دوافع وكواليس الاتفاق بين "قسد" وأحمد الشرعسقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعسياسة

واقع وكواليس الاتفاق بين “قسد” وحكومة الجمهورية العربية السورية مقالات وتحليلات تتحدث يوميا  تحديث 19 نيسان 2025

لمتابعة تفاصيل هذا الملف اتبع الرابط التالي

دوافع وكواليس الاتفاق بين “قسد” وأحمد الشرع

—————————–

سوريا… إلى أين تتجه مهمة مكافحة “داعش”؟/ كارولين روز

تساؤلات حول نظرة إدارة ترمب إلى اتفاق “قسد” ودمشق

18 أبريل 2025

في العاشر من مارس/آذار الماضي، توصلت “قسد” ودمشق، إلى اتفاق مفاجئ مثّل نهاية رمزية لسوريا المجزأة، التي شهدت انقساما على أسس عرقية وطائفية، طوال قرابة أربعة عشر عاما من الصراع الأهلي. نص الاتفاق على دمج شمال شرقي سوريا، الذي يخضع لسيطرة الأكراد، في المشهدين السياسي والأمني السوريين، حيث تُدمج “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) رسميا ضمن القوات المسلحة السورية.

ورغم أن هذا الاتفاق يُعد إنجازا تاريخيا، وخطوة أساسية نحو توحيد سوريا، عقب السقوط السريع لنظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، فإن ما يطرحه من تساؤلات، يفوق ما يقدمه من إجابات. فمن المفترض أن يُطلق هذا الاتفاق، عملية تتضمن إنشاء عدد من اللجان، التي تتولى مهمة التنسيق بين “قسد” ودمشق، لوضع تفاصيل دمج قوات الأمن والنظم السياسية، بالإضافة إلى تقاسم السيطرة على مواقع حيوية كحقول النفط، ومراكز احتجاز مقاتلي تنظيم “داعش”. ويُعد تنفيذ هذه الخطط خلال المهلة المحددة بعام واحد تحديا ضخما، لا سيما في ظل التباين الواضح في الرؤى بين الطرفين، إذ تسعى دمشق إلى استيعاب “قسد” وحلّها، فيما تسعى روج آفا، إلى الحفاظ على قدر من الحكم الذاتي ضمن الهيكل الفيدرالي الجديد.

وبينما يرى البعض في الاتفاق، خطوة محتملة نحو تحقيق الاستقرار الإقليمي، فإن تداعياته على مهمة “العزم الصلب” التي تقودها الولايات المتحدة تبقى معقدة، وقد تنذر بتهديد بيئة الأمن الهشة في شمال شرقي سوريا، بل وربما بإضعاف جهود محاربة تنظيم “داعش” على نطاق أوسع. ومن المرجح بشكل متزايد أن تنظر إدارة ترمب، التي تسعى بشدة إلى فك ارتباطها بالنزاعات في الشرق الأوسط، إلى هذا الاتفاق باعتباره ضوءا أخضر للشروع في انسحاب سريع من شمال شرقي سوريا، في ظل وجود خطط قائمة بالفعل لخفض عدد العناصر الأميركيين في البلاد إلى النصف. وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” ذكرت أمس الخميس، نقلاً عن مسؤولين أميركيين، أن الجيش الأميركي بدأ، اليوم (الخميس)، سحب مئات الجنود من شمال شرقي سوريا، ويعمل على إغلاق ثلاث من قواعده العسكرية الثماني هناك.

الاتفاق مع دمشق.. تحوّل في الولاءات؟

تُعدّ “قوات سوريا الديمقراطية”، وهي ميليشيا ذات أغلبية كردية، أحد الشركاء الرئيسين للولايات المتحدة في شمال شرقي سوريا، وقد لعبت دورا محوريا في كبح نشاط تنظيم “داعش” في المنطقة. وبدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، ساهمت “قسد” في دحر “الخلافة” الإقليمية للتنظيم، وأسهمت في تحرير مدن استراتيجية مثل الرقة ودير الزور. كما أدّت قوى الشرطة التابعة لـ”مجلس سوريا الديمقراطية- الأسايش”، دورا وصائيا على مراكز احتجاز عناصر “داعش”، بدعم أميركي مباشر.

غير أن هذا التحالف، لم يكن يوما خاليا من التعقيدات، خاصة أن تركيا، العضو في “حلف شمال الأطلسي”، تعتبر القوى الكردية المنضوية تحت لواء “قسد” على ارتباط بـ”حزب العمال الكردستاني” (بي كي كي)، المصنّف كمنظمة إرهابية.

ورغم هذه التوترات، حافظت الولايات المتحدة على تعاونها مع “قسد” نظرا لأهميتها في الحرب ضد تنظيم “داعش”. وبينما امتنعت إدارة ترمب إلى حد كبير عن تحديد سياسة جديدة لسوريا ما بعد الأسد، أدت وكالات دفاعية أميركية رئيسة، مثل القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، دورا مهما في دفع المشهد الأمني الجديد نحو الأمام. فقد انخرط قائد (سنتكوم)، الجنرال باتريك رايدر، في جولة دبلوماسية مكوكية قبل اتفاق (قسد- دمشق) في 10 مارس، حيث التقى بشخصيات بارزة، بينها قائد “قسد”، الجنرال مظلوم عبدي، في مسعى لتشجيع الحوار مع دمشق، واستكشاف إمكانية التوصل إلى اتفاق. ويعكس هذا الدور الهادئ الذي أدته (سنتكوم) ومهمة “العزم الصلب” التي تقودها أميركا مدى تأثير الولايات المتحدة في سوريا ما بعد الأسد، خصوصا فيما يتعلق بإصلاح القطاع الأمني.

ومع انتقال الطرفين من نشوة توقيع الاتفاق إلى واقع تطبيقه، بدأت تظهر مخاوف من الغموض المحيط بنطاق الاتفاق وتفاصيله. ورغم تأكيد عبدي على وحدة الرؤية بين الجانبين في مسألة التوحيد العسكري، بقوله: “لا ينبغي أن يكون هناك جيشان منفصلان، بل قوة عسكرية موحدة”، فإن الشيطان يكمن في التفاصيل. فقد وافق كل من “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد) ودمشق، على إطلاق مفاوضات بين النظراء، تمتد لعام كامل تتناول مسائل الحوكمة، والأمن، والتعاون الاقتصادي، إلى جانب الجوانب اللوجستية والجداول الزمنية للتنفيذ. وتشمل بنود الاتفاق الأساسية، دمج مناطق سيطرة “قسد” بشكل أكبر ضمن الإطار السياسي والاقتصادي السوري العام، ما من شأنه أن يوفر لهذه المناطق الموارد والدعم اللازمين من الحكومة المركزية في دمشق.

ولا يمثل هذا الاتفاق خطوة برغماتية لـ”قسد” فحسب، بل أيضا خطوة إيجابية نحو توحيد المشهد الأمني السوري. فإن دمج الفصائل المسلحة، التي تتمتع بقدرات كبيرة وخبرة ميدانية يمكن الاستفادة منها في القوات المسلحة الجديدة، يُعد عنصرا أساسيا في بناء منظومة دولة موحدة وصحية. ومع ذلك، فإن الغموض القائم، إلى جانب احتمال انهيار المفاوضات إن لم تُحسم التفاصيل سريعا، قد يخلق ديناميكية خطرة من شأنها تعقيد مهمة “العزم الصلب” التي تقودها الولايات المتحدة في الشمال الشرقي، وتقويض جهود مكافحة تنظيم “داعش” في المنطقة.

نقاط الضعف

رغم أن تقارب “قسد” مع دمشق جاء بشكل حذر ومدروس، فإنه يعكس تحولا واضحا في موقفها من الولايات المتحدة كشريك أساسي في المنطقة، ويشكل خطوة رئيسة نحو تنويع علاقاتها الأمنية. وتبرز مسألة مستقبل التعاون الأمني بين “قسد” وواشنطن في شمال شرقي سوريا كأحد العوامل المحورية في النقاشات الجارية بين “قسد” ودمشق، إلى جانب كيفية الاستمرار في مهمة مكافحة تنظيم “داعش”. وبينما تسعى دمشق بوضوح إلى انسحاب أميركي نهائي من المنطقة، لتعزيز استقلالية البلاد، وقدراتها الذاتية في المجال الأمني، فإن العام المقبل سيكون حاسما للاستقرار، إذ ستُناقش التفاصيل الدقيقة، لدمج “قسد” ضمن القوات المسلحة السورية. ولذلك، فإن مهمة مكافحة “داعش” التي تقودها الولايات المتحدة، والشراكة المستمرة مع “قسد”، لا تزال قائمة في الوقت الراهن.

في المقابل، تتبنى إدارة الرئيس دونالد ترمب توجها مختلفا، إذ لطالما شكك ترمب في جدوى الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط، وخصوصا في سوريا والعراق. ففي ولايته الأولى عام 2019، أصدر قرارا مثيرا للجدل بسحب معظم القوات الأميركية من شمال شرقي سوريا، ما فتح الباب أمام هجوم تركي ضد “قسد”، وأثار موجة من الاستقالات في صفوف مسؤولي الأمن القومي الأميركي. وقد دفع الغضب من هذا القرار، بسبب تعريض الشريك الكردي للخطر، ترمب إلى التراجع جزئيا عن الانسحاب، زاعما أن بقاء القوات الأميركية يهدف إلى حماية حقول النفط المحلية وأصول أخرى.

وخلال ربيع وصيف عام 2020، وبعد سلسلة ضربات متبادلة مع ميليشيات مدعومة من إيران، وافق ترمب على سحب جزئي كبير للقوات والأصول الأميركية، ودمج للقواعد في البلاد. شمل ذلك تقليص عدد القوات الأميركية من 5000 إلى 2500، وتسليم أكثر من ثماني قواعد عسكرية، وسحب المعدات الأميركية من مواقع دفاعية رئيسة. أما في ولايته الثانية، فقد أحاط نفسه بمستشارين مثل تولسي غابارد وجيه دي فانس، اللذين يتبنيان موقفا انعزاليا، مؤكدين أن الحرب ضد تنظيم “داعش” قد انتهت منذ وقت طويل. وقد أعاد ترمب تأكيد هذا الموقف بعد الانهيار المفاجئ لنظام الأسد في أوائل ديسمبر/كانون الأول قبل تنصيبه، بقوله: “لا علاقة لنا بسوريا. سوريا غارقة في مشاكلها، ولا حاجة لنا هناك”.

وفي خضم هذه المرحلة الانتقالية الحرجة والمفاوضات بين “قسد” ودمشق، هناك احتمال كبير أن ترى إدارة ترمب في هذا الاتفاق ضوءا أخضر لتنفيذ انسحاب أميركي سريع من سوريا. إذ لم يعد هناك وجود لـ”العائق” الذي حال دون تنفيذ قرار الانسحاب في عام 2019، والمتمثل بعزلة “قسد”، بعد التوصل إلى اتفاق مع حكومة الشرع المؤقتة، ما يوفر ذريعة لمغادرة أميركية محتملة. وتفيد تقارير من مسؤولين إسرائيليين بأن وزارة الدفاع الأميركية أخطرت تل أبيب بنيّتها تقليص عدد القوات الأميركية في شمال شرقي سوريا إلى النصف، أي من 2000 إلى 1000 عنصر. ومع تصاعد الضغوط على الجيش الأميركي خلال السنوات الأخيرة لتقليص تدخله في سوريا، فإن أي تنسيق بين “قسد” والنظام قد يعزز من مبررات واشنطن لخفض عملياتها في إطار مهمة مكافحة “داعش”.

مستقبل هش لعمليات مكافحة “داعش”

يُعدّ اتفاق “قسد” مع الحكومة السورية نقطة تحوّل في الجغرافيا السياسية المعقدة لشمال شرقي سوريا، ويثير مخاوف كبيرة بشأن مستقبل الجهود الأميركية في مكافحة تنظيم “داعش”. فرغم أن الاتفاق قد يوفر مكاسب قصيرة المدى لـ”قسد” على الصعيدين السياسي والاقتصادي، فإنه ينطوي على مخاطر جسيمة تهدد أمن المنطقة على المدى الطويل. فالتخلي عن الشراكة مع الولايات المتحدة، وزيادة التنسيق مع حكومة الشرع، واحتمال عودة تنظيم “داعش”، قد تقوّض المكاسب التي تحققت خلال السنوات الماضية في الحرب على الإرهاب.

وعلى صانعي السياسات الأميركيين أن يُقيّموا خطواتهم المقبلة بعناية، مع أخذ تداعيات هذا الاتفاق بعين الاعتبار، لما له من أثر محتمل في زعزعة استقرار منطقة هشة أساسا. فمستقبل مهمة مكافحة “داعش” بقيادة الولايات المتحدة في شمال شرقي سوريا يعتمد على القدرة على موازنة الديناميكيات السياسية المحلية، وتدخل القوى الإقليمية، والتهديد المستمر للإرهاب.

المجلة

——————————-

حكومة دمشق و”قسد” مجددًا.. ماذا لو قلصت أميركا وجودها العسكري في سوريا؟/ أحمد العكلة

17 أبريل 2025

مع تسارع التحولات الإقليمية والدولية في المشهد السوري، باتت مسألة العلاقة بين الحكومة السورية الجديدة وقوات سوريا الديمقراطية “قسد” محورًا أساسيًا في صياغة مستقبل شرق الفرات.

وفي ظل تقارير إسرائيلية تتحدث عن نية الولايات المتحدة تقليص قواتها في سوريا خلال الشهرين المقبلين، يتوقع مراقبون أن تعيد هذه الخطوة، إن تمت، خلط الأوراق وتعزز الحاجة إلى تسوية سريعة تحمي مصالح الطرفين وتمنع فراغًا أمنيًا قد تستفيد منه قوى إقليمية كإيران وتركيا.

ونقلت وسائل إعلام عبرية، عن مصادر أمنية إسرائيلية، أن واشنطن أبلغت شركاءها في المنطقة بخطة تقضي بإجلاء نصف قواتها من شمال شرق سوريا خلال فترة شهرين، وذلك في إطار إعادة تموضع استراتيجية تشمل العراق أيضًا.

وقال مصدر عسكري في قوات “قسد”، في حديث خاص لـ “ألترا سوريا”، إن واشنطن لم تخبرهم برغبتها بالانسحاب ضمن جدول زمني، وخصوصًا أن مهمة التحالف في ملاحقة عناصر داعش بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية ما زالت متواصلة، وهناك كذلك قضية السجون التي يتواجد فيها عشرات الآلاف من عوائل عناصر تابعين لداعش، معظمهم أجانب.

وأضاف أن “انسحاب القوات الأميركية، في حال تم، لن يدفع قوات سوريا الديمقراطية للتنازل، لأن هناك اتفاقًا بينها وبين الحكومة السورية ببنود محددة يتم العمل عليها وفق خطة زمنية”، مشيرًا إلى أن موضوع اللامركزية أو الفيدرالية يُطرح ضمن حوار كردي ــ كردي مع الحكومة السورية.

ووفقًا لمصادر إعلامية، تخشى إسرائيل من أن يؤدي هذا الانسحاب إلى تعزيز النفوذ الإيراني في دير الزور، أو تسليم مناطق واسعة للجيش السوري، أو حتى تصعيد تركي في مناطق سيطرة “قسد”.

وتؤكد مصادر دبلوماسية غربية أن محادثات غير معلنة تجري منذ أسابيع بين حكومة الشرع وممثلين عن الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا (المرتبطة بقسد)، برعاية روسية، وبتشجيع من أطراف أوروبية تعتبر الحل التوافقي بين دمشق والأكراد خطوة أساسية لضمان الاستقرار ومنع تفكك البلاد.

وأكد مدير مجموعة المصدر الإعلامية، نورس العرفي، أن قوات سوريا الديمقراطية “قسد” لا يمكنها الصمود في مناطق سيطرتها من دون الدعم الأميركي، مرجحًا أن “انهيارها سيكون خلال أيام في مناطق مثل الرقة ودير الزور والحسكة”. وبيّن أن “بعض المناطق مثل عين العرب والقامشلي قد تشهد صمودًا أطول نظرًا لوجود حاضنة شعبية، إلا أن الغطاء الأميركي يظل عنصرًا حاسمًا في بقاء قسد”.

وأشار العرفي إلى أن اندماج “قسد” في الجيش السوري “يبقى خيارًا ممكنًا على مستوى الأفراد، وهو ما تؤكده وزارة الدفاع السورية. غير أن العقبة الأساسية أمام هذا الاندماج تتمثل في استمرار الدعم الأميركي، إلى جانب محاولات “قسد” استقطاب دعم من أطراف أخرى”.

وبحسب العرفي، فإن رفع الدعم الخارجي، وخصوصًا الأميركي، سيجبر “قسد” على الاندماج في مؤسسات الدولة السورية دون شروط.

واعتبر العرفي أن الانسحاب الأميركي، وإن كان جزئيًا، لا يعني نهاية المشروع “القسدي” المدعوم من حزب العمال الكردستاني (PKK)، لكنه يشكّل ضربة قوية له.

ولفت إلى أن واشنطن لم تعلن انسحابًا كاملًا، بل تقليصًا في عديد قواتها، وهو ما لا ينهي تأثيرها على الأرض. “ومع ذلك، فإن رفع الغطاء السياسي والدعم اللوجستي عن “قسد” يبقى العامل الحاسم في مستقبلها، أكثر من مجرد تقليص عدد الجنود الأميركيين”.

في سياق متصل، شدد العرفي على أن “الحكومة السورية الحالية، وبعد موجة الانفتاح الدولي والزيارات الرسمية إلى عدة دول من بينها تركيا والإمارات، لا ترى نفسها مضطرة لتقديم أي تنازلات، لا سيما أنها لم تقدمها سابقًا حين كانت بأمسّ الحاجة إليها”. واعتبر أن هذه الديناميكية الجديدة تعبّر عن تفاهم دولي لدعم الدولة السورية ورفض مشاريع التقسيم والفيدرالية.

وفي ما يتعلق بالطرح الفيدرالي، نفى العرفي وجود أي فيدرالية معلنة أو غير معلنة في سوريا، مؤكدًا أن الموقف الرسمي والشعبي موحّد برفض أي مشروع يؤدي إلى تقسيم البلاد. وقلّل من أهمية الأصوات المنادية بذلك في بعض مناطق الساحل أو السويداء، واصفًا إياها بـ”الأصوات النشاز” التي ستتلاشى مع الوقت.

واختتم العرفي حديثه بالتأكيد على أن “سوريا الجديدة، بعد انتهاء مرحلة الحكم السابق المعتمد على التوازنات الدولية والدعم الخارجي، تسعى اليوم إلى استعادة سيادتها كاملة، وترفض أي وجود أجنبي على أراضيها”، مشيرًا إلى أن انسحاب أي قوة خارجية، بما فيها القوات الأميركية، سيُنظر إليه بشكل إيجابي ولا يشكل تهديدًا لاستقرار البلاد.

في حال تأكد الانسحاب الأميركي المرتقب، فإن الاتفاق بين دمشق و”قسد” سيصبح، وفق مراقبين، ضرورة استراتيجية وليس خيارًا سياسيًا. وهو اتفاق قد يعيد رسم توازن القوى في سوريا، ويجعل من ملف شرق الفرات بوابة لتسويات أوسع تشمل تركيا وإيران وحتى إسرائيل التي تراقب من كثب التطورات وتتخوف من تحول الفراغ الأميركي إلى تهديد أمني جديد على حدودها الشمالية.

وتشير التسريبات إلى أن الاتفاق الجاري التفاوض حوله قد يشمل إدماجًا جزئيًا لقوات “قسد” في هيكلية الجيش السوري الجديد ضمن “قوات الحماية الإقليمية”.

انتهاء مشروع الإدارة الذاتية

أكد الناشط السياسي عبد الكريم العمر، في حديث لـ “ألترا سوريا”، أن قوات سوريا الديمقراطية “لا يمكنها الصمود أو العمل دون الدعم والغطاء الأميركي”، مشيرًا إلى أن التجربة الماضية أثبتت أن هذه القوات تأسست أساسًا بقرار أميركي في سياق الحرب على تنظيم “داعش”.

وأوضح العمر أن “الولايات المتحدة جمعت مكونات من حزب العمال الكردستاني (PKK) ووحدات حماية الشعب تحت مظلة “قسد”، وقدمت لها دعمًا عسكريًا وسياسيًا واسعًا، وسلّمتها مناطق واسعة من شرق الفرات”. وأضاف أن “غالبية القيادات الفعلية داخل قسد ليست سورية، بل تنتمي لجبال قنديل، بينما لا يملك القادة السوريون تأثيرًا حقيقيًا في بنية هذه القوات”.

وفي ظل مؤشرات الانسحاب الأميركي من شمال شرق سوريا، يرى العمر أن “قسد” باتت أمام خيار شبه وحيد يتمثل بالاندماج في الجيش السوري الجديد. ولفت إلى أن “الاتفاق الذي جرى بين رئيس الجمهورية أحمد الشرع وقائد “قسد” مظلوم عبدي تم بوساطة أميركية، وشمل نقل عبدي إلى دمشق بطائرة أميركية، ما يدل على ضغوط واشنطن لدفع قسد إلى الانخراط في الدولة السورية الجديدة”.

وأضاف العمر أن “قسد تمثل كتلة عسكرية لا يمكن إنكارها في الشرق السوري، ولكن الحفاظ على هذه الكتلة ككيان مستقل غير ممكن في ظل الانسحاب الأميركي، وبالتالي لا بد من إدماجها ضمن مؤسسات الدولة السورية، ولو بشكل مؤقت، إلى أن تذوب في بنية الجيش السوري”.

الحكومة السورية الجديدة مستعدة للحوار

يرى العمر أن توقيع الاتفاق بين مظلوم عبدي ورئيس الجمهورية أدى إلى تلاشي مشروع “الإدارة الذاتية” في شمال شرق سوريا، بما في ذلك مفاهيم مثل “روج آفا” أو “غرب كردستان”، والتي اعتبرها شعارات انفصالية أطلقتها بعض القوى الكردية.

وأشار إلى أن هناك موقفًا واضحًا من القيادة السورية بعدم السماح بوجود أي سلاح خارج إطار الدولة، أو أي منطقة خارجة عن سيطرتها، مضيفًا أن الانسحاب الأميركي المرتقب سيسهم في إنهاء هذا المشروع بالكامل.

وحول موقف الحكومة السورية الجديدة، أكد العمر أنها “لا تسعى لتقديم تنازلات سياسية لقسد، بل تسعى للحفاظ على وحدة سوريا أرضًا وشعبًا”. وأشار إلى أن الحكومة مستعدة لاتخاذ إجراءات تضمن عدم اندلاع صراعات داخلية، والدخول في حوارات طويلة، كما حدث مع “اللواء الثامن” في درعا بقيادة أحمد العودة.

وشدد العمر على أن “قرار الانسحاب الأميركي من سوريا ليس مجرد احتمال، بل توجه حتمي اتخذته الإدارة الأميركية منذ الولاية السابقة للرئيس دونالد ترامب، في إطار إعادة تموضعها عالميًا ومواجهة التمدد الصيني”.

وختم العمر بالقول إن “قسد” بعد الانسحاب الأميركي “لن تجد خيارًا سوى الانخراط الكامل في مؤسسات الدولة السورية، لتبقى الحكومة والجيش الجديد هما المرجعية الوحيدة على كامل التراب السوري”.

بدوره، قال العميد المهندس المنشق، محمد رسلان، إن العناصر غير السورية، وخصوصًا الجماعات القادمة من جبل قنديل، ترفض الاندماج مع السكان المحليين، مما يهدد مستقبل مشروع الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا.

وأوضح رسلان، لـ “ألترا سوريا”، أن “المشروع مهدد بالزوال، لأن عداءه مع تركيا، وهي دولة إقليمية كبرى، يسبق حتى خلافه مع الدولة السورية”. لكنه في الوقت نفسه يرى أن بالإمكان تحويل “قسد” إلى حزب سياسي مدني، بشرط التخلي الكامل عن السلاح.

واستبعد رسلان أن تقدم دمشق تنازلات سياسية كبرى، مرجحًا أن تكتفي بمنح بعض الصلاحيات الإدارية. وقال: “من الممكن أن يحصلوا على مناصب مثل رئيس بلدية أو مدير منطقة، بالإضافة إلى إدارات مدنية ومالية تدير عائدات النفط والغاز لإعادة إعمار المدن”.

وحول الحديث المتصاعد عن انسحاب أميركي محتمل من سوريا، أشار رسلان إلى أن الضغوط السياسية الداخلية في الولايات المتحدة هي الدافع الرئيسي وراء هذا التوجه. وأردف قائلًا: “الانسحابات الأميركية من أفغانستان، والصومال، والعراق في وقت سابق، تؤكد أن ما يهم إدارة ترامب – كما غيرها – هو تأمين المصالح الأمنية والاقتصادية الأميركية أولًا”.

في ظل التسارع الإقليمي والدولي وتبدّل التحالفات، تبدو الساحة السورية على أعتاب مرحلة جديدة يعاد فيها رسم خارطة النفوذ. الانسحاب الأميركي، سواء كان كليًا أو جزئيًا، يشكّل لحظة فارقة ستُجبر اللاعبين المحليين على إعادة التموضع.

وبين تقاطع الحسابات الدولية، ومساعي الأطراف المحلية لتثبيت موطئ قدم في مستقبل سوريا، يبدو أن شرق الفرات مقبل على مرحلة تفاوض “قسري” تُمليها الضرورات لا الرغبات، في مشهد تتقاطع فيه الواقعية السياسية مع حسابات البقاء.

الترا سوريا

——————————

الانسحاب الأميركي وسوريا الموحدة.. هل فشل المشروع الإسرائيلي؟/ سامر القطريب

2025.04.18

بدأت الولايات المتحدة في سحب مئات الجنود من شمال شرقي سوريا، في خطوة تعكس تغيّر البيئة الأمنية بعد سقوط بشار الأسد، وتعيد طرح الأسئلة حول مستقبل النفوذ الأميركي والمشروع الإسرائيلي في سوريا. حيث تزامن هذا الانسحاب مع دعوات إسرائيلية صريحة لفدرلة سوريا متذرعة بحماية الأقليات الطائفية والإثنية جنوبي وشمال شرقي سوريا، وتصريحات تركية حاسمة ضد أي مشاريع تقسيم أو كيانات مسلحة موازية، ما يعكس تصاعد التباين الإقليمي والدولي حول شكل سوريا الجديدة.

توازيا مع ذلك، قدمت واشنطن بطلباتها إلى دمشق، والتي تشمل سلسلة من الخطوات الأمنية والسياسية الصارمة، كشرط أساسي قبل النظر في تخفيف محدود للعقوبات أو إعادة العلاقات الدبلوماسية، بما في ذلك “إجراءات صارمة ضد المتطرفين، وطرد المسلحين الفلسطينيين”.

مشروع فدرلة سوريا في الخطاب الإسرائيلي

في 25 شباط الماضي، طالب وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي، جدعون ساعر، بتحويل سوريا إلى “دولة فيدرالية تضم مناطق حكم ذاتي”، وذلك خلال اجتماع مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل في بروكسل. وزعم ساعر أن الفدرلة تضمن الاستقرار وتحمي “طرق الحياة المختلفة”، معتبراً أن سوريا الموحدة لم تعد ممكنة إلا بصيغة اتحادية.

قبل ذلك، عبّر بنيامين نتنياهو عن خيبة أمل بلاده من الإطاحة ببشار الأسد في 8 كانون الأول، واعتبر أن التغيير في دمشق لا يصب في مصلحة إسرائيل. وطالب بإخلاء الجنوب السوري من القوات العسكرية التابعة للحكومة الجديدة، مشيراً إلى التزام إسرائيل بحماية الدروز جنوبي البلاد، ومنع تقدم الجيش السوري نحو جنوبي دمشق.

بين التهدئة الكردية والموقف التركي

في مواجهة هذه الرؤية، أكدت تركيا عبر رئيسها رجب طيب أردوغان ووزير خارجيتها هاكان فيدان، رفضها لأي شكل من أشكال الفدرالية أو الكيانات المسلحة خارج الجيش الوطني السوري. وشدد فيدان على ضرورة نزع سلاح “قوات سوريا الديمقراطية” ودمج عناصرها في المؤسسات الرسمية.

وصرّح أردوغان بأن بلاده دخلت مرحلة جديدة في مكافحة “الإرهاب”، بالتنسيق مع حليفها القومي دولت بهتشلي، مشيراً إلى أن السلام في سوريا لن يتحقق إلا بإنهاء المشاريع الانفصالية.

سبقت هذه التطورات تصريحات لافتة من زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان، الذي دعا إلى حل الحزب ونزع السلاح، معتبرًا أن الحزب استكمل دوره التاريخي. وقال أوجلان إن التطورات الإقليمية والداخلية تُحتم حلولاً جديدة بعيداً عن العنف.

من جهته، قال جميل بايك، أحد أبرز قيادات الحزب، إن القيادة مستعدة للعودة إلى تركيا في حال رفع العزلة عن أوجلان والسماح له بالعمل بحرية. واعتبر بايك أن دعوة أوجلان “ليست مجرد رسالة، بل بداية مسار جديد”، في وقت أبدت فيه أنقرة استعدادًا للتعامل مع هذا المسار ضمن شروطها.

ورغم أن إلهام أحمد أشارت أمس إلى أن أن رفض اللامركزية سيؤدي إلى صراعات جديدة، إلا أنها نفت في الوقت نفسه الاتهامات الموجهة لـ “الإدارة الذاتية” بالسعي إلى الانفصال.

وعن الاتفاقيات بين الحكومة السورية في دمشق و”الإدارة الذاتية”، قالت إلهام إن الإدارة الذاتية تسعى إلى “اتفاقيات أعمق” فيما يتعلق بالعملية الدستورية والسياسية وإعادة إعمار سوريا، مؤكدة على أهمية الاتفاق بين القائد العام لـ “قوات سوريا الديمقراطية”، مظلوم عبدي، والرئيس السوري، أحمد الشرع، لمختلف مكونات سوريا.

وفي السياق كشف مصدر مطّلع لموقع تلفزيون سوريا، الخميس، عن تأجيل المجلس الوطني الكردي (ENKS) وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) الإعلان رسمياً عن “الرؤية السياسة الكردية المشتركة” التي كان من المقرر إعلانها اليوم الجمعة بمدينة القامشلي بعد بروز خلافات بين الطرفين “بسبب تدخلات حزب العمال الكردستاني – PKK”.

وكان مصدر مطلع على سير المفاوضات الكردية في شهر آذار الفائت كشف لموقع “تلفزيون سوريا” عن اتفاق الطرفين على المطالبة بإقامة نظام لا مركزي فدرالي في سوريا. تزامنا مع تنفيذ الاتفاق بين دمشق وقسد ويأتي الانسحاب الأميركي لصالح تعزيز الحوار والتفاهم بين الطرفين وهو أيضا من نتائج لقاء ترمب ـ نتنياهو الأخير.

وكان من المزمع عقد كونفراس خاص بالإعلان وتصديق “الرؤية السياسية الكردية” يوم 18 نيسان الجاري بحضور أكثر من 300 شخص، من بينهم أحزاب كردية سورية وشخصيات سياسية واجتماعية وممثلين عن منظمات المجتمع المدني، والنقابات والمنظمات النسائية.

وأشار المصدر إلى أن “قرار التأجيل جاء بعد بروز خلافات بين حزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكردي حول آلية عقد الكونفراس والإعلام والصور التي سترفع فيه”.

لقاء ترمب ونتنياهو.. الخيوط بيد أنقرة؟

في تطور سابق، دعا الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى “التفاهم مع تركيا” بشأن سوريا، وهو ما فُسّر إسرائيليًا على أنه محاولة لتقليص دور تل أبيب في شمال شرقي سوريا. وقال ترمب لنتنياهو: “أي مشكلة لديك مع تركيا، أعتقد أنني أستطيع حلها… طالما أنك معقول”.

وكانت تل أبيب قد أعلنت رفضها لوجود قواعد عسكرية تركية في سوريا، وهو ما عبرت عنه من خلال شن غارات على قاعدتي تدمر و”تي 4″.

هذا الطرح يشير إلى إدراك أميركي مبكر بأن مفاتيح التوازن في سوريا لا تكمن فقط في تل أبيب أو واشنطن، بل في أنقرة التي أثبتت قدرتها على التأثير في المسار العسكري والسياسي، وباتت تملك نفوذاً في الملف السوري لا يمكن تجاوزه.

يتراجع النفوذ الأميركي في شمال شرقي سوريا، في حين تتقدم خطوات توحيد البلاد تدريجياً على وقع الانفتاح التركي والحوار الكردي، وتلاشي مشاريع الفدرلة والتقسيم التي روّجت لها تل أبيب. ومع تصاعد الرفض الإقليمي والانفتاح العربي، وتثبيت الحكومة السورية الجديدة أركانها في الجنوب والشمال الشرقي، يبدو أن المشروع الإسرائيلي الرامي إلى تفتيت سوريا يفقد زخمه، ما يفتح الباب أمام مشهد جديد قد يعيد تشكيل الخريطة السورية بالكامل.

الجنوب السوري بين التصعيد والمبادرات المحلية

في الجنوب، أثارت مؤخرا تصريحات الشيخ حكمت الهجري، الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز، جدلاً واسعاً بعد تأكيده في مقابلة مع إذاعة NPR الأميركية، أن القوى المحلية في السويداء لا تنسق مع دمشق. لكن مصادر محلية أشارت إلى أن التصريحات تعود لشهر آذار، ولا تعكس بالضرورة الموقف الحالي.

في المقابل، أكد محافظ السويداء مصطفى البكور وجود تفاهم وتنسيق دائمين مع الهجري، مشيراً إلى أنه يؤيد أن يكون الأمن في المحافظة بيد أبنائها. كما زار البكور دارة الشيخ الهجري في عيد الفطر، في محاولة لإظهار وحدة الصف المحلي.

وسبق ذلك، رسالة وقعها مشايخ الطائفة إلى الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، طالبوا فيها بتعديلات على الإعلان الدستوري وتفعيل مؤسسات الدولة والضابطة العدلية، وشمل ذلك مقترحات لتشكيل لجان اقتصادية وتعليمية تمثل مختلف شرائح المجتمع.

مايجري شمال شرقي سوريا من انسحاب وتفاهمات ينعكس تدريجيا على الجنوب وتحديدا السويداء، فبعد حل الفيلق الخامس وإخراج أحمد العودة من المشهد يبدو أن الشيخ حكمت الهجري أصبح وحيدا وعليه فتح باب حوار جاد مع الإدارة السورية الجديدة.

من الجنوب إلى الشمال الشرقي.. ملامح توحيد سوريا تتشكل

حل “الفيلق الخامس” في درعا شكّل خطوة رمزية ضمن مسار إعادة هيكلة وزارة الدفاع، التي تواجه تحديات كبيرة في ضم التشكيلات العسكرية المحلية ضمن منظومة وطنية موحدة. ويُنظر إلى هذا التوجه كجزء من محاولات توحيد البلاد تدريجياً، من الجنوب إلى الشمال الشرقي.

وفي هذا السياق، تلعب تركيا دوراً مباشراً في فرض واقع ميداني جديد يقطع الطريق على مشروع الفدرلة، مستفيدة من تقاطع مصالحها مع واشنطن، التي بدأت بالانسحاب، وتباينها مع تل أبيب، التي ما زالت تراهن على إبقاء مناطق النفوذ الحالية كأمر واقع دائم.

تلفزيون سوريا

———————————

 إلهام أحمد: نسعى إلى اتفاق أعمق مع دمشق بشأن العملية السياسية وإعادة إعمار سوريا

2025.04.18

أكدت ممثلة دائرة العلاقات الخارجية في “الإدارة الذاتية”، إلهام أحمد، على سعي الإدارة إلى اتفاق أعمق مع الحكومة السورية بشأن العملية الدستورية والسياسية وإعادة إعمار سوريا، مشيرة إلى أن رفض اللامركزية سيؤدي إلى صراعات جديدة.

وفي تصريحات خلال مشاركتها في منتدى السليمانية بإقليم كردستان العراق، قالت إلهام إن “العودة إلى ما قبل عام 2011 غير واردة، فالأنظمة المركزية تُعمّق الأزمات بدلاً من حلها”، مشددة على “أهمية الاعتراف بتنوع سوريا وضمان حقوق الأكراد وجميع المكونات في الدستور”.

واعتبرت إلهام أن “رفض اللامركزية سيؤدي إلى صراعات جديدة”، مشيرة إلى أن “معظم السوريين لا يريدون نظاماً مركزياً”، ونفت في الوقت نفسه الاتهامات الموجهة لـ “الإدارة الذاتية” بالسعي إلى الانفصال.

وأوضحت أن “الشعب السوري طالب سابقاً باللامركزية، ورفضها يعني خلق مشاكل جديدة”، مضيفة أن “اللامركزية هي الحل للأزمة الحالية، ورفضها خطوة إلى الوراء. سوريا بحاجة إلى حلول جديدة للمضي قدماً”.

وأكدت على “أهمية إشراك جميع الأطراف في صياغة الدستور والحكم من أجل بناء سوريا ديمقراطية”، مشددة على أنه “نريد المشاركة في صياغة الدستور والحكم، والشعب السوري عازم على النضال من أجل حريته وكرامته، ولن يتخلى عن أهدافه”.

وعن الاتفاقيات بين الحكومة السورية في دمشق و”الإدارة الذاتية”، قالت إلهام إن الإدارة الذاتية تسعى إلى “اتفاقيات أعمق” فيما يتعلق بالعملية الدستورية والسياسية وإعادة إعمار سوريا، مؤكدة على أهمية الاتفاق بين القائد العام لـ “قوات سوريا الديمقراطية”، مظلوم عبدي، والرئيس السوري، أحمد الشرع، لمختلف مكونات سوريا.

انتقادات حادة للحكومة السورية

وفي تصريحات سابقة خلال استقبالها وفداً برلمانياً مشتركاً من المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، في مدينة القامشلي، وجهت إلهام انتقادات حادة للحكومة السورية، ووصفتها بأنها “تفشل في تمثيل التنوع السكاني في سوريا وتعتمد كلياً على أيديولوجيا إسلامية سلفية”.

وأشارت إلى أن “النظام يحاول أن يقدم نفسه للمجتمع الدولي كمدافع عن حقوق الإنسان، بينما تناقض ممارساته هذا الادعاء”.

وأكدت إلهام على ضرورة صياغة دستور سوري شامل وشفاف يشكل قاعدة لإجراء انتخابات ديمقراطية حقيقية، معتبرة أنه “لا يمكن إجراء انتخابات نزيهة دون معرفة طبيعة النظام الانتخابي مسبقاً، وهذا ما يجعل وجود دستور واضح خطوة لا بد منها”.

وأشارت ممثلة دائرة العلاقات الخارجية في “الإدارة الذاتية” إلى أن الإدارة تحظى بإعفاء جزئي من العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا، مضيفة “قدمنا للولايات المتحدة قائمة تحدد الاستثمارات المسموح بها وتلك غير المطبقة”.

—————————–

عشائر الجزيرة السورية تحسم موقفها.. مع الحكومة ضد “قسد”/ أحمد مراد

السبت 2025/04/19

تزامناً مع خلافات داخلية تعصف بقوات سوريا الديموقراطية (قسد)، على خلفية توقيع قائدها مظلوم عبدي اتفاقاً مع الحكومة السورية، وسعي “قسد” لعقد مؤتمر يجمع الأطراف الكردية السورية في نيسان/أبريل الجاري، أعلنت نخب من أبناء الجزيرة السورية تأسيس “مجلس التعاون والتنسيق في الجزيرة السورية والفرات”، بهدف الدفاع عن مصالح أبناء الجزيرة. ويأتي هذا الإعلان مع إصدار العشائر العربية بيانات ترفض وصاية قسد على منطقة الجزيرة السورية، بصفتها “قوة احتلال”.

أهداف المجلس

ووسط ظروف سياسية متسارعة، باتت تشكل ضغطاً على “قسد” لتسريع تنفيذ الاتفاق في مناطق الجزيرة السورية، جاء تأسيس “مجلس التعاون والتنسيق في الجزيرة السورية والفرات”. وبحسب بيان التأسيس، يهدف المجلس لتوحيد الصوت السياسي والإعلامي والمدني في مواجهة “سلطات الأمر الواقع المتمثلة بقسد”، ورفض مشاريع التقسيم التي تهدد وحدة سوريا. مؤكداً أن وجود موظفين ومجندين عرب في صفوف “قسد”، لا يضفي عليها أية شرعية، ولا يجعلها ممثلاً للمكون العربي، الذي يشكل غالبية ترفض السياسات والممارسات الإقصائية التي اتبعها التنظيم بحقه. ورفض المجلس بشكل قاطع ادعاء تمثيل “قسد” لعرب الجزيرة والفرات في أية مفاوضات مع الحكومة السورية، أو في أي محفل سياسي داخلي وخارجي.

ومع محاولات قسد “تمرير رسائل هدفها زرع الشك بين أبناء منطقة الجزيرة والحكومة الانتقالية، والإيحاء أنهم أبرموا اتفاقات يحافظون بموجبها على شكل إدارتهم الذاتية، بحسب رئيس الهيئة التنفيذية لتجمع أبناء الجزيرة والفرات (تاج) مهند القاطع، يعمل المجلس على منع احتكار صوت أبناء الجزيرة، وادعاء تمثيل المنطقة أمام الدولة، وكسب المترددين إلى صفوفها لدعم موقفها.

ويقول القاطع لـ”المدن”: “من واجبنا الدفاع عن مصالح أبناء الجزيرة، ودعم موقف الحكومة الانتقالية التفاوضي، والذي يهدف لاستعادة سيادة الدولة على كافة الأراضي السورية، ورفض المحاصصات وأية مشاريع تقسيمية، أو فيدرالية، أو سلطات أمر واقع خارج إطار وزارة الدفاع السورية”.

ويرى القاطع أن الواقع فرض تنسيق المواقف بين أبناء دير الزور والرقة والحسكة، وأثمرت هذه الجهود عن تشكيل مجلس تعاون وتنسيق أبناء الجزيرة والفرات، بتاريخ 15 نيسان/أبريل، وضم 7 تجمعات وتيارات مرشحة للزيادة.

دور العشائر الوطني

وفي الوقت ذاته، أعلنت عشائر وقبائل شمر، والشيوخ، والجيسات، والزبيد، والعفادلة، وأبو خميس، والجبور، والنعيم، والحليبات، وعدوان، وحرب، والسخاني، والعنزة، رفضها “مشروع قسد الانفصالي”، وعدم وجود ممثلين عنها في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.

وجاء إصدار تلك البيانات بعد تنصيب “قسد” شيوخاً موالين لها، واستبعاد الشيوخ الأصلاء، بحسب المنسق العام للمجلس الأعلى للعشائر السورية الشيخ مضر الحماد، وممارسة “قسد” لمخططاتها عبر هؤلاء الشيوخ، وهو ما رفضته القبائل العربية رغم الإغراءات المادية التي قدمتها “قسد” لهم، من أجل إعلان الفيدرالية والتقسيم.

ويقول حماد لـ”المدن”، إن “قسد عملت على تنمية الخلافات بين القبائل لتتمكن من التحكم بقرار تلك العشائر، علماً أن العشائر العربية تشكل أغلبية أبناء الجزيرة والفرات، ما نراه اليوم ليس حالة عابرة، بل نتيجة طبيعية لتراكمات من السياسات الخاطئة والممارسات القمعية من قسد بحق الأهالي طوال السنوات الماضية”. وأضاف أن “هذا الرفض الشعبي ليس فقط تعبيراً عن غضب، بل هو موقف استراتيجي، يستند الى إرادة حقيقية بالتغيير، واستعادة السيادة الوطنية الكاملة”.

ويرى الحماد أن العشائر العربية تؤدي دورها الوطني ضد “احتلال قسد”، معتبراً أن الضغوط تتزايد على التنظيم الكردي. ويقول إن “إعلان الانسحاب الأميركي من شرق الفرات، والرأي العام العربي والدولي المؤيد للحكومة ووحدة الأرض السورية، والانشقاقات اليومية لأبناء العشائر العربية من صفوف قسد، والضغط العسكري التركي، تشكل عوامل دفعت قسد لتوقيع الاتفاق (مع الحكومة)، مع محاولات منها للتنصل من تطبيقه، لكن ثورة العشائر وتنظيم الفاعلين السياسيين والمدنيين، ستمنع قسد من اللعب بالوقت الضائع”.

——————————-

طموح اتحادي أم حذر سياسي.. ما مدى صلابة اتفاق الشرع – عبدي؟/ مالك الحافظ

2025.04.19

في تطور سياسي جديد يُعيد تسليط الضوء على تعقيدات المرحلة الانتقالية في سوريا، أدلى مسؤولون في “الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا” بتصريحات لوكالة “رويترز” في العاشر من نيسان 2025، أكدوا فيها على ضرورة اعتماد نظام اتحادي في البلاد. تأتي هذه التصريحات بعد نحو شهر من توقيع اتفاق بين الرئيس السوري أحمد الشرع والقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي في العاشر من آذار 2025، والذي نصّ على دمج مؤسسات “قسد” المدنية والعسكرية ضمن مؤسسات الدولة السورية، وضمان حقوق المكونات المختلفة، بما في ذلك الكُرد، في المشاركة السياسية والتمثيل العادل في مؤسسات الدولة.

هذا التوقيت يثير تساؤلات حول مدى التزام الطرفين ببنود الاتفاق، خاصةً في ظل تصاعد المطالب الكردية بتطبيق نظام اتحادي، وهو ما قد يُفسر كمحاولة لإعادة التفاوض على شكل الدولة السورية المستقبلية، أو كإشارة إلى تباينات في فهم وتطبيق الاتفاق الموقع بين الطرفين. اللافت في هذا السياق أن تأكيد مطلب “النظام الاتحادي” في وقت لم تنضج فيه بعد ملامح التسوية النهائية، ما دفع مراقبين إلى التساؤل عمّا إذا كان هذا الطرح يمثل خرقاً فعلياً لبنود الاتفاق، أو أنه مجرّد تذكير بمواقف قديمة يجري إعادة تفعيلها في لحظة تفاوضية دقيقة.

مشروع اتحادي في الشمال السوري.. بين شرعية المشاركة وخطاب الرفض

ضمن المواقف التي تزامنت مع تجدد النقاش حول شكل الدولة السورية المقبلة، شددت إلهام أحمد، الرئيسة المشاركة لدائرة العلاقات الخارجية في “الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا”، خلال تصريحات أدلت بها خلال اليوم الثاني من منتدى السليمانية التاسع، يوم الخميس 17 نيسان الجاري، على أن الإصرار على الدولة المركزية هو ما أدى إلى الصراعات المتتالية، مؤكدة أن النظام الاتحادي هو المدخل لتسوية سياسية دائمة، يُنهي مركزية القرار، ويمنح المجتمعات المحلية أدوات حقيقية في إدارة شؤونها.

وأضافت أن “ما يجري حالياً هو أن حكومة دمشق تقرر وتعيّن وتدير”، في إشارة إلى استمرار الهيمنة المركزية على القرار السياسي، رغم التغيرات التي طرأت بعد سقوط نظام الأسد وبروز سلطة انتقالية في دمشق. وشددت أحمد على أن “الإدارة الذاتية” تسعى إلى تحديد النظام السياسي الجديد بالتفاهم مع دمشق، مؤكدة أن الطرح الاتحادي لا يعني الانفصال، بل يُعبّر عن رؤية “تشاركية” للحكم في دولة موحدة.

الباحث السوري، شورش درويش، قال خلال حديث خاص لموقع “تلفزيون سوريا” بأنه وعبر عقود طويلة جرى تشويه مفردات مثل “النظام الاتحادي” و”تطوير النظم الإدارية” بالشكل الذي يقلّص السلطة المركزية خاصة في زمن حكم “البعث” المديد والمركزية الشديدة التي اتبعها.

وبالتالي فإن مفهوم اللامركزية أو النظام الفيدرالي بات يوصم بأنه مؤامرة تستهدف اقتطاع أجزاء من سوريا وأنها مقدّمة لحركات انفصالية، وفق درويش؛ الذي أضاف متابعاً بأن “مثل هذا التشويه لمعاني النظام اللامركزي المتولّد من الحداثة السياسية والإدارية للدول، خضع أيضاً للهوى الإقليمي الرافض لتحوّل سوريا إلى كيان لامركزي توزّع فيه الصلاحيات والمسؤوليات، ويصار من خلاله إلى تنمية المجتمعات المحلّية بعيداً عن تدخّل المركز”.

أما الكاتب السوري، حسن النيفي، فاعتبر خلال حديثه لموقع “تلفزيون سوريا” أن مسألة الفيدرالية في سوريا ليست أمراً محصوراً بتفاهمات سورية – سورية، وإنما لها تداعيات إقليمية ودولية لا يمكن تجاهلها، وتابع بالإشارة إلى أن “تركيا لا يمكن أن توافق على إنشاء أي كيان كردي على حدودها الجنوبية، وهذه حقيقة واقعة يجب أخذها بعين الاعتبار، أضف إلى ذلك أن جميع الدول النافذة في الشأن السوري لا تميل إلى تجزئة سوريا، بل تدعو إلى وحدة الأراضي السورية، بما في ذلك الدول المتعاطفة مع الإدارة الذاتية (فرنسا – أميركا)، وعلينا أن نتذكر دوماً أن (اتفاق الشرع-عبدي) وكذلك التفاهمات حول حيي الشيخ مقصود والأشرفية (في مدينة حلب)، إضافة إلى التفاهم حول انسحاب قسد من سد تشرين، جميع هذه التفاهمات كانت بدفع أميركي فرنسي والغاية منها دمج قسد ضمن مؤسسات الدولة السورية. وأعتقد أن تمسّك الكورد بالطرح الفيدرالي في الوقت الراهن ربما ينتهي إلى ما انتهى إليه التصويت الذي جرى في كردستان العراق من أجل الانفصال النهائي عن الدولة العراقية”.

بالعودة إلى تصريحات إلهام أحمد، فإنها لم تخرج عن الأدبيات السياسية التي تبنتها الإدارة الذاتية في سنواتها الأخيرة، إلا أنها هذه المرة أتت في لحظة سياسية انتقالية دقيقة، ما يجعلها محمّلة برسائل تفاوضية موجهة إلى دمشق، و حتى إلى الأطراف الإقليمية والدولية التي تراقب باهتمام شكل النظام الذي سيُبنى على أنقاض المركزية الأسدية.

وفي مقابل هذا الخطاب، أُعلن في 15 نيسان 2025 عن تأسيس “مجلس التعاون والتنسيق في الجزيرة والفرات”، الذي يضم سبعة كيانات سياسية ومدنية، أبرزها “تجمع أبناء الجزيرة – تاج”، و”اتحاد شباب الحسكة”، و”حركة 8 كانون”، كحراك عربي مضاد يرفض ما وصفه بـ”مشاريع الفدرلة والتقسيم”. البيان التأسيسي للمجلس شدد على أن “قسد” لا تمثل عرب المنطقة، وأن وجود بعض العناصر العربية في صفوفها لا يمنحها شرعية التحدث باسمهم، داعياً إلى تمثيل سياسي بديل ينقل صوت المنطقة إلى العاصمة دمشق وإلى المؤسسات الدولية، مع التأكيد على وحدة سوريا أرضاً وشعباً.

هل تصلح الفيدرالية لسوريا؟

يأتي هذا الاستقطاب في وقت لم تتبلور فيه بعد الصيغة النهائية لشكل الحكم في سوريا الانتقالية، ما يعيد طرح سؤال جوهري؛ ما الذي يعنيه فعلاً النظام الاتحادي؟ وهل يمكن تطبيقه في سوريا؟

الفيدرالية، بحسب التعريف السياسي والدستوري، تقوم على نقل جزء من السلطة السيادية إلى وحدات مكوّنة للدولة، بحيث تكون لهذه الوحدات صلاحيات تشريعية وتنفيذية وقضائية واضحة ومحميّة في الدستور، لا يمكن تعديلها إلا بإجماع وطني. وهي تختلف عن اللامركزية الإدارية التي تمنح السلطات المركزية صلاحيات محلية محدودة قابلة للتعديل أو الإلغاء.

وتُعد الفيدرالية إطاراً ناجحاً لإدارة التنوع في دول مثل ألمانيا وسويسرا والهند، لكنها في الحالة السورية لا تزال محل جدل واسع، يعود جزء منه إلى التباين الحاد في البنية الديمغرافية وتوزيع الموارد. ففي حين تتمتع مناطق شمال شرقي سوريا بثروات طبيعية كبيرة من النفط والزراعة، فإن مناطق أخرى تعاني من هشاشة اقتصادية وافتقار للبنية التحتية، ما يجعل الحديث عن توزيع عادل للسلطة والثروة أمراً بالغ الحساسية، كما أن هناك مخاوف لدى بعض الأطراف في سوريا من أن تُستخدم الفيدرالية كغطاء لانفصال تدريجي، رغم تأكيد الإدارة الذاتية مراراً أنها ملتزمة بوحدة البلاد.

في ضوء هذا الجدل، تبقى الفيدرالية بين من يراها ضماناً للتعدد والمشاركة السياسية، ومن يخشى أن تكون قفزة على اللحظة الوطنية الجامعة. ويبدو أن الحسم لن يكون سياسياً فقط، بل دستورياً أيضاً، إذ إن أي نظام اتحادي لا يمكن ترسيخه إلا من خلال وثيقة دستورية توافقية، تُعرض على الاستفتاء الشعبي وتُكتب بيد جميع السوريين، لا من خلال تفاهمات ثنائية أو موازنات أمر واقع.

الباحث شورش درويش، بيّن خلال حديثه بأن المجتمعات المحلية، ومن ضمنها الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا، تبحث في الأصل عن ضمانات من المركز بأن لا يعاد نموذج الدولة المركزية المتسلّطة، وفي حال طلبت الضمانات من “الأطراف” فإن ذلك ممكن بالنظر إلى تجارب جميع الدول التي حدّت من سلطة المركز، وزاد بالقول “المركز سيحتفظ بالسلطات السيادية (الدفاع والاقتصاد والخارجية والداخلية)، وبالتالي فإن إفساح المجال للمجتمعات المحلية للتعبير عن نفسها ثقافياً وإدارياً ورسم خططها للتنمية لا يتعارض مع السياسة العامة للبلاد، ويستحيل من خلال إعادة التعاقد بين السوريين أن تهدد اللامركزية الوحدة الترابية للبلاد، ولأجل ذلك ينبغي أن تجترح سوريا نموذجاً أكثر عدلاً تجاه المجتمعات المحلية والثقافات الوطنية، واتباع سياسات جهوية رشيدة معبّراً عنها في دستور يقطع مع الدساتير السابقة التي كرّست المركزية التي دخلت في خدمة الدكتاتورية”.

من جانبه أفاد الكاتب، حسن النيفي، خلال تصريحاته لموقع “تلفزيون سوريا”  بأن إعادة النظر في الإعلان الدستوري بات أمراً واجباً لاستدراك بعض الأمور، “أهمها التأكيد على حق الكرد بحقوقهم الثقافية والإشارة إلى حقهم في التعلم والحديث باللغة الكوردية، وإذا ما تزامن هذا مع اعتماد نظام اللامركزية الإدارية، فأعتقد سيكون مخرجاً سليماً ومناسباً للجميع”، وفق تعبيره.

واستدرك بالقول “غياب الفيدرالية لم يكن في أي يوم من الأيام أصلاً للمشكلة السورية، كذلك فإن الدعوة إلى اعتماد نظام فيدرالي اليوم لن يكون أصلاً في حل المشكلة أو مخرجاً للأزمة، بل ربما يكون مقدمة لتشظي الجغرافيا السورية وكذلك عاملاً ممهداً لمزيد من النزعات الانفصالية”.

من ناحيته اعتبر درويش في ختام تصريحاته لموقع “تلفزيون سوريا”، أن النموذج الذي تطرحه الإدارة الحالية قابل للتطوير ولن يكون نموذجاً جامداً. “تتوقف إمكانية تطوير التجربة على السياسات التي ستتبعها دمشق إزاء فكرة اللامركزية في عموم سوريا، وعلى قدرتها تخطي سياسات الإنكار والاضطهاد القومي تجاه الكرد التي اتبعها نظام البعث، وبطبيعة الحال فإن الوصول إلى صيغة حكم محدّثة وإلى تعاقد دستوري يتطلّب تطوير التفاهمات على الأرض بين دمشق والإدارة الذاتية، ولعل تجربة الأحياء الكردية بحلب مطلع الشهر الجاري تبدو واعدة لجهة إدماج القوى الأمنية في هيكلية الدولة والتي قد تنعكس على مجمل شمال شرقي سوريا، شريطة أن يتم تنحية الظرف الإقليمي الضاغط على الطرفين (الإدارة ودمشق) من مجريات عملية التفاهم والاتفاق، بالشكل الذي يجعل من أي إتفاق إطاري اتفاقاً وطنياً يعزز فرص الحل السياسي في مجمل البلاد”.

طرح تفاوضي أم مشروع ثابت؟

بدران جياكرد وهو قيادي بارز في “الإدارة الذاتية” كان قد قال في وقت سابق من هذا الشهر لوكالة “رويترز”، إن “جميع القوى السياسية الكردية في سوريا اتفقت في ما بينها على رؤية سياسية مشتركة حول شكل الحكم السياسي وهوية الدولة السورية وماهية حقوق الكرد وكيفية تضمينه دستورياً، وأكدوا ضرورة تحقيق نظام اتحادي برلماني تعددي ديمقراطي”.

وقال جياكرد “الأمر الأساس بالنسبة إلى المجتمع السوري وجغرافيته والواقع المعاش تؤكد ضرورة الحفاظ على خصوصية كل منطقة إدارياً وسياسياً وثقافياً، وهذا ما يلزم وجود مجالس محلية تشريعية في إطار الإقليم وهيئات تنفيذية لإدارة شأن الإقليم وقوات أمنية داخلية تابعة لها”، وأضاف أنه ينبغي تحديد ذلك في الإطار الدستوري لسوريا”.

في حين كان الرئيس السوري أحمد الشرع أعلن معارضته للنظام الاتحادي، خلال مقابلة مع صحيفة “الإيكونوميست” في كانون الثاني الماضي، معتبراً أنه لا يحظى بقبول شعبي ولا يصب في مصلحة سوريا، بحسب تعبيره.

تلفزيون سوريا

———————–

====================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى