على الشواطئ، أو القيام بطقوس الشواء، لذا اقتصر الذاهبون إلى الساحل السوري على التوقف أمام البحر لوقت قصير، والتقاط بعض الصور، في حين قرر كثيرون تأجيل الذهاب إلى الشاطئ لحين استقرار الأوضاع الأمنية في المدن الساحلية، والتي فر إليها ضباط جيش النظام وأنصاره، والذين قاموا بنصب عدة كمائن دامية، كان آخرها يوم الأربعاء 22 يناير/كانون الثاني الماضي، وشهد الاعتداء على سيارات حكومية. كما تشهد المنطقة الساحلية عملياتٍ أمنية ومداهمات.
يقول خالد حاج موسى، وهو سائق تاكسي من مدينة إعزاز لـ “العربي الجديد”: “منذ سقوط النظام، وصلتني الكثير من الطلبات للذهاب إلى الساحل، من بينها مجموعات شبابية ووفود إعلامية، وكان الركاب متحمسين لرؤية البحر، وبعضهم لم يره من قبل، وكانوا عند الوصول ينزلون ببهجة، ويلتقطون الصور، لكنهم لا يبقون لأوقات طويلة، ويطلبون الرجوع قبل مغيب الشمس خشية التوترات الأمنية. عن نفسي كنت متشوقاً لرؤية البحر، وأفكر بالذهاب مع عائلتي في رحلة خلال الصيف إذا استقرت الحالة الأمنية”.
ولم تكن رؤية البحر هي الرغبة الوحيدة العالقة في أذهان السوريين، إذ كان العديد من مهجري محافظتي طرطوس واللاذقية يتوقون للعودة إلى مدنهم. من بين هؤلاء أبو مصعب، الذي ينتمي إلى مدينة جبلة، وهو تاجر ملابس أقام في إدلب لأكثر من عشر سنوات.
ويُعرف سكان المناطق الساحلية بتعلقهم الشديد بالبحر، كما يمتهن قسم منهم صيد السمك، أو العمل في الموانئ والمشاريع المتعلقة بالسياحة البحرية، ما يجعل غيابهم عن البحر أقسى من سكان المحافظات الداخلية، والذين كانوا يقصدون البحر للاستجمام فقط.
يقول فادي العرابي، وهو صياد سمك سابق، لـ “العربي الجديد”: “ولدت وترعرعت في مدينة جبلة الساحلية، وسكان مدينتي يتعلمون السباحة والصيد وقيادة القوارب في عمر مبكر، لكني غادرت المدينة في منتصف عام 2012، بعد اعتقال عدد من أفراد عائلتي، وأقمت في إدلب طوال سنوات، وعملت في بيع السمك الذي كان يأتي من تركيا لتعذر جلبه من الساحل السوري. عشت أوقاتاً عصيبة طوال فترة ابتعادي عن مدينة جبلة، قبل أن أعود إليها بعد سقوط النظام”.
وفي مايو/أيار 2013، وقعت مجزرة راح ضحيتها ما بين 50 إلى 100 شخص في قرية البيضا بمنطقة بانياس التابعة لمحافظة طرطوس الساحلية، ما زاد مخاوف السكان من التوجه إلى شاطئ البحر، وقلص الرحلات إلى كامل الساحل السوري.
كما توقف العشرات من طلاب مختلف المحافظات الذين يدرسون في جامعة تشرين الموجودة في مدينة اللاذقية، عن متابعة دراستهم لسنوات خوفاً من الاعتقال. من بين هؤلاء سهيل المحمد، من مدينة بنش، والذي قرر العودة إلى جامعته، وتحديث قيده الجامعي عقب سقوط النظام، خصوصاً بعد صدور قرار من وزارة التعليم العالي في الحكومة الجديدة بإعادة تفعيل القيود الجامعية المعلقة، والتي جمدها النظام السابق للطلاب المقيمين في خارج مناطق نفوذه.
وتظل الطبيعة الخلابة والشواطئ البحرية في اللاذقية وطرطوس هي المتنفس الأهم للسوريين، والمقصد الأول للسياحة الداخلية، ما يضاعف شوق آلاف السوريين الذين لم يستطيعوا الذهاب إلى الشاطئ لسنوات خوفاً من بطش النظام السابق، إذ تحتاج الرحلات الساحلية طقساً معتدلاً وحالةً أمنيةً مستقرة، وهو ما يأمله السوريون مع حلول فصل الصيف المقبل.
العربي الجديد
——————————–
في تحول خاطف.. كيف اختفت رموز نظام الأسد من أسواق دمشق وحلّت محلها ألوان الثورة؟/ يمان زيتوني
22/2/2025
دمشق- في أسواق العاصمة السورية العتيقة، حيث الأزقة الضيقة التي تعج بالتاريخ، والمحال التجارية القديمة التي شهدت تعاقب الأزمنة والأنظمة، وقع تحول غير متوقع، لم يكن في الحسبان في يوم الأحد 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، فقد سقط نظام الأسد الذي استولى على السلطة إثر انقلاب عسكري سنة 1971.
على مدى عقود، اعتادت الأسواق المحيطة بالجامع الأموي في دمشق أن تعرض التحف والشرقيات المزخرفة والتذكارات، ومنها ما يحمل صور ألوان العلم السوري وصور الرئيس المخلوع بشار الأسد ووالده حافظ، بل حتى رموز حلفائهم. وكانت هذه المقتنيات جزءا من المشهد اليومي، يشتريها البعض عن قناعة، والبعض الآخر كنوع من المجاملة أو النفاق الاجتماعي.
لكن فجأة ومع الساعات الأولى لإعلان سقوط النظام، اختفت هذه المنتجات تماما في غضون ساعات، وكأن الأسواق قررت طي صفحة الماضي.
حلّت أعلام الثورة السورية مكان صور الأسد، واستبدلت الخرائط التي كانت تحمل ألوان علم النظام بألوان جديدة تعبّر عن سوريا مختلفة.
“كسبنا وطنا.. ولم نخسر شيئا”
نور الدين اللحام، كان من بين التجار الذين تبنوا هذا التحول بشكل كامل. في واجهة متجره، اختفت صور الأسد، وظهرت الأساور والخرائط المزينة بعلم الثورة الأخضر.
بابتسامة واثقة، تحدث عن هذه التغييرات قائلا “هذه خريطة سوريا، وليست خريطة النظام. منذ سنوات، كنا نطبعها بألوان العلم القديم، والآن أصبحنا نطبعها بالعلم الجديد. بعض الأعلام كانت مجرد ملصقات، فقمنا باستبدالها، أما المنتجات المطبوعة التي لا يمكن تغييرها، فقد أتلفناها”.
وبشأن ما إذا كان قد تكبد خسائر مالية، نفى اللحام ذلك، معتبرا أن ما تحقق أكبر من أي خسارة مادية، “لم نخسر شيئا! كسبنا وطنا! ماذا تعني خسارة بضاعة، مقارنة بأناس خسروا أرواحهم، أو منازلهم، أو أعمالهم؟ هذه المبالغ لا تساوي شيئا أمام ما عاشه السوريون”.
“كنا مجبرين على بيع ما لا نؤمن به”
في السوق نفسه، يعمل شاب فضّل عدم ذكر اسمه، لكنه لم يخفِ ارتياحه للتخلص من المقتنيات التي كانت تُفرض عليهم في السابق. ووفقا لما ذكره، لم يكن بيع صور الأسد وأعلام النظام خيارا، بل كان أمرا مفروضا عليهم تحت رقابة أمنية.
“في السابق، كان الجميع مجبرين على بيع هذه المقتنيات، سواء أعجبتهم أم لا. لم يكن الأمر اختيارا، فالأمن كان يراقبنا، وكثير من المشترين لم يكونوا يحبونها، لكنهم كانوا يشترونها كنوع من النفاق الاجتماعي، أو كهدايا ورشاوي للضباط والمسؤولين لتسيير مصالحهم”.
وبعد التغيير الذي شهدته البلاد، تم التخلص من هذه المقتنيات، “فبعد التحرير، رميت ما لا يمكن تعديله منها. أما بعض المنتجات التي تحمل رموزا قابلة للتعديل، فقد أرسلناها إلى الورشات لإعادة صبغها، بحيث تتناسب مع العلم الجديد”.
أما عن الخسائر المالية، فقد رأى أن التخلص من إرث القمع كان أهم من أي خسارة مادية. “نعم، قد نكون خسرنا بعض المال، لكن هناك من خسروا منازلهم وعائلاتهم. خسارتنا ليست شيئا يُذكر مقارنة بذلك”.
“في دمشق كنا نعيش داخل فرع أمن”
عدنان، صاحب ورشة تصنيع ومحل تجاري ملاصق لسور الجامع الأموي، وصف كيف كانت دمشق تعيش تحت رقابة أمنية مشددة، حيث كان التجار مراقبين بشكل دائم، حتى في ما يتعلق بالبضائع التي يبيعونها.
“في دمشق، كنا نعيش وكأننا في فرع أمن. المحل الذي لا يضع علم النظام أو صورة الأسد، كان صاحبه عرضة للمساءلة، وقد يُتهم بأنه معارض! أعرف صديقا اعتُقل فقط لأنه شوهد وهو يشاهد قناة “الجزيرة”. بعد خروجه من السجن، صار يشاهد قنوات الأطفال فقط!”.
وتحدث عن الأيام الأخيرة للنظام، عندما كان إعلامه يروّج لاستعادة المدن التي خسرها، وكان الناس مجبرين على تصديق هذه الرواية أو على الأقل التظاهر بتصديقها.
“حتى عندما تحررت حلب، كنا نظن أن النظام سيستعيدها، فقد كان يروج لذلك في إعلامه، وكنا نصدقه. في يوم سقوط النظام، كنتُ مع مجموعة من الشباب، نتابع الأخبار خلسة عبر القنوات العربية، بينما كان أحدنا يراقب باب المحل، خوفا من أن يدخل عنصر أمني ويكشف أمرنا”.
في اليوم التالي لسقوط النظام، بدأ عدنان إجراء عمليات “تكويع” لبعض المنتجات، حيث تم تحويلها إلى شيء جديد يتناسب مع التغيير، “أحضرت أقلام تلوين، وبدأت ألون الميداليات والخرائط بنفسي. بسبب انقطاع الكهرباء، اضطررنا إلى تأجيل بعض الأعمال، لكن بعد أسبوع، كنا قد أعددنا نماذج جديدة تماما، وبدأنا بطباعتها في الورشة. كل شيء تغيّر بسرعة”.
لكن بعض المنتجات لم يكن بالإمكان تعديلها، فكان الخيار الوحيد هو التخلص منها نهائيا، “الأساور، وصحون النحاس، والفناجين التي كانت تحمل رموز النظام، لم يكن بالإمكان إصلاحها. لذلك، أتلفناها. كانت خسارة مالية، لكنها لم تكن شيئا مقارنة بحرية أن نعيش بدون خوف”.
وعند مقارنة ما سبق بما تعيشه البلاد حاليا، قال عدنان “في السابق، كنا نعيش تحت رحمة أشخاص يأتون إلى المحال، يتحدثون إلينا بعنجهية وكأنهم أسياد البلاد، يفرضون علينا دفع الرشاوي، ويهددوننا بلا سبب. أما اليوم، فالوضع مختلف تماما. لا أحد يأتي ليبتزنا، لا أحد يُجبرنا على شيء. عناصر الإدارة الجديدة يتميزون بالعزة والأنفة، ولا يقبلون حتى أن نبالغ في شكرهم”.
مشاهد من دمشق بعد سقوط الأسد المصدر: الجزيرة نت
لا زال القليل من المقتنيات التي تحمل ألوان النظام موجودة في الأرفف الخلفية لبعض المحال (الجزيرة)
ما حدث في أسواق دمشق القديمة لم يكن مجرد تغيير في المقتنيات المعروضة، بل كان انعكاسا لتحوّل أعمق في البلاد بأسرها على ما يبدو، ولم يكن الأمر مجرد استبدال أعلامٍ أو صور، بل هو إعلان بأن سوريا الجديدة لا تشبه الماضي.
المصدر : الجزيرة
——————–
“العسكرية” في سوريا: حكايات رعب وهروب.. وجنون النظام في الساعات الأخيرة/ يمان زيتوني
22/2/2025
دمشق- لم يكن بلوغ سن الـ18 في سوريا مجرد مرحلة طبيعية في مسيرة الشباب نحو النضج، بل كان لحظة حاسمة، تُحدد مصيرهم بين خيارين أحلاهما مرّ: التجنيد الإجباري الذي قد يمتد لسنوات طويلة في حربٍ قرر الرئيس المخلوع بشار الأسد خوضها ضد شعبه، أو الهروب إلى المجهول، حيث الطرق الوعرة، والغابات المعتمة، والبحار العميقة، والمصير غير المعلوم، أملا في البحث عن وطنٍ بديل.
منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، تحولت الخدمة العسكرية من مجرد “واجب وطني” إلى نفق مظلم لا نهاية له. ولم تعد مدتها سنة ونصف كما كان الحال من قبل، بل أصبحت تمتد إلى 8 أو 10 سنوات، وربما أكثر، وكانت تعني للجنود الموت على الجبهات، أو البقاء أسرى الخدمة لأجل غير مسمى، دون معرفة متى تنتهي هذه الرحلة القسرية.
في السابق، لم يكن التجنيد مجرد التزام عسكري، بل كان عبودية مقنّعة، حيث يتحول الشاب إلى تابع مطيع للضابط المسؤول عنه، يخضع له في كل شيء، ويدفع “الهدايا” والرشاوي لضمان معاملة آدمية وتجنب سوء المعاملة والقهر اليومي الذي يعيشه المجندون. أما في ظل الحرب، فقد بات الأمر أكثر رعبا، حيث أصبح المجند مجرد رقم يُدفع به إلى ساحات المعارك، دون أن يعرف لماذا يقاتل، أو من يقاتل، أو لحساب من تُخاض هذه الحروب.
وبينما استطاع البعض شراء حريتهم بدفع بدل نقدي يصل إلى 8 آلاف دولار، لم يكن أمام الغالبية العظمى سوى الاختباء في المنازل، متجنبين الخروج خوفا من الاعتقال والتجنيد القسري، أو الهروب عبر الحدود، متسللين بين الجبال والغابات والأنهار، يلاحقهم شبح الموت أو السجن أو الاختفاء القسري.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع أن إدارته لا تنوي الاستمرار في سياسة التجنيد الإجباري، باستثناء بعض الاختصاصات ولفترات قصيرة.
“الموت أهون من الخدمة في الجيش”
محمد الحلبي، الذي يعمل اليوم بائعا في أحد محال التذكارات القريبة من الجامع الأموي بدمشق، كان واحدا من هؤلاء الشباب الذين عاشوا كابوس التجنيد الإجباري. يتذكر محمد تلك الأيام العصيبة ويقول “كنت على وشك إتمام الـ18 من عمري قبل سقوط النظام. في العادة نُطلب إلى التجنيد في هذا السن. كنتُ أحلم بالخروج، بأي وسيلة وبأي طريق، حتى لو عبر البحر إلى المجهول”.
ويضيف “كنا نسمع عن الشباب الذين يذهبون إلى الجيش السوري ولا يعودون. البعض يقضي هناك 9 أو 10 سنوات، والبعض يُقتل، والبعض الآخر يعود في سن الـ30 وقد ضيّع شبابه، فلم يتزوج ولم يعمل ولم يؤسس لنفسه. كنتُ أقول لنفسي: لا مستقبل لي هنا إن دخلت الجيش، لا زواج، لا عمل، لا حياة، فقط انتظار الموت”.
كان محمد يبحث عن أي فرصة للهروب، كآلاف الشبان الذين كانت رحلتهم تبدأ من دمشق إلى لبنان، ومن هناك إلى بلدان اللجوء في أوروبا، عبر رحلات محفوفة بالمخاطر في البحر المتوسط.
“قبل سقوط النظام، كنتُ مستعدا للموت في الطريق، لكني لن أذهب إلى الجيش. أما الآن، فقد تغيّرت الخطة 180 درجة؛ الآن أنا أعمل والحمد لله وأجمع النقود. الآن أنا سعيد جدا وسأبقى في بلدي وأخطط لمستقبلي بين أهلي وناسي. لست أخشى أي شيء!”.
جنون في الساعات الأخيرة قبل السقوط
شاب آخر يعمل أيضا في أحد محال التذكارات القريبة من الجامع الأموي طلب عدم ذكر اسمه، أكد أنه كان من القلة المحظوظة، فقد كان “وحيدا” لوالديه، ما يعني أنه معفى من الخدمة العسكرية. لكنه رأى بعينيه كيف كان النظام يزجّ بالشباب إلى الجبهات، حتى أولئك الذين لديهم إعفاء رسمي.
“بعد تحرير حلب نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، جن جنون النظام، فبدأ يوقف الشباب على الحواجز ويأخذهم إلى السجن، حتى المعفيين من الوحيدين أو المؤجلين، سمعت من البعض أن أوراق تأجيلهم مُزقت، وتم سوقهم إلى الجبهات. البعض سيق إلى السجن بلا أي سبب. النظام كان بحاجة إلى كل جندي، لكنه ساق بعض الشباب إلى السجن دون سبب منطقي واضح!”.
الإقامة القسرية هربا من الخدمة الإلزامية
بينما لجأ البعض للهروب، اختار آخرون التخفي، لكنهم ظلوا يعيشون في خوف دائم، لا يجرؤون على مغادرة منازلهم، متجنبين أي مواجهة مع الجيش أو الأمن.
قيس دكاك، الذي استطاع دفع بدل الخدمة العسكرية كونه عاش خارج سوريا في طفولته، لم يكن مضطرا للهروب، لكنه عاش هذه التجربة من خلال صديقه محمد، الذي كان مطلوبا للخدمة العسكرية، لكنه قرر أن يختبئ بدلا من أن يُساق إلى الجبهات.
“محمد كان شابا من منطقتي، وكان يخشى الالتحاق بالجيش. لم يكن يخرج من الحي أبدا، حتى لا يصادف حاجزا عسكريا يسوقه إلى الخدمة الإلزامية عنوة. كان يعيش في خوف دائم، يخرج من منزله فقط إلى صالة البلياردو التي كانت مشروعا استثماريا صغيرا أديره في حينها. بدأ يعمل معي في الصالة، لكني كنتُ أحذّره دائما: لا تسلّم هويتك لأحد، لا تتعامل مع أي جهة حكومية. إذا جاء أحدهم بغيابي وطلب هويتك، فتواصل معي فورا ولا تسلمهم إياها”.
لكن ذات يوم، لم يكن الحذر كافيا.
“كنتُ في عملي الحكومي عندما رنّ هاتفي. محمد يتحدث بصوتٍ مرتجف: جاء الأمن، أخذوا هويتي! وبالطبع، اكتشفوا أنه مطلوب للخدمة. طلبتُ منه أن يتمسك بمكانه، وألا يغادر معهم حتى أصل. انطلقتُ كالمجنون، كنتُ أقود بسرعة جنونية في الشوارع المزدحمة، كأنني أركض في سباق مع الموت. لكن عندما وصلت، كان قد اختفى. سألْتُ الموجودين، فقالوا لي إنهم أخذوه معهم إلى شعبة التجنيد”.
حاول قيس التدخل بكل الطرق، استخدم معارفه، لكن بلا جدوى.
“بعد أيام، علمتُ أنه فُرز إلى الرقة، حيث كانت المعارك مشتعلة بين النظام وتنظيم داعش. حاولتُ نقله إلى مكان آخر، لكن لم يكن بيدي شيء. بعد أسابيع، وصلني الخبر.. محمد اختفى. لا أحد يعرف عنه شيئا، وقيل لي إن مجموعته قُتلت بالكامل. لم يكن يريد الحرب، لم يكن مقاتلا، لكنه أُجبر على القتال. لا أعرف حتى اليوم إن كان حيا أم لا، فلم تصلني جثة ولا شهادة وفاة”.
“النجاة بمعجزة”
أما سائق التاكسي محمد -وهو اسم غير حقيقي للشاب الذي لم يرحب كثيرا بفكرة الحديث إلى الإعلام-، فعاش بدوره لأكثر من عقد في حالة من الهروب الدائم. لم يكن يجرؤ على ممارسة مهنته، كان يتحرك فقط داخل حيه، ويتجنب الخروج في أوقات النهار خوفا من الحواجز. لكنه في أحد الأيام، وجد نفسه أمام حاجز طيار.
“رأيتهم أمامي، كنتُ أعلم أنني انتهيت. طلبوا الهويات، فقررت أن أراوغ، لم أسلم هويتي، وانتظرتُ أن يكتشفوا نقص الأوراق ويبحثوا عني. لكن فجأة، دوّى صوت إطلاق نار! بدأ اشتباك مع الثوار، سادت الفوضى، ركض الجنود نحو سياراتهم، وانطلقوا مسرعين، وتركوا الهويات مع السائق. هكذا، نَجوتُ بمعجزة”.
“أخيرا.. نحن أحياء”
مع تغير المشهد السياسي في سوريا، بدأ الشباب بالخروج من الظل، يستعيدون حياتهم التي سُلبت منهم لسنوات طويلة. أحمد تكريتي، الذي اضطر إلى البقاء في المنزل وإكمال دراسته مرغما فقط لتأجيل التجنيد، يتنفس الصعداء أخيرا.
“أنا كنتُ مطلوبا للخدمة العسكرية، كنت جالسا في المنزل بصراحة، وأدرس هندسة تطبيقية من أجل تأجيل خدمة الجيش. أكملت دراستي مُرغما. كنتُ أدرس في الجامعة، لا لشيء سوى لتأجيل الجيش. أما بعد التحرير، فانفرجت الأمور بشكل عام لأنّ الشباب صار بإمكانه الخروج من البيوت والعمل. كما ترى، الازدحام بالشوارع يستمر حتى الساعة الـ12 أو الواحدة ليلا. كان الشباب يلتزمون البيوت هربا من السوق إلى الجيش. أما اليوم، فشباب البلد كلهم خرجوا”.
كلمات أحمد تلخص معاناة جيل كامل من الشباب السوريين، عاشوا عقدا من الزمن بين المطاردة والخوف والاختباء، قبل أن يجدوا أنفسهم اليوم في واقع جديد، يشبه ولادة ثانية.
المصدر : الجزيرة
———————————-
توتر أمني في درعا… والمحاميد يؤكد لـ «القدس العربي» وقوفه ضد أي مشروع انفصالي
هبة محمد
تحديث 22 شباط 2025
دمشق ـ «القدس العربي»: شهدت ساحة المسجد العمري في درعا، أمس الجمعة، توترا أمنيا بعد اندلاع مشادات تخللها إطلاق نار في الهواء، إثر محاولة بعض الشبان منع رجل الأعمال والسياسي خالد المحاميد دخول المسجد لأداء صلاة الجمعة، وذلك بعد ساعات من عودته قادما من دولة الإمارات.
حقنا للدماء
المحاميد شرح لـ» القدس العربي» ما جرى إذ قال: «عدت الجمعة إلى سوريا بعد 14 عاما من الغياب، وكان في استقبالي حشد من العزوة والأهل، من عشيرة المحاميد وأهالي درعا، وسط موكب مهيب امتد من نصيب إلى مدينة درعا. ولكن للأسف، عند دخولي إلى مسجد العمري أثناء صلاة الجمعة، وجه عدد من الأشخاص لي التهم بأني سبب القصف الروسي على درعا، وكأني صاحب القرار الروسي، ولكن منعا من انزلاق الأمور سيما مع انتشار السلاح، فضلت الخروج من المسجد حقنا للدماء، ثم توجه معظم وجهاء وأعيان مدينة درعا إلى بيتي، لرأب الصدع وطلبوا مني تأدية صلاة العصر في المسجد العمري وهو ما جرى فعلا».
ورفض اتهامه بالقيام بـ «أي دور انفصالي إماراتي أو روسي بما يخص محافظات الجنوب». ودعا لضرورة «لم الشمل السوري وفرض سيادة الدولة وسحب السلاح من الجميع وحصره بيد المؤسسة العسكرية».
وأكد على موقفه الثابت من «دمج فصائل درعا والسويداء تحت مظلة وزارة الدفاع في جيش سوريا الجديد». وتحدث عن «تنسيق عال مع وجهاء وأعيان محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية من أجل الحفاظ على السلم الأهالي والاندماج في الجيش السوري».
وقال: «لن يكون لي أي دور سياسي، إنما أصب اهتمامي من موقعي كرجل أعمال على خدمة الملف السوري، وضبط السلاح في الجنوب السوري ككل، ليس فقط في درعا وإنما في السويداء أيضا، وفق تنسيق عال مع مشايخ الطائفة الدرزية وأعيانها».
وقال المحاميد: بناء على دعوة رسمية وجهها لي وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني حينما زار دولة الإمارات، للقاء الرئيس أحمد الشرع، سأتوجه إلى دمشق خلال الساعات المقبلة، لبحث وضع الجنوب السوري مركزا على تقديم الدعم للقطاعين الصحي والتعليمي» حسب قوله.
وزاد: «سوف ألتقي الشرع، خلال ساعات، ولدي مجموعة ملفات على أجندة الاجتماع، جميعها خاص بوضع الجنوب السوري، وإعادة الإعمار والبناء، ودعم المشاريع في المنطقة، واستكمال الحملة التي بدأتها من فرنسا حيث استطعت بمساعدة مجموعة من الأطباء من فرنسا من تأمين مبلغ جيد سيقدم إلى مستشفى درعا، كما أقود مشروع لترميم وبناء جميع مدارس مدينة درعا، ومن هذا الباب أود تقديم المساعدة لهذه المدينة مركزا على القطاعين الصحي والتعليمي».
أشدد على «ضرورة اندماج فصائل درعا المحلية بما فيها قوات أحمد العودة وغيرها من الفصائل في جيش سوريا الجديد، وضرورة سحب السلاح من الجميع، سواء مدنيين أو مقاتلين، وحصره بيد الدولة تحت مظلة وزارة الدفاع، وهذا أمر ينسحب على فصائل السويداء».
وقال: «كان هناك اجتماع ضم قيادة الفيلق الخامس الذي يقوده أحمد العودة مع وزارة الدفاع السورية، قبل أيام، وأنا لا أتحدث باسم أي تشكيل عسكري، ولكن أؤكد على اندماج الفيلق ضمن وزارة الدفاع، ومنع انتشار السلاح لأني اعتبر انتشاره جريمة بحق المجتمع السوري، وأشد على يد الإدارة السورية الجديدة، للعمل فورا على جمع السلاح من جميع أطياف المجتمع السوري، وهذا يجب أن يعمم على جميع تراب سوريا، دون تقديم امتيازات أو أفضلية لاي مكون سوري عن آخر، لا أفضلية فوق القانون». ودعا المحاميد: إلى «بسط سيادة الدولة على جميع تراب الوطن السوري، وكذلك أن تضم هيكلية وزارة الدفاع كل مكونات الشعب السوري».
علاقات وتنسيق عال
قال المحاميد: «لدينا تواصل مع وجهاء وأعيان ومشايخ الدروز في السويداء على رأسهم الشيخ حكمت الهجري، ووجهاء عائلة الهنيدي وغيرهم من الشخصيات البارزة بحكم الجوار وعلاقات اجتماعية قديمة، كما ننسق بشكل عالي المستوى وفق علاقات متينة مع وجهاء ورجال أعمال من أهالي السويداء في الإمارات العربية، وذلك بما يخدم السلم الأهالي، وضبط النفوس».
وأضاف: «أتطلع للقاء مع وجهاء ومشايخ السويداء، وعلينا أن نعمل من أجل سوريا لجمع الشمل السوري، وعلى فصائل السويداء أن تنظر إلى المستقبل ولابد من الاندماج ليكونوا جزءا في وزارة الدفاع، ولطالما للسويداء مواقف مشرفة ومعروفة عندما منعت شبان المحافظة من الانخراط في جيش الأسد، خوفا على الدم السوري من السفك، كما أن ثورة الكرامة التي امتدت لعامين تحت حكم الأسد للمطالبة بالحرية والكرامة، لا بد أن يكون لها اليوم دور مشرف أيضا».
القدس العربي
——————–
سوريا: المساعدات العربية تصل إلى المقاتلين.. لقاء الرواتب
محمد الشيخ
السبت 2025/02/22
بعد سقوط نظام الأسد، بدأت عدة دول عربية بتسيير جسور جوية وبرية تحمل مساعدات إنسانية لدعم الشعب السوري، الذي يعاني من مستويات فقر مرعبة، إلا أن المستحقين لهذه المساعدات لم يتسلموها، بينما تذهب نسبة منها إلى المقاتلين في صفوف وزارة الدفاع السورية وجهاز الأمن العام، في الحكومة السورية الجديدة.
مساعدات بدل الرواتب
وتعتمد الدول الداعمة والمرسلة للمساعدات، بالدرجة الأولى، على الهلال الأحمر السوري، وعلى منظمات محلية مدنية، في تسلّم المساعدات ثم توزيعها إلى المستحقين لها، من العائلات الأشد فقراً. ويُحظر عليهم تقديم أياً منها للمقاتلين أو عناصر الأمن أو حتى الموظفين الحكوميين، بل تُعتبر من الخطوط الحمراء على الأقل نظرياً.
لكن تلك الخطوط الحمراء، تُنتهك من قبل الهلال الأحمر السوري، إذ تصل سلل إغاثية لمقاتلين في وزارة الدفاع السوري الجديدة، وكذلك إلى عناصر الأمن العام، بينما لم تصل تلك السلل إلى مستحقيها، في معظم المحافظات السورية.
ويقول عنصر في جهاز الأمن العام، تطوع حديثاً، إنه حصل خلال نحو شهر من تطوعه في الجهاز، على سلتين غذائيتين، مصدرهما دولتان عربيتان، معتبراً أن السلتين كانتا مقابل خدمته بدون راتب، في إحدى المفارز الأمنية في ريف دمشق.
ويضيف العنصر لـ”المدن”، أن سيارة تابعة للهلال الأحمر السوري، هي من تجلب تلك المساعدات إلى المفرزة الأمنية، وتُفرّغ ضمن مستودع خاص، مشيراً إلى أن جزءاً منها لا يوزع، إنما يكون ضمن وجبات المقاتلين خلال أدائهم مهامهم ضمن المفرزة، مثل الحراسة الليلية وغيرها.
ويشير إلى أن عمليات توزيع السلل الغذائية تخضع في بعض الأحيان إلى المحسوبية والصداقة مع المسؤول الأمني، مؤكداً أن مقاتلي وزارة الدفاع السورية يحصلون على سلل غذائية أيضاً، وليس فقط جهاز الأمن العام.
ويرى العنصر أن حصوله على سلة غذائية لا يعتبر فساداً أو محسوبية، لأنه من العائلات الفقيرة أيضاً، ويضيف “حامل روحي على كفي”، خلال أداء مهمات ملاحقة فلول النظام وعصابات المخدرات، بينما لا يحصل في المقابل أي راتب حكومي.
أمر اعتيادي!
تغيب الشفافية حتى الآن في عمل منظومة الهلال الأحمر، لجهة توزيع المساعدات العربية على مستحقيها، إذ حتى الآن، لم يُرصد إلا من خلال ناشطين إرسال نحو 6 شاحنات إلى السويداء، بينما في قرى محافظات طرطوس جرى التوزيع عشوائياً، ولعدد محدد وقليل من العائلات، بينما تغيب ريف دمشق عن المشهد. والحديث عن محافظات كانت تحت سيطرة نظام الأسد، لأن مناطق سيطرة المعارضة سابقاً، لها تفاصيل منفصلة.
ويعزّي المحتاجون أنفسهم، بالقول إنه هناك عائلات أشد فقراً منهم، وتذهب السلل الاغاثية إليهم، لكن حديثهم تغيّر في حدّته، بعد مشاهدة المواد الإغاثية تباع في المحلات التجارية، وبعضها على البسطات، بينما يشاهدون الطائرات والشاحنات المحمّلة بها، تصل إلى مطار دمشق وعبر الحدود، على المواقع الإخبارية.
ويقول مسؤول في منظمة محلية سورية، رفض الكشف عن هويته، لـ”المدن”، إن الهلال الأحمر السوري لا يتحمل المسؤولية في حصول المقاتلين على سلل غذائية، بل تتحمله الحكومة السورية، لأن ذلك يُعد “أمر اعتيادي”، وكان وما زال يُفرض من قبل أصحاب السيطرة على الأرض، بينها “حكومة الإنقاذ”، على المنظمات، مقابل السماح لها بالعمل وإصدار التراخيص.
ويؤكد المسؤول أن الإدارة الجديدة اجتمعت مع مسؤولي الهلال مع بداية التحرير، وأبلغتهم بطريقة توزيع المساعدات، بما في ذلك حصولها على نسبة منها، تذهب للمقاتلين وموظفيها، مشيراً إلى أن الهلال الأحمر بنهاية المطاف، قراراه ضمن مركزية الحكومة، وعليه التنفيذ، وذلك على الرغم من أن ذلك يخالف شروط الدول المانحة والمرسلة للمساعدات.
ويوضح أنه في السابق، قبل التحرير، كانت حكومة الإنقاذ تعيّن مسؤولاً للتنسيق الأمني مع المنظمات العاملة ضمن مناطقها، وظيفته تنسيق الحصول على نسبة الحكومة من المساعدات بمختلف أنواعها، تذهب إلى مؤسساتها والعاملين فيها، بينها المؤسسة العسكرية.
