التدخل الاسرائيلي السافر في سورية الجديدةسقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعسياسة

عن التدخل الاسرائيلي السافر في سورية الجديدة، ملف تناول “شهية إسرائيلية لتفتيت سوريا” – تحديث 29 أذار 2025

لمتابعة مكونات الملف اتبع الرابط التالي

التدخل الاسرائيلي السافر في سورية الجديدة

———————————

سورية ولبنان والتطبيع مع إسرائيل/ بشير البكر

29 مارس 2025

ترى الولايات المتحدة أن هناك فرصة لتطبيع علاقات إسرائيل مع كلّ من سورية ولبنان، في إطار عملية أوسع نطاقاً لإحلال السلم في الشرق الأوسط. وقد رسم مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب ستيف ويتكوف، في مقابلة صحافية، ملامح رؤية الإدارة الأميركية إلى مستقبل المنطقة، موضحاً أن التطبيع بين الأطراف الثلاثة يمكن له أن يستند إلى مسألتَين، الأولى أن سورية خرجت من دائرة النفوذ الإيراني، والثانية أن إسرائيل تتحرّك داخل لبنان وسورية، و”تسيطر عليهما ميدانياً”، على حدّ تعبيره، واعتبر أن ذلك يفتح الباب أمام تطبيع شامل، في حال تمّ القضاء على الجماعات المسلّحة. والجدير بالاهتمام هنا أنه ليس هناك ما ينفي أن تكون هذه التصريحات توجّهاً أميركياً يربط الانفتاح على السلطات السورية بالتطبيع مع إسرائيل. وحسب تسريبات من واشنطن، هناك جولة مراجعة للشروط الأميركية في دمشق في منتصف الشهر المقبل (إبريل/ نيسان 2025)، تقودها شخصية على مستوى رفيع من وزارة الخارجية الأميركية، وتشمل بحث ما تقدّمت به الإدارتان، السابقة والحالية.

وبصدد حديث ويتكوف عن القضاء على الجماعات المسلّحة، هناك فارق في الموقف من حزب الله والفصائل السورية. ويبدو أن التصعيد على نطاق واسع مستبعد في سورية خلال المدى المنظور، لأن الإدارة الأميركية اتخذت عدة خطوات، وتُجري حواراً لبناء علاقات مشروطة مع الفصائل التي أسقطت النظام السابق، بينما تستغلّ إسرائيل ضعف سورية العسكري، وحالة الفوضى السياسية الراهنة، لفرض أمر واقع في الأرض، توظّفه في أيّ مباحثات مقبلة ليكتسب طابع الديمومة، على غرار ما سار عليه الجولان منذ احتلاله عام 1967. وحسب ما هو متوافر من مؤشّرات حتى الآن، لا يبدو أن إسرائيل تنوي شنّ حرب واسعة على سورية في هذه المرحلة، لأن تعميق الفوضى من شأنه أن يقوي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ويفتح الباب لعودة إيران، ويعزّز نفوذ تركيا. لكن تلّ أبيب لن تتخلّى عن مشاريع التقسيم، وتطمح إلى تحويل سورية دولةً مجزّأةً وضعيفة. واللافت هو عدم صدور موقف أميركي رسمي صريح تجاه الاعتداءات والتوغّلات الإسرائيلية، وتجميد العمل باتفاقية فصل القوات التي هندسها هنري كيسنجر عام 1974، وفي ذلك كلّه زعزعة للاستقرار، وهزّ صورة السلطة الجديدة، بينما دعمت واشنطن الاتفاق بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وتعمل مع الأطراف كافّة للحيلولة دون عودة النفوذ الإيراني إلى سورية.

لا يبدو أن إدارة ترامب على عجلة من أمرها لوضع سياسة واضحة متكاملة الأركان تجاه سورية، خاصّة في ما يتعلّق برفع العقوبات، وتكتفي بتصريحات ذات صبغة عمومية، ومواقف غير حاسمة تجاه الإعلان الدستوري، الذي وصفته وزارة الخارجية بأنه يمركز السلطة بيد شخص واحد، ورغم التباينات الواضحة بين مصادر القرار الأميركية تجاه حكّام سورية الحاليين، فإن الغالب هو انتظار حصول خطوات فعلية نحو بناء مؤسّسات الدولة، ومشاركة شخصيات في صنع القرار من خارج الفصائل، التي تحاول الإمساك بمفاصل السلطة، وهناك معلومات مؤكّدة بأن واشنطن أوصلت رسائلَ صريحةً بهذا الصدد من طريق بعض الدول العربية التي تضغط باتجاه رفع العقوبات، وهي تنتظر أن ترى ترجمةً لذلك في تشكيلة الحكومة المقبلة.

لا يقف التوجّه الأميركي عند التطبيع بين إسرائيل وكلٍّ من سورية ولبنان، بل يتعداه إلى السعودية، ليكون جزءاً من عملية أوسع نطاقاً لإحلال السلام في المنطقة، لكن السياسة الإسرائيلية تحول دون السير في هذا الطريق، من خلال استمرار حرب الإبادة والتهجير ضدّ الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة والضفة الغربية، ومواصلة الاعتداءات والتوسّع في لبنان وسورية، والتوجّه إلى شنّ حرب على إيران يمكن أن تشعل المنطقة.

العربي الجديد

—————————

التصادم التركي الإسرائيلي في سوريا معقول نظرياً.. مستبعد عملياً/ علي أسمر

2025.03.28

لطالما تميزت العلاقات التركية الإسرائيلية بحالة من الشد والجذب، حيث تتداخل المصالح الاستراتيجية والاقتصادية بين البلدين مع التوترات السياسية الناجمة عن الموقف التركي الحازم تجاه القضية الفلسطينية.

وفي السنوات الأخيرة، تصاعدت هذه التوترات على خلفية الأوضاع في سوريا، حيث باتت أنقرة وتل أبيب أمام مشهد معقد قد يقود إلى صدام عسكري محتمل، في تقديري فإن هذا الوضع يستدعي قراءة متأنية لمعادلة القوى الإقليمية وما قد يترتب على ذلك من تداعيات.

منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد، تشهد سوريا إعادة تشكل في خارطتها السياسية والعسكرية، وأحد أبرز المتغيرات يتمثل في توغل إسرائيل إلى ما وراء مرتفعات الجولان المحتلة، وأعتقد أن هذا التحرك الإسرائيلي يهدف إلى إقامة منطقة عازلة جديدة في جنوبي سوريا لحماية مصالحها الأمنية.

على الجهة المقابلة، تحاول تركيا توسيع نفوذها في سوريا بعد سقوط الأسد لأن أنقرة ترى أن الأمن القومي التركي من الأمن القومي السوري بسبب الموقع الجغرافي الواحد، وتسعى للحفاظ على تواجدها العسكري في سوريا، كما أن تراجع الدور الإيراني والروسي يمنح أنقرة مساحة أكبر للتحرك في إطار رؤيتها الخاصة للحل في سوريا.

في تقديري، فإن التصادم بين تركيا وإسرائيل بات احتمالاً معقولاً نظرياً ولكنه احتمال غير معقول عملياً، فإسرائيل تنظر إلى سوريا كفرصة لتعزيز سيطرتها الإقليمية، خصوصاً من خلال دعم بعض الأقليات مثل الدروز والأكراد لإنشاء كيان وكيل موالٍ لها داخل سوريا، وأرجح أن هذا النهج سيؤدي إلى زيادة الاحتكاكات مع تركيا التي تعتبر أي تحرك يهدد وحدة الأراضي السورية أو يعزز النزعات الانفصالية بمثابة خط أحمر، ومع ذلك، أعتقد أن التصادم العسكري المباشر بين تركيا وإسرائيل لن يحدث، وذلك لأن تركيا عضو في حلف الناتو مما يجعل أي مواجهة مباشرة مع إسرائيل أمراً معقداً سياسياً وعسكرياً، فحلف الناتو يُلزم الدول الأعضاء بالدفاع المشترك وهو ما قد يردع إسرائيل عن الدخول في صدام مباشر مع تركيا.

لطالما اعتبرت الولايات المتحدة كلاً من إسرائيل وتركيا شريكين استراتيجيين في المنطقة، لكن المصالح المتباينة للجانبين في سوريا تشكل مصدر قلق حقيقي، في رأيي، فإن واشنطن قد تحاول لعب دور الوسيط لمنع التصعيد، لكنها قد تتجنب التدخل المباشر، خاصة إذا رأت أن المواجهة بين الطرفين لا تؤثر بشكل مباشر على مصالحها الحيوية.

في المقابل، يبدو أن الإدارة الأميركية السابقة لم تكن متحمسة للتدخل في الشأن السوري بعد سقوط الأسد، حيث لم تُبدِ اهتماماً بإقامة علاقات مع الحكومة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع، مفضلة ترك الملف بيد تركيا التي يُنظر إليها على أنها مفتاح المستقبل في سوريا، أعتقد أن هذا الحياد الأميركي قد يترك المجال مفتوحاً أمام مزيد من الاحتكاكات التركية الإسرائيلية.

ضمن هذا المشهد، تحاول إسرائيل تسويق تدخلها العسكري في سوريا تحت ذريعة حماية الأقليات، حيث شددت مؤخراً على ضرورة نزع سلاح قوات الإدارة السورية الجديدة في محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء، مؤكدة أنها لن تسمح بتهديد الطائفة الدرزية، لكن هذه التصريحات قوبلت باحتجاجات في المناطق الدرزية التي ترفع العلم السوري الجديد وتطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي السورية.

في المقابل، وجّهت تركيا تحذيرات صريحة لكل الأطراف التي تحاول استغلال حالة الفراغ في سوريا، مشددة على أنها لن تسمح بتقسيم سوريا وفق التصورات الإسرائيلية، كما أن أنقرة تعتبر أن الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها هو جزء من استراتيجيتها الأمنية الإقليمية، وهي تعمل على دعم الحكومة الجديدة بقيادة أحمد الشرع من خلال تشجيع المجتمع الدولي على رفع العقوبات ودعم مشاريع إعادة الإعمار.

رغم إعلان إسرائيل أنها لا تسعى لمواجهة مع سوريا بعد سقوط الأسد، إلا أن تحركاتها على الأرض تعكس غير ذلك، فقد شنت غارات جوية مكثفة استهدفت خلالها منشآت عسكرية سورية، بما في ذلك مخازن الأسلحة والصواريخ، كما بدأت تل أبيب عمليتها البرية لإنشاء منطقة عازلة خارج خط وقف إطلاق النار لعام 1974 في الجولان، وأعتقد أن هذه العمليات تزيد من احتمالية التصعيد، خاصة إذا استمرت إسرائيل في تحدي تركيا عبر التوسع في الأراضي السورية.

في ظل هذه التوترات، وردت تقارير تفيد بأن أذربيجان تحاول لعب دور الوسيط لمنع التصادم بين إسرائيل وتركيا في سوريا، وبالتوازي، تحدثت بعض المصادر عن وساطة أميركية غير معلنة بين أنقرة وتل أبيب بهدف احتواء الأزمة ومنع أي تصعيد عسكري، لكن في رأيي، فإن نجاح هذه الجهود يعتمد على مدى استعداد الطرفين لتقديم تنازلات حقيقية، وهو أمر غير مضمون حتى الآن.

في تقديري، تبدو احتمالية الصدام التركي الإسرائيلي في سوريا أكثر واقعية من الناحية النظرية، أما من الناحية العملية فالأمر مستبعد، لأن الصدام المباشر بين تركيا وإسرائيل سيحرج الإدارة الأميركية الجديدة التي تعتمد على هاتين الدولتين في الشرق الأوسط، والتصادم سيكون محرجاً لحلف الناتو أيضاً، لذلك أعتقد أن قرار التصادم المباشر هو أمر معقد وخطير ولا تستطيع الولايات المتحدة ولا الغرب تحمل نتائجه السلبية الإقليمية والدولية أيضاً.

تلفزيون سوريا

———————

 وليد جنبلاط يتهم إسرائيل باستغلال الدروز في سوريا لتقسيم الشرق الأوسط

2025.03.28

اتهم الزعيم الدرزي اللبناني ورئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” السابق، وليد جنبلاط، إسرائيل باستغلال الدروز في سوريا كجزء من خطة أوسع لتقسيم الشرق الأوسط على أسس طائفية.

وفي تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية، قال جنبلاط إن إسرائيل “تريد تنفيذ الخطة التي كانت لديها على الدوام، وهي تقسيم المنطقة إلى كيانات طائفية وتوسيع الفوضى”.

وأضاف “إنهم يريدون تدمير غزة، ثم يأتي دور الضفة الغربية. إنهم يحاولون زعزعة استقرار سوريا من خلال الدروز وأيضاً من خلال آخرين”.

وأشار جنبلاط إلى أنه خلال الانتداب الفرنسي في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، كانت سوريا مقسمة إلى أربع كيانات: دولة علوية، ودولة درزية، ودولة دمشق، ودولة حلب، والاثنتان الأخيرتان مسلمتان سنيتان، مؤكداً أن “الدروز، مع القوميين السوريين الآخرين، تمكنوا من منع تقسيم سوريا عبر ثورات أدت إلى انهيار ذلك المخطط”.

وأعرب الزعيم الدرزي عن أمله في تجنب أي تقسيم جديد لسوريا، داعياً الزعماء العرب إلى دعم الرئيس السوري أحمد الشرع.

وكان وليد جنبلاط أول مسؤول لبناني يلتقي الرئيس السوري، عقب إسقاط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، في زيارة أجراها إلى دمشق في كانون الأول الماضي.

وخلال ذلك اللقاء، أكد الرئيس السوري لجنبلاط أن سوريا “لن تمارس بعد الآن تدخلاً سلبياً في لبنان”، بعد عقود من زعزعة نظام الأسد استقرار لبنان، واغتيال عدد من المسؤولين اللبنانيين، بما في ذلك والده كمال جنبلاط.

ومطلع آذار الجاري، اعتقلت قوات الأمن العام السورية ضابط المخابرات السابق في نظام الأسد، إبراهيم حويجة، المشتبه به في ارتكاب العديد من الانتهاكات وعمليات القتل، بما في ذلك مقتل كمال جنبلاط.

وتعليقاً على ذلك، قال وليد جنبلاط للوكالة الفرنسية إن حويجة “مجرم كبير، وارتكب جرائم أيضاً ضد الشعب السوري ويجب محاكمته في سوريا”.

وفي 16 آذار الجاري، حذّر وليد جنبلاط أبناء الطائفة الدرزية من محاولات الاختراق الإسرائيلي، ومساعي توظيفهم كأداة لتقسيم سوريا، داعياً إلى إعادة بناء العلاقات اللبنانية السورية على قواعد جديدة وترسيم الحدود برّاً وبحراً.

وفي رسالة وجهها إلى أبناء الطائفة الدرزية، قال جنبلاط “في مئوية سلطان الأطرش، حافظوا على هويتكم العربية وعلى تاريخكم النضالي المشترك مع الوطنيين العرب والسوريين في مواجهة الاستعمار والانتداب، وفي مواجهة احتلال الأرض في الجولان السوري”.

وأضاف “حافظوا على تراثكم الإسلامي واحذروا من الاختراق الصهيوني، واستخدامكم كإسفين لتقسيم سوريا، وحافظوا على إرثكم الفكري والنضالي والسياسي”، منتقداً الزيارة الأخيرة لوفد من رجال دين دروز سوريين إلى إسرائيل، معتبراً أن الزيارات الدينية وغير الدينية لا تُلغي احتلال الأرض في فلسطين والجولان.

تلفزيون سوريا

———————

الشرع: الوجود الإسرائيلي في الأراضي السورية يهدد الأمن الإقليمي/ حسام رستم

29 مارس 2025

قال الرئيس السوري أحمد الشرع خلال قمة جمعته برؤساء فرنسا ولبنان وقبرص ورئيس الوزراء اليوناني عبر الفيديو اليوم الجمعة، إن سورية تواجه تحديات أمنية، خصوصاً الوجود الإسرائيلي في سورية، مؤكداً أن “الدفاع عن سورية لن يكون خياراً بل ضرورة”.

وبحسب وكالة الأنباء السورية (سانا)، فإن فرنسا استضافت قمة عبر الفيديو جمعت الشرع، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس اللبناني جوزاف عون، والرئيس القبرصي نيكوس كريستودوليدس، ورئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس.

وقالت الرئاسة السورية في بيان، إن القمة ناقشت “مواضيع حساسة تؤثر على العلاقات بين الدول الخمس، ومن أبرزها “أمن الحدود والمخاطر المشتركة، ورفع العقوبات الاقتصادية، والمصالح المشتركة وتعزيز التعاون الإقليمي، ودعم الإدارة السورية في الإصلاحات، والانتهاكات الإسرائيلية، والموقف المشترك، ومكافحة الإرهاب والتعاون الإقليمي”.

وجرى خلال القمة مناقشة ملف الحدود، والعقوبات الاقتصادية، والمصالح المشتركة، وتعزيز التعاون الإقليمي مع التركيز على مجالات الطاقة، والنقل، والتجارة. وأكد الشرع أن سورية “تواجه تحديات أمنية كبيرة على حدودها الجنوبية”، مشيراً إلى أن الوجود الإسرائيلي في الأراضي السورية يمثل تهديداً مستمراً للسلام والأمن الإقليمي، وشدد على “ضرورة رفع العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الدول الغربية على سورية”.

وبحسب بيان الرئاسة السورية فقد أكد المجتمعون “دعم الإدارة السورية الجادة في الإصلاحات السياسية والاقتصادية”، حيث لفت الشرع إلى أن “سورية بدأت خطوات حقيقية نحو الإصلاحات على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتعمل على بناء دولة مستقرة وقوية”. وشدد الحاضرون على ضرورة أن تكون هناك خطوات عملية في مجال حقوق الإنسان وتحقيق التقدم السياسي. واتفق المجتمعون على تأسيس علاقة جدية ومستقرة في سورية الجديدة وحشد الدعم الدولي، ومتابعة ما نتج عن مؤتمر بروكسل لدعم جهود إعادة الإعمار.

ماكرون يقول إنه مستعد لاستقبال الشرع

من جهته، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة استعداده لاستقبال الشرع إذا أبدت الحكومة السورية انفتاحاً على المجتمع المدني برمته والتزمت ضمان الأمن لعودة اللاجئين السوريين، وذلك بحسب ما أوردت وكالة فرانس برس.

وقال ماكرون خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس اللبناني جوزاف عون إن “حكومة تأخذ كل مكونات المجتمع المدني السوري في الاعتبار، إضافة إلى مكافحة واضحة وحازمة للإرهاب وعودة اللاجئين، هي ثلاثة عناصر تشكل أساساً للحكم على المرحلة الانتقالية”. وأضاف “بحسب تطورات الأسابيع المقبلة، نحن مستعدون تماماً لمواصلة هذا الحوار واستقبال الرئيس الانتقالي. الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة للتأكد من ذلك. لكن المباحثات التي أجريناها حتى الآن إيجابية بالكامل”.

وخلال القمة، شدد ماكرون بحسب الوكالة الفرنسية على أن مسألة عودة اللاجئين “أساسية بالنسبة إلى بلد كلبنان، وأيضاً بالنسبة إلى كل المنطقة”، داعياً إلى “تعبئة المجتمع الدولي” من أجل العمل “على إطار (دائم) لعودة” اللاجئين، يشمل أيضاً المستوى الاجتماعي والاقتصادي.

———————————

التوغل الإسرائيلي الأكبر بالقنيطرة: قصف عنيف وتفجير مستودعات أسلحة/ القنيطرة – نور الحسن

الجمعة 2025/03/28

شهدت محافظة القنيطرة توغلاً عسكرياً إسرائيلياً هو الأكبر من نوعه، إذ دخلت القوات الإسرائيلية من ثلاثة محاور تحت غطاء قصف مكثف بالدبابات. فيما أكد الرئيس السوري أحمد الشرع، أن بلاده تواجه تحديات أمنية كبيرة على حدودها الجنوبية، مشيراً إلى أن الوجود الإسرائيلي في الأراضي السورية، خصوصاً في منطقة الجولان المحتل، يمثل تهديداً دائماً للسلام والأمن الإقليميين ويعقد الوضع الأمني في المنطقة بشكل عام.

توغل القنيطرة

واستهدف القصف محيط بلدة طرنجة في ريف القنيطرة الشمالي، وتحديداً موقع سرية رابعة، حيث قامت القوات الإسرائيلية بعمليات تمشيط بحثاً عن مستودعات الأسلحة، بالتزامن مع إطلاق قنابل مضيئة فوق المنطقة.

ودخلت أرتال عسكرية مؤلفة من دبابات وجرافات، برفقة سيارات دفع رباعي تقل عناصر مسلحة، من محور الصمدانية الغربية ومحور الحميدية، وسلكت طريق الصمدانية – جبا وصولاً إلى قطع الاسترداد للسلام. واقتحمت القوات المتوغلة سرية مضادات الطيران في بلدة الكوم، حيث فجّرت مستودعات الأسلحة داخلها، وعثرت على دبابة قامت بإحراقها قبل انسحابها في ساعات الصباح الأولى.

وأفادت مصادر ميدانية بأن المستودع الذي تم تفجيره كان يحتوي على صواريخ “فيل” محلية الصنع، ذات منشأ إيراني، كانت قد تركتها قوات النظام السوري البائد داخل السرية. وتتميز هذه الصواريخ بقوة تدميرية عالية، لكنها تفتقر إلى الدقة في إصابة الأهداف.

ويُعد هذا التوغل الأكبر منذ العملية العسكرية الإسرائيلية السابقة في ريف القنيطرة الجنوبي، والتي استهدفت سرية الناصرية بمشاركة 30 آلية عسكرية.

تجدر الإشارة إلى أن الجيش الإسرائيلي، لا يزال يحتفظ بتسع قواعد عسكرية داخل المنطقة المنزوعة السلاح في محافظة القنيطرة، مع استمرار التوغلات اليومية التي تعزز وجوده العسكري في المنطقة.

الوجود الإسرائيلي بسوريا يهدد السلام

وتعليقاً على الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة، أكد الشرع في بيان صدر عن الرئاسة السورية، اليوم الجمعة، أن الوجود الإسرائيلي في الأراضي السورية، خصوصاً في منطقة الجولان المحتل، يمثل تهديداً دائماً للسلام والأمن الإقليميين ويعقد الوضع الأمني في المنطقة بشكل عام، مشيراً إلى ان الوضع عند الحدود الجنوبية يشكل مصدر قلق مستمر للحكومة السورية.

وأشار الرئيس السوري إلى أن هذه التحديات الأمنية تتطلب اهتماماً عاجلاً من جميع الأطراف المعنية، في ظل استمرار التصعيد العسكري في الجنوب. وقال إن العمليات العسكرية الإسرائيلية، بما في ذلك القصف الجوي المستمر على المناطق الجنوبية، تؤثر بشكل مباشر على حياة المدنيين وتشكل تهديداً خطيراً للسيادة السورية.

——————————

عودة أُخرى: متى تأمن إسرائيل؟/ رضوان السيد

28 مارس 2025 م

أذكر في الثمانينات من القرن الماضي أنّ أحد كبار الساسة في إسرائيل (ربما كان رئيس الوزراء أو وزير الدفاع) قال إن حدود أمن إسرائيل تمتد ما بين مكة وباكستان. فذكر مكة يعني أنّ الإسلام خطر، وذكر باكستان ليس من أجل إسلامها بل من أجل النووي الذي شاع وقتها أنها أنتجته بعلم وخبرة عبد القدير خان الذي يقال إنه أسهم أيضاً في الملفين الليبي والإيراني.

إن الواقع أن اهتمامات إسرائيل الاستراتيجية بعد اتفاقية السلام مع مصر والأردن اقتصرت على الفلسطينيين حتى الانتفاضة الثانية وما بعد في حروب قطاع غزة الطويلة التي لا تزال مستمرة. لكن بالتدريج، وإلى جانب النووي الإيراني، ظهرت قصة الأذرُع الإيرانية، وأهمها «حزب الله»، ثم أُضيف إليها الإيرانيون و«الحزب» في سوريا، ثم الميليشيات (الحشد الشعبي) العراقية الموالية لإيران، وأخيراً اليمن الذي يشتد الصراع مع الحوثيين فيه هذه الأيام.

قصة إسرائيل مع «حماس»، وهل هي خطر، معقدة. فقد كانت إسرائيل تعتبر أبو مازن الذي أنجز معها اتفاقيات أوسلو (1993) هو العدو الرئيسي، وتقيم الهُدَن مع «حماس»، وتشن عليها الحروب ثم تتفق معها في مقابل التهدئة أن توصلَ إليها أموالاً للتهدئة!

مع هجمة 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، اندلعت حرب ضروس ومعها هُجاس الأمن الإسرائيلي، وعلى ثلاثة أو أربعة مستويات. قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه يقاتل على سبع جبهات، ومعظمها المقصود بها الأذرع الإيرانية التي تقول بوحدة الساحات. ولأنها في معظمها على حدود إسرائيل أو قريبة من تلك الحدود فقد هدفت الحملة إلى جانب إفراغ تلك الجبهات من المسلحين، منع إعادة تسليحهم وتعريض أمن البلدان التي تحتضنهم للخطر، لكي تكف عن الاحتضان. لكنّ اليمين الإسرائيلي الأمني والسياسي لم يكتفِ بذلك بل صار يفكر بمصائر دول الجوار ذاتها وكيف يمكن تفكيكها أو تصديعها ومن طريقين: بالضربات المباشرة بحجة أنّ تلك الدول تحتضن الإرهاب – والأسلوب الثاني محاولة تفكيك وحدة تلك الدول من طريق أقلياتها، وإغراء تلك الأقليات؛ إما بالاستقلال أو بدء نزاع مسلّح مع الإدارات المركزية للدول، أو الإقناع بتمردات من هنا وهناك. نحن نعرف أنه في الخمسينات أراد الإسرائيليون القيام بهذه اللعبة مع لبنان وبشكلٍ آخر مع مصر.

ما عاد أحدٌ يمكنه التفرقة أو التمييز بين القَصص المسلِّي بمسألة المؤامرة وما هو خطط حقيقية، وذلك في الاجتذاب بالقوة للتطبيع الآن، بينما تصر إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على التذكير باتفاقيات السلام باعتبارها متعددة الأطراف، وهي أجدى من الحرب والإرغام بالسلاح. لكن الجميع يعرف أنه بعد الحرب على غزة وعلى الضفة وعلى لبنان؛ فإنّ التطبيع صار أصعب، مهما بلغ ضعف الدول وتبعيتها. إنما من غير المعروف ما هو أصل قصة التهجير وكيف يمكن أن يدعو لها عاقل (؟). وقد قال بها ترمب عن غزة، وسارع نتنياهو للاستحسان ومدّ الخطة إلى الضفة وحتى إلى الفلسطينيين ما وراء الخطّ الأخضر. هؤلاء سبعة أو ثمانية ملايين؛ فإلى أين يمكن أن يذهبوا ومن يستطيع تحملهم (؟). ثم لو فرضنا أنه جرى تدبير تهجير نصف مليون من غزة، فماذا سيفعل الباقون، وهل سيكونون أقل إزعاجاً لإسرائيل؟ هي تصورات تفوق الخيال لكنها تعكس أمرين: الإحساس العارم بالتفوق مع الدعم الأميركي، وعدم إحساس إسرائيل بالأمان إلى ألا يعود فيها ومن حولها عربي أو مسلم! بيد أن ما يحصل في المفاوضات نصف السرية الآن يُشعر بأن تهجير ترمب كان ابتزازاً، أما عند إسرائيل فهو اعتقاد. يبدو ترمب كأنما يتراجع لصالح التسوية المصرية المدعومة عربياً وإسلامياً. واشتعال الحرب على غزة من جديد بعكس ما يعتقد الإسرائيليون قد يدعم الحلّ المصري.

في الآونة الأخيرة لا حديث إلا عن القوة التركية وتمركزاتها في سوريا، والمحادثات مع الشرع لإقامة قاعدة تركية بنواحي تدمر. يقول متشددون إسرائيليون إنّ الحرب بين إسرائيل وتركيا (على سوريا) لا مهرب منها! ويعني هذا أنّ العالم الإسرائيلي الجديد هو عالم الحرب الشاملة في المنطقة كلها. وصحيح أن الأصوات ضد تركيا متشددة ومحدودة حتى الآن. لكنّ اليقين الإسرائيلي بضرورة الحرب الآن على النووي الإيراني قبل فوات الفرصة. وقد استغرب الإسرائيليون أنّ ترمب في حين شدّد الحصار على النظام الإيراني، كتب لخامنئي عارضاً التفاوض معهم بشروطه بالطبع. وهو الأمر الذي تأباه إسرائيل وتريد الضرب المباشر.

الحرب الدائمة على غزة. والحرب على سوريا الجديدة. والحرب على «حزب الله» بلبنان. والحرب على الحوثيين. والحرب المحتملة على إيران وتركيا. هي الحرب الشاملة إذن، فهل يمكن كسبها؟ ومتى تأمن إسرائيل التي تريد بحسب نتنياهو تغيير وجه الشرق الأوسط؟!

الشرق الأوسط

————————-

العقبة الإسرائيلية أمام الحوار التركي الأميركي في سوريا/ سمير صالحة

2025.03.29

لن تتردد أنقرة في منح تل أبيب ما تريده لناحية الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة إذا ما تمسّك بنيامين نتنياهو بتحريك سيناريو من هذا النوع، وهو الذي يأمر مقاتلاته بمواصلة اعتداءاتها اليومية على سوريا وشعبها، متجاهلًا الرسائل المعتدلة التي وجهها وزير الخارجية السوري باتجاه تل أبيب حول أننا لن نشكّل أي تهديد لأي دولة، بما فيها إسرائيل، وأنّ الممارسات الإسرائيلية تمسّ الأمن القومي التركي والعلاقات التي بدأت تأخذ بُعدًا استراتيجيًّا بين أنقرة ودمشق.

من سيقف بجانب نتنياهو مهم، ومن سيقاتل إلى جانب أنقرة مهم أيضًا. تحييد إيران وحزب الله في لبنان وسوريا لا يعني أي شيء بالنسبة لتركيا، وهي أساسًا لا تبحث عن دعم من هذا النوع بعدما توترت العلاقات التركية الإيرانية في سوريا. لكن المؤشرات كلها تذهب باتجاه صعوبة مهمة العواصم الغربية في الدخول على خط التهدئة بين حليفيهما عند اشتعال الجبهات.

كان أردوغان يتحدث قبل أسابيع عن اللوبيات التي تسمم العلاقات التركية الأميركية، وكان ماركو روبيو يقول: “إن أردوغان عائق أمام تحسن الأوضاع في سوريا. إدارة ترمب ستتواصل فورًا معه لثنيه عن اتخاذ أي خطوة ضد الأكراد في سوريا. لأنه على واشنطن أن تستمر في دعم قوات سوريا الديمقراطية”. لكن المتغيرات والمتطلبات الإقليمية في المنطقة، خصوصًا على جبهتي لبنان وسوريا، شكّلت حافزًا باتجاه انفراجة واسعة في العلاقات بين البلدين. زيارة فيدان لواشنطن والاتصال الهاتفي بين أردوغان وترمب بشقه السوري من الطبيعي أن يُغضبا البعض في إسرائيل، وأن تشعر تل أبيب أنها ستكون بين المتضررين من التقارب التركي الأميركي في سوريا، خصوصًا وهي تتابع ما يقوله الوزير روبيو الذي بدّل رأيه اليوم وهو يتحدث عن “التعاون مع تركيا في مواجهة الأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار في سوريا”.

نتائج محادثات وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في واشنطن مع المسؤولين الأميركيين بشقها السوري مهمة. الأولوية في ملفات النقاش كانت لتمسّك تركيا بقطع الطريق على المشروع الإسرائيلي الجديد في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، والذي يقوم على وجود دولة سورية ضعيفة على حدودها، لا تطالب باسترداد أراضيها المحتلة، وتتجاهل الغارات والخروقات الإسرائيلية شبه اليومية في العمق السوري، بانتظار توقيع اتفاقية سلام بالمعايير التي تريدها تل أبيب.

لذلك، فالحديث عن تفاهمات بين دول الجوار السوري في اجتماع الأردن الأخير، باتجاه إنشاء مركز إقليمي لمحاربة الإرهاب تدعمه العواصم العربية والغربية، لا يمكن فصله استراتيجيًّا عن التنسيق العسكري والأمني بين أنقرة ودمشق، والحديث عن قواعد تدريب عسكري تركي في العمق السوري تسهم في إعادة بناء وتجهيز القوات السورية المسلحة. هذا ما لا يعجب إسرائيل وإيران في المنطقة، وهذا ما قد يقرّب الرؤى بينهما في سوريا ولبنان إذا ما افترضنا أن بعض العواصم العربية تبحث عن تحرك مشابه في لبنان.

المهم الآن هو تسريع عملية تفعيل هذا التعاون الاستراتيجي بين أنقرة ودمشق لوضع حد للاعتداءات الإسرائيلية على سوريا، والتي ترى فيها تركيا رسائل تهديد مباشر لأمنها القومي، بعد تراجع مشروع تل أبيب في لعب ورقة الأقليات في سوريا وفشلها في تجيير الانحسار الإيراني في الإقليم لصالحها، ومحاولة إقناع واشنطن بتجاهل الوجود العسكري الروسي في سوريا الذي تعتبره إسرائيل فرصة لموازنة النفوذ التركي.

ركّزت محادثات وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مع نظيره الأميركي ماركو روبيو خلال اجتماعهما في واشنطن على الملف السوري بكل تفاصيله. سياسة إسرائيل السورية كان لها حصتها الكبيرة، وهو ما لم يعجب الإعلام الإسرائيلي الذي لم يتوقف عن الحديث حول الأهداف العسكرية التركية في سوريا، متجاهلًا الاعتداءات اليومية التي تنفذها المقاتلات الإسرائيلية في العمق السوري.

تصريحات المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، تامي بروس، حول أن روبيو أعرب عن تقديره لدور تركيا القيادي في التحالف الدولي لهزيمة تنظيم «داعش» الإرهابي، وضرورة التعاون الوثيق لدعم سوريا مستقرة وموحدة وسلمية، والتي أعقبها حديث الوزير روبيو عن ضرورة “التعاون الوثيق” مع تركيا “لدعم الاستقرار والوحدة والسلام في سوريا، حتى لا تعمل كقاعدة للإرهاب الدولي ولا كمسار للأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار”، هي رسالة لتل أبيب بقدر ما هي رسالة لطهران أيضًا.

مسألة الانسحاب الأميركي من سوريا ووقف دعم “وحدات حماية الشعب الكردية”، في إطار الحرب على “داعش”، قابله الطرح التركي الداعم لإشراف السلطة الجديدة في سوريا على سجون هذه المجموعات، مع استعداد أنقرة لدعم هذه العملية، خصوصًا بعد الاتفاقية الأخيرة بين دمشق و”قسد” بشأن انخراط الأخيرة في العملية السياسية السورية.

ما نوقش في واشنطن بين فيدان وروبيو قد يكون سيناريو دعم تنسيق سياسي وأمني سوري سوري يترجم في تشكيلة الحكومة الجديدة ويفتح الطريق أكثر فأكثر أمام الدولة المركزية، وهو ما لن يعجب إسرائيل التي خذلتها المواقف الصادرة عن القيادات الدرزية والعلوية والكردية.

يرى ستيفن ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط أن إمكانية تطبيع العلاقة بين لبنان وإسرائيل من خلال إبرام معاهدة سلام بين البلدين ممكن حقًّا. وينطبق الأمر نفسه على سوريا في إطار عملية إقليمية واسعة النطاق لإحلال السلام في المنطقة. هذا ما رددناه في مطلع كانون الثاني المنصرم أكثر من مرة حول الأهداف الحقيقية لإسرائيل من خلال التصعيد العسكري في سوريا.

هناك وضع سياسي جديد في سوريا ولبنان. هناك محاولة إصلاح جذرية في البنى التحتية للدولة اللبنانية وخطط لإعادة بناء الدولة السورية مجددًا بالتعاون مع العديد من العواصم العربية وتركيا. العقبة لم تعد إيرانية اليوم بل إسرائيلية.

المشكلة ليست في رفض بنيامين نتنياهو لعرض ويتكوف، بل في إصراره على الفصل بين الملفات الإقليمية وتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني، ومحاولة فرض سلام عبر اللاعب الأميركي بالمقاييس التي تريدها إسرائيل. هل ستقول العواصم العربية وتركيا نعم لحراك ثنائي أميركي إسرائيلي من هذا النوع؟

تلفزيون سوريا

——————————

للخروج من “معضلة الأمن” بين إسرائيل و”سوريا الجديدة”/ إياد الجعفري

2025.03.29

مع السقوط المدوّي لنظام الأسد، في 8 كانون الأول 2024، وجد صانع القرار الإسرائيلي نفسه، حبيس ما يُعرف في أدبيات علم السياسة والعلاقات الدولية بـ “معضلة الأمن”، حيث لا ثقة بنوايا الطرف الذي سيطر على السلطة في دمشق، وبات قريباً من هضبة الجولان المحتل، الهادئ والمستقر تحت السيطرة الإسرائيلية، منذ عقود.

“معضلة الأمن”، تلك، إن لم تتوفر عوامل لحلحلتها، فإنها في طريقها لأن تقود صانعي القرار، في كلٍ من دمشق وتل أبيب، نحو الوقوع فيما يُعرف بـ “معضلة السجين”، حيث تدفع خشية كل طرف من نوايا الآخر، وعدم الثقة به، إلى تعزيز مساعي التسلح، وخوض حروب محدودة متصاعدة، ومحاولة كل طرف الإضرار بالآخر، وصولاً إلى الحرب الشاملة. وقد بدأت المعطيات تشي بأن صانع القرار في دمشق، تحرك باتجاه التورط في هذه “المعضلة”، كنتيجة لتفاقم الاستفزازات الإسرائيلية في الشهرين الأخيرين، بالتزامن مع مساعي إدارة الرئيس أحمد الشرع، في توطيد أركان سلطتها.

أبرز تلك المعطيات، أن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت مواقع في درعا وريف دمشق، جاءت في سياق إجهاض محاولات الإدارة السورية لإعادة بناء البنية التحتية العسكرية في جنوبي سوريا، خصوصاً فيما يتعلق ببطاريات الدفاع الجوي والصواريخ، بعد أن تعرّضت تلك البنية لاستهداف إسرائيلي شامل، بعيد سقوط النظام، في كانون الأول الفائت.

وللمفارقة، فإن مسعى دولة ما، لتحصين أمنها، تحت تأثير “معضلة الأمن”، على حساب الدولة الأخرى المستهدفة، عادةً ما يدفع تلك الأخيرة إلى رد فعل موازٍ، ومعاكس بالاتجاه. إما عبر العمل على تعزيز قدراتها العسكرية والتكنولوجية، أو الذهاب باتجاه تحالفات مع قوى أخرى، لموازنة قوة الدولة المعتدية. أو الاثنين معاً. الأمر الذي يقود الدولة الأولى إلى رفع مستوى استهدافها لقدرات ونفوذ الدولة الثانية، مما يؤدي إلى رد فعل موازٍ من الطرف الثاني، وهكذا دواليك، وصولاً إلى الحرب الشاملة. وهو ما يُعرف بـ “معضلة السجين”، التي كانت السبب المباشر لمعظم الحروب في التاريخ.

وهكذا تقود السياسة الإسرائيلية صانع القرار في دمشق، رغماً عنه، نحو إيلاء أهمية أكبر لتعزيز القدرة العسكرية والقتالية في جنوبي البلاد، وللالتصاق أكثر بالحليف التركي. وفي حين يتحدث الخبراء الإسرائيليون بصورة علنية عن مخاوفهم من مواجهة مباشرة بين إسرائيل وتركيا في سوريا، تدفع السياسة الإسرائيلية الراهنة نحو هذه المواجهة بالفعل، على المدى الزمني المتوسط والبعيد، بدلاً من تفكيك مقدماتها. وكأن الأمر حتمية لا مفر منها.

في العام 2005، عارض رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، آرييل شارون، رغبة الرئيس الأميركي جورج بوش الابن في تغيير النظام بسوريا. وقال له، يومها، إن من الأفضل لإسرائيل أن تبقى مع “الشيطان” الذي تعرفه. وبعيد العام 2011، قررت إسرائيل حسم موقفها حيال التطورات في سوريا، بتفضيل استمرار نظام الأسد، بوصفه “شراً معروفاً” بالنسبة لها، خشية أن تؤدي تداعيات سقوطه إلى فوضى أو صعود الجماعات الجهادية، بصورة تزيد من الخطر الأمني على حدودها الشمالية.

وحتى بعد أن قادت حصيلة النزاع المسلح، في العام 2018، إلى تصاعد النفوذ الإيراني في سوريا، الذي رأته إسرائيل تحدياً استراتيجياً طويل الأمد، رغم ذلك سعى صانع القرار الإسرائيلي إلى احتواء هذا التحدّي، عبر تنسيق دولي دقيق، مستنداً بصورة رئيسية إلى التعاون مع روسيا، وإلى قواعد اللعبة المُصاغة منذ سنوات بعيدة، بين نظام الأسد ذاته، والكيان الإسرائيلي، والتي تعود إلى عقود حكم حافظ الأسد.

في سبعينيات القرن الماضي، حاول العالم السياسي الأميركي، روبرت أكسلرد، إيجاد حلول للخروج من “معضلة السجين” من خلال لعبة على كمبيوتر طبق خلالها استراتيجيات مختلفة في إدارة “معضلة السجين”، فتوصل إلى أن أفضل النتائج تلك التي يمكن تطبيقها وَفق مبدأ “هذي بتلك” –إن تعاونت أتعاون وإن غدرت أغدر-. وخلص أكسلرد إلى أن مجموع المنافع من اللعبة يزيد بتعلم التعاون، لكن ذلك يتطلب الاستمرار في اللعبة لوقت طويل.

فإذا علمت أنك ستلعب مع نفس الناس لمدة طويلة يمكن أن تتعلم التعاون. وهذا بالتحديد ما حدث على صعيد العلاقة طويلة الأمد، بين نظام الأسد وإسرائيل، منذ حكم الأسد الأب. واستمر حتى بعد تضعضع نفوذ بشار الأسد لصالح النفوذ الإيراني على الساحة السورية، بعيد العام 2018. لكن ذلك كله انهار دفعةً واحدةً، مع سقوط نظام الأسد قبل ثلاثة أشهر، بحيث وجدت إسرائيل نفسها تدخل مرغمة في غياهب “معضلة الأمن”، لتقود نفسها، وصانع القرار في دمشق، بالتزامن، باتجاه “معضلة السجين”. مستقبل هذا المسار معروف. فما تخشى منه إسرائيل، تتسبب في حدوثه فعلاً.

أبرز الحلول المتاحة للخروج من هذه “المعضلة”، هي تعلّم التعاون بين الطرفين. وهذا يتطلّب وسطاء قادرين على إقناع الطرفين بتفكيك مخاوف كل منهما، حيال الآخر. في هذا السياق، تندرج توصية معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، في تحليل صادر قبل بضعة أيام، دعا إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في أن تتصدى لهذه المهمة. وجاءت تفاصيل هذه التوصية متبصّرة بشكل ملحوظ، حيال ما يصب في مصلحة واشنطن، وما يجب أن تفعله، حيال هذه “المعضلة” المستجدة بين حليفها الإسرائيلي، وجاره الشمالي. فمن مصلحة واشنطن دعم الاستقرار وضمان بسط حكومة الشرع لسيادتها على كامل التراب السوري، لأن خلاف ذلك، سيُعرّض أهدافا أخرى للإدارة الأميركية في الشرق الأوسط، للخطر. لذلك نصح معهد واشنطن إدارة ترمب بأن تتعاون مع الشركاء لتحسين الأوضاع الاقتصادية في سوريا، وتخفيف العقوبات بشكل فوري، والمساعدة في الحد من التشرذم والانقسام بين قيادات المجموعات المسلحة السورية، وتشجيعهم على الاندماج

في جيش سوري جديد. وأوصى المعهد الإدارة الأميركية بأن تنخرط في محادثات مع إسرائيل بخصوص استراتيجيتها في سوريا، والتوسط بينها وبين دمشق، للتفاوض على إقامة منظومة أمنية جديدة على الحدود.

أي مسار مختلف عن ذلك، يعني الذهاب باتجاه استدامة التوتر الأمني والاشتباك العسكري، وأضراره الفادحة على استقرار سوريا ومسعى إعادة إعمارها. وهو مسار لن يخدم بالمحصلة، اعتبارات الأمن القومي الإسرائيلي، بل على العكس، سيتسبب بتخليق الخطر الذي يخشاه صانع القرار في تل أبيب.

تلفزيون سوريا

———————————-

===================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى