سوريا: شبكات تحريض تغذي العنف والكراهية وتهدد السلم الأهلي/ محمود حسن

23 مارس 2025
يكشف مسبار عن شبكة حسابات ساهمت في تأجيج خطاب الكراهية بين السوريين
منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، كانت سوريا مسرحًا لموجة واسعة من المعلومات المضللة التي رافقت الأحداث المتسارعة في البلاد. نشطت حسابات مشبوهة على مواقع التواصل الاجتماعي في الترويج المستمر لخطاب الكراهية، وتأجيج الانقسامات، وتعزيز حالة الاستقطاب. وكشفت تحقيقات سابقة لمسبار عن شبكات منظمة شنت حملات تضليل ممنهجة وحرّضت على العنف وتأجيج التوترات في البلاد.
وشهدت سوريا مؤخرًا واحدة من أعنف المواجهات منذ انهيار النظام السابق، إذ اندلع تصعيد دموي في الساحل السوري مع شنّ مجموعات مسلحة هجمات منسقة على قوات الأمن في مناطق متفرقة من اللاذقية وطرطوس، ما أدى في بداية الأحداث إلى مقتل 16 عنصرًا أمنيًا وأربعة مدنيين في مدينة جبلة.
في ردها على هذه الهجمات، شنت قوات الأمن النظامية عمليات عسكرية واسعة ضد متمردين وبقايا قوات الأسد في الساحل السوري، تخللتها انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، إذ شهدت المنطقة ارتكاب مجازر إثر تنفيذ عمليات إعدام ميداني، ووثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 803 أشخاص خارج نطاق القانون بين السادس والعاشر من آذار/مارس الجاري.
📍 ضرب وتصفية محتجزين في الساحل السوري
📍 ركل جثة شاب خلال عمليات الساحل
📍 حرق الممتلكات في قرى الساحل السوري
📍 تعنيف مسن وإهانة رجال في #الساحل
تابع تحقق مسبار من هذه المقاطع: https://t.co/nS5yXLxc9R
— Misbar – مسبار (@misbarfc) March 14, 2025
رافقت الأحداث حملات تضليل نشطة ومتبادلة بين مؤيدي الإدارة السورية الجديدة وحسابات موالية للنظام السابق أو معارضة للإدارة الجديدة، إذ عمل كل طرف على ترويج روايات تدعم موقفه، ما أدى إلى تصاعد خطاب الكراهية ورواج منشورات العنف وتبريره، وزيادة حدة الاستقطاب بشكل ملحوظ قياسًا للتفاعل.
يكشف مسبار في هذا التحقيق عن شبكة حسابات نشطت بشكل مكثف على وسائل التواصل الاجتماعي، وساهمت في إشعال حرب رقمية، وتأجيج خطاب الكراهية والعنف بين السوريين على اختلاف خلفياتهم. وذلك بالتزامن مع الأحداث التي شهدها الساحل السوري.
بث الذعر والفوضى: حملة رقمية تروّج لانقلاب وهمي في الساحل السوري
في مساء السادس من مارس/آذار الجاري، ومع بدء ورود الأنباء عن حدوث تمرد عسكري في الساحل السوري، نشطت الشبكة الأولى من الحسابات والتي كانت معارضة للإدارة السورية الجديدة، إلى جانب حسابات مشبوهة، في نشر سيل من المنشورات المضخمة التي روّجت لحدوث انقلاب عسكري كبير، مدّعيةً سيطرة فصيل يُدعى “درع الساحل” على أجزاء كبيرة من المنطقة، مع طرد الفصائل وقوات الأمن السورية. أعقب ذلك حملة مضادة من حسابات موالية للإدارة الجديدة، تخللتها خطاب طائفي وتحريض واسع النطاق.
حساب “Alawite Citizen” روّج لسيطرة فصائل متمردة على أجزاء واسعة من الساحل السوري
الخيط الأوضح للحرب الرقمية برز بعدما بدأت حسابات بتداول بيان حول إنشاء ما سمي بـ “المجلس العسكري لتحرير سوريا”، وحمل البيان توقيع العميد غياث دلة، الضابط السابق في الفرقة الرابعة التابعة للنظام المخلوع. وأعلن البيان بدء معركة عسكرية لـ”تحرير كامل الأراضي السورية”.
أعقب ذلك تدفق معلومات مبالغ فيها عن دعم دولي مزعوم لهذا المجلس، إلى جانب تداول مقاطع مصورة لفصيل “درع الساحل”، والذي يقوده عسكريّ في جيش النظام المخلوع، يُدعى مقداد فتيحة، زاعمًا السيطرة على مواقع استراتيجية واسعة في الساحل السوري.
أحد الحسابات المضللة التي نشطت مع أحداث الساحل والذي وصلت منشوراته لجمهور واسع من المستخدمين
حسابات روّجت لانهيار الحكم الجديد وحرضت المدنيين على الخروج للشوارع
رصد مسبار نشاطًا مكثفًا لأحد الحسابات البارزة في الشبكة، وهو حساب عمر رحمون، الذي كان من أوائل المروجين للأنباء حول التمرد العسكري في الساحل السوري، إذ ضخّم حقيقة ما يجري، وعزّز الأنباء المتداولة عن وقوع انقلاب عسكري واسع. وصلت منشوراته إلى آلاف المستخدمين، ما ساهم في انتشار هذه الرواية على نطاق واسع.
يُعرف رحمون بأنه رجل دين موالٍ للنظام السوري، وقد مثّله في اتفاق تسليم حلب عام 2016. بدأ مشواره كمعارض للنظام، ثم أصبح متحدثًا باسم “جيش الثوار” التابع للمعارضة، قبل أن يعقد تسوية وينضم إلى النظام.
منشورات لرحمون روّج فيها لمزاعم حدوث انقلاب عسكري كبير في مناطق سورية مختلفة
بفعل شخصيته المثيرة للجدل وتبدّل مواقفه السياسية، حظيت منشوراته بتفاعل واسع، خاصة أنها غالبًا ما تضمنت تهويلًا وتضليلًا بأسلوب الإثارة. يدمج رحمون بين الأخبار المضللة والمنشورات الصحيحة أو المحايدة، ما يجعل صفحته تبدو غير موجّهة ولا منحازة للوهلة الأولى.
في السادس من مارس كثّف رحمون منشوراته التي لقيت انتشارًا واسعًا، وسعى إلى ترسيخ انطباع زائف لدى الجمهور بأن أجزاء واسعة من البلاد باتت خارج سيطرة القوات التابعة للإدارة الجديدة.
لم يقتصر الأمر على الترويج لمزاعم أن الساحل السوري بالكامل أصبح خارج سيطرة القوات الحكومية، بل زعم أيضًا أن حركات تمرد واسعة النطاق نشطت في مناطق سورية أخرى كمدينة حماة، مؤكدًا أن الأوضاع أصبحت خارجة عن السيطرة. إلى جانب ذلك، نشر محتوى تحريضيًا ودعوات للجهاد ودعا المدنيين للخروج للشوارع والاستعداد لواقع جديد.
منشورات رصدها مسبار لعمر رحمون في يوم السادس من آذار احتوّت منشورات مضللة وتحريضية
يُذكر أن حساب عمر رحمون كان من أوائل الحسابات التي روّجت، في يناير/كانون الثاني، لشائعات حول عودة ماهر الأسد، شقيق الرئيس المخلوع بشار الأسد، إلى سوريا وقيادته لتمرد عسكري. وقد أدت هذه المزاعم آنذاك إلى اندلاع سلسلة من أعمال العنف في الساحل السوري.
تصعيد رقمي ممنهج: حسابات مشبوهة غذت الكراهية والانقسام بين السوريين
إلى جانب حساب رحمون عملت مجموعة من الحسابات المشبوهة إلى الترويج للمزاعم نفسها مع ضخ كبير لمنشورات الكراهية، وتحريض السكان المدنيين في الساحل على “الجهاد” و”النفير العام”، والخروج من المنازل.
من الحسابات الرئيسية برز حساب “Alawite Citizen” وهو حساب نشط جدًا ضمن شبكة حسابات أُنشئت مع سقوط النظام السوري، وروجت مسبقًا بشكل منتظم لمعلومات مضللة وخطاب كراهية، ومع أحداث الساحل كثف الحساب نشاطه في الترويج لمقاطع فيديو ومنشورات ذات طابع طائفي.
روّج الحساب لمنشورات توحي بأن التمرد في الساحل هو حرب طائفية
يُذكر أن مسبار رصد أن الحساب اتخذ موقفًا تحريضيًا ودعا للانقسام كموقف مبدئي برز مع سقوط النظام المخلوع وذلك بمعزل عن تطور الأحداث الأخيرة في الساحل، ففي غضون أسبوع واحد من سقوط النظام في ديسمبر 2024، ثبت الحساب منشورًا يدعو إلى إنشاء إقليم علوي مستقل.
منشور ثبته حساب “Alawite Citizen” بعد أيام من سقوط النظام في سوريا
سعى الحساب إلى جانب حسابات أخرى إلى تصوير الوضع في الساحل وكأنه ثورة من قبل العلويين، وبذلك روّج الحساب لمزاعم أن العلويين كجماعة شركاء ضمن حالة التمرد التي حدثت في الساحل.
سعى الحساب إلى الترويج أن الساحل انتفض في ثورة ضد الإدارة السورية الجديدة
عملت مجموعة واسعة من الحسابات المؤيدة سابقًا لنظام الأسد للترويج لادعاءات مماثلة، وكان أبرزها صفحات وأبرزها “درعا نت” و”Dr. Zied Moustapha” و”D. Hala Al-Assadsy” و”Syrian Activists” و”Syrian Girl” و”Alawite Muslim Defence League”، إذ اتسمت جميع هذه الحسابات بترابط واضح من ناحية المتابعة وتشابه المحتوى والأسلوب.
حسابات كانت مؤيدة سابقًا لنظام المخلوع بشار الأسد وحرضت خلال أحداث الساحل
مع تصاعد أعمال العنف، سعت هذه الحسابات إلى ترسيخ انطباع بأن النظام المخلوع كان الضامن الأساسي للاستقرار الأمني في سوريا وحاميًا للأقليات، وأن سقوطه كان السبب وراء اندلاع موجات العنف الحالية.
غير أن هذا النوع من الخطاب قد يكون مضللًا وخطيرًا، خاصة في الفترات الحرجة، لا سيما عندما يصدر عن صفحات تزعم تمثيل طائفة معينة، كبعض الحسابات ضمن الشبكة التي رصدها مسبار، والتي تُدرج كلمة العلويين في اسم صفحاتها. فذلك قد يسهم في نشر روايات مشوّهة أو مجتزأة عنها، كما قد يؤدي إلى تعميم مواقف سياسية لا تعكس بالضرورة توجهات جميع أفرادها.
سعت بعض الحسابات المتورطة في التضليل إلى تصوير الرئيس المخلوع كضامن للأمان
حسابات مؤيدة للإدارة الجديدة تورطت بتضليل مضاد وفاقمت حالة الذعر
تسارعت الأحداث في الساحل بصورة كبيرة ومفاجئة ووردت أنباء موثقة عن انتهاكات واسعة في الساحل ضد المدنيين وثق مسبار بعضها في تقرير سابق.
كان حجم الضخ المعلوماتي المضلل أكبر من أن تتمكن القنوات والمنصات المعنية بالتحقق من مجاراته أو تصحيح الروايات المنتشرة. وزاد من فوضى المعلومات ضعف القنوات الرسمية التابعة للحكومة السورية وغيابها أحيانًا، ما أتاح المجال لظهور شبكة من الحسابات غير الرسمية ادّعت في هدف معلن الدفاع عن الإدارة السورية الجديدة، لكنها تورطت في نشر وإعادة تداول خطاب الكراهية، مستهدفة منطقة الساحل، لا سيما أبناء الطائفة العلوية.
في المقابل، قادت حسابات أخرى حملات تحريضية، شملت دعوات للقتال والجهاد، وصوّرت الشارع السوري بما يوحي بأنه انتفض لقتال العلويين كجماعة، وبدأ بعمليات هجوم ضد ما قيل بأنها أحياء ومناطق تابعة لهم.
حسابات بثت حالة واسعة من الذعر وصورت الشارع السوري وكأنه انتفض للقتال ضد العلويين
حسابات مؤيدة للإدارة الجديدة عملت على الترويج لمنشورات طائفية
استندت المنشورات التي تداولتها الشبكة المضادة غالبًا إلى معلومات مجتزأة أو مشوهة، وصوّرت بشكل تعميمي وبدون أدلة أن سكان الساحل، بحكم خلفيتهم الطائفية، فهم مؤيدون للنظام المخلوع.
كما تلقفت الصفحات المؤيدة للإدارة الجديدة مقاطع فيديو ظهر فيها مواطنون سوريون يرددون شعارات طائفية، وعبارات تعميمية ويدلون بمعلومات حول ما يجري في الساحل لا يمكن التأكد من صحتها، ونشرتها على نطاق واسع.
عكست الشبكة المضادة انطباعًا بأن الشارع السوري انتفض ضد العلويين
صوّرت الشبكة المضادة أحياء بأكملها بأنها طائفية وروّجت لمقاطع فيديو تشجع أعمال العنف ضدها
مؤثرون وصحفيون سوريون تساهلوا في نقل المعلومات الحساسة
كون المصادر الحكومية الرسمية ما زالت ضعيفة من ناحية الوصول إلى الجمهور وغير منظمة، برزت القنوات الإعلامية البديلة والصحفيون المؤثرون كمصادر رئيسية للمعلومات.
مع تصاعد حدة العنف، أجرى بعض المؤثرين والصحفيين المستقلين، ممن تصل منشوراتهم إلى آلاف الأشخاص، مقابلات ميدانية وبثّوا أخبارًا حساسة قد لا يصح نشرها دون مراجعتها، خاصةً أنها تضمنت معلومات يصعب التحقق من صحتها، وقد تكون خطيرة على السلم الأهلي.
في الفترات الحرجة، قد يؤدي نشر المحتوى الحساس دون مراجعة إلى ترسيخ الصور النمطية وتعزيز التعميمات السلبية ضد فئات معينة من المجتمع. على سبيل المثال، بثّ صحفيون مؤثرون مقابلات مع أشخاص في الشوارع أبدوا بحماسة استعدادهم للقتال في الساحل، بينما روج بعض المؤثرين لحالة من النفير العام، ما قد يثير الذعر ويضخم الأحداث دون أن يعكس الواقع بدقة.
منشورات زعمت حدوث نفير عام باتجاه مناطق الساحل لمساندة قوات الأمن ووصلت لآلاف الأشخاص
ما يزيد من خطر هذا النوع من المحتوى، افتقار البلاد إلى صحافة بناءة استطاعت تقديم رؤية متوازنة وسريعة وسط الفوضى الإعلامية خلال الأحداث، وهو ما تشير الدراسات إلى أهميته في الأزمات، إذ يسهم وجود إعلام مهني مسؤول في الحد من تداعيات النزاعات وتقليل الفتن.
تلعب الصحافة البناءة دورًا حيويًا إلى جانب القنوات غير الرسمية، من خلال الالتزام بالمعايير المهنية، والامتناع عن الترويج للأخبار غير المؤكدة، التي قد تؤدي إلى تعزيز الانقسامات، بدلًا من تقديم روايات دقيقة تخدم المصلحة العامة.
ويشير دليل اليونسكو للصحفيين في المناطق المعرضة للخطر، إلى أن الصحافة البناءة تساهم في تقليل انتشار المعلومات المضللة وتعزيز الحوار المجتمعي، ما يجعلها ركيزة أساسية في الحفاظ على السلم الأهلي وسط الأوضاع المتوترة.
حسابات حاولت خلق انطباع بأن أبناء الساحل غدروا بمن منحهم الأمان
مع سقوط النظام السوري، ساد انطباع أولي بأن هيئة تحرير الشام سعت إلى تقليل الخسائر البشرية خلال عملياتها العسكرية، إذ حاولت فرض سيطرتها بأقل قدر من العنف، فيما أصدرت هيئاتها السياسية بيانات أكدت فيها التزامها بحماية المدنيين بغض النظر عن خلفياتهم وعدم المساس بحقوقهم.
مع تصاعد التوتر في الساحل، برزت حملة تضليل قادتها حسابات مؤيدة للإدارة الجديدة، روجت لمزاعم غير موثقة تفيد بأن أبناء الساحل كجماعة انقلبوا ضد السلطات الجديدة، مستندةً إلى حوادث الكمائن التي نُفّذت ضد قوات الأمن العام.
أسهمت هذه السردية في تأجيج خطاب الكراهية، وتعزيز الانقسام بين المكونات السورية، وخلق بيئة قد تُستخدم لتبرير العنف ضد المدنيين، ما قد يساهم في تغذية النزاع على أسس مضللة.
مجموعة من الحسابات روّجت لسرديات بدون أدلة أن العلويين كجماعة غدروا بمن منحهم الأمان
مجموعة من الحسابات صورت الطوائف الأخرى في سوريا بأنها متحالفة في نزاع ضد الطائفة السنية
حسابات إيرانية تحولت لمنصات لنشر خطاب التطرف والكراهية
رصد مسبار تورط حسابات إيرانية في نشر التضليل بشأن أحداث الساحل السوري، إذ تداولت هذه الحسابات محتوى تحريضيًّا بلغات متعددة، بما في ذلك العربية والفارسية والإنجليزية. وأطلقت وسم “#مقاومت_سوريه” مع بداية الأحداث مدعيةً إنشاء قوة مقاومة في سوريا على غرار حزب الله اللبناني.
علاوة على ذلك، روجت هذه الحسابات لمزاعم خطيرة، مثل إعلان فصائل تابعة للحكومة السورية عن مكافآت مالية مقابل ارتكاب مجازر ضد العلويين والأكراد، كما ادعت أن التمرد المسلح في الساحل سينجح كونه يتلقى دعمًا ماديًا ولوجستيًا من إيران.
حساب بالفارسية روّج لمزاعم أن الإدارة السورية الجديدة عرضت مبالغ مقابل قتل الأشخاص على أساس طائفي وعرقي
حساب روّج بالفارسية عن مزاعم دعم إيران لانقلاب عسكري كبير في الساحل
حساب روّج بالفارسية عن مزاعم حدوث انقلاب عسكري كبير في الساحل
الحسابات الإسرائيلية حاضرة في مشهد التضليل حول أحداث الساحل
في يومي السادس والسابع من مارس الجاري، لم يهدأ حساب “نصيري إسرائيلي” عن بث المعلومات المضللة والكاذبة حول الأوضاع في الساحل، واعتمد الحساب على استراتيجية تقوم على دمج المعلومات الحقيقية مع الادعاءات غير الموثوقة، لكسب رواج أوسع.
على سبيل المثال، كان الحساب ينشر بمعدل منشور كل دقيقتين، فيورد خبرًا عن انتهاك حقيقي ضد المدنيين في الساحل، ويعقبه بادعاء غير موثوق أو مبالغ فيه، ما يسهم في تضليل المتابعين.
علاوة على ذلك رصد مسبار أن الحسابات الإسرائيلية، التي غذّت أحداث العنف في الساحل كانت منذُ إنشائها في فترة سقوط النظام، تروج لمنشورات طائفية وتدعم فكرة الانفصال عن سوريا، وتعمل على تعزيز سرديات تتماشى مع الرواية الإسرائيلية، كالترويج بأن إسرائيل ستدعم إقليم مستقل في سوريا.
ففي العودة إلى تاريخ حساب “نصيري إسرائيلي” والحسابات التي تعمل على نمطه كحساب “Alawite citizen” ، لاحظ مسبار في أن الحسابات تنشر منشورات مؤيدة لإسرائيل، فأول منشورين على سبيل المثال شاركهما حساب “نصيري إسرائيلي” عند إنشائه في يوليو/تموز 2024 أي قبل سقوط النظام المخلوع، كانا من حساب “إسرائيل بالعربية” وحساب الصحفي الإسرائيلي إيدي كوهين الذي كثف نشاطه التحريضي بالتزامن مع أحداث الساحل وعُرف بمشاركته للمنشورات الطائفية وإثارة الجدل وتضليل الرأي العام.
الحسابات التي تورطت بالتضليل حول الساحل كانت مرتبطة بحسابات إسرائيلية
حساب “Alawite citizen” المروج للتضليل حول أحداث الساحل في منشورات مؤيدة لإسرائيل
التضليل والاستقطاب: حلقة مفرغة من العداء والتوتر
إلى جانب الخسائر البشرية، ساهم انتشار المعلومات المغلوطة حول أحداث الساحل السوري في تصاعد الاستقطاب الحاد، إذ تبنت مجموعات متشددة مواقف متناقضة، ما قلل من فرص الحوار والتفاهم.
ويلعب التضليل الإعلامي دورًا أساسيًا في تعزيز الاستقطاب والانقسامات، إذ تُستخدم الأخبار الكاذبة والمعلومات المشوهة لتشويه صورة الطرف الآخر.
في بيئة مستقطبة، يصبح الأفراد أقل ميلًا للتحقق من صحة المعلومات، ما يجعلهم أكثر عرضة للتلاعب. هذا الواقع يخلق مناخًا ملائمًا لتصاعد التوترات، وقد يكون عاملًا مساهمًا في تغذية العنف، على غرار ما شهدناه في الأحداث الأخيرة التي وقعت في الساحل السوري.
#ثريد |
🌍 التضليل في عصر الرقمنة يؤجج الانقسامات و يُشعل فتيل الاستقطاب السياسي خاصّة في وقت الأزمات..
⚠️ كيف يمكننا مواجهة هذا التحدي وتعزيز التماسك الاجتماعي في الأوقات الصعبة؟ pic.twitter.com/V58uodcmfF
— Misbar – مسبار (@misbarfc) September 30, 2024
اقرأ/ي أيضًا
شبكة حسابات مشبوهة تعزز خطاب الكراهية والانقسامات بعد سقوط النظام في سوريا