عن التدخل الاسرائيلي السافر في سورية الجديدة، ملف تناول “شهية إسرائيلية لتفتيت سوريا” – تحديث 10 نيسان 2025

لمتابعة مكونات الملف اتبع الرابط التالي
التدخل الاسرائيلي السافر في سورية الجديدة
————————–
الاعتداءات الإسرائيلية إلى أين؟/ فايز الأسمر
2025.04.10
لا شك أنه مع بدايات سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول من العام الماضي، بدأت إسرائيل بشن مئات الغارات الجوية الإجرامية على أهداف ومواقع عسكرية كالمطارات والموانئ، مستهدفة من خلالها القدرات العسكرية التكتيكية والاستراتيجية البرية والبحرية والجوية، والبنية العسكرية التحتية للجيش السوري الجديد. حيث دمرت تل أبيب من خلال غاراتها الغاشمة تلك أكثر من 85 بالمئة من قدرات الجيش السوري الوليد.
بل إن حكومة نتنياهو المتطرفة لم تكتفِ بالضربات الجوية فقط، فقام جيشها ولا يزال، وبشكل شبه يومي تقريبًا، بالعديد من التوغلات البرية على طول الحدود مع الجولان المحتل في محافظتي درعا والقنيطرة، سيطر من خلالها على مئات الكيلومترات المربعة من خط الجبهة (التماس)، بالإضافة إلى مرتفعات عديدة استراتيجية من قمم جبل الشيخ وحرمون.
وأقام جيش العدو في هذه المناطق تجهيزات وتحصينات هندسية، وطرقًا ومقتربات التفافية، ونقاط مراقبة ورصد.
وبالطبع، يأتي هذا كله في إطار استراتيجية إسرائيلية صهيونية مبيتة تهدف بشكلها العام إلى عدم رغبتها في رؤية نظام حكم قوي ومستقر في دمشق، معتمدة في هذا الأمر على العمل الدائم والمستمر في زعزعة الاستقرار الإقليمي، وإفشال أي محاولات هادفة للحكومة الجديدة لحل مشاكلها الداخلية المعقدة، وإعادة بناء قدرات البلاد الاستراتيجية المدمرة على جميع الأصعدة.
سقوط الأسد وحسابات تل أبيب
عمليًا، فإن التصريحات السياسية النارية لنتنياهو وشخوص حكومته، والتحركات العسكرية العدوانية المصاحبة لها على الأرض، إنما تأتي في إطار الموقف الإسرائيلي والسياسة العدوانية العامة التي تنتهجها حكومة تل أبيب تجاه دول المنطقة، وبالأخص تجاه الإدارة السورية الجديدة التي باتت، ورغم الصعوبات الموروثة الكثيرة والمتنوعة، تتصدر المشهد في دمشق.
وتعتبرها تل أبيب إدارة من أصول وجذور جهادية لا يُستهان بها أو يؤمن جانبها، بل تعتبرها تهديدًا محتملا أكيدًا لها إن لم يكن قريب المدى فبعيدًا، وخاصة أنه لا يخفى على أحد أن الكيان الإسرائيلي يرى في سقوط نظام المجرم بشار الأسد خسارة استراتيجية ثقيلة يحسب لها ولارتداداتها على المنطقة والإقليم ألف حساب.
فالواقع السياسي والميداني يقول بأن الكيان فقد من خلال سقوط هذا المجرم نظامًا ديكتاتوريًا شموليا حافظ على أمن وسلامة إسرائيل طوال 54 عامًا كاملة، هذا إن تناسينا أن النظام البائد قام ومنذ وقت طويل بتخدير شعوب المنطقة العربية والإسلامية من خلال شعاراته الخلبية الزائفة (الصمود والتصدي، الممانعة والمقاومة)، وغيرها من ترهات وفلسفات البعث الحاكم وقياداته الخشبية المنفصلة عن الواقع السوري والواقع العربي المعاش.
إسرائيل والإجرام المتأصل
في الواقع، فإن إسرائيل ومن خلال سلوكها التوسعي الإجرامي في العقود الثمانية الماضية كانت ولا تزال تعمل جاهدة وتستخدم كل الأدوات والوسائل الممكنة في سبيل رؤية محيطها الإقليمي والعربي، وعلى الأخص دول الطوق بلا أنياب أو مخالب، وعبارة عن دول فاشلة لا تقوى على حماية حدودها الوطنية. فكيف لها أن تفكر لعقود قادمة في استعادة أي جزء سليب من مغتصباتها؟ ولذلك فإن تل أبيب ومن خلال ذلك عملت ومنذ نهاية السبعينات على تحييد وتقييد الجانب المصري باتفاقيات كامب ديفيد، وسلكت السلوك ذاته مع الأردن من خلال توقيع اتفاقية وادي عربة. وفي الفترة الأخيرة قضت وبنسب كبيرة على القدرات العسكرية والتسليحية والبنى التحتية لحركة حماس في غزة وميليشيات حزب الله في لبنان.
من جانب آخر، فإن الواقع يقول بأنه وبعد سقوط الأسد الطاغية، فإن حكومة إسرائيل ومن خلال حساباتها المتعددة التي أثارت وإلى حد بعيد هواجسها الأمنية، هي التقارب المضطرد وإمكانيات حدوث تعاون عسكري تركي كبير مع حكومة دمشق، وإمكانية أن يكون هناك اتفاقيات دفاع مشترك بين الطرفين، وإقامة قواعد عسكرية في وسط سوريا. بل وحسب ما تناولته صحيفة يديعوت أحرونوت، فإن هناك توجسًا وقلقًا واضحًا وملموسًا للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية مما وصفته بمحاولة أنقرة ملء الفراغ الناتج عن تفكك وانهيار نظام بشار الأسد، وتقديم نفسها كقوة وازنة مهيمنة بديلة في سوريا، عبر تشكيل محور إسلامي سني ليحل محل المحور الشيعي بقيادة إيران. وعليه جاءت تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بأن تل أبيب لن تسمح لسوريا بأن تكون بأي شكل من الأشكال تهديدًا لدولة إسرائيل.
أوراق وخيارات حكومة دمشق المعقدة
في الواقع، فإن موقف الحكومة السورية الحالي هو موقف واضح ينحصر في مطالبتها بانسحاب القوات الإسرائيلية إلى خطوط فض الاشتباك ما قبل سقوط النظام البائد. وخاصة أن هذه الحكومة لا تمتلك في هذا الوقت الصعب أوراقًا كثيرة أو خيارات عسكرية ميدانية تستطيع من خلالها مواجهة الاحتلال المتفوق عليها تسليحًا وتكنولوجيا، وإلى درجة كبيرة لا نستطيع من خلالها وبشكل مطلق المقارنة بين قدرات وإمكانيات الطرفين. وبالتالي فإن هذا يعني أن القيادة السياسية والعسكرية وعلى رأسها الرئيس أحمد الشرع، وحسب التصريحات، ليست معنية غالبًا بالدخول في صراع مفتوح ومباشر مع إسرائيل. فالحكومة الجديدة التي لم تمضِ إلا أسابيع على تشكيلها تنصب وتركز في أولوياتها على مسائل إعادة الإعمار، وعودة النازحين، وتحسين الوضع الاقتصادي والخدمي والمعيشي للمواطنين، وترتيب البيت الداخلي وتعافيه، خاصة مع وجود مناطق واسعة خارجة بشكل أو آخر عن سيطرة الدولة الوليدة، سواء في الجنوب السوري أو في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات الكردية في شرق وشمال شرق البلاد. وإزاء ذلك، يبقى التعويل على الدور الدبلوماسي الضاغط للقوى الإقليمية والدولية، مثل تركيا والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي، للعب الدور الحاسم في ضبط التوترات والتصعيد الحاصل، وتضافر الجهود لتركيز الضغط المباشر على إسرائيل لضمان وقف تعدياتها وتجاوزاتها، وإجبارها بأي شكل على التقيد والالتزام باتفاقية فض الاشتباكات 1974 والقرارات ذات الصلة، وعدم تطور الأوضاع الميدانية، وانزلاقها إلى صدام مباشر لا تبدو حكومة دمشق وجيشها مستعدة له لفترات قادمة قد تكون طويلة الأمد.
ختامًا
في الواقع، فإن إسرائيل لا تزال تبرر هجماتها الإجرامية الآثمة على سوريا بحماية أمن سكان مستوطنات الشمال المحتل (مرتفعات الجولان)، ولكن هذا بكل تأكيد ليس هو الهدف الحقيقي لعدوانها الجوي والبري الإجرامي المتواصل على الأراضي السورية. وإنما تل أبيب تريد من خلال تعدياتها فرض واقع ميداني جديد على الأرض، بعد أن ضرب نتنياهو بعرض الحائط اتفاقية فصل القوات، ومحاولته جر وإرغام الحكومة السورية الجديدة لتعديل هذه الاتفاقية، وفرض شروط جديدة تتعلق بنودها حسب رأيي بعمق المنطقة العازلة، والأسلحة المسموح تواجدها في محيطها، والموافقة على وضع أنظمة إنذار مبكر، وغير ذلك من الشروط المجحفة.
ناهيك عن الهدف الأسمى الذي يتجلى في منع ولادة وظهور سوريا قوية مستقرة اقتصاديًا وعسكريًا قد تشكل في قادم السنوات تهديدًا أمنيًا استراتيجيًا مباشرًا لها لذلك فمن الواضح أن تل أبيب تسعى إن استطاعت لفرض هيمنتها على حاضر ومستقبل سوريا في ظل الوجود التركي الذي ترى فيه تل أبيب منافسًا إقليميًا لا يجب أن يولد أو أن يستمر.
تلفزيون سوريا
—————————–
الإيكونوميست: تل أبيب تخشى “الحماية التركية” لسوريا الجديدة
ربى خدام الجامع
2025.04.08
طوال أسابيع، واظب مسؤولون في الجيش التركي على زيارة القواعد الجوية في مختلف أرجاء سوريا، كما شرعوا بوضع مخططات لتزويد بعض تلك القواعد على الأقل بمنظومات دفاع جوي ومسيرات مسلحة، وقد قيل إن التحضيرات لتولي تركيا زمام الأمور في قاعدة ت4 الجوية القريبة من تدمر كانت تجري على قدم وساق، ولكن هجوم إسرائيل عليها في مساء يوم الثاني من نيسان عطل كل ذلك، فقد قصفت الطائرات الإسرائيلية مدرج مطار ت4 ومنظومات الرادار في تلك القاعدة، كما قصفت ما لا يقل عن قاعدتين أخريين والعديد من الأهداف العسكرية الأخرى في سوريا.
وحتى يبددوا كل الشكوك حول مدى ذعر إسرائيل من النشاط التركي في سوريا ويحولوا كل ذلك إلى حقيقة قطعية، عمد المسؤولون الإسرائيليون إلى تشديد الرسالة الموجهة إلى الداخل، إذ ذكر وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أن سوريا مهددة بالتحول إلى منطقة تخضع للحماية التركية، كما حذر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس قادة سوريا من أنهم سيدفعون الثمن غالياً في حال سمحوا لقوات معادية لإسرائيل بدخول سوريا وتهديد المصالح القومية للدولة اليهودية.
اتهامات متبادلة
أجل، إن إسرائيل قلقة من حجم التدخل التركي في سوريا، والمخططات التركية الساعية لإقامة قواعد عسكرية في ذلك البلد والخطط التي تحاول تزويد الجيش السوري الناشئ للحكومة الجديدة بالسلاح، أما تركيا فتخشى من أن تكون إسرائيل تسعى لتأزيم الوضع في سوريا، أو تقسيمها. ولهذا يتهم كل طرف الآخر بالتحضير لشن حرب بالوكالة في سوريا.
يبدو أن إسرائيل عازمة على إبقاء سوريا ضعيفة ومقسمة، لأن الهجمات الإسرائيلية المتعاقبة التي استهدفت البنية التحتية للجيش السوري السابق دمرت معظم الطائرات الحربية لدى نظام الأسد البائد والتي تعود للحقبة السوفييتية، ويعلق على ذلك آلبر جوسكون وهو دبلوماسي تركي سابق يعمل حالياً لدى مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، فيقول عن الغارات الإسرائيلية إنها: “قضت على كل شبر من الإمكانات العسكرية التي يعتبرونها تمثل تهديداً محتملاً للمصالح الأمنية الإسرائيلية”. في حين عمد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى الحديث عن حقوق الطائفة الدرزية في سوريا من أجل المطالبة بمنطقة منزوعة السلاح في الجنوب السوري.
الثقة معدومة
لا يثق المسؤولون الإسرائيليون بالرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع، والذي يصفه كاتس بأنه: “إرهابي جهادي خريج مدرسة تنظيم القاعدة”، ومن جانبه، تعهد الشرع بمنع بلاده من التحول إلى محور يستقطب المتطرفين الأجانب، كما كانت أيام الأسدين. غير أن المسؤولين في إسرائيل يخشون من أن يقوم الرئيس السوري الجديد الذي يدعمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يدعم حماس أيضاً، بمد يده مرحباً بالمتطرفين في بلده خلال فترة قريبة.
تختلف كل من تركيا وإسرائيل حول شكل الحكم في سوريا، ولهذا اقترح المسؤولون الإسرائيليون صراحة قيام نظام فيدرالي في سوريا، حيث يمكن للأقليات على اختلافها، وعلى رأسها الكرد والعلويون، أن تتمتع باستقلال ذاتي كبير، إذ يرى هؤلاء المسؤولون أن المجازر التي وقعت مؤخراً بحق مئات المدنيين العلويين على يد جماعات مسلحة موالية لحكام سوريا الجديد، كشفت بأنه لا يمكن الوثوق بالشرع البتة.
غير أن هنالك نظام حكم مختلفاً يخطط له كل من الشرع وحلفاؤه الأتراك، ويعتمد على قيام حكومة مركزية قوية يقوم على رأسها رئيس يتمتع بسلطات تنفيذية واسعة. ففي الثالث عشر من آذار، وقع الشرع على بيان دستوري جديد يعتمد هذا النهج، وقبل أيام على ذلك، وافقت قوات سوريا الديمقراطية التي تسيطر على معظم شمال شرقي سوريا، على الانضمام إلى الحكومة المؤقتة.
لم لا يشرب أردوغان من الكأس نفسها؟
من جانبه، يتهم أردوغان إسرائيل بإثارة النعرات العرقية والطائفية في سوريا بهدف زعزعة استقرار هذا البلد الذي خرج حديثاً من أحد أشرس الحروب الدموية التي شهدها هذا القرن. ولكن أشد ما يقلق أردوغان هو العلاقة بين الكرد وإسرائيل، إذ تشك تركيا في استعانة إسرائيل بقسد من أجل تقويض النفوذ التركي في سوريا وتحريض الكرد على الانفصال عن تركيا، بما أن تركيا تعتبر هذه الجماعة مجرد واجهة لحزب لعمال الكردستاتي الذي صنفته تركيا ومعظم الدول الغربية بين التنظيمات الإرهابية.
غير أن إسرائيل لم تبدد تلك المخاوف تماماً، إذ خلال العام الفائت، تحدث ساعر عن قسد والكرد بصفتهم “حلفاء طبيعيين” لبلده، وطالب دول العالم بحمايتهم من تركيا، ولم يتضح حتى الآن إن كانت تلك المبادرات تعني بأن إسرائيل ستسهم في تسليح الكرد الموجودين في شمال شرقي سوريا أم لا، على الرغم من أن معظم الإسرائيليين يسعدهم انتهاز الفرصة التي بوسعهم من خلالها جعل أردوغان يتجرع من الكأس نفسها التي أذاقهم إياها في يوم من الأيام، بما أنه داعم كبير لحماس.
وبالتأكيد فإن تركيا تتعامل مع هذا التهديد بكل جدية، لأن الخوف من قيام تحالف بين إسرائيل والكرد كان العامل الرئيس الذي دفع تركيا لاتخاذ قرار خلال العام الماضي بخوض محادثات سرية مع زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، المسجون لديها، وقد أثمرت تلك المحادثات خلال شهر آذار الماضي، وذلك عندما أعلن حزب العمال الكردستاني عن وقف إطلاق النار بصورة مؤقتة. وتعلق على ذلك دارين خليفة من المجموعة الدولية للأزمات ببروكسل، فتقول: “تظن تركيا بأن إسرائيل ترغب في إقامة دويلة لحزب العمال الكردستاني على حدودها، في حين يظن الإسرائيليون أنه بوسع تركيا الاستعانة بسوريا ضدهم بالطريقة نفسها”.
احتمالات ومآلات
ثم إن العلاقات بين تركيا وإسرائيل التي سممتها الحرب على غزة، قد تسوء أكثر فأكثر، إلا أنه من غير المرجح أبداً أن يتطور ذلك إلى نزاع مسلح فعلاً بين الدولة التي لديها ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي وبين الدولة التي تعتبر أهم الحلفاء الإقليميين لأميركا، ولا توجد أي رغبة لدى كلا الطرفين بمحاربة الطرف الآخر، بل إن تركيا وإسرائيل أعدتا العدة من أجل الردع، وليس الحرب، ثم إن أردوغان يعتبر دونالد ترامب صديقاً قديماً له، ويرى أنه قد يحصل تحسن في العلاقات التركية-الأميركية بعد وصول ترامب إلى سدة الرئاسة، مما يزيد من فرصة فك الحظر المفروض على بيع طائرات الشبح المقاتلة من طراز إف-35 لتركيا. كما يأمل أردوغان في تحسين العلاقات التركية مع أوروبا، والتي تريد منه أن يسهم في تقديم ضمانات أمنية وأن يشارك في حفظ السلام بأوكرانيا، ولذلك من غير المحتمل أن يخاطر أردوغان بكل ذلك عبر خوض حرب مع إسرائيل.
والأهم من كل ذلك هو أن تركيا وإسرائيل قد تكتشفان وجود أرضية مشتركة بينهما في منطقة بلاد الشام، بما أن كلتيهما ترغبان في منع إيران من إقامة موطئ قدم لها من جديد في سوريا، وكلتاهما معرضتان للخسارة في حال فشل سوريا الجديدة، وهذا ما دفع مصدراً استخبارياً إسرائيلياً إلى القول: “إن سوريا بلد كبير يخوض أزمة عميقة، وليس لدى أردوغان الوقت لتهديد إسرائيل، لذا إن نجح في نشر الاستقرار ضمن تلك الدولة التي يمكن أن تتحول إلى دولة جهادية تسودها الفوضى، فإن ذلك سيعود بالنفع على إسرائيل هي أيضاً”.
المصدر: The Economist
————————-
اتصالات تركية إسرائيلية لتجنب المواجهة في سوريا
10/4/2025
قالت مصادر تركية وإسرائيلية إن محادثات فنية بدأت بين ضباط من البلدين لمناقشة إنشاء آلية لتجنب الصراع بينهما على الأراضي السورية.
وكانت البداية مع موقع أكسيوس الإخباري الأميركي الذي نقل عن مسؤول إسرائيلي قوله إن ضباطا أتراكا وإسرائيليين ناقشوا إنشاء آلية لفض الاشتباك بين جيشي البلدين في سوريا.
كما نقلت القناة الـ12 الإسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي أن ثمة اتصالات تجري حاليا بين إسرائيل وتركيا بخصوص التوترات على الأراضي السورية، مضيفا أنه سيتم بناء منظومة للتنسيق بين إسرائيل وتركيا على نسق المنظومة التي كانت مع روسيا أثناء وجودها في سوريا.
وبحسب مصادر القناة الـ12، فإن إسرائيل تصر على جعل جنوب سوريا منطقة منزوعة السلاح بما في ذلك منع أي وجود عسكري تركي في هذه المنطقة.
وبدوره، كشف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان عن وجود هذه الاتصالات مؤكدا أنها محصورة في الإطار الفني فقط، وقال إنه يمكن تشكيل آلية عدم اشتباك مع إسرائيل، مشيرا إلى أن سبب قطع العلاقات معها الحرب على غزة.
في الوقت نفسه، أكد فيدان أن من الضروري إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي السورية وأن تتوقف عن قصف بنيتها التحتية.
إعادة ضبط نتنياهو
وتأتي هذه الخطوة بعد تصريح للرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل أيام، حث فيه الإسرائيليين على التصرف بعقلانية لحل أي مشكلة مع تركيا.
بدورها، نقلت وكالة الأناضول التركية للأنباء عن فيدان مساء الأربعاء قوله إنه يتعين على الولايات المتحدة أن “تعيد ضبط” نتنياهو وأن ترسم إطارا له.
وأكد وزير الخارجية التركي أن عدم الاستقرار في بلد جار لتركيا سيؤثر عليها ويتسبب لها بأذى، محذّرا من أن أنقرة لا يمكنها البقاء صامتة إزاء ذلك.
كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن فيدان إعرابه عن استعداد تركيا لتقديم الدعم إلى سوريا في حال إبرام اتفاق عسكري معها.
المصدر : الجزيرة + وكالات
—————————-
إيران وحلم النفوذ الإقليمي.. الحلم المستحيل/ صهيب جوهر
2025.04.09
لم يكن العقل العربي ليتخيل قبل 7 أكتوبر 2023 وما نتج عنه من تحولات، أن تضطر إيران للتفاوض على أوراق قوتها وجماعاتها التي استثمرت في بنائها عقودا طويلة، كما يحصل اليوم، والذي لم تعتمد يوماً على واقعية أو عقلانية سياسية، وإيران نفسها لو علمت مآلات الأمور يوماً لوفرت على نفسها وقتاً طويلاً أهدرته، ومليارات دفعت كرمى لعيون أنظمة وجماعات على امتداد العراق ولبنان واليمن ودول أخرى خليجية حاولت التسرب إليها بالعنف أو الخلايا.
ولعقود متعددة بقيت طهران بالرهان على أن إسرائيل والولايات المتحدة لا تريد أو تقوى على شن حرب على منشآتها النووية وتقويض نظام الحكم الإيراني ووقف تمدد النفوذ الإقليمي في العواصم التي لطالما تفاخرت بالسيطرة عليها، والتي ترجمت مؤخراً بما عبر عنه أحد نواب حزب الله بالقول أن النظام السوري سقط نتيجة عدم اختياره خيار القتال.
وكانت طهران تعول دائماً على بقاء قوى إسرائيلية أقل يمينية من الأحزاب الموجودة اليوم في الحكم في إسرائيل، كما تستلزم وصول إدارة أميركية متحمسة لخيار الحرب على اعتبار أن إسرائيل ستكون عاجزة عن تنفيذها سياسياً وعسكرياً من دون شراكة أميركية دولية شاملة.
وحتى دونالد ترامب تجنب الحرب مع إيران في ولايته السابقة، واكتفى بالانسحاب من الاتفاق النووي. ما فتح الباب لطهران للاستفادة من المماطلة في الوقت لتكريس قدراتها وقوتها الذاتية والإقليمية، وكان الديموقراطيين حينها قد عادوا إلى الحكم مع رئيس أميركي متردد هو جو بايدن. لكن ما جرى اليوم يحمل في طياته أخطار محدقة، فقد حصل التزاوج السياسي بين اليمين الإسرائيلي واسوء اليمين الأميركي، بوصول الجانبين للحكم في واشنطن وتل أبيب.
وما يزيد من المخاوف الإيرانية اليوم، هي الضربات القاصمة التي تلقتها فصائل لبنانية وعراقية ويمينة، إضافة لسقوط نظام الأسد البائد في سوريا، على مدى سنة ونيف من الحرب والقتال المتواصل، ما أدى تقريباً
إلى تعطيل قدرتها القتالية. فبات يتصدى للهجمة الإسرائيلية – الأميركية في الداخل الإيراني نفسه وهو الذي أسس هذه المجموعات كخط الدفاع الأول عن إيران، ما يعني أن المعركة في حال ضربت إيران ستكون نهائية وحاسمة. ولذلك، هو بدأ يستنفد الأوراق المتبقية في يده، وأبرزها: تحالفه مع روسيا والصين، ومحاولة إرضاء إدارة ترامب بصفقة النووي، ومحاولة إقامة تحالفات مع أطراف إقليمية كتركيا وبعض الدول الأوروبية.
وهذا الانفكاك الإيراني – الروسي، أتى عقب الاتصالات الروسية – الأميركية، عبر عروض ترامب لبوتين في أوكرانيا لتحييده عن خياراته في الشرق الأوسط، في حين اتخذت الصين قراراها التاريخي بعدم الانجرار بحروب تتورط فيها. وهي بدأت تلوح بورقة تايوان، لعلها تكون موضع مقايضة شبيهة بمقايضة أوكرانيا مع روسيا. وفي الوقت عينه، تقدم إيران إلى الأميركيين عروض تفاهم، لكنها حتى اليوم لا تبدو مثمرة.
وسعت إيران للقيام بعملية التفافية، علها تستعيد بعضاً من المبادرة عبر دفعها مع أحد الأطراف الإقليمية لأحداث الساحل السوري، إضافة للأحداث على الحدود اللبنانية – السورية، وهذه المحاولة كان يمكن أن تخلق حضوراً ايرانياً في الساحل وفي جزء من الحدود مع لبنان، لكنها حتماً لن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء على مستوى الحكم، لا في سوريا ولا في لبنان، أما ميدانياً فأحكمت الإدارة السورية الجديدة يدها على الحدود مع لبنان، وأقفلت أحداث الساحل رغم الانتهاكات الإنسانية التي جرت ويجري التعامل معها بلجنة تحقيق.
لذا فإن إيران خسرت مشروع الحضور الإقليمي المعتمد بالدرجة الأولى على الطائفة والدرجة الثانية على مشروعية القضية الفلسطينية، وباتت اليوم مستعدة بحصر حضورها ببعض الحلفاء السياسيين في لبنان والعراق واليمن، لكن دور روسيا لم يكن داعماً على ما يبدو، على رغم من امتلاكها قاعدتين عسكريتين في سوريا. فإيران ليس لديها ما تخسره إذا فشلت المحاولة، وأما بوتين فلا يريد إحراق أوراق العلاقة مع الإدارة الانتقالية في دمشق لرهانات إيران.
وعليه يممت طهران وجهها شطر أنقرة، علها تنجح في عقد صفقة محتملة في سوريا والعراق ولبنان، وهذا الأمر عبر رسائل وجهت لتركيا عن إمكانية دعم أنقرة ضد المجموعات الكردية في العراق وسوريا، وتسليم معارضين أكراد لديها، وهذا الأمر لا يبدو أنه ناجز بين القوتين الاقليميتين وخاصة أن الثقة مفقودة مؤخراً وتأكدت مع أحداث الساحل السوري والحدود مع لبنان.
وهذا الحراك الإيراني، أطلق العنان لتحرك إسرائيلي جارف في سوريا أولاً، وثانياً عبر عودة الاستهداف والاغتيالات في لبنان، وتحديداً الى الضاحية الجنوبية لبيروت، فإسرائيل تحرص اليوم على منع نشوء أي قوة تسعى لوراثة الحضور الإيراني في سوريا أو لبنان، ولكن بالتأكيد ستحاول إيران دائماً أن تستعيد بعض نفوذها، ولو على جزء من أي بلد كان جزء من جغرافيا حضورها الإقليمي، وهذا يعني أنها لن تمانع في أي يوم في اعتماد خيار التقسيم لتحقيق هذا الهدف.
ربما يتقاطع الإيرانيون مع إسرائيل التي تحتفظ بخطط تاريخية لتقسيم المنطقة طائفياً وعرقياً. لكن الإسرائيليين لن يوافقوا على إقامة مناطق نفوذ لإيران في الدول المحيطة بهم. وهذا يعني في المحصلة أن استعادة إيران لنفوذها السابق بات مستحيلاً في المدى المنظور، أياً كانت الظروف. فالمتغيرات التي حققتها عملية طوفان الأقصى أولاً، وسقوط الأسد ثانياً، فتحت الباب على عالم جديد، ومنطقة إقليمية مستحدثة.
تلفزيون سوريا
————————–
إسرائيل تحلم بتوريد الغاز لسورية عبر “دبلوماسية الطاقة”/ آدم يوسف
09 ابريل 2025
بالتزامن مع انقطاع كامل للتيار الكهربائي في جميع أنحاء سورية مطلع إبريل الجاري، قبل أن يبدأ في العودة تدريجياً إلى مناطق عدّة، عاد الحديث عن التحديات التي تواجه دمشق لتوفير الطاقة اللازمة لتشغيل الكهرباء ومناحي الحياة، والمصادر المتاحة بعد قطع إيران إمدادات الطاقة عقب سقوط حكم الأسد، وسط محاولة تل أبيب تقديم نفسها مُصدّراً للطاقة إلى سورية.
ومثلما تحاول إسرائيل احتواء أي تهديد يأتي من جانب النظام الإسلامي الجديد في سورية، وتقوم بقصف مستمر لقدرات البلاد، تسعى عبر “دبلوماسية الطاقة” لإغراء السوريين بشراء الغاز الإسرائيلي لحلّ مشاكلهم مع الطاقة، مقدمةً للتطبيع، زاعمةً أنّ الحلول التي قدمها رئيس تركيا رجب طيب أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمشكلة الطاقة وانقطاع الكهرباء، لن تحلّ مشكلة دمشق، وأنّ الحل الفعلي لدى تل أبيب و”الغاز الدبلوماسي” الإسرائيلي.
“غاز إسرائيلي” باسم مصر والأردن
في هذا الشأن أشار الكاتب الإسرائيلي ميخائيل هراري، في تحليل بصحيفة “معاريف” يوم 30 مارس 2025، إلى هذا الحلم الإسرائيلي الخاصّ بتوريد الغاز إلى النظام الجديد في سورية، باعتباره “ورقةً استراتيجية” لاستغلال حاجة النظام في سورية للطاقة، ضمن “دبلوماسية الطاقة”، زاعماً أنه لا حل أمام سورية سوى استيراد الغاز من إسرائيل.
لكنّه كشف عن خطة مختلفة لتوصيل الغاز إلى سورية عبر مصر والأردن، مؤكداً أن هذا الغاز الذي سيجري توصيله إلى سورية، سيبدو كأنه قادم من مصر والأردن عبر “خط الغاز العربي”، بينما هو في الحقيقة “غاز إسرائيلي” يجري ضخّه إلى الأردن ومن هناك إلى مصر، وسيجري ضخّه إلى أنبوب الغاز العربي، ومن هناك شمالاً إلى سورية، ليبدو رسمياً، كأنه “غاز أردني مصري”، بينما هو عملياً، غاز إسرائيلي.
ويؤكد “سيمون هندرسون”، الخبير في شؤون الطاقة والخليج العربي بـ”معهد واشنطن”، في تحليل نُشر بتاريخ 24 فبراير 2025، أن حل مشكلة أزمة الكهرباء في سورية سيكون “إسرائيلياً”، وأوضح أن هناك حلولاً مطروحة لاستخدام سفن طاقة عائمة في مينائَي بانياس وطرطوس على البحر الأبيض المتوسط، تولد كل منها حوالى 400 ميغاواط من الطاقة، أي ما يعادل إنتاج محطة طاقة متوسطة الحجم، وستموّلها قطر وتركيا.
إلّا أن ربط السفن بالشبكة السورية سيستغرق شهوراً عدّة، لذا ستظل هناك حاجة إلى تدابير مؤقتة قصيرة الأجل، كما أن كمية الكهرباء التي يمكن أن تصل إلى دمشق (على بُعد حوالى 160 كيلومتراً) غير مؤكدة نظراً للأضرار التي لحقت بخطوط الكهرباء المحلية، لذا فالحلُّ “إسرائيليٌ” وفق زعمه.
أوضح أن الأردن لا يبعد سوى سبعين ميلاً عن دمشق، وهناك خططٌ راسخةٌ لإنشاء بنية تحتية للكهرباء وشبكة لأنابيب الغاز تمتد إلى العاصمة وما وراءها، وهناك حالياً خط الأنابيب الرئيسي الواصل بين الشمال والجنوب (خط الغاز العربي) (AGP) الذي نشأ عام 2003، لنقل الإمدادات المصرية إلى الأردن، ثم إلى سورية ولبنان وتركيا، لكنه أصبح حالياً خطاً إسرائيلياً يزوّد مصر بالغاز، ويمكن استغلاله لتوصيل الغاز إلى سورية أيضاً عبر مصر والأردن، وتتولى دول الخليج، مثل السعودية وقطر والإمارات، دفع التكاليف.
لذا؛ يؤكد سيمون هندرسون، أنه “سواء أطلقت السلطات في سورية عليه اسم “الغاز المصري” أو “الغاز الأردني”، فإنّ الحقيقة البسيطة هي أن الإمدادات البحرية الإسرائيلية يمكن أن تساعد في سدّ النقص الكبير في الطاقة في سورية إذا جرى التوصل إلى الترتيبات اللازمة”.
دبلوماسية الطاقة
ويزعم المحلل الاقتصادي الإسرائيلي ميخائيل هراري، أنّ دولة الاحتلال تمتلك ورقة استراتيجية قادرة على إعادة النظام إلى سورية، بهذا الغاز الإسرائيلي، مشيراً إلى أنّه “لا أردوغان ولا بوتين” لديهما هذا التأثير المحتمل، مقارنة بإمكانية “إسرائيل” في لعب دور محوري من خلال “دبلوماسية الطاقة”.
وأشار هراري، في مقال نشره بصحيفة “معاريف” العبرية، إلى أنّ الحكومة السورية الجديدة تبذل جهوداً مكثفة لتوسيع سيطرتها، لكنْ تواجهها تحدياتٌ كبيرة أبرزُها هشاشة البنية التحتية في قطاع الطاقة، “وقدرتها على ضمان توفير إمدادات الكهرباء منتظمة لأكثر من بضع ساعات في اليوم”.
وأكّد أن الخيارات المتاحة أمام دمشق محدودة، موضحاً أنه “رغم وجود اتفاق مع الأكراد الذين يسيطرون على حقول النفط في شمال شرق البلاد لتزويد الحكومة بالنفط، فإنّ التفاصيل غير واضحة ولن يحل ذلك مشكلة تفاقم أزمة الطاقة.
وأشار هراري إلى أنّ الأردن يمتلك مصلحة واضحة في استقرار سورية، وحصل على إذن من الولايات المتحدة لتزويد دمشق بـ250 ميغاواط من الكهرباء، وسيكون نقل الغاز الإسرائيلي عبر الأردن ومصر مكسباً للسوريين وإسرائيل بالطبع، وفق زعمه.
ووفقاً لتقرير نشرته وكالة “رويترز” في 13 مارس 2025، ستموّل دول خليجية شراء الغاز المُسال لصالح سورية، وسيُورّد عبر ميناء العقبة في الأردن، وهي خطوة حصلت على موافقة البيت الأبيض الأميركي.
لكن المشكلة تكمن في أن تدفق الغاز عبر أنبوب الخط العربي يجري باتجاه واحد فحسب، من الشمال إلى الجنوب، إذ إنّ طبيعة البنية التحتية لخطوط الأنابيب في الأردن ستؤدي إلى توجيه الغاز نحو مصر، وبالتالي فإنّ مصدر الغاز الذي سيصل إلى سورية سيكون في الواقع من إسرائيل، وأشارت الوكالة إلى أنّ هذا يعني أن الغاز الإسرائيلي قد يجد طريقه إلى دمشق، وربما في المستقبل إلى لبنان أيضاً.
نفط الأكراد لا يكفي
وقال محللون اقتصاديون لوكالة “أسوشييتد برس”، في 28 مارس الماضي، إنّ نحو 85% من إنتاج سورية النفطي يتركز في المناطق الشمالية الشرقية التي يسيطر عليها الأكراد، وحقول النفط تضرّرت بشدة جراء الصراع طوال الفترة الماضية، ما يجعل الاعتماد عليها وحدها لتوفير الطاقة اللازمة أمراً صعباً.
وكانت سورية تصدر النفط الخام من هذه الأبار مقابل النفط المكرّر لتعزيز الإنتاج المحلي، لكنّ هذه الحقول النفطية تضرّرت بشدة حين سقطت في أيدي تنظيم “داعش” بين عامي 2014 و2017، ثم سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بقيادة الأكراد، بدعم من واشنطن، على حقول النفط، بعيداً عن سيطرة الحكومة المركزية في دمشق.
ووقعت حكومة دمشق اتفاقاً مع الإدارة الذاتية (الكردية) لتزويد سورية بنحو 15 ألف برميل (من النفط الخام)، ومليون متر مكعب من الغاز للاستخدام المنزلي والاحتياجات الأساسية، بعد أقل من شهر على توقيع اتفاق بين قائد “قسد” والرئيس السوري أحمد الشرع، من أجل دمج القوات الكردية ضمن الجيش السوري الجديد، لكنّ خبراء يرون أن هذا لا يكفي لحل أزمة الطاقة في سورية.
وتعاني سورية نقصاً حاداً في الكهرباء، إذ لا تتوفر الكهرباء الحكومية إلّا لساعتين أو ثلاث ساعات يومياً في معظم المناطق بسبب تضرر شبكة الكهرباء ونقص الطاقة معاً.
وكانت دمشق تحصل على الجزء الأكبر من نفطها لتوليد الطاقة من إيران، لكنّ الإمدادات انقطعت منذ أن قادت هيئة تحرير الشام الإسلامية عملية إطاحة الرئيس المخلوع بشار الأسد، المتحالف مع طهران في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
العربي الجديد
—————————–
بعد التوتر في سوريا.. هل تستجيب تركيا وإسرائيل لعرض ترامب؟
ضياء عودة – إسطنبول
09 أبريل 2025
هذا الأسبوع ومن داخل البيت الأبيض طرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب نفسه كوسيط بين إسرائيل وتركيا في سوريا، وذلك بهدف خفض التوتر وإبعاد خطر المواجهة بينهما على الساحة السورية، فما الذي يمكن أن تشكله هكذا خطوة؟ وما الأصداء التي انعكست عنها؟ وهل من أية مؤشرات عن المشهد الذي قد ترسمه على أرض الواقع؟
وأبدى ترامب موقفه خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي في البيت الأبيض، إذ قال أمام الصحفيين موجها كلماته لبنيامين نتانياهو: “أعتقد أنني أستطيع حل أي مشكلة لديكم مع تركيا”.
وأردف: “كما تعلم لدي علاقة جيدة جدا مع تركيا ومع زعيمها (رجب طيب إردوغان)، وأعتقد أننا سنتمكن من حلها. لذا آمل ألا تكون هذه مشكلة. لا أعتقد أنها ستكون مشكلة”.
الرئيس الأميركي أكد أيضا أنه يتمتع بعلاقات “رائعة” مع نظيره التركي، واصفا إياه بأنه “رجل قوي، وذكي للغاية، وقد فعل شيئا لم يتمكن أحد من فعله”، في إشارة إلى دور تركيا في إسقاط نظام الأسد و”أخذ سوريا”، على حد تعبيره.
ورغم أن كلا من ترامب ونتانياهو ناقشا ملفات بارزة وهامة أخرى، من قبيل المسار المتعلق بالمفاوضات مع إيران والحرب في غزة وقضية الرسوم الجمركية، نظر مراقبون إلى ما تطرق إليه الاثنان بشأن سوريا وتركيا بعين الأهمية، وذلك بناء على التوقيت.
وجاء طرح الوساطة من جانب ترامب بين تركيا وإسرائيل في وقت كان المشهد بين الطرفين في سوريا يسير باتجاه التصعيد. وهذا التصعيد فرضته رسائل تحذيرية جاءت بصيغة ضربات نفذها الجيش الإسرائيلي داخل سوريا، وقيل إنها استهدفت مواقع وقواعد عسكرية تنوي تركيا التمركز بها، بناء على اتفاق وتفاهمات مع دمشق.
ما أصداء الوساطة؟
على المستوى الرسمي في تركيا لم يصدر أي تعليق على ما طرحه الرئيس الأميركي ترامب (الوساطة)، دون أن يشمل ذلك التقارير التي نشرتها وسائل إعلام مقربة من الحكومة، إذ حملت في غالبيتها نبرة إيجابية على اعتبار أن نتانياهو “لم يحصل على ما يريد من الرئيس الأميركي”.
وركزت وسائل إعلام تركية أخرى، بينها “حرييت” و”صباح”، على العلاقة القوية التي تربط كل من إردوغان وترامب، واعتبرتها نقطة انطلاق لتوافق أكبر في عدة ملفات إقليمية ودولية، بينها سوريا.
وفي حين وضعت وسائل إعلام إسرائيلية، خلال اليومين الماضيين، ما تم التطرق إليه حول علاقة تركيا بإسرائيل في سوريا كجزء صغير من قائمة الملفات الأوسع التي ناقشها ترامب ونتانياهو اعتبرت في المقابل أن الأخير”عاد خالي الوفاض من البيت الأبيض”، على حد وصف صحيفة “يديعوت أحرنوت”، يوم الثلاثاء.
ولم يتطرق ترامب بدقة إلى الشكل الذي ستكون عليه الوساطة بين تركيا وإسرائيل في سوريا، ومع ذلك وبمجرد دخوله على الخط بينهما يكون قد أسس لمشهد جديد لا يعرف ما إذا كانت تفاصيله ستترجم فورا على أرض الواقع أم لا، وفق مراقبين.
ويعتقد الباحث الأميركي في شؤون الشرق الأوسط، راين بوهل أن “ترامب يحاول مجددا لعب دور صانع السلام”، إذ يُعتبر ذلك “جزءا لا يتجزأ من إرثه كرئيس لولاية ثانية”.
ويدرك ترامب أيضا، بحسب حديث الباحث لموقع “الحرة” أن أي تصعيد بين شريك في الناتو (تركيا) وحليف من خارجه “سيشكل خطرا بالغا على استراتيجية أميركا الإقليمية، ووحدتها في مواجهة إيران”.
“الموقف الأميركي مهم جدا في القضية المتعلقة بتركيا وإسرائيل في سوريا، لكن حتى الآن لا يعرف ما إذا كانت هناك خطوات فعلية لتقريب وجهات النظر بين الطرفين”، يضيف الباحث السياسي الإسرائيلي يوآف شتيرن.
ويرى شتيرن في حديثه لموقع “الحرة” أنه لا يمكن استشراف الخطوات التي قد تعكسها الوساطة الأميركية، وخاصة أن “الأمور في بدايتها وتحتاج لاهتمام ترامب المنشغل في أمور وملفات عديدة”.
“خيار صعب.. لكنه وحيد”
وتُعتبر تركيا في الوقت الحالي أبرز حلفاء الإدارة السورية الجديدة، التي يرأسها أحمد الشرع، وفي ذات الوقت هي حليفة الولايات المتحدة الأميركية في حلف شمال الأطلسي (الناتو).
في المقابل تنظر إسرائيل، حليفة الولايات المتحدة من خارج “الناتو”، للإدارة السورية الجديدة في دمشق كـ”تهديد”، وبالإضافة إلى ذلك تقول إنها ستمنع أي تمركز قد يهدد حرية عملها الجوي في سوريا، في إشارة إلى تركيا.
ويوضح الباحث في الشأن التركي والعلاقات الدولية، محمود علوش أن “الولايات المتحدة لديها تأثير كبير على السياسات التركية والإسرائيلية في سوريا، ولا يُمكن لأي من تركيا وإسرائيل تجاهل هذا التأثير بالمُطلق”.
ويقول علوش لموقع “الحرة” إن “ظروف التوافق بين إسرائيل وتركيا صعبة، لكن تبقى الخيار الوحيد المطروح على الطاولة. ليس فقط بالنسبة لإسرائيل وتركيا ولترامب”.
الباحث يشير من جانب آخر إلى المحادثات التي تجريها تركيا وإسرائيل بالفعل لإنشاء آلية تمنع وقوع اشتباك بينهما، ويضيف أنه وفي حال نجحت هذه الآلية “ستمهد الظروف للمستوى السياسي للتوافق على وضع يدير مصالحهما المتناقضة على المدى البعيد”.
ولا تتأثر قنوات التواصل العسكري والاستخباراتي بين البلدين في العادة بالتوترات السياسية، وتنشط بشكل أكبر في مثل هذه الظروف ووظيفتها في سوريا حاليا إدارة المخاطر الفورية، بحسب الباحث.
ولا تعتبر الضربات المتزايدة التي تنفذها إسرائيل في سوريا على القواعد والمطارات التي يعتقد أن تركيا ستتمركز بها بموجب اتفاق مع دمشق المسار الوحيد الذي يسير عليه الجيش الإسرائيلي في سوريا.
على مدى الأشهر الثلاثة الماضية نفذ الجيش الإسرائيلي سلسلة توغلات في جنوب سوريا. وبينما شدد لأكثر من مرة على هدفه المتعلق بنزع السلاح في جنوب سوريا أضاف قبل أيام هدفا آخر يتعلق بمنع أي تهديد على حرية العمل الإسرائيلية، بمعنى أنه يريد ضمان الأرض والجو في آن واحد.
ويقول الباحث شتيرن إن “إسرائيل تواصل توجيه الضربات في سوريا على منشآت عسكرية، خوفا من أن تستولي عليها أو تتمركز بها تركيا”.
ويضيف أن “الوساطة التي عرضها ترامب لا يعرف اتجاهها حتى الآن”، وأن “عملية ترجمتها ستكون مبنية على ما يجري على الأرض من تطورات”.
“منظور شرق أوسطي”
وعبّر شتيرن عن تفاؤله لاحتواء الخلافات بين تركيا وإسرائيل في سوريا، في وقت طرح سؤالا مفتوحا بقوله: “هل سيكون لترامب الوقت الكافي ليستثمره في هذه القضية؟”.
وكان الباحث الإسرائيلي يقصد الملفات التي تولي لها واشنطن أهمية أكبر، مثل المفاوضات مع إيران والحرب في غزة، وتابع: “ملف سوريا سيكون في آخر قائمة المهام التي من المقرر أن تناقشها الإدارة الأميركية”.
وبدوره أوضح الباحث الأميركي راين بوهل أن “سياسة ترامب في سوريا الآن هي سياسةٌ يسعى فيها إلى خروج القوات الأميركية من البلاد، وتحويلها إلى دولةٍ محايدة، إن لم تكن موالية لأميركا”.
لكن ليس من الواضح مدى رغبته في استخدام نفوذ أميركا بقواتها على الأرض هناك لتشكيل هذه النتيجة، وفقا للباحث الأميركي.
ويضيف في هذا الصدد أنه في حال استمرت دمشق في إظهار وجهٍ معتدلٍ نسبيا للغرب، فسيزداد احتمال سحب الولايات المتحدة لقواتها والسماح لتركيا وسوريا بتشكيل مرحلة ما بعد الأسد، أما إذا اعتقدت واشنطن أن الحكومة الجديدة تميل إلى الإسلاميين، فستُمكّن الولايات المتحدة إسرائيل من القيام بمزيد من العمل العسكري، و”ستدعم ضمنيا زعزعة استقرار الحكومة المؤقتة”.
ويرى الباحث علوش أن أولويات ترامب في سوريا أصبحت واضحة، وأهمها “توفير ظروف مناسبة لقرار الانسحاب دون قلق من الفراغات المُحتملة”.
ويقول في المقابل إن “مخاطر الصدام التركي الإسرائيلي تُشكل تهديدا كبيرا لاستراتيجية ترامب وآخر ما يرغب به”، وإن “الأميركيين لديهم رهانات عالية على تركيا في سوريا، لمنع ظهور تحديات أمنية وجيوسياسية تُهدد مصالحهم في سوريا، وفي المنطقة انطلاقا منها”.
“ترامب ينظر إلى تركيا من منظور شرق أوسطي قبل سوريا”، يتابع علوش.
ويعتبر أن “تركيا دولة حليفة مُهمة للولايات المتحدة في المنطقة وقادرة على ملء الفراغات”، وأن “الأميركيين يطمحون في نهاية المطاف إلى تشكيل نظام إقليمي جديد يجمع تركيا وإسرائيل”.
“شكوك”
وتركيا هي واحدة من الدول القليلة ذات الأغلبية المسلمة التي تعترف بإسرائيل.
لكن في المقابل تركيا فرضت في أبريل 2024، قيودا على صادرات إلى إسرائيل، شملت 54 منتجا من الحديد والصلب إلى وقود الطائرات.
وقبل حرب غزة كانت العلاقة بين تركيا وإسرائيل تسير على مسار إيجابي.
لكن بعد اندلاع الحرب توترت العلاقة إلى مستوى وصل إلى حد إيقاف التجارة من جانب تركيا، والانخراط في مسارات مناهضة لإسرائيل في الأروقة الدبلوماسية.
ويعتقد الباحث الأميركي بوهل أن “الإسرائيليين سيكبحون جماح أنفسهم في ظل ظروف تصعيدية أكثر، خوفا من زعزعة علاقاتهم مع ترامب”، دون أن يستعبد أن “تدعم إدارة ترامب محاولات إسرائيل السرية لعرقلة تمركز تركيا في سوريا”.
وبينما يميل الباحث أيضا إلى الاعتقاد “بوجود بعض الشكوك داخل الإدارة الأميركية بشأن الدور البنّاء لتركيا في سوريا” يستبعد في المقابل أن يكون لواشنطن “رأي استراتيجي حازم بشأن ما إذا كانت سوريا تميل إلى تركيا أم أنها دولة محايدة ما دامت لا تُشكل تهديدا مباشرا لإسرائيل”.
ضياء عودة
الحرة
———————————-
تركيا تجري محادثات مع إسرائيل لخفض التوترات في شأن سوريا
وزير خارجية أنقرة هاكان فيدان استبعد أن يكون هناك تطبيع للعلاقات مع تل أبيب
الخميس 10 أبريل 2025
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أثناء استقباله من الرئيس السوري الموقت أحمد الشرع في دمشق، الـ13 من مارس 2025 (أ ف ب)
ملخص
قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان “الآن، بينما نقوم بعمليات معينة في سوريا، يتعين أن يكون هناك آلية تفادي صدام في مرحلة معينة مع إسرائيل التي تحلق طائراتها في تلك المنطقة، تماماً كما نفعل مع الأميركيين والروس”.
أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أمس الأربعاء أن بلاده تجري محادثات على المستوى الفني مع إسرائيل لخفض التوترات في شأن سوريا، لكنها لا تتحرك نحو تطبيع العلاقات.
وتعد تركيا من الداعمين الرئيسين لتحالف الفصائل بقيادة إسلاميين في سوريا، الذي تمكن من الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر (كانون الأول) بعد نحو 14 عاماً من الحرب الأهلية.
وأثار النفوذ التركي في سوريا قلق إسرائيل التي شنت غارات جوية وتوغلات برية لإبعاد القوات الحكومية السورية من حدودها.
وقال فيدان لقناة “سي أن أن تورك” التلفزيونية “الآن، بينما نقوم بعمليات معينة في سوريا، يتعين أن يكون هناك آلية تفادي صدام في مرحلة معينة مع إسرائيل التي تحلق طائراتها في تلك المنطقة، تماماً كما نفعل مع الأميركيين والروس”. وأضاف “طبعاً، أنه أمر طبيعي أن يكون هناك اتصالات على المستوى الفني لتأسيس ذلك”.
لكن فيدان استبعد أن يكون هناك تطبيع للعلاقات مع إسرائيل، بخاصة بعد أن تصاعد التوتر بين البلدين على خلفية الحرب التي شنتها إسرائيل على حركة “حماس” في غزة.
وأوقفت تركيا تعاملاتها التجارية مع إسرائيل، واتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بممارسة “إرهاب الدولة” و”الإبادة الجماعية” في غزة، وذلك منذ هجوم “حماس” في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل عام 2023.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب عرض الإثنين التوسط بين إسرائيل وتركيا، بينما كان مجتمعاً إلى حليفه بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، مشيراً إلى “علاقاته الرائعة” مع أردوغان.
—————————-
لماذا حطت طائرة الشرع للمرة الثانية على الأرضية التركية؟!/ صالحة علام
10/4/2025
للمرة الثانية خلال مدة وجيزة تحط طائرة أحمد الشرع رئيس المرحلة الانتقالية بسوريا على الأراضي التركية، هذه المرة في مدينة أنطاليا الواقعة على ساحل البحر المتوسط، للمشاركة في منتداها الدبلوماسي، وفق ما تم الإعلان عنه من الجانبين.
الزيارة التي تأتي على وقع اختراقات إسرائيلية متكررة للعديد من المواقع السورية، خاصة العسكرية بها، التي أصبحت تهدد بشكل مباشر العاصمة دمشق، تشير إلى أن الهدف الحقيقي غير المعلن من توجه الشرع إلى تركيا في هذا التوقيت تحديدا، هو التشاور مع القيادة السياسية التركية حول سبل وقف الاعتداءات الإسرائيلية، ووضع حد لهذه التجاوزات والخروقات التي تهدد الأمن القومي الدولة السورية، وتعرقل مسيرتها باتجاه بناء الجمهورية الجديدة، ووضع اللمسات النهائية لبنود اتفاقية الدفاع المشترك التي سيتم التوقيع عليها بين البلدين، الأمر الذي من شأنه توفير غطاء جوي شامل يؤمن لدمشق دفاعات جوية متطورة قادرة على التصدي للخروقات الإسرائيلية، ووقف هجماتها المستمرة..
خاصة أن هذه الخروقات العدائية الإسرائيلية، التي استخدم فيها العدو الصهيوني سلاحي الجو والمدفعية إلى جانب عمليات التوغل البري، لم تكتف باستهداف مواقع عسكرية، ومعسكرات تدريب، ومخازن عتاد وذخيرة، إنما طالت في طريقها المدنيين، مما أدى إلى مقتل 9 وإصابة 15 آخرين بإصابات متباينة مؤخرا، بمناطق درعا، وحمص، وحماة، والقنيطرة، ودمشق وريفها، إلى جانب الدمار الشامل الذي خلفته بالعديد من المنشآت العسكرية ومُلحقاتها من أبنية ودفاعات، أبرزها مطار حماة العسكري.
تدرك القيادة السياسية التركية جيدا أن العمليات التي يقوم بها جيش الكيان الإسرائيلي لتدمير المواقع العسكرية السورية، وجعلها غير صالحة للاستخدام، تهدف إلى تحقيق أمرين لا ثالث لهما.
أولهما: تحذير أنقرة من خطورة المضي قدما في خططها الرامية إلى إنشاء قواعد عسكرية لها بسوريا، وتحديدا في كل من حمص وحماة التي تم استهدافهما مؤخرا، في إطار التحضيرات الجارية حاليا لوضع البنود الأساسية لمعاهدة الدفاع المشترك المقرر توقيعها بين البلدين، وفق ما صرح به الرئيس أردوغان شخصيا.
وثانيهما: إضعاف القدرات العسكرية عموما للدولة السورية بما يضمن عدم تعرض إسرائيل لأية تهديدات مستقبلية محتملة من جانب دمشق، في ظل وجود قيادة إسلامية جهادية على رأس السلطة بها، لديها قناعاتها الأيديولوجية حول الوجود الصهيوني بالمنطقة.
وبناء على ما تم تسريبه من نصوص تحويها معاهدة الدفاع المشترك بين أنقرة ودمشق، والمزمع الإعلان عنها قريبا، يوجد نص يقضي بتولي تركيا مهمة توفير غطاء جوي وحماية عسكرية، يتم بمقتضاه حفظ أمن وسلامة المجال الجوي لسوريا من أي خروقات مستقبلية، وهو ما تفتقر إليه حاليا الحكومة الجديدة، التي لا تملك نظام دفاع جوي فعال لديه القدرة على التصدي للهجمات التي تتعرض لها من جانب دولة الاحتلال.
تل أبيب لا ترد استبدال الخطر الإيراني الذي طالما سبب لها تهديدا، وأرق مضاجع قياداتها السياسية والعسكرية خلال تمركز الحرس الثوري الإيراني بالعديد من المناطق بسوريا أثناء حكم بشار الأسد، بآخر جهادي، يمتلك من القدرات العسكرية الحربية والبشرية، ما يمكن أن يمثل تهديدا مباشرا على وجودها في المديين المتوسط والبعيد..
خاصة أن القلق لديها زاد بعد ما تم تداوله إعلاميا على لسان مصادر عسكرية تركية مطلعة -لم يتم الكشف عن هويتها- حول نية أنقرة إنشاء قاعدة عسكرية لها في سوريا، بهدف تدريب عناصر الجيش السوري الجديد الذي يتم إنشاؤه تحت إشراف كامل من جانب وزارة الدفاع التركية، وتجهيزه بما يحتاج إليه من معدات عسكرية استراتيجية، وأنظمة دفاع جوي، تلبية لرغبة الحكومة السورية.
لذا جاءت الضربات العسكرية الإسرائيلية لتدمر بعنف 3 مواقع عسكرية سورية عقب زيارة فرق عسكرية واستخباراتية تركية لها، بهدف رصد حالة مدارج الطائرات، وحظائرها، والبنى التحتية بهم، وهي قاعدة تي4، وتدمر الجويتين بحمص، والمطار العسكري بحماة، بالرغم من إعلان أنقرة رسميا أكثر من مرة، وإيصالها رسائل متعددة لطمأنة واشنطن عبر القنوات الدبلوماسية، أن وجودها العسكري وتعاونها مع دمشق في هذا المجال لا يستهدف ولا يمثل تهديدا لأي دولة بالمنطقة بمن فيهم إسرائيل.
وفي أعقاب هذا التحرك، أعرب جدعون ساعر وزير خارجية الكيان الإسرائيلي عن قلق حكومته من التحركات التركية في المنطقة، واصفا ما تقوم به من اتصالات مع كل من لبنان وسوريا والعراق والأردن بـ “الدور السلبي” الذي يستهدف النيل من بلاده.
ليرد عمر شاليك المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم على اتهامات ساعر بالقول:”أن تحركات بلاده لا تستهدف أي طرف، وأنها تأتي في إطار السعي لتعزيز السلام الإقليمي، مؤكدا أن الاعتداءات الإسرائيلية على كل من سوريا ولبنان هي التي تهدد السلام الإقليمي، وتزعزع استقرار المنطقة برمتها..
بينما فضلت الخارجية التركية الرد على اتهامات ساعر ببيان شديد اللهجة أوضحت فيه أن “إسرائيل أصبحت تمثل أكبر تهديد لدول المنطقة، ومصدر دائم لعدم الاستقرار بها، وإحداث الفوضى والإرهاب بخططها التوسعية، وتبنيها للتنظيمات الإرهابية الانفصالية”، مطالبة تل أبيب بالانسحاب الفوري من الأراضي السورية واللبنانية، والتوقف عن سياسة إعاقة الجهود الدولية لإحلال الاستقرار بالمنطقة.
يخطئ من يعتقد أن عمليات إسرائيل العسكرية، وخروقاتها الدائمة للأراضي السورية، وتدميرها للقواعد العسكرية بها، وتمركز عدد من قواتها في القرى الحدودية السورية، واستمالة بعض طوائفها للخروج على السلطة المركزية بدمشق عوامل يمكن أن تجبر تركيا على التراجع عن مواقفها، أو إثنائها عن المضي قدما في تحقيق أهدافها.
ففي ظل التوافق التركي الأمريكي الحالي بشأن التحركات التركية تجاه سوريا، وعزم واشنطن على سحب قواتها من الأراضي السورية، قررت تركيا المضي قدما في تنفيذ أهدافها، وفي تسريع خطواتها باتجاه زيادة حجم وجودها العسكري بسوريا استثمارا للظروف الراهنة.
فما لم يتم الإعلان عنه حتى الآن هو أن وتيرة عمل أنقرة في هذا الملف تزايدت سرعتها، فعناصرها العسكرية والاستخباراتية تعمل بكل جدية لفرض سيطرتها الكاملة على قاعدة “تي4” التي تم تدميرها من جانب الطيران الإسرائيلي، وأنها بدأت فعلا في وضع خطط إصلاحها تمهيدا لتجهيزها بأنظمة دفاع جوي حديث من نوع “حصار”، وأن الخطط التركية التي سيتم تنفيذها قريبا تقضي بتوسيع حجم القاعدة، لإضافة منشآت جديدة لها، حتى يمكن نشر طائرات مسيرة بها، بعضها للمراقبة، وأخرى مسلحة لديها القدرة على تأدية مهمات هجومية طويلة المدى.
وفي تصريحات لمصدر عسكري تركي وفق ما نشره موقع “ميدل إيست آي” أوضح أن بلاده تهدف إلى إقامة نظام دفاع جوي متعدد المهام داخل القاعدة وفي المناطق المحيطة بها، يتمتع بقدرات دفاعية قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى، بهدف التصدي للتهديدات المتعددة التي يمكن أن تتعرض لها الأراضي السورية، سواء من جانب الطائرات المقاتلة أو من الطائرات المسيرة، أو الصواريخ الموجهة.
إضافة إلى معلومات غير مؤكدة تفيد رغبة أنقرة في نشر صواريخ أس -400 الروسية التي يصل مداها إلى 400 كيلومتر، داخل إحدى القواعد الثلاث التي تزمع السيطرة عليها، وأنها تتفاوض حاليا مع روسيا حول هذا الأمر، وهو ما سُيعد في حال حدوثه تهديدا عسكريا مباشرا لدولة الاحتلال.
وهي الخطط التي ستؤمن لتركيا فرض سيطرتها الجوية على المنطقة، ودعم جهودها الرامية لمحاربة فلول عناصر تنظيم الدولة، لإنهاء الحجج التي يسوقها داعمي وجود قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، إلى جانب ردع دولة الاحتلال، وجعلها تفكر مرات عدة قبل اتخاذ أي قرار بشن هجمات جوية على هذه المنطقة، وهو ما تخشاه تل أبيب وتسعى لعرقلته.
المصدر : الجزبرة مباشر
كاتبة وصحفية مصرية مقيمة في تركيا
حاصلة على الماجستير في الاقتصاد.عملت مراسلة للعديد من الصحف والإذاعات والفضائيات العربية من تركيا
———————————
اجتماع تركي- إسرائيلي لإنشاء “آلية تفادي الصدام” في سوريا
الخميس 2025/04/10
كشف المتحدث باسم وزارة الدفاع التركية زكي أكتورك، عن اجتماع فني تركي- إسرائيلي عُقد في أذربيجان، بهدف إنشاء “آلية تفادي الصدام” في سوريا، فيما أكد مصدر سياسي إسرائيلي لوكالة “رويترز”، أن تل أبيب أكدت أن إنشاء قواعد تركية في تدمر، “خط أحمر”.
“آلية تفادي الصدام”
وفي تصريحات للصحافيين، قال أكتورك إن على إسرائيل وقف اعتداءاتها الاستفزازية الهادفة إلى المساس بوحدة الأراضي السورية وزعزعة أمنها واستقرارها في أسرع وقت ممكن، داعياً الاحتلال إلى التصرف وفقاً لمبادئ حسن الجوار والمساهمة في استقرار وأمن سوريا.
وذكر أن إسرائيل تواصل اعتداءاتها على سيادة ووحدة أراضي سوريا، على الرغم من عدم وجود أي تهديد أو هجوم موجه ضدها، ومن خلال ذرائع واهية وغير مبررة، مما يزعزع أمنها واستقرارها، مشدداً على ضرورة “إنهاء الهجمات الاستفزازية فوراً”.
وكشف المتحدث العسكري عن عقد أول اجتماع فني بين تركيا وإسرائيل، أمس الأربعاء، بهدف “إنشاء آلية تفادي الصدام ومنح الحوادث غير المرغوب فيها في سوريا” بين الجانبين.
بدوره، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان، عن إجراء وفد إسرائيلي برئاسة مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي، محادثات مع مسؤولين أتراك في العاصمة الأذربيجانية، باكو.
القواعد خط أحمر
في غضون ذلك، نقلت وكالة “رويترز” عن مصادر في وزارة الدفاع التركية ومصدر إسرائيلي، أن مسؤولين أتراك وإسرائيليين بدأوا محادثات في أذربيجان، بهدف منع وقوع حوادث غير مرغوب فيها في سوريا، حيث تنشط جيوش الجانبين.
وقالت المصادر التركية إن المحادثات الفنية تُمثل بداية الجهود لإنشاء قناة لتجنب الصدامات المحتملة أو سوء الفهم بشأن العمليات العسكرية في المنطقة. وقال أحد المصادر التركية إن الجهود لإنشاء هذه الآلية ستستمر، من دون أي يحدد جدولاً زمنياً.
وقال مصدر سياسي إسرائيلي للوكالة، إن تل أبيب أكدت بشكل واضح خلال الاجتماع، أن “أي تغيير في انتشار القوات الأجنبية في سوريا، خصوصاً إنشاء قواعد تركية في منطقة تدمر (وسط سوريا)، هو خط أحمر وسيعتبر انتهاكاً للقواعد”.
وقالت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية، إن إسرائيل وتركيا تسعيان إلى إنشاء آلية شبيهة بتلك التي كانت قائمة بين الجيش الإسرائيلي والقوات الروسية خلال حكم نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، مشيرةً إلى أن المحادثات لا تزال في مراحل أولية.
وذكرت تقارير إسرائيلية أن الآلية المزمعة تتضمن “قناة اتصال مباشرة بين الجيشين، بحيث تُتيح تنسيقاً مسبقاً وتفادي وقوع مواجهات ميدانية، عبر إجراء اتصالات بين الطرفين قبل تنفيذ عمليات في مناطق حساسة، وفق نموذج التنسيق الذي جرى العمل به سابقًا مع روسيا”.
اتصالات فنية
وأمس الأربعاء، قال وزير الخارجية التركية هاكان فيدان في مقابلة متلفزة، إن هناك اتصالات فنية مع إسرائيل لمنع سوء الفهم بين العناصر المقاتلة، موضحاً أن هذه الاتصالات الفنية تتم بشكل مباشر عند الضرورة، على ما نقلت وكالة “الأناضول”.
وحول وجود محادثات مع إسرائيل، قال فيدان: “أثناء القيام بعمليات معينة في سوريا سواء جواً أو بطرق أخرى، لا بد من وجود آلية لعدم التصادم مع إسرائيل التي تسيّر طائراتها في المنطقة، تماماً كما نفعل مع الأميركيين والروس”.
وأوضح أن العمل على هذا الأمر “جرى مكثف مع الروس، كانت لدينا آلية لمنع التصادم عندما كان الروس أكثر نشاطًا، ثم لاحقاً مع الأمريكيين والإيرانيين، مشدداً على أن إسرائيل “بحاجة بالفعل إلى أن تنضم إلى هذه الآلية في مرحلة ما، ومن الطبيعي أن يكون هناك اتصالات فنية لضمان ذلك”.
————————
المرجعيات الدينية والفصائل في السويداء/ سامر دانون
تأييد اللامركزية ورفض التقسيم… و”حماية الدروز”
آخر تحديث 09 أبريل 2025
لطالما كانت محافظة السويداء جزءا فاعلا في المشاريع الوطنية الكبرى التي شهدها التاريخ السوري الحديث، حيث تميزت النخبة الدرزية بميلٍ قوي نحو الاندماج في إطار الدولة الوطنية، بعيدا عن النزعات الانفصالية. تجسد هذا الميل في مراحل مفصلية، بدءا من مقاومة الاحتلال العثماني والمشاركة في الثورة العربية الكبرى ثم السورية الكبرى بقيادة سلطان الأطرش، مرورا بمشروع الدولة الدستورية بعد الاستقلال، وصولا إلى الانخراط في المشروع القومي الناصري. كانت هذه المشاريع ذات الطابع العمومي، البيئة التي وجد فيها الدروز أنفسهم،جزءا من الكيان الوطني السوري.
إلا أن التحولات السياسية التي شهدتها سوريا بعد سقوط نظام الأسد أفرزت حالة من الغموض والتوتر داخل السويداء، انعكست في تباين مواقف المرجعيات الروحية، والزعامات التقليدية، والفصائل المسلحة، والقوى السياسية والمدنية تجاه الإدارة السورية الجديدة. لم يكن هذا التباين وليد اللحظة، بل تغذى بعوامل متعددة، أبرزها السياسات الحكومية الجديدة التي شملت قرارات التعيين وعمليات التسريح والفصل التي طالت الآلاف من موظفي القطاع العام، في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية واستمرار الأزمات الاقتصادية والمعيشية والخدمية دون أي تحسن ملموس.
إلى جانب هذه العوامل الداخلية، كان للأحداث التي شهدها الساحل السوري أثر عميق في تشكيل مواقف فئات واسعة من أهالي السويداء. إلى جانب أعمال العنف التي شهدها الساحل السوري بين مقاتلين مرتبطين بالحكومة السورية الجديدة وقوات موالية للرئيس المخلوع بشار الأسد، وما رافقها من انتهاكات ضد المدنيين، وجرائم قتل ذات صبغة طائفية ضد العلويين، أثارت هذه الأحداث لدى الدروز قلقا وجوديا حقيقيا، مما زاد من توترهم حيال مستقبلهم واستقرارهم.
وبالإضافة إلى هذه العوامل، فقد جاء الإعلان الدستوري مخيبا لآمال البعض، ما عمق حالة القلق داخل السويداء- التي تشهد حراكا مدنيا وسياسيا يشي بذلك، في ظل غياب رؤية وطنية جامعة قادرة على استيعاب المكونات المختلفة ضمن مشروع يوحّد السوريين، ويحد من تعميق الاستقطابات القائمة.
في هذا السياق، برز البُعد الإقليمي والدولي كعامل إضافي في تعقيد المشهد، لا سيما فيما يتعلق بالدور الإسرائيلي. إذ كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مخطط إسرائيلي يستهدف تقسيم سوريا بما يخدم المصالح الإسرائيلية في المنطقة، وهو ما يتماشى مع استراتيجيات تل أبيب في إضعاف الدولة السورية ومنع قيام أي كيان مركزي قوي قد يشكّل تهديدا مستقبليا.
التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي أشار فيها إلى استعداد إسرائيل لـ”حماية الدروز” في٤ حال تعرضهم للتهديد من قبل الإدارة السورية الجديدة، أثارت موجة من الجدل داخل السويداء وخارجها. فقد ساهمت هذه التصريحات في إذكاء حملة تجييش وتخوين غير مسبوقة ضد الدروز، حيث جرى تصويرهم كأنهم طرف في معادلة إقليمية لا تمثل بالضرورة خياراتهم الوطنية. هذا الأمر عزّز حالة الحذر داخل السويداء، وأعاد إلى الواجهة المخاوف من استغلال قضيتهم كورقة سياسية ضمن الصراع الإقليمي والدولي حول مستقبل سوريا.
بينما تتجه السويداء نحو مزيد من الغموض السياسي، تبقى الأسئلة حول مستقبلها مفتوحة: هل ستتمكن من الحفاظ على استقلالية قرارها السياسي وسط هذه التعقيدات؟ وما هو الموقف الحقيقي لزعاماتها الروحية والعسكرية من مشاريع الحكم المحلي، سواء كانت لامركزية إدارية أم فيدرالية؟ وكيف ستتفاعل مع المتغيرات الإقليمية التي تضعها مجددا في دائرة الضوء؟
المرجعيات الروحية في السويداء
في مجتمع السويداء كما في المجتمعات التقليدية، يلعب رجال الدين دورا محوريا في تشكيل الوعي الاجتماعي والسياسي. فالمجتمعات العربية والإسلامية بشكل عام تعتمد في بنيتها وثقافتها على مؤسسات دينية تعتبر ركيزة أساسية للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والإحساس بالهوية. وبالتالي، فإن رجال الدين يشكلون شريحة هامة من حوامل هذا المجتمع، ويُعَتَبر دورهم في حياة الناس لا غنى عنه.
على مر التاريخ، كان لرجال الدين في السويداء دور بارز في التصدي للاحتلالات والاستبداد، حيث كانوا في طليعة النضال ضد الاستعمار العثماني والفرنسي، وكان لهم تأثير كبير في تعزيز روح المقاومة والوحدة الوطنية.
إلا أن هذا الدور لم يخلُ من تحديات وخلافات داخلية، حيث كانت السلطات السياسية المتعاقبة تحاول الاستفادة من التوترات بين المرجعيات الروحية لتقويض أي محاولة لتشكيل قوة موازية تهدد هيمنتها. فعملت سلطة نظام الأسد على استمالة الدروز كأقلية عبر تعزيز علاقتها بمشيخة عقل الطائفة، التي تضم ثلاثة شيوخ بارزين: الرئيس الروحي حكمت الهجري، ويوسف جربوع، وحمود الحناوي.
في الوقت نفسه، حرصت على أن تكون هذه الهيئة غير منسجمة أو متماسكة في قراراتها، خوفا من أي تحولات قد تهدد سلطتها أو تقود إلى انقلاب داخلي عليها. هذا التلاعب السياسي كان وما زال عاملا مهماً في تعزيز الخلافات ضمن الهيئة الروحية، في ظل تهميش الحوامل السياسية والمدنية التي لم تبلغ بعد مرحلة الحداثة. لذلك، يبقى دور رجال الدين في المجتمع حاسما في توجيه الأحداث وبلورة المواقف، وهو ما نراه جليا اليوم من خلال تأثيرهم في الساحة السياسية والاجتماعية.
المرجعيات والإدارة الجديدة
تتفق المرجعيات الروحية في السويداء على ضرورة الانضواء تحت مشروع دولة وطنية جامعة، حيث تعتبر الدولة المظلة التي يجب أن تضم جميع المواطنين السوريين دون استثناء. هذا التوجه يعكس إيمانا مشتركا بوحدة الوطن وأهمية بناء مستقبل سياسي شامل يضمن الحقوق والمساواة لجميع المكونات الطائفية والعرقية في سوريا. ورغم التوافق على هذا المبدأ، فإن هناك اختلافا في وجهات النظر حول التوقيت المناسب للانخراط في هذا المشروع، يرتبط ذلك بمدى توفر الضمانات أو المؤشرات التي تؤكد جدية بناء دولة وطنية جامعة.
يرى الشيخ حكمت الهجري أن السلطة السورية الحالية “تحمل طابعا سلفيا جهاديا يثير قلق الأقليات” بما في ذلك الدروز، الذين يخشون أن يشكل هذا التوجه تهديدا خطيرا لهم في سوريا. ومن هنا، يدعو الهجري إلى ضرورة التريث حتى تتضح الصورة السياسية في البلاد وتُرسى أسسا دستورية شاملة تستند إلى مبادئ أساسية مثل المواطنة والديمقراطية. وقد وصف الإعلان الدستوري، الذي جاء وفقا لتخوفاته، بأنه غير منطقي.
يحض الشيخ الهجري السوريين على تشكيل تيار مغاير لهذا الخط السياسي للإدارة الحالية بحيث يكون قائما على مبادئ الدولة الحديثة (دولة المواطنة المتساوية) وبناء سوريا على أسس وطنية جامعة تشمل جميع مكوناتها. ويرى أنه يجب أن تظل الجهود منصبة على إيجاد توافقات تسمح بتطوير العملية السياسية في سوريا بما يحقق العدالة والمساواة لجميع أطياف الشعب السوري، بعيدا عن أي تدخلات خارجية قد تسعى إلى تفتيت البلاد.
في المقابل، يرى كل من الشيخ يوسف جربوع والشيخ حمود الحناوي أنه يجب الانخراط في مشروع الدولة بشكل فوري، شرط أن تتوافر بعض الضمانات الأساسية التي تضمن العدالة والمساواة في سوريا. هذا الاختلاف بينهما وبين الشيخ الهجري ينبع من التحديات السياسية الحالية في سوريا، والتي تتطلب مواقف مرنة تتناسب مع تطور الأحداث السياسية.
الموقف من التدخل الإسرائيلي
وفيما يتعلق بتصريحات إسرائيل حول حماية الدروز، ففي حديثين منفصلين لقناة “العربية” أكد الشيخان يوسف جربوع وحمود الحناوي، موقفهما الرافض لتلك التصريحات حيث جاء على لسان الشيخ الحناوي، أن “نحن وطنيون ولن نساوم على القضية الوطنية”، مشددا على أنه “لم يسبق أن مددنا أيادينا لأيادٍ أجنبية”. هذا التصريح يعكس رفض الهيئة الروحية لأي تدخل خارجي، بما في ذلك التدخل الإسرائيلي الذي يسعى لاستغلال التنوع العرقي والطائفي في سوريا لزرع الفتنة بين مكوناتها. وأضاف الحناوي في تأكيده على هذا الموقف: “نحن سوريون شئنا أم أبينا، فلا أحد يمكنه أن يملي علينا، ونحن لا نسمح لأي إنسان أن يعتدي علينا”.
وفي هذا السياق، يبدي الهجري موقفا محايدا تجاه تلك التصريحات؛ ويقول: “إنها لعبة وتوافقات دولية ويجب أن ينصب تركيز الجهود على معالجة الوضع الداخلي لتحقيق الاستقرار في سوريا عامة”.
الفصائل المسلحة ومواقفها
تشهد السويداء تنوعا في الفصائل المسلحة، منها ما تشكل قبل سقوط النظام، ومنها ما ظهر بعده. وتختلف هذه الفصائل في مواقفها وعلاقاتها وفقا لعدة عوامل، أبرزها ارتباطها بالمرجعيات الدينية، وموقفها من الإدارة السورية الجديدة، ورؤيتها للإدارة المحلية، ومدى تأثرها بالتصريحات الإسرائيلية حول دعم الدروز. ومن الجدير بالذكر أن مواقف هذه الفصائل وتحالفاتها شهدت تغيرات دراماتيكية ومتسارعة، متأثرة بالتطورات الميدانية والتغيرات السياسية التي أعقبت سقوط النظام.
ويمكن تصنيف هذه الفصائل إلى مجموعتين استنادا إلى محددات مواقفها وعلاقتها مع المرجعيات الدينية، والسلطة الجديدة، والإدارة المحلية، والتصريحات الإسرائيلية بـ”حماية الدروز”.
المجموعة الأولى: تضم حركة “رجال الكرامة”، و”لواء الجبل”، و”تجمع أحرار الجبل”، و”مضافة الكرامة”، و”كتيبة سلطان الأطرش”.
تحافظ هذه الفصائل على علاقات جيدة مع المرجعيات التقليدية، مثل الباشا عاطف هنيدي، والأمير حسن الأطرش، والشيخ حمود الحناوي، والشيخ يوسف جربوع. أما علاقتها مع الشيخ حكمت الهجري، فتمر أحيانا بتجاذبات، لكنها لا تصل إلى مستوى الصدام، إذ تلتزم بدعمه عند الضرورة.
وفيما يتعلق بالسلطة الجديدة، لا تمانع هذه الفصائل في التواصل معها، بشرط عدم دخول عناصر تابعة للهيئة أو القوى المتشددة. كما ترحب بالدعم اللوجستي، بما في ذلك الرواتب والآليات، لكنها تشترط أن يكون الاعتماد بالكامل على كوادر محلية في الضابطة العدلية والأمن العام.
ولا تسعى هذه الفصائل إلى إقامة أي شكل من الإدارة الذاتية أو الفيدرالية، بل تؤكد أن دورها يقتصر على حفظ أمن الجبل، نظرا لعدم ثقتها بالعناصر التي تشكل الجيش الجديد والأجهزة الأمنية.
أما فيما يتعلق بمواقفها من التصريحات الإسرائيلية حول “دعم الدروز”، فهي تعتبر نفسها غير معنية بها، سواء سلبا أو إيجابا، وتؤكد أن موقفها يجب أن يظل خارج الصفقات الإقليمية والدولية.
المجموعة الثانية: تضم “المجلس العسكري” وهو القوة الحديثة والأكثر تنظيما، ويتبنى مشروعا عسكريا يقوم على مأسسة وتوحيد الفصائل العسكرية بالمحافظة والذي يعلن دعمه لمواقف الهجري، وتشمل الفصائل المرتبطة به “قوات العليا”، و”سرايا الجبل”، و”قوات شيخ الكرامة”، و”فزعة شباب الجبل”، و”درع الجبل”، و”جيش التوحيد”.
هذه الفصائل ترفض التنسيق مع السلطة الجديدة، معتبرة إياها ذات فكر متطرف، كما أنها لا تعترف بشرعيتها. وتتخذ موقفا سياسيا أكثر وضوحا، حيث تطالب بنظام فيدرالي كحل سياسي لسوريا. أما فيما يتعلق بالتصريحات الإسرائيلية حول “دعم الدروز”، فلا تمتلك هذه الفصائل موقفا معلنا، سواء بالتأييد أو الرفض.
إلا أنه رغم الاختلافات السياسية والعسكرية، تتفق جميع الفصائل على الوقوف صفا واحدا في حال تعرض السويداء لأي تهديد عسكري خارجي، مما يعكس أولوية الحفاظ على أمن الجبل واستقراره فوق أي خلافات داخلية.
يذكر أن فصيل “تجمع عشائر السنة”، الذي يتألف من البدو السنة في محافظة السويداء، مؤيد بالكامل للإدارة الجديدة.
بين تحديات الداخل والإقليم
تشكل السويداء نموذجا حيا للتنوع والتباين في المشهد السوري الجديد، حيث تواصل معظم القوى السياسية والثورية والمدنية الدعوة إلى وحدة وطنية شاملة تضم جميع المكونات، وتتباين مواقف قوى أخرى بين دعم التواصل مع الإدارة الجديدة ومعارضتها، وفقا لمعايير سياسية وأمنية متأثرة بالتجارب والخلفيات المختلفة. وفي ظل التدخلات الخارجية والمخططات الإسرائيلية التي تسعى إلى استغلال القضية الدرزية لتحقيق أهداف جيوسياسية، يظل التساؤل مطروحا حول كيفية ضمان مستقبل مستقل وآمن للسويداء.
إن تحقيق الوحدة الوطنية يتطلب رؤية شاملة وحلولا وسطية تضمن استقرار البلاد، مع التأكيد على الشراكة والشمولية وتجنب الإقصاء، إذ إن أي تهميش قد يوفر ذريعة للمشاريع الإسرائيلية وغيرها من التدخلات الخارجية. ويظهر أبناء السويداء توجها متزايدا نحو رفض المركزية الإدارية والميل إلى نظام أكثر لامركزية، يتيح لهم تمثيل أنفسهم بشكل أفضل والمشاركة الفاعلة في صياغة مستقبلهم.
ومع تعقيد المشهد، تبقى المسؤولية على عاتق صانعي القرار لإيجاد توافقات توازن بين متطلبات الأمن والاندماج الوطني من جهة، وحق أبناء السويداء في إدارة شؤونهم والمشاركة الفاعلة.
المجلة
———————
إجماع دولي في مجلس الأمن يرفض الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا
2025.04.10
أدانت الأمم المتحدة وعدد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، خلال جلسة عقدت اليوم الخميس، الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، واعتبروها انتهاكا صارخا للاتفاقيات الدولية وللسيادة السورية، وسط دعوات لوقف فوري للتصعيد واحترام اتفاق فض الاشتباك في الجولان.
وأكدت الأمم المتحدة أن إسرائيل شنت هجمات جوية متكررة في دمشق وحماة وحمص، إلى جانب هجمات برية أدت إلى مقتل تسعة مدنيين. واعتبر وكيل الأمين العام لعمليات السلام أن “وجود الجيش الإسرائيلي في سوريا يهدد الاستقرار”، مضيفا أن قوات الاحتلال تحتل مواقع في المنطقة العازلة وعلى مقربة من الحدود.
وقال المسؤول الأممي إن قوات “أندوف” الدولية تواصل مراقبة الحدود السورية الإسرائيلية، وتجري اجتماعات تشاورية حول ما قد يهدد الوضع القائم. وأضاف: “رصدنا تحركات لقوات الاحتلال داخل المنطقة العازلة، ونتواصل مع السلطات السورية الجديدة وإسرائيل”، مشددًا على “ضرورة تعزيز الرقابة الدولية في المنطقة وعدم السماح بوجود أي قوات عسكرية فيها”.
وطالبت الأمم المتحدة بوقف القيود التي يفرضها جيش الاحتلال على حركة السكان في الجولان، ووصفت خطط الاحتلال للبقاء في سوريا بأنها تتعارض مع الاتفاقيات الدولية.
في السياق ذاته، قال مندوب الجزائر في الأمم المتحدة إن الغارات الإسرائيلية “تمثل انتهاكا واضحا للقانون الدولي وتسببت في سقوط ضحايا مدنيين”، داعيا إلى “انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي السورية وضمان احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها”. وأضاف: “سوريا لم تهدد إسرائيل ولا تهاجم حدودها، وندعو إلى وقف فوري للهجمات واحترام اتفاق فض الاشتباك ورفع العقوبات”.
وشدد مندوب الصين على أن إسرائيل “تجاهلت اعتراض الأسرة الدولية”، وطالب بإنهاء الاعتداءات والانسحاب الفوري من الأراضي السورية. كما وصف مندوب باكستان الهجمات الإسرائيلية بأنها “انتهاك فاضح للقانون الدولي” واعتبر أنها “تقوض جهود السلام وتمس بسيادة سوريا ووحدتها”.
وقالت مندوبة أميركا في مجلس الأمن إن بلادها “تشارك إسرائيل قلقها من أن تتحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب”، لكنها رحبت بإعلان تركيا وإسرائيل عزمهما على تجنب التصعيد، وأكدت: “سنحكم على أفعال النظام السوري لا أقواله”.
وكشف مندوب روسيا أن دولة الاحتلال نفذت أكثر من 700 هجوم على سوريا منذ تغيير السلطة، واعتبر أن “ما تفعله إسرائيل يمثل انتهاكا صارخا لسيادة سوريا وسلامة أراضيها”، داعيا إلى “دعم المرحلة الانتقالية ورفض الحلول المفروضة من الخارج”.
ورحبت مندوبة بريطانيا بتشكيل الحكومة السورية الجديدة، لكنها رأت أن “الضربات الإسرائيلية تهدد فرصة تحقيق الاستقرار”. واعتبر مندوب فرنسا أن “سوريا بدأت عملية انتقالية تاريخية، وأي محاولة لتجزئة البلاد لا تصب في مصلحة أحد”.
————————-
سياسة استفزاز ممنهجة.. تصعيد الاحتلال في جنوب سوريا يشعل الغضب الشعبي
10 أبريل 2025
شهدت محافظة درعا في جنوب سوريا، الأسبوع الماضي، تصعيدًا خطيرًا في التوتر بين السكان المحليين وجيش الاحتلال في المنطقة العازلة داخل الأراضي السورية المحاذية للجولان المحتل، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن عشرة مدنيين في مدينة نوى جراء قصف مدفعي وغارات جوية نفذها الاحتلال، بحسب تقرير لموقع “واينت” العبري.
وأشار الموقع العبري نقلًا عن مصدر سوري أن المواجهات بدأت، الأربعاء الماضي، عندما دعت مكبرات الصوت في المساجد سكان نوى إلى التصدي لتوغل جيش الاحتلال في المنطقة. فيما قالت مصادر عسكرية إسرائيلية إن جيش الاحتلال تعرض لإطلاق نار من مسلحين ورد عليها باستهداف المهاجمين برًا وجوًا، في عملية وُصفت بأنها “دفاعية”، وفق تعبيرها.
وأضاف “واينت” أنه عقب المواجهات، سادت حالة من الشلل التام مدينة نوى، وانتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد تظهر الشوارع فارغة، بينما أُقيمت مراسم تشييع جماعية في بلدة مجاورة، رُفعت خلالها شعارات غاضبة مناهضة لإسرائيل.
ولفت الموقع العبري إلى أن هذه الحادثة لم تكن الأولى من نوعها، إذ إنه في أواخر آذار/مارس الماضي، وقعت اشتباكات دامية قرب قرية كويا بريف القنيطرة، مما أسفر عن مقتل ما بين خمسة إلى سبعة أشخاص، في حادثة وصفها مراقبون بأنها “نقطة تحول” في مشهد الصراع السوري منذ سقوط نظام الأسد، وتولي أحمد الشرع قيادة المرحلة الانتقالية.
وقالت مصادر محلية في الجنوب السوري لـ”واينت” إن جيش الاحتلال صعّد من تحركاته خلال الأسابيع الأخيرة، خصوصًا في محافظة القنيطرة، حيث قام بتسيير دوريات يومية، بالإضافة إلى نصب حواجز، وتفتيش المدنيين ومصادرة هواتفهم. كما أفاد المصدر بأن جيش الاحتلال مقتل أكثر من 100 رأس من الأغنام، واعتقلت الرعاة لفترة من الوقت، فضلًا عن تضييق الخناق على الوصول إلى الأراضي الزراعية.
وفي سياق متصل، أشار سكان من منطقة سد المنطرة، وهو أحد المتنفسات الطبيعية في القنيطرة، إلى تعرضهم المتكرر لإطلاق النار من مواقع عسكرية إسرائيلية حديثة الإنشاء، فضلًا عن اعتقال بعضهم وتهديدهم بمصادرة ممتلكاتهم إن عادوا إلى المكان.
ويعد السد مصدرًا حيويًا للمياه التي تروي الأراضي الزراعية في درعا والقنيطرة، حيث تمثل الزراعة وتربية المواشي عصب الحياة الاقتصادية في الجنوب السوري، بالإضافة إلى أنه متنفسًا لسكان المنطقة، حيثُ تأتي العائلات بشكل دائم للتنزه واللعب مع أطفالهم قرب السد.
وقال المصدر السوري لـ”واينت” إن جيش الاحتلال توغل لمسافة تصل إلى 15 كم داخل الأراضي السورية، فضلًا عن قتلها نحو عشرة مدنيين بشكل مباشر في نوى دون أي مبرر عسكري واضح، مؤكدًا أن “هذه سياسة استفزاز ممنهجة ضد المدنيين”.
وشدد المصدر السوري على أن توغلات جيش الاحتلال المستمرة، بدءًا من إنشاء طرق، وتنفيذ مداهمات وعمليات عسكرية في عمق الأراضي السورية “تغذي مشاعر العداء لإسرائيل وتدفع السكان نحو المقاومة”.
من جهتها، حذرت الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، كارميت فالنسي، من أن استمرار غياب إطار أمني واضح سيؤدي إلى المزيد من التصعيد. وأكدت أن “مراسم التشييع أصبحت محركًا لتوحيد المشاعر العامة ضد إسرائيل”.
وربطت فالنسي في حديثها لـ”واينت” بين الغضب الشعبي في الجنوب السوري والتضامن مع غزة، قائلة إن هذه المواجهات “تخلق ارتباطًا نفسيًا مباشرًا بين القتلى في درعا والحرب الدائرة في القطاع”.
وأشارت فالنسي إلى أن “هناك رغبة شعبية واسعة لتوحيد سوريا تحت علم واحد، سواء كان النظام إسلاميًا أو سلطويًا. والمجتمع الدولي يدعم هذه الفكرة”، وفق تعبيرها. وأضافت “من المفارقة أن الجهات الوحيدة التي يُعتقد بأنها تستفيد من عدم الاستقرار في سوريا هي إسرائيل وإيران والفصائل المناهضة للأسد”.
—————————-
======================