أبحاثسقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوع

لماذا لم يتظاهر طلاب الجامعات الغربية تضامناً مع السوريين؟/ فادي الداهوك

سؤال نتنياهو واليمين الفرنسي بعد احتجاجات ساينس بو

28-02-2025

        تساءل بنيامين نتنياهو خلال مقابلة أجرتها معه قناة إل سي إي الفرنسية في أيار(مايو) الماضي، بعد تظاهرات عارمة شهدتها جامعات عديدة في الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا: أين كان كل هؤلاء الذين يتظاهرون اليوم ضد إسرائيل عندما كان نظام بشار الأسد يقتل المدنيين في سوريا؟

        فكرة المقارنة بين سوريا وغزة تحولت خلال العدوان الإسرائيلي على القطاع إلى سلاح قوي للرواية الإسرائيلية حول العالم، لكن هذه المقارنة أخذت صخباً أكثر في فرنسا بسبب أصالة الحركة الطلابية وارتباطها الوثيق بالقضايا السياسية والاجتماعية الكبرى، فضلاً عن أن تركة «فرنسا الاشتراكية» ما تزال واضحة في الجامعات، إذ كثيراً ما يكون للطلاب تحركاتهم الخاصة النابعة من حساسية بالغة لقضايا العدالة الاجتماعية والحروب التي يكون لفرنسا دور ما فيها. فليلة بث مقابلة نتنياهو، قاد الطلاب تحركاً احتجاجياً جمع آلافاً من المتظاهرين أمام مبنى شبكة التلفزيون الفرنسي الذي تتبع له قناة إل سي أي، وكان من التحركات النادرة التي تحصل أمام وسيلة إعلام في فرنسا.

        هذه المقارنة تُطرح باستمرار على القنوات الفرنسية الإخبارية، حتى أنها تحولت إلى استراتيجية دفاعية يسوّقها دبلوماسيون إسرائيليون مثل دولفين غامبورغ المستشارة الوزارية لشؤون العلاقات العامة في السفارة الإسرائيلية في باريس، لتدارك الصورة المتقهقرة في الغرب لما تُوصف بـ«الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط». غامبورغ، من بين دبلوماسيين كثر ينشطون لتسويق هذه المقارنة، حيث حرصت باستمرار على المقارنة بين غزة وسوريا. وكان ذلك أشبه بخطة لتحويل التركيز عن الجرائم الإسرائيلية المرتكبة في غزة عندما يتم الحديث عنها في البرامج التلفزيونية أو الإذاعية الفرنسية. وبالإضافة إلى غامبورغ، يبرز اسم المتحدث باسم الجيش الإٍسرائيلي للإعلام الفرنسي أوليفيه رافوفيتش، الذي سوّق لهذه المقارنة خلال حضوره المتواتر على وسائل الإعلام الفرنسي، وخصوصاً قناة بي إف إم، وهي استراتيجية لمخاطبة الجمهور الفرنسي تلعب بها زوجته روكسان-رواس رافوفيتش دوراً في غاية الأهمية، خصوصاً وأنها مؤسِّسة لمجموعة ستوديو فاكت التي تنتج أبرز برامج القنوات الفرنسية، ومن بينها وثائقي حماس، الدم والسلاح الذي بثته قناة فرانس 2 بعد أسبوعين فقط من عملية السابع من أكتوبر.

        هذه الأسماء نجحت في إقحام المقارنة بين سوريا وغزة في النقاش العام في فرنسا، واللافت أن ذلك تزامن مع التحركات الاحتجاجية التي شهدها معهد العلوم السياسية في باريس (سيانس بو).

        معهد العلوم السياسية في باريس وجامعة كولومبيا

        خلال التحركات الاحتجاجية التي اجتاحت معهد العلوم السياسية في باريس، اعتبر البعض أن الطلاب «تأثّروا» بالنموذج الأميركي للاحتجاج على ما يحصل في غزة، وخصوصاً العصيان الذي شهدته جامعة كولومبيا الأميركية في نيسان (أبريل) من العام الماضي. لكن في الواقع، ما حصل هو العكس، إذ إن التحركات الاحتجاجية الطلابية امتدت من باريس إلى جامعة كولومبيا، وتحديداً من سيانس بو باريس، لأنّ أول تحرك احتجاجي شهده المعهد الباريسي المرموق كان في الثاني عشر من آذار (مارس) 2024، عندما احتل عشرات الطلاب أحد مباني المعهد، قبل أن يتحول العصيان إلى تظاهراتٍ عارمة ستمتد إلى عددٍ كبيرٍ من الجامعات والمعاهد الفرنسية، بالإضافة إلى المدارس الثانوية.

        صورة العلم الفلسطيني داخل سيانس بو كانت مُحرجةً جداً للحكومة الفرنسية، فالمعهد هو المصنع الذي يخرّج أشهر الشخصيات في فرنسا أو «حُكّام البلاد»، مثل الرؤساء السابقين جاك شيراك، وجورج بومبيدو، وفرانسوا هولاند، والرئيس الحالي إيمانويل ماكرون. ومن هنا كان ردُّ الحكومة قاسياً وتطلّب ردود فعلٍ مُندّدة جاءت على لسان ماكرون ورئيس وزرائه السابق غابريال أتال، فضلاً عن وزراء وإعلاميين آخرين كانوا من خريجي المعهد، الذين تبنّوا موقف الحكومة الفرنسية في «الدعم غير المشروط لإسرائيل في الدفاع عن نفسها» بعد عملية السابع من أكتوبر.

        بعد الحركة الاحتجاجية التي نفذها طلاب المعهد، أصبحت ميزانيته قضية نقاش عام في فرنسا مع إعلان رئيسة منطقة إيل دو فرانس (باريس وضواحيها) ڤاليري بيكريس تعليقَ تمويل المعهد.

        تساهم منطقة إيل دو فرانس بدفع مليون يورو سنوياً في ميزانية سيانس بو، فيما تساهم الدولة بحوالي 70 مليون يورو من إجمالي الميزانية البالغة نحو 200 مليون يورو، والتي تغطي الرسومُ الدراسية النسبةَ الأكبر منها بحسب أرقام المعهد.

        ويضمُّ المعهد عدداً كبيراً من الطلاب الدوليين، وخصوصاً من الولايات المتحدة الأميركية، حيث كان لهؤلاء دورٌ بارزٌ في تنظيم التحركات الاحتجاجية وتنسيقها مع جامعة كولومبيا، التي تجتمع مع معهد العلوم السياسية في باريس ببرنامج شهادة مشتركة وتبادل للطلاب.

        في الباحة أمام المعهد، كان عدد الطلاب اليهود المشاركين في الاحتجاجات ملفتاً. جودي، واحدة من بين هؤلاء. تضع قلادةً فيها نجمة داوود وتحمل لافتةً كتبت عليها: «أنا يهودية، ولن أسمح أن يُمارس العنف الذي حصل ضد أجدادي خلال المحرقة على الشعب الفلسطيني».

        تقول جودي لللجمهورية.نت: «إن مواضيع القانون الدولي الإنساني هي في صلب المواد التي ندرسها هنا في سيانس بو، لذلك أرى أن دولة إسرائيل تنتهك هذه القوانين اليوم، وبالتالي أعتقد أنه من المهم أن نطبّق هذه المواد التي ندرسها وما تعلمته على ما يحدث اليوم في غزة». وأضافت: «علاوةً على ذلك، بصفتي يهودية من نسل عائلةٍ ناجيةٍ من المحرقة، أشعر بحرقةٍ كبيرةٍ إزاء العنف والدمار الذي يحدث في غزة الآن، وفي جميع أنحاء إسرائيل منذ القرن الماضي وليس فقط بعد السابع من أكتوبر، وأعتقد أنه من المهم حشد الجهود لدعم الشعب الفلسطيني حتى لا يواجه العنف ذاته الذي واجهه أجدادي، ولا يلاقون مصيرهم  إبان المحرقة».

        مشهد مشاركة طلاب يهود كسرَ حالة الهجوم على المعهد واتهام سياسيين للطلاب بأنهم من أنصار «معاداة السامية» أو «اليسار الإسلامي»، وهو وصفٌ يطلقه أنصار اليمين واليمين المتطرف على المتظاهرين ضد سياسات الحكومة الفرنسية بشكلٍ عام. دفع ما سبق ذكره وزيرةَ التعليم العالي سيلڤي روتايو إلى حسم جدل تعليق الدعم عن المعهد، معلنةً أن ذلك لن يحصل بأي حالٍ من الأحوال، رافضةً كذلك رواية الطلاب عن «تواطؤ المعهد مع مؤسسات تعليمية إسرائيلية تدعم الحرب في غزة»، ومعلنةً أن قطع التعاون مع هذه المؤسسات لن يحصل.

         لماذا لم يتظاهر هؤلاء عندما كان المتظاهرون يُقتلون في سوريا؟

        بالعودة إلى تساؤل نتنياهو خلال المقابلة مع القناة الفرنسية، ينطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي من حقيقة أن حجم الدمار الذي خلّفه النظام السوري وعدد القتلى والمهجرين مهول بقدر درجة الدمار الذي خلفته إسرائيل وعدد القتلى والمهجرين في غزة. وهذا إن بدا اعترافاً بأن اسرائيل ترتكب المجازر في غزة، لكنه اعترافٌ مشروطٌ بأن النظام السوري ارتكب جرائم أكثر.

        هذه المقارنة التي راقت لعددٍ كبيرٍ من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي كانت ملحوظة بشكل كبير مع بداية تحركات الطلاب وتصاعد الاحتجاجات الشعبية في فرنسا، لكن الفارق بين حالتي سوريا وغزة جوهري وكبير جداً.

        يحتج الطلاب في فرنسا على تواطؤ حكوماتهم وجامعاتهم مع إسرائيل، وهو ما لم يكن موجوداً في الحالة السورية. فقبل أن تبلغ الثورة السورية عامها الأول قدّمت فرنسا دعماً لفصائل الجيش الحر في خطوةٍ كانت الأولى من نوعها من قبل قوة غربية عظمى؛ وبالتالي لم يكن موقفها متواطئاً مع النظام السوري، وهنا يغيب دافع الاحتجاج الرئيسي في حالة سوريا ويحضر في حالة غزة.

        في الجانب الأميركي، يقف طلاب جامعة كولومبيا ضد الدعم العسكري الهائل الذي تقدمه الولايات المتحدة إلى إسرائيل، وهو دعمٌ يفوق ما حصلت عليه أي دولة أخرى منذ الحرب العالمية الثانية. ففي كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي، وافقت الإدارة الأميركية على دعم إسرائيل بما يقرب من 14 ألف خرطوشة ومعدات ذخيرة دبابات بقيمة 106.5 مليون دولار، وقذائف مدفعية 155 ملم ومعدات ذات صلة بقيمة 147.5 مليون دولار أميركي. تلك الأسلحة وصلت إلى إسرائيل بعدما تجاوز البيت الأبيض موافقة الكونغرس على الدفعتين. وفي 24 نيسان (أبريل) الماضي شملت حزمة مساعدات خارجية أقرّها الكونغرس 26.4 مليار دولار من الدعم العسكري لإسرائيل. هذا هو الحال أيضاً بالنسبة للطلاب الفرنسيين. فمن جانب باريس، يبدو الوصول إلى الأرقام الكاملة لما تحصل عليه إسرائيل صعباً جداً بسبب اختلاف آلية الدعم التي تقدمها فرنسا، فهي ليست علنية مثل نظيرتها الأميركية، إذ تورّد فرنسا الأسلحة لإسرائيل عبر طرف ثالث، وتتوقف الأرقام المعلنة للصفقات المباشرة بحسب وزارة الدفاع الفرنسية عند عتبة 20 مليون يورو سنوياً، لكن الصادرات الفرنسية التي تتم عبر طرف ثالث تتجاوز أرقامها ما تعلنه وزارة الدفاع بكثير، فبحسب موقع ديسكلوز الاستقصائي الفرنسي، منحت الحكومة الفرنسية قرابة 70 إذن تصدير سلاح إلى إسرائيل عام 2022 بقيمة 358 مليون يورو، وخلال الحرب الأخيرة في غزة سلّمت فرنسا إسرائيل 100 ألف خرطوشة للسلاح الرشاش على الأقل، فضلاً عن أن شركات السلاح الفرنسية تُطوّر أنظمة تجسس ومراقبة ومسيّرات (الزنانات) تعمل بالذكاء الاصطناعي لأهداف استخباراتية، وهو ما أكده وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو في مقابلة صحفية.

        ماذا عن الدعم الأكاديمي وما علاقته بالاحتجاجات؟

        منذ تأسيس دولة إسرائيل، كانت الأوساط الأكاديمية الإسرائيلية متورطة في المشروع الاستيطاني بشكلٍ كامل. تم تأسيس ثلاث جامعات هدفها الأول خدمة الحركة الصهيونية في فلسطين التاريخية: الجامعة العبرية العامة على قمة جبل المشارف كجامعة شاملة ومركز لتشكيل هوية وأمة يهودية-صهيونية جماعية جديدة، ومعهد التخنيون للتكنولوجيا والعلوم في حيفا، ومعهد وايزمان للتطوير العلمي والتكنولوجي في مستوطنة رحوفوت. من هذه المؤسسات الثلاث، أنشأت ميليشيا الهاغاناه الصهيونية فيلقاً علمياً، كانت مهمته تحسين القدرات العسكرية للمليشيا، وخلال حرب عام 1948 كان الطلاب وأعضاء الهيئة التدريسية مفتاحاً أساسياً في تطوير السلاح واستراتيجيات التغيير الديموغرافي لطرد الفلسطينيين.

        في بحثٍ مطول نُشر في شباط (فبراير) من العام الماضي للدكتورة مايا ويند، عضو الهيئة التدريسية في جامعة بريتش كولومبيا، وتحت عنوان: الجامعات الإسرائيلية جزء أساسي من نظام الفصل العنصري، تقول إن الجامعات الإسرائيلية صمَّمَت – ولا تزال تدير – برامج أكاديمية مُخصّصة لتدريب الجنود وقوات الأمن على تنفيذ عملهم وتعزيز عملياتهم. لقد ارتبط تطور التعليم العالي الإسرائيلي بظهور الصناعات العسكرية الإسرائيلية، ولا تزال الجامعات الإسرائيلية تدعمها. شركتا رافائيل وصناعات الطيران الإسرائيليَّتين، وهما من أكبر منتجي الأسلحة في إسرائيل، طورتا من البنية التحتية التي وضعها معهدا وايزمان والتخنيون. واليوم، تطور الجامعات الإسرائيلية مع شركات الأسلحة التكنولوجيا التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي. هذه التكنولوجيا يتم بيعها لاحقاً في الخارج باعتبارها تكنولوجيا تم اختبارها ميدانياً أو «ثبتت فعاليتها في المعركة»، وعادة ما تكون ساحة المعركة هي غزة أو الأراضي المحتلة في الضفة الغربية.

        بسبب الاحتجاجات العارمة والتحرك الطلابي الكبير ضد إسرائيل في الجامعات الفرنسية، قرّرت باريس أن تمنع هذه الشركات الإسرائيلية من حضور معرض يورو ساتوري، أحد أضخم معارض الأسلحة الدفاعية في العالم، في حزيران (يونيو) الماضي، بالإضافة إلى معرض آخر يقام في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.

        كيف تدعم الجامعات الإسرائيلية الحرب الحالية في غزة؟

        أنشأت إسرائيل برامج تعليمية في عدد من الجامعات، تديرها وزارة الدفاع بشكل مباشر، لكن أبرز برنامجين هما تلبيوت Talpiot، وبساغوت Psagot.

        بحسب المعلومات التي توفّرها وزارة الدفاع الإسرائيلية، فإن برنامج تلبيوت مُوجّه لوحدة النخبة التكنولوجية العسكرية الأكاديمية في إسرائيل. تأسس عام 1979، وتقوم الوزارة «بتوظيف 50 طالباً موهوباً يظهرون مهارات استثنائية في الرياضيات والعلوم، والذين يظهرون أيضا صفات قيادية».

        أما برنامج بساغوت، فهو البرنامج الرئيسي للخدمات الأكاديمية العسكرية. يتم تجنيد خريجي المدارس الثانوية ذوي المواهب المتميزة في مناصب بحثية وتطويرية مهمة في قلب الأنشطة التكنولوجية للجيش الإسرائيلي، من خلال إخضاعهم لبرنامج دراسات مُكثّف في المجالات الصعبة، بما في ذلك الإلكترونيات والفيزياء وأنظمة الكمبيوتر. ويخضع المشاركون أيضاً لتدريب أكاديمي في الفيزياء الكهربائية أو هندسة البرمجيات، ويتم توزيع الخريجين في مجموعة تمتلك أدواراً متنوعة في البحث والتطوير الدفاعي.

        هذان البرنامجان كانا في صلب الاحتجاجات التي شهدتها الجامعات الأميركية والفرنسية، فجامعة كولومبيا ومعهد ماساتشوستس، على سبيل المثال، يرتبطان ببرنامج قديم لتبادل الطلاب مع معهد التخنيون الإسرائيلي للتكنولوجيا، وحذت فرنسا حذو الولايات المتحدة في شهر حزيران (يونيو) عام 2020 من خلال إطلاق «تخنيون فرنسا»، وهو ثمرة تعاون بين المعهد المذكور وعدد من أعرق المؤسسات التعليمية في فرنسا مثل جامعة السوربون ومعهد العلوم السياسية سيانس بو ومدرسة البوليتكنيك وجامعة باريس دوفين… ومؤسسات تعليمية أخرى بحسب ما يوضح بيان صحفي نشر على الموقع الرسمي لـ تخنيون فرانس. كل ذلك قاد الفرنسيين، وخصوصاً الطلاب الذين يشكلون النسبة الأكبر في التظاهرات، إلى الاعتراض على أن تتورّط مؤسساتهم التعليمية في الحرب الإسرائيلية على غزة. وهذا دفع إسرائيل للاستنفار في فرنسا من أجل ضرب صدقيّة هذه الاحتجاجات من خلال تكثيف حضور الرواية الإسرائيلية في وسائل الإعلام الفرنسية، والتركيز على المقارنة بين حالتَي غزة وسوريا، حيث أجرى نتنياهو مقابلَتين حتى الآن مع قناتين فرنسيتين؛ إل سي إي في أيار (مايو) 2024، وسي نيوز في تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي. وهناك اتهامات كثيرة تُوجه لمديرة مجموعة ستوديو فاكت للإنتاج التلفزيوني، وزوجها أوليفيه رافوفيتش المتحدث العسكري باسم الجيش الإسرائيلي، في بثِّ الدعاية الإسرائيلية للجمهوري الفرنسي، التي راح ضحيتها مذيع الأخبار في قناة TV5 Monde محمد قاسي، حيث «تبرّأت» القناة في بيان صحفي من مذيعها بعدما حاول عكس المقارنة خلال حوار مع رافوفيتش عندما سأله الأول: «ألا تعتقد أن الجيش الإسرائيلي يتصرف مثلما فعلت حماس في السابع من أكتوبر؟».

        كل ذلك يشير إلى أن إسرائيل تولي اهتماماً بالغاً في مراقبة ومواجهة التحركات الاحتجاجية الطلابية في فرنسا على وجه الخصوص، بالرغم من أن تحركات شعبية جمعت أعداداً أكبر من تلك التي جمعتها تحركات الطلاب لم تحظَ بالاهتمام الإسرائيلي نفسه. لكن بالنظر إلى الشراكات الواسعة للجامعات الفرنسية، وخصوصاً بين معهد العلوم السياسية وجامعة كولومبيا في الولايات المتحدة حيث تدرس برامج مشتركة بين المؤسستين التعليميتين، تصبح إسرائيل في موقف صعب للغاية، فالمحتجون في الولايات المتحدة وباريس على اتصال وثيق ويومي ويُنظر إليهم على أنهم الجيل التالي الذي سيتسلّم مناصب حكومية أو مراكز مهمة في البلدين، وهؤلاء نجحوا حتى الآن في كسب الكثير من الجولات ضد إسرائيل داخل مؤسساتهم الأكاديمية؛ فمعهد العلوم السياسية في جامعة ستراسبورغ شرق فرنسا أعلن تعليق التعاون مع جامعة رايخمان، وحصل ذلك على الرغم من التجييش الإسرائيلي واستنفار اللوبي الأكبر لها في فرنسا ومقابلة نادرة مع نتنياهو على الإعلام الفرنسي الرسمي للحد من ضرر تحركات الطلاب من دون أن ينجح ذلك، بل امتد ليشمل جامعات أخرى مثل جامعة بروكسل الحرة حيث أعلنت في أواخر أيار (مايو) العام الماضي تعليق اتفاقيات التعاون مع كافة الجامعات الإسرائيلية، وكذلك جامعة ميلانو الإيطالية، التي علّقت تعاونها مع رايخمان في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.

موقع الجمهورية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى