تشكيل الحكومة السورية الجديدةسقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعسياسة

الحكومة السورية الانتقالية: المهام، السير الذاتية للوزراء، مقالات وتحليلات تحديث 01 نيسان 2025

لمتابعة مكونات الملف اتبع الرابط التالي

تشكيل الحكومة السورية الجديدة

——————————

الحكومة السورية… وتثبيت هزائم “الهلال”/ إبراهيم حميدي

إيران حاضرة في كل شيء والتخلص من نفوذها وتركتها، لن يكون مهمة سهلة

آخر تحديث 31 مارس 2025

يروي أحد الوزراء الجدد في الحكومة السورية، أنه عندما غاص في سجلات وزارته، فوجئ بحجم “الملفات الإيرانية” وخطورتها. حال هذه الوزارة كوزارات ومؤسسات كثيرة في سوريا. ملفات وعقود وصفقات ومعلومات وتداخلات وامتدادات تصل أحيانا إلى طهران. توغل في “النظام العميق”، ما يجعل تخلص حكومة ما بعد “نظام الأسدين”، من هذه التركة لن يكون سهلا وسريعا.

مرت العلاقات السورية–الإيرانية خلال العقود الماضية بمراحل تصاعدية مختلفة بعد فوز “الثورة” بالحكم عام 1979. وأمام كل أزمة وامتحان تزداد عمقا عموديا واتساعا أفقيا. في الحرب العراقية-الإيرانية في 1980 انحاز حافظ الأسد إلى الخميني ضد صدام. وخلال الاجتياح الإسرائيلي إلى لبنان في 1982 فتح الأسد الأراضي اللبنانية أمام “الحرس الثوري” لتأسيس “حزب الله”.

وخلال حرب الخليج عام 1990 وقف الأسد ضد رفيقه “البعثي” في بغداد وشارك في حرب تحرير الكويت بعد عام. حتى عندما فاوض الأسد الإسرائيليين برعاية أميركية في عقد التسعينات، أبقى على الحضور الإيراني والتنسيق مع حلفائها في الفصائل الفلسطينية التي عارضت “اتفاق أوسلو” 1993.

لقد حافظ الأسد-الأب على تعاون عسكري وأمني مع روسيا (بعد الاتحاد السوفياتي) والصين وكوريا الشمالية من جهة، وعلاقات سياسية واقتصادية مع الدول العربية من جهة ثانية، لكنه أبقى مع إيران على البرامج السرية للتعاون العلمي في المجالات العسكرية والأمنية والصواريخ.

ومع تسلم الأسد-الابن الحكم في عام 2000، انتقلت علاقة دمشق مع طهران من التحالف والتوازن إلى التماهي مع رأي “المرشد”. ومع خروج الجيش السوري من لبنان في 2005 بعد اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري وحرب يوليو/تموز 2006، أصبح النظام السوري ينام ويستيقظ في “الحضن الإيراني”.

النقلة الأكبر حصلت في العقد الأخير، عندما اندلعت الثورة السورية في 2011، بات نظام بشار الأسد تابعا إلى “المرشد” الإيراني و”حزب الله” اللبناني، وبات من أدوات إيران في سوريا، فالقرار في طهران والضاحية الجنوبية والتنفيذ من أذرع إيران في الإقليم، وتحولت سوريا ساحة في معركة النفوذ، وممرا ومعبرا للسلاح والذخيرة والعقيدة من طهران إلى العراق إلى لبنان والقضية الفلسطينية وباقي مناطق الشرق الأوسط.

تحت مظلة التحالف، هناك الكثير في سوريا: ميليشيات تابعة لإيران، ومعسكرات تدريب، وممرات ومعابر سرية، وشبكات تهريب، وشركات الالتفاف على العقوبات، وبرامج أسلحة وصواريخ، ومنشآت عسكرية واقتصادية واجتماعية ودينية، وصفقات اقتصادية ومناطق صناعية، وتنسيق أمني، وبنية تحتية كاملة من البرامج الإلكترونية والخلايا السرية التي انتعشت في البلاد مع تراجع قدرات النظام في العقد الأخير.

حاولت إيران بناء “دولة الظل”، بمنشآتها العسكرية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، ومع فتح كل ملف من ملفات الحكومة يظهر حجم التوغل الإيراني في سوريا. في المصالح العقارية هناك الكثير من العقارات مسجلة باسم مؤسسات إيرانية. وفي الأمن والجيش هناك الكثير من لجان التنسيق، وأيضا البنية التحتية للتجسس والتنصت إيرانية.

انهيار النظام السوري في 8 ديسمبر/كانون الأول، أنهى القسم العلني من “الحضور الإيراني”. وانسحبت الميليشيات والمستشارون وضربت المسيرات والطائرات. لكن القسم الأكبر غير المرئي هو الأخطر. تفكيك شبكات تهريب السلاح والمخدرات وقطع الممرات السرية على الحدود السورية مع العراق ولبنان والأردن. وتفكيك الخلايا والبرامج في بنية النظام السوري.

إيران حاضرة في كل شيء والتخلص من نفوذها وتركتها، لن يكون مهمة سهلة. تحقق قسم كبير، وما تبقى عملية صعبة ومعقدة وستأخذ وقتا طويلا. ولا شك أن إحدى المهمات السرية لحكومة ما بعد “نظام الأسدين” هي التخلص من البرامج السرية. ولا شك أن حجم الترحيب العربي والأوروبي بتشكيل الحكومة السورية الجديدة، هو استعداد لدعمها في استكمال الانقلاب الإقليمي وتثبيت نكسات “الهلال الإيراني” في سوريا والشرق الأوسط.

المجلة

———————————

ما يُسجَّل في هامش ولادة الحكومة السورية/ عمر كوش

01 ابريل 2025

جاء إعلان الرئيس السوري، أحمد الشرع، تشكيل حكومة انتقالية في سورية كي ينهي فترة انتظار عاشها السوريون، وامتدّت ما يقارب 14 شهراً بعد سقوط نظام الأسد. والأهم أن تشكيلها استكمل ركناً أساسياً من أركان السلطة التنفيذية الجديدة، وبالتالي، باتت الأنظار تتوجّه، ليس فقط نحو الخطوات التي ستقوم بها الحكومة، والمهام التي ستنجزها، ومدى تطابقها مع تطلّعات السوريين، بل أيضاً نحو تشكيل مجلس الشعب كي يكتمل الركن الأساس في السلطة التشريعية، ما يعني سدّ الفراغ الحاصل في السلطة، وبدء مرحلة جديدة في تاريخية جديدة، يتوقّف عليها مستقبل سورية، ويأمل السوريون بأن تلّبي تطلعاتهم وطموحاتهم، وتخفّف من معاناتهم الطويلة من كارثية مرحلة الاستبداد.

ما يسجّل في هامش ولادة الحكومة السورية الجديدة، أنها المرّة الأولى التي يشهد فيها السوريون مراسم ولادة حكومتهم مباشرةً، ويعرض الرئيس خلالها برنامج عمل الحكومة، التي اعتُبر تشكيلها بمثابة إعلان لإرادتهم المشتركة في بناء دولة جديدة، كاشفاً أن خطّتها المستقبلية تحمل وعوداً كثيرة، بالاعتماد على عدّة محاور، منها “الحفاظ على الموارد البشرية وتنميتها، وإعادة بناء مؤسّسات الدولة على أساس من الشفافية، ومعالجة القضايا المعيشية، إضافة إلى مواصلة معالجة الوضع الأمني”. إضافة إلى استقطاب الموارد البشرية السورية في الخارج، وإنشاء بيئة استثمارية لجذب الاستثمارات… وسوى ذلك.

إذاً، تسجّل ولادة الحكومة وعوداً كثيرة، تنتظر التنفيذ والتجسيد في أرض الواقع، خاصّة أن التحدّيات الكثيرة التي تواجهها لا تتوقّف فقط على ضرورة إشراك جميع السوريين في إعادة بناء ما خربّه نظام الأسد، بل تتطلّب التعاون مع المجتمع الدولي في هذا الخصوص. ولذلك تبدو التشكيلة الحكومية وكأنّها محاولة للجمع بين متطلّبات التمثيل الداخلي لمعظم أطياف الشعب السوري، وفي الوقت نفسه مراعاة المطالب الخارجية، وخاصّة التي طرحتها كلّ من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي لرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية، إذ أرادت السلطة الجديدة إظهار التنويع في تولّي المناصب الوزارية بين شخصيات من لونها الإسلامي، وشخصيات أخرى من التكنوقراط وأصحاب الخبرات، وآخرين ممّن شغلوا مناصب خلال فترة نظام الأسد البائد.

تُظهر النظرة إلى التشكيلة الوزارية إسناد حقائب سيادية مهمّة، ممثلةً بالدفاع والخارجية والداخلية إلى شخصيات من “هيئة تحرير الشام” (يفترض أنها حلّت نفسها)، إلى جانب وزارتي العدل والطاقة، فيما ذهبت بقية الوزارات إلى شخصيات من التكنوقراط وذوي الخبرات والمؤهّلات. ولعلّ تمثيل المرأة الوزاري جاء في حدّه الأدنى ممثلاً بسيدة وحيدة، ما لا يتناسب مع نسبة المرأة في المجتمع السوري، ولا مع أهمية مشاركتها في بناء بلدها، فضلاً عن تضحياتها وأدوارها في الثورة السورية. وكان من غير اللائق التركيز ليس في مؤهلاتها ودورها في خدمة مجتمعات الثورة، بل على انتمائها المسيحي. وفي السياق، جرى التركيز في إبراز تعيين وزراء من المكونات العلوية والدرزية والكردية، بغية الإيحاء بالصفة التمثيلية الجامعة لمختلف المكوّنات المذهبية والإثنية، في محاولة لإرضاء قوى الخارج. مع أن رفض مبدأ المحاصصة لم يمنع أن تضمّ التشكيلة الوزارية وزراء من أطياف سورية مختلفة، لكن ذلك لا يحظى بأهمية كبيرة في النظام الرئاسي الذي حدّده الإعلان الدستوري المؤقت، ومُنح فيه الرئيس سلطات تنفيذية واسعة، بما يمكّنه من القبض على مفاصل السلطة، وإرضاء مختلف التكوينات والأطراف التي يريد تقريبها من حضن السلطة.

لم يقتصر الأمر على المناصب الوزارية فقط، بل حاول وزراء في تقديمهم رؤاهم وخططهم إرسال رسائل تطمئن قوى المجتمع الدولي الفاعلة، من خلال إبراز توجّههم نحو بناء دولة “طبيعية مسالمة، وصديقة للجميع”، وتعتمد على إشادة شراكات اقتصادية والانفتاح، وتبنّي علاقاتها الخارجية وفق “مبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل” بين الدول، الأمر الذي يشي بأن السلطة الجديدة تدرك مدى حاجتها للتحاور والتعاون مع مختلف أطراف المجتمع الدولي، وأنها ستسعى جاهدةً من أجل إقناع حكومات الغرب بضرورة رفع العقوبات الاقتصادية، بوصفها العامل الأساس في استمرار معاناة السوريين من تردّي أوضاعهم المعيشية، والمعيق عمليات التعافي المبكّر ومساعيه، والشروع في إعادة الإعمار، وتكمن أهمية تعليقها أو إزالتها في توفير مقوّمات نجاح العملية الانتقالية في سورية.

ما يسجّل أيضاً أن تشكيل الحكومة الانتقالية جاء تلبيةً لضرورات والتزامات داخلية بالدرجة الأولى، ومواجهة التحدّيات المطروحة، وليس مجرّد إجراء غايته إقناع الغرب برفع العقوبات. وبالتالي، ينبغي على السلطة السورية الموازنة ما بين متطلّبات الداخل والخارج، شريطة عدم الوقوع في فخّ المحاصصة الطائفية والإثنية داخلياً، وفي فخّ الرضوخ لابتزاز قوى الخارج، خاصّة أن الولايات المتحدة تخفي خلف شروطها المُعلَنة لرفع العقوبات شروطها غير المُعلَنة، التي تتمحور حول التطبيع بين السلطة السورية الجديدة وإسرائيل، إذ لم يخفِ مسؤولون أميركيون الربط بين رفع العقوبات المفروضة على سورية والتطبيع مع إسرائيل، عبر عقد اتفاقية سلام مذلّة معها، تتخلّى فيها سورية عن هضبة الجولان المحتلة، وعن أراضٍ أخرى احتلّتها إسرائيل بعد سقوط نظام الأسد، بمعنى قبول مقايضة السلام في مقابل رفع العقوبات الجزئي والمشروط، وبشكل يضمن أمن إسرائيل وتفوّقها عسكرياً، ويؤدّي إلى تجريد سورية من ممكنات أن تكون قوّيةً عسكرياً مستقبلاً.

قد تكون تشكيلة الحكومة محاولةً لتكريس تمثيل مكوّنات المجتمع السوري وفقاً للرؤية التي تحملها السلطة الحاكمة، عبر توفير أولوية الاعتماد على أصحاب الكفاءات في شغل المناصب الوزارية، خاصّة غير السيادية، ومن دون الاستناد إلى منطق الانتماء الإثني والمذهبي، لكنّ الأمر الحاسم داخلياً هو العمل على تأسيس دولة المواطنة والقانون، وعدم سعي السلطة إلى فرض هيمنتها على المجال العمومي، الأمر الذي يقتضي تعديل الإعلان الدستوري بما يتماشى مع توفير مساحات تتيح المجال أمام ممارسة الحرّيات وتنظيم الحياة السياسية للسوريين كافّة.

العربي الجديد

———————————

ماذا يريد السوريون من الحكومة الانتقالية الجديدة؟/ حسن النيفي

2025.04.01

عيد سعيد ونصر مجيد، لعلها العبارة الأكثر حضوراً في نفوس معظم السوريين الذين وجدوا في حلول عيد الفطر هذا العام معنى مختلفاً، بل مغايراً لما سبقه من أعياد، إذ هي المرة الأولى التي يتبادل فيها السوريون تهاني العيد من دون خوف من استهداف الطيران الأسدي وسائر وسائل القتل والإجرام. بل لعلها من المناسبات النادرة والمتميّزة أن يتزامن الاحتفاء بالعيد مع الإعلان عن أول حكومة انتقالية في سوريا بعد تحرّرها من الطغيان الأسدي، علماً أن تشكيل الحكومة كان الاستحقاق الثالث بعد استحقاقين سبقاه، أعني مؤتمر الحوار الوطني (24 – 25 شباط 2025) وصدور الإعلان الدستوري (13 آذار 2025)، فما الذي يريده السوريون من الحكومة التي انتظروا الإعلان عن تشكيلها؟.

لعله من الصحيح أن وجود كيان تنفيذي يتولّى إدارة البلاد في المرحلة الانتقالية بات أمراً ضرورياً، إنْ بالنسبة إلى المواطنين الذين يشعرون بالحاجة إلى حضور الدولة في الحياة العامة، وإنْ بالنسبة إلى السلطة الحاكمة التي تستمد جانباً من مشروعيتها من قدرتها على إدارة الشأن العام، ولكن ما هو صحيح أيضاً أن انتظار عموم السوريين لهذا الكيان التنفيذي (الحكومة) لا يعني التطابق أو التماهي في التطلعات أو المطالب، هذا ما تؤكّده الآراء المختلفة وردّات الفعل المتباينة التي أعقبت تشكيل الحكومة، ولعل هذا ما يجيز التمييز بين آراء شريحتين او أكثر من السوريين.

1 – الجمهور العام : ونعني به عموم المواطنين الذين لم يغادروا البلاد، ولاقوا على مدى السنوات التالية لانطلاقة الثورة السورية معاناة متعددة الأشكال والجوانب من جرّاء تردّي الأحوال الأمنية والاقتصادية والاجتماعية في ظل نظام الأسد البائد، ولا شك أن هؤلاء ينظرون إلى وجود الحكومة على أنها حاجة (وجودية) باعتبارها الجهة الوحيدة القادرة على وقف حالة التدهور المعيشي والانفلات الأمني والفوضى التي تحكم مفاصل البلاد، وبالتالي فهم يريدون من الحكومة المرتقبة كلّ شيء، بدءًا من الأمن وتحصين الحياة العامة من خطر الاستمرار في الفوضى، مروراً بتأمين المأكل والمشرب ومقوّمات الحياة الضرورية، وصولاً إلى مجمل الخدمات العامة – كهرباء – ماء – تعليم – صحة – إلخ، التي تكاد تكون معدومة في معظم المدن والبلدات والقرى. ولعل هذه الشريحة من السوريين لا تأبه كثيراً بالهوية السياسية أو الأيديولوجية لمن سيعمل ضمن تشكيلة الحكومة، وكذلك لا تعنيها كثيراً مسألة المحاصصات العرقية أو الطائفية أو المناطقية داخل بنية الحكومة، بقدر ما يعنيها قدرة هذه الحكومة على القيام بمهامها بإخلاص وأمانة، فمشروعية الحكومة لدى هذه الشريحة مستمدَّة من مُنجزها المرتقب، وليس من خلفياتها السياسية والأيديولوجية السابقة والمعروفة .

ولا ريب أن ابتعاد هذه الفئة من الناس عن ترف المعايير السياسية إنما ينبثق من يقينهم بأن الأسد الهارب قد ترك البلاد تلّةً من الخراب، وإن جدارة أي سلطة جديدة بقيادة البلاد إنما تكمن في قدرتها على انتشال البلاد من حالة الغرق في الفوضى ومن ثم العبور إلى ضفة الأمان، بما يعني ذلك من قدرةٍ على تحسين الظروف الحياتية للمواطن مع الحفاظ على سيادة الدولة ووحدة ترابها، ومن ثم التأسيس لعهد جديد تكون فيه حياة الإنسان وكرامته وحقوقه من أولويات الدولة، وبالتالي يمكن الذهاب إلى أن هذه الشريحة هي بالفعل من يطبق المفهوم القائل: لا يهمنا من يحكم، بقدر ما يهمنا كيف يحكم.

2 – الناشطون والساسة والنخب الفكرية والثقافية: لعل اشتراطات هذه الفئة أو معاييرها التي تجعلها ناظما لقبول الحكومة الجديدة تختلف عن الفئة الأولى، إذ إنها لا تنبثق من هاجس وجودي وليد معاناة حياتية ويومية، كون معظم أفراد هذه الشريحة يقيمون خارج سوريا، وإنما تنبثق من معايير سياسية أو أيديولوجية، وربما انبثقت أيضاً من معطى حقوقي أو قانوني ذي صلة بإدارة الدولة، ولعل مجمل مطالب هؤلاء تندرج في الإطار التنظيري لشكل الدولة وضرورة تطبيق مبدأ الشراكة في السلطة والالتزام بأسس العمل الديمقراطي وإطلاق الحريات وما إلى ذلك، وهي اشتراطات وجيهة ومشروعة لو خرجت من صومعة (التنظير المجرّد) إلى حيّز المقاربات العملية والواقعية لما يجري على الأرض، ما يعني أن كثيراً مما تقوله هذه الشريحة من (النخب) السورية هو كلام صحيح في إطاره العمومي ولكنه يحتاج إلى مقاربة أكثر عمقاً وملامسةً للواقع ليتحول من خطاب نظري عائم إلى مقاربة نقدية تبحث عن الحلول ولا تسعى للإعاقة أو التعطيل فحسب، وفي هذا السياق ثمة مفارقات تبعث على الاستغراب من جرّاء بعض المواقف، لعل أحدها موقف العديد من الكيانات (أحزاب – تيارات سياسية) وكذلك الشخصيات الثقافية والسياسية التي كانت طوال السنوات السابقة منخرطة في المسارات التفاوضية مع نظام الأسد (مسار جنيف و أستانا – اللجنة الدستورية) وكانت لا تمانع من التفاوض مع النظام البائد ومشاركته في السلطة تطبيقاً للقرار الأممي 2254 ، في حين أنها ترفض اليوم أي مشاركة أو اعتراف بالسلطة والحكومة الحاليتين باعتبارهما نتاج (اللون الواحد)، فهل كان نظام الأسد نظاماً تعدّدياً مختلف الألوان؟

من جهة أخرى، لا يمكننا تجاهل كثير من التناقضات التي باتت السمة المميّزة للخطاب النخبوي السوري، ولعل أبرزها التشديد في التنظير العام على ضرورة الالتزام بمفهوم المواطنة واعتماد مبدأ الكفاءة والمهنية لمن يتولى موقع المسؤولية في مفاصل الدولة، إلّا أن هذا الخطاب سرعان ما ينحدر إلى دعوة صريحة نحو المحاصصة العرقية والطائفية وربما العشائرية أحياناً. ربما كانت دعوة المجتمع الدولي، وتحديداً أوروبا والولايات المتحدة الأميركية إلى ضرورة إشراك كافة المكونات العرقية والدينية في حكم البلاد، نابعةً من التصوّر الغربي للدولة السورية، بل للمواطنين السوريين بأنهم ليسوا أكثر من مجموعة من الأعراق والأديان المتناحرة، وتناحرهم هو الجذر الحقيقي للمشكلة او الحرب في سوريا، وقلّما نظر الغرب إلى قضية السوريين باعتبارها مواجهة بين شعب يطالب بالحرية ونظام إبادة موغل في الإجرام ، ولعل هذه الرؤية الغربية هي المنبثقة من تصوّر (استشراقي) لا يزال هو المَعِين الأساسي للمفاهيم والتصورات الغربية عن القضايا العربية والإسلامية، فهل تسعى النخب السورية إلى استلهام هذا الفهم بغيةَ إعادة إنتاجه من جديد؟

ما هو مؤكّد أن هيئة تحرير الشام التي وصلت إلى السلطة من خلال عملية عسكرية (ردع العدوان) هي من تُمسك بالمفاصل الأساسية للسلطة، بل وتحرص على أن تكون الجهة المسيطرة على جميع روافع السلطة وحواملها، شأنها في ذلك، شأن أي حركة ثورية أو عسكرية تستولي على السلطة بالقوة، ولكنها في الوقت ذاته لم تغلق الباب أمام الآخرين أو أمام من يريد أن يكون شريكاً وفاعلاً في إدارة الشأن العام، ولا أعتقد أن بمقدورها القيام بذلك والحجر على وعي السوريين الذي تجاوز عهود الطغيان والاستبداد، ولكن في الوقت ذاته لن تكون الشراكة هدية جاهزة أو مُنجَزاً مكتملاً ينتظر أصحاب الرغبات فحسب، بل سيكون جديراً بأصحاب العمل الدؤوب والجهد الصادق المخلص، ولعله أيضاً يكون مرهوناً بمزيد من التضحيات.

تلفزيون سوريا

———————————–

الحكومة السورية… دمج محيّر/ عدنان عبد الرزاق

01 ابريل 2025

قلما حظي تشكيل حكومة باهتمام وترقب، محلياً ودولياً، كاللذين نالتهما الحكومة السورية قبل أيام، حين نقلت التلفزات السورية وغير السورية حفل تنصيب الوزراء على الهواء مباشرة، في طقس كرنفالي غير مألوف ومعتاد وبطريقة قسم “خلت من الكتب المقدسة”، وإعلان مشروع الوزير على الملأ. ولهواجس المترقبين، السوريين وغير السوريين، أسبابها المحقة، وربما بعضها غير المحق، الذي يمكن وصفه بالمطلبي غير المنصف لحال سورية المهدمة، أو مجازاً بـ”الكيدي”، بدليل الحكم على الحكومة وانتقاد من تسربت أسماؤهم منها، حتى قبل إعلانها رسمياً، من الرئيس أحمد الشرع ليل السبت.

وأسباب الترقب المحقة كثيرة ومتعددة المستويات، فهذه الحكومة تأخر إعلانها، نحو شهر، عن وعود إدارة الرئيس أحمد الشرع وقت شكلت، إنقاذياً، الحكومة الانتقالية، وهذه الحكومة تحت المجهر، السوري والإقليمي والدولي، لجهة ضرورة تمثيلها شرائح السوريين، المناطقية والقومية والدينية، بعد تلوين قيادة الحكم السوري بعد التحرير، ومنها الحكومة، بلون واحد.

ومنتظرة أيضاً، لأنها بمثابة الاختبار الأخير لصدقية الحكم الجديد وتطبيق خطاباته على الواقع، بعد ما يصفه سوريون بخيبتي الحوار الوطني والإعلان الدستوري، واللذين لم يخلوا من الاستئثار أو الانتقائية بأبسط وألطف الألفاظ. بعدما فشلت، أو لم توفق الحكومة الانتقالية بتسيير أعمال السوريين، بل وأخذ عليها مماسك التعسف وتسريح العاملين بالدولة، بعدما عرف عنها التجريب وعدم التخصص والدراية.

بيد أن الحكومة السورية الجديدة حققت جلّ، إن لم نقل معظم المطالب الداخلية والشروط الخارجية، من تمثيل واسع لمكونات السوريين، ولتغليب التكنوقراط على أعضائها، وغلبة الشباب الحالمين أصحاب المشاريع والتطلعات التي طعموها، بمعرفة وتجارب، إثر إقامتهم خارج البلاد. كما لوحظ الاهتمام بما توجبه الحالة السورية، إن بإحداث وزارة الطوارئ والكوارث أو وزارة الشباب والرياضة. كما استجابت الرئاسة السورية لمطالب الدمج ومخالفة نظام الأسدين البائدين، وقت كانت الحقيبة الوزارية بمثابة مكافأة وعدد الوزراء ينوف على الثلاثين.

إلا أن الدمج كان موضع حيرة واستغراب، لأنه أتى على وزارات، من المفترض أن تتوسع، لا أن تندمج مع غيرها لتقاسمها الاهتمام أو تسرق منها الضوء ومن علمها الأولوية، كما حدث مع دمج وزارتي المغتربين والخارجية، رغم أن نصف السوريين اليوم، بين مهّجر ونازح وتحتاج همومهم ومطالبهم وطرائق عودتهم، ربما لأكثر من وزارة. فكيف لها أن تستطيع، وهي المدمجة مع الخارجية ذات المهام الجسام، ببناء واستعادة العلاقات وتحسين صورة سورية التي شوّهها حكم الأسد الابن، قبل أن يهرب في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024.

قصارى القول: طاول الدمج الوزارات الاقتصادية ذات الإرث الثقيل من التهديم والخراب، والآمال الجسام المعوّلة عليها، بفترة يرى سوريون، الوزارات المدمجة، قواطر لتنميته وتحسين واقعه المعيشي والخدمي. فدمج وزارة النفط والثروة المعدنية مع وزارة الكهرباء كان محط استغراب ودهشة، لأن تشميلهما تحت مظلة الطاقة غير كاف ومبرر، ربما للدمج.

والأهم، أن الثروات السورية الباطنية، بالبر وتحت مياه البحر، النفط والغاز والفوسفات وغيرها، ملفات كبيرة ومعقدة، فضلاً عن أن التخريب الذي لحق آبار النفط وحقول الغاز والتكالب على ثروات سورية بمياهها الإقليمية، يحتاج ربما لأكثر من وزارة. فيما الكهرباء، وإن كانت تولّد عبر الفيول أو الغاز، فهي قطاع آخر ومستقل، ولحقه ما لحقه من خراب وتدمير، إن لمحطات التوليد وشبكات التحويل، أو لكادره ومستثمريه الذين ناقصتهم سنو الحرب لدرجة الندرة، ما يلزمه تفرّد وزير وتوسيع وزارة، ليعود التأهيل للكادر والنور للسوريين والطاقة للمنشآت، والتي تضعها مطلباً أول، للعمل والاستثمار.

وجاء الدمج الثاني، ربما أكثر غرابة. فأن يتم دمج وزارتي التجارة الداخلية “التموين” والتجارة الخارجية مع وزارة الصناعة، فذاك ما لم يجد لتفسيره سوريون سبيلا. فعدا عن ابتعاد التخصص، وربما تنافره بواقع ما هو معروف عن مطالب التجار تخفيض الرسوم لتزدهر أعمالهم وتزيد أرباحهم، ومطالب الصناعيين الذين يطلبون الحماية ورفع الرسوم، ليتمكنوا، خاصة بحالة كما السورية، من إعادة تأهيل وتعمير المنشآت والإنتاج، قبل أن تفرض عليهم السلع المستوردة، منافسة عرجاء.

عدا هذا التفصيل المهم ووجود استقلالية ومؤسسات منفصلة ببنية الاقتصاد السوري منذ عقود، ثمة دور كبير، وكبير جداً لكلا القطاعين، الصناعي والتجاري، بواقع اقتصادي بائس لم يبق نظام الأسد المخلوع، أية بارقة منه أو أمل عليه، بعد عمدية تهديم ممنهجة للبنى وقصدية تهجير الصناعيين والتجار، لم تستثنيا أحداً. ليكون الدمج، غير المتوقع على الأقل، اختباراً لعمل الوزراء وكيفية إدارتهم لقطاعات واسعة، إن عبر توزيع المهام والصلاحيات للمديرين، أو إحداث مديريات مستقلة تخفف العبء على الوزارة المدمجة، أو حتى باستقلالية من تحت الطاولة وغير معلنة، عبر تعيين معاونَي الوزير، كلٌّ لوزارة.

نهاية القول: على كل ما يمكن قوله من ملاحظات حول حكومة الرئيس أحمد الشرع، إلا أنها امتصت عظيم احتقان من الشارع السوري، من جراء تنوعها واتساع تمثيلها وحسن اختيارها، قبل أن تلقى ترحيباً واسعاً، إقليمياً ودولياً، ليبقى الفصل في عمل وأداء الحكومة على الأرض، رغم الذي تعانيه من واقع مرير على صعيد الموازنة المخصصة والبنى المهدمة ومطالب الشارع ورقابته التي لن ترحم… فهو القيّم على الأداء الحكومي بواقع غياب البرلمان الذي من المنطق أن يسبق تشكيل الحكومة، لطالما هو المشرّع والمراقب لها.

العربي الجديد

——————————

شاعر القبيلة وزيراً للثقافة السورية/ راشد عيسى

تحديث 01 نيسان 2025

ظلّت ابتسامة المرء ملء وجهه، مع شعور عارم بالفخر، أثناء الاستماع لكلمات الوزراء السوريين عند إعلان أول حكومة سورية بعد سقوط المخلوع الأسد.

بدا واضحاً أنه قد طُلب منهم، إلى جانب سِير ذاتية مختصرة، تضمين كلماتهم خطة عمل.

هكذا تتالت الكلمات، من بينها كلمة وزير التعليم العالي والبحث العلمي مروان الحلبي. تحدث الوزير عن قاعدة بيانات، ومصفوفة تحديات، وتحليل أسباب، وتطوير مناهج، وخارطة للتعليم العالي، وصولاً إلى كلمته الذهب: “تعزيز الاستقلالية والحرية الأكاديمية”، و”ما أفسد جزءاً كبيراً من التعليم تَدخُّل السياسة والحزب والأمن”.

ثم وزير الطوارئ والكوارث رائد الصالح، وبطولته مع فريقه، على مدى 13 عاماً، لا تخفى. إلى وزير الاتصالات عبد السلام هيكل، الذي حتى في دعابته عن “تشات ج بي تي” بدا عارفاً تماماً لطريقه، إلى وزراء آخرين. حتى السيدة الوحيدة، الوزيرة هند قبوات، قد نجد في الركاكة اللغوية لكلمتها إضفاء لتنوّعٍ مقبول. طبعاً، فليست الحكاية سوق عكاظ، وإلا كان يجب التوقّف أولاً عند خطأ الرئيس السوري أحمد الشرع نفسه في خطاب القمة عندما رفع المضاف إليه في “وصمة عار”.

ظلّ إذاً مزاجُ السعادة طاغياً، إلى أن جاء وزيرٌ قدّمَ كلامه ارتجالاً، وأعوذ بالله من الارتجال في عالم الخطط والموازنات، ولا شك أنكم تعرفون ذلك النموذج من الحكّائين الذين يعتبرون البراعة والفصاحة في التكلّم من دون ورقة، ومن دون توقّف قدر الإمكان، بغض النظر عن الفحوى.

وما هي إلا لحظات حتى بدا الارتجال نفسه “خطة عمل”، فوزير الثقافة، محمد الصالح، شاعر، يقيم، من حيث الشكل الشعري في عصر انحطاط الشعر (لن ننسبه بالطبع إلى العصر الجاهلي حيث زمن فطاحل الشعر العربي)، بعد آية قرآنية، راح ينشد:

“لقد صُمنا عن الأفراح دهراً

وأفطرنا على طبق الكرامة

فسجِّل يا زمان النصر، سجِّل:

دمشقُ لنا إلى يوم القيامة”

“صمنا”، و”أفطرنا” و”أطباق” كلمات للمطبخ، لا للكرامة، كأن تقول مثلاً “منسف أحلام”، هل تجد في كلمة “منسف” مفردة شعرية تتواءم والأحلام؟ كذلك حين تقترن الكرامة بالأطباق. هذا عدا عن أن العبارة “صمنا وأفطرنا” تحيل فوراً إلى مثل شعبي يفسد الكلام الرفيع “صام وأفطر على بصلة”.

وعدا عن أن البيتين يخلوان كلياً من الشعر، فهما ليسا سوى ضجّةِ شِعر، فعندما تقول: “سَجّل يا زمان النصر”، علينا أن نتوقع أن العبارة التالية مرصودة لنفخ “أنا” الجمهور، والذي سيبادر إلى التصفيق، شيء يشبه أنواعاً من الموسيقى ما إن تحضر حتى تحل الدبكة معها.

بات هذا فارقاً واضحاً بين شعر مِنبريّ وآخر للقراءة. ثق أن بعض الشعر، بفضل إيقاعاته، لا يجري التمعن بمعانيه أصلاً، هو مخلوق ليلعب دور ضربة الطبل، تماماً كما مع طبول الحرب، أو طبول دبكة العرس.

أما عبارة “دمشق لنا إلى يوم القيامة”، وهي فحوى كل كلام الشاعر الوزير، التي راح أناس كثر يتناقلونها على السوشال ميديا، من فم الوزير، أو حتى بألسنتهم، فتُشعرنا بأننا إزاء نزاع حدود، تضعك أمام معادلة واهمة لـ “نحن وهم”، كأننا في خضم حرب بين قومين، قبيلتين، وعلى ما يبدو فإن الوزير يجد نفسه هنا أقرب إلى شاعر قبيلة. ولا نحسب أن الدولة الحديثة التي يحلم بها السوريون سيكون شاغلها “نحن وهم”.

عندما نصل إلى خطة الوزير في وزارة الثقافة سيكتفي بتلخيصها، ارتجالاً أيضاً، على أنها أمران: “أنْ نُفتّت ونبتعد عن كل المنظومة الثقافية التي كان يتبناها الوضيع، البائد، محتل هذا القصر”، والركون إلى “ثقافة عمل الخير، الإحسان، ثقافة التآخي،.. “، ويزيد شرحاً: “لا يمكن أن نذهب إلى ترف المعرفة في وقت تسود فيها الحاجة، ويسود فيه البؤس”! لماذا أنت هنا إذاً معالي الوزير؟! فما دامت المعرفة، والثقافة، ترفاً فلنوزّع هذه الحقيبة على “الشؤون الاجتماعية والعمل”، ووزارة الطوارئ، أو الأوقاف، فهذه أقدر على افتتاح تكايا وموائد قد ينتفع الناس بها أكثر من ترف المعرفة.

علينا أن نتوقع إذاً أن حاجات الناس ستكون دائماً في الميزان، وسيقال إن الخبز أهم من الأوبرا، وحطب المدافئ أجدى من رسم المناظر الطبيعية، وإصلاح شبكة الكهرباء أبدى من أفلام السينما،… لكن لا شيء أولى، غالباً، من شعر الوزير.

وفي الواقع، فإن شعر الوزير ضعيف للغاية (حبذا لو تعود إلى نزار قباني ومحمود درويش إن أردت أجمل الأوصاف لدمشق)، وقد انتشر فيديو له، يبدو أنه أعد تحت إشرافه، وواضح فيه الرغبة الهائلة بسقاية “الأنا” بتسليط ضوء استثنائي، وكان يكفيك لو أردت أن تنصرف إلى كتابة شعر أرفع قليلاً من القافية المبتذلة التي تنتهي بـ “ات”، مثل ابتسامات، وذاتي، ياسمينات، ملذات، سماوات، مولاتي، بريئات، ضحكاتي،.. قوافٍ تخجل القلب حقاً، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بوزير.

ولكن ما هي مؤهلات هذا الشاب، حتى يشغل مكانة وزير ثقافة لبلد ناسُه “في جيناتهم حضارة ثقيلة جداً”، على ما يقول هو نفسه في فيديو لاحق من مسجد في ضاحية قدسيا؟

في السيرة الذاتية، كما قدّمها، وبحسب البحث على الشبكة، لا كتب، ولا مؤلفات، ولا مشاريع، سوى عمله في قناة “الجزيرة”. مذيع ببضعة برامج وحسب. وهذا حقاً باب يجب أن يفتح للنقاش وإعادة النظر، فهناك سوء فهم كبير، حيث من البديهي أن يكون المذيع في الضوء، هو الموجود على الشاشة أمام الملايين، ولكن هل مجرد الظهور هذا يؤهله ليصبح من قادة الرأي؟ يتكاثر هؤلاء بشكل لا يردّ، تتكاثر الفضائيات والقنوات التي يطل عبرها مذيعون، فيفتتح الأخيرون دكاناً على تيك توك، أو أيّ من منصات التواصل ليخبرونا بآرائهم وتحليلاتهم، حتى تسللوا بفضل سطوتهم التلفزيونية إلى زوايا الصحف، محتلين أعمدة كبار الكتّاب، وبحكم شهرتهم التلفزيونية باتوا هم الأكثر قراءة.

لا ندري إن كان محمد صالح، مذيع “الجزيرة” الذي احتل موقع وزير الثقافة، يعرف شيئاً عن حال الثقافة في بلده، هل لديه فكرة عن حال مؤسسة السينما؟ ما أُنتج من وثائقيات خلال الثورة أو قبلها؟ هل يعرف شيئاً عن وزارة الثقافة التي هو قادم إليها؟ ما أنتجته وما مرّ عليها من أسماء مثقفين؟

نأمل أن يدعى الوزير غداً إلى نقاش مفتوح مع المثقفين والمشتغلين في مجال الثقافة، عسى يعدّل في خطّته المرتجلة، وقد يلاحظ صعوبة أن يكون المرء مهندساً للثقافة في بلدِ “الحضارات الثقيلة”، وأن عدة الشغل التلفزيوني وبرامج “الفصاحة” ليس لها مكان هنا.

* كاتب من أسرة “القدس العربي”

القدس العربي

——————————–

الشرع يرد على الانتقادات لتشكيل الحكومة السورية الجديدة/ عدنان علي

01 ابريل 2025

أكد الرئيس السوري أحمد الشرع أن الحكومة الجديدة راعت “تنوع” المجتمع السوري، بعيداً عن “المحاصصة”، مقراً في الوقت ذاته خلال كلمة ألقاها عقب أدائه صلاة عيد الفطر بقصر الشعب في دمشق، يوم الاثنين، بصعوبة “إرضاء” الجميع، في رد ضمني على انتقادات طاولت تركيبة الحكومة التي تولى مقربون منه أبرز حقائبها.

وأضاف الشرع: “سعينا قدر المستطاع أن نختار الأكفاء… وراعينا التوسع والانتشار والمحافظات وراعينا أيضاً تنوع المجتمع السوري، رفضنا المحاصصة ولكن ذهبنا إلى المشاركة” في تشكيل الحكومة واختيار وزرائها. وأضاف “اخترناهم أصحاب كفاءة وأصحاب خبرة ومن دون توجهات فكرية أو سياسية معينة، همهم الوحيد هو بناء هذا البلد وبناء هذا الوطن وسنوفر لهم كل الإمكانيات ليكونوا ناجحين”، بحسب “فرانس برس”.

وأقر أنه “لن نستطيع أن نرضي الجميع”، موضحاً “أي خطوات سنأخذها لن تحصل على التوافق وهذه الحالة الطبيعية، ولكن علينا أن نتوافق بالحد الأدنى وبالمستطاع”، معتبراً أن بلاده أمام “طريق طويل وشاق” لكنها تملك “كل المقومات التي تدفع إلى نهضة هذا البلد”.

وأعلن الشرع ليل السبت تشكيل حكومة من 23 وزيراً، من دون رئيس للوزراء. ورغم أنها جاءت أكثر شمولاً من حكومة تصريف الأعمال التي سيّرت البلاد منذ إطاحة حكم بشار الأسد قبل أكثر من ثلاثة أشهر، إلا أن تشكيلها أثار انتقادات أبرزها من الإدارة الذاتية الكردية، التي انتقدت “مواصلة إحكام طرف واحد السيطرة” على الحكومة، وقالت إنها لن تكون “معنية” بتنفيذ قراراتها.

استعداد أوروبي للتعاون مع الحكومة السورية

من جانبه، أعرب الاتحاد الأوروبي عن استعداده للتعاون مع الحكومة السورية الجديدة، وفق ما نقلت وكالة فرانس برس. وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد كايا كالاس ومفوّضون آخرون في بيان، إنّ “الاتحاد الأوروبي مستعدّ للتعاون مع الحكومة الجديدة لمساعدتها على مواجهة التحديات الهائلة التي تنتظرها”.

وقبل ذلك، رحبت إيطاليا بإعلان تشكيل الحكومة السورية الجديدة، مؤكدة استعدادها للمساهمة في إعادة إعمار سورية. وقالت وزارة الخارجية الإيطالية في تغريدة على منصة “إكس”: “أطيب التمنيات للحكومة السورية الجديدة، إيطاليا مستعدة للمساهمة في إعادة إعمار سورية ودعم انتقال سلمي وشامل ومحترم لجميع المكونات، في إطار التزامها باستقرار المنطقة”.

كما رحبت وزارة الخارجية الإسبانية بالحكومة الجديدة، التي قالت إنها “قد تمثّل خطوة إلى الأمام نحو الوصول إلى سورية سليمة وشاملة تضمن وحدة البلاد وسلامة أراضيها”.

وأشارت الوزارة، في بيان، إلى أن إسبانيا ستواصل دعمها للشعب السوري، عبر التنسيق مع الشركاء الأوروبيين ودول المنطقة للمساهمة في استقرار سورية وتحقيق السلام في الشرق الأوسط.

من جهتها، قالت السفارة البولندية في دمشق، إن “بولندا تقدّم التهاني بمناسبة تشكيل الحكومة الجديدة في سورية، وتُعرب عن ترحيبها ودعمها المتواصل لإعادة بناء سورية ذات سيادة وشاملة وموحّدة، تحترم العدالة والحقوق المتساوية لجميع مواطنيها”.

العربي الجديد

——————————

انتهت الثورة… وداعاً يا أصدقاء/ عمر قدور

الثلاثاء 2025/04/01

في وقت متأخر من مساء السبت بدأت مراسم الإعلان عن تشكيل الحكومة السورية، والتي يُفترض أنها الحكومة الانتقالية. على صعيد الشكل، هي المرة الأولى التي يتقدّم بها الوزراء بإيجاز عن خطة كلّ منهم لوزارته، وكانت هذه فرصة للتعرّف عليهم وعلى التباينات فيما بينهم. إذ ظهر مَن هو مدرك جيداً للإحاطة المطلوبة منه، وظهر مَن تعامل معها كمناسبة خطابية تعفيه من تقديم تصور أولي عن عمله المقبل.

لكن حتى هذا الأخير لقي تهليلاً واسعاً لدى أنصار السلطة، وزاد تهليلهم نكايةً بانتقادات الذين أشاروا إلى فداحة عدم تقديمه ما يشي بمعرفته بالوزارة التي يترأسها. النقد ممنوع لدى هؤلاء الأنصار، وبحجج صارت معروفة مسبقاً. بل يمكن تصوّر ردود الأفعال برمّتها (قبل حدوثها) على نحو يبدو كاريكاتورياً، مع أنه ليس كذلك، حيث هناك شريحة واسعة مستعدة سلفاً للتهليل.

في المقابل، ثمة فئة ضيقة من الذين يرفضون السلطة جذرياً، بمعنى أنهم يرفضون الاشتباك معها على صعيد التفاصيل ولو من موقعهم الرافض نفسه. وليس في المنتصف بين النقيضين، بل على حدة، هناك الذين يتعاطون من منظور السياسة، بوصف الأخيرة اشتباكاً بالواقع على صعيد الكليات والجزئيات. وأيضاً بوصف السياسة وسيلة للتشارك في الفضاء العام، من دون إقصاء ومن دون السماح لأية جهة بالتغوّل عليه.

جدير بالذكر أن إعادة السياسة إلى التداول كانت من بين المقاصد الأساسية لثورة 2011، ويبدو هذا الجانب غائباً أو مغيَّباً عن معظم سجالات اليوم القائمة على اصطفافات أرسخ من أن تُحسَب على السياسة. الثورة حسب أنصارها انتهت على أبعد تقدير مع سقوط الأسد، وهي بحسب آخرين انتهت قبل ذلك بسنوات طويلة لصالح الحرب وانقساماتها. الثورة انتهت، بعد شهور بالنسبة للبعض، وبعد سنة أو اثنتين بالنسبة للبعض الآخر، وعندما دخل الشرع دمشق بالنسبة لآخرين. المهم أن ثورة 2011 قد انتهت، ولا توجد ثورة أخرى الآن، وهذا ما يجب التأكيد عليه، والانتباه جيداً إلى مضمونه.

معظم المنخرطين في سجالات اليوم لا يزال ماثلاً في أذهانهم انقسام ثورة 2011 ثم انقسام الحرب التي تلتها، وهو بطبيعته انقسام جذري لأنه استقرّ بوصفه انقساماً دموياً لا رجعة فيه. وعلى ذلك لم يخضع للتفحّص والتمحيص، رغم أن العديد من انحيازات الحرب كان محكوماً بالضرورة والإكراه، لا برغبات حرة، وأبسط مثال على ذلك هو الانحياز إلى فصائل لا تلبّي التطلعات، لكنها كانت مقبولة لأنصارها بالمقارنة مع العودة إلى جحيم الأسد. والعداء المستحَق للأخير وحَّدَ طيفاً واسعاً من المتخالفين، ونسبة منهم لا تؤمن بالمُثُل التي نادت بها الثورة، ومن ضمنها نسبة غير ضئيلة من الذين يعتقدون أن الثورة قامت لأن الأسد ارتكب المجازر، أي بوصفها ردّ فعل لا غير.

القسم الأكبر من السوريين لا يعلم الكثير عن النضالات التي تصاعدت في النصف الثاني من السبعينات، وانتهت بقمع شديد من الأسد الأب. ثم عادت الحيوية رويداً رويداً في التسعينات، لتكون مع بداية القرن أكثر وضوحاً في تبنّي قيم الحرية والديموقراطية. انطلاق الثورة، بهذا المعنى، هو من ضمن سياق سوري فلا يُفسَّر فقط بموجة الربيع العربي. وعندما نقول إنه سوري فالحديث هو عن سياق من السعي إلى التغيير الديموقراطي، السياق الذي لم يبدأ بالثورة ولم ولن ينتهي بانتهائها.

وفق السياق ذاته، تثبت السلطة انتماءها إلى الثورة بأن تيسّر السياسة كسبيل إلى التحوّل الديموقراطي، فلا يُضطر السوريون إلى ثورة جديدة؛ هذا لا يخص السلطة الحالية فقط بل يصح لو كانت مكانها أية سلطة أخرى. الثورة هي بنت الضرورة، وهي الاستثناء لا القاعدة، وهي مكروه بقدر ما يكون الثمن المدفوع غالياً، وهذا المكروه لا ينفي الاعتزاز بقيَمها.

يُبنى على ذلك أن انقسامات الثورة هي أيضاً الاستثناء لا القاعدة، وجذرية الانقسام استثناء آخر، بينما القاعدة هي الانقسامات السياسية المتولّدة عن مصالح ورؤى مشتركة لأطرافها ضمن صراع سلمي. وعندما نقول إن الثورة انتهت فمن المفترض تالياً أن تنتهي انقساماتها لصالح انحيازات جديدة للسوريين؛ انحيازات سياسية بمعنى أنها تتوسل السياسة كأداة للاختلاف، ولا تتوسل العنف حتى في حالات الخلاف الراديكالي، ولا يسعى أي طرف إلى إسكات الخصم والقضاء عليه قضاء مبرماً على غرار ما آل إليه الصراع مع الأسد كصراع وجود.

اليوم، هناك قدر كبير من العنف اللفظي بين السوريين على السوشيال ميديا، عنف يذكّر ببدايات الانقسام على خلفية الثورة، وهو بمعظمه صادر عن أولئك المؤمنين بأنها انتصرت. هذه المفارقة يفسّرها عدم استقرار فكرة الانتصار في نفوسهم، أو عدم فهمهم لمغزى الانتصار الذي يؤذن باستهلال السياسة كساحة اختلاف لا كميدان للإقصاء. يزيد من حدة العنف بروز انقسامات ضمن أبناء “الخندق الواحد”، بعدما استكان أبناء الخندق إلى تشاركهم فيه وكأنه من البديهيات التي لن تخضع للتغيير.

أسوأ ما في الأمر أن التعبير عن الخصومات المستجدة يُمارس بالطريقة ذاتها الخاصة بانقسامات الثورة، وبالمفردات ذاتها، وهذا دليل إضافي على أن انقسام الثورة غير قابل لإنتاج معنى مشترَك جديد مواكب لانتهائها. في الأصل يلزم الاعتراف بأن رفقة الثورة والحرب هي مؤقتة، وليست ارتباطاً كاثوليكياً، والاعتراف كفيل بأن يدفع الشجاعة العاطفية قدُماً من أجل الانفصال والقول: وداعاً يا أصدقاء. وإذا كان تحوّل بعض أصدقاء الأمس إلى خصوم اليوم محزناً على الصعيد الوجداني، فمن المؤسف ألا يكون متوقعاً، وأن يكون صادماً على صعيد الوعي.

لقد أظهرت السلطة وعياً أعلى من أنصارها في التموضع الجديد، من خلال التشارك مع رجال من العهد البائد بمن فيهم وزراء في الحكومة الجديدة، وهي تعرف الذين تتشارك معهم، فلا تحتاج إلى متطوّعين لتتنبّه إلى سجل هؤلاء. أغلب الظن أن الجمهور القليل الواعي لمصالحه مع السلطة غير متفاجئ بشراكاتها، المشكلة هي في الجمهور الذي تفاجئه السلطة بذلك، وهذا مكوّن من شريحة واسعة من غير الواعين لمصالحهم؛ الذين هم خارج السياسة فعلياً بينما يظنون أنهم منشغلون جداً بها.

قد تكون هناك حاجة لمزيد من الوقت كي ينقسم السوريون على أساس تحالفات سياسية جديدة، لأن المصالح الجيدة لم تتبلور وتنضج بعد. الأكيد أن تحالفات الثورة والحرب انتهت، والتأكيد هنا ضروري ليُعاد الاجتماع السوري على نحو أرحب. الأكيد أيضاً أن قطار التغيير الديموقراطي لم يصل محطته الأخيرة، وأمامه العديد من المحطات التي سينزل فيها البعض ويصعد منها البعض الآخر، ولن يندر أثناء سيره أن يُرمى بالحجارة.

المدن

————————

رسائل الحكومة السورية الجديدة ليست كافية/ بسام مقداد

الثلاثاء 2025/04/01

كان الكل ينتظر تشكيل الحكومة السورية الجديدة، ويتوقع منها الإجابة على الأسئلة الكثيرة التي لا تزال تحيط بالسلطة الجديدة. لكن تشكيلة الحكومة جاءت لا لترد على الأسئلة، بل لتعبر عن هواجسها بتوفير ضمانات استقرارها. وأظهرت أن السلطة متمسكة بتوجهها الذي يضع على رأس أولوياتها توفير ضمانات ترسيخ مرتكزات وجودها، وليس الرد على الأسئلة الكثيرة التي يطرحها الآخرون، وخصوصاً في الخارج، حول مدى انفصالها عن تاريخها كمنظمة مدرجة على قوائم الإرهاب في العالم.

يرى البعض أن تشكيل الحكومة الجديدة حمل عدة رسائل يمكن حصرها بثلاث، موجهة بالدرجة الأولى إلى الغرب، الذي يتريث في رفع العقوبات كلياً التي فرضت على نظام الأسد المخلوع، وإلى المحيط الذي لم يتخطَ بعد الشكوك التي تساوره بشأن طبيعة النظام الذي ستستقر عليه السلطة الحالية. والرسالة الأولى التي يحملها تشكيل الحكومة تمثلت في تنفيذ الوعد الذي قطعته السلطة على نفسها بإنهاء المرحلة المؤقتة في آذار/مارس المنصرم. والرسالة الثانية تمثلت في التنوع الديني الإثني في تشكيلة الحكومة، حتى ولو لم تتمثل فيها “قسد”. والرسالة الثالثة تمثلت في ما أعلنه الشرع من أن تشكيل الحكومة الجديدة يعلن القطع النهائي مع سوريا السابقة وصراعاتها، وبدء مرحلة التغيير وبناء دولة المؤسسات.

لكن السؤال يبقى ما إن كانت الحكومة الجديدة توحي للأطراف التي تم توجيه الرسائل إليها بالثقة وبأن المعلن يتطابق مع المضمر، وأن حرية الفرد الشخصية وحقوقه سيتم الإلتزام بصونها وعدم طغيان الأيديولوجية عليها.

انبثقت الحكومة الجديدة من الإعلان الدستوري المؤقت الذي منح الحكومة الصفة الدستورية، والتي أرادتها وصاغت دستورها السلطة نفسها. فكثيرون يعتبرون أن التنوع الديني والإثني المنقوص الذي تميزت به الحكومة الجديدة، هو تغيير شكلي لم يغير من جوهر الحكومة المؤقتة السابقة.

فقد رأى kirill Cemenov الخبير في  شؤون الشرق الأوسط بالمجلس الروسي للعلاقات الدولية RIAC في تواصل “المدن” معه، أن مجرد تشكيل حكومة جديدة لا يمكن أن يكون دليلاً على استقرار النظام الجديد. وقال إن الحكومة الجديدة لا تختلف عن السابقة بشيء وليست شاملة. وتشكيلها أقرب إلى إجراء بيروقراطي روتيني منه إلى رسالة موجهة إلى دول الشرق الأوسط.

ورأى أن استقرار النظام يمكن الحكم عليه من خلال إجراء انتخابات في سوريا. والمسألة تكمن في مدى فعالية الحكومة الجديدة. إذ أن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية قد تدفع السوريين قريباً إلى التخلي عن دعم السلطة الجديدة.

المتابع لشؤون الشرق الأوسط Igor Subbotin في صحيفة NG الاتحادية الروسية، لم يكن فيما أدلى به لـ”المدن” على هذا القدر من التشاؤم بشأن الحكومة السورية الجديدة. بل رأى في تشكيلها “محاولة واضحة” من قبل السلطة لإقناع الغرب بإلغاء العقوبات. كما رأى بأن التنوع الديني والإثني في الحكومة الجديدة، كان ضرورياً لدعم محاولة الإقناع هذه. إلا أنه يشير إلى عدم تمثيل “قسد” في التشكيلة الحكومية الجديدة، على الرغم من وجود كردي دمشقي فيها، لا يساهم في دعم محاولة الإقناع هذه . وقال إن غياب “قسد” يشير إلى استمرار وجود خلافات مع سلطة دمشق، على الرغم من الاتفاقية التي تم التوقيع عليها سابقاً. ووجد في ما نشرته “المدن” عن تأجيل إعلان الحكومة بسبب المفاوضات مع “قسد” دليلاً إضافياً على وجود هذه الخلافات.

ويرى أن دعوة وزير الاقتصاد الجديد نضال الشعار المجتمع الدولي للمساهمة في إعادة إعمار سوريا، تشير إلى أن تشكيل الحكومة الجديدة يبدو محاولة تهدئة كل المخاوف وحث المجتمع الدولي على إلغاء العقوبات.

وأشار الصحافي إلى أن الرسمييين الأميركيين والأوروبيين، الذين تنقل عنهم صحيفة الواشنطن بوست، يعلنون بأنهم يتابعون بدقة مدى إلتزام الشرع بمبدأ الشمولية، وذلك من أجل البحث في إمكانية تحرير سوريا من العقوبات الغربية. لكنه رأى أن ليس من إشارات تدل على أن العقوبات سترفع في الفترة القريبة. ولتحقيق هذه الغاية، تطرح الدول الغربية مروحة واسعة من الشروط على سوريا، بما في ذلك تدمير مخزونات الأسلحة الكيميائية القديمة والتعاون في مكافحة الإرهاب. هذا إضافة إلى المطلب الخاص بضمان أمن الأقليات الدينية والإثنية. ويستشهد بتصريح الناطقة الصحافية بإسم الخارجية الأميركية تامي بروس، الذي أشارت فيه إلى أن الولايات المتحدة تتابع أعمال الحكومة السورية المؤقتة لكي تحدد سياستها المقبلة حيال سوريا. لكنها أضافت بأن دينامية العقوبات لا تتغير، وليس هناك في المرحلة الراهنة مخططات لتغييرها، “بل هي ستبقى”.

الصحافية Marianna Belenkaya التي كانت حتى فترة قريبة تتابع شؤون الشرق الأوسط في إحدى كبريات الصحف الروسية Kommersant، قالت لـ”المدن” إنه على الرغم من تشكيل حكومة سورية جديدة، من المبكر الحكم على استقرار نظام الشرع. فلا تزال السلطات في دمشق تعاني من العديد من المشاكل الداخلية التي لم يتم حلها. لكن الشرع يحاول في الوقت الراهن أن يثبت أن سوريا جاهزة للتغيير وأنه يسيطر على الوضع. ومن المهم أيضًا أنه لا ينوي التخلي عن السلطة، وهو يشغل منصبين في الوقت نفسه، رئيسًا للسلطة ورئيسًا للوزراء. والزمن كفيل بإظهار كيف سيتعامل مع الأمر.

وكالة الأنباء الروسية REX نشرت في 30 المنصرم تقريراً عنونته بالقول “إلى متى ستصمد الحكومة الجديدة في سوريا؟”.

بعد تقديم مختصر للنص، نقلت الوكالة عن الكاتب السياسي في الوكالة عينها Stanislav Tarasov تقييمه لتشكيل الحكومة السورية الجديدة. أشار الكاتب إلى  قول الشرع في إعلانه عن تشكيل الحكومة إن مرحلة جديدة تبدأ في تطور سوريا. وقال إنه لأول مرة منذ 60 عاماً، أصبحت البلاد تمتلك حكومة من دون حزب البعث. وقد ألغى الإعلان الدستوري المؤقت مؤسسة مجلس الوزراء، وأنشأ نظاماً رئاسياً، وبالتالي لم يعد من الممكن في سوريا الحديث عن حكومة بالمعنى المؤسساتي، بل عن فريق وزراء يرأسه رئيس، وهو ما جذب اهتماماً متزايداً من قبل المسؤولين الأميركيين والأوروبيين. وسبق أن كان هؤلاء يشددون على تشكيل ما يسمى بالحكومة الشاملة، التي كانت تعتبر شرطاً على السلطة الانتقالية تنفيذه، من بين شروط أخرى، لرفع العقوبات عن سوريا.

توقف الكاتب عند الشخصيات الثلاث في الحكومة التي لم تكن في صفوف معارضة النظام المخلوع. وأشار إلى يعرب بدر الذي عاد وشغل منصب وزير النقل الذي سبق أن شغله بين العامين 2006 و2011. ونضال الشعار الذي يشغل منصب وزير الاقتصاد الذي شغله سابقاً لمدة عام فبل إنطلاق الثورة. وكذلك وزير التعليم الحالي محمد تريكو الذي سبق أن شغل منصب نائب رئيس جامعة دمشق. وهو الكردي الوحيد في التشكيلة الحالية، لكنه لا يمثل “قسد” أو أي حزب كردي آخر.

وقال الكاتب بأن التمثيل النسائي اقتصر على مقعد وزاري واحد شغلته إمرأة مسيحية. ويرى أن المشكلة الأكبر في التمثيل المناطقي تمثل في عدم تمثيل محافظة درعا التي توصف بأنها “مهد الثورة السورية”، في حين أن محافظة دير الزور حصلت على ثلاث حقائب.

المدن

————————-

الحكومة السورية الجديدة.. إعادة الإعمار فوق المنصة/ مصطفى ديب

1 أبريل 2025

منذ أعلنت الرئاسة السورية عن التشكيلة الحكومية الجديدة، ليل السبت – الأحد، لا يزال التفاعل مستمرًا في الأوساط السياسية والشعبية، بين من رأى فيها خطوة تنظيمية مطلوبة، ومن رأى فيها إعادة إنتاج للخطاب القديم بصيغة جديدة.

طُرحت خلال المؤتمر وعود طموحة ومشاريع كبيرة، أظهرت كلمات العديد من الوزراء فجوة واضحة بين التصورات المعروضة والواقع الميداني المعقّد الذي تعيشه البلاد.

في هذا التقرير، نعيد قراءة أبرز ما طُرح من مشاريع وخطط حكومية، ونقارنها بمدى واقعيتها في ظل الظروف السياسية والاقتصادية والإنسانية الراهنة في سوريا.

انطلق المؤتمر، في قصر الشعب بدمشق، بكلمة ألقاها الشرع أوضح فيها مهام الحكومة الجديدة، وأشار من خلالها إلى إلغاء بعض الوزارات، ودمج أخرى، بالإضافة إلى استحداث وزارة جديدة تحت مسمى “الطوارئ والكوارث”، تولى حقيبتها الرئيس السابق للدفاع المدني “الخوذ البيضاء”، رائد الصالح.

وعلى مدار ساعة ونصف، عرّف الوزراء بأسمائهم، واستعرضوا خططهم ومشاريعهم قبل أداء القسم أمام الرئيس الشرع. بدت كلمات بعض الوزراء منفصلة وبعيدة عن الواقع، حيث أطلق معظمهم وعودًا ضخمة ووعدوا بمشاريع مستقبلية بعيدة المنال، إذ لا تستند إلى أي أسس واقعية من جهة، ولا تراعي مدة ولاية الحكومة المحددة بخمس سنوات، من جهة أخرى. وذلك عدا عن التحديات الاقتصادية الهائلة التي تواجه سوريا، خاصةً في ظل استمرار العقوبات الغربية.

وفيما بدت كلمات بعض الوزراء محاولة لتقديم صورة إيجابية للحكومة محليًا ودوليًا، من خلال التركيز على خلفياتهم الأكاديمية ومؤهلاتهم العلمية بكثافة؛ بدت كلمات وزراء آخرين منفصلة عن الواقع، وتعكس عدم معرفتهم بحقيقة المشاكل التي يعاني منها السوريون على الأرض، ومدى صعوبة الوضع الإنساني والمعيشي الذي يزداد سوءًا.

وعود كبرى ومشاريع ضخمة

قال وزير التعليم العالي، مروان الحلبي، إن الوزارة ستعمل على تطوير المناهج الدراسية، وتحسين جودة التعليم، وتشجيع البحث والابتكار والإبداع العلمي.

وعلى الرغم من أنها أهداف وضرورية، لكنها تتجاهل عدم وجود بيئة تعليمية مستقرة نتيجة ما لحق بالقطاع التعليمي من خراب على مدار 14 عامًا بما في ذلك تدمير المدارس، والمؤسسات التعليمية، وما يواجهه المعلمون والطلاب من ظروف معيشية قاسية تدفع كثيرين منهم إلى ترك مقاعد الدراسة والعمل في مهن شديدة القسوة.

وقدّم وزير الطاقة محمد البشير مثالًا آخر على مدى الفجوة بين تصريحات الوزراء والواقع الراهن، إذ بدت وعودته بتطوير البنية التحتية للطاقة وبناء منشآت حيوية، وتأهيل وصيانة شبكات وخطوط المياه والكهرباء؛ كأنها صادرة عن وزير في دولة متقدمة تتمتع بقدرات مالية ضخمة.

وتثير وعود البشير الكثير من التساؤلات حول مدى إمكانية تنفيذها، خاصةً أن معظم آبار النفط في سوريا تقع في مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، عدا عن أن العقوبات الغربية المفروضة على سوريا، خلال عهد نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، لا تزال قائمة حتى هذه اللحظة، ما يمنع الدول والشركات التي تعتزم الاستثمار في سوريا من اتخاذ هذه الخطوة، الأمر الذي ينزع مصداقية وعوده ببناء شراكات إقليمية ودولية في مجال الطاقة.

وبدت تصريحات وزير الاتصالات وتقانة المعلومات، عبد السلام هيكل، الأكثر بُعدًا عن الواقع، إذ تحدث عن مشاريع ضخمة تشمل إنشاء بنية تحتية رقمية متطورة، والانتقال نحو بناء حكومة رقمية؛ وذلك في وقت تعاني فيه سوريا من الانقطاع المتكرر للكهرباء، وضعف خدمات الإنترنت، والدمار الهائل الذي طال البنية التحتية في قطاع الاتصالات، عدا عن أن مثل هذه المشاريع تتطلب تمويلًا ضخمًا غير متوفر حاليًا.

وعكست وعود وزير الزراعة، أمجد بدر، مستوى آخر من الانفصال عن الواقع، إذ أغفل في حديثه عن الواقع الزراعي في أن معظم الأراضي الزراعية تعرضت للتخريب بسب الحرب، أو مليئة بالألغام، أو تخضع لتفاهمات معينة بين قادة بعض الفصائل. كما بدا حديثه عن تحقيق الأمن الغذائي بعيدًا عن الواقع في ظل الأزمة الإنسانية الضخمة التي يعاني منها أكثر من نصف الشعب السوري.

وفيما يبذل النازحون والمهجرون جهدًا هائلًا من إجل العودة إلى قراهم وبيوتهم؛ تحدث وزير الأشغال الإسكان مصطفى عبد الرازق عن إنشاء بيئات عمرانية مستدامة، وذلك في بلد تبلغ تكلفة عملية إعادة إعماره بين 150 إلى 300 مليار دولار أميركي. ومع أنه أشار إلى دور الوزارة في إعادة الإعمار، إلا أن ذلك مر بشكل عابر، دون توضيح ماهية هذا الدور الذي تعتزم تأديته.

وتراوحت وعود وزير النقل، يعرب بدر، بين الكلام العام والانفصال عن الواقع، إذ تحدث عن تطوير النقل، واستعادة الربط الإقليمي، والتحول إلى النقل المستدام الصديق للبيئة؛ بينما البنية التحتية الأساسية مدمرة، والطرقات تحتاج إلى إعادة تأهيل، وكل ذلك يحتاج إلى مواد مالية غير متوفرة.

وعكست كلمة وزير السياحة، محمد ياسين الصالحاني، نوعًا من الجهل في فهم مهام الوزارة التي حددها بـ”الضيافة”، متجاهلًا أن السياحة تُعد قطاعًا اقتصاديًا واستثماريًا حيويًا، خاصة في هذه المرحلة التي تحتاج فيها البلاد إلى ما يساهم في إعادة بناء اقتصاديها.

الترا سوريا

——————————

في سوريا الجديدة.. ضعف التمثيل النسائي في حكومة المرحلة الانتقالية يثير الجدل/ وائل قيس

31 مارس 2025

أعلن الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، عن تشكيل الحكومة السورية التي ستتولى إدارة شؤون البلاد خلال السنوات الخمس القادمة. وقد حظيت “هيئة تحرير الشام” بأكبر حصة تمثيلية في هذه الحكومة، سواء من خلال أعضائها بشكل مباشر أو عبر أعضاء حكومة الإنقاذ، التي أسستها الهيئة في جيب صغير بشمال شرق سوريا عام 2017. وبلغت نسبة تمثيل الهيئة 39% من الوزراء، في حين ستكون حكومة الإنقاذ ممثلة بنسبة 26%، ما يرفع نسبة الحقائب الوزارية التابعة للهيئة نظريًا إلى 65%. وجاءت نسبة تمثيل التكنوقراط من خلفيات أكاديمية بـ35%.

تمثيل نسائي محدود جدًا

وكما كان متوقعًا، قوبلت التشكيلة الوزارية الجديدة بانتقادات واسعة في الأوساط السورية بسبب افتقارها للتنوع وضعف التمثيل النسائي. فقد حصلت سيدة واحدة فقط، وهي هند قبوات، على حقيبة وزارية لتولي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل. وبلغت نسبة تمثيل النساء 4.35% مقابل 95.65% للذكور، ما يعكس تراجعًا واضحًا في حضور النساء السوريات في الحكومة، سواء على المستوى الوزاري أو في المؤسسات واللجان الرسمية.

واستبقت قبوات أدائها اليمين الدستورية أمام الشرع بكلمة قالت فيها إن وزارتها “تهدف إلى بناء مجتمع متماسك يعزز العدالة الاجتماعية التي افتقدناها لفترة طويلة”، مؤكدةً على العمل “بطريقة تشاركية كوزراء ومجتمع مدني معًا”. وأضافت مشددةً على ضرورة “تعزيز الثقة” وتحقيق التوافق بين الجميع لبناء “نظام اجتماعي عادل ومستدام يضمن التوزيع العادل للموارد”.

وبحسب السيرة الذاتية لوزيرة الشؤون الاجتماعية، فهي حاصلة على ماجستير في القانون والدبلوماسية من جامعة فليتشر، وكانت عضوًا زائرًا في جامعة هارفارد. تشغل حاليًا منصب مديرة قسم حوار الأديان في جامعة جورج ميسون، وعملت مستشارة بالبنك الدولي ورئيسة لمنظمة “تستقل”. كما شاركت في محادثات السلام السورية في جنيف، وحصلت على جوائز في مجال الدبلوماسية العامة.

تشير التشكيلة الوزارية الجديدة في سوريا إلى تحديات كبيرة تتعلق بتمثيل المرأة في مواقع صنع القرار، الأمر الذي يعكس ضعفًا واضحًا في التوازن الجندري. وهو ما جدد الجدل حول مدى التزام السلطات بتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان مشاركة أوسع للمرأة في عملية صنع القرار، خاصةً في مرحلة انتقالية تتطلب جهودًا متضافرة لبناء مؤسسات أكثر شمولًا وتمثيلًا للمجتمع بمختلف مكوناته.

وفي ظل هذا التمثيل النسائي المحدود جدًا، ترتفع أصوات الناشطات والحقوقيات محذرات من أن تغييب النساء عن المشهد السياسي يشكل انتكاسة خطيرة. فالتجارب الدولية تؤكد أن مشاركة المرأة في صنع القرار تعزز فرص تحقيق السلام المستدام والعدالة الانتقالية. ويثير ذلك تساؤلات حول قدرة الحكومة الحالية على تمثيل تطلعات جميع السوريين، وتحقيق إصلاحات حقيقية في مجتمع تشكل النساء فيه نصف عدد السكان.

“ليس رفاهية”

في سياق التحديات السياسية والاجتماعية، يثير ضعف التمثيل النسائي في الحكومة تساؤلات حول دور المرأة في صنع القرار. في ظل غياب التوازن الجندري، تتعالى الأصوات المطالبة بمشاركة أوسع، معتبرة أن تعزيز الحضور النسائي في المؤسسات يساهم في تحقيق العدالة والمساواة المجتمعية في ظل هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد.

تصف الناشطة في مجال حقوق الإنسان والنوع الاجتماعي والمديرة التنفيذية لمبادرة “دارة سلام”، رنا الشيخ علي، تمثيل النساء بسيدة واحدة في الحكومة الجديدة بأنه “محبط”، مؤكدة أن “النساء لا يقللنّ كفاءة أو معرفة، أو حتى من النواحي العلمية”. وترى أن هذه المرحلة الحساسة تحتاج إلى تواجد نسائي أكثر، إذ إن الدول التي خرجت من نزاعات وحروب “لم تستطع الوصول إلى الاستقرار والعدالة والسلام المستدام بسبب غياب المرأة على مستويي التفاوض والتمثيل السياسي”.

وتؤكد الشيخ علي أن الحديث عن التمثيل النسائي “ليس رفاهية”، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول “تلبية الأجسام المشكلة لاحتياجات المجتمعات”، خاصة أن نسبة النساء في المجتمع تبلغ 50%. وتشير إلى أن بعض اللجان التي شكلت حديثًا لم يكن فيها أي تمثيل نسائي، مثل اللجنة العليا للحفاظ على السلم الأهلي، بالإضافة إلى مجلس الإفتاء الأعلى، حيث ترى أن غياب التمثيل النسائي “غير صحي”. وتستدرك في حديثها بالإشارة إلى أن هذه النقطة قد تكون موضع “خلاف”، نظرًا لوجود بعض المواضيع المرتبطة بـ”الشؤون الحياتية والأمور العقائدية”.

وتوضح الشيخ علي أن غياب التمثيل النسائي أو ضعفه يخالف مواد الإعلان الدستوري الذي يؤكد مراعاة سوريا للاتفاقيات الموقعة عليها، من بينها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “السيداو”، مشيرة إلى أن الاتفاقية تحدد نسبة تمثيل بـ30% في أي مجلس يُشكل. وتلفت الشيخ علي إلى أن الحقائب الوزارية التي كانت تُمنح للنساء لم تكن ذات أهمية مثل الحقائب السيادية، معتبرة أن سبب ذلك “مرتبط بالسياق”.

وتعيد الشيخ علي في نهاية حديثها ذلك إلى “خوف السلطة من الانتماءات الأيديولوجية”، وتضيف متسائلة إن كان غياب الأجسام أو الأحزاب السياسية أو حتى الفراغ السياسي “حالة صحية” أم أن الضغط يجب أن يكون في سياق تشكيل قوى سياسية تستطيع أن تعزز فكرة أن يكون الولاء للوطن فقط غير مرتبط بالأيديولوجيا والعقيدة.

تأثير سلبي على مسار العدالة الانتقالية

يتجلى ضعف التمثيل النسائي في المؤسسات الحكومية كسؤال جوهري حول دور المرأة في صنع القرار، حيثُ يبرز ضعف التمثيل النسائي في المؤسسات الحكومية كمؤشر على غياب هذا التوازن. وبينما تتزايد الدعوات لتعزيز حضور المرأة في مواقع صنع القرار، تتجدد التساؤلات حول أثر الإقصاء على مسارات العدالة والتنمية.

ترى الطبيبة والروائية والناشطة السورية، نجاة عبد الصمد، في حديثها لـ”الترا سوريا”، أن كل ما هو “محدود أو محافظ أو مغلق، فإنه يغلق المجال أمام المكونات التي يجب أن تكون مشاركة فعليًا في أي مجال، وهو فكر إقصائي من حيث النتيجة”، لافتة إلى أن هذا الإغلاق “يعود بالخسارة على الطرفين، المُغلِق والمُغلَق عليه”. مؤكدةً أن هذا التوجه “يتعارض مع فكرة سوريا الحضارية التي تحفظ كرامة جميع مواطنيها وحقوقهم”.

وتتفق عبد الصمد مع الشيخ علي على أن نسبة النساء في المجتمع السوري تصل إلى 50%، وهو ما يجعلها تتساءل عن سبب “سياسة إقصاء النساء”، معتبرة أن “سياسة الإقصاء لا تعني أننا ما زلنا عند نقطة الصفر، وإنما قد نتراجع كثيرًا إلى الوراء”، مشددة على أنه “لا يمكن لأي إقصاء لأي مكون، وتحديدًا النساء، أن يصنع أي نقلة في سبيل تنمية أو تطوير سوريا، أو نقلها إلى مصاف الحضارة المعاصرة”.

وتؤكد عبد الصمد أن هذا الضعف في التمثيل النسائي سيكون له “تأثير شديد السلبية على مسار العدالة الانتقالية”، معتبرة أن ذلك يمثل إقصاءً لخبرات النساء التي اكتسبنها خلال السنوات الماضية. وتعلق ساخرة: “عادةً، يتقدم المجتمع إلى الأمام، وليس إلى الوراء”. كما تدين عبد الصمد ضعف التمثيل النسائي في الحكومة الجديدة، وترى أنه “إقصاء، وعدم اعتراف بالمؤهلات العالية”، مشيرة إلى أن ذلك سيؤثر سلبًا بشكل كبير على “إعادة بناء الدولة والإيمان بحقوق الإنسان والمساواة”.

وتختتم عبد الصمد حديثها باقتباس من القاضية السابقة في المحكمة العليا الأميركية، روث غينسبورغ (1933 – 2020)، التي ردت على سؤال حول طموحها لعدد النساء في المحكمة بقولها: “أطمح أن يصل عدد تمثيل النساء في هذه المحكمة إلى تسعة من أصل تسعة”.

تكريس لواقع من التمييز غير المباشر ضد النساء

قوبل ضعف التمثيل النسائي في الحكومة السورية بانتقادات حادة. فغياب النساء عن مواقع صنع القرار لا يعكس فقط خللًا في التوازن الجندري، بل يشير إلى إقصاء منهجي للعدالة، نظرًا لإعادة هذه السياسات إنتاج أنماط الإقصاء التي تذكر بحقبة نظام الأسد المخلوع.

تعتبر الكاتبة والصحفية والرسامة يارا وهبي، في حديثها لـ”الترا سوريا”، أن “وجود امرأة واحدة فقط بين 23 وزيرًا لا يمكن اعتباره تمثيلًا، بل هو تكريس لواقع من التمييز غير المباشر ضد النساء في تولي المناصب السياسية، حتى في غياب تمييز صريح”. وتضيف أن “هذه النسبة الهزيلة ليست مجرد خلل عددي، بل تعكس نظرة ترى في النساء استثناءً لا قاعدة، وزينة رمزية تُضاف إلى الصورة الجماعية لإضفاء توازن شكلي”.

ومثل عبد الصمد والشيخ علي، تؤكد وهبي في نهاية حديثها أن “نساء سوريا هن نصف المجتمع”، مشيرةً إلى أن “أي حكومة تُقصيهن بهذه الطريقة إنما تُقصي العدالة معها”. وترى أن هذا النهج يعكس استمرارًا لـ”نفس العقلية الإقصائية التي يُفترض أنها سقطت مع النظام السابق”

الترا سوريا

——————————–

الحكومة الجديدة بين وعود التغيير ومخاوف التفرّد بالحكم

30 مارس 2025

تشكّلت الحكومة السورية الجديدة، التي يرأسها رئيس المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، لتدير المرحلة الانتقالية لمدة خمس سنوات، وسط مشاعر متباينة بين قبول متحفظ وانتقادات لاستمرار هيمنة “هيئة تحرير الشام”. وبينما رُوج للحكومة كمحاولة لتحقيق توازن سياسي، أثارت بعض التعيينات الجدل، بالإضافة إلى محدودية الصلاحيات المخاوف من استبعاد الأطراف السياسية وتعزيز الطابع الإسلامي للحكومة، وفقًا لعدة تقارير غربية.

وأعلنت رئاسة الجمهورية، ليل السبت – الأحد، عن الحكومة الجديدة التي ستتولى إدارة البلاد خلال المرحلة الانتقالية، وذلك عقب انتهاء مهلة حكومة تصريف الأعمال برئاسة محمد البشير، التي كان من المفترض أن تنتهي في الأول من آذار/مارس الجاري. وتتألف الحكومة، التي يترأسها الرئيس، أحمد الشرع، بموجب الإعلان الدستوري، من 23 وزيرًا، بينهم 20 وزيرًا جديدًا.

“لا يمكنهم إدارة الأمور بأنفسهم”

تسلط صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية الضوء في تقريرها على تفاعل السوريين مع الحكومة الجديدة التي ستتولى إدارة المرحلة الانتقالية لمدة خمس سنوات، مشيرةً إلى مشاعر متباينة بين القبول المتحفظ لاستمرار هيمنة “هيئة تحرير الشام”، التي أطاحت بنظام الأسد في الثامن من كانون الأول/ديسمبر الماضي، وتعيين الشرع رئيسًا للمرحلة الانتقالية.

وبحسب “نيويورك تايمز”، تبدو الحكومة الجديدة بمثابة حل وسط مدروس، يجمع بين تلبية الدعوات لتشكيل مجلس وزاري أكثر تنوعًا يهدف إلى توحيد البلاد التي أنهكتها الحرب والانقسامات العميقة، مع الحفاظ على نفوذ حلفاء الشرع في الوزارات الأكثر قوة.

قال مدير السياسات في “إندبندنت ديبلومات”،  لـ”نيويورك تايمز” قبيل مراسم أداء اليمين: “لا شك أن بعض الأصوات ستشعر بأنها لا تزال مستبعدة”. لكنه أضاف: “بشكل عام، هناك شعور بتفاؤل حذر حيال عملية الانتقال في سوريا، خاصة بعد الإعلان عن الحكومة الجديدة”.

من جهته، قال الزميل البارز في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، إبراهيم الأصيل، قبيل الإعلان عن الحكومة الجديدة أيضًا: “هناك حاجة لتوسيع الدائرة”، في إشارة إلى الدائرة الضيقة من حلفاء الشرع التي تولت إدارة الحكومة الانتقالية منذ كانون الأول/ديسمبر. وتابع مضيفًا: “من الضروري أن تكون الحكومة أكثر شمولًا، فمن جهة، يجب أن تعكس تنوع المجتمع السوري، ومن جهة أخرى، لأنهم بحاجة إلى دعم أوسع. لا يمكنهم إدارة الأمور بمفردهم”.

“نحتاج لأكثر من شخص في القيادة”

تُعيد صحيفة “واشنطن بوست” التذكير بأن بأن الإعلان الدستوري الصادر في وقت سابق من الشهر الجاري أثار مزيدًا من المخاوف بشأن محدودية الدور التنفيذي للرئيس أحمد الشرع في قيادة المرحلة الانتقالية، رغم منحه صلاحيات شكلية مثل تعيين القضاة وأعضاء السلطة التشريعية، وإلغاء منصب رئيس الوزراء. ويرى مراقبون أن هذه الصلاحيات لا تعوّض افتقاره لأدوات النفوذ الفعلية في المشهد السياسي والعسكري المعقّد في سوريا.

وترى الزميلة البارزة في كلية لندن للاقتصاد، ريم تركماني، في تعليقها لـ”واشنطن بوست” على الإعلان الدستوري والحكومة الجديدة، أننا “نحتاج إلى أكثر من شخص واحد في موقع القيادة”. وأضافت: “الإطار الذي حدده الدستور المؤقت أضعف بالفعل الحكومة القادمة”.

كما تضيف أن وجود امرأة واحدة فقط في التشكيلة الوزارية لا يعكس أن لدينا “حكومة شاملة”، واصفةً إلغاء منصب رئيس الوزراء بـ”الفرصة الضائعة”، لا سيما في ما يتعلق بالجهود المبذولة لتخفيف العقوبات المفروضة على سوريا.

لكن الزميل البارز في المركز العربي للأبحاث في واشنطن، رضوان زيادة، يرى أن ضم أعضاء من العلويين والكرد والدرز والمسيحيين في سوريا، إلى جانب شخصيات سورية أخرى من خارج الدائرة السنية الإسلامية التي ينتمي إليها الشرع، قد يساعد في تهدئة المطالب الغربية بتوسيع التمثيل. وأضاف: “إنها حكومة شاملة، وتركز على التطلع إلى المستقبل بدلًا من التوقف عند صراعات الماضي”.

من جانبها، اعتبرت الكاتبة الصحفية، عليا منصور، أن هذه التشكيلة خطوة في مسار التغيير، وأضافت: “الأهم هو أن تبدأ عملية التغيير في سوريا، وأن تمضي المرحلة الانتقالية قدمًا”، بحسب ما نقلت “واشنطن بوست”.

 تحديات الحكومة الجديدة

أشارت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية في تقرير لها إلى إعلان الشرع تشكيل الأمانة العامة للشؤون السياسية، التي منحت وزير الخارجية والمغتربين، أسعد الشيباني، صلاحيات واسعة في إدارة الوزارات، ما يشبه دور رئيس الوزراء، حيثُ يرى المحللون أن هذا التركيز للسلطة كان متوقعًا بسبب انعدام الثقة في مؤسسات خلال حكم آل الأسد، لكنهم يحذرون من استبعاد الفاعلين السياسيين الآخرين وتعزيز الطابع الإسلامي للحكومة.

منذ توليه السلطة في كانون الأول/ديسمبر الماضي، دعا أحمد الشرع السوريين في الخارج، الذين فروا من حكم الأسد، للعودة والمساهمة في إعادة بناء البلاد، التي تعاني من انهيار اقتصادي وفساد مستشري. لكن جهوده لم تحقق النجاح المنشود، إذ أعرب ثلاثة سوريين، التقوا بمسؤولين حكوميين عن ترددهم في العمل مع الدولة، خشية انزلاقها نحو الاستبداد وفرض مزيد من العقوبات، بحسب “فايننشال تايمز”.

وفقًا للمحلل السوري المقيم في لندن، مالك العبدة، فإن “الشرع بحاجة لكسب الوقت حتى تستقر الأمور ويتمكن من إقامة تحالفات قوية لحماية نفسه”. وأضاف أن الشرع عيّن في الحكومة أشخاصًا “مؤهلين نظريًا”، مشيرًا إلى أن ذلك “سيمنحهم بضعة أشهر إضافية من النوايا الحسنة”، وبعدها سيتضح ما إذا كان المعينون في الحكومة الجديدة يمتلكون سلطة فعلية.

كما تطرق مالك العبدة، في حديثه للصحيفة البريطانية، إلى تعيين الشيخ أسامة الرفاعي مفتيًا لسوريا، مشيرًا إلى أنه ناقد سابق ل”هيئة تحرير الشام” ولا يتبنى الفكر السلفي، الذي يُعد تيارًا سنّيًا متشددًا يعتنقه العديد من أنصار أحمد الشرع ومقاتليه.

وفيما أوضح أن غالبية الناس شعروا بالاطمئنان لتعيين الرفاعي، الذي شغل منصب المفتي العام للمعارضة السياسية في الخارج منذ أن ألغى الأسد هذا المنصب في عام 2021، فإنه أشار أيضًا إلى أن التعيين أثار استياءً بين بعض أتباع الشرع، مضيفًا: “المتطرفون من قاعدته الآن يقولون إنه من غير المقبول أن نقوم بثورة ويموت آلاف الأشخاص فقط لنجد أن السلطة الدينية باتت بيد شخص من مدرسة فكرية مختلفة”.

الترا سوريا

———————————–

ملفات ثقيلة أمام الحكومة الجديدة.. آمال السوريين ومطالب العالم/ سلمان عز الدين

30 مارس 2025

ولدت الحكومة الجديدة بعد مخاض طويل، وعندما تأخر الإعلان عنها ليلة أمس، 29 آذار/مارس، لنحو ساعة وربع، علق البعض بالقول: “هذه الحكومة لن تولد أبدًا”. غير أن قصر الشعب بدمشق قد شهد بالفعل، وأخيرًا، مؤتمر إعلان التشكيلة التي ضمت 23 وزيرًا، امرأة و22 رجلًا، اثنان منهما احتفظا بحقيبتيهما من الوزارة السابقة: أسعد الشيباني للخارجية، ومرهف أبو قصرة للدفاع.

وألقى الرئيس أحمد الشرع كلمة قال فيها إن سوريا تقف في لحظة فارقة “تتطلب منا التلاحم والوحدة”، مشيرًا إلى أن هذه الحكومة “ستسعى إلى فتح آفاق جديدة في التعليم والصحة”، مؤكدًا: “لن نسمح للفساد بالتسلل إلى مؤسساتنا”. وألقى الوزراء كلمات مقتضبة، وأقسموا أمام الرئيس بأن يؤدوا مهامهم “بكل أمانة وإخلاص”.

ولم يتأخر السوريون في إعلان مواقفهم. كتب أحدهم أنه يكاد يطير “من السعادة.. هذا هو الحدث الأكثر أهمية منذ إسقاط بشار الأسد”، فيما كتب آخر: “الحكومة = الهيئة + حكومة الإنقاذ + تكنوقراط شوام سرعان ما سوف ينسحبون تباعًا”.

لكن آخرين كثر كانوا بعيدين عن وجهي هذا الاختزال، فعكفوا على تمحيص التشكيلة، ودققوا في أسماء الوزراء لمعرفة خلفياتهم المهنية والفكرية، ولاستنباط الدلالات والتوجهات العامة، مقدمين ملاحظات أكثر تركيبًا من الفرح الغامر والتشاؤم الشامل المعدين سلفًا.

ملامح عامة

يلاحظ الكاتب السياسي، سليمان الشمر، أن الحكومة الجديدة يغلب عليها طابع الـ”تكنوقراط”، وأن أغلب الوزراء خريجي جامعات أوربية. أما السمة الأبرز فهي أن “وزراء الحقائب السيادية الثلاث (الدفاع والخارجية والداخلية) كانوا مجددًا من الدائرة القريبة للرئيس، وهو الذي يولي موضوع الثقة الشخصية قيمة كبيرة، على حساب السياسة والساسة وخبراتهم”. ويقول الشمر: “هذا لم يكن مستغربًا قياسًا على نهج السلطة الجديدة، الذي مارسته منذ سقوط نظام الأسد، وهذا مطب أكثر منه ميزة، قد يعيق عمل الحكومة أو يقلل من نجاحاتها”.

 يؤكد الكاتب والباحث السياسي، د. مأمون سيد عيسى، ملاحظة الشمر، فيقول: “من الواضح أن الرئيس الشرع، وكما هو متوقع، احتفظ بالوزارات السيادية ضمن الحلقة الضيقة التي يثق بها”، ويقترح تفسيرًا: “يبدو أن الضغوطات المتنوعة التي يتعرض لها، ومنها العقوبات وأحداث الساحل، دفعته للاحتفاظ بتلك الوزارات، إضافةً إلى اعتماده على تكنوقراط في أغلب الوزارات التي تحتاج سوية علمية وخبرة إدارية، مثل المالية والاقتصاد والتعليم العالي والشؤون الاجتماعية”.

وبدوره، يتحدث الكاتب والأكاديمي، د. أحمد جاسم الحسين، عن سمات أساسية: “وزارة غلب عليها الشباب من مواليد الثمانينيات، كذلك هناك تنوع في الكفاءات، مع وجود عدد من الأسماء هي ممن اكتسب خبرات خارج سوريا وتعلموا ويحملون الشهادات العليا. وأيضًا جاءت الحكومة شاملة فضمت المسيحي والعلوي والكردي والدرزي والسني، كما شملت معظم المحافظات السورية”. ويضيف إلى ذلك أن الحكومة “امتازت أن كل وزير قدم خطة عمل أولية حاول من خلالها أن يبين استراتيجياته في إدارة الوزارة باختصار”.

ويضيء الحسين على أسماء محددة في الحكومة الجديدة “لديهم تجارب استثنائية كحالة رائد الصالح في الخوذ البيضاء، عبد السلام هيكل في الاتصالات والتقانة، وحمزة المصطفى في الإعلام ونجاحه في إدارة تلفزيون سوريا”. ويشير إلى اسمين من عهد النظام السابق: نضال الشعار المعروف بخبراته الدولية في البورصة وسوق المال العالمي، ويعرب بدر الذي عاد ليكون مجددًا وزيرًا للنقل.

ومن جهته، يرى مأمون سيد عيسى أن “رائد الصالح شخص مهم ورجل محترف في مجال عمله وسيرته عطرة، حمزة مصطفى لديه خبرة عملية جيدة في الإعلام من خلال القناة التي كان يديرها، ومحمد أبو الخير شكري جاء إلى وزارة الأوقاف، أغنى وزارة في الحكومة لما لديها في كل محافظة من عقارات، وهو شخصية محترمة يستطيع حل مشاكل الأوقاف المتراكمة شرط أن يعطى الصلاحيات المطلوبة، كما سيكون له دور في إبعاد أي خطاب متطرف عن الجوامع”.

ملفات ثقيلة

يعدد الباحث مأمون سيد عيسى الملفات ذات الأولوية التي تنتظر الحكومة الجديدة، فهناك “البنية التحتية العامة في سوريا، والتي تعاني من تدهور كبير نتيجة الإهمال الطويل بسبب الحرب. ويُعد إصلاح البنية التحتية للكهرباء والمياه على وجه السرعة أمرًا ملحًا، بالإضافة إلى ترميم الطرق والمطارات وتوفير النفط. كما أن البنية التحتية الصحية قد تعرضت للدمار التام”.

ويُنتظر من وزارة الخارجية “متابعة الإنجازات في الصعيد الخارجي. تعزيز العلاقات مع الدول والعمل على تخفيف العقوبات وتسريع تطبيق الاتفاق مع “قسد” وهو اتفاق تاريخي بامتياز سيساهم في استقرار وبناء الدولة السورية واستعادتها الموارد الكبيرة الموجود في المنطقة الشرقية”.

لكن سيد عيسى يرى أن التحديات التي تواجه الحكومة الحالية هي أكبر من أن يحلها وزراء في الحكومة الجديدة مهما كانت مؤهلاتهم “فلدينا العقوبات الدولية التي تعتبر التحدي الأكبر الذي يعيق جذب الاستثمارات وإعادة الإعمار وعودة النازحين، ولدينا الدمار الاقتصادي الذي خلفته الحرب وانتشار الفقر بشكل كبير”.

ويتابع: “هناك حاجة ماسة لتقديم المساعدة العاجلة لأكثر من 6 ملايين نازح و2 مليون مقيم في المخيمات أو العائدين من شمال سوريا إلى مناطقهم، في مجالات المياه والغذاء والأدوية وإعمار بيوتهم، ولدينا 12 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية”، مذكرًا بأن “تكلفة الحرب في سوريا تقدر بأكثر من 500 مليار دولار”.

إضافة إلى تحدي البنية التحتية وإعادة الإعمار، هناك التحدي الأمني، ذلك أن مناطق عديدة لا تزال خارج سيطرة الدولة، والحالة الفصائلية لا تزال سائدة ما يجعل البلاد تعيش في ظل تهديد دائم وحالة أمنية هشة.

ويعتبر سليمان الشمر أن تحقيق الأمن والاستقرار هو أولوية “هذا هام ويلتقي مع مطالب الدول المعنية بالملف السوري”. ونظرًا للوضع المعقد الذي آلت إليه الحالة السورية بعد 14 عامًا من الحرب الدامية والمدمرة، فقد كان “يعول على تشكيلة الحكومة الجديدة أن تجعلها مؤهلة للتصدي لكل الملفات الثقيلة، كان هناك حاجة لأن يغلب عليها الساسة أكثر من التكنوقراط، فسوريا بحاجة إلى إدارة علاقات دؤوبة وفعالة لتأمين أكبر تعاون دولي للمساعدة في إعادة الإعمار والحفاظ على الاستقرار، إضافةً إلى عمل داخلي يعيد اللحمة الوطنية التي زادها الصراع تمزقًا، وكذلك الهموم المعيشية للفقراء الذين طحنتهم الحرب ويمثلون 90% من الشعب السوري”.

يعتقد أحمد جاسم الحسين أن نجاح الحكومة الجديدة في مهامها وفي الملفات التي تنتظرها منوط، أيضًا، باستجابة المجتمع الدولي والإقليمي، مرجحًا أن “ردود الأفعال دوليًا على تشكيلة الحكومة ستكون بين بين”، لكنه يرى أن “هذا حق سيادي، والمجتمع الدولي لن يرضى عنك مهما عملت، أثبت نفسك على أرضك وخذ القرارات التي تريح مواطنيك، وربما سيجدها المجتمع الدولي فرصة ليرضى عنك”.

يختم سليمان الشمر حديثه بالقول: “أما وقد تشكلت الحكومة الجديدة، فإننا كسوريين محكومون بالانتظار والترقب والأمل، عسى أن تجتاز بنا هذا الاختبار الصعب، وتنجح.. وننجح”.

الترا سوريا

—————————-

واشنطن تحدد شروطها لتخفيف العقوبات عن سوريا

الثلاثاء 2025/04/01

حددت الولايات المتحدة الأميركية شروطها للحكومة السورية الجديدة لإجراء تعديلات على العقوبات المفروضة على سوريا، معربةً عن أملها في أن يشكل إعلان تشكيل الحكومة، بداية تحول إيجابي.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي للمتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس، بعد يومين على إعلان تشكيل الحكومة السورية الجديدة.

شروط واشنطن

وقالت بروس إن واشنطن تدرك حجم المعاناة التي تحملها السوريون طوال عقود من “الحكم الاستبدادي والقمع” في ظل نظام الأسد، معربة عن أملها في أن يكون تشكيل الحكومة الجديدة بداية تحوّل إيجابي نحو تمثيل جميع فئات الشعب السوري.

وأضافت أن أي تعديل جديد فيما يخص العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا، سيكون مشروطاً بتنفيذ عدد الخطوات، هي نبذ السلطات السورية المؤقتة “الإرهاب بكافة أشكاله”، واستبعاد المقاتلين الأجانب من أي أدوار رسمية، ومنع إيران ووكلائها من استغلال الأراضي السورية.

كما طالبت المتحدثة باتخاذ خطوات عملية يمكن التحقق منها في تفكيك ترسانة الأسلحة الكيميائية التي كانت تحت سيطرة النظام المخلوع، إلى جانب المساهمة في الكشف عن مصير الأميركيين والمواطنين الآخرين المفقودين في سوريا، وضمان حماية الأقليات الدينية والعرقية، وتأمين الحريات الأساسية لجميع المواطنين داخل الأراضي السورية.

ولفتت إلى أن الولايات المتحدة “ستواصل تقييم سلوك السلطة السورية المؤقتة وتحديد خطوتنا التالية بناءً على تلك الإجراءات”.

يأتي تعليق الخارجية الأميركية على خلفية إعلان تشكيلة الحكومة السورية الجديدة، السبت الماضي، والتي تضمنت 23 وزيراً.

وقبل أسبوع، نقلت وكالة “رويترز” عن مصادر أن مساعدة وزير الخارجية الأميركي ناتاشا فرانشيسكي، سلمت وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، قائمة من الشروط من أجل تخفيف العقوبات، وذلك في اجتماع على هامش مؤتمر المانحين لسوريا في بروكسل.

ترحيب أوروبي

من جانبه، رحّب الاتحاد الأوروبي بتشكيل الحكومة الجديدة. وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس وعدد من المفوضين الأوروبيين، إن “الاتحاد الأوروبي مستعدّ للتعاون مع الحكومة الجديدة لمساعدتها على مواجهة التحديات الهائلة التي تنتظرها”، حسب وكالة “فرانس برس”.

كما لاقى تشكيل الحكومة الجديدة ترحيباً من قبل دول فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإسبانيا وإيطاليا وبولندا، إلى جانب العديد من الدول العربية، حيث أكدوا استعدادهم للتعاون معها.

——————————

كيف يؤثر تشكيل الحكومة الجديدة على اقتصاد سوريا؟

1/4/2025

أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع -السبت الماضي- عن أول حكومة انتقالية في البلاد عقب الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول العام الماضي، وتضم 23 وزيرًا من خلفيات دينية وعرقية متنوعة.

وتهدف الحكومة الأحدث إلى قيادة البلاد خلال فترة انتقالية تمتد 5 سنوات، فضلا عن إعادة بناء المؤسسات العامة وتعزيز الاستقرار مع التركيز على الشمولية والشفافية.

وتواجه الحكومة الجديدة ملفات معقدة وتحديات في المجال الاقتصادي، لاسيما ملف تدهور البنية التحتية، والعقوبات الدولية المستمرة، وانتشال اقتصاد البلاد من حالة التدهور والفقر والبطالة.

100 يوم من الأداء

حدد الإعلان الدستوري الذي صادق عليه الرئيس السوري أحمد الشرع، مدة الفترة الانتقالية للبلاد 5 سنوات، وهي الفترة التي من المحتمل أن تدير الحكومة الجديدة البلاد فيها.

ومن شأن المدة الزمنية المعلنة للحكومة أن تعطيها استقرارًا، وقدرة على وضع الخطط الإستراتيجية متوسطة وطويلة المدى، بما يضمن تحقيق تقدم على مستوى كافة القطاعات، وفق خبراء.

في هذا السياق، يقول الخبير في الإدارة الإستراتيجية، الدكتور عبدالرحمن الجاموس في تصريح للجزيرة نت إنه يُفترض أن تُمنح هذه الحكومة مهلة الـ100 يوم، أي ما يزيد قليلا على 3 أشهر كما هو الحال في سائر البلدان، لتقييم أدائها في القطاعات الخدمية التي تلامس حياة المواطنين، ومعرفة الخطة الاقتصادية التي تنتهجها الدولة.

ويشير الجاموس، إلى أنه للمرة الأولى، سيكون رأس الدولة (رئيس الجمهورية) المسؤول الأول أمام عمل الوزارات بنجاحها وفشلها، مما يعني أنه يتحمل كل تبعات الفشل والنجاح، الأمر الذي يُحسب له.

ويرى الجاموس أن المسؤولية التي حملها الشرع بحد ذاته “تطوّر هائل بمعايير الشفافية السياسية، لأنه يُنهي لعبة توزيع الفشل أفقيًا على الوزراء، ويُدخلنا في زمن المساءلة العمودية التي غابت على زمن النظام المخلوع”.

ويؤكد الجاموس على أهمية تأسيس بنية إدارية متماسكة، قادرة على إدارة مؤسسات الدولة، بما يمهد الطريق لإعادة بناء البلاد، وتحقيق تنمية مستدامة.

شرعية دولية

ويوضح تقرير نشره موقع الجزيرة نت أن الحكومات المعترف بها رسميًّا تحظى بفرص لإبرام الاتفاقيات التجارية والاستثمارية، والوصول إلى الأسواق العالمية، ويعزز الثقة في التعامل مع المؤسسات الاقتصادية العالمية والدول.

ويشير التقرير إلى أن الاعتراف الدولي بالحكومة الجديدة هو بمثابة داعم ورافع لاقتصاد البلاد، عبر العمل على تشجيع الاستثمارات الأجنبية، والحصول على قروض مالية من الدول والمؤسسات المالية بفوائد مخفضة.

وتتيح الشرعية الدولية للحكومة المجال أمامها لتوقيع الاتفاقيات الدولية ذات الشأن الاقتصادي فيما يتعلق بعمليات الاستيراد والتصدير وتعزيز التجارة الخارجية، والانضمام إلى المنظمات الدولية الاقتصادية.

ويشير التقرير إلى أنه بملء الفراغ السياسي والتشريعي والقانوني في سوريا تستطيع الحكومة سنّ القوانين والإجراءات والإصلاحات التي تشجع الاستثمارات الأجنبية والمحلية في قطاعات مثل البنية التحتية، والزراعة، والطاقة والصناعات التحويلية.

في هذا السياق، يؤكد المستشار في الاقتصاد السوري الدكتور أسامة القاضي على أهمية أن تولي الحكومة الأولوية لسن القوانين والإجراءات التي تشجع عملية الاستثمار في سوريا.

ويشير إلى أن القبول الدولي بالتعاون مع الحكومة الانتقالية السورية هو أحد المؤشرات الإيجابية الهامة التي سيكون لها انعكاسات سياسية واقتصادية بالغة الأهمية على البلاد.

دعم القطاع الخاص

أوضح وزير الاقتصاد السوري محمد نضال الشعار في اجتماع إعلان الحكومة، أن خطة الوزارة ستركز على تشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

في السياق، يؤكد الباحث الرئيسي في مركز جسور للدراسات، خالد التركاوي على أهمية تشجيع استثمار القطاع الخاص، في الإعلام، والنقل، والسياحة، والطاقة والصناعات النسيجية، وأشار إلى أن القطاع الخاص كان يشكل أكثر من 50% من الناتج المحلي الإجمالي لسوريا.

وشدد التركاوي على ضرورة عدم انتظار الدعم الخارجي، والتركيز على الخطط الإستراتيجية القادرة على تأهيل سوريا عبر الصناعات الصغيرة والمتوسطة التي في العادة تكون ضمن نطاق اهتمام القطاع الخاص.

ويشير إلى أهمية تحفيز القطاع الخاص من خلال تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال لدعم الاقتصاد المحلي وتوطين الصناعات وتنويع الاقتصاد وخلق فرص عمل.

من جهته، يقول المستشار الاقتصادي أسامة القاضي إن الوضع الاقتصادي في سوريا لا يشجع أن تدخل الدولة في العملية الاقتصادية والإنتاجية، داعيا إلى دعم وتسهيل عمل القطاع الخاص، الذي يخلق فرص عمل، ويسرع من دوران العجلة الاقتصادية في البلاد.

وأوصت دراسة منشورة على موقع مركز عمران للدراسات المتخصص في الشأن السوري، بالتركيز على النشاطات الاستثمارية القادرة على توليد مضاعفات اقتصادية، إذ إن تعافي الاقتصادات المحلية مرتبط بقدرة القطاعات المختلفة على بناء بيئة اقتصادية تحقق تكامل الفعاليات الصغيرة مع تلك الكبيرة، لتشكل سلاسل قيمة وطنية قادرة على ربط الاقتصاديات المحلية المجزأة.

أولويات التعافي

وأوصت الدراسة على نقاط من شأنها في حال تم التعاطي معها بكفاءة وفعالية، أن تسهم في مرحلة التعافي والإنعاش الاقتصادي في سوريا، منها:

    استعادة الاستقرار النقدي وإصلاح السياسة المالية، عبر تثبيت سعر الصرف وما يتطلبه من ضبط السوق السوداء، وإصلاح النظام المصرفي وبالأخص البنك المركزي.

    جذب تحويلات المغتربين عبر القنوات الرسمية بما يعزز الاحتياطات الأجنبية من العملات الصعبة.

    دعم المجتمعات المحلية لحمايتها من التضخم ومن انعكاسات التحول البُنيوي للتحرر الاقتصادي.

    تفعيل التمويل الدولي من خلال التفاوض مع مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، للحصول على قروض ميسرة مع ضمان استخدامها في مشاريع تعزز القدرات الإنتاجية للاقتصاد السوري.

    رسم خطة واقعية لإصلاح الاقتصاد السوري، وعدم التسرع في إصلاح القطاع العام وضمان تحول تدريجي لأولئك المُسرَّحين من مؤسسات الدولة كذلك الجنود العائدون للحياة المدنية ودمجهم في القطاع الخاص.

ويعلق الدكتور الجاموس بالتأكيد على عدم تعويل الحكومة بشكل مفرط على الدعم الدولي، وعلى مشروع مشابه “لمشروع مارشال”، الذي لن يتحقق ما لم يكن البيت الداخلي متماسكًا.

المصدر : الجزيرة

————————–

وزيرة وحيدة في حكومة سوريا الجديدة.. من هي هند قبوات؟

الحرة – واشنطن

30 مارس 2025

تضمنت تشكيلة الحكومة السورية الجديدة التي أعلن عنها، السبت، وزيرة وحيدة، حيث تولت هند قبوات حقيبة الشؤون الاجتماعية والعمل.

وخلال كلمتها على هامش الإعلان عن الحكومة الجديدة، قالت قبوات إن وزارتها “تهدف إلى بناء مجتمع متماسك يعزز العدالة الاجتماعية التي افتقدناها لفترة طويلة.”

وأضافت: “سنعمل بطريقة تشاركية كوزراء ومجتمع مدني معاً، ويجب تعزيز الثقة بيننا جميعاً. يجب أن يكون هدفنا جميعاً نظام اجتماعي عادل ومستدام، يضمن التوزيع العادل للموارد.”

وكانت الإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع اختارت قبوات لعضوية اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، التي أعلن عنها في فبراير الماضي.

    كلمة السيدة هند قبوات عضو اللجنة التحضيرية في الفعاليات الختامية لمؤتمر الحوار الوطني السوري#مؤتمر_الحوار_الوطني_السوري#سانا pic.twitter.com/tjMh4M5gmE

    — الوكالة العربية السورية للأنباء – سانا (@SanaAjel) February 25, 2025

وقبوات حاصلة على ليسانس في الاقتصاد والقانون من جامعة دمشق، وعلى شهادة حل النزاعات والتحكيم من جامعة تورنتو في كندا، حسب السيرة الذاتية التي نشرتها الرئاسة السورية.

    السيرة الذاتية للسيدة هند قبوات وزيرة الشؤون الاجتماعية في التشكيلة الحكومية السورية الجديدة.#سانا pic.twitter.com/s0W3Psmp0J

    — الوكالة العربية السورية للأنباء – سانا (@SanaAjel) March 29, 2025

وهي حاصلة كذلك على ماجستير في القانون والدبلوماسية من جامعة فليتشر في الولايات المتحدة، وأستاذة في جامعة جورج ماسون الأميركية.

وشغلت قبوات منصب عضو زائر سابقا في برنامج التفاوض بكلية القانون في جامعة هارفرد، كما ساهمت في العديد من المؤسسات والمنظمات المدنية الفاعلة في سوريا وخارجها.

وقبوات، هي سورية كندية قادت العديد من الجهود في مجال الدبلوماسية العامة في السنوات الأخيرة في سوريا للترويج للتسامح والتعاون بين الأديان، والتحديث والإصلاح بالإضافة إلى الابتكارات التعليمية في مجال حل النزاعات والتعليم الدبلوماسي.

وتدير قبوات، وهي مسيحية، قسم حوار الأديان وحل النزاعات في معهد الأديان والدبلوماسية في جامعة جورج ميسون بولاية فيرجينيا الأميركية، وهي أيضا مؤسسة ومديرة لمركز الحوار والسلام والمصالحة السوري في تورونتو.

وعملت كمستشارة وعضو في المجلس الاستشاري للبنك الدولي، وهي تشغل أيضا رئاسة منظمة “تستقل” المعنية بشؤون المرأة وبناء السلام.

@G_CSyria

بالإضافة لذلك ترأس قبوات “جمعية النساء السوريات الكنديات” في تورونتو، إلى جانب عضويتها في مجلس إدارة منظمة “إنتربيس” المستقلة المعنية ﺑﺒﻨﺎء اﻟﺴﻼم ومقرها جنيف.

وهي عضوة أيضا في مجلس المنتدى الاقتصادي السوري ومنظمة المسيحيين السوريين من أجل السلام.

وكانت قبوات نائبة رئيس مكتب لجنة المفاوضات السورية في جنيف وعضوة سابقة في اللجنة العليا للمفاوضات وشاركت في جميع الجولات الثماني لمحادثات السلام في جنيف بشأن سوريا.

حصلت قبوات على جائزة من مركز “Tanenbaum” لصانعي السلام في العمل وجائزة أخرى من جامعة جورج ميسون في مجال الدبلوماسية العامة.

وأعلن الشرع، السبت، تشكيلة الحكومة الجديدة، حيث احتفظ كل من مرهف أبو قصرة بمنصب وزير الدفاع وأسعد الشيباني بمنصب وزير الخارجية في الحكومة الجديدة.

الحرة – واشنطن

—————————-

الشيخ الحناوي يبارك تشكيل الحكومة السورية الجديدة ويشيد ببرامج الوزراء

2025.04.01

رحّب شيخ عقل طائفة المسلمين الموحدين الدروز في السويداء، الشيخ حمود الحناوي، بتشكيل الحكومة السورية الجديدة، مشيداً بطريقة تقديم الوزراء لخططهم وبرامجهم في إدارة الوزارات.

وقال الشيخ الحناوي في مقطع مصور: “كنت، كسائر أبناء الشعب السوري، أنتظر إعلان الحكومة الجديدة، وقد أعجبني الأسلوب الذي جرى فيه الإعلان، حيث عمل الرئيس أحمد الشرع على إشراك العديد من أهل الرأي والمشورة في أثناء عرض التشكيلة الوزارية”.

وأثنى الحناوي على أداء الوزراء خلال مراسم الإعلان، مشيراً إلى أن كل وزير قدّم برنامجه بشكل موجز وشامل، وأضاف: “البلاغة في الإيجاز، وقد لاحظنا وضع عناوين مدروسة لكل خطة، وهذا يُعدّ أمراً إيجابياً”.

وتابع: “وقد اختُتم الإعلان بأداء الوزراء للقَسم، متعهدين بتحمل المسؤولية بأمانة وإخلاص، وإذا تحققت الأمانة والإخلاص، فالنجاح حتمي بإذن الله”.

وختم الشيخ الحناوي تصريحه بالتأكيد على أن “غايتنا في كل ما نقوم به هي التوفيق والعمل لصالح الوطن”.

الإعلان عن الحكومة السورية الجديدة

ومساء السبت، جرى في قصر الشعب بالعاصمة دمشق الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة لتحل محل حكومة تصريف الأعمال.

وتضم الحكومة الجديدة 23 وزيراً، بينهم سيدة، و5 وزراء من الحكومة الانتقالية التي تشكلت في 10 كانون الأول 2024 لتسيير أمور البلاد عقب الإطاحة بنظام الأسد.

ترحيب عربي ودولي واسع بالحكومة السورية الجديدة

وقوبل إعلان تشكيل الحكومة السورية الجديدة بترحيب واسع على المستويين العربي والدولي، حيث أعربت عدة دول ومنظمات عن دعمها للتشكيلة الجديدة، مؤكدة أهمية الاستجابة لتطلعات الشعب السوري وتعزيز الأمن والاستقرار في البلاد.

من جانبها، أعربت وزارة الخارجية والمغتربين في سوريا عن شكرها وتقديرها العميق للدول والمنظمات التي أبدت دعمها، مؤكدة أن هذا الموقف يعكس حرص المجتمع الدولي على دعم جهود سوريا في بناء مستقبلها واستعادة الاستقرار.

تلفزيون سوريا

—————————

السويداء.. فصيل محلي يربط الاندماج بنجاح الحكومة

تحديث 01 نيسان 2025

ربط قائد “لواء الجبل”، العامل في السويداء جنوبي سوريا، شكيب عزام، قرار انضمامه للجيش السوري الجديد بنجاح الحكومة الانتقالية الجديدة.

وقال قائد “لواء الجبل” عزام، إن الفصائل ذات الطابع الدرزي، أرادت منح الحكومة المؤقتة فرصة لإثبات جدارتها، مهددًا بقتالها في حال الفشل.

وأضاف في مقابلة لصحيفة “نيويورك تايمز” ونشرت اليوم، 1 من نيسان، “إذا سارت الحكومة الجديدة على الطريق الصحيح، فسننضم إليهم، وإن لم ينجحوا، فسنقاتلهم”.

ويرى عزام أن فصيله سيكون جزءًا من الدولة الجديدة، مشترطًا أن يكون لهم رأي في القرارات السياسية، مؤكدًا في الوقت ذاته، أن “من السابق لأوانه التخلي عن السلاح”.

ويأتي حديث عزام، بعد أيام من تشكيل حكومة جديدة انتقالية، وصفت بأنها شاملة للطوائف السورية، وضمت وزيرًا من محافظة السويداء.

ما “لواء الجبل”؟

“لواء الجبل” أسسه مرهج الجرماني، وهو فصيل درزي مسلح يتمركز في السويداء.

شارك الجرماني في الاحتجاجات التي قامت ضد النظام السوري السابق، في السويداء والتي اندلعت عام 2023، وتم اغتياله عام  في تموز 2024.

ويعتبر “لواء الجبل” من أكبر الفصائل العاملة في السويداء ويشكل مع فصيل “حركة رجال الكرامة” تحالفًا يرسم الوجه العسكري البارز في المحافظة.

وقال الفصيلان في بيان مشترك، الاثنين 6 من كانون الثاني الماضي، إن “حمل السلاح كان دفاعًا عن أهل السويداء بجميع أطيافهم وليس حبًا به، وهو وسيلة اضطرارية وليس غاية”.

وأكد الفصيلان استعدادهما للاندماج ضمن جسم عسكري، ورفضهما لأي جيش فئوي أو طائفي، معتبرين نهاية حكم نظم الأسد “فرصة تاريخية لبناء دولة عادلة”.

وتضمن البيان موقفًا بعدم تدخل الفصائل العسكرية في الشؤون الإدارية أو السياسية، مع دعم العمل المدني والسياسي بشكل تشاركي، والتزامهما بحماية المرافق العامة في المحافظة.

دمشق تفاوض فصائل السويداء

ولا تزال فصائل عسكرية يتكون معظمها من الدروز تسيطر على المشهد العسكري والأمني في السويداء، دون أن ينضموا إلى وزارة الدفاع السورية.

وتجري مفاوضات، بين فصائل السويداء ووزارة الدفاع السورية، تراجعت وتيرتها عقب أحداث الساحل السوري التي اندلعت في 6 من آذار الماضي، عقب تحركات لفلول النظام السابق.

أدت أحداث الساحل إلى انتهاكات في صفوف المدنيين، مما أثار تخوفات لدى فصائل السويداء، وجعلها تحجم عن مواصلة التفاوضات مع الدولة السورية، وفق “نيويورك تايمز”.

من جانبه، قال فهد البلعوس نجل مؤسس “رجال الكرامة” وحيد البلعوس، لعنب بلدي في وقت سابق، إنه بعد عدة اجتماعات تذللت معظم العقبات في مسألة الخلاف حول الانضمام لوزارة الدفاع.

ولفت إلى ضرورة حل جميع الفصائل من أجل بناء الدولة والابتعاد عن التبعية الفصائلية أو الطائفية لتفادي ما وصفها بـ”الحرب الأهلية”.

وعقد الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، عدة اجتماعات مع ممثلين عن الطائفة الدرزية كان أبرزها في شباط الماضي، وحضره البلعوس.

وحول الشروط التي دارت حولها الاجتماعات قال البلعوس، إن أهمها كان الخدمة العسكرية لشباب المحافظة ضمن الحدود الإدارية للسويداء حتى يحين صياغة دستور يضمن حقوق جميع السوريين.

وبالرغم من عدم انضمامها، فإن تفاهمات جرت بين الفصائل ودمشق، على تنسيق خدمي وأمني.

تمثلت هذه التفاهمات بإعادة تفعيل مراكز شرطية وتعيين مسؤولين عليها من محافظة السويداء، ودفع رواتب عناصر شرطة سابقين ومنشقين عن النظام السابق.

——————————–

الإدارة الذاتية الكردية تعلن رفضها تنفيذ قرارات الحكومة الجديدة في سوريا

الإدارة الذاتية الكردية: “أية حكومة لا تعبر عن التنوع والتعدد الموجود في سوريا، لن تستطيع إدارة البلاد بشكل سليم وإخراجها من الأزمة التي تعاني منها”

أعلنت الإدارة الذاتية الكردية في بيان الأحد أنها لن تكون “معنية” بتنفيذ قرارات الحكومة الجديدة في سوريا غداة الإعلان عن تشكيلها، على اعتبار أنها لا تمثّل التنوع في البلاد.

ورأت الإدارة الذاتية في بيان أن الحكومة الجديدة التي تضمّ وزيرا كرديا واحدا من بين 23 وزيرا “تشابهت بشكل كبير مع سابقتها، من حيث عدم أخذ التنوع في سوريا بعين الاعتبار، ومواصلة إحكام طرف واحد السيطرة عليها”، مضيفة أن “أيَّة حكومة لا تعبر عن التنوع والتعدد الموجود في سوريا، لن تستطيع إدارة البلاد بشكل سليم (…) ولن نكون معنيين بتطبيق وتنفيذ القرارات الصادرة عنها”.

وشددت على أن “السياسات التي تصر حكومة دمشق على انتهاجها، إنما تعيدنا إلى المربع الأول، من حيث استئثار طرف واحد بالحكم وإقصاء المكونات والأطياف السورية من العملية السياسية ومن إدارة شؤون البلاد”.

وأكدت أن “أية حكومة لا تعبر عن التنوع والتعدد الموجود في سوريا، لن تستطيع إدارة البلاد بشكل سليم وإخراجها من الأزمة التي تعاني منها، وإنما ستزيد من تعميق الأزمة ولن تزيل الأسباب التي أدت إلى اندلاعها”.

وأعلنت أنهم “لن يكونوا معنيين بتطبيق وتنفيذ القرارات الصادرة عنها”، لافتة إلى أن “تكرار أخطاء الماضي سيضر السوريين ولن يؤدي أبدا إلى إطلاق عملية سياسية شاملة يمكن أن تضع الحلول للقضايا العالقة والمشاكل والأزمات التي تعيشها سوريا”.

وجددت الإدارة الذاتية تمسكها بـ “المطالب الأساسية في بناء سوريا ديموقراطية تشاركية لا مركزية تضمن للجميع حق المواطنة وحق المشاركة العادلة في جميع مفاصل الحياة السياسية، وعدم تحكم جهة أو طرف واحد بمقاليد الحكم وإدارة سوريا”.

وطالبت بـ”الكف عن انتهاج سياسات الإقصاء والتهميش والاتجاه إلى احتضان جميع أبناء الشعب السوري من كل المكونات والأديان والطوائف”.

النهار العربي

————————-

===================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى