خارطة طريق لبرنامج العدالة الانتقالية والمصالحة: نحو عودة اللاجئين وبناء السلم الأهلي في سورية/ طلال المصطفى و محمد السكري

24 آذار/مارس ,2025
مثّل سقوط نظام الأسد في 8 كانون الثاني/ ديسمبر 2024، على يد إدارة العمليات العسكرية السورية، نقطة تحوّل في تاريخ سورية المعاصر من أجل بناء دولة مواطنة بعد استبداد دام لعقود طويلة، غير أن تحقيق السلام والاستقرار المستدامين يتطلب جهودًا متكاملة لمعالجة التداعيات وإعادة ترميم النسيج الاجتماعي السوري، الذي يعتبر من تركة نظام الأسد. فعلى الرغم من المخاوف التي سبقت سقوط نظام الأسد، حول احتمال اندلاع مواجهات طائفية أو ارتكاب أعمال انتقامية واسعة النطاق، فإن حدوث شيء من هذا القبيل وارد، كما حصل في المواجهات العسكرية مع الفلول العسكرية للنظام الأسدي في الساحل السوري بشكل محدود. حيث ظلت تلك المواجهات محصورة في جبهات الميليشيات العسكرية المتصارعة مع محاولة تجاوز أي تداعيات طائفية من قبل الحكومة السورية على مستوى الخطاب والسياسات في مناطق الساحل السوري.
يُعدّ هذا النهج مؤشرًا يمكن البناء عليه في تهيئة الظروف الملائمة لبناء الثقة ما بين السوريين بعد سقوط نظام الأسد؛ شريطة الحد من التدخلات الإقليمية أو التجاوزات الفردية، وإخراج جميع الميليشيات الأجنبية، وإنشاء منظومة قضائية وأمنية حديثة قادرة على تحقيق العدالة الانتقالية، ومحاسبة مرتكبي الجرائم، وإنصاف الضحايا. ويتطلب ذلك، بناء نهج تكاملي إحدى قوامه تحقيق المصالحة الوطنية عبر إجراءات شفافة تضمن المساءلة والمصارحة المجتمعية والاعتراف والاعتذار، مستفيدةً من تجارب الدول التي مرّت بظروف مشابهة، بهدف توفير بيئة آمنة ومستقرة لجميع السوريين.
أما في ما يتعلق بملف اللاجئين والنازحين، فإن عودة ملايين السوريين إلى ديارهم تتطلب ضمانات حقيقية للأمن والمصالحة. فيمكن تسهيل عودتهم مما يسهم في إعادة بناء مجتمعاتهم وتعزيز التماسك الاجتماعي عبر تهيئة بيئة مناسبة وآمنة تتسم بالاستقرار، مما يساعد على الاستفادة بالحد المقبول من رأس مال اجتماعي وطني وسوري كبير أو ما يسمّى “هجرة العقول” شريطة تحقيق التدرج في ملفات التعافي ضمن سياق إعادة الاعمار المجتمعي السوري.
تحميل الموضوع
مركز حرمون