عن الأحداث التي جرت في الساحل السوري أسبابها، تداعياتها ومقالات وتحليلات تناولت الحدث تحديث 29 نيسان 2025

لمتابعة مكونات الملف اتبع الرابط التالي
الأحداث التي جرت في الساحل السوري
—————————-
مواجهة الأشباح… السلم الأهلي وبناء الثقة/ سمر يزبك
29 ابريل 2025
يُستخدم مصطلح “السلم الأهلي” في سورية كما لو أنه علامة على عودة الحياة إلى طبيعتها، لكنّه توصيفٌ مُضلِّل، لا لأنه غير دقيق فحسب، بل لأنه يتغافل عن سؤال أعمق: ما معنى “الحياة الطبيعية” بعد كلّ ما جرى قبل سقوط النظام وبعده؟ وهل الصمت المتبادل بين السوريين استقرار، أم خوف مؤجَّل؟
الرهان اليوم لا يتعلّق بمنع السلاح، بل بكيفية التعامل مع ما خلّفه من انقسامات في الوعي، فما حدث لم يكن بين غرباء، بل بين أبناء الوطن الواحد، وقد ارتكز على تصنيفاتٍ حادّة: خائن، عميل، شهيد، طائفي، وطني، شبّيح. هذه المفردات، وإن تراجعت من الخطاب الرسمي بعد سقوط النظام، ما تزال حاضرةً في الأحاديث، في النظرات العابرة، وفي صمت القرى الصغيرة وخوفها المتراكم. السلم لا يُفرض من أعلى. لا تصنعه اللجان، بل يُبنى من الأسفل: من تفكيك الخوف، ومساءلة السرديات التي شرعنت العنف، وترميم الثقة بين الأفراد والمجتمعات. وحتى اليوم، لم يشهد السوريون مراجعةً حقيقيةً لما حدث، ولا اعترافاً متبادلاً بالخطأ، ولا حتى بدايةً لمسار عدالة انتقالية، ولو رمزية. الدولة والمجتمع معاً يتعاملان مع الذاكرة كأنّها عبء يُستبدل به الصمت.
في مناطق كثيرة، يُختزل “التعايش” إلى مجاورة حذرة. يتفادى الناس الصدام لا لأنهم تصالحوا، بل لأنهم أُنهكوا من الخسارات. الخوف لم يغادر، بل غيّر وجهه: هناك من يخاف من السلطة الجديدة، من الجار، من الكلمة، من نفسه. والسلطة بدل أن تكون وسيطاً راعياً للثقة، تكتفي بدور الرقيب الصامت الذي يمنع الانفجار من دون أن يزيل أسبابه. في الأحياء المختلطة طائفياً، أو تلك التي شهدت تبدّلاً في السيطرة، يظهر توتّر صامت يشبه هدنةً غير معلنة. كأن الناس اتفقوا على قاعدة ضمنية: لا نتحدّث عن الماضي، لا ننبش، لا نُكثر من الأسئلة. لكن هذا “السلام” القائم على النسيان القسري سرعان ما ينهار عند أول احتكاك، لأن ما لم يُقل لا يموت، بل يُكنس تحت البساط. ورغم تكرار مصطلح “السلم الأهلي”، تغيب أدواته الحقيقية: لا برامج لإعادة دمج وتعويض الضحايا، ولا حتى البحث عنهم بالحدّ الأدنى؛ لا إعلام يعترف بتعدّد الروايات؛ لا حوارات تشاركية، ولا نقاش عام، ولا سردية وطنية مشتركة عمّا جرى. والأسوأ أن من يطرح هذه الأسئلة يُتّهم بإثارة الفتنة، وكأنّ المشكلة في مَن يُشير إلى الجرح، لا في الجرح ذاته.
السوريون اليوم عالقون في ما يشبه “الزمن المؤجَّل”: لا عودة ممكنة إلى ما كان، ولا أدوات لتجاوز ما حدث. حالة من التجميد الرمزي تُغذّي غياب الثقة، ليس فقط بين الفرد والدولة، بل بين السوريين أنفسهم.
ليست المصالحة نصاً قانونياً، بل عملية لإعادة صياغة العلاقة بين الذات والآخر، بين الفرد والمجموعة، وبين الجماعة وسرديتها عن نفسها. في هذا السياق، تصبح الذاكرة عبئاً شخصياً. لا أحد يريد أن يسمع من الآخر ما رآه أو عاشه. ومع الوقت، يُستبدل بالألم الصمت، ثمّ التأقلم القسري. وهكذا، يتحوّل السلم الأهلي غلافاً هشّاً، أشبه بواجهة بناء مرمّمة، تخفي خلفها شقوقاً داخلية تواصل التمدّد.
بناء الثقة لا يتم بالشعارات، بل من خلال الممارسة اليومية؛ في المدرسة، حين يُسمح بتعدّد الروايات؛ في الإعلام، حين يُتخلّى عن خطاب الغلبة؛ في القضاء، حين تُفتح أول نافذة للعدالة؛ وفي السياسة، حين يُعترف بالعمق الاجتماعي للنزاع. السلم ليس غياب الحرب، بل حضور عقد اجتماعي جديد، يعترف بما جرى، ويعيد تعريف معنى العيش المشترك. وهذا لا يتحقّق من دون سياسة عامّة تجاه الذاكرة، تُقرّ بأن الوطن لا يُبنى بالنسيان، بل بالجرأة على القول. لأنّ العنف، في النهاية، لا يبدأ بالسلاح، بل بالمعنى الذي لا يُقال، وبالتاريخ الذي لا يُسأل.
العربي الجديد
——————————–
جديدُ مسألة الاقليات/ حسان القالش
29 ابريل 2025
كان الآباء المؤسّسون لكيان الدولة السورية يتشاركون في عقليّة أو آلية تفكير سياسي غير ناضجة، ما يعود إلى طبيعة نضالهم ضدّ الاستعمار، ومن مرتكزات هذه العقلية إنكار وجود الأقليات، فمن 1928 وحتى 1939 كانت فرنسا قد ابتزّتهم مستخدمة هذه المسألة. وبهذا؛ بدا طبيعياً، من دون أن يكون مبرّراً، أن تتّسم سياسة الآباء المؤسّسين، سواءً إبّان الانتداب أو بعده مباشرة، بمنحى إقصائي ضدّ الأقليات، وهذا راجع إلى إدراك هؤلاء السياسات الكولونيالية الأوروبية التي استخدمت مسألة الأقليات لتقسيم المنطقة. على أنّ الأقليات في سورية كانت هي المبادرة للسعي إلى دخول حظيرة الوطن، وناضل شبابها المثقف لرفع مستوى وعي جماعاتهم، للوصول إلى الاستنتاج المصيري أنّ لا ضامن لبقائهم سوى الاندماج بالكيان والدولة. في المحصلة، جرى توحيد التراب من دون توحيد القلوب، واستفحلت “مسألة الأقليات”، إحدى العلل الرئيسية في الكيان السوري الحديث، في الوطن المنشود وغير المكتمل.
ومن رحم مسألة الأقليات ولدت “المسألة العلويّة” على يدَي نظام آل الأسد، فكان ما كان من اعتماده على العلويين في المناصب التي تحميه وتضمن أبديّته، ولم يكن ذلك خيار العلويين جماعةً، بل حصيلة تخريب ممنهج قام به آل الأسد. وبمرور سنوات طويلة، تحوّل العلويون إلى رعايا بدرجة مُضاعفة عن غيرهم، فهُم رعايا في دولة تسلّطية لا تعترف بالمواطنة، ورعايا الشريحة الصغيرة من طائفتهم التي تمنحهم مكرمات حياة الكفاف. وفي الوقت ذاته، كان جهل السوريين بأحوال غيرهم من السوريين، وانتشار الأفكار المغلوطة، قد أدّى إلى تنامي الضغينة الشعبية تجاه العلويين، باعتبارهم الجماعة صاحبة الامتياز، وهذا ما استثمر به آل الأسد فجرى تعزيز كراهية السُنّة ضدّ العلويين، وخوف العلويين من احتقان السُنّة، ولابدّ من الاعتراف بأنّ سنوات الثورة لم تفعل شيئاً تجاه هذه القنبلة الاجتماعية الموقوتة، وهذا ما أوجد نبوءةً عند الطرفَين، تقول بحصول مجزرة طائفية رهيبة ضدّ العلويين بعد سقوط النظام، خشيَ منها بعضهم وتمنّاها جمهور عريض للأسف.
وبالفعل، تحقّقت النبوءة، وجرت مذبحة طائفية ضدّ العلويين. نعم، كان هذا متوقّعاً، وربّما محتوماً. لكن، ما هي مخاطر ما حدث على أرض الواقع اليوم وفي هذه المرحلة؟ الخطر في ما حدث يكمن في أنّ المجازر لم تحدث بعد سقوط النظام مباشرة، وردّة فعل على زواله، بل عندما كانت حكومة أمر الواقع هي المسؤولة عن أمن البلاد والعباد، وهناك من يتّهمها بأنها طرف شارك، بطريقة أو بأخرى، في هذه المجازر، فالفصائل “غير المنضبطة” التي أمعنت في القتل هي تشكيلات تتبع للحكومة. وقبل ذلك، كان الغرور قد أخذ بالحكومة في تعاطيها مع العلويين تحديداً، فلم تمتلك معرفة حقيقية بهم، ولا قدّرت أوضاعهم الاجتماعية.
سؤال آخر، نابع عن سؤال المخاطر: هل انتهت المسألة هنا؟ والجواب بالطبع: لا، بل بدأت بداية جديدة. فعدا عن أنّ الثقة قد فُقدت بين الحكومة وجماعة كاملة، فيها أغلبية وازنة من الراغبين بالاستقرار السياسي ومن كارهي آل الأسد، فاستمرار خطاب التبرير والإنكار لوقائع المذبحة، الذي يشمل شريحة غير صغيرة من مثقفين ونُخب، من محسوبين على الحكومة، أو متعاطفين معها، إنما يقول إنّ الضغينة والتمييز ليسا في طريقهما إلى الزوال. وما إنكار أو تسفيه ظاهر اختطاف فتيات علويات أخيراً إلا دليل آخر على ذلك. لقد تكرّس الشّرخ الاجتماعي بالدمّ، وهذا الشرخ هو، بلغة عزمي بشارة، من نُذر أزمة الدولة التي تهُزّ استقرارها، إن كنّا فعلاً في صدد بناء “دولة”.
العربي الجديد
————————————-
حول هلوسات رامي مخلوف
🔴 تبدو التصريحات الصادرة عن رامي مخلوف نابعة من ذاته فعلاً، رغم أنّها تفتقر إلى أيّ سند واقعي ملموس، فالكلام المبالغ فيه عن التواصل مع سهيل الحسن، وعن أرقام العتاد البشري، يعكس حالة من الهلوسة السياسية والدينية المتداخلة التي تطبع سلوك مخلوف منذ سنوات. هو يعيش عزلة متفاقمة ويحاول عبر خطاباته المتوترة، أن ينتزع لنفسه دوراً مفقوداً ولو على حساب المدنيين، ضمن ما يسميه “إقليم الساحل”، مستنداً على الأرجح إلى اتصالات ببعض الجهات الروسية المتمركزة في قاعدة حميميم.
🔴 ملاحظات لا بدّ من التوقف عندها، فقد نُقل عن الدكتور خالد الأحمد نشره تغريدة نفى فيها صحة منشور رامي مخلوف، مشيراً إلى تواصله المباشر معه. لكن المعطيات المتوفرة تشير إلى أنّ العلاقة بين الطرفين كانت قد انقطعت تماماً منذ الخلافات داخل الحزب القومي السوري، ما يجعل احتمال حصول تواصل أمراً مستبعداً. كما رُوّجت روايات عن سيطرة الأمن العام على صفحة مخلوف، وهي فرضيات تفتقر إلى المصداقية، إذ يظهر أسلوب تفكير وكتابة رامي مخلوف بوضوح في النص المنشور، بما يؤكد نسبته إليه.
🔴 على مستوى الأمن الميداني، لا خطر حقيقي يتهدد المدنيين في الساحل، إذ من غير المرجح تكرار سيناريوهات الهجمات أو الجرائم الجماعية، سواء بذريعة “الفلول” أو تحت غطاء الفصائل “غير المنضبطة”. فالسلطة الانتقالية تدرك تماماً أن السماح بأي انفلات أمني أو تشويه جديد لصورتها سيقوّض محاولاتها لبناء شرعية خارجية هشة، كما سيهدد استقرارها الداخلي، خصوصاً في بيئة اجتماعية متوترة بطبيعتها.
🔴 مشهدية هذه التصريحات يمكن اعتبارها مؤشر على ما أنتجته التحولات العميقة داخل شبكات المصالح والولاءات بعد سقوط نظام الأسد.
🔴 حتى اللحظة، لم تُسجل أي انسحابات عسكرية لفصائل قائمة في مناطق الساحل، رغم أنّ مؤشرات التحركات المحدودة قد تتزايد في الأيام المقبلة. في هذا السياق، لا بدّ من التذكير بما نقلته وكالة “تاس” حول اللقاءات الاستخباراتية بين موسكو ودمشق، التي تعكس سعياً روسياً إلى إدارة مرحلة ما بعد النظام المركزي عبر ترتيبات أمنية محلية، تضمن ضبط مناطق النفوذ وتفادي انزلاق الوضع نحو اضطرابات أكبر.
🔴 تتجه التصورات الروسية اليوم نحو فرض وصاية غير معلنة على الساحل السوري، تحت لافتة “حماية النسيج المجتمعي” ومنع خروج الوضع عن السيطرة. لكن في جوهرها، تسعى موسكو إلى تثبيت موطئ قدمها الاستراتيجي على الساحل، بما يحول دون تغلغل قوى إقليمية أخرى. فالحفاظ على الساحل السوري ضمن مجال النفوذ الروسي المباشر يُعد جزءاً من معادلة أوسع لإعادة رسم توازنات المنطقة.
🔴 رسالة رامي مخلوف ما هي إلا تحرك يائس لاستغلال هذه اللحظة، عبر محاولة تقديم نفسه للروس بوصفه “قائداً محلياً” قابلاً للتوظيف. غير أنّ الوقائع تشير إلى أنّ موسكو تتجه إلى التعامل مع الساحل كملف أمني مغلق بيدها، مع هامش محدود جداً لأي أدوار محلية مستقلة. عملياً، تشكّل اللقاءات الاستخباراتية الأخيرة بين دمشق وموسكو قاعدة متينة لضمان إبقاء الساحل خارج دائرة أي تصعيد أو فوضى محتملة.
مالك حافظ
————————-
«تجليّات» رامي مخلوف/ مشاري الذايدي
28 أبريل 2025 م
رامي مخلوف رجل النظام الأسدي الكبير – سابقاً – وابن خال بشّار الأسد الذي اختلف معه ومع زوجته أسماء، وسلخ ثنائي بشار – أسماء، منه كل مصالحه الاقتصادية العظمى، التي بناها بسبب كونه قريب الأسد وكان عضواً في النخبة الحاكمة.
رامي هذا نشر على «فيسبوك»، وهو لائذٌ حالياً بالساحل السوري، التالي:
«من رَحِم هذا الإقليم أعلنُ ظهور فتى الساحل المؤيد بقوةٍ من الله، لنصرة المظلومين، وتقديم يد العون للمحتاجين، فسيكون خادم العباد بأمر رب البلاد، فمن أراد معرفة المزيد فليبحث عنه بصدقٍ وتدقيقٍ».
من هو فتى الساحل هذا، وماذا سيفعل؟ يخبرنا «مولانا» رامي أن هذا المخلّص سـ«يغيّر المشهد السوري والمنطقة بأكملها، وسيقهر الظالمين ويذلّهم ويسحقهم، ويعزّ المظلومين وينصرهم ويرفعهم، والله على ما أقول شهيد. وكل ذلك من علم محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين، المدون منذ مئات السنين. فنحن أمة (اقرأ)، للأسف لا تقرأ».
رامي، بالجانب العملي، أخبرنا عن تشكيله قوات ضخمة، مع «أخيه النمر»، ويقصد العقيد سهيل الحسن، غرضها صون منطقة الساحل، وتقريباً استقلالها، لكن لم يفصح صراحة عن ذلك، ملوّحاً بالاستعانة بالروسي. لكن ما يهمّ هنا هو «تجليّات» الشيخ رامي الروحانية، والأدبيات القيامية والـApocalyptic.
مخلوف يغرف من معينٍ قديم، يشرب منه القانطون عند شُحّ الأمل وتملّح الحياة، حينها يكون المخلّص أو «فتى الساحل» مع رامي مخلوف، هو الأمل الحقيقي!
لدينا في تاريخ الساحل القريب رجل ذهب أكثر بهذا الدرب، وهو سلمان المرشد الذي نادى بنفسه مخلّصاً بل وصاحب نبّوة، وكوّن جيشاً وشرطة وإدارة، لكنه أعدم 1946 ليخلفه ابنه، مُجيب، ويكرّس «الديانة المرشدية» ويُعدم هو الآخر.
الحقُّ أن بلاد الشام وكذا العراق، في محيطنا العربي، طيلة التاريخ، منبعٌ لمثل هذه الملاحم والشخصيات الأسطورية، مُنتجة ومستهلكة في آنٍ واحد لأدب الملاحم والقياميات التاريخية، ويذكر المستشرق الألماني القديم فان فلوتن نماذج في العراق والشام، بعصرٍ مبكّر، مثل موسى بن الصحابي طلحة بن عبيد الله، وكذا ابن الأشعث، زمن الحجّاج بن يوسف، الذي كان ينادي بنفسه «القحطاني صاحب الزمان» وغيرهم كثير، كمحمد بن الحنفية… الذي كان متغيّباً بجبل «رضوى» في ينبع: «عنده عسلٌ وماء» كما قال كُثيّر عزّة.
في سوريا كانت وما زالت هذه الأدبيات فاعلة فعلها، مع السنة والشيعة والمسيحيين، وعلى ذكر السنة، فإن أدبيات «جبهة النصرة» و«داعش»، مُتخمة بالكلام عن صاحب «المنارة البيضاء» و«فاتح الشام» وغير ذلك كثير.
رامي وجماعته، لهم شركاء من طوائف أخرى في هذه السوق… القاتلة.
الشرق الأوسط»
—————————–
استعراض وقدرة مشكوك فيها.. ماذا وراء إعلان رامي مخلوف تشكيل قوة عسكرية؟/ ثائر المحمد
2025.04.28
أطلق رامي مخلوف، ابن خال رئيس النظام المخلوع بشار الأسد، إعلاناً مطولاً ومثيراً للجدل، تضمن تشكيل ما سماه “قوات النخبة”، التي قال إن تعدادها يقارب 150 ألف مقاتل مع قوة احتياطية مماثلة، لكن من حيث الجدية، أثار إعلان مخلوف تشكيل قوة بهذا الحجم شكوكاً واسعة، سواء من حيث الإمكانات اللوجستية أو السياسية أو حتى مدى قدرته الحقيقية على تحريك هذا العدد من العناصر، إذ لا توجد مؤشرات واقعية تثبت حتى الآن وجود كيان عسكري بهذا الحجم يرتبط به.
ويعزز ما سبق الانطباع بأن خطاب مخلوف أقرب إلى استعراض إعلامي يرمي إلى الضغط السياسي أكثر من كونه إعلاناً عن قوة جاهزة على الأرض. ومع ذلك، لا يمكن إغفال أن مخلوف يملك تاريخاً من النفوذ المالي والاجتماعي، لا سيما في الساحل السوري الذي يحاول استثارة مشاعره من خلال استحضار “المجازر” والحديث عن “حق الدفاع عن النفس”.
على مستوى الرسائل السياسية، عمل مخلوف على تمرير عدة رسائل متقاطعة عبر منشوره، أولها تحميل بشار الأسد مسؤولية مباشرة عن “تدهور سوريا وسقوطها”، وثانيها تقديم نفسه كبديل وطني حريص على المصالحة والتنمية، وثالثها محاولة استرضاء الروس بإعلان استعداده لوضع إمكانياته تحت إشرافهم المباشر. كما تضمن بيانه تلميحات إلى أنه لا يمانع في التواصل مع حكومة دمشق إذا كانت الغاية “حماية الإقليم الساحلي” وتوفير الأمن، في خطاب مزدوج يجمع بين المواجهة والانفتاح.
ماذا جاء في إعلان مخلوف؟
أعلن رامي مخلوف تشكيل قوات مسلّحة جديدة تحت مسمى “قوات النخبة”، زاعماً أن تعدادها يبلغ 150 ألف مقاتل مع قوة احتياطية مماثلة، إضافة إلى لجان شعبية تضم نحو مليون شخص.
ووصف مخلوف بشار الأسد بـ”الأسد المزيف”، متهماً إياه وعائلته بالتسبب بـ”سقوط سوريا” عبر إقصاء من وصفهم بـ”رجال الحق”، وعلى رأسهم ما يسمى “النمر” (سهيل الحسن)، مكرراً ادعاءاته السابقة بأنه كان سنداً للجيش والدولة قبل أن يتم عزله ومصادرة ممتلكاته.
وزعم مخلوف أن قواته تهدف إلى حماية “الإقليم الساحلي” السوري ومكافحة الفقر، داعياً إلى تعاون مشترك مع حكومة دمشق، في محاولة لتسويق مشروعه الجديد باعتباره “مبادرة للمصالحة والتنمية”.
وفي ختام بيانه، ناشد مخلوف روسيا لرعاية “الإقليم الساحلي”، مقترحاً وضع إمكاناته الاقتصادية والعسكرية تحت إشرافها، متحدثاً عن ضرورة التواصل مع حكومة دمشق لإيجاد صيغ عمل مشترك، في موقف يعكس تناقضاً بين ادعاءات التعاون وانتقاداته اللاذعة للحكومة.
وجهاء بستان الباشا يرفضون منشور رامي مخلوف
أصدر وجهاء وأهالي قرية بستان الباشا، مسقط رأس رامي مخلوف، بياناً رافضاً للرسائل والمنشورات الصادرة عنه، مؤكدين أن ما يصدر عن أي شخص فرّ خارج البلاد “لا يمثلهم ولا يعبر عن من ينتمي لتراب هذا الوطن”، بل يعبر فقط عن “أطماع قائله بدور يستجديه حتى لو تسبب بمزيد من الأذى والجروح لأبناء الساحل الطيبين الشرفاء”.
وجاء البيان عقب اجتماع عقده وجهاء القرية، حيث أكدوا رفضهم القاطع لأي طرح يؤدي إلى تفكك وحدة سوريا أرضاً وشعباً، وتمسكهم بالسلم الأهلي والإرادة السورية الخالصة.
ونشر مهيار بدرة، من وجهاء قرية بستان الباشا وعضو لجنة السلم الأهلي في المنطقة، البيان الذي جاء فيه أن أهالي القرية المقيمين فيها، ومن ضمنهم آل مخلوف، شاركوا في صياغة البيان الرافض لأي منشور صادر من الخارج يسبب مزيداً من الأذى لأبناء الساحل.
وشدد البيان على التزام أهالي بستان الباشا بتحقيق السلم الأهلي ووحدة سوريا أرضاً وشعباً، مؤكداً أن موقفهم هذا ثابت “سواء كان المنشور الذي تم تداوله مزيفاً أو حقيقياً، كائناً من كان مصدره”.
ما دوافع رامي مخلوف؟
اعتبر الباحث في الشأن الأمني والسياسي عبد الله النجار أن رسالة رامي مخلوف الأخيرة تمثل تحريضاً واضحاً على إشعال أعمال عنف جديدة في الساحل السوري، مشيراً إلى أن توقيت الرسالة ومضمونها يعكسان مستوى من “قلة الحياء والفظاظة”، بحسب وصفه، إذ يتفاخر مخلوف بمشاركته في دعم النظام المخلوع طوال السنوات الماضية إلى جانب شخصيات مصنفة كمجرمي حرب مثل سهيل الحسن.
وأوضح النجار أن رامي مخلوف كان أحد أبرز الداعمين لعصابات النظام خلال فترة الحرب، مستفيداً من ثرواته ورؤوس أمواله في الالتفاف على العقوبات الدولية المفروضة على الأسد، مشيراً إلى أن عائلة مخلوف، وعلى رأسها والده محمد مخلوف، لعبت دوراً محورياً في سرقة الاقتصاد السوري على مدار خمسين عاماً.
وأكد أن هذه الرسالة لم تصدر عن عبث، بل تأتي في سياق محاولات مخلوف للعودة إلى الواجهة، بعد أن كان والده أحد أعمدة الحكم إلى جانب بشار الأسد وعائلته.
ولفت الباحث في لقاء مع تلفزيون سوريا إلى أن حديث مخلوف عن تشكيل 15 فرقة بعدد يقارب 150 ألف مقاتل، إضافة إلى قوة احتياطية مماثلة ومليون شخص من اللجان الشعبية، يمثل محاولة مكشوفة لتزعم العلويين وتقديم نفسه كـ”وجه سياسي” للطائفة في مواجهة الحكومة، مشيراً إلى أن رامي مخلوف يحاول الإيحاء بأنه سيحمي العلويين ولن يدخل في أي تسوية مع السلطة قبل ضمان مصالحهم، وهو خطاب يتقاطع بشكل غير مباشر مع الطروحات الفيدرالية التي بدأت بالظهور مؤخراً في المشهد السوري.
وحذر النجار من خطورة تجاهل هذه التحركات، مبيناً أن بعض المعلومات التي انتشرت مؤخراً تتحدث عن محاولات لإثارة الفوضى في الساحل السوري، وأن الدولة اضطرت لنشر قوات إضافية لحفظ الأمن هناك، معتبراً أن رامي مخلوف لا يمتلك القدرة الذاتية على التنظيم أو قيادة هكذا عمليات معقدة، بل يعتمد على المال لربط بعض المجموعات الصغيرة، مؤكداً أن هناك دولاً إقليمية تدفع نحو استغلال هشاشة الوضع السوري، وأن مخلوف ليس إلا “واجهة لأجندات خارجية” تتحرك في الخفاء عبره.
“تخريف ولعب في الوقت بدل الضائع”
رأى الصحفي علي عيد أن المنشور الذي أطلقه رامي مخلوف يأتي في إطار السعي لتقسيم المجتمع السوري وإعادة إنتاج الاصطفافات الطائفية، لكنه شدد على أن الغالبية العظمى من أبناء الطائفة العلوية لا يعيرون أي اهتمام لما جاء في كلام مخلوف.
واعتبر عيد في لقاء مع تلفزيون سوريا أن الطائفة العلوية قد تم استغلالها طوال عقود من قبل عائلة الأسد، وتم الزج بها في صراعات لا تعبر عن مصالحها الحقيقية.
ولفت الصحفي إلى أن هناك معلومات تفيد بأن صفحة فيسبوك التي يستخدمها رامي مخلوف كانت قد أُسست في البداية لمصلحة ماهر الأسد عام 2012، قبل أن تُنقل لاحقاً إلى اسم رامي مخلوف في عام 2015، ما يعزز الشكوك بأن ما يحدث هو مجرد إعادة توزيع أدوار بين أجنحة النظام القديمة، ولعب “في الوقت بدل الضائع”.
ووصف عيد إعلان مخلوف عن تشكيل 150 ألف مقاتل من “قوات النخبة” وقوة رديفة مماثلة، إضافة إلى مليون من اللجان الشعبية، بأنه “تخريف”، معتبراً أن الأرقام غير منطقية عسكرياً أو ديموغرافياً، وتشبه محاولات لشد عصب بعض المجموعات الهامشية أو الخلايا النائمة أو الأفراد المنعزلين المتبقين في الجبال وبعض المناطق.
“مخلوف لا يملك رصيداً”
رأى الباحث النجار أن رامي مخلوف لا يمتلك اليوم أي رصيد شعبي بين أبناء الطائفة العلوية، مشيراً إلى أن أبناء الطائفة يحملونه، إلى جانب بشار الأسد، مسؤولية الأوضاع المتدهورة التي يعيشونها. وأكد أن مخلوف، برأيه، شخصية سقطت منذ زمن ولم يعد لها وزن حقيقي في المجتمع.
وأوضح الباحث أن هناك مجموعات من الفلول بحاجة إلى دعم مادي، وقد تمكن رامي مخلوف، بتوجيه من جهة خارجية لم يسمها، من ربط هذه المجموعات ببعضها البعض، متعهداً بتقديم الدعم المالي لها. وأشار إلى أن هذه المجموعات قادرة على خلق بعض الفوضى لفترة محدودة، لكنها غير قادرة على إحداث تغيير استراتيجي واسع.
ولفت إلى أن هذه المرحلة المؤقتة قد تشهد مصادرة الأصوات الحرة بين أبناء الطائفة، على غرار ما حدث في مناطق شرقي الفرات، حيث يصعب على أي كردي سوري التعبير بحرية عن رأيه، متوقعاً أن يحاول مخلوف الظهور أمام السلطات كـ”وصي” على الطائفة العلوية.
وبيّن الباحث أن مخلوف، رغم نبرة التصعيد في بيانه، حاول في نهايته الإبقاء على “شعرة معاوية”، عبر دعوته إلى وساطة من “الأصدقاء الروس”، وتقديم نفسه كحلقة وصل بين العلويين والسلطات.
وختم الباحث بالتأكيد أن الطائفة العلوية، مثلها مثل باقي مكونات المجتمع السوري، تزخر بقامات ثقافية وفكرية ووطنية تتجاوز بكثير عائلة مخلوف، التي قال إنها تورطت في الفساد ونهب مقدرات السوريين لعقود طويلة، مؤكداً أن السوريين اليوم بحاجة إلى بناء مستقبلهم بعيداً عن أسماء ارتبطت بتاريخ من الدم والسرقة.
تلفزيون سوريا
—————————————
عودة رامي مخلوف.. من رجل أعمال إلى زعيم مناطقي؟
27 أبريل 2025
كشف رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، عن عودته إلى الواجهة عبر دور مختلف، لا كواجهة اقتصادية كما كان سابقًا، بل كـ”قائد مناطقي” يسعى إلى إعادة رسم معادلة القوة في الساحل السوري، معلنًا عن تشكيل 15 فرقة عسكرية قوامها نحو 150 ألف مقاتل، إلى جانب فرق ولجان شعبية أخرى تحت شعار حماية “الإقليم الساحلي”، في خطاب طغى عليه الشحن الديني والمظلومية الاجتماعية.
وفي منشور مطوّل على منصة “فيسبوك”، كتب مخلوف أن “مشاهد مجزرة الساحل لم تفارقنا حتى يومنا هذا، وما زالت جثث شهداء المذبحة تتوافد على شواطئ البحار هنا وهناك، مشوهة الوجه، مقطوعة الرأس”، مشيرًا إلى أن المجازر المُرتكبة في الساحل السوري ستؤدي إلى “معجزة إلهية سيُقلَب عاليها سافلها، ويغير المشهد السوري والمنطقة بأكملها”.
ومثلما درجت العادة في منشوراته الأخيرة، أعاد مخلوف التذكير بخلافه مع الأسد الذي وسمه بـ”المزيف”، مشيرًا إلى أنه لو لم يبعده مع اللواء في نظام الأسد، سهيل الحسن، عن المشهد العام “لما سقطت سوريا”، وفق تعبيره، زاعمًا أن الدعم العسكري، بالإضافة إلى الاقتصادي والاجتماعي والإداري الذي وفره لنظام الأسد، منع “البلاد من الانهيار طيلة فترة الحرب”.
وادعى مخلوف في منشوره أنه شكّل بالاشتراك مع الحسن “15 فرقة، تعدادها قارب 150 ألف من رجال النخبة إلى جانب قوة احتياطية مماثلة بهذا العدد”، كما أضاف أنه تم العمل على تشكيل “لجان شعبية تصل إلى مليون شخص جاهزين لتلبية نداء الحق”، وتابع قائلًا “نحن شعب ظُلمنا في عهد النظام السابق، وذُبحنا في عهد النظام الجديد، فمن حقنا الدفاع عن أنفسنا بوجه كل من يأتي لذبحنا”.
وزعم ابن خال الأسد المخلوع أنه يمد يده “لكل السوريين من شمال البلاد إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها”، مدعيًا أنه “لا يسعى إلى الانتقام أو الاعتداء”، بل إلى “بداية عهد جديد قائم على الأخوة والمحبة والتسامح”. كما دعا إلى “التوحد لمحاربة الفقر والجوع”، مؤكدًا أهمية “إعادة بناء سوريا اقتصاديًا واجتماعيًا وعسكريًا”.
وحذّر مخلوف الحكومة السورية الجديدة من “فشلها في حماية المدنيين من الذبح والقتل والخطف”، مشيرًا إلى أن “مجزرة حمص شاهد على غياب الأمن”. ودعا إلى “التعاون لضمان الأمن، خاصة في إقليم الساحل”، مقترحًا “بداية عهد جديد عنوانه الأمن والأمان للجميع”، وربط أي تسوية لإعادة أعماله إلى سوريا بعودة الأمان إلى الساحل السوري، موكدًا على أن علم النظام السابق هو العلم الرسمي في الساحل.
وفي نهاية المنشور، أعلن عن ظهور “فتى الساحل المؤيد بقوةٍ من الله”، في إشارة إلى قيادته للمجموعات التي أعلن عن تشكيلها مع الحسن، مناشدًا المجتمع الدولي، وفي مقدمتهم روسيا بتقديم الحماية للساحل السوري، واضعًا “كل الإمكانيات الاقتصادية والعسكرية والشعبية تحت إشرافهم”، زاعمًا أن ذلك يضمن أنه “ليست غايتها الانتقام من أحد، وإنما حماية أهلنا في الإقليم الساحلي من أي اعتداء يتسبب بمجزرةٍ أخرى”.
بين وحدة وهمية ودعوات للحماية الدولية
يعود مخلوف في هذا المنشور إلى المشهد السوري، لا بوصفه رجل الأعمال النافذ، الخازن السابق لودائع الأسد، كما كان في مرحلة ما قبل الصراع، بل كـ”قائد مناطقي” يتبنى خطابًا تعبويًا محمّلًا بالرمزية الدينية والمظلومية الاجتماعية. يظهر مخلوف بمظهر من يسعى إلى “حماية الساحل” وإعادة “بناء الوطن”، متكئًا على خطاب يعيد صياغة الولاءات من دولة مركزية إلى روابط مناطقية، في سياق بالغ الهشاشة والاضطراب.
وفي منشوره الأخير عبر “فيسبوك”، ادعى مخلوف تشكيل قوات نخبة قوامها 150 ألف مقاتل مع قوة احتياطية مماثلة، إضافةً إلى تأسيس لجان شعبية مليونية، مقترحًا حماية “الإقليم الساحلي” بدعم خارجي. يكشف هذا الخطاب عن تحوّل خطير يتمثل بانتقال بعض النخب التقليدية من منطق الدولة الواحدة إلى فكرة الكيانات المحلية المحمية بقوى دولية، في ظل تصاعد التدخلات الروسية لإعادة هندسة خريطة السيطرة والنفوذ.
يحمل طرح مخلوف خطورة مزدوجة. فهو من جهة، يعزز النزعات المجتمعية الانفصالية عبر تحويل المخاوف المشروعة إلى مطالب مناطقية تهدد وحدة البلاد. ومن جهة أخرى، يفتح الباب أمام سابقة خطيرة تتيح لقوى محلية أخرى المطالبة بإدارات مستقلة بدعم خارجي، مما يعيد إلى الأذهان نماذج مأساوية مثل “لبنان الحرب الأهلية” أو “ليبيا الميليشيات”، حيث تغيب الدولة لصالح شبكات مناطقية مسلحة ومدعومة دوليًا.
ليس تفصيلًا ثانويًا
طلب مخلوف لرعاية روسية مباشرة ليس تفصيلاً ثانويًا. إذ إن روسيا، التي تسعى لحماية مصالحها في سوريا ما بعد الأسد، تجد نفسها أمام معضلة معقدة، وذلك عبر التزامها بضمان وحدة الأراضي السورية أو تحولها إلى شريكة ضمنيًا في تفكيكها عبر ترتيبات مناطقية. إذ إن القبول بدعم كيان محلي في الساحل قد يحفظ مصالحها الميدانية، لكنه يضرب جوهر الرؤية الروسية التقليدية لدولة سورية موحدة تحت وصاية مركزية.
في جميع الأحوال، يبدو واضحًا أن ابن خال الرئيس المخلوع لم يغادر ساحة السلطة فعليًا، بل أعاد تموضعه داخلها عبر خطاب ديني – اجتماعي – مناطقي جديد، يحاكي المزاج الشعبي المتأزم ويستثمر في مخاوف التفكك والانهيار، حيثُ يسعى إلى بناء شرعية موازية، تستند إلى العصبية المناطقية والشعور بالظلم.
إذ على الرغم من أن خطاب مخلوف يسوّق نفسه كرد فعل على الخوف والمعاناة، إلا أنه في جوهره يؤسس لمشروع تفكيك لا حماية. وبين بؤس الواقع وإغراء السيطرة المحلية، يكمن خطر فقدان الحلم السوري بوطن موحد، والانزلاق نحو مشاريع التجزئة المموهة تحت شعارات النجاة والمصالحة. وهنا تحديدًا، تكمن المفارقة الكبرى بين خطاب المصالحة المعلن، وحقيقة الانقسام الذي يحمله في طياته.
—————————-
==================