العدالة الانتقالية الحسّاسة للجندر في سوريا.. حوار مع لمى قنوت

21 نيسان 2025
مايا البوطي
“من دون مشاركة النساء بتنوعاتهن وتنوع سياقاتهن، ومشاركة النسويات والنسويين تحديداً، ستكون العدالة من وجهة نظر الذكور الممتثلين جندرياً فقط، وبالتالي سيبقى الأثر الجندري الواسع للجرائم والانتهاكات غير مرئيّ” تقول الباحثة النسوية لمى قنوت في هذه المقابلة التي تقدّم فيها مقاربتها للعدالة الانتقالية في سوريا من عدسةٍ حسّاسةٍ للجندر، مقاربةٌ مبنية على دراسةٍ ذات صلة أجرتها في العام ٢٠١٩.
في ظلّ متغيّراتٍ متسارعة نعايشها منذ سقوط نظام الأسد، لا يزال ملف العدالة الانتقالية على رأس المطالب التي يجب العمل عليها. فبعد تاريخٍ دمويّ لحكم آل الأسد، تكثّف في المقتلة في الأعوام الثلاثة عشر الأخيرة، لم تتوقّف مطالبة السوريين/ات بمحاسبة مرتكبي الجرائم بحقهن/م. مع ذلك، لايزال هذا الملف بانتظار إجراءاتٍ تُعجّل العمل عليه وتعطيه حقه على جدول القضايا المُلحة.
يشكّل هذا الملف دعامةً ضامنةً للسلم الأهليّ في سوريا، خصوصاً بعدما شهدناه من مجازر مؤسفة في الساحل السوري، جاءت لتعكّر سلاماً منشوداً يلفّ البلاد مع نهاية حقبة الإجرام الأسدي. تعكس هذه المجازر وما رافقها من خطاب كراهيةٍ على مواقع التواصل وبعض منصّات الإعلام السوري، الحاجة للمحاسبة سبيلاً لشفاء الجراح وتحقيق العدل وتعزيز الأمن.
وبسبب قلّة الأبحاث في مجال العدالة الانتقالية، في السياق السوري، يُعتبر البحث الذي أجرته الباحثة لمى قنوت “العدالة الانتقالية الحساسة للجندر في سوريا” (2019)، مرجعاً مهماً لفهم آليات العدالة الانتقالية من خلال عدسةٍ تضمينية، تراعي منظور النساء وتمثيلهنّ في هذا المسار الذي يُعتبر ضمانةً للسلم الأهلي في سوريا.
فيما يلي حوارٌ معها حول بحثها وأفق العدالة الانتقالية في سوريا.
(1): قمتِ في خضمّ بحثك بتعريف العدالة الانتقالية وكيف يمكن لها أن تكون عدالةً مراعيةً لمنظور النوع الاجتماعي الحسّاس، هل لك أن تخبرينا عن هذا التعريف باختصار، ضمن رؤيتك وفهمك للسياق السوريّ؟
ينطلق تعريفي للعدالة الانتقالية الحسّاسة للجندر من التعريف الشائع، باعتباره تعريفًا لا يشتبك مع البنى القمعية غير المعسكرة مثل الطبقية والنظام الأبوي، فكان لابد من تعريفٍ ينطلق من العدسة النسوية التقاطعية، المتمحورة حول ومع الضحايا، ليعمم على كامل المسار، بدءاً من المساواة في المشاركة والتمثيل العريض للنساء بتنوعاتهن وتنوع سياقاتهن، وفهم وتحليل تطور أدوارهن وتجاربهن قبل وخلال وبعد النزاع، وديناميات السلطة في المجتمع وجميع المؤسسات، ومن ضمنها مؤسسة الأسرة، التي سمحتْ وسهّلت حدوث الجرائم والانتهاكات والعنف بكافة أشكاله، قبل وخلال النزاع، لتشمل خريطةُ الانتهاكات أثرها المباشر وغير المباشر عليهن، وعلى الأجيال، بشكلٍ تقاطعي، ويكون التخطيط لتدابير عدالةٍ انتقاليةٍ تحولية، معنيةٍ بتفكيك هياكل السلطة وإحداث تغييرٍ جذريّ، عبر ركائزها المتمثلة في معرفة الحقائق والمساءلة والمحاسبة وجبر الضرر وإصلاح المؤسسات والتشريعات.
(2): بيّنتِ في البحث أن عنف النظام لم يبدأ مع اندلاع الثورة في عام 2011، وتقترحين تضمين ما سبق الثورة في مسار العدالة الانتقالية.
محطات عنف النظام قبل الثورة عديدة، ومن حق السوريين والسوريات تضمين كافة أشكال الجرائم والانتهاكات مثل مجازر حماة في الثمانينات، وفي السجون مثل سجن المزة وتدمر، وفي إحصاء عام ١٩٦٢، وانتفاضة الكورد عام ٢٠٠٤.
(3): تؤكدين على ضرورة عدم الاكتفاء بالبحث في عنف النظام ضد الناجيات من الاعتقال من منظورٍ يقتصر على العنف الجنسيّ، كيف يتم ذلك؟ وما أهمية ذلك في سياق تعزيز الحساسية المراعية للنوع الاجتماعي؟ وكيف يساهم اشراكُ النساء بمسار العدالة الانتقالية بتحقيقها؟
لأن اتجاهات العدالة بالنسبة للعديد من المنظمات العاملة على العدالة الانتقالية تركِّز فقط على العنف الجنسيّ، ومن ضمنه الاغتصاب، وعلى رغم أهمية ذلك، إلا أن تجاهل المروحة الواسعة للجرائم والانتهاكات المباشرة وغير المباشرة التي تعرّضن ومازلن يتعرضن لها، ونزع الأسباب التي أدّت وتؤدي إلى هشاشتهن تجاه الاستغلال والعنف الجنسي كالإفقار والتشريد القسري وظروف المخيمات وعدم القدرة على العمل واستغلال بعض موظفي المساعدات الإنسانية، إضافةً إلى تجاهل العنف الجنسي الذي يطول الرجال والفتيان، كل ذلك يرسخ في الوعي العام المرأةَ الجسدَ، و/أو الوعاء، المرأة بوصفها شرف ذكر/ذكور العائلة، أيْ لا شرف مستقلّاً لها، وهي مسؤولة عنه. وباستثناء خبيرات الجندر والمنظمات النسوية العاملة على العدالة الانتقالية لا تهتم باقي المنظمات، التي يقودها عادةً رجال، بالعدالة التي تريدها النساء بتنوعاتهن وسياقاتهن والفئات المهمشة الأخرى، ولا يهتمون بآرائهن حول خريطة الجرائم الانتهاكات.
(4): عملتِ على البحث في فترةٍ كان فيها نظام الأسد قائماً. أوضحتِ حينها أن العدالة الانتقالية تحت بند القرار2254 هي عمليةٌ منقوصة، مجادِلةً بأنه إن لم تتمّ محاسبة مجرمي الحرب لا يمكن الوصول إلى عدالةٍ شاملة. الآن ومع سقوط النظام، كيف من الممكن برأيك تطبيق عدالة اجتماعية تشمل جميع الفئات وتراعي الحساسية تجاه قضايا النساء؟
العدالة الانتقالية إن لم تشمل وتطال جرائم وانتهاكات جميع الأطراف، ومن ضمنها الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت في الساحل مؤخرًا، تكون عدالةً منقوصة. وكما كان الأمر بوجود نظام الأسد سابقًا كطرفٍ في قرار 2254، نواجه الآن تحدّياً يتعلق بالأطراف الأخرى ومن ضمنها الفصائل المنضوية في وزارة الدفاع، أو تلك التي ستنضوي فيها فيما بعد، فلا يمكن بناء سوريا الجديدة في تجاهل أو حماية أو التواطؤ مع مجرمين أو مشتبهٍ بهم من دون مساءلةٍ ومحاسبةٍ وجبر ضرر الضحايا، ولا يمكن اصلاح مؤسسات الدولة من دون إجراءات العزل السياسي.
وعن الشق الثاني من السؤال، أعتقد أن بناء عدالةٍ انتقاليةٍ تحويلية يمهد الطريق لبناء عدالةٍ اجتماعيةٍ من منظورٍ نسويٍّ تقاطعيّ، كإطار العدالة الإنجابية التي تتقاطع مع قضايا وهياكل متعددة مثل، الإفقار، واللجوء، والنزوح، والهجرة، والمواطنة، والإعاقة، والرأسمالية، والمنظومة الأبوية، والعنف المبني على النوع الاجتماعي، والعنف الأسري وعنف الشريك الحميم، والعدالة البيئية، وسلطوية وذكورية المؤسسة الطبية، والقوانين والأعراف المحلية، والاحتلال والإرث الكولونيالي، والتمييز العنصري المُمأسّس، والاستبداد بكل أشكاله، الذي يعيق حق الأفراد بالسيادة التامة على أجسادهم/ن، وحرياتهم/ن في الاختيار، وحقوقهم/ن الإنجابية، ونوع البيئة التي يرغبون/ن في العيش فيها.
(5): تكلمتِ في بحثك عن جبر الضرر بأشكاله المادية والمعنوية، هل بوسعك مشاركة طرق وأشكال جبر الضرر معنا؟
أشكال جبر الضرر متعددة، فردية وجماعية ومناطقية، وقد تم تلخيصها بـرد الحقّ والتعويض وإعادة التأهيل وتدابير الإرضاء وضمانات عدم التكرار. وتمتد التعويضات الفردية منها، مثلاً، إلى المعاشات وفرص التعليم والتدريب والوصول إلى الخدمات الصحية وقضايا الأرض والسكن والملكية وإعادة التأهيل النفسي، إضافة إلى برامج جبر الضرر الجماعي واعتذاراتٍ رسمية وتدابير رمزية أخرى، ولكن العدسة النسوية التقاطعية ركزت على فحص علاقات القوة والسلطة من أجل تغيير البنى التمييزية ضد النساء والفتيات بتنوعاتهن وتنوع سياقاتهن، والفئات المهمشة، ويحتوي كتابي على أمثلةٍ عن تجارب دولية متعددة.
فصل الموظفين في الساحل السوري.. غياب “العصا السحرية” يرافق الحكومات السورية!
25 آذار 2025
(6): تكلمتِ عن ضرورة إعادة هيكلة مؤسسات الدولة لضمان وقف الظلم المتجذّر في بنيتها، كيف يمكن تحقيق هذا الأمر مع ما نشهده في سوريا من تسريحٍ للموظفين-ات ووقف صرف رواتب العاملين/ات في بعض المؤسسات والقطاعات؟
تعتبر إعادة هيكلة المؤسسات، وخاصة قطاعيّ الأمن والعدالة، صيغةً وقائيةً تساهم في منع تكرار الجرائم والانتهاكات، ولكن النهج الذي اتبعته الإدارة الحالية في معالجة الفساد والترهل المؤسساتي نهجٌ متسرعٌ وتعسفيّ، لم يُبنَ على دراسة ملفات الموظفين الوهميين أو ما يعرف بـ “الموظفين/ات الأشباح” ومن يتقاضون رواتب من عدة مؤسساتٍ حكومية، فانسحب التسريح التعسفي على الكثير من العمال والعاملات، وأُعطي البعض إجازاتٍ قسرية، الأمر الذي زجّ بهم وبأسرهم في دائرة البطالة والإفقار وهدر الحقوق. وقد تناولت في مقالي المعنون بـ “عمال وعاملات في مرمى إجراءات تعسفية” بأنه في حال تأخر تشكيل هيئةٍ للعدالة الانتقالية، يجب تشكيل لجنةٍ محايدةٍ ومستقلة، تضم قانونيين وممثلين عن النقابات والاتحادات المهنية وخبراء في العدالة الانتقالية، من النساء والرجال، تعمل وفق عدة مستويات، ويتقاطع عملها فيما بعد مع تدابير العدالة الانتقالية الأخرى، المتمثلة في المحاسبة وكشف الحقيقة وجبر الضرر والإصلاح المؤسسي والتشريعي، وعلى اللجنة أن تتبع نهجًا شاملًا متكاملاً عبر مجموعة خطوات، تبدأ من تعليق نصوصٍ في قوانين العمل، تلك التي منحت امتيازاتٍ لحزب البعث المنحل، وتفحص سجلات جميع الموظفين، وتحدد الوهميين منهم، وتطالب المقتدرين باسترداد قيمة الرواتب التي قبضوها من دون عمل، ولا تقوم بإجراء تسوياتٍ للموظفين المتورطين، نساءً ورجالًا، في الفساد واسع النطاق والجرائم الاقتصادية لحين مسائلتهم ومحاسبتهم، وتعمل على استرداد الأموال العامة المنهوبة، كما ويجب التحقيق بشأن الموظفين المنتَدَبين، نساءً ورجالًا، إلى مؤسسات حزب البعث والمنخرطين في ميليشياته، ومحاسبة مرتكبي الجرائم والانتهاكات، وتطبيق العزل السياسيّ على موظفي الدولة من رموز النظام السابق، الذين حرّضوا على العنف أو تلطختْ أيديهم بالدماء، ويحب إعادة هيكلة الملاكات وتوزيعها في مؤسساتٍ أخرى حسب الخبرة والمهارة ومكان الإقامة، مع الاستمرار في تدريبهم وتأهيلهم.
(7): كيف يمكن ضمان وجود المحاسبة وتنظيم محاكمات، في وقتٍ أجرت فيه هذه الإدارة تسوياتٍ اتسمت بعدم الشفافية، وتسري أحاديث عن تصفيات وانتقامات؟ بكلام آخر، كيف يمكن الموازنة بين المحاسبة وضمان السلم الأهلي؟
تتبع الإدارة الجديدة نهجًا غير شفّاف بما يتعلق بالتسويات التي تُبرمها مع مرتكبي جرائم اقتصادية وجرائم حرب وانتهاكاتٍ جسيمةٍ لحقوق الإنسان، وهو نهجٌ يتعارض مع تدابير العدالة الانتقالية ويضرّ بالسلم الأهلي، وقد رأينا مشاهد الغضب العارم في حي التضامن مؤخرًا، مع ظهور أحد مجرمي مجزرة التضامن فيها. وحده إطلاق مسار العدالة الانتقالية المترافق مع حظر وتجريم خطاب الكراهية قانونيًا، أي “حظر أيّة دعوةٍ إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكّل تحريضًا على التمييز أو العداوة أو العنف” كما تنص (المادة 20) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، ويمكن أن يستنير القانون بـ “خطة الرباط” التي طوّرتها الأمم المتحدة كي لا يمسّ القانون حرية التعبير، ويجب أن تتوقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الساحل، وتخضع الجرائم التي ارتُكبت إلى تدابير العدالة الانتقالية في المساءلة والمحاسبة وجبر الضرر ومعرفة الحقيقة، كما لا يمكن بحالٍ من الأحوال أن يُبنى القطاع الأمنيّ بمشاركة مجرمي حرب.
(8): نريد أن نتوقف عند “الحوار الوطني”، هل كان ذا أهميةٍ لمسار العدالة الانتقالية؟ وما هي ملاحظاتك حول الكيفية التي تم بها، ونتائجه؟ وهل تجدين تمثيل النساء عادلاً فيه؟
مؤتمر الحوار هو استحقاقٌ وطنيّ يجب أن يكون بداية لحواراتٍ مطولة وممتدة، لا حدثًا ناجزًا، أدائيًا، سُلق على عجل، واكتفى مهندسوه ولجنته التحضيرية بتوجيه دعواتٍ طغى عليها مزيجٌ من الشللية والاستنسابية، من دون أيّة معايير واضحة وشفافة، شارك فيه حوالي 600 شخص، واستغرقت حواراته عدة ساعات، قُدرت بخمس ساعات، نجمتْ عنها مخرجاتٌ عامة استئناسية غير ملزمة، حُرمت فيه الأحزاب والكتل السياسية والنقابات والاتحادات المهنية ومنظمات المجتمع المدني، ومن ضمنها النسائية والنسوية، من تمثيل نفسها بنفسها.
أما بخصوص مخرجاته فهي لم تحوِ أيّ ذكر لأهمية عقد مؤتمرٍ وطنيٍّ تأسيسيّ تنجم عنه لجنةٌ منتخَبةٌ لكتابة دستورٍ دائمٍ للبلاد، وتجاهَل البند السادس والذي ينص على: “إعداد دستورٍ دائمٍ عبر لجنةٍ دستوريةٍ تضمن التوازن بين السلطات…” تحديد الآلية والجهة التي يفترض بها أن تكون منتخَبةً من قبل مؤتمرٍ وطني، وتم استخدام مصطلح “التوازن بين السلطات” بدل الفصل بين السلطات، وحصر البند العاشر تحقيق العدالة الانتقالية عبر محاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات، ولم يذكر الركائز الأخرى المتمثلة في معرفة الحقيقة وجبر الضرر وإصلاح المؤسسات والتشريعات، وأضيف على هذا البند في النسخة المعدلة التي نشرتها سانا إصلاح المنظومة القضائية والتشريعات فقط، ولم يرد في المخرجات كلمة ديمقراطية، بينما كلمة المواطنة أضيفت في النسخة التي نشرتها سانا، ودمج البند الثامن، حقوق الإنسان، ودعم دور المرأة، وحماية حقوق الطفل، ورعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، وتفعيل دور الشباب في الدولة والمجتمع، بينما كان يجب أن يُخصّص بندٌ لكل قضية منها، أما البند العاشر والمتعلق بترسيخ “مبدأ المواطنة، ونبذ كافة أشكال التمييز على أساس العرق أو الدين أو المذهب” فلم يشمل أشكال التمييز ضد النساء بتنوعاتهن وتنوع سياقاتهن والفئات المهمشة، بالإضافة إلى نقاط أخرى.
أما بخصوص تمثيل النساء، فقد تناولت في مقالي المعنون بـ “فجوات ونقاط ضعف جلسات الحوار الوطني”، ضعف وجود النساء من كافة الاختصاصات والاهتمامات، ومن ضمنهن السياسيات والإعلاميات والمدافعات عن حقوق النساء والقضايا الأخرى. وأشرتُ إلى أن حصر اللقاءات على المدن الرئيسية حرم العديد من المفقرين في الأرياف، نساءً ورجالًا، غير القادرين على تحمل نفقات النقل والإقامة للمشاركة، وأن اللقاءات المخصصة لبعض المحافظات والتي عُقدت في دمشق، كالرقة مثلًا، أثرتْ على نسبة المشاركة في اللقاء، وخاصة النساء، اللواتي قُدّر عدد من حضر منهن بأربع فقط. ناهيك على أن اللجنة التحضيرية للحوار، وباستثناء السيدتين هند قبوات وهدى الأتاسي، كانوا من لون واحد.
(9): ما أهمية مشاركة النساء في العدالة الانتقالية وعمليات السلام في سوريا الجديدة؟
من دون مشاركة النساء بتنوعاتهن وتنوع سياقاتهن، ومشاركة النسويات والنسويين تحديداً، ستكون العدالة من وجهة نظر الذكور الممتثلين جندرياً فقط، وبالتالي سيبقى الأثر الجندري الواسع للجرائم والانتهاكات غير مرئيّ، وسيغيب النهج التحوّلي للعدالة الانتقالية. وباستثناء العنف الجنسيّ، فإن حزم العنف المترابطة والمركّبة بكافة تقاطعاتها على النساء والفتيات لن تكون مضَمّنة، أي سيتم الحدّ من العنف المُعسكِر في الشوارع والمساحات العامة، وسيبقى عنف وسلطوية المنظومة الأبوية وهياكل القمع الأخرى مسلّطاً عليهن وعلى أجسادهن في جميع المساحات.
(10): ما هي أهم خطوة نحتاجها الآن لتحقيق العدالة الانتقالية في سوريا؟ أو هل لديك توصيات بخصوص العدالة الانتقالية والسلم الأهليّ في سوريا؟
بالنسبة للعدالة الانتقالية فأنا أعتقد أنه من الضروري خلق شبكةٍ واسعة تضم روابط الضحايا وخبراء العدالة الانتقالية، رجالًا ونساءً بتنوعاتهن، والمنظمات المشتغلة عليها، والاستفادة من جميع الكفاءات والاختصاصات والمهارات المتنوعة لدعم هذا المسار، بحيث ترفد هذه الشبكة وتدعم هيئةَ العدالة الانتقالية التي ستتشكّل، لكن خشيتي من الآلية التي ستتشكل فيها اللجنة، وهل ستحظى بالاستقلالية اللازمة، أو سيتعرض المسار لعملية سلق، وشكلٍ أدائي كما حصل مع الحوار الوطني، ولذلك يمكن للشبكة أن تمارس دورها النقدي والاستشاري والمعرفي في دعم المسار.
كما أن لجان السلم الأهلي المحلية وتدابير العدالة الانتقالية التحولية، مساران يدعمان بعضهما بعضاً للوصول إلى سلامٍ مستدام ومصالحةٍ وطنية.
لمى قنوت
كاتبة وباحثة، سياسية مستقلة، نسويّة، لها عمودٌ أسبوعيّ في جريدة عنب بلدي. صدر لها ثلاثة كتب عن المشاركة السياسية للنساء السوريات، والعدالة الانتقالية الحسّاسة للجندر، والتاريخ الشفوي لناجيات سوريات من الاعتقال. شاركت قنوت في تأسيس وإدارة عددٍ من منظمات المجتمع المدني.
حكاية ما انحكت