عن التدخل الاسرائيلي السافر في سورية الجديدة، ملف تناول “شهية إسرائيلية لتفتيت سوريا” – تحديث 31 أذار 2025

لمتابعة مكونات الملف اتبع الرابط التالي
التدخل الاسرائيلي السافر في سورية الجديدة
———————————-
4 مسارات رئيسية يتخذها الشرع لوقف عدوانية إسرائيل/ محمود علوش
30/3/2025
يسود افتراض بأن أحد الأسباب الرئيسية التي تدفع الرئيس السوري أحمد الشرع إلى تجنّب الدخول في مواجهة عسكرية مع إسرائيل لردعها عن تحركاتها العدوانية ضد سوريا هو أن سوريا، الخارجة للتو من صراع مُدمر وتُحاول بناء دولة جديدة ومؤسسة عسكرية والخروج من عزلتها الدولية، غير قادرة على خوض حرب مباشرة مع إسرائيل؛ لأنها ستُدمر ببساطة التجربة السورية الجديدة.
ويبدو هذا الافتراض واقعيًا إلى حد كبير. فمثل هذه الصراعات عادة ما تكون مُكلفة للغاية على دول قائمة بحد ذاتها، فكيف سيكون الحال بالنسبة لبلد مُدمر كسوريا؟ مع ذلك، فإن مقاربة الشرع للتعامل مع التحدي الإسرائيلي تتجاوز في الواقع هذا السبب رغم أهميته وواقعيته.
بصفته رئيسًا يقود سوريا في مرحلة انتقالية حساسة، بعد أن كان في وقت غير بعيد قائدًا لإحدى الجماعات ذات الخلفية الإسلامية، فإن هذا التحوّل قد يبدو غير مألوف للبعض. لكنه يُجسّد إلى حد بعيد الملامح الجديدة لشخصية أحمد الشرع كرجل دولة، يسعى إلى تحقيق أهداف كبرى تتمثل في بناء دولة حديثة، والحفاظ على وحدة سوريا، ومنع انزلاقها إلى فوضى داخلية، وسط تحديات متزايدة على رأسها التحركات الإسرائيلية العدوانية في الإقليم.
كما تُظهر إدراكًا لمخاطر أخرى مُحيطة بعملية التحول في ظل حقيقة أن الاندفاعة الإسرائيلية في سوريا جزء من مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يُريده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وأحد إرهاصات الاشتباك الجيوسياسي الكبير بين تركيا وإسرائيل على الأراضي السورية. وهذا يُشير إلى أن “الأقلمة” تُهيمن على التحدي الإسرائيلي لسوريا بقدر أكبر من العوامل الأخرى.
ويبدو أن الرئيس أحمد الشرع يُحاول الاستفادة من تجربة النظام المخلوع في التعامل ببراغماتية مع إسرائيل. على الرغم من أن بشار الأسد سار حتى عام 2011 على خطى والده الراحل حافظ الأسد في الحفاظ على الوضع الهادئ على الجبهة مع إسرائيل؛ لضمان استمرار حكمه كل تلك الفترة، فإن سماحه لإيران باستخدام سوريا كمنصة في صراع الظل مع إسرائيل بعد اندلاع الثورة، جلب له متاعب إضافية.
لقد تعهد الشرع منذ أن أصبح رئيسًا بمنع تحويل سوريا إلى تهديد لدول الجوار. وكان تعهده رسالة صريحة إلى دول الجوار، ومن ضمنها إسرائيل. مع ذلك، لا يعكس هاجس إسرائيل من المخاطر الأمنية المزعومة التي يجلبها وصول إسلامي إلى السلطة، الدوافع الفعلية أو الأكثر أهمية لتحركاتها.
فهذه التحركات تنطلق أولًا من منظور الفرص التي يرى نتنياهو أن التحول السوري جلبها لفرض واقع أمني جديد في جنوب سوريا، وثانيًا لتقويض قدرة الدولة السورية الجديدة على النهوض من خلال استهداف ما تبقى من أصول عسكرية لها، ومحاولة إحداث شقاق بينها وبين المكون الدرزي في الجنوب، وثالثًا لتعزيز دور إسرائيل كفاعل مُهيمن في الجغرافيا السياسية الإقليمية.
إن حقيقة النهج التوسعي الإقليمي الذي يُحرك السياسة الإسرائيلية في المنطقة منذ حرب السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، والاشتباك الجيوسياسي التركي الإسرائيلي في سوريا، ووجود إدارة أميركية في البيت الأبيض أكثر انسجامًا مع النهج التوسعي الإسرائيلي، وتقاطع أهداف إسرائيل وإيران في تقويض عملية التحول السوري، وإفشال جهود الشرع لبناء دولة جديدة، كلّها عوامل ساهمت في صقل نهج واقعي للشرع في مقاربة التحدّي الإسرائيلي. ويرتكز هذا النهج على أربعة مسارات رئيسية:
أولًا، تجنب الانزلاق إلى صدام عسكري مباشر مع إسرائيل تبدو نتائجه محسومة وعواقبه كبيرة على سوريا، وعملية التحول فيها، وعلى حكم الرئيس الشرع.
ثانيًا، تقويض الهوامش المتاحة أمام إسرائيل من خلال تفكيكها عبر إبرام اتفاق لدمج قوات سوريا الديمقراطية في الدولة الجديدة، والتعامل بحزم مع محاولة إسقاط الدولة الجديدة بعد أحداث الساحل الأخيرة، والانفتاح على الحوار مع المكون الدرزي في الجنوب لإبعاده عن إسرائيل.
ثالثًا، إظهار التزام الدولة السورية الجديدة بالدبلوماسية وقواعد القانون الدولي في التعامل مع التحدي الإسرائيلي، على اعتبار أن هذا الالتزام يتقاطع مع المواقف الإقليمية والدولية منه.
رابعًا، الرهان على الدبلوماسية الإقليمية، وعلى الانفتاح على الدول الغربية للضغط على إسرائيل لثنيها عن مواصلة تحركاتها العدوانية في سوريا.
إن أولويةَ الشرع المتمثلة في تعزيز الانفتاح على الغرب، لا سيما الولايات المتحدة، والتخلص من مُعضلة العقوبات، وإدراكه التأثير الأميركي على السياسة الإسرائيلية في سوريا، تُفسر جانبًا آخر من نهج الحذر. فهو يعتقد أن تجنب تصعيد الصراع مع إسرائيل يُساعده أولًا في دفع إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى ممارسة ضغط على نتنياهو للتراجع عن نهجه العدواني، وثانيًا في إظهار أهمية استقرار الإدارة الحالية لتجنب تصعيد خطير في الصراع.
على صعيد آخر، يَظهر تعميق الشراكة الإستراتيجية الجديدة مع تركيا وتطويرها في المجالات الدفاعية، خصوصًا كأحد الخيارات التي يحتفظ بها الشرع للتعامل مع المُشكلة الإسرائيلية. لكنّها تجلب أيضًا مخاطر؛ لأنها ستجعل سوريا أكثر عُرضة للاشتباك الجيوسياسي التركي الإسرائيلي، وهذا ما يُفسر تريث الشرع حتى الآن في إبرام اتفاقية دفاع مشترك مع أنقرة. لكنّها قد تُصبح خيارًا لا مفر منه إذا تطور النهج الإسرائيلي إلى تهديد أكثر خطورة لسوريا واستقرار سلطتها الحالية.
قد لا تُحقق هذه الرهانات أهدافها المرجوة في المستقبل المنظور، لكنّها من وجهة نظر الشرع تحدّ من مضاعفة المخاطر التي يجلبها التحدي الإسرائيلي لسوريا الجديدة. كما أنها توسع من الهوامش المتاحة أمام الشرع للتحرك في السياسة الخارجية للحصول على مزيد من الدعم الإقليمي والدولي في مواجهة التحركات الإسرائيلية.
إن دبلوماسية القنوات الخلفية التي يقوم بها أكبر داعمين إقليميين للشرع يُمكن أن تلعب دورًا فاعلًا في التأثير على سياسة الرئيس دونالد ترامب تجاه الدور الإسرائيلي في سوريا.
كما أن إظهار التزامٍ بإدارة عملية التحول السياسي في الداخل بما ينسجم مع التصورات الغربية يُمكن أن يُعزز من نظرة الشرع في الغرب كرئيس قادر على تحقيق الاستقرار الداخلي في سوريا، وإدارة مُنخفضة المخاطر للصراع مع إسرائيل.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
باحث في العلاقات الدولية
الجزيرة
—————————
«السلام الإسرائيلي» ليس الحل السحري لبلاد الشام/ إياد أبو شقرا
30 مارس 2025 م
بالأمس وقّع وزيرا الدفاع السوري واللبناني مرهف أبو قصرة وميشال منسّى، في جدة، اتفاقاً واعداً على طريق إنهاء الإشكالات الحدودية المزمنة بين لبنان وسوريا. والحقيقة، أنْ لا الحكم السوري الجديد ولا السلطة اللبنانية الحالية ساهم في تلك الإشكاليات الموروثة من ولادة الكيانين الحاليين السوري واللبناني إبان فترة الانتداب الفرنسي على أنقاض ولايات ومتصرّفيات عثمانية سابقة.
بعدها، حملت العقود توترات وتفاهمات بين حكام دمشق وبيروت، إلى أنْ نجح الأسد «الأب» – بموافقتين إقليمية ودولية – في فرض «هيمنة» دمشق على القرار اللبناني. وبالفعل، تحكّم جهاز الأمن السوري في لبنان منذ أواخر عقد السبعينات من القرن الماضي حتى خروج القوات السورية عام 2005، في أعقاب تصفية رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري.
اغتيال الحريري خلق حقائق جديدة على الأرض، منها قبول الأسد «الابن» بأن تتبادل دمشق السفراء مع بيروت، معترفةً باستقلال لبنان. غير أنَّ المسألة الحدودية ظلت معقدة وشائكة، شمالاً ووسطاً وجنوباً. ثم، ازدادت أهمية إبقاء الملف «معقّداً وشائكاً» مع تولّي إيران عبر «حزب الله» وراثة الهيمنة السورية على لبنان. فجنوباً، تحوّلت هويّة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا إلى «ذريعة» تبرّر احتفاظ «حزب الله» بالسلاح بصفته «مقاومة». وشمالاً، صارت بعض القرى الحدودية داخل محافظة حمص السورية مبرّراً أولياً لمشاركة «حزب الله» في قمع الانتفاضة السورية عام 2011.
اليوم، نجد أنَّ الكيانين السوري واللبناني، اللذين تشاركا في الماضي بتحديات وجودية مماثلة، يتشاركان حاضراً ومستقبلاً أخطاراً وجودية مماثلة. وفي عصر الهيمنة الإسرائيلية على ملفات الشرق الأوسط داخل عواصم القرار الدولي، تلوح حقاً نُذُر «سلام إسرائيلي» كارثي على كيانات «منطقة شرق المتوسط».
«السلام الإسرائيلي» هذا يبدو لكثيرين إعصاراً عاتياً، من السذاجة مواجهته، ولا سيما أن الإدارة الأميركية الحالية تعيش «تماهياً مطلقاً» مع حكومة بنيامين نتنياهو وغلاة اليمين الإسرائيلي.
لقد نجح هذا اليمين في توريط إيران بحرب أكبر منها، وهو الآن يحصد ثمار ما أنجزه في «ردّه» على عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وهو بعدما «قزّم» إيران بدعم أميركي غير مسبوق، نراه يسرّع فرض هيمنته – المباشرة أو غير المباشرة – على «منطقة شرق المتوسط»، بكياناتها العربية الأربعة.
العناوين العريضة هنا «الترانسفير» الفلسطيني، وتحقيق المخطّط القديم بتقسيم المنطقة وتفتيتها دينياً وطائفياً وعرقياً في الكيانات الأخرى.
الاختراق الإسرائيلي حاصل منذ فترة في عدد من المكوّنات، لكنه الآن صار شبه معلن. ولقد نجح ضرب «حزب الله» في «تحرير» الأصوات المتخفّية والمزدوجة التبعية، داخل سوريا ولبنان، لتطالب بـ«حلّ إسرائيلي» لإشكاليات التعايش بين الغالبية والأقليات.
في سوريا، يمكننا تذكّر كلام رامي مخلوف عندما نبّه إسرائيل – مع بدايات الانتفاضة – إلى أن سقوط نظام دمشق لن يكون لصالحها. وكانت بعض الأحداث المؤلمة بحقّ مدنيين إبّان مطاردة فلول النظام السابق في الساحل قد خدمت من حاولوا صبّ الزيت على النار.
وأيضاً لا بد من الإشارة إلى كلام غير مسؤول صدر عن بعض القيادات الكردية الانفصالية، وسرعان ما صرفت النظر عن تكراره، قبل أن يبادر قائد «قسد» مظلوم عبدي إلى توقيع تفاهم مع الحكم السوري الجديد.
أما في الجنوب السوري، فإنَّ الاختراق يتخذ الآن أبعاداً خطيرة مع تعمّد استثمار إسرائيل بالموحّدين الدروز عبر التسليح والتمويل واجتذاب البعض داخل المؤسسة الدينية. وبالتوازي، تُخاض راهناً عبر مواقع التواصل والمنصات الإعلامية حربٌ ضارية ضد كل توجّه درزي يعارض «استنساخ» تجربة إسرائيل وتعميمها لجهة إعادتها تعريف الهويتين القومية والدينية لسكانها من الموحّدين الدروز.
الوضع في لبنان لا يختلف كثيراً. وكثير من الكلام الجذاب، الذي كان يتزيا تارة بـ«التغيير»، وطوراً بـ«الفيدرالية» – من دون أن ننسى «محاربة الفساد» – خلع عنه ثوب الحيطة، وظهر بكل نيّاته التقسيمية والتبعية المشبوهة.
لقد كانت منطقة شرق المتوسط، منذ زمن بعيد، جزءاً مما عُرف بـ«المسألة الشرقية»، والفوالق الزلزالية بين الأديان والطوائف والأعراق والدويلات. هذه حقيقة، ولكن الثابت الوحيد للتعامل الإيجابي معها… كان يقوم على إنقاذ الأقليات من الخوف، وإزالة الشعور بالغبن عند الغالبية.
وحتماً طالما استمر هاجسا الخوف والغبن، ضمن كيانات فئوية «قزمة»، قرارها خارجي، لن ترتاح المنطقة، بل ستنتقل بين استغلال وآخر وفتنة وأخرى.
في دول العالم المتحضّرة، توصّل أهل السياسة إلى صيَغ عدة تراعي مقتضى الحال، تتراوح بين «الفيدرالية» و«اللامركزية الإدارية».
البعض في بلداننا يرفضون «الفيدرالية» بحجة أنها ستفضي إلى التقسيم.
ربما!
قد يكون هذا صحيحاً في بعض المجتمعات العشائرية، لكنها نجحت في معظم دول العالم التي اعتمدتها من سويسرا وبلجيكا… إلى الهند والبرازيل.
لكن ماذا عن «اللامركزية الإدارية»؟
بالنسبة لشرق المتوسط، «اللامركزية الإدارية» هي النموذج الذي نصّ عليه «اتفاق الطائف» (1989) في لبنان… لكن هيمنة نظام دمشق رفضت تطبيقه، ربما خوفاً من نجاحه!
في اعتقادي، لا حلَّ سياسياً لمشكلات أيّ من كيانات شرق المتوسط إلا بـ«اللامركزية الإدارية» ضمن دولة واحدة سيدة ومستقلة، يتمتع أبناؤها – كل أبنائها – بالحقوق والواجبات وأسُس المواطنة ذاتها.
عندما يشعر المواطن بالعدالة والأمان، سيتعزّز عنده الولاء، ولن ينتهي كابوسا القهر والقهر المضاد أبداً عبر الاستقواء بالخارج.
—————————–
التصعيد الإسرائيلي في الجنوب السوري/ لمى قنوت
تحديث 31 أذار 2025
تحت ذريعة درء الخطر من سيطرة الإدارة الجديدة على مقاليد الحكم في سوريا وحماية مستوطناته في الجولان السوري المحتل بعد هروب بشار الأسد وكبار مساعديه وضباطه، اتبع الاحتلال الإسرائيلي نهجًا منسجمًا مع مخططاته التوسعية وحروبه اللانهائية، فأوقف العمل باتفاق فك الاشتباك لعام 1974، ودمر الترسانة والمواقع العسكرية السورية، وقُدّرت الضربات الجوية الأولى في 8 من كانون الأول 2024 بـ480 غارة.
وسيطر على مرتفعات جبل الشيخ وتوغل في قرى وبلدات في ريفي محافظتي القنيطرة ودرعا، ومؤخرًا قام بترهيب سكان قرية كويا بمنطقة حوض اليرموك في ريف درعا الغربي، بعد أن قاوم مزارعوها، رجالًا ونساء، توغل قوات الاحتلال في بساتين البلدة، مستخدمين بنادق مخصصة لحماية أنفسهم من الحيوانات المفترسة، وأجبروها على الانسحاب، فصبت قوات الاحتلال حممها على الأحياء المدنية والمزارع، في قصف مدفعي وجوي أدى إلى استشهاد ستة أشخاص وإصابة آخرين.
ولم تكتفِ قوات الاحتلال بالقتل، بل قامت باعتقال ثلاثة مزارعين يعملون في أرضهم الزراعية في 28 من آذار الحالي، وبعد أن استجوبتهم، أطلقت سراحهم وحمّلتهم رسائل لأهالي البلدة، تتضمن منع المزارعين من النزول إلى الوادي والعمل في الأراضي الزراعية، التي حولتها إلى منطقة عسكرية محظورة، وهددت من سيخالف تعليماتها بالقتل.
يرفض أهالي قرية كويا المفقرة كل المناورات الإسرائيلية الترغيبية والترهيبية، بين إغرائهم بمساعدات إغاثية وطبية، وإرغامهم على تسليم السلاح لقواتهم المحتلة. قرية كويا ذات الأراضي الخصبة، والواقعة عند مثلث الحدود ما بين سوريا والجولان السوري المحتل والأردن، والمعتمدة على الزراعة وتربية المواشي، هي واحدة من قرى وبلدات واقعة في حوض اليرموك والتي شهدت توغلًا إسرائيليًا.
حوض اليرموك والأمن المائي
تبعد قرية كويا عن لواء بني كنانة في محافظة إربد في الأردن مسافة كيلومتر واحد، ويُشكل حوض اليرموك وسد اليرموك أحد أهم المنشآت المائية على النهر، ومصدرًا مائيًا حيويًا مشتركًا لسوريا والأردن، وتخضع موارده لاتفاقية مشتركة بين البلدين، وتعد مياه الحوض مصدرًا مائيًا مهمًا يغذي الجنوب السوري، أما أردنيًا، فهو مصدر أساسي للمياه السطحية التي تسهم بـ 27% من مجموع كميات المياه المستهلكة سنويًا، ويصنف الأردن كإحدى أفقر الدول مائيًا، إذ تبلغ حصة الفرد من المياه 61 مترًا مكعبًا، أي أقل من 88% من خط الفقر المائي المقدّر بـ500 متر مكعب سنويًا، أما في سوريا، فتبلغ حصة الفرد680 مترًا مكعبًا، كما صرح وزير الموارد المائية، أسامة أبو زيد، وتحتاج سوريا إلى استثمارات تتراوح بين 500 و700 مليون دولار لإعادة تأهيل شبكات توزيع المياه، ومن 100 إلى 150مليون دولار لتفعيل أنظمة العدادات الذكية، بالإضافة إلى مليون دولار لإدخال منظومة الطاقة المتجددة لمحطات المياه.
وبالتالي، فإن المطامع التوسعية للاحتلال الإسرائيلي في زيادة مساحة الأراضي السورية التي يحتلها ومحاصرة حوض اليرموك والسيطرة على جبل الشيخ أعلى المناطق في سوريا، والمطل على أجزاء من لبنان، لا تستهدف التحكم بالمياه السطحية والجوفية ومنع استقرار سوريا وتفتيتها فحسب، بل تشكل ضغطًا جيوسياسيًا على الأردن، وهي سياسات مرتبطة بخطط نتنياهو القديمة المتجددة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول في تحقيق “شرق أوسط جديد” ومخططات الهيمنة والاستخراجية للإدارات الأمريكية المتعاقبة في المنطقة، التي أخرها مشروع “ريڤيرا” ترامب لتطهير غزة عرقيًا من سكانها الأصليين الفلسطينيين عبر استمرار حرب الإبادة الجماعية على القطاع وليّ ذراع الأردن ومصر وسوريا وصوماليا والسودان لاستقبالهم كلاجئين ولاجئات، وعبر استحداث “دائرة (الهجرة الطوعية) من قطاع غزة” في وزارة الدفاع الإسرائيلية بعد تصديق الكنيست عليها، وذلك لإتمام إجراءات الترحيل القسري لمن قد ينجو من فلسطينيي القطاع إلى “دولة ثالثة” شرط ألا يعودوا إلى أراضيهم أبدًا.
ولا يكتمل المشهد دون التعريج على ما يحصل في لبنان والضفة الغربية، حيث يستمر وجود قوات الاحتلال في عدة بلدات بالجنوب اللبناني، ويواصل خروقاته لاتفاقية وقف إطلاق النار التي يفترض أنها دخلت حيز التنفيذ في 27 من تشرين الثاني 2024 ولم يلتزم بها، إذ قُدّرت مجمل الخروقات في 23 من يناير/كانون الثاني 2025 بـ632 خرقًا، وتوعد نتنياهو بمزيد من التصعيد عقب غارات استهدفت العاصمة بيروت في 28 من آذار 2025، أما في الضفة، فالعدوان الإسرائيلي المكثف والمستمر منذ أكثر من شهرين هجّر قسرًا أكثر من 21 ألف شخص بعد أن دمر أكثر من 600 منزل وجرف 100% من شوارعها حتى أعلنت بلديتها عدم أهلية المنطقة للعيش، وبنفس المنهجية هجّر الاحتلال 4 آلاف عائلة من مخيّمي طولكرم ونور شمس.
ووفق هذه المعطيات، فإن المنطقة تعيش في مخاض عسير يتطلب وعيًا وإرادة جمعية قادرة على مواجهة التحديات ومقاومتها.
عنب بلدي
————————
======================