الناس

رمضان دمشق: بين بهجة الطقوس وصعوبات الأوضاع الاقتصاديّة/ أوس يعقوب

10 مارس 2025

“رمضان هذا العام لا يشبه أيّ رمضان سابق”، عبارة يردّدها السوريّون اليوم وهم يشعرون بسعادة عارمة، فهذا هو رمضان الأوّل الذي يمرّ على سورية بعد خلاصها من نظام البعث وهروب الرئيس المخلوع بشار الأسد من العاصمة السوريّة دمشق، في الثامن من كانون الأوّل/ ديسمبر 2024، بعد خمسين سنة من القهر تحت حكم البعث الاستبداديّ، وأربع عشرة سنة من التهجير والإجرام والطغيان الأسديّ.

استعادة الذكريات والطقوس الرمضانيّة

منذ الأسابيع الأولى لسقوط النظام، يعمل السوريّون في أماكن تواجدهم في الداخل السوريّ، وفي البلدان المجاورة، على العودة إلى ديارهم، التي هجّروا منها قسرًا في سنوات الحرب العبثيّة، التي أشعلها نظام بشار الأسد في البلاد، على مدار الأربع عشرة سنة الماضية، وذلك بالرغم ممّا يعانونه من أوضاع مأساويّة جراء ما لحق بمنازلهم التي دمّرها ونهبها جيش النظام وشبيحته، والأمل يحدوهم بأن يتمكّنوا من ترميمها، أو نصب خيام قربها في حال عجزهم عن تأمين تكاليف إعادة الإعمار، أو الترميم، قبيل قدوم شهر رمضان، لعل ذلك يمنحهم فرصة عيش الأجواء الرمضانيّة في منازلهم، واستعادة ذكرياتهم وطقوسهم الرمضانيّة الخاصّة بهم، والتي افتقدوها منذ اندلاع ثورتهم؛ ثورة الحرّيّة والكرامة، في عموم البلاد في شهر آذار/ مارس 2011.

يعرف المتابعون للشأن السوريّ عن قرب أنّه منذ اندلاع الثورة السوريّة لم يترك الاقتتال، وطغيان رائحة البارود، وبؤس الأوضاع الإنسانيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، مجالًا للسوريّين للاحتفال برمضان وطقوسه التي اعتادوا عليها، والتي ميّزت بلاد الشام منذ عصور خلت. وبالرغم من انحسار كثير من الطقوس والعادات الخاصّة بشهر رمضان، جرّاء الحرب وما جلبته من ويلات وفوضى، والتي أدّت إلى تضييق الخناق على معيشة السوريّين، وتراجع القوّة الشرائيّة، إلّا أنك ترى الناس هنا في دمشق، التي نخصّص هذه المقالة للحديث عن طقوس وعادات أهلها في رمضان، لا يخفون فرحتهم لأنّ الشهر المبارك يحلّ عليهم هذا العام، بعد خلاصهم من معاناتهم الطويلة الأمد، ومن المآسي التي ألمّت بهم، وكذلك لأنه حلّ في نهايات فصل الشتاء، وبداية الربيع.

كسائر أبناء سورية، يعبّر الدمشقيّون في هذ الشهر الفضيل عن فرحهم بانتصار الثورة وسقوط النظام، آسفين في الوقت ذاته على ما آلت إليه أحوالهم على امتداد سنوات حكم “عائلة الأسد”، ولما يمرّون به في الأشهر الثلاثة الأخيرة، من انهيار اقتصاديّ غير مسبوق، نتيجة تأخر استلام موظفي القطاع العامّ لرواتبهم على قلّتها (متوسط الرواتب في سورية لا يزيد على 30 دولارًا)، وبسبب أزمة السيولة النقديّة في البنك المركزيّ، ووضع قيود مشدّدة على عمليّات الإيداع والسحب والحوالات الخارجيّة، إضافة إلى ارتفاع الأسعار التي بدأت بالارتفاع التدريجيّ قبيل شهر رمضان، جرّاء غياب مراقبي التموين وحماية المستهلك عن الأسواق، لتزيد بذلك معدلات التضخّم المرتفعة أساسًا. ناهيك عن غلاء أسعار المازوت والبنزين نتيجة ندرته، الأمر الذي بات من الصعب على عائلات كثيرة تدبر أمور معيشتها والحفاظ على مستوى الحياة الذي اعتادت عليه.

“التكريزة” طقس دمشقيّ في آخر شعبان

من أشهر طقوس الدمشقيّين التي تسبق قدوم الشهر المبارك بأيّام قليلة، والتي لا تزال العائلات المقتدرة ماليًّا تمارسها، ما يسمّى بـ”تكريزة رمضان”، وهي أن يسبقوا يوم الصيام الأوّل باحتفال يأكلون فيه ما يشتهون، وغالبًا ما يكون ذلك في “سيران” (أيّ نزهة) خارج المنزل، أو سهرة منزليّة دافئة في هذا الجوّ البارد.

قبل عام الثورة الأوّل (2011)، كانت العائلات الدمشقيّة تقصد متنزهات الربوة على ضفاف نهر بردى، حيث تقام العراضات الشاميّة والاحتفالات الشعبيّة في الأسبوع الأخير من شهر شعبان. وكانت كلّ عائلة تأخذ معها ما يكفيها من البسُط والمدّات والوسائد، وما لذ وطاب من السلطات (الفتوش والتبولة)، والمأكولات الشاميّة، والمقالي، والفول، والحمص، والفتات، والتساقيّ.

الباحث والكاتب الفلسطينيّ السوريّ تيسير خلف كتب منشورًا على جدار صفحته في الفضاء الأزرق، قبل أيّام: “يشتهر الدمشقيّون بعادة يسمّونها “تكريزة رمضان”، وهي عبارة عن احتفال طويل في آخر شعبان يعلنون في نهايته دخول الشهر الفضيل”، مشيرًا إلى أنّ كلمة “تكريزة” هي من بقايا اللغة النبطيّة في لهجة الدمشقيّين (كريزت)، و”تعني الإشهار والإعلان عن… حيث وردت في عدد من النقوش والبرديّات النبطيّة”.

وعلى الرغم من الاختلاف على معنى “تكريزة” الحَرفيّ، فإنّها أحد الطقوس الرمضانيّة التي لا يعلمها إلّا الدمشقيّون، وهي عادة قديمة ومشهورة لدى أبناء مدينة دمشق، من دون غيرهم من سكان المدن السوريّة.

ويبقى الاحتفال بليلة رؤية هلال رمضان صامدًا، وهو تقليد متوارث شعبيًّا، ولا تزال العائلات السوريّة المقتدرة ماديًّا تعدّ كميات كبيرة من اللحوم والمواد الغذائيّة الأساسيّة لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين، وما أكثرهم اليوم.

ومن الطقوس التي لا تزال قائمة إلى يومنا هذا قيام دور النشر الكبيرة بطبع “إمساكيّة رمضان” (تقويم من أجل معرفة مواقيت رمضان)، لوجه الله تعالى، ثمّ يقومون بتوزيعها مجانًا على الناس.

يذكر الكاتب والمؤرّخ السوريّ سامي مروان مبيض أنّه قبل اندلاع الثورة السوريّة في آذار/ مارس 2011، كان مدفع رمضان يُنصَب في مناطق عدّة من العاصمة السوريّة دمشق، للإعلان عن موعد الإفطار عند آذان المغرب، وكانت إذاعة دمشق والتلفزيون السوريّ ينتظران سماع صوته للإعلان بدورهما عن انتهاء وقت الصيام، غير أنّ قرارًا حكوميًّا أنهى هذا الطقس نظرًا إلى ظروف الحرب.

“السّكبة” من عادات الدمشقيّين في المحبّة والألفة

في ظلّ الوضع الاقتصاديّ الصعب، والذي يزداد صعوبة في رمضان، فإنّ تكلفة أقلّ طبق طعام رئيسيّ ــ من دون أيّ نوع من اللحوم ــ لأربعة أشخاص، لا تقلّ عن ستين ألف ليرة (ستّة دولارات بسعر الصرف في السوق الموازية)، وهو مبلغ ليس في متناول الجميع كلّ يوم.

وجعلت سنوات الحرب الأخيرة من العشبيّات، كالخبيزة، والهندباء، والسلق، والعكوب، حاضرة بقوّة في المطبخ الدمشقيّ بل والسوريّ في طول البلاد وعرضها، لفقر أو لتوفير، وبات المثل الشعبيّ الدارج “نركض والعشا خبيزة”، توصيفًا دقيقًا لحال السوريّين الذين يشقون نهارًا كاملًا، وكسبهم المادّيّ لا يسمح بأن تكون وجبة عشائهم أكثر من الخبيزة وأخواتها، التي يمكن الحصول عليها بشكلٍ مجّانيّ من خلال قطافها من الأماكن المفتوحة، أو شرائها بسعر رخيص من الفلاحات اللاتي يبعنها في الأسواق، لكنْ هنالك من يرى فيها الطبق الرئيسيّ، وربّما الوحيد، على مائدة الإفطار، في ظلّ انخفاض القدرة الشرائيّة لدى غالبية السوريّين، لا سِيّما بالنظر لقيمتها الغذائيّة، وانخفاض تكلفتها، فيما لا تزال القلّة من الأُسر تراها مكمّلة للمائدة بوصفها مقبلات. ومن عادات الدمشقيّين في المحبّة والألفة في الشهر الكريم ما يعرف بـ”السّكبة”، وهذه العادة ليست خاصّة بمدينة، أو منطقة، دون سواها، وتنتشر كثيرًا ضمن الأحياء الشعبيّة، أو في المباني التي يعرف سكّانها بعضهم بعضًا، ما يوطّد أواصر الألفة والتراحم بين الجيران.

يذكر الباحث السوريّ منير كيال في كتابه “رمضان وتقاليده الدمشقية”، الصادر عام 1973، والذي صدر في طبعة ثانية عام 1991 بعنوان “رمضان في الشام أيّام زمان”، عن هذه العادة السوريّة الحميميّة، أنّه “من فوائد عادة السّكبة، أنّ الطعام كان يُطبخ لأكثر من يوم، ومن دون تنويعه لكون تلك العادة ستوفّر عددًا من الأكلات، بحيث كانت السّكبة تؤخذ بعين الاعتبار، ويعتمد عليها، وخاصّة في شهر رمضان، فلا تكثر النساء من صنع أطباق طعام كثيرة خشية التبذير، ولكون الطعام سيأتي بمختلف أشكاله على وجبة الفطور قبل ضربة المدفع بدقائق، لذلك كانت السّكبة من العادات الهادفة إلى التعاون والتراحم والمحبّة بين الجيران، إضافة إلى عدم التبذير، أو الإسراف”.

وللكيال كتاب آخر بعنوان “دمشقيّات مرابع الطفولة ومهوى الأفئدة… عالم من الذكريات” (وزارة الثقافة السوريّة ــ 2018)، جاء فيه على ذكر عادة “السّكبة” تاريخيًّا، قائلًا: إنّ “أحد فقراء الشام كان يتلقّى أطباق الطعام من جيرانه كلّ يوم، إلى أن زاره ذات يوم شخص من الريف وقت الغداء، وكان الزائر مُحْرَجًا من ذلك، لكنّه عندما دعي إلى مائدة الطعام وشاهد أكثر من عشرة أطباق مختلفة من الطعام فوجئ كثيرًا، وقبل البدء بالطعام طُرِقَ الباب، ولاحظ الزائر أنّ صاحب المنزل أتى بطبق طعام جديد مِن الطارق، ففهم ما حصل، وأصبح يروي ما شاهده لمن يلتقيهم، حتّى شاعت القصّة بين عموم العائلات السوريّة، وأصبحت من العادات والتقاليد بين جميع السوريّين من دون استثناء”.

ويبيّن الباحث السوريّ أنّ “السّكبة لا تفرّق بين غنيٍّ وفقير، إذ كان الفقير يسّكبُ للغنيّ، وكان الغنيّ يفعل الشيء ذاته، وكانت سكبة كلّ طبق حجمهُ، وبذلك يحدث نوع من التوازن في الحارة، بمعنى أنّ السّكبة كانت جزءًا من طريقة الأخذ والعطاء التي كانت سائدة، ولعلها امتداد مُحرّف لطريقة المُبادلة والمقايضة القديمة، لكنّها في جميع الأحوال كانت تكريسًا للتداخل بين الأسر، والتعاطف القائم بين الناس وتبادل المحبّة”.

إلى ذلك، يعمل أهل البر والإحسان وهيئات مدنيّة بإطلاق مبادرات إنسانيّة للتكافل والتضامن مع المواطنين المحتاجين، في كثير من الأحياء الدمشقيّة منذ الأيّام الأولى لشهر الخير على توزيع وجبات إفطار وسحور مجّانيّة في أوعية خاصّة مُعدّة للتوزيع، يقدّمها متطوّعون ومتطوّعات في جمعيّات خيريّة، وهو نشاط خيريّ اعتادت الجمعيّات الدمشقيّة على إقامته كلّ رمضان أمام أسوار الجامع الأمويّ في المدينة القديمة.

حلويات رمضان

في أسواق الشعلان، و”باب سريجة” الشعبيّ وسط دمشق، وحيّ باب الجابية المجاور، وفي شارع الجزماتيّة بحيّ الميدان الدمشقيّ، وهو المنطقة الأكثر شهرة ببيع الحلويّات في المدينة، ترى المحلات تضيء أنوارها عند المغيب لعرض المنتجات الخاصّة بشهر الصيام، من المأكولات والمشروبات والحلويّات، التي لا تكتمل طقوس الاحتفاء به من دونها.

إقبال الدمشقيّين على شراء العصائر والمشروبات، كالعرقسوس، والتمر الهندي، والجلاب، والليموناضة، و”قمر الدين” المصنوع بالطريقة التقليدية من المشمش، هو طقس رمضانيّ تتوارثه الأجيال، فتكاد لا تخلو مائدة بالشام من أحد هذه المشروبات، سواء في فترة الإفطار، أو وقت السحور، وقبل ساعات قليلة من آذان المغرب ترى الباعة في الأسواق يعرضون أنواعًا كثيرة من المشروبات معبأة في قوارير بلاستيكيّة بأحجام مختلفة، أو أكياس شفافة معروضة أمام براميل ذات أحجام كبيرة يغرف منها البائع بين الحين والآخر تلبية لرغبة المشترين، وغالبًا ما يكون الباعة خاصّة في شارع الجزماتيّة، الذي يتزيّن منذ الأسبوع الأخير من شهر شعبان بالأعلام والبيارق، ويرتدي كثير من الباعة أزياء تقليديّة مستوحاة من التراث، مثل الطربوش الأحمر، والسترة المطرّزة والمزركشة بالخيوط المذهّبة.

كما أنّ كثيرًا من هذه العصائر والمشروبات يُفضل الدمشقيّون صنعها في بيوتهم، لا سِيّما العرقسوس الذي يوصف بـ “شراب الفقراء”، وهو أسود اللون، تعتليه رغوة بيضاء تزينه، ويُطلب نبات العرقسوس كمسحوق من سوق “البزورية” بمدينة دمشق القديمة، أو من محلات العطارة، ومَصْدَرِه الرئيسيّ بساتين الغوطة الشرقيّة القريبة من العاصمة.

على جانب آخر، يعجّ المطبخ الدمشقيّ بأشهى أصناف الحلويّات، وهي كثيرة، نذكر منها: الكنافة مع القطر المنكه بعطر ماء الورد، والقطايف التي يتمّ حشوها بالجوز، أو الفستق الحلبيّ أو الجبن، أو القشطة، و”النمورة” المكوّنة من العجين الهش والقشطة والقطر، و”الوربات” بالقشطة أو الجوز، و”العثمنليّة” المصنوعة من الشعيريّة الخشنة والقشطة والقطر، والمدلوقة أو (المعجوقة) المكوّنة من السميد والقشطة والفستق الحلبيّ والقطر، والمعروك السادة، أو المحشوّ بالتمر، أو الزبيب، أو جوز الهند، أو القشطة، أو الشوكولا.

وكذلك العوامة، وزنود الست، والمشبك، والمهلبيّة، والهريسة، وأرغفة “الناعم” المكوّنة من عجينة الطحين والماء المقلية بالزيت، والتي ترش، بعد قليها، بدبس العنب، أو التمر، والتي توصف بـ “خبز رمضان”، وتُعد من أكثر حلويّات رمضان الدمشقيّة شعبيّة، وأقلّها تكلفة، وهي الأشهر والأكثر ارتباطًا بسهرات شهر الصيام التي تبدأ عادة بعد صلاة التراويح وتستمرّ في أحيانٍ كثيرة حتّى السحور، والإمساك عن الطعام.

ويحلو للدمشقيّين أن يطلقوا على أطباق الحلوى التي تحلّ كضيف لذيذ النكهة في لماتهم العائليّة الرمضانيّة “التحلاية”، وكثير من الحلويّات التي ذكرناها يمكن تحضيرها في البيوت بسهولة وبنكهات فريدة من نوعها كطقس رمضانيّ شهير مرتبط بالأسر الدمشقيّة.

وعلى الرغم من ضيق الأحوال المادّيّة للدمشقيّين في السنوات الأربع عشرة الأخيرة من حكم نظام الأسد البائد، والتي نتج عنها قلّة حركة الأسواق، لا يفكر باعة الحلويّات بالتوقّف عن العمل يومًا واحدًا، بل يكيّفون قوائم منتجاتهم وأسعارها مع الظروف الاقتصاديّة المتردّية، ويشتدّ التنافس بين أصحاب المحلات مع مطلع شهر رمضان لتقديم ابتكارات جديدة على أنواع الحلوى التقليديّة المعروفة، كالجمع بين أصناف الحلوى الشرقيّة والغربيّة في الوقت نفسه، والتفنّن في صناعتها بأشكال مختلفة ولذيذة.

ومن طقوس الدمشقيّين التي تميّز ليالي الشهر المبارك أيضًا، جولات المسحّر التي لا يمكن التخليِّ عنها، فمن دونها يفقد رمضان بهجته، خاصّة في حارات دمشق القديمة، والتي تبدأ منذ الليلة الأولى، حيث يترقّب الناس قدومه الذي يخترق بالقرع على طبلته سكون الليل لإيقاظ النيام استعدادًا لبدء يوم صومهم، حيث تبدأ رحلته منذ الساعة الثانية بعد منتصف الليل، ليجوب الشوارع والأزقّة، وليعود إلى منزله عند الساعة الرابعة فجرًا مع علوِّ صوت الآذان الأوّل.

ومهنة المسحّر من المهن الرمضانية المحبّبة للنفوس، له رونقه المحبّب دائمًا في الأحياء الشعبيّة، فلكلّ مسحّراتي منطقة خاصّة به، يتطوّع لتسحير أهلها كلّ عام. ومن الأناشيد التي يتغنّى بها المسحّر وهو يقرع على الطبلة:

“اصحى يا نايم وحِّد الدايم… قوموا على سحوركم إجى رمضان يزوركم… يا نايم وحّد الله”.

ومن الطقوس الرمضانيّة التي تحافظ عليها بعض المقاهي في دمشق القديمة، وأشهرها “مقهى النوفرة”، الواقع خلف الجامع الأمويّ، سهرة “الحكواتي” التي تبدأ بعد ساعتين تقريبًا من صلاة التراويح، حيث يقصّ “الحكواتي” على رواد المقهى قصص عنترة بن شداد، والزير سالم، وهو يجلس على أريكة وسط المقهى، بلباسه الدمشقيّ المعروف (طربوش وشروال وصدرية)، ويقوم بضرب سيفه، أو عصاه، على الطاولة الخشبيّة أمامه، للفت انتباه الحاضرين، أو تشويقهم، كلما وصلت قصصه إلى ذروتها الدراميّة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى