كاثرين هولز لـ”المجلة”: الذكاء الاصطناعي يتعدى على الترجمة الأدبية

ترجمتها رواية “حرز مكمكم” حصلت على جائزة “سيف غباش بانيبال”
نسرين البخشونجي
22 فبراير 2025
تلعب المترجمة البريطانية كاثرين هولز دورا مهما في تعريف الجمهور العالمي بالأدب العربي المعاصر بفضل ترجماتها من العربية إلى الإنكليزية. بدأت رحلة هولز في الأدب العربي بدراستها الأكاديمية. حصلت على درجة البكالوريوس في اللغتين العربية والعبرية من جامعة أكسفورد، ثم درجة الماجستير في الترجمة والتفسير من جامعة مانشستر ودرجة ماجستير أخرى في دراسات الشرق الأوسط من الجامعة الأميركية في القاهرة. لم يصقل تعليمها المكثف مهاراتها اللغوية فحسب، بل عزز أيضا فهمها للسياقات الثقافية والتاريخية التي تشكل الأدب العربي. ترجمت هولز مجموعة متنوعة من الأعمال العربية، تشمل أعمالا معاصرة وكلاسيكية. تتميز ترجماتها بدقتها اللغوية وحساسيتها تجاه لهجة النص الأصلي والفروق الثقافية.
فازت أخيرا ترجمتها رواية الكاتب المصري أحمد ناجي “حرز مكمكم”، بجائزة “سيف غباش بانيبال” لعام 2024 وكانت من المرشحين النهائيين لجائزة دائرة نقاد الكتب الوطنية في مجال السيرة الذاتية. ومن أبرز ترجماتها رواية “طوق الحمام” للروائية السعودية رجاء عالم، التي ترجمتها بالاشتراك مع آدم طالب. حصل الكتاب على جائزة الشيخ حمد للترجمة لعام 2017 وكان ضمن القائمة القصيرة لجائزة سيف غباش بانيبال للترجمة الأدبية العربية لعام 2017.
إلى جانب عملها في الترجمة الأدبية، ترجمت نصوصا للسينما والمسرح. بالإضافة إلى مساعيها المهنية، تتفاعل هولز مع المجتمعات الأدبية بصفات مختلفة، وتشارك في مبادرات ثقافية. هنا حوار معها.
هلا شاركتنا لمحة عن رحلتك في حقل الترجمة وما الذي أثار اهتمامك بالترجمة من العربية إلى الإنكليزية؟
خلال دراستي اللغتين العربية والعبرية، كنت أحب الترجمة دائما. بدأت الترجمة بشكل رسمي أثناء ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، عندما طلب مني أصدقائي المساعدة، وسرعان ما اصبحت الترجمة عملي الأساس. لم أبدأ في ترجمة الأدب إلا لاحقا، رغم أنني كنت دائما قارئة نهمة.
ترجمت مجموعة متنوعة من الأعمال، بما في ذلك الروايات والنصوص السينمائية والمسرحية. ما الجنس الأدبي الذي تجدينه الأكثر تحديا؟
كنت محظوظة بترجمة العديد من الأعمال المختلفة، ولكل منها تحدياتها الخاصة. أحب الأدب لأنه من الممتع للغاية الدخول إلى عالم المؤلف وإعادة كتابة النص باللغة الإنكليزية. في السينما والمسرح، أستمتع بمحاولة الوصول إلى الحوار الصحيح، والعمل مع القيود الفنية المختلفة المتضمنة في عملية الترجمة. ثم هناك أعمال تتطلب منك إتقان مجال معين من المفردات أو الأسلوب اللغوي. قمت أخيرا بترجمة الرواية القصيرة “سر ولا سر” الصادرة عام 1903. كانت ترجمتها إلى اللغة الإنكليزية ممتعة للغاية.
ماذا عن تجربتك في ترجمة كتاب “حرز مكمكم” لأحمد ناجي، ما الذي جذبك إلى هذا المشروع على وجه الخصوص؟
هذه الرواية ذكية ودقيقة عن حياة السجن، وشهادة جميلة على قوة الأدب. كما أن انتقاد ناجي الذوق الرديء وركاكة الديكتاتورية، رائع ومضحك أيضا. عندما قرأته عام 2020، عرفت على الفور أنه كتاب مهم، وهو الكتاب الذي أريد أن يقرأه العالم. كنت أعلم أنني سأستمتع بترجمته أيضا، وكنت محقة تماما في ذلك.
الجوائز
حصلت على العديد من المنح والجوائز المرموقة. كيف أثرت هذه الجوائز على مسيرتك المهنية؟
أعطي عملي أولوية كبيرة، ويسعدني أن تحظى ترجماتي بالتقدير من جانب زملائي. كما أن الجوائز والمنح مهمة في توفير الدعم المادي للمترجمين الأدبيين، الذين يتقاضون أجورا منخفضة بشكل مزمن، وأنا ممتنة جدا لهذا الدعم.
هل تشعرين أن مجال الترجمة الأدبية يتطور، وما الدور الذي تلعبه هذه الجوائز في تسليط الضوء على أهميته؟
على مدى العقد الماضي أو نحو ذلك، رأيت مترجمين يكتسبون المزيد من التقدير كمبدعين أدبيين في حد ذاتهم، وهو تطور إيجابي. ومع ذلك، صادفت هذا العام موقعا إلكترونيا يروج لنفسه باعتباره مجلة أدبية متعددة اللغات، تستخدم الذكاء الاصطناعي لترجمة العمل الذي تنشره.
يتعين عليّ أن أكون على دراية بما يثير اهتمام الناشرين الغربيين، لكنني أحاول ألا أسمح لذلك بالسيطرة على تفكيري
يُستخدم الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع في أنواع أخرى من الترجمة، لكن هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها الذكاء الاصطناعي يتعدى على الترجمة الأدبية، وأنا قلقة للغاية من هذا الأمر، ليس فقط من أجل المترجمين. لكن لأن الفن هو أكثر المساعي الإنسانية، وستصبح حياتنا فقيرة للغاية إذا سمحنا للعاملين في مجال التكنولوجيا بأخذه منا وإعطائه لروبوتاتهم الأليفة.
الناشر الغربي والأدب العربي
هناك مشكلة تتعلق بندرة ترجمات الأدب العربي إلى اللغات الأجنبية، كمترجمة، متى وكيف تجدين الأعمال العربية تحظى باهتمام الناشرين الغربيين؟
هناك موضوعات أو أسماء معينة للمؤلفين تثير اهتمام الناشرين الغربيين، هذا صحيح. بصفتي مترجمة ووكيلة أدبية، يتعين عليّ أن أكون على دراية بما يثير اهتمام الناشرين الغربيين، لكنني أحاول ألا أسمح لذلك بالسيطرة على تفكيري عندما أقرر اختيار الكتب التي سأعمل عليها. أريد أن أقدم الى القراء الناطقين باللغة الإنكليزية زوايا مثيرة وغير مألوفة من العالم الأدبي، وليس تسليم ما يعتقد الناشرون أنهم يريدونه. هذا ليس ممكنا دائما، وأجد نفسي أحيانا محبطة عندما يتجاهل الناشرون الغربيون الكتب العربية المميزة. لكنني لا أريد أن أحمل ثقل العالم على كتفي طوال الوقت، لذلك أحاول الاعتماد على ذوقي الخاص، وأثق في أنني سأتمكن من التواصل مع الناشرين والقراء الذين يقدرون هذا الذوق في نهاية المطاف.
مشاريع مقبلة
هل هناك مشاريع مقبلة أو مؤلفين تشعرين بالحماسة بشكل خاص للعمل معهم؟
هناك دائما العديد من المشاريع التي أشعر بالحماسة تجاهها. في الوقت الحالي، أستمتع حقا بالعمل على رواية سارة أبو غزال الأولى، “احلمي يا سيدي”. كل فصل يروي شخصية مختلفة، مما يعني أنني أواجه تحديا رائعا يتمثل في إيجاد الصوت المناسب لكل منها. أتطلع إلى ترجمة المزيد من القصص من المجموعة الثالثة للكاتبة روعة سنبل، “دو، يَك”، التي تلتقط بدقة الحياة في سوريا خلال العقد الماضي. كذلك لدي مخطوطة كتاب محمد الزقزوق، الذي ظل يكتب طوال أحداث الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل على غزة. لا أستطيع القول إنه ممتع، لكنه يدفعني إلى التفكير بجدية أكبر في سبب قيامي بالترجمة وفي الكيفية، وأشعر بشرف كبير لأنه عهد إليّ بهذه المهمة.