الباحث في معهد شرق الأوسط بواشنطن سمير التقي: على السوريين التوجه إلى الكونغرس لرفع العقوبات الأمريكية

** الباحث في معهد شرق الأوسط بواشنطن سمير التقي، بحوار مع للأناضول: – العقوبات ليست مرتبطة بإقناع بل بمصالح الولايات المتحدة وبمفاهيم تتعلق بما يناسب مستقبل سوريا
Muhammed
إسطنبول / محمد شيخ يوسف / الأناضول
** الباحث في معهد شرق الأوسط بواشنطن سمير التقي، بحوار مع للأناضول:
– العقوبات ليست مرتبطة بإقناع بل بمصالح الولايات المتحدة وبمفاهيم تتعلق بما يناسب مستقبل سوريا
– ينبغي أن يكون هناك حملة كبيرة، أولا صورة مهمة إيجابية جدا لسوريا من حيث مستقبلها
– لا بد من التفكير بالتوجه إلى الكونغرس مباشرة بكل تناقضاته، للتوصل إلى نوع من التوافقات
– ينبغي أولا أن ننجز نحن مصالحتنا الوطنية بطريقة سلمية، ثم نذهب إلى قضية رفع العقوبات
قال الباحث في معهد شرق الأوسط بواشنطن سمير التقي، إن على السوريين التوجه إلى الكونغرس لرفع العقوبات الأمريكية عن بلادهم، مبينا أن تركيا توظف إمكانيات كبيرة لإعادة وتأهيل الدولة السورية.
جاء ذلك في حوار أجرته الأناضول مع التقي في إسطنبول على هامش مشاركته في ندوة عن سورية، تحدث فيها عن العقوبات الأمريكية المفروضة على دمشق منذ عقود.
ووفقا لمعلومات حصلت عليها الأناضول من وزارتي الخارجية والخزانة الأمريكيتين، فإن العقوبات على سوريا بدأت في ديسمبر 1979، عندما صُنفت سوريا “دولة داعمة للإرهاب”، وأصبحت العقوبات أكثر شمولا مع بداية الثورة السورية في 2011.
ومع سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الثاني الماضي، بسطت فصائل سورية سيطرتها على البلاد، وانتهت بذلك 61 عاما من حكم حزب البعث، و53 عاما من سيطرة عائلة الأسد.
** مسألة العقوبات
التقي وفي حديثه عن العقوبات الأمريكية على سوريا أفاد بأنها “قضية ليست مرتبطة بإقناع، بل بمصالح الولايات المتحدة وبمفاهيم تتعلق بما تراه مناسبا لمستقبل سوريا”.
ويرى الباحث أن تمويل التعافي في سوريا أمر ممكن وأن رفع عقوبات محددة متعلق بالتعافي المبكر، مبينا أن القضية تتطلب جهدا كبيرا، أولا سياسي ودبلوماسي يظهر أين تتموضع سوريا في سياقها الإقليمي والاستراتيجي.
والنقطة الثانية التي يراها التقي هي “أين تتموضع سوريا من ناحية اقتصادية؟ وأي نموذج من الدولة سوف نذهب إليه”، وفق حديثه.
** صعوبات في الكونغرس
الباحث كشف أن الصعوبات المرتبطة بوضع الكونغرس بالقول: “يجب أن ندرك بأن هناك في الكونغرس الأمريكي قوى متنفذة جدا ويحتاج رفع العقوبات لتوافقات بين الأحزاب، بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وحتى ضمن كل حزب على حدة”.
“وفي هذا السياق ينبغي أن يكون هناك حملة كبيرة، أولا صورة مهمة إيجابية جيدة جدا لسوريا من حيث مستقبلها، ويكون هناك اطمئنان”، وفق الباحث.
وأكمل: “هناك قضية متعلقة بتموضع سوريا في الإقليم، في هذه الحالة يمكن القيام بحملة داخل الكونغرس، لأن ما يمكن للرئيس (السوري أحمد الشرع) أن يفعله عبر بعض الإعفاءات لا يكفي لبناء مستقبل للتنمية”.
وشدد في حديثه: “بالتالي لا بد من التفكير بالتوجه إلى الكونغرس مباشرة بكل تناقضاته للتوصل لنوع من التوافقات (..) ينبغي أولا أن ننجز نحن مصالحتنا الوطنية بطريقة سلمية، ثم نذهب إلى رفع العقوبات”.
** المطلوب من سوريا
وبخصوص المطلوب من سوريا في هذا الإطار، قال التقي: “المطلوب هو تأمين كل المكونات، وأن نصل مع الجميع إلى ما هو مشابه لما توصلت إليه (الإدارة السورية) مع قسد” ما يعرف بـ”قوات سوريا الديمقراطية”.
وفي 10 مارس/آذار الجاري وقعت الرئاسة السورية اتفاقا مع “قسد” يقضي باندماج الأخيرة ضمن مؤسسات الجمهورية السورية وتأكيد وحدة أراضها ورفض التقسيم.
وأوضح التقي قائلا: “نشأت تحفظات في الولايات المتحدة بعد الإعلان الدستوري (بسوريا في 13 مارس الجاري)، لأنه لم يكن واضحا بالشكل الكافي فيما يتعلق بطبيعة السلطة والنظام السياسي”.
وشدد على ضرورة أن يُبذل جهد سياسي وإعلامي، واستدرك قائلا: “للأسف حتى الآن لا نشاهد إعلام يعبر عن طبيعة السلطة الراهنة في سوريا، يجب أن نؤكد ونثبت بأننا نسير في اتجاه دولة تعددية”.
وأردف: “دولة ليست مبنية على قمع طرف باتجاه طرف، وليس الموضوع طائفي بقدر ما هو متعلق بتأمين مقدار جدي من الوحدة الوطنية، نستطيع عندها أن نقف حتى في وجه أمريكا ونقول لهم أنتم مخطئون”.
** مواقف إقليمية
وعن المواقف الإقليمية الداعمة وخاصة قطر وتركيا، قال التقي: “هي تؤثر في إعطاء فرصة لسوريا أن تثبت نفسها، ولكنها لا يمكن أن تغير رأي المجتمع الدولي إذا سارت الأمور باتجاه غير مناسب”.
وأكمل: “بالتالي هي تعطي فرصة، عمليا نحن نشتري الوقت، تركيا الآن توظف إمكانات كبيرة في عملية تأهيل الدولة السورية وإعادة بنائها من الصفر عمليا”.
وتابع: “هذا يلعب دورا مهما في أن يعطي فرصة نجاح، ولكن هذه الفرصة تحتاج من السوريين أن يخوضوا تجربة جديدة، ونظام دولة جديدة يؤمن السلم الأهلي العيش المشترك، ومن ثم التنمية الاقتصادية”.
وأبدى التقي تفاؤله بالمرحلة المقبلة بالقول: “ليس من حقي إلا أن أتفاءل بالنتيجة، يعني كل السوريين مستعدين لبذل كل ما هو ممكن من أجل مساعدة الحكومة الراهنة لأن تتقدم في اتجاه بناء الدولة”.
وختم قائلا: “مستوى الخراب القائم في سوريا هائل إلى درجة يجعل المهمة غاية في الصعوبة، وبدون تكاتف كل السوريين لن يمكن بناء دولة جديدة”.
وفي 24 فبراير/ شباط الماضي أقدم الاتحاد الأوروبي على خطوة إيجابية، إذ قررت دول التكتل تعليق بعض العقوبات المفروضة على سوريا التي تستهدف قطاعات مثل البنوك والطاقة والنقل.
كما أُزيلت أسماء بعض البنوك السورية مثل “بنك الصناعة” و”بنك التسليف الشعبي” و”بنك التوفير” و”بنك التعاون الزراعي”، وأيضا “الخطوط الجوية السورية” من قائمة العقوبات، وسُمح بتمويل البنك المركزي السوري.
وتم اعتماد بعض الاستثناءات المتعلقة بحظر العلاقات المصرفية بين البنوك والمؤسسات المالية السورية مع البنوك الأوروبية، والسماح بإجراء بعض المعاملات المتعلقة بقطاعي الطاقة والنقل لأغراض المساعدة الإنسانية وإعادة الإعمار.
وسُمح أيضاً بتصدير بعض السلع الفاخرة للاستخدام الشخصي إلى سوريا، مع الإبقاء على العقوبات المفروضة على المسؤولين في نظام الأسد المخلوع ممن تورطوا في استخدام الأسلحة الكيميائية وتجارة المخدرات غير القانونية وتجارة الأسلحة.
وأكد الاتحاد الأوروبي أنه سيقيّم ما إذا كان من الممكن تعليق المزيد من العقوبات في المستقبل، وأنه سيراقب الوضع في سوريا عن كثب، وأنه إذا حدث تطور سلبي فإنه قد يعود لتطبيق العقوبات.