أفلام

Anora 2024

Anora 2024

“أنورا” لشون بيكر

الفيلم الأميركي الذي حصد السعفة الذهبية في الدورة الماضية من “مهرجان كان”، من تأليف وإخراج شون بيكر، يروي قصة بسيطة، عن حكاية حب لا تكتمل بين عاملة الجنس آني (ميكي ماديسون)، وبين ابن أحد الأثرياء الروس في زيارة للولايات المتحدة، فانيا (مارك إيدلشتاين). وتُذكّرنا ثيمة خيبة الأمل في الحب، على هذا النحو التراجيدي، بما حدث في فيلم آخر، عُرض هذه السنة، وإن لم يُستقبَل بالحفاوة الجماهيرية نفسها، أعني الجزء الثاني من فيلم “جوكر” Joker: Folie à Deux. من جانب تبدو خيبة الأمل أقرب الى حقبتنا، حيث لم نعد نحلم للفقيرة بأن تتزوج من الأمير، كما كان يحدث في ماضي الحكايات الخيالية، بل نحن جميعا أقرب ربما إلى النرجسية، إلى الاستمتاع العابر بالذات، والآخر، إلى حين.

على أي حال، يصعب القول إن هذه الثيمة الوحيدة لفيلم “أنورا”، ذلك أن مجموعة الموضوعات التي يمرّ بها الفيلم، إن شئنا تحليله على هذا النحو، تمرّ كذلك بالاندفاع الصبياني في اقتراف الحياة إلى حدودها القصوى، وهو ما ينطبق على آني ذات الثلاثة والعشرين عاما، وفانيا ذي الحادية والعشرين، الذي يسارع إلى تنفيذ كل ما يخطر بباله، بدافع من ثراء والده، وثقته ربما أنه سيفلت لاحقا من عواقب أفعاله، وهو كما يقول لآني في مشهد من الفيلم: “نعم، أنا سعيد، أنا دائما سعيد”.

    الفيلم يحدث حقا في ما وراء هذه الحكاية، وراء تلك الأسئلة، الاجتماعية منها والوجودية

ويتناقض هذا الشرط الوجودي في حياة فانيا، جذريا مع  طبيعة عالم آني، إذ يبدو لها الحب وسيلة لبدء حياة جديدة، وتذوق سعادة أخرى، هي كذلك سريعة الزوال لا ريب. ومع ذلك، فإن الفيلم يحدث حقا في ما وراء هذه الحكاية، وراء تلك الأسئلة، الاجتماعية منها والوجودية. تكمن قوة “أنورا” في أسلوبه السينمائي الذي يعتمد على إغراق المشاهد حتى أذنيه في الحكاية، ودفعه إلى أقصى حدّ الى تصديقها، والتماهي معها، حتى ربما وهو يعرف النهاية مقدما. تحقق هذا التأثير من بين عناصر أخرى، من خلال طريقة التصوير، التي تشبه الأفلام التسجيلية، والأداء التمثيلي الطبيعي والعفوي لفريق التمثيل، في مقدمهم ميكي ماديسون وكارون كاراجوليان (في دور توروس)، ويورو بوريسف (في دور إيغور). ثمة حيوية تسم الفيلم كله، تحققت من المراوحة بين التقطيع السريع في بعض المشاهد، والاستغراق المدقق في مشاهد أخرى، الموسيقى والأغنيات من جانب، وطبيعة عالم الجنس التجاري نفسه من جانب ثان، أو حتى كتجربة استطلاع يتعثر فيها الشاب الصغير. علاوة على الإضاءة المخاتلة التي ترسم ظلالا لسعادة الشابين في غرفة النوم، والصاخبة في علب الليل. تلك الأدوات السينمائية وغيرها، تخلق من “أنورا” تجربة غير متوقعة في المشاهدة، حتى وإن توقعنا النهاية نفسها. عندما تتخذ حياة آني منحى مأسويا، يصنع السيناريو مشاهد كوميدية، ويغرقنا في الضحك. حتى الأشرار في الفيلم، عصابة العائلة فأس الحقيقة الذي حطم أمل آني، يظهرون خفيفي الظل وإنسانيين.

ولعلّ المشهد الأخير في “أنورا”، بلقطته الختامية الطويلة، يعادل جمالا ومعنى، الفيلم كله تقريبا.

لمشاهدة الفيلم اتبع احد الرابطين التاليين

Anora 2024

Anora 2024

لمزيد من المعلومات عن الفيلم والممثلين والاخراج انظر الرابط التالي

https://www.imdb.com/title/tt28607951

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى