اليوم العالمي للمرأة/ سلوى زكزك

09 مارس 2025
يتساءل البعض عن جدوى الأيام الدولية، خاصة التي تحظى باهتمام رسمي مثل يوم المرأة العالمي الذي يوجه الأمين العام للأمم المتحدة فيه رسالة خاصة تتضمن موضوعًا حيويًا ومهمًا ويعتبر كأولوية تخص النساء.
لقد تماهت الأمم المتحدة مع حقوق النساء لدرجة أنها وفي عام 2010 شكّلت هيئة أممية خاصة منحتها اسم (un women)، وهي هيئة مختصة بمتابعة كل الفعاليات والمنظمات والفرق التي تعمل مع النساء، أو التي تسعى للتوجه إلى النساء وقضاياهن المرحلية والحالية والدائمة.
إن التطور العالمي في وسائل التواصل كسر الحواجز ما بين النساء والعالم لكن عشرين بالمئة من النساء عبر العالم ما زلن عاجزات عن الوصول إلى الفضاء الإلكتروني.
في كل يوم يتم التعامل مع النساء بطرق عنيفة متعددة، ورغم كل القوانين والنداءات اللاحقة والسابقة لما يجري من أحداث عنيفة ضد النساء، تواجه النساء في العالم برمته أنواعًا مستجدة من العنف الموجه ضدهن بسبب أدوارهن الاجتماعية النمطية المفروضة عليهن بقوة المجتمع وبغياب القانون وفرص المساواة وبسبب كونهن نساء فقط.
قد تتعامل النساء مع هذا اليوم بطابع احتفالي، وهذا حق لهن، لكنه يوم للتذكير بمشاكل ومآسي النساء على وجه الأرض، خاصة في ظل الحروب التي باتت ظاهرة عامة، فما أن تهدأ حرب مدمرة في بلد ما، حتى تستعر نار حرب جديدة في بلد آخر.
تنبع معاناة النساء عبر العالم من كونهن الأجساد التي تفرض عليها نتائج الحروب الوخيمة، تهجير وقتل ودمار وفقدان للأحبة والبيوت، من كان يتخيل أن تشعل حروب جديدة تستقوي بتجويع المدنيين لتبقى ولتثبت هيمنة المعتدين الذين لا يرتدعون لأي رادع إنساني ولا يلتزمون بأي توجيهات لوقف العنف المجنون أو للتخفيف منه على الأقل، وعلى الأخص حماية النساء والأطفال.
كما أن الوضع العام للواقع البيئي يطرح أبعادًا وأشكالًا جديدة من النزاعات ومن أشكال العنف الممارس على النساء، ففي ظل الجفاف وفقدان موارد العيش الطبيعية ونقصان المياه وشحها، تجد النساء أنفسهن وكأنهن ملزمات بإطعام العالم رغم كل هذا القحط والجفاف ورغم كل هذا النقص الهائل في الموارد. كما أن اختلال التوازن في القوة وفي الوصول إلى الموارد والتحكم بها، هي كلها مولدة للعنف، وطاردة لكل المحاولات اليائسة لتحسين أوضاع النساء، في غزة وفي سورية واليمن، تتصدى المرأة للموت اليومي، تبدع من العدم لتأمين وجبة واحدة لعائلتها وتنام على عطش وجوع.
إن الوضع الاقتصادي العالمي وتركز الأموال في أيدي فئات تقل عددًا وتزداد شراهة، تتلاعب بأجساد النساء وبكرامتهن وتستهلكهن بالأعمال المجهدة قليلة الأجر في ظل غياب للضمانات الصحية والقانونية والوقائية، وفي الإعلانات الاستهلاكية السطحية والمهينة للنساء، لكنها مربحة وتزيد من دخل المتحكمين في العالم.
لقد غدا هذا العالم مجنونًا بكل ما في الكلمة من معنى، والمرأة باتت دريئة لكل هذا الجنون المتزايد والمتوحش. في حين يسعى حكام بعض دول العالم لقضم حزم متعددة من القوانين الموجودة والمقرّة سابقًا والتي يمكن للنساء الاستفادة منها للتخفيف من درجات العنف الممارس ضدهن وللحصول على بعض الحقوق أو الموارد مهما كانت ضئيلة.
في اليوم العالمي للمرأة، تتجدد الوعود التي قد لا يتحقق منها شيء، ويتجدد الحيف الواقع على النساء والفتيات والطفلات وخاصة فاقدات الرعاية الأسرية والفاقدات للدعم المجتمعي والأهلي والمؤسساتي في ظل غياب الحماية العائلية، حتى أن العائلة في بعض الحالات تتحول بحد ذاتها إلى مصادر متعددة للعنف الواقع على النساء والفتيات والطفلات وذوات الإعاقة.
من أجل إنسانية خالية من العنف، من أجل عالم بلا توحش وبلا تمييز ينهض دعم النساء بوصفه الحلقة الأولى في مسار نضالي طويل ومستمر لكنه أساسي ومطلوب لحماية العالم برمته.
العربي الجديد