الناسسقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوع

امتحانات شرق سورية… مصير طلاب التاسع والبكالوريا مجهول/ سلام حسن

11 مارس 2025

يخشى طلاب الشهادتين في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية ضياع السنة الدراسية عقب قرار وزارة التربية في دمشق باستثنائهم من مواعيد الامتحانات

استثنت وزارة التربية التابعة للحكومة السورية في دمشق، طلاب مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سورية من مواعيد امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية (التاسع والبكالوريا) للعام الدراسي الحالي، وأصدرت توجيهات لمديريات التربية تسمح لطلاب محافظات الحسكة والرقة ودير الزور بالتسجيل في أي محافظة يختارونها.

ويؤدي هذا القرار إلى تحميل الطلاب وعائلاتهم مشاقّ وتكاليف السفر إلى مدن ومحافظات أخرى، كما يؤثر سلباً على أدائهم الدراسي نتيجة اختلاف المناهج التي تفرضها الحكومة السورية عن مناهج الإدارة الذاتية.

وفي السابق، كانت الإدارة الذاتية تسمح لوزارة التربية التابعة للنظام السوري بفتح مدارسها وإجراء الامتحانات داخل المربعات الأمنية ومناطق سيطرة النظام، لكنها سيطرت لاحقاً على مديريات التربية والمدارس التابعة لها، وكل المؤسسات الحكومية بعد سقوط النظام، ولم تسمح للحكومة السورية الجديدة بإعادة فتحها.

تقول نوال إبراهيم، وهي مديرة مدرسة خاصة في الحسكة، لـ”العربي الجديد”: “مصير نحو 60 ألف طالب في الشهادتين الإعدادية والثانوية في مهب الريح، والمشكلة تكمن في انقطاع التواصل بين الوزارة ومديرية التربية في الحسكة، التي لا تملك أي سلطة فعلية سوى تلقي التعليمات من الوزارة وتعميمها على المدارس الحكومية. وقرار تأجيل الامتحانات إلى شهر يوليو/تموز، جاء نتيجة سقوط نظام الأسد، وتأخر الطلاب في العملية التعليمية، ما دفع الوزارة إلى منحهم شهراً إضافياً لتعويض الفاقد التعليمي. وتسجيل الطلاب بدأ في 2 فبراير/شباط الماضي وينتهي في 27 مارس/آذار المقبل، لكن طلاب محافظة الحسكة لم يسجلوا بعد، سواء لامتحانات الصف التاسع أو شهادة البكالوريا”.

تضيف إبراهيم: “لا نعلم إن كانت مديرية تربية الحسكة تعمل حالياً، فالتواصل يجري عبر الإنترنت فحسب، ومنذ سقوط النظام، لم نلتقِ بمديرة التربية، ولا نعلم ما هو الترتيب الجديد المتبع في الامتحانات. كان النظام السابق يعتمد على المربعات الأمنية مراكزَ امتحانية، وكانت تأتي لجان من الوزارة إلى الحسكة والقامشلي، وتجري طباعة الأسئلة تحت رقابة مديرية التربية، ثم توزيعها على مراكز الامتحانات، وبعد انتهاء الامتحانات، تُغلق الأوراق داخل صناديق تُرسل إلى دمشق للتصحيح”.

تتابع: “العملية التعليمية يجب أن تبقى بمنأى عن التجاذبات السياسية، فمن غير المنطقي أن يُجبر 60 ألف طالب على السفر إلى محافظات أخرى بالكاد تستوعب طلابها، وهناك مقترح بأن يُسجِّل الطلاب شخصياً، لكن الأفضل أن تُرسل الوزارة مندوبين إلى الحسكة والقامشلي للإشراف على العملية الامتحانية، خاصة أن المدارس الخاصة لا تزال قائمة ومجهزة”.

وتوضح: “لم تصدر الإدارة الذاتية أي قرار يمنع إجراء الامتحانات، ووزارة التربية تؤكد عدم وجود تواصل مع مديرية التربية في الحسكة، لكن هناك أنباء متداولة عن تسهيلات للراغبين في النقل إلى محافظات أخرى. لا بدّ أن تبقى العملية التعليمية محايدة، خاصة في هذه الفترة الحرجة، حتى لا يدفع الطلاب الثمن، وعلى الحكومة السورية والإدارة الذاتية إيجاد حل يضمن استمرار التعليم من دون أن يتحمل الطلاب وعائلاتهم أعباء إضافية”.

من القامشلي، يقول الأكاديمي فريد سعدون، لـ”العربي الجديد”: “التعليم لا يخصّ فئة معينة أو شريحة محددة، بل هو قضية عامة تمسّ المجتمع بأسره، لذا يشمل تأثيرها المباشر البلاد برمتها، ما يستدعي إيجاد حل جذري لمشكلاته، ويجب أن يشارك الجميع في إيجاد مخرج للأزمة قبل أن تتفاقم، فعلى مدى سنوات طويلة، شهدت منطقة شمال شرقي سورية أزمات متعلقة بالمدارس ومنظومة التعليم نتيجة التنازع بين النظام السابق والإدارة الذاتية للسيطرة على المنظومة التعليمية، واليوم، تتكرر هذه المشكلة مجدداً”.

ويلفت سعدون إلى أن “المسؤولية تقع على عاتق الحكومة الجديدة، وعليها إيجاد حلول ترضي الجميع، على أن تكون في مصلحة الطلاب، خاصة أن مصير عشرات الآلاف منهم بات على المحك مع اقتراب الموعد النهائي لتسجيل امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية في 27 مارس. ولم يعد هناك متسع من الوقت لتقديم أوراق التسجيل، ما يسبب حالة من القلق والاضطراب لدى الطلاب الذين يرون مستقبلهم يضيق أمام أعينهم”.

ومن بين المقترحات المطروحة التي أشار إليها سعدون، مشاركة كل من الإدارة الذاتية والحكومة المركزية في إيجاد حل يراعي ظروف المنطقة، يقول: “حالياً، لا توجد إدارة تربوية فاعلة في محافظة الحسكة، ومن المفترض أن يُعيّن مدير للتربية، ويعود الموظفون إلى دوائرهم لمتابعة العمل، كما يجب فتح المدارس، خاصة أن هناك مؤسسات تعليمية لا تزال تعمل، مثل مدارس الطائفة السريانية والمدارس الأمنية التي تعتمد منهاج الدولة، ويمكن الاستفادة منها مراكزَ امتحانية”.

يتابع: “نقترح أيضاً تحديد مراكز امتحانية في ديريك (المالكية)، والقامشلي، والحسكة، لتجنب معاناة سفر الطلاب لمسافات طويلة، وتخصيص بعض المدارس الخاصة مراكزَ امتحانية، وتشكيل لجنة وزارية للإشراف على سير الامتحانات، وبالنسبة لمشكلة إجراءات التسجيل، فإنه يُطلب من الطلاب السفر إلى الحسكة لتقديم أوراقهم رغم ضيق الوقت، لذا على الوزارة تشكيل لجان مصغرة في القامشلي والحسكة لاستقبال طلبات التسجيل، بدلاً من إجبار الطلاب على التنقل لمسافات بعيدة، كما ينبغي اختيار المراقبين ورؤساء المراكز الامتحانية من المدرسين المعروفين بالنزاهة، والأفضل أن يكونوا من الكوادر التعليمية التي لا تزال على رأس عملها”.

يضيف سعدون: “يتعيّن على الإدارة الذاتية تقديم التسهيلات اللازمة لإجراء الامتحانات، وعدم منعها فتح المدارس أو تخصيص مراكز امتحانية، والسماح للطلاب بالتنقل بين المناطق لتقديم امتحاناتهم، وعليها كذلك تأمين الحماية الأمنية للمدارس والطلاب والكادر التعليمي، وتهيئة الأجواء المناسبة لإجراء الامتحانات. هذه القضية تمس مجتمع شرق الفرات بأسره، وخاصة محافظة الحسكة، وإن كانت الإدارة الذاتية والحكومة المركزية معنيتان بمصلحة الشعب، فعليهما التعاون لضمان سير العملية التعليمية بسلاسة ومن دون معوقات”.

من جانبها، تؤكد الرئيسة المشتركة لهيئة التربية والتعليم في الإدارة الذاتية، سميرة حاج علي، لـ”العربي الجديد” أنّه “لم تتضح بعد طبيعة الحلول، وعندما تتوفر سيُعلَن عنها، لكننا نأمل في إيجاد مخرج لهذه الأزمة قريباً”.

بدوره، يطالب علوان أوسي، وهو والد طالب في الصف الثالث الثانوي في القامشلي، الحكومة السورية بإيجاد حل عاجل ومنصف لطلاب الشهادتين الثانوية والإعدادية في مناطق شرق الفرات، بما يضمن لهم حقهم في تقديم الامتحانات ضمن مناطقهم من دون الحاجة إلى السفر إلى مناطق أخرى؛ نظراً لما يشكله ذلك من أعباء مالية وإجهاد نفسي على الطلاب وأسرهم.

ويضيف أوسي لـ”العربي الجديد”: “ينبغي اتخاذ خطوات فورية لمعالجة هذه المشكلة، سواء عبر تخصيص مراكز امتحانية تحت إشراف وزارة التربية، أو إيجاد حلول بديلة تضمن اعتراف الدولة بشهادات الطلاب من دون تعقيدات قد تؤثر على مستقبلهم التعليمي. التعليم حق أساسي، ولا ينبغي أن يخضع لأي اعتبارات سياسية أو إدارية تحول دون توفير بيئة آمنة ومناسبة للطلاب في جميع أنحاء البلاد”.

وتقول بهار مراد، وهي معلمة ووالدة طالبة بكالوريا، لـ”العربي الجديد”: “ابنتي طالبة في الثانوية العامة، ونأمل أن تتمكن من تقديم الامتحانات النهائية، وتحقق درجات عالية تؤهلها لدخول كلية الطب. إغلاق المدارس الحكومية اضطرنا إلى تسجيلها في مدرسة خاصة، إلى جانب إلحاقها بدورات تقوية دراسية على مدار السنوات الماضية، ما كلّفنا ملايين الليرات السورية، ونجد أنفسنا حالياً أمام مشكلة يبدو أنها بلا حلول، إذ لا يمكننا إرسالها إلى دمشق أو أي محافظة أخرى لتقديم الامتحانات بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة، فضلاً عن التكاليف المالية الباهظة للسفر والإقامة، ما قد يهدد مستقبلها التعليمي”.

العربي الجديد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى