لماذا اشترت غوغل تطبيق “ويز” الإسرائيلي بـ33 مليار دولار؟/ آدم يوسف

24 مارس 2025
في صفقة غريبة، تُعد واحدة من الأغلى في العالم، اشترت شركة غوغل العالمية، يوم 18 مارس/آذار الجاري، تطبيق شركة “ويز سوليوشن” Wiz الإسرائيلية للأمن السيبراني، المتخصص في التجسس، وهي شركة تضم قرابة 500 من ضباط الاستخبارات الإسرائيلية.
دفعت غوغل، في أكبر عملية استحواذ في تاريخها، 32 مليار دولار أميركي في “صفقة نقدية بالكامل” للشركة الإسرائيلية، كما دفعت ملياراً آخر على شكل مكافآت للاحتفاظ بالموظفين الإسرائيليين لضمان استمرارهم في الشركة بعد الاستحواذ، وعددهم 1700 موظف، سيحصل كل منهم على أكثر من 588 ألف دولار، ليصل السعر الإجمالي للصفقة إلى 33 مليار دولار.
واشترطت الشركة الإسرائيلية استمرار عمل أفرادها من إسرائيل، ما يعني انضمام الوحدة 8200 التجسسية الإسرائيلية إلى الشركة الأميركية، إذ إن جميع مؤسسي Wiz هم أعضاء سابقون في وحدة 8200، وكذلك العشرات من الموظفين. ويشير موقع “تك كرانش” في 18 مارس الجاري، إلى أن هذه الصفقة تُعد مكسبًا هائلًا لمستثمري “ويز”، ومن بينهم شركات مثل سيكويا، وسايبر ستارتس، وإندكس فينتشرز، وسيلزفورس، وثرايف كابيتال، وغرين أوكس، وحوالي عشرين شركة أخرى.
وطرح شراء غوغل لشركة “ويز”، بموظفيها من الوحدة الاستخبارية الإسرائيلية، تساؤلات حول: كيف ستبدو الخصوصية والأمن السيبراني بعد هذه الخطوة؟ حيث يمكن للإسرائيليين التجسس، بعدما أصبحوا أعضاء في فريق غوغل في الشركة، على الدول العربية كلها ونقل المعلومات لإسرائيل، وفق خبراء تقنية. ويعمل تطبيق “ويز” الإسرائيلي الذي اشترته غوغل على مسح بيئة العميل بسرعة، مُنشئًا رسمًا بيانيًا شاملًا للبرمجيات وموارد السحابة والخدمات والتطبيقات، بالإضافة إلى الروابط بينها، بحجة حماية الشركات الناشئة والمؤسسات والحكومات ومؤسسات القطاع العام من الهجمات المحتملة، وفق بيان “غوغل”.
وذكر موقع “تك كرانش” في 18 مارس الجاري، نقلاً عن مصادره الخاصة، أن إيرادات “ويز” السنوية المتكررة تبلغ 700 مليون دولار أميركي حاليًا، لكن شركة “ويز” أعلنت أن إيراداتها السنوية تبلغ 750 مليون دولار. وقدّرت منصة Wedbush أن غوغل قادرة على رفع إيرادات الشركة الإسرائيلية إلى أكثر من مليار دولار خلال السنوات القادمة، “نظرًا لقاعدة عملائها الضخمة واستراتيجيتها التسويقية العالمية”.
وأوضح الموقع أن هذا الاتفاق يُشبه الاتفاق بين شركتي لينكدإن ومايكروسوفت، من حيث الاستقلالية داخل المؤسسة الأكبر، إذ ظلت لينكدإن تستخدم العديد من خدمات مايكروسوفت، وقد زادت هذه الخدمات بمرور الوقت.
وتقول تقارير اقتصادية أميركية إن هذه الصفقة التي لا تزال بحاجة إلى الموافقات التنظيمية، التي يُتوقع استكمالها عام 2026، إذ إنها أكبر عملية استحواذ لشركة غوغل، حيث كانت آخر صفقة تتعلق بشراء غوغل لـ”موتورولا موبيليتي” مقابل 12.5 مليار دولار فقط في عام 2011، وقد تجددت المحادثات هذا الأسبوع بسعر 30 مليار دولار، وهو أيضًا أقل من سعر صفقة الشركة الإسرائيلية.
وجاءت الصفقة في الوقت الذي يحاول فيه مسؤولون في وزارة العدل الأميركية إجبار شركة غوغل على بيع متصفحها كروم لتفكيك احتكارها لسوق البحث. وسبق أن عرضت غوغل شراء “ويز” مقابل 23 مليار دولار، لكن المحادثات انهارت بسبب مخاوف بشأن قضايا مكافحة الاحتكار، واستقلالية “ويز” في التطوير عبر سحابة غوغل الإلكترونية، وربما حتى السعر، وكانت تقارير اقتصادية تقدر قيمة “ويز” حينئذ بـ12 مليار دولار فقط.
وكانت الشائعات تشير إلى أن شركة “ويز”، التي شارك مؤسسوها في السابق في تأسيس شركة ناشئة متخصصة في الأمن وبيعها لشركة مايكروسوفت، والتي أصبحت بمثابة ركيزة لأعمال أمن السحابة الخاصة بالشركة، كانت في طور جمع التمويل بتقييم أعلى. ونقلت صحيفة “الغارديان” البريطانية في 18 مارس الجاري عن دان إيفز، المحلل في شركة الوساطة وإدارة الاستثمار الأميركية، أن “شركة ويز الإسرائيلية أصبحت اسمًا مألوفًا لمسؤولي المعلومات الرئيسيين، لذا سعت غوغل لشرائها، حيث تمتلك شركة الأمن السيبراني الإسرائيلية منصة قوية للأمن السيبراني السحابي وقاعدة عملاء، وتتطلع إلى فرصة سوقية بقيمة تريليون دولار”.
وأكد أنه “بالنسبة لغوغل، سيكون هذا بمثابة طلقة تحذيرية لشركات التكنولوجيا الكبرى الأخرى، وخاصة مايكروسوفت وأمازون، التي تراهن بشكل كبير على مجال الأمن السيبراني لتكملة عروضها السحابية”. وقبل ثلاث سنوات، دفعت شركة “ألفابت غوغل” 5.4 مليارات دولار للاستحواذ على شركة الأمن السيبراني “مانديانت”، لتعزيز منصتها السحابية غوغل، وشملت الصفقات الأخرى شراء “يوتيوب” مقابل 1.65 مليار دولار عام 2006، وشراء شركة الذكاء الاصطناعي البريطانية الناشئة “ديب مايند” مقابل حوالي 400 مليون جنيه إسترليني عام 2014.
وتسعى ألفابت غوغل جاهدة لتنويع أعمالها بعيدًا عن اعتمادها على الإعلانات المرتبطة بالبحث، وتأمل الشركة بأن تساعدها “ويز” في زيادة حصتها السوقية العالمية في سوق الحوسبة السحابية من 12%، وهي ثالث أكبر حصة لها بعد مايكروسوفت أزور (21%)، وأمازون ويب سيرفيسز (التي تستحوذ فيها على ما يقارب الثلث).
العربي الجديد