—————————–
عودة النازحين السوريين إلى بيوتهم: لغة الفرح تحجب التحديات/ مصطفى الدباس
السبت 2025/02/22
ربما يعكس انتشار صور ومقاطع فيديو للاجئين ونازحين سوريين يعودون إلى بيوتهم المدمرة، في مواقع التواصل، صورة خادعة قليلاً عن البلاد التي استطاعت إسقاط نظام الأسد بعد حُكم دكتاتوري استمر 54 عاماً، ما أنهى حرباً طويلة الأمد في البلاد إثر ثورة العام 2011 التي رد عليها النظام بسياسة الأرض المحروقة، وهجّر أكثر من نصف سكان البلاد البالغ عددهم نحو 24 مليون شخص، بين نزوح داخلي ولجوء خارجي.
والمنشورات التي تحتفي بعودة اللاجئين والنازحين إلى بيوتهم رغم الدمار، تظهرهم بصورة الصامدين والمنتصرين، ولا تترك لغة الفرح العامرة، مجالاً للحديث عن الصعوبات التي يعانيها أولئك الأفراد الذين اختاروا العودة إلى أماكن تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، وربما لا تتحدث حتى عن الحياة التي عاشها أولئك الأفراد في مخيمات اللجوء المفتقرة إلى أبسط مقومات الحياة، بحيث يصبح خيار الرجوع إلى المنازل القديمة المتهالكة في قرى وبلدات لا حياة فيها أصلاً، خياراً نابعاً من أن البديل الذي عاش فيه أولئك الأشخاص كان أسوأ بكثير، وبزوال القصف والملاحقات الأمنية وسطوة المخابرات، يصبح بالإمكان الحلم باستعادة شيء من الشعور بالانتماء وبداية حياة مستقرة، بعيداً من النوستالجيا والرغبة في العودة للحياة القديمة فقط، مثلما يتحدث الرومانسيون.
وفي الفترة الماضية، انتشرت قصص في مواقع التواصل ووكالات الأنباء الكبرى، عن عودة عائلات إلى بيوتها في ريف دمشق وحمص وحلب وغيرها، لكن الحديث عمّن لا يستطيعون العودة يبقى بعيداً من الأضواء. مثلاً، يعيش أبو عمر (78 عاماً) مع زوجته (68 عاماً)، في بناء قديم متآكل في قرية بلبل الواقعة على الحدود السورية التركية شمال غربي البلاد، بعدما غادرا قريتهما في جبل الزاوية العام 2018، إثر قصف قوات النظام المخلوع للمنطقة بشكل يومي.
واضطر الزوجان إثر ذلك إلى الفرار نحو الشمال، هرباً من القصف الجوي والمدفعي المكثف الذي استهدف قرى جبل الزاوية، ما جعل الحياة هناك مستحيلة، فيما تبقى عودتهما إلى بيتهما القديم خياراً مؤجلاً. والمكان الذي يقيم في الزوجان اليوم يكاد لا يصلح للسكن، حيث اضطرا إلى إغلاق النوافذ باستخدام عوازل بلاستيكية لمحاولة الاحتماء من برد الشتاء القارس في المنطقة. وروى أبو عمر في حديثه إلى “المدن”: “عندما وصلنا إلى هنا، وجدنا هذا المكان غير مأهول، بلا نوافذ ولا أبواب، لم يكن سوى مخزن مهجور وقمنا ببناء بعض الجدران في الداخل وغرفة للمطبخ”.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي يضطر فيها أبو عمر وعائلته للنزوح، فالعائلة غادرت منزلها في دمشق العام 2012، عندما طوقت قوات النظام الشارع الذي تعيش فيه في ضواحي دمشق بالدبابات والطائرات في حملة عسكرية واسعة، أجبرت السكان على الفرار، وانتقلت العائلة حينها إلى قريتها بينين في جبل الزاوية، لكن مع توسع رقعة الحرب وسيطرة النظام على القرية، ثم تراجعه وقصفها بشكل شبه يومي بعد سيطرة فصائل المعارضة عليها، لم يكن أمامهم سوى النزوح مجدداً إلى الشمال.
وقال أبو عمر بأسى: “خسرنا منزلين، وخسرت ابني الذي قنصه النظام في دمشق، وفقدنا كثيراً من أفراد عائلتنا قبل أن نغادر قريتنا، والآن لم يعد لدينا مكان نعود إليه”، مضيفاً: ” أنا رجل مسن، ولا أعرف إن كانت هناك جدوى من المطالبة بمنزلنا في دمشق أو في قريتنا، لكن لا مكان للرجوع إليه حتى الآن”. وتظهر صور الأقمار الاصطناعية شارع تشرين في دمشق الذي يقطنه أبو عمر، وهو شارع ملاصق لمنطقة القابون في دمشق، والدمار الذي حل به واسع، فلم يتبق سوى أنقاض، باستثناء المنطقة الشرقية القريبة من ثكنة الشرطة العسكرية، التي كانت تسكنها غالبية موالية للنظام.
ورغم مرور شهرين على سقوط الأسد، ما زالت عودة اللاجئين والنازحين محدودة، حيث تواجههم تحديات اقتصادية وأمنية تجعل العودة محفوفة بالمخاطر، فالمناطق التي نزحوا منها في الشمال السوري تعاني دماراً شبه كامل، وانعدام الخدمات الأساسية، يدفع الآلاف للبقاء في المخيمات، أو القرى التي لجأوا إليها، رغم الظروف القاسية التي يعيشونها هناك.
وبحسب فريق “منسقو استجابة سوريا”، فإن عدد النازحين العائدين إلى مناطقهم الأصلية منذ سقوط النظام لا يتجاوز الـ80 ألفاً، من أصل مليوني نازح، وهو رقم يعكس حجم التردد والمخاوف التي مازالت قائمة.
وجلست زوجة أبي عمر إلى جانبه بصمت، وحين سئلت عما إذا كانت ترغب في العودة إلى منزلهما، أجابت بحزن: “دمروا ذكرياتنا في دمشق، ثم دمروا قريتنا. لكني لست حزينة على المنزل، بقدر حزني على أشجار الزيتون واللوز التي زرعتها وسقيتها بيدي. اعتنيت بها 15 عاماً، وحين بدأت تؤتي ثمارها، خسرنا كل شيء”. وأضافت بصوت منخفض “لكن الحمد لله، قد يكون وضعنا أفضل ممّن ما زالوا في الخيام”.
وتشبه حالة عائلة أبي عمر، وضع آلاف العائلات السورية التي اضطرت للنزوح هرباً من الحرب. ورغم ذلك، يحاول البعض العودة إلى قراه المدمرة، حيث يبني بعضهم خياماً بجوار منازلهم في انتظار إعادة الإعمار. الحاجة نوف، مثلاً، عادت إلى بلدة كفرنبودة بريف حماة الشمالي، حيث نصبت خيمتها فوق أنقاض منزلها رغم انعدام مقومات الحياة هناك. صورتها التي انتشرت، وغيرها من الصورة ومقاطع الفيديو التي توثق عودة نازحين إلى قراهم المدمرة وانتشرت على نطاق واسع، أصبحت رمزاً للمأساة التي يواجهها السوريون إثر الدمار الذي حل بمدنهم وقراهم.
وبحسب تقرير “منسقو استجابة سوريا”، فإن الأضرار الناجمة عن الحرب طاولت مختلف القطاعات الحيوية، إذ تضررت في المدن الكبرى وحدها 892 مدرسة، و161 منشأة صحية، بالإضافة إلى 4626 كيلومتراً من الطرق العامة، و511 فرناً، و312 دار عبادة. كما تم توثيق تدمير جزئي لـ42844 منزلاً، وتضرر 71328 منزلاً بشكل كبير، فيما بلغ عدد المنازل المدمرة كلياً 64282 منزلاً. وتبقى الأرقام التي توثق الدمار في كامل البلاد أكثر سوداوية.
وحذر الفريق من أن الوضع في المخيمات يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، حيث يعيش ملايين النازحين في ظروف غير إنسانية، وسط غياب حلول عملية لإعادتهم إلى ديارهم. كما انتقد التقرير تركيز بعض المنظمات الإنسانية على فعاليات شكلية، بدلاً من تقديم الدعم الأساسي للنازحين، داعياً إلى إعادة توجيه الجهود نحو تحسين ظروفهم المعيشية، وضمان عودتهم التدريجية بكرامة وأمان.
وإلى جانب الدمار الهائل، مازالت مخلفات الحرب تشكل تهديداً مستمراً لحياة السوريين، حيث تستمر الألغام في حصد المزيد من الأرواح. فمنذ 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، تسببت انفجارات الألغام والذخائر العنقودية في أكثر من 108 موقعاً بسوريا بمقتل 109 أشخاص، بينهم 9 أطفال و6 نساء، بالإضافة إلى إصابة 121 آخرين، بينهم 48 طفلاً وامرأة.
ورغم كل التحديات التي تواجه النازحين السوريين، سعى بعضهم للعودة إلى مناطقه المنكوبة، محاولين إعادة بناء حياتهم من جديد من خلال إطلاق مشاريع صغيرة تؤمن لهم مصدر دخل بسيط يساعدهم على تأمين احتياجاتهم الأساسية.
وهنا، انتشرت صورة مؤثرة لشاب عاد إلى مدينة سراقب المدمرة، حيث افتتح بسطة لبيع الفلافل وسط الأنقاض، في محاولة لإعادة إحياء شوارع المدينة المهجورة، وغيره ممن عادوا لفتح مشاريع بسيطة. آخرون قرروا استثمار ما لديهم من خبرات وإمكانات، فأسس أحدهم مطعماً خاصاً به، بينما يفكر آخرون في نقل مشاريعهم التي بدأوها في أماكن نزوحهم إلى مدنهم الأصلية، رغم المصاعب الأمنية والخدمية التي ما زالت تعيق الاستقرار الكامل.
وتواجه الإدارة الجديدة في سوريا تحديات كبرى، تتراوح بين بسط الأمن وإعادة هيكلة الجيش، إلى تأمين الطاقة والمياه، ودفع أجور العاملين. في ظل هذه الظروف، تبقى عودة اللاجئين مرهونة بتوفير الظروف الملائمة للسكن والخدمات الأساسية، وضمان الاستقرار الأمني.
نازحة سورية تتحدث عن سبب عدم عودها لمدينة #حلب عقب سقوط نظام الأسد #فيديو pic.twitter.com/siCa2xs4y5
— الجزيرة سوريا (@AJA_Syria) February 4, 2025
وأعلنت الأمم المتحدة أن أكثر من مليون سوري عادوا إلى ديارهم منذ سقوط الأسد، بينهم 800 ألف نازح و280 ألف لاجئ. وكتب المفوض السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، في منصة “إكس”: “منذ سقوط النظام في سوريا، نقدر أن 280 ألف لاجئ سوري وأكثر من 800 ألف نازح عادوا إلى ديارهم. الجهود الأولية لمساعدة سوريا على التعافي يجب أن تكون أكثر جرأة وسرعة، وإلا فإن الناس سيغادرون من جديد. هذا الأمر بات عاجلاً الآن”. في المقابل، دعت “المنظمة الدولية للهجرة”، اللاجئين السوريين إلى التريث، محذرةً من أن عودة أعداد كبيرة منهم ستضغط على البلاد، وربما تؤثر في عملية السلام الهشة هناك.
وفي إطار الجهود التي تهدف إلى توفير مساكن آمنة للنازحين في الشمال السوري، تم تنفيذ مشاريع سكنية عديدة، أبرزها مدينة الأمل السكنية في بلدة صوران بريف حلب الشمالي، التي افتتحت في كانون الثاني/يناير الماضي. تضم المدينة 1400 شقة سكنية، وتستوعب أكثر من 8800 شخص، مع مرافق خدمية متكاملة تشمل مدارس ومركزاً صحياً ومسجداً، وسوقاً تجارياً، بهدف نقل الأسر من ظروف المخيمات القاسية إلى بيئة مستقرة تحفظ كرامتهم.
بجهود قطرية.. افتتاح مدينة الأمل لإيواء 1400 عائلة نازحة في الشمال السوري#الجزيرة_مباشر | #سوريا pic.twitter.com/OvM5frXzmd
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) February 1, 2025
بالإضافة إلى ذلك، قامت منظمة “قطر الخيرية” بوضع حجر الأساس لمشروع مدينة الكرامة في مدينة الباب بريف حلب الشمالي، والذي يهدف إلى إيواء نحو 8500 نازح سوري، ويشتمل المشروع على وحدات سكنية ومرافق تعليمية وصحية وترفيهية، بهدف توفير حياة كريمة للنازحين.
من جهة أخرى، يبرز “فريق ملهم التطوعي” بمبادراته المتميزة، حيث أطلق مشروع “قرية ملهم” لبناء 300 شقة سكنية طابقية، وقد تم الانتهاء من بناء 66 شقة حتى الآن ويهدف المشروع إلى توفير مساكن كريمة للأسر النازحة، مع مرافق خدمية وتعليمية، بما في ذلك مدرسة “غزة – لجيل جديد” للمرحلة الأساسية، التي افتتحت لتوفير بيئة تعليمية آمنة للأطفال.
إلى ذلك، تعهدت 20 دولة عربية وغربية خلال مؤتمر باريس في 13 شباط/ فبراير الجاري، بتقديم المساعدة في إعادة بناء سوريا، وحماية المرحلة الانتقالية من التحديات الأمنية والتدخلات الخارجية. وتتفاوت التقديرات حول كلفة إعادة إعمار سوريا بعد أكثر من 14 عاماً من الصراع المدمر. فتقدر كلفة إعادة الإعمار وفقاً لتقارير الأمم المتحدة، بحوالى 400 مليار دولار، بينما يشير خبراء اقتصاديون إلى أن الكلفة ربما تتراوح بين 200 و300 مليار دولار، في حين يقدر آخرون أن المبلغ المطلوب قد يصل إلى تريليون دولار. هذا التباين في التقديرات يعكس تعقيدات الوضع على الأرض، وحجم الدمار الذي لحق بالبنية التحتية والقطاعات الاقتصادية المختلفة.
وتشمل الأرقام تكاليف إعادة بناء المساكن، المرافق العامة، البنية التحتية، بالإضافة إلى إعادة تأهيل القطاعات الحيوية مثل الزراعة، الصناعة، والنفط. يؤكد الخبراء أن عملية إعادة الإعمار ستتطلب جهوداً دولية مكثفة، واستثمارات ضخمة تمتد على مدى سنوات عديدة، لضمان عودة الاستقرار والحياة الطبيعية إلى البلاد.
ويتمنى أبو عمر وعائلته العودة إلى منزلهم في القرية في القريب العاجل، لكنهم ينتظرون حلول فصل الربيع، كي يتمكنوا من إعادة بناء ما تهدم من منزلهم، وإعادة زراعة أشجار الزيتون واللوز، وحديقة الأزهار في الشرفة الأمامية لفناء المنزل، والتي لطالما تحدث عنها أم عمر خلال اللقاء بحسرة.
“من إجيت هون فتحت بسطة”
مهجر سوري يفتتح مشروعا بسيطا بعد عودته إلى منزله المدمر جزئيا في سهل الغاب بريف #حماة
إعداد: خزامى الحموي#تلفزيون_سوريا #نيو_ميديا_سوريا pic.twitter.com/Fa5QdgAqtp
— تلفزيون سوريا (@syr_television) January 22, 2025
استلهم فكرته من حي النسيم بـ #الرياض..
شاب سوري يفتتح مطعمه الخاص في #دمشق بعد عودته لها من #السعودية
pic.twitter.com/i6bqEGvhbE
— عبدالمحسن الحربي (@mhsen93) February 2, 2025
المدن
————————-
الرئاسة التركية تنشر فيلماً قصيراً يحتفي بنضال السوريين
السبت 2025/02/22
نشر رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، فيلماً قصيراً يسلط الضوء على نضال الشعب السوري من أجل الحرية، مستنداً إلى قصة واقعية رواها الكاتب والمعارض السوري الراحل ميشيل كيلو عن تجربة عاشها في المعتقل.
ويقدم الفيلم مشهداً لمجموعة من الأشخاص داخل قاعة فاخرة، تعكس مظاهر البذخ والثراء الفاحش، في تجسيد رمزي لسلطة الأسد وعائلته وأعوانه المستفيدين من بقاء النظام، ثم تتحرك الكاميراً تدريجياً نحو الأسفل، كاشفة عن طبقات المعتقلات تحت الأرض، حيث تتصاعد حدة المشهد وصولاً إلى أعمق زنزانة، ليظهر الممثل الذي يجسد دور كيلو، ويُطلب منه أن يسرد قصة لفتاة ولدت داخل الزنزانة، ليكتشف أنها لم تعرف يوماً معنى العصفور أو الشجرة، في مشهد يجسد حجم العزلة والحرمان داخل السجون.
وينتهي الفيلم بانهيار القصر الفاخر، في إشارة إلى سقوط نظام الأسد، بينما تخترق أشعة الشمس الطبقات السفلية، إيذاناً بزوال الظلام، ويحدث هذا التحول بعد صرخة أطلقها الممثل من أعماق الزنزانة، تتسببت في دمار القصر، في رمزية واضحة لثورة السوريين ضد النظام القمعي.
Bir zamanlar tarih, medeniyet ve farklılıkların birlikte yaşamasının simgesi olan Suriye, Baas rejiminin zulmü altında ne yazık ki karanlığa mahkûm edilmişti…
Rejim, Suriye halkına yalnızca kan, gözyaşı ve zulmü reva gördü.
Baskı, işkence ve ölüm hücreleri, adeta Suriyelilerin… pic.twitter.com/sxQiwN98lI
— Fahrettin Altun (@fahrettinaltun) February 20, 2025
وحظي الفيلم بتفاعل واسع بين الناشطين، الذين أعادوا نشره واستذكروا مقابلة الإعلامية زينة يازجي مع كيلو الذي روى حينها القصة المؤثرة التي تعكس حجم المأساة الإنسانية داخل السجون السورية، والأعداد الكبيرة لهذه المعتقلات المنتشرة تحت الأرض، والتي أحدثت صدمة في كل العالم.
ويعكس الفيلم موقف تركيا الرسمي تجاه الثورة السورية، حيث يصور انهيار نظام البعث وانتهاء حكم عائلة الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024. وعلق ألطون على الفيلم مؤكداً: “سنواصل، تحت قيادة رئيسنا السيد رجب طيب أردوغان، نضالنا من أجل تأسيس العدالة في كل بقاع العالم المضطهدة واضعين العدل فوق كل اعتبار، كما في سوريا”. وأضاف أن “سوريا التي كانت رمزاً للتاريخ والحضارة والتعايش بين مختلف الثقافات، أصبحت تحت حكم حزب البعث في ظلام حالك”.
ويعتمد الفيلم بشكل أساسي على السرد العاطفي، ومشاهد التعذيب في المعتقلات، ثم يستعيد قصة الطفلة التي ولدت ونشأت داخل الزنزانة ولم تكن تعرف معاني الأشياء الأساسية مثل العصفور والشجرة. وتظهر القصة كيفية فقدان البراءة في ظل القمع السياسي، وتسلط الضوء على التأثير النفسي العميق للاعتقال في الأفراد، خصوصاً الأطفال. يهدف الفيلم إلى إثارة تعاطف المشاهدين، تحديداً من الجمهور العربي والدولي، من خلال إظهار المظالم التي تعرض لها المعتقلون السوريون. واستخدام قصة حقيقية يعزز مصداقية الفيلم، ويجعله أكثر تأثيراً مقارنة بالأعمال الخيالية.
من الناحية الفنية، يعتمد الفيلم على عناصر تزيد من تأثيره الدرامي، حيث تستخدم الإضاءة الداكنة لتعكس أجواء القمع والمأساة، فيما تعزز الموسيقى التصويرية المؤثرة التفاعل العاطفي للمشاهد، كما تعتمد زوايا التصوير على اللقطات الوثائقية التي تمنح الفيلم طابعاً واقعياً، مع التركيز على تعبيرات الوجه ولغة الجسد لتوصيل المشاعر القوية. كما يمنح السرد الوثائقي الدرامي طابعاً جاداً، بعيداً من الإفراط في المشاهد السينمائية التقليدية، كما أن أسلوب الإخراج القائم على شهادات حقيقية يمنح العمل بعداً توثيقياً يجعله أكثر مصداقية.
وفي سياق حديثه عن الفيلم، لفت ألطون إلى “صرخات الأطفال الذين لم يروا نور النهار في الزنازين والمضطهدين الذين تحولت مدنهم إلى أنقاض عانقت السماء”. وأضاف: “أخيراً، تحقق المصير المحتوم للظلم في سوريا، انهار حزب البعث، أحد أعتى وأبشع الأنظمة الديكتاتورية التي شهدها تاريخ البشرية… انهار النظام القمعي الذي كان يعتقد أنه لا يقهر، وانهارت جدران الظلم واحدة تلو الأخرى”.
ويمكن مقارنة الفيلم القصير مع مسلسل “The Platform” الذي عرض في “نتفلكس”، حيث يتناول كلاهما قضايا القمع والسلطة لكن بأساليب مختلفة. ففي المسلسل يتم التعبير عن الصراع الطبقي وهيمنة السلطة بأسلوب خيالي رمزي، حيث يحرم الأفراد من حقوقهم عبر نظام توزيع الطعام، بينما يعالج الفيلم التركي القمع السياسي في سوريا بأسلوب واقعي مباشر، مصوراً المعتقلين على أنهم مسلوبو الحرية وحتى القدرة على فهم العالم الخارجي. ورغم اختلاف الطرح، يلتقي العملان في تسليط الضوء على الظلم والانتهاكات، أحدهما من خلال الرمزية، والآخر عبر التوثيق الواقعي.
————————
مصير شرق الفرات على طاولة الحوار السوري
اجتماع اللجنة التحضيرية بدير الزور… ونفي أي تفاهم بين دمشق و«قسد»
22 فبراير 2025 م ـ
واصلت اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري جلساتها التشاورية التي تعقدها في المحافظات السورية، حيث عقدت الجمعة أولى جلساتها في محافظة دير الزور شرق سوريا. وكانت اللجنة ذاتها عقدت الخميس جلسات مع ممثلي محافظتي الرقة والحسكة، وكان ذلك في دمشق لصعوبة الوصول حالياً إلى هاتين المحافظتين بسبب سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد). وشارك في الجلستين شخصيات تمثل مختلف أطياف المجتمع بالمحافظتين.
جلسة غنية
وفي حديث لصحيفة «الشرق الأوسط»، وصف رئيس اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، ماهر علوش، جلسة المؤتمر في محافظة دير الزور بـ«الغنية والبنّاءة وفيها الكثير من الآراء».
وقال: «حضر الجلسة عدد كبير من النخب، بينهم كتّاب ومفكرون ومثقفون وسياسيون، كان لديهم العديد من وجهات النظر المتعددة… بعض الحضور طرح أفكاراً عن قضايا العدالة الانتقالية، وآخرون تحدثوا عن إصلاح المؤسسات وقضايا الإصلاح الدستوري وبنائه».
وأشار إلى طرح أفكار حول مشاركة منظمات المجتمع المدني في بناء الدولة أثناء المرحلة التأسيسية الانتقالية لسوريا، وفق تعبيره.
ووصف علوش الأفكار بـ«الجيدة والثرية، وستؤخذ بالاعتبار للبناء عليها في المرحلة المقبلة».
حضر الجلسة التي عُقدت في مركز المحافظة في مدينة دير الزور في كلية الزراعة، نحو 300 شخصية جاءوا من داخل المحافظة وخارجها من الذين كانوا في المناطق المحررة في الشمال السوري، أو من المغتربين في تركيا وأوروبا.
وعبر الحضور عن آرائهم حول مستقبل سوريا سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وأكدوا تمسكهم بوحدة الأراضي السورية، وضرورة استعادة شرق سوريا الذي «سُلبت جميع خيراته»، وفق قولهم.
مصير شرق الفرات
تسيطر «قسد» على محافظتي الحسكة والرقة بشكل كامل، كما تسيطر على نصف محافظة دير الزور. وهذه المناطق بات يطلق عليها منذ سنوات تسمية «الضفة الشرقية لنهر الفرات»، كما تتمتع هذه المناطق بكثرة حقول النفط والغاز ووجود الأراضي الزراعية الوافرة، وتعتبر خزان سوريا من الطاقة والسلة الغذائية. وأثناء الجلسة الحوارية، ورداً على عدد كبير من أسئلة الحضور حول مستقبل مناطق شمال شرقي سوريا التي تسيطر عليها «قسد»، أكد عضو اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، يوسف الهجر، أن «حكومة دمشق تعمل على توحيد كامل الأراضي السورية».
ونفى الهجر أكثر من مرة في حديثه جميع البيانات المتداولة في وسائل الإعلام والتي تتحدث عن تفاهمات بين دمشق وقيادة «قسد».
وقال الهجر المنحدر من محافظة دير الزور والذي يعد مقرباً من الرئيس السوري أحمد الشرع، إنه «لا اتفاقات فوق الطاولة أو تحت الطاولة في ما يخص شمال شرقي سوريا، وقرار استعادة باقي المحافظات هو قرار فوق دستوري»، وفق تعبيره. وخلال الأسبوع المنصرم، أعلنت قيادة «قسد» دمج المؤسسات العسكرية والأمنية التابعة لها مع المؤسسات الأمنية لـ«الإدارة الذاتية»، تمهيداً للدخول في هيكلية الجيش السوري. ودعا قائدها العام، مظلوم عبدي، الرئيس أحمد الشرع لزيارة المناطق الخاضعة لسيطرة قواته في شمال شرقي سوريا، مهنئاً إياه بتوليه رئاسة البلاد للفترة الانتقالية.
ونشرت القيادة العامة لـ«قسد» حينذاك، محضر الاجتماع الثلاثي الذي ضم إلى جانب قائدها العام مظلوم عبدي، كلاً من رئاسة جناحها السياسي «مجلس سوريا الديمقراطية»، وإدارتها المدنية التنفيذية، و«الإدارة الذاتية» الكردية. وأفضى الاجتماع إلى الموافقة على دمج المؤسسات العسكرية والأمنية التابعة لـ«قسد» والمؤسسات الأمنية التابعة لـ«الإدارة الذاتية»، ضمن هيكلية الجيش السوري، وإعادة تفعيل المؤسسات المدنية والخدمية التابعة للدولة السورية في شمال شرقي البلاد، وانسحاب المقاتلين الأجانب من غير السوريين من صفوف «قسد»، والخروج من مناطق سيطرتها، كخطوة لتعزيز السيادة الوطنية والاستقرار.
الشرق الأوسط
———————–
أمريكا تتبنى اغتيال وسيم بيرقدار في إدلب
وقالت “سينتكوم” اليوم، السبت 22 من شباط، إن قواتها نفّذت غارة جوية دقيقة في شمال غربي سوريا، ما أسفر عن مقتل وسيم تحسين بيرقدار، ووصفته بأنه “أحد كبار القادة في منظمة (حراس الدين) الإرهابية التابعة لتنظيم (القاعدة)”.
وبحسب “سينتكوم”، فالغارة الجوية تأتي في إطار التزامها المستمر إلى جانب الشركاء في المنطقة، بتعطيل وتقليص جهود “الإرهابيين” في التخطيط وتنظيم وتنفيذ الهجمات ضد المدنيين والعسكريين من الولايات المتحدة والحلفاء والشركاء في جميع أنحاء المنطقة وخارجها.
قائد “سينتكوم”، الجنرال مايكل إريك كوريلا، قال، “سنواصل بلا هوادة ملاحقة التهديدات الإرهابية وتدميرها، بغض النظر عن موقعها، من أجل حماية مواطنينا وحلفائنا وشركائنا”.
وجرى الاستهداف مساء الجمعة في محيط مدينة الدانا بريف إدلب، شمالي سوريا، بعد أقل من أسبوع على عملية مشابهة.
وذكر مراسل عنب بلدي حينها، أن الطيران المسيّر استهدف سيارة من نوع “هونداي- سنتافيه”، موضحًا أن متطوعي فرق “الدفاع المدني السوري” انتشلوا جثة شخص من السيارة.
وبعد وقت قصير من الاستهداف، نعى الباحث السوري محمد منير الفقير، وسيم بيرقدار، شقيق مدير أوقاف دمشق، وقال إن “حراك دمشق” يودع أحد أبرز الفاعلين فيه، بعد مقتله في ريف إدلب الشمالي.
كما قدّم المتحدث باسم “المجلس الإسلامي السوري” مطيع البطين، التعازي لمدير أوقاف دمشق، سامر بيرقدار، بعد مقتل شقيقه في مدينة سرمدا.
وقبل أيام، تبنت الولايات المتحدة قتل قيادي في فصيل “حراس الدين”، خلال ضربة جوية نفذتها في سوريا.
وذكرت القيادة المركزية الأمريكية (سينتكوم)، في بيان لها الأحد الماضي، أن القيادي قتل في ضربة جوية دقيقة شمال غربي سوريا، وهو مسؤول بارز بالشؤون المالية واللوجستية في “حراس الدين”.
“سينتكوم” اعتبرت أن هذه الضربة جزء من التزامها، إلى جانب شركائها في المنطقة، في تعطيل وإضعاف جهود “الإرهابيين” في التخطيط والتنظيم وتنفيذ الهجمات ضد المدنيين والعسكريين من الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها في المنطقة وخارجها.
————————————-
انتظار ثمن أم رفض مبدئي.. هل تسلم روسيا الأسد لسوريا؟/ لين خطيب
تحديث 22 شباط 2025
منذ سقوط النظام في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024 وفرار رئيسه إلى روسيا، يثار التساؤل حول ما إذا كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيسلم بشار الأسد إلى سوريا لمحاسبته على جرائمه ضد الشعب السوري. بالنظر إلى سياسات روسيا ومصالحها الاستراتيجية في المنطقة، يبدو أن موسكو لن تقدم على خطوة تسليم الأسد بسهولة ولكن..
تعتبر سوريا نقطة ارتكاز مهمة لروسيا في الشرق الأوسط، حيث تمتلك موسكو قاعدتين عسكريتين في البلاد، قاعدة حميميم الجوية وقاعدة طرطوس البحرية، وهما جزء مهم من لوجستيات عرض وتأكيد القوة بالمنطقة والعالم أيضًا.
ورغم تغير المعادلة السياسية في سوريا بعد سقوط الأسد على يد المعارضة السورية، فإن روسيا لا تزال تبحث عن سبل للحفاظ على نفوذها هناك وفي المنطقة عامةً. فهي تتاجر بشكل مكثف مع تركيا وإيران والإمارات العربية المتحدة، وتنفذ مشاريع واسعة النطاق في مجال الطاقة والنقل في المنطقة، وتسعى إلى القيام بدور وساطة في الصراعات المحلية، وتتعاون مع الجماعات الموالية لإيران للضغط على الولايات المتحدة لتحجيم نفوذها في الشرق الأوسط وأفريقيا. هذه مصالح كبيرة، ويبدو أن القوات الروسية تحاول إعادة تموضعها وتأمين مستقبل وجودها العسكري، رغم التغيرات التي تشكل ضغوطا متزايدة على هذا الوجود.
رغم هذا الوضع المتزعزع، رفضت روسيا التعليق على تقارير تتحدث عن احتمال تسليم بشار وامتنعت عن الإدلاء بأي موقف رسمي حول مصيره، ما يعكس عدم استعدادها لمناقشة الأمر علنًا.
على الأقل في الوقت الحالي، وعلى الرغم من الضغوط الدولية، لا تبدو موسكو مستعدة لتقديم بشار ككبش فداء، خصوصًا أن ذلك قد يعطي إشارات غير مرغوب فيها لحلفائها في المنطقة وفي العالم، مفادها أن روسيا قد تتخلى عنهم إذا تطلب الأمر.
إن خسارة روسيا لقاعدتيها في سوريا ستمثل انتكاسة كبيرة لنفوذها، وستضعف قدرتها على العمل في أفريقيا بعد سوريا، ذلك أن المركز اللوجستي التالي للقيادة العسكرية الروسية هو ليبيا. لكن طائرات موسكو لا يمكنها الوصول إلى ليبيا دون التوقف للتزود بالوقود إلا عندما لا تكون محملة بالبضائع. وهذا قد يدفع موسكو إلى إعادة تقييم علاقاتها مع القيادة السورية الجديدة بطريقة من الطرق. هناك إشارات إلى أن الدور الروسي في سوريا يتراجع بفعالية وسرعة، ما قد يدفع بوتين للتخلي عن الأسد إذا كان ذلك يخدم مصالحه.
على الرغم من هذه الانتكاسة، فإن روسيا لا تزال تمتلك أوراق ضغط، منها علاقاتها المتشابكة مع مختلف الأطراف الفاعلة في المشهد السوري، بما في ذلك قادة بعض الفصائل المسلحة الذين يدركون أن الحفاظ على قنوات اتصال مع موسكو قد يكون في مصلحة سوريا على المدى البعيد.
وبوتين ليس في عجلة من أمره، حيث يدرك أن التعامل مع الأسد كورقة تفاوضية قد يمنحه مكاسب سياسية في أي محادثات مستقبلية مع الحكومة الجديدة في سوريا أو مع القوى المحالفة لها.
بوتين يأخذ وقته، وقد أجرى مؤخرًا فقط أول اتصال مع القادة الجدد في سوريا بعد سقوط الأسد. هذا يشير إلى استعداد موسكو المبدئي للتفاوض على ترتيبات جديدة تضمن استمرار نفوذها، وربما البحث عن تسوية بشأن مصير الرئيس المخلوع. فمن الناحية العملية، لم يكن الأسد سوى أداة استخدمتها روسيا لتحقيق أهدافها، وإذا ما أصبح عبئًا غير مرغوب فيه، فقد تجد موسكو طريقة لإبعاده دون أن تبدو وكأنها خضعت لضغوط خارجية معينة.
ومع هذا، يبدو من غير المرجح أن يقوم بوتين بتسليم الأسد بسهولة، كما يتمنى السوريون، إذ إن ذلك سيشكل اعترافًا ضمنيًا بأهمية القانون الدولي، وهو أمر تتجنبه موسكو حفاظًا على ضباطها وحرسها وتجارها.. ولطالما تبنى الروس سياسة تجاهل القوانين الدولية عندما تتعارض مع مصالحهم، وتسليم الأسد سيكون خطوة غير منسجمة مع هذا النهج.
لكن في الوقت ذاته، يمكن لروسيا أن تسعى إلى التخلص من الأسد بوسائل أخرى كما فعلت مع أفراد آخرين، سواء عبر التوصل إلى صفقة مع القيادة السورية تضمن له خروجًا آمنًا إلى بلد ثالث يعتبر منفى له، أو عبر تصفيته بطريقة تحافظ على صورتها كفاعل قوي في المنطقة، كما حصل مع رئيس مجموعة فاغنر يفغيني بريغوزين.
على الرغم من أن الموقف الروسي لم يتضح بعد، إلا أن التطورات الميدانية والسياسية تشير إلى أن موسكو ستبحث عن طريقة تحمي مصالحها في سوريا دون أن تتسبب في أزمة مع حلفائها. فبوتين الذي دعم الأسد على مدى سنوات، ليس مضطرًا الآن للدفاع عنه إلى الأبد، خصوصًا إذا بات يشكل تهديدًا للعلاقات الروسية مع الحكومة السورية الجديدة. أما ما إذا كان الأسد سيظل في روسيا لفترة طويلة أم أن مصيره سيتغير قريبًا، فذلك يبقى مرتبطًا بحسابات موسكو الاستراتيجية أكثر من أي اعتبار آخر.
الترا سوريا
—————————
مدارس مدمرة ومناهج بالية.. هل سقط النظام وبقي إرثه؟/ فاطمة عمراني
تحديث 22 شباط 2025
عندما صرح نذير القادري، وزير التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة، بأن “المشكلة ليست في المنهج، بل في أفكار النظام السابق”، كان يمكن لأي مراقب خارجي أن يظن أن النظام التعليمي السوري متين وقائم بذاته، وأن كل ما يحتاجه هو إزالة بعض العبارات الأيديولوجية ليعود التعليم إلى مساره الصحيح. لكن الحقيقة أكثر تعقيدًا بكثير، فالمدارس التي دمرتها الحرب، والطلاب الذين تسربوا بحثًا عن لقمة العيش، والمدرّسون الذين أرهقهم تأخر الرواتب، كلها مشكلات لا تُحلّ بممحاة على صفحات الكتب.
التعليم قبل السقوط: نظام متهالك لكن قائم
قبل سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، وبسبب الفساد والبيروقراطية المستشرية، كان التعليم في سوريا يبدو وكأنه يعمل ضمن إطار مستقر، ولكنه في الواقع كان يعاني من التآكل. كانت البلاد تضم نحو 18,040 مدرسة، ورغم أن التعليم الحكومي كان مجانيًا، إلا أن جودته كانت تتراجع بشكل مستمر بسبب نقص الموارد واعتماد النظام على مناهج جامدة وأسطوانات تعليمية مكررة. كانت الامتحانات تشكل تحديات تعجيزية، كما تشير المعلمة غالية المغربي، أستاذة اللغة الفرنسية، التي تقول إن النظام التعليمي قبل الحرب “كان يغرق في التعقيد، وكأنه مصمم ليجعل النجاح مهمة شبه مستحيلة”.
أما اليوم، فقد تحولت حتى تلك الأساسات التي كانت تشكل الحد الأدنى من الاستقرار إلى أنقاض. المدارس مدمرة، والطلاب فقدوا القدرة على التعلّم وسط واقع اقتصادي خانق، المدرّسون أيضًا أصبحوا عاجزين عن الحصول على رواتبهم في وقتها. الوضع الذي نعيشه اليوم هو نتيجة مباشرة للسياسات التي اعتمدها النظام على مر السنوات، حيث أُهدرت الموارد واستُنفدت الإمكانيات في معارك السلطة، بينما كانت المدارس آخر اهتمامات النظام الذي كان يُوجه طاقاته نحو تعزيز ثقافة تمجيد شخصه، مُغيبًا مستقبل الأجيال.
الحكومة السورية المؤقتة الحالية، وعلى الرغم من إدراكها لصعوبة الوضع، فإن كل ما تركز عليه هو تعديل المناهج التعليمية، بحجة إزالة “تمجيد الأسد” وتعزيز الأفكار الوطنية. لكن، هل المناهج وحدها هي التي يمكن أن تعيد الحياة إلى التعليم في سوريا؟ هل تعديل الكتب يمكن أن يعوّض عن تدمير المدارس وأزمة المعلمين؟ الواقع اليوم يطرح أسئلة كثيرة عن الأولويات الحقيقية التي يحتاجها التعليم السوري للخروج من هذه الحلقة المفرغة.
طلاب متسربون ومدرّسون بلا رواتب
اليوم، بعد أكثر من عقد على الحرب، تعرضت حوالي 9500 مدرسة للتدمير الجزئي أو الكلي، أي أن أكثر من نصف المؤسسات التعليمية خرجت عن الخدمة. هذا الدمار لم يقتصر على المباني، بل انعكس على الأعداد الصادمة للأطفال خارج المدارس؛ فوفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، هناك 2.4 مليون طفل بين سن 5 و17 عامًا لا يحصلون على التعليم، في وقت تتجاوز فيه نسبة التسرب في بعض المناطق 58%.
المدارس في سوريا
المعلمون، ليسوا في حال أفضل، حيث يواجهون تأخرًا في صرف الرواتب وإعادة هيكلة الكوادر بشكل يثير القلق. تقول غالية المغربي: “نعم، تأخر الرواتب أرهقنا، لكنه لم يؤثر بعد على جودة التعليم، لأنه مسألة وقت وسيتم تسليم المستحقات… لكن إلى متى سنبقى ننتظر؟”.
في الوقت نفسه، تحولت البيئة المدرسية إلى تحدٍّ بحد ذاته؛ لا كتب، لا تدفئة، ولا وسائل إيضاح تتيح للطلاب تعلم اللغات بطرق حديثة. تضيف المغربي: “كيف يمكنني تعليم الطلاب الفرنسية دون أي وسيلة استماع؟! المقرر يطالبهم بسماع حوارات، لكن لا يوجد أجهزة، وكأننا نحاول تعليم السباحة دون ماء”.
الأطفال وفرحة مشروطة بسقوط النظام
في رياض الأطفال، حيث يفترض أن تكون بيئة التعليم أكثر حيوية وأملًا، تعكس المعلمة نهلة حرب مشهدًا متناقضًا؛ الأطفال يشعرون بالفرح، ليس لأن الظروف تحسنت، ولكن لأنهم التقطوا مشاعر أهاليهم الذين تنفسوا الصعداء بعد سقوط النظام. “الأطفال مرآة للأهل”، تقول نهلة، “وحين يصبح الكبار أقل توترًا، ينعكس ذلك على الصغار، حتى لو كانت المدارس بلا مقاعد والكتب تأتي متأخرة”.
لكن، رغم هذه البهجة الظاهرة، لا تزال التحديات قائمة. الأطفال في هذه المرحلة بحاجة إلى بيئة تعليمية آمنة، وهو ما يبدو صعبًا في ظل الدمار القائم ونقص الموارد. تقول حرب: “نحتاج إلى إعادة تأهيل المدارس، ليس فقط عبر بناء الجدران، بل عبر توفير معلمين مدربين ومناهج تناسب الأطفال الذين نشأوا في ظل الحرب”.
تعديل المناهج: أولوية أم خطوة شكلية؟
وسط كل هذه الفوضى، جاء إعلان الحكومة المؤقتة عن تعديل المناهج ليشعل جدلًا واسعًا. كان الهدف المعلن هو حذف أي تمجيد لنظام الأسد، وإلغاء مادة التربية الوطنية التي اعتُبرت أداة دعاية سياسية. لكن الانتقادات لم تتوقف عند هذا الحد، فقرار حذف نظرية التطور من المناهج أثار غضب العديد من التربويين، الذين رأوا فيه تراجعًا عن التعليم العلمي الحديث.
المدارس في سوريا
تقول المغربي: “تعديل المناهج ليس أولوية الآن، الأولوية هي توفير الكتب أصلًا! هل يمكن لطلاب بلا كتب وبلا تدفئة أن يشعروا بفرق إذا حُذفت فقرة أو أضيفت؟”.
إلى أين يتجه التعليم السوري؟
المشهد التعليمي في سوريا اليوم هو خليط من الأمل والدمار؛ مناهج تُعدّل بينما المدارس لا تزال شبه أنقاض، ومعلمون يعانون بينما الطلاب يتسربون. فإذا كان القادري يعتقد أن “الأفكار” هي السبب فقط، فهل هذا يكفي لتفسير تدني جودة التعليم اليوم؟ كيف يمكن تصديق هذا بينما المدارس مدمرة، والمعلمون يعانون من تأخر الرواتب، والطلاب يواجهون صعوبة في الحصول على المواد التعليمية؟ هل كانت المشكلة فعلاً في الأفكار وحدها، أم أن هناك إرثًا من الفشل ما زال يعطل أي تغيير حقيقي؟ ويبقى السؤال الأهم: هل سقوط النظام كافٍ لإنقاذ التعليم؟ أم أن الجدران المنهارة والصفوف المكتظة تحتاج إلى أكثر من مجرد تعديل في الكتب؟
الترا سوريا
—————————–
الإرهابيون الأشباح.. “دير شبيغل” تحكي قصة داعش في سوريا
تحديث 22 شباط 2025
يروي تحقيق صحفي نشرته مجلة “دير شبيغل” الألمانية، في 12 شباط/فبراير الجاري، قصة داعش في سوريا، منذ نشأته إلى مآله الآن بعد سقوط نظام بشار الأسد. ويطرح التحقيق، الذي قام به الصحفيان كريستوف روتر وجوانا ماريا فريتز، الكثير من علامات الاستفهام ونقاط الغموض التي تكتنف هذه القصة، ولا سيما ما يتصل بدور النظام السوري البائد.
يتحدث الصحفيان عن أسلوب عمل داعش من خلال القصص التي كانت تنسب إليه، في دير الزور في الشرق، وفي قرية بالقرب من السلمية في الغرب، وفي بلدة شبكي في الجنوب العميق. قصص عن غارات ليلية على مخيماتهم. روايات عن رجال مسلحين ملثمين يطلقون النار عليهم من الدراجات النارية. حكايات عن سياراتهم التي أُحرقت وأغنامهم التي سُرقت.
ورسميًا، كان الجناة دائمًا هم أنفسهم: الإرهابيون من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، التنظيم الذي نشر الرعب والخوف منذ عام 2013، واستولى على أجزاء واسعة من شمال شرق سوريا، بالإضافة إلى مدينة الموصل العراقية الكبرى في عام 2014. حكم التنظيم “خلافته” المزعومة لعدة سنوات. لكن في عام 2019، سقط آخر معاقل داعش، بلدة الباغوز الواقعة على الحدود السورية-العراقية، في أوائل الربيع بيد الميليشيات الكردية بدعم أميركي.
بعد ذلك، عاد تنظيم الدولة الإسلامية إلى الظهور في الصحراء السورية، كمجموعة شبحية من القتلة يمكنها الضرب في أي مكان، لكنها لم تعد تسيطر على المدن والقرى كما كانت تفعل في السابق. وفيما تقاسمت قوى عديدة خريطة سوريا، فإن تنظيم الدولة الإسلامية، كان يظهر بشكل متقطع في مواقع مختلفة في الصحراء، أحيانًا كنقطة واحدة، وأحيانًا كمجموعة من خمس أو ست نقاط، وأحيانًا كمجرد خطوط متشابكة غامضة. مصدر إرهابي غامض، أشبه بالسراب.
وعلى مدى سنوات، كان خبراء الإرهاب الغربيون والقادة العسكريون الأمريكيون، وكذلك النظام السوري، يصرون على أن داعش لا يزال نشطًا. حتى أن البعض زعم أن التنظيم يدير معسكرات تدريب في صحراء البادية. يُعتقد أن الإرهابيين أمضوا سنوات في الاختباء داخل الكهوف، أو في سلاسل جبلية لا يمكن الوصول إليها، أو في وديان معزولة عميقة داخل الصحراء. تختلف التقديرات بشأن حجم التنظيم، فبينما يقول البعض إنه يضم الآلاف، يعتقد آخرون أن عددهم لا يتجاوز المئات. لكن في كلتا الحالتين، كان العدد كافيًا لجعل واشنطن تحذر مرارًا وتكرارًا من عودة داعش.
عندما انهار حكم بشار الأسد بشكل غير متوقع في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، عاد جنوده إلى منازلهم، وفر الدكتاتور نفسه سرًا إلى موسكو، تاركًا آخر أتباعه ليواجهوا مصيرهم بأنفسهم.
كان ذلك حدثًا بالغ الأهمية أثار قلق خبراء الإرهاب: فإذا كان خصم داعش ينهار، وفقًا للمنطق السائد، فقد يستغل التنظيم الفوضى للاستيلاء على مخازن الأسلحة التي تُركت خلفه والعودة إلى الهجوم.
ويلفت تحقيق المجلة الألمانية إلى أن ما حدث هو خلاف ذلك، فقد ظلت الأمور هادئة في الصحراء. لم يكن هناك أي أخبار من المنطقة: لا قتال، لا غارات جوية، لا إصابات، لا لاجئين، ولا عمليات خطف.
بعد حوالي أسبوع من سقوط الأسد، روى اثنان من مقاتلي “هيئة تحرير الشام” لصحفي “دير شبيغل”، قصة تقدمهم في أوائل كانون الأول/ديسمبر.
قالا إنهما كانا جزءًا من الجبهة الشرقية التي تقدمت عبر الصحراء باتجاه حمص ودمشق: “كنا نظن أن هناك قتالًا ينتظرنا، خاصةً ضد داعش، لكن لم يكن هناك أحد. فقط آلاف الجنود الذين كانوا يسيرون نحو بيوتهم بملابس مدنية”.
كايبنة هاتف تستعمل لتخزين السلاح
داعش.. العدو المفيد
تحت هذا العنوان، يتحدث تحقيق المجلة عن قصة داعش والنظام، فبالنسبة لحكم الأسد، كان تنظيم الدولة الإسلامية عدوًا مفيدًا للغاية. مجرد وجوده أعطى النظام ذريعة لاعتبار حربه ضد المعارضة السورية حربًا على الإرهاب، على الجهاديين القتلة الذين يهددون العالم بهجماتهم في باريس وبروكسل وإسطنبول.
حتى عام 2015، لم يكن سلاح الجو السوري يهاجم داعش، وأحيانًا كانت قوات النظام تنسحب من البلدات ليلًا لتسمح للتنظيم بالسيطرة عليها دون قتال.
على مدى سنوات، تعاون النظام وداعش في استغلال حقول النفط والغاز في البادية، مما أدى إلى وضع العديد من الشخصيات المرتبطة بالنظام على قوائم العقوبات الأمريكية والأوروبية.
وتتحدث المجلة عن مشهد لافت في مقر المخابرات العسكرية في دمشق: “هناك أيضًا، عثرنا على العديد من ملفات التحقيق المتعلقة بمشتبه بهم من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، إلى جانب صناديق تحتوي على منشورات دعائية لداعش، ولوحات تسجيل غير مطلية، وسجلات صيانة لمركبات التنظيم، ودفاتر إيصالات غير مستخدمة، ومئات من بطاقات الهوية البلاستيكية غير المستخدمة التي تحمل شعار “ولاية الرقة”، وهي المقاطعة التي كانت تُعتبر العاصمة غير الرسمية للتنظيم. لكن قوات الأسد لم تعد إلى المدينة أبدًا بعد أن حررها الأكراد من داعش عام 2017. فلماذا كان النظام بحاجة إلى هذه الإمدادات المطبوعة حديثًا باسم داعش؟
يقول بشار حسن، الصحفي المحلي في دير الزور: “مجرد احتياط، للتمويه”. ويضيف: “عندما كانت هناك مصالح تجارية، كان من الطبيعي أن تتصارع أجهزة المخابرات والوحدات العسكرية فيما بينها. وكان من السهل دائمًا إلقاء اللوم على داعش”.
وفي رحلة التحقيق الصحفي هناك الكثير من الحكايات والمشاهدات والذكريات التي يرويها الأهالي في قرى البادية السورية. مثلًا، قصة الرجل الذي قُتل وهو يجمع فطر الكمأ، وامتنعت سلطات النظام الرسمية عن التحقيق في مقتله، وإثر إلحاح من أهل الرجل، نشرت ميليشيا “لواء القدس” التابعة للنظام، على تلغرام، أن الرجل قُتل على يد داعش. ثم اختفى المنشور.
وكانت كل منطقة غنية بالكمأة تخضع فعليًا لضابط أو ميليشيا معينة. كان يُطلق على الأمر “تعهد”. هنا، قامت الفرقة الرابعة، التي يقودها ماهر الأسد، وجهاز المخابرات العسكرية بتقسيم أكثر الوديان إنتاجية فيما بينهما.
وفي ختام رحلة “دير شبيغل” في البادية: “على الطريق المنعزلة المؤدية إلى إثريا، لاحظنا أن المنخفضات الصحراوية – التي كانت فارغة تمامًا قبل أسبوع – قد امتلأت بالخيام والقطعان التي ترعى”. وتنقل عن أحد الرعاة قوله: “لم تعد هناك هجمات. منذ اختفاء النظام، اختفى داعش أيضًا”.
ثم يضيف بلا اكتراث، وهو ينظر إلى أغنامه: “تمامًا مثل السراب”.
———————————
فنانون ومثقفون سوريون يزورون مخيم اليرموك في دمشق
تحديث 22 شباط 2025
زار عدد من الفنانين السوريين ظهر أمس الجمعة، 21 شباط/ فبراير، مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب العاصمة السورية دمشق.
وضمت الزيارة كل من الفنان سميح شقير الذي سبق وأرسل رسالة تضامنية، يعلن عن وقوقه فيها إلى جانب المخيم أثناء فترة حصاره في عام 2014، والفنان عبد الحكيم قطيفان، وأحمد القسيم، والكاتب السياسي ماجد كيالي، الذين جالوا في أرجاء المخيم المدمر، معبرين عن ألمهم لما حل به.
وكان في استقبال الفنانين ناشطون فلسطينيون من “البيت الفلسطيني” الذي تم تأسيسه على يد مجموعة من الناشطين والمهتمين من ابناء مخيم اليرموك.
علي الشهابي
بدأت الزيارة من أطلال معهد الخيّام، حيث كان يقيم الناشط الفلسطيني السوري علي الشهابي، الذي اختفى في معتقلات نظام الأسد.
وفي حديث خاص لموقع “الترا سوريا”، يقول الكاتب ماجد كيالي: “يعتبر علي الشهابي من أكثر الشخصيات الفلسطينية التي كرست حياتها من أجل القضية السورية والكفاح الثوري السوري، دون أن يهمل قضيته الأم في المقابل”
وأضاف كيالي: “إلى جانب اعتبار الشهابي رمزًا وطنيًا من رموز النضال ضد نظام الأسد المخلوع، من الممكن اعتباره رمزًا من الرموز التي غييبت واختفت قسرًا، فقد تعرض للسجن عدة مرات في حياته، والتي كان أخرها في أواخر 2012 ولم يعد من حينها”
وبحسب كيالي، فقد ربط علي الشهابي النضال الفلسطيني بالنضال السوري، فمثلما كانت قضية فلسطين قضية حرية وعدل وكرامة، القضية السورية أيضًا قضية حرية وعدالة وكرامة.
معان عديدة
كان مخيم اليرموك من المدن السورية التي تركت أثرًا كبيرًا في ذاكرة المدن الثورية، بنضاله واندفاع شبابه وحصار التجويع الذي تعرض له من قبل نظام الأسد.
وشهد اليرموك مثله مثل كل المدن التي نادت بالحرية منذ بدايات انطلاقة الثورة السورية، دمارًا واسعًا: “لم يشمل الأبنية السكنية والحجارة فحسب، بل تدمير المخيم كفكرة كاملة، بشوارعه التي يعتبر كل واحد منها رمزًا لمدينة فلسطينية ما أو شخصية”، كما يقول كيالي.
واستعاد سميح شقير وعبد الحكيم قطيفان، ذكرياتهما عن المكان، وتحدثا عن ألمهما وأملهما، بينما اختصر الفنان أحمد القسيم موقفه بجملة: “ارفع راسك فوق، أنت فلسطيني حر”.
مستشفى فلسطين
شملت الجولة التي قام بها الفنانون، زيارة لمستشفى فلسطين أيضًا، حيث صُدموا من حجم الدمار الذي أصابه، مستنكرين قصف النظام السابق لها.
وعبر قطيفان عن ألمه بسؤال: “من يفعل هذا بمشفى؟” قبل أن يقول شيئاً عن حجم مديونيته الفكرية والنضالية للمخيم وللثورة الفلسطينية، بحسب “البيت الفلسطيني”.
واختتمت الزيارة بجولة في مقبرة الشهداء الأولى، حيث زار الفنانون قبر الشهيد خليل الوزير (أبو جهاد)، مستمعين إلى سرد عن تاريخ المقبرة، التي تختزل مسيرة نضال طويلة.
——————————-
=======================