التدخل الاسرائيلي السافر في سورية الجديدةسقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعسياسة

عن التدخل الاسرائيلي السافر في سورية الجديدة، ملف تناول “شهية إسرائيلية لتفتيت سوريا” – تحديث 01 نيسان 2025

لمتابعة مكونات الملف اتبع الرابط التالي

التدخل الاسرائيلي السافر في سورية الجديدة

——————————-

التقارب السوري التركي ومواجهة القوى المعادية للنظام السوري/ رياض معسعس

تحديث 01 نيسان 2025

يقف النظام السوري الجديد على حبل مشدود في محاولة تثبيت أركان حكمه داخليا بتحقيق الأمن، والسلم الأهلي، والعدالة بقصاص كل من تلوثت يداه بدماء السوريين، وتفعيل عجلة الاقتصاد والسعي حثيثا برفع العقوبات التي كانت مفروضة على النظام المخلوع، وإعادة البناء لكل ما دمره النظام البائد، والاستعداد لعودة حوالي 8 ملايين لاجئ من الخارج، وأربعة ملايين نازح، ورفع مستوى معيشة المواطن، وبناء مؤسسات الدولة على أسس جديدة، وعلى رأسها الجيش السوري بضم كل الضباط والعناصر المنشقة عن جيش النظام المخلوع، وصياغة دستور دائم للبلاد يأخذ بعين الاعتبار كل الخصوصيات لجميع مكونات الشعب السوري، وفتح الباب أمام تشكيل الأحزاب، ومؤسسات المجتمع المدني، وضمان حريتها في العمل، وملفات عديدة مفتوحة تجعل أي حكومة يتم تعيينها من عتاة التكنوقراط أمام صعوبات جمة يتوجب عليها التغلب عليها. لكن الأصعب من ذلك أيضا هو تحقيق سلامة الأراضي السورية وسيادتها وحمايتها من التقسيم، ومن مخططات القوى الخارجية، وخاصة المحيطة بها أو التي كان لها نفوذا فيها سابقا والتي تتربص بها شرا، وعلى رأس القائمة دولة الاحتلال الإسرائيلي، وهنا تكمن عقدة النجار.

التحالف مع تركيا

لا يمكن لسوريا التغاضي عن الجار التركي فعلاقتها مع هذا الجار تعود إلى عام 1516 التي دخلها بعد انتصاره على المماليك في معركة مرج دابق بقيادة السلطان سليم الأول، (والتكية التي بناها في دمشق ماثلة إلى اليوم تؤرخ لهذا الحدث،) ومكث في سوريا لغاية سقوط السلطنة بعد الحرب العالمية الأولى، وكان يعتبرها (سوريا الكبرى) درة تاج طوب قابي. ورغم الخطأ الكبير الذي ارتكبه العرب في تحالفهم مع الدول الغربية المعادية لها والذي جر عليهم ويلات وعد بلفور، وسايكس بيكو، وقرارات سان ريمو بالانتداب، بقيت تركيا الملاذ الأخير لتشتت الأنظمة السورية المتعاقبة بين تحالفات عربية، وولاءات خارجية وضعها في خضم تقلبات عنيفة، وكان النظام البائد قد جلب العداوة مع تركيا بدعمه لحزب العمال الكردستاني قبل أن يتخلى عنه في معاهدة أضنة في العام 1994. والتخلي عن المطالبة بلواء اسكندرون الذي قدمته فرنسا لتركيا كهدية لثنيها عن الدخول في الحرب العالمية الثانية كحليف للمحور الألماني الإيطالي، كما تخلى سابقا عن الجولان في حرب النكسة. مع اندلاع الثورة السورية فتحت تركيا أبوابها أمام اللاجئين السوريين (حوالي 4 ملايين سوري)، ودخلت تركيا كطرف في المعادلة السورية مع القوى المتحالفة مع النظام المخلوع أي روسيا وإيران، لكن على عكس هاتين القوتين كانت تركيا تدعم المعارضة السورية السياسية والعسكرية، وخاضت معارك معها لتحرير أكثر من مدينة من قوات سوريا الديمقراطية «الكردية» المدعومة أمريكيا. ورغم تخلي الدول العربية (ما عدا قطر) عن الشعب السوري وثورته، والتطبيع مع النظام البائد، حافظت تركيا على موقفها من المعارضة السورية، وفاجأت العالم بدعمها لها لإسقاط النظام في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024. هذا الموقف وضعها في مواجهة مباشرة مع كل من روسيا، وإيران، وخاصة دولة الاحتلال الإسرائيلي التي كانت تربطها مع نظام المخلوع علاقات مصالح متبادلة منذ تخلي والد المخلوع حافظ الأسد عن الجولان السوري، ولم يرق لها سقوطه بتاتا فدأبت على تنفيذ سلسلة من الاعتداءات المتكررة والتوغل في الأراضي السورية، وتحريض المكونات الدرزية والكردية ضد الإدارة الجديدة.

المواجهة مع إسرائيل

في حمأة أحداث غزة والضربة التي تلقتها دولة الاحتلال بعملية «طوفان الأقصى» والمستمرة إلى اليوم، تلقت الضربة الثانية بسقوط النظام السوري الذي كان يؤمن وجودها في الجولان المحتل بعد اتفاق فصل القوات في العام 1974 إذ منذ ذلك التاريخ لم تطلق رصاصة واحدة باتجاه الأراضي المحتلة، ولا حتى محاولة واحدة لتحرير الجولان عسكريا، أو دبلوماسيا، بل على العكس كانت إسرائيل تقصف وتنتهك الأراضي السورية باستمرار بعد اندلاع الثورة السورية لتدمير منشآت حزب الله والحرس الثوري الإيراني وفصائل أخرى جلبها بشار الأسد المخلوع لحماية نظامه من السقوط، ورغم كل الانتهاكات لم يكن رد النظام سوى كلام في كلام. واليوم بعد سقوطه تستمر دولة الاحتلال بضرب مراكز الجيش السوري أيضا دون رد من الإدارة الجديدة التي لا ترغب بفتح جبهة مع العدو تؤدي إلى فوضى كبيرة في البلاد لا يحمد عقباها، بل حتى لا تمتلك الإمكانيات العسكرية والمادية لمواجهتها، وهنا سيأتي الدور التركي في تأمين الحماية بتوقيع معاهدة مع الإدارة الجديدة. ويتم الحديث عن بناء قواعد عسكرية تضم دفاعات جوية متطورة تم بحثها في زيارة الرئيس أحمد الشرع لأنقرة، وهذا التحالف بين دمشق وأنقرة يجعل هذه الأخيرة في مواجهة مباشرة مع دولة الاحتلال التي تخشى عودة بناء الجيش السوري والمطالبة بتحرير الجولان، وقال مصدر أمني إسرائيلي إن «المواجهة بين تركيا وإسرائيل في المنطقة السورية أمر لا مفر منه نتيجة محاولة أردوغان المساس بحرية العمل الإسرائيلية، وفي منتصف يناير/كانون الثاني طالب أردوغان إسرائيل إنهاء الأعمال العدائية التي تمارسها في سوريا، وإلا فإن النتائج التي ستظهر ستضر بالجميع. وهنا تكمن عقدة النجار الثانية. فتركيا العضو الثاني في حلف شمال الأطلسي تجعل إسرائيل أن تعد للعشرة قبل التحرش بها خاصة وأن إدارة الرئيس دونالد ترامب تسعى إلى حصر المواجهة مع إيران فقط، وعدم فتح جبهات أخرى، والعمل حثيثا على تحقيق عمليات تطبيع تشمل أكثر من دولة عربية وعلى رأسها العربية السعودية، وقد صرح ترامب بأن أمر سوريا قد فوضه لتركيا، وتحدث المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف قائلا بأن سوريا ولبنان باتا أقرب من أي وقت مضى للتطبيع مع إسرائيل. ويبدو أن الإدارة الأمريكية التي أرسلت قائمة بالشروط التي تطالب فيها الإدارة الجديدة في سوريا تحقيقها تريد أن تربط رفع العقوبات أيضا بمسألة التطبيع، وتقول بعض المصادر الفلسطينية بأنها أيضا طلبت من دمشق أن تمنح الجنسية السورية للاجئين الفلسطينيين (حوالي 600 ألف لاجئ فلسطيني يتمتعون بكل حقوق المواطن السوري ما عدا الجنسية لحماية حق العودة، وبعملية التجنيس ستسقط عنهم بطاقة الأنروا التي تضمن لهم هذا الحق)، وهذا يضع الإدارة الجديدة أيضا أمام عقدة نجار ثالثة يصعب حلها. وهكذا يبدو المشهد بأن الوضع في سوريا يتطلب الكثير من الإدارة الجديدة الكثير من العمل، والكثير من الحذر، وأكثر من ذلك التعامل مع القوتين العظميين اللتين تحتلان أيضا مراكز في سوريا ولا ترغبان حاليا بالتخلي عنها.

كاتب سوري

القدس العربي

—————————-

هيئة البث الإسرائيلية: نلاحظ اتجاهاً مثيراً للقلق يقوده الرئيس السوري أحمد الشرع

تحديث 01 نيسان 2025

كشفت هيئة البث العبرية، الثلاثاء، عن قلق في تل أبيب تجاه الرئيس السوري أحمد الشرع، بزعم تشدده وعمله على تقويض أمن إسرائيل.

ونقلت الهيئة عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إن تل أبيب لاحظت اتجاهاً “مثيراً للقلق” يقوده الرئيس السوري أحمد الشرع.

وأضاف: “الرئيس الشرع إسلامي يرتدي ربطة عنق، وهو عدو ومتشدد وليس شريكاً بالحوار”.

وتابع: “نحن نفهم أن الجولاني (الشرع) عدو يحاول بيع صورة جديدة للغرب، بينما يعمل في الوقت نفسه على تقويض أمن إسرائيل”، على حد قوله.

وادعت الهيئة أن “الشرع أفرج عن جميع عناصر حركتي حماس والجهاد الإسلامي الذين اعتقلوا خلال فترة حكم بشار الأسد، ومنهم من انخرط في العمل الإرهابي ضد إسرائيل”، على حد تعبيرها.

وبسطت فصائل سورية سيطرتها على البلاد، في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، منهية 61 عاماً من نظام “حزب البعث” الدموي، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.

وزعمت هيئة البث أن “إيران بدأت البحث عن طريقة للبقاء في سوريا بعد الإطاحة بنظام الأسد، وتمثل أحد الحلول في دعم خلايا حماس والجهاد الإسلامي داخل سوريا”.

وأشارت الهيئة إلى أن وزير الدفاع يسرائيل كاتس علَّق على أحداث العنف التي اجتاحت الساحل السوري، الشهر الماضي، بأن “الجولاني كشف عن وجهه الحقيقي بعدما خلع القناع الذي يرتديه”.

وفي 6 مارس/ آذار المنصرم، شهدت منطقة الساحل السوري توتراً أمنياً إثر هجمات منسقة لفلول نظام الأسد ضد دوريات وحواجز أمنية أوقعت قتلى وجرحى، وإثر ذلك نفذت قوى الأمن عمليات تمشيط تخللتها اشتباكات انتهت باستعادة الأمن والاستقرار.

ولفتت إلى أن يسرائيل كاتس شدد – في أكثر من مرة – على أن إسرائيل ستدافع عن نفسها ضد أي تهديد من سوريا.

وبوتيرة شبه يومية، تشن إسرائيل، منذ أشهر، غارات جوية على سوريا، وتوقع قتلى مدنيين، وتدمر مواقع عسكرية وآليات وذخائر للجيش السوري، رغم أن الإدارة الجديدة لم تهدد تل أبيب بأي شكل.

ومنذ عام 1967، تحتل إسرائيل معظم مساحة هضبة الجولان السورية، واستغلت الوضع الجديد في البلاد بعد سقوط نظام بشار الأسد، حيث احتلت المنطقة السورية العازلة، وأعلنت انهيار اتفاقية فض الاشتباك بين الجانبين لعام 1974.

(الأناضول)

———————————

إسرائيل: الشرع أطلق قياديين بـ”حماس” و”الجهاد”..كانوا معتقلين لدى الأسد

الثلاثاء 2025/04/01

زعم مسؤولون أمنيون إسرائيليون أن الرئيس السوري أحمد الشرع أطلق سراح قياديين من حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، كانوا معتقلين في سجون نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

“خطر حماس”

وقال المسؤولون لصحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية، إن القادة المفرج عنهم “هددوا بتنفيذ عمليات ضد إسرائيل”، ما دفع الجيش الإسرائيلي إلى تعزيز تدابيره الأمنية في المنطقة، عبر إنشاء منطقة أمنية خاصة شرقي مرتفعات الجولان، محذرين مما ووصفوه “تصاعد خطر” حركة حماس في الخارج، لاسيما في سوريا.

وتمتد هذه المنطقة على طول 80 كيلومتراً وعرض 18 كيلومتراً، وتضم تسعة مواقع عسكرية كبيرة، من بينها موقع مركزي على قمة جبل الشيخ، بهدف فصل إسرائيل عن أي تهديدات ناشئة من سوريا، حسب زعم المسؤولين.

وذكر مسؤول أمني إسرائيلي أن جيش الاحتلال لن ينسحب من هذه المناطق في المستقبل القريب، مضيفاً أن “الوضع الذي كان قائماً قبل السابع من أكتوبر لن يعود”.

وبداية آذار/مارس، نفى ممثل حركة الجهاد الإسلامي في سوريا، أبو مجاهد، الادعاءات الإسرائيلية بشأن وجود قوات عسكرية لحركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” في سوريا.

وقال أبو مجاهد لوكالة الأنباء الألمانية، إن إسرائيل تستخدم هذه المزاعم “لتبرير العدوان العسكري وممارسة الضغط على سوريا للتوصل إلى اتفاق سلام”، مؤكداً على أن “لا وجود” لقوات تابعة لـ”حماس” أو “الجهاد الإسلامي” في سوريا، كما لفت إلى أنه حتى في ظل حكم نظام الأسد المخلوع، “كان وجودنا مدنياً، يقتصر على المجتمعات الفلسطينية اللاجئة”.

واحتلت إسرائيل مرتفعات جبل الشيخ السورية، ووسعت وجودها داخل المنطقة العازلة في جنوب غرب البلاد، مستغلةً الفراغ الأمني والعسكري عقب الإطاحة بنظام الأسد، وذلك بزعم استهداف مستودعات الأسلحة وخطوط الإمداد التي تستخدمها “حماس” و”حزب الله”.

الوجود التركي

يأتي ذلك فيما أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه سيعقد اجتماعاً قريباً لمناقشة أمنية حول الوجود التركي في سوريا، بمشاركة رؤساء المؤسسة الدفاعية، وذلك بعد اجتماع مماثل الأسبوع الماضي، ناقش “النفوذ التركي المتزايد” في سوريا.

وقالت وسائل إعلام عبرية إن نتنياهو “يتابع بقلق التقارب بين الإدارة السورية الجديدة وتركيا”، فيما نقلت عن مصادر زعمها أن الحكومة السورية تجري محادثات متقدمة مع أنقرة لتخصيص قاعدة عسكرية في منطقة تدمر بمحافظة حمص وسط سوريا، للجيش التركي مقابل مساعدات اقتصادية وعسكرية وسياسية.

وادعت المصادر أن “الوجود العسكري التركي” المحتمل شرقي حمص، من شأنه أن يثير قلق إسرائيل بشكل جدي، وفق ما نقلته وكالة “الأناضول”.

المدن

————————

مسؤول إسرائيلي رفيع: الشرع عدونا الواضح دون شك

حذّر من أن التفاهمات المتزايدة بين سوريا وتركيا قد تُقيد حرية إسرائيل العملياتية في دمشق

 تل أبيب – لندن: «الشرق الأوسط»

1 أبريل 2025 م

حذَّر مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى من أن التفاهمات المتزايدة بين سوريا وتركيا، قد تُقيِّد حرية إسرائيل العملياتية في سوريا. ووصف الرئيس السوري أحمد الشرع بـ«إنه عدونا الواضح دون شك».

ونقلت صحيفة «هآرتس» العبرية عنه، الثلاثاء، قوله: «هذا رصيد استراتيجي يجب أن نحافظ عليه. هدف تركيا هو الحد من النشاط الإسرائيلي في سوريا. لا نرغب في المواجهة، لكننا لن نتنازل عن مواقفنا أيضاً»، مشدداً على أن «عمليات الجيش الإسرائيلي في سوريا، تحظى بدعم كامل من الرئيس الأميركي».

وحول إمكانية إنشاء تركيا قاعدة في سوريا، قال: «لا نعتقد أن إردوغان مَن سيوفر التمويل». وفيما يتعلق بالرئيس السوري أحمد الشرع، قال: «إنه إسلاميٌّ تقليدي، وهو عدونا الواضح دون شك. إنه يعمل على رفع العقوبات عنه وتقديم نفسه رئيساً لحكومة شرعية».

القلق الإسرائيلي ليس الأول من قبل مسؤول كبير، فقد أفادت مصادر إعلامية إسرائيلية، مؤخراً، نقلاً عن مصادر أمنية، بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يُجري مشاورات أمنية لمناقشة المخاوف بشأن النفوذ التركي في سوريا، وأنه يُحاول تصوير المواجهة مع تركيا على أنها «حتمية».

ووفقاً لموقع «والا»، لفتت المصادر إلى اتصالات سورية – تركية بشأن تسليم مناطق قرب تدمر (وسط سوريا، وتعدّ منطقةً أثريةً) للجيش التركي، مقابل دعم اقتصادي وعسكري لدمشق. وأن التحركات التركية المحتملة في تدمر، وسط سوريا، تُثير قلقاً إسرائيلياً كبيراً، لافتةً في الوقت نفسه، إلى أن النظام السوري الجديد يحاول ترميم قواعد عسكرية وقدرات صاروخية ودفاعية في الجنوب بالقرب من إسرائيل.

وكان مصدر في وزارة الدفاع التركية، قد أعلن (الخميس)، أن أنقرة تدرس إنشاء قاعدة لأغراض تدريب في سوريا، تماشياً مع مطالب الحكومة الجديدة في دمشق. وأشار إلى أن الخطوة تأتي في إطار تعزيز قدرات الجيش السوري.

وأضاف المصدر، في رده على سؤال خلال إفادة أسبوعية لوزارة الدفاع، أن «جميع أنشطتنا في سوريا يتم تنسيقها مسبقاً مع الأطراف المعنية، وتُتخذ جميع التدابير الأمنية اللازمة».

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، قد صرَّح بأن «إسرائيل ستدافع عن نفسها ضد أي تهديد من سوريا. سنظل في مناطق الأمن وفي هضبة الجولان، وسندافع عن قرى الجليل والجولان. سنحافظ على جنوب سوريا خالياً من الأسلحة والتهديدات، وسندافع عن السكان الدروز هناك، ومَن يهددهم سيواجه ردنا».

الشرق الأوسط

———————————-

عن الاشتباك الجيوسياسي التركي الإسرائيلي في سوريا/ محمود علوش

2025.04.01

منذ الإطاحة بنظام المخلوع بشار الأسد في الثامن من ديسمبر كانون الأول الماضي، شنت إسرائيل ما يزيد على سبعين عملية توغل برية في جنوب غربي سوريا ونفذت عشرات الغارات الجوية على ما تبقى من أصول عسكرية للدولة السورية.

وقد قدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ثلاثة مُسوغات لإضفاء مشروعية على هذه التحركات العدوانية.

الأمن، والخوف من الخلفية الجهادية السابقة للرئيس أحمد الشرع، ومشروع الشرق الأوسط الجديد الذي وعد نتنياهو بتحقيقه بعد اندلاع حرب السابع من أكتوبر. وفي حين أن هذه المُسوغات تبدو متداخلة فيما بينها من حيث الديناميكيات المتشابهة المُحركة لها ومن حيث الأدوات التي تستخدمها إسرائيل لفرض تصوراتها لسوريا الجديدة، فإن مُحرك “الشرق الأوسط الجديد”، أضفى بُعداً جيوسياسياً خطيراً على سوريا يتمثل في تحولها إلى ساحة اشتباك جيوسياسي بين إسرائيل وتركيا. ويجلب هذا البعد مزيداً من الضغط على عملية التحول وعلى جهود الشرع للحد من ضغوط الجغرافيا السياسية الإقليمية عليها.

حقيقة أن الفراغ الذي خلفه الانكفاء الإيراني في المنطقة بعد انهيار نظام الأسد وتحوّلات حرب السابع من أكتوبر وصعود تركيا كقوة فاعلة في تشكيل الجغرافيا السياسية الإقليمية المُحيطة بها جنوباً، أوجدت مساحة قوية للاشتباك الجيوسياسي التركي الإسرائيلي. وهي تُشكل دافعاً من دوافع مُتعددة للتحركات العدوانية الإسرائيلية في سوريا بعد التحول. وتستند هذه الدوافع في الغالب إلى تصور يسعى رئيس الوزراء بنامين نتنياهو لفرضه وتدعمه في ذلك الدوائر الإسرائيلية العسكرية والاستخبارية في الداخل، ويقوم على أن الحضور التركي في سوريا الجديدة يُشكل تهديداً جيوسياسياً كبيراً لإسرائيل. وعلى الرغم من أن الافتراض، الذي يدفع نتنياهو مستشاريه لنشره على وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن وجود مخاطر حقيقية لصدام عسكري بين إسرائيل وتركيا في سوريا، لا يبدو واقعياً، إلآّ أنه لا يُخفي حقيقة الاشتباك الجيوسياسي التركي الإسرائيلي.

وهذا الاشتباك يستمد قوته من ثلاثة مُحركات استراتيجية. الأول يتمثل بالهامش الجديد الذي أوجده التحول السوري لتركيا لتحدي مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تسعى إسرائيل لفرضه كقوة إقليمية مُهيمنة فيه ومدعوم بدرجة رئيسية بسياسة التوسع الإقليمي التي تنتهجها بعد حرب السابع من أكتوبر. ويتمثل الثاني بالبُعد السني في العلاقة الجديدة بين تركيا وسوريا بعد التحول. أما الشكل الثالث فيتمثل في أن الشراكة الاستراتيجية الناشئة بين أنقرة ودمشق تُشكل عقبة رئيسية أمام إسرائيل لفرض تصورها لسوريا الجديدة كدولة غير قادرة على الاستقرار وامتلاك أدوات القوة. إن هذه الأشكال الثلاثة تُضفي في الواقع بعداً إقليمياً مُهيمناً على التحركات الإسرائيلية في سوريا. ولا أعني بهذا البعد إضفاء صفة الواقعية على هذه التحركات بقدر ما يُفسر الدوافع العميقة لها من منظور الأمن القومي الإسرائيلي أولاً، ومن منظور مقاربة إسرائيل لتأثير تركيا على المنافسة الجيوسياسية الإقليمية ثانياً، وكذلك من منظور واقعية الهاجس الإسرائيلي من “البُعد السني” في علاقة تركيا بسوريا الجديدة.

مع ذلك، تبرز بعض المتناقضات في المقاربة الاستراتيجية الإسرائيلية لتركيا ودورها في سوريا. فمن جانب، إذا كانت لدى إسرائيل هواجس من “تطرف” القادة الإسلاميين الجدد في دمشق، فإن الاحتضان التركي لهم يعمل كمُحفز قوي لتعزيز اعتدالهم. ويبدو أن معظم القوى الإقليمية والدولية المتوجسة من الخلفية الجهادية السابقة للشرع بمن فيهم الولايات المتحدة تُراهن على أهمية الدور الذي تقوم به تركيا لتوجيه عملية التحول ولصقل الشخصية الاعتدالية للشرع. ومن جانب آخر، تعمل الغطرسة التي تُمارسها إسرائيل في المنطقة منذ اندلاع حرب السابع من أكتوبر على التقليل من أهمية المخاطر التي تجلبها السياسة الإسرائيلية في سوريا على إسرائيل نفسها خصوصاً لجهة أنها قد تؤدي في نهاية المطاف إلى مفاقمة التهديد الذي تُشكله سوريا الجديدة لإسرائيل بدلاً من تقليله، وكذلك لجهة أنها قد تجعل الرئيس الشرع أقل حذراً في المضي قدماً في تعميق الشراكة الجديدة مع تركيا خصوصاً في المجالات العسكرية.

إن نظرة تركيا وإسرائيل لبعضهما البعض كتهديد استراتيجي تتجسد بشكل متزايد في هذا الاشتباك الجيوسياسي في سوريا. وما يُضاعف من هذه النظرة النهج الإقليمي التوسعي الذي يُهيمن على السياسة الإسرائيلية في المنطقة كنتيجة لحرب السابع من أكتوبر وفي ظل قيادتها من قبل تيار يميني متطرف يعتقد أن إسرائيل أمام لحظة تاريخية لن تتكرر لتغيير الشرق الأوسط. مع ذلك، فإن الواقعية ما تزال تعمل كمؤثر قوي في تشكيل سياسات تركيا وإسرائيل إزاء بعضهما البعض. علاوة على ذلك، يُوجد الاشتباك الجيوسياسي بين البلدين تحدياً كبيراً أمام جهود إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للانسحاب من سوريا ولدفع حلفائه في المنطقة إلى التعاون فيما بينهم لإدارة الشرق الأوسط بانخراط أميركي أقل. ومن المرجح أن تعمل النظرة الجيدة التي يتبناها ترمب إزاء تركيا ودورها في سوريا كضمان لإدارة هذا الاشتباك ومنع خروجه عن السيطرة. مع ذلك، يبدو نجاح سوريا الجديدة مسألة أمن قومي لتركيا بقدر ما يبدو تهديداً جيوسياسياً لإسرائيل.

تلفزيون سوريا

——————————-

سورية الجديدة والامتحان الإسرائيلي: من التجاهل إلى دبلوماسية التناظر الإقليمي/ محمد السكري

31 آذار/مارس ,2025

يمرّ الصراع السوري الإسرائيلي عقب سقوط نظام الأسد بمنعطف مهمّ، حيث عاصر نظام الأسد ثلثي عمر دولة الاحتلال، وتغيّر شكل السلطة في دمشق، وتبدّلت تحالفاتها السياسية في الإقليم، وظهرت فواعل جديدة في المنطقة جعلت إسرائيل في موقفٍ يميل تجاه التصعيد العسكري على سورية، حيث شنّت مئات الغارات الجويّة والضربات الصاروخية، وأقدمت على احتلال مناطق جديدة في سورية جنوب البلاد، عقب انسحاب قوات الفصل الدولية.

تهدف هذه الورقة إلى البحث عن الأسباب التي دفعت إسرائيل إلى توسيع احتلالها الأراضي السورية، وتجاوز الاتفاقات الدولية، وتحاول فهم السياسات الإسرائيلية الجديدة تجاه سورية، وتعمل على قراءة خيارات الحكومة السورية الجديدة في التعامل مع التصعيد الإسرائيلي.

أولًا. سياقات الصراع السوري الإسرائيلي:

الموقف السوري من إسرائيل قديم، حتى إنه سبق إعلان قيامها، فقد رفضت المملكة السورية عام 1920 مشروع ما يسمّى “الهجرة الصهيونية”، ومن ثمّ دعمت الحركة الوطنية السورية قضيةَ فلسطين، وشاركت سورية في حرب 1948، واستطاع الجيش السوري حينها السيطرة على شمال فلسطين، قبل حدوث النكبة وانهزام الجيوش العربية. ومنذ ذلك الحين، حافظت سورية على الموقف المعادي والرافض لقيام “دولة إسرائيل”، وأصبحت فلسطين جزءًا من الأمن القومي السوري.

ثم جاءت حرب 1967، وكان من نتائجها خسارة سورية هضبة الجولان، مع ذلك، يشكّك السوريون برواية الحرب، لا سيما مع وجود شهادات عديدة تُفيد بانسحاب الجيش السوري من القنيطرة، بأوامر من قيادة دمشق[1].

حاول نظام الأسد الأب استعادة المناطق السوريّة التي احتلتها إسرائيل، خلال ما يسمّى “حرب أكتوبر” عام 1973، ووقّعت سورية بعد عام اتفاقية فضّ الاشتباك برعاية الأمم المتحدة، وهي التي أسّست لمنطقة منزوعة السلاح بين الطرفين، عام 1974، ولم تكن هذه اتفاقية “سلام”، وإنما كانت اتفاقًا لـ “وقف إطلاق النار”.

وبدأت مفاوضات ضمن مسار السلام المتعثر، بين الطرفين، عام 1991، في العاصمة الإسبانية مدريد، لكنها لم تفض إلى أي اتفاق، وفي عام 2008، سعت تركيا للتوسط من أجل إعادة إحياء مسار التفاوض عبر وساطة غير مباشرة بين سورية وإسرائيل، لكن الاتفاق لم يتحقق لأسباب عديدة، منها رفض إسرائيل الانسحاب من الجولان، وحرب غزة، وعدم وجود ضمانات واضحة ضمن مسار بناء الثقة، وتزايد انخراط نظام الأسد ضمن معسكر إيران.

وبعد اندلاع الثورة السورية، عزّز التحكّم الإيراني الكبير في بنية نظام الأسد الابن اتخاذ إسرائيل موقفًا رماديًا تجاه الأسد؛ لكنه غير داعم للثورة السورية، وأخذ هذا الموقف يتطور حتى وصل إلى تنفيذ طلعات جوية وعمليات قصف داخل الأراضي السورية، بسبب تزايد الهيمنة الإيرانية، مع التنسيق المباشر مع الجانب الروسي عبر تدخل موسكو عام 2015 لدعم نظام الأسد، ولضبط الإيقاع الإقليمي.

أدّت عملية طوفان الأقصى، في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، إلى تغير قواعد الإقليم بشكل كامل، حيث قامت إسرائيل باستهداف كبير ضدّ القوى الداعمة لمحور إيران؛ الحوثي في اليمن، وحزب الله في لبنان وسورية، وأخيرًا داخل الأراضي السورية ضدّ إيران وترسانة جيش النظام السابق، مما جعل إسرائيل القوة الأكبر في المنطقة، بعدما استطاعت استئصال خصومها وإضعافهم. لكن سقوط الأسد كان التغيير الأكبر الذي مهّد لطرح سؤال جيوأمني وجيواستراتجي.

ثانيًا. سورية الجديدة وإسرائيل: التأرجح بين الدبلوماسية والتصعيد

عمدت إسرائيل، خلال توجّه الإنظار الدولية والإقليمية في لحظة مهمة، إلى تجاوز خطوط التماس والاشتباك العسكري، وتوغلت جنوب البلاد لتوسيع مساحة الأراضي التي تحتلها في سورية، في حين كانت الأنظار متوجهة نحو حدث سيطرة قوات إدارة العمليات العسكرية على دمشق وإسقاط نظام الأسد، وكان التحرّك الإسرائيلي بمنزلة خطوة استباقية تشير إلى سياسات إسرائيل الجديدة تجاه سورية، مما يشي بتعامل مختلف تمامًا عمّا ساد خلال الحقبة الأسدية في سورية، ولم يقتصر التحرك الأولي على الجانب السياسي، من خلال التصعيد في الخطاب والتصريحات السياسية فحسب، بل توغلت إسرائيل داخل الأراضي السورية، منذ عام 1974، بالتزامن مع إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الانهيار الكامل للتوافقات السورية-الإسرائيلية، ضمن اتفاقية فض الاشتباك “”Syrian-Israeli Disengagement Agreement، كونها لم تعد مفيدة للسياق السوري الجديد، وفق المصالح الجيوأمنية لإسرائيل[2].

وفي لحظة الفوضى الأمنية، سعى الرئيس أحمد الشرع وفريقه إلى إدارة الخلافات مع إسرائيل، من خلال توجيه تصريحات ترنو نحو التهدئة أكثر من الحرب، مع محاولة الموازنة بين إدانة التوغل داخل الأراضي السورية، وبين مستقبل العلاقة، ولا سيما ضمن التوجه السوري الجديد الذي ينطلق من سياسة “اللاحرب والبناء”، وقد كانت تصريحات الرئيس السوري، بخصوص عدم رغبة سورية في الانخراط بأي حرب جديدة والتركيز على البناء الداخلي فقط، من أبرز الإشارات لدول المنطقة، وعلى رأسها إسرائيل، بأن سورية لن تكون مصدر تهديد لأحد أو قاعدة لشن هجمات ضد إسرائيل، لكنه دعا في الوقت نفسه إلى انسحاب إسرائيل من المنقطة العازلة التي استولت عليها، وتبلغ مساحتها نحو 450 كيلومترًا مربعًا[3].

مع ذلك، لم تكن هذه التصريحات كافية لدولة الاحتلال، من أجل إعادة النظر بالسياسات التي اتبعتها عقب سقوط الأسد، بل على العكس ارتفعت موجة الانخراط والتهديد العسكري للأراضي السورية، من خلال استمرار سياسة استهداف المواقع الاستراتيجية للجيش السوري، من أجل تفكيك ما تبقى من الترسانة العسكرية، بجانب التوغل العسكري الذي وصل إلى درجة الحدود الإدارية لمحافظة درعا، ونجم عن هذا التوغل استحداث مواقع عسكرية تزيد على 8، ما عدا القدرة على المراقبة النارية التي باتت على بعد 23 كيلومترًا من العاصمة السورية دمشق. وقد أعلنت الحكومة الإسرائيلية عدم السماح لقوات الحكومة السورية بالانتشار جنوب سورية، مع المطالبة بأن تكون المنطقة الجنوبية منطقة منزوعة السلاح بشكل كامل[4].

وفي ظلّ ارتفاع مؤشرات تحوّل الفعل الإسرائيلي من تهديدات وتوغل مؤقت، إلى احتلال عسكري يغيّر خارطة التموضع داخل سورية، توجّهت الإدارة السورية لإعادة النظر بالفعل السياسي، ومن ضمن ذلك الخطاب العام، وقد جاء في البيان النهائي للمؤتمر الوطني في دمشق، ضمن البند الثاني، إدانة صريحة للاحتلال، ورفض للتنازل عن أي شبر من الأراضي السورية، بعدما توضح أن المطامع الإسرائيلية تتجاوز التعامل مع حالة الفراغ، وتصل إلى الاستثمار بفرصة سقوط الأسد، من أجل زيادة الأراضي التي تسيطر عليها، ليكون العامل الأمني مسوغًا واقعيًا لتجاوز التوافقات الدولية والأممية.

شكّلت ردات الفعل والمواقف الدولية والإقليمية حافزًا إضافيًا للحكومة السورية الجديدة، من أجل زيادة مستوى فعالية الخطاب والتدرج من الدبلوماسية المرنة نحو “الدبلوماسية القسرية”، وكانت نقطة التحوّل زيارة الرئيس الشرع لتركيا ولقاء نظيره التركي رجب طيب أردوغان، مع ازياد تخوّف إسرائيل من بدء مسار تنسيق من أجل توقيع اتفاقية دفاع مشترك بين البلدين[5].

في السياق ذاته، وجدت الحكومة السورية في التفاعل الإقليمي والدولي، وفي تفعيل القنوات الدبلوماسية في العلاقات الدولية، فرصة مهمة من أجل ردع العدوان الإسرائيلي على سورية. وتستغل إسرائيل تلك التناقضات ضمن المجتمع الدولي تجاه دمشق، من أجل زيادة حجم نفوذها داخل سورية.

مع ذلك، ساعد الوضع الإقليمي والدولي الحكومة السورية في تدعيم موقفها، وذلك في أثناء تمييز الدول بين الموقف من الحكومة السورية الجديدة، والموقف من القصف الإسرائيلي وانتهاك السيادة السورية، حيث اتسم التفاعل الدولي والإقليمي بالفعالية، وتشكل نوع من الموقف الدولي الرافض، حيث تنقسم المواقف بين الإدانة الصريحة لإسرائيل، وإدانة الفعل من دون تحديد المسؤول، كما جاء في التصريحات الأميركية والألمانية والأوروبية. ومن الملاحظ أنه لا يوجد تغيير في المواقف التقليدية من سورية، من قبل بعض الدول التي ما زال موقفها مترددًا أو رافضًا للحكومة السورية الجديدة وكانت على وفاق مع نظام الأسد سابقًا، كالعراق وإيران وروسيا الذين أدانوا الاستهداف الإسرائيلي لسورية.

تؤدي الاعتراضات المستمرّة ضد حكومة نتنياهو داخل إسرائيل إلى الحد من قدرتها على استمرار سياسة التصعيد، كخيار مستمر، مما يؤدي إلى اقتصارها على سياق زمني ومرحلي محدد، في ظل عودة الاحتجاجات داخل إسرائيل، بسبب سياسات نتنياهو الداخلية التي تزيد من استياء المعارضة[6]، لا سيما في ظل التخوف من أن تؤثر تلك السياسات في تعريض ما يسمّى “مسار السلام الإبراهيمي” للخطر، بسبب السياسات القائمة على الحرب بدلًا من السلام، أو فقدان فرصة التهدئة في المنطقة عقب إضعاف إيران، ولا سيما في ظل تزايد الحديث الأميركي عن وجود فرصة لسلام مع سورية ولبنان، كما جاء على لسان المبعوث الأميركي ستيفن ويتكوف[7].

ثالثًا. المطامع والتخوفات الإسرائيلية والسياسيات المتبعة:

ترتّب على إسقاط الشعب السوري لنظام الأسد تغيّر كبير في قواعد الاشتباك الإقليمية، ولطالما اتسم الملف السوري ببعده الدولي فضلًا عن البعد الإقليمي، ولعلّ تعقّد الملفّ السوري جعله من أولويات الدول الفاعلة به، وجعله يحوز اهتمامًا يصل إلى الصراع على المكتسبات[8]. ويشير الواقع الجديد، من حيث التوازن وتموضع القوى، إلى أنّ الملف السوري سيكون ملفًا استقطابيًا لكل من إسرائيل وتركيا، عوضًا عن روسيا وإيران وتركيا، حيث وضع الواقع السوري الجديد إسرائيل وتركيا في خط التقاء بريّ، لأول مرّة منذ الحرب العالمية الأولى.

ساعد تشكّل السلطة السورية الجديدة في إعادة بناء منظومة التحالفات غير التقليدية التي اعتادتها إسرائيل، مما يشكل حالة قلق وتهديد غير عادي بالنسبة لإسرائيل ومصالحها في سورية، لا سيما في ظل نمو الدور التركي واتساعه وتطوره من مجرد فاعل في شمال سورية إلى حليف استراتيجي للحكومة السوريّة. وقد شكل هذا الأمر الدافعَ الأساسي لإسرائيل، من أجل التقدّم جنوب البلاد على حساب القوات التركية شمال سورية، فمجرد نمو الدور التركي يجعل إسرائيل في حالة من التوجس، أي أن تكون سورية مدعومة من دولة حليفة وعضو في الناتو. وعلى الرغم من وجود مؤشرات أمنية وسياسية عديدة يمكن أن تشكّل تهديدًا على إسرائيل، يبقى الخوف هو الدافع الأول للارتباك[9].

عززت توجهات الحكومة السورية الجديدة، من حيث عزمها توقيع اتفاقية دفاع مشترك مع أنقرة، من القلق الإسرائيلي، وهذا يعني أن هناك حالة يقين لدى تل أبيب بوجود علاقة خاصة غير معتادة بين دمشق وأنقرة، ومما يُغذي التخوفات الإسرائيلية، التوجهاتُ التركية الأخيرة، عقب حرب أكتوبر، تجاه المنطقة وتوتر العلاقات بين الجانبين. أمّا التخوف الأبرز فيدور في فلك تشكيل سورية الجديدة، بما يتناسب مع المصالح السورية مع تقاطعها مع المصالح التركية، وليس وفق مصالح الإقليم أو الرؤية الإسرائيلية تجاه المنطقة[10].

هذا التغير في تحالفات دمشق دفع إسرائيل إلى استخدام كل الأوراق المتاحة، بهدف ضبط الإيقاع واستعادة زمام المبادرة بما يحقق المصلحة الإسرائيلية، وينطلق هذا التغير من تعزيز الفوضى وعدم الاستقرار أو “الفوضى المدروسة“، من خلال خلق تحديات أمنية جنوب البلاد، ومنع عودة الجيش السوري الجديد للسيطرة على الجنوب، ضمن مساعيه لتكون منطقة “خالية السلاح”. وزادت تل أبيب من أدواتها عبر استخدام الكرت الطائفي، في ملفي مدينة جرمانا ومحافظة السويداء، عبر تأليب الرأي العام على دمشق، حيث كان هذا النوع من التدخل على مستوى الخطاب الإسرائيلي غائبًا، خلال فترة حكم نظام الأسد، وقد عبّر نتنياهو عن استعداد إسرائيل للتدخل في حال المساس بالمكون الدرزي في سورية، معولًا على الخلافات البينية داخل الطائفة الدرزية حول طبيعة العلاقة مع دمشق، وقد وصلت التطورات إلى زيارة وفد من دروز سورية للجولان لأول مرة منذ عقود، وهي مؤشرات تعكس حجم الاستقطاب والاستمالة[11].

وهذا يعني أنّ إسرائيل تحاول تفكيك المكونات السورية “الأقليات” واستغلالها، باستخدام سياسة استمالة الطوائف كأداة لتبرير النفوذ، ولعلّ ظهور تيارات وطنية داعمة للتوافق مع الحكومة السورية في السويداء قد عرقل المطامع الإسرائيلية، إذ إن ذلك يعرقل استخدام كرت الأقليات من حيث النجاعة، لكنّه يفتح المجال لاستخدام كرت الأقليات داخل الأقليات السورية، في ظل وجود أطراف عديدة، وعدم وجود تعاقد اجتماعي سوري-سوري، حتى الآن.

ولعلّ ما هو أكثر خطورةً في هذا الجانب شعور المكونات السورية بأنّها بموضع تبرير دائم، بسبب الإحراج الإسرائيلي المستمر. وقد وظّفت إسرائيل كرت الأقليات من أجل تنفيذ عملية عسكرية تحت غطاء “حماية الأقليات السورية”، كسبب وتبرير يضاف إلى العامل الأمني، مما يجعل سورية مفتتة وضعيفة وغير موحدة، ما دامت تحالفات الحكومة السورية لا تصبّ في مصلحة الرؤية الإسرائيلية في المنطقة.

فمن الخيارات التي تحاول إسرائيل اللجوء إليها، عودة الدور الروسي في سورية، كضامن يحقق التوازن داخل الملف السوري، مما لا يصنع تهديدًا على حكومة تل أبيب، وبالتالي، تقل احتمالية وقوع مواجهة مع الجانب التركي والحكومة السورية. وترى إسرائيل أن عودة الانخراط الروسي تقلّص من الدور التركي في سورية، إلا أنّ الاشتباك التركي- الإسرائيلي سيكون تطورًا خطيرًا، يخشاه الجانبان ويحاولان تجنبه، في ظل المحاولات الإسرائيلية المستمرة خلال السنوات الماضية تجنب خصومة أنقرة.

تتركّز الأهداف الإسرائيلية على الآتي:

– جعل الدولة السورية ضعيفة وهشة، وتدمير ما تبقّى من ترسانة الجيش السوري بشكل كامل، وعدم السماح لتحقيق الاستقرار منعًا لتشكيل دولة سورية قوية.

– فرض طوق أمني جنوب البلاد، وإبعاد الجيش السوري عن الحدود قدر الإمكان، الجيش الذي يتمثل بالجماعات التي تدين بالعقيدة الوطنية لسورية، وليس كما كان سابقًا تابعًا لإيران أو روسيا.

– تقديم إسرائيل نفسها على أنّها حامية للأقليات السورية، وذلك عوضًا عن نظام الأسد، وعبر الاستثمار بمحافظة السويداء والخلافات مع الحكومة السورية، وتجزئة البلاد وتقسيمها إلى دوليات عرقية وطائفية، أو فرزها لمجموعات تدين بالولاء للهويات الفرعية بدلًا من الوطنية.

– الحفاظ على مركزية الإقليم، بوصفها القوة الإقليمية الوحيدة التي تستطيع فرض هيمنتها على الإقليم ككل، مما يقلل من فرص تركيا أو السعودية، ويزيد من حصار الدول العربية، ولا سيما الأردن والعراق ولبنان.

– دعم رؤيتها الاستراتيجية بالسيطرة على أكبر قدر ممكن من الأراضي العربية، في سورية خاصة، حيث تمثل لحظة الفراغ الأمني فرصةً مهمة لها تتقاطع مع أهدافها.

تسهم إسرائيل في دور المخرّب في سورية، ولا تستهدف دمشق فقط، وإنما يأتي ذلك في سياق استمرار الهيمنة على دول المنطقة، ضمن القواعد المرسومة والتوافقات التي تحقق المصالح الإسرائيلية فحسب، ولعلّ زيادة هذا التوجه لا تضر سورية فقط أو تؤثر في تركيا وحدها، وإنما تجعل لبنان والأردن أيضًا في موقف محرج، فسيناريو سيطرة إسرائيل على جنوب سورية يعني تطويق عمّان جيوسياسيًا، وممارسة مزيد من الضغوط على الإقليم، مما يؤدي إلى زيادة التصعيد وارتفاع فرص الاشتباك السياسي والأمني[12].

رابعًا. الخيارات السورية في المواجهة والضبط:

تواجه الحكومة السورية الجديدة تحديات أمنية عديدة، على مستوى استعادة سيادة سورية، والتعامل مع المخاطر الإقليمية، على رأسها الإسرائيلية التي لطالما فضلت الاستبداد والسلطة المركزية الضعيفة المنصاعة، على وجود دولة سورية مستقرة تمثل إرادة الشعب السوري، وتخشى إسرائيل من أيّ عودة لثنائية الحرية-الأمن، ضمن حدود الدولة السورية الجديدة، لما تشكله من خطر سوري استراتيجي على المدى الطويل، مع ذلك لدى الحكومة السورية خيارات عديدة للتعامل مع التهديدات الإسرائيلية:

– تفعيل القدرة الدبلوماسية لاستخدام مبدأ الوساطة الدولية:

من المهمّ أن تستعيد الحكومة السورية علاقاتها مع الولايات المتحدة الأميركية، من خلال إجراء تقدّم في الملفات الخاصة بالمرحلة الانتقالية، والتدرّج نحو الانتقال إلى حالة محلية وطنية سورية، ونزع تصورات التهديد (Threat Perception) وبعث الاطمئنان بأن سورية لن تكون مصدرًا للتهديد، ونزع ذرائع عدم الاعتراف بالحكومة السورية الجديدة، حيث تترقب الولايات المتحدة السلوكَ السوري، وقد عبّرت الخارجية الأميركية عن ذلك بالقول إنّها تقوم بالنظر بموقفها الأولي من دمشق. وستساعد القدرة على استعادة الثقة مع واشنطن في استخدام مبدأ “الوساطة”، لكبح إسرائيل عن أي استهداف للأراضي والسيادة السورية، مما يمهّد للاستقرار، ولا سيما أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتحدث عن إيقاف الحروب في الشرق الأوسط، وعن التركيز على الاستقرار الإقليمي، حيث إن التصعيد الإسرائيلي على سورية لا يخدم مقاربة ترامب الجديدة تجاه الشرق الأوسط، بل يجعله أكثر فوضى[13].

– توقيع اتفاقيات دفاع مشترك مع أنقرة كخيار للدبلوماسية القسرية:

يزيد التعاون والدعم التركي للحكومة السورية من فرصها في تحقيق التوازن الإقليمي داخل الملف السوري، ولا سيما أن تركيا تعدّ دولةً ذات مركزية إقليمية، ولها حضور أمني مهم في العراق وسورية وقره باغ. بالتالي، يعزز تموضع تركيا في الإقليم، وثقلها على المستوى الدولي من حيث إنها فاعل أساسي في حلف شمال الأطلسي، من قدرة الحكومة السورية على ردع المخاطر الإسرائيلية، ولا سيما في حال توقيع الجانبين السوري والتركي اتفاقية دفاع مشترك، لكن شريطة أن تكون ضمن مساحات عدم الاستفزاز، إلّا في حال بلوغ التهديد الإسرائيلي مستوى الاجتياح. ويساعد الدور التركي في ممارسة تركيا دور الوساطة والتنسيق أو الضغط على تل أبيب، مستفيدةً من حضورها وقنواتها الإقليمية والدولية، ولا يقتصر ذلك على الدعم السياسي، وإنما يمكن أن يمتد عسكريًا لدعم الجيش السوري، وتوسيع قدراته العسكرية، وإعادة بناء الجيش ليكون قوة ردع حقيقية، ويزيد فرص نجاح التحالف السوري-التركي وجودُ خطوط إمداد بريّة على الحدود السورية التركية، مما يجعل تكرار سيناريو غزة في جنوب سورية ضعيفًا ومحفوفًا بالمخاطر؛ ما قد يؤدي إلى تراجع الحماسة الإسرائيلية. وتعتمد العلاقات السورية التركية على نظرية “Win-Win” في العلاقات الدولية التي تحقق الفائدة والمصلحة و “الربح” لكلا الطرفين، ولا يقتصر هذا التعاون على بعده التكتيكي فحسب، وإنما يمتد ليكون استراتيجيًا، إذ يمنح سورية مظلة للحماية الإقليمية في مرحلة استعادة عافيتها، مما يصنع لها مع الوقت خيارات عديدة ضمن سياسة “الصبر الاستراتيجي“.

– بناء مسار إقليمي مشترك وإدارة المتناقضات:

تستطيع سورية تحويل التهديد الإسرائيلي على سيادتها لفرصة، من خلال توضيح خطورته على الإقليم ككل، مع توفير علاقات ثنائية وإقليمية مع المملكة العربية السعودية تتسم بالبعد الاستراتيجي ويعيد الثقة بين البلدين انطلاقًا من العداء المشترك لإيران ورغبة سورية في استعادة العلاقات مع واشنطن والانخراط في المعادلة الإقليمية الجديدة، حيث تعتبر الرياض من أهم الدول العربية من حيث الثقل الإقليمي على المستوى العربي إذ يمكن أن يكون لها تأثير كبير على الولايات المتحدة الأمريكية، لا سيما في حال تدخل الرياض كوسيط بما تمتلكه من ثقل لإيقاف انتهاك السيادة السورية، وذلك بالاستفادة من تطوير مبدأ الوساطة الإقليمية كما حصل بتوقيع اتفاقية ترسيم الحدود السورية-اللبنانية بعد توترات أمنية.

كما أنّ بناء سورية، أدوات ثقة مع الجانب المصري وتذليل عقبات العلاقات الثنائية يعزز من القدرة السورية في مواجهة المخاطر الإسرائيلية، وذلك عبر إعادة ربط التهديدات الإسرائيلية على سورية بالإقليم ككل بعدما سعت إسرائيل لتجزئة المخاطر مستخدمة ذرائع ثنائية المحاور والتحالفات بين إيران-إسرائيل، بما في ذلك تجاه الدول الحدودية لسورية على رأسها الأردن، التي ستكون أبرز المتأثرين من التوغل الإسرائيلي داخل الحدود السورية ، كما أنّ تراجع إسرائيل عن اتفاقية فض الاشتباك يهدد بانهيار الإطار القانوني الذي كان يضبط الحدود السورية لعقود طويلة، هذا الانسحاب من الالتزامات الدولية يهدد بانزلاق الإقليم في مجمله نحو تصعيد كبير يخلق الفوضى وعدم الاستقرار، السياق الذي لا تؤيده الإدارة الأمريكية الجديدة أو المملكة العربية السعودية وقطر. ويكمن خطورة التوغل الإسرائيلي في سورية بزيادة تطويق الأردن وتراجع أي فرص لعودة الحياة التجارية بين البلدين لطبيعتها مما يهدد الأمن القومي الأردني. يجعل ذلك، خيار الاستقرار مرتبط بمصالح جيران سورية ولا يقتصر على مصلحة دمشق وحدها. يتيح ذلك الفرصة لسورية أن تطرح مسألة الاستقرار والعودة لاتفاقية “فض الاشتباك” كملف إقليمي وليس سيادي سوري فحسب أي أنّها تمتد لأمن الدول المجاورة، مما يساعد على التعاون الإقليمي لمواجهة الخطر الإسرائيلي ويشكل ضغطاً على تل أبيب، كما أنّ توظيف هذه الورقة يساعد على تشكيل جبهة إقليمية داعمة لسورية.

– استغلال مبدأ السيادة والهيمنة في المؤسسات الدولية:

إنّ استعادة سورية لسيادتها وشرعيتها، وعودة انخراطها وتفاعلها ضمن المنظومة الدولية، يعني عودة مكانتها السياسية كدولة ذات سيادة كاملة على أراضيها، وتفعيل أدواتها الدبلوماسية التي تمكنها من تشكيل رأي عام دولي مضاد لانتهاك إسرائيل للسيادة السورية. فعودة الانخراط السوري في المنظومة الدولية يخلق فرصة للحكومة السورية للاعتماد على المؤسسات الدولية والأممية، كالجمعية العمومية ومجلس الأمن، لطرح الاعتداءات على السيادة وتدويل الملف. وكلما استطاعت دمشق تحقيق التوازن في علاقاتها مع القوى المناوئة للغرب أو الداعمة له، ارتفعت فرص تطبيق سياسة الحياد الإيجابي واستمالة المواقف الدولية، والالتفاف حول الموقف السوري من الانتهاكات، ولا سيما في حال استعادة العلاقات الدبلوماسية مع روسيا والصين، لكن مع الحذر ألّا تصل إلى مستوى الانزلاق نحو التدخل في الشؤون الداخلية، وتمنح هذه السياسة مظلة دولية أوسع لسورية، ومساحات أوسع لمواجهة تلك المخاطر والحد منها أو الوصول إلى تسويات بتشكيل مسارات إقليمية مبنية على التفاهمات، بحضور القوى الأساسية، كسورية وتركيا والأردن وروسيا وإسرائيل. (فلوريش).

– توظيف التكنولوجيا في حماية الأمن القومي:

يأتي توظيف التكنولوجيا كعامل ردعي، حيث استطاعت المعارضة السورية خلال فترة الثورة توظيف التكنولوجيا فيما يخدم عملياتها الأمنية والعسكرية مما جعلها متفوقة في التكنولوجيا العسكرية على نظام الأسد، وقد برزت طائرات “الشاهين” خلال تشكيل غرفة العمليات العسكرية 2024، رغم الظروف الصعبة التي كانت تُحيط بالمعارضة حيث استطاعت القوى الثورية الحصول على معلومات حيوية عن تحركات الجيش النظامي، ومع تحوّل تلك القوى لحالة الدولة تزداد فرص القدرة على تطوير أنظمة أمنية وعسكرية متقدمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي أو الطائرات المسيرة مما يعزز القدرة على السيطرة على الحدود وأنظمة دفاع فعّالة، وإنشاء منظومة مراقبة وتطوير تقنيات إنذار مبكّر.

– نزع الاستثمار بالهويات الفرعية والكرت الطائفي والتعامل مع التحديات الداخلية:

تعوّل إسرائيل على الاستثمار في تفكك النسيج الاجتماعي السوري، وسط احتياج الحكومة السورية إلى الوقت والدعم من أجل التعامل مع تركة نظام الأسد الثقافية والاجتماعية. وإنّ قدرة الحكومة السورية على تجاوز التحديات الفصائلية مرتبطة بالقدرة على “صهر” قوات أحمد العودة والفصائل المنتشرة في درعا ضمن ترتيبات الجيش السوري، وعدم الاكتفاء بالدمج، وتجاوز تحدي عدم وجود جسر عسكري بين دمشق والجنوب، ولعل الإسراع في هذا الانتقال يقلل من مستوى التحديات الأمنية، ويسهم في الوصول إلى تسوية مع مشايخ العقل في السويداء بخصوص المحافظة، وإن زيادة مستوى التنسيق والحوار والدبلوماسية الوطنية، بالتعاون مع القوى الداعمة للحكومة، تقلل من إمكانية استثمار الكرت الطائفي، وتقلل التدرج نحو تطبيق خارطة طريق إعادة الإعمار المجتمعي عبر ملفات العدالة الانتقالية، والتعاقد الوطني، وتقلل قدرة إسرائيل على توظيف العوامل الاجتماعية السورية لخدمة أجندتها الذاتية.

– إدارة النهج والخطاب الوطني السوري:

تسعى إسرائيل لاستخدام ملفات عديدة في إطار الخطاب والنهج السوري، حيث تعاني المنطقة الجنوبية ضعفًا كبيرًا في الخدمات العامة والاقتصادية، كحال معظم المحافظات السورية، مما يسهّل على إسرائيل القدرة على استغلال هذه الثغرة، عبر تقديم وعود اقتصادية وخدمية لسكان المناطق التي تحتلها، من أجل محاولة استمالتهم، حيث تشمل هذه الوعود تحسين الخدمات الصحية والتعليمية والبلدية، بالتحديد في منطقة “القنيطرة”، وتوظّف إسرائيل العامل الأمني في تعزيز حضورها على مستوى الحاضنة، لا سيما في ظل عدم الحسم في السياسات السورية تجاه التعامل مع الاستهداف الإسرائيلي، بين التصعيد أو الدبلوماسية والإحباط السياسي لدى البنى الاجتماعية في ما يتعلق بالقوة غير المتناظرة، مما يتطلب وضع سياسات حوكمية سريعة، تشمل الأبعاد الاقتصادية والخدمية والأمنية، لأن من شأنها إعطاء مجال أوسع للتركيز على تلك التحديات وعدم ترك ذرائع في الديناميات الداخلية لإسرائيل.

خاتمة:

يشي سلوك إسرائيل بمدى شعورها بالخطر الاستراتيجي من الدولة السورية الجديدة، مع أنّها تدرك المدى الزمني الذي تحتاج إليه سورية حتى تستعيد مكانتها كدولة، وقد يكون هذا الشعور محركًا لما يمكن تسميته “العبث” الإسرائيلي في الأمن القومي السوري الفتيّ، لكنه يبدو غير كاف بالنسبة إلى إسرائيل للتسليم بمعادلة “القوى اللا متنظرة”، أو غير المتكافئة Asymmetric warfare))، في الإقليم وسورية بشكل خاص.

ويمثّل التعدّي الإسرائيلي على السيادة السورية الانتقالَ من القيام بالانتهاك العسكري، ضمن سياسة التصرف المسبق لتهديدات محتملة (Preventive)، إلى محاولة إفشال المسار السياسي والوطني السوري، ضمن المرحلة الانتقالية السورية، أي الاعتماد على نهج “إدارة المخاطر الاستراتيجية”، وفق اعتقادها الذي يفيد بأن سورية “مخطر” قد تشكّل تهديدًا بعد عقود، في حال استطاعت تجاوز مرحلة بناء الدولة.

تحاول إسرائيل إسقاط المشروع السوري الوليد قبل ولادته، أو تحاول على الأقل خلق تحديات تكتيكية له، بغية إبطاء حركته الزمنية. ومن الجليّ أنّ إسرائيل تستخدم كل الكروت المتاحة في المعادلة السورية، حتى الكرت السوري الداخلي “الطائفي”، من أجل تفتيت المجتمع السوري وتعزيز الانقسام، وإبقاء سورية ضعيفة مشتتة غارقة في صراع الهويات الفرعية، بعيدة عن بناء الهوية الوطنية، وهذا ما يجب أن تلفتت إليه الحكومة السورية، عبر نزع كروت الاستثمار، ومعالجة المسائل الداخلية، واستمرار النضال الوطني الإقليمي، كما فعلت قوى الثورة خلال مرحلة الثورة السورية، مع أهمية مراعاة قراءة المرحلة، بأنها مزيج من البناء الذاتي والوطني والدفاع عن الأمن القومي، والاستفادة من السياسيات التي من شأنها تحسين شروط التموضع السوري في الدبلوماسية القسرية.

[1] انظر كتاب سقوط الجولان، لخليل مصطفى، من الصفحة 30 إلى 90.

[2] Netanyahu says Israel will stay in southern Syria ‘for foreseeable future’,Middle east monitor, February 25, 2025, link: https://cutt.ly/OroM4wx1.

[3]مركز حرمون للدراسات المعاصرة، التصعيد الإسرائيلي في سورية مطلع عام 2025: الغارات، الأهداف، والتداعيات، 18 شباط/ فبراير 2025، الرابط: https://cutt.ly/prpsPaDW

[4] مركز حرمون للدراسات المعاصرة، جنوب سورية: التحركات الإسرائيلية والتوازنات الإقليمية، 4 آذار/ مارس 2025، الرابط: https://cutt.ly/3roM0NRq.

[5] SUZAN FRASER AND IBRAHIM HAZBOUN, Turkey and Israel face mounting tensions over future of post-Assad Syria, March 15, 2025, link: https://cutt.ly/5ro1sP20.

[6] In Israel, opposition calls for general strike over security chief dismissal, Le Monde with AFP, 22 Mart 2025, link: https://cutt.ly/droM7pdZ.

[7] Lebanon, Syria could ‘normalise ties with Israel’, US Middle East envoy Witkoff claims, The new Arab, 27 February 2025, link: https://cutt.ly/CroM5nxk.

[8] فاضل خانجي، استحضار صدمة 07 أكتوبر عند التفكير بمستقبل سورية، مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، 16 أيار/ مايو 2024، الرابط: https://cutt.ly/Uro1iqgG.

[9] Lucy Kurtzer-Ellenbogen, What Assad’s Fall Means for Israel and Its Regional Relations, Thursday, December 19, 2024, link: https://cutt.ly/dro1s84c.

[10] Carmit Valensi, A New Era in Syria: Winners, Losers, and Implications for Israel, January 12, 2025, link:https://cutt.ly/Kro1de7x.

[11] Ksenia Svetlova, Following Assad’s Fall, Do Syria’s Druze Want Israel to Come to Their Aid?, Haaretz, Mar 3, 2025, link: https://cutt.ly/2ro1woSv.

[12]  المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، سياسة إسرائيل تجاه سورية بعد سقوط نظام بشار الأسد، 9 آذار/ مارس 2025، الرابط: https://cutt.ly/bro1elOZ.

[13] Jo-Ann Mort, Can Trump make a deal for Middle East peace?, The Guardian, 23 Jun 2025, link: https://cutt.ly/Wro1tHBH

[14] Barak Ravid, Scoop: Israel and Jordan held secret talks on Syria, Dec 14, 2024, link: https://cutt.ly/Lro1djEU.

تحميل الموضوع

مركز حرمون

—————————

خطط إسرائيل الخفيّة في السويداء/ دهام العزاوي

1/4/2025

الزيارة التي قام بها وفد ديني درزي إلى إسرائيل في 15 مارس/ آذار 2025 لم تكن سوى الشرارة التي أعادت إشعال المشروع الإسرائيلي لتوظيف الأقليات والجماعات العرقية والدينية في تقسيم المنطقة العربية.

وفي فقه السياسة المجردة، قد تُعتبر هذه الخطوة بداية لإستراتيجية تهدف إلى مزيد من الضغط على حكومة أحمد الشرع، التي باتت تل أبيب تعتبرها تهديدًا مستقبليًا لمشروعها الاستيطاني في المنطقة العربية.

إسرائيل وتحالف الأقليات

أكد منظمو زيارة الوفد الدرزي من السويداء والقنيطرة، أن زيارتهم لا تحمل أي دلالات سياسية، وإنما الغاية تعزيز الروابط بين دروز سوريا وفلسطين والتي انقطعت منذ خمسين عامًا، حينما منع الرئيس حافظ الأسد وابنه بشار الزيارات على جانبي الحدود بين أبناء العمومة في القنيطرة والسويداء وأقاربهم في الجولان المحتل.

ولكن الإعلام الإسرائيلي، ومراكز القوى في إسرائيل ضخّمت الحدث، وسعت إلى توظيفه في إطار السياسة الإسرائيلية القديمة التي أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن إعادة تفعيلها تحت ستار (تحالف الأقليات)، حيث أعلن في ضوئها أنه سيتدخل لحماية الدروز ليس في إسرائيل، وإنما في سوريا.

فهل ستشهد المرحلة المقبلة توظيفًا واستغلالًا للدروز ضد وحدة سوريا؟ وهل من الممكن أن تتوسع سياسة إسرائيل نحو جماعات دينية متذمّرة من تغيير النظام في سوريا، كالعلويين، الذين تضرّروا من التغيير في سوريا وفقدوا السلطة، وأعلنوا العداء للنظام كما اتّضح في أحداث السّاحل الأخيرة!

لا شك أن توظيف إسرائيل ملفَّ الأقليات ليس بجديد، فقد أعلنت منذ نهاية السبعينيات عن مشروعها حول تحالف الأقليات في الشرق الأوسط، ونشر الصحفي الإستراتيجي الإسرائيلي أوديد ينون في فبراير/شباط 1982، وثيقة بعنوان “الخطة الصهيونية للشرق الأوسط في الثمانينيات”، والتي تستند إلى رؤية مؤسّس الصهيونية ثيودور هيرتزل مطلع القرن الماضي، ومؤسسي الكيان الصهيوني، ومن بينهم بن غوريون، والمتعلقة بإقامة “إسرائيل الكبرى”.

بُنيت هذه الإستراتيجية على تكثيف الاستيطان بالضفة الغربية، وطرد الفلسطينيين من جميع الأراضي الفلسطينية، وتهجيرهم بالحرب والتجويع والحصار؛ تمهيدًا لضم الضفة وقطاع غزة لإسرائيل، تمامًا مثلما يحصل الآن في غزة والضفة.

وقد شكلت تلك الخطة حجر الزاوية في رؤية القوى السياسية الصهيونية وبضمنها حكومة بنيامين نتنياهو، وكذلك في سياسات مؤسستَي الجيش والاستخبارات الإسرائيليتَين.

وفقًا للخطة الصهيونية فإن الأقليات ستكون سندًا أساسيًا للسياسة الصهيونية. إذ إنّ الاستبداد العربي، واحتكار السلطة، وعدم قدرة العقلية العربية على استيعاب الآخر المختلف دينيًا وعرقيًا، ستدفع بالأقليات والجماعات الدينية إلى أن يكونوا حلفاء طبيعيين لإسرائيل، وعلى سياسيي الدولة العِبرية توظيف التذمّر لدى أبناء الأقليات؛ لتمرير سياساتهم في تمزيق المنطقة العربية.

ورغم تبدّل الحكومات الإسرائيلية وحروبها المستمرة حيال الفلسطينيين، وفي لبنان، بقيت هذه الإستراتيجية قائمة، وظلت إسرائيل تتحين الفرصة لتنفيذها في أي لحظة ضعف أو انهيار في النظام الإقليمي العربي.

وقد شكّلت لحظة سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأوّل 2024، فرصة تاريخية لإسرائيل لتنفيذ إستراتيجيتها عبر استثمار حالة الفوضى في الأمن، وانهيار الجيش السوري لقضم مساحات واسعة من الجنوب السوري، وحاولت استغلال الانقسامات الداخلية، وهواجس بعض الجماعات الدينية، لكسب ثقة الدروز والأكراد والمسيحيين والعلويين، فهدّدت بالتدخل لحماية الدروز من النظام الجديد في سوريا.

وحسب صحيفة وول ستريت جورنال الأميركيّة، فإنّ إسرائيل تسعى إلى تعزيز قناعات الدروز برفض السلطة السورية الجديدة، والمطالبة بحكم ذاتي فدرالي، وتخطط لضخّ مليار دولار لتحقيق هذا الهدف.

وقد أكّد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أن إسرائيل لديها تحالف مع الدروز، وعلينا دومًا مساعدتهم، في حين صرّح وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، بأنّه سيُسمح للعمال الدروز القادمين من سوريا بدخول إسرائيل.

وضمن هذا الخُطة نقلت إسرائيل ما يزيد عن عشرة آلاف سلة غذائية للدروز في السويداء، وبعض القرى المحاذية لحدود إسرائيل.

الدروز والهوية العربية

ينحدر الدروز من قبائل عربية، ولسانهم وعاداتهم عربية إسلامية، ولهم فلسفتهم الدينية وشعائرهم التي يتميزون بها عن بقية الطوائف الإسلامية الأخرى، ويؤكد تاريخهم أنهم ساهموا في غالب المنازلات الوطنية الكبرى ضد الاستعمار في سوريا ولبنان وفلسطين.

ولا يزال التيار العروبي القومي يشكل ثقلًا كبيرًا داخل الطائفة الدرزية، وهذا الثقل التاريخي رسمت معالمه مساهماتهم الفعالة في حركة التحرر والبناء الوطني في سوريا، ولبنان، حيث تقدّمت شخصيات سياسية واجتماعية، لعبت دورًا في تاريخ النضال السوري، مثل سلطان باشا الأطرش، وفارس الخوري، وكمال جنبلاط، ولم تظهر منهم طوال تاريخهم في سوريا أي نوازع انفصالية، وطالما عارضوا المشاريع الصهيونية لتقسيم سوريا.

بيدَ أن سقوط النظام ومجيء حكومة ذات لون إسلامي، والخطاب الذي بثته بعض الجماعات الإسلامية المتحالفة مع النظام، فضلًا عن أثر أحداث الساحل السوري الأخيرة على الأمن المجتمعي، قد انعكس ذلك برسائل سلبية، على واقع الدروز، عبّر عنها رئيس الطائفة الدرزية موفق طريف بتصريحات تعبّر عن مخاوف واضحة من النظام الجديد، وتحديدًا رئيسه أحمد الشرع، حيث قال: إنه لا وفاق ولا توافق مع الحكومة السورية الجديدة التي وصفها بالمتطرّفة ولا يمكن التفاهم معها.

هذا التصريح من أكبر رجال الدين الدروز، فتح الباب لشخصيات درزية طامعة في الظهور إلى إطلاق تصريحات مماثلة، ولكن هذه المرّة بتشجيع التطبيع مع إسرائيل، وهي المرّة الأولى التي يظهر فيها بعض الدروز بصورة المتعاون مع ما كانوا يعتبرونه محرمًا على هُويتهم الوطنية وانتمائهم القومي.

فقد صرّح مالك أبو الخير، الأمين العام لحزب اللواء السوري في السويداء، بأن الزيارة التي قام بها وفد ديني درزي لإسرائيل، هي “تمهيد للعلاقات بين سوريا وإسرائيل”، وأن هذه العملية ستتمّ بشكل تدريجي وتشمل جميع الطوائف، ولن تقتصر على الدروز فقط.

والواضح أن الهيمنة الإسرائيلية على مناطق جنوب سوريا، والتأييد الأميركي لسياسات نتنياهو، سيتركان مساحة لظهور قوى سياسية وشخصيات اجتماعية درزية مؤيدة للسياسة الصهيونية في حماية سكان جنوب سوريا.

وهذا إن حصل فسيكون على حساب الصوت العروبي والتاريخ الوطني للدروز، وهو ما حذّر منه الزعيم اللبناني وليد جنبلاط، حيث يسعى الاختراق الفكري الصهيوني، إلى استخدام بعض الدروز كإسفين إسرائيلي لتقسيم سوريا والمنطقة العربية تحت شعار “تحالف الأقليات”، وهو المشروع الذي عارضه والده كمال جنبلاط ودفع حياته ثمنًا لذلك.

موقف الحكومة

لا يزال الموقف السياسي الرسمي حيال الإستراتيجية الصهيونية يتسم بالضعف وعدم الوضوح، وربما يعود ذلك إلى انشغال حكومة أحمد الشرع بملفات أخرى تعتبرها أكثر أهمية.

إضافة إلى ذلك، يبدو أن الشرع يفضّل تجنّب أي اهتمام بهذا الملف، حتى لا يمنح إسرائيل ذريعة لتكرار زيارة وفود من جماعات دينية سورية شاردة ومعارضة، مثل العلويين في الساحل، الذين ربما أصبحوا بعد الأحداث الأخيرة أكثر استعدادًا للتعاون مع أي حليف يهدد أو يقوض سلطة النظام الجديد في سوريا.

المطلوب من النظام هو مزيد من الحكمة في التعامل مع جنوح بعض الشخصيات الدينية والإعلامية والاجتماعية التي باتت تؤثر علانية التعامل مع إسرائيل ضد الأمن السوري، ففتح جبهات ثانوية سيكون مرهقًا للنظام، والمطلوب من حكومة الشرع البدء بنهج جديد للتعامل السلمي مع مناطق الأقليات، ومنهم الدروز، عبر إعادة إعمار مناطقهم وتشجيع المشاريع الزراعية والصناعية الصغيرة والمتوسطة المدرّة للدخل، ومعالجة مشكلات البطالة والفقر والهجرة المتصاعدة في مناطقهم.

فمناطق الدروز تشهد هجرات متواصلة إلى خارج سوريا، ولهم جاليات كبيرة في أميركا اللاتينية، ومن الملحّ في هذه الفترة، الإسراع بإرسال وفود حكومية من شخصيات درزية موالية لمناقشة مخاوف السكان من النظام الجديد، والبدء بجملة من السياسات الاجتماعية التي تطمئنّ السكان حول مستقبلهم، مثل فتح باب التطوع لأبناء الطائفة للانضمام إلى الجيش السوري الجديد، والأجهزة الأمنية والإدارية، والقيام بحملة تعيينات لحمَلة الشهادات من أبناء المناطق الدرزية، وإبعاد الأصوات المتشددة داخل المؤسسة السياسية والأمنية السورية، والتي تثير بتصريحاتها وممارساتها مخاوف الدروز وغيرهم من الطوائف السورية الأخرى حول مستقبل وجودها وتمثيلها في الواقع السوري الجديد.

إن مستقبل سوريا واستقرارها السياسي يعتمدان، بلا شك، على ما يعتمده النظام الجديد من سياسات تليق بتاريخها العريق، وحاضرها المعقد.

ينبغي للنظام الجديد أن يكون بمثابة البوصلة التي يلتفّ حولها الجميع، وصولًا إلى الاستقرار والتنمية. وهو ما يتطلب حكمة سياسية بعيدة المدى، تقوم على تعزيز التضامن الوطني، وترسيخ قيم المشاركة والعدالة بين السوريين بلا استثناء.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

كاتب سياسي عراقي ومؤلف كتاب “العولمة والتدخل الانساني لحماية الاقليات”

———————————-

منظومة دفاعية ومسيرات هجومية.. تركيا تتحرك لإنشاء قاعدة عسكرية قرب تدمر

2025.04.01

” أن تركيا بدأت جهوداً للتمركز في قاعدة “تياس” الجوية السورية المعروفة باسم “تي فور” (T4)، وتستعد لنشر منظومات دفاع جوي هناك، وسط تقارير عن بدء أعمال إنشاءات في الموقع.

وبحسب المصادر، تتفاوض أنقرة ودمشق منذ كانون الأول على اتفاق دفاعي، عقب الإطاحة بنظام بشار الأسد، يقضي بأن تتولى تركيا توفير الغطاء الجوي والحماية العسكرية للحكومة السورية الجديدة.

ورغم أن المسؤولين الأتراك سبق أن وصفوا أي وجود عسكري تركي في سوريا بأنه “سابق لأوانه”، فإن المفاوضات استمرت بهدوء، في حين تسعى أنقرة لاستغلال انسحاب روسيا وإيران لسد الفراغ الأمني، وتثبيت الاستقرار في البلاد باستخدام قوتها العسكرية.

وتهدف تركيا أيضاً إلى تصعيد عملياتها ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، وهو أحد الشروط الأساسية التي تضعها الولايات المتحدة لسحب قواتها من المنطقة.

منظومة دفاع جوي ومسيرات

وأكد مصدر أن تركيا بدأت خطوات التمركز في القاعدة الواقعة قرب تدمر، وقال: “سيتم نشر منظومة دفاع جوي من طراز حصار (Hisar) في قاعدة T4 لتوفير الغطاء الجوي، على أن تُعاد تهيئة القاعدة وتوسعتها، مع إنشاء منشآت جديدة، ونشر طائرات مسيرة للمراقبة والهجوم، بعضها بقدرات ضرب بعيدة المدى”.

وأضاف المصدر أن السيطرة على القاعدة ستمنح تركيا تفوقاً جوياً في المنطقة، وتعزز عملياتها ضد خلايا “داعش” المنتشرة في البادية السورية. وتهدف أنقرة إلى إنشاء منظومة دفاع جوي متعددة الطبقات تشمل قدرات قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى للتصدي للطائرات والمسيّرات والصواريخ.

وقال مصدر ثانٍ إن وجود الدفاعات الجوية التركية والمسيرات سيشكل على الأرجح رادعاً لإسرائيل ويمنعها من تنفيذ ضربات جوية في المنطقة.

ورفضت وزارة الدفاع التركية التعليق على هذه المعلومات.

قلق إسرائيلي متزايد

ومنذ انهيار حكومة الأسد في كانون الأول، كثّفت إسرائيل غاراتها الجوية على المنشآت العسكرية السورية، وخصوصاً في محيط “تي فور”، حيث استهدفت مؤخراً مدرجات ومواقع استراتيجية في القاعدتين الجوية بتدمر و”T4”.

وقال مصدر أمني إسرائيلي للصحافة إن أي قاعدة جوية تركية في سوريا “ستقوّض حرية التحرك الجوي لإسرائيل”، مضيفاً: “نعتبر ذلك تهديداً محتملاً ونعارضه بشدة”.

وتدهورت العلاقات بين أنقرة وتل أبيب منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في عام 2023، ما أنهى فترة وجيزة من التقارب بين الجانبين. وتزايد قلق إسرائيل مع التقارب الحاصل بين تركيا وسوريا، معتبرة إياها تهديداً إقليمياً أكبر من إيران.

وأضاف المصدر الإسرائيلي: “استهدفنا قاعدة T4 مؤخراً لإرسال رسالة مفادها أننا لن نسمح بأي تهديد لحرية تحركنا الجوي”.

وكشف المصدر الأول من “MEE” أن أنقرة تدرس نشر منظومة “S-400” الروسية بشكل مؤقت في “تي فور” أو تدمر لتأمين الأجواء في أثناء عمليات إعادة الإعمار، لكن القرار لم يُحسم بعد، ويتطلب موافقة موسكو.

وفي الوقت ذاته، تجري أنقرة وواشنطن محادثات بشأن رفع العقوبات المفروضة على تركيا بسبب شرائها منظومة “S-400″، والتي تسببت في استبعادها من برنامج مقاتلات “F-35” عام 2019.

تفكيك المنظومة الروسية

وفي مكالمة هاتفية الشهر الماضي، بحث الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره التركي رجب طيب أردوغان سبل إعادة تركيا إلى البرنامج، غير أن القانون الأميركي يشترط على أنقرة التخلي عن المنظومة الروسية.

واقترح مسؤولون أتراك تفكيك منظومة “S-400” وتخزينها أو نقلها إلى قاعدة تقع خارج الأراضي التركية وتخضع لسيطرتها.

لكن إسرائيل تعارض بشدة أي خطوة تسمح لتركيا بالوصول إلى مقاتلات “F-35″، معتبرة أنها قد تُضعف تفوقها العسكري النوعي في المنطقة.

تلفزيون سوريا

—————————-

===================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى