سقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعنقد ومقالات

عن اتحاد الكتّاب السوريين/ بشير البكر

12 ابريل 2025

جاء دور الكتّاب السوريين، بعد فنّاني الدراما والتشكيليين، ليعيدوا ترتيب شؤون منظّمتهم وفق المرحلة الجديدة. لكن، كما حصل في المرّات السابقة، تدخّلت السلطات الرسمية لتضع بصمتها. وعلى هذا، كلّفت الأمانةُ العامّةُ للشؤون السياسية لجنةً لإدارة مجلس تسيير أعمال اتحاد الكتّاب. وحسب نصّ القرار، اللجنة هيئة انتقالية للإشراف على إعادة هيكلة هذه المؤسّسة، بما يتماشى مع سلسلة حوارات في دمشق، بين ممثّلين عن الاتحاد الرسمي ورابطة الكتّاب السوريين التي تأسّست في عام 2012 خارج سورية من الكتّاب الذين وقفوا في صفّ الثورة، وما يعرف “اتحاد كتّاب سورية الأحرار”، وعدة كتّاب مستقلّين. وحسب ما سرّبه متابعون، ستشهد الخطوة المقبلة دمج الكيانات في جسم واحد، تحت مسمّى اتحاد الكتّاب السوريين.

بانتظار ما ستنتهي إليه الترتيبات والخطوات اللاحقة، هناك أكثر من ملاحظة تطرح نفسها. الأولى حول دور السلطات الرسمية، التي أصدرت قراراً بتكليف لجنة المتابعة. وهي لا تملك هذا الحقّ من حيث المبدأ. ويحدو الكتّاب أملٌ بأن يقتصر دورها هنا على أن تكون مسهّلاً للحوار بين أصحاب الشأن، ومساعدتهم على حلحلة الإشكالات القانونية التي تحرّر مؤسّسة اتحاد الكتّاب من سلطة الدولة، ليعود هيئةً مستقلّةً، يقرّر الكتّاب وحدهم مستقبلها، وهيكليّتها ودورها ونظامها الداخلي. والثانية ألا تخوّل لجنة تسيير الأعمال نفسها صلاحيات التصرّف بما يخصّ المكوّنات القديمة، وأن تترك أمرها لمؤتمر عامّ ينعقد في دمشق، يحضره الكتّاب، من أجل إعادة بناء الاتحاد. والثالثة أن أغلب المعيّنين في اللجنة، ليسوا من الكتّاب السوريين المعروفين بإنتاجهم.

ينتظر الكتّابُ السوريون من السلطات الجديدة ألا تتدخّل في عملية إعادة ترتيب أوضاع مؤسّستهم، على نحو يقطع مع الماضي السيئ، ويفتح صفحةً جديدةً تسمح بإعادة بناء الاتحاد على أسس من الاستقلالية تحترم الكتّاب والكتابة، التي لا يمكن أن تعيش بلا حرّية، شرطها الرئيس عدم تدخّل الأجهزة فيما يخصّ هذا الميدان. وهذا معمولٌ به في شتى الدول التي تقوم على القانون، ولا تتدخّل فيها السلطات في عمل النقابات التي تختصّ بالدفاع عن أعضائها، ورعاية شؤونهم، وتتحمّل الدولة مسؤولية تمويل عمل ونشاط هذه المؤسّسات من المال العام، بوصفها ذات نفع اجتماعي عام.

اتحاد الكتاب ليس كبقيّة ما كانت تُعرف بـ”المنظّمات الشعبية” في عهد النظام البائد، ولم يكن يتبع رسمياً القيادة القُطرية في حزب البعث الحاكم، وتشكّل عام 1969 منظّمةً مستقلّةً. لقد بدأ التدخّل في شؤونه على نحو مكشوف منذ بداية الثمانينيّات، وبحكم تغوّل أجهزة الأمن صارت نشاطاته، من منشورات وفعّاليات، تخضع لرقابة مباشرة، وأدّى ذلك إلى تعقيم فعلي للثقافة، وإلى تعميق الهوّة بين الاتحاد والكتّاب الذين يتحلّون بقدر من الاستقلالية. ومن يدرس الوضع الثقافي في سورية، خلال العقدين السابقين للثورة، يكتشف حالةً من التصحّر الثقافي لم تعرف له سورية مثيلاً. لقد بات متعذّراً وجود كتّاب ذوي قيمة في البلد الذي أنجب جيلاً رائداً في الثقافة العربية؛ زكريا تامر وحنا مينه وعبد السلام العجيلي وغادة السمّان وهاني الراهب ونزار قباني وعمر أبو ريشة وبدوي الجبل ومحمد الماغوط وعلي الجندي وصادق جلال العظيم وجورج طرابيشي وياسين الحافظ… وعشرات من الشعراء والقصّاصين، والروائيين والمفكّرين.

لم يقتصر دور الاتحاد السابق على المشاركة في تجفيف منابع الحياة الثقافية، بل مارس أدواراً في الدفاع عن السلطة، قبل الثورة وبعدها، ولم يتحمّل مسؤولياته النقابية والأخلاقية في الدفاع عن أعضائه الذين انتقدوا النظام وأيّدوا الثورة، وظهر في بعض المواقف رديفاً لأجهزة الأمن، ولعب بعض مسؤوليه أدواراً مشينةً لا تليق بالثقافة والمثقّفين.

العربي الجديد

———————————–

اتحاد الكتّاب العرب” في سورية.. مجلسٌ لتسيير الأعمال

أُعلِن، في دمشق، عن تشكيل مجلسٍ لتسيير أعمال “اتحاد الكتّاب العرب” في سورية، برئاسة الكاتب محمد طه العثمان، ويضمّ في عضويّته كُلّاً من الكُتّاب: محمد منصور، وفدوى العبّود، وجمال الشوفي، ومحمد سعيد العتيق، ومروة حلاوة، ومحمد صارم، ومحمود عسّاف، وحسن عبد الكريم.

وأناط القرار، الذي أصدرته “الأمانة العامة للشؤون السياسية”، بالمجلس المذكور “مهام عمل الاتحاد وفروعه في المحافظات السورية، بما يكفل عمل الاتحاد في المجتمع وبما لا يُخلّ بأهداف وجوده وبما يتماشى مع نصوص القانون”، كما ورد في نصّ القرار.

وكانت الأشهر الماضية قد شهدت سلسلة لقاءات عُقدت، منذ سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بين أعضاء من “رابطة الكُتّاب السوريين” التي تأسست عام 2012 في أعقاب الثورة، و”اتحاد الكتّاب السوريين الأحرار”، و”جمعية النخبة”، بالإضافة إلى أعضاء في “اتحاد الكتّاب العرب”، بهدف الاتفاق على حلّ المكتب التنفيذي وتشكيل جسم جديد خلال المرحلة الانتقالية.

يُشار إلى أنّ “اتحاد الكتّاب العرب” في سورية، قد لعب، منذ تأسيسه عام 1969، دوراً دعائياً تبنّى فيه وبشكل تامّ سرديات السلطة البعثية الحاكمة، كما تحوّل بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011، إلى مجرّد مؤسسة من شأنها إصدار قرارات الفصل بحقّ مُنتسبيها ممَّن أبدَوا أيّة مواقف معارضة لحزب البعث طيلة العقود السابقة.

في المقابل، أثار قرار تشكيل مجلس لتسيير الأعمال انتقادات بعض الكُتّاب والمثقّفين السوريّين، على اعتبار أنّ إقراره ليس من صلاحيات “الأمانة العامة للشؤون السياسية” التابعة لوزارة الخارجية، كما دعا آخرون إلى أنه آن الأوان لتغيير اسم المؤسسة لتُصبح “اتحاد الكُتّاب السوريين”، في محاولة للابتعاد عن التسميات الدارجة خلال حقبة نظام الأسد.

بدورها تقدّمت رئيسة فرع “اتحاد الكتاب العرب” في محافظة السويداء، وجدان أبو محمود، إلى رئيس الاتحاد السابق، محمد الحوراني، باستقالتها، معتبرةً القرار الأخير “فرض وصاية” على مؤسسة نقابية ذات تاريخ عريق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى