التدخل الاسرائيلي السافر في سورية الجديدةسقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعسياسة

عن التدخل الاسرائيلي السافر في سورية الجديدة، ملف تناول “شهية إسرائيلية لتفتيت سوريا” – تحديث 24-25 نيسان 2025

لمتابعة مكونات الملف اتبع الرابط التالي

التدخل الاسرائيلي السافر في سورية الجديدة

——————————–

من حكم إدلب إلى حكم دمشق/ بكر صدقي

تحديث 24 نيسان 2025

بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى نيويورك وواشنطن، قبل أيام، نقلت وكالة الأنباء الألمانية خبراً عن اعتقال السلطات السورية لمسؤولين مهمين في حركة الجهاد الإسلامي، خالد خالد وأبو علي ياسر. وقد سبق لإسرائيل أن استهدفت مقرات للمنظمة الفلسطينية المعروفة بعلاقتها الوثيقة مع القيادة الإيرانية، على الأراضي السورية عدة مرات. وإذا كانت هذه العلاقة تسهّل على السلطة في دمشق تبرير قرار الاعتقال، فلا جدال في أن هويتها الفلسطينية المقاومة للاحتلال الإسرائيلي مصدر إحراج كبير لها، وهذا ما جعلها، هي وإعلامها الموالي، تتكتم على الخبر.

واضح من التزامن بين زيارة الشيباني لواشنطن وتنفيذ الاعتقال أنه يهدف إلى استرضاء الإدارة الأمريكية التي سبق وقدمت له لائحة شروط، في بروكسل، من بينها شرط إنهاء الأنشطة السياسية للمنظمات الفلسطينية المعادية لإسرائيل.

أما سبب الحرج فيعود إلى ثقافة سياسية مترسخة في المجتمع السوري حول مناصرة الحقوق الفلسطينية ومعاداة إسرائيل. صحيح أن محاربة إيران وأذرعها ضد الثورة السورية ودفاعاً عن نظام الأسد الإجرامي طوال 14 عاماً قد جعلت غالبية كبيرة من السوريين تتخندق نفسياً ضد «محور المقاومة» وصولاً إلى الشماتة بمصير حزب الله، بعد عقود من التأييد، وإحلال إيران محل إسرائيل في موقع العدو الأخطر، لكن مناصرة الحقوق الفلسطينية ما زالت تتمتع بموقع متقدم في انحيازاتهم سواء بفعل الرابطة القومية العربية أو بسبب الأخوّة في المظلومية، فضلاً عن أن الوجود الإيراني في سوريا قد انتهى، في حين تحضر إسرائيل بفظاظة وقوة في اليوميات السورية.

يضاف إلى هذا الجديد موقف إدارة الشرع من الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، وضمناً احتلال أراض سورية جديدة في الشريط الحدودي جنوب دمشق وتدميرها لمعظم ما تبقى من مقدرات الجيش السوري المنحل ومواقعه ومطاراته العسكرية، وكذلك تصريحات المسؤولين الإسرائيليين المتعجرفة والاستفزازية تجاه دمشق… فقد تراوحت ردود فعل هذه الإدارة بين الصمت على الاعتداءات والاستفزازات، وإرسال رسائل طمأنة بشأن «عدم وجود أي نوايا معادية تجاه أي دولة مجاورة»، أو في أحسن الأحوال تقديم احتجاجات رسمية للأمم المتحدة بوصفه أضعف الإيمان كما يقال. بالطبع لا أحد في سوريا يتوقع أو يريد مواقف عنترية تجاه إسرائيل من الإدارة الجديدة على غرار ما أدمنه نظام الأسد المخلوع منذ بداية حكمه وصولاً إلى لحظة «طوفان الأقصى». ولكن يبقى أنهم لا يستسيغون أي قول أو عمل من السلطة يهدفان إلى استرضاء إسرائيل كاعتقال القياديين المحليين لحركة الجهاد الإسلامي.

على أي حال ليس هذا التطور وحده ما قد تغص به السلطة الجديدة في دمشق مرغمة على استرضاء جميع القوى الخارجية الفاعلة. فكل إجراء يتعارض مع الأيديولوجية السلفية المتشددة أو الهيمنة السنية ينطوي على مضض وإكراه، كحال استمرار تقديم المشروبات الكحولية في بعض مطاعم العاصمة دمشق، أو استمرار ظهور النساء السافرات في الميدان العمومي، برغم التضييق عليهن، أو وجوب الاعتراف بالأقليات الدينية والمذهبية والتعاطي معها، بما في ذلك إدخال أفراد ينتمون إلى تلك الفئات في الحكومة (امرأة مسيحية ودرزي وعلوي).

هذه الإكراهات التي لا شك أنها تلاقي مقاومة من قواعد «هيئة تحرير الشام» وفصائل إسلامية أخرى وشرعييهم، صامتة إلى الآن، أو تخترق ببساطة بلا ضجيج قدر الإمكان، لكنها مرشحة للتصاعد كلما ارتفعت وتيرة الإكراهات التي يشكل الخضوع لها استجابة الإدارة للضغوط الخارجية أكثر منها للضغوط الاجتماعية الداخلية، بهدف كسب اعتراف المجتمع الدولي بشرعية الحكم الجديد.

لقد توسم السوريون خيراً من قرار حل الفصائل في «مؤتمر النصر» الذي انتخب أحمد الشرع رئيساً للجمهورية، لكن التطورات اللاحقة أظهرت أن الفصائل ما زالت محافظة على حالتها التنظيمية إلى حد كبير، وكذا أساسها الأيديولوجي المتشدد، الأمر الذي رأينا نتيجته الكارثية في المجازر التي ارتكبتها في مدن الساحل وقراه بحق المدنيين العلويين، الأمر الذي قوّض كل الجهود السابقة للإدارة للظهور بمظهر مختلف عن ماضيها العنيف والطائفي.

تتقاطع شهادات عدة في تأكيد أن هيئة تحرير الشام قد فوجئت هي نفسها باستيلائها على السلطة خلال 11 يوماً. صحيح أن ناطقين باسمها يؤكدون أنهم كانوا يعدون العدة منذ سنوات لهجوم عسكري كبير يهدف إلى تحرير سوريا، لكن الشهادات المشار إليها لا تمضي في المنحى ذاته على الأقل فيما خص انهيار نظام الأسد بهذه السهولة. وعلى أي حال لا أحد يجادل اليوم في أن التطورات الإقليمية العاصفة المتمثلة في الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان إنما كانت هي العامل الحاسم في انهيار النظام، في إطار نوع من التفاهمات الدولية والإقليمية حول وجوب التخلص منه ولكن ليس حول البديل. فغياب التفاهمات على هوية البديل هي ما يعقل إلى اليوم استقرار الأوضاع في سوريا ونيل السلطة الجديدة الاعتراف بشرعيتها.

لن نبتعد كثيراً عن الحقيقة إذا افترضنا أن الشرع ورفاقه ربما يلعنون الساعة التي تورطوا فيها بالاستيلاء على السلطة في دمشق، بعد سنوات من الحكم السهل نسبياً في منطقة إدلب حيث حكموا مجتمعاً «متجانساً» إلى حد كبير، مع وجود أعداد قليلة من المسيحيين والدروز كـ»أهل ذمة»، وحياة اقتصادية معقولة بالمقاييس المحلية، وجامعات خاصة تطبق نظام الفصل بين الجنسين وتمنح شهادات تخرج بعيداً عن رقابة مركزية تتجاوز سلطة «الهيئة». صحيح أن السنتين الأخيرتين قد شهدتا حركة احتجاجات نشطة نسبيا ضد الهيئة والجولاني بالذات (هذا كان اسمه هناك) لكنها كانت قابلة للاحتواء بيسر. بسيطرتها على مساحات واسعة من «سوريا الأسد» باتت الهيئة مشتتة جغرافياً وضعيفة الإقناع في مجتمعات متنوعة كان مقاتلوها على جهل تام بها. كما أن الانتقال المطلوب منها من منطق الفصيل العسكري الثوري إلى منطق الدولة هو عملية صعبة تتطلب جهداً ووقتاً لا تملك الهيئة مقوماتها. ربما هذا ما يفسر استعانة إدارة الشرع بجوناثان بأول مستشار الأمن القومي في الحكومة البريطانية الذي يقال إنه موجود في سوريا ويعطي استشارات للإدارة بشأن التعاطي الدبلوماسي والتفاوضي مع الدول الأخرى.

كاتب سوري

القدس العربي

———————————–

نتنياهو وسياسة اللعب بالنار في سوريا: خلق عدو مفترض وتصعيد غير محسوب مع تركيا وتكرار أخطاء الماضي

إبراهيم درويش

تحديث 24 نيسان 2025

نشرت مجلة “فورين أفيرز” مقالا لمديرة الأبحاث في منتدى السياسة الإسرائيلية، شيرا إيفرون، والزميل الباحث في برنامج إيران بمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، داني سيترينوفيتش، قالا فيه إن النشاط العسكري الإسرائيلي في سوريا ازداد عدوانية في الأشهر التي تلت انهيار نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد.

فقد احتل الجيش الإسرائيلي المنطقة العازلة التي تراقبها الأمم المتحدة والتي أُنشئت بعد حرب عام 1973، ونفذ ضربات ضد البنية التحتية السورية، وأنشأ تسعة مواقع عسكرية جديدة. وقد أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، مرارا أن جيشه سيبقى في سوريا “إلى أجل غير مسمى”.

وفي آذار/ مارس، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن خطط لإنشاء مناطق نفوذ من خلال تحالفات مع الأقليات، بالإضافة إلى إنشاء منطقة منزوعة السلاح بطول 30 ميلا تمتد من الحدود الإسرائيلية إلى دمشق.

ويقول الكاتبان إن هذا يمثل تحولا جذريا عن نهج إسرائيل الحذر تجاه جارتها الشمالية. شعرت إسرائيل بقدرتها على إدارة نظام الأسد، وبدأت إجراءات الجيش الإسرائيلي بعد كانون الأول/ ديسمبر كجهد لمنع وقوع القدرات العسكرية في أيدي جهات أقل وضوحا.

ورغم اتفاق الكاتبين مع مخاوف إسرائيل من الزعيم السوري الجديد، أحمد الشرع، بالنظر إلى ارتباطاته الجهادية السابقة، لكن إسرائيل الآن تتجاوز حدودها. وبعد السيطرة على دمشق، أظهر النظام السوري الجديد بوضوح أنه لا مصلحة له في الصراع مع إسرائيل، حتى أنه طرح إمكانية تطبيع العلاقات. ويجب الحكم على الحكومة السورية الجديدة من خلال أفعالها وليس فقط أقوالها، بحسب ما يقول الكاتبان، لكنها في المقابل تتيح لإسرائيل فرصة ذهبية محتملة لتعميق عزلة إيران، وتحويل سوريا من عدو إلى جار مسالم، وتحقيق الاستقرار في منطقتها.

ويرى الكاتبان أن المخاوف الأمنية هي التي تدفع تصرفات الحكومة الإسرائيلية تجاه سوريا، إلا أن هذا لاينفي الرغبة في إثبات قوتها أمام جيرانها، ومحاولة تجاوز فشل التكهن ومنع هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تدفعها لهذا التصرف أيضا.

لكن في حالة استسلم قادة إسرائيل لرغبة تصعيد توسعهم في سوريا، فقد يخلقون عدوا جديدا في وقت لا يوجد فيه عدو حاليا. وستفاقم إسرائيل من خلافها مع تركيا، مما يدفع البلدين نحو حافة صراع عسكري جديد لا داعي له.

وترى المجلة أن إسرائيل حاولت عندما اندلعت الحرب الأهلية السورية عام 2011، منع ترسيخ حزب الله وإيران لمواقعهما في سوريا من خلال تنفيذ ما أسمته “الحرب بين الحروب”، مع التركيز بشكل رئيسي على منع إيران من تهريب الأسلحة إلى لبنان. ولم تدعم إسرائيل رسميا أيا من الطرفين في الحرب الأهلية، مع أن قادة إسرائيل فضّلوا الأسد على خصومه، واصفين إياه في جلسات خاصة بـ”الشيطان الذي نعرفه”، وحرصوا على ألا تعرض جهود إسرائيل لمواجهة نفوذ إيران المتزايد حكمه للخطر.

والتطور الجديد في الموقف الإسرائيلي بعد تشرين الأول/أكتوبر هو الرغبة في توسيع وتعزيز المناطق العازلة. ففي آذار/ مارس 2025، قال وزير الدفاع كاتس بأن العمليات البرية المتوسعة للجيش الإسرائيلي في غزة تهدف، جزئيا، إلى “الاستيلاء على أراض واسعة” تضاف بشكل دائم إلى “المناطق الأمنية لدولة إسرائيل”.

وفي لبنان، وعلى الرغم من توقيع وقف إطلاق النار مع حزب الله في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، وعلى الرغم من حقيقة أن حكومة جديدة أقل ولاء لحزب الله استولت على بيروت في شباط/ فبراير، إلا أن الجيش الإسرائيلي يحتفظ بخمس نقاط إستراتيجية بالقرب من الحدود.

ويعتقد الكاتبان أن سقوط الأسد فاجأ إسرائيل، وكان عليها تطوير إستراتيجية جديدة نحو سوريا. وعلى الفور، تحركت إسرائيل لتدمير قواعد سلاح الجو السوري والطائرات ومستودعات الصواريخ، وعززت دفاعاتها الحدودية واستولت على المنطقة العازلة التي فرضتها الأمم المتحدة بمساحة 145 ميلا مربعا. وأقام الجيش الإسرائيلي مواقع جديدة داخل سوريا، وعبّد طرق الوصول إليها، وحفر الخنادق، ونشر مئات الجنود هناك.

ومع ذلك، وبالنظر إلى أن النظام السوري الجديد لا يشكل تهديدا وشيكا لإسرائيل، فإن هذا النهج أقل جدوى إستراتيجيا بكثير مما هو عليه في لبنان. فقد ظلت الحدود الإسرائيلية السورية هادئة طوال حرب غزة، ولم يضطر الإسرائيليون الذين يعيشون على امتدادها إلى المغادرة. وقد تخلت حكومة الشرع عن الخطاب الرسمي السوري المناهض لإسرائيل منذ فترة طويلة. كما تعهد الشرع بالالتزام باتفاقية فك الارتباط، وأعلن في كانون الأول/ ديسمبر: “لا نريد أي صراع، سواء مع إسرائيل أو أي جهة أخرى”، مضيفا أنه لن “يسمح باستخدام سوريا كمنصة انطلاق لهجمات”.

لكن إسرائيل تعاملت مع حكومة الشرع باعتبارها عدوا. ففي أواخر كانون الأول/ ديسمبر، غزا الجيش الإسرائيلي منطقتين أخريين على الأقل في سوريا خارج المنطقة العازلة، وزاد من وتيرة ونطاق ضرباته في عمق الأراضي السورية، على الرغم من أن وتيرتها قد انخفضت خلال الأسبوعين الماضيين.

وتبرر إسرائيل إجراءاتها أو بعضها بأنها تهدف لحماية الأقليات، وخاصة الدروز، الذين يعتبرون حلفاء محتملين. ومع ذلك، ينظر العديد من أفراد المجتمع الدرزي السوري بعين الريبة إلى مزاعم إسرائيل بأنها حليفتهم. ففي منتصف آذار/ مارس، اندلعت احتجاجات في مدينة السويداء السورية ذات الأغلبية الدرزية، اتهم خلالها زعماء الدروز إسرائيل بتقويض وحدة الأراضي السورية. كما أن محاولة إسرائيل إقامة شراكات مع الأقليات المسلمة غير السنية تتعارض مع رغبة معظم السوريين المنهكين من الحرب في دولة موحدة ومستقرة.

كما يعد إصرار نتنياهو على أن تكون المناطق جنوب دمشق بأكملها “منزوعة السلاح” هدفا يصعب على الشرع قبوله، إذ يعني ذلك على الأرجح التخلي عن السيطرة على هذه المنطقة.

في المقابل، دأبت إسرائيل على تقويض سلطة الشرع من خلال الضغط على الولايات المتحدة للحفاظ على عقوباتها على سوريا والتنسيق الوثيق مع موسكو لمساعدة روسيا في الاحتفاظ بقواعدها العسكرية. ويثير انفتاح إسرائيل على روسيا الريبة، بالنظر إلى أن التدخل الروسي في سوريا لإنقاذ الأسد قبل عقد من الزمان، ساعد في ترسيخ النفوذ الإيراني بالشرق الأوسط.

تُشكل عدم ثقة إسرائيل بحكومة الشرع مفارقة أخرى. فقد اتهم القادة الإسرائيليون فريق الشرع بإخفاء حقيقته. ففي آذار/ مارس، ادعى وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، أن فريق الشرع “كان جهاديا ويظل جهاديا، حتى لو ارتدى بعض قادته بزات رسمية”.

لكن إسرائيل تعوّل على موقف الشرع المناهض لإيران لمنعها من إعادة ترسيخ نفوذها الإقليمي. ورغم أن تقويض سلطة الشرع قد يعزز قبضة إسرائيل على منطقتها العازلة على المدى القصير، إلا أن مصلحة إسرائيل على المدى الطويل تكمن في استقرار سوريا.

كما تعمل إسرائيل على منع تركيا من ترسيخ نفوذها في سوريا. وقد أحبطت إسرائيل الجهود التركية لإعادة بناء قدرات الجيش السوري بقصف القواعد الجوية التي سعت أنقرة للسيطرة عليها. وقد تعامل الخطاب الرسمي الإسرائيلي بشكل متزايد مع تركيا كعدو. فعلى سبيل المثال، أشار تقرير صادر عن لجنة حكومية معنية بشأن ميزانية الدفاع في كانون الثاني/ يناير 2025 إلى “التهديد التركي”، زاعما أن تركيا تأمل في جعل الجيش السوري “وكيلا لها كجزء من حلم تركيا بإعادة التاج العثماني إلى مجده السابق”. وهذا بدوره من شأنه أن “يعمق خطر المواجهة التركية- الإسرائيلية المباشرة”.

في أواخر شهر آذار/ مارس، غرد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، قائلا إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان “معاد للسامية” ويشكل “تهديدا للمنطقة”.

ويعلق الكاتبان أن قادة إسرائيل على ما يبدو يريدون استبدال التهديد الإيراني المتراجع بتهديد تركي جديد مزعوم.

ويشير الكاتبان إلى البعد الداخلي في سياسة نتنياهو تجاه سوريا، فهو تريد إثبات أن إسرائيل تصول وتجول في سوريا بدون أي مقاومة. وهو ما يظهر في وسائل التواصل الاجتماعي.

ومع ذلك، فنهج إسرائيل في سوريا قد يقود بالفعل عن نتائج عكسية. ففي الثاني من شباط/ فبراير، صرّح وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة لصحيفة “واشنطن بوست” بأن توغلات الجيش الإسرائيلي كانت “انتهاكا للشعب السوري”. ولعدة أشهر، امتنع الشرع عن انتقاد سلوك إسرائيل التصعيدي، وهو ما كان يمكن للقادة الإسرائيليين اعتباره علامة أمل. ولكن في آذار/ مارس، بدأ الشرع نفسه في التعبير عن غضبه، واصفا تقدم إسرائيل بأنه “توسع عدائي”.

في أواخر آذار/ مارس وأوائل نيسان/ أبريل، تعرضت قوات الجيش الإسرائيلي في سوريا لإطلاق نار من قبل مسلحين مجهولين. وإذا واصلت إسرائيل موقفها العدواني، فقد يسمح الشرع أو حتى يدعم هجمات هذه الجماعات المسلحة على الجيش الإسرائيلي. وقد يزيد الاستياء من الجيش الإسرائيلي من احتمالية اندلاع تمرد، مما قد يجر الجيش إلى الدخول بعمق أكبر في الأراضي السورية.

وإذا ظلت الحكومة السورية الجديدة معتدلة واستطاعت ترسيخ سلطتها، فسيكون الجانب الإيجابي لإسرائيل هائلا. سيكون لها جار مستقر غير تابع لإيران، يمتلك جيشا فعالا قادرا على القيام بعمله لمواجهة تهديدات الجماعات المتطرفة. إسرائيل ليست متفرجة سلبية على مسار السياسة السورية.

كما يجب على إسرائيل أيضا تغيير نهجها تجاه تركيا. ففي اجتماع مع نتنياهو في وقت سابق من هذا الشهر، أشاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأردوغان، ودعا البلدين إلى إصلاح علاقتهما. في 9 نيسان/ أبريل، بدأت جولة من المحادثات بين إسرائيل وتركيا، بوساطة أذربيجان. وينبغي على إسرائيل استخدام هذه المناقشات ليس فقط لإنشاء آلية لفض النزاع، ولكن أيضا لتهدئة التوترات تماما.

يشبه نهج إسرائيل الحالي جهودها لإنشاء منطقة أمنية في جنوب لبنان في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، والتي أسفرت عن حرب استنزاف عمقت الاستياء اللبناني وسهّلت على حزب الله السيطرة على البلاد بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي عام 2000.

ويجب على إسرائيل ألا تكرر هذا الخطأ. وينبغي على الحكومة الإسرائيلية العمل بشكل أوثق مع شركائها الإقليميين والدوليين لمنع سوريا من الوقوع مجددا في الفلك الإيراني، بالإضافة إلى تعطيل وإزالة بقايا الأسلحة البيولوجية والكيميائية المتبقية من عهد الأسد، بحسب رأي الكاتبين دائما.

———————————

لغز الانسحاب الأميركي من سوريا يقلق إسرائيل/ بسام مقداد

الثلاثاء 2025/04/22

منذ رئاسته الأولى، وترامب يهدد بالانسحاب من سوريا، ثم تعود تطورات الأحداث في المنطقة لتنفي إمكانية هذا الانسحاب، وتجعل قرار ترامب، كما الكثير من قراراته، أحجية تقلبات مزاجه. وإسرائيل التي تخشى تزايد شهية تركيا في سوريا، وبذلت جهدها لتقنع ترامب بالمحافظة على الوجود القوات الأميركية وفشلت حتى الان، تواصل مفاوضاتها مع الأميركيين لإعادة النظر بالقرار، حسب ما نقلت في 16 الجاري عن صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية بالطبعة الأوكرانية من المجموعة الإعلامية الكبيرة RBC.

رأت الصحيفة الإسرائيلية أن انسحاب القوات الأميركية من سوريا، يجعل تركيا وإسرائيل تقتربان من “الخط الأحمر”. وقالت إن إسرائيل قلقة من قرار ترامب سحب القوات الأميركية من سوريا، لأنه سيسمح لتركيا بتعزيز نفوذها في سوريا والمنطقة. وأشارت إلى أن القرار لم يشكل مفاجأة، إذ أن ترامب كان خلال رئاسته الأولى يؤيد تخفيض الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط. ويعكس هذا الموقف عقيدة السياسة الخارجية الانعزالية التي تنتهجها إدارة ترامب، والتي تشكلت جزئياً على يد نائب الرئيس جيه دي فانس.

تشير الصحيفة إلى أن ترامب صرح أكثر من مرة بأن هذه الحرب “ليست حربنا”. ومن المعروف أن البنتاغون يستعد لهذا السيناريو منذ فترة طويلة. واليوم تنتقل واشنطن إلى المرحلة العملية، حيث تُبلغ الجانب الإسرائيلي بانتظام بالإجراءات المقبلة. وخلال المشاورات، أعرب الممثلون الإسرائيليون مراراً عن قلقهم العميق إزاء العواقب المحتملة لمثل هذه الخطوة.

نقلت يديعوت أحرونوت عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن انسحاب القوات الأميركية لا يمكن أن يكون إلا جزئياً. وتخشى إسرائيل أن يؤدي مثل هذا التطور إلى تعزيز طموحات تركيا لتدعيم وجودها في سوريا بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد.

تشير الصحيفة إلى أن القوات الأميركية تنتشر الآن في عدة مواقع استراتيجية في شمال وشرق سوريا، وتلعب دوراً مهماً في ضمان الاستقرار الإقليمي. وتخشى إسرائيل من أن تقوم أنقرة بعد الانسحاب بتكثيف محاولاتها للسيطرة على منشآت عسكرية رئيسية، وخصوصاً في منطقة تدمر السورية، بما في ذلك قاعدتي T4 وتدمر.

وتقول يديعوت أحرونوت إن الرئيس التركي يسعى إلى استغلال الوضع الجيوسياسي المتغير لتعزيز مكانته في المنطقة. وقد أدى الخطاب العدواني المتزايد الذي تنتهجه أنقرة تجاه إسرائيل منذ بداية الحرب في قطاع غزة إلى تفاقم المخاوف في تل أبيب، مع أن تركيا ليست دولة معادية رسميًا، ووصفها نتنياهو بأنها شريك “صعب”.

تشير الصحيفة إلى أن إسرئيل سبق أن حذرت الولايات المتحدة وتركيا من أن الوجود الدائم للقوات العسكرية التركية في القواعد المذكورة أعلاه سوف يُنظر إليه على أنه تجاوز “خط أحمر”، وسوف يهدد حرية عمل القوات الإسرائيلية في الاتجاه الشمالي.

وبشأن المفاوضات التركية الإسرائيلية حول الاتفاق على آلية لتفادي المواجهة المسلحة بين الطرفين في سوريا، والتي جرت في 9 الجاري في أذربيجان، ولم تخرج بنتيجة، قالت الصحيفة إن إسرائيل أكدت بأنها تحمل السلطات السورية الجديدة المسؤولية عن التطور اللاحق للأحداث. وأي عمل من شأنه أن يهدد أمن إسرائيل سوف يعتبر سبباً للرد العسكري.

موقع الخدمة الروسية في وكالة الأنباء الكردية ANF التي تصدر في مدينة أمستردام نقلت في 8 الجاري عن أسبوعية الإيكونوميست البريطانية مقتطفات من مقالة رأت فيها أن “تركيا وإسرائيل تتحولان إلى خصمين لدودين في سوريا”. وقالت الأسبوعية بأن الأحداث السياسية العسكرية في سوريا قد تؤدي إلى مواجهة مباشرة بين البلدين.

ونقلت عن وزير الخارجية الإسرائيلي قوله بإن التنازلات التي قدمتها سوريا لتركيا، والتي تشمل “فتح أراض واسعة” و”الاعتراف بنفوذ أنقرة”، تشكل تهديداً خطيراً لأمن إسرائيل. وبدوره، حذر وزير الدفاع الإسرائيلي من أن “سوريا ستدفع ثمناً باهظاً إذا فتحت الباب أمام قوى معادية لإسرائيل”.

وترى الأسبوعية في مقالتها أن لإسرائيل مصلحة في إبقاء سوريا ضعيفة ومنقسمة. ويشار إلى أن الهجمات الإسرائيلية المتكررة على الطائرات السوفيتية القديمة التابعة لنظام الأسد قد أدت إلى تقويض البنية التحتية العسكرية للجيش السوري.

وفي الوقت نفسه، تسعى الحكومة السورية الحالية إلى إعادة بناء البلاد، وتتعاون بشكل نشط مع تركيا. وتخشى إسرائيل من أن يؤدي هذا إلى ظهور “سوريا تحت النفوذ التركي”.

صحيفة الكرملين VZ رأت في 16 الجاري أن قرار ترامب الانسحاب من سوريا يعني بأن “الولايات المتحدة تفكر بالهروب من دولة محتلة أخرى”. استهلت الصحيفة نصها بالقول إنه يبدو بأن الساعة باتت قريبة لإنهاء احتلال القوات الأميركية للأراضي السورية التي تتواجد فيها منذ عشر سنوات. وقالت إن الولايات المتحدة أبلغت إسرلئيل بخططها لبدء سحب قواتها من سوريا في غضون الشهرين أو الثلاثة المقبلة. ونقلت عن يديعوت أحرونوت قولها إن إسرائيل تحاول تفادي هذا السيناريو، لكنها  لم تتمكن من إقناع الأميركيين بتغييره.

تشير الصحيفة إلى أن تعداد القوات الأميركية التي بقيت في سوريا أثناء محاولة ترامب الأولى سحبها كان حوالى 900 عسكري. لكن تعدادها عاد إلى سابق عهده في عهد بايدن وبلغ 2,2 ألف عسكري. وتنتشر هذه القوات في 10 قواعد عسكرية في سوريا متواجدة في المناطق الزراعية الخصبة. وتقول الصحيفة أن عدد القواعد التي أقامها الأميركيون بين العامين 2015 و 2018 بلغ 12 قاعدة، إضافة إلى أربعة مواقع متقدمة مزودة بمهابط طائرات مروحية، بعضها تم تفكيكه أو تسليمه للأكراد.

نقلت الصحيفة عن نتنياهو تصريحاً ملفتاً إن ثبتت صحته، حين يقول إن أي طرف (تركيا) سيحاول زعزعة استقرار سوريا، “سوف يجد أننا ندعم الحكومة السورية”. وأضاف بالقول “لن نسمح بتقسيم سوريا أو عودتها إلى ما كانت عليه قبل الثامن من كانون الأول/ديسمبر، ومن يسعى لإثارة الصراع في سوريا سنواجهه”.

ترى الصحيفة بأن دعوة إسرائيل للحفاظ على وحدة أراضي سوريا، مردها إلى أن هذه الوحدة هي لصالحها الآن. فظهور القوات التركية على الأراضي السورية، وانفصال المناطق الكردية ووضعها تحت الحماية التركية، يثير قلق تل أبيب.

ترى الصحيفة أن سوريا هي الآن رصيد مضر للولايات المتحدة، ولدرجة أن واشنطن تتجاهل مخاوف تل أبيب. وتعتبر أن سوريا هي المنطقة الوحيدة على خريطة العالم، حيث القوات الأميركية تنخرط في حرب غريبة غير مفهومة، وتدافع فيها عن مصالح لا تخصها. وتنتظم تدريجياً الاتصالات مع الحكومة السورية الجديدة، ويفقد اي معنى تواجد القوات الأميركية  في سوريا. وإضافة إلى ذلك، يتذكر ترامب أيضًا أنه في عام 2018، رفضت بريطانيا وفرنسا وألمانيا استبدال القوات الأميركية بقوات خاصة بها، وبالتالي حالت دون تدويل الوجود العسكري الأجنبي في سوريا. وهذا سبب آخر يستدعي سؤال الأوروبيين، أي حلفاؤهم.

وتستنتج الصحيفة أن قرار سحب القوات الأميركية من سوريا قد أصبح أمراً لا مفر منه الآن. وهذه ليست سوريا التي عرفناها، وترامب على استعداد للسماح للاعبين الإقليميين بترتيب الأمور بأنفسهم. ومن الصعب في هذه المرحلة تقييم عواقب هذه الخطوة، ولكن يجدر القول إن القوات الأميركية لم تكن تتمتع بالفعل بقدر كبير من التأثير على الأحداث. والأميركيون كانوا، في حقيقة الأمر، يحرسون أنفسهم وسجون معتقلي الدولة الإسلامية.

المدن

—————————————-

هشاشة الحدود السورية ترسم علاقات شائكة مع دول الجوار/ سلطان الكنج

خريطة سيطرة معقدة… وتحديات أمنية متزايدة

24 أبريل 2025 م

تشكِّل قضية الحدود السورية مع دول الجوار تحدياً كبيراً للإدارة الناشئة للرئيس أحمد الشرع، فهي المعبر الأول لصياغة علاقة سياسية وأمنية مستقبلية بين دمشق ومحيطها، وهي في الوقت نفسه حاجز مفخَّخ بكثير من رواسب النظام السابق.

وتعد الحدود السورية – التركية التي تمتد لأكثر من 900 كيلومتر، الجغرافيا الأبرز للصراع على الموارد والنفوذ، وهي التي شهدت تاريخياً فترات من التوتر والهدوء النسبي. وبعد اندلاع الثورة السورية مطلع عام 2011، كانت هذه الحدود أول خاصرة ضعيفة للنظام السابق. ففي حين بدأت دمشق تفقد السيطرة تدريجياً على مناطق واسعة من البلاد، كانت المناطق الحدودية، خصوصاً الشمالية منها، الأولى التي خرجت سريعاً عن سيطرتها.

وبالكاد انتصف عام 2012، حتى كانت فصائل المعارضة السورية المسلحة تسيطر على نقاط استراتيجية على الحدود مع تركيا؛ أولاها معبر باب الهوى الاستراتيجي على بُعد نحو 50 كيلومتراً غربي مدينة حلب في شمال غربي سوريا. بعده مباشرةً تمت السيطرة على معابر باب السلامة وجرابلس والراعي. وامتدت هذه السيطرة لاحقاً إلى معابر معينة مع العراق والأردن ولبنان، في ظل تراجع قدرة النظام على ضبط حدوده كما في السابق.

ومع تصاعد النزاع ودخول لاعبين دوليين وإقليميين على خط الأزمة، أُعيد رسم خريطة السيطرة على المعابر. فأصبحت تركيا من خلال فصائل سورية حليفة لها تهيمن على معظم الحدود الشمالية، في حين مارست إيران نفوذاً مباشراً عبر ميليشياتها على حدود سوريا مع العراق والأردن. أما «حزب الله» اللبناني ففرض سيطرة شبه كاملة على الحدود اللبنانية. في المقابل، تمركزت القوات الأميركية في الشمال الشرقي ومعبر التنف على المثلث الحدودي مع العراق والأردن.

ورغم تباين القوى المسيطرة على المعابر الرسمية وغير الرسمية، فإن القاسم المشترك بينها هو نشوء كيانات محلية ذات أنظمة أمنية واقتصادية منفصلة، لا تخضع للسلطة المركزية بشكل فعلي، ما أسهم في إضعاف تماسك الدولة ووحدتها.

ورغم ما أُعلن عن سيطرة «هيئة تحرير الشام» على إدارة العمليات العسكرية إثر سقوط النظام السابق في 8 ديسمبر (كانون الأول) 2024، فإن الحكومة السورية الجديدة ورثت واقعاً هشاً ومعقداً، خصوصاً في إدارة الحدود وتواجه تحديات أمنية جسيمة في هذا ملف.

الحدود اللبنانية: «حزب الله» وشبكات تهريب

تمتد حدود سوريا مع لبنان لمسافة تصل إلى نحو 375 كيلومتراً، وكانت خاضعة بشكل شبه كامل لسيطرة «حزب الله» قبل سقوط النظام. وشكّلت المعابر الرسمية الستة، أبرزها معبر «جديدة يابوس – المصنع» و«الدبوسية – العبودية»، ممرات قانونية وشرعية تخضع عملياً للدولة اللبنانية، في حين سيطرت مجموعات تابعة لـ«حزب الله» والعشائر على نحو 20 معبراً غير رسمي في محافظتي حمص وريف دمشق.

هذه المعابر شكّلت شبكة تهريب ضخمة للأسلحة والبضائع والمخدرات وتسلل أو عبور المقاتلين. وأكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الشبكات لا تزال تنشط في ظل ضعف أجهزة الدولة الجديدة، وامتلاك المهربين خبرة طويلة في التعامل مع التضاريس الوعرة والاستجابة المرنة للضغوط الأمنية، وتغيير مساراتهم وفق الحاجة».

وأشارت المصادر إلى أن هذه «الشبكات المدعومة من (حزب الله) لبنانياً والفرقة الرابعة سورياً، أنشأت مستودعات وأنفاقاً في مناطق جبلية، بعضها يعود إلى ما قبل الثورة، تُستخدم لتخزين ونقل الأسلحة والمخدرات، وقد استهدفت إسرائيل بعض هذه الشحنات في غارات متكررة».

وفي هذا السياق، قال مسؤول عسكري في الجيش السوري الجديد، فضَّل عدم الكشف عن اسمه، لـ«الشرق الأوسط»: «لقد فككنا عدداً من شبكات التهريب التي تعمل على جانبي الحدود، ونحن في طور الملاحقة الأمنية وتفكيك تلك الشبكات المعقدة». وأشار المسؤول إلى أن «هناك تعزيزات عسكرية سورية مكثفة تصل إلى الحدود اللبنانية، خصوصاً في المناطق الأكثر عُرضة للخطر، والتي يُحتمل أن يتسلل منها عناصر تابعون لـ(حزب الله)».

وحذر المصدر من «صدامات متكررة مع مجموعات تابعة لـ(حزب الله) كتلك التي حدثت في منتصف مارس (آذار) الفائت»، مؤكداً أن الجيش في حالة «استنفار دائم لتفادي المخاطر الأمنية المحتملة».

تحديات المرحلة المقبلة

ورغم عزم الحكومة السورية الجديدة على مواجهة التهريب، لا سيما حين يرتبط بتهريب الأسلحة والمخدرات، فإن ضعف البنية الأمنية، والنقص في عدد العناصر، يشكلان عائقاً حقيقياً أمام ضبط الحدود، خصوصاً في ظل تمدد شبكات التهريب ذات الخبرة الطويلة والمعرفة الجغرافية الواسعة.

وتبقى الحدود اللبنانية – السورية إحدى أبرز بؤر التوتر، في ظل انعدام السيطرة التامة من الحكومتين، وتضارب المصالح الإقليمية والدولية. وتؤكد مصادر أمنية سورية أن معالجة هذا الملف تتطلب تعاوناً مباشراً بين دمشق وبيروت، إضافةً إلى دعم إقليمي لضمان أمن الحدود ومنع تهريب السلاح والمخدرات.

الحدود مع الأردن: ضبط الكبتاغون

كما هو الحال في معظم المناطق الحدودية، فقد النظام السوري سيطرته على الحدود الرسمية مع الأردن، وفي جنوب سوريا لجهة درعا، والقنيطرة، والسويداء، اتخذ الصراع مساراً مشابهاً لما جرى في الشمال، حيث ظهرت هيئات مدنية بديلة وحاربت جماعات مسلحة قوات النظام، مما أدى إلى تراجعه عن مناطق حدودية عدة.

في 2017، ومع تضاؤل الدعم الخارجي تدريجياً حتى توقفه تماماً، عاد النظام السابق ونجح في عقد «مصالحات» أعادت له السيطرة في العام التالي على مساحات واسعة من البلاد وعلى المعابر الحدودية الرسمية مع الأردن.

منذ ذلك الحين، تحولت الحدود السورية – الأردنية إلى ممر منظم لتهريب الكبتاغون إلى الخليج مروراً بالأردن، الذي أصبح منطقة عبور وأحياناً استهلاك. ويعد ذلك من أبرز مظاهر تواطؤ شبكات التهريب والسلطة بعد «استعادة السيطرة» وحتى سقوط النظام لاحقاً.

وتمتد الحدود بين البلدين على نحو 370 كيلومتراً، وتضم معبري نصيب وجابر. وحسب مصادر محلية علمت «الشرق الأوسط» أن عمليات التهريب مستمرة رغم الجهود التي تبذلها الإدارة السورية الجديدة وتعهدها بضبط هذه التجارة. لكن كما هو الحال مع الجانب اللبناني، فإن الشبكات متشعبة ومُلمَّة بالجغرافيا، وفي الحالة الأردنية يستخدم المهربون مُسيّرات صغيرة تنقل ما بين نصف كيلوغرام و3 كيلوغرامات من المواد المخدرة، مما يصعّب رصدها، ويمثل هذا تحدياً أمنياً هائلاً.

وأضافت المصادر أن الأردن يواجه محدودية في الإمكانات، بينما تواصل شبكات التهريب نشاطها، مستفيدةً من ضعف الحكومة السورية في مناطق جنوب البلاد لحسابات أمنية، أبرزها المخاوف من الاحتكاك مع إسرائيل.

كذلك، تُستخدم طرق وعرة في الوديان والمناطق الجبلية لتهريب المواد، مما يعقّد السيطرة الأمنية، ورغم تراجع الكميات مقارنةً بالسابق، فإن النشاط لم يتوقف كلياً.

وتغيّرت طبيعة التهريب من السلاح والكبتاغون سابقاً -بدعم إيراني- إلى التركيز الآن فقط على الكبتاغون، بعد انحسار النفوذ الإيراني. كما تطورت وسائل التهريب لتشمل التضليل بافتعال اشتباكات واستخدام ورش صغيرة وعشوائية للإنتاج بدلاً من المصانع الكبيرة التي دمَّرت وفككت السلطات الجديدة معظمها.

الجولان المحتل… «عيون دولة إسرائيل»

عادت قضية الحدود المشتركة مع إسرائيل إلى الواجهة بعد سقوط نظام بشار الأسد؛ إذ شهدت توغلات إسرائيلية كثيرة، وما كانت لعقود «جبهة باردة» أصبحت اليوم نقطة ساخنة أخرى.

وتتمحور إشكالية الحدود السورية – الإسرائيلية حول مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل منذ حرب الأيام الستة في يونيو (حزيران) 1967 وتعدها جزءاً من سيادتها، ومرتكزاً أساسياً لأمنها القومي ووجودها. بينما تطالب سوريا عبر المجتمع الدولي باستعادة أراضيها المحتلة والعودة إلى ما قبل الحرب.

وبعد سقوط نظام الأسد، شهدت الحدود السورية – الإسرائيلية، خصوصاً في مرتفعات الجولان والمنطقة العازلة، استغلالاً إسرائيلياً للفراغ الأمني والسياسي في سوريا لتوسيع سيطرتها على مناطق جديدة في جنوب غربي سوريا، خصوصاً في المنطقة العازلة التي تمتد من جبل الشيخ شمالاً حتى جنوب مرتفعات الجولان المحتلة، ورفضها الاتفاقيات السابقة التي كانت تنظّم وقف إطلاق النار. لكن ثمة من يرى إمكانية انسحاب إسرائيل مستقبلاً مع فتح الحكومة الانتقالية قنوات تواصل مع بعض دول الاتحاد الأوروبي التي ترفض الاحتلال الإسرائيلي أو ضم أراضٍ سورية جديدة.

وترفض إسرائيل السماح لأي قوة «معادية» بالتمركز على حدودها في جنوب سوريا في محافظات القنيطرة والسويداء ودرعا، مع مواصلة تعزيز وجودها العسكري في المناطق التي احتلتها حديثاً، وبنت فيها نقاطاً عسكرية مثل قمة جبل الشيخ التي وصفها رئيس وزراءها بأنها «عيون دولة إسرائيل»، فيما تواصل شن مئات الغارات الجوية على مخازن أسلحة بحجة منع وقوع هذه الأسلحة في أيدي جماعات معادية.

ومع إدراك الحكومة الانتقالية واقع «التوازن العسكري» مع إسرائيل، أبدت هذه الحكومة رغبتها «مراراً» في عدم مواجهة إسرائيل، أو السماح باستخدام الأراضي السورية منطلقاً لشن هجمات على إسرائيل أو تهريب الأسلحة عبر حدوها إلى «حزب الله» اللبناني، والتمسك باتفاقية «فصل القوات» الموقَّعة بينها في عام 1974، ومطالبة الجيش الإسرائيلي بالانسحاب من مناطق التوغل الجديدة. لكنَّ إسرائيل على ما يبدو، تسعى لتكريس واقع جديد لفرض وجود عسكري طويل الأمد مع المراقبة عن «كثب» لتطور الملفات الداخلية، واحتمالات دخول البلاد في حرب داخلية تسهم في «تفتيت» الدولة السورية، وإضعاف قدرة السوريين على المواجهة، مع معطيات عدة تشير إلى تعرض مصدر التهديد الثاني، أي «محور المقاومة»، لضربات «مميتة» أنهت عملياً تهديدات «حزب الله» اللبناني على الأقل مؤقتاً، وتهديدات حركتَي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» في غزة.

الإشكالية السورية – التركية

شهدت الحدود السورية – التركية تحولات جذرية منذ عام 2011، حيث تحوّلت من منطقة شبه مغلقة إلى بوابة مفتوحة للفارين والمقاتلين، قبل أن تُصبح واحدة من أكثر الحدود مراقبةً في العالم، وكذلك الممر الرئيسي لعبور السلع والبضائع.

2012 – 2014: الانفتاح والفوضى

مع نهاية عام 2012، فقد النظام السوري سيطرته على معظم الشريط الحدودي مع تركيا، لا سيما في شمال حلب وإدلب والرقة. وتحوّلت هذه الحدود إلى ممرّ مفتوح للمقاتلين الأجانب القادمين إلى سوريا، وللفارين من القصف المتصاعد فيها.

في هذه المرحلة، تساهلت تركيا في ضبط حدودها، ففتحت معابر رسمية وأخرى «طارئة» لاستقبال الجرحى المدنيين والعسكريين، وانتعشت حركة تهريب الأفراد من سوريا إلى تركيا بشكل غير مسبوق. وشملت عمليات التهريب أيضاً، الوقود، والدخان، والبضائع الأخرى، وكانت تُدار أحياناً من فصائل من الجيش الحر.

وبين عامي 2011 و2014، بلغت عمليات التهريب ذروتها، كما أصبحت حركة عبور المدنيين إلى تركيا سهلة وتكلف القليل نسبياً، إذ لم تتجاوز تكلفة التهريب حينها 500 ليرة سورية (بضعة دولارات)، مقارنةً بتكاليف تصل اليوم إلى نحو ألفي دولار.

2014: التحصين والتشديد

ابتداءً من عام 2015، بدأت تركيا تشديد إجراءاتها على الحدود بعد ضغوط دولية، فشرعت في بناء جدار عازل وسياج أمني على طول الشريط الحدودي، وحوّلت الحدود إلى واحدة من أكثر المناطق مراقبةً عالمياً.

ورغم التشديد، بقيت المعابر الرسمية مفتوحة أمام دخول المساعدات الإنسانية، والبضائع التركية، والحالات الطبية المستعصية. كما تعاملت أنقرة بشكل رسمي مع المعابر الخاضعة لسيطرة الفصائل المعارضة، مع الاعتراف بأختامها لعبور الأشخاص والبضائع. وكان أبرز هذه المعابر باب الهوى، الذي تنقلت السيطرة عليه بين فصائل مثل الجيش الحر، وأحرار الشام، وأخيراً هيئة تحرير الشام.

كما شملت المعابر التي ظلت فاعلة تحت إشراف فصائل «الجيش الوطني» المتحالفة مع أنقرة: باب السلامة، والراعي، وجرابلس، وتل أبيض، في حين أغلقت تركيا معابرها مع مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.

الحدود كورقة سياسية

برزت تجارة التهريب البشري كإحدى أبرز سمات الحدود السورية – التركية، حيث نشأت شبكات تهريب منظمة تسهّل عبور المدنيين باتجاه تركيا ومنها إلى أوروبا. وكانت الفصائل المعارضة المسلحة تستفيد من هذه التجارة عبر فرض رسوم عبور وصلت إلى 25 دولاراً للشخص، تُدفع مقابل «وصل مرور» يسمح بالاقتراب من نقاط التهريب.

لاحقاً، تحوّلت هذه التجارة إلى ورقة ضغط سياسية. ففصائل مثل «هيئة تحرير الشام» أوحت لأنقرة بأنها تتحكم في الحدود ويمكنها فتح الطريق أمام اللاجئين، مما منحها هامشاً للمساومة السياسية. فمنذ أن فرضت هيئة تحرير الشام سيطرتها المطلقة على إدلب، بدأت تُظهر نفسها على أنها لاعب إقليمي يمسك بورقة الحدود مع تركيا، ويستخدمها للمناورة مع أنقرة وأوروبا.

وفي ديسمبر 2019، قدمت الهيئة نموذجاً لهذا الدور عندما منعت مئات المتظاهرين من الوصول إلى بوابة باب الهوى، من خلال إغلاق الطرق بالكتل الأسمنتية، ونشر عشرات العناصر الملثمين، بل استخدام الرصاص الحي بشكل مكثف لتفريقهم. المتظاهرون كانوا يطالبون «الضامن التركي» بالتحرك ضد التصعيد العسكري في ريف إدلب، وفرض الالتزام بتفاهمات سوتشي، لكنَّ تركيا لم تسعَ لمنع هجمات النظام السابق وروسيا، والهيئة من جهتها اختارت أن تكون سداً منيعاً بين الأهالي والبوابة الحدودية مقدمةً نفسها أنها هي من يتحكم في الحدود، وأن على أنقرة التفاهم معها.

بهذا السلوك، أرسلت «تحرير الشام» رسالة واضحة: من يسيطر على المعبر، يملك ورقة ضغط حساسة في وجه تركيا والمجتمع الدولي، سواء كانت على شكل تهديد بانفجار شعبي، أو إدارة تدفق اللاجئين والضغط الأمني.

وبدورها استخدمت تركيا ورقة اللاجئين في مفاوضاتها مع أوروبا، سياسياً وأمنياً واقتصادياً، كما أسهمت الفصائل المتحالفة معها في ضبط الحدود ومنع الانفلات الأمني.

«كسب»… من التجاهل إلى التفعيل

كان معبر «كسب» الحدودي بين تركيا وسوريا، مغلقاً لسنوات خلال سيطرة النظام السابق. ورغم أنه لم يكن مفعّلاً، فإنه شهد عدداً من اللقاءات الأمنية بين استخبارات أنقرة ودمشق. وبعد سقوط النظام في ديسمبر 2024، أُعيد فتح معبر «كسب» رسمياً، وأصبحت جميع المعابر الرسمية بين البلدين تحت إدارة حكومة الرئيس أحمد الشرع ما عدا تلك التي لا تزال تحت إدارة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهي موضع تجاذبات ومفاوضات.

وقال مدير العلاقات في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية مازن علّوش لـ«الشرق الأوسط» إن «المعابر البرية كافة في سوريا تحت سيطرة الحكومة السورية، ومنها عشرة معابر بدأ العمل بها فعلياً، فيما لا تزال هناك أعمال صيانة على بقية المعابر ليتم افتتاحها بعد فترة قريبة». وأضاف: «في المقابل لا تزال المعابر ابتداءً من معبر عين العرب مع تركيا، حتى معبر اليعربية مع العراق، تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية».

وعن خطط الحكومة السورية لاستعادة هذه النقاط الاستراتيجية، قال علوش: «تسعى الحكومة السورية إلى استعادة السيطرة على جميع المعابر لتعزيز سيادتها وتأمين تدفق البضائع والأشخاص بشكل طبيعي، وتشمل خططها الحالية تسلم المعابر شمال شرقي سوريا من قوات سوريا الديمقراطية بعد الاتفاق الذي جرى توقيعه بين رئيس الجمهورية العربية السورية وقائد قوات سوريا الديمقراطية».

وإذ أكد علّوش أن «هناك تعاوناً كبيراً بين الدول المجاورة والحكومة السورية»، وأن العلاقات يسودها «التفاهم والاحترام المتبادل»، نفى وجود أي تهديدات مباشرة في الوقت الحالي، معتبراً إن الاشتباكات الأخيرة هي «شأن طبيعي».

وفيما يتعلق بخطط إعادة فتح المعابر المغلقة، قال: «توجد خطط لإعادة فتح بعض المعابر المغلقة، تعتمد على التطورات السياسية والأمنية والمفاوضات الجارية مع الدول المجاورة، خصوصاً لبنان، حيث تجري حالياً أعمال صيانة وترميم لمعبر العريضة الحدودي، وسيليه معبر الدبوسية، حيث كانت هذه المعابر قد تعرضت لقصف إسرائيلي خلال الحرب الأخيرة على لبنان».

وأضاف علّوش: «هناك أيضاً خطط لتسلم معبر التنف الحدودي والبدء بأعمال الصيانة فيه خلال فترة قريبة حتى يتم تجهيزه، ومعبر البوكمال لتسهيل عبور البضائع والمسافرين إلى العراق، وننتظر تسلم المعابر الأخرى من قوات سوريا الديمقراطية، حتى يتم وضعها في الخدمة».

العراق… مقاتلون في اتجاهين

تُعد الحدود بين العراق وسوريا من أكثر المناطق الحدودية هشاشة واضطراباً في المنطقة، وهي هشاشة سبقت حتى اندلاع الثورة السورية عام 2011 وسقوط نظام صدام حسين في العراق عام 2003. ويعود ذلك إلى الطبيعة الصحراوية الوعرة للمنطقة، وطول الحدود التي تمتد لأكثر من 600 كيلومتر، إضافة إلى ضعف إمكانات الدولتين في ضبطها، سواء في ظل نظامَي البعث في البلدين أو ما بعدهما.

في أواخر التسعينات وبداية الألفية، لعب جهاز المخابرات السورية دوراً فاعلاً في السماح بمرور عشرات المقاتلين الأجانب إلى العراق، خصوصاً بعد الغزو الأميركي في 2003. وقد اتُّهم النظام السوري لاحقاً من واشنطن والحكومة العراقية بتسهيل مرور الجهاديين، ودعمهم، وهو ما عمّق التوتر بين البلدين. المفارقة أن هذين الطرفين، المتخاصمين بالأمس، تحوَّلا إلى حليفين بعد اندلاع الثورة السورية، وأصبحت هذه المعابر نفسها التي ضخت جهاديين سُنة نحو العراق تستقبل مقاتلين من «الحشد الشعبي» والميليشيات الشيعية باتجاه سوريا للدفاع عن نظام بشار الأسد، وهي اليوم نقطة ساخنة أخرى تضاف إلى تحديات الإدارة السورية الجديدة.

ولكن قبل ذلك، وعلى أثر انسحاب قوات النظام السوري السابق من أغلب المواقع الحدودية بحلول نهاية 2013، ملأت قوات سوريا الديمقراطية بقيادة وحدات حماية الشعب الكردية الفراغ الأمني شمال شرقي البلاد، خصوصاً في محافظة الحسكة. أما في دير الزور، فقد تقاسمت السيطرة فصائل معارضة متنوعة، قبل أن يتمكن تنظيم «داعش» عام 2014 من بسط نفوذه على كامل المنطقة، معلناً قيام «دولة الخلافة الإسلامية» ومُلغياً الحدود بين سوريا والعراق من حلب إلى الموصل.

ثم في أعقاب هزيمة «داعش»، ظهرت على الجانب العراقي قوات «الحشد الشعبي»، والفصائل المرتبطة بإيران، لاعباً أساسياً في إدارة الحدود المشتركة مع سوريا. ومن أبرز هذه الفصائل «لواء الطفوف» و«كتائب حزب الله»، التي تركز وجودها في مناطق استراتيجية مثل القائم وعكاشات، حيث يقع معبر القائم – البوكمال، أحد أبرز المعابر بين البلدين. وقد بات هذا المحور جزءاً مما يُعرف بـ«محور المقاومة» المدعوم من إيران، مما منح طهران نفوذاً مباشراً في إدارة المعبر ومحيطه، رغم عودة السيطرة الاسمية للنظام السوري.

ورغم وجود عدة معابر رسمية أخرى مثل «اليعربية – ربيعة»، و«سيمالكا – فيشخابور»، و«الوليد – الفاو»، فإن أغلبها يخضع حالياً لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية. وبعد سقوط النظام السابق نهاية 2024، أغلق العراق رسمياً معبر القائم، وسط مخاوف أمنية متصاعدة، خصوصاً من عودة نشاط تنظيم «داعش».

وحسب مصادر محلية، فإن مفاوضات تُجرى حالياً بين دمشق وبغداد لإعادة افتتاح المعبر وتنظيم الحركة التجارية، وسط وعود سورية بعدم السماح باستخدام أراضيها نقطة انطلاق لتنظيم «داعش» نحو العراق أو غيره.

وحسب الباحث العراقي رائد الحامد، وهو رئيس قسم الدراسات الأمنية في مركز العراق للدراسات الاستشرافية، فإن بعض فصائل الحشد الشعبي المرتبطة بإيران لا تُخفي قلقها من هشاشة الوضع الأمني في سوريا، الذي قد يهيئ لعودة «داعش». وأكد الحامد لـ«الشرق الأوسط» أن حكومة محمد شياع السوداني ترى ضبط الحدود أولوية قصوى، إلى جانب مكافحة التنظيم، لا سيما مع اقتراب انتهاء مهمة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في سبتمبر (أيلول) المقبل.

زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني لبغداد منتصف مارس الماضي، كانت أول زيارة رسمية لمسؤول سوري رفيع منذ سقوط النظام، وهدفت إلى تنسيق المواقف في مواجهة «داعش» وتعزيز ضبط الحدود. وقد وعد الشيباني بأن سوريا لن تكون مصدر تهديد للعراق، لا من خلال «داعش» ولا عبر شبكات التهريب مقابل أن تسعى بغداد من جهتها إلى منع تسلل عناصر الميليشيات أو الضباط السابقين في النظام السوري.

ولم تقتصر هذه الجهود على المحادثات الدبلوماسية وإنما ترافقت بجهود ميدانية، إذ نشرت بغداد كاميرات مراقبة حرارية، وشيَّدت خنادق وسياجاً يمتد لأكثر من 100 كيلومتر، إلى جانب نشر مئات المراصد وعشرات المخافر، مع جهد استخباراتي فاعل يعتمد على السكان المحليين.

ورغم هذا الجهد المكثف، والتعاون مع دول الجوار، فإن جميع المصادر الذين تحدث إليهم «الشرق الأوسط» في هذا السياق تقاطعت عند التحديات الكثيرة التي لا تزال قائمة وستكون مرشحة للتفاقم، في ظل غياب سلطة مركزية قوية في دمشق، وقدرة بشرية موازية، مما يُبقي الحدود ثغرة مفتوحة أمام احتمالات التسلل، وعودة الفوضى مجدداً.

الشرق الأوسط

————————————————

نفط وغاز سوريا ولبنان رهينة إعادة رسم خرائط المنطقة/ سلوى بعلبكي

تبدلت التوازنات السياسية والعسكرية من غزة الى بيروت فتوسعت الطموحات الإسرائيلية

آخر تحديث 23 أبريل 2025

لا يزال الشرق الأوسط منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، يعيش اللحظة الفاصلة التي صنعتها حرب غزة، وما تلاها من حرب في لبنان، وما نجم عنهما من تداعيات ومتغيرات سياسية وعسكرية رسمت مشهدا جديدا في المنطقة، وأنتجت تبدلا سريعا في موازين القوى، لم يكن أي من التحليلات قادرا على التكهن بحدوثه.

فرضت هذه التداعيات أمر واقع جديد، تحميه القوة العسكرية من جهة، والرضا الأميركي من جهة أخرى، وتعيد رسم الحدود البرية والبحرية، لدول المنطقة، ليس على قاعدة توسع نفوذ الدول الأقوى فحسب، بل وفق أجندة إقتصادية عمادها حقول النفط والغاز، والمكامن البحرية والبرية و”البلوكات” المكتشفة، أو التي لا تزال قيد التلزيم.

حلم النفط اللبناني والتوسع الاسرائيلي

وفيما لا يزال لبنان يعيش على حلم إستخراج ثروته الغازية والنفطية الدفينة في المتوسط، علَّه ينقذ إقتصاده وعملته من الانهيار المتمادي الذي يعانيه منذ 2019، تتطلع دمشق للعودة إلى استئناف إنتاج النفط والغاز في سوريا، والاستفادة من عائداته في بناء الدولة، واقتصادها ومؤسساتها المفككة، وإعادة إعمار المدن والبنى التحتية التي دمرت إبان حكم النظام السابق.

توازيا، تعمل إسرائيل مجددا على التوسع أكثر، برا وبحرا، وتتوغل أكثر في العمقين السوري واللبناني، بعدما استطاع جيشها، كسر الآلة العسكرية لقوى إيران في المنطقة، متمثلة بـ”حزب الله”، وفرار بشار الأسد إلى موسكو، مما فتح لها باب السيطرة على قسم كبير من مكامن النفط والغاز، بحرا من حقل كاريش الحدودي مع لبنان، وصولا إلى الحقول السورية المحاذية للحقول التركية والقبرصية شمالا.

من هنا، فإن الصراع على الغاز والنفط، قد يكونان يتقدمان حاليا على كل العناوين التي كانت تتحكم بالحراك السياسي والعسكري في المنطقة. فسوريا التي تملك نحو 700 مليار متر مكعب، في مياهها الاقتصادية، وفق الهيئة الأميركية للجيولوجيا، تعمل على تمهيد الطريق لادارة ثروتها النفطية في محاذاة البحر المتوسط.

من يحسم ترسيم الحدود البحرية؟

ولبنان الذي قُدِّرَت احتياطات الغاز في مياهه الاقتصادية، بـ30 تريليون قدم مكعب، بالإضافة إلى 650 مليون برميل من النفط، يخشى استيلاء إسرائيل على الغاز والنفط البحري، وخصوصا في المناطق المتاخمة والمتداخلة عند حدوده الجنوبية، مع العمق البحري الاقتصادي الإسرائيلي.

لذا لم تكن مستغربة، مسارعة تركيا ولبنان، عقب انهيار نظام الأسد، إلى المطالبة بالإسراع في ترسيم الحدود البحرية، كلٌ وفق منطلقه. وقد أتى تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بأن تركيا ستتعاون مع الحكم السوري الجديد لترسيم الحدود البحرية بينهما، ليزيد حنق قبرص، التي تعتبر أن أي تقدم للدور التركي في البحر المتوسط، يشكل ضررا وخطرا على أمنها الاقتصادي والسياسي.

أما اللبنانيون، فيريدون تحديد المكامن النفطية والغازية المحاذية للحدود البحرية السورية، بعدما عقد لبنان اتفاقا غير مباشر، في رعاية أميركية، قضى بترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، عند الخط 23، على الرغم من اعتراضات سياسية وشعبية عليه.

وكانت سوريا قد تحفظت إبان حكم الأسد، عن المرسوم اللبناني الرقم 6433، الذي أصدرته الدولة اللبنانية، والذي تضمن تحديد إحداثيات حدود المنطقة الاقتصادية المشتركة مع سوريا وقبرص وإسرائيل.

في انتظار خريطة الشرق الأوسط الجديد؟

الخطر على الغاز والنفط اللبناني والسوري جدي، وإمكان إبقاء البلدين في عطش نفطي ممكن، فالجميع يعلم أن ارتباط الاستكشاف والتنقيب عن النفط، والاستثمار في استخراجه وتصديره، ومنح الأذونات لذلك، ترتبط ارتباطا عضويا بسياسة الدول الأقوى في المنطقة ومصالحها، لذا لا ضير من القول، إن أحلام الإعمار والانقاذ الاقتصادي والنقدي في لبنان وسوريا، ستبقى أسيرة تبلور نتائج رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد.

من المفيد الإشارة إلى أن حجم احتياطات الغاز في حقل “كاريش” البحري، تقدر بنحو 1,5 إلى 2 تريليون قدم مكعب، وهو على الرغم من قربه بضعة كيلومترات من الحدود البحرية اللبنانية، لم يجرؤ أحد في الجانب اللبناني على التعرض إليه أو قصفه خلال الحرب الأخيرة، وبقيت منصة “كاريش” تعمل بشكل طبيعي وآمن. وهذا ما يبرز حجم الاهتمام الذي يوليه الأميركيون والإسرائيليون معا لغاز المنطقة ونفطها، والحماية المؤمنة لمكامنها ومنصاتها، بما يؤكد أهمية الثروة الغازية الكامنة تحت مياه البحر الأبيض المتوسط ووظيفتها الاستراتيجية.

إلى ذلك الحين، يبقى السؤال: ما مصير النفط والغاز؟ وهل لا يزال لبنان يحتفظ بحصته السابقة عينها من حقوقه في ثروته النفطية؟ وأين أصبح ملف التفاوض؟

ما مصير الغاز والنفط اللبناني والسوري؟

إلى ذلك الحين، يبقى السؤال: ما مصير النفط والغاز؟ وهل لا يزال لبنان يحتفظ بحصته السابقة عينها من حقوقه في ثروته النفطية؟ وأين أصبح ملف التفاوض في شأنها؟

أكدت المديرة التنفيذية للمبادرة اللبنانية للنفط والغاز ديانا القيسي لـ”المجلة” أن “عمليات التنقيب والانتاج عادة ما تتوقف في حال حدوث أي اهتزازات أو اضطرابات أمنية في البلد. ولكن بالنسبة للبنان وسوريا، من غير المتوقع أن تكون هناك حماسة لعودة الشركات للعمل في هذا المجال في المستقبل القريب”.

وأشارت إلى أن “الوضع في سوريا يختلف عن لبنان، إذ قبل الحرب التي استمرت 14 عاما، كان ثمة شركات كبيرة تعمل في البلاد مثل “شل”، “توتال”، و”سامكور”، بيد أنها اضطرت لوقف عملياتها بالكامل عامي 2011 و2012، وتركت التنقيب واستخراج النفط والحقول النفطية السورية، بما فيها الحقول البرية التي توقفت بشكل كامل بعد أن كانت تضخ النفط، مما أدى إلى انخفاض الإنتاج النفطي السوري إلى نحو 80 ألف برميل يوميا، مع اعتماد رئيس على النفط الذي كان النظام السابق يستورده من إيران، بعد فرض عقوبات دولية على سوريا ومنعها من استيراد النفط”.

حاليا، يبدو أن الوضع تغير إلى حد ما، إذ توضح القيسي أنه “في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، صدرت تصريحات عن الحكومة السورية الجديدة، تؤكد رغبتها في إعادة عمليات التنقيب عن النفط إلى مسارها الصحيح. مع ذلك، ثمة قلة في الحديث عن التنقيب في المياه السورية، حيث كان النظام السوري السابق قد بدأ عمليات استكشافية في مناطق محددة، وخصوصا في الكتل البحرية القريبة من لبنان، بما في ذلك المناطق الحدودية الشمالية للبنان والجنوبية لسوريا. لكن، في ظل الأوضاع الحالية وغياب الاستقرار، من غير المحتمل أن تخاطر أي شركة أجنبية بالدخول إلى هذا المجال”.

إحجام الشركات عن الاستثمار في لبنان

ماذا عن لبنان؟ تقول القيسي إن “الوضع لا يبدو أفضل بكثير. فالنزاعات والاعتداءات المستمرة لا تشجع الشركات على الاستثمار. فقد انتهت الجولة الثالثة من التراخيص الشهر الماضي دون تقديم أي شركة لعروض. وحاليا، من بين 10 بلوكات بحرية، هناك بلوك واحد فقط حصل على تصريح للعمل عليه من اتحاد شركات تقوده ‘توتال’، إذ من المتوقع أن يُتخذ قرار في شأن استمرار البلوك التاسع مع هذه الشركات أو التخلي عنه، مثلما حدث مع البلوك الرابع. تاليا إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه، فمن المرجح أن لا تجد الشركات أي دوافع للاستثمار في التنقيب أو الحفر في هذه المناطق، ويبقى المستقبل وحده كفيلا بالكشف عما سيحدث”.

    بعد مرور 50 عاماً على الحرب اللبنانية… أكثر من نصف اللبنانيين قلقون من عودتها.

    شـاهد فيديو #المجلة pic.twitter.com/7NCHmHme19

    — المجلة (@AlMajallaAR) April 13, 2025

ولكن هل لا يزال لبنان يحتفظ بفرصه السابقة للاستفادة من ثروته النفطية؟ تجيب القيسي “صحيح أن الثروة النفطية سواء في البر أو في أعماق البحر، هي نفسها ولم تتناقص، ولكن ما تغير هو مدى إقبال المستثمرين وشهيتهم للتنقيب في لبنان. في ظل غياب الاستقرار السياسي، واستمرار العمليات العسكرية والحروب، تصبح البيئة اللبنانية غير جاذبة لاستثمارات الشركات النفطية، وهذا يشكل عائقا كبيرا أمام أي تقدم”.

أين أصبح ملف التفاوض مع لبنان؟

أما بالنسبة الى ملف التفاوض، فمن المهم الإشارة إلى أنه تم حل مسألة الحدود البحرية الجنوبية بوساطة أميركية، وتم التوصل إلى اتفاق على الخط 23 المعدل. وكانت هذه خطوة أولى أدت إلى بدء شركة “توتال” عمليات التنقيب في البلوك رقم 9 في أغسطس/آب 2023، وفق ما تقول القيسي، “لكنها توقفت في أكتوبر/تشرين الأول 2023 بعد حفر بئر واحدة. إذ لا يزال هناك العديد من البلوكات غير المستثمرة، كما أن ثمة حدودا بحرية مع قبرص وسوريا تنتظر الترسيم. وقد أُعيد طرح هذه الملفات أخيرا على الطاولة، وظهرت محاولات ديبلوماسية جديدة لحلها. وفي ما يتعلق بالحدود مع قبرص، من المتوقع أن لا تستغرق وقتا طويلا، حيث كانت قبرص تنتظر فقط استكمال ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل لتحديد النقطة النهائية للحدود المشتركة”.

في المقلب الآخر، تشير القيسي الى “أن ثمة مركز “ريبروغرافي” (Reprography) تابعا للجيش اللبناني أنشئ عام 2014 يجري دراسات دقيقة لدعم هذه العملية، مما يشير إلى أن استكمال التفاوض مع قبرص وسوريا أمر ممكن ولا يحتاج إلى وساطات خارجية، خصوصا أن هذين البلدين على استعداد للتعاون مباشرة. لذلك، لا توجد معوقات رئيسة تمنع التقدم في هذه الملفات”.

هل تعود “توتال” وبأي شروط؟

ولكن هناك أمور لا تزال غير واضحة بعد وخصوصا حيال إمكان عودة شركة “توتال” للتنقيب في البلوكات اللبنانية. تؤكد القيسي أن لا أحد يمكنه الجزم بذلك حتى الآن، إذ إن الأمر مرتبط بالوضعين السياسي والأمني في البلاد. عدا أن هناك نقطة مهمة وهي أن الشركة عندما ترى قلة اهتمام بالاستثمار في المجال، ومع وجودها الحالي، قد لا تقبل العودة بالشروط السابقة نفسها. فالشروط التي وُقعت في العقود الأولى للتنقيب كانت جيدة ومناسبة للطرف اللبناني، ولكن من المستبعد أن توافق الشركة على توقيع عقود جديدة بالشروط ذاتها. على العكس، من المحتمل أن تلجأ إلى التفاوض لتقليل الشروط المفروضة عليها وزيادة نسبة أرباحها، مما يعني توجها مختلفا قد يفرض تحديات إضافية أمام لبنان”.

لماذا لم تسلم “توتال” تقريرها الى لبنان؟

في الحديث عن “توتال” ثمة سؤال عما إذا كانت الظروف أصبحت مؤاتية للشركة لتسليم تقريرها الفني عن حفر البلوك 9 على الرغم من مرور عام على بدء الحفر؟ تعتبر القيسي أن “موقف شركة ‘توتال’ في رفضها تسليم التقرير الذي كان من المفترض تقديمه بعد مرور 90 يوما على انتهاء عملية الحفر أمر معيب لها، ومشكلة تثير الكثير من التساؤلات. إذ يُعتبر هذا التقرير بمثابة كنز حقيقي للبنان، فهو يحمل معلومات أساسية تمكن الدولة من فهم ما يحتويه بحرها بشكل دقيق، ويمهد الطريق لتحديد مواقع الحفر المستقبلية، حيث يساعد في رسم صورة واضحة عن احتمالات العثور على الموارد النفطية والغازية، وتحديد مواقع الهيدروكربونات”، ملمحة إلى أن “ما تقوم به الشركة قد يكون مرتبطا بأبعاد سياسية، مما يستدعي تحرك وزير الطاقة اللبناني الجديد جو صدي، لإجبارها على تسليم التقرير”.

وتستند القيسي إلى الاتفاق الموقع بين لبنان و”توتال” وشركائها، الذي يعتبر أن التقرير ملك للدولة اللبنانية، ويجب تسليمه إليها، “فهو لا يعطي فقط صورة أوضح عن الموارد بل يشكل الأساس للتخطيط المستقبلي، ويحدد بفاعلية أين يجب أن تركز عمليات الحفر. لذلك، تسليمه ضرورة لا يمكن التهاون فيها”.

هل من تراخيص جديدة للتنقيب في لبنان؟

وتمنت القيسي الإفصاح عن تفاصيل المحادثات والمفاوضات الجارية مع الشركات، وتداركت قائلة “يبدو أن عدم التقدم الملحوظ في هذا الملف قد يكون السبب وراء ذلك”، آملة أن “يستغل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة جولاتهما الحالية للضغط على “توتال” لتسليم التقرير المطلوب، بما يساعدن لبنان على فهم الوضع بشكل أفضل”. لتختم: “جولة التراخيص الثالثة انتهت في 17 مارس/آذار، والآن يبقى أن نرى ما إذا كانت هناك نية لإطلاق جولة تراخيص جديدة في المستقبل القريب”.

المجلة

—————————————————

سورية: عرض التطبيع وتجاهله/ حسام كنفاني

25 ابريل 2025

لا توفر الإدارة السورية الجديدة وسيلة للمساعدة في رفع العقوبات المفروضة بغية تثبيت الاستقرار في البلاد فحسب، لكن يبدو أنها مستعدّة للذهاب إلى أبعد مما كان متوقعاً لتحقيق هذه الغاية. هذا ما كشف عنه عضو الكونغرس الأميركي، كوري ميلز، في حواره مع تلفزيون “العربي” بعد زيارته دمشق ولقائه الرئيس أحمد الشرع.

نقل ميلز عن الشرع انفتاحه على “تحسين العلاقات مع إسرائيل وإجراء حوار معها”، من دون أن يستبعد توسيع “اتفاقيات أبراهام” لتشمل سورية. ويمكن اعتبار أن الذكر الصريح لهذه الاتفاقات، بحسب ما نقل ميلز، هو الأخطر في التوجّه السوري الجديد، خصوصاً أن “أبراهام” التي رعاها الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال ولايته الأولى، وشملت تطبيع العلاقات بين إسرائيل من طرف، والإمارات والبحرين والمغرب والسودان من طرف آخر، كانت مجّانية ولم تقدم خلالها دولة الاحتلال أي تنازل مقابل الانفتاح عليها وتطبيع العلاقات معها. حتى إن الدول العربية المنضمة إلى الاتفاقات لم تضع أي شروط على تل أبيب في ما يخص قضية فلسطين أو غيرها من القضايا التي تضطلع بها إسرائيل بدور المحتل.

يمكن القول، من دون قبول ذلك، إن هذه الدول المطبّعة، أو المنضوية ضمن الاتفاقات، لا تملك حدوداً مباشرة مع دولة الاحتلال، وليس لها أراضٍ مصادرة بقوة السلاح الإسرائيلي، ومن ثم لم تضع أي طلبات في هذا الشأن على طاولة محادثات “أبراهام”، وعمدت إلى إرضاء ترامب وكسب ودّه. لكن هذا الأمر لا ينطبق على سورية في الوقت الذي تحتل فيه إسرائيل أجزاء من أراضيها منذ سنوات طويلة، واحتلت المزيد بعد سقوط نظام بشّار الأسد، وتنفذ بشكل شبه يومي اعتداءاتٍ في مختلف الأراضي السورية.

لا يمكن للإدارة السورية الجديدة الإتيان على ذكر الانضمام إلى “اتفاقيات أبراهام” من دون المرور على مطالب من المفترض على إسرائيل تحقيقها، في مقدّمتها الانسحاب من الأراضي السورية ووقف الاعتداءات. وللأسف، من غير الواضح ما إذا كان قد جرى التطرق إلى هذه الأمور في لقاء الشرع وميلز، والذي لم ينقل عن الرئيس السوري أي إشارة إلى ضرورة استعادة الأراضي المحتلة قبل المضي في “تحسين العلاقات” مع إسرائيل.

من المفهوم أن الرئيس السوري يسعى إلى بعث رسائل طمأنة في كل الاتجاهات، لنيل الاعتراف الدولي وتحقيق غاية رفع العقوبات عن سورية، باعتبارها الخطوة الأساسية للسير بالبلاد نحو “العهد الجديد”، ومن دونها قد تحدُث العودة إلى الفوضى والاقتتال. لكن من غير المفهوم القفز إلى تقديم مثل هذا العرض من رئيسٍ يأتي من خلفية عقائدية من المفترض أنها تناصب العداء لإسرائيل. والأكثر غرابة أن العرض ليس من ضمن المطالب الأميركية والغربية، على الأقل وفق ما خرج إلى الإعلام، فما تسرّب عن شروط أميركية للانفتاح على الإدارة الجديدة لم يأت على ذكر التطبيع أو إبرام “اتفاق سلام” مع دولة الاحتلال، إذ إن معظم المطالب داخلية بالدرجة الأولى، ويرتبط جزءٌ منها بالانتهاكات التي شهدتها بعض الأراضي السورية ووضع المقاتلين الأجانب في البلاد. وهنا يمكن لكثيرين أن يتساءلوا: هل هذه القفزة في العروض هي للتحايل على بعض المطالب الغربية؟

وبغض النظر عن هذا التساؤل، والذي لا يملك أحدٌ جواباً حاسماً عليه، كان لافتاً الغياب الكامل لردّات الفعل السورية على ما نقله ميلز على لسان الشرع في ما يخصّ التطبيع. لم نشهد أي تعليق من السياسيين السوريين، القوميين وغيرهم على هذا العرض، ولم تضج وسائل التواصل الاجتماعي بالتعليقات على الكلام المنسوب للشرع، على عكس الضجيج الذي يحدثه أي تصريح سوري لا يعجب فئة ولو قليلة من السوريين. فهل يمكن تفسير هذا الصمت بأن لا اعتراض سورياً على التطبيع، وأن هناك قبولاً في حال نجح هذا التوجه في تخفيف معاناة العقوبات، وأن الأولوية لرفعها بأي ثمن؟ ربما.

العربي الجديد

——————————-

فورين أفيرز: إسرائيل تدفع نحو صراع غير ضروري في سوريا

2025.04.24

نشرت مجلة “فورين أفيرز” (Foreign Affairs) الأميركية، في عددها الصادر مؤخرا، تقريرا تحليليا موسعا بعنوان: “تجاوزات إسرائيل الخطيرة في سوريا: من صناعة عدو إلى تضييع فرصة لتحالف محتمل”. تناول التقرير، الذي شارك في إعداده الباحثان شيرا إيفرون وداني سيترينوفيتش، تطورات سياسة الاحتلال الإسرائيلي في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، وانعكاسات التصعيد الإسرائيلي في الجنوب السوري على التوازن الإقليمي.

ويعرض موقع تلفزيون سوريا الترجمة الكاملة لهذا التقرير، في إطار تغطيته للملف السوري وتفاعل القوى الإقليمية والدولية معه، مع التنويه إلى أن ما ورد في التقرير يعكس وجهة نظر مجلة “فورين أفيرز” ومصادرها، ويُقدَّم كمادة تحليلية تهدف إلى تسليط الضوء على كيفية تناول الإعلام الغربي لمسار الصراع السوري، ولا يُعد توثيقا شاملًا للمشهد أو تبنّيًا لأي من استنتاجاته.

فيما يلي الترجمة الكاملة للتقرير:

في الأشهر التي تلت انهيار نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ازداد النشاط العسكري الإسرائيلي في سوريا عدوانية، استولى جيش الدفاع الإسرائيلي على المنطقة العازلة التي تشرف عليها الأمم المتحدة والتي تم إنشاؤها بعد حرب يوم الغفران عام 1973، وشن ضربات منهجية ضد البنية التحتية السورية – وقصف شبكات الدفاع الجوي ومستودعات الأسلحة وأنظمة الصواريخ والقدرات الاستخبارية – وقام ببناء تسعة مواقع عسكرية جديدة.

أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس مرارا وتكرارا أن الجيش الإسرائيلي سيبقى في سوريا “إلى أجل غير مسمى”. وفي آذار، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن خطط لإنشاء مناطق نفوذ من خلال إقامة تحالفات مع مجموعات الأقليات، بالإضافة إلى إنشاء منطقة منزوعة السلاح بطول 30 ميلا تمتد من إسرائيل تقريبا إلى دمشق، ويمثل كل هذا قطيعة حادة مع نهج إسرائيل الحذر منذ فترة طويلة تجاه جارتها الشمالية الشرقية.

شعرت إسرائيل أنها تستطيع إدارة نظام الأسد، وبدأت تصرفات الجيش الإسرائيلي بعد كانون الأول لمنع القدرات الاستراتيجية من الوقوع في أيدي أقل شهرة.

انحنت الإدارة السورية الجديدة إلى الوراء للإشارة إلى أنه ليس لديه مصلحة في الصراع مع إسرائيل، بل وطرح إمكانية تطبيع العلاقات. “يجب الحكم على الحكومة السورية الجديدة من خلال أفعالها وليس فقط أقوالها”، لكنه يوفر لإسرائيل فرصة ذهبية محتملة لتعميق عزلة إيران، وتحويل سوريا من عدو إلى جار مسالم، وتحقيق الاستقرار في منطقتها.

على الرغم من أن المخاوف الأمنية القومية هي التي تقود نهج الحكومة الإسرائيلية تجاه سوريا، إلا أن التوق إلى إثبات قوتها وقوة إرادتها لجيرانها وكذلك لمواطنيها، الذين يعانون من ندوب عميقة بسبب فشل حكومتهم في حماية حدود البلاد في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إذا استسلم قادة إسرائيل للدافع لتكثيف توغلاتهم في سوريا، فقد يخلقون عدوا جديدا في حين أنه لا يوجد عدو حاليا. وستضع إسرائيل نفسها على خلاف أكبر مع تركيا، مما يدفع كلا البلدين نحو حافة صراع عسكري جديد غير ضروري. بدلا من ذلك، يجب على إسرائيل أن تنقل أن توغلاتها الإقليمية تهدف إلى أن تكون مؤقتة، وتساعد في تخفيف الأزمة الإنسانية في سوريا، وأن تتوقف عن تقويض محاولات تركيا لمساعدة شرع على تحقيق الاستقرار في البلاد والوقوف في وجه النفوذ الإيراني، يجب على إسرائيل أيضا أن تستعد للعمل مع دمشق طالما أنها لا تتخذ أو تمكن من القيام بإجراءات تهدد أمن إسرائيل.

