الموقف الأميركي اتجاه سوريا، مسالة رفع العقوبات، الشروط التي تفرضها الولايات المتحدة الاميركية على الحكومة السورية تحديث 24-25 نيسان 2025

لمتابعة هذا الملف التبع الرابط التالي
العقوبات الأميركية على سوريا الجديدة وسبل إلغائها
—————————–
عن الجهاديين الأجانب في سورية/ طارق عزيزة
25 ابريل 2025
ملف الجهاديين الأجانب من الملفّات المعقّدة التي على السلطة الجديدة في سورية التعامل معها، بعدما فتح الباب أمام انتقادات خارجية وداخلية، فالأمر لا يقتصر على الجانب الأمني، وما يثيره من هواجس ومخاوف لدى بعض العواصم الغربية والعربية، وإنما يستدعي التساؤل عن المشروع الذي تحمله هذه السلطة، ومضمونه الأيديولوجي والسياسي الحقيقي.
تنقسم آراء السوريين حيال ظاهرة “المهاجرين”، وفق التسمية الشائعة في القاموس الجهادي، فأنصار السلطة عموماً يُكبِرون فيهم تضحياتهم في مواجهة نظام الأسد، ولا يرون ضيراً من تجنيسهم ومنحهم الرتب والمناصب العسكرية، “اعترافًا بدورهم في إسقاط النظام”، إلى جانب تبرير عدم إمكانية إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية، بالصعوبات السياسية والأمنية التي تعيق ذلك. في المقابل، تعبّر أصوات سوريين آخرين عن مخاوف متزايدة من وجود غير سوريين في مواقع القرار الأمني والعسكري، فضلاً عن سلوك بعض الجهاديين في الأوساط المدنية، وتدخّلهم في خصوصيات الناس، وما لهذه الممارسات من انعكاسات خطرة على السلم الأهلي الهشّ أصلاً، وحقوق المواطنات والمواطنين وحرّياتهم الأساسية. فوق هذا، ما تزال الذاكرة السورية مثقلة بتجربة الحكم الجهادي متعدّد الجنسيات لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، في بعض ما كانت تُسمّى “مناطق محرّرة”.
أثار أسلوب تعامل السلطة مع ملفّ الجهاديين الأجانب قلقاً وردوداً سلبية في عواصم أوروبية رئيسية وفي الولايات المتحدة، إذ لم يَرُقها دمج عناصر أجنبية جهادية في بنية التشكيلات العسكرية والأمنية الجديدة، ورأتها خطوةً لا تساعد في تطوير التعاون السياسي والتنموي، وقد تضع عراقيل جدّية أمام مساعي تمويل إعادة الإعمار، والاعتراف السياسي والدبلوماسي الكامل بالوضع الجديد، مشدّدةً على ضرورة بناء مؤسسات وطنية الطابع، لا تخضع لولاءات أيديولوجية متطرّفة أو عابرة للحدود الوطنية.
ليس من المقبول بعد زوال نظام الأسد أن يُقتل مواطنون سوريون لأسباب طائفية، ويشارك في القتل جهاديون أجانب، ثم يفلتون من العقاب
تعزّزت المخاوف بعد مجازر طائفية استهدفت سوريين علويين مدنيين في الساحل السوري خلال الشهر الماضي (مارس/ آذار)، بعد هجمات نفذها مقاتلون موالون للنظام السابق، راح ضحيتها عناصر من الأمن، فقد كشفت تقارير حقوقية وشهادات ميدانية عن عمليات انتقامية بدوافع طائفية، كان من بين المشاركين فيها جماعات جهادية أجنبية. ورغم اعتراف السلطة بالانتهاكات، وإعلانها تشكيل لجنة تقصي حقائق في “أحداث الساحل”، ثم تمديد مهلة عمل اللجنة، تتزايد الشكوك حيال غياب المساءلة والافتقار إلى النّية الجدّية في كسر حلقة الإفلات من العقاب، مع الإهمال المتعمّد للمناطق المنكوبة، واستمرار الجرائم والانتهاكات، وإنْ متفرّقة.
يمكن تصنيف الجماعات الجهادية الأجنبية في فئتين، كانت الأولى ضمن هيئة تحرير الشام وجزءاً عضوياً منها، وعملت الثانية باستقلالية، وراوحت علاقتها بالهيئة أيام حكم إدلب ما بين التحالف والخصومة، وفق تغيّر الظروف والمصالح. واليوم، أياً تكن دوافع السلطة ومبرّراتها، فيشير الإبقاء على عناصر جهادية أجنبية في سورية، بعضها مصنّف على قوائم الإرهاب، إلى استمرار شيءٍ غير قليل من العقلية الفصائلية والتقاليد السلفية الجهادية لدى حكّام سورية الجدد، رغم محاولاتهم إظهار ابتعادهم عنها والتخفّف من إرثها، لعلمهم أنّها تؤثّر سلباً في علاقاتهم الإقليمية والدولية. ومن ثم، إذا كان الجيش السوري الجديد وطنياً ويعبّر عن الشعب السوري كلّه، كما يزعمون، فلا حاجة عندهم إلى الجهاديين الأجانب، لأنّ المشروع الذي أتى بهؤلاء للقتال في سورية لا ينسجم مع بناء هوية سورية جامعة، تؤسّس وطناً حرّاً كريماً، لجميع مواطناته ومواطنيه.
لقد نادت الثورة السورية بالكرامة والحرية وسيادة الشعب، ضدّ نظامٍ رهن البلاد ومقدّراتها لحلفائه الأجانب، واستقدم مقاتليهم ومنحهم الجنسية والسلاح لينكّلوا بالشعب حفاظاً على الحكم. ليس من المقبول بعد زواله أن يُقتل مواطنون سوريون لأسباب طائفية، ويشارك في القتل جهاديون أجانب، ثم يفلتون من العقاب، ويحظون بالحماية والرعاية والتكريم من السلطة الجديدة، لأن هذا سيعني تضاؤل الفروق بين سلوك النظام البائد وسلوك ورثته في الحكم، الذين ينسبون إلى أنفسهم الفضل في “تحرير” البلاد منه.
مسألة الجهاديين الأجانب في سورية سياسية بامتياز، وترتبط بمشروعية الحكم
تتأكّد خطورة هذا الملف بإدراجه ضمن شروط الغرب لتخفيف العقوبات الدولية ورفعها، ويبدو أنّه متضمّن في التصريحات الدبلوماسية الغربية عن “اختبار النيات”، ومراقبة سلوك السلطة الانتقالية، ومعنى ذلك أن موضوع العقوبات تجاوز النظام السابق وما ارتبط به من جرائم وانتهاكات، وأصبح رهناً بسلوك السلطة الجديدة وأجنداتها.
ربما يتمكّن الرئيس السوري الانتقالي من تجنّب الضغوط التي يسببها ملف الجهاديين الأجانب، ويكسب بعض الوقت بما عُرفت عنه من براغماتية. لكنّه مضطرٌّ، في النهاية، إلى اتخاذ قرارات حاسمة، فالمسألة لا تحتمل الحلول الوسط، لأنها ليست مشكلة تقنية تُحلّ بمرسوم يمنح الجنسية، ويبرّر دمجهم في التشكيلات العسكرية، بل هي مسألة سياسية بامتياز، وترتبط بمشروعية الحكم وحدود تمثيله. ومن ثم، عليه الموازنة والاختيار بين الفائدة التي يجنيها من التمسك بهم، والاعتماد عليهم قوةً ضاربة شديدة الولاء له، يرهب بها الخصوم، وبين سلبيات وجودهم ودورهم، وما يستتبعه من خسائر لسلطته ومصداقيتها، خصوصاً قدرتها على إنتاج نظام سياسي جديد، يتجاوز إشكالات الحقبة السابقة وتبعاتها الكارثية، فلا يكون استمراراً لها، بذرائع أيديولوجية ودوافع سلطوية من نوع آخر.
————————————–
بين ضغوط أميركية وتباينات داخلية.. معضلة المقاتلين الأجانب في سوريا/ حسام الملحم
يعتبر ملف المقاتلين الأجانب أحد الملفات المعقدة على المستويين الاجتماعي والسياسي في سوريا بعد سقوط نظام الأسد المخلوع، رغم تفاوت أسباب التحاقهم بجبهات القتال ضد النظام السابق، والتي تراوحت بين ما هو أيديولوجي ديني، أو سياسي، ورغبة في نصرة المظلومين، أو الانجذاب إلى “فكرة الجهاد” أو “المغامرة” أو “الخلاص الشخصي”.
وبعد الإطاحة بنظام الأسد، وخروج هؤلاء المقاتلين من إدلب، المدينة التي حوصر وجودهم بها بالإضافة إلى بعض الأرياف المحررة لسنوات سبقت التحرير، وانفتاح الخريطة السورية أمام تحركاتهم على مصراعيها، تفاوتت المواقف الشعبية والاجتماعية من وجودهم، بالتزامن مع تحول سياسي ضاغط في ملفهم نوعاً ما، وتجلى ذلك بتضمين في أولويات الولايات المتحدة لتخفيف العقوبات الاقتصادية جزئياً عن سوريا، رغم أن تلك العقوبات كانت منوطة بنظام قد سقط أصلاً، وأفرغ هذه العقوبات من مسوغات بقائها.
كفاءات عالية واختلافات عقائدية
ينقسم “المقاتلون الأجانب” كمكون عسكري رفع البندقية بوجه نظام الأسد، إلى عدة أطياف على المستوى العقائدي، فهناك مجموعات تبنت فكراً متشدداً وشكلت فرعاً لتنظيم “القاعدة” وحاربتها كل من “هيئة تحرير الشام” و”التحالف الدولي”، مثل “حراس الدين” (حلّ نفسه في بداية العام)، وهناك فصائل لم تتناغم مع “الهيئة” فانخرطت مع الشيشان، وهناك فصائل تماهت مع “الهيئة ومنحتها قرار السلم والحرب، ومنها كتيبة “الغرباء” الفرنسية، و”المقاتلون الألبان” و”الحزب الإسلامي التركستاني”.
الشيشان هم من الأكثر عدداً وخبرة وتنظيماً بين المقاتلين الأجانب، رغم عدم وجود إحصائيات دقيقة، ومن فصائلهم “جيش المهاجرين والأنصار” (أسسه صلاح الدين الشيشاني)، و”جند الشام”، بالإضافة إلى المقاتلين القادمين من آسيا الوسطى، كالأوزبك والطاجيك والتركمان والكازاخ، ومن فصائلهم “كتيبة التوحيد والجهاد” (أوزبك)
وهناك أيضاً “أجناد القوقاز”، وهم فصيل من مقاتلين شيشانيين وقوقازيين من داغستان والشيشان، وهي جماعة ركزت على قتال الروس ونظام الأسد من دون غرق في منزلق التكفير أو السياسات الداخلية للفصائل، ونشطت في وقت سابق في جبال الأكراد والتركمان بريف اللاذقية الشمالي على خطوط التماس مع قوات نظام الأسد وحليفه الروسي، ورفضت ممارسات تنظيم “داعش”، ومن مميزاتهم العسكرية قلة العدد والكفاءة العالية والانضباط الصارم والتسليح الجيد، والتركيز على قتال الروس كأولوية لهم.
نظرة المجتمع مرهونة بالزمن والجغرافيا
يمكن تقسيم النظرة الاجتماعية حيال المقاتلين الأجانب في سوريا وفق إطار زمني، فالسنوات الأولى من الثورة السورية شهدت قبولاً نسبياً بوجودهم في إدلب وريفي حماة وحلب (مناطق ظلت خارج سيطرة نظام الأسد حتى سقوطه)، لخبرتهم القتالية العالية جداً مقارنة بقوات الأسد، لكن بعد نحو خمس سنوات من الثورة، وتراجع وتيرة العمل العسكري، طرأت تغيرات على المزاج العام شابتها نظرة سلبية ارتبطت بتحكم بعضهم بالحياة المدنية، مع وجود بعض حوادث التشدد الديني، والخوف من استجلاب القصف الروسي أو الدولي بسبب وجودهم، إلى جانب حالة تصادم ثقافي مرتبطة بالعادات واللغة.
على مدار السنوات الماضية، حاول بعض المقاتلين الأجانب الاندماج بالمجتمعات المحلية، فمنهم من تزوجوا من مواطنات سوريات، وهناك من انخرط بمهن وشكّل علاقات صداقة ومعارف، وإن كانت الثيمة الطاغية هي التجمعات الخاصة وأسلوب الحياة المغلق، فمثلاً عاش مقاتلو “الإسلامي التركستاني” مع عائلاتهم في مناطق مغلقة، خصوصاً في جبل التركمان وجبل الزاوية، وقرى في جسر الشغور بريف إدلب الغربي، ونشطت محال تجارية يديرونها في بيع الخبز ومأكولات مرتبطة بهم، لكن شخصيات منهم بدأت تظهر على وسائل التواصل الاجتماعي إثر سقوط النظام، وتنقلت بين المناطق السورية من دون غرض الاستقرار.
وفي مخيم معزول ومراقب، قرب حارم، استقرت كتيبة “الغرباء” وشكلت مجتمعاً منعزلاً ومنغلقاً، ويقودها عمر أومسن، والكثير من أفرادها غير متزوجين، وهناك من تزوجوا من سوريات أو أجنبيات.
المدعي العام الفرنسي لمكافحة الإرهاب، أوليفييه كريستين، أشار في وقت سابق خلال مقابلة مع قناة “RTL”، إلى وجود 70 فرنسياً في جيب إدلب، تابعين للمجموعة التي يقودها أومسن، وهي مقربة من “القاعدة”. ويمكن أن تعبر إدارة مقاتل داغستاني لمطعم سوشي شمال غربي سوريا في 2023، عن محاولة اندماج في المجتمع السوري، بعد قتال لخمس سنوات ضد نظام الأسد.
وبعد سقوط الأسد، تنقسم الآراء حيال هؤلاء المقاتلين، فبعض المجتمعات المحافظة ترى فيهم “ثواراً أجانب” ساعدوا في المعركة ضد الأسد، وأسهموا في وضع نقطة النهاية على خط معاناة طويل خطه النظام السابق على امتداد 14 عاماً من حياة السوريين التي تراوحت بين تهجير وتدمير وقتل واعتقال وتعذيب ولجوء ونزوح وسلب ممتلكات.
وخلافاً لهذه الرؤية، فإن سوريين في مناطق أخرى يبدون حالة عدم ارتياح من تشدد بعض “المقاتلين الأجانب” ومحاولتهم فرض رؤى تحمل تطرفاً بنظر منتقديهم، كما أن فئات أخرى تنظر إلى المسألة من زاوية تهديد الاستقرار، ما لم يلق المقاتلون الأجانب سلاحهم، على اعتبار أن البلاد مرهقة بالحرب وترنو إلى مستقبل سياسي مدني.
مديونية أخلاقية وسياسية
لم تصدر أي دراسات تتناول وجود المقاتلين الأجانب في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، لكن دراسة صدرت عام 2023، بعنوان “Foreign Fighters and Transitional Justice in Post-Conflict Syria” (المقاتلون الأجانب والعدالة الانتقالية في سوريا ما بعد الصراع)، شددت على ضرورة تطبيق العدالة والمحاسبة على الأفعال الفردية في سوريا، إذ لا وجود لحلول جماعية عامة، مع مطالبات بمحاكمة من ارتكب جرائم، أو ترحيل من بقي بلا مبرر واضح، بالإضافة إلى ميل للسماح بالاندماج لمن أثبت نواياه السليمة ووجوده الإنساني، من دون أن يتعارض ذلك مع رغبة المجتمع باستعادة الحكم في مجاله المحلي من دون تدخل المقاتلين الأجانب.
الدكتور عبد الرحمن الحاج، الباحث في الجماعات الجهادية، أوضح لموقع تلفزيون سوريا، أن موضوع المقاتلين الأجانب يرتبط بمسألتين، الأولى موقع بعضهم في قيادة الجيش، والآخر منحهم الجنسية السورية ليعيشوا كمواطنين سوريين، فالولايات المتحدة تعارض وجودهم في قيادات الجيش، لا في سوريا، فهذا ليس محل نقاش وهو شأن سيادي بطبيعة الحال، ولكن وجودهم في قيادة الجيش يثير تحفظات دول إقليمية أيضاً، ونقاشاً داخلياً في سوريا بطبيعة الحال.
ومن الناحية القانونية ليس هناك ما يمنع وجود أجانب في الجيش، وبفضل خدماتهم الجليلة للشعب السوري والدولة السورية سيمنحون الجنسية السورية، ويصبحون مواطنين، هذا أمر يتطلب بعض الوقت، بالنظر لوجود مديونية أخلاقية وسياسية تجاه أولئك المقاتلين بسبب إسهامهم في إسقاط نظام الأسد، وفي الوقت نفسه هناك مطالب دولية لمنعهم من الوصول إلى مناصب قيادية.
ويرى الباحث أنه من حيث المبدأ سيصبح المقاتلون الأجانب مواطنين سوريين، ومن الناحية القانونية سيكون من حقهم تولي مناصب مختلفة في الدولة ضمن الإعلان الدستوري ولاحقاً ضمن الدستور الدائم، مع توقعات باستمرار الضغط خلال السنوات الأولى لإبعادهم عن المناصب العليا في قيادة الجيش، مع استبعاد إحداث تغييرات بشأن القيادات التي وليت مناصب رئيسية في الجيش السوري حالياً، لكن سيتم التعامل بإيجابية قدر الإمكان في الفترة المقبلة وبشكل خاص مع التعيينات الجديدة.
محاولة ضغط على الحكومة
كما أن موضوع الأجانب في الجيش الذين لا يتجاوز عددهم ألفي مقاتل بحسب التقديرات، لا يشكل مشكلة كبيرة في جيش تعداده يتجاوز 100 ألف، فالجيش مكلف بالدفاع عن البلاد ولا علاقة له بالمسائل الأمنية الداخلية ما لم يحصل تطور خطير يهدد الدولة، وفق الباحث.
وقد أثيرت قضية المقاتلين الأجانب بعد أحداث الساحل في الأسبوع الثاني من آذار الماضي، لتحقيق ضغط على الحكومة السورية رغم عدم وجود دلائل على دور لهم في الانتهاكات التي حصلت، خصوصاً أن التحقيقات الجارية ستبت بهذه المزاعم.
ولا يجد السوريون بنسبة كبيرة مشكلة في تجنيس المقاتلين الأجانب وعائلاتهم وحمايتهم، كجزء من رد الجميل والوفاء لدورهم في العمليات العسكرية ضد نظام الأسد البائد، وهذا لا يعني عدم وجود خلاف بين السوريين حول هذه النقطة، لكنه اتجاه عام، وفق الباحث. وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، أوضح في وقت سابق أن أعداد المقاتلين الأجانب الذين جرت ترقيتهم عسكرياً، قليلة، وقد قدموا تضحيات في سوريا وهم على درجة عالية من الوعي، مع التأكيد على أهمية التزامهم بالسياسة العامة للبلاد.
وفي 17 نيسان، كشفت صحيفة “واشنطن بوست” عن ثمانية شروط أميركية قدمتها واشنطن للحكومة السورية كـ”خطوات لبناء الثقة”، للنظر في تخفيف العقوبات عن دمشق، وجاء فيها أن يثبت الرئيس أحمد الشرع قدرته على التخلص من المقاتلين الإسلاميين الأجانب وبقايا “القاعدة” من حكومته.
هذه الشروط تبعها بيومين تقرير نشره موقع “THE ECONOMIC TIMES”، وتحدث عن انتقال مقاتلين أجانب من أصول آسيوية، لعبوا دوراً في تغيير النظام بدمشق، إلى أفغانستان، ما أثار قلق نظام “طالبان” وجمهوريات آسيا الوسطى.
وبحسب التقرير فالمقاتلون القادمون من سوريا موجودون في ولايات هرات وبدخشان وبغلان، في أفغانستان، مع احتمال امتداد تأثيرهم إلى طاجيكستان وأوزبكستان في آسيا الوسطى.
تلفزيون سوريا
——————————-
واشنطن- دمشق.. انفتاح محتمل/ حسن إبراهيم | هاني كرزي | عمر علاء الدين
شروط “غير مجحفة” وطمأنة إسرائيل أولوية
لم تعد الشروط الأمريكية المطلوب تنفيذها من الإدارة السورية الجديدة حبيسة القنوات الدبلوماسية، فالمعلَنة منها والمسربة تدور في فلك أربعة مطالب، يصفها محللون سياسيون بأنها “غير مجحفة”، وهي تدمير أي مخازن متبقية من الأسلحة الكيماوية، والتعاون في مكافحة الإرهاب، وإبعاد المقاتلين الأجانب من مناصب حكومية عليا، وتعيين ضابط اتصال للمساعدة في الجهود الأمريكية للعثور على الصحفي الأمريكي المفقود في سوريا أوستن تايس.
هذه الشروط مقابل تخفيف واشنطن بعض العقوبات المفروضة على سوريا، لكنها تمهد لانفتاح العلاقات بين واشنطن ودمشق، وتؤسس لطي صفحة سوداء وشائكة بدأت منذ فرضت الولايات المتحدة أولى عقوباتها على سوريا، في كانون الأول 1979، عندما أدرجتها على قائمة الدول الراعية للإرهاب.
في المقابل، تبدو ملامح التزام ببعض الشروط من قبل الحكومة السورية الجديدة وعلى رأسها أحمد الشرع، منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 من كانون الأول 2024، مع إبداء المرونة والاستعداد للعمل على بعضها الآخر، بينما تبقى التحديات أمام شرط المقاتلين الأجانب وتكثيف جهود البحث عن الصحفي تايس، مع حذر بتبادل الخطوات مع واشنطن التي لا تزال مترددة ومتحفظة في التعامل مع دمشق.
الأمر ليس بهذه السهولة، وفق دبلوماسيين وسياسيين وخبراء، فالمشهد السوري معقد ومتشابك خاصة مع وجود قوات إقليمية ودولية تتقاطع وتتعارض مصالحها في البلد، لا سيما ملف إسرائيل ذات العلاقة المتينة مع أمريكا، والتي توغلت قواتها في الجنوب السوري، وخلقت ملامح مواجهة مع تركيا على الأراضي السورية.
في هذا الملف، تسلط عنب بلدي الضوء على الموقف الأمريكي تجاه سوريا ما بعد الأسد، والشروط والمطالب التي وضعتها، وتناقش مع دبلوماسيين وخبراء إمكانية تنفيذها، ومدى تأسيسها لمسار انفتاح بين الطرفين، وتأثير إسرائيل في هذا الموقف ومآلات العلاقة معها، ومستقبل العلاقة بين دمشق وواشنطن.
خطوات أمريكية بطيئة نحو دمشق
بدت الخطوات الأمريكية بطيئة تجاه سوريا، فمن حيث التوقيت تزامن سقوط النظام السوري مع تولي دونالد ترامب سدة الحكم في واشنطن، كما أبدى الأخير عدم الاهتمام بما يحصل في سوريا، إذ قال في أول تعليق له قبل هروب الأسد بيوم، إن الولايات المتحدة يجب ألا تتدخل في الصراع في سوريا، مضيفًا، “يبدو أن المعارضة السورية تتحرك بشكل كبير للإطاحة بالأسد”.
وذكر ترامب أن سوريا في حالة من الفوضى، “لكنها ليست صديقتنا ويجب ألا يكون للولايات المتحدة أي علاقة بها. هذه ليست معركتنا.. دعها تستمر.. لا تتدخلوا!”.
عقب ساعات على إعلان هروب الأسد من سوريا، أكدت الولايات المتحدة الأمريكية دعمها الكامل لعملية انتقال سياسي بقيادة وملكية سورية، ونشرت وزارة خارجيتها عدة بنود على عملية الانتقال والحكومة السورية الجديدة أن تلتزم بها وهي:
حكم موثوق وشامل وغير طائفي يفي بالمعايير الدولية للشفافية والمساءلة، ويتفق مع مبادئ قرار “2254”، واحترام حقوق الأقليات بشكل كامل.
تسهيل تدفق المساعدات الإنسانية إلى كل المحتاجين.
منع استخدام سوريا كـ”قاعدة للإرهاب أو تشكيل تهديد لجيرانها”.
ضمان تأمين أي مخزونات من الأسلحة الكيماوية أو البيولوجية وتدميرها بشكل آمن.
في 20 من كانون الأول 2024، كانت أول محادثات رسمية أمريكا وأحمد الشرع، وأول زيارة لدبلوماسيين أمريكيين إلى دمشق منذ عام 2012، وبعد اللقاء بساعات، أوقفت الولايات الأمريكية رصد مكافأة مالية قيمتها 10 ملايين دولار أمريكي لمن يدلي بمعلومات حول أحمد الشرع.
في 6 من كانون الثاني الماضي، أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية الترخيص رقم “24” الذي يشمل إعفاءات تهدف لتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا، وضمان عدم إعاقة العقوبات للخدمات الأساسية، بما في ذلك توفير الكهرباء والطاقة والمياه والصرف الصحي، لمدة ستة أشهر، مع مراقبة ما يحصل على الأراضي السورية.
وفي 15 من كانون الثاني، اتخذت الولايات المتحدة إجراءات إضافية لتخفيف العقوبات، فيما يتعلق بالأمر التنفيذي “رقم 13894” الصادر في 14 من تشرين الأول 2019، حول “حظر الممتلكات وتعليق دخول بعض الأشخاص الذين يساهمون بالوضع في سوريا”.
أبرز الخطوات بعد سقوط الأسد
بسطت فصائل سورية سيطرتها على دمشق بعد السيطرة على مدن أخرى، وأنهت 53 عامًا من حكم عائلة الأسد.
أعلنت الإدارة السورية أحمد الشرع رئيسًا للبلاد بالمرحلة الانتقالية، وإلغاء العمل بالدستور، وحل الفصائل المسلحة والأجهزة الأمنية ومجلس الشعب وحزب “البعث”.
تشكيل لجنة تقصي الحقائق ولجنة لتعزيز السلم الأهلي بعد مواجهات دامية في الساحل السوري.
توقيع اتفاق بين أحمد الشرع، وقائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مظلوم عبدي، نص على دمج “قسد” في مؤسسات الدولة السورية، وضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية.
توقيع إعلان دستوري يحدد المرحلة الانتقالية في البلاد بمدة خمس سنوات.
تشكيل حكومة جديدة حلت مكان حكومة تصريف الأعمال، وضمت 23 وزيرًا.
اعتبرت واشنطن تشكيل الحكومة السورية الجديدة “خطوة إيجابية” وشاملة من أجل سوريا شاملة وممثلة، مع التشديد على عدم تخفيف العقوبات قبل تحقيق تقدم في مجموعة أولويات، وهي نفس الشروط المطروحة يضاف إليها منع إيران ووكلائها من استغلال الأراضي السورية، وضمان أمن وحريات الأقليات الدينية والعرقية في سوريا.
جدل تأشيرات أعضاء البعثة السورية
في نيسان الحالي، خفّضت السلطات الأمريكية تأشيرات أعضاء البعثة السورية من “جي 1” المخصصة للدبلوماسيين المعتمدين لدى الأمم المتحدة إلى “جي 3” الممنوحة لمواطنين أجانب يمثلون في الأمم المتحدة حكومة لا تعترف بها الولايات المتحدة، في خطوة فتحت الباب أمام الجدل حول الهدف منها، ومدى ارتباطها بموقف أمريكا من سوريا، أو حملها لرسائل سياسية.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، إن الولايات المتحدة قدمت توجيهات إلى البعثة السورية لدى الأمم المتحدة بشأن تعديل وضع تأشيرات أعضاء بعثتها في نيويورك، مضيفًا أن الإجراء اتخذ بقرار إداري بناء على سياسة الاعتراف الأمريكية الحالية، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة لا تعترف في الوقت الحالي بأي كيان كحكومة لسوريا.
وأوضح المتحدث أنه لم يطرأ أي تغيير على امتيازات أو حصانات الأعضاء المعتمدين في البعثة السورية الدائمة لدى الأمم المتحدة.
مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية، أوضح أن الإجراء هو تقني وإداري بحت، يرتبط بالبعثة السابقة، ولا يعكس أي تغيير في الموقف من الحكومة السورية الجديدة، وقال إن وزارة الخارجية على تواصل مستمر مع الجهات المعنية لمعالجة هذه المسألة وتوضيح السياق الكامل لها، بما يضمن عدم حدوث أي التباس في المواقف السياسية أو القانونية ذات الصلة.
وفي هذا السياق، أكد المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، أن وضع سوريا في الأمم المتحدة لم يتغير جراء قرار تغيير تأشيرات أعضاء البعثة السورية، وأن سوريا لا تزال عضوًا بالمنظمة.
وذكر دوجاريك أن مسألة العضوية تخضع لأحكام ميثاق الأمم المتحدة، لافتًا إلى أن قرار الدولة المضيفة بتغيير تأشيرات أعضاء البعثة لا يؤثر على وضع سوريا في المنظمة، كما لا يؤثر على مشاركة أعضاء البعثة الدائمين في أعمال الأمم المتحدة.
السياسي السوري المقيم في واشنطن محمد علاء غانم، قال لعنب بلدي، إن الحكومة الأمريكية لا تعترف بالإدارة السورية الجديدة منذ سقوط نظام الأسد، في 8 من كانون الأول 2024، مضيفًا أن تخفيض التأشيرات جاء تماشيًا مع اللوائح الناظمة لإصدارها.
ويرى غانم أن الأمر ليس “عقابًا” على أي شيء وغير مرتبط بأي حدث سياسي جرى مؤخرًا، مشيرًا إلى محاولات اصطياد بالماء العكر، لكن التوضيحات الرسمية حاضرة سواء من الخارجية الأمريكية أو السورية أو الأمم المتحدة.
لا ينفي غانم إمكانية وجود رسائل سياسية من هذه الخطوة، لكنه يؤكد أن ما حدث هو إجراء إداري نابع عن موقف سياسي ليس بجديد.
الإعلامي والسياسي السوري- الأمريكي أيمن عبد النور، قال لعنب بلدي، إن عدم اعتراف أمريكا بالحكومة السورية الحالية، ناجم عن طابع قانوني وليس سياسيًا، فالقانون يقول إن هذه الحكومة امتداد لـ”هيئة تحرير الشام” المصنفة “إرهابية”، وبالتالي لا يمكن الاعتراف بأي جسم تابع لها.
شروط ليست مجحفة.. لكنها قاسية
تعددت الرسائل التي تلقتها الإدارة السورية الجديدة بهذه الشروط، بدءًا بما قاله رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، جيم ريش، مرورًا بما نقلته وكالة “رويترز” عن تسليم مساعدة وزير الخارجية الأمريكي، ناتاشا فرانشيسكي، قائمة شروط لتخفيف العقوبات، لوزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، على هامش مؤتمر “بروكسل”، وصولًا إلى ما قالته المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، تامي بروس، في 1 من نيسان الحالي.
بما يتعلق بشرط تدمير مخازن الأسلحة الكيماوية، قال وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، في 5 من آذار الماضي، إن بلاده ملتزمة بالتعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية لتدمير بقايا برنامج الأسلحة الكيماوية لنظام الأسد.
وشدد الشيباني على أن التزامات سوريا في هذه المرحلة التاريخية هي تدمير بقايا برنامج الأسلحة الكيماوية الذي تم تطويره في عهد نظام الأسد، ووضع حد لهذا الإرث المؤلم، وتحقيق العدالة للضحايا، وضمان الامتثال للقانون الدولي بشكل قوي، كما شاركت سوريا، في آذار، للمرة الأولى في تاريخها، باجتماع المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية في لاهاي.
بالنسبة لشرط مكافحة “الإرهاب”، فهناك خصومة وعداء وقتال تاريخي بين تنظيم “الدولة الإسلامية” والفصائل وأبرزها “هيئة تحرير الشام”، كما كشف مسؤولون أمريكيون أن الولايات المتحدة شاركت معلومات استخباراتية مع الإدارة السورية الجديدة، أدت إلى إحباط مخطط لتنظيم “الدولة” لتفجير مقام السيدة زينب.
وفي 9 من آذار الماضي، اتفقت سوريا مع الأردن والعراق وتركيا ولبنان على إدانة الإرهاب بكل أشكاله، والتعاون في مكافحته عسكريًا وأمنيًا وفكريًا، وإطلاق مركز عمليات مشترك للتنسيق والتعاون في مكافحة تنظيم “الدولة الإسلامية”، ودعم الجهود ومنابر العمل الإقليمية والدولية القائمة، للقضاء على التنظيم وما يمثله من خطر على أمن سوريا والمنطقة والعالم، والتعامل مع سجون عناصره.
الباحث ومدير وحدة المعلومات في مركز “جسور للدراسات”، وائل علوان، يرى أن الشروط الأمريكية في هذا التوقيت التي تحتاج فيها سوريا لرفع العقوبات بشكل أسرع، هي شروط قاسية لكنها ليست مجحفة، وأن ما تطلبه الولايات المتحدة هو جزء من أهداف الشعب السوري وما تسعى الحكومة السورية لتحقيقه.
وتتسم السياسة الأمريكية الحالية تجاه سوريا بالحذر والتجريبية، وفق الدبلوماسي السوري السابق بشار الحاج علي، إذ لم تعترف الولايات المتحدة بعد بشكل كامل بالحكومة السورية الجديدة، رغم تغيّر المعطيات على الأرض.
وقال الحاج علي لعنب بلدي، إن الأشهر الماضية شهدت تحركات سورية في ملفات حساسة مثل الأسلحة الكيماوية، وتقليص النفوذ الإيراني، والانخراط في جهود مكافحة الإرهاب، غير أن الولايات المتحدة، ورغم ترحيبها الحذر ببعض هذه الخطوات، ربطت الانفتاح السياسي بالمعالجة الجدية لملفي الصحفي الأمريكي أوستن تايس، والمقاتلين الأجانب.
ويرى الدبلوماسي السوري أن هذين الملفين في الظاهر لا يبدوان بنفس الثقل الاستراتيجي للملفات الإقليمية الكبرى، إلا أنهما يحملان رمزية سياسية وأخلاقية عالية في الوعي الأمريكي الرسمي والعام، فأوستن تايس، الضابط السابق في سلاح البحرية والمفقود منذ عام 2012، تحوّل إلى رمز لمعركة طويلة تخوضها واشنطن من أجل مواطنيها المفقودين، وترتبط قضيته بحسابات داخلية يصعب تجاهلها في أي مفاوضات.
المقاتلون الأجانب.. ملف قابل للاحتواء
يعد ملف المقاتلين الأجانب من القضايا التي لا تزال شائكة في سوريا، إذ تحدث أحمد الشرع أن منح الجنسية للمقاتلين الأجانب ليس مستحيلًا، ويمكن دمجهم في المجتمع السوري، إذا كانوا يحملون نفس أيديولوجيا وقيم السوريين، وجرى منح بعضهم رتبًا عسكرية، وذهبت ست وظائف عسكرية على الأقل في وزارة الدفاع السورية لأجانب، من أصل 50 أُعلن عنها.
الدبلوماسي بشار الحاج علي يرى أن ملف المقاتلين الأجانب متجذّر في الذاكرة الأمنية الأمريكية، التي لا تزال تتعامل بحذر مع أي مؤشر على إعادة إنتاج ظواهر العبور الجهادي عبر الحدود السورية.
ورجّح الباحث وجود احتمالية كبيرة بأن تتجاوب الإدارة السورية الجديدة مع هذا الملف، خاصة مع تزايد الضغوط الدولية عليه، مع التأكيد أن التعاطي مع ملف المقاتلين الأجانب في إطار شراكة معلوماتية، يعكس التزام دمشق بمحاربة التهديدات العابرة للحدود، لا سيما في المناطق التي لا تزال تشهد نشاطًا لعناصر متطرفة غير سورية.
الباحث وائل علوان، فرّق بين “النص” و”روح النص”، فالأول هو “المقاتلون الأجانب”، أما الثاني فهو “الجهاديون الأجانب”، لافتًا إلى أن الحكومة الجديدة بناء على تجربتها السابقة في إدلب لديها خبرة كافية لإدارة ملف الجهاديين الأجانب عبر من جزءًا من الاستقرار بدل جعلهم جزءًا من المخاطر والتحديات.
وقسم الباحث المقاتلين الأجانب إلى قسمين، الأول مجموعة من الجهاديين الذين يلتحقون بالتنظيمات الجهادية والتنظيمات المتطرفة، وهؤلاء الذين يشكلون قلقًا، يمكن أن يعادوا إلى بلادهم أو ينقلوا إلى مكان آخر، أو العمل على ضبط سلوكهم.
القسم الثاني هم الأجانب خارج معادلة التنظيمات الجهادية والفكر الراديكالي، وهم ليسوا مشكلة، فجميع الدول تعتمد على نخب وأجانب فيها طيف واسع ومتنوع من الجنسيات، وفق علوان.
ماذا عن أوستن تايس؟
بالنسبة لقضية الصحفي الأمريكي المفقود أوستن تايس، التقى أحمد الشرع مع والدة الصحفي، في 19 من كانون الثاني الماضي، وقالت إن “الإدارة السورية الجديدة تعرف ما نمر به وهي تحاول تصحيح الأمور بالنسبة لأشخاص مثلنا”.
يرى الباحث وائل علوان أن قضية تايس فرصة أمام الحكومة وليست تحديًا، معتبرًا أن الحكومة لديها قدرة وفرص للبحث عن معلومات مؤكدة حول الصحفي الأمريكي وغيره، عبر التحقيقات مع فلول النظام وتتبع المعلومات التي يمكن أن تفضي إلى تعاون أمني كبير بين الحكومة السورية والأمريكية.
الدبلوماسي بشار الحاج علي، يقترح على الإدارة السورية فتح تحقيق مستقل وشفاف مع إشراك طرف ثالث دولي حول مصير أوستن تايس، يفضي إلى تقديم رواية دقيقة، سواء أثبت وجوده على قيد الحياة أو لا، مع الاحترام الكامل للمعايير القانونية والإنسانية.
ولفت الحاج علي إلى ضرورة صدور إعلان رسمي بأن دمشق لا تحتجز حاليًا أي مواطن أمريكي، مع فتح قناة تواصل أمنية سواء مباشرة أو غير مباشرة عبر وسيط لتأكيد الجدية في التعامل مع واشنطن على قاعدة المصالح المتبادلة.
إسرائيل عامل مؤثر.. ضوء أخضر أمريكي للتصعيد
برزت إسرائيل كطرف مؤثر في مسار العلاقات بين أمريكا وسوريا، خاصة مع شن إسرائيل حملة قصف مكثفة ضد مواقع عسكرية سورية وتدميرها منذ الإطاحة بالأسد، وتوغلت في الجنوب السوري، وبرز توتر تركي- إسرائيلي إثر الحديث عن انتشار تركي متوقع في قواعد عسكرية داخل سوريا.
إسرائيل التي تواصل إطلاق تصريحات عدائية تجاه السلطات الجديدة في سوريا، تمارس ضغوطًا على الولايات المتحدة لإبقاء سوريا “ضعيفة ولامركزية”، إذ أبلغ مسؤولون إسرائيليون واشنطن أن “الحكام الإسلاميين الجدد” في سوريا الذين تدعمهم أنقرة يشكلون تهديدًا لحدود إسرائيل، وفق ما نقلته وكالة “رويترز” عن مصادر مطلعة.
الخبير الاستراتيجي والباحث غير المقيم في معهد “ستيمسون” بواشنطن عامر السبايلة، قال لعنب بلدي، لا شك أن إسرائيل حصلت على ضوء أخضر أمريكي للتصعيد في سوريا، منذ زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للبيت الأبيض وتزويده بالسلاح الأمريكي، لافتًا إلى ملاحظة أن الولايات المتحدة هي التي تبادر لتهديد إيران، وبدأت باستهداف أدواتها المتمثلة بالحوثي في اليمن، وضرب أي تهديد ضد حليفتها إسرائيل.
وقالت الخبيرة السياسية المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط إيفا كولوريوتيس، لعنب بلدي، إن تحركات إسرائيل في سوريا تخضع لتوافق أمريكي- إسرائيلي تجاه سوريا.
وأضافت كولوريوتيس أنه رغم الدعم الأمريكي لإسرائيل في سوريا من حيث “حماية أمنها”، تبقى السياسة الأمريكية منفصلة عن السياسة الإسرائيلية في سوريا، وتجلى ذلك في دعم واشنطن للاتفاق بين “قسد” والإدارة السورية الجديدة، وهو أمر لم ترغب فيه إسرائيل.
بدوره، قال الإعلامي والسياسي السوري- الأمريكي أيمن عبد النور، لعنب بلدي، إن سوريا ليس لها وزن كبير ضمن أولويات الإدارة الأمريكية، لذلك فإن واشنطن لن تعمل من أجل وقف طموحات أي من الدول المجاورة لسوريا سواء إسرائيل أو تركيا أو الدول العربية، طالما أن ذلك لا يؤثر على الأمن القومي الأمريكي.
في السياق ذاته، قال الناشط السياسي السوري في أمريكا محمد علاء غانم، لعنب بلدي، إنه لا يبدو أن هناك أي حركة جدية أمريكية لكبح جماح تنامي النفوذ الإسرائيلي في سوريا، بل على العكس، قال سيباستيان غوركا، رئيس قسم مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض مؤخرًا، إن أمريكا ممتنة لإسرائيل لدورها في إنهاء النفوذ الإيراني في سوريا.
هل تدفع أمريكا نحو سلام بين دمشق وتل أبيب؟
في 25 من شباط الماضي، قال مبعوث الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، إن سوريا يمكن أن تلحق بقطار التطبيع مع إسرائيل خلال الفترة المقبلة، معتقدًا وجود إمكانية لانضمام سوريا ولبنان إلى اتفاقيات “أبراهام” للسلام والتطبيع مع إسرائيل.
اتفاقيات “أبراهام” سلسلة من اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية التي توسط فيها ترامب خلال ولايته الأولى، والتي أسفرت عن تطبيع كل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب مع إسرائيل برعاية أمريكية.
وفي 16 من كانون الثاني الماضي، قالت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، إن من المتوقع التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل وسوريا خلال السنوات المقبلة.
الإدارة الجديدة في سوريا لم تبدِ موقفها بشأن التطبيع مع إسرائيل، لكنها أكدت رغبتها في ألا تمثل سوريا تهديدًا لدول الجوار، كما قال الشرع، إنه لا ينوي خوض صراع مسلح مع إسرائيل، معتبرًا أنها ليست المعركة التي سيخوضها.
ويرى محمد علاء غانم، أن سوريا ليست مهمة بالنسبة لواشنطن، ولكن بما أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، هو مهندس “الاتفاقات الإبراهيمية”، فبالتالي لو رشحت دوائر السلطة في أمريكا سوريا لتكون هدفًا جديدًا للانضمام لقطار التطبيع مع إسرائيل، فإن ذلك سيستدعي الاهتمام من ترامب بالقضية السورية.
وأضاف غانم أن المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، تحدث بشكل إيجابي عن الرئيس أحمد الشرع، وقال إن شخصيته وأفكاره ربما تغيرت عن الماضي، وبنفس الوقت قام ويتكوف بترشيح سوريا ولبنان كدولتين قد تنضمان أو تعقدان اتفاقيات سلام مع إسرائيل، ولكن هذا لا يعني أن ترامب كشخص مكترث بإنجاز اتفاق السلام الآن، ولكن ربما لاحقًا يضغط في سبيل إنجازه.
من جهته، قال أيمن عبد النور، إن أمريكا تضع عبر مبعوثها للشرق الأوسط ستيف ويتكوف ونائبته مورغان أورتاغوس، خطة لإنجاز عملية التطبيع بين دمشق وتل أبيب، حيث تعتقد واشنطن أن توقيع مثل هذا الاتفاق سيزيد بشكل كبير عدد الدول العربية التي ستنضم لاتفاقيات “أبراهام”.
وأضاف عبد النور أن توقيع إسرائيل اتفاق سلام مع الحكومة السورية الحالية التي تعبّر عن المسلمين السنة المحافظين، يجعل الاتفاق أقوى مما لو تم توقيعه مع النظام السابق الذي هو علوي أقلوي، لكن إسرائيل لا تريد التوقيع مع الحكومة الحالية، لأنها ترى أن حكومة الشرع لا تمثل السوريين.
مساعٍ لحل التوتر التركي- الإسرائيلي في سوريا
بعد بروز ملامح تصعيد إسرائيلي- تركي في سوريا، تتجه الأمور نحو “الحلحلة” والاتفاق، عقب تصريحات من الطرفين، وتعهد من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بحل التوتر بينهما في سوريا، وذلك خلال لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في البيت الأبيض.
يرى أيمن عبد النور أن الرئيس ترامب اخترع مدرسة تقوم على مبدأ الحديث عن نقاط معينة تثير زوبعة، من أجل أن تكون هناك اقتراحات مبتكرة جديدة تفتح أفاقًا جديدة للعمل، وبالتالي ليس كل ما يقوله ترامب يكون مقتنعًا به أو أنه سيقوم بتنفيذه، بل يقوله من أجل إثارة المياه الراكدة السابقة لطرح حلول جديدة، وهذا ما فعله عند حديثه عن حل التوتر التركي- الإسرائيلي.
وأضاف عبد النور أن ترامب لديه مصلحة في تخفيف العداء التركي- الإسرائيلي، ويمكن أن يسهم بحل الخلاف عن طريق لقاءات مع مسؤولي أنقرة وتل أبيب، وتقريب وجهات النظر بينهما، لكنه لن يبذل جهدًا كبيرًا بشأن إنجاز ذلك.
محمد علاء غانم، قال لعنب بلدي، إن الرئيس ترامب لديه علاقة جيدة جدًا مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وهذا الأمر أيضًا أكده مبعوثه الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الذي قال إن ترامب وأردوغان أجريا محادثة “رائعة”، وإن “أشياء إيجابية قادمة”، فلذلك الرئيس ترامب عرض أن يلعب دور الوسيط ما بين إسرائيل وتركيا في سوريا من أجل منع الاصطدام وحل الخلاف بينهما.
وقالت نائبة المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، إن الولايات المتحدة “اتخذت بعض الخطوات البطيئة، وتقيم الوضع بصبر في صياغة سياستها تجاه سوريا”.
وأوضحت أورتاغوس أن الولايات المتحدة “كانت واضحة حيال توقعاتها من إدارة أحمد الشرع”، مضيفة أن “للولايات المتحدة مصلحة واضحة في ضمان عدم عودة إيران إلى سوريا، وفي ضمان عدم قدرة تنظيم (الدولة) على إعادة تشكيل نفسه وتهديد أمريكا أو أوروبا أو أي جهة أخرى في الشرق الأوسط”.
وذكرت المسؤولة الأمريكية أن “لدينا مصلحة هناك، لدينا صديقان عزيزان، لدينا حليفتنا في (الناتو) تركيا، ولدينا حليفتنا الأخرى، إسرائيل، وبالطبع، لدينا شراكتنا الوثيقة مع المملكة العربية السعودية، جميع هذه الدول، بما في ذلك لبنان، لديها مصلحة كبيرة لرؤية نتيجة في سوريا”.
هل يتغير الموقف الأمريكي من سوريا؟
يرى أيمن عبد النور أن الحل الوحيد للاعتراف الأمريكي بالحكومة الحالية مستقبلًا، أن يكون هذا الجسم مستقلًا وقويًا وشريكًا في السلطة وليس تابعًا لـ”هيئة تحرير الشام”، عندها ستعترف به الولايات المتحدة، لذا يجب أن يتم تغيير التقييم والوضع القانوني قبل أن يتم تغيير التقييم السياسي من قبل واشنطن.
وأضاف عبد النور أنه في حال أصبح هناك حوار وطني أوسع تنتج عنه صلاحيات أكبر للوزراء، أو اختيار وزراء لا يكون بينهم أشخاص مصنفون على قائمة “الإرهاب” أو قائمة العقوبات الأمريكية للوزراء أو لهم ممارسات سلبية سابقة، حينها تتغير الطبيعة القانونية للحكومة الجديدة، وبالتالي يتم تغيير الواقع والقرار السياسي والاعتراف بها من قبل أمريكا.
ويرى مدير قسم تحليل الدراسات في مركز “حرمون للدراسات المعاصرة”، سمير العبد الله، أن واشنطن تراقب سلوك الإدارة السورية الجديدة، وتهدف من خلال سياستها تجاه دمشق لضمان عدم تحول سوريا إلى تهديد لإسرائيل، ومعالجة ملف “قسد” عبر حلول سلمية وتفاوضية، بالإضافة إلى ضمان حماية الأقليات.
وفي حال التزمت الإدارة السورية بهذه الشروط، فمن المرجح أن تُبادر واشنطن إلى تخفيف العقوبات تدريجيًا، وفتح قنوات تواصل جديدة، بما يفضي إلى إعادة تشكيل العلاقات بين الطرفين، لكن ذلك يظل مرهونًا بقدرة الإدارة السورية على التحول من عقلية الجماعات الجهادية إلى عقلية إدارة دولة.
ويعتقد الباحث وائل علوان بإمكانية حدوث تعاون أمريكي- سوري يكون إطاره المبدئي أمنيًا ثم قد يتطور في وقت لاحق إلى أطر أخرى، أما العقوبات والعلاقة السياسية فستبقى ورقة ضغط بيد الإدارة الأمريكية لفترة ليست قليلة لضمان الاستجابة الكاملة من الحكومة السورية الجديدة.
ويرى الدبلوماسي السابق بشار الحاج علي، أنه في حال أرادت الإدارة السورية الجديدة تحويل مقاربتها إلى مسار حوار حقيقي فعلًا، لا بد لها من التعامل مع ملفي “المقاتلين الأجانب وأوستن تايس” كاختبار حتمي لحسن النيات، لا كعبء يمكن تأجيله أو المناورة به.
وقال الحاج علي، إن الإفصاح عن حسن النيات في الشروط، وخاصة في هذين الملفين، لم يعد خيارًا سياسيًا، بل صار شرطًا ضروريًا لأي نقاش مستقبلي مع واشنطن، وربما يجد صانع القرار في دمشق، في هذه اللحظة الدقيقة، فرصة نادرة لتحويل ملف شائك إلى ورقة اعتماد، ومقدمة لتثبيت موقع جديد على الخريطة الدولية.
ويبقى مستقبل العلاقة شائكًا ورهن مسار طويل قائم على الاستجابة والمرونة، فالولايات الأمريكية كانت وما زالت لاعبًا مهمًا ومؤثرًا في سوريا، خاصة خلال الـ14 عامًا الماضية، حيث أسهمت بتغيير معالم السيطرة، سواء عبر دعمها فصائل بالأسلحة وتخليها عنها لاحقًا، أو عبر وجود عسكري، أو توافق مصالحها مع قوى ثانية، أو منح الضوء الأخضر لعمليات وضربات لجهات أخرى، أو امتلاك عصا العقوبات.
عنب بلدي
————————————-
هل تقع سورية في فِخاخ الصناديق الدولية؟/ مالك ونوس
24 ابريل 2025
في وقت منعت واشنطن تدفق أموال المساعدات والاستثمارات إلى سورية من الدول العربية لمساعدة الحكم الجديد في التغلب على مصاعب مرحلة ما بعد نظام الأسد، أجازت لمسؤولين سوريين السفر إلى واشنطن لحضور اجتماعات الربيع التي يعقدها صندوق النقد والبنك الدوليان هذه الأيام، لمناقشة الخطوات الخاصة بإعادة دعم سورية بقروضٍ من الصندوقين. وإذ كان لافتاً أن واشنطن والدول الغربية لم ترفع العقوبات التي فُرِضت على سورية في مرحلة الأسد بعد سقوط النظام، لوحظ نشاط لهذين الصندوقين واهتمام بسورية عبر هذه الزيارة وعبر لقاءاتٍ سابقة عقدها وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، مع مندوب صندوق النقد الدولي في دبي على هامش القمة العالمية للحكومات. فهل يمكن القول إن واشنطن سمحت بهذه الاجتماعات لكي تتمكّن من هندسة الاقتصاد السوري في مرحلة ما بعد الأسد وفق متطلباتها وشروطها، هندسة وإقراض يأخذان شكل الفرض لا الاختيار؟
تحتاج سورية الاستثمارات والمساعدات من أجل إعادة بناء البنية التحتية من طرق ومرافئ ومطارات واتصالات وقطاع الطاقة والتعليم، وللتمكّن من إعادة بناء ما هدمته الحرب وإعادة بناء الاقتصاد المنهار من أجل الاستجابة للتحدّيات التي تَحول دون عودة السوريين من دول اللجوء ومخيمات النزوح، وتحسين مستوى معيشة المواطنين وإعادة دمج البلاد بالاقتصاد والنظام المالي العالميين، غير أن التفاؤل الكبير الذي اجتاح البلاد وأهلها وأخوتهم في الدول العربية بعد سقوط النظام، بتوفر فرصة لتغيير واقع البلاد، اصطدم بالعقوبات التي لم تسمح واشنطن برفعها، على الرغم من أنها فُرضت خلال حكم الأسد الذي ارتكب مجازر بحق أبناء شعبه. لذلك حل الإحباط محل التفاؤل، وتكرَّس حين فرض البيت الأبيض شروطاً ثمانية على الحكم الجديد لتلبيتها قبل التفكير برفع أي عقوبات. وزاد هذا الأمر في شلل الاقتصاد، وتسبّب في تردّي الأوضاع المعيشية وإحجام دول عربية وأصحاب رؤوس أموال عن التوجه إلى سورية لتأسيس أعمال في البلاد التي تعتبر واعدة، وتحتاج لجهد الجميع. كما تسبّب في حرمان السوريين من استغلال ثروات بلادهم النفطية والغازية، وغيرها من الثروات الباطنية التي تغنيهم عن القروض وتُعد الضرورية في عملية إعادة البناء وتحسين مستوى المعيشة.
وبالنسبة لاجتماع واشنطن، لم يُطلع الوفد السوري إلى الاجتماع، والذي يضم وزير المالية وحاكم مصرف سورية المركزي، الإعلام على ما يحمله من خطط وأفكار يطرحها خلال الاجتماعات واللقاءات المزمع عقدها مع ممثلي الدول وأصحاب رؤوس الأموال وممثلي المؤسسات المالية المقرضة. لذلك ليس معلوماً ما إذا كان المعنيون قد وضعوا تصوّراً أو رؤية استراتيجية لإصلاح الاقتصاد وإعادة الإعمار، أو أي رؤية أخرى بشأن مستقبل سورية الاقتصادي وهوية اقتصاد البلاد، غير تلك العبارات التي أطلقها رموز النظام الجديد بعد أيام من سقوط نظام الأسد، وركّزت على فكرة الخصخصة سبيلاً للإصلاح الاقتصادي، والمنقذ من أزمات البلاد الاقتصادية والمالية، حسب اعتقادهم. فرؤية مستقبلية متكاملة هي أول ما ستطلبه الأطراف الأخرى في الاجتماعات، لكي تساعدها في وضع خططها لتقديم القروض أو الدعم، إضافة إلى أنها تعدّ ضرورية لأصحاب رؤوس الأموال والاستثمارات الذين يمكن أن يجدوا فيها عوامل جذب تشجّعهم على الاستفادة من فرص إعادة البناء.
لكن، إذا أخذنا بالاعتبار الشروط الثمانية التي قالت مصادر لوكالة رويترز، نهاية مارس/ آذار الماضي، إن واشنطن سلمتها للحكومة السورية واشترطت تنفيذها قبل رفع العقوبات عن البلاد، فإن دعوة الوفد السوري إلى اجتماعات صندوقي النقد والبنك الدوليين تعد بادرة حسن نية تجاه الحكومة السورية، ودافعاً لها من أجل تنفيذ تلك الشروط، غير أن في تنفيذها من الصعوبة، بالنسبة لحكومة الرئيس أحمد الشرع، درجات تجعل التفاؤل برفع العقوبات أمراً ما زال مبكّراً. وعلى الرغم من ذلك، تشير كل إيحاءات واشنطن إلى أنها قد قررت هندسة الاقتصاد السوري وفق شروطها ورؤاها بشكل يجعل نهوض هذا الاقتصاد متوقفاً على تدفق المنح أو القروض الخارجية، لا على مقومات داخلية، وبالتالي تكبيل سورية بشروط الصناديق الدولية التي تسيطر عليها الإدارة الأميركية سنوات وربما عقوداً كما حصل مع دول أخرى.
ولا يمكن معرفة ما يشكله اعتماد سورية على القروض التي قد تحصرها واشنطن في صندوقي النقد والبنك الدوليين من مخاطر آنية ومستقبلية، إلا بعد الاطلاع على التجارب المؤلمة دخلت هذه التجربة، فهذان الصندوقان يُعدّان ذراع واشنطن الاقتصادية والمالية، وأداتين من أدواتها للهيمنة على دول كثيرة. وعادة ما تكون الاقتصادات المتعثرة فريسة لصندوق النقد والبنك الدوليين، فيوحيان للدول المتعثرة أن ثمّة مخاطر كبيرة جرّاء إقراضها، من أجل فرض قيمة فائدة كبيرة، والاستجابة لمطالبهما في تنفيذ وصفات جاهزة. وتتضمن الوصفات في بنودها بنداً أولياً وأساسياً ينصّ على رفع الدعم الذي تقدمه الحكومة للقطاعات الإنتاجية، خصوصا الزراعة، وعن المحروقات والخبز وغيرها من السلع الضرورية، وإلغاء التعليم والطبابة المجانيين، وتخصيص القطاع الاقتصادي المملوك للدولة، أو إعادة تقييم جدواه من أجل إعادة هيكلته، وغالباً ما يجري النصح ببيعه، وطبعاً بأثمان بخسة.
وبسبب تداعيات الاقتراض السيئة من هذين الصندوقين، فإن دولاً كثيرة تتركه خياراً أخيراً، بعد عجز الخيارات البديلة. ونادراً ما تستفيد الدول المقترضة استفادة ملحوظة تنعكس إيجابياً، بسبب تقسيم مبلغ القرض على دفعاتٍ كثيرة، فلا يُلحظ لها أثر تنموي نتيجة عدم ضخ كتلة مالية كبيرة في قطاع يكون في أمسّ الحاجة إليه، فتذهب هذه الدفعات إلى ترقيع هذا القطاع أو إعادة دوران ذاك المصنع الصغير. وكثيراً ما عجزت دولٌ عن الإيفاء بأقساط القروض لضعف مردودها، فتتراكم الفوائد، وتزداد نسبة خدمة الدين حتى تصل إلى مبالغ تفوق القرض نفسه، كما في مصر ولبنان. وفي هذه الحالة، تعود الدول إلى استدانة قرضٍ جديد من أجل إيفاء القرض السابق، فتدخل في دوامة تصعب عليها الخروج منها، وتوصل البلدان إلى مرحلة الفشل الاقتصادي والانهيار وفرض هيمنة الصندوقين على قطاعات سيادية. عندها تبدأ البلاد بالدخول في الصراعات والقلاقل والانتفاضات، لخلع الطبقات الحاكمة التي تسبّبت في انهيار الاقتصاد ورهن البلاد للصناديق الدولية.
وبالنسبة لسورية، يُخشى أن الولايات المتحدة منعت دخول أي مساعدات مالية، وأبقت العقوبات، لمنع دخول الاستثمارات، من أجل جعل الاستدانة من صندوق النقد والبنك الدوليين أولوية للحكومة السورية، عبر استثناءات محدّدة وشروط مجحفة. وليس خافياً أن واشنطن على دراية بصعوبة تنفيذ الحكومة السورية الشروط الثمانية التي فرضتها على دمشق من أجل تخفيف العقوبات. وبالتالي، منع تعافيها اقتصادياً إلى أجلٍ غير مسمّى. لذلك، لا يبقى أمام دمشق سوى انتظار الاستثناءات للحصول على قروض أميركية تحديداً، وبالتالي، تفخيخ المجتمع والاقتصاد السوريين، وجعلهما عرضة للاضطرابات والقلاقل التي تعرف واشنطن تمام المعرفة أنها ستكون تحصيل حاصل.
العربي الجديد
——————————-
من حكم إدلب إلى حكم دمشق/ بكر صدقي
تحديث 24 نيسان 2025
بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى نيويورك وواشنطن، قبل أيام، نقلت وكالة الأنباء الألمانية خبراً عن اعتقال السلطات السورية لمسؤولين مهمين في حركة الجهاد الإسلامي، خالد خالد وأبو علي ياسر. وقد سبق لإسرائيل أن استهدفت مقرات للمنظمة الفلسطينية المعروفة بعلاقتها الوثيقة مع القيادة الإيرانية، على الأراضي السورية عدة مرات. وإذا كانت هذه العلاقة تسهّل على السلطة في دمشق تبرير قرار الاعتقال، فلا جدال في أن هويتها الفلسطينية المقاومة للاحتلال الإسرائيلي مصدر إحراج كبير لها، وهذا ما جعلها، هي وإعلامها الموالي، تتكتم على الخبر.
واضح من التزامن بين زيارة الشيباني لواشنطن وتنفيذ الاعتقال أنه يهدف إلى استرضاء الإدارة الأمريكية التي سبق وقدمت له لائحة شروط، في بروكسل، من بينها شرط إنهاء الأنشطة السياسية للمنظمات الفلسطينية المعادية لإسرائيل.
أما سبب الحرج فيعود إلى ثقافة سياسية مترسخة في المجتمع السوري حول مناصرة الحقوق الفلسطينية ومعاداة إسرائيل. صحيح أن محاربة إيران وأذرعها ضد الثورة السورية ودفاعاً عن نظام الأسد الإجرامي طوال 14 عاماً قد جعلت غالبية كبيرة من السوريين تتخندق نفسياً ضد «محور المقاومة» وصولاً إلى الشماتة بمصير حزب الله، بعد عقود من التأييد، وإحلال إيران محل إسرائيل في موقع العدو الأخطر، لكن مناصرة الحقوق الفلسطينية ما زالت تتمتع بموقع متقدم في انحيازاتهم سواء بفعل الرابطة القومية العربية أو بسبب الأخوّة في المظلومية، فضلاً عن أن الوجود الإيراني في سوريا قد انتهى، في حين تحضر إسرائيل بفظاظة وقوة في اليوميات السورية.
يضاف إلى هذا الجديد موقف إدارة الشرع من الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، وضمناً احتلال أراض سورية جديدة في الشريط الحدودي جنوب دمشق وتدميرها لمعظم ما تبقى من مقدرات الجيش السوري المنحل ومواقعه ومطاراته العسكرية، وكذلك تصريحات المسؤولين الإسرائيليين المتعجرفة والاستفزازية تجاه دمشق… فقد تراوحت ردود فعل هذه الإدارة بين الصمت على الاعتداءات والاستفزازات، وإرسال رسائل طمأنة بشأن «عدم وجود أي نوايا معادية تجاه أي دولة مجاورة»، أو في أحسن الأحوال تقديم احتجاجات رسمية للأمم المتحدة بوصفه أضعف الإيمان كما يقال. بالطبع لا أحد في سوريا يتوقع أو يريد مواقف عنترية تجاه إسرائيل من الإدارة الجديدة على غرار ما أدمنه نظام الأسد المخلوع منذ بداية حكمه وصولاً إلى لحظة «طوفان الأقصى». ولكن يبقى أنهم لا يستسيغون أي قول أو عمل من السلطة يهدفان إلى استرضاء إسرائيل كاعتقال القياديين المحليين لحركة الجهاد الإسلامي.
على أي حال ليس هذا التطور وحده ما قد تغص به السلطة الجديدة في دمشق مرغمة على استرضاء جميع القوى الخارجية الفاعلة. فكل إجراء يتعارض مع الأيديولوجية السلفية المتشددة أو الهيمنة السنية ينطوي على مضض وإكراه، كحال استمرار تقديم المشروبات الكحولية في بعض مطاعم العاصمة دمشق، أو استمرار ظهور النساء السافرات في الميدان العمومي، برغم التضييق عليهن، أو وجوب الاعتراف بالأقليات الدينية والمذهبية والتعاطي معها، بما في ذلك إدخال أفراد ينتمون إلى تلك الفئات في الحكومة (امرأة مسيحية ودرزي وعلوي).
هذه الإكراهات التي لا شك أنها تلاقي مقاومة من قواعد «هيئة تحرير الشام» وفصائل إسلامية أخرى وشرعييهم، صامتة إلى الآن، أو تخترق ببساطة بلا ضجيج قدر الإمكان، لكنها مرشحة للتصاعد كلما ارتفعت وتيرة الإكراهات التي يشكل الخضوع لها استجابة الإدارة للضغوط الخارجية أكثر منها للضغوط الاجتماعية الداخلية، بهدف كسب اعتراف المجتمع الدولي بشرعية الحكم الجديد.
لقد توسم السوريون خيراً من قرار حل الفصائل في «مؤتمر النصر» الذي انتخب أحمد الشرع رئيساً للجمهورية، لكن التطورات اللاحقة أظهرت أن الفصائل ما زالت محافظة على حالتها التنظيمية إلى حد كبير، وكذا أساسها الأيديولوجي المتشدد، الأمر الذي رأينا نتيجته الكارثية في المجازر التي ارتكبتها في مدن الساحل وقراه بحق المدنيين العلويين، الأمر الذي قوّض كل الجهود السابقة للإدارة للظهور بمظهر مختلف عن ماضيها العنيف والطائفي.
تتقاطع شهادات عدة في تأكيد أن هيئة تحرير الشام قد فوجئت هي نفسها باستيلائها على السلطة خلال 11 يوماً. صحيح أن ناطقين باسمها يؤكدون أنهم كانوا يعدون العدة منذ سنوات لهجوم عسكري كبير يهدف إلى تحرير سوريا، لكن الشهادات المشار إليها لا تمضي في المنحى ذاته على الأقل فيما خص انهيار نظام الأسد بهذه السهولة. وعلى أي حال لا أحد يجادل اليوم في أن التطورات الإقليمية العاصفة المتمثلة في الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان إنما كانت هي العامل الحاسم في انهيار النظام، في إطار نوع من التفاهمات الدولية والإقليمية حول وجوب التخلص منه ولكن ليس حول البديل. فغياب التفاهمات على هوية البديل هي ما يعقل إلى اليوم استقرار الأوضاع في سوريا ونيل السلطة الجديدة الاعتراف بشرعيتها.
لن نبتعد كثيراً عن الحقيقة إذا افترضنا أن الشرع ورفاقه ربما يلعنون الساعة التي تورطوا فيها بالاستيلاء على السلطة في دمشق، بعد سنوات من الحكم السهل نسبياً في منطقة إدلب حيث حكموا مجتمعاً «متجانساً» إلى حد كبير، مع وجود أعداد قليلة من المسيحيين والدروز كـ»أهل ذمة»، وحياة اقتصادية معقولة بالمقاييس المحلية، وجامعات خاصة تطبق نظام الفصل بين الجنسين وتمنح شهادات تخرج بعيداً عن رقابة مركزية تتجاوز سلطة «الهيئة». صحيح أن السنتين الأخيرتين قد شهدتا حركة احتجاجات نشطة نسبيا ضد الهيئة والجولاني بالذات (هذا كان اسمه هناك) لكنها كانت قابلة للاحتواء بيسر. بسيطرتها على مساحات واسعة من «سوريا الأسد» باتت الهيئة مشتتة جغرافياً وضعيفة الإقناع في مجتمعات متنوعة كان مقاتلوها على جهل تام بها. كما أن الانتقال المطلوب منها من منطق الفصيل العسكري الثوري إلى منطق الدولة هو عملية صعبة تتطلب جهداً ووقتاً لا تملك الهيئة مقوماتها. ربما هذا ما يفسر استعانة إدارة الشرع بجوناثان بأول مستشار الأمن القومي في الحكومة البريطانية الذي يقال إنه موجود في سوريا ويعطي استشارات للإدارة بشأن التعاطي الدبلوماسي والتفاوضي مع الدول الأخرى.
كاتب سوري
القدس العربي
———————————–
بريطانيا ترفع العقوبات عن الدفاع والداخلية والمخابرات السورية
24 ابريل 2025
رفعت بريطانيا اليوم الخميس تجميد الأصول الذي سبق أن فرضته على وزارتي الدفاع والداخلية السوريتين وكذلك عدد من أجهزة المخابرات، في وقت تتصاعد الدعوات لرفع العقوبات الغربية المفروضة بهدف دعم جهود الإعمار وتخفيف المعاناة الإنسانية.
وأظهرت مذكرة نشرتها وزارة المالية البريطانية على الإنترنت، أن وزارة الداخلية السورية ووزارة الدفاع وإدارة المخابرات العامة من بين 12 كيانا لم تعد خاضعة لتجميد الأصول. ولم تشر المذكرة إلى أسباب القرار.
وفي مارس/ آذار الماضي، رفعت الحكومة البريطانية تجميد الأصول عن مصرف سورية المركزي مع 23 كيانا آخر من بينها بنوك وشركات نفط. وفي إشعار نُشر على موقعها الإلكتروني، قالت الحكومة البريطانية إن بعض الكيانات، بما في ذلك البنك المركزي، والمصرف التجاري السوري، والمصرف الزراعي التعاوني، حُذفت من قائمة العقوبات المفروضة على سورية، ولم تعد خاضعة لتجميد الأصول. كذلك شمل القرار الشركة السورية للنفط، وشركتي سورية لتجارة النفط، وأوفرسيز بتروليوم للتجارة. وأكدت لندن من قبل أن العقوبات المفروضة على أفراد من نظام الأسد ستظل قائمة.
وكان الاتحاد الأوروبي قد علق في شهر فبراير/ شباط الماضي مجموعة من العقوبات المفروضة على سورية.
ويأتي ذلك في وقت دعت السيناتورة الديمقراطية البارزة وعضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ جين شاهين، في رسالة رسمية موجهة إلى وزيري الخارجية والخزانة، ماركو روبيو وسكوت بينست، إلى مراجعة شاملة لنهج الولايات المتحدة في سورية وتخفيف العقوبات المفروضة على بعض القطاعات الحيوية. وأكدت شاهين في رسالتها أن سقوط نظام بشار الأسد يمثل “فرصة سريعة الزوال” لحماية المصالح الأميركية، مشددة على ضرورة موازنة السياسة الأميركية بين “الفرصة والمخاطرة بشكل مناسب”، وأضافت: “بينما لا ينبغي أن تندفع الولايات المتحدة إلى سورية بسرعة، يمكننا خلق مساحة لشركائنا الإقليميين وغيرهم للقيام بذلك”.
وتتزايد الدعوات الدولية لرفع العقوبات المفروضة على سورية، خاصة بعد سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2024، وذلك بهدف دعم جهود إعادة الإعمار وتخفيف المعاناة الإنسانية. وفُرضت العقوبات الغربية، خصوصاً من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، على النظام السوري منذ عام 2011 رداً على انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب، إذ شملت هذه العقوبات قيوداً على قطاعات حيوية مثل الطاقة، المالية، الاتصالات، والبنية التحتية، بالإضافة إلى تجميد أصول وحظر سفر على شخصيات بارزة في النظام السابق.
(رويترز، العربي الجديد)
——————————
لغز الانسحاب الأميركي من سوريا يقلق إسرائيل/ بسام مقداد
الثلاثاء 2025/04/22
منذ رئاسته الأولى، وترامب يهدد بالانسحاب من سوريا، ثم تعود تطورات الأحداث في المنطقة لتنفي إمكانية هذا الانسحاب، وتجعل قرار ترامب، كما الكثير من قراراته، أحجية تقلبات مزاجه. وإسرائيل التي تخشى تزايد شهية تركيا في سوريا، وبذلت جهدها لتقنع ترامب بالمحافظة على الوجود القوات الأميركية وفشلت حتى الان، تواصل مفاوضاتها مع الأميركيين لإعادة النظر بالقرار، حسب ما نقلت في 16 الجاري عن صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية بالطبعة الأوكرانية من المجموعة الإعلامية الكبيرة RBC.
رأت الصحيفة الإسرائيلية أن انسحاب القوات الأميركية من سوريا، يجعل تركيا وإسرائيل تقتربان من “الخط الأحمر”. وقالت إن إسرائيل قلقة من قرار ترامب سحب القوات الأميركية من سوريا، لأنه سيسمح لتركيا بتعزيز نفوذها في سوريا والمنطقة. وأشارت إلى أن القرار لم يشكل مفاجأة، إذ أن ترامب كان خلال رئاسته الأولى يؤيد تخفيض الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط. ويعكس هذا الموقف عقيدة السياسة الخارجية الانعزالية التي تنتهجها إدارة ترامب، والتي تشكلت جزئياً على يد نائب الرئيس جيه دي فانس.
تشير الصحيفة إلى أن ترامب صرح أكثر من مرة بأن هذه الحرب “ليست حربنا”. ومن المعروف أن البنتاغون يستعد لهذا السيناريو منذ فترة طويلة. واليوم تنتقل واشنطن إلى المرحلة العملية، حيث تُبلغ الجانب الإسرائيلي بانتظام بالإجراءات المقبلة. وخلال المشاورات، أعرب الممثلون الإسرائيليون مراراً عن قلقهم العميق إزاء العواقب المحتملة لمثل هذه الخطوة.
نقلت يديعوت أحرونوت عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن انسحاب القوات الأميركية لا يمكن أن يكون إلا جزئياً. وتخشى إسرائيل أن يؤدي مثل هذا التطور إلى تعزيز طموحات تركيا لتدعيم وجودها في سوريا بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد.
تشير الصحيفة إلى أن القوات الأميركية تنتشر الآن في عدة مواقع استراتيجية في شمال وشرق سوريا، وتلعب دوراً مهماً في ضمان الاستقرار الإقليمي. وتخشى إسرائيل من أن تقوم أنقرة بعد الانسحاب بتكثيف محاولاتها للسيطرة على منشآت عسكرية رئيسية، وخصوصاً في منطقة تدمر السورية، بما في ذلك قاعدتي T4 وتدمر.
وتقول يديعوت أحرونوت إن الرئيس التركي يسعى إلى استغلال الوضع الجيوسياسي المتغير لتعزيز مكانته في المنطقة. وقد أدى الخطاب العدواني المتزايد الذي تنتهجه أنقرة تجاه إسرائيل منذ بداية الحرب في قطاع غزة إلى تفاقم المخاوف في تل أبيب، مع أن تركيا ليست دولة معادية رسميًا، ووصفها نتنياهو بأنها شريك “صعب”.
تشير الصحيفة إلى أن إسرئيل سبق أن حذرت الولايات المتحدة وتركيا من أن الوجود الدائم للقوات العسكرية التركية في القواعد المذكورة أعلاه سوف يُنظر إليه على أنه تجاوز “خط أحمر”، وسوف يهدد حرية عمل القوات الإسرائيلية في الاتجاه الشمالي.
وبشأن المفاوضات التركية الإسرائيلية حول الاتفاق على آلية لتفادي المواجهة المسلحة بين الطرفين في سوريا، والتي جرت في 9 الجاري في أذربيجان، ولم تخرج بنتيجة، قالت الصحيفة إن إسرائيل أكدت بأنها تحمل السلطات السورية الجديدة المسؤولية عن التطور اللاحق للأحداث. وأي عمل من شأنه أن يهدد أمن إسرائيل سوف يعتبر سبباً للرد العسكري.
موقع الخدمة الروسية في وكالة الأنباء الكردية ANF التي تصدر في مدينة أمستردام نقلت في 8 الجاري عن أسبوعية الإيكونوميست البريطانية مقتطفات من مقالة رأت فيها أن “تركيا وإسرائيل تتحولان إلى خصمين لدودين في سوريا”. وقالت الأسبوعية بأن الأحداث السياسية العسكرية في سوريا قد تؤدي إلى مواجهة مباشرة بين البلدين.
ونقلت عن وزير الخارجية الإسرائيلي قوله بإن التنازلات التي قدمتها سوريا لتركيا، والتي تشمل “فتح أراض واسعة” و”الاعتراف بنفوذ أنقرة”، تشكل تهديداً خطيراً لأمن إسرائيل. وبدوره، حذر وزير الدفاع الإسرائيلي من أن “سوريا ستدفع ثمناً باهظاً إذا فتحت الباب أمام قوى معادية لإسرائيل”.
وترى الأسبوعية في مقالتها أن لإسرائيل مصلحة في إبقاء سوريا ضعيفة ومنقسمة. ويشار إلى أن الهجمات الإسرائيلية المتكررة على الطائرات السوفيتية القديمة التابعة لنظام الأسد قد أدت إلى تقويض البنية التحتية العسكرية للجيش السوري.
وفي الوقت نفسه، تسعى الحكومة السورية الحالية إلى إعادة بناء البلاد، وتتعاون بشكل نشط مع تركيا. وتخشى إسرائيل من أن يؤدي هذا إلى ظهور “سوريا تحت النفوذ التركي”.
صحيفة الكرملين VZ رأت في 16 الجاري أن قرار ترامب الانسحاب من سوريا يعني بأن “الولايات المتحدة تفكر بالهروب من دولة محتلة أخرى”. استهلت الصحيفة نصها بالقول إنه يبدو بأن الساعة باتت قريبة لإنهاء احتلال القوات الأميركية للأراضي السورية التي تتواجد فيها منذ عشر سنوات. وقالت إن الولايات المتحدة أبلغت إسرلئيل بخططها لبدء سحب قواتها من سوريا في غضون الشهرين أو الثلاثة المقبلة. ونقلت عن يديعوت أحرونوت قولها إن إسرائيل تحاول تفادي هذا السيناريو، لكنها لم تتمكن من إقناع الأميركيين بتغييره.
تشير الصحيفة إلى أن تعداد القوات الأميركية التي بقيت في سوريا أثناء محاولة ترامب الأولى سحبها كان حوالى 900 عسكري. لكن تعدادها عاد إلى سابق عهده في عهد بايدن وبلغ 2,2 ألف عسكري. وتنتشر هذه القوات في 10 قواعد عسكرية في سوريا متواجدة في المناطق الزراعية الخصبة. وتقول الصحيفة أن عدد القواعد التي أقامها الأميركيون بين العامين 2015 و 2018 بلغ 12 قاعدة، إضافة إلى أربعة مواقع متقدمة مزودة بمهابط طائرات مروحية، بعضها تم تفكيكه أو تسليمه للأكراد.
نقلت الصحيفة عن نتنياهو تصريحاً ملفتاً إن ثبتت صحته، حين يقول إن أي طرف (تركيا) سيحاول زعزعة استقرار سوريا، “سوف يجد أننا ندعم الحكومة السورية”. وأضاف بالقول “لن نسمح بتقسيم سوريا أو عودتها إلى ما كانت عليه قبل الثامن من كانون الأول/ديسمبر، ومن يسعى لإثارة الصراع في سوريا سنواجهه”.
ترى الصحيفة بأن دعوة إسرائيل للحفاظ على وحدة أراضي سوريا، مردها إلى أن هذه الوحدة هي لصالحها الآن. فظهور القوات التركية على الأراضي السورية، وانفصال المناطق الكردية ووضعها تحت الحماية التركية، يثير قلق تل أبيب.
ترى الصحيفة أن سوريا هي الآن رصيد مضر للولايات المتحدة، ولدرجة أن واشنطن تتجاهل مخاوف تل أبيب. وتعتبر أن سوريا هي المنطقة الوحيدة على خريطة العالم، حيث القوات الأميركية تنخرط في حرب غريبة غير مفهومة، وتدافع فيها عن مصالح لا تخصها. وتنتظم تدريجياً الاتصالات مع الحكومة السورية الجديدة، ويفقد اي معنى تواجد القوات الأميركية في سوريا. وإضافة إلى ذلك، يتذكر ترامب أيضًا أنه في عام 2018، رفضت بريطانيا وفرنسا وألمانيا استبدال القوات الأميركية بقوات خاصة بها، وبالتالي حالت دون تدويل الوجود العسكري الأجنبي في سوريا. وهذا سبب آخر يستدعي سؤال الأوروبيين، أي حلفاؤهم.
وتستنتج الصحيفة أن قرار سحب القوات الأميركية من سوريا قد أصبح أمراً لا مفر منه الآن. وهذه ليست سوريا التي عرفناها، وترامب على استعداد للسماح للاعبين الإقليميين بترتيب الأمور بأنفسهم. ومن الصعب في هذه المرحلة تقييم عواقب هذه الخطوة، ولكن يجدر القول إن القوات الأميركية لم تكن تتمتع بالفعل بقدر كبير من التأثير على الأحداث. والأميركيون كانوا، في حقيقة الأمر، يحرسون أنفسهم وسجون معتقلي الدولة الإسلامية.
المدن
——————————-
كيف أضعف قطع المعونات الأميركية التحقيق بجرائم الحرب في سوريا؟/ باسل المحمد
24/4/2025
وجهت قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بقطع المساعدات الخارجية، ضربة موجعة لعدد من المنظمات الإنسانية والحقوقية العاملة في ملفات العدالة والتحقيق بجرائم الحرب التي ارتكبها نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد وأطراف أخرى.
ومن بين أبرز تلك المنظمات التي تأثرت بهذه السياسة منظمة الدفاع المدني السوري “الخوذ البيضاء” التي وثقت آثار القصف والدمار طوال سنوات الحرب في سوريا، و”الشبكة السورية لحقوق الإنسان” التي أسهمت في جمع الأدلة وتسجيل الشهادات المتعلقة بجرائم النظام السوري، والآلية الدولية المحايدة والمستقلة التي تدعم جمع الأدلة حول سوريا، إضافة إلى منظمات أخرى.
ويأتي الإجراء الأميركي بوقف المساعدات في حين لا تزال ذاكرة السوريين مثقلة بصور المجازر، والمقابر الجماعية، وآلاف الصور للمختفين قسرا منذ بداية الثورة السورية، مع أملهم في تحقيق العدالة وملاحقة مرتكبي هذا الانتهاكات بعد سقوط النظام، فكيف ستؤثر هذه السياسة على مسار التحقيق بجرائم الحرب، وما البدائل المتاحة لتعويض التمويل الأميركي لهذه المنظمات؟
واشنطن الممول الأكبر
اعتمدت العديد من المنظمات الإنسانية والحقوقية في سوريا خلال سنوات الثورة على التمويل الأميركي بشكل مباشر عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، أو غير مباشر من خلال برامج ومشاريع تشرف عليها منظمات دولية أخرى، وقد مثل هذا الدعم ركيزة أساسية في استمرار أنشطتها، في مختلف القطاعات الإغاثية والخدمية وتوثيق الانتهاكات.
وبلغت نسبة مساهمة الولايات المتحدة بتمويل الاستجابة الإنسانية والنداء الطارئ المشترك بين الوكالات في سوريا خلال 2024، 24.6%، وفي عام 2023 بلغت 20%، مما يجعلها أكبر جهة مانحة إنسانية منفردة للاستجابة في سوريا، وذلك بحسب تحليل أصدره منتدى المنظمات غير الحكومية العاملة في شمالي سوريا.
وذكر التحليل المنشور في 26 فبراير/شباط الماضي، أن 1,2 مليون شخص لا يتلقون الآن المساعدة المخطط لها نتيجة تعليق الولايات المتحدة مساعداتها، إلى جانب وجود 62% من المنظمات التي شملها الاستبيان ذكرت أن برامجها الممولة من خارج الولايات المتحدة قد تأثرت أيضًا بسبب التجميد الأميركي، الذي كان مشروطًا بمراجعة وزير الخارجية، لكن المراجعة “ليست واضحة ولم يتم الإعلان عنها”.
وتعد الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أكبر ممول لمنظمة الدفاع المدني السوري، منذ ما يقارب 10 سنوات، ويشكل الدعم الذي تقدمه نحو 27% من ميزانيتها، وقد أسهم هذا التمويل بإنقاذ أرواح الكثير من السوريين خلال الأعوام الماضية، أما باقي تمويل الخوذ البيضاء فيأتي من تبرعات مساعدات خارجية من حكومات وأفراد آخرين، وذلك حسب تصريح نائب مدير المنظمة فاروق حبيب للجزيرة نت.
ويوم 20 يناير/كانون الثاني، اليوم الأول لعودته إلى البيت الأبيض، وقع ترامب أمرا تنفيذيا قضى بتجميد المساعدات الخارجية الأميركية لمدة 90 يوما، بذريعة “مراجعة الكفاءة والاتساق مع سياسة الخارجية الأميركية”، وصرح ترامب بأنه يريد أن يكون الإنفاق الخارجي أكثر انسجامًا مع أهداف سياسته الخارجية ونهجه “أميركا أولًا”.
توقيت حساس
رغم أن قرار الولايات المتحدة بتخفيض أو إيقاف مساعداتها الخارجية للمنظمات الإنسانية والجهات العاملة في مجال العدالة والإغاثة لم يكن موجها حصرا إلى سوريا، إذ شمل بحسب وزير الخارجية الأميركية ما يقارب 5800 منظمة حول العالم، فإن توقيته شكّل صدمة خاصة في السياق السوري.
ويعود السبب في ذلك إلى تزامن القرار الأميركي مع مرور سوريا بمرحلة انتقالية شديدة التعقيد بعد سقوط نظام الأسد، وتزايد الحاجة فيها إلى مختلف أنواع الدعم، وعلى رأسها جهود المحاسبة والعدالة.
ويرى مراقبون أن التعامل مع ملف العدالة في هذه المرحلة هو أمر حساس جدا، ليس فقط لأنه يرتبط بمحاسبة ضباط ومسؤولي النظام البائد، وإنما لأنه يتقاطع مباشرة مع جهود بناء دولة حديثة تقوم على القانون والمؤسسات.
وفي هذا السياق يقول ستيفن راب، السفير الأميركي السابق المعني بجرائم الحرب، والذي زار سوريا في فبراير/شباط، في تصريحات لإذاعة صوت أميركا “هذه ليست سوى بداية العدالة الانتقالية في سوريا، والمهمة هائلة”، محذرا من أن توقف المساعدات الأميركية يعقّد مهمة جمع الأدلة وأخذ عينات الحمض النووي من الناجين وأسر الضحايا.
ورغم سقوط النظام في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وبدء مرحلة جديدة في سوريا، فلا يزال أكثر من 130 ألف شخص في عداد المفقودين، حسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، مما يؤكد أن البلاد ما زالت بحاجة ماسّة إلى الدعم الدولي لمواصلة العمل على ملفات المقابر الجماعية، وتحديد هوية الضحايا، ومحاسبة المتورطين.
وفي هذا السياق، يقول فاروق حبيب إن وقف التمويل جاء بمرحلة حرجة تمر بها سوريا، لأنها بأمسّ الحاجة للدعم في ظل الاحتياجات الإنسانية والإغاثية المتزايدة بعد سقوط النظام البائد، وعندما ازدادت الحاجة إلى الخوذ البيضاء بشكل ملحوظ في جميع أنحاء سوريا.
تأثيرات مباشرة على العدالة
اضطرت العديد من المنظمات السورية والدولية العاملة في مجال التوثيق والمساءلة المتعلقة بجرائم الحرب في سوريا إلى تقليص نشاطاتها أو الانسحاب من بعض الملفات بسبب شح التمويل، نتيجة السياسة الأميركية الجديدة، والتي تأمل هذه المنظمات أن تكون مؤقتة.
ومن أبرز تلك المنظمات “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” والتي يقول مديرها فضل عبد الغني للجزيرة نت إن التخفيض المفاجئ في الدعم الأميركي أثر بشكل كبير جدا على عملهم، وقال “كنا نخطط هذا العام لتقديم طلب دعم إلى مكتب حقوق الإنسان في الخارجية الأميركية للعمل على ملفات إضافية في مسار المحاسبة، وبشكل أساسي عمليات تحليل المعلومات والبيانات، قبل عملية إيقاف الدعم الأميركي”.
ويضيف عبد الغني “لدينا آلافٌ وآلاف من الوثائق، تحمل تفاصيل كثيرة قد تُساعد العائلات في الكشف عن مصير أحبائها، لأن هذه الوثائق غالبًا ما تحتوي على أسماء المعتقلين، وتاريخ قتلهم أو نقلهم إلى المقابر، بل وحتى أسماء الجناة أيضًا.
وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، حسب عبد الغني، خصصت ميزانية لتوظيف باحث جديد هذا العام، وتكريس جهوده لتلك الوثائق، وبعد عملها من المملكة المتحدة وقطر خلال سنوات الصراع السوري، كانت الشبكة تتطلع أيضًا إلى افتتاح مكتب جديد في دمشق، ولكن وقف تمويل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لها أعاق كلا الأمرين.
آثار كارثية
ومن المنظمات الحقوقية المتضررة منظمة “النساء الآن من أجل التنمية”، وهي منظمة نسوية سورية تأسست عام 2012، تدعم المنظمة البحث عن الأشخاص المفقودين، وتقدم الدعم النفسي والاجتماعي للناجين من الاعتقال، إلى جانب أنشطة أخرى.
أحد برامجها الأكثر تأثرا بتجميد التمويل هو الدعم الذي تقدمه لـ6 مجموعات تركز على الاختفاء القسري، وتشمل هذه المجموعات رابطة عائلات قيصر، وعائلات من أجل الحرية، ورابطة المعتقلين والمفقودين في سجن صيدنايا، ومسار.
وتعليقا على ذلك، تقول رؤى الحموي، مديرة برامج العدالة في المنظمة خلال تصريحات صحفية “لقد توقفت جميع أنشطة دعم بناء القدرات لهذه المجموعات من الضحايا”، مشيرة إلى أن “الدعم النفسي والاجتماعي وإدارة الحالات وأنشطة المناصرة كلها توقفت”.
أما بالنسبة لمنظمة “الخوذ البيضاء”، فيشير فاروق حبيب إلى وجود دعم خاص من الخارجية الأميركية يتعلق بملفات المفقودين والاستجابة للمقابر الجماعية، لكنه يقول إن “توقيف الدعم من وكالة التنمية الأميركية له آثار كارثية على عمل المنظمة وعلى الاستجابة الطارئة، ونبذل جهودنا لاستعادة العقد مع الوكالة، لأننا لا نستطيع استبداله سريعا”.
وفي وثائق موجهة إلى الكونغرس الأميركي، أظهرت قائمة بمنح المساعدات الخارجية من الوكالة الأميركية للتنمية إلغاء عقد بقيمة 30 مليون دولار مخصص للخوذ البيضاء، بدأ في فبراير/شباط 2023، وتم إنفاق جزء من أمواله قبل إلغائه، وذلك حسب تقرير لشبكة سي إن إن.
هل من بديل؟
على الرغم من صعوبة إيجاد بدائل كافية لتعويض التمويل الذي كانت تقدمه الوكالة الأميركية للعدالة والتنمية، فإن العديد من الإجراءات والخطوات التي يمكن اتخاذها بديلا لهذا التمويل، أو حلا يمكن أن يساعد في الجهود الرامية إلى التحقيق بجرائم الحرب، وتوثيق الانتهاكات.
وفي هذا السياق، يوضح مدير المركز التعليمي لحقوق الإنسان في ألمانيا، علاء الدين آل رشي، في حديثه للجزيرة نت، أنه إلى جانب الحاجة إلى دعم وتدريب فرق سورية محلية على تقنيات التوثيق، وجمع الأدلة وفق المعايير الدولية، بما يقلل من الاعتماد على الخبرات الأجنبية المكلفة، يمكن اعتماد الحلول التالية بديلا عن التمويل الأميركي:
تنويع مصادر التمويل، عبر بناء شراكات مع الاتحاد الأوروبي، وكندا التي ما تزال تلتزم بدعم حقوق الإنسان والعدالة الدولية. والضغط الحقوقي والدبلوماسي، عبر تكثيف حملات المناصرة لتحفيز الدول على الوفاء بالتزاماتها الأخلاقية والقانونية تجاه ضحايا الحرب، وإنشاء صندوق دولي مستقل، بإشراف الأمم المتحدة لدعم مشاريع البحث عن المفقودين وملاحقة مجرمي الحرب، بعيدا عن مزاجية السياسات المتقلبة للدول الكبرى.
وكانت ألمانيا قد أكدت في 30 ديسمبر/كانون الأول أنها ستدعم مشروعات بقيمة 60 مليون يورو في سوريا، منها 7 ملايين لمنظمات غير حكومية، لتعزيز التعليم وحقوق المرأة ومجالات أخرى في أعقاب الإطاحة بنظام بشار الأسد حسب ما أفادت به وكالة رويترز. ودعا وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني خلال مشاركته في مؤتمر بروكسل يوم 17 مارس/آذار “المجتمع الدولي إلى مواصلة التزاماته تجاه الشعب السوري وعدم السماح للقرارات السياسية بتعطيل جهود المساعدة الأساسية”.
من جانبه، يشدد فضل عبد الغني على أهمية تعدد مصادر الدخل، ويدعو رجال الأعمال السوريين في العالم للعودة إلى فترة الخمسينيات من تاريخ سوريا، عندما كانت البرجوازية السورية تهتم بالشأن العام، وتمول الأنشطة التي لها أبعاد سياسية واجتماعية، كتأسيس المنتديات، ودعم مؤسسات المجتمع المدني الوطنية.
يرى مراقبون أن التعويل على بدائل متعددة أصبح هو الضمانة الوحيدة لمنع ضياع حقوق عشرات الآلاف من الضحايا السوريين الذين ينتظرون العدالة، وسط عالم تتغير فيه الأولويات بتغير الحكومات.
المصدر : الجزيرة
——————————–
هل يقايض أحمد الشرع “الجهاد الإسلامي” برفع العقوبات؟/ رامي الأمين
23 أبريل 2025
الشرع والجهاد الإسلامي
بالتزامن مع زيارة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى دمشق ولقائه بالرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، تحدثت تقارير عن اعتقال القوات الأمنية السورية قياديين بارزين من حركة الجهاد الإسلامي، في حدث يبدو شديد الدلالة على التحولات الكبيرة التي تشهدها سوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر من العام الماضي.
وقالت “سرايا القدس”، وهي الجناح العسكري للجهاد الإسلامي، في بيان الأربعاء إن خالد خالد مسؤول الحركة في سوريا وياسر الزفري مسؤول لجنتها التنظيمية محتجزان لدى السلطات السورية منذ خمسة أيام.
وأضافت أن السلطات ألقت القبض على الرجلين “دون توضيح أسباب الاعتقال وبطريقة لم نكن نتمنى أن نراها من إخوة”. ودعت إلى “الإفراج” عنهما.
وأكد مسؤول في وزارة الداخلية السورية لوكالة رويترز نبأ إلقاء القبض على القياديين في الحركة، لكنه لم يجب عن أسئلة لاحقة حول سبب اعتقالهما.
حركة “الجهاد الإسلامي” هي إحدى أهم الفصائل الفلسطينية المسلحة، وإن كانت أكثرها غموضاً وتعقيداً، من حيث تاريخها وأيديولوجيتها. صنفتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، ونمت لتصبح ثاني أكبر حركة مسلحة في قطاع غزة وثالث أكبر حركة في الضفة الغربية.
وعلى الرغم من أنها أصدرت أول بيان علني لها في 11 ديسمبر عام 1987، كان وجودها واحدا من أكثر أسرار المقاومة الفلسطينية كتمانا. تأسست الحركة في قطاع غزة عام 1981 على يد مجموعة من الطلاب الفلسطينيين الذين لم يسبق لأحدهم أن أمسك بسلاح، لكنها سريعاً تحولت إلى استخدام العنف ضد أهداف إسرائيلية في عام 1984، أي قبل خمس سنوات من ظهور حركة حماس.
واكتسبت الحركة سمعة سيئة بسبب طبيعة هجماتها المثيرة للجدل في عنفها، ومواقفها المتصلبة ضد إسرائيل. وكان الشعار الذي طرحته هو: “الإسلام، الجهاد، وفلسطين”: الإسلام كنقطة انطلاق، الجهاد كوسيلة، وتحرير فلسطين كهدف.
وكانت الحركة ولا تزال ملتزمة بـ”لاءات ثلاث”: لا تفاوض، ولا حل الدولتين، ولا اعتراف بإسرائيل.
في كتابه “تاريخ الجهاد الإسلامي الفلسطيني: الإيمان والوعي والثورة في الشرق الأوسط”، يروي الباحث إيريك سكير حكاية جذور تأسيس حركة الجهاد الإسلامي، التي بدأت من رسم وضعه فتحي الشقاقي (مؤسس الحركة/ اغتيل في العام ١٩٩٥) على ورقة في مارس 1979، يمثل مستطيلًا يتقاطع مع دائرة.
كان هذا الرسم، بحسب سكير، يمثل مشروعهم السياسي الجديد، ويحتوي على ثلاث مساحات متميزة. تمثل المساحة الأولى “الإخوة الذين كانوا أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين فقط”. ثم هناك “الإخوة الذين كانوا أعضاء في كل من جماعة الإخوان والمشروع الجديد الذي يشكل نوعاً ما انشقاقاً عن الإخوان. وأخيراً، هناك أولئك الذين انضموا إلى هذا المشروع دون أن يكونوا من الإخوان المسلمين. كانت هذه المنظمة تُعرف بـ “الطلائع الإسلامية”، وهي نواة حركة الجهاد الإسلامي.
والتعقيد في سيرة الجهاد الإسلامي وتموضعها، مرده إلى عوامل عديدة لعبت دوراً في رسم هوية الحركة وتشكيل أفكارها من روافد متنوعة، وقد تبدو أحياناً متناقضة. فهي كما يرى باحثون، بينهم الباحثة الإسرائيلية مائير هاتينا، نشأت من تأثير حاسم للجماعات المصرية المتطرفة في السبعينيات.
وفي المقابل، تركز الباحثة، بفيرلي ميلتون إدواردز، على صراع الحركة مع جماعة الإخوان المسلمين في أوائل الثمانينيات، بشأن المقاومة المسلحة. وبينهما رأي، يتوقف عنده إيريك سكير في كتابه، يقول بأن “الجهاد الإسلامي” خرجت تأثراً بالثورة الإيرانية عام ١٩٧٩.
وفي الحالات كلها، تبدو حركة “الجهاد الإسلامي” اليوم في قلب هذه التناقضات، فهي الفصيل الأقرب فلسطينياً إلى إيران تمويلاً وتسليحاً مع إشارات إلى حالات “تشيّع” داخل الحركة. ومع ذلك فإن تنسيقها مع حماس لم يتوقف، حتى مع التباين بين حماس و”الجهاد” حول قضية الثورة السورية، وبقاء الجهاد الإسلامي في “حضن” النظام السوري مستفيدة من الحماية التي وفرها لها، في وقت كانت حماس تبتعد عن النظام بسبب مزاج الثورة القريب من الإخوان المسلمين.
مع ذلك نسقت حماس مع “الجهاد” هجومها على إسرائيل في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، وتحتفظ بأسرى إسرائيليين.
ومع تولي أحمد الشرع السلطة في سوريا، تزداد الأمور تعقيداً. فالشرع يميل، بحسب معطيات عديدة، إلى الاقتراب أكثر من تسوية مع إسرائيل قد تستكمل باتفاقية سلام، والابتعاد أكثر عن حماس وما تمثله. ولقاؤه بالرئيس الفلسطيني محمود عباس يصب في هذا السياق.
ولا يحيد اعتقال الأمن السوري القياديين في “الجهاد” عن هذا “النهج”، ويأتي استكمالاً للمزاج السياسي للشرع المبتعد بوضوح، إلى حد القطيعة، عن إيران. إذ قطعت القيادة السورية الجديدة العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وتأمل في إعادة بناء الدعم الإقليمي والدولي لسوريا، لا سيما رفع العقوبات وتمويل إعادة الإعمار بعد حرب أهلية مدمرة استمرت 14 عاماً.
لكن قد لا يعني اعتقال القياديين في الجهاد أن الشرع سيفعل الشيء ذاته مع حركة “حماس” في سوريا، على الأقل في الفترة المقبلة، كما يوضح نائب مدير مركز كارنيغي، الباحث مهند الحاج علي، لموقع “الحرة”. بل إن الشرع على الغالب سيحافظ على العلاقة التاريخية بحماس لما تمثله من امتداد يرتبط بالإخوان المسلمين.
وإذا كان الشرع في وارد “بيع” حماس، فإنه بالتأكيد سيطلب ثمناً عالياً لقاء ذلك. ويعتقد الحاج علي أن حماس لن تُحرج الشرع وستلتزم بما يناسبه في سوريا، حتى لو عنى ذلك قطع التواصل مع إيران، وإن كان الباحث في كارنيغي يتوقع أن تلعب حماس أدواراً في المستقبل لتحسين علاقات الشرع بإيران.
وأوردت وكالة رويترز في تقرير الشهر الماضي أن الولايات المتحدة قدمت لسوريا قائمة شروط يتعين الوفاء بها مقابل تخفيف جزئي للعقوبات. وذكرت مصادر لرويترز أن أحد الشروط هو إبعاد الجماعات الفلسطينية المدعومة من إيران.
رامي الأمين
الحرة
———————————–
“داعش” يهدد الرئيس الشرع… ما مدى قدرة التنظيم على التحرك في سوريا/ عباس شريفة
انتقال التنظيم إلى استراتيجية التخفي
آخر تحديث 23 أبريل 2025
أصدر تنظيم “داعش” يوم 20 أبريل/نيسان 2025 بيانا مصورا هدد فيه الرئيس أحمد الشرع من الانضمام إلى التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب بعد أن وجهت الولايات المتحدة طلبا إلى الحكومة السورية بضرورة المشاركة في مكافحة الإرهاب أثار البيان سؤالا عن قدرة التنظيم على تنفيذ تهديداته خصوصا أن سوريا شهدت بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024، تغيرات جذرية في المشهد السياسي والعسكري، مما أثر عن وجود تغيير في ديناميكيات التنظيمات المتطرفة، ومن بينها تنظيم “داعش”. وإمكانية محاولة التنظيم استغلال حالة عدم الاستقرار الناتجة عن انهيار النظام لتعزيز وجوده وتنشيط خلاياه في مناطق متفرقة.
وفي هذا المقال استعراض لنشاط “داعش” خلال الفترة الممتدة من ديسمبر/كانون الأول 2024 إلى أبريل/نيسان 2025، مع التركيز على العمليات قام بها التنظيم والاستراتيجيات التي يتبعها والتحديات التي واجهها وما مدى تأثير الانسحاب الأميركي على قدرة التنظيم في تنفيذ تهديداته ضد الحكومة السورية؟
نشاط “داعش” منذ ديسمبر 2024
بعد سقوط النظام، استغل “داعش” الفراغ الأمني في البادية السورية (مناطق تمتد بين حمص، حماة، الرقة، ودير الزور) لتكثيف هجماته. هذه المنطقة ظلت ملاذا آمنا للتنظيم منذ خسارته الأراضي عام 2019، بفضل تضاريسها الوعرة وصعوبة السيطرة عليها.
وفي ديسمبر 2024، سجلت هجمات بارزة، منها هجوم جنوبي الرقة أسفر عن مقتل شخصين، وهجوم آخر استهدف حقل شاعر للغاز، مما أدى إلى مقتل مدير المحطة. وهناك تقارير أشارت إلى أن التنظيم نفذ ما يقرب من 100 هجوم ضد ميليشيات مدعومة من إيران، و300 هجوم ضد قوات النظام السابق، و300 أخرى ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) خلال عام 2024، مع استمرار وتيرة مماثلة في المناطق غير المستقرة بعد ديسمبر.
من جهته حذر قائد “قسد”، مظلوم عبدي، في 12 ديسمبر 2024، من عودة “داعش” للظهور العلني، مشيرا إلى تحرك خلاياه خارج البادية إلى مناطق سيطرة “قسد” في الجزيرة، مستغلة انشغال الفصائل بإعادة ترتيب الأوضاع بعد انهيار النظام. كما أكد تقرير للأمم المتحدة في فبراير/شباط 2025 أن “داعش” استفاد من سقوط الأسد لتعزيز عملياته، مع تقديرات بوجود 1500 إلى 3000 مقاتل في سوريا والعراق، معظمهم في سوريا. كما لوحظ نشاط استخباراتي متزايد، حيث تسلل عناصر “داعش” إلى مخيم الهول لتحرير مقاتلين مخضرمين وتجنيد شباب، مما يعزز قدرات التنظيم على التخطيط لهجمات معقدة.
وفي 11 ديسمبر 2024، أعلنت الحكومة السورية الجديدة إحباط هجوم مخطط له على مقام السيدة زينب في دمشق، واعتقال خلية تابعة لـ”داعش” وفي 16 ديسمبر 2024، نفذت القيادة المركزية الأميركية غارات جوية قتلت 12 عنصرا وقياديا من “داعش”. وفي 19 ديسمبر، قتل قيادي آخر في دير الزور. كما استهدفت غارة في 23 ديسمبر شاحنة أسلحة تابعة للتنظيم. وفي يناير/كانون الثاني 2025، دعمت الولايات المتحدة عملية لـ”قسد” أدت إلى اعتقال زعيم خلية هجومية، وفي 16 فبراير 2025، أعلنت الحكومة السورية الجديدة اعتقال “أبو الحارث العراقي”، المتهم بالتخطيط لهجمات، بما في ذلك محاولة استهداف مقام السيدة زينب واغتيال قيادي في “هيئة تحرير الشام”.
وبحسب مصادر محلية، انخفض نشاط “داعش” في مناطق سيطرة الحكومة السورية الجديدة بنسبة كبيرة، وبلغت 100 في المئة في بعض التقارير، بينما تراجع في مناطق “قسد” بنسبة 80 في المئة خلال يناير وفبراير 2025، مع تسجيل عمليتين فقط.
هذا التراجع يعزى إلى الضغط العسكري من التحالف الدولي، خاصة الغارات الأميركية، وجهود الحكومة الجديدة في ملاحقة الخلايا. ومع ذلك، يرى مراقبون أن هذا الانخفاض قد يكون مؤقتا نتيجة انتقال التنظيم إلى استراتيجية التخفي ومحاولة نقل نشاطه إلى العراق مجددا.
الولايات المتحدة ترتب المشهد قبل الانسحاب
أفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” يوم 15 أبريل 2025، بأن مسؤولين أمنيين أميركيين أبلغوا المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بالانسحاب تدريجيا من سوريا خلال الفترة المقبلة والذي سيبدأ خلال شهرين بعد فشل الجهود الإسرائيلية في ثني الولايات المتحدة عن هذا القرار.
كما تشير بعض المصادر إلى قيام الولايات المتحدة بنقل عتاد عسكري ثقيل من سوريا باتجاه العراق مع توقعات بأن تحتفظ الولايات المتحدة بقاعدتين عسكريتين على الحدود العراقية السورية.
وهنا تطرح التخوفات من عودة نشاط التنظيم بعد الانسحاب الأميركي من سوريا لكن يبدو أن الولايات المتحدة قامت بعدد من الإجراءات الاحترازية لخلق بيئة أمنية تمنع عودة التنظيم، فمع فرار الأسد إلى موسكو في 8 ديسمبر 2024، شنت الطائرات الأميركية ما لا يقل عن 75 غارة على البنية التحتية لمعسكر تدريب “داعش” الواسع في الصحراء الوسطى بسوريا.كما دعمت الولايات المتحدة في منتصف فبراير 2025 اتفاقا بين تركيا والأردن والعراق وسوريا ولبنان على آلية للتعاون المشترك ضد تنظيم “داعش” ترمي أنقرة من خلاله إلى تحقيق هدف آخر يتعلق بوقف الدعم الأميركي لوحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها ذراع حزب “العمال الكردستاني” في سوريا، والتي تقود قوات سوريا الديمقراطية مقابل الانسحاب الأميركي من سوريا، بحيث يقع عبء مواجهة التنظيم على هذه الدول.
كما ضغطت الولايات المتحدة على “قسد” لإبرام اتفاق بين الرئيس أحمد الشرع ومظلوم عبدي في 10 مارس 2025 يقضي بضم الأخيرة إلى حكومة دمشق وهو ما يضمن عدم اندلاع مواجهات بين دمشق و”قسد” بعد الانسحاب الأميركي من سوريا يمكن أن يستغله “داعش” لاستعادة نشاطه.
إضافة لفتح خطوط التنسيق الأمني بين التحالف الدولي وحكومة دمشق الجديدة فعندما ألقت قوات الحكومة السورية القبض على القائد الكبير في “داعش” أبو الحارث العراقي في منتصف فبراير 2025، أدت المعلومات الاستخباراتية التي تم جمعها من استجوابه مباشرة إلى مقتل الرجل الثاني في “داعش”، عبد الله مكي الرفاعي (أبو خديجة)، على يد القوات الأميركية والعراقية المشتركة بعد شهر وهو ما يعكس مستوى التنسيق بين الجانبين كما ساهمت المعلومات التي قدمها التحالف الدولي إلى حكومة دمشق يوم 11 يناير 2025 بإجهاض عمليه لـ”داعش” كانت تستهدف مقام السيدة زينب في ريف دمشق واعتقال المتورطين فيها.
قصور استراتيجيات “داعش” في مواجهة التحديات
لم يستطع تنظيم “داعش” العودة إلى شن عمليات حربية نظامية على طريقة تسيير الأرتال والجيوش ولم يستطع السيطرة على مساحات جغرافية أو مدن وبقي يعمل ضمن عدد من الاستراتيجياتمثل الاعتماد على خلايا مبعثرة تعمل بشكل مستقل دون الارتباط بقيادة مركزية تعود لها بالتخطيط والتنفيذ، مما يصعب رصد هذه الخلايا التي تركز على هجمات خاطفة واغتيالات بدلا من السيطرة الجغرافية.
كما استمر التنظيم في استهداف الشباب في مخيمات مثل الهول، مستخدما الإحباط الاجتماعي والاقتصادي لتجنيد أعضاء جدد مما يعكس معاناة التنظيم من نقص الموارد البشرية.
بعد خسائر التنظيم لقاداته، قلل من الظهور العلني لقادته، معتمدا على أسماء حركية مثل “أبو حفص الهاشمي القرشي” للحفاظ على السرية كما يحاول التنظيم استغلال التوترات بين الفصائل السورية الجديدة و”قسد” لتوسيع نفوذه، خاصة في دير الزور والرقة وبعض مناطق حلب لكن كل المحاولات باءت بالفشل حتى الآن.
التحديات التي تواجه “داعش”
يواجه التنظيم عددا من التحديات التي تحد من قدرته على استعادة نشاطه، منها الغارات الأميركية المستمرة، بدعم من “قسد” وبعض الفصائل المحلية، التي أجبرت “داعش” على الانكفاء إلى مناطق نائية، في البادية السورية مما قلل من قدرته على تنفيذ هجمات واسعة النطاق كما تبنت الحكومة السورية الجديدة، سياسة صلبة ضد “داعش”، مع عمليات أمنية ناجحة لإحباط هجمات خصوصا أن الفصائل التي أسقطت النظام تتمتع بخبرات عالية في قتال التنظيم وقدرة كبيرة على اختراق صفوفه، كما ساهم صعود حكومة يغلب عليها المكون السني بما يتناسب مع حجمهم في إضعاف خطاب “داعش” التعبوي تجاه استغلال المظلومية السنية في سوريا، حيث فقد التنظيم مبرراته في مواجهة سلوك النظام السوري الطائفي التي كان يستخدمها لاستقطاب المقاتلين.
رغم قيام تنظيم “داعش” بشن هجمات ملحوظة، فإن الضغط العسكري من التحالف الدولي والحكومة السورية الجديدة، والتنسيق بينهما والاتفاق على دمج “قسد” في الحكومة السورية إلى جانب التحديات الداخلية للتنظيم، ساهم في تقليص قدرته على تحقيق نشاط واسع أو تنفيذ تهديداته.
لكن يبقى التحدي الأكبر في منع “داعش” من إعادة تنظيم صفوفه، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتردي في سوريا والعقوبات الدولية التي تحد من قدرة الدولة على تطوير إمكانياتها في مواجهة التنظيم.
لكن العمل على تعزيز الأمن من خلال إنجاز بناء المؤسسة الأمنية والعسكرية وتوحيد الجغرافيا السورية وتحقيق مسار الانتقال السياسي بشمولية التمثيل ورفع العقوبات، وإعادة إعمار المناطق المتضررة، ومعالجة قضايا المحتجزين في مخيمات الهول، إضافة لكف العبث الإسرائيلي والإيراني ستكون خطوات حاسمة للحد من خطر عودة التنظيم.
المجلة
——————————–
بيدرسون يدعو لتخفيف العقوبات على سورية وواشنطن “لن تتسرع”/ محمد كركص
25 ابريل 2025
دعا المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون، المجتمع الدولي إلى مضاعفة جهوده لتخفيف العقوبات المفروضة على سورية مشدداً على أهمية تلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة، فيما قال مسؤول في الخارجية الأميركية إنّ الحكومة في سورية تقف أمام “فرصة فعلية، وإن كانت مشروطة” لبناء علاقة جديدة مع واشنطن.
وأوضح بيدرسون أنه ناقش مع ممثلي روسيا والصين وتركيا في نيويورك المسار السياسي إضافة إلى التحديات الاقتصادية المتفاقمة داخل البلاد، مؤكداً ضرورة معالجة الهواجس المرتبطة بالإرهاب، خصوصاً ما يتعلق بالمقاتلين الأجانب، لتحسين الوضع العام في سورية. وكان بيدرسون جدّد في 12 إبريل/ نيسان الجاري، خلال مشاركته في جلسة ضمن أعمال منتدى أنطاليا الدبلوماسي في تركيا، دعوته إلى رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية، مؤكداً أن استمرار هذه الإجراءات يفاقم من معاناة المدنيين ويعيق جهود التعافي.
من جهته، قال كبير مسؤولي مكتب شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأميركية، تيم ليندركينغ، أمس الخميس، إن الحكومة السورية الجديدة تقف أمام “فرصة فعلية، وإن كانت مشروطة” لبناء علاقة جديدة مع واشنطن، لكنّه شدّد على أن الولايات المتحدة “لن تتسرع” في اتخاذ خطوات نحو رفع العقوبات المفروضة على دمشق.
ولفت ليندركينغ، خلال ندوة نظمها المجلس الوطني للعلاقات الأميركية العربية عبر الإنترنت، إلى تزايد النقاشات الداخلية في وزارة الخارجية الأميركية بشأن الملف السوري، مشيراً إلى أن “الموضوع حاضر على نحوٍ شبه يومي في مشاوراتنا، سواءً في مكتبنا أو مع وزير الخارجية روبيو”، وأكد أن مسؤولين عرباً زاروا واشنطن مؤخراً وضعوا القضية السورية على رأس أولوياتهم، مضيفاً أن الإدارة الأميركية “لم تبدأ بعد تواصلاً مباشراً مع القيادة السورية الحالية”، وأنها لا تزال في مرحلة تقييم مدى جدية التغيير في نهجها السياسي.
وبحسب ليندركينغ، فإن بلاده قدّمت مجموعة “مطالب واضحة ومحددة” للسلطات في سورية وصفها بأنها “ليست تعجيزية”، معتبراً أن تنفيذها يمكن أن يفتح الباب لبناء الثقة وربما لاحقاً لرفع تدريجي للعقوبات، ولفت المسؤول الأميركي إلى أنّ بعض الأشخاص القيادة السورية الجديدة، فضلاً عن “هيئة تحرير الشام”، لا تزال مصنفة ضمن قوائم الإرهاب الأميركية، مشيراً إلى أن معالجة هذا الملف “ليست مسألة يمكن حلّها بين ليلة وضحاها”.
كما شدّد المسؤول الأميركي على أهمية إبعاد المقاتلين الأجانب ممّن تولوا مناصب رسمية في الجيش، واصفاً هذا التحدي بأنه من “أكثر العقبات تعقيداً” التي تواجه الحكومة السورية الجديدة، مشيراً إلى أن بلاده تطالب دمشق بإجابات واضحة بشأن مصير الصحافي الأميركي المختطف أوستن تايس، إضافة إلى مواطنين أميركيين آخرين اختفوا في عهد النظام السابق.
———————————–
سورية: عرض التطبيع وتجاهله/ حسام كنفاني
25 ابريل 2025
لا توفر الإدارة السورية الجديدة وسيلة للمساعدة في رفع العقوبات المفروضة بغية تثبيت الاستقرار في البلاد فحسب، لكن يبدو أنها مستعدّة للذهاب إلى أبعد مما كان متوقعاً لتحقيق هذه الغاية. هذا ما كشف عنه عضو الكونغرس الأميركي، كوري ميلز، في حواره مع تلفزيون “العربي” بعد زيارته دمشق ولقائه الرئيس أحمد الشرع.
نقل ميلز عن الشرع انفتاحه على “تحسين العلاقات مع إسرائيل وإجراء حوار معها”، من دون أن يستبعد توسيع “اتفاقيات أبراهام” لتشمل سورية. ويمكن اعتبار أن الذكر الصريح لهذه الاتفاقات، بحسب ما نقل ميلز، هو الأخطر في التوجّه السوري الجديد، خصوصاً أن “أبراهام” التي رعاها الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال ولايته الأولى، وشملت تطبيع العلاقات بين إسرائيل من طرف، والإمارات والبحرين والمغرب والسودان من طرف آخر، كانت مجّانية ولم تقدم خلالها دولة الاحتلال أي تنازل مقابل الانفتاح عليها وتطبيع العلاقات معها. حتى إن الدول العربية المنضمة إلى الاتفاقات لم تضع أي شروط على تل أبيب في ما يخص قضية فلسطين أو غيرها من القضايا التي تضطلع بها إسرائيل بدور المحتل.
يمكن القول، من دون قبول ذلك، إن هذه الدول المطبّعة، أو المنضوية ضمن الاتفاقات، لا تملك حدوداً مباشرة مع دولة الاحتلال، وليس لها أراضٍ مصادرة بقوة السلاح الإسرائيلي، ومن ثم لم تضع أي طلبات في هذا الشأن على طاولة محادثات “أبراهام”، وعمدت إلى إرضاء ترامب وكسب ودّه. لكن هذا الأمر لا ينطبق على سورية في الوقت الذي تحتل فيه إسرائيل أجزاء من أراضيها منذ سنوات طويلة، واحتلت المزيد بعد سقوط نظام بشّار الأسد، وتنفذ بشكل شبه يومي اعتداءاتٍ في مختلف الأراضي السورية.
لا يمكن للإدارة السورية الجديدة الإتيان على ذكر الانضمام إلى “اتفاقيات أبراهام” من دون المرور على مطالب من المفترض على إسرائيل تحقيقها، في مقدّمتها الانسحاب من الأراضي السورية ووقف الاعتداءات. وللأسف، من غير الواضح ما إذا كان قد جرى التطرق إلى هذه الأمور في لقاء الشرع وميلز، والذي لم ينقل عن الرئيس السوري أي إشارة إلى ضرورة استعادة الأراضي المحتلة قبل المضي في “تحسين العلاقات” مع إسرائيل.
من المفهوم أن الرئيس السوري يسعى إلى بعث رسائل طمأنة في كل الاتجاهات، لنيل الاعتراف الدولي وتحقيق غاية رفع العقوبات عن سورية، باعتبارها الخطوة الأساسية للسير بالبلاد نحو “العهد الجديد”، ومن دونها قد تحدُث العودة إلى الفوضى والاقتتال. لكن من غير المفهوم القفز إلى تقديم مثل هذا العرض من رئيسٍ يأتي من خلفية عقائدية من المفترض أنها تناصب العداء لإسرائيل. والأكثر غرابة أن العرض ليس من ضمن المطالب الأميركية والغربية، على الأقل وفق ما خرج إلى الإعلام، فما تسرّب عن شروط أميركية للانفتاح على الإدارة الجديدة لم يأت على ذكر التطبيع أو إبرام “اتفاق سلام” مع دولة الاحتلال، إذ إن معظم المطالب داخلية بالدرجة الأولى، ويرتبط جزءٌ منها بالانتهاكات التي شهدتها بعض الأراضي السورية ووضع المقاتلين الأجانب في البلاد. وهنا يمكن لكثيرين أن يتساءلوا: هل هذه القفزة في العروض هي للتحايل على بعض المطالب الغربية؟
وبغض النظر عن هذا التساؤل، والذي لا يملك أحدٌ جواباً حاسماً عليه، كان لافتاً الغياب الكامل لردّات الفعل السورية على ما نقله ميلز على لسان الشرع في ما يخصّ التطبيع. لم نشهد أي تعليق من السياسيين السوريين، القوميين وغيرهم على هذا العرض، ولم تضج وسائل التواصل الاجتماعي بالتعليقات على الكلام المنسوب للشرع، على عكس الضجيج الذي يحدثه أي تصريح سوري لا يعجب فئة ولو قليلة من السوريين. فهل يمكن تفسير هذا الصمت بأن لا اعتراض سورياً على التطبيع، وأن هناك قبولاً في حال نجح هذا التوجه في تخفيف معاناة العقوبات، وأن الأولوية لرفعها بأي ثمن؟ ربما.
العربي الجديد
—————————–
بريطانيا: رفع العقوبات يعيد بناء سوريا واقتصادها ويسمح بمحاسبة الأسد وشركائه
2025.04.25
أكدت المملكة المتحدة أن قرارها بتعديل أنظمتها الخاصة بالعقوبات على سوريا يهدف إلى إعادة بناء سوريا واقتصادها، ويعزز دعم الشعب السوري، ويسمح بمحاسبة نظام الأسد وشركائه.
وفي بيان لها، قالت وزارة الخارجية البريطانية إن التحديثات التي أدخلتها على لوائح العقوبات المفروضة على سوريا “ستساعد الشعب السوري على إعادة بناء بلده واقتصاده بعد سقوط الأسد”، مؤكدة أن “ضمان الاستقرار الطويل الأمد في سوريا أمر ضروري للأمن الإقليمي والبريطاني، وهو أساس لخطة الحكومة للتغيير”.
وأضاف البيان أنه “سيتم دعم النظام المالي السوري لفتح أبوابه وإعادة بنائه بعد سقوط الأسد، حيث أعلنت الحكومة البريطانية أنها تعدل لوائح العقوبات المفروضة على سوريا وترفع العقوبات عن 12 كياناً”.
تدعم استقرار سوريا واقتصادها ومحاسبة الأسد وشركائه
وستؤدي تعديلات أنظمة العقوبات إلى إزالة القيود البريطانية على بعض القطاعات، بما في ذلك الخدمات المالية وإنتاج الطاقة في سوريا، مما يساعد على تسهيل الاستثمار الأساسي في البنية التحتية للطاقة في سوريا ودعم الشعب السوري لإعادة بناء بلده واقتصاده.
وذكر البيان أن التعديلات على التشريعات البريطانية للمملكة المتحدة “ستسمح أيضاً بمحاسبة الأسد وشركائه على أفعالهم الفظيعة ضد الشعب السوري، مع منح المملكة المتحدة مجالاً لفرض عقوبات مستقبلية في سياق سوريا، إذا أصبح ذلك ضرورياً”.
وبالإضافة إلى ذلك، رفعت المملكة المتحدة العقوبات عن 12 كياناً، بما في ذلك وزارة الدفاع السورية ووزارة الداخلية إلى جانب مديرية المخابرات العامة، وشركات إعلامية، في حين ستظل العقوبات المفروضة على أعضاء نظام الأسد والمتورطين في التجارة غير المشروعة في “الكبتاغون” قائمة.
وأكدت الخارجية البريطانية أن هذه التعديلات “ستدعم انتقال سوريا إلى بلد أكثر استقراراً وازدهاراً، وتعزيز الأمن الإقليمي وأمن المملكة المتحدة بما يتماشى مع خطة الحكومة للتغيير”.
بريطانيا ملتزمة بتعزيز استقرار سوريا
وقال وزير شؤون الشرق الأوسط في الحكومة البريطانية، هاميش فالكونر، إن الشعب السوري “يستحق فرصة إعادة بناء بلده واقتصاده، واستقرار سوريا يصب في المصلحة الوطنية للمملكة المتحدة”، معرباً عن “سروره بتعديل العقوبات على سوريا ورفعها عن 12 كياناً لدعم تحقيق ذلك”.
وأكد فالكونر أن المملكة المتحدة “ملتزمة بتعزيز الاستقرار في سوريا والمنطقة ككل”، مشيراً إلى أن ذلك “يمكننا أيضاً من تعزيز الأمن الوطني في الداخل لدعم خطة الحكومة للتغيير”.
وشدد الوزير البريطاني على أن المملكة المتحدة “تظل ملتزمة بالعمل مع الحكومة السورية والشركاء الدوليين لدعم انتقال سياسي شامل في سوريا، بما في ذلك حماية حقوق الإنسان، ووصول المساعدات الإنسانية من دون قيود، والتدمير الآمن لمخزونات الأسلحة الكيميائية، ومكافحة الإرهاب والتطرف”، مشيراً إلى أنه “سنواصل الضغط على الحكومة السورية لضمان وفائها بالتزاماتها”.
ويأتي إعلان الحكومة البريطانية تعديل أنظمة العقوبات في أعقاب قرار اتخذته، في شهر آذار الماضي، يقضي برفع تجميد الأصول عن 24 كياناً سورياً، بما في ذلك البنك المركزي السوري، والخطوط الجوية العربية السورية، وشركات الطاقة.
———————–
مسؤول أميركي: القيادة السورية أمام فرصة حقيقية ولكن مشروطة لبناء علاقة مع واشنطن
2025.04.25
قال كبير مسؤولي مكتب شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأميركية، تيم ليندركينج، إن القيادة السورية الجديدة “أمام فرصة حقيقية، ولكن مشروطة، لبناء علاقة مع الولايات المتحدة”، مؤكداً أن الولايات المتحدة “لن تتعجل في رفع العقوبات عن سوريا”.
وخلال ندوة عبر الإنترنت، نظمها المجلس الوطني للعلاقات الأميركية العربية، قال ليندركينج إن النقاشات حول سوريا باتت حاضرة بشكل يومي داخل أروقة الخارجية الأميركية، مضيفاً أنه “لا يكاد يمر يوم من دون أن يتم الحديث مع مكتبنا ومع الوزير روبيو بشأن سوريا”.
وذكر أن جميع المسؤولين العرب الذين زاروا واشنطن مؤخراً طرحوا المسألة السورية ضمن أولوياتهم، موضحاً أن الولايات المتحدة “لم تصل بعد إلى نقطة التفاعل المباشر مع القيادة السورية الجديدة”.
واعتبر ليندركينج أن الولايات المتحدة “لا تزال في مرحلة استكشاف مدى جدية هذه القيادة في تغيير المسار الأيديولوجي السابق”، مؤكداً أن واشنطن “تتخذ خطواتها تجاه القيادة السورية الجديدة بكثير من التمحيص والحذر”.
شروط واضحة لبناء علاقة جديدة
وقال المسؤول الأميركي إن هناك “مطالب واضحة ومحددة” تم إبلاغها للسلطة السورية الجديدة، مضيفاً أن “مطالبنا ليست تعجيزية، ونريد لهذه العلاقة أن تنجح”.
وأوضح أن “تنفيذ هذه المطالب سيفتح الباب أمام بناء الثقة، وربما يؤدي لاحقاً إلى رفع العقوبات”، مشيراً إلى أنه “إذا أكملت القيادة السورية في بعض المسارات التي ألزمت نفسها بها، فهذا يشكل فرصة حقيقية لبناء الثقة مع الولايات المتحدة”.
وأشار ليندركينج إلى أن “بعض عناصر القيادة السورية الجديدة، إضافة إلى تنظيم هيئة تحرير الشام، ما يزالون على قوائم الإرهاب الأميركية”، مؤكداً أنه “لا يمكن حل هذا الأمر بين ليلة وضحاها”.
وشدد على ضرورة إبعاد جميع المقاتلين الأجانب الذين عيّنوا في مناصب رسمية في الجيش، موضحاً أن “أحد أكبر التحديات أمام سلطة دمشق الجديدة هو ملف المقاتلين الأجانب”.
وطالب ليندركينج السلطات السورية بتقديم إجابات واضحة حول مصير الصحفي الأميركي المختطف في سوريا، أوستن تايس، وبقية الأميركيين المختفين منذ عهد النظام السابق.
وأعرب عن قلق الولايات المتحدة إزاء أحداث الساحل السوري، موضحاً أنه “نتفهم أن فلول الأسد وأذرع إيران قادوا لتلك الأحداث، لكن لماذا تم قتل مدنيين سوريين هناك؟”، مشيراً إلى أن واشنطن تنتظر نتائج التحقيق، وترغب بمحاسبة المتسببين.
واشنطن ليست في عجلة لرفع العقوبات
وفيما يتعلق برفع العقوبات عن سوريا، قال المسؤول الأميركي إن الولايات المتحدة “ليست في عجلة من أمرها لرفع العقوبات عن سوريا”، مؤكداً أنه “لن ترفع هذه العقوبات بين عشية وضحاها، ولن نتعجل ذلك على عكس ما فعلته بعض الدول”.
وأضاف “نرى أن بعض شركائنا في العالم يسعون لإعادة فتح السفارات، ورفع الأعلام في دمشق، نحن لم نصل إلى هذه النقطة بعد”، مشيراً إلى أن واشنطن “تحترم حقيقة أن جميع الدول تتحرك للتواصل مع السلطات السورية الجديدة، وليس من حقها أن تملي على الدول الأخرى كيفية تعاملها بشأن ذلك”.
وشدد ليندركينج على أن الولايات المتحدة “ستنظر في إمكانية تخفيف العقوبات إذا اتخذت السلطات الانتقالية في دمشق خطوات ملموسة في الاتجاهات التي تحدثت عنها سابقاً”.
سيكون لواشنطن دور إيجابي في سوريا
وأعرب المسؤول الأميركي عن ترحيبه بالاتفاق الذي جرى بين الحكومة السورية و”قوات سوريا الديمقراطية” لدمج المناطق في دولة سورية موحدة، معتبراً أن ذلك “تطور بالغ الأهمية”.
كما رحّب ليندركينج بتعاون الحكومة السورية مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، داعياً لاستمرار هذا التعاون حتى ضمان التدمير الكامل لمخزون السلاح الكيميائي في سوريا.
وختم كبير مسؤولي الشرق الأدنى بوزارة الخارجية حديثه بالقول “نعرف السوريين جيداً، وقد عشت بينهم سنوات. هناك سوريون مؤهلون حول العالم وليسوا إرهابيين، ونتمنى أن نراهم في المناصب الحكومية. نريد أن تكون سوريا دولة قوية موحدة تعمل لشعبها وتحميه. وحتماً سيكون لنا دور إيجابي إذا قررت قيادتها العمل من أجل شعبها”.
——————————
منظمة حظر الأسلحة الكيميائية: دخلنا منشآت حساسة في دمشق وقطر ستمثل سوريا
2025.04.25
تحدّثت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، في تقريرها الشهري، عن تعاون ملحوظ و”فعّال” من الحكومة السورية في ملف الأسلحة، مؤكدة على استمرار عمليات التحقيق.
وأعلن التقرير رقم (139) الصادر عن المنظمة، عن إحراز تقدم في الملف، بعد “أكثر من عقد من الجمود والاتهامات المتبادلة بين المنظمة والنظام السوري السابق”.
“دعم كامل من سوريا”
وأكد التقرير على تقديم الحكومة السورية الدعم الكامل لفريق المنظمة خلال زياراته الميدانية إلى سوريا.
وأشارت المنظمة إلى أن فرقها الميدانية أجرت عمليات تفتيش لعدة مواقع، منها لم تُبلّغ فيها المنظمة مسبقاً، إضافة إلى جمع وثائق ومستندات تم العثور عليها في مواقع مهجورة خلال الجولة الميدانية للفرق، خلال آذار ونيسان من العام الجاري.
قطر تمثل سوريا
وأفاد التقرير بأن دولة قطر، وبطلب رسمي من وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، أصبحت الممثل الدبلوماسي الرسمي لسوريا لدى المنظمة.
“ثغرات وتناقضات”
وأوضح التقرير أن إعلان سوريا عن البرنامج الكيميائي “غير دقيق وغير مكتمل”، لوجود ثغرات وتناقضات.
واعتبر أن 19 نقطة جوهرية من أصل 26 تحتاج إلى حلول، منها مسائل تتعلق بكميات غير موثقة من غازات الأعصاب والذخائر الكيميائية.
وأكد التقرير أن “سوريا لم تُكمل الإجراءات المطلوبة وفقًا لقرار المجلس التنفيذي رقم (EC-94/DEC.2) والتي يشمل الإعلان عن منشآت تصنيع وتخزين المواد الكيميائية التي استُخدمت في هجمات وقعت في عام 2017، وتقديم كشف كامل عن ما تبقى من البرنامج الكيميائي”.
دعم بـ 48 مليار يورو
عرّج التقرير عن مجموع التبرعات لصندوق المهام الخاصة بسوريا والبالغة أكثر من 48.4 مليون يورو، بدعم من 25 دولة ومن الاتحاد الأوروبي.
وتُعول المنظمة على دعم إضافي مالي ولوجستي لمواصلة عملها في سوريا خلال العام الجاري، خصوصًا مع بدء إنشاء مكتب دائم للمنظمة في دمشق، وفقاً للتقرير.
واشترط التقرير إعادة الحقوق والامتيازات إلى الحكومة السورية، بعد تعليقها من الدول الأعضاء في العام 2021، مقابل إتمام جميع الالتزامات المفروضة.
وفي الثامن من شباط الماضي، استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني، وفداً من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في دمشق في زيارة هي الأولى من نوعها بعد سقوط نظام الأسد.
وضم الوفد إلى جانب المدير العام للمنظمة فرناندو جونزاليز، فريق تحديد الهوية، المسؤول عن تحديد الجهات والأشخاص الذين استخدموا السلاح الكيميائي في سوريا، ورئيس فريق تقييم الإعلان، المسؤول عن التأكد من امتثال سوريا لبنود اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية.
اتفاقية الأسلحة الكيميائية
وانضم النظام المخلوع في 13 من أيلول 2013 إلى معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية، وفي الشهر نفسه اعتمد مجلس الأمن الدولي قراره رقم 2118 الخاص بالأسلحة الكيماوية السورية، وارتكب النظام مجزرة الغوطة الشرقية قبل شهر فقط من إعلان انضمامه للمعاهدة.
ودخلت اتفاقية الأسلحة الكيميائية حيز التنفيذ بالنسبة لسوريا في 14 تشرين الأول 2013، وقدم نظام الأسد حينها إعلاناً أولياً عن برنامجه للأسلحة الكيميائية، إلا أن المنظمة الدولية اعتبرت الوثيقة غير كاملة وغير دقيقة، وأنشأت مجموعة خاصة للعمل على إزالة الثغرات والتناقضات في الإعلان الأصلي.
وتوسعت مهمة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في سوريا مع اعتماد قرار، في تشرين الثاني 2016، بإنشاء آلية تحقيق مشتركة مع الأمم المتحدة، بهدف التحقيق في استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، وتقديم تقارير دورية عن نتائج التحقيقات.
وقالت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إنه تم تدمير جميع المنشآت الـ 27 المعلنة لإنتاج الأسلحة الكيميائية في سوريا، في حين ما تزال هناك 19 قضية غير محلولة تتعلق بالبرنامج الكيميائي لنظام الأسد، بما في ذلك وجود آثار لمواد كيميائية تم اكتشافها في مواقع معينة، وهو ما عادت إلى تأكيده في التقرير الحديث.
وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أكدت أن النظام السوري هو أكثر من استخدم الأسلحة الكيماوية في القرن الحالي، متسبباً في مقتل ما لا يقل عن 1510 أشخاص، وإصابة قرابة 12 ألفاً، من جراء ما لا يقل عن 217 هجوماً كيماوياً.
تلفزيون سوريا
—————————————-
واشنطن تعلن شروطها المسبقة للتطبيع مع حكومة دمشق
أنقرة: كشفت واشنطن عن أنها قد تخفف العقوبات على سوريا إذا اتخذت حكومة دمشق خطوات في بعض الملفات، بما في ذلك الإفراج عن معتقلين أمريكيين وقضية المقاتلين الأجانب والأسلحة الكيميائية.
جاء ذلك في تصريح لكبير مسؤولي مكتب شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأمريكية تيم ليندركينغ، خلال مشاركته بندوة نظمها المجلس الوطني للعلاقات العربية الأمريكية، الخميس.
وأكد ليندركينغ أن العقوبات على سوريا مستمرة، ولكن ثمة إمكانية لتقديم مرونة “في حال أظهرت السلطة الانتقالية في دمشق تغييرا، فنحن نبحث عن فرصة لبناء الثقة”.
ولفت إلى أن “هذه ليست أمورا يمكن إصلاحها بين عشية وضحاها”، وأن واشنطن مستعدة للتفاعل مع المسؤولين السوريين وفهمهم.
وأوضح أن توفير معلومات موثوقة عن المواطنين الأمريكيين المحتجزين أو المفقودين في السجون السورية، بما في ذلك الصحافي أوستن تايس، يعد من المتطلبات الأساسية لواشنطن.
ورحّب ليندركينغ باستقبال الرئيس السوري أحمد الشرع، عائلة تايس في 19 يناير/ كانون الثاني، مؤكدا ضرورة الكشف عن مصير الأمريكيين المفقودين.
وشدد على أن واشنطن “مصممة وحازمة” في منع إيران و”حزب الله” من إعادة توطيد وجودهما في الأراضي السورية، وأنها تطلب ضمانات بهذا الشأن.
ودعا الحكومة السورية إلى مواصلة جهودها في مكافحة الإرهاب بما في ذلك تنظيم “داعش”، معربا عن ارتياح واشنطن لتوقيع اتفاقية تؤكد وحدة الأراضي السورية في مارس/ آذار بين الشرع وفرهاد عبدي شاهين، أحد قادة تنظيم “بي كي كي/ واي بي جي”.
وقال إن واشنطن تدرك بأن تنفيذ هذه الاتفاقيات سيكون محفوفا بالتحديات، داعيا الأطراف إلى التوصل لحل يضمن عدم ظهور “داعش” وغيره من التنظيمات الإرهابية مرة أخرى في سوريا.
وأكد ضرورة التخلص من جميع الأسلحة الكيميائية واعتماد مبادئ عدم الاعتداء على الدول المجاورة، مطالبا بمحاسبة مرتكبي “الأعمال الوحشية” التي وقعت خلال الاشتباكات بسوريا وكذلك في محافظة اللاذقية في مارس الماضي، وفق قوله.
وطالب ليندركينغ بعزل “المقاتلين الأجانب” من المناصب الحكومية، مشيرا إلى أن واشنطن مستعدة لإعادة التفاعل مع دمشق في حال تحقق تقدم في هذه المجالات.
وقال: “إذا اتخذت السلطة الانتقالية خطوات قابلة للإثبات تتماشى مع ما ذكرته، فإننا سننظر في تخفيف العقوبات. ونريد أن تحظى سوريا بفرصة ثانية”.
(الأناضول)
————————
عضو في الكونغرس الأميركي: الرئيس السوري منفتح على تطبيع العلاقات مع إسرائيل
تل أبيب: «الشرق الأوسط»
24 أبريل 2025 م
نقلت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، اليوم الخميس، عن العضو الجمهوري في الكونغرس الأميركي مارلين ستوتزمان قوله إن الرئيس السوري أحمد الشرع منفتح على تطبيع العلاقات مع إسرائيل؛ شرط بقاء بلاده موحدة وذات سيادة.
وأضاف ستوتزمان في مقابلة مع «جيروزاليم بوست»: «الشرع قال إنه منفتح على الاتفاقات الإبراهيمية، ما يجعل سوريا في وضع جيد مع إسرائيل ومع دول أخرى شرق أوسطية، وبالطبع مع الولايات المتحدة».
وكان عضو الكونغرس الأميركي التقى الشرع قبل أيام في دمشق.
وأكد ستوتزمان أن الشرع يخشى من «تقسيم سوريا إلى أقاليم، ولا يريد أن يحدث ذلك، إنه يريد أن تبقى بلاده موحدة، وأصر على معالجة الانتهاكات الإسرائيلية قرب مرتفعات الجولان وعدم قصف إسرائيل لسوريا».
وأضاف عضو الكونغرس الأميركي أن الرئيس السوري أكد ضرورة وجود مفاوضات ثم خطوات للتطبيع مع إسرائيل، وقال: «أعتقد حقاً أنه منفتح على الحوار».
——————————
======================