عن التدخل الاسرائيلي السافر في سورية الجديدة، ملف تناول “شهية إسرائيلية لتفتيت سوريا” – تحديث 23 أذار 2025

لمتابعة مكونات الملف اتبع الرابط التالي
التدخل الاسرائيلي السافر في سورية الجديدة
—————————–
لعبة حافة الهاوية/ عالية منصور
22 مارس 2025
يوما بعد يوم يبدو واضحا عدم تقبل إيران حجم خسائرها في المنطقة، فلا هي تتقبل خسارة النظام السوري، نقطة الارتكاز الأهم في مشروعها التوسعي، ولا الخسائر التي شلت ذراعها اليمنى في لبنان “حزب الله”. كل من راهنت عليهم طهران في مشروعها التدميري لمنطقة المشرق العربي انتهوا أو ضعفوا إلى أقصى الحدود، حتى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لم تخسر فقط عسكريا بعد كل ما حل بغزة والفلسطينيين، بل حتى على المستوى السياسي لا يبدو أن أحدا سيقبل أن تحكم “حماس” غزة مجددا أو حتى أن تكون شريكا في الحكم، وها هم “الحوثيون” ذراع إيران في اليمن يتعرضون لضربات موجعة وقد تكون قاضية، بعد أعوام من إعطائهم الفرصة تلو الأخرى ليصنعوا سلاما في اليمن.
كان الدور الإيراني واضحا في التمرد الفاشل الذي حصل في جبال ومدن الساحل السوري، كما دورها في الاشتباكات التي حصلت وتحصل على الحدود السورية اللبنانية، تدرك طهران أن عقارب الساعة لن تعود للوراء وأن ما حصل قد حصل، ومع ذلك تراهن أن بإمكانها من خلال نشر الفوضى وعدم الاستقرار على صنع موطئ قدم لها، وأن تحجز لها مكانا على أي طاولة مستديرة تناقش أوضاع هذه الدول وتساهم في إعادة إعمارها، أو عرقلة أي حوار أو مشروع من خلال التخريب.
في لبنان، إيران قادرة على تدمير ما بقي من الجنوب وما هو أبعد من الجنوب، من خلال بقايا ميليشيا “حزب الله” التي اختارت الرد على تصريحات رئيس مجلس الوزراء اللبناني نواف سلام الذي نعى ثلاثية “جيش- شعب- مقاومة” بإطلاق الصواريخ على مستوطنة المطلة، أو على أقل تقدير سهلت لأطراف أو أفراد عملية إطلاق الصواريخ.
قامت إسرائيل بالرد ولكنها هددت أيضا باستئناف حربها على لبنان.
اللافت جدا هو تقاطع مصالح إيران وإسرائيل في سوريا. فمنذ لحظة سقوط النظام السوري وهروب رئيسه بشار الأسد، لم تتوانَ أي من الدولتين في العمل على زعزعة الاستقرار ونشر الفوضى، كلتاهما تستعملان “الأقليات” ذريعة لتدخلهما السافر، وإسرائيل تستمر بتعديها على الأراضي السورية والتوغل والقصف، وتستخدم إيران بقايا نظام الأسد لنشر الفوضى، والتخوف الحقيقي أن تلجأ لتسهيل عمليات “داعش” في الداخل السوري.
المنطقة تعيش حالة غير مسبوقة من سياسة “حافة الهاوية”، ويستمر رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بجرها إلى مزيد من الحروب والصراعات، فهو أيضا لا زال يهرب من أزماته الداخلية بفتح جبهات واستئناف حروب.
سوريا تحتاج إلى الحد الأدنى من الاستقرار لتبدأ مسيرة الانتقال السياسي وإعادة الإعمار، وتتفق كل من تل أبيب وطهران على عرقلة هذا المسار، وإن كان لكل منهما أهدافه المختلفة فإن النتيجة واحدة، فكلتاهما تخدم مصالح الأخرى هناك.
الإدارة الأميركية حتى الآن لم يظهر لها موقف حاسم بما يتعلق بسوريا، ولكن تصريح المبعوث الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف يبدو متقدما، حيث اعتبر أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب يعمل على وقف الفوضى والحروب في العالم، ويدفع باتجاه السلام وتوفير فرص لشعوب المنطقة للازدهار. يقول ستيف في مقابلة تلفزيونية إن الدلائل تشير إلى أن الجولاني (الرئيس السوري أحمد الشرع) شخص مختلف عما يعتقده الناس، والناس يتغيرون. ربما يكون الجولاني في سوريا شخصا مختلفا. لقد طرد إيران من سوريا. ويضيف: “تخيل لو وقّع لبنان معاهدة سلام، ووقّعت سوريا، ووقّعت السعودية معاهدة مع إسرائيل، بعد السلام في غزة، لأن حل معضلة غزة شرط أساسي لأي توقيع سعودي. سيكون ذلك إنجازا رائعا”.
فهل ستلجم إدارة ترمب شهية نتنياهو المفتوحة دوما للحروب؟ وهل سيدرك جميع المعنيين أن استقرار سوريا وسلاسة عملية الانتقال السياسي في دمشق ستكون من مصلحة كل من يسعى للسلام والاستقرار في المنطقة؟ أم سيتركون تل أبيب وطهران تستمران كل لأهدافها الخاصة بنشر الفوضى؟ ولكن حذاري من لعبة “حافة الهاوية” تلك كي لا تصل الأمور إلى نقطة اللاعودة.
المجلة
———–
سوريا «الهشة» تحت ضغط العقوبات والاعتداءات الإسرائيلية
واشنطن ترى تغيراً في الشرع وتتحدث عن إمكان التطبيع بين دمشق وتل أبيب
دمشق: سعاد جروس
22 مارس 2025 م
منذ سقوط نظام الأسد، عمدت إسرائيل إلى تسخين الجنوب السوري، سواء بتوجيه ضربات عسكرية داخل الأراضي السورية، أو في توغلات متواصلة، أو في استغلال الانقسامات الداخلية في السويداء. في وقت بدأت فيه الإدارة الأميركية ترسل إشارات تتعلق بتظهير موقفها من السلطة الجديدة «الهشة» نوعاً ما في دمشق، والتلويح بتخفيف العقوبات عن سوريا، بالتوازي مع طروحات حول إمكانية «التطبيع مع إسرائيل».
وشهد حوض اليرموك، جنوب سوريا، فجر السبت، توغلاً لآليات وعربات تتبع القوات الإسرائيلية في الأطراف الشمالية لقرية معرية في ريف درعا الغربي، وذلك بعد إطلاق القوات الإسرائيلية المتمركزة في ثكنة الجزيرة العسـكرية على أطراف القرية قنابل مضيئة في سماء المنطقة، في محيط قريتي معرية وعابدين، وفق ما أفاد به موقع «درعا 24»، الذي رصد تحليقاً لطيـران الاستطلاع الإسـرائيـلي يحلق في سماء الجنوب السوري. فيما أفادت تقارير أخرى بتوغل القوات الإسرائيلية في بلدة الرفيد وقرية العشة بريف القنيطرة، ووصل رتل عسكري إلى تل الأحمر الغربي في محافظة القنيطرة.
استهدفت إسرائيل، فجر السبت، مطار تدمر العسكري وسط البادية السورية، بغارات جوية، وفق ما أفادت به «الإخبارية» السورية الرسمية، وأسفرت الغارة عن إصابة عنصرين من «الفرقة 42» من جراء هذه الغارات، كما تم استهداف برج المراقبة وكتيبة صواريخ ومستودع أسلحة داخل مطار «تي فور» ونقاط كانت تتبع للميليشيات الإيرانية في عهد النظام السابق. وأكد الجيش الإسرائيلي، استهداف «قدرات عسكرية استراتيجية» في قاعدتين بريف حمص وسط سوريا.
إشارات أميركية
رأى المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيفن ويتكوف، في مقابلة مع الصحافي الأميركي، تاكر كارلسون، أن الرئيس السوري أحمد الشرع تغير. وقال إن هناك مؤشرات تفيد بأن الرئيس الشرع «لم يعد كما كان في السابق»، مضيفاً أن «الناس يتغيرون، وأنا شخصياً لست كما كنت قبل 30 عاماً، وربما الشرع كذلك».
وقال ويتكوف إن تطبيع العلاقات بين لبنان وإسرائيل، ثم بين سوريا وإسرائيل «يمكن أن يكون جزءاً من عملية أوسع نطاقاً لإحلال السلام في المنطقة»، موضحاً أن إسرائيل تتحرك داخل لبنان وسوريا، وأنها «تسيطر عليهما ميدانياً». معتبراً أن هذه السيطرة تفتح الباب أمام تطبيع شامل في حال تم القضاء على الجماعات المسلحة المرتبطة بإيران.
الباحث السياسي السوري، علي العبد لله، رأى في تصريح ويتكوف المتعلق بأن التطبيع بات «احتمالاً حقيقياً» بأنه «إعلان موقف» أكثر منه «تقديراً للموقف»، وهذا «تعبير عن توجه أميركي لصياغة الشرق الأوسط من ضمن تصور شامل لصياغة التوازنات في أكثر من إقليم»، وذلك للتفرغ لمواجهة الصين في مجالات السياسة والاقتصاد، خاصة التقنيات الدقيقة، من خلال السيطرة على المواد الخامة النادرة المهمة في هذا المجال، وعلى الممرات المائية لتطويق الصين والحد من تمددها الجيوسياسي والاقتصادي.
وأكد العبد الله أنه «في هذا السياق يأتي الحديث عن تطبيع سوريا ولبنان مع إسرائيل كدعوة واستثمار للظروف القائمة، خاصة حاجة سوريا لرفع العقوبات الأميركية؛ لأن بقاءها يمنع الدول الأخرى من التعامل مع سوريا والاستثمار فيها، ما يبقيها مدمرة وعاجزة عن تلبية متطلبات الحياة والاستمرار».
وعن قراءته لموقف السلطة السورية الجديدة، قال العبد لله: «إنها محشورة بين حاجتها لرفع العقوبات ووقف التغول الإسرائيلي في الجنوب واسترضاء قاعدتها السياسية، ناهيك عن حساب الموقف الشعبي الذي لا يزال يعتبر إسرائيل عدواً قومياً»، مرجحاً «بحثها عن مخرج يتقاطع مع هذه العوامل، ويخفف من ثقلها في الوقت نفسه».
وحتى الآن تلتزم سلطة الشرع بتعهدها بألا تمثل تهديداً لدول الجوار، من دون إبداء موقف بشأن التطبيع مع إسرائيل، حيث لا تزال تتجنب الاستفزازات الإسرائيلية، وتأكيد تمسكها باتفاق 1974 لفض الاشتباك، وإبلاغ الأمم المتحدة بالتجاوزات الإسرائيلية والمطالبة بردعها. فيما تطالب برفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا التي لا تزال تشكل عائقاً كبيرا أمام عملية إعادة الاستقرار في ظل واقع داخلي شديد الهشاشة.
وكانت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، تامي بروس، قالت، الجمعة، إن من المتوقع تخفيف العقوبات بما يخص التحويلات المالية، مؤكدة أن بلادها لا تنوي حالياً إلغاء العقوبات، وأنها ستراقب تصرفات الإدارة السورية الجديدة في الوقت الذي تحدد فيه سياساتها تجاه الحكومة بدمشق.
وتفرض أميركا والدول الأوروبية عقوبات على سوريا، منذ عام 2011، على خلفية استخدام النظام السابق العنف المفرط في قمع الاحتجاجات ضده، وبعد سقوط النظام ربط الجانبان الأميركي والأوروبي رفع العقوبات بسلوك السلطة الجديدة.
وجددت واشنطن دعوتها لدمشق بتشكيل حكومة شاملة بقيادة مدنية في سوريا، وفق ما أشارت إليه بروس، التي دعت إلى تشكيل حكومة شاملة يقودها مدنيون يمكنها ضمان أن تكون المؤسسات الوطنية فعالة وسريعة الاستجابة وتمثيلية.
توتر في السويداء
في محافظة السويداء، اندلعت اشتباكات مسلحة ليل الجمعة – السبت قريباً من حي العشائر في مدينة «شهبا»، وقالت مصادر محلية في السويداء لـ«الشرق الأوسط» إن التوترات لم تهدأ في المحافظة، وأشارت المصادر إلى أن التباين في المواقف من الحكومة بدمشق، المتعقلة بالإعلان الدستوري للمرحلة الانتقالية، ومسألة تسليم السلاح، «ما زال يولد الاحتقان الذي ينذر بمزيد من التصادمات والانقسام». وأكدت المصادر أن جهوداً أهلية تبذل لمنع انفجار التوتر، رغم محاولات بعض الأطراف تفجيرها مع مواصلة الضغط وتأجيج الخلافات.
وكان مركز إعلام السويداء ذكر، في وقت سابق، أن الأمن العام قام، الجمعة، بتأمين طريق دمشق – السويداء بشكل كامل، وذلك عقب إغلاقه من قبل مجموعة من أهالي المنطقة؛ احتجاجاً على حادثة وقعت، الثلاثاء الماضي، في السويداء. وتحرك عدة جهات في السويداء لتهدئة الأوضاع وضمان استقرار المنطقة.
———————————————
شرطة السويداء تقبض باليد وبالدولار
بعد تأخر الرواتب شهرين وبزيادة كبيرة عن السابق
دمشق: «الشرق الأوسط»
22 مارس 2025 م
بعد تأخر شهرين، بدأت قيادة شرطة محافظة السويداء، السبت، تسليم الرواتب للمعادين إلى الخدمة، والذين بلغ عددهم ستمائة عنصر شرطة وأربعين ضابطاً، بينهم منشقون عن النظام السابق.
وأفادت وسائل إعلام محلية في السويداء بأنها المرة الأولى منذ سقوط النظام التي يتم فيها تسليم رواتب لعناصر الشرطة في المحافظة، وأوضح مصدر في قيادة الشرطة بأن الراتب الذي تم تسليمه بلغ 120 دولاراً، بارتفاع أربعة أضعاف (400%) عن الراتب الذي كان يتلقاه عنصر الشرطة قبل سقوط نظام الأسد، بحسب موقع «السويداء 24».
وأظهرت صور محافظة السويداء على حسابها في «فيسبوك» تسليم الرواتب باليد وبالدولار، وهي المرة الأولى التي يجري فيها تسليم رواتب للعاملين في القطاع العام بهذه الطريقة، حيث يتقاضى العاملون رواتبهم عبر صرافات المصارف الحكومية. كما كان محظوراً في سوريا خلال عهد النظام السابق التعامل بالدولار، ويقع تحت طائلة الملاحقة وعقوبة السجن.
مصادر في دمشق قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها تستغرب هذه الخطوة، مضيفة: «إن مشهد تسديد الراتب بالعملة الأجنبية يتم للمرة الأولى في القطاع الحكومي السوري، وهو غير مألوف ما يجعلنا نرسم العديد من إشارات الاستفهام ريثما تتضح الأمور، عما إذا يكون هذا توجهاً حكومياً أم أنه يتم لمرة واحدة تحت ضغط الأوضاع الاقتصادية المرتبكة حالياً». كما أشارت المصادر إلى أن هذه الخطوة من دمشق تصب في إطار «احتواء أزمة الانقسامات في السويداء، وضرورات ضبط الأمن، وتعزيز جهاز الشرطة التابع للحكومة».
وكانت الرئاسة السورية منحت موظفي الدولة راتباً إضافياً بمناسبة عيد الفطر، وتشمل المنحة المالية العاملين الدائمين والمؤقتين، وكذلك الأفراد الذين يتقاضون أجراً يومياً في سوريا، وفق ما أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، ويشمل القرار أيضاً إعفاء هذه المنح المالية من كافة الضرائب والاقتطاعات.
وجاءت المنحة بهدف امتصاص التوتر الحاصل جراء اشتداد الأزمات المعيشية بعد أكثر من ثلاثة أشهر على تسلم السلطة الجديدة إدارة البلاد، وتصاعد حالة الاحتقان على خلفية الأحداث التي شهدتها منطقة الساحل، والتي ساهم في تفجرها تسريح آلاف العاملين في القطاع العام من عسكريين ومدنيين ضمن خطة حكومية لتقليص أعداد العاملين في القطاع الخاص إلى نحو الثلث، ورفع الرواتب بمعدل 400 في المائة، بعدما تبين وجود أكثر من مليون وثلاثمائة ألف موظف قطاع عام، منهم نحو تسعمائة ألف يأتون إلى مكان العمل، ونسبة كبيرة من هؤلاء لا يقومون بعمل فعلي، ما دفع الحكومة لإعطاء مئات آلاف من العاملين إجازة ثلاثة أشهر مأجورة إلى حين تقييم وضعهم، حيث يجري العمل على بناء قاعدة بيانات جديدة لموظفي القطاع العام، لتقييم وظائف القطاع العام، كما تم فصل العسكريين السابقين في النظام السابق، ومع ذلك لم تتمكن الحكومة من دفع الرواتب لكل العاملين، علماً بأن رواتب القطاع العام في السنة الأخيرة من حكم الأسد تدنت إلى ما قيمته 30 دولاراً، بسبب فراغ الخزينة العامة، ودمار أكثر من ثلث البلاد، وتهتك البنى التحتية في كل القطاعات، في ظل استمرار العقوبات الاقتصادية الدولية التي لا تزال تعيق الاستفادة من المنح والمساعدات المالية التي تقدمها الدول الحليفة والشقيقة.
ولا يزال إنعاش الاقتصاد يشكل أولوية قصوى لدمشق في المرحلة الانتقالية؛ لارتباطه بشكل وثيق بالاستقرار والسلم الأهلي، حيث تقول الأمم المتحدة إن تسعة من كل عشرة سوريين يعيشون في فقر.
——————————
سوريا في شهر الثورة.. التحديات كبيرة/ أحمد مظهر سعدو
2025.03.23
تتشابك التحديات وتتعقد، بعد نحو 4 شهور من انتصار ثورة الشعب السوري، وإزالة نظام الأسد، وفرار رأس النظام إلى موسكو. إذ يحاول السوريون الاحتفاء بتاريخ ثورتهم العظيمة، ثورة الحرية والكرامة في ذكراها، أمام تحديات كبيرة وكثيرة ومتعددة، بل وأكثر تعقيدا، طالت مجمل الواقع المتغير في المشهد السوري. حيث لم تُترك سوريا بشعبها المكافح لفرحة النصر، كما لم يُترك الإنسان السوري ليعيش زمنا جديا خاليا من القتل والموت والعبث بأوضاعه، حتى بدأت المشكلات والإشكاليات تنبثق في طريقه الشاق نحو بناء الدولة السورية الجديدة، الخالية من خراب عصابة الأسد، فسادها وإفسادها وحالة الدولة السورية التي عاشها السوريون على مدى ٥٤ عاما من حكم آل الأسد ومساراتهم المليئة بالدم والنهب والخراب على كل المستويات، حتى أضحت سوريا في الدرك الأسفل من الفوات والعفن على جميع الأحوال والمتغيرات.
تتمظهر اليوم حالات كثيرة من تلك التحديات التي تعوِّق حركة العمل المطلوب من أجل سوريا الحرة، التي لا بد من أن تبنى على أسس جديدة وقيم وطنية أخرى، وسيادة جدية للدستور والقانون المغيبين قسرا زمن الأسد الابن وقبله الأب.
ولعل التحدي الأكبر هو ماتفعله إيران وأدواتها من الفلول التشبيحية، في محاولاتهم المستمرة ضمن الساحل السوري، وكذلك على الحدود اللبنانية السورية، من أجل زعزعة الأمن والاستقرار الضروريين جداً من أجل قيامة جديدة للدولة السورية. وإذا كانت غايات إيران في ذلك ومعها زبانية نظام الأسد واضحة المعالم، وهي التي انهزمت على يد الشعب السوري صبيحة 8 كانون أول/ ديسمبر 2024 هزيمة نكراء، أسهمت في هدم صرح المشروع الإيراني الفارسي الطائفي في المنطقة، وتم قطع الطريق كليا على امتدادات وأطماع إيران في المنطقة، فأصبح طريق طهران بغداد دمشق بيروت غير سالك، بل مقطوع نهائيا في أوسطه، أي داخل الجغرافيا السورية تحديدا، وهو ما جعل إيران/ الملالي تتجرع كأس السم الزعاف في سوريا هذه المرة، بعد أن تجرعه (آية الله الخميني) في العراق أواخر ثمانينيات القرن الفائت. من هنا فإنها لن تألو جهدا من أجل العمل وبشتى السبل، لزعزعة الأوضاع الأمنية في سوريا، ضمن محاولاتها البائسة للعودة من جديد إلى الساحة السورية المطرودة منها، رغم كل إمكانياتها وثقلها العسكري.
أما التحدي الآخر الذي يقف في طريق الدولة الجديدة في سوريا، فهو تحدي القوة المتصاعدة الإسرائيلية حيث خرجت إسرائيل منتصرة في حربها على قطاع غزة وجنوبي لبنان، وهي اليوم تريد أن تستثمر وتستغل هذه الفرصة عبر سوريا، في ظل وجود عسكري لجيش سوري ناشئ ومتواضع، وضمن اللاإمكانات الجدية للمواجهة، كي تنجز وضعا جديدا عبر قضم المزيد من الأراضي السورية في الجولان والهيمنة على كامل المنطقة العازلة، وتدمير ما تبقى من عتاد عسكري سوري، واللعب على الوتر الطائفي، بدعوى حماية الأقليات، وخاصة في الجنوب السوري . كل ذلك يجري في ظل غياب كامل لأي مشروع عربي قادر على لجم التمدد الإسرائيلي، أو إيقاف التهديدات الصهيونية المستمرة للوضع الجديد في سوريا، وضمن أجواء هيمنة الرئيس الأميركي (دونالد ترمب) على العالم، وانحيازه المطلق إلى جانب إسرائيل، على حساب العرب كل العرب، من دون الاهتمام بمواقف النظام العربي الرسمي الضعيف، هذه المواقف التي لا تتعدى شكلية إصدار بيانات لا تسمن ولا تغني من جوع.
كما لا يمكننا إلا التوقف أمام التحدي الآخر الذي لايقل خطورة، وهو موضوع شمال شرقي سوريا، حتى بعد أن تم توقيع اتفاق مهم بين الإدارة السورية الجديدة وتنظيم (قسد) حيث ما تزال هناك الكثير والكثير جدا من من العقبات، التي تعترض طريق تنفيذه خلال تسعة أشهر قادمة، وهي المدة الزمنية المعطاة له من أجل الإنجاز، حيث ما برحت هناك كثير من العقبات بل والخلافات بين الطرفين، وصولًا إلى حالة اندماج ما، قد تحصل وقد لا تحصل في المؤسسة العسكرية السورية الجديدة، وهذا يرتبط بالضرورة وبشكل مباشر وواضح بمدى رضى أو عدم رضى الإدارة الأميركية عن أداء الحكم الجديد في سوريا.
كذلك فإن إشكالية الجنوب السوري ماتزال قائمة، واللعب بورقة (الدروز) من قبل الإسرائيليين ما تزال جدية، رغم الوقوف المعلن لمعظم الفعاليات الوطنية السورية في جبل العرب، انحيازا حقيقيا وواضحا إلى جانب وحدة سوريا، والاندماج بالحالة السورية الجديدة، وعدم الالتفات إلى ما تحاول أن تفعله إسرائيل من تحريك لبعض أدواتها في السويداء من أجل الهيمنة على الجنوب السوري والتهيئة لحالة جديدة من تفسخ الوحدة الوطنية السورية.
وقد لا يقل أهمية عن كل ذلك تحدي بناء الدولة الوطنية، على أسس تشاركية وحدوية لا تتكئ على اللون الواحد، ولا تسمح بالانفراد بالسلطة، من قبل لون سياسي واحد بحد ذاته، فمطالبات الداخل والخارج تفترض مشاركة الجميع، وفق معايير وطنية ديمقراطية تتمكن من تخطي زلات وهنات الإعلان الدستوري، وصولًا إلى تشكيل حكومة وطنية جديدة، متعددة المشارب، وقادرة على الوصول إلى بناء وطني للدولة ديمقراطي وعصري. بالإضافة إلى ضرورة الإسراع في تشكيل هيئة عليا للعدالة الانتقالية، التي باتت ضرورية وملحة، لتقطع الطريق على كل العابثين بأمن الوطن السوري. وكذلك العمل بدأب من أجل تأمين الخدمات الضرورية للعيش، وتحسين الأداء الاقتصادي الأفضل، كي يجذب ذلك السوريين المهجرين قسرا إلى الخارج، كي يعودوا جميعا ويسهموا في بناء الوطن السوري القادم والجديد.
ولن ننسى التحدي الآخر الكبير وهو تحدي كيفية إقناع الغرب وخاصة الأميركان بإزالة كل أنواع العقوبات المفروضة على سوريا، والتي لم يعد هناك من مبرر لوجودها، بعد إزاحة السبب، الذي أدى إليها، وهو “نظام الفاشيست” الأسدي، وهو مايجب الاشتغال عليه وبشتى الطرق، وعبر كل أصدقاء سوريا، حتى لا تبقى هناك معوقات حقيقية على طريق بناء اقتصاد سوري وطني قوي وقادر على الإيفاء بالمتطالبات الوطنية السورية المعيشية للناس.
إذا فالتحديات كبيرة وكثيرة، لكن الأمل ما يزال موجودا لتخطيها جميعا، وعبر جهد حقيقي، يشارك فيه كل السوريين، مع أصدقاء الشعب السوري، الذين وقفوا إلى جانب سوريا، لكن المسألة شاقة ومتعبة، وتحتاج إلى كثير من الانفتاح والتشاركية، والعمل الدؤوب من أجل سوريا التي نحب ونرغب جميعا.
————————–
المجموعة العربية تدين التوغل الإسرائيلي في سوريا وتطالب بتحرك دولي
2025.03.23
دانت المجموعة العربية في مجلس الأمن توغل إسرائيل داخل الأراضي السورية، وطالبت المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات فورية لوقف هذه الاعتداءات والضغط على إسرائيل للانسحاب من الأراضي السورية المحتلة.
وأكدت المجموعة العربية أن التوغل الإسرائيلي يُعد انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي واعتداءً سافراً على سيادة سوريا، محذّرةً من أن هذه التصرفات من شأنها تصعيد التوتر وزيادة حدة الصراع في المنطقة، بحسب ما ذكرت قناة “المملكة” اليوم الأحد.
وخلال جلسة خاصة لمتابعة تنفيذ القرار 2334 المتعلق بالاستيطان الإسرائيلي، ألقى السفير محمود الحمود، المندوب الدائم للأردن لدى الأمم المتحدة، بياناً باسم المجموعة، دعا فيه مجلس الأمن والمجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف الانتهاكات الإسرائيلية، وممارسة الضغط على إسرائيل لوقف عدوانها والانسحاب من الأراضي السورية المحتلة، في خرق واضح لاتفاق الهدنة الموقّع عام 1974.
وجدد البيان تأكيد الموقف العربي الثابت أن الجولان أرضٌ سوريةٌ محتلة، ورفض أي إجراءات إسرائيلية تهدف إلى ضمّها أو فرض السيادة عليها، باعتبارها لاغية وغير شرعية.
يُذكر أن الأردن يتولى رئاسة المجموعة العربية خلال شهر آذار الحالي.
الانتهاكات الإسرائيلية في سوريا
وخلال الأسابيع الماضية، تصاعدت وتيرة الهجمات الإسرائيلية في سوريا، حيث شنت طائرات الاحتلال غارات على عدة مواقع، بالتزامن مع استمرار التوغلات البرية في ريفي درعا والقنيطرة.
وكان من أبرز هذه الانتهاكات القصف الذي طال محافظة درعا قبل أيام، وأوقع 22 ضحية في صفوف المدنيين، حيث دانت دول عربية، منها الكويت والإمارات ومصر، هذه الاعتداءات وأكدت على ضرورة وقف الانتهاكات الإسرائيلية.
وعقب سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، عمد الاحتلال الإسرائيلي إلى السيطرة على المنطقة العازلة في القنيطرة، واستكمل سيطرته على قمة جبل الشيخ، كما وسّع نطاق توغلاته في المحافظة، مكثّفاً قصفه لمئات المواقع العسكرية بهدف تدمير البنية التحتية للجيش السوري.
وبالتوازي مع ذلك، تعمل قوات الاحتلال الإسرائيلي على إنشاء قواعد عسكرية جديدة تمتد من جبل الشيخ إلى حوض اليرموك، حيث يتم تجهيز هذه المواقع بالبنية التحتية، بما في ذلك الكهرباء والمرافق السكنية لعناصرها، إلى جانب شق طرق تصل إلى الحدود السورية.
وسبق أن دعا الرئيس السوري، أحمد الشرع، الدول العربية إلى تحمّل مسؤولياتها في مساعدة سوريا على وقف انتهاكات إسرائيل لأراضيها، مؤكداً تمسّك سوريا باتفاق فضّ الاشتباك لعام 1974، ورفضها استمرار إسرائيل في تجاهل هذا الاتفاق.
وقال في كلمة له أمام القمة العربية الطارئة في القاهرة مطلع الشهر الجاري، إن “الهجمات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة على سوريا تتطلب وقوف الدول العربية صفاً واحداً ضد التصعيد”، مشدداً على ضرورة أن “تتحمل الدول العربية مسؤوليتها في دعم سوريا لتحقيق الأمن والاستقرار”.
————————–
سوريا: بعد اختبار الساحل… توترات على الحدود مع لبنان والقنيطرة/ منهل باريش
تحديث 23 أذار 2025
هشاشة الوضع في جنوب سوريا ستنعكس على السلطة في حال استمرار الوضع على ما هو عليه، وتضعف من قوة المفاوضات الجارية مع قوات سوريا الديمقراطية.
عاد الهدوء إلى منطقة الحدود اللبنانية-السورية بعد اشتباكات عنيفة اندلعت بين الجيش السوري والجيش اللبناني، وجاء الاتفاق عقب اتصال بين وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة، ونظيره اللبناني ميشال منسى الإثنين الفائت.
وأفادت وكالة الأنباء السورية «سانا» نقلاً عن المكتب الإعلامي لوزارة الدفاع بأنه تم الاتفاق بين وزارتي الدفاع السورية واللبنانية على وقف إطلاق النار، وإنهاء الاشتباكات المندلعة بين الجانبين على الحدود، وتعزيز التعاون والتنسيق بين الجانبين.
من جانبها، قالت الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان، أن اتصالا بين وزير الدفاع اللبناني ونظيره السوري بحث الأوضاع المتوترة على حدود البلدين، وتم الاتفاق على وقف إطلاق النار، على أن تنسق مديرية المخابرات اللبنانية وجهاز الاستخبارات السوري لتفادي تطور الأحداث وسقوط ضحايا مدنيين من البلدين. وعلمت «القدس العربي» أن الوزارتين عينتا ضابط تنسيق في كل منهما لمتابعة شؤون الحدود المتداخلة وفرض الأمن على الجانبين.
وفي الإطار، قال القيادي في الفرقة 52 في الجيش السوري العقيد باسل ادريس في اتصال مع «القدس العربي» إن الاتفاق ينص على «انتشار الجيش اللبناني على طول الحدود اللبنانية واخذ دوره بمنع مسلحي حزب الله والعشائر بنقل وتهريب المخدرات والأسلحة وغيرها من الممنوعات عبر الحدود». ومن مهام الجيش اللبناني أيضا حسب الاتفاق «منع مسلحي العشائر ومقاتلي حزب الله إطلاق النيران ومنع استهداف عناصر الجيس السوري من داخل الأراضي اللبنانية».
وحول الواقع الأمني والعسكري الحالي بالنسبة لحوش السيد علي بعد سيطرة الجيش السوري الجديد عليها، أشار ادريس إلى أنه جرى الاتفاق على الانتشار على أطراف القرية والسماح لأهلها بالعودة إليها.
ولفت ادريس وهو ضابط منشق عن جيش النظام السوري البائد منذ العام 2012 وينحدر من مدينة القصير إلى أن المنطقة كانت تحت حماية جيش الأسد اسميا لكن كانت اليد العليا فيها لحزب الله اللبناني كما كان من المتعذر على الجيش اللبناني دخولها أو تفتيشها أو ملاحقة المطلوبين اللبنانيين فيها باعتبارها داخل الأراضي السورية وهو ما خلق منها بيئة نشطة لصناعة المخدرات وتهريب وتجارة السلاح.
وعن التهديدات المستقبلية نوه إلى أن انتشار الجيش السوري على الأطراف سيساهم بالتدخل السريع لفرض الأمن ومنع أي نشاط إجرامي في البلدة.
وكانت الاشتباكات اندلعت الأحد الماضي في منطقة ريف القصير بريف حمص الغربي الجنوبي بعد وصول تعزيزات عسكرية للجيش السوري إلى المنطقة، وعقب مقتل ثلاثة عناصر تابعين لوزارة الدفاع السورية داخل الأراضي اللبنانية.
ونعى ناشطون وإعلاميون عسكريون ثلاثة مقاتلين في الإدارة الجديدة ينتمون للواء علي ابن ابي طالب والذي انتشر في ريف حمص الغربي لضبط أمن الحدود مع لبنان وملاحقة عناصر جيش النظام السابق المختبئين في المناطق الحدودية المتداخلة.
بموازاة ذلك، أصدرت مديرية التوجيه في الجيش اللبناني، الأحد الفائت، بيانا جاء فيه «بعد مقتل سوريين وإصابة آخر في منطقة القصر- الهرمل، نقل المصاب إلى أحد المستشفيات اللبنانية، إلا أنه فارق الحياة، وعلى إثر ذلك نفذت القوات اللبنانية إجراءات وتدابير أمنية في المنطقة، وأجرت اتصالات مع الجانب السوري، حيث تم تسليم جثامين القتلى للسلطات السورية صباح الإثنين».
وفي هذا السياق، تضاربت الأنباء حول مقتل العناصر الثلاثة، فبحسب وكالة «سانا»، نقلت عن مصدر في وزارة الدفاع السورية أن مقاتلين يتبعون إلى حزب الله اللبناني اختطفوا بكمين على الحدود العناصر إلى داخل الأراضي اللبنانية، وجرت تصفيتهم هناك.
من جهته نفى الحزب علاقته بالأحداث، فيما قال وزير الإعلام اللبناني نقلاً عن وزير الدفاع ميشال منسى أن «القتلى ليسوا من الجيش، ولا يتبعون لوزارة الدفاع، بل من المهربين».
الجيش الإسرائيلي في القنيطرة
وعلى صعيدٍ آخر، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي الخميس، عن إجراء مناورات عسكرية واسعة النطاق في هضبة الجولان السوري المحتل، وحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» فإن هضبة الجولان ستشهد حركة للمركبات والجنود بشكل مكثف، كما ستسمع أصوات انفجارات ضمن مناورات عسكرية سينفذها جيش الاحتلال في الجولان.
وقال متحدث باسم جيش الاحتلال أن المناورات ستتم في المنطقة ولا يوجد أي تخوف أمني خلال تنفيذها. وكان الجيش الإسرائيلي قد قطع ليل الخميس الماضي الطريق الواصل بين قرية الرشيد ومدينة نوى على بعد 10 كم من شريط فض الاشتباك، وهي المرة الأولى التي تقترب فيها قوات الاحتلال بشكل فعلي من مدينة درعا، وفي ريف القنيطرة الجنوبي توغلت وحدات عسكرية تابعة لجيش الاحتلال إلى محيط قريتي الناصرية وغدير البستان.
وقال الناشط في القنيطرة، شادي ابو زيد في اتصال مع «القدس العربي» إن رتل جيش الاحتلال الاسرائيلي ضم معدات هندسية نوع كاتربلر «بلدوزر» وناقلات جند ودبابات ودمر الجيش نقطتين عسكريتين يتبعان جيش النظام السابق هما «سرية ابو درويش» وهي نقطة مراقبة روسية سابقة والنقطة الأخرى هي «سرية الكوبرا» وفجر الجيش الإسرائيلي مستودعا للأسلحة شبه فارع إضافة إلى تحصينات هندسية.
وقالت مصادر محلية من قرية العدنانية لـ «القدس العربي» إن آليات عسكرية ثقيلة تابعة لجيش الاحتلال تتحرك بكثافة خلال اليومين الماضيين داخل الأراضي المحتلة بموازاة قرية العدنانية، وأضافت المصادر أن آليات الجيش الإسرائيلي والفرق الهندسية تعمل بين خطي «برافو» و«ألفا» وتبني نقاط عسكرية في سياق إنشاء ما تطلق عليه إسرائيل بـ «السياج الأمني».
إلى ذلك، شنت طائرات الاحتلال الثلاثاء الماضي عدة غارات جوية على منطقة عسكرية تنتشر داخلها مدافع ثقيلة كان يستخدمها جيش النظام السابق في منطقة خان أرنبة بريف القنيطرة، وقال جيش الاحتلال في بيانٍ له إنه لن يسمح «بأي تهديد عسكري لإسرائيل مصدره جنوب سوريا»، كما استهدفت عدة غارات جوية تحصينات عسكرية سورية في محيط قريتي شمسين وشنشار بريف حمص الجنوبي، على الحدود السورية اللبنانية، فيما قصف سلاح الجو الإسرائيلي ليل الاثنين الماضي مدينة درعا ومحيطها، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 19 آخرين حسب ما أفاد به الدفاع المدني السوري «الخوذ البيضاء».
وحسب مصادر محلية فإن إدارة الأمن العام في القنيطرة تفضل عدم مواجهة الجنود الإسرائيليين وإثارة غضبهم وتطلب من المدنيين عدم اعتراض دورياتهم بعد أن جرت مواجهتها في وقت سابق ما دفع جيش الاحتلال إلى إطلاق النار على المتظاهرين وجرح نحو سبعة مدنيين إصابة بعضهم كانت بليغة.
وعينت الرئاسة السورية الجديدة القيادي المعروف في حركة أحرار الشام الإسلامية، أحمد الدالاتي محافظا للقنيطرة، في محاولة من الرئاسة استيعاب الضغط الإسرائيلي حيث يعتبر دالاتي واحدا من أكثر الأشخاص قربا من الرئيس الشرع، ويتوقع أن يلعب دورا مهما في مفاوضات غير مستبعدة مع الإسرائيليين.
وزارة الخارجية السورية، دانت من جانبها الغارات الإسرائيلية التي تسببت بمقتل ثلاثة مدنيين، وجاء في بيان الخارجية السورية أن هذا العمل «عدواني وجزء من حملة تشنها إسرائيل ضد الشعب السوري والاستقرار في البلاد».
مشيرة إلى أن هجمات الاحتلال المتعمدة تكشف تجاهل إسرائيل التام للقوانين والأعراف الدولية، ولفت البيان إلى أن استمرار إسرائيل في اعتداءاتها لا يشكل انتهاكا للقانون الدولي فحسب، بل يمثل تهديدا مباشرا للأمن الإقليمي والدولي.
ودعا بيان الخارجية، مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة وكافة الهيئات الدولية ذات الصلة للتحرك بسرعة لوضع حد لممارسات إسرائيل غير القانونية وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار عام 1974.
كما دانت وزارة خارجية المملكة العربية السعودية في بيانٍ لها انتهاكات إسرائيل المتكررة، ومحاولاتها لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، واصفة الانتهاكات بأنها مخالفة للاتفاقيات والقوانين الدولية ذات الصلة.
وأكد بيان وزارة الخارجية السعودية على «ضرورة نهوض المجتمع الدولي أمام هذه الاعتداءات، وأهمية اضطلاع الدول الأعضاء في مجلس الأمن بدورهم، والوقوف بشكل جاد وحازم أمام هذه الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة في سوريا ومنع اتساع رقعة الصراع».
ويشكل الواقع الأمني في الجنوب السوري واحدا من أخطر العقد على الإدارة السورية الجديدة، خصوصا مع استمرار القصف الإسرائيلي في عمق محافظات الجنوب الثلاث. ولم يعد القصف متركزا في السويداء ودرعا والقنيطرة، بل يحاول جيش الاحتلال التركيز مؤخرا على أرياف دمشق الجنوبية كما هو الحال في القصف على الكسوة التي تعتبر بوابة دمشق الجنوبية وشكلت ثقلا عسكريا سابقا في جيش النظام باعتبارها مركزا لقيادة الفرقة الأولى دبابات.
هشاشة الوضع في جنوب سوريا يضعف قوة المفاوضات الجارية مع قوات سوريا الديمقراطية وتؤخر التوصل إلى عمل اللجان التي لم تُؤسس وتأجل تشكيلها للجلسة القادمة من المفاوضات بين وفد الرئاسة السورية ومظلوم عبدي مطلع نيسان (أبريل) المقبل.
القدس العربي
————————————-
===================