تغيير القلب

في ظل ربع قرن من حكم الأسد، أصبحت سوريا جزءا لا يتجزأ مما يسمى بمحور المقاومة الإيراني. عمل الأسد على تعميق تحالفه الاستراتيجي مع حزب الله، وساعد في تحويل الجماعة اللبنانية المسلحة إلى جيش إرهابي مهدد من خلال السماح لها باستخدام الترسانات السورية والقدرات الاستراتيجية التي تلقاها الأسد من روسيا، مثل الصواريخ الباليستية المتقدمة وأنظمة الدفاع الجوي. أصيبت إسرائيل بصدمة بسبب حربها ضد حزب الله عام 2006 (التي اعتبرها حزب الله انتصارا)، وقضى الإسرائيليون العقد التالي في الامتناع عن محاولة تعطيل تحالف سوريا مع الجماعة. عندما اندلعت الحرب في سوريا عام 2011، حاولت إسرائيل منع ترسيخ موطئ قدم حزب الله وإيران في سوريا من خلال شن ما سمته “الحملة بين الحروب”، مع التركيز بشكل أساسي على منع إيران من تهريب الأسلحة إلى لبنان. لكن على الرغم من أن إسرائيل لم تدعم رسميا أيا من الجانبين في الحرب الأهلية السورية، إلا أن القادة الإسرائيليين فضلوا الأسد على خصومه، وأشاروا إليه سرا على أنه “الشيطان الذي نعرفه” وتأكدوا من أن جهود إسرائيل لمواجهة النفوذ الإيراني المتزايد لن تخاطر بحكمه.

لم يتغير النهج الإسرائيلي في سوريا على الفور بعد هجوم حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، لكن هذا الهجوم المدمر أدى إلى حدوث تغييرات. أوضح الهجوم أن إسرائيل أساءت تقدير نوايا وقدرات الخصم، ومن الواضح أن أجهزة الأمن في البلد اعتمدت أيضا بشكل مفرط على المراقبة الإلكترونية لتأمين الحدود مع غزة. الدرس الذي استخلصه العديد من المسؤولين الإسرائيليين هو أن استراتيجيتهم المتمثلة في “الهدوء مقابل الهدوء” – غض الطرف عن الاستفزازات الصغيرة لتجنب صراع كبير – قد فشلت. ونتيجة لذلك، غير الجيش الإسرائيلي عقيدته على طول جميع حدود إسرائيل، مؤكدا على العمل الاستباقي وأنشأ ما يسمى بالمناطق العازلة في أراضي الخصوم.

على مدى الأشهر الـ18 الماضية، ازدادت شهية إسرائيل لتعزيز المناطق العازلة. في آذار/مارس 2025، قال وزير الدفاع كاتس إن العمليات البرية الموسعة للجيش الإسرائيلي في غزة تهدف جزئيا إلى “الاستيلاء على أراض شاسعة” ستتم “إضافتها بشكل دائم إلى المناطق الأمنية لدولة إسرائيل”.

في لبنان، على الرغم من توقيع وقف إطلاق النار مع حزب الله في تشرين الثاني/نوفمبر 2024– وعلى الرغم من حقيقة أن حكومة جديدة أقل صداقة لحزب الله استولت على بيروت في شباط/فبراير 2025– يحتفظ الجيش الإسرائيلي بوجود في خمس نقاط استراتيجية بالقرب من الحدود، هذا يهدف إلى طمأنة المجتمعات الحدودية الإسرائيلية بأنها لن تترك مرة أخرى بلا حماية.

وعلى الرغم من أن الحملة الإسرائيلية القاتلة ضد حزب الله وجهودها الردعية ضد إيران – فضلاً عن انشغال روسيا في أوكرانيا – تركت الأسد أعزل، إلا أن انهيار نظامه فاجأ إسرائيل. كان على إسرائيل تطوير استراتيجية جديدة لسوريا على الفور. وعلى الفور، تحركت إسرائيل لتدمير قواعد القوات الجوية السورية والطائرات العسكرية ومستودعات الصواريخ، عززت دفاعاتها الحدودية، واستولت على المنطقة العازلة للأمم المتحدة التي تبلغ مساحتها 145 ميلاً مربعاً، أقام الجيش الإسرائيلي مواقع جديدة داخل سوريا، ومهّد الطرق، وحفر الخنادق، ووضع مئات الجنود هناك.

الخطوة الخاطئة

ومع ذلك، وبالنظر إلى أن النظام السوري الجديد لا يمثل لإسرائيل تهديداً وشيكاً، فإن هذا النهج له ميزة استراتيجية أقل بكثير مما هو عليه في لبنان، ظلت الحدود الإسرائيلية السورية سلمية طوال حرب غزة، ولم يضطر الإسرائيليون الذين يعيشون على طولها إلى المغادرة.

وأكد قادة دمشق الجدد مراراً وتكراراً أنهم يخططون لإشراك الأقليات والسوريين العلمانيين في حكومتهم وترسيخ مصداقيتهم لدى الجهات الفاعلة الغربية. تخلت حكومة الشرع عن الخطاب الرسمي القديم المناهض لإسرائيل في سوريا. كما تعهد الشرع بدعم اتفاقية فك الارتباط التي وقعتها سوريا وإسرائيل في عام 1974، والتي نصّت على وقف إطلاق النار إلى أجل غير مسمى، “لا نريد أي صراع، سواء مع إسرائيل أو أي أحد آخر”، أعلن في كانون الأول، مضيفاً أنه “لن يسمح باستخدام سوريا كمنصة انطلاق للهجمات”.

يبقى أن نرى إلى أي مدى ستلتزم حكومة الشرع بهذه العهود، ولكن بدلاً من الانتظار والرؤية، بدأ العديد من القادة الإسرائيليين في التعامل مع حكومة شرع كما لو كان مقدراً لها ببساطة أن تكون خصماً آخر. في أواخر كانون الأول، غزا الجيش الإسرائيلي منطقتين أخريين على الأقل في سوريا خارج المنطقة العازلة وزاد من وتيرة وحجم غاراته في عمق الأراضي السورية، رغم أن الإيقاع تراجع خلال الأسبوعين الماضيين. وتقول إسرائيل إن بعض إجراءاتها تهدف إلى حماية الأقليات وخاصة الدروز الذين هم حلفاء محتملون. ومع ذلك، ينظر العديد من أعضاء الطائفة الدرزية السورية إلى مزاعم إسرائيل بأنها حليفتهم بعين الريبة: ففي منتصف آذار، اندلعت احتجاجات في بلدة السويداء ذات الأغلبية الدرزية، اتهم خلالها القادة الدروز إسرائيل بتقويض وحدة أراضي سوريا. إن محاولة إسرائيل لإقامة شراكات مع الأقليات المسلمة غير السنية تتعارض مع رغبة معظم السوريين الذين أنهكتهم الحرب في دولة موحدة ومستقرة.

وفي الوقت نفسه، فإن إصرار نتنياهو على أن سوريا بأكملها جنوب دمشق يجب أن تكون “منزوعة السلاح” هو هدف سيصعب على الشرع قبوله، لأنه سيعني على الأرجح التنازل عن السيطرة على هذه المنطقة. كما تعمل إسرائيل على تقويض الشرع من خلال الضغط على الولايات المتحدة للحفاظ على عقوباتها على سوريا والتنسيق الوثيق مع موسكو لمساعدة روسيا في الحفاظ على قواعدها العسكرية. إن انفتاح إسرائيل تجاه روسيا محير، بالنظر إلى أن التدخل الروسي في سوريا لإنقاذ الأسد قبل عقد من الزمن ساعد في ترسيخ النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.

يبدو أن القادة الإسرائيليين مصممون على فهم بلادهم على أنها مهددة بالانقراض. يشكل انعدام ثقة إسرائيل في حكومة الشرع مفارقة أخرى. اتهم القادة الإسرائيليون فريق الشرع بإخفاء ألوانه الحقيقية: في آذار، ادعى ساعر أن فريق الشرع “جهادي ولا يزال جهادياً، حتى لو كان بعض قادته يرتدون بدلات”. لكن إسرائيل تعول على موقف شرع المناهض لإيران لمنع إيران من إعادة تأسيس نفوذها الإقليمي. وعلى الرغم من أن تقويض سلطة شرع قد يعزز قبضة إسرائيل على منطقتها العازلة على المدى القصير، إلا أن مصلحة البلاد على المدى الطويل تتمثل في سوريا مستقرة.

وتعمل إسرائيل أيضاً على منع تركيا من تعزيز نفوذها في سوريا. أحبطت إسرائيل الجهود التركية لإعادة بناء قدرات الجيش السوري من خلال قصف القواعد الجوية التي سعت أنقرة للاستيلاء عليها. يتعامل الخطاب الرسمي الإسرائيلي بشكل متزايد مع تركيا كعدو: على سبيل المثال، أشار تقرير صدر في كانون الثاني 2025 عن لجنة عينتها الحكومة حول ميزانية الدفاع، إلى “التهديد التركي”، زاعماً أن تركيا تأمل في جعل الجيش السوري “وكيلاً تركياً كجزء من حلم تركيا بإعادة التاج العثماني إلى مجده السابق”. وهذا بدوره من شأنه أن “يعمّق خطر المواجهة التركية الإسرائيلية المباشرة”. في أواخر آذار، غرد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على تويتر بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان “معاد للسامية” و”تهديد” لـ”المنطقة”.

يبدو أن القادة الإسرائيليين مصممون على تصور بلدهم على أنه مهدد بالزوال، وهم يميلون إلى استبدال التهديد المتضائل الذي يشكله محور المقاومة الإيراني بما يُفترض أنه تهديد تركي جديد. وقد ساهم أردوغان في تدهور العلاقات بين البلدين، إذ شبّه نتنياهو بهتلر عام 2024، واتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في غزة. ترغب أنقرة في ضم سوريا إلى مجال نفوذها، وهو ما قد يُعيق حرية الحركة العسكرية الإسرائيلية ويجلب القوات التركية إلى عتبة حدودها. ومع ذلك، فإن تركيا ليست خصماً لإسرائيل: الدولتان، اللتان تعتبران حليفين للولايات المتحدة، تتشاركان مصالح اقتصادية وأمنية قوية، ولا ينبغي لإسرائيل أن تُغضب أكبر جيش في الناتو بينما تخوض حرباً متعددة الجبهات.

كلفة الفرصة الضائعة

تعكس المواقف الإسرائيلية بالتأكيد عقلية أكثر عدوانية بعد 7 أكتوبر. لكنها تنبع أيضاً من دوافع داخلية. القاعدة السياسية لنتنياهو تستمتع بالمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي التي تُظهر دبابات الجيش الإسرائيلي وهي تجوب سوريا. علاوة على ذلك، من المرجح أن يأمل ائتلاف نتنياهو أن يؤدي عرض الحماية للدروز في سوريا إلى جذب دعم أبناء الطائفة الدرزية داخل إسرائيل، الذين هم مواطنون إسرائيليون مخلصون ويخدمون في الجيش الإسرائيلي، لكنهم يعانون من التمييز مقارنة بالأغلبية اليهودية في البلاد.

لكن نهج إسرائيل في سوريا بدأ يأتي بنتائج عكسية. ففي 2 شباط، قال وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة لصحيفة “واشنطن بوست” إن توغلات الجيش الإسرائيلي “تمثل انتهاكاً ضد الشعب السوري”، وهو تغير عن سياسة نظام الشرع التي امتنعت في البداية عن انتقاد إسرائيل. وأعرب عن أسفه لكون إسرائيل لم تُظهر أي امتنان لما قدّمه استيلاء الشرع على السلطة من ردع لإيران، العدو المشترك: “كان لديهم مشكلة مع إيران؛ نحن أنقذناهم من إيران”. لعدة أشهر، امتنع الشرع عن انتقاد التصعيد الإسرائيلي، وكان يمكن لقادة إسرائيل أن يعتبروا ذلك إشارة إيجابية، لكن في آذار، بدأ الشرع نفسه يُعرب عن غضبه، واصفاً التوغلات الإسرائيلية بأنها “توسعية عدائية”.

في أواخر آذار وأوائل نيسان، تعرضت قوات الجيش الإسرائيلي في سوريا لإطلاق نار من قبل مسلحين مجهولين. إذا استمرت إسرائيل في موقفها العدواني، يمكن للشرع – الذي كان يغازل الأقليات السورية – أن يسمح، أو حتى يدعم، هجمات مثل هذه الجماعات المسلحة على القوات الإسرائيلية، مما يؤدي إلى تحقيق نبوءة تحقق ذاتها. يمكن أن يؤدي الاستياء من الجيش الإسرائيلي إلى زيادة احتمالات التمرد، الأمر الذي من المرجح أن يجر الجيش الإسرائيلي إلى عمق الأراضي السورية.

النهج الإسرائيلي في سوريا يحقق نتائج عكسية بالفعل

إذا بقيت الحكومة السورية الجديدة معتدلة وتمكنت من تعزيز سلطتها، فإن المكاسب التي يمكن أن تحققها إسرائيل ستكون هائلة. سيكون لديها جار مستقر لا يدين بالفضل لإيران – وجيش يمكنه تأمين البلاد والتعامل مع التهديدات من الجماعات المتطرفة. إسرائيل ليست مجرد متفرج سلبي على مسار السياسة السورية. ويمكنها أن تشجع على اعتدال الشرع من خلال الترحيب بمبادرات دمشق، مثل اعتقال اثنين من كبار قادة الجهاد الإسلامي في 21 نيسان.

علاوة على ذلك، يجب على إسرائيل أن توضح علناً أن تقدمها على الأرض مصمم ليكون مؤقتاً إلى أن تتمكن قوة مسؤولة من تأمين الجانب الآخر من الحدود. وحتى تتمكن دمشق من تحقيق ذلك، يجب على إسرائيل تقليل احتكاكها مع الشعب السوري وحكومته الجديدة من خلال تخفيف وجودها العسكري الظاهر والتواصل مع فريق الشرع عبر قنوات خلفية. وفي الوقت ذاته، ينبغي لإسرائيل أن تستفيد من مكاسبها لتأمين حدودها من خلال المطالبة باتفاق دبلوماسي يحمي الدروز السوريين ويضمن نزع السلاح في مرتفعات الجولان.

يجب على إسرائيل تغيير نهجها تجاه تركيا

خلال اجتماع مع نتنياهو في وقت سابق من هذا الشهر، أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأردوغان ودعا البلدين إلى إصلاح علاقاتهما. لكن نية ترامب سحب القوات الأميركية من سوريا قد تترك إسرائيل وتركيا تتصارعان على البلاد من دون إشراف الكبار. في 9 نيسان، بدأت جولة من المحادثات بين إسرائيل وتركيا بوساطة أذربيجان. يجب على إسرائيل أن تستخدم هذه المناقشات ليس فقط لإنشاء آلية لتجنب الاشتباك، بل لتقليل التوترات بشكل شامل.

يشبه النهج الإسرائيلي الحالي محاولاتها لإنشاء منطقة أمنية في جنوب لبنان في الثمانينيات والتسعينيات – والتي أدت إلى حرب استنزاف عمّقت الاستياء اللبناني ومهّدت الطريق لحزب الله للسيطرة على البلاد بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي في عام 2000. ويجب على إسرائيل ألا تكرر هذا الخطأ. ينبغي للحكومة الإسرائيلية أن تعمل بشكل وثيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين لمنع سوريا من السقوط مجدداً في مدار إيران، وكذلك لتفكيك وإزالة بقايا الأسلحة البيولوجية والكيميائية من عهد الأسد.

يمكن لإسرائيل أيضاً أن تخفف من الأزمة الاقتصادية في سوريا عبر المساعدة في تزويد البلاد بالطاقة والغذاء والماء. هذا – أكثر من مجرد توغلات عسكرية استعراضية من دون استراتيجية دبلوماسية مرافقة – هو ما سيساعد إسرائيل على تحقيق النفوذ الإقليمي الذي تسعى إليه بالفعل.

مقال مُترجم عن مجلة Foreign Affairs – بقلم: شيرا إيفرون وداني سيترينوفيتش

بعنوان: Israel’s Dangerous Overreach in Syria: Making an Enemy of a Potential New Ally

تلفزيون سوريا

—————————-

عضو في الكونغرس الأميركي: الرئيس السوري منفتح على تطبيع العلاقات مع إسرائيل

 تل أبيب: «الشرق الأوسط»

24 أبريل 2025 م

نقلت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، اليوم الخميس، عن العضو الجمهوري في الكونغرس الأميركي مارلين ستوتزمان قوله إن الرئيس السوري أحمد الشرع منفتح على تطبيع العلاقات مع إسرائيل؛ شرط بقاء بلاده موحدة وذات سيادة.

وأضاف ستوتزمان في مقابلة مع «جيروزاليم بوست»: «الشرع قال إنه منفتح على الاتفاقات الإبراهيمية، ما يجعل سوريا في وضع جيد مع إسرائيل ومع دول أخرى شرق أوسطية، وبالطبع مع الولايات المتحدة».

وكان عضو الكونغرس الأميركي التقى الشرع قبل أيام في دمشق.

وأكد ستوتزمان أن الشرع يخشى من «تقسيم سوريا إلى أقاليم، ولا يريد أن يحدث ذلك، إنه يريد أن تبقى بلاده موحدة، وأصر على معالجة الانتهاكات الإسرائيلية قرب مرتفعات الجولان وعدم قصف إسرائيل لسوريا».

وأضاف عضو الكونغرس الأميركي أن الرئيس السوري أكد ضرورة وجود مفاوضات ثم خطوات للتطبيع مع إسرائيل، وقال: «أعتقد حقاً أنه منفتح على الحوار».

——————————

قرارات مصيرية تنتظر دروز سوريا.. وإسرائيل مخطئة لو فسرت عدوانها ضد الشرع دعما منهم لها

إبراهيم درويش

نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا عن دروز سوريا وموقفهم من النظام الجديد في دمشق. وأشارت إلى أن الدروز هم أقلية لكنهم يتمتعون بتأثير في منطقة بلاد الشام يتجاوز حجمهم. وقالت: “إن لم يعط منظر البازلت الأسود صورة مباشرة عن خصوصية السويداء، فإن الأعلام الفنزويلية التي ترفرف تشير إلى ذلك. وتحيط الصخور البركانية بالطرق المؤدية إلى هذه المدينة الواقعة جنوب سوريا، حيث يرفرف علم قوس قزح الدرزي إلى جانب العلم الفنزويلي ثلاثي الألوان – تكريما للجالية الدرزية هناك”. وتعتبر السويداء معقل الدروز في سوريا، وهي أقلية انبثقت من الشيعة وتتسم بالانغلاق على نفسها، لكنها في السياسة منفتحة وبراغماتية.

فقد مال الدروز في جميع أنحاء الشرق الأوسط إلى العمل مع القوى الحاكمة، مما منحهم نفوذا لا يتناسب مع أعدادهم. ففي منطقة الجليل، يقاتل الجنود الدروز في صفوف الجيش الإسرائيلي بالحرب ضد غزة وجنوب لبنان. وبالمقابل دعمت الفصائل السياسية الرئيسية للجماعة حزب الله في مواجهته مع الدولة العبرية.

وفي سوريا، كان الضباط الدروز جزءا من الدولة البوليسية في عهد حافظ الأسد ثم ابنه بشار.

    مال الدروز في جميع أنحاء الشرق الأوسط إلى العمل مع القوى الحاكمة، مما منحهم نفوذا لا يتناسب مع أعدادهم

وفي السنوات الأولى للحرب الأهلية السورية، دعمت الميليشيات الدرزية النظام، ومع تراجع قبضته، غير الدروز موقفهم، حيث اندلعت احتجاجات لهم في السويداء.

واليوم، يجد دروز سوريا، الذين يعيشون على طول الحدود مع إسرائيل والأردن، أنفسهم عالقين بين حكومة ذات ميول إسلامية لا يثقون بها وعدوان إسرائيلي متزايد على سوريا.

وترى المجلة أن مواقفهم تعتمد في النهاية على الموقف من أحمد الشرع، الجهادي السابق الذي تحول إلى رئيس للدولة الجديدة في دمشق ويحاول إعادة بناء سوريا.

وتعلق أن الدروز أبدوا حذرا، والسبب مرتبط بعام 2015 عندما ارتكبت جبهة النصرة، وهي فرع من تنظيم القاعدة وسابقة على هيئة تحرير الشام، الجماعة الجهادية الحالية التي ينتمي إليها الشرع، مذبحة راح ضحيتها نحو 20 قرويا درزيا. وفي مقابلة أجريت معه في نفس الفترة تقريبا، قال الشرع إنه ينبغي على الدروز اعتناق الإسلام.

وقد رفض قادتهم الدينيون، وهم ثلاثة شيوخ في السويداء، الإعلان الدستوري الذي كشف عنه الشرع في الشهر الماضي، باعتباره إسلاميا جدا وغير تمثيلي. وفي آذار/مارس وصف أحد الثلاثة، الشيخ حكمت الهجري، إدارة الشرع بأنها “حكومة متطرفة بكل معنى الكلمة”.

في هذه الأثناء، تراقب إسرائيل الأقلية الدرزية، ففي الشهر الماضي، عبر العشرات من القرويين الدروز من سوريا إلى مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل تحت إشراف الجيش الإسرائيلي لزيارة مزار درزي معروف. وفي شباط/فبراير عندما اندلع القتال بين الميليشيات الدرزية والقوات الحكومية في جرمانا، وهي ضاحية ذات أغلبية درزية في دمشق، هدد وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، بالتدخل. وقد ألمح إلى أنه قد يسمح للدروز السوريين بالدخول للعمل في الجولان الذي تحتله إسرائيل.

ومن جهة أخرى، أظهر المجلس العسكري للسويداء مبدأ براغماتيا، حيث قال زعيمه طارق الشوفي إنه لا يعارض “من حيث المبدأ” الدعم الإسرائيلي.

    إسرائيل ستكون مخطئة لو فسرت عدم ثقتها بالشرع على أنه تأييد درزي للاحتلال الإسرائيلي أو التدخل العسكري في سوريا

وقال إن المقاتلين الدروز، المتشككين من حكام سوريا الجدد، يعملون على تجهيز أنفسهم وتنظيم صفوفهم تحسبا لأي مواجهة معهم.

 وحذر رجل أعمال درزي قائلا إن إسرائيل ستكون مخطئة لو فسرت عدم ثقتها بالشرع على أنه تأييد درزي للاحتلال الإسرائيلي أو التدخل العسكري في سوريا.

وقد أبدت بعض الميليشيات الدرزية استعدادها للانضمام إلى الجيش السوري. وتقول المجلة إن شيوخ السويداء المؤثرين واضحون بشأن إسرائيل. ويقول الشيخ يوسف الجربوع، أحد الثلاثة: “تريد إسرائيل أن تظهر أننا تحت حمايتها”. ويؤكد: “إنهم يريدون تجريدنا من هويتنا. لم نقبل يوما وصاية أحد علينا”. ويضيف: “نحن موالون للدولة التي نعيش فيها”. وحذر وليد جنبلاط، الزعيم الدرزي في لبنان الذي اغتيل والده على يد آل الأسد، من أن التقرب من إسرائيل سيجلب كارثة على دروز سوريا.

وقد سارع إلى دعم الشرع بعد سقوط دمشق. ويقول: “أولئك [الذين يدعمون إسرائيل] يسيرون عكس مجرى التاريخ. لا يمكننا أن نتحمل تبعات تنفير المسلمين” منا.

—————————-

زيارة وفد الدروز السوريين إلى إسرائيل.. بين الطقوس الروحية والتطبيع/ ضياء الصحناوي

25 ابريل 2025

دخلت قافلة تضم نحو 600 من مشايخ طائفة الموحدين الدروز في سورية، صباح اليوم الجمعة، إلى أراضي الجولان المحتل عبر معبر “عين التينة”، في زيارة دينية لمقام النبي شعيب في منطقة حطين بالجليل، شمالي فلسطين المحتلة. وتأتي الزيارة، التي يبيت خلالها المشايخ هناك ليلة واحدة لأداء طقوس دينية خاصة، وسط جدلٍ واسعٍ يتعلّق بتبعاتها السياسية واتهاماتٍ بالتطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، في وقتٍ تقول فيه مصادر مقرّبة من المنظمين إنها “ممارسة روحانية لا علاقة لها بالسياسة”.

وقال أعضاء من القافلة المتوجهة إلى إسرائيل لمراسل “العربي الجديد” في السويداء جنوبي سورية، إنّ عناصر من قوى الأمن العام السوري رافقوا أفراداً من الوفد في طريقهم من جرمانا وصحنايا قرب دمشق.

    מאות אנשי דת דרוזים מסוריה מבקרים היום בישראל לרגל החג נבי שועייב. מבין שש מאות העולים לקבר יתרו, רבים הגיעו מאזור הר הדרוזים בדרום-מערב המדינה ומפרברי דמשק. זאת בשונה מהביקור הראשון במרץ, אז הגיעו בעיקר אנשי דת מאזור הגולן הסורי בקרבת הגבול. גורם שמעורה בפרטים אמר ל”כאן חדשות”… pic.twitter.com/iKN9utIxfn

    — כאן חדשות (@kann_news) April 25, 2025

وأشارت مصادر أخرى إلى أنّ طلب الزيارة تقدم به مشايخ سوريون عبر وساطة ممثلين عن الطائفة في إسرائيل، مؤكدةً أن السلطات السورية كانت على علم بالحدث ولم تعترض عليه. في المقابل، ندد ناشطون وكتاب سوريون من الطائفة الدرزية، خاصة من دروز الجولان المحتل، بالزيارة. وذكّر معارضو الزيارة بتفاصيل مؤلمة يعيشها السوريون تحت الاحتلال، منتقدين تحوّلها إلى منصة لخطابات عسكرية إسرائيلية.

من ناحية أخرى، يرفض مشايخ ومصادر مقرّبة من الوفد الزائر الربطَ بين الزيارة والتطبيع، مؤكدين أن مقام النبي شعيب هو “أقدس مكانٍ للموحدين الدروز”، وأن الحج إليه واجب ديني لا يتقيد بالحدود السياسية. وقال أحد المشايخ لـ”العربي الجديد” إن المشاركين حذِرون من الانجراف وراء الأجندات الإسرائيلية، وإنهم يحرصون على اقتصار مسار الحافلات على الطريق من الحدود إلى المقام من دون زيارة مناطق أخرى.

وتشير بعض الأصوات الداعمة للزيارة إلى أن انتقادات المعارضين تُغفل الإرث الروحي للطائفة الذي يتجاوز “النزاعات الأرضية”. ويذكّر هؤلاء بمواقف مشايخ دروز سوريين رفضوا سابقاً أي تدخلٍ إسرائيلي، لكنهم يفرقون بين السياسة والممارسة الدينية، معتبرين أن المقام جزء من تراثهم بغضّ النظر عن السيادة على الأرض. 

وفي الخلفية، تطفو إشكالية التعاطي الرسمي السوري مع الزيارة. فبينما أكدت مصادر “العربي الجديد” أن الإدارة في دمشق مطلعة على التفاصيل، يرى معارضون أن عدم الاعتراض يُعتبر إشارةً إلى الضعف أو التواطؤ، خاصةً في ظلّ صعوبة فصل الدين عن السياسة تحت الاحتلال.

يُذكر أنّ هذه الزيارة ليست الأولى من نوعها، فقد سبق لنحو 150 من المشايخ الدروز أن زاروا، في مارس/ آذار الماضي، مقام النبي شعيب، وقرية جولس، حيث مقر الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في الداخل الشيخ موفق طريف، المقرّب من سلطات الاحتلال ويتبنّى سرديتها، عدا زيارتهم قرية البقيعة في الجليل.

——————————

======================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى