دوافع وكواليس الاتفاق بين “قسد” وحكومة الجمهورية العربية السورية مقالات وتحليلات تتحدث يوميا

تحديث 11 أذار 2025
—————————
مظلوم عبدي لـ”المجلة”: الشرع هو الرئيس… ولن يكون في سوريا جيشان
قائد “قوات سوريا الديمقراطية” قال إن الأميركيين يشجعونه على الحوار مع دمشق… وإنه لا يريد تكرار تجربة “كردستان العراق”
يسرا نعيم
يسرا نعيم
إبراهيم حميدي
آخر تحديث 10 مارس 2025
لندن– قال قائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) الجنرال مظلوم عبدي، في حديث إلى “المجلة”، إن أحمد الشرع هو رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، وإن “التأخير في موضوع التهنئة” للرئيس الشرع حصل بسبب “عدم حضورنا” حفل “يوم النصر” الذي جرى فيه تنصيب الشرع رئيسا يوم 29 يناير/كانون الثاني الماضي.
وأُجري هذا الحوار في 17 فبراير/شباط عبر الانترنت، ونشر في النسخة الورقية لـ “المجلة” في عدد مارس/اذار، أي قبل توقيع الاتفاق مع الرئيس الشرع مساء الاثنين. وكتب عبدي على حسابه في “اكس” بعد توقيع الاتفاق: “في هذه الفترة الحساسة، نعمل سوياً لضمان مرحلة انتقالية تعكس تطلعات شعبنا في العدالة والاستقرار. نحن ملتزمون ببناء مستقبل أفضل يضمن حقوق جميع السوريين ويحقق تطلعاتهم في السلام والكرامة. نعتبر هذا الاتفاق فرصة حقيقية لبناء سوريا جديدة تحتضن جميع مكوناتها وتضمن حسن الجوار”.
وكان عبدي قال في الحديث، ردا على سؤال أن لقاءه مع الشرع في دمشق قبل أسابيع أسفر عن الاتفاق على سلسلة مبادئ، بينها: “مواضيع سيادية مثل وحدة أراضي سوريا، وأن يكون هناك جيش واحد في سوريا، وتكون المؤسسات واحدة، والعاصمة واحدة، والعلم واحد”، مضيفا: “هناك نقاط نتفق عليها ولكن آلية التنفيذ والتوقيت بحاجة إلى نقاش والوقوف عليها. ونحن اتفقنا على أن نستمر في التفاوض والحوار ريثما نحل الأمور، ونحن اعتبرنا أن اللقاء كان إيجابيا”.
وسئل عبدي عن استعداده لانضمام “قسد” في الجيش السوري، فأجاب: “المبدأ الأساسي الذي نتفق عليه أن لا يكون هناك جيشان، بل فقط جيش واحد”. وزاد: “هناك حاليا طريقة متبعة في إعادة هيكلة الجيش ونحن كقوات (قسد) بالتأكيد سنلتزم بالأسلوب الأساسي الذي تتم به هيكلة الجيش”، مشددا على أهمية أن “نكون ضمن موضوع التحضير والنقاش”. وأشار إلى أن المقاتلين الأجانب في “قسد” سيغادرون بمجرد إقرار وقف دائم للنار في سوريا.
وكرر عبدي رفضه “تهميش” الأكراد ومناطق شمال شرقي سوريا “كما كانت أيام نظام الأسد”، مشددا على أهمية “عدم تكرار تجربة البعث”.
وقال إن الأميركيين يشجعونه ويشجعون “قسد” على الحوار مع دمشق، و”يتوسطون” إزاء ذلك، مشيرا إلى أن دونالد ترمب شجع تركيا في ولايته الأولى على “التزام وقف إطلاق النار” بموجب اتفاق أكتوبر/تشرين الأول 2019.
وجاءت توقيع الاتفاق مع الشرع بعد زيارة القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا الى مناطق شمال شرقي سوريا قبل يومين، لتشجيع قائد “قسد” على التفاهم مع دمشق.
وسئل عبدي عما إذا كان قلقا من “خيانة أميركية” جديدة من ترمب، فأجاب: “أنا متفائل، وأتمنى أن لا يحصل هذا الأمر”.
ونفى وجود أي تعاون مع إيران، قائلا: “لا، ليس لاحقا ولا حاليا. لن يكون هناك مستقبل لعلاقات مع إيران في هذا الخصوص. ونحن حاليا نركز على أن نكون جزءا من الإدارة الجديدة وجزءا من المحادثات السياسية لا أن نكون معارضة كما يتهمنا البعض”.
كما نفى أي نيات لتكرار تجربة “كردستان العراق” في سوريا، قائلا: “لا سوريا هي العراق، ولا شمال شرقي سوريا هو كردستان”.
وهنا نص الحديث الذي جرى عبر تطبيق “زووم” في 17 فبراير/شباط 2025:
* قرأنا في الأخبار أنك هنأت الرئيس أحمد الشرع، وأيضا أعربت عن ارتياحك لزيارته إلى عفرين ووجهت إليه دعوة لزيارة مناطق شمال شرقي سوريا، وقرأنا أيضا عن البيان بعد اجتماعات “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) و”مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد) و”الإدارة الذاتية”. هل من الممكن أن تشرح لنا خلفية هذه المواقف؟
– بشكل عام أنت تعرف أن هدفنا الأساسي أن تكون هناك نتيجة من الحوار مع الإدارة الجديدة في دمشق، وأكيد نحن نريد أن نكون جزءا من العملية السياسية وجزءا من سوريا الجديدة، ونحن (أعني الطرفين) حريصان على هذا الأمر حتى الآن.
تعرف بالطبع أن الاجتماع الذي تم خلاله “حفل التنصيب” أو “اجتماع التنصيب” لم نكن موجودين فيه، ولذلك حدث تأخير في موضوع التهنئة (للرئيس الشرع). ولكن بشكل عام ما دمنا حاليا نعمل على التفاوض والحوار والوصول إلى نتيجة والطرف الذي نتحاور معه بالنتيجة هو الإدارة الجديدة في دمشق فمن الطبيعي أن تتم تهنئته على هذا الأمر.
ونحن من طرفنا نعتبر هذه المنطقة (شمال شرقي سوريا) جزءا من سوريا، وأيضا من واجبنا ومن واجب رئيس الإدارة الجديدة في دمشق أن يزور هذه المنطقة كما زار كل المناطق الأخرى.
* أنت هنأت أحمد الشرع رئيسا في المرحلة الانتقالية؟
– بالتأكيد. وهو حاليا يعتبر الرئيس الانتقالي لسوريا إلى حين أن تتم انتخابات وتتم الموافقة على الدستور وتحصل اتفاقات على الإجراءات القانونية الأخرى.
الفكرة الأساسية أننا نريد الحوار والوصول إلى نتائج لمستقبل المنطقة. الطرف الذي نتفاوض معه هو حاليا الإدارة الجديدة في دمشق وهو رئيس الإدارة حاليا.
* إذن الجنرال مظلوم عبدي يهنئ الشرع وهو الرئيس، ويعترف أن علم الثورة هو علم سوريا؟
– نعم بالضبط، وأؤكد على ذلك.
* طبعا- كما تفضلت- حدثت جولة من التفاوض في 29 ديسبمر/كانون الأول وذهبت إلى دمشق واجتمعت بالشرع، ذهبت مع سيدتين مساعدتين وهو كان مع فريقه. هل يمكنك أن تعطينا تفاصيل أكثر عن تلك المحادثات؟
– كانت الزيارة الأولى وكان لقائي الأول مع السيد الشرع وكانت الأحداث ما زالت جديدة وحاولنا أن نتعرف على وجهة نظر الإدارة الجديدة ووضعناهم في صورة الوضع لدينا وأطلعناهم على وجهة نظرنا، باعتباره كان اللقاء الأول. ونحن اعتبرناه لقاء إيجابيا.
على الأقل تعرف الطرفان على وجهتي نظر بعضهما البعض وعلى التحفظات لدى الطرفين. وبالأساس نحن خلال الاجتماع اتفقنا على أن نستمر في التفاوض. لا مشكلة في النقاط الأساسية، فنحن متفقون على الخطوط العريضة.
* وهي؟
– وحدة أراضي سوريا، وأن يكون هناك جيش واحد في سوريا وتكون المؤسسات واحدة، وتكون لدينا عاصمة واحدة، وعلم واحد، هذه نقاط سيادية ونقاط أساسية.
لكن هناك تفاصيل كثيرة وآلية التنفيذ، وهناك مسألة التوقيت ومسائل كثيرة، وهناك اختلاف في الجزئيات وهناك اختلاف في وجهتي النظر. ونحن اتفقنا على أن نستمر في التفاوض والحوار ريثما نحل الأمور. من هذه الناحية اعتبرنا أن اللقاء كان إيجابيا.
في ذلك اللقاء تحدثنا في موضوع عفرين وعودة المهجرين إلى عفرين وتلقينا الضمانات والوعود بعودة أهالي عفرين إليها، ونحن لاحظنا وفاء بالوعود، وهذه نقطة أيضا نرحب بها.
* كان هناك وفاء بوعد إعادة النازحين؟
– على الأقل هذه نقطة مهمة بالنسبة للشعب الكردي بعودة ما لا يقل عن 200 ألف مهجر إلى مناطقهم، وأثير هذا الأمر، وكان هناك تكرار الوعود ذاتها إلى أهالي عفرين أنفسهم خلال زيارته (الرئيس الشرع) عفرين وهذه نعتبرها نقطة إيجابية.
* كما ذكرت هناك اتفاق على المبادئ الأساسية، هل يمكن ذكرها بدقة؟ هل المبادئ الأساسية المتفق عليها خمسة مبادئ؟
– سأكون صريحا في هذا الخصوص، النقاط التي تتعلق بالجيش: أن يكون لدينا جيش واحد، المؤسسات تكون متكاملة مع بعضها البعض، عودة مؤسسات الدولة أو عودة الدولة بشكل عام إلى مناطقنا، فكما تعرف نحن منذ 12 سنة منقطعون عن الداخل السوري بشكل عام وهذه نقاط أساسية بالنسبة لدينا.
والمواضيع الإدارية والمواضيع العسكرية والأمنية نحن متفقون عليها ضمن سوريا واحدة ضمن الحفاظ على الحدود الموجودة. النقاط الأخرى كما ذكرناها في تصريحاتنا: هناك نقاط متفقون عليها ولكن آلية التنفيذ والتوقيت بحاجة إلى نقاش والوقوف عليها.
جزء من الجيش… والتحضير
* حسب ما سمعت أنكم تبلغتم أن “قوات سوريا الديمقراطية” يجب أن تدخل كأفراد وليس ككتلة واحدة، “الإدارة الذاتية” تُحَلّ، الثروات الطبيعية الاستراتجية تكون تحت سيطرة الدولة، كل المقاتلين الأجانب في “قوات سوريا الديمقراطية” يخرجون خارج سوريا. هل هذا صحيح؟ وما هو ردكم على هذه النقاط؟
– حاليا نحن بصدد أن نصل إلى نتائج أو أن يتكلل الحوار والمفاوضات الدائرة بالنجاح، فهذه هي النقطة الأساسية بالنسبة إلينا. في التفاصيل، هناك نقاط كثيرة يمكن التحدث فيها. أما في موضوع الجيش فأظن أن هناك حاليا طريقة متبعة في إعادة هيكلة الجيش ونحن كقوات “قسد” بالتأكيد سنلتزم بالأسلوب الأساسي الذي تتم به هيكلة الجيش.
لهذه المنطقة خصوصيتها وهذه مسألة سنناقشها أثناء دراسة موضوع دمج المؤسسات العسكرية. المسألة العسكرية تحتاج إلى مناقشة كما ذكرت بما يخص آلية التنفيذ والتوقيت. والمبدأ الأساسي الذي نتفق عليه أن لا يكون هناك جيشان، بل فقط جيش واحد. وهذه أمور نتفق عليها.
* عندما أجرينا حوارا مع وزير الدفاع اللواء مرهف أبو قصرة تحدث عن خطة منظمة لوضع هيكلية كاملة للجيش الجديد. هل أنت مستعد لأن تكون “قوات سوريا الديمقراطية” ضمن هذه الهيكلية التي تجريها وزارة الدفاع؟
– بشرط أن نكون ضمن موضوع التحضير والنقاش. نحن نرى أننا يجب أن نكون جزءا من وزارة الدفاع، ولذلك يجب أن يكون لنا رأي في الأساليب المتبعة وكيف يتم التعاطي. ما دمنا سنكون جزءا من هذا الأمر وما دام سيتم أخذ رأينا في الأمور الأساسية فسنكون ملتزمين، لقد قررنا أن نكون موجودين ضمن هذه العملية… ولكي تكون الأمور دقيقة ما دمنا سنكون جزءا من العملية فسنكون ملتزمين بها أيضا.
* لكن لم تجرِ حتى الآن مفاوضات على المستوى العسكري بينكم وبين وزارة الدفاع…
– طلبنا أن نبدأ بهكذا مفاوضات.
* ماذا عن المقاتلين الأجانب؟
– كنت قد صرحت في هذا الخصوص، وحاليا هناك سبب لوجود المقاتلين غير السوريين وبالأساس نتحدث عن المقاتلين الأكراد، أشقائنا الأكراد، فهم ليسوا غرباء عنا. هم جاءوا للدفاع خلال الحرب عن هذه المنطقة وعن أهلهم الأكراد.
حاليا جميع هؤلاء المقاتلين مستعدون للعودة إلى الأماكن التي أتوا منها. حاليا في كل سوريا هناك وقف لإطلاق النار، هناك هدوء ونوع من الاستقرار وسيعود هؤلاء المقاتلون إلى أماكنهم فور تثبيت وقف إطلاق النار. ننتظر التوصل إلى وقف لإطلاق النار فحاليا ليس لدينا وقف لإطلاق النار. وعندها هم مستعدون لمغادرة المنطقة.
* هل هناك عدد محدد؟ كنت سمعت أن عددهم 250 شخصا؟
– عددهم بالمئات وليس بالآلاف. لن أدخل في الأرقام ولكن أكتفي بالقول إن عددهم بالمئات وليس بالآلاف، وليس عددا كبيرا كما كان موجودا من مقاتلين في مناطق أخرى وضمنها “هيئة تحرير الشام”. وفي الأساس هناك نوع من الازدواجية في هذا الموضوع وهناك نوع من عدم العدالة، فهناك قسم من المقاتلين الأجانب الذين كانوا موجودين يتم منحهم الجنسية ولدينا تحفظات عليهم، ومع ذلك الذين أتوا إلى منطقتنا من أشقائنا الأكراد هم أتوا بهدف حماية أقربائهم. ما دام سيكون هناك وقف لإطلاق النار سيعودون، وعددهم كما قلت بالمئات وليس بالآلاف.
* ماذا عن الثروات الاستراتيجية؟ دمشق تطالب أن تتسلمها بشكل كامل ثم تصرف جزءا من الموارد في مناطق شمال شرقي سوريا…
– مبدئيا ليس لدينا مشكلة في هذا الموضوع كما تحدثنا في الاجتماع الأول الذي حصل في دمشق أيضا، ليس لدينا مشكلة في هذا الموضوع أبدا. ما نطالب به أن هذه المنطقة كانت مهمشة سابقا أيام النظام ولا نريد أن تتهمش مرة أخرى ويجب أن يتم توزيع موارد الثروات الباطنية بشكل عادل على كل المناطق بما فيها هذه المنطقة.
لا تكرار لتجربة حزب “البعث”
* ماذا عن مستقبل “الإدارة الذاتية”؟ دمشق أيضا تقول بحلّ “الإدارة” والاكتفاء باللامركزية…
– هذه المواضيع يجب أن تتم مناقشتها أثناء مناقشة الدستور وفي المرحلة الانتقالية. ليس لدينا إصرار أن تبقى الأمور على حالها. لدينا جسم سياسي وجسم إداري موجود من 10–12 سنة وكان لوجود هذا الجسم أسبابه وكان حينها ضرورة لتقديم الخدمات ولحماية هذه المنطقة من المؤسسات العسكرية والمؤسسات الإدارية التي كانت موجودة. الآن حدث تغيير في الوضع في سوريا بشكل عام وبالتأكيد سنتكيف مع الوضع الجديد في سوريا.
بشكل دقيق نحن لا نريد تكرار تجربة حزب “البعث”، نظام “البعث” السابق، باحتكار كل السلطات في العاصمة. يجب أن تتم مشاركة بعض صلاحيات العاصمة مع المناطق ولا أقصد منطقتنا تحديدا بل جميع المناطق. وهذه الأمور يجب مناقشتها أثناء كتابة الدستور أو في مؤتمر الحوار الوطني.
بشكل عام يجب أن يكون هناك نوع من الإدارة المحلية في المناطق ولكن نحن مستعدون أن نناقش الوضع الإداري في منطقتنا بما يتناسب مع التغييرات التي طرأت على سوريا بعد سقوط نظام الأسد.
* طالما تحدثت عن سقوط نظام الأسد، هل توقعت أن يسقط النظام الأسد بهذه السرعة في ديسمبر/كانون الأول الماضي؟
– بالنسبة لسقوط نظام الأسد فقد كان متوقعا، ولكن لا أعتقد أن أحدا توقع سقوطه بهذه السرعة، أظن حتى الذين أسقطوا النظام لم يتوقعوا أن يتم بهذه السرعة.
* هل فوجئت بسقوط النظام؟
– فوجئنا بسقوط النظام بهذه السرعة.
* عودة إلى موضوع الحوار. الإدارة السورية الجديدة أعلنت عن تنظيم مؤتمر للحوار واللجنة التحضيرية. ما رأيك في هذه اللجنة التحضيرية وما رأيك في هذا الحوار المقترح؟ أعتقد أنكم كنتم طلبتم أن تكونوا جزءا من اللجنة التحضيرية وأن تشاركوا في المؤتمر. ما رأيكم في اللجنة وفي الحوار المتوقع؟
– بالتأكيد لدينا تحفظات على تشكيل اللجنة بهذا الشكل، نحن نريد أن يتم تمثيل مكونات هذه المنطقة عموما وليس فقط المكون الكردي. هناك مكونات أخرى يجب تمثيلها ضمن لجنة الحوار، وسنطالب بذلك في حال وصول المفاوضات والحوار بيننا إلى نجاح، ونحن نعتبر أنه بالشكل الحالي لا يمثل جميع السوريين ولا يمثل المطلوب. يجب إضافة ممثلين عن المكونات ويكون شاملا.
* هل تواصلتم مع دمشق في هذا السياق؟
– سنتواصل. وبالتأكيد سيكون لدينا رأي في هذا الخصوص.
* كما تعرف هناك فكرة لتشكيل هيئة تشريعية أيضا وهناك فكرة لتشكيل حكومة انتقالية، هل جرى أي تواصل معكم إزاء تشكيل هذين الجسمين؟
– حتى الآن لم نتباحث في التفاصيل، والمسألة الأساسية التي يجب مراجعتها ونعتبر أنه تم التعاطي معها بشكل ناقص، هي أن الذين يتفقون يشاركون، ومن لا يتوصلون إلى اتفاق لا تتم مشاركتهم، وهذا الموضوع يتناقض مع جوهر مبدأ الحوار ومبدأ مؤتمر الحوار الوطني. بحيث إنك حتى وإن لم تتفق تشارك في المؤتمر للتوصل إلى اتفاق.
ومع ذلك نحن نحاول أن نتوصل إلى نوع من الاتفاق على الخطوط الأساسية ونحن حريصون على المشاركة في هذا المؤتمر بحيث إن لم نشارك لا نكون الطرف الذي ننتقد.
* أعرف أنه خلال المفاوضات أردتم أن تسجلوا الحقوق الكردية ضمن الدستور. ما هي البنود الدستورية التي تطالبون بها؟
– هناك موضوعان مختلفان. في شمال شرقي سوريا هناك مكونات أخرى، وهناك مناطق وهناك إدارة وهناك مكتسبات موجودة منذ عشر سنوات وهذا موضوع على حدة. أما فيما يتعلق بالشعب الكردي فله وضع خاص فالشعب الكردي شعب مضطهد خلال الأزمنة المتعاقبة على سوريا منذ الاستقلال وحتى اليوم. في القوانين هناك استثنائية بحق الشعب الكردي فالشعب الكردي محروم من حقوقه الأساسية مثل اللغة الأم ولغة الدراسة وحتى المواطنة، محروم من كل ذلك. بالطبع كل هذه الأمور يجب إعادة النظر فيها أثناء كتابة الدستور، قانون الشعب الكردي واللغة وحتى موضوع إدارة المناطق. هناك مواضيع أخرى ندرجها ضمن نطاق الحقوق القومية والحقوق السياسية القومية الثقافية للشعب الكردي وهذه يجب إعادة النظر فيها أثناء إعادة كتابة الدستور.
* ماذا كانت ردة فعل دمشق عندما طرحت هذه الأفكار؟
– مبدئيا هم لم يكونوا ضد، ومبدئيا أعتقد أنهم مع إدراج حقوق الشعب الكردي في الدستور ولكن لم نتحدث في التفاصيل.
القوى الخارجية
* إذا انتقلنا إلى موضوع رأي القوى الخارجية بما يجري في سوريا. بالنسبة إلى تركيا هل تعتقد أن تركيا تؤيد الحوار القائم بين الإدارة الجديدة وبينكم؟
– يجب أن لا تعارض، ولكن حسب دراستنا للوضع هناك معارضة، وأظن أن هناك عائقا، ونحن نشجع تركيا على أن لا يعارضوا هذا الأمر.
* ماذا عن أميركا؟ هل تشجعكم أميركا على الحوار مع دمشق؟
– أكيد أميركا تشجعنا، لا بل تتوسط للحوار وتشجع الطرفين على هذا الأمر.
* ما النصيحة الأميركية لكم هذه الأيام؟
– النصيحة الأميركية الأساسية أنه يجب أن يكون هناك تواصل وأن لا تنقطع المفاوضات، وأكثر شيء التركيز على الجوانب التي يمكن إحراز تقدم في المفاوضات حولها، وبشكل عام موقفهم إيجابي.
* حسب علمي أنهم توسطوا بينكم وبين دمشق، كما توسط البريطانيون والفرنسيون والأميركيون، توسطوا بين دمشق وبينكم، ونقلوا رسائل…
– أكيد، وما زالوا يتوسطون.
* ما أهم اختراق قاموا به أو أمر أقنعوكم به؟
– حاليا يعتبرون أن المسألة الأساسية استمرار الحوار والوصول إلى النتائج، والإشارة الثانية أن لا يتم الوقوف عند التفاصيل بشكل عام. التركيز أولا على مسألة الحوار وبعد ذلك الوقوف على التفاصيل.
* هل وضع الأميركيون إطارا زمنيا للحوار؟
– لا، حتى الآن لم يتحدد هذا الأمر.
* دونالد ترمب أصبح رئيسا ونتذكر أنه في أكتوبر 2019 فجأة قرر الانسحاب ما سمح لتركيا بإقامة منطقة بين رأس العين وتل أبيض. هل أنت قلق من أن يكرر ترمب الأمر ذاته؟
– حاليا الظروف اختلفت كثيرا ولم نعد في تلك السنة، حتى الرئيس ترمب نفسه في نهاية فترته الرئاسية قام بإعادة النظر في القرارات التي اتخذها في ذلك الوقت بخصوص وقف الحرب حينها وإلزام تركيا بوقف إطلاق النار، وحتى الكونغرس أصدر بعض الإجراءات وقانون العقوبات في حال لم تلتزم تركيا بعملية وقف إطلاق النار. كانت هناك قرارات إيجابية وحاليا نريد أن يلتزم الرئيس ترمب بالوعود التي قطعها لنا في آخر فترة حكمه (الأولى).
* وهي؟
– التزام تركيا بوقف إطلاق النار بشكل عام، وهناك اتفاقات تم إبرامها من خلال نائب الرئيس (مايك بنس) في ذلك الوقت والحكومة التركية وكنا نسميها “اتفاقات أكتوبر”. التزام تركيا بهذه الاتفاقات.
* تعرض الأكراد عبر التاريخ لـ”خيانات” أميركية متكررة. هل أنت قلق من “خيانة” أميركية جديدة؟
– أنا متفائل، وأتمنى أن لا يحصل هذا الأمر.
* هل تعتقد أن الوجود الأميركي مستمر إلى ما لا نهاية أم إن هناك سقفا زمنيا؟
– لا أرى ذلك، كما أن الأميركيين يؤكدون دائما أنهم لن يكونوا موجودين إلى الأبد في هذه المنطقة. ولكن أظن أن الأسباب التي أدت إلى دخول الأميركيين إلى سوريا، موضوع الإرهاب و”داعش”، هذه الأسباب لا تزال موجودة، وخطر الإرهاب لا يزال موجودا على كل المنطقة وعلى المصالح الأميركية. أظن أن أسباب وجود القوات الأميركية في هذه المنطقة ما زالت موجودة وبالتأكيد عندما تتم إزالة هذه الأسباب سيرحلون من هذه المنطقة.
* الإدارة الجديدة قالت لكم إنها يمكن أن تتولى العلاقة مع “التحالف الدولي” ويمكن أن تتولى محاربة “داعش”. هل هذا صحيح؟
– أظن أن هناك طلبا بهذا الخصوص وأظن أنهم مستعدون لهذا الأمر.
* ما موقفك من أن تكون العلاقة بين الإدارة السورية الجديدةو”التحالف الدولي”؟
– نحن نريد أن يكونوا هم أيضا جزءا من هذا “التحالف” بحيث نكون مشتركين سويا، فكما تعرف حتى الآن نحن الوحيدون في سوريا ضمن “التحالف” أو فلنقل شركاء مع “التحالف” ونعمل مع “التحالف”. نأمل أن يكونوا شركاء في هذا الأمر.
* هل من الممكن أن تعمل “قسد” و”هيئة تحرير الشام” معا في محاربة “داعش”؟
– أكيد.
* هل هناك أي خطوات تنفيذية في هذا الاتجاه؟
– حتى الآن لا خطوات تنفيذية ولكن من حيث المبدأ يمكننا أن نتعاون سويا في هذا الخصوص.
* ماذا عن معسكر “الهول”؟
– حاليا لا يوجد أي تغيير جذري ولا يزال هناك عشرات الآلاف من المدنيين من عوائل “داعش” في هذا المعسكر ونحن نعمل على عمل ما يمكن لإرجاع العائلات إلى بلدانها، كما أن لدينا المواطنين السوريين الموجودين من غرب الفرات، وسابقا مع وجود “البعث” لم يكن بإمكاننا إعادتهم إلى هذه المناطق، حاليا نعمل الآن مع الإدارة الجديدة للتنسيق لإعادتهم إلى مناطقهم في غرب الفرات وهناك تواصل مع الإدارة الجديدة في هذا الخصوص.
* أنت مرتاح لمستوى التعاون في هذا السياق؟
– أكيد هو غير كاف، ولكن كبداية جيد.
إيران
* ماذا عن إيران؟
– أشكرك حقيقة على هذا السؤال.
* بصراحة هناك من يقول إن إيران تجهز وتفتح خطوطا لكي تدعم “قسد” ولكي تتعاون مع “قسد” ضد الإدارة الجديدة…
– هذه الأمور ضدنا ونعرف مصدرها بالتأكيد. ونحن حتى سابقا لم يكن هناك ولا لاحقا ولا حاليا لن يكون هناك مستقبل لعلاقات مع إيران في هذا الخصوص. ونحن حاليا نركز على أن نكون جزءا من الإدارة الجديدة وجزءا من المحادثات السياسية لا أن نكون معارضة كما يتهمنا البعض. كل الأخبار التي ظهرت في ما يتعلق بدعم إيران لقواتنا وحتى الحديث عن محاولات أيضا كلها غير صحيحة، ومقصودة.
* إذن الجنرال عبدي يقول: إننا لن نتعاون مع إيران ضد الإدارة السورية الجديدة؟
– أكيد هذا موقفنا الصريح الواضح.
* كيف ترى النظام الإقليمي الجديد، بعد 14 سنة من الحرب في سوريا، وبعد أكثر من عشرين سنة على سقوط نظام صدام (حسين) وهناك حرب غزة وحرب لبنان، وهذا التغيير في سوريا. كيف ترى النظام الإقليمي الجديد؟
– لا أعرف إن كان هناك نظام إقليمي جديد، ولكن أظن أن تغيرات كثيرة حصلت والأرضية تغيرت كثيرا في الشرق الأوسط والتحالفات تغيرت كثيرا، وأظن أننا مقبلون على نظام إقليمي جديد، ولكن بشكل عام سأقيّمه بشكل إيجابي.
* قبل أيام كانت ذكرى اعتقال رئيس “حزب العمال الكردستاني” عبدالله أوجلان، هناك حديث عن مبادرة…
– أظن حسب معلوماتنا حصل نوع من التدقيق بعد مرور 26 سنة على اعتقاله، ونحن الآن بصدد حدوث انفراجة في العلاقات الكردية– التركية وربما يطبق وقف إطلاق النار وتبدأ مرحلة جديدة، أتوقع أن تبدأ هذه المرحلة الجديدة في تركيا بين الحركة الوطنية الكردية الكردستانية بقيادة السيد أوجلان والدولة التركية، وكل هذا سيؤثر على موضوع الأكراد في الأجزاء الأربعة من كردستان، وبطبيعة الحال سيؤثر على منطقة الشرق الأوسط في شكل عام، أيضا.
* القادة الأكراد في كردستان العراق قالوا إن النصيحة التي قدموها إلى الجنرال مظلوم عبدي هي التفاوض مع دمشق والتعامل كقوة سورية. هل هذا صحيح؟
– هذه النصيحة أعتبرها نصيحة إيجابية صادرة عن إخوة وآخذها بعين الاعتبار ونصيحة آخذها بالجدية المناسبة.
* هل أنت متفائل؟ وكيف ترى مستقبل سوريا خلال سنة؟ وكيف تراه خلال أربع سنوات… الرئيس الانتقالي أحمد الشرع يقول إن الانتخابات يمكن أن تجرى بعد أربع سنوات؟ كيف ترى المسار من الآن إلى أربع سنوات؟
– أعتبر أن الأربع سنوات فترة طويلة والمرحلة الانتقالية يجب أن تكون أقل من ذلك. لكن بشكل عام أكيد هناك نوع من القلق من جانبنا، ففي السياسة لا أسود وأبيض، لكن نحاول أن نكون متفائلين في هذا الجانب.
* كيف ستساهمون في بناء سوريا الجديدة؟
– نحن أبدينا استعدادنا للمشاركة في سوريا الجديدة، وكما تعرف هذه المنطقة لديها إمكانات كبيرة ومن ناحيتنا لدينا خبرة كبيرة بعد أن أسسنا على مدى 12 سنة في كافة المجالات. ونحن مستعدون لتقديم هذه الخدمة بالكوادر الإدارية والعسكرية والخبرات الموجودة بشكل عام في منطقتنا لتكون في خدمة بناء سوريا الجديدة. ومن جانبنا سنكون مستعدين، ولكن هذا الأمر بالطبع لا يتم بطرف واحد بل يتعلق بالطرفين.
* هناك قلق لدى بعض الأطراف في دمشق من أن “الإدارة الذاتية” السورية شمال شرقي سوريا تريد تكرار تجربة إقليم كردستان شمال غربي العراق. هل هذه نيتكم؟
– ذكرت سابقا أنه لا سوريا هي العراق، ولا شمال شرقي سوريا هو كردستان. الموضوعان مختلفان سواء من الناحية الديموغرافية وحتى من ناحية التقسيم الجغرافي. التجربتان مختلفتان.
المجلة
————————————-
كما لو أنّه اليوم التالي لمجزرة: الاتفاق مع قسد منعطفاً تاريخياً أم دماً على ورق؟/ ياسين السويحة
11-03-2025
مع انطواء نهار أمس الإثنين، وفيما كان استمرار تدفّق الأنباء عن تواصل الانتهاكات في بعض قرى الساحل يُزعزع ثقة الإعلانات عن توقّف استباحة حيوات وأملاك علويي المنطقة، وفي حين لم يُتَح حصرُ أعداد ضحايا المذبحة بعد، عداك عن دفن جثامين القسم الأكبر منهم وإغاثة الهائمين على وجوههم في الأحراش هرباً من «أبطال المجزرة» وتأمين عودتهم لمنازلهم، إن بقيت؛ تظهر صورةٌ لأحمد الشرع مع مظلوم عبدي، ويُنشر نصُّ اتفاقٍ بخطوطٍ عريضة بين «الدولة السورية» وقوات سوريا الديمقراطية. على وسائل التواصل فرحٌ كثير هنا، وحزنٌ عميقٌ هناك؛ وقبل هذا جزعٌ مخلوطٌ بأمل وبعده تفاؤلٌ مُتداخلٌ مع يأسٍ وتساؤلات. الكثير من التساؤلات… لعلّ «الصباح رباح».
لكن كيف يشرق صباح اليوم التالي للمجزرة؟
بصياغات بنوده العريضة، وتاريخيته التي لا تُنكر، لا يكاد نصّ اتفاق الشرع – عبدي يُجيب على أيّ تساؤلٍ عملي حول مستقبل المسألة الكردية في سوريا. هو إعلانٌ رسميٌّ لنوايا ستحتاج إلى الكثير من الوقت والتفاصيل لكي تتوضّح في صياغاتٍ وسياسات واقعيّة؛ وتقبع خلف هذه النوايا المُعلنة توافقاتٌ إقليمية ودولية ستحتاج هي الأخرى وقتاً لكي يتوضّح أثرها على مجمل الوضع السوري، والعين دوماً نحو الأفق الغربي حيث واشنطن وعقوباتها. لكن لماذا وُقِّع الاتفاق يوم الإثنين تحديداً، مع كل ما جرى في الأيام الأربعة السابقة؟ لعلّ الإجابة على هذا السؤال ستكون آخر ما يتوضّح من تفاصيل هذا الاتفاق – الإطار. العريض. العريض جداً.
عريضٌ، أيضاً، هو السؤال عن مدى فاعلية اللجنة التي عيّنها الشرع للتحقيق في «أحداث الساحل»، وعن مدى قدرتها على إنجاز تحقيقٍ لائقٍ بحجم الهول الذي حصل خلال شهرٍ اعتباراً من يوم تشكيلها، وهو شهرٌ مضى منه يومان لم يُتمكّن حتى من إيقاف الانتهاكات خلالهما، عداك عن أن تباشر اللجنة أيّ عملٍ فعلي عدا الاجتماع بالرئيس بعد إعلان توقيعه الاتفاق مع مظلوم عبدي بحوالي ساعة. لربما تعتقد أوساط السلطة أن شهراً هو زمنٌ كافٍ لكي تمضي المجزرة وتذوب وسط تعقيدات سوريا التي يُؤمل أن تتخلّلها أخبارٌ جيدة، دبلوماسية أو اقتصادية. في سيرورة التسعين يوماً الماضية، وفي تجربة إدلب قبلها، ما يدعو حقيقةً للقلق حول جدّية ما سيخرج من هذا التحقيق.
لم يأخذ أحمد الشرع سلامةَ الإطار القانوني لحُكمه بجدّية، خصوصاً في ما يتعلّق بهيكلية وآليات الملاحقة والمحاسبة لأركان النظام السابق وبقايا أمنه وقوّاته. انطلق، كما علمنا من كلامه في العديد من المناسبات، من ترتيبات معركته الأخيرة والتسويات التي توصل إليها مع بعض رؤوس النظام البائد («طرائق النصر»، كما أسماها في خطاب «مؤتمر الحوار الوطني») ليمضي في مسارٍ غير واضح الشكل من التمشيطات والمداهمات في مناطق حمص وحماة والساحل، تخللتها الكثير من «التجاوزات الفردية»، دون وجود هيئة عدالةٍ انتقالية تضبط ملاحقات مجرمي النظام الأسدي، ودون مجلسٍ قضائيٍّ أعلى مؤقّت يضمن وجود قضاءٍ فاعلٍ ونزيهٍ وموثوق، ودون حتى قائمة مطلوبين علنية تُخرج الناسَ من حيرة إعلانات «دار أبي سفيان» لحظة التحرير، والتي أسست لضبابيةٍ لا مطلوبين واضحين فيها، ما يجعل أيّ عَلويٍّ مُتّهماً لحظة يريد أحد «المنتصرين».
وكل هذا وشادي الويسي وزيرٌ للعدل… وكلّ هذا حصل في سياق مسارٍ سياسي سِمته الأساسية قلة الاكتراث بسلامة الإجراءات وغياب الأطر الناظمة للانتقال السياسي. شغل الشرع القصر الجمهوري وهو «قائد» لأسابيع طويلة، قبل أن يُعلنه «مؤتمر النصر» المنقول تلغرامياً رئيساً للبلاد؛ مؤتمرٌ جلست فيه فصائل تمرّغت بالدم العَلوي المُراق في الساحل السوري طوال الأيام الماضية، وزَهَا عناصرها بجرائمهم، وتولّت قنواتها الرسمية وشبه الرسمية على تلغرام ووسائل التواصل مهمة نقل المجزرة بشكلٍ شبه آني. وتلا التنصيب العسكري مؤتمر «حوارٍ وطني» هزيل وأشبه بالغفلة، فقيرٌ بتمثيليّته، لا سيما عَلوياً ودرزياً وكردياً؛ سبقه عملُ لجنةٍ تحضيريةٍ ليتها لم تكن. وها نحن هنا، الآن، بانتظار إعلانٍ دستوري سُرّبت مواده بعد ساعةٍ من تعيين لجنته التحضيرية، وبانتظار حكومة.
الوضع في سوريا مُعقّد، والدولة مُنهارة، وتركةُ نظام الأسدين ثقيلةٌ بشكلٍ قاتل، ولعلّ غياب العنف الانتقامي المنفلت في الأشهر الثلاثة الماضية كان هو المعجزة، وما حصل الآن كان من شبه المُحال ألا يحصل ما يشابهه في لحظةٍ ما… لكن لا شكّ أن إطاراً قانونياً أفضل للوضع الراهن، بلجنة عدالةٍ انتقالية حقيقية وبمجلسٍ قضائيٍّ أعلى فاعل؛ وحواراً مجتمعياً وسياسياً أعمق وأشمل؛ وعمليةً سياسيةً أكثر احتراماً لعموم السوريين والسوريات وأعمق إدماجاً لهم-ن، كانت ستكون عوامل مُساعِدة لتعاملٍ أفضل مع ما جرى.
بإمكان الاتفاق مع قسد أن يكون مفصلاً تاريخياً بحق، وفيه بلا شك كمونُ أن يكون أعظم لحظةٍ في سوريا المعاصرة بعد سقوط نظام الأسد؛ وبإمكانه أيضاً أن يكون حبراً على ورق، نتذكّره بسخرية بعد حين ونحن نرى راجمات أبو عمشة عائدةً إلى تخوم سدّ تشرين وسط دندناتنا المُتحسّرة للأغنية إياها. شرط تاريخية الاتفاق هو أن يكون جزءاً من تحوّلٍ عميقٍ وحاسم في وِجهة «سوريا الجديدة»؛ تغييراً جذرياً في المسار ينبع من قناعةِ من يَحْكمون أنه تحريكٌ للدفّة لكي تكون لهم فرصةٌ في حكم هذا البلد. ولا تحوّلٌ عميقٌ ممكن دون التعامل مع ما حصل دون أي طمس: لقد أدّى هجومٌ حقيرٌ شنّته فلول قوّات الأسد إلى مقتل عددٍ كبيرٍ من قوات الأمن والمدنيين في الساحل، ما أُخِذ كذريعةٍ لانفلات فصائل ومجموعات مسلّحة عشوائية، تحت غطاء نُصرة القوى الأمنية المُستهدفة، لارتكاب مجزرة جينوسايدية الطابع بحق علويي الساحل السوري، بوصفهم علويين، ولأنهم علويون؛ مجزرة استمرّت أياماً عديدة وسط تقصيرٍ و/أو عجزٍ عن وقفها (دون الانتقاص من جهود عناصر كثُر من الأمن العام فعلوا كل ما بوسعهم لحماية مواطنيهم، ومنهم من قضى في كمائن فلول قوات الأسد ثمناً لذلك)، ووسط تأييدٍ فاشيِّ الطابع من أوساطٍ شعبية طائفية لا يُستهان بها. هذا واقعٌ لا يمضي بالتقادم. يوم المجزرة يبقى هو ذاته مهما تتالت الشموس والأقمار عليه. من المؤلم كم تعرف سوريا هذا الأمر.
من شأن كشف كل الحقائق، ومحاسبة كلّ الجناة، وتكريم كل الضحايا، أن يجعل يوم المجزرة يمضي، ولو ببطءٍ وكمد، نحو نهارٍ جديد. ولأن العلويين استُهدفوا وذُبحوا بوصفهم علويين، فعلى الدولة السورية، وعلى رأسها الشرع، أن تخاطبهم كعلويين، وأن تجبر خاطرهم كعلويين. لم يفعل الشرع ذلك في خطاباته التي بدتْ وكأنها استمرارٌ لإعطاء هذه الجماعة الأهلية بالذات ظهره. ربما يمكن حكمُ جموع إنكاريي المجزرة هكذا، ولكن الشرع يريد أكثر، يريد أن يحكم سوريا كلها، وأن يحكمها طويلاً.
موقع الجمهورية
——————————–
سوريا وتجاوز الفتنة والتقسيم: الاتفاق مع الأكراد خطوة أولى/ منير الربيع
الثلاثاء 2025/03/11
كان متوقعاً أن يكون التفاعل الدولي مع الجرائم التي ارتكبت في الساحل السوري سريعاً. بخلاف ما كانت عليه الحال عندما أقدم نظام الأسد على ارتكاب المجازر بحق الشعب السوري. هذا التفاعل الدولي له أسبابه الكثيرة، لا سيما أنه على الرغم من الاحتضان الدولي الكبير لسوريا ما بعد الأسد، إلا أن المواقف المرحبة والفرصة الممنوحة للإدارة الجديدة، لم تقترن بالأفعال وخصوصاً على صعيد رفع العقوبات. رسائل كثيرة وصلت إلى الإدارة السورية الجديدة تفيد بأن هناك “فترة اختبار” لتعاطيها مع الداخل ومع الخارج، على أن تبقى سياسة “الخطوة مقابل خطوة” هي السائدة. تعددت المواقف الدولية التي صدرت تجاه ما يجري في سوريا، بين من سارع إلى إدانة المجازر التي ارتكبت، ومن عبّر عن رفضه لأي محاولة إخلال بالوضع السوري، ومن حمّل مسؤولية ما جرى لفلول الأسد، مع غمز من قناة دول إقليمية.
دخلت الإدارة السورية في سباق مع الوقت ومع القوى الإقليمية والدولية في محاولة للملمة التداعيات، وذلك من خلال الاتفاق مع الأكراد، بما يرسل إشارات طمأنة إلى الأميركيين.
بين روسيا وإسرائيل
جاء ذلك بعدما تحركت روسيا في اتصالاتها مع الولايات المتحدة الأميركية لعقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي، لبحث تطورات الوضع السوري. بينما كانت فرنسا تسعى إلى عقد جلسة مغلقة لمجلس الأمن. في المداولات التي جرت بين الدول، كان هناك اقتراح روسي نوقش مع بعض الدول الغربية لاتخاذ موقف أو قرار عملاني، يصل إلى استخدام الجو السوري للتحرك والتدخل لمنع حصول مجازر بحق طائفة بعينها. بينما كانت بعض المواقف الغربية تركز على ضرورة حماية الأقليات. حاولت موسكو التقارب والتقاطع مع واشنطن حول هذا الهدف، كما هناك تقاطع مع إسرائيل لتقويض نفوذ الشرع وسلطته. يأتي ذلك بعد تصريحات إسرائيلية كثيرة تشير إلى ضرورة أن تبقى سوريا خاضعة “للمدى الحيوي الإسرائيلي”، وأن تكون تل أبيب صاحبة اليد العليا، مع الإشارة إلى أن مشروعها يرتكز على الأقليات، أو تقسيم سوريا إلى أقاليم.
القلق العربي واللبناني
جدياً، تقف سوريا أمام مفترق طرق خطير، المعالجة السريعة أو استمرار التوترات واتساعها ما سيهدد بتقسيمها إلى مناطق نفوذ. وهو ما يتعارض مع الهدف الإستراتيجي الذي أعلنه الرئيس السوري أحمد الشرع، ومع مواقف كل الدول العربية التي شددت على التمسك بوحدة الأراضي السورية. خصوصاً أن هناك قناعة لدى جهات عديدة، بأن أي مشروع لتقسيم سوريا أو خلق اهتزاز أمني دائم ومستمر فيها بما يكرس مناطق النفوذ الموزعة على أساس طائفي أو ديني أو مذهبي، فإنه سيكون نموذجاً يطال كل الدول المجاورة. وهو حتماً سيكون مشروعاً يلبي الطموح والهدف الإستراتيجي الإسرائيلي في جعل دول المنطقة والكبيرة منها خصوصاً معرضة لاهتزازات، أو مقسمة إلى أقاليم، ما يجعل إسرائيل تتجاوز “عقدة مساحتها” وتكرّس أكثر منطق “يمينية الدولة ويهوديتها من الناحية القومية”.
إطالة أمد الاهتزاز، الصراع، الاقتتال، والجرائم في سوريا، لا بد له أن ينعكس على لبنان أيضاً، شمالاً وبقاعاً، وهو سيسهم في تقويض مشروع الدولة في لبنان كما في سوريا. كما أن الجرائم التي ارتكبت، والتجاوزات التي حصلت، ونفذتها فصائل عديدة ضد أبناء الطائفة العلوية، سيجعل أبناء الطوائف الأخرى متمسكين بسلاحهم ويسعون إلى البحث عن جهات خارجية لدعمهم. الأمر نفسه سينطبق على الواقع اللبناني الذي يتأثر إلى حدود بعيدة بما يجري في سوريا. كما أن ذلك سيدفع حزب الله في لبنان إلى التمسك بسلاحه تحت شعار قديم جديد وهو حماية وجوده ووضعه على الحدود اللبنانية السورية، ما سيسهم أيضاً في تقويض مشروع الدولة في لبنان، خصوصاً في ظل الإصرار الإسرائيلي على الإمعان في الاعتداءات الأمنية، والعسكرية، ومواصلة الاحتلال البري لنقاط عديدة في جنوب لبنان.
فرصة للإدارة السورية
تجد سوريا نفسها مهددة من الداخل والخروج. فجنوباً هناك التهديد الإسرائيلي المستمر والاعتداءات المتواصلة وعملية القضم المستمرة. بالإضافة إلى المحاولات الإسرائيلية الساعية إلى الاستثمار بالصراعات الداخلية لاستمالة مجموعات مختلفة من الشعب السوري. هذا الأمر واجهه الشرع بالتقارب مع قوات سوريا الديمقراطية، والاتفاق الذي أُبرم، وسط معلومات كشفت عنها “المدن” تتصل بالعمل على اتفاق مماثل مع السويداء. بذلك يكون الشرع قد نجح في تجاوز عقبات أساسية، أبرزها إجهاض محاولة “فلول الأسد” للسيطرة على الساحل، وفتح قنوات التنسيق مع قسد ومع الدروز، على أن يُستتبع ذلك بمسار سياسي كامل حول اكتمال عقد السلطات وتشكيل الجيش الوطني وحلّ كل الفصائل.
أي خطر يتهدد سوريا، سينعكس على لبنان الذي يواجه تحديات من الجنوب إسرائيلياً، ومن الحدود الشرقية والشمالية، بنتيجة ما يجري في سوريا وانعكاسه على البيئات اللبنانية المختلفة.
لا تزال هناك فرصة دولية وإقليمية ممنوحة للإدارة السورية الجديدة، مع إطلاق الكثير من إشارات الضغط، بالإضافة إلى تأخير مسار رفع العقوبات عن دمشق، وخصوصاً من قبل الإدارة الأميركية. وهو على ما يبدو يرتبط بالالتزامات التي يُفترض بالإدارة السورية تقديمها للخارج. في المقابل، هناك حاجة سورية لمواجهة مسار ما تسعى إسرائيل إلى فرضه، من خلال خلق مظلة إقليمية وعربية ودولية توفر لها الغطاء اللازم للمواجهة. والأهم، هناك حاجة إلى إعادة تعزيز الوحدة الوطنية السورية، وذلك من خلال السعي لإيجاد طريقة خلاقة لحلّ كل الإشكاليات العالقة، مع سكان الساحل واستدامة الاتفاق مع قسد، ومع الدروز وكل المكونات الأخرى.
ما خسرته الإدارة الجديدة إثر المجازر، يحاول الشرع تحويله إلى فرصة بدأها بالتفاهم مع قسد، وسيعمل على توسيعها. لذا، هناك عملية سياسية يفترض أن تنطلق سريعاً برعاية عربية، إقليمية، ودولية، ومع الأمم المتحدة، للتصدي للمخططات الإسرائيلية واحتضان كل السوريين، ووضع تصور حول تكريس الوحدة الوطنية السورية، التي لا تكون قائمة على منطق الغلبة من أي طرف على حساب الأطراف الأخرى، خصوصاً أن السوريين الذين خرجوا في الثورة كان هدفهم أن يكونوا شركاء في صناعة مستقبلهم السياسي، لا أن يكونوا مهمشين أو تابعين مع صيغة لامركزية تكون مقبولة من مختلف المكونات. وهؤلاء بانخراطهم وشراكتهم يُفترض بهم تقوية الإدارة الجديدة لا إضعافها، ولا البحث عن جهات خارجية تساعدهم للاستقواء على الإدارة الجديدة، أو اكتفاء الأخيرة بالسيطرة في دمشق والوسط والشمال، بينما يبقى الجنوب والشمالي الشرقي والساحل بحالة تفلت دائمة.
المدن
————————
دمج المؤسسات والتأكيد على وحدة البلاد.. الشرع وعبدي يوقعان اتفاقاً في دمشق
2025.03.10
أعلنت رئاسة الجمهورية العربية السورية عن توقيع اتفاق بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، يقضي بدمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال وشرق سوريا ضمن مؤسسات الدولة السورية. مع التأكيد على وحدة الأراضي السورية ورفض أي محاولات للتقسيم.
وجاء الاتفاق بعد اجتماع عُقد بين رئيس الجمهورية أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، حيث تم الاتفاق على ثمانية بنود رئيسية، تضمنت:
ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل السياسي والمشاركة في مؤسسات الدولة، بناءً على الكفاءة، بغض النظر عن الخلفية الدينية أو العرقية.
الاعتراف بالمجتمع الكردي كمكوّن أصيل في الدولة السورية، وضمان حقوقه الدستورية والمواطنة.
وقف إطلاق النار في كافة الأراضي السورية والعمل على إنهاء النزاع المسلح.
دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال وشرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما يشمل المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز.
ضمان عودة جميع المهجرين السوريين إلى مناطقهم مع توفير الحماية اللازمة لهم.
دعم الدولة السورية في مواجهة التهديدات التي تمسّ أمنها ووحدتها.
رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين مكونات المجتمع السوري.
تطبيق الاتفاق في مدة لا تتجاوز نهاية العام الحالي من خلال لجان تنفيذية مختصة.
ووقّع الاتفاق رئيس الجمهورية أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي.
————————–
دوافع وكواليس الاتفاق بين “قسد” والحكومة السورية/ عبد الله البشير و سلام حسن و عدنان علي
10 مارس 2025
متحدثة باسم الاتحاد الديمقراطي: الاتفاق يتضمن وقف الهجمات التركية
قبول المجتمع الدولي بحكومة دمشق من دوافع توقيع الاتفاق
باحث: حكومة دمشق اتبعت ما يمكن وصفه بـ”القوة الناعمة” لتفكيك قسد
وقع الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد “قوات سوريا الديموقراطية” (قسد) مظلوم عبدي، اليوم الاثنين، اتفاقاً يقضي بدمج كل المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الذاتية الكردية في إطار الدولة السورية، فيما ذكر موقع إعلامي كردي أن ما جرى التوصل إليه كان بناء على اتفاق تم توقيعه في شهر فبراير/شباط بين واشنطن وأنقرة. ونشرت الرئاسة السورية بياناً وقعه الشرع وعبدي جاء فيه أنه تم الاتفاق على “دمج كل المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سورية ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز”.
وفي تعليقها على هذا التطور المفاجئ، قالت المتحدثة باسم حزب “الاتحاد الديمقراطي” سما بكداش لـ”العربي الجديد” إن “الاتفاق بين الجانبين “إيجابي”، والنقاط التي اتفقوا عليها هي عينها التي اتفقوا عليها من قبل، وتتضمن وحدة الأراضي السورية وتقسيم الثروات الموجودة والنقطة الأخرى التي نركز عليها، وهي الحوار والاتفاق، ونقاط أخرى هامة ضماناً لحقوق الكرد في الدستور السوري، باعتباره شعباً أصيلاً على أرضه، وضرورة أن يتمثل في الهيئات والتشكيلات السياسية”.
ولفتت بكداش إلى أن الاتفاق “يتضمن وقف الهجمات التركية بحجج مختلفة على شمال وشرق سورية، إذ ينص على توقف القتال، أي توقفه على جميع الأراضي السورية”. واعتبرت هذه الاتفاقية “تجهض الكثير من المحاولات من أطراف تسعى إلى إشعال حرب أهلية بين شعوب وطوائف سورية”، وفق تعبيرها.
خطوة تاريخية للكرد
ووصف المحلل السياسي الكردي عبد الحميد سلمان الاتفاق بأنه “خطوة تاريخية بالنسبة للكرد في سورية من الناحية السياسية والوجودية، وبالنسبة لجميع السوريين خطوة لنزع فتيل أزمة متوقعة في سورية في حال عدم التوصل إلى اتفاق، خاصة أن قسد تسيطر على مساحات شاسعة من سورية”. واعتبر سلمان، في حديثه مع “العربي الجديد”، أن “الاتفاق يفتح المجال أمام السوريين”، مشيراً إلى أن “اللجان التنفيذية بين الطرفين ستكون هي محط الأنظار في الأيام المقبلة”.
من جانبه، أعرب الباحث رشيد حوراني لـ”العربي الجديد” عن اعتقاده بأن “الاتفاق يعود لعدة أسباب، أولها الغطاء الدولي الذي منحه المجتمع الدولي لإدارة العمليات العسكرية، ومن ثم القبول بأحمد الشرع رئيساً للمرحلة الانتقالية، والوضع السياسي العام بعد سقوط النظام في سورية”. وأضاف أن “هذا القبول الدولي، سواء على المستوى العربي أم الإقليمي والدولي، كان أحد عوامل الضغط التي دفعت قسد وقيادتها للقبول بالانضواء والاندماج مع الدولة السورية”.
أما العامل الثاني، وفق حوراني، فيتمثل في “تغليب لغة الحوار من حكومة دمشق مع قسد، وسعيها وحرصها على التوصل إلى اتفاق عبر الحوار وليس من خلال العمليات العسكرية، بهدف جمع شتات الدولة والجغرافيا السورية وتوحيدها للانطلاق في عملية البناء”. ومن الأسباب الأخرى، بحسب الباحث السوري، أن “حكومة دمشق قدّمت العديد من عوامل بناء الثقة لكل الأطراف، من خلال التعاون وإظهار نفسها حكومة مرحلة انتقالية، وليست سلطة استبدادية تسعى إلى الهيمنة، كما أنها لا ترغب في إعادة إنتاج التجربة السياسية التي أرسى دعائمها النظام السابق طيلة أكثر من خمسين عاماً في سورية”. وقال حوراني إن “هذه الخطوات التي اتخذتها حكومة دمشق لبناء الثقة مع الأطياف الأخرى داخل الدولة السورية كانت أيضاً من العوامل التي دفعت قسد للاندماج والقبول بالطروحات الوطنية التي قدّمتها دمشق”.
إضافة إلى ذلك، يشير حوراني إلى أن “الحاضنة الشعبية في المناطق التي تسيطر عليها “قسد” ترفض وجودها بنسبة تصل إلى 80%، وهو ما تؤكده المظاهرات التي خرجت في دير الزور والرقة خلال عملية “ردع العدوان””. وقد طالبت هذه المظاهرات قوات “ردع العدوان” بالتوجه إلى المدينتين للسيطرة عليهما وتحريرهما من “قسد”. ولفت إلى أن “حكومة دمشق اتبعت ما يمكن وصفه بـ”القوة الناعمة” لتفكيك قسد، إذ “تواصلت مع بعض الشخصيات العربية والقيادية داخلها، ودفعَتها إلى الانشقاق دون الإعلان عن ذلك”. واعتبر أن “من العوامل الأخيرة التي أثرت في المشهد محاولات الفلول في الساحل، الذين سعوا من خلال تحركاتهم الأخيرة إلى إنشاء منطقة شبيهة بمناطق خفض التصعيد التي مُنحت للمعارضة في إدلب، ولكن بأسلوب آخر يراعي خصوصية المنطقة، وهو ما كان ضمن حسابات فلول النظام”.
و”رغم الانتهاكات الإنسانية التي لا يمكن إنكارها”، قال حوراني، إن “القوة العسكرية التي استطاعت كسر نفوذ الفلول كانت بمثابة رسالة إلى قسد بأنها غير قادرة على مواجهة القدرات العسكرية التي تمتلكها حكومة دمشق”.
دبلوماسية هادئة
من جانبه، قال المحلل السياسي محمد جزار إن “الاتفاق يعكس نجاحاً للدبلوماسية الهادئة التي عكف عليها الطرفان منذ أسابيع، وجرى خلالها البحث مفصلاً بكل القضايا الخلافية بعيداً عن الأضواء”. وأضاف جزار في حديثه مع “العربي الجديد” أن “فرص نجاح الاتفاق جيدة، نظراً لأنه يتم بين قوتين ناضجتين سياسياً، وبعلم وربما مشاركة أطراف دولية وإقليمية فاعلة، خاصة الولايات المتحدة الراعي الرسمي لقسد، وتركيا الحليف الأقرب لحكومة دمشق”.
وأشار في الوقت نفسه إلى أن “تركيا، وإن كانت تدعم الاتفاق مبدئياً كما يفترض، لكنها ستواصل مراقبة تطبيقه على الأرض، لأن ثقتها ضعيفة بقسد وقيادتها، خاصة في ما يتعلق بإبعاد قيادات قنديل (عناصر حزب العمال الكردستاني) عن سورية، والتأكد من أن القوات التي تنتشر على الحدود مع تركيا سوف تأتمر من دمشق، وليس من قيادة قسد”.
وحول الأسباب التي قد تكون دفعت “قسد” للتوقيع على هذا الاتفاق، رأى جزار أن “تلك القيادة ربما قرأت المشهد الدولي، والموقف الأميركي، وخلصت إلى أن هناك رغبة دولية باستتباب الأمر في سورية بعد 14 عاماً من الحرب، وأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ربما يرغب في نهاية المطاف بسحب القوات الأميركية من سورية، وحينئذ سيكون موقفها (قسد) ضعيفاً، وسوف تفاوض من موقف ضعف”.
تفاصيل إضافية عن الاتفاق
ووفق مصادر كردية، فقد أقلت مروحية أميركية من نوع أباتشي وفد “قسد” برئاسة مظلوم عبدي إلى دمشق. وذكر موقع “كوردستريت” الكردي أن الاتفاق الذي وقع اليوم كان بناء على اتفاق وُقِّع في شهر فبراير/شباط بين واشنطن وأنقرة، إذ جرى التوصل إلى النقاط التالية:
حل جميع الفصائل التابعة لقسد، مثل وحدات حماية الشعب، وحدات المرأة، منظمة جوانن شورشكر، وقوات سورية الديمقراطية (قسد).
تسليم حقول النفط، السجون التي تضم أفراد تنظيم “داعش”، وكامل المعابر الحدودية مع العراق وتركيا إلى الحكومة السورية المركزية.
يتولى الطيران الحربي التركي تأمين الحماية الجوية في كل الأراضي السورية بالتنسيق مع قاعدة أضنة.
اندماج عناصر قسد غير المطلوبين في تركيا بتهم الإرهاب في الجيش السوري كأفراد، وليس كجماعات.
يُعطى عناصر قسد المطلوبين الخيار بين البقاء داخل سورية أو اللجوء إلى الخارج.
يبدأ تنفيذ الاتفاق بمجرد الإعلان عنه من الرئيس أحمد الشرع ومظلوم عبدي.
ووفق الموقع، فإن وزارة الدفاع السورية أرسلت رتلاً إلى الحسكة بالتنسيق مع قسد لاستلام المقرات وحقول النفط.
وكانت قيادة “قسد” قد أعلنت، في فبراير الماضي، دمج المؤسسات العسكرية والأمنية التابعة لها مع المؤسسات الأمنية للإدارة الذاتية، تمهيداً للدخول في هيكلية الجيش السوري، ودعا قائدها مظلوم عبدي الرئيس أحمد الشرع لزيارة المناطق الخاضعة لسيطرة قواته في شمال شرق سورية. وجاء توقيع الاتفاق بعد نحو أسبوعين من دعوة مؤسس “حزب العمال الكردستاني” عبد الله أوجلان، في إعلان تاريخي، إلى حل الحزب وإلقاء السلاح. وتسيطر “قسد” على نحو ثلث مساحة سورية، وهي تضم تحالفاً عسكرياً يسيطر عليه الأكراد كان قد تشكل عام 2014 لمحاربة تنظيم “داعش” الإرهابي بدعم من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.
العربي الجديد
—————————
رهان الشرع لم يفشل.. كواليس وقراءات الاتفاق بين الحكومة السورية وقسد/ محمود الفتيح
2025.03.11
في خطوة مفاجئة لا تقل وقعاً عن دخول الثوار إلى دمشق في 8 كانون الأول 2024، ظهر الرئيس أحمد الشرع، مساء أمس الإثنين، وهو يصافح قائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) داخل قصر الشعب، وذلك عقب التوقيع على اتفاق من ثماني نقاط، ينص على دمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا ضمن مؤسسات الدولة، وضمان حقوق الأكراد، مع التأكيد على وحدة الأراضي السورية ورفض أي محاولات للتقسيم.
منذ تسلمه إدارة البلاد ثم تعيينه رئيساً للجمهورية، راهن الشرع على حل ملف “قسد” بالطرق السلمية، رغم الضغوط الداخلية والخارجية التي دعت إلى الإسراع في إنهائه، حتى لو كان ذلك عبر المواجهة العسكرية. ففي مطلع شباط الماضي، أكد خلال مقابلة مع “تلفزيون سوريا” أن “قسد” أبدت استعدادها لوضع سلاحها تحت سيطرة الدولة السورية، لكنه أشار إلى وجود بعض الخلافات دون الخوض في تفاصيلها، مبرراً ذلك بوجود أطراف تعارض نجاح المفاوضات، ما يستوجب الحفاظ على سرية المحادثات.
إلا أن كثيرا من الأطراف والمراقبين للشأن السوري شككوا في جدوى استمرار الحوار لإزالة الخلافات، خاصة مع تصاعد التوترات بين “قسد” و”الجيش الوطني”، وتزايد التهديدات التركية، إثر رفض قائد “قسد” دعوة عبد الله أوجلان لإلقاء السلاح، معتبراً أنها تخص “حزب العمال الكردستاني ” فقط ولا تمتد إلى قواته في سوريا. كما أثار موقف عبدي الجدل قبل أيام قليلة، بعد ترحيبه بالدعم الإسرائيلي لحماية ما وصفها بـ”الإنجازات” شرقي سوريا، بالتزامن مع تصاعد الحديث عن خطة “ممر داوود”، الذي يمتد من جنوبي سوريا عبر درعا السويداء والتنف ودير الزور، وصولًا إلى إقليم كردستان العراق، وهو مشروع تحدث عنه صراحة بوعاز بيسموت، رئيس لجنة الأمن القومي في الكنيست الإسرائيلي.
وسط هذه التطورات والتعقيدات، بدا المشهد وكأن الحل السياسي قد دُفن إلى الأبد، وأن سوريا تتجه نحو صراع دموي سيجرّ معه دول إقليمية. إلا أن الأمر جاء معاكساً لكل التوقعات والتحليلات، إذ تمكن الرئيس الشرع من كسب الرهان، بحل معضلة سياسية كادت تدفع البلاد إلى حافة التمزق.
اتفاق اللحظة الأخيرة.. لماذا الآن بعد وصول الخلافات إلى الذروة؟
لم يكن الاتفاق بين الرئيس الشرع وقائد “قسد” مظلوم عبدي وليد اللحظة، بل جرت ترتيباته منذ 20 شباط الماضي، بدفع مباشر من الولايات المتحدة الأميركية، وفق ما كشفته مصادر خاصة لموقع “تلفزيون سوريا”.
وبحسب المصادر، فإن تحرك واشنطن جاء بعد مؤشرات عسكرية أظهرتها قياداتها في سوريا، تفيد بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تدرس جدياً سحب قواتها من البلاد في المستقبل القريب، وهو ما استدعى تسريع مسار التفاهمات لتجنب أي فراغ أمني قد يترتب على هذا الانسحاب.
وأوضحت المصادر أن مظلوم عبدي وصل إلى دمشق على متن طائرة أميركية، في 20 شباط الماضي، حيث جرى استقباله بحفاوة، ليجري خلالها صياغة البنود النهائية للاتفاق.
وخلال جلسات التفاوض، شدد الرئيس الشرع على رفض أي صيغة تقوم على المحاصصة، مؤكداً في الوقت ذاته انفتاح الدولة السورية على إدراج ضمانات للحقوق اللغوية والثقافية للكرد السوريين ضمن الدستور، وفقاً للمصادر ذاتها.
ورغم وضوح مسار المفاوضات، إلا أن عبدي بدا متردداً في الأيام الأخيرة قبل توقيع الاتفاق، مما يطرح تساؤلات حول أهدافه الحقيقية، فهل كان يسعى بالفعل إلى إفشال الاتفاق عبر تصعيد التوتر وطلب تدخل إسرائيل؟ أم أنه أراد استثمار اللحظات الأخيرة لتحقيق مكاسب إضافية عبر التلويح بقلب الطاولة على الجميع؟
ما هي بنود الاتفاق؟
وجاء الاتفاق على ثمانية بنود رئيسية، بحسب ما نشرت رئاسة الجمهورية، تضمنت:
ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل السياسي والمشاركة في مؤسسات الدولة، بناءً على الكفاءة، بغض النظر عن الخلفية الدينية أو العرقية.
الاعتراف بالمجتمع الكردي كمكوّن أصيل في الدولة السورية، وضمان حقوقه الدستورية والمواطنة.
وقف إطلاق النار في كل الأراضي السورية والعمل على إنهاء النزاع المسلح.
دمج كل المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال وشرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما يشمل المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز.
ضمان عودة جميع المهجرين السوريين إلى مناطقهم مع توفير الحماية اللازمة لهم.
دعم الدولة السورية في مواجهة التهديدات التي تمسّ أمنها ووحدتها.
رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين مكونات المجتمع السوري.
تطبيق الاتفاق في مدة لا تتجاوز نهاية العام الحالي من خلال لجان تنفيذية مختصة.
اتفاق مبدئي وقضايا عالقة
تعكس الصياغة العامة لبنود الاتفاق، وعدم وضوح آلية دمج قوات “قسد” ومؤسساتها المدنية، طابع الاستعجال الذي طُرح به، ما يوحي بأنه جاء كنتيجة لحسابات سياسية وأمنية ملحة أكثر من كونه اتفاقاً ناضجاً ومتوافقاً عليه بالكامل، هذا التقييم يتطابق مع معلومات حصل عليها “تلفزيون سوريا” من مصدر داخل “قسد”.
وقال المصدر إن الاتفاق جاء بدفع واستعجال من الولايات المتحدة للطرفين، بهدف منع إيران ووكلائها من استغلال الفراغ الأمني والتوترات في المنطقة، بالإضافة إلى الحيلولة دون استفادة “تنظيم الدولة” (داعش) أو الأذرع الإيرانية من الوضع الراهن.
وكشف المصدر عن وجود عشرات القضايا العالقة التي قد تحتاج إلى نحو عامين لحلها بالكامل. وأوضح أن الاتفاق ينص على تشكيل ثماني لجان لمتابعة تنفيذ بنوده ومعالجة القضايا العالقة بين الطرفين، بما يشمل:
آلية دمج “قسد” وشكل هذا الاندماج
ملف الإدارة الذاتية ومؤسساتها
دور قوات الأمن الداخلي (الأسايش) التابع لـ”قسد”
تنظيم ملف النفط والغاز
إعادة تفعيل مؤسسات الدولة
إدارة سجون “داعش” والمخيمات
وأكد المصدر أنه في الوقت الحالي لن يتم إدخال أي قوات تابعة للحكومة إلى شمال شرقي سوريا، في حين تجري مناقشات حول إمكانية انتشار وحدات من وزارة الدفاع السورية على الشريط الحدودي مع تركيا، من دون التوصل إلى اتفاق نهائي بهذا الشأن حتى الآن.
وشدد المصدر على أن قوات “قسد” ستستمر في السيطرة على سجون “داعش” والمخيمات التي تضم عوائل التنظيم، إضافة إلى قيادة العمليات الأمنية ضد خلايا التنظيم في الوقت الحالي، بالتنسيق مع التحالف الدولي.
سحب آخر أوراق “قسد”.. تحالف إقليمي جديد لمواجهة “داعش”
في ضوء التطورات الأخيرة، بات واضحاً أن الاتفاق بين الرئيس أحمد الشرع وقائد “قسد” لم يكن مجرد تفاهم داخلي، بل جاء في إطار ترتيبات إقليمية ودولية تهدف إلى منع الفوضى المحتملة، لا سيما مع استمرار واشنطن في خططها للانسحاب من سوريا، وهو سيناريو قد يفسح المجال أمام عودة “داعش”.
هذا الواقع دفع تركيا إلى تسريع خطواتها لتشكيل تحالف إقليمي، يسعى من جهة إلى مواجهة التنظيمات المتشددة، ومن جهة أخرى إلى إضعاف “قسد” عبر إنهاء الدعم الأميركي لها، مما يجردها من آخر ورقة سياسية تستخدمها لتبرير وجودها، وهي محاربة “داعش”.
وفي هذا السياق، صرّح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في 6 آذار الجاري، بأن بلاده تعمل على تطوير تحالف إقليمي لمواجهة التنظيمات المتشددة في سوريا، ليكون بديلاً عن الدور الأميركي. كما أكد رفض أنقرة لاستمرار وجود “قسد” في المنطقة، مشدداً على ضرورة تفكيك الرواية الأميركية التي تروج لكونها ضرورية لمنع عودة “داعش”، وأشار إلى احتمال تولي القوات التركية السيطرة على معسكرات وسجون التنظيم التي تديرها “قسد” شمال شرقي سوريا.
وتتويجاً للجهود التركية، عُقد يوم السبت الماضي “اجتماع عمان”، الذي استمر ليومين، وجمع ممثلي سوريا ودول الجوار (تركيا، العراق، لبنان، والأردن) لبحث آليات التعاون في مكافحة الإرهاب، والحد من تهريب المخدرات والأسلحة، والتصدي للتحديات الأمنية الإقليمية. وشارك في الاجتماع وزراء الخارجية والدفاع، ورؤساء هيئات الأركان، ومديرو المخابرات في الدول المعنية، في خطوة تعكس جدية التحرك نحو إيجاد بديل إقليمي قادر على تولي ملف الأمن
رهانات الشرع.. إدارة متغيرة للواقع السياسي والعسكري
من يتتبع مسيرة الرئيس الشرع، منذ انخراطه في العمل المسلح وحتى قراره بالزحف إلى دمشق، يلحظ بوضوح اعتماده على رهانات تستند إلى تكتيكات سياسية وعسكرية متغيرة، متنقلاً بين تحالفات مختلفة وفقاً للظروف والمعطيات المتبدلة. فقد مكّنته قدرته على قراءة المشهد السياسي والعسكري من اتخاذ قرارات متباينة، تراوحت بين التقدم والتراجع، والتشدد أو المرونة، بما يتلاءم مع مقتضيات المرحلة ومتطلبات الاستمرار في المشهدين العسكري والسياسي.
——————————
اتفاق مبدئي.. مصدر من “قسد” يكشف تفاصيل جديدة عن اتفاق الرئيس السوري مع عبدي
2025.03.11
كشف مصدر من “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، الثلاثاء، عن تفاصيل جديدة تتعلق بالاتفاق بين مظلوم عبدي والرئيس السوري أحمد الشرع مؤكدا أن هناك عشرات القضايا العالقة التي يحتاج حلها إلى نحو عامين.
وأكد المصدر المسؤول لموقع تلفزيون سوريا أن “الاتفاق جرى بعد سلسلة من النقاشات بين لجان الطرفين برعاية الخارجية الأميركية التي دفعت الطرفين لتوقيع اتفاق يجنب سوريا مزيداً من التوترات الأمنية”.
8 لجان مختصة
وأوضح المصدر أن الاتفاق ينص على تشكيل ثماني لجان لمتابعة ومعالجة القضايا العالقة بين الطرفين وتنفيذ بنود الاتفاق ومنها مسألة اندماج قسد وشكل وآلية الاندماج إلى جانب ملف الإدارة الذاتية ومؤسساتها وقوات الأمن الداخلي (الأسايش) وملف النفط والغاز وإعادة تفعيل مؤسسات الدولة وسجون داعش”.
وأكد المصدر أنه “في الوقت الحالي لن يتم إدخال أي قوات تابعة للحكومة المؤقتة إلى شمال شرقي سوريا في حين تجري مناقشة إدخال وحدات من وزارة الدفاع السوري للانتشار على الشريط الحدودي مع تركيا من دون التوصل إلى اتفاق بخصوص ذلك لغاية الآن”.
وشدد المصدر على استمرار سيطرة وإدارة قوات سوريا الديمقراطية على ملف سجون داعش والمخيمات التي تحوي عوائل التنظيم وقيادة العمليات الأمنية ضد خلايا بالتنسيق مع التحالف الدولي”.
وأوضح المصدر أن “ملف إعادة المهجرين من مناطق عفرين ورأس العين وتل أبيض سيكون على رأس جدول عمل اللجان المشكلة لتنفيذ بنود الاتفاق”.
منع إيران من استغلال الفراغ الأمني
وقال مصدر مطلع لموقع تلفزيون سوريا إن الاتفاق بين الرئيس السوري وقائد قوات سوريا الديمقراطية جاء بضغوط ورعاية أميركية أسهمت في استعجال التوصل للاتفاق بين الجانبين.
وأوضح المصدر أن الضغط الأميركي على الجانبين جاء لمنع إيران من استغلال الفراغ الأمني في بعض المناطق السورية خاصة بعد أحداث الساحل وهجوم فلول النظام على قوات الأمن العام.
وأشار المصدر إلى أن مكافحة خلايا تنظيم داعش والميليشيات المرتبطة بإيران وفلول النظام يعد أهم القضايا التي سعت واشنطن لمكافحتها عبر الاتفاق بين قسد والحكومة السورية.
وأشار المصدر إلى أن واشنطن تركز على الطرق الدبلوماسية في تعاطيها مع الملف السوري والضغط على كافة الأطراف بما فيها تركيا لخلق حالة من الاستقرار تُسهم في توفير أجواء للبدء بعملية انتقالية سياسية في سوريا.
————————
محللون: اتفاق الشرع مع قسد يزيد قوة سوريا ويعزز فرص نجاحها
11/3/2025
يمثل الاتفاق الذي وقعه الرئيس السوري أحمد الشرع مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تحولا تاريخيا في مسار توحيد البلاد ولم شملها وإحباط محاولات التمرد والتقسيم، كما يقول محللون.
فقد فاجأ الشرع وقائد قوات قسد مظلوم عبدي بإعلان الاتفاق الذي ينص على انضواء القوة الكردية تحت مظلة جيش الدولة وحصول الأكراد على حق المواطنة والمشاركة في الحياة السياسية.
وجاء الاتفاق في لحظة صعبة من عمر الدولة الجديدة التي واجهت تمردا دمويا في اللاذقية خلال الأيام القليلة الماضية، مما يعطي دفعة قوية للحكومة، برأي أستاذ العلوم السياسية في جامعة دمشق عبادة التامر.
وقال التامر خلال مشاركته في برنامج “مسار الأحداث” إن الاتفاق يمثل خطوة على طريق توحيد البلاد تحت حكومة مركزية يمكنها اليوم التحدث باسم كافة السوريين.
حدث يجب استثماره
ورغم انطواء تطبيق الاتفاق على عدد من الأمور التي قد تحدث خلافا فإنه يمثل -برأي التامر- حدثا مهما يجب استثماره من دول الجوار والعمل على تسهيل تنفيذه، لأنه يعزز قدرة دمشق على تحصيل الدعم.
ويمثل الاتفاق -حسب التامر- نجاحا تاريخيا للشرع وعبدي لأنهما تمكنا من إعادة لملمة الجغرافيا السورية والمجتمع السوري من جديد، ووضعا البلاد أمام حالة توافق بين كل مكوناته، وصنعا لحظة لا تقل أهمية عن لحظة سقوط بشار الأسد.
والرأي نفسه، ذهب إليه الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات السياسية الدكتور لقاء مكي بقوله إن الاتفاق وضع سوريا أمام لحظة مهمة جدا سياسيا واقتصاديا وعسكريا.
يذكر أن المناطق التي تسيطر عليها “قسد” تمثل ثلث مساحة سوريا، وهي تضم أغلبية مواردها الطبيعية، وبالتالي فإن عودتها لسيطرة الدولة ستعزز فرص الاستثمار في النفط والغاز والمعادن.
رصيد عسكري واقتصادي
كما أن قوات قسد كانت مدعومة من الولايات المتحدة وتلقت تدريبات عسكرية مهمة، وهذا يجعلها رصيدا للجيش السوري الذي يجري إعداده، كما يقول مكي، مشيرا إلى أن هذه الخطوة ستدفع مزيدا من الفصائل الأقل قوة إلى الاتفاق مع الدولة.
وقد حصل الأكراد من خلال الاتفاق على حلم الجنسية والمواطنة الذي منعوا منه عقودا، في حين خسرت إسرائيل فرصتها في تقسيم سوريا وزعزعة أمنها، ولن تتمكن من استغلال ما يعرف بالساحل العلوي، برأي مكي.
ولم يكن الاتفاق وليد لحظة كما يقول المحلل السياسي محمود علوش، لكنه جاء ضمن سياقات عدة لا يمكن فصل أي منها عن الآخر، وفي مقدمتها التفاهم التركي الكردي الذي أعلن عنه مؤخرا بعد دعوة عبد الله أوجلان حزبه إلى حل نفسه وإلقاء السلاح.
وجاء الاتفاق أيضا ضمن سياق التوافق الأميركي التركي بعد تولي دونالد ترامب السلطة، والذي يبدو أنه حقق خطوات بشأن تسوية الوضع الكردي، كما يقول علوش.
كما جاء الاتفاق ضمن سياق نجاح الشرع في تعزيز أركان الدولة الجديدة، والذي يبدو أنه دفع مظلوم عبدي إلى توقيع الاتفاق الذي يعالج أكبر معضلة أمام توحيد سوريا، وفق علوش الذي يعتقد أن فرص نجاح الاتفاق أكبر من المخاطر المحيطة به.
وسينعكس نجاح هذا الاتفاق -برأي المحلل السياسي- على المشكلة التركية الكردية، وسيعالج المشكلة الكبيرة التي يواجهها الشرع مع واشنطن والغرب.
ويعتقد علوش أن نجاح تنفيذ هذا الاتفاق سيعزز وحدة سوريا في مواجهة المخاطر الحالية وسيدفع نحو علاقات جيدة من الغرب، مضيفا أنه “كلما تم تقليص الجبهات الضاغطة على سوريا زادت فرص نجاح الدولة الجديدة التي أثبتت قوتها خلال أحداث الساحل الأخيرة على نحو سيدفع كل من يحاول مواجهتها في إعادة حساباته”.
ويتضمن الاتفاق وقفا شاملا لإطلاق النار على كافة الأراضي السورية، ويقضي بدمج المؤسسات المدنية والعسكرية شمال شرقي سوريا (مناطق قسد) ضمن إدارة الدولة السورية.
المصدر : الجزيرة
————————–
اتفاق بين دمشق وقسد.. هل يمثل بداية عهد جديد في سوريا؟
10 مارس 2025
وقع الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية “قسد” مظلوم عبدي الإثنين اتفاقًا يقضي “بدمج” كافة المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الذاتية الكردية في إطار الدولة السورية، وفق ما أعلنت الرئاسة.
ومنذ وصول السلطة الجديدة إلى دمشق، أبدى الأكراد انفتاحًا، معتبرين أن التغيير “فرصة لبناء سوريا جديدة.. تضمن حقوق جميع السوريين”، غير أنه جرى استبعادهم من الدعوة لمؤتمر حوار وطني حدد عناوين المرحلة الانتقالية، حسب وكالة فرانس برس.
وجاء توقيع الاتفاق بعد نحو أسبوعين من دعوة زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان، في إعلان تاريخي، إلى حل الحزب وإلقاء السلاح، في خطوة رحب بها أكراد سوريا.
اتفاق بين الرئيس أحمد الشرع ومظلوم عبدي
ونشرت الرئاسة السورية بيانًا وقعه الطرفان الإثنين وجاء فيه أنه تم الاتفاق على “دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز”.
ونص الاتفاق كذلك على “دعم الدولة السورية في مكافحتها لفلول الأسد وكافة التهديدات التي تهدد أمنها ووحدتها”.
وأكد أن “المجتمع الكردي مجتمع أصيل في الدولة السورية” التي “تضمن حقه في المواطنة وكافة حقوقه الدستورية”، في موازاة “رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين كافة مكونات المجتمع السوري”.
وبحسب الاتفاق، يتعين أن تعمل لجان تنفيذية على تطبيقه “بما لا يتجاوز نهاية العام الحالي”.
وتسيطر الإدارة الذاتية الكردية على مساحات واسعة في شمال وشرق سوريا، تضم أبرز حقول النفط والغاز. وشكلت قوات سوريا الديمقراطية، ذراعها العسكرية، رأس حربة في قتال تنظيم الدولة وتمكنت من دحره من آخر معاقل سيطرته في البلاد عام 2019.
قطر ترحب باتفاق الشرع وعبدي
وعلى صعيد ردود الفعل، وصفت دولة قطر، الاتفاق الذي يؤكد على وحدة الأراضي السورية ورفض التقسيم، بـ”خطوة مهمة نحو توطيد السلم الأهلي وتعزيز الأمن والاستقرار وبناء دولة المؤسسات والقانون”.
وأكدت الدوحة في بيان لوزارة الخارجية على أن “استقرار سوريا وازدهارها يتطلب احتكار الدولة للسلاح في جيش واحد يعبّر عن كافة المكونات السورية، بما يضمن الحفاظ على سيادة البلاد واستقلالها وسلامة أراضيها”.
وجددت الخارجية القطرية دعم بلادها “الكامل لسيادة سوريا وتطلعات شعبها الشقيق في الحرية والتنمية والازدهار”.
“ترتيب البيت السوري”
وفي هذا الإطار، رأى الباحث والأكاديمي عصمت عبسي أن الاتفاق الموقع لم يكن مفاجئًا، لأنه جاء بعد مخاض طويل من المفاوضات وحسن النية والثقة المتبادلة وسلسلة من اللقاءات.
وفي حديث للتلفزيون العربي من العاصمة دمشق، أشار عبسي إلى أن الاتفاق جاء ليؤكد على وحدة التراب السوري، وعلى حصر السلاح بمؤسسة الجيش السوري، وانخراط كل الفصائل التي قاتلت الأسد تحت مظلة وزارة الدفاع لتحمي البلاد، معتبرًا أن هذا الاتفاق إعلان حقيقي لوحدة الأراضي السورية كاملة.
وقال عبسي: إن “الضمانات التي يمكن أن يقدمها هذه الاتفاق هي تضحيات الشعب السوري، وخوف السوريين من أن تسرق منهم ثورتهم وتضحياتهم”.
وفيما أشار إلى وجود تحديات كبيرة أمام هذا الاتفاق، لفت عبسي إلى وجود دول إقليمية لا يروقها ما يحصل، وتحاول زعزعة الاستقرار في البلاد، كما تحاول الاستحواذ على القرار السوري، لمحاولة زعزعة أي اتفاق أو تقارب بين مكونات الشعب السوري.
وتابع أن الجميع حريص على ترتيب البيت السوري، موضحًا أن الخلاف الموجود يتمثل في آليات ترتيب هذا البيت.
وبشأن دمج القوات الكردية ضمن مؤسسات الجمهورية السورية، أوضح عبسي أن هذه القوات لن تكون مستقلة أو رديفة، وإنما ستكون ضمن تشكيلات الجيش السوري.
وأعرب عن اعتقاده أن المطلب الأساسي للأكراد هو الحقوق الكاملة غير المنقوصة، وهذا ما يتفق مع مبادئ الثورة السورية، مستبعدًا أن تكون قضية الحكم الذاتي للأكراد فكرة مطروحة، أو باتت مقبولة.
“مسار المفاوضات”
من جهته، أشار الباحث في مركز “جسور” للدراسات وائل علوان، إلى أن الإدارة الجديدة في سوريا منذ أن استلمت الحكم كانت واضحة بأن مسار التعامل مع شمال شرق سوريا ومع الإدارة الذاتية هي المفاوضات، ولم تنخرط في مواجهات وكانت حريصة على أن لا تنزلق نحوها.
وأضاف في حديث للتلفزيون العربي من دمشق أن الاتفاق المصور والمعلن اليوم ليس الأول من نوعه، لكنه الأول الذي أنتج اتفاقًا مكتوبًا وموقعًا ومعلنًا، لافتًا إلى انعقاد اجتماعات سابقة على مستويات متعددة.
وقال علوان: “كانت هناك شروط، لا تنازل فيها عن مبدأ سيادة الدولة، ووحدة أراضيها، وسلامتها، وأن يكون المشروع مبنيًا على أسس وطنية، دون أن تكون هناك تأثيرات للأجندات الخارجية”.
وأشار إلى وجود بعض التفاصيل التي تحتاج إلى الوقت وبوادر حسن النية والتزام من الطرفين، كي تحل الكثير من المشكلات.
ما هي العوامل التي أثرت على قسد؟
من ناحيته، تحدث الكاتب والباحث السياسي عبد الرحمن الحاج عن سياق دولي وإقليمي ومحلي، وتبدل جذري للسلطة وبدء مرحلة جديدة في سوريا، غيرت موازين القوى والمعادلة التي كانت بالبلاد، ما فرض على قسد التفكير من الجديد.
وبالإضافة إلى هذه العوامل، أشار الحاج في حديث للتلفزيون العربي من دمشق، إلى أن الإدارة الأميركية الجديدة لديها موقف من بقاء قواتها في سوريا، وحرصها على تقليل أعداد قواتها.
وأضاف الحاج أن هذه التغيرات تشير إلى أن خيارات قسد أصبحت أضيق، ولم يعد لديها الكثير من الوقت لكي تستمر في الصيغة نفسها، لافتًا إلى أن قسد أدركت أن هناك هشاشة، وفي الوقت نفسه مد الرئيس السوري يده إليهم بالتفاوض.
———————————
هل يتحقق السلام بعد دعوة عبدالله أوجلان؟/ د. مثنى عبدالله
تحديث 11 أذار 2025
في عام 1999 هددت تركيا باجتياح سوريا بدعوى أنها توفر الدعم والحماية للزعيم الكردي التركي عبدالله أوجلان المقيم على أراضيها. فاضطر نظام حافظ الأسد الى أرغام الرجل على مغادرة سوريا وكانت وجهته كينيا. غير أن فرقة كوماندوز تركية وبالتعاون مع المخابرات الأمريكية والإسرائيلية، نفذت عملية اختطاف ناجحة له في كينيا، وتم اعتقاله ثم احتجازه في سجن في جزيرة إمرلي في بحر مرمرة قبالة مدينة إسطنبول، وما زال يقبع فيه حتى اليوم.
وفي 31 مايو/ أيار من العام نفسه تم عرضه على محكمة تركية بتهمة الخيانة، وتسببه في مقتل أكثر من 30 ألف شخص، نتيجة قيامه بعمليات حربية من أجل انفصال الأكراد عن تركيا، وصدر بحقه حكم بالإعدام في 29 يونيو/ حزيران 1999.
في الفاتح من الشهر الجاري فاجأ زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان أنصاره والعالم، بدعوته الحزب إلى عقد مؤتمر عام يحل من خلاله نفسه، وأن تُلقي الفصائل الكردية المسلحة السلاح الذي حملته ضد الدولة منذ ثمانينيات القرن المنصرم. والمثير للانتباه في هذه الدعوة إنها ليست موجهة إلى عناصر حزب عبدالله أوجلان وحسب، بل أيضا هي تعني أكراد الإقليم جميعا، الموزعين على دول أربع هي تركيا والعراق وسوريا وإيران. وبذلك يمكن القول، إن هذه الدعوة إذا ما كُتب لها النجاح، فإنها ستسدل الستار على حقبة طويلة من الصراع الداخلي في المنطقة، وتفتح آفاقا جديدة ذات ملامح سياسية وأمنية واقتصادية مختلفة تماما عما سبق.
ولعل من أهم العوامل التي ساعدت في صُنع مضامين رسالة أوجلان هو التحوّل السياسي الحقيقي، الذي ظهر في الداخل التركي باتجاه الملف الكردي، وما واكب ذلك من اتصالات مباشرة مع عبدالله أوجلان، على خلاف قول البعض، إن دعوة أوجلان، أربكت الحسابات التركية. فالدعوة جاءت وفق اتفاق بين الدولة التركية والزعيم عبدالله أوجلان، حيث إن بعض المعلومات تشير إلى أن الحليفين السياسيين في السلطة رجب طيب أردوغان زعيم حزب العدالة والتنمية، ودولت بهتشلي زعيم حزب الحركة القومية، قاما بزيارة أوجلان عدة مرات، وتم الاتفاق في ما بينهم على الخطوات اللاحقة ومنها، الدعوة التي صدرت عن أوجلان.
وقد يتساءل البعض عن سبب صدور هذه الدعوة الآن. والحقيقة التي لا يستطيع أحد نكرانها هي، أن الشرق الأوسط دخل في مرحلة توقيتها مختلف عما سبق. وهذا التوقيت بدأ بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، والحرب التي شُنت على غزة، وهو فرض سلطته على ملفات كثيرة في المنطقة ومنها الملف الكردي التركي. وقد ولّد ذلك رغبة واضحة لدى الأتراك والأكراد في إيجاد قراءة جديدة وفق المتطلبات الجديدة الداخلية والإقليمية. وفي هذا الصدد يقول أوجلان في رسالته الحالية إن (لغة عصر السلام والمجتمع الديمقراطي تغيرت، وبحاجة إلى التطوير). لكن هذه الدعوة ليست يتيمة فقد سبقتها دعوتان من عبدالله أوجلان نفسه، كانت الأخيرة منها في عام 2013، حين كان أردوغان بمنصب رئيس الوزراء. كما صدرت عن الحزب أكثر من 13 مبادرة لوقف إطلاق النار من جانب واحد، لإفساح المجال لقيام مفاوضات لكنها فشلت جميعها.
إن البيان الصادر عن أوجلان يشير إلى نقاط واقعية ومهمة، وهي أن الأكراد والأتراك يجب عليهم أن يجتهدوا معا من أجل وضع علاقة جيدة في ما بينهم وعلى أسس رصينة، وأن تشبث حزب العمال الكردستاني بمرحلة النشأة ووسائلها وأساليبها يجعله يعيش في واقع مضى، كان فيه الشعب الكردي محروما من حقوقه ومضطهدا ويعيش في حالة من الإنكار لواقعه وهويته، بل عليه الوعي بالواقع الحالي الذي ظروفه مختلفة تماما عن ذلك الظرف. كما أن هناك اعترافا صريحا وواضحا بأن أيديولوجية الحزب قد تغيرت، فهو يقول (إن انهيار الاشتراكية العالمية سبب آخر لضرورة إلقاء السلاح). بمعنى أن هذا الفكر الذي طُرح في مطلع الثمانينيات قد انتهى مفعوله اليوم، وعليه لا بد من مراجعة المواقف السياسية والشعارات والوسائل والأساليب.
السؤالان المهمان الآن هما، هل سيُكتب لهذه الدعوة النجاح؟ وهل ستستجيب عناصر حزب العمال وغيرها من الفصائل الكردية المسلحة لهذه الدعوة؟
إن المراهنة على النجاح السريع في الملفات التي تحوي قضايا مُركّبة ضرب من الخيال. وملف القضية الكردية شائك ومعقد ويتطلب مشاركة واسعة من أطراف محلية وإقليمية ودولية من أجل الوصول إلى صيغة حل سياسي. صحيح أن الزعامات الكردية في الإقليم كانت ردود فعلها إيجابية تجاه دعوة الزعيم أوجلان. كما أن الدعوة لقيت ترحيبا دوليا من الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا والأمم المتحدة. لكن العمل على إنجاح الدعوة يتطلب الكثير من الحوارات والنقاشات، والأهم من ذلك كله يتطلب خطوات سياسية مهمة من قبل الدولة التركية، ومنها تعديلات الدستور التركي، بما يلائم بيان أوجلان وهذه عقبة كبيرة. فالتكتل الحاكم في تركيا اليوم لا يملك القوة البرلمانية التي تؤهله للقيام بذلك. وبذلك فهو بحاجة إلى دعم المعارضة، ما يعني أنه لا بد أن تكون هناك نقاشات على مستوى الأحزاب السياسية التركية حول ما الذي يمكن أن يُطرح. أما في ما يخص استجابة الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني وباقي التنظيمات الكردية المسلحة لمبادرة أوجلان، فقد ظهرت أصوات من هذه الأطراف تقول إن ما طُرح في هذه الدعوة كان عبارة عن عناوين عريضة، وإنه يجب أن تحصل لقاءات عدة ومكثفة على صعيد البُنية الداخلية لهذه الجماعات قبل الموافقة. كما أنهم يطالبون بأن تكون هناك تفاصيل دقيقة أكثر لتصريحات أوجلان، ومراقبة عملية للتطورات والاتفاقيات التي حدثت بين الجانبين التركي والزعيم الكردي. على اعتبار أن القضية الكردية لا يمكن إنهاؤها بتصريح أو بيان، فهي قضية شعب وأرض وهي مسألة سياسية معقدة.
إن البيئة الحالية على مستوى الداخل التركي وعلى مستوى الإقليم، قد تكون عاملا مساعدا في الحوار التركي الكردي، وإن رسالة أوجلان بحد ذاتها ستسهم في تحقيق هدف أنقرة في سحب ورقة التلاعب أو التأثير في الملف الكردي من قبل قوى إقليمية، خاصة أن إسرائيل بدأت تتحدث على لسان نتنياهو في أن تكون جزءا من الملف السوري عبر الورقة الكردية في سوريا. كما يبدو أن أنقرة لا تعلم ماذا يريد ترامب من الوضع السوري بالذات، وهي لا تريد تأزيم الأوضاع، ووضعها الاقتصادي هو الآخر في حالة صعبة. لذلك هنالك أمل في أن تلقى هذه الدعوة التجاوب من جميع الأطراف خاصة الدولة العميقة في تركيا، وكذلك بعض الأطراف الكردية التي لديها أستقلالية معينة مثل قوات سوريا الديمقراطية.
كاتب عراقي
القدس العربي
———————————–
خفايا الاتفاق بين دمشق و”قسد“
قال مدير مكتب الجزيرة في أنقرة عبد العظيم محمد إن الاتفاق الذي وقعته الحكومة السورية مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لم يكن وليد اللحظة، وإنه شمل الاتفاق على أغلبية النقاط الخلافية بين الجانبين.
وفي وقت سابق اليوم الاثنين، أعلنت دمشق عن توقيع الاتفاق الذي ينص على انضواء القوة الكردية تحت مظلة جيش الدولة وحصول الأكراد على حق المواطنة والمشاركة في الحياة السياسية.
وبحسب ما كشفه عبد العظيم محمد، فإن التفاوض امتد لأكثر من شهرين، قبيل التوصل إلى هذا الاتفاق الذي جاء في لحظة صعبة من عمر الدولة الجديدة التي واجهت تمردا دمويا في اللاذقية خلال الأيام القليلة الماضية.
الشرع رفض حضور ضابط أميركي
وقال محمد إن ضابطا أميركيا وصل إلى دمشق مع قائد قوات قسد مظلوم عبدي قبل أكثر من شهرين، لكن الرئيس السوري أحمد الشرع رفض التفاوض مع هذا الضابط.
وحاول الشرع خلال المفاوضات -التي أجريت بعيدا عن الضابط الأميركي- استقطاب عبدي نحو الدولة السورية بكل الطرق، وقدّم له كل التنازلات من أجل التوصل إلى اتفاق.
واتفق الطرفان -كما يقول مدير مكتب الجزيرة في أنقرة- على 9 نقاط من أصل 10 كانت محل خلاف بينهما، وقد طلب الشرع من عبدي التوقيع على هذه النقاط والتفاوض لاحقا على النقطة المتبقية.
وتتمثل نقطة الخلاف المتبقية في سجون تنظيم الدولة الإسلامية التي تصر قسد وواشنطن على بقائها تحت سيطرة الأكراد، وقد طلب الشرع الاتفاق على النقاط التسع وإرجاء النقاش بشأن هذه السجون إلى وقت لاحق، كما قال محمد.
ووفقا لمحمد، فقد أكد عبدي خلال هذه المفاوضات أنه ليس صاحب القرار في مسألة إخضاع مناطق سيطرة قسد للإدارة السورية الجديدة، وأنه بحاجة للحصول على موافقات بعض الأطراف أو ما سماها مرجعياته، فرد عليه الشرع بأنه لا يمكنه التفاوض أو الاتفاق مع شخص لا يمكنه اتخاذ قرار، وطلب منه العودة ومشاورة مرجعياته.
——————————-
مفاجأة طال انتظارها… اتفاق سوري “يدفن” التقسيم/ مصطفى رستم
يتوقع مراقبون إنهاء حالة التوغل التركي بذريعة الخطر الكردي على حدودها
الثلاثاء 11 مارس 2025
يعد وقف إطلاق النار على جميع الأراضي السورية من أبرز البنود الثمانية للاتفاق إلى جانب دمج كل المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز مع ضمان عودة جميع المهجرين السوريين إلى بلداتهم وقراهم مع تأمين حمايتهم.
في حدث مفاجئ أثلج صدور السوريين أعلنت الرئاسة السورية عن توقيع اتفاق يقضي باندماج قوات سوريا الديمقراطية ضمن مؤسسات الجمهورية العربية السورية، وهو اتفاق وأد معه كل صورة من صور التقسيم والمخاوف من فتنة تشعل الشارع المتلهف إلى توحيد أرضه بعد سقوط نظام الأسد أخيراً.
وظهر رئيس الجمهورية العربية السورية أحمد الشرع إلى جانب قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي عبر مقطع مصور بثته الوكالة الرسمية للأنباء في دمشق يوقعان اتفاقاً مصيرياً باندماج “قسد” في جهاز الدولة السورية.
وجاء في بنود الاتفاق ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وجميع مؤسسات الدولة بناءً على الكفاءة بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية. وحرص الاتفاق على التأكيد أن المجتمع الكردي مجتمع أصيل في الدولة السورية، كما تضمن حقه في المواطنة وكل حقوقه الدستورية.
الساحل السوري
في غضون ذلك ينتظر السوريون أن يتحدوا تحت راية واحدة، إذ جاء الاتفاق وسط أخبار مفجعة في الساحل السوري. ويذهب مراقبون إلى أنه غير متوقع، لكن الباحث في شبكة راصد لحقوق الإنسان الكردية ورئيس الفروع الخارجية جوان اليوسف في حديثه لـ”اندبندنت عربية” أكد أن الموضوع لا يتعلق بهذا التوقيت لأن المشاورات واللقاءات كانت موجودة ليس من الآن، بل امتدت حتى زمن النظام السابق. وأضاف، “الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية كانت تسعى دائماً إلى التفاهم مع الدولة المركزية، بالتالي عندما تغير النظام بقي هذا مطلب المكون الكردي عموماً وشمال شرقي سوريا بصورة خاصة”.
وأشار اليوسف إلى أنه لا يعتقد أن الاتفاق مرتبط بالانتهاكات المرتكبة في الساحل السوري، وأكد أنه أتى ضمن السياق العام، وخلال الفترة الماضية دارت لقاءات عدة بين الشرع وعبدي والوسطاء، وظهر أمس الإثنين”. وأضاف، “دلالته يمكن أن نختصرها على مستويين: الأول جاء بعدما حدث في الساحل وأعطى مؤشراً إلى أن سوريا ذاهبة إلى حرب أهلية مفتوحة الأجل، بالتالي إلى تصفيات عرقية تؤدي بسوريا إلى الانهيار التام. ولذلك تطويق هذه الأزمة أعتقد ضرورة محلية ودولية وإقليمية. والثاني الاتفاق واضح ببنوده الثمانية، وهي حماية سوريا من الذهاب إلى نموذج بشار الأسد”.
إشراك الجميع في القرار السوري
يعتقد الباحث في شبكة “راصد” أن النقطة الإيجابية تأتي بإشراك الجميع في القرار السوري، وهي الأكثر إيجابية في هذا الاتفاق، بينما بقية التفصيلات التنفيذية تتعلق بالدمج بين المؤسسات الحكومية والرسمية، فضلاً عن وجود مؤسسات خاصة بالمنطقة ترسخت خلال السنوات الماضية، ومن أبرزها الجامعات الكردية والمدارس وغيرها من البنى التحتية والبلديات. وفي النهاية الموضوع يتعلق بدولة لا مركزية.
وكانت قوات سوريا الديمقراطية أنشئت إبان تحالف متعدد الأعراق والأديان للفصائل العربية والآشورية والسريانية ومجموعات من الجماعات التركمانية والأرمنية والشركسية والشيشانية لحماية مناطقهم في الشمال الشرقي من البلاد. وتمكنت “قسد” بالتعاون مع الولايات المتحدة من إنهاء خطر تنظيم “داعش” في مارس (آذار) عام 2019، مما رسخ وجودها وقوتها. وفشل كثير من جولات المفاوضات مع النظام السابق غير المعلنة.
في المقابل كان قائد “قسد” أكد في وقت سابق بعد سقوط نظام الأسد انفتاح إدارته على الحل الوطني. وقال في تصريحات صحافية، “إننا منفتحون على التعاون في هذا المجال إيماناً بأن حماية المنطقة ومحاربة الإرهاب مسؤولية وطنية تتطلب تنسيقاً عالي المستوى بين جميع الأطراف”. وتابع، “إذا قرأنا الاتفاق من الجانب المحلي فإن (سوريا الديمقراطية) الأجدر خلال الـ10 سنوات الماضية على المحافظة على السلم الأهلي في منطقة واسعة جداً في الشمال الشرقي السوري، على رغم محاولة التجييش الأسدي ضد الكرد وتدخلات تركية، حاولت (قسد) ترسيخ السلم الأهلي”.
“إنهاء التوغل التركي”
في غضون ذلك يتوقع مراقبون للشأن السوري إنهاء حالة التوغل التركي بذريعة الخطر الكردي على حدودها. ويرى اليوسف بهذا الخصوص أنه يقطع الطريق أمام التدخلات التركية ويعطي شرعية لقوات سوريا الديمقراطية. وقال، “العالم يريد استقراراً لسوريا، وإذا لم يلتقط السوريون هذه اللحظة، يعني ذلك أن يتحول الأمر بطريقة أخرى. وهذا الدعم يتطلب وجود موانع وسدود وقوات مجتمعية لحماية سوريا من الذهاب إلى عهد بشار الأسد أو أسوأ منه”. ويرى أن الاتفاق إيجابي سواء للكرد أو للعرب. وقال اليوسف، “لدينا مرحلة حتى نهاية هذا العام، وهذا الاتفاق يعد اتفاقاً عسكرياً، وهناك اتفاق سياسي يجب أن يتم، ويجب أن تتشكل لجان وأن تبحث في جزئيات هذا الاتفاق. كيف سيكون وضع قوات سوريا الديمقراطية في وزارة الدفاع المستقبلية؟ وعن مستقبل المؤسسات التي بنيت وتأسست في شمال شرقي سوريا، منها مؤسسات تتعلق بالمجتمع الكردي، ومنها مؤسسات تتعلق بالمجتمعات المحلية مثل البلديات والإدارات. لن نستبق الأمور، ولكن هذه الاتفاقات تدفع بصورة إيجابية لسوريا ككل”.
بنود الاتفاق
في الأثناء يعد وقف إطلاق النار على جميع الأراضي السورية من أبرز البنود الثمانية إلى جانب دمج كل المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز، مع ضمان عودة كل المهجرين السوريين إلى بلداتهم وقراهم، مع تأمين حمايتهم.
في المقابل أشارت النقطة السادسة إلى دعم الدولة السورية في مكافحتها “فلول الأسد” وكل التهديدات التي تهدد أمنها ووحدتها. وتضمنت النقطة الأخيرة من الاتفاق رفض دعوات التقسيم والكراهية ومحاولات بث الفتنة بين جميع مكونات المجتمع السوري.
———————-
سياسيون أكراد لـ”لمدن”: اتفاق “قسد” ودمشق..خطوة لوقف أحداث الساحل
أنيس المهنا
الثلاثاء 2025/03/11
اعتبر عضو العلاقات الدبلوماسية لحزب الاتحاد الديمقراطي “PYD”، شفان خابوري، في تصريح للـ”المدن” أن الاتفاق الذي توصلت إليه الحكومة السورية لدمج قوات سوريا الديموقراطية “قسد” بمؤسسات الدولة، إيجابي، وأكد أن أهم البنود السبعة التي تم الإعلان عنها هو بند وقف إطلاق النار في عموم سوريا وعودة المهاجرين إلى مناطقهم.
من جانبه اعتبر الدكتور عبد الباسط سيدا أن هذا الاتفاق يعتبر تاريخياً وهو في الاتجاه الصحيح وأن للأميركيين مصلحة في إخراجه إلى الضوء.
ونشرت الرئاسة السورية بياناً أمس السبت، وقّعه الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع وقائد “قسد” مظلوم عبدي، جاء فيه أنه تم الاتفاق على “دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز”.
خابوري: خطوة لإيقاف مايحدث في الساحل
واعتبر خابوري أن هذا الاتفاق، هو خطوة نصر جديدة تضاف إلى تطلعات الشعب السوري، مؤكداً أنه جاء نتيجة جهود مستمرة من قبل قوات سوريا الديموقراطية وحكومة دمشق، توصل فيها الطرفان إلى اتفاقية من سبعة بنود، أهمها وقف إطلاق النار في عموم سوريا وعودة المهاجرين إلى مناطقهم، وهناك بند مهم أيضاً يتحدث عن دستور سوريا المستقبلي، وحقوق الشعب الكردي. وأضاف خابوري “أن الطرفين اتفقا أيضاً على نقاط هامة نستطيع أن نعتبرها نقاط عريضة، وقريباً سوف يتم تشكيل لجان للعمل بتفاصيل هذه البنود، وترجمتها عملياً على الأرض”.
واعتبر خابوري “أن الحوار المستمر خطوة ضرورية جداً لمنع نشوب أي حرب أهلية أو طائفية في أي منطقة في سوريا، وخطوة لإيقاف التطورات الخطيرة في الساحل السوري، ومناطق أخرى، لأن بند وقف إطلاق النار يشمل جميع المناطق السورية، وبالتالي يجب أن تتوقف جميع الأعمال العسكرية في سوريا”.
وأكد خابوري أن الاتفاق لم يأتِ على عجل بسبب ارتدادات ما حدث في الساحل السوري، بل “جاء نتيجة مباحثات قديمة بدأت منذ سقوط النظام، والمباحثات والمشاورات كانت مستمرة، لتفضي تلك المشاورات إلى الاتفاق الأخير يوم أمس”.
“قسد”: قوات وطنية سورية
ويعتبر بند الاتفاق على وقف إطلاق النار في جميع أنحاء سوريا هو الأهم، فالذي يحدث في الساحل اليوم كما وصفه خابوري “أمر خطير جداً قد يؤدي إلى حرب أهلية أو طائفية، وبالتالي فإن وقف إطلاق النار في الاتفاق الجديد يعني أنه يجب وقف جميع العمليات العسكرية في الساحل السوري وباقي المناطق وعدم تكرار ما حدث في المستقبل القريب”.
وفي ردّه على سؤال لـ”المدن” حول ارتباط اتفاق أمس بدعوة زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان لوقف الحرب، اعتبر خابوري أن “هذه الدعوة تحمل في طياتها دعوة إلى السلام والعودة إلى طاولة المفاوضات”، وحلّ جميع الأمور العالقة بالطرق السياسية والدبلوماسية، وتلك الخطوة يمكن اعتبارها تاريخية أيضاً، “مع ذلك فإن قوات سوريا الديموقراطية كانت تعتبر نفسها قوات وطنية سورية، وبالتالي فهي شريكة في سوريا، ولابد لها أن تكون نواة الحل لإيقاف جميع العمليات العسكرية والانتقامية”.
لا نقبل الاملاءات
وفي جوابه على سؤال حول رفع الجانب التركي أي تحفظ على بنود هذا الاتفاق، اعتبر خابوري “أننا كسوريين لا نتلقى إملاءات معينة من أي طرف دولي أو إقليمي”، لأن السوريين عانوا الأمرين عبر سنوات طويلة من الحرب الأهلية التي دارت في سوريا والتي سببت للسوريين مأساة عظيمة، وبالتالي “أي طرف سوري يجب أن يفكر بعقلية المواطنة، وعقلية الدستور السوري الديمقراطي، الذي يضمن لجميع المكونات السورية وطوائفها، حقوقهم ضمن دستور سوري جامع ديمقراطي وموحد”.
وعن توقعه بأن ينتج عن هذا الاتفاق، اتفاقات مماثلة في كل من درعا والسويداء، اعتبر خابوري أن هذا الاتفاق هو ضمانة لجميع السوريين، وتمنى أن يصل جميع السوريين لاتفاق حقيقي، ودعا إلى مشاركة السوريين في كتابة دستور سوريا المستقبلي الذي يحتاج إلى وقت وعمل حثيث ومراحل مختلفة، مضيفاً أنه ليس من السهل الإعلان عن دستور للبلاد من جانب واحد.
واعتبر أن عودة الكهرباء إلى دمشق وغيرها في وقت قريب سيحتاج إلى لجان مختصة بهذا الشأن، لإزالة جميع العوائق التي تحول دون وصول الكهرباء إلى كافة المحافظات السورية، ومن بين هذه العوائق عدم وصول النفط من الآبار في شمال شرق سوريا.
عبد الباسط سيدا: نهاية ستة عقود من اضطهاد البعث
من جهته اعتبر د. عبد الباسط سيدا، الأكاديمي ورئيس المجلس الوطني السوري الأسبق، أن هذا الاتفاق تاريخي بالنسبة للسوريين جميعاً، خصوصاً للأكراد الذين عانوا كثيراً من سياسة الاضطهاد الذي مارسه نظام البعث عليهم منذ ستة عقود، والحرمان من الحقوق القومية المشروعة بالإضافة إلى مجموعة من الإجراءات التمييزية، منها الإحصاء والحزام والقوانين الاستثنائية. وبقاء مناطقهم عرضة للإهمال والنهب وغير ذلك.
هذا الاتفاق يمثل خطوة صحيحة في الاتجاه الصحيح من دون شك، بحسب سيدا، وهذا الاتفاق الإطاري سيتعرض من حين لأخر لبعض الخلافات، لذلك يحرص الاتفاق على وجود آلية لحلها.
فالسوريون بحسب اعتقاد الدكتور سيدا بحاجة إلى ثلاث مسائل أساسية حتى يستعيدوا الثقة المتبادلة فيما بينهم، أول هذه الأشياء، لابد من إزالة الهواجس بعقود مكتوبة ضمن عقد اجتماعي ودستور، أما الأمر الثاني، “لا بد من إجراءات ثقة بخطوات عملية على الأرض” أما الخطوة الثالثة، “فتتمثل في الاتفاق على آلية لحل الخلافات بالطرق السلمية والحوارية والتفاوضية والقطع نهائياً مع أساليب العنف بمختلف أشكاله”، لذلك استقبل السوريون في كل مكان وخاصة المناطق ذات الأكثرية الكردية، الاتفاق بفرح غامر.
ويتوزع الأكراد السوريون على تكتلين أساسيين هما المجلس الوطني الكردي و”قسد” بالإضافة أحزاب أخرى لاتنتمي إلى هذا التكتل أو ذاك، لذلك فالأضمن “أن يشترك الأكراد جميعا في الحوارات المستقبلية الخاصة بتطبيق هذه الاتفاقات مع حكومة دمشق لأنه كلما كانت المشاركة أوسع، سنتمكن من تجاوز العقبات وبالتالي سيشعر الجميع بأنهم داخل المشروع الوطني السوري الذي انتظرناه جميعا بفارغ الصبر.
الأميركيون مع الاتفاق
وكشف سيدا لـ”المدن”، أن “هذا الاتفاق جاء بعد لقاءات بين مظلوم عبدي و الرئيس الشرع إلى جانب لقاءات مختلفة ضمن لجان مختلفة. وأن الجانب الأميركي هو الآخر كان من أنصار الوصول إلى هذا الاتفاق لأن سوريا المستقرة ستكون لصالح المنطقة بأسرها.”
ولفت الدكتور سيدا أن الأحداث المؤسفة والمأساوية التي جرت في منطقة الساحل في الأيام الماضية، لا بد أن تعالج ولا بد أن يتم التحقيق فيها، لأن هناك عدداً كبيراً من الضحايا من الطرفين، خاصة المدنيين، الأمر الذي كان ينذر بكوارث.
وعبر سيدا عن أمله بأن لجنة التحقيق التي وضعها الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع ستصل “إلى نتائج بكل استقلالية وشفافية لأن الوضع يستوجب الوصول الى حقائق وراء ما حدث فعلاً وعلاجها أمام الرأي العام السوري وبالتالي جلب المسؤولين عن هذه المجازر للمحاكم لينالوا جزاءهم العادل”.
وشدد د. سيدا على أن “هذا الأمر يدخل ضمن إطار خطوات بناء الثقة، لأنه من دون ذلك ستكون هناك مشكلة، وسيكون هناك شعور بأن ما جرى في الساحل، ربما أتى بتوجيه من بعض الجهات هنا وهناك، لكن حينما نكشف عن المسائل بدقة وكما حدثت فعلاً، حينئذ سنبين للجميع أن السلطة أو الإدارة في دمشق على مسافة واحدة من سائر السوريين من دون أي تمييز أو استثناء، بناء على الانتماءات المجتمعية. وأمل السيد سيدا أن تكون آثار هذا الاتفاق إيجابية على المجتمع السوري بشكل عام، سواء في الجنوب في السويداء ودرعا وفي الغرب في محافظتي اللاذقية وطرطوس وبالتالي أن يكون هذا الاتفاق رداً على أولئك الذين كانوا يبشرون بتقسيم سوريا، فسوريا بطبيعتها لاتقبل القسمة، وكل ما هناك أننا بحاجة إلى تأسيس دولة تقوم بكل السوريين ولكل السوريين.
الاتفاق فرصة لأهل السويداء
ودعا الدكتور سيدا أهل السويداء إلى “الاستفادة من هذه الفرصة التاريخية، رغم اختلاف الرأي هناك، لتكون تبعات هذا الاتفاق الإطاري، إيجابية في السويداء ضمن إطار الخصوصية التي يتمتع بها أهلها”، مشيراً إلى أنه يمكن التوافق مع الإدارة المركزية في دمشق على “توحيد الجهود من أجل ترميم النسيج المجتمعي السوري الذي يحتاج إلى بناءٍ قبل العمران، لننتقل فيما بعد إلى المرحلة المستقبلية التي ستواجه تحديات كبرى، لكن عندما نعمل سوية ضمن فريق عمل جماعي ستكون مواجهة هذه التحديات عملية أسهل وأقل ضرراً في جميع الأحوال”.
أما بالنسبة للحكومة الانتقالية المقبلة فربما تأتي حسبما يقول د. سيدا، “تحت مسمى حكومة وطنية أو حكومة تكنوقراط في إطار وطني، وأن تمثل سائر المكونات المجتمعية السورية، دون أن تكون هناك عملية محاصصة،” مع الإنتباه، بحسب سيدا، إلى أن تجربة هكذا حكومات لم تكن مشجعة في لبنان والعراق لكن لابد أن تكون كل الأطراف مشاركة بطريقة أو بأخرى، لكي يكون الجميع ممثلين في الحكومة المنتظرة.
وختم الدكتور سيدا بقوله: “ما زلنا في بداية الطريق، لكن ما دامت هذه الإرادة موجودة سنستطيع أن نبني عليها ونتقدم في سبيل مصلحة كل السوريين من دون استثناء”.
—————————–
ما المعطيات العسكرية التي أدت إلى اتفاق دمشق و”قسد”؟
11/3/2025
قال الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد ركن حاتم كريم الفلاحي إن اتفاق دمج قوات سوريا الديمقراطية المعروفة اختصارا بـ”قسد” ضمن مؤسسات الدولة السورية جاء نتيجة لمعطيات عسكرية معقدة تضافرت خلال المرحلة الأخيرة.
وأوضح الفلاحي في تحليل للمشهد العسكري بسوريا أن أبرز تلك المعطيات الانسحاب الأميركي من شمال شرقي سوريا، والتهديد التركي المتصاعد بإنهاء وجود “قسد”، إضافة إلى التطورات الميدانية التي فرضت على الحكومة السورية إعادة النظر في تعاملها مع الجماعات المسلحة خارج إطار الدولة.
وأشار إلى أن انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة شكّل فراغا أمنيا كبيرا، مما جعل “قسد” في موقف حرج، إذ باتت تواجه تحديات وجودية في ظل تزايد الضغوط التركية.
وأضاف الفلاحي أن العمليات العسكرية التركية في الشمال السوري ساهمت في دفع قادة “قسد” إلى البحث عن حلول تحميهم من تهديد أنقرة، وهو ما جعل الاندماج ضمن المؤسسات السورية خيارا مطروحا بقوة.
ويأتي الاتفاق بين دمشق و”قسد” بعد اجتماع بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، إذ تضمن الاتفاق التأكيد على وحدة الأراضي السورية ورفض التقسيم، وضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة السياسية.
كما نص على وقف إطلاق النار ودمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة، إضافة إلى تسليم السجون التي تديرها “قسد” إلى قوات وزارة الدفاع السورية.
تعزيز للقدرات
وأشار الفلاحي إلى أن الاتفاق يعزز القدرات العسكرية للحكومة السورية على مستويات عدة، إذ ستتمكن من استيعاب مقاتلي “قسد” والاستفادة من خبراتهم، خصوصا أنهم يمتلكون أسلحة ثقيلة ومتطورة.
لكنه نبه إلى وجود تحديات كبيرة، أبرزها إدماج منظومة القيادة والسيطرة التابعة لـ”قسد” ضمن وزارة الدفاع السورية، بالإضافة إلى قضية توزيع المناصب والمهام بين الطرفين.
وأضاف أن هناك تساؤلات جوهرية تتعلق بمصير الأسلحة التي تحتفظ بها “قسد”، ومدى قبول تركيا بوجود هذه الترسانة ضمن المنطقة التي ستظل تحت سيطرة القوات الكردية بعد الاندماج.
كما تساءل عن مدى استعداد جميع فصائل “قسد” للاندماج، مشيرا إلى احتمال رفض بعض المجموعات هذا الاتفاق وانشقاقها.
وأكد الفلاحي أن إدارة المناطق الإستراتيجية التي تسيطر عليها “قسد” -بما في ذلك المعابر ومنابع النفط والغاز والأراضي الزراعية- ستكون من القضايا الشائكة التي ستخضع لحوار مباشر عبر لجان متخصصة.
وأوضح أن هذه اللجان ستتولى جرد الأسلحة وتحديد الواجبات والمهام التي سيتم توزيعها بين الطرفين، إضافة إلى حسم مسألة دمج بعض القوات وتسريح أخرى وتحويلها إلى قوات مدنية خارج إطار وزارة الدفاع.
تحديات لوجستية وتنظيمية
وبشأن عدد مقاتلي “قسد”، قال الفلاحي إن التقديرات تشير إلى أنه يتجاوز 100 ألف مقاتل، مما يجعل عملية دمجهم تحديا لوجستيا وتنظيميا هائلا.
ولفت إلى أن المناطق التي تسيطر عليها “قسد” ذات أغلبية عربية، وهو ما يزيد تعقيد التفاهمات بين الطرفين.
ويرى الفلاحي أن نجاح الاتفاق يتوقف على طبيعة التفاهمات التي سيتم التوصل إليها بشأن مستقبل “قسد”، والامتيازات التي ستحصل عليها مقابل الانخراط في المؤسسات السورية، بالإضافة إلى آليات التعامل مع التحدي التركي وضمان عدم استخدام الاتفاق ذريعة لأي تصعيد إقليمي.
وتأسست قوات سوريا الديمقراطية بدعم أميركي في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2015 في محافظة الحسكة بسوريا لقتال تنظيم الدولة الإسلامية.
وتتألف القوات بشكل رئيسي من وحدات حماية الشعب، وهي القوة الكردية المسلحة الرئيسية وتعد العمود الفقري لـ”قسد”، كما تشمل وحدات حماية المرأة، وهو جناح عسكري نسائي مرتبط بوحدات حماية الشعب.
وتضم هذه القوات فصائل عربية وسريانية آشورية انضمت إلى قسد لتوسيع قاعدتها الشعبية والعسكرية، خاصة في المناطق ذات الأغلبية العربية.
المصدر : الجزيرة
—————————-
ريمونتادا سياسية.. سوريون يحتفلون بالاتفاق بين دمشق و”قسد“
11/3/2025
شهدت المدن والساحات السورية احتفالات واسعة بعد إعلان الرئاسة السورية توقيع اتفاق بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، يقضي باندماج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ضمن مؤسسات الدولة السورية، مع التأكيد على وحدة الأراضي السورية ورفض أي محاولات للتقسيم.
وقال مظلوم عبدي في تدوينة عبر حسابه على منصة “إكس” تعليقا على توقيع الاتفاق “في هذه الفترة الحساسة، نعمل سويا لضمان مرحلة انتقالية تعكس تطلعات شعبنا إلى العدالة والاستقرار. نحن ملتزمون ببناء مستقبل أفضل يضمن حقوق جميع السوريين، ويحقق تطلعاتهم في السلام والكرامة. ونعتبر هذا الاتفاق فرصة حقيقية لبناء سوريا جديدة تحتضن جميع مكوناتها، وتضمن حسن الجوار”.
ومع إعلان توقيع الاتفاق عمت الاحتفالات في مدن المنطقة الشرقية مثل دير الزور والحسكة والرقة، حيث خرجت الجماهير بشكل واسع تعبيرا عن فرحتها.
ولم تقتصر الاحتفالات على تلك المنطقة، بل شملت مختلف المدن السورية الأخرى، فقد أظهرت مقاطع فيديو احتفال أهالي حي الأشرفية في حلب، الذي يضم غالبية كردية، بهذا الاتفاق.
كما شهدت مدن دمشق، حمص، حماة، طرطوس، واللاذقية أجواء احتفالية تعكس حالة من التفاؤل والوحدة.
وانعكست هذه الاحتفالات على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبر السوريون عن سعادتهم بوصف هذه اللحظة بـ”التاريخية”.
وكتب مدونون أن هذه الاحتفالات التي عمت كافة أرجاء سوريا تعكس رغبة السوريين الحقيقية في إنهاء الحرب والجنوح نحو السلام والخلاص من سنوات طويلة مليئة بالدماء والانقسام.
ويرى محللون أن هذا الاتفاق يعد ضربة قوية لمحاولات تقسيم سوريا، مشيرين إلى أنه يمثل بداية جديدة بالغة الأهمية نحو وحدة البلاد.
وكتب هؤلاء أن “سوريا واحدة وستبقى كذلك، وهذا الاتفاق يعزز هذا الواقع بشكل كبير”.
كما أضاف بعضهم أن الاتفاق السوري الذي تم توقيعه بين الرئاسة السورية وقائد قوات سوريا الديمقراطية يعتبر صفعة قوية لكل من إسرائيل والولايات المتحدة، وأكدوا: “سوريا العربية الموحدة تصعد بقوة رغم كل المؤامرات الداخلية والخارجية”.
كما أعرب الدكتور علي القره داغي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، عن ترحيبه بالاتفاق عبر تدوينة، قال فيها: “أؤكد أن وحدة سوريا في ظل العدل وضمان الحقوق لجميع مكوناتها هي أملنا جميعا. لذلك، أرحب بقوة بالاتفاق الذي تم بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية، والذي ينص على دمج قسد ضمن مؤسسات الدولة. هذه بلا شك خطوة مهمة نحو توطيد السلم الأهلي وتحقيق الأمن والاستقرار.
وعلق العديد من الناشطين والمدونين على الاتفاق بوصفه “ريمونتادا سياسية” قلبت كل الموازين، مشيرين إلى أن الخطوة التي اتخذها الرئيس أحمد الشرع كانت بمثابة “ضربة معلم” أخرجته من مأزق معقد، ووضعت البلاد على مسار جديد.
المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي
—————————-
هل ساهم توجه إدارة ترامب في سوريا باتفاق “قسد” مع الشرع؟
11/3/2025
أثار توقيع الرئاسة السورية وقوات “سوريا الديمقراطية” (قسد) اتفاقا يقضي باندماج هذه القوات ضمن مؤسسات الجمهورية تساؤلات كثيرة بشأن مدى مساهمة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في التوصل إلى هذا الاتفاق.
وفي هذا الإطار، قال المحلل السياسي والباحث في معهد الشرق الأوسط حسن منيمنة إن واشنطن كانت تسير في اتجاهين متناقضين بشأن المشهد السوري.
وحسب حديث منيمنة للجزيرة، فإن الاتجاه الأول كان يرتكز على تعزيز الحكومة المركزية، في حين كان الاتجاه الآخر يعتقد أن حكومة دمشق لن تتمكن من السيطرة على كامل سوريا، وبالتالي دعم توجه إسرائيل بأن البلاد قابلة للتقسيم والتفكيك.
وأعرب عن قناعته بأن اتفاق دمشق و”قسد” يحسم أي توجه ينبغي على واشنطن السير فيه، واصفا هذا الاتفاق بالوجودي.
وكان ترامب أفاد -قبيل سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي- بأن الجيش الأميركي يجب أن يبقى بعيدا عن سوريا، مؤكدا أن واشنطن ستتخذ قرارا بشأن سوريا فيما يتعلق ببقاء قوات بلاده هناك.
وأشار منيمنة إلى أن الاتفاق يساهم بتعزيز الدولة المركزية، وكذلك يدعم التوجه نحو نظام تمثيلي يعبر عن الجميع، لافتا إلى أن أطراف الاتفاق من شأنها أن تؤثر على قرار واشنطن في ظل الانقسام داخلها بين داعم وممتعض.
ومساء الاثنين، أعلنت الرئاسة السورية توقيع اتفاق يقضي باندماج قوات سوريا الديمقراطية ضمن مؤسسات الدولة، والتأكيد على وحدة الأراضي السورية ورفض التقسيم.
وأوضحت الرئاسة أن الاتفاق جاء بعد اجتماع بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، موضحة أن الاتفاق ينص على ضمان حقوق كل السوريين في التمثيل والمشاركة السياسية.
وأشارت إلى أن الاتفاق ينص كذلك على دمج المؤسسات المدنية والعسكرية شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة السورية.
وبشأن توجه الإدارة الأميركية، أكد منيمنة أن لدى إدارة ترامب اعتبارين اثنين، الأول يدعم الاستقرار، مستندا إلى أن مؤسسات الحكومة الأميركية كانت من أوائل من أرادوا التواصل مع الإدارة الجديدة في سوريا.
لكن يبرز اعتبار آخر -وفق منيمنة- وهو أن إسرائيل بحاجة ألا تكون معرضة للخطر، وهو ما دفع إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن وخليفته ترامب إلى القبول بالتوغل الإسرائيلي في الجنوب السوري وغض النظر عنه.
وخلص إلى أن واشنطن تراقب كيف تجري الأمور، وتسعى إلى استقرار المنطقة “في حال استتبت الأوضاع في سوريا”، لكنه شدد على أن هذا الأمر يتعارض مع المصلحة الإسرائيلية المعلنة.
وينص الاتفاق بين دمشق و”قسد” على وقف إطلاق النار في كافة الأراضي السورية، ويؤكد على أن المجتمع الكردي مكون أصيل في الدولة وحقه مضمون في المواطنة والدستور.
وفي ظل هذه التطورات، قالت مصادر للجزيرة إن رتلا من وزارة الدفاع السورية سيتوجه إلى الحسكة بالتنسيق مع قوات سوريا الديمقراطية، مشيرة إلى أن قوات وزارة الدفاع ستعمل على استلام السجون من قوات سوريا الديمقراطية.
وتأسست قوات “سوريا الديمقراطية” في شمال شرق سوريا في أكتوبر/تشرين الأول 2015 من اتحاد تشكيلات وفصائل عسكرية مختلفة، ويغلب عليها المكون الكردي.
وتتلقى هذه القوات دعما مباشرا من الولايات المتحدة، واستعانت بها في حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
المصدر : الجزيرة
——————————–
من محاربة داعش إلى “الاتفاق التاريخي”.. قصة صعود “قسد“
الحرة – دبي
11 مارس 2025
عادت “قوات سوريا الديمقراطية” لتتصدر المشهد في البلاد، وذلك بعد الاتفاق التاريخي الذي وقّعه رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، وقائد تلك القوات مظلوم عبدي.. فما طبيعة “قسد” وما هي أبرز الأدوار التي لعبتها على مدار السنوات الماضية.
يتكون الاتفاق من 8 بنود، وستعمل لجان مشتركة على إتمام تطبيقه قبل نهاية العام، في وقت تواجه فيه السلطة الجديدة تحديات أمنية خطيرة، تشكل اختباراً مبكراً لقدرتها على بسط نفوذها.
وينص على دمج المؤسسات في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز، مع التزام الأكراد بدعم الدولة السورية في مكافحتها لـ”فلول نظام الأسد” وكافة التهديدات التي تواجه أمنها ووحدتها.
ويأتي الاتفاق التاريخي بين السلطة الانتقالية و”قسد” ليسلط الضوء على تطور هذا التحالف العسكري الذي تأسس عام 2015، واكتسب أهمية استراتيجية كبرى بعد أن برز لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي، ليتحول تدريجياً إلى قوة إقليمية تسيطر على ربع الأراضي السورية، وتمتلك قدرات عسكرية وإدارية متطورة.
نشأة التحالف
تُعد قوات سوريا الديمقراطية (SDF) تحالفاً عسكرياً يهيمن عليه الأكراد، تأسس عام 2015 بدعم أميركي، ويسيطر على مساحات واسعة في شمال شرق سوريا.
يضم هذا التحالف، إلى جانب المقاتلين الأكراد، عناصر من المكونات العربية والمسيحية السريانية، لكن القيادة الفعلية تبقى لوحدات حماية الشعب الكردية.
بدأت قصة السيطرة الكردية على المنطقة عام 2012، حين انسحبت قوات نظام الأسد من المناطق ذات الغالبية الكردية، مما فتح المجال أمام الأكراد لتوطيد نفوذهم وتأسيس إدارة شبه ذاتية.
ومع انطلاق الحرب ضد تنظيم داعش، توسعت قوات سوريا الديمقراطية تدريجياً مستفيدة من الدعم الأميركي، حتى نجحت في طرد المتطرفين من آخر معاقلهم في عام 2019.
وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية اليوم على ما يقارب ربع الأراضي السورية، وتعتبر من أكبر القوى العسكرية في البلاد.
وتشمل مناطق سيطرتها معظم محافظة الرقة، بما فيها المدينة التي كانت معقلاً لداعش سابقاً، وأجزاء من محافظة دير الزور المجاورة، وأجزاء من محافظة حلب، بالإضافة إلى محافظة الحسكة في الشمال الشرقي.
وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية على عشرات السجون والمخيمات التي تؤوي آلاف الإرهابيين ومشتبه بهم مع عوائلهم، ومن بينهم أجانب، في سوريا.
وتضم قسد في صفوفها ما يقدر بنحو 60 ألف إلى 70 ألف مقاتل، يتوزعون على مختلف التشكيلات العسكرية.
ويشكل المقاتلون الأكراد من وحدات حماية الشعب (YPG) ووحدات حماية المرأة (YPJ) العمود الفقري لهذه القوات.
وتتميز قوات سوريا الديمقراطية بتنظيمها الهرمي المنضبط وخبرتها القتالية التي اكتسبتها من سنوات المواجهة مع داعش، إضافة إلى التدريب الذي تلقته من القوات الخاصة الأميركية والغربية.
وتمتلك هذه القوات ترسانة عسكرية متنوعة، معظمها من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، إلى جانب بعض المدرعات والمدفعية التي غنمتها خلال المعارك أو حصلت عليها من التحالف الدولي.
ومع ذلك، تفتقر إلى السلاح الجوي، مما يجعلها معتمدة على الغطاء الجوي الأميركي في عملياتها الكبرى.
الهيكل التنظيمي
تقود وحدات حماية الشعب الكردية (YPG) تحالف قوات سوريا الديمقراطية، وقد تشكلت من قدامى حزب العمال الكردستاني (PKK) بمن فيهم القائد العام مظلوم عبدي، الذي عاد إلى سوريا بعد بداية الحرب الأهلية.
العلاقة بين حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) – الذي تعد وحدات حماية الشعب جناحه العسكري، تمثل نقطة خلاف محورية.
فرغم ادعاء قوات سوريا الديمقراطية استقلاليتها، تعتبر تركيا الوحدات الكردية امتداداً لحزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كمنظمة إرهابية.
وتستمد قوات سوريا الديمقراطية فلسفتها السياسية من أفكار “الأمة الديمقراطية” التي صاغها عبد الله أوجلان خلال سنوات سجنه، وفقا لتقرير لجريدة “لوموند” الفرنسية.
وتقوم هذه الرؤية على مفهوم “الديمقراطية الراديكالية” اللامركزية التي تعطي أولوية للمجالس المحلية والتشاركية المجتمعية، مع التأكيد على مبادئ المساواة بين الجنسين والتعددية العرقية والدينية كركائز أساسية للحكم.
غير أن ما يميّز النموذج السياسي لقوات سوريا الديمقراطية هو ابتعاده عن السعي لإقامة دولة قومية كردية منفصلة، وهو خيار استراتيجي واقعي يعكس حقائق الجغرافيا والديموغرافيا.
فالمناطق الكردية في سوريا تشكل جزراً متباعدة جغرافياً وليست كتلة متصلة، كما أن مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية تضم أغلبية سكانية عربية، مما يجعل الحكم الذاتي المشترك هو الخيار الأكثر استدامة.
وبعد انتصارهم في معركة كوباني عام 2015، أول مدينة استعيدت من داعش، اكتسب الأكراد احترام سكان المنطقة واعتراف القوى الغربية، التي استخدمتهم كذراعها المسلح في مكافحة الإرهاب في سوريا.
إدارة المناطق والتحديات الداخلية
من خلال الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، أسست قوات سوريا الديمقراطية نظاماً إدارياً محلياً يغطي مناطق سيطرتها.
وقد نجحت هذه الإدارة في توفير الخدمات بشكل أفضل من حكومة النظام السوري، إذ تدفع رواتب أعلى لأكثر من 250 ألف موظف، حسب تقرير للمجلس الأوروبي للشؤون الخارجية.
ورغم النموذج متعدد الأعراق الذي تتبناه قوات سوريا الديمقراطية، وإنشائها مجالس محلية ذات أغلبية عربية، لا تزال هناك شكاوى مستمرة حول “اختلال توازن القوى بين العرب والأكراد في المناطق التي تسيطر عليها.
بالإضافة إلى وجود كوادر من الجناح السياسي لوحدات حماية الشعب في الهيئات الإدارية.
وسبق أن أشارت لجنة الأمم المتحدة المعنية بسوريا إلى أن بعض أعضاء قوات سوريا الديمقراطية قد يكونون متورطين في معاملة قاسية للمحتجزين، وهي مزاعم وعدت المجموعة بالتحقيق فيها.
وبشكل عام، حافظت قوات سوريا الديمقراطية على الأمن في أغلب المناطق التي تسيطر عليها، رغم بقاء الوضع في بعض المناطق متقلباً مع استمرار نشاط خلايا داعش.
وكانت تركيا تهدد باستمرار بشن عملية عسكرية واسعة ضد قوات سوريا الديمقراطية، مما دفع الولايات المتحدة إلى تكثيف جهودها الدبلوماسية لتجنب مواجهة كبرى.
ورغم إعلان هدنة بوساطة أميركية، تتواصل الاشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية والفصائل الموالية لتركيا في سوريا، مما أسفر عن سقوط مئات القتلى منذ منتصف ديسمبر الماضي، معظمهم من المسلحين، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
الحرة – دبي
————————————-
مظلوم عبدي: لن يكون في سوريا جيشان ولن نكرر تجربة كردستان العراق
قال قائد “قسد” لـ”المجلة” إن الأميركيين شجعوه على الحوار مع السلطة الجديدة في دمشق
الثلاثاء 11 مارس 2025
قال قائد “قوات سوريا الديمقراطية” الجنرال مظلوم عبدي في مقابلة مع “المجلة” قبل توقيع الاتفاق مع الرئيس أحمد الشرع، إن واشنطن شجعت “قسد” على الحوار مع دمشق، مؤكداً أنه لن يكون في سوريا جيشان.
أكد قائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) الجنرال مظلوم عبدي، في مقابلة مع مجلة “المجلة”، أن أحمد الشرع هو رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، مضيفاً أنه لن يكون في البلاد سوى جيش واحد.
ونشرت تصريحات عبدي في عدد “المجلة” لشهر مارس (آذار)، لكن المقابلة أجريت في الـ17 من فبراير (شباط) الماضي، أي قبل توقيع الاتفاق مع الشرع مساء أمس الإثنين، الذي نص على “دمج” المؤسسات المدنية والعسكرية كافة التابعة للإدارة الذاتية الكردية بقيادة “قسد” في إطار الدولة السورية، ونص الاتفاق كذلك على “دعم الدولة السورية في مكافحتها لفلول الأسد والتهديدات كافة التي تهدد أمنها ووحدتها”.
وقال عبدي لـ”المجلة” إنه خلال لقاء سابق له مع الشرع في دمشق أواخر ديسمبر (كانون الأول)، اتفقا على “مواضيع سيادية مثل وحدة أراضي سوريا، وأن يكون هناك جيش واحد في سوريا، وتكون المؤسسات واحدة، والعاصمة واحدة، والعلم واحد”.
“جيش واحد في سوريا لا جيشان”
سئل عبدي عن استعداده لانضمام “قسد” إلى الجيش السوري، فأجاب “المبدأ الأساسي الذي نتفق عليه ألا يكون هناك جيشان، بل فقط جيش واحد”. وأضاف “هناك حالياً طريقة متبعة في إعادة هيكلة الجيش، ونحن كقوات (قسد) بالتأكيد سنلتزم بالأسلوب الأساسي الذي تتم به هيكلة الجيش”، مشدداً على أهمية أن “نكون ضمن موضوع التحضير والنقاش”. وأشار إلى أن المقاتلين الأجانب في “قسد” سيغادرون، بمجرد إقرار وقف دائم للنار في سوريا.
وكشف عبدي في المقابلة عن أن المسؤولين الأميركيين يشجعونه ويشجعون “قسد” على الحوار مع دمشق، و”يتوسطون” إزاء ذلك.
ونفى قائد “قسد” وجود أي تعاون مع إيران، قائلاً “لا، ليس لاحقاً ولا حالياً. لن يكون هناك مستقبل لعلاقات مع إيران في هذا الخصوص، ونحن حالياً نركز على أن نكون جزءاً من الإدارة الجديدة وجزءاً من المحادثات السياسية لا أن نكون معارضة كما يتهمنا بعضهم”.
كما نفى أية نيات لتكرار تجربة “كردستان العراق” في سوريا، قائلاً “لا سوريا هي العراق، ولا شمال شرقي سوريا هو كردستان”. وشدد عبدي على ضرورة عدم تهميش منطقة شمال شرقي سوريا، وعدم تكرار تجربة حزب البعث “باحتكار كل السلطات في العاصمة، يجب أن تتم مشاركة بعض صلاحيات العاصمة مع المناطق ولا أقصد منطقتنا تحديداً بل جميع المناطق”.
معاناة الأكراد في سوريا
قبل عام 2011، عانى الأكراد طوال عقود سياسة تهميش اتبعتها الحكومات المتلاحقة، لكن نفوذهم تصاعد بعد انسحاب قوات النظام من مناطق وجودهم بدءاً من 2012 مع اتساع رقعة النزاع.
وبعدما عانوا خلال حكم عائلة الأسد تهميشاً وقمعاً طوال عقود، حرموا خلالها من التحدث بلغتهم وإحياء أعيادهم وجرى سحب الجنسية من عدد كبير منهم، بنى الأكراد خلال سنوات النزاع إدارة ذاتية في شمال شرقي سوريا ومؤسسات تربوية واجتماعية وعسكرية.
وشملت الإدارة الذاتية بداية مناطق ذات غالبية كردية قرب الحدود مع تركيا، لكنها توسعت تدريجاً لتشمل مناطق ذات غالبية عربية مع سيطرة “قسد”، وعمادها المقاتلون الأكراد، بدعم أميركي، على مساحات شاسعة كانت تحت حكم تنظيم “داعش”.
وتشمل مناطق سيطرة الإدارة الذاتية الكردية في شمال وشرق سوريا، أبرز حقول النفط والغاز.
وشدد الاتفاق الذي وقعه عبدي والشرع على “ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في الحياة السياسية ومؤسسات الدولة كافة”، إضافة إلى “رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين مكونات المجتمع السوري كافة”.
اندبندنت عربية ووكالات
——————————–
بعد اتفاق الشرع وعبدي.. خبير يكشف سر الصمت التركي
مدير المركز الكردي للدراسات نواف خليل أكد أن “الصمت التركي في حال استمراره سوف يعني أن أنقرة منخرطة في هذا الاتفاق بطريقة أو أخرى
العربية.نت ـ جوان سوز
11 مارس ,2025
بعد إعلان الرئاسة السورية أمس الاثنين عن اتفاقٍ وُصِف بـ “التاريخي” بين الرئيس أحمد الشرع ومظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية، توجّهت الأنظار كلها لمنطقة شمال وشرق سوريا الخاضعة لسيطرة القوات التي يقودها عبدي والمدعومة أميركياً والمعروفة اختصاراً بـ “قسد”، فما الذي سيتغير على الأرض بعد الاتفاق المكوّن من ثمانية بنود؟
ويعد هذا الاتفاق تاريخياً باعتباره الأول من نوعه والذي يبرم بين قيادي كردي ورئيس سوري منذ تأسيس الدولة السورية، إذ لم تكن تعترف السلطات المتعاقبة حتى سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي بالوجود الكردي في البلاد وحقوق الأكراد بما في ذلك حق التعليم باللغة الأم والمواطنة التي حُرِم منها مئات الآلاف.
ونص هذا الاتفاق في بنده الأول على “ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة بناءً على الكفاءة بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية”، وفي الثاني على أن “المجتمع الكردي مجتمع أصيل في الدولة السورية وتضمن الدولة السورية حقه في المواطنة وكافة حقوقه الدستوري”.
“وقف النار والدمج”
وكان البند الأبرز هو الثالث الذي ينص على وقف إطلاق النار على كافة الأراضي السورية، فيما نص الرابع على “دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز”.
وقال مدير المركز الكردي للدراسات نواف خليل في تعليقه على الاتفاق “التاريخي”: “اعتقادي أن الوضع على الأرض تغيّر خاصة من حيث القبول الواسع الذي حظي به الاتفاق التاريخي الذي وقع بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي”، مضيفاً أن “الخطوات الأخرى، فستناط باللجان التي ستتشكل لبحث جميع التفاصيل المتعلقة بتطبيق الاتفاق وكيفية فعل ذلك”.
قبول سوري كبير
وتابع في حديثه لـ “العربية.نت” / “الحدث.نت”أن “الاتفاق حظي بقبولٍ سوري كبير وجدناه في التظاهرات التي خرجت في عموم المناطق السورية، حيث خرج الآلاف إلى الساحات للتعبير عن فرحتهم بذلك”، مشيراً إلى أن “هذا الاتفاق حظي بترحيب دولي كبير لاسيما من ألمانيا ومن الأطراف العربية الفاعلة كالمملكة العربية السعودية ومجلس التعاون الخليجي والمملكة الأردنية وغيرها من الدول”.
وعن عدم الترحيب التركي بالاتفاقية حتى الآن لاسيما وأن قوات سوريا الديمقراطية تعد بالنسبة لتركيا التحدّي الأكبر في سوريا، فقال مدير المركز الكردي: “ليس غريباً أن تركيا لم ترحّب، فعدم اعتراضها حتى الآن هو أمر إيجابي ولا أعتقد أن الاتفاق تمّ بمعزلٍ عن الجانب التركي وربما يكون أولى تجليات مسار السلام بين مؤسس وزعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان وتركيا لاسيما وأن هذا الاتفاق يأتي بعد قرابة أسبوعين من نداء أوجلان”.
“صمت تركي”
كما أردف أن “الصمت التركي في حال استمراره سوف يعني أن أنقرة منخرطة في هذا الاتفاق بطريقة أو أخرى وما سيؤكد ذلك هو المشهد الميداني عبر توقّف الهجمات التي تشنها أنقرة وفصائل مدعومة منها على منطقة سد تشرين منذ قرابة 3 أشهر”.
وكان هذا الاتفاق قد شمل في بنوده أيضاً ضمان عودة كل المهجرين السوريين إلى بلداتهم وحمايتهم من الدولة.
كذلك شمل مكافحة فلول الأسد وكل التهديدات، ورفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة، إلى جانب تشكيل لجان تنفيذية لتطبيق الاتفاق بما لا يتجاوز نهاية العام الجاري.
——————————–
سوريا العادلة أفضل بيت لمكوناتها/ غسان شربل
10 مارس ,2025
يزورك الخوفُ حين تتابع من بيروتَ ما يجري في سوريا. محاولةُ إعادة عقاربِ الساعة إلى الوراء بالغة الخطورة. كان سقوط نظام بشار الأسد مفاجأةً مدويةً باغتت حلفاءَه وخصومه معاً. في الداخل هناك من يرفض أن يصدّقَ أنَّ زمنَ السلطة والتسلط قد فرَّ من يده. وهناك في الخارج من يرفض التصالح مع فكرة أنَّ سوريا اختارت مصيرها وطريقَها ويصرُّ على إمكان استعادتها أو تفجيرها لإغراق سوريا الجديدة بالدم.
ومصير سوريا لا يعنيها وحدها. هذه كانت أمثولة العقد الثاني من هذا القرن. حين تندلع النارُ في العروق السورية يتعذَّر كبحُها واعتقالها داخل الأرض السورية. يضخُّ الاقتتال السوري – السوري التوترَ في عروق دول الجوار. يضخُّ أيضاً أمواجاً من اللاجئين. وإذا كانت سوريا الخائفة مشكلة فإنَّ سوريا المخيفة مأساة لشعبها ومحيطها. تفجير سوريا لا يقل خطورة عن إسقاط نظام صدام حسين. إنَّه أكبر من قدرة المنطقة على الاحتمال.
أخطر ما يمكن أن تصابَ به بلادٌ هو أن يحاول الحكم العزفَ على مخاوف مكوناتها كما حدث في سوريا تحت حكم الأسد. أن يقدّم الغلبةَ على العدالة والمساواة. وأن يلغيَ كلَّ الجسور والضمانات ليكون المرجع الوحيدَ الممسكَ بالأعناق والأرزاق. وأن يتحوَّل الدستور موظفاً صغيراً في القصر. وأن يغيبَ البرلمان إلا حين يستدعى للتصفيق. وأن يتركَ الناسُ في عهدة مطابخ الأمن وممارسات مافياوية فظة.
علمتني المهنة أن أخافَ عند المنعطفات. أخاف حين يتوارى الرجل الممسك بكلّ الخيوط وكلّ المصائر والأقدار. وحين يتبخَّر جيشٌ أقام طويلاً وأعطى للخريطة نكهةَ السجن. وحين يفرُّ قساة الأجهزة مخلفين وراءَهم جيشاً من الجثث وسلسلة من المقابر الجماعية. أخاف من غضب الناسِ حين يتحرَّكون رداً على الممارسات الوحشية التي ملأت آبار الكراهية حتى فاضت. وأخاف من الناس حين يقعون في قبضة باعة الأوهام فيرفضون تجرّع الخسارة وينزلقون إلى مغامرات تهدد سلامتهم وربما وجودهم.
أخاف من لاعبين خارجيين يتحيَّنون هذه الفرص للانقضاض على سوريا الجديدة. تتصرَّف إسرائيلُ وكأنَّ سوريا ساحة لا دولة. تتحدَّث عن أمن الدروز وتلمح أيضاً إلى أوضاع الأكراد. يوحي هذا السلوك برغبة إسرائيلية في تفجير سوريا وتقسيمِها أو دفعها على الأقل إلى العيش على نار حرب المكونات.
يحلم غيرُها أيضاً باستعادة ما فقد من نفوذ في سوريا بأي وسيلة ممكنة. قرار الرئيس السوري أحمد الشرع تشكيلَ لجنة تحقيق مستقلة في أحداث الساحل يقطع الطريق على الأطرافِ الساعية لاستغلال ما جرى للإيحاء بوجود حرب مكونات.
تكرَّرت في الأسابيع الأخيرة أسئلة مقلقة عن الدروز والأكراد والعلويين. والحقيقة هي أنَّ الجوابَ الوحيد على كل هذه الأسئلة هو أنْ لا حلَّ في سوريا غير الدولة السورية التي تتَّسع للجميع. تفجير سوريا مأساة لها ولجوارها. إغراق سوريا في حرب مكوناتٍ سيقلق لبنانَ والأردنَ والعراقَ وتركيا ودولَ المنطقة. والمسألة شديدة الخطورة.
استقرار سوريا مفتاحُه دولة تتَّسع لكل مكوناتها وعلى قاعدة العدالة والمساواة في ظل حكم القانون. كلُّ عودة إلى الماضي يجب أن تقتصر على التعلم منه لضمان عدم تكرار الأخطاء.
غداة سقوط نظام الأسد نجحت سوريا الجديدة في تفادي انهيارٍ كبيرٍ يدفعها إلى بحيرات الدم. وتصرَّف الرئيس الشرع بواقعية مركزاً على عودة سوريا إلى عائلتها العربية استعداداً للعيش في ظلّ الدستور وحكم القانون. حرص على الإيحاء أنَّ هاجسَ سوريا الأول هو إعادة الاستقرار والإعمار والعيش كدولة طبيعية بعيداً عن فرض نموذج يهزُّ ركائزَ وحدتها. أوحى أنَّ سوريا الجديدة لا تريد تصدير نموذجِها والتسلّل إلى داخل خرائط جيرانها.
أعطتِ الأحداثُ الدموية الحالية انطباعاً أنَّ الصراع على سوريا لم يتوقف في الداخل ولم يتوقف في الإقليم. أي محاولة خارجية لإعادة عقارب الساعة السورية إلى الوراء تنذر بتصعيد حرب الأدوار على المسرح السوري وحوله.
سوريا أصلاً دولة قلقة. لم تتمكَّن على مدار ستة عقود من استعادة الجولان الذي تحتلّه إسرائيل. لم تستطع أن تكونَ دولة طبيعية في الداخل. وكانت تشعر بالقلق من تركيا الإردوغانية بعباءتها الإسلامية والأطلسية. ومن العراق في ظلّ القيادة الصدّامية. ومن الاعتدال الأردني والمظلة الدولية التي تحميه. ومن لبنانَ الذي أفلت من وصايتها. سوريا «البعثية» القلقة تحوَّلت دولةً مقلقة حين راحت تحاول امتلاكَ أوراق مؤثرة على أمن جيرانها واستقرارهم وتحريكها. زادت قدرتها على الإقلاق بعدما صارت ساحة لميليشيات إيرانية المرجع والقرار.
الحل عودة سوريا إلى سوريا. عودة الدولة الطبيعية التي تحفظ الوحدة مع ضمان احترام الخصوصيات والاختلافات تحت سقف التعايش والقانون. وحدها الدولة الطبيعية تطوي صفحة سوريا القلقة وسوريا المقلقة. سوريا العادلة أفضل بيتٍ لمكوناتها.
نقلا عن الشرق الأوسط
——————————
اتفاق دمج “قسد” في مؤسسات الدولة.. هل يعيد رسم الخارطة السياسية في سوريا؟
11 مارس 2025
جاء الاتفاق بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وسط مشهد عاصف من الانتهاكات والتوتر، ليعيد ترتيب الأوراق السياسية والعسكرية في البلاد.
يحمل هذا الاتفاق، الذي تم التوصل إليه في وقت حساس، وعودًا بإنهاء حالة الفوضى، وإعادة بناء الوحدة الوطنية، ومعالجة التحديات التي واجهت شمال شرق سوريا لفترة طويلة. لكن في الوقت نفسه، فإنه يثير تساؤلات مهمة حول آفاق نجاحه، ومدى قدرته على تحقيق استقرار حقيقي ومستدام في بلد ما زال يعاني من انقسامات عميقة وتوترات إقليمية ودولية.
خلفيات وأسباب
سياسيًا، جاء هذا الاتفاق في وقت حساس تواجه فيه سوريا تحديات عديدة تهدد وحدتها الإقليمية. منذ سقوط نظام الأسد، شهدت البلاد تصاعد قوى محلية ودولية متصارعة، وحذر من تقسيم محتمل قد يدفع أجزاء من البلاد إلى هاوية الصراع الدائم. مع تراجع الدعم الدولي لقوى المعارضة المسلحة وتصاعد الحديث عن انسحاب أميركي من الأراضي السورية، وجدت “قسد” نفسها في موقف صعب، حيث كانت معرضة للضغوط المتزايدة من تركيا والفصائل الأخرى. هنا برزت ضرورة الاتفاق مع دمشق كحل لضمان استمرارها كقوة منظمة تحت مظلة الدولة، مع تحقيق توازن بين مصالحها وحاجات الحكومة.
عسكريًا، يمهد الاتفاق الطريق لدمج “قسد” ضمن الجيش السوري، وهو خطوة تمثل تحولًا استراتيجيًا يعزز الأمن في المناطق التي كانت مسرحًا لمواجهات عنيفة بين مختلف الفصائل. كما يمنح هذا الاتفاق الحكومة السورية القدرة على استعادة السيطرة على الموارد الطبيعية والبنية التحتية الحيوية، مما يسهم في إعادة بناء الاقتصاد واستقرار المنطقة.
أبرز بنود الاتفاق
ضمَّ الاتفاق بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية بنودًا محورية تجسد تحولًا كبيرًا في العلاقة بين الطرفين، حيث رسم إطارًا لتعاون مشترك يهدف إلى تعزيز الاستقرار الأمني والإداري، مع إعادة دمج المناطق الشمالية الشرقية ضمن الدولة السورية. أبرز هذه البنود شملت:
دمج المؤسسات: نقل كافة المؤسسات العسكرية والمدنية التي كانت تديرها الإدارة الذاتية إلى إشراف الحكومة السورية، بما في ذلك المنشآت الحيوية كالحقول النفطية والمطارات والمعابر الحدودية.
الاعتراف بالحقوق الكردية: يمثل هذا البند نقطة تحول مقارنة بالماضي، حيث يعترف الاتفاق بالحقوق الثقافية واللغوية للأكراد، وهو ما يعد خطوة نوعية نحو تعزيز المواطنة المتساوية وإرساء مفهوم الدولة الوطنية الجامعة.
تعزيز الأمن والاستقرار: التزمت “قسد” بوقف العمليات العسكرية ودعم الجهود الرامية إلى إنهاء وجود العناصر المسلحة الموالية للنظام السابق، مما يخفف من حدة التوتر ويعزز الأمن في المناطق الشمالية.
إدارة السجون والمعتقلين: نقل إدارة السجون التي تحتجز عناصر تنظيم داعش إلى السلطات المركزية، ما يمثل خطوة نحو توحيد الملف الأمني ومعالجة إحدى أخطر التحديات الأمنية.
الموقف التركي
تأمل تركيا أن يؤدي دمج قسد في الجيش السوري إلى تخفيف التوتر على حدودها، لكنها رغم اعتبارها هذا الاتفاق مهمًا لها إلا انها قلقة بشأن نفوذ قادة قنديل (قيادات حزب العمال الكردستاني) على المشهد الكردي السوري، وأن يكون التأثير من دمشق.
وقد لعب إعلان تاريخي من عبد الله أوجلان بحل حزب العمال الكردستاني وإلقاء السلاح نقطة تحول كبيرة، كونها أضعفت حجج المعارضين لاتفاق قسد مع الحكومة السورية.
السيناريوهات المحتملة
سيكون نجاح الاتفاق بمثابة نقطة تحول في مسار المأساة السورية، إذ يؤدي إلى اندماج شامل لقوات سوريا الديمقراطية في الجيش السوري، مما يعزز وحدة البلاد ويدعم بناء مؤسسات الدولة في المناطق الشمالية الشرقية، وهو ما قد يمهد لاستقرار مستدام. هذا السيناريو يعتمد بشكل كبير على تضافر الجهود الداخلية والدعم الدولي لضمان التنفيذ السلس للاتفاق.
ومع ذلك، هناك احتمال ألا يُنفذ الاتفاق بالكامل. قد تظهر اعتراضات سياسية، خاصةً من تركيا، أو تحديات محلية تعرقل التنفيذ الشامل. في هذا السيناريو، قد تتأخر عملية دمج القوات، أو يستمر التوتر بشأن الموارد الاقتصادية في المناطق الشمالية الشرقية، مما يحد من تأثير الاتفاق ويؤخر تحقيق الاستقرار الكامل.
هل الاتفاق بداية لسوريا جديدة؟
يمثّل الاتفاق خطوة محورية نحو إعادة توحيد سوريا التي شهدت انقسامات وتوترات عميقة منذ سقوط الأسد. فهو ليس مجرد تفاهم سياسي، بل يعكس إرادة مشتركة لإعادة بناء مؤسسات الدولة المركزية، ودمج مكونات رئيسية كانت على هامش النظام السياسي السابق.
نجاح الاتفاق يعتمد على استمرارية التفاهم بين القوى الفاعلة، وقدرتها على تجاوز العقبات السياسية والميدانية. وفي حال تطبيق البنود المتفق عليها بشكل دقيق ومتوازن، فقد يصبح هذا الاتفاق حجر الأساس لسوريا جديدة، موحدة ومتوازنة. لكن إذا بقيت الأمور على الورق فقط، دون إرادة تنفيذ حقيقية، فقد تنتهي المبادرة إلى الفشل، ويعود الصراع إلى سابق عهده، ولأجل هذا يمثّل الاتفاق يُمثل فرصة حقيقية للخروج من الفوضى نحو الاستقرار والتنمية بعد سنوات من الانقسامات والصراعات.
الترا سوريا
————————–
ما الذي ينتظر الأكراد في “العهد الجديد”؟
الثلاثاء 11 مارس 2025
قال أحد أساتذة السياسة: “إنّ أعتى وأكبر الحروب في العالم تنتهي على طاولة، وليس على الأرض”، في إشارة إلى قوة الدبلوماسية التي تتفوق أحياناً على قوة السلاح. ولعلّ الاتفاق الذي تمّ بين قوات سوريا الديمقراطية “قسد” والحكومة السورية الحالية برئاسة محمد الشرع، مؤخراً، خير دليل على صدق هذه المقولة.
في تطور مفاجئ -ومريح لمعظم الأطراف- وقّعت الحكومة السورية اتفاقاً، مع قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، أمس الإثنين 10 آذار/ مارس 2025، لدمج المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الذاتية الكردية في شمال شرقي سوريا، في مؤسسات الدولة السورية.
توقيت الاتفاق أيضاً لا يغيب عن قراءة المشهد، إذ جاء بعد أحداث “فتنة الساحل” في الغرب السوري، والتي راح ضحيتها أكثر من 1،000 سوري بين رجال أمن ومدنيين، غالبيتهم من العلويين، واشتباكات “جرمانا” في الجنوب، حيث الأغلبية الدرزية، بينما ذهبت التوقعات إلى أنّ آخر فئة يمكن أن تقبل بالاندماج الكلي هي الأكراد، ولأسباب عدة: أولاً لأنهم الأقرب إلى الحكم الذاتي بحكم تشكيلهم مؤسسات ونظاماً حكومياً وحتى ما يشبه الجيش النظامي في مناطقهم، وثانياً لرفضهم ومن ثم إقصائهم عن المشاركة في المؤتمر الوطني، وثالثاً لأنّ مطالباتهم تعارضت مع تصريحات الحكومة السورية الجديدة، والرئيس الشرع، ولا سيّما دمج القوات الكردية في الجيش السوري.
فهل يضع هذا الاتفاق حدّاً للظلم التاريخي الذي لحق بالأكراد؟ وهل هو بداية الحصول على حقوقهم؟
بنود الاتفاق
يأتي اتفاق الدمج في 8 بنود، بحسب ما نشرت الرئاسة السورية، هي التالية:
1 – ضمان حقوق جميع السوريين في المشاركة في العملية السياسية ومؤسسات الدولة كافة بناءً على الكفاءة، وبغضّ النظر عن خلفيتهم الدينية أو العرقية.
2- الاعتراف بالمجتمع الكردي كجزء أصيل من الدولة السورية، وضمان حقوقه في المواطنة وحقوقه الدستورية.
3- وقف إطلاق النار على جميع الأراضي السورية.
4- دمج المؤسسات المدنية والعسكرية كافة في شمال شرقي سوريا في إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز.
5- تأمين عودة جميع المهجّرين السوريين إلى مدنهم وقراهم، وضمان حمايتهم من قبل الدولة السورية.
6- دعم الدولة السورية في مواجهة فلول الأسد، وجميع التهديدات التي تستهدف أمن سوريا ووحدتها.
ما زلنا في عين العاصفة، والمعركة في أوجها
كيف تقاس العدالة في المجتمعات؟ أبقدرة الأفراد على التعبير عن أنفسهم/ نّ، وعيش حياتهم/ نّ بحريّةٍ مطلقة، والتماس السلامة والأمن من طيف الأذى والعقاب المجحف؟
للأسف، أوضاع حقوق الإنسان اليوم لا تزال متردّيةً في منطقتنا، إذ تُكرّس على مزاج من يعتلي سدّة الحكم. إلّا أنّ الأمر متروك لنا لإحداث فارق، ومراكمة وعينا لحقوقنا.
ادعمونا
7- رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بثّ الفرقة بين مكونات المجتمع السوري كافة.
8 – تعمل وتسعى اللجان التنفيذية إلى تطبيق الاتفاق بما لا يتجاوز نهاية العام الحالي.
خصوصية التجربة الكردية
لكن، لا بدّ من الإشارة إلى الاختلاف الجذري لتجربة الأكراد السوريين خلال الحرب الأهلية السورية، وما بعد سقوط الأسد، عن تجربة بقية الأقليات والمكونات، إذ تمكنت قواتهم بقيادة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، من بسط سيطرة شبه كاملة على مناطق شمال سوريا وشرقها، وتذوّق طعم الاستقلال ولو نسبياً، بعد سنوات من الاضطهاد.
الاتفاق الذي وُصف بالتاريخي، يهدف إلى تعزيز وحدة الأراضي السورية، وضمان حقوق المكونات الكردية في الدستور، وهذا جزء من المطالب التاريخية للأكراد الذين عانوا كثيراً من إنكار هويتهم خلال الحقبة البعثية، وبالأخص خلال حكم حافظ الأسد، وخلال فترة الوحدة العربية في ما سُمّي بـ”الحزام العربي”.
في تلك السنوات، تم تعريب مناطقهم قسراً، وترحيل البدو إليها وتوطينهم فيها وتمليكهم الأراضي، ومنعهم من التحدث بلغتهم أو التعامل بها في الإجراءات الورقية والرسمية، وحتى تغيير أسماء مناطقهم وقراهم ومدنهم إلى أسماء عربية، وأبرزها “كوباني” التي تغيرت إلى “عين العرب”، بالإضافة إلى صعوبة استخراجهم أوراقاً رسميةً، ومنعهم من بعض المهن. لذا يبدو أنّ البندين الأول والثاني من الاتفاق، سيعيدان بعض الحقوق الضائعة للأكراد، في حال اتفقت اللجان التنفيذية المشتركة، التي أقرّها البند الثامن، على المقصود بـ”الحقوق”، و”خصوصية المجتمع الكردي”.
أقام الأكراد إدارةً ذاتيةً بحكم الأمر الواقع في تلك المناطق منذ عام 2014، مستفيدين من انشغال النظام في الجبهات الأخرى، وقد يصحّ القول بأنّ “اليد الطولى” في القضاء على تنظيم داعش كانت لهم، على الأقل في الشمال السوري، وهم الذين تعرّضوا لأشدّ أنواع الهجمات، ولسبي النساء من قبل التنظيم، ومن غيره من الفصائل المتطرفة.
ومع سقوط الأسد، وجد الأكراد أنفسهم، قوة الأمر الواقع في المشهد السوري بجانب الحكومة الانتقالية،. لذا فمن المنطقي أن يتمحور هاجس الأكراد الأكبر حول خسارة مكاسب الحكم الذاتي التي انتزعوها خلال الحرب، وأن يخشوا من أن تحاول السلطة المركزية الجديدة -بتشجيع من تركيا- إلغاء إدارتهم الذاتية وانتزاع مناطقهم بالقوة، ولا سيّما أن التاريخ القريب يوثّق تعرّض الأكراد لهجمات من الجيش التركي وفصائل معارضة مدعومة تركياً، مثل عملية “نبع السلام” عام 2019، عندما سنحت الفرصة بانسحاب جزئي للقوات الأمريكية.
لكن ما الذي جدّ في المعطيات السياسية والعسكرية، ليجلس الأكراد على طاولة ويوقعوا هذا الاتفاق مع الدولة المركزية، حليفة تركيا عدوّهم الأوّل؟
فيما تبدو بعض البنود فضفاضةً في صياغتها أو شعاراتيةً أكثر منها قانونية، مثل الذي ورد في البند السابع من رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بثّ الفرقة بين مكونات المجتمع السوري كافة، يبدو أنّ الاتفاق كله يتمحور بشكل أو بآخر حول البند السابع، الذي ينصّ على دمج المؤسسات المدنية والعسكرية كافة في شمال شرقي سوريا في إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز، وهو ما يحقق المطالبات التركية، وليس مطالبات الدولة السورية فحسب.
ترامب وأوجلان… صنعا الفرق
كانت رسالة عبد الله أوجلان، بلا شكّ، دافعاً أساسياً للعديد من الأكراد، لإعادة التفكير في إستراتيجياتهم، فقد أحدثت الدعوة التي أطلقها مؤسس حزب العمال الكردستاني، من سجنه، يوم 27 شباط/ فبراير 2025، صدى واسعاً في الأوساط السياسية الإقليمية والدولية، خاصةً أنّ الدعوة تحمل في طياتها ملامح لإنهاء صراع دموي استمرّ إلى ما يزيد على أربعة عقود، شنّت خلالها القوات التركية حرباً قاسيةً على المكونات الكردية في كلّ من تركيا وسوريا والعراق، وفي المقابل ردّ المقاتلون الأكراد بهجمات مماثلة.
وعلى الرغم من أنّ قائد “قسد” في سوريا، مظلوم عبدي، كان قد صرّح في التعقيب على رسالة أوجلان، بأنها “إيجابية، لكنها لا تخصّهم”، في إشارة إلى أنها موجهة حصراً إلى حزب العمال الكردستاني في تركيا، لكن من الواضح أنها تركت أثر كرة الثلج على الأكراد في المنطقة عموماً.
لكن العامل الذي قد يكون حاسماً أكثر من غيره، هو الضغط الأمريكي، إذ يخشى الأكراد تكرار سيناريو تخلّي الحلفاء عنهم، سواء بانسحاب مفاجئ للقوات الأمريكية أو بصفقات إقليمية تأتي على حسابهم، خصوصاً أن ترامب، ألمح أكثر من مرة إلى احتمالية سحب القوات الأمريكية من سوريا، والمتمركزة في مناطق “قسد”، الأمر الذي قد يتركهم في مواجهة مباشرة مع الحكومة السورية، ومعها حليفتها تركيا.
تصريحات ترامب، بإمكانية سحب قوات بلاده من سوريا، عززتها كذلك تصريحات مسؤولين أمريكيين لشبكة “CNBC”، بأنّ وزارة الدفاع (البنتاغون) تعمل على وضع خطط لسحب جميع القوات الأمريكية من الأراضي السورية. وفي الوقت ذاته تناقلت تقارير أخباراً مفادها أنّ الاتفاق تم بضغط ورعاية من أمريكا.
الاتفاق يأتي في ظلّ تطورات حساسة، الأمر الذي يفتح باب التساؤلات حول الدور المستقبلي الذي قد تلعبه وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لـ”قسد”، والتي حظيت بدعم وتدريب مباشر من الولايات المتحدة. لذا فمن المرجح أن تكون لهذا الاتفاق انعكاسات إقليمية واسعة، خاصةً في ظلّ موقف تركيا الرافض لأيّ نفوذ كردي على حدودها.
… وتبقى التخوفات قائمةً
توقيع الاتفاق، ومع كل التفاؤل الذي صاحبه، لا ينفي التخوف من الخطاب الإسلامي -وهو تخوّف تشاركهم إياه الأقليات الأخرى- إذ يرون فيه تهديداً لمنجزاتهم الاجتماعية، مثل مشاركة المرأة الواسعة، وحرية المعتقد، واعتماد اللغة الكردية الذي رسّخوه في مناطق الإدارة الذاتية.
فقبل التوقيع، لم يخفِ الأكراد قلقهم على مصير قواتهم العسكرية؛ فهل سيتمّ دمج مقاتلي “قسد” في جيش وطني جديد أو يُفرض عليهم تفكيكه؟
وكان قائد قسد مظلوم عبدي، قد طالب الإدارة السورية سابقاً بأن يتم الاعتراف بقواته ودمجها في الجيش السوري المستقبلي، -ضمن هيكل مستقل- على غرار وضع البشمركة في كردستان العراق، لضمان استمرار قدرة الأكراد على الدفاع عن مناطقهم. قبل أن يعود ويقول بالأمس بعد توقيع الاتفاق إن “سوريا فيها جيش واحد فقط، لا جيشين”.
وطالب كذلك، بأن يحصّل الأكراد اعترافاً دستورياً بهويتهم القومية وحقوقهم الثقافية، كإقرار اللغة الكردية كلغة رسمية ثانية ومنح إقليمهم الحق في إدارة موارده الذاتية. وهو ما يبدو أنهم حصلوه، وفقاً للبند الثاني من الاتفاق.
وقد أكد مسؤولون أكراد أنهم مستعدون ليكونوا جزءاً من سوريا الجديدة شرط أن يتم الاعتراف بخصوصيتهم، بالمقابل، وقد سعت الحكومة الانتقالية منذ أيامها الأولى إلى تبديد هواجس الأقليات عبر خطاب تصالحي وإجراءات ميدانية. كما لم يتردد قادة الفصائل المنتصرة، وعلى رأسهم الشرع، ورئيس الخارجية الشيباني، في توجيه رسائل طمأنة علنية، مثل تأكيدهم احترام التنوع الديني والثقافي في سوريا الجديدة، وأن لا أحد فوق القانون ولا أحد سيعاقَب جماعيًا بسبب طائفته.
الشيطان في التفاصيل
لكن التنفيذ الفعلي لهذا الاتفاق سيظلّ مرهوناً بالتطورات الميدانية، ومدى تفاعل الأطراف الدولية المعنية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وروسيا وتركيا، ما يجعل المرحلة المقبلة حاسمةً في تحديد مستقبل الشمال السوري.
فالشيطان يكمن في التفاصيل، وبحسب البند الثامن والأخير من الاتفاق، ستقع على عاتق اللجنة التنفيذية المشتركة، التي سيتم اختيارها من الطرفين، خلق آليات تنفيذ وجداول زمنية واضحة لتحويل البنود إلى واقع ملموس، وتجاوز تضارب المصالح لصالح المصلحة العامة لسوريا الدولة.
رصيف 22
—————————–
ملاحظات
الاتفاق الذي تم بين الرئيس احمد الشرع ومظلوم عبدي ، يسدل الستار على الحالة الفصائلية التي سادت في سوريا في الاشهر الاخيرة ، سيتم الابقاء على قوات الامن العام من ابناء ادلب والمهجرين الى ادلب الذي انخرطوا في عملية ردع العدوان وساهموا في حفظ الامن في المدن السورية خلال المرحلة السابقة .. ودمجهم مع قوات سوريا الديمقراطية
اتوقع ان يتلو هذا اتفاق مشابه يدمج قوات الجنوب في السويداء ودرعا .. وتصبح القوى العسكرية مؤلفة من هذه الاطراف وفقط ..
في رأيي سيتم انهاء وجود باقي الفصائل وملاحقتها والمطالبة بمحاسبتها وانهاء دورها في سوريا .. ( نهاية هيئة تحرير الشام والعمشات والحمزات.. .. )
الشرط الذي وضع لعملية الدمج وهو ..
” ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة بناءا على الكفاءة بغض النظر عن خلفيتهم الدينية والعرقية”
هذا الشرط يحقق مطالب الشيخ الهجري وفي حال نفذ الاتفاق لن يبقى هناك مانع من موافقة اهالي السويداء على الاندماج سياسيا وعسكريا بالادرة الجديدة ..
الاتفاق يعني حكما تشكيل حكومة انتقالية واسعة الصلاحيات وانهاء حالة احتكار القرار ..
ربما سيتم ترتيب غطاء دولي واقليمي خلال الاسابيع القادمة من خلال قرار اممي جديد واتفاق بين دول الجوار في اجتماعهم القادم في تركيا ..
امل بان يكون ما حصل خلال الايام الماضية نهاية مآسي السوريين .. والعودة للتعاون والتكاتف لبناء الدولة ..
الفيس بوك
————————–
==================