ممارسات مشبوهة لسفن إيرانيّة لصالح الحوثيين: من إيران إلى ميناء أنتويرب البلجيكي مروراً باللاذقية

الوحدة السورية للصحافة الاستقصائية – Siraj
28.03.2025
تستخدم عدد من سفن الحاويات الإيرانية الكبيرة الطريق التجاري إلى ميناء أنتويرب في بلجيكا، كغطاء لممارسات مشبوهة، تراقب أجهزة الاستخبارات الغربية هذه السفن عن كثب. لكن ضبطها متلبّسةً أمر شبه مستحيل. هناك ست سفن مشبوهة تعقبها فريق التحقيق يُشتبه في قيامها بالتجسس، ومساعدة الحوثيين في هجماتهم على السفن التجارية، ونقل الأسلحة إلى سوريا وروسيا. فريق من الصحافيين الاستقصائيين، وصحيفة “دي تيد” البلجيكية، تابعوا خط سير هذه السفن الإيرانية الست في رحلاتها من موانئ إيرانية إلى أوروبا مروراً بمرفأ اللاذقية السوري.
أنجز هذا التحقيق: محمد بسيكي (سراج)، لارس بوفي، ستيفاني دي سميدت (De Tijd)، مهتاب ديفسالار (زمانه)، روبن شار (من Paper Trail Media)، بيرتي شوهاوس وديميتري توكميتزيس (من Follow The Money)، ومن مشروع الكشف عن الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP).
نشر هذا التحقيق باللغات الإنجليزية والهولندية والفارسية والعربية بالتعاون مع “درج”، وبمشاركة فراس دالاتي، صحفي استقصائي سوري.
في يوم أربعاء ماطر من شهر أيلول/ سبتمبر في العام الماضي، وصلت سفينة حاويات بطول 188 متراً إلى ميناء أنتويرب البلجيكي . السفينة، البالغة من العمر 14 عاماً تحمل اسم SHIBA “سبأ” بالعربية، وتبحر تحت العلم الإيراني. وقد رست في بلجيكا في ميناء أنتويرب في محطة تشرشل ومحطة “آبيس كاتون ناسي” katoennatie.
خلال مرورها في أنتويرب، لم تتصرف السفينة الإيرانية بشكل مريب، لكن في الشهر السابق، أظهرت سلوكاً مشبوهاً للغاية أثناء عبورها خليج عدن والبحر الأحمر بين 2 و5 آب/ أغسطس. فعلى الرغم من أن السفينة غادرت إيران في 23 تموز/ يوليو، إلا أنها لم ترسُ في قناة السويس حتى 9 آب، ولم تصل إلى وجهتها الفعلية الأولى في سوريا إلا في 12 آب. كان هذا تأخيراً طويلاً ملحوظاً، ما أثار اهتمام أجهزة الأمن الغربية، التي لم تجد له تفسيراً اقتصادياً أو منطقياً.
خلال تلك الفترة تحديداً، في 3 آب/ أغسطس، أطلق المتمردون الحوثيون اليمنيون صاروخاً على سفينة الحاويات اليونانية “غروتون” Groton، التي استأجرتها شركة الحاويات الفرنسية العملاقة CMA CGM، في خليج عدن قبالة سواحل اليمن. ولتفادي مثل هذه الهجمات الإرهابية، توقف السفن الغربية نظام “التعرف الآلي” automatic identification system) AIS) في تلك المنطقة. لكن الحوثيين يحصلون على مساعدة من إيران في تنفيذ هجماتهم، ويشتبه بأن السفينة الإيرانية SHIBA مسؤولة عن إبلاغ الحوثيين بمرور السفينة الغربية.
رسم توضيحي: السلوك الملاحي المريب لـ سفينة SHIBA وهي تعبر خلال الهجوم على سفينة “غروتون” (2-5 آب/ أغسطس 2024) المصدر: De Tijd
لم تكن هذه المرة الوحيدة التي أظهرت فيها SHIBA سلوكاً مريباً خلال رحلتها عبر خليج عدن والبحر الأحمر العام الماضي. تكرّر السيناريو نفسه بين 14 و15 كانون الثاني/ يناير من العام الماضي، عندما كانت SHIBA توجد هناك، وأطلق الحوثيون صاروخاً في 15 كانون الثاني على السفينة “جيبرالتار إيغل” Gibraltar Eagle، التي كانت تحت إدارة أميركية.
وتكرر الأمر مرة أخرى بعد مغادرة SHIBA لبلجيكا في 25 شباط/ فبراير من العام الماضي، بعدما مكثت سبعة أيام في ميناء أنتويرب، وقبل أن تعود إلى إيران في 13 آذار/ مارس. خلال هذه الفترة، عبرت SHIBA مجدداً خليج عدن والبحر الأحمر، بينما هاجم الحوثيون السفينة الأميركية “بروبل فورتشن” بواسطة طائرات بدون طيار في 8 آذار/ مارس.
رسم توضيحي: السلوك الملاحي المريب لـSHIBA أثناء الهجوم على “جيبرالتار إيغل” (14-15 كانون الثاني/ يناير 2024) و/أو “بروبل فورتشن” (قرابة 8 آذار/ مارس 2024) المصدر: De Tijd
هذا الدعم الإيراني الخفي للحوثيين لا يزال موضوعاً مثيراً للاهتمام وآنياً، ففي الأسابيع الأخيرة، استمر الحوثيون في استهداف الأهداف الأميركية، ما دفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى التصريح الأسبوع الماضي بأنه ينوي القضاء على الحوثيين. ودعا ترامب إيران إلى وقف جميع أشكال الدعم للمتمردين على الفور.
بالإضافة إلى SHIBA، يبدو أن هناك خمس سفن إيرانية أخرى استخدمت نشاطها التجاري مع ميناء أنتويرب كغطاء لممارسات مشبوهة. أسماء السفن الأخرى هي: “آرتام”، “آرتينوس”، “آزارغون”، “ديزي” و”كاشان”. جميعها سفن حاويات كبيرة، يتراوح طولها بين 187 وأكثر من 220 متراً، وتبحر تحت العلم الإيراني.
مسار السفن الست من ميناء بندر عباس في إيران إلى اللاذقية في سوريا ثم ميناء نوفوروسيسك الروسي ثم أنتويرب البلجيكي – المصدر: (De Tijd)
بدأت صحيفة De Tijd بالتعاون مع صحافيين استقصائيين بتتبّع مسارات السفن الإيرانية الست في أيلول/ سبتمبر من العام الماضي، ورسمت خرائط لها باستخدام قواعد بيانات السفن. تحدثنا إلى أشخاص معنيين بالموانئ وأجهزة أمنية في دول مختلفة، وبمساعدة صحافيين من الوحدة السورية للصحافة الاستقصائية (SIRAJ)، وإيران، وألمانيا (Paper Trail Media)، وهولندا (Follow The Money)، ومشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد OCCRP.
أسلحة لحزب الله
لا يبدو أن الممارسات المشبوهة للسفن الإيرانية تقتصر على التجسس لصالح الحوثيين فقط. وفقاً لأجهزة الأمن الغربية، تنقل هذه السفن أيضاً شحنات أسلحة خلال توقفاتها في سوريا وروسيا أثناء طريقها إلى ميناء أنتويرب. وتتمثل هذه الشحنات بشكل أساسي في أجزاء لصنع أسلحة وليس منتجات جاهزة، بالإضافة إلى سلع “ذات الاستخدام المزدوج” التي يمكن استخدامها لأغراض مدنية وعسكرية. من سوريا، تُنقل هذه الأسلحة والأجزاء إلى “حزب الله” اللبناني.
أكد تحقيقنا في بيانات الحركة الملاحية أن السفن الإيرانية الست كانت تذهب إلى سوريا بشكل متناوب وشبه شهري خلال رحلاتها التجارية إلى ميناء أنتويرب في السنوات الأخيرة. حدث هذا 27 مرة على الأقل خلال 28 شهراً بين حزيران/ يونيو 2022 وتشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي.
اتّبعت السفن الإيرانية الست المسار نفسه تقريباً في كل مرة. تبدأ رحلاتها بعد فترة إقامة طويلة في إيران، غالباً في ميناء “بندر عباس”، أكبر موانئ البلاد، تحت سيطرة النظام الإيراني ويخضع لمراقبة شديدة من الحرس الثوري الإيراني، من هناك، تبحر السفن عبر قناة السويس من دون توقف، نحو الميناء السوري الأهم في “اللاذقية” على البحر المتوسط.
بعد يوم أو يومين، وأحياناً ثلاثة أيام في الميناء السوري، تتوجه السفن الإيرانية إلى أنتويرب وموانئ أوروبية أخرى في إيطاليا (رافينا)، إسبانيا (فالنسيا، بلباو، وخليج بسكاي) ورومانيا (كونستانتا). غالباً ما كان التوقف في أنتويرب هو الأخير في هذا المسار، وكان يستغرق أطول مدة. بعد ذلك، تعود السفن الإيرانية إلى إيران، وغالباً إلى ميناء “بندر عباس” الاستراتيجي.
وتبيّن أن هناك زيارات للموانئ السورية لم تكن ظاهرة في بيانات الملاحة الدولية، والتي تعتمد عليها أجهزة الأمن أيضاً. يبدو أن هناك أيضاً ما يسمى بـ”زيارات مظلمة” للموانئ، لم يتم رصدها.
برقية من مرفأ اللاذقية للمخابرات العامة حول السفن الواصلة والمغادرة للمرفأ ويظهر اسم السفينة SHIBA الإيرانية، حصري
لم تقتصر التوقفات المشبوهة للسفن الإيرانية على سوريا فقط. أثناء طريقها إلى أنتويرب، زارت “آزارغون” و”آرتام” أيضاً ميناء “نوفوروسيسك” الروسي في كانون الثاني/ يناير وشباط/ فبراير 2023، بعد عام من غزو روسيا لأوكرانيا. كما زارت السفينة “آرتينوس” فنزويلا في شباط/ فبراير وآذار/ مارس 2023، وهي دولة أخرى تشتري أنظمة عسكرية من إيران. كما مرت السفن عبر كينيا وتنزانيا، حيث يُعتقد أن إيران تقدم الأسلحة هناك أيضاً.
أجهزة الأمن الأميركية كانت تمتلك أرقام الحاويات التي تم فيها نقل الأسلحة على متن سفينة الحاويات الإيرانية “آزارغون” العام الماضي.
ولكن، بعد تفتيش شامل للسفينة، بما في ذلك مقصورات الطاقم، لم يتم العثور على أي شيء. لا بقايا ولا أي دليل على وجود أسلحة أو أجزاء من أسلحة على متن السفينة سابقاً.
هذا يوضح مدى إحباط أجهزة الأمن البلجيكية في السنوات الأخيرة من كيفية استخدام حركة المرور إلى ميناء أنتويرب للمناورات المعادية للغرب من النظام الإيراني. كانت عمليات تسليم الأسلحة المزعومة تتم دائماً قبل أن تبدأ هذه السفن في التصرف كالسفن التجارية الشرعية في الموانئ الأوروبية. عندما تأتي السفن إلى بلجيكا لتحميل البضائع، لا تكون هذه البضائع حتى من نوع “الاستخدام المزدوج”. لذلك، لم يتم القبض على هذه السفن أبداً وهي ترتكب مخالفة أثناء وجودها في أنتويرب.
تابع القضية المركز البلجيكي لتبادل المعلومات البحرية (MIK) وناقشها مع دول أخرى من مجموعة معلومات بحرية بحر الشمال والقناة (NSCMIG). كانت السفن الإيرانية تنقل معلومات إلى إيران أيضاً إذا صادفت سفناً عسكرية هنا. على سبيل المثال، رُصدت السفينة “ديزي” في المياه البلجيكية أثناء إجراء مناورة عسكرية لسفن كاسحات الألغام.
استقبال رسمي
تغيرت الأمور في آذار/ مارس 2016، كانت السفينة “آزارغون” أول سفينة إيرانية تعود إلى ميناء أنتويرب بعدما أبرم الاتحاد الأوروبي اتفاقاً نووياً مع إيران ورُفعت العقوبات. في ذلك الوقت، استقبل “آزارغون” في رصيف “ديورغانك” في ميناء أنتويرب وفد رسميّ برئاسة مسؤولي الميناء، الذين كانوا حريصين على إعادة العلاقات القديمة مع إيران. حتى فرض العقوبات في 2010، كان ميناء أنتويرب الوجهة الأوروبية الأكثر أهمية للبضائع الإيرانية.
وبعد توقف في ميناء “نوفوروسيسك” الروسي، خضعت “آزارغون” لتفتيش فني بحت في بلجيكا في آذار/ مارس 2023. خلال ذلك، اكتشف المفتشون 37 عيباً، كانت 16 منها خطيرة بما يكفي لاحتجاز السفينة حتى يتم إصلاح كل شيء. كانت الأبواب المقاومة للحريق، ونظام إطفاء الحرائق، والمخمدات، ومؤشرات السرعة والمسافة، وكذلك فلاتر الزيت والمولد الاحتياطي كلها معطلة. ولكن بعد 24 يوماً، أُطلق سراح السفينة وتمكنت من مواصلة أنشطتها.
علمنا من مصادر أن طواقم السفن الإيرانية قد تكون أيضاً موضع شك. “هذه السفن مرافقة من أعضاء من الحرس الثوري الإيراني، الذين يتظاهرون بأنهم رجال أمن عاديون أمام السلطات الوطنية المختلفة. يفعلون ذلك لتجاوز العقوبات وللقيام بعمليات تجسس في الموانئ الأوروبية.” ولكن، لم تتمكن الأجهزة الأمنية البلجيكية من إثبات أن هؤلاء الأعضاء كانوا على متن السفن متخفّين.
هل يمكن كشف هوية أفراد طاقم هذه السفن؟
الوثائق السرّية التي عثرنا عليها في دمشق في مقر المخابرات العامة السابق لنظام الأسد، تحتوي أيضاً على أسماء وجنسيات وتواريخ ميلاد ومناصب من 27 إلى 28 من أفراد طواقم السفن الإيرانية “آزارغون”، “ديزي”، “كاشان” وSHIBA أثناء زياراتهم للميناء السوري. إلى جانب عدد من الهنود، يبدو أن الطواقم المتغيرة، من القبطان إلى الطباخ، تتكون فقط من إيرانيين.
يُظهر الفحص الأولي لقوائم الأسماء وجود بعض السمات المميزة بينهم. فبالإضافة إلى الكثير من أفراد الطاقم المرتبطين بشركة الشحن الحكومية الإيرانية (IRISL)، هناك أيضاً من لا يُعرفون كبحارة على الإطلاق، لكنهم رسمياً يشغلون وظائف مختلفة تماماً لا علاقة لها بالشحن. بعضهم أقارب أعضاء في الحرس الثوري الإيراني أو ميليشيات أخرى. وهناك أيضاً ضابط إيراني لديه سجل خدمة كمحقق في إدارة التفتيش العامة في NAJA (قوة إنفاذ القانون في جمهورية إيران الإسلامية).
كشف بأسماء طاقم سفينة آزارغون – AZARGOUN الإيرانية بحسب وثائق المخابرات السورية في نظام بشار الأسد المخلوع – حصري
شركة “كاتون ناسي” katoen natie: “كمحطة، نحن لا نختار السفينة”
“المحطة (Terminal) تضطر للتعامل مع الأمر، نحن لا نختار السفينة. نحن نتبع اللوائح”، هكذا رد باتريك نانن، مدير وحدة الأعمال في محطة “آبيس كوتون ناسي” التي استقبلت السفينة الإيرانية SHIBA على أسئلة فريق التحقيق حول استقبال السفينة SHIBA، وأضاف “أن سلطة الميناء هي التي تقرر أي السفن يتم السماح لها بالدخول، وهم يتبعون القواعد التي تفرضها أوروبا”.
“لذا إذا تم فرض عقوبات على سفينة، فلن تأتي. إذا لم تكن هناك عقوبات، يمكن أن يحتجزها وسيط شحن، الذي يخصص السفينة لمحطة معينة للقيام بعمليات التحميل والتفريغ. الوسيط يعقد العقود مع المحطات في الموانئ، التي تحدد الأسعار، وعلى هذا الأساس يقرر إلى أين يرسل سفينة معينة بحمولتها. غالباً ما يكون هذا الاختيار بناءً على السعر، ولكن في بعض الأحيان أيضاً حسب الجوانب التقنية أو الملاحية، مثل الغاطس”.
“من المهم أيضاً أن نفهم أن قدوم سفينة إيرانية لا يعني أنك تتعامل مع شركة إيرانية. السفينة مجرد وسيلة نقل، أما الحمولة فهي أمر آخر. كوتوين ناسي واضحة في هذا: نحن لا نعمل مع شركات إيرانية لإنشاء تدفقات تصدير معينة. هذا شيء مختلف: نحن فقط ننفذ عملية لصالح وسيط الشحن”.
“كمحطة، ليست لديك بالضرورة رؤية مباشرة للحمولة. إذا كانت حمولة سائبة، فهي بضائع غير معبأة ويمكنك أن ترى ما يتم إنزاله أو تحميله على السفينة، وهناك أيضاً مستندات توضح فئة البضائع، ولكن نحن لا نقوم بالتفتيش، الجمارك هي من يقوم بذلك”.
مالك محطة “تشرشل” على الضفة اليمنى لميناء أنتويرب، حيث جاءت السفن الإيرانية الست في غالبية الأحيان، رفض الرد على أسئلتنا. المحطة، التي تبلغ مساحتها الإجمالية 27 هكتاراً وتملك سعة تخزين تبلغ 70,000 متر مربع، مملوكة لمجموعة “نوفا ناتي” البلجيكية. الرئيس التنفيذي مارتن غيراردين: “لن نرد على ذلك إطلاقاً”.
شركة واجهة
رسمياً، تمتلك سفن الحاويات الإيرانية شركة “حافظ دريا أريا شيبنج” (HDS). لكن يُعتقد أن هذه الشركة ليست سوى شركة واجهة لشركة الشحن الإيرانية الحكومية “الجمهورية الإسلامية الإيرانية لخطوط الشحن البحري” (IRISL)، والتي تُعرف بتقديم الدعم اللوجستي للدفاع الإيراني. كانت شركة IRISL قد تعرضت بالفعل للعقوبات من الولايات المتحدة، وفي 18 تشرين الثاني/ نوفمبر، أُدرجت IRISL أيضاً على قائمة العقوبات الأوروبية. حينها وسّع مجلس الاتحاد الأوروبي عقوباته ضد إيران بسبب دعمها – من خلال الصواريخ والطائرات بدون طيار – للحرب الروسية ضد أوكرانيا.
لم تجب كل من IRISL و HDS على أسئلتنا، لكن الوكيل البحري الألماني الذي يتعامل مع HDS منذ عام 2018 أجاب. ترى الشركة الألمانية أنه لا توجد مشاكل في هذا التعاون، وتؤكد أنها تعمل فقط لصالح HDS ولم تعمل أبداً لصالح IRISL. “لأنه لم تكن هناك عقوبات ضد HDS في الاتحاد الأوروبي – ولا تزال غير موجودة اليوم – اعتبرنا أنه من الآمن أن نعمل كوكيل خط وسماسرة شحن لـ HDS داخل الاتحاد الأوروبي. نحن لا نعلم أن IRISL هي المالكة النهائية للسفن”.
ومع ذلك، علّق الألمان الآن التعاون مع HDS “كإجراء احترازي بحت” لأنهم يرون أن العقوبات ضد IRISL “واسعة الصياغة وغير محددة بشكل كافٍ”. وقد أدى إدراج IRISL على لائحة العقوبات الأوروبية إلى تعليق زيارات السفن الإيرانية الست إلى ميناء أنتويرب.
قال الوكيل الألماني إنه لا يعرف ما هي البضائع التي كانت السفن الإيرانية تنقلها وتحملها في الموانئ السورية والروسية، “هذا خارج نطاق التزاماتنا التعاقدية”. ويضيف الألمان أنهم يعرفون فقط البضائع البريئة التي تم استيرادها وتصديرها هنا في أنتويرب. “الواردات النموذجية على سفن HDS تشمل البولي إيثيلين المستخدم في التغليف، والزيوت النباتية المستعملة لقطاع الوقود الحيوي، ومنتجات خزفية مثل البلاط، ومواد غذائية مثل الفستق الحلبي. أما الصادرات من أنتويرب إلى إيران فتشمل آلات جديدة، بما في ذلك تلك المستخدمة في صناعة المشروبات، ومعدات صناعية مستعملة مثل قطع غيار السيارات، وآلات معالجة النسيج، ومواد عازلة”.
اعتراض أسلحة إيرانية في طريقها إلى الحوثيين
بين أيار/ مايو 2021 وكانون الثاني/ يناير 2023، اعترضت السلطات الأميركية بالفعل كميات ضخمة من الأسلحة الإيرانية من الحرس الثوري الإيراني كانت متجهة إلى اليمن. حدث ذلك خلال عمليات روتينية لأمن الملاحة في وحول خليج عمان وبحر العرب. شملت هذه المصادرات أكثر من 9,000 بندقية، و284 مدفع رشاش، و194 قاذفة صواريخ، وأكثر من 70 صاروخاً مضاداً للدبابات، وأكثر من 700,000 قطعة ذخيرة. كما تمكنت البحرية الفرنسية من مصادرة آلاف البنادق الهجومية والمدافع الرشاشة والصواريخ المضادة للدبابات في كانون الثاني/ يناير 2023 في خليج عمان، وهي قادمة من إيران وكانت في طريقها إلى المتمردين الحوثيين في اليمن.
الآن، وبعدما توقفت السفن الإيرانية الست عن المجيء إلى أنتويرب (مؤقتاً) – حيث كانت “ديزي” آخر سفينة وصلت حتى 9 تشرين الثاني/ نوفمبر – من اللافت للنظر أنها قامت أيضاً بتغيير كامل لحركة مرورها. لم تذهب هذه السفن إلى سوريا أو روسيا في الأشهر الأخيرة.
بينما تتجه سفينة “آزارغون” الآن إلى الصين، الإمارات العربية المتحدة، وليبيا، تتجه “آرتينوس” إلى الهند، ماليزيا، سريلانكا، والإمارات. وتتوجه “كاشان” إلى الهند، الإمارات، كينيا، وتنزانيا. أما “سبأ” فتتّجه إلى الهند، ليبيا، تركيا، والإمارات. فيما تتجه “آرتام” إلى الصين، الهند، تنزانيا، كينيا، والإمارات.
هل بإمكان تلك السفن العودة إلى ميناء أنتويرب البلجيكي؟
تشير هيئة ميناء أنتويرب إلى أن “جميع الأسئلة المتعلقة بالسفن الإيرانية” يجب توجيهها إلى الهيئة الاتحادية للخدمات العامة للنقل (FPS Mobility). ووفقاً للمتحدث الرسمي توماس دي سبيجيلاري، فإنه يكفي حالياً أن تكون شركة الشحن الإيرانية الحكومية IRISL خاضعة للعقوبات حتى يتم منع دخول السفن الست إلى موانئنا، حتى وإن كانت تلك السفن مملوكة رسمياً لشركة HDS أخرى. “تم إدراج IRISL في قواعد البيانات كصاحب مصلحة فعلي للسفن. وهذا يكفي لنا لإيقاف السفن. لكل سفينة الكثير من المشغلين والمديرين”.
كل شيء يتم التحقق منه
“لكن السفن الإيرانية الأخرى التي لا تنتمي إلى IRISL لا تزال مسموحًا لها بالقدوم إلى الموانئ البلجيكية لأسباب مشروعة”، يقول المتحدث باسم الهيئة الاتحادية للنقل. “لا توجد عقوبات على السفن الإيرانية بشكل عام. كما أننا لسنا ملزمين بالعقوبات الأمريكية ضد إيران ولن نتبعها.”
في عامي 2023 و 2024، كان 20 من أصل 44 سفينة تحمل العلم الإيراني جاءت إلى ميناء أنتويرب قد تم إدراجها بالفعل على قائمة العقوبات الأمريكية. وقد شمل ذلك 12 سفينة مختلفة، كان من بينها ست سفن قد تورطت بالفعل في عمليات نقل أسلحة.
يبقى السؤال: هل يمكن أن تستخدم سفن إيرانية أخرى ميناء أنتويرب كغطاء مرة أخرى؟ لأن السفن الست لم تُمس طوال تلك الفترة. يقول “دي سبيجيلاري”: “عندما كانت هذه السفن لا تزال تأتي إلى الموانئ البلجيكية، لم تكن هناك عقوبات من الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، كانت هناك عقوبات على سلع معينة أو سلع ذات استخدام مزدوج. لكن ذلك كان دائمًا يتم التحقق منه، وكانت زيارات هذه السفن دائمًا مشروعة، والبضائع التي تم تحميلها أو تفريغها كانت وفقًا للوائح. لذلك لم تكن هناك أسباب قانونية لرفض هذه السفن.”
درج