سقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعشهادات

طبيب ناجٍ من “صيدنايا” فُرض عليه علاج زملائه…بأدوات بدائية

الخميس 2025/03/27

في شهادة مروعة ضمن بودكاست “دفين” الذي يبثه “تلفزيون سوريا” روى الطبيب السوري محمد حمزة، الناجي من “سجن صيدنايا العسكري”، تفاصيل صادمة عن ثماني سنوات قضاها في سجون النظام، شهد خلالها مجازر جماعية وتعذيباً ممنهجاً يصل إلى حد الإبادة.

واعتُقل حمزة، وهو طبيب تخدير خريج “جامعة دمشق” العام 2004، في العام 2012 من داخل مستشفى الجامعة، بعد استدعائه من قبل المخابرات العسكرية، ليبدأ رحلته في جحيم السجون السورية من “فرع فلسطين” حيث خضع لتعذيب شديد، قبل أن يرحل إلى “سجن صيدنايا العسكري” المعروف باسم “المسلخ البشري”.

وروى حمزة تفاصيل الحياة داخل السجن، حيث كان التعذيب جزءاً من الحياة اليومية: ضرب متواصل وتعليق “شبح”، وصعق كهربائي وإهانات طائفية ودينية، وتجريد المعتقلين من مقومات الحياة، وأكد أن السجناء منعوا من الماء لعدة أيام، وأجبروا على شرب بولهم، واصفاً ظروف الاحتجاز بأنها كانت غير إنسانية تماماً حيث أصيب كثير من السجناء بالأمراض الجلدية أو فقدوا حاسة السمع مع اضطرابات عصبية وجوع دائم. وأكد أن إدارة السجن كانت تدرب السجانين على التعذيب، ما يعكس الطابع الممنهج لهذه السياسات.

وتحدث الطبيب الناجي كيف أجبر السجناء على الزحف بدل المشي، واستخدام عبارات إذلال عند الحديث، مثل قول “سيدي” بعد كل جملة، كما كان الطعام يقدم ملوثاً، وأحياناً من دون ملاعق أو صحون، بل يؤكل عن الأرض، وروى كيف جرد السجناء من الأسماء واستبدلت بالأرقام، بهدف طمس الهوية وتكريس الإذلال.

ورغم كونه معتقلاً، فُرضت على الطبيب حمزة مهمة معالجة السجناء المرضى والمصابين، وأُجبر على القيام بعمليات أولية من دون أدوات طبية مناسبة، مثل شق البطن أو وقف النزيف أو فتح مجرى تنفسي، باستخدام أدوات بدائية ومن دون تخدير، وكان يخلع الأسنان ويجري عمليات إسعافية داخل المهجع.

وتعامل حمزة مع آلاف المرضى خلال سنوات اعتقاله، وتوفي كثيرون منهم بين يديه، وروى كيف في إحدى الحالات، توفي سجين نتيجة نزيف حاد، فعوقب هو بالضرب والإذلال، وقال أن السجانين كانوا يحملونه مسؤولية الوفاة رغم افتقاره لأي أدوات أو مساعدة. ووصف كيف كان يشعر أحياناً بالذنب لإنقاذ حياة سجين، لأنه يعلم أن هذا المعتقل سيعود مجدداً إلى التعذيب، كما عانى من صراع نفسي دائم بين ضميره المهني كطبيب ورغبته في النجاة.

طبيب عالج آلاف السجناء يروي أهوال صيدنايا – محمد حمزة | بودكاست دفين

وأحد أكثر مشاهد الرعب التي عاشها  حمزة كانت مجزرة وقعت العام 2014، عندما تم تصفية نحو 360 معتقلاً خلال ساعات، عبر التعذيب أو الإعدام المباشر، وروى كيف أجبر السجناء على فرش أرضية المهاجع بجثث الضحايا التي تركت أياماً.

وأشار حمزة إلى أن التعذيب كان مترافقاً مع شتائم دينية وطائفية، وحرمان  من ممارسة طقوس العبادة والدين، واستذكر حالة طفل من إدلب توفي تحت التعذيب لأنه كان يقرأ القرآن، كما روى كيف كان يسمع أصوات تعذيب نساء وأطفال في أجنحة مجاورة، وهو ما كشفته مقاطع الفيديو التي انتشرت بعد فتح أبواب السجن، وخروج نساء وأطفال من بعض الزنزانات.

وذكر الطبيب أنه رأى عناصر من الشرطة العسكرية يصورون عمليات التعذيب والإعدام داخل السجن باستخدام كاميرات فيديو، لكنه لم يعرف ما إذا كانت تستخدم لأهداف أمنية أم للمتعة والتوثيق الشخصي، وهذه الرواية تتقاطع مع  تقارير سابقة أفادت بأن بعض آمري السجن، قاموا ببيع بعض مقاطع التعذيب داخل السجن في “دارك ويب”، ولم يتم التأكد من تلك المعلومات بعد.

وأُطلق سراح حمزة بعد 8 سنوات من دون محاكمة عادلة، عبر “عفو” صادر عن المحكمة الميدانية العسكرية العام 2020، وتحدث الطبيب أنه حتى لحظة الإفراج، ظل يعتقد أن نهايته ستكون الإعدام، وعندما تم استدعاؤه فجأة ونُقل إلى خارج السجن في شاحنة مغلقة، ظن أن الرحلة الأخيرة نحو الموت قد بدأت، ولم يصدق نجاته إلا بعد اجتيازه بوابة السجن.

وتتقاطع شهادة حمزة مع ما وثقته منظمة العفو الدولية “أمنستي” في تقريرها العام 2017 بعنوان: “المسلخ البشري: إعدامات جماعية وإبادة في سجن صيدنايا”، والذي خلص إلى أن ما يجري داخل السجن يرقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية، كما تتطابق روايته مع صور “قيصر” التي سربت آلاف الجثث لضحايا التعذيب في السجون السورية.

المدن

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى