سقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعسياسة

سوريا حرة إلى الأبد: أحداث ووقائع 29 كانون الثاني

كل الأحداث والتقارير اعتبارا من 08 كانون الأول، ملاحقة يومية دون توقف تجدها في الرابط التالي:

سقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوع

——————————–

 ما الذي يريده أكراد سوريا؟ وهل لدى قسد مشروع وطني سوري؟

Jan 28, 2025  #الشرع #الجولاني #دمشق

تركز هذه الحلقة على الشؤون المتعلقة بالأكراد السوريين، فتسأل الباحث السوري الكردي شورش درويش: هل ربح الكرد بسقوط النظام؟ وما موقفهم من الإدارة الجديدة؟ ونبحث معه إمكانية دمج قوات سوريا الديمقراطية  -قسد  في الدولة السورية، وكذلك تركة مخيم الهول ومعتقلي تنظيم الدولة الاسلامية، والعلاقة مع الولايات المتحدة والتصريحات الإسرائيلية، وطروحات الفيدرالية واللامركزية وثنائية البرزاني وأوجلان.

كما تناقش الحلقة مع درويش أوضاع  قسد من عدة جوانب: مدى تمثيلها للكرد في البلاد في مقابل تراجع وزن القوى الأخرى، ونفوذ قيادات من جبل قنديل  في دائرة صنع القرار، وتمثيل قسد لغير الكرد في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

ومثلما نسأل ضيفنا عن جروح غائرة في الوجدان الكردي نتيجة انتهاكات ارتكبتها فصائل المعارضة السورية، نفتح معه كذلك ملف انتهاكات ارتكبتها قسد.

——————————-

 هل هناك طائفة سنيّة في سوريا؟ وهل يحتاجون لتطمينات؟ أم أن عليهم إجراء مراجعات أخلاقية وضميرية؟

يجيب الباحث والكاتب السوري أحمد أبازيد على أسئلة تتعلق بالطائفة السنية في سوريا اليوم، بداية من السؤال الأساسي: هل يمكن النظر إلى السنة كطائفة متماسكة؟ ومن هذا السؤال ننطلق إلى أسئلة أخرى: هل تحتاج هذه الطائفة إلى تطمينات بسبب ما حصل خلال سنوات الثورة أو حتى ما سبقها؟ ومن جهة أخرى هل على السنة إجراء مراجعات بسبب انتهاكات ارتكبتها فصائل وتنظيمات سنية؟ وما هي احتمالات تفجر صدام طائفي مجدداً؟ وكيف يرى أبازيد ما قد يوصف بأنه تسنين للدولة السورية اليوم؟ وما هو رأيه بقائد الإدارة الحالية أحمد الشرع؟ وهل كان يمكن لزهران علوش أن يكون في المكان نفسه اليوم لو يتم اغتياله؟

ناقشنا أيضاً مع ابازيد أوضاع الجنوب السوري في درعا والسويداء وما يتعلق بفصائل المحافظتين واحتمالات التدخل الإقليمية والتمدد الإسرائيلي إلى ما بعد مرتفعات الجولان.

——————————-

 في مقابلة خاصة قدري جميل يوضح بجرأة رؤيته للوضع الراهن في سوريا

—————————-

سورية… 50% انخفاضاً في أسعار بعض السلع

جلنار العلي

29 يناير 2025

شهدت أسواق سورية بعد فرار رئيس النظام المخلوع بشار الأسد، حركة غير اعتيادية وبضائع جديدة لم تشهدها في السابق وبأسعار مخفّضة بنسبة 35-50% عمّا كانت عليه، حسب ما صرّح به عضو غرفة تجارة دمشق ياسر اكريّم في تصريح لـ”العربي الجديد”.

وتحدث اكريّم عن انخفاض ملحوظ في نسبة التضخم بالأسواق، لكنه قال: “لا يمثل ذلك انعكاسات إيجابية واضحة على المواطن السوري طالما أن دخله بقي على حاله”، مرجعاً الحركة الكبيرة في الأسواق إلى قدوم الكثير من المواطنين من المناطق التي كانت محررة من سيطرة النظام في السابق، وعودة الكثير من المغتربين إلى منازلهم أيضاً، وهذا ما زاد نسبة الضخ النقدي في الأسواق، وخاصة من القطع الأجنبي، وإن لم يكن ذلك بشكل كاف، موضحاً أن إحداث تغيير حقيقي بالمنظومة الاقتصادية يتطلب أن يكون الدخل أعلى من الصرف، وهذا ما يطمح إليه المواطنون حالياً.

وبيّن اكريّم أن ما كان يحدث في الأسواق السورية ليس تضخماً له أسباب اقتصادية يمكن إيجاد حلول له، وإنما هو ارتفاع بالأسعار بشكل غير منطقي أو مفهوم، كان يصل في الكثير من الأعوام إلى 100%، نتيجة قوانين سياسية وإدارية خاطئة، منها منصة تمويل المستوردات وهي ما يمكن وصفها بأنها كانت كذبة كبرى و”تشبيح اقتصادي” على التجار وسرقة كبرى لرؤوس الأموال، حيث تبيّن أن هذه المنصة كانت تحتوي على مليارات الليرات السورية وملايين الدولارات، وقد كان القائمون عليها يتاجرون بأموال التجار بغرف مظلمة، إلا أن كل هذه الأموال لم يتم العثور عليها بعد سقوط النظام، وهذا ما يعني خسارة كبيرة للتجار.

وتابع: “تضاف إلى كل ذلك قلة المواد في الأسواق، لا سيما السلع الاستراتيجية، إذ لم يكن المخزون يكفي سوى لأشهر بسيطة”، متوقعاً أنه مع غزارة المواد في الأسواق واكتمال الدورة الاقتصادية بعد مضي الشهرين تقريباً، وفي حال تدارك التجار حركة الطلب والدخل، لن تكون البضائع عرضة لكسادها وهذا ما سيؤدي إلى حماية رأس المال.

فوضى في أسواق سورية

أما عن المشاكل التي تعاني منها الأسواق حالياً، فأشار أمين سر جمعية حماية المستهلك في دمشق وريفها عبد الرزاق حبزه، في تصريحه لـ”العربي الجديد”، إلى وجود انفلات كبير في الأسواق، وخاصة إذا تم الحديث عن انتشار البضائع مجهولة المصدر والماركات غير المعروفة سواء من تركيا أو إدلب أو العراق وغير ذلك، ويضاف إلى ذلك تعرض المواد الغذائية للشمس والغبار وغير ذلك، وعدم التعامل بشكل صحي مع تخزينها وعرضها، وهذا كان نتيجته حدوث الكثير من حالات التسمم في العاصمة دمشق وريفها.

ويرى حبزه أنه لا يمكن لوم المواطن كونه متعطشاً للبضائع الأجنبية في الأسواق، ولكن يمكن إلقاء اللوم على الجهات الرقابية في وزارتي التجارة الداخلية وحماية المستهلك، والصحة، نتيجة إهمال مراقبة الأسواق وأخذ عينات من البضائع الجديدة لإتلاف ما هو غير صالح للاستهلاك البشري منها، مطالباً بتفعيل عناصر الرقابة التموينية بآلية عمل جديدة، تبتعد عن الرشوى والابتزاز، وهو ما كان يعاني منه التجار وأصحاب البسطات في السابق، كما يشار هنا إلى ضرورة ضبط الحدود وتفعيل العناصر الجمركية عليها للحد من دخول مثل هذه البضائع إلى الأسواق.

—————————

تخفيف مشروط للعقوبات الأوروبية على سورية… إصلاحات وابتزاز وروسيا

محمد أمين

29 يناير 2025

ربطت دول الاتحاد الأوروبي، أول من أمس الاثنين، إثر اجتماع لها عُقد في بروكسل، مسألة استمرار تخفيف العقوبات عن سورية بعد سقوط نظام بشار الأسد، بعدم اتخاذ الإدارة الجديدة في دمشق “قرارات خاطئة”، وذلك بعد اتفاق وزراء خارجية الاتحاد على “خريطة طريق” لتخفيف هذه العقوبات، والتي كانت فرضت على نظام الأسد، ما يشي بأن الغرب الذي استخدم العقوبات للضغط على النظام المخلوع، بصدد استخدامها مرة أخرى للضغط على الإدارة الجديدة لضمان تعاونها في العديد من الملفات التي تهمّه.

سورية ممنوعة من “القرارات الخاطئة”

وأعلنت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد، كايا كالاس، إثر الاجتماع، عن إقرار خريطة طريق لتخفيف العقوبات المفروضة على سورية، وذلك خلال اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين في بروكسل. وأضافت أن “هذا من شأنه أن يعطي دفعة للاقتصاد السوري ويساعد البلاد على العودة إلى الوقوف على قدميها”. وكتبت كالاس في تغريدة على “إكس” إن الوزراء اتفقوا على “خريطة طريق” لتخفيف العقوبات على سورية، وأضافت: “نريد التحرك بسرعة، لكن يمكن التراجع عن رفع العقوبات إذا اتخذت قرارات خاطئة. وبالتوازي مع ذلك، سنعمل على زيادة المساعدات الإنسانية وجهود التعافي”. وأوضحت: “لكي نكون واقعيين، ينبغي أن تتشكل خطوتنا التالية وفقا لما يفعلونه (الحكومة السورية)”.

وكانت المسؤولة الأوروبية قد بيّنت قبيل الاجتماع أن الاتحاد الأوروبي مستعد لافتتاح بعثته في العاصمة دمشق بكامل طاقمها، مشيرة إلى أن الاتحاد يتابع عن كثب الأوضاع في سورية، ويتبنّى نهج “خطوة مقابل خطوة” حيال هذا البلد. من جهته، قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، إن “الاتحاد الأوروبي سيرفع أو يعلّق بعض العقوبات المحددة التي فُرضت على قطاعي الطاقة والنقل في سورية وعلى مؤسسات مالية مهمة لاستقرار البلاد المالي”. وأشار إلى أنه ينبغي مقابل تعليق العقوبات ضمان “انتقال سياسي جامع لكل السوريين والسوريات”.

ورحّب وزير الخارجية في حكومة تسيير الأعمال السورية أسعد حسن الشيباني بقرار الاتحاد الأوروبي، ووصفه بأنه “خطوة إيجابية”، مضيفاً في منشور على “إكس” أول من أمس: نتطلع أن ينعكس هذا القرار إيجابياً على جميع مناحي الحياة للشعب السوري ويؤمن التنمية المستدامة.

وكان الاتحاد الأوروبي فرض على نظام الأسد عقوبات اتخذت مسارين: الأول شمل الشخصيات الرئيسية في نظام الأسد، سواء التي أسهمت في القمع أو ساعدت على ذلك، حيث تمّ إدراج 289 شخصية و70 كياناً على قائمة العقوبات. أما المسار الثاني فشمل قطاعات اقتصادية كانت تساعد النظام المخلوع على تمويل عمليات القمع وخصوصاً النفط. كما فرض قيوداً على استخدام القنوات المالية العالمية وجمّد الأصول السورية ومنع تصدير التكنولوجيا إلى سورية، فضلاً عن منع الطائرات السورية من التحليق في الأجواء الأوروبية والهبوط في المطارات. ولعبت هذه العقوبات مع العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية (قانون قيصر) دوراً في الضغط على نظام الأسد المخلوع، إلا أنها تركت آثاراً سلبية جمّة على حياة السوريين وأدت إلى إنهاك اقتصادهم وتدني مستوى معيشتهم.

وفي السياق، وصف الباحث الاقتصادي يونس الكريم، في حديث مع “العربي الجديد”، العقوبات التي كان فرضها الاتحاد الأوروبي على نظام الأسد بـ”الذكية”، وشملت أركانه الذين ارتكبوا جرائم ومجازر بحق السوريين، وقطاعات كانت تمول الأعمال العسكرية بشكل مباشر مثل النفط والطيران. وأشار إلى أن رفعها أو التخفيف منها اليوم “يؤدي إلى سهولة وصول الأموال إلى سورية”، موضحاً أن هناك أموالاً للمصرف المركزي السوري محجوزة في المصارف الأوروبية. وأشار إلى أن رفع العقوبات الأوروبية “يسهم في توسيع استثناءات قانون قيصر الذي فرضته واشنطن قبل نحو خمس سنوات على النظام البائد”، لافتاً إلى أن “رفع العقوبات الاقتصادية سينعكس إيجاباً خصوصاً على قطاع الكهرباء وخدمات أخرى تقدمها الحكومة للمواطنين يُجبى منها رسوم تنعش الخزينة العامة للدولة”. ورأى أن على الحكومة الحالية تسليم السلطة لحكومة انتقالية “وإلا لن يقدم الأوروبيون أي مساعدة تذكر للبلاد”.

وتطالب الإدارة الجديدة في دمشق برفع هذه العقوبات وتلك التي فرضتها الولايات المتحدة لانتفاء الأسباب التي أدّت إليها بعد سقوط نظام الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، لا سيما أن استمرار هذه العقوبات يعد المعوّق الأكبر أمام تحريك عجلة الاقتصاد الذي يعد الركيزة الأهم للأمن والاستقرار الذي يفضي إلى عملية سياسية كاملة ومتوازنة.

مفهوم فضفاض

ويربط الغرب عموماً الانفتاح الاقتصادي والسياسي على سورية بالخطوات التي ستقوم بها الإدارة الجديدة حيال القضايا الأبرز المتعلقة بالانتقال السياسي ومحاربة الإرهاب ومعالجة ملف الأقليات في البلاد وضمان عدم تعرضها للاضطهاد، فضلاً عن ضمان حقوق المرأة في حكومة تشمل جميع السوريين. وتواصل الإدارة الجديدة منذ تسلمها مقاليد البلاد في ديسمبر الماضي، إرسال التطمينات حيال هذه الملفات كلّها، وتؤكد أنها بصدد الإعداد لحياة سياسية ديمقراطية لا تستثني أحدا. كذلك يدلي مسؤولون أوروبيون بين الفينة والأخرى بتصريحات تضع رفع العقوبات عن دمشق في مقابل استئصال الوجود الروسي في سورية، متمثلاً بقاعدتي حميميم الجوية وطرطوس البحرية.

ورأى الباحث الأكاديمي يحيى العريضي في حديث مع “العربي الجديد”، أن على دول الاتحاد الأوروبي توضيح ما تعنيه بـ”القرارات الخاطئة”، مضيفاً أن “سورية اليوم في حالة ركام اقتصادي واجتماعي تركتها المنظومة الاستبدادية وفرّت”. وأشار إلى أن الإدارة الجديدة أعلنت أن الحالة السياسية اليوم مؤقتة، وتبدي اهتماماً بالقضايا المعيشية والاستقرار الأمني في البلاد. 

في موازاة الشروط الأوروبية التي لم تُعلن بشكل واضح لرفع العقوبات عن سورية، يبدو أن الغرب يربط هذا الملف بطريقة تعاطي الإدارة الجديدة مع الوجود العسكري الروسي في سورية، والمتمركز حالياً في شرقي المتوسط وخصوصاً في قاعدة حميميم بريف اللاذقية وفي ميناء طرطوس. ومن الواضح أن الاتحاد الأوروبي بصدد استخدام العقوبات ورقة ضغط على الإدارة الجديدة في دمشق لإنهاء هذا الوجود. وفي هذا الصدد، نقلت وكالة “تاس” الروسية أول من أمس، عن مسؤول في الاتحاد الأوروبي، أن الاتحاد أبلغ الإدارة السورية الجديدة أن إنهاء وجود القواعد الروسية في سورية شرط أساسي لرفع العقوبات عن سورية. وأضاف أن الاتحاد “يتابع هذه المسألة من كثب”، موضحاً أنه “أبلغنا بالفعل السلطات السورية الجديدة أن عملية التطبيع تتوقف على إزالة جميع أشكال الوجود الأجنبي، سواء كان عسكرياً أو أي أذرع أخرى”.

ورأى الباحث السياسي أحمد القربي في حديث مع “العربي الجديد”، أن الوجود الروسي في سورية “مرتبط بعوامل عدة”، مستبعداً تمسك الأوروبيين بهذا الشرط. وأعرب القربي عن اعتقاده بأن أوروبا تضغط على روسيا من خلال الملف السوري. وتابع: أعتقد أن الوجود الروسي في ليبيا مؤرق للأوروبيين أكثر من وجوده في سورية. ورأى أن قرار الإدارة الجديدة في سورية حول الوجود الروسي سيكون مرتبطاً بتوجهها الاستراتيجي حول تسليح الجيش السوري المقبل، ورأى أن “هذا الجانب جوهري”، وأن “المؤشرات تشير إلى أن الإدارة لن تعمل على إخراج الروس بشكل كامل من البلاد، لذا أعتقد أنها لن ترضخ للرغبة الأوروبية لأن العلاقة مع موسكو أبعد من وجود عسكري داخل قاعدة”.

يذكر أن وفداً رفيعاً من وزارة الخارجية الروسية، زار أمس الثلاثاء دمشق، برئاسة المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف لإجراء محادثات بشأن مستقبل الوجود العسكري الروسي في سورية. وكان نظام الأسد منح الجانب الروسي امتيازات عسكرية واسعة في البلاد لضمان استمرار دعم موسكو له للبقاء في السلطة. وألغت الإدارة الجديدة في سورية قبل أيام عقداً مع شركة روسية لإدارة وتشغيل ميناء طرطوس (غربي البلاد) وقِّع في عهد الأسد. ونقلت وسائل إعلام محلية عن مدير جمارك طرطوس رياض جودي قوله إن عقد الاستثمار ألغي بعدما فشلت شركة “إس تي جي سترويترانسغاز” الروسية في الوفاء بشروط الصفقة المبرمة عام 2019 التي تضمنت استثمارات في البنية التحتية.

——————————–

جثث متفحمة ومتآكلة.. الدفاع المدني السوري يكتشف مقبرة جماعية في سبينة بريف دمشق

2025.01.29

عثر الدفاع المدني السوري على بقايا متفحمة لما لا يقل عن 26 جثة داخل مقبرة جماعية في قبوين منفصلين بمنطقة سبينة بريف دمشق، تضم رجالاً ونساءً وأطفالاً تحمل آثار جروح ناجمة عن طلقات نارية وحروق.

واستخرجت كوادر للدفاع المدني بقايا هياكل عظمية مجزأة ومتآكلة ومتفحمة من قبو عقارين في بلدة سبينة، وقاموا بتوثيق البقايا وترميزها قبل وضعها في أكياس الجثث، وتم نقلها بعد ذلك لتحديد هوية أصحابها، وفق ما نقلت وكالة “أسوشيتد برس”.

وقال عبد الرحمن المواس، أحد أفراد فرق الدفاع المدني، إنه منذ 28 تشرين الثاني، اكتشف فريق الخوذ البيضاء أكثر من 780 جثة، معظمها مجهولة الهوية، مضيفاً أن العديد منها عُثر عليها في قبور اكتشفها السكان المحليون أو حفرتها الحيوانات.

وأشار المواس إلى أنه يتم نقل الجثث إلى أطباء الطب الشرعي لتحديد هويات أصحابها ووقت الوفاة وسبب الوفاة، وكذلك مطابقتها مع أفراد الأسر المحتملين، مشيراً إلى أن هذا الأمر يتطلب سنوات من العمل.

الجثث موجودة منذ 2016

وقال محمد الحرفي، أحد سكان المبنيين اللذين تم العثور فيها على المقبرة، إن رائحة الجثث المتحللة كانت منتشرة في البناء عندما عادت عائلته إلى منزلها في سبينة في العام 2016، بعد فرارها من المنطقة بسبب القتال.

وذكر الحرفي أنهم عثروا على الجثث في الطابق السفلي للبناء، لكنهم اختاروا عدم الإبلاغ عن ذلك خوفاً من انتقام نظام الأسد، موضحاً “لم نتمكن من إخبار النظام بذلك، لأننا نعلم أنه هو من فعل ذلك”.

وقال عمار السلمو، أحد أفراد الدفاع المدني إن هناك حاجة إلى مزيد من التحقيقات لتحديد هوية الضحايا، مشيراً إلى أنه “نحن بحاجة إلى شهادات من السكان وغيرهم ممن قد يعرفون من بقوا عندما اشتد القتال في عام 2013”.

وقال محمد شبات، وهو أحد سكان المبنيين اللذين عُثر فيهما على المقبرة، إنه غادر الحي في العام 2012 وعاد في العام 2020، حيث اكتشف حينئذ مع جيرانه الجثث وطالبوا بإزالتها، لكن لم يستجب أو يتعاون أحد معهم في ذلك.

ووفق شبات، فإن الضحايا في المقبرة كانوا من المدنيين الذين فروا من حي العسالي القريب عندما تصاعد القتال، وفرض نظام الأسد حصاراً على المنطقة في عام 2013.

وأكد شبات أن قوات نظام الأسد كانت “تحاصر الناس في الأقبية وتحرقهم بالإطارات وتترك جثثهم”، مشدداً على أن “هناك العديد من الأقبية مثل هذا، مملوءة بالهياكل العظمية”.

وأمس الثلاثاء، أصدرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا تقريراً أكدت فيه أن نظام الرئيس المخلوع، بشار الأسد، مارس أسوأ الانتهاكات المنهجية للقانون الدولي والجرائم ضد الإنسانية عبر الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري.

وفي تقريرها، شددت اللجنة على أن “معاناة عشرات الآلاف من العائلات التي لم تعثر على أقاربها المفقودين بين السجناء المفرج عنهم ما تزال مستمرة”، مؤكدة أن “اكتشاف مقابر جماعية إضافية دفع العديد من العائلات إلى استنتاج الأسوأ”.

وسلطت لجنة التحقيق الدولية الضوء على الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لحماية الأدلة والمحفوظات ومواقع الجرائم، بما في ذلك المقابر الجماعية، إلى أن يتمكن الخبراء من الكشف عليها وإجراء عمليات استخراج الرفات للقيام بفحوصات الطب الشرعي عند الحاجة.

————————-

الإدارة السورية: على روسيا معالجة أخطاء الماضي واحترام إرادة الشعب السوري

2025.01.29

قالت الإدارة السورية الجديدة إن استعادة العلاقات مع روسيا يجب أن تعالج أخطاء الماضي وتحترم إرادة الشعب السوري.

وفي بيان لها عن زيارة الوفد الروسي إلى دمشق، أوضحت الإدارة السورية أن المناقشات “تركزت خلال الاجتماع على قضايا رئيسية، بما في ذلك احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها”.

وأضاف البيان أن الجانب الروسي “أكد دعمه للتغييرات الإيجابية الجارية حالياً في سوريا”، مضيفاً أن الحوار “سلط الضوء على دور روسيا في إعادة بناء الثقة مع الشعب السوري من خلال تدابير ملموسة مثل التعويضات وإعادة الإعمار والتعافي”.

وأشار البيان إلى أن الجانبين “شاركا في مناقشات حول آليات العدالة الانتقالية التي تهدف إلى ضمان المساءلة وتحقيق العدالة لضحايا الحرب الوحشية التي شنها نظام الأسد”.

وأكدت الإدارة السورية الجديدة “التزامها بالتعامل مع جميع أصحاب المصلحة بطريقة مبدئية لبناء مستقبل لسوريا متجذر في العدالة والكرامة والسيادة”، مشددةً على أن “استعادة العلاقات يجب أن تعالج أخطاء الماضي وتحترم إرادة الشعب السوري وتخدم مصالحه”.

ووصل، صباح أمس الثلاثاء، نائب وزير الخارجية الروسي ومبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط، ميخائيل بوغدانوف، إلى العاصمة السورية على رأس وفد رفيع من وزارة الخارجية الروسية، ضم المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون التسوية السورية، ألكسندر لافرنتييف، وممثلين عن مختلف المؤسسات الحكومية السورية، وأجرى مباحثات مع الإدارة السورية الجديدة.

وأكد بوغدانوف أن المباحثات التي أجراها الوفد الروسي في دمشق مع قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، كانت “بناءة وإيجابية”، مشيراً إلى أنه لا تغيير على وضع المنشآت الروسية في سوريا.

وذكر بوغدانوف أنه “تميز الحوار بطابع بنّاء وعملي، وجرى التأكيد على الطابع الودي لعلاقات الصداقة بين بلدينا منذ حصول سوريا على الاستقلال بعد الحرب العالمية الثانية، وأكدنا على التعامل المبدئي الثابت في العلاقات بين بلدينا والتي تتميز بطابع استراتيجي وتهدف للحفاظ على وحدة واستقلال الجمهورية العربية السورية”.

وأوضح مبعوث الرئيس الروسي أنه “أكدنا أن الأحداث التي عاشتها سوريا في السنوات الأخيرة، والتغير الذي حصل في قيادة البلاد، لن تبدل طبيعة العلاقات بين بلدينا”، مؤكداً أن روسيا “جاهزة دوماً للمساعدة وتقديم العون في استقرار الأوضاع والوصول إلى حلول مناسبة لمختلف المشكلات الاقتصادية والاجتماعية”.

———————————–

إعادة هيكلة وانتخابات.. مبادرة جديدة لإصلاح نقابة الفنانين في سوريا

2025.01.29

كشفت مبادرة “معاً لإنقاذ نقابتنا” خلال مؤتمر صحفي عُقد في دمشق، عن خططها لإصلاح نقابة الفنانين في سوريا، وذلك بمشاركة عدد من الممثلين البارزين.

وتهدف المبادرة إلى إعادة هيكلة النقابة من خلال انتخابات نزيهة وتشكيل مجالس جديدة تعبّر عن تطلعات الفنانين السوريين.

وأعلن الممثل تيسير إدريس، في أثناء تلاوته للبيان الصحفي، أن المبادرة قدّمت اقتراحاً رسمياً إلى وزارة الثقافة بصفتها المشرفة على النقابة، ووافقت الوزارة على خطة تشكيل لجنة تسيير أعمال بصلاحيات مؤقتة لإدارة النقابة حتى إجراء انتخابات شفافة.

وأوضح “إدريس” أن المجلس القادم سيركز على تعديل “القانون رقم 40” والنظام الداخلي للنقابة، لضمان تمثيل أفضل لأعضائها، بحسب صحيفة “الحرية”.

من جانبه، قال الممثل قاسم ملحو إنّ المبادرة تحظى بدعم كبير، حيث انضم إليها أكثر من 1100 فنان، منهم 650 وقعوا رسمياً على المبادرة.

وانتقد “ملحو” الأسلوب التقليدي في إدارة الانتخابات، مشيراً إلى ضرورة إنهاء سيطرة الأفراد على قرارات النقابة وفتح المجال أمام مشاركة أوسع.

المخرج باسل يوسف، قال إنّ “المبادرة تواصلت مع نخبة من القامات الفنية مثل منى واصف وعباس النوري لاختيار أعضاء لجنة تسيير الأعمال، بهدف قيادة النقابة في المرحلة الانتقالية”.

وأشار الممثل رمزي شقير إلى أن اللجنة ستعمل على تفعيل الأرصدة المجمدة لدى البنك المركزي لتوفير الرواتب والضمان الصحي، إضافة إلى إعادة إطلاق المهرجانات السينمائية والثقافية وإحياء النشاطات الفنية في كل المحافظات.

واختُتم المؤتمر بدعوة جميع الفنانين للالتفاف حول المبادرة ودعم جهودها لتحسين أوضاع النقابة، مع التأكيد على أن أعضاء المبادرة لن يترشحوا للانتخابات المقبلة، بل سيرسّخون جهودهم لدعم اللجنة الانتقالية لتحقيق أهدافها.

————————-

منظمة “التحالف السوري الأميركي” تصدر بياناً بعد لقائها بالشرع.. ماذا تضمن؟

2025.01.29

أصدرت منظمة “التحالف السوري الأميركي للسلام والازدهار” بياناً صحفياً تناول تفاصيل اجتماع وفدها النسائي مع أحمد الشرع، بحضور شخصيات بارزة، لبحث تعزيز التماسك الاجتماعي، ودعم الأسر المتضررة من النزاع، ورفع العقوبات عن سوريا.

ووفقاً للبيان، ركّز الاجتماع على أهمية التكنولوجيا في إعادة الإعمار، وتوثيق الإصلاحات المدنية لتعزيز المصداقية.

وناقشت المشاركات ملفات التعليم، والاقتصاد، وحقوق الإنسان، والإصلاحات المدنية، إلى جانب مبادرات لتعزيز الوحدة الوطنية، وسط تأكيد على أهمية التعاون الدولي والدبلوماسي لتحسين الأوضاع في سوريا.

بيان صحفي

وأكدت الدكتورة سارة القرف أهمية دعم النسيج الاجتماعي السوري، موضحة أن التماسك الوطني هو الأساس لإعادة بناء سوريا.

وأضافت: “يجب إنشاء صناديق وطنية لدعم الأسر المتضررة، إلى جانب منح مالية وبرامج تدريبية توفر فرص عمل وتحفز الاقتصاد المحلي”، مشددةً على ضرورة تقديم تسهيلات تعليمية وصحية تشمل جميع السوريين، لضمان بيئة اقتصادية واجتماعية مستقرة.

رفع العقوبات عن سوريا.. جهود دبلوماسية دولية

من جهتها، استعرضت السيدة هند الحناوي استراتيجيات جديدة لتعزيز جهود رفع العقوبات الدولية عن سوريا، مؤكدة أن تحسين صورة سوريا في المحافل الدولية يتطلب حملة دبلوماسية مكثفة لتغيير التصورات السلبية حول الوضع السوري.

وشددت الحناوي على أهمية توثيق الانتهاكات والأحداث عبر أدوات رقمية مثل “Syria Tracker” و”Humanitarian Tracker”، بهدف تقديم صورة دقيقة وموضوعية عن الأوضاع في سوريا أمام المجتمع الدولي، مما يعزز موقف السوريين في المحافل الحقوقية والدبلوماسية.

دور التكنولوجيا في إعادة الإعمار

وركّزت السيدة رن هاشم على الدور الحيوي للتكنولوجيا في إعادة بناء سوريا، مشيرة إلى أن الابتكار الرقمي يمكن أن يساعد في تجاوز العقبات الاقتصادية، وتعزيز الإنتاجية وخلق فرص عمل جديدة، مما “يسرّع عملية التعافي الاقتصادي”.

بيان صحفي

بدورها، سلطت السيدة عبلة عليان الضوء على أهمية توثيق الإصلاحات المدنية لتعزيز الشفافية والثقة بين المواطنين والمجتمع الدولي، كما أكدت على ضرورة تبني سياسات حكومية أكثر شفافية لضمان تحقيق التغيير الإيجابي على الأرض.

ووفقاً للبيان، أبدى أحمد الشرع تجاوباً مع المقترحات المقدمة خلال الاجتماع، مشدداً على أهمية تعزيز الدور المدني في بناء سوريا المستقبل، مع التأكيد على أن التماسك الوطني هو مفتاح تحقيق الاستقرار وإعادة بناء سوريا على أسس قوية.

————————–

لإعادة بناء حياتهم.. غراندي يدعو المجتمع الدولي لدعم السوريين

2025.01.29

دعا المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم للشعب السوري لمساعدته على بناء حياته من جديد.

وقال غراندي في تغريدة على منصة “إكس” إنه التقى خلال زيارته لمدينة حلب مع بعض السوريين العائدين إلى بلادهم بعد سقوط نظام الأسد وتحدث معهم عن التحديات التي يواجهونها.

وأشار المفوض الأممي إلى أن السكان وخاصة النازحين واللاجئين العائدين إلى بلادهم بحاجة إلى مساعدات منقذة للحياة مثل المأوى.

وأضاف: “لكن لإعادة بناء حياتهم، هم يحتاجون إلى أكثر من ذلك، هم بحاجة إلى توفير فرص العمل، والرعاية الصحية، والمدارس، والخدمات.. هناك شعور حقيقي بالأمل، لكن الحفاظ عليه يتطلب جهداً عالمياً”.

ويوم السبت الماضي، زار غراندي سوريا والتقى مع قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع، ووزير الخارجية أسعد الشيباني، وبحث معهما الجهود المشتركة لتعزيز عودة اللاجئين والتحديات المرتبطة بهذا الملف.

لحظة محورية

وصف غراندي في بيان عقب زيارته لسوريا، اللحظة التي تمر بها البلاد بأنها “محورية، ويتعين على العالم أن يتحرك فيها لدعم تعافيها”، مؤكداً أن التعاون بين الدول المجاورة والجهات المانحة والإدارة الجديدة “ضروري لتحقيق السلام والاستقرار الذي تشتد الحاجة إليه في سوريا والمنطقة بكاملها”.

وقال: “يتعين علينا اغتنام هذه الفرصة الحاسمة لمساعدة البلاد على الخروج من سنوات من الأزمة وسفك الدماء”، مضيفاً أن “العديد من الأسر تتخذ خطوة شجاعة بالعودة إلى ديارها، راغبة في مستقبل أفضل، لكنها تواجه صعوبات هائلة، مثل المنازل المدمرة والمتضررة، والبنية التحتية المحطمة وفقر واسع النطاق”.

وناشد المفوض السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات “جريئة وحاسمة” لمساعدة السوريين في إعادة بناء بلادهم، ودعم السوريين النازحين واللاجئين في العودة إلى ديارهم.

—————————–

الحركة النسوية السورية”.. ما الخطوة التالية بعد سقوط الأسد؟/ شام مصطفى

29/1/2025

دمشق – تنفرد الحركة السياسية النسوية السورية، بوصفها تنظيما لديه حضوره على الأرض، بتمثيل التيار النسوي ووجهة النظر النسوية في سوريا بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

والحركة واحدة من العديد من الأجسام السياسية السورية التي تمكنت، بعد 60 عاما من حظر العمل السياسي على التيارات المناوئة لسلطة النظام السابق، من استئناف نشاطها من داخل سوريا بما في ذلك عقد مؤتمرها الصحفي الأول في دمشق يوم 8 يناير/كانون الثاني الجاري.

ويجمع خبراء سياسيون على أن النسوية السياسية عادة ما تكون تنظيما أو حراكا أو حزبا سياسيا في دولة من دول العالم يدفع عموما باتجاه ضمان تمثيل النساء في المناصب السياسية في الدولة، وضمان مشاركتهن في الحياة العامة، وتعديل القوانين لتحقيق المساواة والعدالة الجندرية.

فما أهداف هذه الحركة في سوريا؟ وما مشروعها السياسي؟ وما خطوتها التالية بعد المؤتمر الذي عقدته مؤخرا؟

التأسيس والأهداف

عُقد المؤتمر التأسيسي للحركة السياسية النسوية السورية في أكتوبر/تشرين الأول 2017 في باريس، وكانت الفكرة من تشكيل هذا الجسم السياسي، كما تقول وجدان ناصيف، هي “تأسيس كيان يعبر عن الحاجة لتيار سياسي نسوي يدفع بنساء سوريات إلى المشاركة بالعملية السياسية التي كانت قائمة في ذلك الوقت”.

وتضيف عضوة الأمانة العامة بالحركة في حديث مع الجزيرة نت “وأعتقد أننا نجحنا في ذلك؛ ففي مؤتمر “الرياض 2″ استطاعت النساء مناصرة ودعم بعضهن بعضا وسجلن مشاركة جيدة في ذلك الاجتماع”.

وحسب ناصيف، فإن حركتهم تيار سياسي يسعى أعضاؤه وعضواته للوصول إلى دولة المواطنة المتساوية، والدولة الديمقراطية التعددية التي تحفظ حقوق المواطنين بغض النظر عن دينهم أو طائفتهم أو قوميتهم أو جنسهم.

وتعلن الحركة عن التزامها بعدد من الأهداف والمبادئ، أبرزها:

    الالتزام بالتغيير الجذري لبنية النظام الاستبدادي في سوريا إلى الدولة الديمقراطية التعددية.

    الالتزام بالحل السلمي والسياسي في سوريا.

    رفع تمثيل النساء إلى نسبة لا تقل عن 30% في جميع مراكز صنع القرار.

    المحاسبة والعدالة الانتقالية جزء لا يتجزأ من الانتقال السياسي لتحقيق سلام شامل عادل مستدام، بتقديم كل من تلوثت يداه بدماء الشعب السوري إلى العدالة.

    تُحكم المرحلة الانتقالية بمبادئ دستورية متوافقة مع منظور الجندر وتكون أساسا للدستور الدائم الذي ينص على وحدة سوريا أرضا وشعبا، وسيادتها واستقلالها، وسيادة القانون وتداول السلطة وفصل السلطات وإقرار حقوق الإنسان والمساواة.

وتؤكد رويدا الحرفوش، عضوة مؤسسة في الحركة وعضوة الهيئة العامة فيها، أهمية وحدة سوريا والمبادئ الدستورية التي يمكن أن تضمن تماسك الدولة، وتؤسس للسلام المستدام في المستقبل؛ لأن الدستور هو الذي يرسم ملامح الحكم وسماته وسمات الدولة.

وتشير إلى أهمية أن تبقى “الأعين مسلطة على الدستور خلال المرحلة المقبلة لئلا تذهب جهود الثورة، ومعاناة السوريين والسوريات على مدى 14 عاما سدى”.

وقالت الحرفوش للجزيرة نت إن الحركة تدفع باتجاه دستور يضمن المواطنة المتساوية للسوريين والسوريات ويحقق العدالة.

الأنشطة

وإلى جانب الأهداف والرؤية السياسية التي تسعى الحركة إلى تحقيقها، هناك أنشطة بحثية وأخرى “تشاورية وطنية” تقوم بها بالتوازي مع العمل السياسي.

وعن تلك الأنشطة تقول الحرفوش إن القضايا السورية شائكة ومتنوعة، ومن ثم فإن كل قضية تتطلب العمل عليها من أكثر من زاوية.

وأوضحت أن العمل على الأوراق البحثية (السياساتية) التي تبنى عليها مواقف الحركة قادتهم إلى البدء بحوارات للوصول إلى توافقات مع المعارضة السياسية قبل سقوط النظام سواء في المسار الرسمي أو غير الرسمي، في وقت يتطوّر فيه نشاط الحركة على الأرض إذ أقامت الحركة ندوات حوارية عدة كان آخرها في محافظة السويداء الأسبوع الماضي.

هذه الندوات تجد القيادية في الحركة أن الهدف منها هو “إشراك عضواتنا في سوريا في مختلف المناطق لمناقشة أهم القضايا وأكثرها إلحاحا مثل: السلم الأهلي، والهوية الوطنية، وبحث الخطوات القادمة للوصول بسوريا إلى نظام حكم ديمقراطي تضميني وتشاركي”.

الخطوة التالية

وعن الخطوة التالية للحركة بعد مضي نحو شهرين على سقوط النظام السابق، تشير الحرفوش إلى أن عضوات الحركة يقُمن حاليا بجولات لاستكمال المشاورات مع الجهات السياسية والمدنية في البلاد.

وعن أولويات الحركة، ترى عضوة الأمانة العامة أنها تكمن في الوقت الراهن بالتركيز على المبادئ الدستورية التي تضمن السلام المستدام في سوريا، “وهذا لا يمكن أن يتحقق من دون مشاركة جميع الفئات من النساء والشباب والكتل السياسية الديمقراطية والمجتمع المدني في المؤتمر الوطني المنتظر الإعلان عنه”.

وتؤكد القيادية في الحركة أن الإدارة الجديدة في دمشق لم تستجب لطلب الحركة لقاءها، ولم يحضر ممثلون عنها المؤتمر الصحفي للحركة رغم توجيه دعوة رسمية للإدارة بالحضور.

وبالنسبة لتحوّل الحركة إلى حزب في المستقبل، تقول الحرفوش إن ذلك يعتمد على أمرين، أولهما أن الحركة تنتظر قانون أحزاب جديدا ضمن الدستور المرتقب. وثانيهما أن قرار التحوّل إلى حزب يحتاج إلى إجماع الهيئة العامة للحركة على ذلك بالتصويت.

مواجهة التهميش

من جهتها، ذكرت الشابة زينة غيبة أن انضمامها إلى الحركة كان بسبب تبنّي الحركة “الليبرالية الاجتماعية” وتسهيلها تحقيق أهداف تتعلق بحقوق المرأة والديمقراطية.

وقالت للجزيرة نت إن “انضمامي للحركة فرصة لأتعلم كيف يفكر الأشخاص الذين يتبنّون الأفكار التي أؤمن بها، ولماذا يتبنونها، وكذلك لأفهم المختلفين عني وأتعرف على وجهات نظرهم”.

وعن اختلاف هذه الحركة عن غيرها من الأجسام السياسية، أوضحت غيبة أن “النساء اللواتي يتحدثن في السياسة قلة، وأنا أحب أن أستمع إليهن وأتعلم منهن؛ فنحن النساء نواجه تهميشا أو استخفافا لمجرد أننا نساء. ولذلك وكوني شابة، فقد تعلمت من النساء داخل الحركة كيف يواجهن هذه التحديات وكيف يتعاملن معها”.

وكان ممثلون عن أجسام سياسية سورية، إضافة إلى العديد من المنظمات النسائية والنسوية والهيئات المدنية الفاعلة في سوريا؛ حضروا المؤتمر الصحفي الأول الذي عقدته الحركة في الثامن من الشهر الجاري تحت عنوان “بيان الحركة السياسية النسوية السورية”.

المصدر : الجزيرة

—————————–

هيئة البث: إسرائيل قلقة من اعتزام ترامب سحب آلاف القوات من سوريا

تل أبيب: قالت هيئة البث العبرية الرسمية، الثلاثاء، إن إسرائيل “قلقة” من اعتزام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سحب الآلاف من قوات بلاده في سوريا.

وذكرت الهيئة أن “مسؤولين بارزين في البيت الأبيض نقلوا رسالة إلى نظرائهم الإسرائيليين تفيد بأن الرئيس ترامب، يعتزم سحب آلاف القوات الأمريكية من سوريا”.

وأوضحت أن “انسحاب القوات الأمريكية من سوريا سيثير قلقا بالغا في تل أبيب، ومن المتوقع أن تؤثر تلك الخطوة أيضا على الأكراد في سوريا”.

(الأناضول)

—————————–

إعلام إسرائيلي: ترامب يعتزم سحب القوات الأميركية من سوريا وتل أبيب قلقة

28/1/2025

كشفت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية مساء الثلاثاء عن أن مسؤولين بارزين في البيت الأبيض نقلوا رسالة إلى نظرائهم الإسرائيليين تفيد برغبة الرئيس دونالد ترامب سحب آلاف القوات الأميركية من سوريا.

وأوضحت هيئة البث الإسرائيلية أن انسحاب القوات الأميركية من سوريا سيثير قلقا بالغا في تل أبيب، ومن المتوقع أن تؤثر تلك الخطوة أيضا على الوحدات الكردية في سوريا وفق تعبير المصدر.

في المقابل قال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن قواته ملتزمة بهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية واستمرار دعم “قوات سوريا الديمقراطية” ومكافحة الإرهاب.

وذكرت صحيفة واشنطن بوست قبل أيام أن حوالي ألفي جندي أميركي لا يزالون في شرق سوريا، يتعاونون مع القوات الكردية السورية في مهمة تهدف -حسب المسؤولين الأميركيين- لمنع عودة تنظيم الدولة الإسلامية والحد من النفوذ الإيراني في سوريا، ولكن مستقبل هذا الوجود أصبح موضع شك، لأن هيئة تحرير الشام أعربت عن رغبتها في رؤية جميع القوات الأجنبية تغادر.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد حاول سحب جميع القوات من سوريا في عام 2018 خلال فترة ولايته الأولى، مما دفع وزير الدفاع السابق جيم ماتيس إلى الاستقالة.

ومع تقدم إدارة العمليات العسكرية بقيادة هيئة تحرير الشام، ضد قوات نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد -الشهر الماضي- وصولا للسيطرة على العاصمة دمشق، نشر ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي أن الجيش الأميركي بحاجة إلى البقاء خارج الصراع.

وبسطت فصائل سورية سيطرتها على العاصمة دمشق في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، لينتهي بذلك 61 عاما من نظام حزب البعث، و53 سنة من حكم عائلة الأسد. وتسعى الولايات المتحدة وتركيا إلى تعزيز التعاون لضمان استقرار سوريا خلال المرحلة الانتقالية، مع التركيز على منع ظهور أي تهديدات أمنية.

وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية -التي تقودها وتهيمن عليها وحدات حماية الشعب الكردية- على مناطق واسعة من شمال شرق سوريا وجزء من محافظة دير الزور (شرق)، وخصوصا الضفة الشرقية لنهر الفرات. وتخضع هذه المناطق لما تسمى الإدارة الذاتية التي أنشأتها الوحدات الكردية بعد انسحاب قوات نظام الأسد من جزء كبير منها بعد انطلاق الثورة عام 2011.

وبالتوازي مع شنّ إدارة العمليات العسكرية هجوما مباغتا في 27 نوفمبر/تشرين الثاني من معقلها في شمال غرب سوريا أتاح لها إطاحة حكم الأسد، شنّت فصائل سورية مدعومة من تركيا هجوما ضد الوحدات الكردية التي أرغمت على الانسحاب من بعض مناطق سيطرتها.

وتعتبر أنقرة الوحدات الكردية امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردا ضدها منذ عقود وتصنفه منظمة “إرهابية”.

وكانت تركيا هددت بشن عملية عسكرية ضد القوات التي تقودها الوحدات الكردية، ما دفع الولايات المتحدة إلى بذل جهود دبلوماسية واسعة النطاق لتجنب مواجهة كبرى وسط القتال المستمر.

المصدر : الجزيرة + الجزيرة + وكالات + الصحافة الإسرائيلية

اشترك في

———————————

مسؤول أممي يشيد بجهود تركيا في تقديم المساعدات لسوريا

المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي: تركيا تفعل الكثير في سوريا عبر مؤسساتها مثل “تيكا و”آفاد” والهلال الأحمر

تحديث 29 كانون الثاني 2025

**المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي:

– تركيا تفعل الكثير في سوريا عبر مؤسساتها مثل “تيكا و”آفاد” والهلال الأحمر

– من المهم مساعدة الشعب السوري ورفع العقوبات وإتاحة المجال للاستثمار وإعادة الإعمار

أشاد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، بجهود تركيا في تقديم المساعدات الإنسانية إلى سوريا، والدور الفعال الذي تقوم به مؤسساتها في هذا البلد.

جاء ذلك في مؤتمر صحفي الثلاثاء، بالعاصمة التركية أنقرة التي زارها بعد لقاءاته في سوريا ولبنان.

وقال غراندي: “تركيا تفعل الكثير في سوريا عبر مؤسساتها مثل الوكالة التركية للتعاون التنسيق (تيكا) وإدارة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد) والهلال الأحمر وغيرها من المنظمات”.

وأضاف أن تركيا لديها إجراءات وآليات وممارسات جيدة للغاية حيال عودة السوريين إلى وطنهم، مثمنا أداء المسؤولين الأتراك، واصفا إياه بالممتاز والمثالي.

ودعا إلى رفع العقوبات الغربية المفروضة على سوريا، مشيرا إلى أن سوء الإدارة خلال حكم نظام الأسد والعقوبات تسببا في تدمير الاقتصاد السوري.

وأكد على أهمية مساعدة الشعب السوري ورفع العقوبات وإتاحة المجال للاستثمار وإعادة الإعمار.

وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024، بسطت فصائل سورية سيطرتها على العاصمة دمشق بعد مدن أخرى، منهية بذلك 61 عاما من نظام حزب البعث الدموي، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.

وفي اليوم التالي، أعلن قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع تكليف محمد البشير بتشكيل حكومة لإدارة مرحلة انتقالية.

———————————–

القنيطرة تعيش «حظر تجوال» بسبب الاحتلال والتوغل الإسرائيليين

«الشرق الأوسط» ترصد وضع المحافظة… وحدود جديدة ترسمها تل أبيب

 القنيطرة: موفق محمد

28 يناير 2025 م

الزائر اليوم لبلدات وقرى محافظة القنيطرة جنوب سوريا، يتوقف ملياً عند تراجع الحركة في الشوارع بشكل شبه كامل، بما يشبه «حظر التجوال» كما يقول الأهالي؛ جراء احتلال إسرائيل لبعض القرى والبلدات وتوغلها في أخرى.

مع الوصول إلى مشارف ناحية «خان أرنبة» من «أوتوستراد السلام»، يثير الاستغراب في مدخلها خلو الطريق شبه التام من المارة والسيارات.

الصورة ذاتها، تشاهَد في دوار البلدة الرئيسي، الذي تتفرع منه أربعة طرق رئيسية تؤدي إلى بلدات وقرى أخرى، بينما كان الإقبال على المحال التجارية المنتشرة على جوانب الطرق ضعيفاً.

وعند زاوية أحد الطرق انتظر عدد من سائقي سيارات الأجرة زبائن دون جدوى؛ ما دفع بعضهم للمغادرة.

ووسط تكهنات بأن سبب ذلك المشهد إنه يوم الجمعة الذي يوافق يوم عطلة رسمية، يؤكد سائق سيارة، أن هذه الحالة تنسحب على أيام الأسبوع كافة، مع تحسن بسيط خلال الأيام العادية.

«الوضع سيئ جداً. لا يوجد شغل. هنا يوجد أشبه بحظر التجول»، يقول الرجل لـ«الشرق الأوسط» بعد أن عرَّف على نفسه بـ«أبو محمد». ويوضح وحالة يأس عميق تبدو عليه، أن أسباب هذا الوضع، هي احتلال إسرائيل بلدات وقرى في المحافظة وتزايد توغلها في أخرى، وذلك بعد إسقاط حكم بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

ويضيف أبو محمد: «منتصف ليل الأربعاء الماضي عمَّت حالة من الرعب أوساط الأهالي في الخان بسبب أصوات انفجارات عنيفة، تبين أنها ناجمة عن تفجير جنود من الاحتلال مستودعات ذخيرة وأسلحة في (سرية الصقري) على مدخل قرية جبا (الواقعة على بعد 2 كم شمال خان أرنبة)، وقبل أسبوعين اقتحموا (سرية العجايز) على مدخل قرية الصمدانية الشرقية، المحاذية للخان من الجهة الغربية، كما وصلت سياراتهم وجنودهم إلى الدوار».

ترويع للأهالي

سائق آخر، يلفت إلى أن الجنود الإسرائيليين احتلوا «المجمع الحكومي» الكائن في «مدينة السلام»، وهو على بعد 3 كيلومترات غربي «خان أرنبة»، ويضم عدداً من الدوائر الحكومية.

ويضيف: «المجمع معطل؛ لأنهم وضعوا ساتراً ترابياً كبيراً يمنع وصول الأهالي والموظفين إليه، وقد صار مركزاً لهم ولدباباتهم وعرباتهم. كما اقتحموا مخبز المدينة وطردوا الأهالي من أمامه بحجة التفتيش عن السلاح، وكذلك المركز الثقافي ومديرية الهاتف». ويؤكد الرجل أن «جنود الاحتلال يروّعون الأهالي أثناء عمليات اقتحامهم للبلدات والقرى، فيفرضون حظراً للتجوال، ويهدّدون باستهداف أي شخص يخرج».

ومن بين القرى التي احتلتها القوات الإسرائيلية بعد سقوط حكم الأسد قرية الحرية التابعة إدارياً لناحية «خان أرنبة» والواقعة على بعد 5 كيلومترات من جهتها الغربية.

وتصادف الوجود في «خان أرنبة» مع وجود شاب من أبناء «الحرية» في البلدة، وقد شرح لـ«الشرق الأوسط» وقائع احتلال قريته.

يقول الشاب الذي فضَّل عدم ذكر اسمه: «قبل 20 يوماً دخلوا إلى الحرية وأعطوا أمراً للسكان بالإخلاء خلال ساعة، ولم ينفذ الأهالي الأمر، وفي اليوم التالي دخلوا بالدبابات والبلدوزرات وسيارات محملة بالجنود وأعطوا أمراً بالإخلاء خلال 3 ساعات، وهدَّدوا المختار أحمد طه وإمام المسجد إذا لم يتم تنفيذ الأمر، ليقوموا في اليوم الثالث بإغلاق الطرقات وتخريب شبكتي مياه شرب والصرف الصحي والطريق الزراعي».

وتبدو معالم التوغل الإسرائيلي على الأرض واضحة مع التعمق في «خان أرنبة» غربا لمسافة نحو 1 كيلومتر، إذ تشاهد أثار جنازير الدبابات وقد حفرت الأسفلت عند «دوار الزراعة» والطريق المتفرع منه باتجاه الجنوب، والتي يوجد فيه المخبز الآلي، تجمع الكليات الجامعية، مؤسسة الموارد المائية، ومشفى الجولان الوطني (مشفى أباظة سابقاً)، ودائرة الخدمات، وجميعها بحسب الأهالي تواصل حالياً عملها.

لا سلام في «مدينة السلام»

على بعد نحو كيلومتر واحد يقع «دوار المرور»، حيث مقرّ قيادة الشرطة، لتبدأ بعده باتجاه الغرب «مدينة السلام» وهي مدينة صغيرة بُنيت في ثمانينات القرن الماضي وسُميت «مدينة البعث» تيمناً باسم «حزب البعث» الحاكم. وتُعد المدينة التي تبعد كيلومترين غرب «خان أرنبة»، المركز الإداري الخدمي لمحافظة القنيطرة، حيث يقع فيها «المجمع الحكومي»، الذي يضم أيضاً مجموعة مؤسسات حكومية وجميعها متوقفة عن العمل بسبب احتلال المجمع من قِبل إسرائيل وفق إفادات الأهالي. وقد بدلت إدارة العمليات العسكري اسم المدينة إلى «مدينة السلام» بعد سيطرتها في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

المشهد في شوارع «مدينة السلام» مشابه لما هو عليه في «خان أرنبة»، إلا أن الطرقات لم تخلوا من بعض الأطفال المنتشرين على الأرصفة وفي الحدائق.

حدود جديدة

ولعل أكثر ما يثير الفضول في «مدينة السلام»، الوصول إلى مقرّ «المجمع الحكومي» الواقع غرب التجمع السكني بنحو كيلومتر واحد، لمشاهدة الوضع فيه بعد احتلاله.

ولكن قبل مقر «المجمع» بمسافة نحو 300 متر، يشاهد الزائر معالم حدود جديدة وضعها الاحتلال، حيث تم إغلاق مسرب الذهاب بأعمدة حديدية وتكسير منتصف الطريق، وبعد ذلك بنحو 50 متراً أقام ساتراً ترابياً لمنع الأهالي والموظفين من الوصول إليه، وهو ما انطبق علينا أيضاً.

فقد علت صيحات تمنع تقدمنا أطلقها عجوز سبعيني صادف عبوره سيراً من الطريق الفرعي، وقال: «المحافظات فرحت بسقوط الأسد، ولكن فرحتنا هنا لم تكتمل بسبب الاحتلال».

غياب عناصر الأمن

وتترافق حالة شبه «حظر التجوال»، السائدة في ناحية «خان أرنبة» و«مدينة السلام» التي تمت فيهما إزالة مخلفات النظام البائد، ورفع العَلم الجديد الذي رفعته الإدارة السياسية السورية الجديدة، مع غياب تام لمشهد انتشار عناصر إدارة العمليات العسكرية والأمن العام، بينما يوضح مصدر مقرب من الأولى، أن السبب في ذلك يعود إلى «حساسية المنطقة».

ويلفت المصدر إلى أن هناك مقرّين لإدارة العمليات العسكرية، الأول في قيادة الشرطة ويديره عقيد منشق من الشرطة، والآخر هو مقر أمني في مبنى «إدارة أمن الدولة» سابقاً عند دوار الزراعة، إضافة إلى مقرّ عسكري في بلدة جبا، في حين لم يتم حتى الآن تعيين قائد عسكري من الإدارة في القنيطرة.

——————————

روسيا: أجرينا محادثات بناءة مع الشرع لكننا ندرك صعوبة الوضع

الإدارة السورية تقول إنها بحثت مع وفد روسي في دمشق تحقيق “العدالة” لضحايا نظام الأسد

العربية.نت – وكالات

29 يناير ,2025

صرح نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أن الوفد الروسي أجرى محادثات في دمشق مع رئيس الإدارة السورية أحمد الشرع، واستمرت المحادثات نحو ثلاث ساعات وكانت بناءة.

وقال بوغدانوف للصحافيين إن “الاجتماع سار بشكل جيد، عموماً. استمرت المحادثات ثلاث ساعات، وتضمنت عشاء رسمياً”.

وأكد أن المحادثات أجريت “بشكل رئيسي مع رئيس الإدارة الجديدة للحكومة المؤقتة في سوريا، أحمد الشرع، ووزير الخارجية أسعد الشيباني، وشارك أيضاً في المفاوضات وزير الصحة ماهر الشرع، وهو الأخ الأكبر لأحمد الشرع، ووفدنا”.

وأكد أن “الاجتماع كان بناء بشكل عام، وكان الجو جيداً. لكننا ندرك مدى صعوبة الوضع (في البلاد)”.

وأشار إلى أن الوفد الروسي أكد في المحادثات “الطبيعة الودية، تقليدياً، للعلاقات منذ حصول سوريا على الاستقلال بعد الحرب العالمية الثانية، وحقيقة أن علاقات صداقة وتعاون تربطنا مع الشعب السوري”.

وتابع: “ناقشنا أيضاً قضايا التجارة والعلاقات الاقتصادية، فبمساعدة الاتحاد السوفييتي وروسيا، تم بناء مرافق البنية التحتية الهامة في سوريا، وخاصة المرافق الكهرومائية. كما شملت مساعداتنا توفير موارد الطاقة والأسمدة والحبوب والأغذية. لقد تم كل هذا، ونحن مستعدون للاستمرار فيه وفقاً للاتفاقات مع السلطات الجديدة في سوريا. نحن عازمون على إقامة تعاون مفيد للطرفين مع سوريا”.

وأضاف: “بطبيعة الحال، أكدنا على نهجنا المبدئي، الذي لم يتغير، وهو الدعم المستمر لوحدة سوريا وسلامتها الإقليمية وسيادتها. هذا هو أهم شيء”.

وأضاف: “إن ما تمر به سوريا في السنوات الأخيرة، وحدوث مثل هذا التغيير الجذري في القيادة، لا يغير من تقييماتنا واستعدادنا للمساعدة في استقرار الوضع من أجل إيجاد حلول مناسبة للمشاكل الاجتماعية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية”.

بوغداونوف: مستقبل القواعد العسكرية يتطلب مشاورات إضافية

وفيما يخص القواعد الروسية في سوريا قال بوغدانوف: “أعربنا عن امتناننا لأن مواطنينا ومرافقنا لم يتعرضوا لأذى نتيجة الأحداث التي وقعت في الأسابيع الأخيرة. وأعربنا عن أملنا في أن يستمر هذا الخط، وألا تتضرر مصالحنا في سوريا”.

وأشار إلى أن مسألة مستقبل القواعد العسكرية الروسية في سوريا تتطلب مشاورات إضافية، والطرفان اتفقا على استمرارها.

من جهتها، أصدرت سوريا بيانا حول اللقاء قالت فيه، إن المناقشات خلال الاجتماع تركزت “على قضايا رئيسية، بما في ذلك احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها”.

وبحسب البيان: “أكد الجانب الروسي دعمه للتغييرات الإيجابية الجارية حاليا في سوريا. وسلط الحوار الضوء على دور روسيا في إعادة بناء الثقة مع الشعب السوري من خلال تدابير ملموسة مثل التعويضات وإعادة الإعمار والتعافي”.

وشارك الجانبان في “مناقشات حول آليات العدالة الانتقالية التي تهدف إلى ضمان المساءلة وتحقيق العدالة لضحايا الحرب الوحشية التي شنها نظام الأسد”.

وأكدت الإدارة السورية الجديدة “التزامها بالتعامل مع جميع أصحاب المصلحة بطريقة مبدئية لبناء مستقبل لسوريا متجذر في العدالة والكرامة والسيادة”.

شددت الإدارة الجديدة كذلك على أن “استعادة العلاقات يجب أن تعالج أخطاء الماضي وتحترم إرادة الشعب السوري وتخدم مصالحه”.

————————————-

سورية: اجتماع بين “المجلس الوطني” وقيادة “قسد” لتوحيد الرؤية الكردية

سلام حسن و حسام رستم

28 يناير 2025

أنهى المجلس الوطني الكردي “ENKS” وقيادة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، يوم الثلاثاء، اجتماعهما في ظل أجواء وصفت بأنها إيجابية. وقال فيصل اليوسف، المتحدث الرسمي باسم المجلس الوطني السوري، لـ”العربي الجديد”، إن هيئة رئاسة المجلس انتهت من عقد اجتماع مع قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي، وتمحور البحث حول نقطتي تشكيل وفد مشترك للتحاور مع الإدارة الجديدة في دمشق، ورؤية كردية، مضيفاً أن الأجواء كانت ايجابية، حيث اتُّفق على عقد لقاءات في الأيام القادمة.

من جانبه، قال شلال كدو، وهو قيادي في المجلس الوطني الكردي، لـ”العربي الجديد”، إن المجلس الوطني الكردي يطالب بأن تكون سورية الجديدة دولة لا مركزية وأن ينص الدستور السوري على ذلك بوضوح شديد، وأن تحصن هذه الفقرة بحيث لا تُعدَّل بأي استفتاء مستقبلي. وأضاف أن المجلس الوطني الكردي يطالب بجعل اللغة الكردية ثاني لغة رسمية في البلد وكذلك تغيير اسم الدولة من الجمهورية العربية السوري لتصبح الجمهورية السورية لتعبّر عن الجميع، ولتنسجم مع علم الاستقلال الذي تتبناه سورية في هذه المرحلة.

خلال حملة مطاردة فلول النظام في حمص، 2 يناير 2025 (الأناضول)

وأكد أن المجلس الوطني يسعى لإقناع معظم الطيف السوري الوطني بهذه الرؤية وهذه النظرية وضرورة أن تكون سورية دولة لا مركزية، وأن تتمتع المحافظات كافة بصلاحيات لامركزية واسعة ضمن دولة موحدة، بحيث يدير أبناء المحافظات أمورهم الإدارية والاجتماعية بنفسهم. وسبق أن أجرت الأحزاب الكردية عدة اجتماعات لتوحيد الرؤية بينها خلال السنوات السابقة بدعم ووساطة أميركية وفرنسية دون أن تنتج من هذه الاجتماعات أي نتائج.

فرع تنظيم القاعدة في سورية يعلن حلّ نفسه

أعلن تنظيم “حراس الدّين” فرع (تنظيم قاعدة الجهاد في سورية)، في بيان صدر عنه اليوم الثلاثاء، حلّ نفسه في سورية، بناءً على قرار القيادة العامة للتنظيم. وجاء في البيان أن “أبناء تنظيم قاعدة الجهاد قاموا بنصرة أهل الشام ومساندتهم في إزاحة الظلم عنهم، والانتصار على طاغية من أظلم طواغيت العصر الحديث، ما يُعلن اكتمال مرحلة من مراحل الصراع بين الحق والباطل”.

وتنظيم “حراس الدين” من التنظيمات المرتبطة بالقاعدة في سورية، وخرج إلى العلن في أواخر فبراير/شباط عام 2018، بعد إعلان “جبهة النصرة” فكّ ارتباطها بتنظيم القاعدة، وهو ما رفضته شخصيات مؤثرة في “الجبهة”، فاتجهت إلى تشكيل فصيل “حراس الدين”، الموصوف بكونه أكثر تشدّداً منها، خصوصاً لجهة رفض أي حلول سياسية للقضية السورية.

وانضمت إلى “حراس الدين” لاحقاً مجموعات متشددة، منها جيش البادية وجيش الساحل وسرية كابل وسرايا الساحل وجيش الملاحم وجند الشريعة وكتيبة أبو بكر الصديق وكتيبة أبو عبيدة بن الجراح وسرايا الغرباء. ولطالما استهدفت الولايات المتحدة رؤوس هذا التنظيم، وقتلت عدداً منهم في شمال غرب سورية بطائرات مسيّرة.

————————–

الإدارة السورية الجديدة تطلب من روسيا تسليم الرئيس المخلوع بشار الأسد

تحديث 29 كانون الثاني 2025

موسكو: قالت روسيا، اليوم الأربعاء، إنها أجرت مناقشات “صريحة” مع قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع، وسط مساعيها لإبقاء قاعدتيها العسكريتين في البلاد، لكنها امتنعت عن التعليق حول ما تطلبه سوريا في المقابل.

وذكر مصدر سوري مطلع على المناقشات لرويترز أن الشرع طلب من روسيا تسليم الرئيس المخلوع بشار الأسد الذي فرّ إليها، بعدما أطاحت به المعارضة، في ديسمبر كانون الأول.

وقالت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) إن دمشق تريد أيضاً من روسيا التي دعمت الأسد لسنوات في الحرب على حساب المعارضة “إعادة بناء الثقة مع الشعب السوري من خلال تدابير ملموسة، مثل التعويضات وإعادة الإعمار والتعافي”.

وأحجم المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف عن الرد على سؤال عما إذا كانت سوريا طلبت من روسيا تسليم الأسد ودفع تعويضات.

وتسعى روسيا إلى الاحتفاظ بقاعدتها البحرية في طرطوس وقاعدة حميميم الجوية بالقرب من مدينة اللاذقية الساحلية، لأن خسارتهما ستكون بمثابة توجيه ضربة قوية لقدرتها على استعراض قوتها في المنطقة.

    A high-ranking delegation from Russia, headed by Deputy Foreign Minister Mikhail Bogdanov, arrived in Damascus and met with the new ruler of Syria, Mohammad Julani.

    According to Al Arabiya, the talks were “constructive” and it was decided to continue discussing the future of… pic.twitter.com/mmb7fLysPm

    — Sprinter Observer (@SprinterObserve) January 29, 2025

وقالت الإدارة السورية الجديدة، بعد محادثات أمس الثلاثاء، مع وفد روسي برئاسة نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، إنها شددت على أن “استعادة العلاقات يجب أن تعالج أخطاء الماضي وتحترم إرادة الشعب السوري وتخدم مصالحه”.

لكن المصدر السوري قال لرويترز إن روسيا ليست مستعدة للاعتراف بمثل هذه الأخطاء، وإن الاتفاق الوحيد الذي تم التوصل إليه هو مواصلة المناقشات.

وذكرت وزارة الخارجية الروسية أن “مناقشات صريحة جرت بشأن جميع القضايا”.

وأضافت أن الجانبين سيظلان على تواصل من أجل السعي لإبرام اتفاقيات حول الأمور ذات صلة، دون الإشارة إلى القاعدتين تحديداً.

(رويترز)

————————————

وفد روسي في دمشق… وخبراء لـ«القدس العربي»: تسليم الأسد وإعادة الأموال على طاولة المباحثات

هبة محمد

تحديث 29 كانون الثاني 2025

دمشق ـ «القدس العربي»: وصل وفدٌ رفيع من وزارة الخارجية الروسية، برئاسة المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وإفريقيا ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، إلى العاصمة السورية دمشق.

وقال بوغدانوف إن الزيارة تأتي في سياق تعزيز العلاقات التاريخية بين روسيا الاتحادية وسوريا وفق قاعدة المصالح المشتركة، مشيراً إلى أن روسيا حريصةٌ على وحدة واستقلال وسلامة الأراضي السورية وتحقيق الوفاق والسلم الاجتماعي في البلاد.

وتُشكل هذه الزيارة أول محادثات رسمية تجريها روسيا مع الإدارة السورية الجديدة، بعد أن كان التواصل سابقاً يقتصر على قنوات عسكرية ودبلوماسية مغلقة أو عبر وسطاء.

الحفاظ على المصالح

الكاتب والباحث السوري عمر كوش، قال «القدس العربي» الزيارة استكشافية، مرجّحاً أن تكون قد أتت بوساطة تركية.

وقال إن روسيا تريد أن تتعامل مع الواقع الجديد من منطق براغماتي من أجل الحفاظ على بعض مصالحها وخاصة القاعدة البحرية في طرطوس وقاعدة حميميم، فضلاً عن وجود المواطنين الروس والسفارة الروسية في دمشق.

لكن المحادثات، وفق قوله، لن تكون كما تشتهي موسكو، باعتبار أن الإدارة الجديدة التي كانت في إدلب ضمن «هيئة تحرير الشام» والفصائل الأخرى، تعرضت لقصف وعدوان روسي واسع المدى طوال سنوات، وكانت روسيا دائماً تتهم الهيئة والفصائل الأخرى بأنها فصائل «إرهابية» ويجب القضاء عليها، وخاضت معارك عنيفة معها، وارتكبت الكثير من المجازر، هذا التاريخ الروسي لن يُمحى بسهولة.

وبالتالي ما سيقدّمه الروس، من وجهة نظر المتحدث، هي مسألة التعاون الاقتصادي ومحاولة الدخول من باب الاستثمارات في إعادة البناء، لكن كوش عبّر عن اعتقاده بأن وجهة سوريا هي ليست وجهة شرقية على طريقة النظام السابق، حيث تغيرت وجهة سوريا نحو الغرب تماماً.

لذلك، من الصعب أن يحصل الوفد الروسي على ما يريده وأقصى ما يمكن أن يحصل عليه هو «التفاوض حول كيفية خروج الروس وخاصة من قاعدة حميميم والقاعدة البحرية في طرطوس، وحفظ ماء الوجه لا أكثر ولا أقل» تبعاً لكوش.

وحول إمكانية مناقشة الوفد الروسي مسائل مثل تسليم الرئيس المخلوع بشار الأسد، وهل موسكو مستعدة لتقديمه إلى الإدارة الجديدة ليحاسب على جرائمه؟ عدا عن المليارات التي أخذها معها، قال كوش: «هذه مسائل شائكة ولا أعتقد أن موسكو في وارد أن تقوم بكل ذلك» لذلك لن تكون هذه الزيارة من وجهة نظر المتحدث «ناجحة» كما أنه «لن يكون هناك موطئ قدم لروسيا كالذي كان في السابق بمثابة إطلالة على البحر المتوسط وأيضاً قاعدة للانطلاق في الشرق الأوسط، وهذه خسارة بالنسبة لروسيا، وعليها أن تُقرّ بهذه الخسارة الفادحة».

ومن موسكو، بيّن الباحث والأكاديمي محمود حمزة، لـ«القدس العربي»: أن هدف الزيارة «التشاور والتفاوض مع الحكومة السورية الجديدة، للحفاظ على العلاقات التاريخية بين البلدين».

وعبّر عن اعتقاده بأن روسيا مُنيت بهزيمة استراتيجية وجيوسياسية كبرى في سوريا، وبعد شهرين تقريباً توصلت إلى ضرورة إرسال وفد روسي رفيع المستوى إلى دمشق للتفاوض، وفتح صفحة جديدة مع الحكومة الجديدة، والعمل على الحفاظ على المكاسب الروسية التي حصلت عليها في سوريا.

وجزم أنه «لن يكون ذلك بالمجّان، ولن توافق الحكومة الجديدة على مطالب روسيا بدون تنازل فهناك ثمن يجب أن تقدمه روسيا لسوريا الجديدة وأول ثمن، هو تسليم بشار الأسد وجميع المجرمين المتواجدين في روسيا، والأموال وأطنان الذهب التي سرقها بشار الأسد هذا سيكون في صلب المفاوضات».

على ضوء ذلك، رأى إمكانية لتطبيع العلاقات لكنها مشروطة «إذا فعلاً عملت موسكو على التفاعل الإيجابي مع الحكومة الجديدة».

وقال: «روسيا تريد أن تحافظ على القواعد العسكرية والاتفاقيات الاقتصادية، وأيضاً الحفاظ على تعاون عسكري ما، لأنها تدرك جيداً أن وجودها في الشرق الأوسط مهم بالنسبة لها، وقد صرح وزير الخارجية سابقا ورئيس الاستخبارات الروسية أن موسكو لن تغادر الشرق الأوسط، والمقصود من ذلك أن لها مصالح كبرى في المنطقة، لن تتخلى عنها».

ووصف الباحث السياسي السوري الروسي، الزيارة بأنها متأخرة، حيث «كان يجب أن تبادر روسيا بهذه الخطوة قبل ذلك لضبط العلاقة وعدم تدهورها والدليل أن إدارة الجمارك وإدارة مرفأ طرطوس ألغت العقد الاستثماري مع الشركة الروسية، ولو كان هناك مباحثات باكرة، لكانت العلاقة قد شهدت أموراً كثيرة منها التعاون التجاري والاقتصادي والعسكري والدبلوماسي وغيره».

خطوة إيجابية

وقال: بعد أن دعمت روسيا لمدة 14 سنة نظام الأسد الذي أجرم بحق الشعب السوري، أقدمت اليوم على أول خطوة ايجابية، وإذا قامت روسيا بتسليم بشار والمجرمين المتواجدين في روسيا فإن العلاقات قد تذهب بالاتجاه الجيد».

ولكن حمزة أشار في معرض حديثه إلى مشكلة بارزة في تطبيع العلاقات بين موسكو ودمشق، حيث يضغط «الاتحاد الأوروبي على دمشق بقوة لأن تنهي الوجود الروسي في سوريا، وهي الآن في حاجة ماسة للاتحاد الأوروبي والدول الأوربية وأمريكا، لدعم إعادة الإعمار ودعم السياسي واقتصادي، بالوقت الذي لا يمكن فيه التعويل على روسيا من ناحية الدعم الاقتصادي ولا الدعم المالي بسبب الانشغال الروسي بالحرب الأوكرانية والعقوبات المفروضة عليها، وهو ما يكبّل روسيا ويكلفها فاتورة باهظة» لذلك هي ليست بوارد دعم سوريا اقتصادياً. وما كانت تأمل به موسكو «هو إعمار بوجود الأسد، حيث كان من المفترض أن تأتي الشركات الروسية إلى سوريا وتعمل بأموال خليجية وأموال أوروبية، ليس بأموال روسية لكن الأمور جرت في اتجاه آخر». وخلُص المتحدث إلى أن هذه الزيارة وبالرغم من «إيجابياتها» وفق تقديره إلا أنها ستكون «صعبة» مستبعداً أن تخرج بنتائج كبيرة، معتبراً أنها «قد تكون بداية بادرة حسن نية لتحسين أجواء التفاوض بين الطرفين».

وقال: استبعد أن يكون هناك اتفاق على جوانب مهمة مباشرة، لأن الجانب السوري سوف يطلب أشياءً من روسيا يصعُب على هذه الأخيرة أن تنفذها. لكن، ومن وجهة نظر مختلفة، اعتبر الباحث والمستشار السياسي الدكتور باسل الحاج جاسم، أن الزيارة ستكون مؤشّراً على كيفية تطور العلاقات بين الطرفين دمشق وموسكو في الفترة القادمة، خاصة في ظل التغيرات الإقليمية والدولية.

وقال لـ «القدس العربي»: يمكن القول إنه لطالما القواعد العسكرية الأمريكية منتشرة، فإن استمرار وجود القواعد الروسية يبقى ضرورة للتوازن، لحين معرفة النوايا والخطط الأمريكية الجديدة بعد عودة ترامب للرئاسة.

———————————-

الباحث طلال مصطفى: صدام اجتماعي بين أربعة أجيال سورية وهذه التدابير المطلوبة من الإدارة الجديدة

حسن سلمان

تحديث 29 كانون الثاني 2025

تونس- “القدس العربي”: حذر الباحث السوري الدكتور طلال مصطفى، مدير قسم التقارير في مركز حرمون للدراسات المعاصرة، من “صدام اجتماعي” بين أربعة أجيال مختلفة ثقافيا وأيديولوجيا ودينيا في سوريا، داعيا الإدارة السورية إلى اتخاذ إجراءات تستند إلى العدالة والمساواة واحترام التنوع الطائفي والإثني، وذلك لمنع الصدام الاجتماعي وضمان مراعاة حقوق جميع الطوائف والفئات الاجتماعية في البلاد.

وقال مصطفى، في حوار خاص مع “القدس العربي”: “قضية التعايش بين الأجيال السورية المختلفة التي عاشت تجارب اجتماعية وسياسية متنوعة ستكون تحديًا حقيقيًا في مرحلة بناء الدولة وإعادة البناء المجتمعي، وهذا يستدعي البحث في عوامل مركبة لها دور فاعل، على غرار التجارب السياسية والاجتماعية المختلفة.

“فالجيل الذي عاش تحت حكم الأسد تأثر بالسلطوية والخوف السياسي، وقد يميل إلى الحذر أو القبول بالواقع القائم. بينما اعتاد الجيل الذي عاش في المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد (المحررة) على ثقافة وإيديولوجية إسلامية سلفية بالعموم، بينما اكتسب الجيل الذي نشأ في تركيا عادات مجتمعات محافظة دينيًا وعلمانية في مؤسساتها كدولة، وربما تأثر بالخطاب الديني أو العلماني التركي. أما الجيل الذي عاش في أوروبا فتأثر بالقيم الغربية، مثل الحرية الفردية والمساواة بين الجنسين، وقد يواجه صعوبة في التكيف مع الأعراف التقليدية”.

تجارب ثقافية متباينة

كما كشف مصطفى عن اختلافات ثقافية كبيرة بين الأجيال الأربعة المذكورة آنفا، حيث “تعكس هذه الأجيال المتعددة تجارب ثقافية متباينة، ما قد يؤدي إلى سوء فهم أو نزاعات اجتماعية تتعلق بالقيم والسلوكيات، فضلا عن أن التباينات في الرؤية السياسية قد تؤدي إلى نزاعات حول كيفية إدارة الدولة والمجتمع بعد المرحلة الانتقالية. وهناك أيضا اختلافات في أولويات القضايا، مثل حقوق المرأة، والتعليم، والدين في السياسة، قد تسبب صراعات اجتماعية وسياسية”.

وتحدث عن إمكانية نشوب “صراع اجتماعي” بسبب “الاختلافات العميقة في القيم التي قد تؤدي إلى نزاعات بين الجيل “المنفتح” القادم من أوروبا والجيل الأكثر محافظة من تركيا أو إدلب. وهناك خطر في أن تؤدي الفروقات إلى تعزيز الهويات الفرعية (الدينية أو الطائفية) على حساب الهوية الوطنية السورية، ما يزيد من احتمالات التوتر. وفي ظل الظروف الصعبة التي يعيشها السوريون، قد تكون المنافسة على الموارد والخدمات عاملاً يزيد من الاحتقان الاجتماعي”.

هوية سورية جامعة

ولتمكين التعايش بين الأجيال المذكورة، اقترح مصطفى أن يتم التركيز على “بناء هوية سورية وطنية جامعة تستند إلى القيم الإنسانية المشتركة التي تجمع كل السوريين، وإنشاء فضاءات حوارية بين هذه الأجيال المختلفة لتبادل وجهات النظر وتعزيز التفاهم، إضافة إلى البرامج التعليمية التي تعزز قيم المواطنة، والتسامح، وقبول التنوع الثقافي والديني”.

وأضاف: “كما يمكن للمجتمع المدني والمؤسسات الدينية المعتدلة أن تلعب دورًا في التوفيق بين الأجيال وتخفيف الاحتقان. ويجب أن يتم توفير فرص متكافئة للجميع تسهم في تقليل التوترات الاجتماعية”.

من جهة أخرى، توقع مصطفى أن نشهد ظواهر اجتماعية “شاذة” أو غير مألوفة في سوريا “كما يحدث عادة في المجتمعات الخارجة من الحروب أو الدول التي تمرّ بمرحلة فشل وظيفي. فهذه الظواهر تكون غالبًا نتيجة للاختلالات الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية التي تخلفها الحروب”.

وأوضح هذه الظواهر بقوله: “قد يكون هناك انتشار للعنف المجتمعي نتيجة الصراعات الطويلة وتراكم الأحقاد، واستخدام العنف وسيلة لحل النزاعات الفردية أو الجماعية المتراكمة والمركبة. فضلا عن ضعف الأواصر الأسرية والعائلية بسبب التهجير والانقسامات، وفقدان الثقة بين الأفراد والجماعات نتيجة للتجارب القاسية أثناء الحرب، إضافة إلى ازدياد الجرائم مثل السرقة والاتجار بالبشر والمخدرات نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية وانعدام القانون”.

تراجع القيم المجتمعية

كما حذر من “تراجع القيم المجتمعية والأخلاقية بسبب الظروف القاسية. واستغلال الجماعات المتشددة لحالة الفوضى لنشر أفكارها، واتجاه بعض الأفراد إلى التطرف كرد فعل على صدمة الحرب أو ضعف المؤسسات، وارتفاع معدلات الاكتئاب، والقلق، واضطرابات ما بعد الصدمة”.

وفسر مصطفى أسباب بروز هذه الظواهر بقوله: “غياب القانون والنظام يؤدي إلى فراغ تستغله الجماعات الخارجة عن القانون. كما أن الحروب الطويلة تترك آثارًا نفسية عميقة تؤثر على سلوك الأفراد. كما يزيد ارتفاع معدلات الفقر والبطالة من الانحرافات السلوكية والجريمة، فضلا عن تفكك المجتمعات التقليدية وظهور مجتمعات جديدة غير متجانسة. كما أن مشاعر الظلم والرغبة في الانتقام تؤجج النزاعات المجتمعية”.

وحول كيفية التعامل مع هذه الظواهر، دعا مصطفى إلى “تعزيز سيادة القانون والعمل على بناء نظام قضائي قوي وعادل. ومعالجة مظالم الماضي وتطبيق العدالة بشكل يطمئن الجميع، وإنشاء مراكز لمعالجة الصدمات النفسية وتقديم الدعم النفسي للمجتمع، وتكريس قيم المواطنة والعدالة والمساواة لتجاوز العصبيات والهويات الفرعية، وتقديم برامج اقتصادية مستدامة لتوفير فرص عمل وتحسين المستوى المعيشي، وتفعيل دور المجتمع المدني، ودعم المبادرات المحلية التي تعزز التعايش والتماسك الاجتماعي”.

كما دعا مصطفى الإدارة السورية الجديدة إلى اتخاذ إجراءات تستند إلى العدالة والمساواة واحترام التنوع الطائفي والإثني وذلك لمنع الصدام الاجتماعي وضمان مراعاة حقوق جميع الطوائف والفئات الاجتماعية في البلاد.

دستور يعكس التعددية

ومن بين هذه الإجراءات “صياغة دستور عصري جديد شامل يعكس التعددية السورية، ويحترم حقوق جميع الطوائف والقوميات، والتأكيد على مبدأ المواطنة المتساوية، بحيث تكون الحقوق والواجبات مرتبطة بالفرد لا بانتمائه الطائفي أو العرقي، وترسيخ فكرة المساواة والعدالة في النظام السياسي والقانوني. وتطبيق العدالة الانتقالية من خلال إنشاء هيئة مستقلة للعدالة الانتقالية تهدف إلى محاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات، وتقديم تعويضات للضحايا، وضمان إعادة الحقوق المسلوبة”.

كما دعا إلى بناء مؤسسات دولة محايدة، عبر “إصلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية بحيث تصبح مؤسسات وطنية تخدم جميع المواطنين، وضمان استقلالية القضاء وعدم تسييسه. وتعزيز حقوق الأقليات الثقافية والدينية وحمايتها، وضمان تمثيلها في مؤسسات الدولة، وإطلاق برامج المصالحة المجتمعية، عبر تنظيم حوارات وطنية تضم جميع الطوائف والمكونات لتعزيز التفاهم وتخفيف التوترات، وإنشاء برامج مجتمعية مشتركة تعزز العمل الجماعي بين مختلف الفئات، وإصلاح المناهج التعليمية، وإعادة بناء النسيج الاجتماعي الذي تأثر بسبب النزوح والهجرة، وإصدار قوانين تعاقب على التحريض على الكراهية والعنف الطائفي، وإطلاق حملات إعلامية تدعو للتعايش والتسامح”.

—————————-

5 قتلى وعدد من الجرحى جراء انفجار سيارة في بادية السويداء الشرقية جنوبي سورية

ضياء الصحناوي

29 يناير 2025

قُتل خمسة أشخاص وجرح آخرون في بادية السويداء الشرقية جنوبي سورية، أمس الثلاثاء، فيما لقي طفل مصرعه وجرح أفراد عائلته نتيجة العبث بمخلفات الحرب في الريف الغربي للمحافظة. وقال مصدر من عشائر البدو لـ”العربي الجديد”، إنّ سيارة كانت تقل ما لا يقل عن 14 شخصاً في البادية الشرقية لمحافظة السويداء؛ انفجر بها لغم أرضي، فيما ذكرت مصادر أخرى احتمال قيام طائرة مسيّرة يعتقد أنها أردنية، بقصف السيارة العائدة من الأردن باتجاه البادية السورية.

وبحسب ما قال موقع الراصد المحلي، فإنّ عدد الذين قتلوا في هذه الحادثة وصل حتى الآن إلى خمسة، فيما جرح خمسة آخرون، مشيراً إلى أنّ “الحادثة وقعت بعد عودة المجموعة من الداخل الأردني، حيث يعمل هؤلاء بتجارة المخدرات، وقد استغلوا الضباب الكثيف صباح أمس للعودة بعيداً عن رقابة حرس الحدود الأردني، لكن ما حدث عقب عودتهم غير معلوم بدقة ما إذا كان لغماً أرضياً، أو قصف لطائرة مسيّرة”.

وسبق هذا الحادث قبل عدة أيام؛ إعلان مجموعات محلية من أهالي بلدتي الشعاب وأم شامة في الريف الجنوبي لمحافظة السويداء اللتين تعرضتا لضربات من سلاح الجو الأردني أكثر من مرة، تشكيل دوريات من الأهالي لمنع مرور مهربي المخدرات وملاحقتهم، وذلك حرصاً من أهالي المنطقة على تفادي العواقب المتوقعة من المملكة.

وتأتي هذه الأحداث في الجنوب السوري بعد تصريحات سابقة من مسؤولين أردنيين تشير إلى تهديدات تتعرض لها المملكة من جهة محافظة السويداء.

وفي سياق موازٍ؛ ما زال أهالي الجنوب السوري يعانون من الانتشار العشوائي للسلاح ومن وجود مخلفات خطيرة للحرب بعد الفراغ العسكري الذي رافق سقوط النظام، حيث لقي الفتى جابر سالم الصبرا (16 عاماً) حتفه، وأصيب أفراد عائلته بجروح، إثر العبث بمواد متفجرة من مخلفات الحرب في بلدة المزرعة بالريف الغربي لمحافظة السويداء.

في غضون ذلك، تستمر الانفجارات والحرائق بشكل شبه يومي في عدد من الثكنات العسكرية كاللواء 12 في محيط مدينة إزرع في الريف الأوسط من محافظة درعا، ومطار خلخلة على طريق دمشق السويداء، نتيجة عبث الأهالي بمخلفات الحرب ومحاولات نهب المعدات العسكرية.

——————————-

حراس الدين” يحل نفسه: لدولة “تحكم بشريعة رب العالمين

الأربعاء 2025/01/29

أعلن تنظيم “حراس الدين”، فرع تنظيم “القاعدة” في سوريا، حلّ نفسه، بعد تحقيق “النصر المُبين” بإسقاط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، كما نصح الإدارة الجديدة “بإقامة الدين وتحكيم شريعة رب العالمين” و”الإبقاء على السلاح بيد أهل السنة”.

حل التنظيم

وقال التنظيم المتشدد، في بيان منسوب إليه، إن قرار الحل أتى بأمر أميري من القيادة العامة، و”بعد اكتمال مرحلة من مراحل الصراع بين الحق والباطل”، بإسقاط نظام الأسد، مضيفاً أن تنظيم القاعدة “هبّ لنصرة” أهل السُنة في سوريا، بعدما تعرضوا له من قتل وتعذيب وتشريد واغتصاب على يد النظام المخلوع، إثر انطلاق الثورة السورية “المباركة”.

ودعا التنظيم “أهل السنة” إلى عدم ترك سلاحهم وتجهيز أنفسهم للمراحل المقبلة في سوريا، لأن “الشام ارض الملاحم الكبرى ومقبرة الطغاة والمستعمرين، وفساط المسلمين في قتال اليهود ومن يلونهم من أعداء الدين”.

وأكد التنظيم أنه سيبقى من المستجيبين “لأي نداء نصرة أو استغاثة في أي بقعة من ديار المسلمين”، وسيحافظ على “الثوابت الشرعية دون تغيير أو تبديل أو تمييع”.

الإبقاء على السلاح

ونصح التنظيم، “وجهاء الشام ومن يتصدرون المشهد اليوم” في سوريا، في إشارة للإدارة الجديدة، “بإقامة الدين وتحكيم شريعة رب العالمين” بعد “النصر المبين”، كما نصحهم بالإبقاء على السلاح بيد “أهل السنة”، وذلك “من أجل أن تبقى أمة تحمل السلاح، فلا يستعبدها طاغية، ولا يطمع بها محتل”.

ووجه التنظيم الشكر إلى عناصره في سوريا لصبرهم على هذا الطريق الطويل، كما هنأ أهل سوريا على إسقاط “الطاغية وفرار جيشه”، معتبراً أن “الثورة السورية المباركة”، خرجت من المساجد، و”صدحت بعبارات إسلامية تدفع الظلم عن المظلومين”.

وتشكّل تنظيم “حراس الدين” في شباط/فبراير 2018، بانشقاق عدد كبير من القياديين والشرعيين في هيئة تحرير الشام، وذلك لمعارضتهم فك ارتباطها بالقاعدة. ولاحقت الهيئة التنظيم على مدى 3 سنوات، بدءاً من 2019، بعد جملة من الاتهامات ضدهم منها التنسيق مع تنظيم “داعش”، واعتقلت عدداً كبيراً من القيادات في صفوف مختلفة، ثم تم الإفراج عن عدد كبير منهم لاحقاً.

ومنذ تصنيف الجماعة “إرهابية” مرتبطة بالقاعدة من قبل الولايات المتحدة، شنّت المسيّرات الأميركية العديد من الضربات الجوية في أماكن انتشارهم في ريفي إدلب واللاذقية، شمال غرب سوريا، أدت إلى مقتل ثلة من قيادات الصف الأول والثاني فيها، أبرزهم النائب العام للجماعة خالد العاروري، الملقب بـ”أبو القسام الأردني”.

وعقب تلك الضربات الأميركية، والملاحقات من قبل تحرير الشام، أصبح أثر التنظيم فعلياً على الأرض، بحكم المنتهي في سوريا، وذلك منذ العام 2021.

————————

حمص: سيارتان مفخختان تستهدفان الأمن العام

الثلاثاء 2025/01/28

انفجرت سيارتان مفخختان في ريف حمص الشرقي، اليوم الثلاثاء، كانت تستهدف مواقع للأمن العام في وزارة الداخلية السورية، وذلك للمرة الأولى منذ الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

استهداف الأمن العام

وقالت مصادر متابعة لـ”المدن”، إن عبوتين ناسفتين مزروعتين في سيارتين، انفجرتا في مدينة المخرم الفوقاني، في ريف حمص الشرقي، موضحة أن الهدف كان استهداف مخفر الشرط في المدينة، وحاجز لإدارة الأمن العام.

وأضافت المصادر أن الأضرار اقتصرت على الماديات واحتراق باص نقل داخلي، بينما لم يُصب أي عنصر من الأمن العام في محاولة الاستهداف.

    #عاجل

    انفجار سيارتين مفخختين بقرية المخرم الفوقاني بريف حمص الشرقي، والأنباء الأولية تشير إلى وقوع أضرار مادية فقط. pic.twitter.com/FWFMd5KOv0

    — المجهر السوري (@ShamScope) January 28, 2025

وهي المرة الأولى التي يتم فيها استهداف الأمن العام في وزارة الداخلية السورية، بطريقة تفجير العبوات الناسفة، بينما تعرضت حواجز لهم لهجمات من قبل فلول النظام المخلوع، كما تعرضت عدة دوريات أمنية لهجمات من قبل تلك الفلول، ما أدى إلى مقتل وجرح العشرات من العناصر.

ويعيش ريف حمص حالة من التوتر، لاسيما الريف الغربي القريب من الحدود مع لبنان، بعد مقتل العشرات من ضباط النظام وفلوله، على يد مسلحين مجهولين، عقب حملات أمنية من قبل إدارة العمليات العسكرية.

مستودع أسلحة

في الأثناء، عثر عناصر الأمن العام على كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر في منطقة بيت جن، في ريف دمشق الغربي، قرب الحدود مع الجولان المحتل. وقالت وكالة الأنباء السورية (سانا) إن المستودع يتبع للفرقة في قوات النظام المخلوع.

وفي منطقة الزبداني، في ريف دمشق الغربي، اندلعت اشتباكات عنيفة بين عناصر الأمن العام وفلول من الفرقة الرابعة، بعد مقتل طفلة على يد أحد عناصر الفرقة سابقاً، في قرية الروضة.

والاثنين، اعتقل الأمن العام نحو 30 ضابطاً وعنصراً من فلول النظام المخلوع، بعد حملة أمنية استهدفت البحث عنهم في المساكن العسكرية في منطقة قطنا، في ريف دمشق الغربي.

————————–

 نازحون سوريون في لبنان حوّلوا التحديات إلى فرص/ تالا حسن

الثلاثاء 2025/01/28

فرضت الحرب السورية على اللاجئين السوريين واقعًا مريرًا، حيث وجد الكثيرون أنفسهم مجبرين على ترك وطنهم، ومواجهة حياة جديدة مليئة بصعوباتٍ معيشية واجتماعية ونفسية، وتحدياتٍ كبيرة، والانطلاق نحو المستقبل من نقطة الصفر. ومن بينهم من تمكن من تجاوز المحن ونجح في تذليل العقبات، وتحدى ذاته والبيئة التي استضافته رغم الشعور الدائم بالغربة.

فن الكروشيه وصناعته

“أصعب شعور أن تكوني مرفوضة في كل مكان وزمان لمجرد أن جنسيتك لا قيمة لها. اختلف الوضع، وجنسيتي لها مستقبل. سأعود في القريب العاجل. بلدي بانتظاري”. هكذا عبّرت علا معتوق، النازحة من دمشق “مدينة الياسمين” كما تحب أن تصفها. روت علا كيف حولت تجربتها في لبنان إلى فرصة لبناء مشروع شخصي يعكس شغفها العميق.

بدأت رحلتها في صناعة “الكروشيه” على سبيل الهواية، أتقنتها منذ أن كانت في التاسعة من عمرها، قبل أن تتحول إلى حرفة ومصدر دخل أعاد تشكيل حياتها. كانت البداية متواضعة، حيث استخدمت ملابس قديمة أعادت تدويرها، لتحويلها إلى خيوط ثم صنعت منها قطعًا فنية يدوية للبيع. ومع مرور الوقت، شهد مشروعها تطورًا ملحوظًا. وتمكنت من شراء معداتٍ وخيوطٍ جديدة، وبدأت بتوسيع نطاف عملها.

نجحت في لبنان رغم التحديات التي فرضتها ظروف اللجوء، وعن تجربتها تقول: “الصبر هو مفتاح كل خطوة. تعلمت أنّ الإستمرارية والإيمان بقدراتي هما السلاح الأقوى. ومع كل اختبار، اكتشفت أنّ الأشياء تتحقق مع الوقت، وأنّ البدايات الصعبة ليست إلا بوابة لفرصٍ أكبر. كما أنّ القوة تكمن في التمسك بالحلم مهما كانت الظروف”.

كانت حياكة “الكروشيه” بداية الحلم، لكنها لم تكن المحطة الأخيرة. فبينما كانت تنسج الخيوط بين يديها، تشكّلت لديها فكرة جديدة لصنع عالمٍ آخر، يوازي عالمها الأول ويدعمه. حبها للقراءة شكل جزءًا أساسيًا من يومها ومن هنا ولدت فكرة بيع الكتب كنافذة لنشر الوعي والثقافة.

مسارها كان مليئاً بالمحن، لكنّه كان مفعماً بالتجارب الفريدة. فهي لم تنظر إلى المنافسة مع اللبنانيين كعقبة تحبط عزيمتها. بل اعتبرتها حافزًا لتطوير وإثبات قدراتها. وتقول: “عندما قررت الإنتقال إلى لبنان، كنت أعلم أنني سأصبح جزءًا من هذا المجتمع. بالنسبة لي، نحن لا نتنافس بل نكمل بعضنا البعض بالكفاءات والخبرات”.

هواية التصوير وتغيير المهنة

تحويل التحديات إلى فرص للنجاح عاشها واختبرها المهندس بالتحكم الآلي والحواسيب عبد القادر طليمات، المهجّر من حمص. عندما وصل إلى لبنان، كان في حيرة من أمره، لا يعلم من أين يبدأ وكيف يحقق استقلاله المادي، لا سيما أنّ دخله الوحيد يعتمد على مساعدة عائلته. قرر بناء مستقبله بنفسه. بدل مهنته، تعلم التصوير. فالتصوير بالنسبة له كان شغفًا يحلم ببلورته. وبعد اكتساب المهارات اللازمة، اكتشف أنه يمتلك عينًا فنية وقدرة إبداعية غير متوقعة. رغم الظروف الصعبة التي فرضتها جائحة كورونا، استطاع أن يحقق تطورًا ملحوظًا في مجاله. دخل متدربًا في شركة وأثبت جدارته سريعًا. وبعد شهرين من العمل، أعجبوا بإبداعه وقرروا تثبيته براتب يوازي نصف ما يتقاضاه الموظف اللبناني. لكن بعد سنتين من العمل والتطور المستمر، قرر فتح مشروعه الخاص بإمكانيات مالية محدودة. وعزز حضوره على صفحات التواصل الإجتماعي، وصار له جمهور من المتابعين واستقطب مشاريع جديدة.

ويقول عبد القادر: “لبنان بلد الرقي والثقافة والإنفتاح، في عهد الأسد كنا محدودين ومنغلقين على العالم. تجربتي في لبنان مليئة بالتحديات، فالتعامل مع بيئة جديدة لم يكن سهلاً، لقلة المعارف، ولكن بفضل عملي وجدت فرصًا لبناء علاقات واسعة. المنافسة في هذا المجال كانت قوية، لكن الناس بشكل عام يقدرون الإبداع أكثر من أي شيءٍ آخر. كلما أبدعت أكثر، زادت الفرص أمامك. ثقافة الإحترام المتبادل هي المفتاح في التكيف مع المحيط”.

بعد سقوط نظام الأسد، أصبح عبد القادر يعيش في صراع داخلي بين العودة إلى سوريا بعد تأسيس مشروعه الرائد أو البقاء في لبنان. ويقول: “أصبح لدي احساس حقيقي بالإنتماء، وأدركت أنّ لدي مسؤولية والتزام عميقان للعودة إلى بلدي، لإعادة بنائه ورفعه من تحت الركام”.

التجربة المريرة والمحن

قصة نجاح محمد (فضل عدم ذكر اسمه كاملاً) لا تختلف كثيرًا عن أقرانه إلا بالتجربة المريرة التي عاشها. فمحمد الآتي من دمشق “أرض الكرامة والعزة، وبلد أحلامه، وطفولته، ونشأته، وأهله وأحبابه، كما يصفها، عمل في محال لبيع المكسرات لتأمين معيشته، لكنه بعد أربع سنوات من العمل الشاق، تمكن من إنشاء مشروعه في صناعة الأحذية.

ويروي محمد أنّ غربته عن بلده كانت قاسية ومريرة، تركت جرحًا عميقا بداخله، وتطلب وقتاً للشفاء منه والتأقلم في البلد الجديد المضيف، الذي أصبح بيته الثاني، كما يقول.

وبفضل إصراره وتفانيه في العمل، أخذ  مشروعه بالتوسع تدريجيًا، بقصده الزبائن من أنحاء مختلفة لسمعته الحسنة.

ومثل محمد، كالكثيرين غيره، يقف حائرًا وعليه أن يختار بين نجاح مشروعه في البلد الذي استضافه، أو العودة إلى سوريا. فهو يرى  أنّ سقوط الأسد بمثابة بداية جديدة لنهضة لبنان وسوريا معاً.

صحيح أنّ منزله هناك سوّي بالأرض، لكن حلم العودة لا يزال راسخًا في عقله، وما يردده دائمًا: “سنعود يومًا ما ونعيد بناء كل ما دمر لنكتب فصلًا جديدًا من الإصرار”.

المدن

——————————–

«المرصد السوري»: إسرائيل تعزز وجودها في جبل الشيخ بريف دمشق وتنشئ مهبطاً لطائرات الهليكوبتر

29 يناير 2025 م ـ

أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، اليوم الأربعاء، بأن القوات الإسرائيلية نقلت منازل مسبقة الصنع ومُعدات إلى مواقع تقدمت إليها في ريف دمشق، عقب سقوط نظام بشار الأسد.

وأضاف المرصد أن إسرائيل عزَّزت وجودها في جبل الشيخ بريف دمشق، وأنشأت مهبطاً لطائرات الهليكوبتر هناك.

وجبل الشيخ عبارة عن مجموعة كبيرة من القمم الجبلية المغطاة بالثلوج فوق الحدود السورية اللبنانية، ويطل على ريف دمشق، وكذلك على هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل. وسيطرت إسرائيل على جبل الشيخ من سوريا في حرب عام 1967.

ويُعدّ جبل الشيخ من المواقع الاستراتيجية في سوريا، حيث يقع على الحدود بين سوريا والجولان المحتلّ ولبنان، ويشرف على مناطق واسعة.

وبعد سقوط نظام بشار الأسد، عملت إسرائيل على تدمير ترسانة السلاح السوري، وتقدمت قواتها البرية إلى مواقع داخل خط وقف إطلاق النار، بحجة وجود السلاح.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الثلاثاء، إن القوات الإسرائيلية ستبقى على جبل الشيخ لأجل غير مسمى. وجاءت تعليقات كاتس بعد زيارته القوات المتمركزة هناك. وأضاف كاتس أن إسرائيل لن تسمح لما وصفها بالقوات المُعادية بترسيخ وجودها في جنوب سوريا.

وتقول إسرائيل إن قواتها اتخذت مواقع داخل منطقة منزوعة السلاح تُراقبها الأمم المتحدة داخل سوريا، وإن بعض القوات تجاوزتها. وسبق أن قال مسؤولون إسرائيليون إن التحركات محدودة ومؤقتة لتأمين الحدود الإسرائيلية. وانتقد عدد من الدول والأمم المتحدة التحركات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، ووصفوها بأنها تمثل انتهاكاً للاتفاقيات.

————————

فيدان: سقوط الأسد فرصة كبيرة لتغيير إقليمي

أكد لـ«الشرق» أن التنسيق مع السعودية «وصل إلى مستويات عالية»

28 يناير 2025 م ـ

اعتبر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد «يفتح الباب لفرص تغيير كبيرة على الصعيد الإقليمي». وأكد أن التنسيق مع السعودية «وصل إلى مستويات عالية» في ملفات عدة، بينها سوريا.

وقال فيدان في مقابلة مع قناة «الشرق» للأخبار، إن «تركيا باعتبارها لاعبًا إقليميًا رئيسيًا، تسعى إلى تعزيز الاستقرار في المنطقة من خلال العمل المشترك مع الدول المجاورة والدول الكبرى، مع التركيز على ضمان مستقبل آمن ومستقر لشعب سوريا والمنطقة بأسرها».

وأشار إلى أن الأزمة السورية «تعد واحدة من أكثر الأزمات تعقيدًا التي شهدتها المنطقة في العصر الحديث، إذ استمرت الحرب الأهلية لمدة 14 عامًا، وأثرت بشكل عميق على الأمن الإقليمي». وأضاف: «لقد كانت السنوات الأخيرة من الصراع بمثابة حرب مجمدة تتطلب نهجًا أكثر فاعلية لتحقيق الاستقرار».

ولفت فيدان إلى أن تركيا ترى أن انهيار النظام السوري وظهور إدارة جديدة في دمشق «يمكن أن يكون نقطة تحول إيجابية، ليس فقط بالنسبة لسوريا ولكن للمنطقة بأكملها». ورأى أن هذا التطور من شأنه أن يمهد الطريق لحل سياسي مستدام ينهي الصراعات الإقليمية ويعزز الاستقرار.

تنسيق سعودي – تركي

وحول التنسيق السعودي – التركي في ما يتعلق بسوريا، شدد فيدان على أن هناك تواصلاً مستمرًا مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، خصوصاً في القضايا المتعلقة بالإجراءات التي يمكن اتخاذها لضمان الاستقرار في سوريا.

وقال الوزير التركي إن «التنسيق بين البلدين قد وصل إلى مستويات عالية في القمم الإقليمية مثل قمة العقبة في الأردن والقاهرة في مصر… تركيا والسعودية تتشاركان الرؤية نفسها بشأن سوريا، ولا توجد اختلافات كبيرة بينهما في هذا المجال».

وشدد الوزير التركي على أن بلاده «تسعى إلى التواصل مع جميع الأطراف الفاعلة في سوريا، بما في ذلك الدول المجاورة والمنظمات الدولية مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة». وأضاف أن أنقرة تعمل بشكل وثيق مع مجموعة من الدول العربية مثل السعودية والإمارات وقطر والأردن بهدف المساهمة في إعادة بناء سوريا وتحقيق الاستقرار السياسي فيها.

وتطرق إلى لقاءات مع المسؤولين الأوروبيين، بما في ذلك الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي كايا كالاس، والتي ناقشت رفع العقوبات عن سوريا في إطار هذا التنسيق. ولفت إلى إنشاء «آليات تنسيق داخلي في مختلف المجالات مثل المواصلات والطاقة والصحة، لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود، لأن الاستقرار في سوريا أمر حيوي بالنسبة لنا».

وأوضح أن بلاده تعمل «بالتنسيق مع المجتمع الدولي على وضع مجموعة من المطالب التي يجب على الحكومة السورية الجديدة تحقيقها. هذه المطالب تشمل ضمان عدم تهديد أمن جيرانها، القضاء على التنظيمات الإرهابية مثل (داعش) وحزب العمال الكردستاني، وحسن معاملة الأقليات». وأضاف: «نحن لا نطلب شيئًا خاصًا لأنفسنا، بل نطالب بأن تحقق سوريا آمال شعبها وأن تساهم في تعزيز استقرار المنطقة».

الدروس المستفادة من الأزمة السورية

وعندما سُئل عن الدروس التي تعلمتها تركيا من تداعيات الأزمة السورية، أوضح فيدان أن إحدى أكبر العبر التي يجب أخذها بعين الاعتبار هي ضرورة استقرار الحكومات في المنطقة وعدم السماح بوجود أنظمة تستمر في تأجيج الصراعات وتحقيق مصالح ضيقة على حساب رفاه شعوبها.

وأضاف أن «أحد أكبر التحديات كان تدخل القوى الأجنبية في شؤون المنطقة، وخاصة دعم الأنظمة المستبدة لتحقيق مصالح ضيقة، مما أدى إلى تفاقم الأزمات».

وأكد أن تركيا، بالتعاون مع دول مثل المملكة العربية السعودية، الإمارات، قطر، ومصر، تعمل على وضع سياسات تهدف إلى تجنب المزيد من الصراعات وتعزيز التعاون بين الدول الإقليمية لتحقيق السلام والتنمية الاقتصادية في المنطقة.

«الضغط» على واشنطن

وشدد فيدان على أن تركيا ستستمر في التعاون مع إدارة الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترمب على أعلى مستوى، رغم وجود بعض الخلافات بشأن السياسة الأميركية في سوريا. وقال إن «أحد أكبر التحديات كان دعم الولايات المتحدة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تعد جزءًا من حزب العمال الكردستاني، والذي تعتبره تركيا منظمة إرهابية».

وأكد أنه «لا يمكن لتركيا أن تقبل دعم أي مجموعة مرتبطة بالإرهاب في سوريا، ونحن سنواصل الضغط على الولايات المتحدة لتغيير سياستها في هذا المجال».

عودة اللاجئين السوريين

وتطرق وزير الخارجية التركي إلى قضية اللاجئين السوريين الذين لجأوا إلى تركيا بسبب الصراع المستمر في سوريا، مؤكدًا أن تركيا تعمل على توفير الظروف المناسبة لعودة هؤلاء اللاجئين إلى وطنهم بمجرد أن تتحسن الظروف في سوريا. وقال: «نحن لا نفرض عودة اللاجئين بالقوة، بل نعمل على توفير الظروف اللازمة لعودتهم بشكل آمن وطوعي».

«قلق» من «الاستفزاز» الإسرائيلي

وأكد فيدان أن تركيا «قلقة» من الوجود الإسرائيلي في بعض المناطق السورية، خاصة مع تزايد الأنشطة العسكرية الإسرائيلية في الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة السورية الجديدة أنها لن تشكل تهديدًا لأحد. وقال إن «التحركات العسكرية الإسرائيلية تمثل استفزازًا في هذا السياق»، مشيرًا إلى أن تركيا ودول المنطقة مثل السعودية ومصر ترفض هذه السياسات.

وفي ما يخص إيران، أوضح فيدان أن تركيا ترى فرصة لتحسين العلاقات بعد سقوط النظام السوري، إذ أن تراجع التواجد الإيراني في سوريا قد يساعد على تقليل التوترات بين البلدين. وقال: «هذه الفرصة يمكن أن تساهم في تطوير العلاقات بين تركيا وإيران بشكل إيجابي في المستقبل»، على الرغم من أن الوضع في سوريا يظل معقدًا.

أما روسيا، فرأى فيدان أنها تلعب دورًا مهمًا في القضية السورية، لكنها ليست في موقف يؤثر سلبًا على تركيا كما كان الحال في الماضي عندما كانت تدعم نظام الأسد. وقال إن «روسيا عازمة على إقامة علاقات جديدة مع سوريا في مرحلة ما بعد الأسد، ونحن مستعدون للمساهمة في هذا المسار».

وأقر بمجموعة من التحديات المستقبلية التي تواجهها تركيا في سوريا، ومنها ضمان أمن الحدود التركية، مكافحة الإرهاب، وحماية حقوق الأقليات في سوريا. لكنه شدد على أن «تركيا ستستمر في تعزيز علاقاتها مع شركائها الإقليميين والدوليين للعمل على استقرار سوريا والمنطقة ككل».

حل الدولتين لتجنب تكرار مأساة غزة

وفي ما يخص غزة، رأى أنه «لا ضامن لعدم تكرار المأساة ما لم تتحقق آمال الفلسطينيين بدولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة». وأضاف أنه «كان يمكن لاتفاق وقف إطلاق النار أن يتم من فترة طويلة». ونوه بدور السعودية ومصر وقطر في وقف النار، مشيراً إلى أنه «المرحلة الأولى لإنهاء المعاناة الفلسطينية». وأكد ضرورة السير إلى حل الدولتين «بشكل عاجل لتجنب تكرار هذه الحرب».

————————-

قرابة الشهرين على سقوط بشار الأسد وإستلام حكومة الإنقاذ مع أحمد الشرع السلطة في المرحلة الإنتقالية في سوريا. قراءة في الواقع السياسي والاقتصادي

– تم كسر العزلة السياسية التي فرضت على نظام بشار الأسد. سارعت الوفود العربية والغربية بزيارة سوريا ولقاء الإدارة الجديدة والتعرف عليها. بعض الوفود حمل دلالات سياسية أكثر من الأخرى بدون شك (إلغاء المكافأة على أحمد الشرع من قبل الإدارة الأميركية الذي يعكس نية أميركية في الإنخراط بعلاقة ما مع الإدارة السورية الجديدة).

– على الصعيد العربي، وصول وفود لأبرز الدول العربية والإقليمية في المنطقة، تبعها زيارات لوزير الخارجية مع رئيس الاستخبارات ووزير الدفاع لمجموعة من الدولة العربية الوازنة (السعودية، قطر الإمارات).

– تعهدات بمساعدات اقتصادية ومالية في سوريا من قبل بعض الدول العربية وبعض المساعدات المالية من قبل بعض الدول الغربية (50 مليون يورو من ألمانيا).

– أبرز تطور سياسي/اقتصادي حتى اللحظة هو الإعفاء الأميركي من بعض العقوبات الذي صدر بالرخصة رقم 24، ثم تبعه إعفاء آخر من إدارة الرئيس بايدن على عدد من الدول الإقليمية بخصوص التحديات التي قد تواجهها هذه الدول بسبب تصنيف سوريا كـ”دولة راعية للإرهاب”، مما قد يفرض قيوداً على المساعدات الأمريكية (البحرين، العراق، الأردن، الكويت، لبنان، عُمان، قطر، السعودية، تركيا، الإمارات، بالإضافة إلى أوكرانيا). الأمر الذي يتيح لهذه الدول الإنخراط بمساعدات اقتصادية للدولة السورية.

– حديث أوروبي واضح عن خطة أوروبية مشتركة لتخفيف وتعليق العقوبات على سوريا لدعم المرحلة الانتقالية.

– التطور الأمني الأهم في سوريا على مدى شهرين كان ما كشفته صحيفة الواشنطن بوست نقلاً عن مسؤولين في الاستخبارات الأميركية أن الولايات المتحدة شاركت معلومات استخبارية مع الإدارة السورية الجديدة مكنتها من إحباط هجوم لتنظيم داعش. تصريحات المسؤولين الأمنيين الأميركية (وفقاً للصحيفة) أن الولايات المتحدة ستتشارك بمعلومات استخباراتية مع سوريا تصب بمصلحة الطرفين (مكافحة الإرهاب).

– السؤال الأهم حتى الآن، مع كل هذه الوفود الدبلوماسية والحراك الدبلوماسي النشيط لوزير الخارجية السوري الشيباني، والتسهيلات الأميركية لدول عربية وإقليمية حليفة لسوريا (لا سيما السعودية، قطر وتركيا)، وبدء التعاون الاستخباراتي الغربي مع سوريا، لماذا لم تتكفل أي من هذه الدول العربية الشقيقة، أو الإقليمية، أو حتى الغربية، بتقديم معونة مالية مباشرة للحكومة السورية تساعدها على دفع رواتب الموظفين وتساهم ببناء قدرات الحكومة الجديدة في سوريا؟ لماذا لم تصل شحنات النفط العربي بعد أن قطعت إيران والعراق نفطها عن سوريا، رغم الرغبة الخليجية المعلنة والواضحة بملئ الفراغ في سوريا ومنع إيران من العودة لسوريا؟

– طبعاً الجواب ليس سراً، لكن يقتضي تجميعه من عشرات التصريحات السياسية المتناثرة هنا وهناك أولاً، ويقتضي قبولنا كسوريين بهذا الواقع وفهم الحراك السياسي حول سوريا بشكل موضوعي بعيداً عن مشاعرنا ورغبتنا بنجاح المرحلة الانتقالية ومرورها بسلاسة وبأقل الخسائر.

 للأسف لا مصارحة من قبل الإدارة السورية الجديدة حول نتائج الحراك الدبلوماسي السوري (ولا حتى خطاب محلي داخلي)، لكن تصريحات المسؤولين العرب والغربيين العلنية قد تقدم بعض المعطيات:

– جميع الدول التي زارت سوريا أو زارتها الدبلوماسية السورية قدمت مطالبها الخاصة بها بخصوص سوريا. هذه المطالب تتعلق بضمان أمنها، رؤيتها للمرحلة الانتقالية في سوريا، شكل السلطة، العلاقة مع مكونات الشعب السوري (القومية والدينية)، الحقوق والحريات العامة، مشاركة المرأة، وصولاً لتعهدات بمكافحة الإرهاب.

طبعاً تم تشويه قسم كبير من هذه المطالب المتعلقة بشكل وطبيعة نظام الحكم واختصارها بنقاش جانبي عن طبيعة الدولة الإسلامي أو العلماني، والتعليق على موضوع الحجاب والمرأة والأقليات فقط. الحقيقة أن المطالب الدولية تركزت على إنشاء دولة تعددية تسود فيها سيادة القانون ولا تسلط فيها من أي جهة ضد أي جهة. دولة تحول دون الفشل والدخول في الفراغ.

– كان لافت جداً حجم التحشيد الدبلوماسي الذي تقوم به المملكة العربية السعودية لصالح سوريا (مشكورة حقيقة) في مؤتمر الرياض. وفود دبلوماسية عربية وإقليمية وغربية على أعلى المستويات وتعهد سعودي بمساعدة سوريا على تجاوز عقبات المرحلة الإنتقالية.

– المهم جداً خلال مؤتمر الرياض كان تصريح المبعوث الخاص للأمم المتحدة غير بيدرسون أن الحوار الوطني سينطلق في سوريا خلال ثلاثة أشهر. لم يصدر التصريح عن الشيباني، لكن عن بيدرسون أمام كل هذه الوفود التي تمثل العالم بالنسبة لسوريا اليوم. لاحقاً صدر تصريح عن بيدرسون من سوريا أنه سيبقى في سوريا لفترة مديدة (على الأغلب للتحضير للمؤتمر).

– الملاحظ أيضاً تصريح وزير الخارجية السعودية فيصل بن فرحان من مؤتمر دافوس أن السعودية “متفائلة بحذر” بخصوص سوريا. فيها القليل من الحذر والتراجع عن تصريحاته في مؤتمر الرياض. ثم لاحقاً زيارته إلى دمشق وتصريحه أن السعودية تثمّن “ما تقوم به الإدارة السورية الجديدة من خطوات إيجابية في الانفتاح والحوار”.

– تعليق عدد كبير من الدبلوماسيين الغربيين أنهم سمعوا تصريحات مشجعة من أحمد الشرع وأنهم بانتظار الأفعال. هناك تصريحات أوروبية ممتازة برغبة أوروبية بتعليق العقوبات وتخفيفها لأبعد الحدود، لكن في ذات الوقت، يربط الاتحاد الأوروبي رفع العقوبات على سوريا بسياسات الإدارة السورية الجديدة. قالت مفوضة السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس في زياراتها لدمشق إن هناك توافقاً بين دول الاتحاد على الهدف المشترك، وهو الوصول إلى سوريا مستقرة وسلمية وخالية من الحروب الأهلية. وأضافت كالاس أن مواقف دول الاتحاد الأوروبي ستكون إيجابية إذا اتخذت الإدارة الجديدة في سوريا خطوات مناسبة. ثم عادت كايا كالاس إلى بروكسل لتقول أن الإتحاد الأوروبي سيتعامل مع الإدارة السورية وفق قاعدة الخطوة بخطوة.

– مراقبة أداء الحكومة السورية الخدمي والذي لا يقدم صورة ناجحة بتاتاً عن قدرة الحكومة السورية بوضعها الحالي على إدارة الدولة السورية بشكل فعال وتقديم الخدمات للشعب السوري وتمنعها بذات الوقت عن إشراك أطراف أخرى في المفاصل الإدارية للبلاد.

الأمر لا يتعلق بحسن النوايا ولا بنوع الشخصيات التي اختارها الشرع فقط، إذ تفقتر هيئة تحرير الشام للعدد الكافي من الكوادر في عدة مجالات (مثلاً المجال الأمني، تم فصل عناصر الشرطة المدنية رغم الافتقار للعدد الكاف للعناصر. تم تخريج دفعة سريعة من عناصر الأمن العام في درعا وغيرها على عجالة لاحقاً لتدارك الوضع). كما تفتقر الهيئة للكوادر التقنية لإدارة معظم الوزارات بشكل تقني على صعيد سوريا. التعيينات الخاطئة عكست صورة عن الافتقار لطبقة التكنوقراط الضرورية جداً في هذه المرحلة الحرجة لسوريا. مع توفر هذه الخبرات السورية في سوريا والمهجر، يثار السؤال حول سماح الإدارة السورية لمن هم خارج هيئة تحرير الشام بالمشاركة في إدارة بلادهم.

– الأزمة الاقتصادية التي تسبب بها تعليق عمل عدد كبير من الموظفين المدنيين (ولو أن غربلة الجهاز الحكومي أمر ضروري في أعقاب أي تغييرات كبيرة، لكن الطريقة التي يتم بها شبيهة بالخطأ الأميركي الكبير المعروف بـ “اجتثاث البعث” والذي تسبب بإنهيار الجسم البيروقراطي للدولة في العراق بعد الاحتلال الأميركي).

– الوضع الأمني الهش وبعض الأعمال الانتقامية التي كان لها صدى سلبي، وأيضاً العمليات العسكرية في مناطق ذات احتكاك طائفي عالي مثل حمص والأخبار التي تصدر عنها. كان ممكن إدارة هذا الملف بطريقة أفضل في حال إعلان الإدارة السورية عن خطة للعدالة الانتقالية تشمل محاكمة المجرمين، حماية الأبرياء، تعويض الضحايا والمتضريين وكشف مصير المفقودين. اللافت أن هذا الملف كان موضع نقاش بين الشرع والمبعوث الأممي غير بيدرسون الذي طلب مساعدة المجتمع الدولي لسوريا في هذا المجال، في الوقت التي لا تزال وزارة الخارجية السورية تعلق النظر بطلب الآلية الدولية للمفقودين التابعة للأمم المتحدة بالدخول لسوريا.

سوريا اليوم:

هل الوضع في سوريا سيء للغاية؟ طبعاً لأ.

هل الوضع أفضل ما يكون كمان يخبرنا جيش اليوتوبرز والتيكتوكرز والمعلقين؟ طبعاً لأ.

هل كان من الممكن أن تنجر سوريا لوضع أسوأ بكثير عما هو الآن، من ناحية الفلتان الأمني والإرهاب والاقتتال الطائفي؟ طبعاً كان من الممكن حصول ذلك، وللأسف لا يزال شبح هذا الموضوع قائماً.

هل بالإمكان تقديم صورة أفضل عن الإدارة الجديدة وقدراتها ونوايها وأفعالها في سوريا، تساهم بتسريع الإعتراف السياسي الدولي ورفع العقوبات وتقديم الدعم الإنساني والاقتصادي؟ نعم ممكن ومرهون بقرار سياسي من أحمد الشرع وفريقه فقط.

– حوار سياسي ناجح، على مبدأ مشاركة جميع الأطراف سياسياً، يقدم تصوراً مقبولاً عن شكل الدولة (مركزية أو لا مركزية) ومشاركة جميع الأطراف (بما في ذلك الأكراد بعد التوصل لتسوية سياسية معهم).

 (ببساطة، عندما تحرم السياسيين من المشاركة السياسية وتطلب منه المشاركة كأفراد، سيذهبوا للاحتماء بطوائفهم ورجال دينهم ويعودوا ضمن وفود دينية وقومية. الأفضل لسوريا وللسوريين مشاركة الأطراف ككتل سياسية).

– ضرورة صدور “إعلان دستوري” مؤقت (وليس دستور كون صياغة دستور سوري جديد ستتطلب وقتاً) يقدم إطاراً قانونياً لحكومة الشرع أمام السوريين والمجتمع الدولي.

– تصحيح مسار التعيينات الوزارية والخدمية بعد إنتهاء دور حكومة تصريف الأعمال في آذار، وإشراك شخصيات سورية تقنية من خارج فريق هيئة تحرير الشام. الأمر الذي سيعكس خطوات إيجابية حول إشراك الآخرين في الحكم وعن صيغة الحكم الرشيد. بما في ذلك إشراك نساء سوريات فاعلات وخبيرات في أدوار تقنية هامة (كما حصل في تعيينات مدراء المشافي الوطنية مثلاً). وبما في ذلك إعادة قسم كبير من موظفي الدولة المدنيين، خاصة في المجال الخدمي.

– إطلاق آليات عدالة إنتقالية شاملة، ولو بالخطوط العريضة فقط، والإنتفاح على مطالب أهالي المفقودين والبدء عن وضع خطة وطنية للعدالة تنصف جميع الأطراف ونتهي حالة الإحتقان والإنجرار للثأر الشخصي. وتقييد العمليات العسكرية لحدودها الدنيا.

– السماح لآليات الأمم المتحدة بالدخول إلى سوريا والعمل دون قيود. هذا الملف وحده سيعزز الموقع السياسي لحكومة الشرع كدولة مؤمنة بالتعددية السياسية والشراكة الدولية، وينهي التصور القائم اليوم أننا نسمع كلاماً جميلاً فقط من أجل الحصول على التمويل الغربي.

– تعزيز التعاون الأمني مع الغرب في مجال مكافحة الإرهاب وإيجاد حل لمشكلة المجاهدين الأجانب التي تؤرق الجانب الأميركي وفقاً للواشنطن بوست نقلاً عن مصادر استخباراتية أميركية.

بدون بعض هذه التطورات والخطوات الإيجابية، للأسف ستدور المرحلة الانتقالية في دائرة مفرغة، وستبقى المساعدات القادمة لسوريا عبارة عن بعض الدعم الإنساني السعودي والقطري، بعض المساعدات التركية، وتعهدات غربية بمجال الصحة والغذاء.

متداوووول

—————————–

سمير العيطة السوري الـ”متشائل”: عسى الآتي لا يخبىء سايكس بيكو جديداً

بأسلوبه الساخر يبادر الخبير الاقتصادي السوري والمستشار الدولي سمير العيطة الى تقديم نفسه وفق مستجدات الساحة الدمشقية، على الشكل الآتي: “أنا سعيد أبو سعد المتشائل”.

رولا عبدالله

بأسلوبه الساخر يبادر الخبير الاقتصادي السوري والمستشار الدولي سمير العيطة الى تقديم نفسه وفق مستجدات الساحة الدمشقية، كالآتي: “أنا سعيد أبو سعد المتشائل”. يستأذن قليلاً ليخاطب سيدة بالفرنسية قبل أن يكمل لـ”النهار” حديثه الهاتفي ممازحاً: “هذه السيدة تريد أن تأخذ مقعدي “سلبطة” في الرحلة المتوجّهة من فرنسا إلى إيرلندا”. يعلّق: “نعم، السلبطة موجودة في كل مكان… وليست وليدة استسلام شعوبنا”.

شاهد المزيد

يبادر حديثه بالإشارة إلى نصف الكوب الفارغ الذي لا يريد أحد في سوريا رؤيته، على رغم الانتصار الكبير الذي تحقق برحيل نظام الأسد. “الجميع ينظرون الى النصف الملآن ويبتهجون للمناسبة، لكن ماذا بعد؟”، سؤال يؤرّق الاقتصادي الذي لا يمكن أن يتجاوز هواجسه بالنظر الى تجاربه التي أخذته إلى لبنان ومصر وفرنسا والعديد من الدول، بعد تسريح حزب البعث لوالده من عمله مع كثير من الكوادر السورية بعد انقلاب 1963، ليشغل الإبن لاحقاً منصب رئيس منتدى الاقتصاديين العرب ورئاسة تحرير النشرة العربية من “لوموند ديبلوماتيك” وأستاذ محاضر في الاقتصاد السياسي في جامعة باريس دوفين، وجامعة باريس الثانية السوربون، وجامعة القديس يوسف في بيروت؛ وخبير استشاري في مجالات الاقتصاد والمال والعمل والتخطيط العمرانيّ والإدارة.

 لم تكن الحياة خارج سوريا بالأمر اليسير بالنسبة إلى “ابن العائلة الدمشقية المعروفة”، ذلك أن والده الدكتور أحمد عدنان العيطة مصرفي سوري من مؤسّسي مصرف سوريا المركزي، وأول مفوّض حكومي فيه ومن مؤسسي مرفأ اللاذقية بقرار من رئيس الحكومة آنذاك خالد العظم. أما جده لوالدته، فهو الفنان التشكيلي محمد سعيد تحسين بك، وخاله المقدم مأمون تحسين بك ضابط سوري والمرافق العسكري للرئيس السوري الأسبق شكري القوتلي. ولا يفوته أن يذكر والدته في الحديث عن الأنساب: “منها أخذت روح الكوميديا السوداء. لقد كانت ناشطة، وأول إمرأة ترأس فريق “فولي بول”، وتجرّأت على كسر تابو ذهاب الفتيات إلى المسابح في سوريا”.

 يقول: “نعم، عشت معظم حياتي خارج سوريا، ووجدانياً متزوج بأربع: الشام وبيروت والقاهرة وباريس”. وفي عام 1972، إلتحق الفتى الدمشقي بالمدرسة الفرنسية “بوليتيكنيك” الملقبة بحرف “إكس”، والتي تعدّ من أقطاب البحث العلمي العالي الفرنسي والأوروبي، مع زميلين له هما شربل نحاس وكارلوس غصن، ثّم تابع دراساته العليا في التقنيات النووية والمحاسبة والتحكم الإداري.

وظل يتردد على الشام إلى حين “الغضبة الكبرى” عليه عام 2011 من بشار الأسد يوم استضافه الإعلامي اللبناني مارسيل غانم، فأعطى رأيه في حاكم سوريا من دون مجاملة. يقول: “حدث الأمر نفسه مع سمير قصير، وقد اختبأ في غرفة فندقي في بيروت ذات يوم. والواقع، فكرة أن نناصر الدولة وننتقد السلطة حين تستبدّ أو تُخطئ ليست بالأمر المسموح في بلادنا. ربما تأخذنا هذه العنجهية في آخر المطاف إلى واقع أكثر مرارة من سايكس بيكو”.

“متشائل”، يؤكّد العيطة الذي يقرأ في الآتي بوادر تقسيم وطمع إسرائيليين واضحين باستعادة حلم إسرائيل الكبرى بموافقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحالم هو الآخر بـ”نوبل للسلام”، الجائزة التي ستكون واجهة لما تحت الثلج: “ترامب نفسه يردّد أن إسرائيل بحاجة الى مزيد من الأراضي”. يقول: “لذلك أخذتني الأفكار بينما كنت في طريق العودة إلى سوريا قبل أسابيع مضت، وبعد غياب أكثر من عقد، إلى أنّ السوريين أمام واحد من خيارين “بين إسرائيل الكبرى أو العودة الى الوصاية العثمانية، ربّما الأخيرة أفضل لكوننا اختبرنا ممارسات الأولى ومخططاتها لشعوبنا”، يقول لافتاً: “مشكلتنا مع إسرائيل أنها ترى فينا مجرّد قبائل وطوائف ولسنا شعوباً تطرُب للحرية”.

يقارن بين نظام الأسد والإدارة السورية الجديدة: “المشكلة مع آل الأسد أنهم حين يغضبون على شخص يلغون فكرة وجوده في هذه الحياة من الأساس. أما بالنسبة إلى الإدارة الجديدة، فالأمور لا تزال غير واضحة. لقد كانوا لطفاء في الشام، ومعي حين عبرت من مركز الجديدة، لكن حين تظهر المجموعات الملثّمة في الأحياء، يعتريني القلق وتطلّ الهواجس متمثلة بالعناوين الكبرى التي ينادون بها: ماذا يعني الاقتصاد الحرّ واعتماد نموذج إدلب، الأوّل تخلّت عنه الدول الغربيّة إذ لا يخلق نموّاً والثاني يقوم على التهريب”.

ينطلق العيطة في الجانب الاقتصادي من تشريح نموذج الاقتصاد الحر: “وفق تجربة حكومة الإنقاذ لهيئة تحرير الشام في حكم إدلب منذ عام 2017 وبعد انفتاح أسواق البلاد على البضائع التركية، تواجه غالبية الصناعيين معضلة ارتفاع تكلفة التصنيع المحلي مقارنة بأسعار البضائع الآتية من تركيا”. يضيف: “لا يتجاوز عدد سكان إدلب 3 ملايين، وقد أخذت المنظمات الدولية على عاتقها حيّزاً مهماً من الجانبين الاجتماعي والمعيشي لمعظم السكّان. أما في الحالة السورية عموماً، فالمسألة أكثر تعقيداً، وخصوصاً في ظل استمرار العقوبات الدولية. هنا السؤال: ماذا يعني الاقتصاد الحر في ظلّ العقوبات؟”.

يضيف: “لا يفوتنا التهليل لفكرة أنه صار بإمكان السوري الحصول على الموز والكيوي وتعبئة المحروقات من دون بطاقة ذكيّة وشراء السيارات بربع الثمن، ولكن الحقيقة أن المصرف المركزي فارغ من الدولارات على رغم وجود الذهب. وهذا يعني أنه من دون ضبط “الكاش” في البلد لن تُرفَع العقوبات”.

في مرحلة ما بعد بشار، يرى العيطة أن الاقتصاد “المنهوب” تنفّس الصعداء، لكن استجدّت “بسطات صيرفة”، وهو أمر ينذر بالتحوّل الى ما يشبه النموذج اللبناني: “عدم ثقة بالمصارف وانفلات الكاش بالعملة الصعبة عشرة أضعاف الكاش اللبناني”.

وهناك أكثر من استحقاق يُفترض عدم التهاون به: “العدد الكبير لموظفي الدولة الذين خسروا مورد رزقهم على اعتبار أنهم محسوبون على النظام البائد. كيف يتمّ التعاطي مع هذه الفئة؟”. ويلفِت: “آنذاك إن لم تكن بعثياً لا تحصل على وظيفة. لكن هل ناصر جميعهم فعلاً النظام؟”.

ويتوقّفعند مسألة جوهرية: “الأمر المرعب يتمثل في حلّ الجيش السوري. فقد عاشت الشعوب مخاض تشكيل جيوشها بكثير من الحذر، ذلك أن الإجراء يحتاج إلى عقيدة ومنطق دولة لا يشبه ما نادى به أكرم حوراني لجهة إدخال السياسة إلى المؤسسة العسكرية. عام 1945، تأسّس الجيشان الوطنيّان اللبناني والسوري من ميليشيات طائفية كان الانتداب الفرنسي قد شكّلها. ماذا عن الظرف الحالي؟”.

أما لجهة المرحلة الانتقالية، فيشدد  على “ضرورة الاستفادة من الخبرات السورية وإن استدعى الأمر التعاون مع الكوادر القديمة في ظلّ حكومة تشاركية”: “لا ننسى أنّ من صمد في الداخل ليحمي مؤسسات الدولة تُحسب له وطنيّته أكثر ممّن اختار حماية رأسه بطلب اللجوء. هؤلاء خبراء في “دحاويش الداخل”، ولا شك في أن لديهم حنكة التعاطي مع أمور الدولة على مفترق خطير وفي ظلّ خصوصية الوضع المعقد في الجولان، وعدم السيطرة الأمنية في مناطق مثل حوران وجبل الدروز وحمص والساحل السوري”. أما نصيحة العيطة للإدارة السورية فهي: “صلّوا على النبي واعملوا ما فيه لخير سوريا من حكومة تشاركية ليس فيها تهميش لأيّ طرف. ولمن تورّط بالدم هناك محاكم وعدالة انتقالية”.

النهار العربي

———————–

ماذا حققت الحملات الأمنية ضد فلول نظام الأسد في حمص؟

معاذ العباس

29/1/2025

حمص– أعلنت إدارة العمليات العسكرية في محافظة حمص انتهاء عمليات ملاحقة فلول نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد بعد عدة مراحل مرت بها هذه العملية على مدى 45 يوما، بالتزامن مع استمرار عمل مراكز التسوية التي تمنح عناصر وضباط النظام السابق بطاقات حماية مؤقتة بعد تسوية أوضاعهم وتسليم السلاح الذي بحوزتهم.

وقد تمت عمليات ملاحقة فلول النظام السابق في حمص على عدة مراحل من الإعلان عن فتح مراكز التسوية، إلى تفتيش وملاحقة عدد من فلول النظام ومصادرة الأسلحة التي بحوزتهم، في إطار سياسة وضع السلاح فقط بيد الدولة.

بدء مرحلة جديدة

يقول مسؤول العلاقات العامة في محافظة حمص حمزة قبلان -في حديث خاص للجزيرة نت- إن عمليات ملاحقة فلول النظام البائد في محافظة حمص انتهت، بعد العمل لما يقارب الشهر ونصف الشهر من الملاحقة، والتمكن من إلقاء القبض على معظمهم، وكان ذلك من خلال عدة مراحل:

    الأولى: بدأت بافتتاح مراكز التسوية وتوجيه نداءات، لكل من يملك أو يحمل السلاح سواء كان عنصرا أو ضابطا من النظام السابق، بالتوجه لمراكز التسوية التي تم الإعلان عنها لتسوية أوضاعهم وتسليم سلاحهم والحصول على بطاقة حماية مؤقتة، وفي هذه المرحلة كان التجاوب ضعيفا من قبل حملة السلاح وعناصر وضباط النظام، فتم الانتقال للمرحلة الثانية.

    الثانية: في هذه المرحلة بدأت قوات إدارة الأمن والقوات العسكرية بحملة التفتيش وملاحقة الفارين من فلول قوات النظام البائد، وحصل في هذه المرحلة مساعدة كبيرة من قبل الأهالي والمدنيين، وتمكنت قوات الأمن من اعتقال عدد كبير من الشخصيات والمطلوبين في الوقت الذي فر قسم منهم، بينما ضبطت كميات كبيرة من السلاح.

صورة تظهر خروج قسم من عناصر النظام السابق بعد التحقيقات الأولية من الموقوفين في حمص 2

الإفراج عن عناصر نظام الأسد الذين لم يثبت تورطهم في إراقة الدماء (الجزيرة)

وأضاف قبلان “في هذه المرحلة تم التحقيق مع الأشخاص الذين تم اعتقالهم والاشتباه فيهم عبر الأجهزة الأمنية المختصة، ومن ثبت تورطه بارتكاب جرائم ويده ملطخة بالدماء ما يزال موقوفا وسيحال إلى القضاء، ومن لم يثبت عليه أي جرم بدأنا بالإفراج عنهم عبر مراحل متتالية”.

ولفت إلى أنه بعد هذه المرحلة تم الإعلان عن انتهاء مرحلة ملاحقة الفلول في محافظة حمص لأنها حققت أهدافها، واستطاعت الوصول إلى هدف الحملة الرئيسي، وتمكنت من النجاح في مهمتها ضمن عمل منضبط ومنتظم.

وأوضح أن المرحلة التالية ستركز على البحث عن المطلوبين والهاربين من قبضة العدالة الذين لم نستطع إلقاء القبض عليها في المرحلتين الأولى والثانية، وهذه المرحلة ستكون من خلال مذكرات توقيف واستدعاء شخصي من قِبل إدارة الأمن العام والنيابة العامة، وستستمر حتى إلقاء القبض على كل المطلوبين.

تكاتف شعبي

وحسب قبلان فإن الهدف هو “الوصول إلى سوريا جديدة بعيدة عن الجرائم والمجرمين وبعيدة عن الفلول الذين يحاولون باستمرار إثارة القلائل والتخريب لزعزعة أمن البلد”.

ولفت إلى أن الفلول الذين كانوا وما زالوا يعيشون على دماء السوريين “لا يناسبهم ولا يعجبهم ما وصلنا إليه من ضبط الأمن والاستقرار الإداري خلال فترة زمنية قياسية لا تتجاوز الشهر بعد سقوط النظام السابق وترك إرث متهالك ومترهل في جميع القطاعات”.

ونوه مسؤول العلاقات العامة في المحافظة إلى وجود تكاتف شعبي -من أهالي حمص من كل المكونات- مع الإدارة الجديدة “وهذا لم ولن يعجب الفلول” لذلك سينشطون من جديد، ولكن “من خلال إدراكنا ووعينا لهذه المرحلة سنحاول تضييق الخناق عليهم لمنع أي عمل يعكر صفوَ البلاد”.

صورة جوية تظهر مدينة حمص وساحة الساعة الأبرز في حمص

ساحة الساعة الأبرز في مدينة حمص السورية (الجزيرة)

وتابع “نرسم الآن أن تكون حمص أجمل، وذلك من خلال الانخراط في عمل جماعي بين الإدارة الجديدة ومكونات الشعب جميعها في حمص، ومن خلال الجلسات التي نعقدها باستمرار مع أبناء حمص وجدنا حب العمل من الجميع وسط رغبة بالعيش بأمان والوصول إلى دولة جديدة حضارية مختلفة عن السابق”.

وأضاف أن الجميع في حمص يمد يده للمساعدة والعون رغم المآسي والجراح والفقر والبُنية التحتية المتهالكة والدمار الحاصل في عدد من الأحياء بشكل شبه كامل.

خدمات

قال قبلان إن “تطوير الخدمات موضوع صعب علينا بمفردنا إذا لم تتضافر الجهود المؤسساتية والمحلية والدولية والمجتمعية، وهذا ما وجدناه فعلا من خلال الأفكار التي بدأت تُطرح من قبل الأهالي والشباب الذين أطلقوا بعض المبادرات وبدؤوا بتنفيذها مثل إزالة الأنقاض وترميم بعض البيوت وتزيين الشوارع وإزالة رموز النظام السابق”.

وأضاف أنه بالتعاون مع محافظ حمص بدأت الفعاليات المجتمعية بوضع خطة عمل متكاملة حيث سيتم ترتيب العمل من حيث الأهمية “فنحن سنبدأ بما نحن قادرون عليه وأيضا ما يمكن أن يساهم المجتمع فيه، وهكذا ننهض سوياً في إعادة بناء حمص”.

وأشار إلى أن عودة الكهرباء هي الأهم كخطوة أولى لأنها تنعش الحياة المدنية والاقتصادية وأيضا تساهم بتحقيق الأمان بشكل كبير جدا، ولكنها تحتاج إلى الكثير من العمل وخاصة في ظل ترهل الشبكة التي تركها النظام السابق وتمت سرقة كل محتوياتها الأساسية من كابلات نحاسية ومحولات كهربائية.

ولفت إلى أنه تم وضع خطة يتم من خلالها الآن إصلاح الشبكات وصيانتها، ولكنها تحتاج إلى فترة ربما تطول قليلاً وتحتاج للصبر من الجميع.

المصدر : الجزيرة

—————————

ماذا تريد موسكو من محادثاتها في دمشق؟

فهيم الصوراني

28/1/2025|

موسكو- وصل وفد روسي رفيع المستوى إلى سوريا، وهو الأول منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، ويرأسه ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية والممثل الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف.

ولم يكشف أي من الجانبين عن المدة التي ستستغرقها الرحلة أو البنود المحددة والمدرجة في جدول الأعمال.

لكن وزير الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة مرهف أبو قصرة كان صرح قبل نحو أسبوع بأن السلطات السورية الجديدة تتفاوض مع موسكو بشأن استمرار وجود القوات الروسية في قاعدتي حميميم وطرطوس الواقعتين على ساحل البحر الأبيض المتوسط.

مصير مجهول

ومنذ سقوط الأسد بات الغموض يلف مصير الوجود العسكري الروسي في سوريا، إذ نقلت موسكو كل قواتها من جميع أنحاء البلد إلى مركزها الرئيسي في قاعدة حميميم الجوية بالقرب من اللاذقية، وحتى الآن لا توجد أي مؤشرات على أنها تستعد لإخلاء قاعدتيها بشكل كامل.

كما لم يؤثر إنهاء عقد مع شركة روسية لتحديث ميناء طرطوس التجاري بشكل مباشر على المنشأة البحرية الروسية التي تم تأجيرها بموجب صفقة منفصلة.

ولروسيا قاعدتان عسكريتان رئيسيتان في البلاد، وهما قاعدة طرطوس البحرية على البحر الأبيض المتوسط، والتي يعود تاريخها إلى الحقبة السوفياتية، وقاعدة حميميم الجوية بالقرب من اللاذقية، والتي أنشأتها القوات الروسية في عام 2015 خلال الأحداث التي شهدتها البلاد آنذاك.

وتعد طرطوس المركز اللوجستي البحري الروسي الوحيد في البحر الأبيض المتوسط، في حين تعد حميميم قاعدة إمداد رئيسية للقوات الروسية بمنطقة المتوسط ​​وشمال أفريقيا، وفي عام 2017 حصلت روسيا على القواعد بموجب عقد إيجار مدته 49 عاما.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين -الذي منح اللجوء للرئيس السوري السابق الأسد في موسكو- قال خلال مؤتمره الصحفي السنوي أواخر العام الماضي إن بلاده يجب أن تفكر في ما يجب أن تفعله بشأن قواعدها في سوريا بعد أن أصبحت البلاد تحت قيادة جديدة.

وقبل يوم واحد من وصول الوفد الروسي إلى دمشق نشرت وسائل إعلام غربية معلومات بناء على صور جديدة للأقمار الصناعية بشأن وصول سفينتي الشحن الروسيتين “سبارتا” و”سبارتا 2″ التابعتين لشركة الشحن “أوبورون لوجيستكس” -التي تخضع للعقوبات- إلى ميناء طرطوس حيث تقع القاعدة العسكرية الروسية.

كما نقلت وسائل إعلام روسية عن نظيرتها الغربية ما قالت إنها “مزاعم” بوصول وحدات كثيرة من المعدات العسكرية الروسية خلال الأسابيع الماضية إلى منطقة الميناء، بينها العشرات من المركبات، وإنه تم تحميلها على السفن.

صيغ توافقية

ويعتقد الخبير في الشؤون الشرق أوسطية أندريه أونتيكوف أن الزيارة ستركز بالدرجة الأولى على بحث مستقبل القواعد الروسية في سوريا، ومحاولة إيجاد صيغة تعاقدية جديدة لوضعها القانوني، لأن إغلاقها سيكون بمثابة ضربة خطيرة لطموحات روسيا في الحفاظ على موطئ قدم عسكري بالشرق الأوسط، وممارسة النفوذ في البحر الأبيض المتوسط.

ويضيف أونتيكوف في تعليق للجزيرة نت أن ثمة خيارات قد يتم اللجوء إليها للإبقاء على القواعد الروسية، مقابل تقديم موسكو أشكالا مختلفة من الدعم السياسي والاقتصادي وفي مجال الطاقة، وحتى الدعم العسكري للسلطات الجديدة، نظرا لأن كل الأسلحة في سوريا من أصل روسي، مما يحافظ على توازن مصالح الطرفين في سوريا والمنطقة عموما.

ولا يستبعد المتحدث أن يحاول الوفد الروسي فهم مصير الاستثمارات الروسية في الاقتصاد السوري، لكنه يوضح هنا أن لدى السلطات الجديدة في سوريا حجة لا تقبل الجدل، وهي أنها ليست خليفة للنظام المخلوع، لذا يمكنها ببساطة أن توجه جميع الأسئلة إلى الأسد نفسه.

في الوقت الضائع

من جانبه، يقول المحلل السياسي نيكولاي سوخوف إنه خلال غياب الاتصالات الروسية السورية زار دمشق دبلوماسيون غربيون وشرق أوسطيون، بما في ذلك الطرف الرئيسي وحليف السلطات الجديدة تركيا، وبناء على ذلك من غير المرجح أن يعود التفاعل الروسي مع سوريا إلى المستوى نفسه الذي كان عليه في عهد بشار الأسد.

وبحسب سوخوف، لا تستطيع موسكو الاعتماد الآن إلا على اتفاقيات قد يتم اللجوء إليها للحفاظ على تشغيل القواعد على أساس تجاري، لكن ذلك -حسب رأيه- لن يطال في أفضل الأحوال قاعدة حميميم الجوية، ويبقى الحد الأقصى هو تحقيق خروج آمن للقوات الروسية وإجراء مفاوضات بشأن المعدات والآلات المرتبطة بالقاعدة.

ويشير سوخوف إلى أن هناك فرصة أكبر للحفاظ على القاعدة الروسية في ميناء طرطوس، وبحسب قوله فإن السلطات السورية الجديدة لديها موقف أكثر حيادية تجاهها.

ومع ذلك، يعتبر أن موسكو بكافة الأحوال في موقف ضعيف بالمفاوضات مع السلطات الجديدة في سوريا، لأن نفوذها الاقتصادي حتى في ظل حكومة الأسد السابقة كان ضئيلا مقارنة بإيران.

وختم سوخوف بأنه في المستقبل لن تتمكن روسيا من المنافسة في سوريا مع تركيا وبلدان عربية أخرى والولايات المتحدة.

المصدر : الجزيرة

————————–

لماذا تشكل قوات قسد أكبر تحد عسكري للإدارة السورية الجديدة؟/ باسل المحمد

29/1/2025

في إطار سعيها للانتقال من فكرة الثورة إلى فكرة بناء الدولة، تعمل الإدارة السورية الجديدة على تدعيم هذا البناء وترسيخه من خلال بناء جيش وطني يضم كافة التشكيلات والفصائل العسكرية التي تشكلت نتيجة ظروف ومعطيات معينة أيام الثورة السورية.

وقد أبدت أغلب هذه الفصائل استعدادها للانخراط في وزارة الدفاع، وذلك بحسب وزير الدفاع مرهف أبو قصرة أثناء لقائه مع الصحفيين في دمشق الأحد 22 يناير/كانون الثاني، لتبقى بذلك قوات سوريا الديمقراطية “قسد” المكون العسكري الوحيد الذي يرفض حل نفسه، ويصر على الاندماج بالجيش الوطني ككتلة وليس كأفراد، وهو ما ترفضه الإدارة السورية الجديدة بشكل نهائي لاعتبارات متعددة.

إلى جانب ذلك تطالب قسد أيضا بنوع من “الفدرالية المرنة” كما سمتها القيادية في الإدارة الذاتية إلهام أحمد في تصريحات صحفية، إلى غير ذلك من الميزات التي تجعل من قسد تشكل أكبر تحد للإدارة السورية الجديدة، وخاصة بالجانب العسكري نظرا لامتداداتها الإقليمية وعلاقاتها الدولية.

دعم وتسليح أميركي

تتلقى قوات سوريا الديمقراطية دعمها من الولايات المتحدة الأميركية على نحو مباشر، وفق ما أعلنه مسؤولون أميركيون في عدة مناسبات.

فبعدما أصدرت قسد بيانها التعريفي في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2015، والذي قدمت نفسها فيه على أنها “تكتل عسكري وطني لكل السوريين يضم الأكراد والعرب والتركمان والسريان”، وأوضحت أن هدفها الرئيسي هو دحر تنظيم الدولة الإسلامية واستعادة جميع الأراضي التي اجتاحها التنظيم المتشدد آنذاك.

بدأت الولايات المتحدة بتقديم الدعم المباشر لهذه القوات، بعد يومين من هذا البيان، إذ أعلن المتحدث باسم القيادة العسكرية الأميركية الوسطى -في بيان صدر بعد تأسيس قوات سوريا الديمقراطية- أن “التحالف الدولي ألقى 50 طنا من الأسلحة لمجموعات عربية سورية مسلحة خضع المسؤولون عنها لعمليات تدقيق ملائمة من جانب الولايات المتحدة” وفق البيان، من دون تحديد اسم هذه المجموعة.

وعلى الرغم من محاولة الولايات المتحدة التسويق لها على أنها تمثل كل مكونات الشعب السوري، فإن عامودها الفقري يتكون من وحدات حماية الشعب  (YPG) ووحدات حماية المرأة (YPJ) بمعنى أنها تعد امتدادا سوريا لحزب العمال الكردستاني (Pkk) المصنف على لوائح الإرهاب التركية والغربية.

ولا يقتصر الدعم الأميركي على الأسلحة وتقديم الخبراء والمستشارين، إذ تقوم قوات التحالف والقوات الأميركية بشكل خاصّ بعمليات تدريب مستمرة منذ عام 2014 لعناصر قسد بشكل عامّ ضِمن عدد من القواعد العسكرية التابعة لها والمجهّزة لهذا الغرض كقاعدة “هيمو” الواقعة على طرف مدينة القامشلي.

لكن معظم عمليات التدريب هذه موجهة لعناصر وحدات مكافحة الإرهاب التابعة لقسد “يات” (YAT) والتي تحظى بالدعم والتسليح الأعلى من جانب القوات الأميركية، وذلك بحسب دراسة أصدرها مركز جسور للدراسات عام 2023.

وتوضح الدراسة أن عمليات التدريب تشمل استخدام الأسلحة الرشاشة والقناصات وتدريب مجموعات محددة على استخدام الطائرات المسيّرة في عمليات المراقبة إضافة للتدريب على استخدام أجهزة الاتصال وتحديد المواقع والمراقبة والتشويش.

شماعة محاربة الإرهاب

على الرغم من إعلانها القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية في آخر معاقله في منطقة الباغوز شرقي دير الزور عام 2019، فإن قوات قسد ما زالت تصدر نفسها للعالم على أنها تحارب الإرهاب، مستغلة حمايتها وإشرافها على السجون التي تضم الآلاف من عناصر وقيادات التنظيم الذين مازالت دولهم ترفض إعادتهم.

وفي هذا السياق، أكدت قسد في 21 يناير/كانون الثاني الجاري أنها تعارض تسليم السجون التي تحوي عناصر من تنظيم الدولة للحكام الجدد في دمشق، وأوضحت أنها تتأهب لهجمات من جانب الجماعة الإرهابية (تنظيم الدولة)، وتراقب محاولاتها للظهور من جديد، وفقا لوكالة رويترز.

يؤمن موقف قسد هذا غطاء سياسيا لها،  تجلى -مثلا- في تأكيد وزيري الخارجية الفرنسي والألماني أثناء زيارتهما إلى سوريا في الثالث من الشهر الجاري على ضرورة التوصل إلى حل سياسي مع الأكراد.

يؤمن لها كذلك دعما ماليا مستمرا، إذ تحصل قسد على حصة دعم مالي سنوي من دول التحالف الدولي وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركيّة التي خصّصت مبلغ 542 مليون دولار من ميزانية وزارة دفاعها عام 2023 لبرنامج “تدريب وتجهيز” القوات الشريكة لها في سورية والعراق.

وفي هذا السياق يشير الباحث في مركز الحوار السوري عامر المثقال إلى أن ورقة تنظيم الدولة وسجونه في شمال شرق سوريا هي آخر أدوات قسد لتقديم نفسها كحارس للمنطقة ضد الإرهاب، وهي مهمة تبدو الإدارة السورية الجديدة قادرة على إدارتها، مما ينزع الذرائع الأميركية باستمرار دعم قسد.

ويؤكد المثقال في حديثه للجزيرة نت أن العامل الأساسي في قوة واستمرارية قسد هو الدعم الأميركي، ويضرب مثالا على ذلك بمعارك قسد مع قوات العشائر العربية في عام 2023 حيث تمكنت العشائر من إخراج قسد من عشرات القرى والبلدات في ريف دير الزور الغربي والشرقي، قبل أن تعود قسد إلى تلك القرى عبر الدعم الأميركي والإسناد الجوي من قوات التحالف.

هل تملك “قسد” 100 ألف مقاتل؟

في تصريحات سابقة نشرتها صحيفة ذا تايمز البريطانية، قال قائد قسد مظلوم عبدي إن قواته مستعدة لحل قواتها المكونة من 100 ألف عنصر، والانضمام إلى جيش سوري جديد بقيادة السلطات التي ستتولى الحكم بعد نظام بشار الأسد، بشرط “ضمان حقوق الأكراد والأقليات الأخرى”.

وتشير التقارير إلى أن النسبة الكبرى من هؤلاء المقاتلين هم من العرب، ووفقًا للبنتاغون كان الأكراد يشكلون 40% من قسد، بينما العرب يمثلون 60% في مارس/آذار 2017، رغم أن مصادر أخرى تشير إلى أن نسبة المقاتلين العرب كانت أقل من ذلك، ومع ذلك هناك إجماع على أن القيادة في قسد تعود للأكراد.

وإلى جانب العرب والأكراد السوريين يوجد قيادات وعناصر أجنبية في قوات قسد، إذ نقلت رويترز في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي اعترف مظلوم عبدي لأول مرة بوجود هذه العناصر بصفوف قواته بالقول إن المقاتلين الأكراد الذين قدموا إلى سوريا من مختلف أنحاء الشرق الأوسط لدعم القوات الكردية السورية سيغادرون إذا تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في المواجهة مع تركيا بشمال سوريا.

وتعليقا على تصريحات مظلوم عبدي حول أعداد مقاتلي قسد، ينفي الباحث المختص بتطورات الشرق السوري سامر الأحمد أن تصل الأرقام إلى هذا العدد، ويؤكد على أنها تتراوح بين 20 و30 ألفا وأقل من ذلك حتى، وخاصة بعد سقوط النظام وحصول الكثير من الانشقاقات، إضافة إلى الأحداث التي شهدها ريف دير الزور الشرقي.

ويوضح الأحمد في حديثه للجزيرة نت أن أعداد قوات قسد كانت كبيرة أيام التعبئة العامة في المعارك ضد تنظيم الدولة، وكانت الاشتباكات على عدة جبهات في الرقة والحسكة وعين العرب، إذ كان كل مجلس عسكري من هذه المناطق يُجند آلاف المقاتلين من أبنائه في تلك المعارك.

ويتفق الباحث عامر المثقال مع الأحمد في أن الأعداد الحقيقية لقسد لا تتجاوز الـ30 ألف مقاتل، أغلبهم من المكون العربي الجزء الأكبر منهم، وهذه -بحسب المثقال- مشكلة أخرى تواجهها قسد بسبب نقص المقاتلين من المكون الكردي، واضطرارها لتجنيد العرب إجباريا بصفوفها، وهؤلاء ينشقون عند حصول أي مواجهات حقيقية كما حدث في معارك دير الزور.

وبحسب الباحث المثقال فإن عبدي يهدف من هذه التصريحات إلى تضخيم قوة قسد للضغط على الإدارة الجديدة من أجل تحصيل مكاسب رسمية كأن تضاف قسد ككتلة عسكرية مستقلة داخل الجيش لها صلاحياتها الخاصة بشمال شرقي سوريا.

يذكر أن هذه القوات تسيطر على مساحة تزيد عن 35 ألف كيلومتر مربع، وهو ما يعني أنها تستحوذ على قرابة 18.92% من أراضي سوريا.

الأحمد: أعداد قوات قسد تتراوح بين 20 و30 ألفا أو أقل وخاصة بعد سقوط النظام وأحداث ريف دير الزور الشرقي (رويترز)

تفوق اقتصادي

أتاحت سيطرة قسد على المناطق النفطية في شمال شرقي سوريا موردا اقتصاديا هاما لها، جعلها متفوقة على باقي المناطق السورية خلال سنوات الحرب السورية، إلى جانب ذلك حرص التحالف الدولي على توفير دعم مالي سنوي لها، وخصصت بعض الدول ميزانية بمئات الملايين من الدولارات في صرف أجور المقاتلين وتأمين المصاريف المالية الأخرى.

وتستفيد قسد من هذا الدعم المادي بشكل رئيسي في صرف رواتب وأجور مقاتليها وإدارييها التي تتراوح بين 100 إلى 800 دولار أميركي، وتُعتبر هذه الأجور الأعلى مقارنةً ببقية المجموعات المسلّحة المحلية الأخرى في سورية ومن ضِمنها قوات النظام السوري مما ساعد قسد إلى حدّ كبير في ضمان استمرار التجنيد في صفوفها.

وفي منتصف عام 2022، أعفت الولايات المتحدة مناطق قسد من العقوبات المفروضة على الاستثمارات الأجنبية، وقد ترجمت قسد هذه الخُطوة على أنّها دعم لجهودها في إعادة تأسيس البِنْية التحتية ضِمن مناطق سيطرتها، وذلك بحسب دراسة سابقة لمركز جسور للدراسات.

وإضافة إلى النفط والموارد الطبيعة كالزراعة، تلجأ قسد كذلك إلى أخذ ضرائب وأتاوات كبيرة من كل القطاعات الاقتصادية بكل مناطق الجزيرة السورية، فمثلا بالشهر الماضي فرضوا على محلات الصرافة والذهب مبلغا من 7 آلاف إلى 10 آلاف دولار كتبرع للقوات، ولتغطية التكاليف العسكرية، بحسب الأحمد.

ويتابع الأحمد أن “قسد” كانوا ينتجون طبعا -بحسب كلامهم- ما يصل إلى 100 ألف برميل من النفط السوري، حيث يغطون به السوق المحلي، ويقومون ببيعه للنظام والمعارضة وهيئة تحرير الشام، إضافة إلى تهريبه للعراق، مما يؤمن لهم واردات شهرية تقدر بملايين الدولارات.

يذكر أن شرط الاحتفاظ بحصة محددة من حقول وعائدات النفط، كان من ضمن الشروط التي تصر عليها “قسد” خلال مفاوضاتها مع الإدارة السورية الجديدة، وذلك بحسب ما نقلته مصادر مقربة من الإدارة الجديدة للجزيرة نت.

يشار إلى أن مناطق سيطرة قوات “قسد” تشهد في الفترة الأخيرة خسائر اقتصادية كبيرة جراء الغارات التركية والتي تستهدف مواقع عسكرية ومحطات نفطية وبنية تحتية وشركات تجارية ومعامل في مناطق شمال شرقي سوريا.

وجود عقيدة أيدلوجية

إضافة إلى ما سبق، تمتاز قوات قسد بوجود عقيدة أيديولوجية تقاتل من أجلها، ويدعم هذه العقيدة اعتبارهم عبد الله أوجلان رمزا للنضال والحرية، وهي بذلك تسير على نهج حزب العمال الكردستاني.

وفي هذا السياق، يوضح الباحث المختص بالشأن الكردي بمركز رامار للبحوث أن من عوامل قوة قسد هو اعتمادها في لحظة التشكل على عناصر كردية سورية انضمت لحزب العمال، وهؤلاء يمتلكون خبرة عسكرية قديمة تمتد لما يقارب عقدين وأكثر من الزمن، كما يتميزون بالتزام عسكري في القتال مبني على التزام أيديولوجي.

ويضيف رشيد في حديثه للجزيرة نت أن هؤلاء العناصر كانوا يخضعون لدورات أيدلوجية وعقائدية تتضمن أفكار حزب العمال الكردستاني ومقاتلة الأتراك، والفكر الاشتراكي الشيوعي، وهؤلاء ينتمون إلى وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة، أما بقية تشكيلات قسد فلا يوجد عندها هذه العقيدة.

وفي تاريخ 27 نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، تشهد عدة مناطق تسيطر عليها قسد في شمال شرقي سوريا احتفالات بذكرى تأسيس حزب العمال الكردستاني، وعادة ما تتزامن مع مسيرات بسيارات تابعة لقسد والإدارة الذاتية، تجوب عدة مناطق وهي ترفع أعلام الحزب وصور عبد الله أوجلان.

المصدر : الجزيرة

الجزيرة

————————————-

حديث الجنود.. معركة تحرير سوريا كما لم تروَ من قبل

عبد القدوس الهاشمي

29/1/2025

    “هل تريد أن تموت؟ لقد قُتل صحفي بالأمس وهو يسلك هذا الطريق، فالقناصة الأكراد يسيطرون على هذا المدخل لحلب”

قال لي سائق التاكسي الذي أخذني من معبر باب السلامة على الحدود التركية-السورية بنبرة غاضبة بعد أن اتجه يمينا وترك الطريق الرئيسة المؤدية إلى مدخل حلب الشمالي.

كنتُ أنظر إلى هاتفي الذي تعطل فيه تطبيق الخرائط منذ دخولي لسوريا، فكان يشير بأن حلب قريبة، ولم أفهم التفاف السائق المفاجئ، سوى أنها حيلة من حيل سائقي التاكسي، لإطالة الطريق. فخاطبته بلهجة حادة أن يلتزم بالطريق.

“لو واصلنا السير في الطريق الرئيسة سنصل إلى حلب خلال 10 دقائق، ولكن المدخل الشمالي الذي يؤدي إلى أحياء الأشرفية والشيخ مقصود تسيطر عليه ميليشيات كرديّة، وقد وضعوا قناصة على هذه الطريق، فنحتاج إلى أن نلتف من طريق فرعية لندخل حلب من الجهة الغربية، وسنصلها بعد 40 دقيقة” قالها بنبرة هادئة بعد صمت قصير.

كان هذا في يوم 21 ديسمبر/كانون الأول عام 2024، وحتى اليوم لا يزال حيّا الأشرفية والشيخ مقصود في مدينة حلب خارج سيطرة إدارة هيئة تحرير الشام، ويخضعان لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

قبل هذا الحديث بيومين، وصلتني رسالة بإنجليزيّة غير سليمة: “السيد عبد القدوس، هل ستعبر اليوم من المعبر؟”.

“من المرسل؟” سألته.

“مكتب التنسيق الإعلامي بالرئاسة التركية، لقد صدر إذن عبور للصحفيين إلى سوريا الذي قدمت عليه، وهو صالحٌ لمدة 6 أيام”.

“أنا في إسطنبول، سأبحث عن أقرب رحلة إلى غازي عنتاب وأتواصل معكم من هناك” أرسلت إليه، وأنا أفكر كيف سأخبر السيدة الأولى بأني سأفسد عليها إجازتنا.

“يبدو أنني سأذهب إلى سوريا للعمل بضعة أيام” قلت لها.

“ألست في إجازة؟”. أجابت متفاجئة

“بلى، ولكن هل تعرفين كم استغرق الفرس من الوقت ليأخذوا الشام من الروم؟ وكم استغرق الروم لاستعادتها؟ وكم عاما قضى المسلمون الأوائل لفتحها؟ لقد فعلها أصحاب إدلب في 11 يوما! لقد قرأت كثيرا عن التاريخ، أريد أن أعيش فصلا منه لو سمحتِ”.

“احجز تذكرتك، سأعدّ لك الحقيبة” قالت بتذمر.

بعد 12 ساعة أنزلني التاكسي أمام معبر كلّس التركي، صف طويل من العوائل يبدأ داخل أحد المباني ويمتد لعشرات الأمتار خارجه. اقتربت من رجل ينظم السير يلبس بزّة الدفاع المدني السوري، وقلت له: أريد العبور إلى سوريا. نظر إليّ وقال لي: كل هؤلاء يريدونه، لكن عليك أن تصطف معهم، لتسلم “الكملك” (بطاقة الحماية المؤقتة التركية) قبل العبور.

“لستُ سوريّا، أنا صحفي!”.

“عفوا، يمكنك الذهاب مباشرة إلى ذلك المبنى، لحظة سأصحبك لأساعدك بالترجمة”.

بعد بضع دقائق، كنتُ أقطع الحدود التركية-السوريّة على قدمَيّ، وأنا أحمل فوق ظهري حقيبة وزنها 12 كيلوغراما. أخرجتُ هاتفي لتصفية الأجواء في إسطنبول وكتبت: “لقد دخلت إلى سوريا من باب الهوى مرتين: حين عرفتك، واليوم!”.

جاء الرد سريعا: “محاولة جيّدة! لكن ما دمت في معبر كلّس وليس في الريحانيّة فإن المعبر السوري الذي يقابلك ليس باب الهوى، وإنما باب السلامة. صحبتك السلامة”.

لم تستقر بي الحال في حلب، فقد كدّرته عليّ ثلاثة مشاهد. أولها تعثر لقائي بمحافظ حلب الجديد بعد ترتيب سابق. ومشهد الشيخ الأنيق في أحد مطاعمها الذي أغراني مشهده الرصين بفتح حديث معه عن أوضاع الأمن في حلب بعد التحرير، فتحول إلى طفلٍ خائف، يقول لي “أنا ما بعرف، وما دخّلني”. ومشهد سائق التاكسي الحلبي الذي سألته عن أبي الطيب المتنبي فقال لي: مين هاد بلا زِغره (=من غير تحقير لشأنه)؟ فصرفت وجهي إلى الشام.

حديث الجنود

    رجلان يملكان فائضا في الوقت: السجين، والمقاتل بعد انتصاره في المعركة.

هل تعرف كيف يُصنع التاريخ؟ تتسلسل الأحداث، وتتناسل، فتتراكم، ثم يأتي السياسيُّ أو المؤرخ أو الدارس فينظمها في سياق فتكون شيئا آخر. تماما كما تنبت الثمار على الأشجار وفي بطن الأرض وعلى سطحها، ثم تُحصد، فتمتدّ يد المرء إلى ما تريده منها، فتجمعه، وتؤلف بينه وتقدّمه على المائدة. مذاق شريحة الخيار في طبق السلطة الذي تصنعه السيدة والدتك، لا يشبه مذاق شريحة الخيار على قطعة السوشي في مطعم ياباني، والخيار الذي قطفه المزارع واحد. ولكنه يتأثّر بفعل التأليف وجهد الطاهي وما يضمّه إليه من أشياء، وكذلك الحدث في رواية السياسي.كنت في سباق مع السياسي على الرواية وفهم الحدث، متجنبًا الاصطدام بسرديات جاهزة.

حين وصلت إلى دمشق، كان طابور الإعلاميين على القصر الرئاسي طويلا. كثيرون حرصوا على سماع ما يريد أن يقوله القائد أحمد الشرع، وكنت مقبلا على ما يريد أن يقوله الجنود، فرتبت برنامجي اليومي على ذلك.

على شارع ميسلون بجانب سوق الصالحية ينتصب فندق الشام العريق، بداخل بهوه الأنيق، الذي يضجُّ بفنِّ العمارة الدمشقية، ورائحة الياسمين، جلس ثلاثة شباب من قيادات العمل العسكري في معركة ردع العدوان، مع صحفي يسألهم عن يوميات المعركة التي نقلت سوريا من عهد إلى عهد.

    “لم تكن مغامرة، كانت مقامرة”

    قال لي قياديّ في هيئة تحرير الشام واصفا اتخاذ قرار ردع العدوان.

شكلت معارك شرق السكة 2018 تحولا فكريا لدى فصائل الثورة السورية في إدلب، خلاصتها: “متفرقون نهلك، ومجتمعون قد ننجوا”. لن يوقف نزيف الأراضي وتقلص المحرر سوى توحيد الجهود. كان على الذين صوبوا أسلحتهم تجاه بعضهم لسنوات طويلة أن يجلسوا ليتفقوا على قِبلة حصريّة لفوّهات بنادقهم. كانت الطريقة الوحيدة إلى كسر النظام تمر على مطمور من الأحقاد والثارات وحظوظ النفوس التي تشبعت بها أرواح المقاتلين.

“أصبح لدى الجميع اعتقاد بضرورة الغرفة الموحدة، على خلافنا في التوجهات، عقدنا لجانا لدراسة المعركة الأخيرة في عام 2019، فخرجت لنا بخلاصات عن أسباب سقوط المناطق، وما احتياجات المعركة القادمة مع النظام. ومن هنا جاءت فكرة الألوية وتخصيص المناطق، واستغرقنا العمل عليها  5 سنوات” قال لي أبو المنذر، قيادي عسكري وعضو في غرفة الفتح المبين.

بدأ الإعداد لعملية ردع العدوان من شهر السابع من 2020، بوضع خططا سنويّة، تقوّم فيها القيادة العسكرية ما أنجزوه، ويضعون أهدافا لتلبية احتياجات الجنود. ومن ذلك ما أدركه المقاتلون بأن التقدم الذي يحرزه النظام على حسابهم مرده في بعض أسبابه إلى عدم التنظيم العملياتي، فاتجهوا إلى أَكدَمة القوات بإنشاء الأكاديمية العسكرية، وأصبح التعليم إلزاميا لكل من يريد المشاركة في المعارك.

كان أبو محمد مقبلا تمام الإقبال على تطوير العسكرة، وتبني الثغرات الموجودة للحاجة للعمل، فصار يستدين من المبالغ والإمكانيات ليغطي الاحتياج الصفري للمعركة، فكل ما نطلبه للعمل يوفره لنا في اليوم الثاني، بالاستعانة بالتجار”

ماذا عن المسيرات؟ سمعنا عن تعاون أوكراني وتركي مع إدارة إدلب.

“كل ما قيل أن الاوكران وغيرهم أسهم في صناعة الشاهين، هو محض افتراء. كان شباب الهيئة يحدثوننا بيوميات تطورهم في التصنيع، فيذكرون لنا أنهم صنعوا الباشق (إحدى النسخ الأولية للشاهين)، وتطورت من عشرين كيلومترا إلى أربعين كيلومترا، وقد صنعوا منها كميات صالحة، ويحدثون المعلومات أول بأول، وعملهم يقوم على مقدرات ذاتية، ودخول القطع من عدة معابر متفرقة، وبركة القيادة الواحدة. الإمكانيات كانت قليلة، لكنها كانت مرشّدة” قال أبو صهيب، قائد فرقة أحرار الشام، بحماسة ولغة جازمة. ثم استأنف من حيث توقف أبو المنذر وقال:

“بعد حرب لبنان تداولنا -نحن العسكريين- على الجبهات الأفضل للمحرر، وانعقد إجماعنا على حلب. وقع ذلك قبل المعركة بثلاثة أشهر تماما. وتم تقسيم العمل بين الفرق المشاركة، فرق الهيئة وفرق الأحرار. وبدأ العمل على تجهيز المرابض وتسيير الاستطلاع. رصد العدو أن الجبهة المستعدة للعمل هي كفر نوران، فأخذ بتحشيد قواته على كفر نوران، واستعان بقوات من الحرس الجمهوري ومن الفرقة 25. وقد استفرغ غاية جهده في التحشيد. جاءت الفصائل الراغبة في المشاركة، فتم توزيعها على الفرق الست والمحاور التي تعمل عليها، بحيث تعمل تحت إشرافها. وكان محور الأحرار بسرطون. فجهز العدو خطة دفاعية ووضع الألغام مقدرًا أنها ستكون هي نقطة الاشتباك، وكان الاستطلاع يخبرنا بأن العدو قد جهّز تجهيزا كاملا لامتصاص الهجوم. لم تكن لدى العدو نقطة عمياء سوى ساعة الصفر، وما عدا ذلك فقد كان يظن أنه محيط به”.

حين دنا وقت المعركة كانت الهيكلة الإدارية قد نضجت، بيد أن الاحتياجات والإمكانات لم تقترب من سقف الكفاية. “كنا نرى -بوصفنا عسكريين- أن الإمكانيات التي بين أيدينا لن توصلنا إلى حلب! لا تستغرب، خذ مثلا: لقد كنا بحاجة إلى عدد معيّن من المسيّرات، لكن ما توفر لدينا كان 10% منها.  وكنا بحاجة إلى عدد معيّن من قذائف المدفعية، ولم يكن لدينا سوى 30% من الاحتياج.

فكان رأينا -بصفتنا عسكريين- أن نؤجل العملية لوقت يكون لدينا الإمكانيات الكافية، فقدرتك على بدء المعركة لا تعني أنك قادر على إنهائها متى أردت” قال أبو المنذر.

    هل كنتم تتطلعون إلى دمشق وقتها؟

“كان سقف طموحنا حلب فحسب، بل كنا نتحدث هل سنأخذ بسرطون أم تستعصي علينا. قبل ثلاثة أيام من المعركة، صدر قرار جديد أن نعمل من منطقتين صغيرتين، بفرقة الأحرار وفرقة الهيئة وبأعداد صغيرة. إذا نجح العمل نكمل، وإن لم ينجح نعلن عن عملية انغماسية وننسحب” أجاب أبو المنذر.

قبل العملية بثلاثة أيام، استدعى القائد الشرع أبا صهيب لجلسة خاصة، كانت الجلسة مختصة بالمشاركين في المحور الذي سيتغير وليس على مستوى الفرق. حضر الاجتماع قائد فرقة الهيئة وقائد فرقة الأحرار، ومسؤول كتائب خالد. وتم إبلاغهم بطريقة سرية بأن محوركم تغير أثناء الحشد، لأن العدو مستعد لمواجهتكم وينبغي الالتفاف عليه لإيجاد نقطة هجوم يمكن التقدم فيها وتطوير العمل بشكل أسرع.

“كان الخبر ثقيلا علينا جدا، فبعد الحشد الذي حشدناه صار مطلوبا منا الانتقال وبدء العمل من الصفر في محور آخر خلال 48 ساعة”، قبل أن ينتهي الاجتماع قال أبو محمد: “ممنوع يا أبا صهيب أن يطلع أحد على الخطة من غير الصف الأول، فهي خاصة بقادة الألوية فحسب”.

“باشرنا العمل واستدعينا المعنيين وسحبنا منهم الهواتف وسلمناهم الخرائط الجديدة، ولم يكن قادة الكتائب يعرفون بقرار تغيير المحاور. كان نقل المعدات في آخر يومين عملا شاقا ولم تغمض لنا عين. تشنّج قادة الألوية من القرار”.

كان التوتر سائدا على مستوى القيادات والجنود في الأسبوع الأخير قبل المعركة، أصيب القائد الشرع بوعكة صحية شديدة ألزمته الفراش ليومين، بسبب قلة النوم والتوتر. وقبل يوم العملية عاد له شيء من عافيته.

كما أن تعمية المعلومات عن الجنود وانعزالهم عن العالم الخارج لستة أيام أشاع جوا كئيبا للغاية وأخذ يأكل من معنويّاتهم، “كان الشباب يسألوني: نسألك بالله هل نتجه للالتحام مع العدو، أم هو مجرد تمويه، ومحاكاة لمعركة، كما حصل من قبل؟” يقول أبو عمر، أحد شرعيي أحرار الشام. “تحت ضغط السؤال والمعنويات المتدنيّة، خطر لي أن أوظف الحالة لطاقة شحن معنويّ: أعرف أنكم تشعرون بمشاعر سيئة لبقائكم في هذا المكان وقد أغلق عليكم وبدون تواصل مع العالم الخارجيّ، لكن لم تمضِ سوى 6 أيام، فما بالكم بما يشعر به المعتقلون من إخواننا وأخواتنا المسلمات في سجون النظام، والذين ينتظرونكم لتحريرهم. فجأة لمعت عيون الشباب ونسوا ما كانوا فيه، وتحفزوا للالتحام. ومن الجيد أن الأمر لم يطل حتى جاءت الأوامر ببدء العملية”.

قرر أبو محمد يوم العملية، فطلبت القيادة العسكرية تأجيل يومين لأحوال الطقس، حيث المطر على التربة الحمراء يعيق تقدم المعدات.

    هل كان هذا الرأي والحرب والمكيدة أم لم يكن لديكم خيار آخر؟

“قال لنا أبو محمد: لدينا خياران: انتظار إلى فصل الربيع وتطور إمكانياتنا بنسبة معقولة، أو العمل الآن لوجود الفرصة والجاهزية أخف. فقلنا له: الفرصة تتغلّب على الجاهزية العسكرية، حيث الروس منشغلون، والإيرانيون منشغلون” قال أبو صهيب.

دخل الجنود المعركة وخيال معارك 2020 لم يفارقهم. “خذها مني: هذه أول خطة في الثورة تطبق بنسبة تزيد عن 90%. فالتزام الشباب بما وضعناه لهم في التوقيت ومحاور التقدم والآليات المتقدمة كان انضباطا كاملا. سارت خطة اليوم الأول كما يجب، وبدأنا بالتطوير.

كانت الصدمة كبيرة في صفوف العدو. وأثر تقدمنا على المحاور الأخرى التي كان يرابط فيها العدو لشهور بعد سماعه بانهيار تحصيناته بعد التفافنا عليه. وحين نفذنا عملية اغتيال القيادة التي كنا نستهدف فيها غرفة العمليات التابعة للنظام، فوجئنا بوجود قائد إيراني”.

كانت حركة قوات المعارضة السريعة عنصرا حاسما في المعركة، فالانتقال من حلب إلى حماة تم في يوم. “عقدنا غرفة عمليات في حماة، وانتقل إليها أبو محمد ليتابع سير المعركة، ومنها أصدر قرار التقدم إلى حمص. كانت سرعة حركتنا كبيرة حتى إن رسم الخرائط ما بقي يلحّق علينا”.

    كيف تعاملتم مع الذخيرة ونقل العتاد العسكري بهذه السرعة؟

“بعد حلب صرنا نذخّر من غنائمنا من مخازن العدو. التذخير لحلب كان من التصنيع، وفوجئنا بتصنيع الشباب لطلقات الكلاشنكوف، فـ96% من الرصاص كان من تصنيعنا! وهنا تعرف أن الله اطلع على استفراغ المجاهدين لجهدهم، فقال لهم: خذوا هذا النصر! أعرف قصصا خاصة في الفرقة يذهب فيها المقاتلون ليستدينوا ليوفروا حاجيات العمل!”

موجز التاريخ الفكري لهيئة تحرير الشام

    ماهي الخطة المتقنة؟ هي مغامرة ناجحة، كما أن كل خطة محكمة هي مغامرة غير محسوبة إذا لم تنجح.

الثورة حالة مرضيّة؛ ليس طبيعيًا أن تنعدم وسائل التواصل بين الشعب ونظام الحكم في دولة من الدول حتى يضطر الناس للخروج إلى الشارع وحمل السلاح ليطالبوا بأساسيات الحق الإنساني، من حرية وكرامة ومعيشة.

هذا يعني أن منطق الحكم قد تعطّل، وعجز عن التفاهم والتعقّل، ولذلك وجب اقتلاعه بالقوّة. حالة الهياج الثوري تقوم أول شيء على الرفض؛ “الشعب يريد إسقاط النظام”. يجتمع الناس على ما لا يريدونه “استمرار الوضع الحالي”، ثم تمتدّ الفترة فتتعدد الإرادات، ويحصل الانقسام، ويحدث من التشظي بقدر ما يعرض للناس من إرادات. “كان 90% من الحالة السورية درس تعبير.” قال لي قياديّ في هيئة تحرير الشام. واصفًا حالة الفوضى وانعدام التنظيم الذي صادفهم في العمل الثوري.

عندما ألجأ النظام الثورة إلى العسكرة، بزغت شمس التيار الجهادي. “لقد وصلنا إلى ما وصلنا إليه عبر التجربة والخطأ. هذه ثورة ريف، و70% من شبابنا الذين شاركوا في التحرير لم يحصلوا على تعليم كافٍ. حين بدأت الثورة تحركت الأرياف، وسكنت المدن، وحين رجحت كفة النظام وحلفاؤه رحل المتعلمون، وبقي نموذج القتال الذي كانت تمثله السلفية الجهاديّة.

لم يراكم المجتمع خبرة قتالية من قبل وكان النموذج الجاهز هو النموذج السلفي. نقص التعليم كان تحديًا كبيرًا بالنسبة لنا، لأنك تحتاج أن تنقل الثائر إلى عنصر منضبط، وهذا يحتاج إلى موارد وجهد هائل” قال لي أحمد الدالاتي القيادي في أحرار الشام في ليلة سمر في غرفتي في فندق الشيراتون المطلّ على ساحة الأمويين بدمشق.

عندما تقلّصت الجغرافيا السورية تحت أرجل الثوار، انحازوا إلى إدلب، التي صارت مطبخ الوعيّ الثوري. وفيها ستنضج نار التجربة والإدارة حالة العسكرة الفطيرة. ويلمع نجم أبي محمد الجولاني. قبل عدة سنوات سألتُ صحفيًا بريطانيًا كان التقى بالجولاني عام 2015 عن انطباعه عن الرجل. فقال لي: “كانت لغته مختلفة، كان أول جهادي ألتقي به لا يتحدث عن الشهادة. كل السيناريوهات التي ناقشناها عن مستقبل سوريا كان يرى نفسه حاضرًا فيها، بدا لي أنه يرى نفسه رئيس سوريا القادم”

في إدلب رأى الناس أبا محمد الجولاني، وهو يطعم الناس في محلات الفلافل. لكن ما لم يره الناس أنه قبل أن يضع الفلافل في الزيت المغلي كان يلقي معها تعدد الإرادات التي عصفت بالصف الثوري، ويجمعها خلف إرادة واحدة، تقضي بتوحيد العمل تحت راية جامعة. “حالة التشظي في الفصائل، لا تعود إلى خلاف فكري. بل لأسباب وحظوظ نفسية حين ينتقل المرء من خبّاز وفلّاح ونجّار قبل الثورة إلى قائد فصيل بعدها، يعتاد على الشعور، ولا يعرف العودة إلى حاله الأولى.” أخبرني قياديّ شرعي في هيئة تحرير الشام

لقد بدت صورة الجهاديّ الحاكم صورة جديدة في أعين الناس. “يقولون إن الجهاديين لبسوا البدلة، وماذا عساه يلبس من كان في الميدان؟ هل جرب هؤلاء أن يقاتلوا وهم يرتدون ربطة عنق؟ أوه تذكرت هؤلاء لا يقاتلون!.  للبيئة منطقها. ولها أثرها في تصنيف أفكارك وتفنيدها. يلبس المجاهد الملابس التي تناسب بيئته، وحين ينتقل إلى بيئة جديدة، سيلبس لباس أهلها. مشكلتهم أنهم لم يروا مجاهدًا منتصرًا، ولا يحبون أن يروه.” قال لي أبو خالد، أحد المهاجرين.

في الوقت الذي كان الجولاني يقنع الثوار أو يكرههم على أنه الحلّ الوحيد لديهم لاقتلاع النظام. كان يعمل على إقناع الخارج بأنه نموذج جهاديّ مختلف تمام الاختلاف عن نموذج تنظيم الدولة الذي لم يكن يقتصد في استعداء الجميع. “أظن أننا استقبلنا 500 وفد في العام الماضي للاطلاع على تجربة إدلب” قال لي قياديّ في الهيئة.

في قبو أحد المباني الحكومية في إدلب جلست مع قاضي ومفتي الهيئة وهما من العقول الشرعية المقربة من أبي محمد لاستطلع رحلة التحوّل الفكري الذي حصل للهيئة.

“صحبت الجولاني منذ البداية، أريد أن تحكي لي قصة التحولات الفكرية بالنسبة لكم. منذ كنتم على اتصال بتنظيم الدولة الإسلامية إلى مرحلة إدلب؟” سألت المفتي

“حين جاء الشيخ أبو محمد إلى سوريا، كتب تقريرًا مفصلًا عن مشروع جبهة النصرة وأرسله إلى البغدادي. وجاء رد البغدادي بأنه موافق على كل ما ورد في التقرير. وبدأ بتمويل العمل. ونجح الجولاني أن يقدّم رؤية مقنعة لمن يعمل معه، فاجتمع حوله كثيرون.

بعد فترة أرسل أبو بكر البغدادي أبا محمد العدناني ليلتحق بالعمل مع الجولاني في سوريا، فعيّنه الجولاني مسؤولًا عن العمل في المنطقة الشمالية، ثم لم يلبث أن عزله بسبب قلة كفاءته، ثم عيّنه على معسكرات التدريب، فلم يرضَ عن أدائه فعزله. كتبَ بعدها العدناني تقريرًا كيديًا للبغدادي عن الجولاني. لقد حسد العدناني الجولاني!.

في مطلع عام 2013 جاء البغدادي إلى سوريا واجتمع بنا على مدى ثلاثة أيام من 10/1- 13/1 2013. كان أول ما أثار ملاحظته التفاف الناس حول الجولاني ومحبتهم له، حتى أني سمعته مرة يقول بلهجته العراقية “أكو شيء عجيب، بعض الشباب يقدّر أميره ولا يقدّر أميرَ أميره!”

    كيف رأيت أبا بكر البغدادي، هل كان غاليا؟

“أبدًا لم يكن للبغدادي علاقة بالغلو. أذكر أنه أرسل لنا في البدايات يقول: إياكم والذبح، فقد آذانا كثيرًا في العراق. لكن حرصه على السلطة، أخذه بعيدًا.”

    كيف ذلك؟

“كان تنظيم الدولة، يُقاد من الأسفل إلى الأعلى، حيث تحرّكه قاعدتُه. يغلو الجنود من الشباب المتحمّس، فيخشى القائد أن ينفضوا عنه، أو يحيّدوه، فيضطر لاستيعاب غلوهم، وموافقتهم عليه، واستمرّت هذه الصيرورة إلى أن انتهت في الخطاب وبشاعة الأفعال إلى ما تعرفه وسمعت به.

كان ملف المهاجرين من أول أسباب الخلاف بيننا وبينهم. فقد كنا نحرص على فرز المقاتلين القادمين إلينا في مضافات نعدها لاستقبالهم، حتى نختبر سلوكهم وفكرهم وجاهزيّتهم. وكان فريق أبي محمد العدناني وأبي علي الأنباري، حريصين على التحشيد السريع وكيفما اتفق.

ثم اختلفنا في مسألة القُطرية، وتصدير العمل. وكان الجولاني حريصًا كل الحرص على التركيز على سوريا فحسب. كما اختلفنا على مسألة تغيير اسم الجبهة. لكن خلافنا الأساسي كان بسبب التطور الفكري، وتكيّف الجولاني مع الواقع. بينما ظل التصلّب السمة الغالبة عليهم.

وصل الأمر إلى حد لا يمكن السكوت عليه حين اقترح أبو علي الأنباري إرسال شاب بحزام ناسف إلى مقر الائتلاف السوري في اسطنبول ليصفي خلافنا معهم. وقتها أدركنا أن الفجوة عميقة” قال المفتي.

في التاسع من أبريل عام 2013 أعلن أبو بكر البغدادي عن تأسيس دولة العراق والشام، وعن اندماج جبهة النصرة في تنظيم واحد.

وفي اليوم التالي، 10 من أبريل 2013، سجّل الجولاني رسالة صوتيّة يرفض فيها قرار الاندماج، وأنه لم يُستشر فيه. وفك الإرتباط مع البغدادي ملعنًا مبايعته لأمير القاعدة أيمن الظواهري

حين استقلّ الجولاني عن الدولة الإسلاميّة، مال أكثر المقاتلين إلى تنظيم الدولة يبدو أن الشباب فضلوا الانضمام إلى من أعلن عن الدولة لا إلى من يعدهم بها. بقي الجولاني في عدد قليل نحو 300 مقاتل، حينها دعمه قائد الأحرار أبو عبدالله الحموي (حسان عبّود) بمبلغ مقداره مليون دولار، ليبقى الجولاني في المشهد. لم يعلم أبو عبد الله الذي توفي في ظروف غامضة مع عدد من قادة الأحرار في شهر سبتمبر/أيلول 2014، أنه قدم استثمارًا في القيادة التي ستنهي حكم عائلة الأسد لسوريا بعد عشرة أعوام.

واصل شرعيّ الهيئة كلامه عن مراحل التغير قائلًا: “بعد تجربة إدلب بدأت تنضج كثير من الأطروحات لدينا، وبدا لنا أن حمل الناس على أخشن المراكب، ليس سياسة شرعيّة سليمة.”

    حسنًا دعني أسألك، ما دمت تسمي تجربة إدلب تجربة إسلاميّة، فما الفارق بينها وبين تجربة حماس في غزة. مع اعتبار أن مرجعية حماس إخوانية ومرجعيتكم الجهادية السلفية.

“مرجعيتنا ليست السلفية، بل السلف الصالح” قال القاضي متدخلاً، وأضاف:

“سأجيبك عن الفارق بيننا، وليصححني الشيخ، ملتفتًا إلى زميله. “تتخذ الهيئة وحماس من الشريعة الإسلامية مرجعيّة نهائية لها. ونختلف عنها بمقدار ما تختلف فيه بيئة غزة عن بيئة إدلب في تنزيل الأحكام الشرعية.”

ولكن هذا خطاب الإسلام السياسي، وليس خطاب السلفيّة الجهاديّة التي تقول بتطبيق الشريعة جملةً!

“سمِّه ما شئت!”

    لماذا انضممت إلى العمل مع الجولاني؟ سألت القاضي

“في الثورات هناك رجال بناء ورجال هدم، وقد تكون الثورات محتاجة إليهما في البداية. لكن بعد فترة تبيّن لي أننا لا نملك رجال البناء، رأيت في أبي عائشة (أسعد الشيباني) وأبي أحمد حدود (أنس خطاب) وأبي محمد الجولاني (أحمد الشرع) رجال بناء، وأن نجاح الثورة سيكون مرتبطًا بهم. أبو محمد سياسيٌ بارع يعرف متى يتراجع ومتى يقدم، وكثيرًا ما حدثنا عن قهر الجغرافيا، وهو مصطلح يستخدمه أبو محمد عن إكراهات السياسة التي تلجئك إلى قرارات لا تفضلها”

    هل كانت عملية ردع العدوان قرار ألجئتم إليه؟

“لم أكن مقتنعًا بالعملية، ذهبت إلى الجولاني وقلت له: اتقِ الله ولا تلقِ بالمسلمين إلى التهلكة، فنصف الفرصة مهلكة محققة”.

    خبرتني عدة مصادر بأن الأتراك كانوا متحفظين على العملية منذ البداية. هل يمكن أن تخبرني بمَ كنتم تفكرون؟

“كنا نفكر بأنه ينبغي على الأتراك أن يروا فرصتهم معنا وليس مع النظام. إذا نجحنا في تحرير بعض الأراضي من سطوة النظام، وحللنا لهم مشكلة اللاجئين، سيقبلون علينا ويرون فينا حليفًا يعوّل عليه”.

    نسيت أن أسألكم عن شعوركم بعد الانتصار كيف كان؟

اكتفى المفتي بابتسامة عريضة، بينما نظر إليّ القاضي وقال بلغة حماسيّة

“أخطأنا كثيرًا وقصّرنا كثيرًا. لكننا كسرنا المشروع الصفوي، هذا هو أعظم منجز بالنسبة لي!”

في ضيافة المهاجرين

    ألم تندم على تركك لبلادك، وقدومك للقتال في سوريا؟ لقد بدا الأمر فوضويا. وحين خرج كثير من السوريين، بقيت.

    “كيف أندم؟ هل تعرف معنى أن تكون مركز العالم؟ كل يوم أستيقظ فيه وأطالع الأخبار أشعر أن كل خبر يعنيني، لأنه إما أن يكون الحدث في صالحنا أو ضدنا. هذا الشعور الذي يمنحك إياه الجهاد. على أي شيء أندم؟ على روتين الوظيفة التي تركتها، أم على أصحابي الذين لم يكن العالم يعنيهم في شيء؟!”

    أجابني أحد المقاتلين الذين جاء إلى سوريا منذ بداية الثورة.

في حي قدسيّا النائم على سفح جبل قاسيون بدمشق، توقفت السيارة وأنا مصابٌ بالدوار، كان السائق أحد المقاتلين الذين لم يغادرهم جو الاقتحامات بعد، فكان ينتقل بنا من مكان إلى آخر وكأنه ينفذ مناورة عسكرية. في المقعد الخلفي للسيارة التي تحمل لوحة إدلب، جلستُ رابع ثلاثة من المقاتلين، الذين دعوني لجلسة لتناول الشاي الأخضر في سكنهم الذي حصلوا عليه بعد دخولهم إلى دمشق محررين قبل أسبوعين.

بدا البيت نظيفا ومرتبا جدا مع أثاث عتيق، ولولا انقطاع التيار الكهربائي عن الحيّ باستمرار لكان المكان أشرح منظرا. همستُ لأبي أسامة، قائد سريّة ومهاجر قدم لسوريا قبل 12 عاما: “لمن هذه الشقة؟”.

“كانت لأحد شبيحة النظام، واليوم يسكنها بعض المجاهدين”.

اجتمع في المجلس عدد من المقاتلين المهاجرين وبعض السوريين. كان المهاجرون قد اندمجوا تماما في حياتهم الجديدة، فبجانب القتال والمشاركة في المعارك أخبرني أحد المهاجرين في ذلك المجلس بأنه تخصص في دراسة الطب، وحصل على شهادة تخرج من قريب وصار يعالج المصابين في المعارك.

كانت راية جبهة النصرة هي العنوان الرئيسي في سوريا الذي يقصده المهاجرون، لارتباطها بالقاعدة صاحبة المشروع الجهادي العالمي. ولكن حين بدأ اقتتال الفصائل ألقى كثير من المهاجرين سلاحهم، واعتزلوا القتال، وأسس بعضهم سرايا وكتائب مستقلّة، كانت تشارك في المعارك التي تستهدف النظام وحلفاءه.

    “قل لي يا أبا أسامة، كيف تشكّل سريّة في خمس خطوات؟” ضحك الجلوس.

نظر إليّ أبو أسامة وكأنه وجد في السؤال تحديا له، فقال: “حسنا، دعني أحاول”. وأخذ يعقد أصابعه مع كل خطوة: “جمع الكادر البشري، توفير السلاح والعتاد، صياغة الفكرة التي تجمعنا، التمويل، هذه أربع، وليست خمسا” قالها رافعا يده بأربعة أصابع. ثم أكمل: “كان تركيزنا في هذه السرية على السلاح النوعي، فتخصصنا في القنص الحراري. اجتمعت في إدلب خلاصة الخبرة الجهادية، فقد جاءنا مدربون من أفغانستان والشيشان وضباط من العراق، وأخذنا دورات تدريبية عند جماعة تكتيكال الروسية، والتي كانت تركّز على المهارات الفريدة بالأسلحة وكانوا في غاية الإتقان”.

    وكم تحتاج لتأسس سرية من 40 شخصا؟

“مجموع عتادنا بـ300 ألف دولار، تشمل المركبات والأسلحة، والقناصات المحلية والمناظير الليلية. لقد كانت بصمة الإتقان في هذه المعركة هو التصنيع”.

ما آخر ما وصل إليه الثوّار في التصنيع؟

“وصلوا إلى الراجمات، وقذائف جهنم التي يصل مداها إلى 15 كلم، والقناصات التي تتولى المخارط والورش تصنيعها، بالإضافة إلى سيارة الكرار التي ساهمت مساهمة كبرى في المعارك الأخيرة..” رأى علامة الاستفهام على وجهي فواصل شارحا:

“الكرار سيارة اقتحامات، يتم تفكيك هيكل سيارة الشاص، ويُركّبون عليه مصفحة وزجاجا مضادا للرصاص، وتحمل بين 10-12 جنديا. هذا ما أعرفه واطلعت عليه في موضوع التصنيع، لكن بقية التصنيع يتم داخل الهيئة”.

    والمسيّرات؟ لقد كثر الكلام عن كونها محلية أو بمساعدة خارجية، فأي رواية ترجحون؟

“هي عمل محلي، نعرف الأشخاص الذين كان يعملون عليها منذ 2020.

للدول المجاورة دور معاكس في التصنيع، فقد كانوا عقبة في سبيله، يعاني المهندسون الذين يعملون على التصنيع من منع المواد من الدخول عبر المعابر، ويصادرون كاميرات الكواد كابتر، واللبس العسكري، هل ترى هذه الجاكيت الذي ألبسه أنا ويلبسه أبو محمد بجانبك؟ هذه ملابس ممنوع دخولها من المعابر. نحن نشتغل بهيك مصلحة، فتحنا محلا لخياطة هذه الملابس في إدلب. كان التضييق شديدا جدا”.

التقط أبو محمد، رجل هادئ الملامح كثير الابتسام، الذي هاجر إلى سوريا والتحق بالثورة منذ بداياتها، خيط الكلام، قائلا:

“مرحلة ردع العدوان سبقتها أسوأ المراحل النفسية والمعنوية. لقد كنا مثل بني إسرائيل قبل مجيء موسى. لما خرج قوم موسى هاربين معه قالوا إنا لمدركون. نحن كنا نقول إنا مدركون، بسبب الفقر والوحشة وانسداد الأفق السياسي.

مع تحشيد النظام قواته على حدود إدلب، كان الحديث بين المجاهدين عن خطة النزوح إلى الحدود حينما يبدأ النظام هجومه. كنا نفكر بعملية دفاعيّة نصد فيها تقدمه إلى أن نؤمّن لأهالينا ملاذا على الحدود التركية، أعرف من كان يبحث عن إيجارات المساكن على الحدود. ما حدث بعد ذلك كان صناعة إلهية”.

    كيف تنسق الكتائب والسرايا مع الكتل العسكرية الكبرى، مثل الهيئة وأحرار الشام؟

“يتواصل صاحب السرية مع أحد الألوية مع الهيئة أو غيرها ويبدي استعداده للمشاركة في العمل” أجاب أبو أسامة

    التفتُّ إلى أبي محمد الذي انشغل بإيقاد مدفئة الديزل التي تدفئ الغرفة بعد انطفائها فجأة: ذكرتَ أن ما حصل صناعة إلهية، ماذا تقصد؟

“لأني رأيت بعيني مفاصل حاسمة في هذه المعركة، كنت في معركة حلب، وشهدت اقتحام مقر سهيل الحسن في الفرقة 25، وهي استثمار روسي في الجيش السوري، مركز حصين ولديه أسلحة متطورة، بعد أن تعطلت كثير من المجنزرات المجهزة لاقتحامه، اقتحمته مصفحتان عبر عملية استشهادية. أصيبت مصفحة وقتل بعض من فيها، ووصل البقية. ودخلوا على الفرقة، لو ضربتهم الفرقة بالعصيّ لقتلتهم لفارق الكثرة العددية! لكنهم ركضوا كالفئران منهم.

يقول لي أحد المقتحمين، أصيب أحد الإخوة، فقال لصاحبه أعطني سلاحك واطلب سلاحا آخر، انفلت الشاب الفدائي، فصادف رجلين من العدو، فلما قابلهم وهو أعزل صرخ فيهم بلهجة علويّة: جاءتنا التعليمات بالانسحاب باتجاه الباب، فركضا وركض معهما، التفت عليه أحدهما وقال له احمل عني البيكا (سلاح رشاش) فقد تعبت، فالتقطها وأجهز على الأول، ولحق بالثاني فأرداه قتيلا ونجا.

أعظم بركات هذه العملية اختفاء النفس الفصائلي فيها، فهذه المعركة كانت معركة وجود، إما نكون أو لا نكون”.

في الزاوية، على كرسيّ خشبيٍّ هزاز، جلس المقرئ محسن غصن، شابٌ بهيّ الطلعة، بلحية طويلة مهذّبة، انتشرت صورته وهو يؤم المصلين بلباسه العسكري في الجامعي الأموي بعد تحرير دمشق، بعد أن تداول ناشطون دعاءه في رمضان الماضي بأن يمنّ الله عليه بالصلاة في الجامع بدمشق”.

صليت معه في مسجد زيد بن ثابت قبل ليلتين، حيث أمَّ الناس وألقى فيهم كلمة بعد الصلاة، ثم تحلّق حوله روّاد المسجد، وحين خرج استوقفه شاب دمشقيّ لم يبلغ العشرين من عمره، ومعه شقيقٌ له يقاربه في العمر، بعد السلام عليه، أخذ الشاب يبكي بين يديه ويقول له: سامحني يا شيخي لقد خذلناكم ولم نجاهد معكم! لقد ضحيتم من أجلنا بكل شيء” أخذ الشيخ وشقيقه يهدّئانه والشاب غارق في نوبة حادة من البكاء والاعتذار.

    سألته عن قصة الفيديو المنتشر

“كان دعاؤنا دائما: اللهم افتح بنا البلاد واهدِ بنا العباد. لم يفارقنا اليقين بأننا سننتصر، لم نكن ندري كيف ومتى، لكنه شيء انعقدت عليه قلوبنا طوال جهادنا الذي استمرّ 14 عاما. في الأشهر الأخيرة كان الاستعداد على أشده، وكان التكتم شديدا، جرى حديث عن سراقب وعن ريف إدلب، وقبل أسبوع من العملية تبيّن لنا أن حلب هي الهدف، كنت من صائدي الليل، حيث نعمل على القنص بالمنظار الحراريّ، وهذا السلاح أحدث فارقا في المعركة.

لم نشارك في حلب، وشاركنا في قلعة المضيق في سهل الغاب، وفي حماة وحمص. شاركت مع فصائل مختلفة، كان التنقل بين الفصائل سلسٌ والتنسيق عالٍ، بعد فتح حلب أقبلت كل الفصائل على المشاركة، رغبة في الغنائم. كنتُ مع سرية أبي أسامة، كانت سريتنا أكثر السرايا مشاركة (سرية سعد 40 جنديا) شاركنا في حلب مع الهيئة، ثم شاركنا في معركة سهل الغاب مع الجيش الحر، ثم في معركة حماة مع الجبهة الشامية والجيش الوطني، ثم في حمص مع الجبهة الشامية، وبعد حمص انكسر النظام وأصبح الطريق إلى الشام سالكا.

في اليوم الثاني من دخولنا لدمشق صليت في الأموي، بدون ترتيب، دخلنا متنزهين في الشام، فأدركتنا صلاة المغرب في الأموي، فلما حانت صلاة العشاء طلب منا المؤذنون أن أصلي بهم العشاء. كنت إماما حافظا للقرآن قبل جهادي، وأممت في حلب وإدلب.

عادة أصوّر الصلاة، وأبثها في قناتي، فطلبت من أحد الشباب تسجيل الصلاة، فلما نشرته طار كل مطير. في اليوم الثاني صارت الناس تستوقفني وتسلم عليّ حيث اتجهت”.

المصدر : الجزيرة

——————————

سوريا.. فتيل التوتر ينذر بإشعال قنبلة “سجناء داعش

محمد الناموس – إسطنبول

28 يناير 2025

تشهد الساحة السورية تصاعدًا حادًا في التوترات السياسية والعسكرية بين الإدارة السورية الجديدة وقوات سوريا الديمقراطية “قسد”، مما يثير مخاوف من اندلاع مواجهات عسكرية قد تترك تداعيات خطيرة على الأمن والاستقرار في المنطقة.

وتطالب الإدارة السورية الجديدة قوات سوريا الديمقراطية بتسليم أسلحتها والانضواء تحت سلطتها، الأمر الذي ترفضه “قسد”، التي تسيطر على مساحات واسعة في شمال شرق سوريا، في خلاف يعكس تعقيدات المشهد السياسي والعسكري في البلاد.

وأكد قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، لقناة “العربية” الأسبوع الماضي، أن قواته لم تقرر تسليم السلاح ولا حل نفسها، ولكنها تريد الانخراط في جيش سوريا المستقبل، محذرا من أن أي طريق غير التفاوض في مسألة دمج القوات سيؤدي إلى حدوث مشاكل كبيرة.

في المقابل، قال وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، في حديثه للصحفيين مطلع الأسبوع الماضي، إن السلطات الجديدة التي تعهدت حل الفصائل المسلحة ودمجها في إطار جيش موحد، تفاوض القوات الكردية، لكنها مستعدة للجوء إلى “القوة” إذا لزم الأمر.

والسجون التي تحتجز فيها “قسد” آلاف المعتقلين من عناصر تنظيم الدولة “داعش” تُعد من الملفات الشائكة، ويثير اندلاع مواجهات عسكرية مخاوف بشأن مصير هؤلاء المعتقلين.

وفي حال حدوث فوضى أو انسحاب غير منظم لقسد، يُخشى أن يفر المعتقلون، مما يشكل تهديدًا أمنيًا كبيرًا ليس لسوريا فحسب، بل لدول الجوار.

وتُثار المخاوف من أن يتمكن تنظيم الدولة من استغلال الفوضى وإعادة تنظيم صفوفه وشن هجمات جديدة، كما حدث في سيناريوهات مشابهة في سوريا والعراق سابقًا، عندما حاول تنظيم الدولة “داعش” عام 2022 تحرير سجنائه من سجن غويران في الحسكة.

وتدير قوات سوريا الديمقراطية “قسد” في مناطق سيطرتها 26 سجنا شرق نهر الفرات تضم 12 ألف سجين، أبرز هذه السجون سجن غويران في الحسكة وفيه 5000 سجين، بالإضافة لسجون ديريك في المالكية والشدادي في الحسكة وجركين في القامشلي.

كما تحتجز قوات قسد الآلاف من عائلات تنظيم الدولة “داعش” في مخيمات احتجاز أبرزها مخيم الهول في ريف الحسكة ومخيم الباغوز في البوكمال.

خطة نقل سجن غويران

وفي محاولة لتقليل المخاطر الأمنية المحتملة في حال اندلاع مواجهات في مناطق سيطرة قسد، برزت تصريحات تشير إلى وجود خطة لنقل معتقلي سجن غويران في الحسكة، الذي يضم الآلاف من معتقلي داعش، إلى العراق.

وتهدف الخطة إلى نقل السجناء العراقيين وغيرهم من حملة الجنسيات المختلفة لمحاكمتهم وفقًا للقانون العراقي، كما تتضمن الخطة نقل سجناء آخرين إلى دولهم الأصلية عبر مراحل متعددة.

ويعتبر العراق سجن غويران والسجون الأخرى الواقعة تحت سيطرة قسد، إلى جانب مخيم الهول، تهديدًا حقيقيًا لاستقراره.

ويخشى العراق من أن تؤدي الهجمات التي تشنها الفصائل السورية على مناطق سيطرة قسد إلى انهيار هذه السجون والمخيم، وعودة تنظيم داعش مجددًا بقوة وزحفه باتجاه العراق.

وحذر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في تصريح لقناة العربية الشهر الماضي، من مخاطر الصراع الدائر شمالي سوريا، وقال إن هذا الصراع يفتح الباب لإحداث خلل في سجون داعش والدخول في مواجهة مع الإرهاب مجددا.

واعتبر السوداني أن الاحتكاك المسلح مع قوات قسد له انعكاسات على مستوى ضبط السجون والمخيمات التي تحتضن الآلاف من الإرهابيين، وأن أي حدث سيحصل في هذه السجون سيجعل الجميع داخل سوريا وخارجها بمواجهة مباشرة مع الإرهابيين.

وأكد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية العراقية، النائب ياسر إسكندر، وجود خطة يجري بحثها الآن مع عدد من الدول، على رأسها سوريا وتركيا، لإنهاء ملف سجن غويران ومخيم الهول بشكل نهائي.

وقال إسكندر، في حديث سابق لموقع “الحرة”، إن الخطة تتركز على نقل نزلاء سجن غويران العراقيين إلى العراق، ونقل كافة النزلاء الآخرين المتورطين بالقتال إلى داخل البلاد، حتى لو لم يكونوا عراقيين، تمهيدًا لمحاكمتهم وفق القانون العراقي.

ولفت إسكندر إلى أن العراق سيحصل على دعم دولي لبناء سجن ومنشآت كافية لاستيعاب السجناء المنقولين من سوريا.

وأكد الخبير في الحركات الجهادية، حسن أبو هنية، لموقع “الحرة”، أن قضية نقل سجن غويران ليست مؤكدة حتى الآن، لكنها مقترح قديم طُرح من قبل عدة دول ومن الأمم المتحدة، التي تعمل على نقل السجون الموجودة لدى قوات سوريا الديمقراطية إلى العراق، مع إقامة محاكم خاصة للسجناء.

وأوضح أبو هنية أن سجن غويران هو واحد من 26 سجنًا يحتجز فيها سجناء تنظيم داعش، إذ يضم وحده خمسة آلاف سجين، بينما يُحتجز سبعة آلاف آخرون في باقي السجون، بالإضافة إلى ما يُعرف بـ “عوائل داعش”، الذين يقيمون في مخيم الهول، ومعظمهم من النساء والأطفال والأشبال.

وأشار أبو هنية إلى أن هناك مخاوف حقيقية إذا استمرت الاشتباكات بين الجيش الوطني المدعوم من تركيا وقوات قسد غرب الفرات، مشيرًا إلى أن هذه المواجهات قد تتوسع، مما سيؤدي إلى تفاقم مشكلة معتقلي داعش.

وأضاف أن التنظيم يشهد انتعاشًا ملحوظًا بعد سقوط نظام الأسد، مما يزيد من القلق في العراق والدول المجاورة، كالأردن وسوريا.

وشدد الخبير أبو هنية على أن معتقلي داعش، بمن فيهم الأشبال، يمثلون قوة احتياطية للتنظيم.

وأوضح أن العدد الإجمالي يُشكل ما يشبه جيشًا كاملاً، مضيفًا: “قوات هيئة تحرير الشام، التي سيطرت على سوريا، لا تتجاوز العشرين ألف مقاتل، أما بالنسبة لتنظيم الدولة، فهناك 12 ألف سجين، بالإضافة إلى القوات الأخرى المنتشرة في سوريا، وهذا سيشكل بالتأكيد خطرًا كبيرًا”.

وأكد أن تنظيم الدولة يمكن أن يعود للسيطرة المكانية في ظل ضعف الإدارة السورية الجديدة، خاصة مع وجود أزمات داخل قوات الحشد الشعبي في العراق والخلافات مع إيران وحلفائها.

التحديات الإقليمية والدولية

لا يقتصر التوتر بين الإدارة السورية الجديدة وقسد على الساحة الداخلية السورية وحدودها مع العراق، بل يمتد ليشمل تفاعلًا إقليميًا ودوليًا.

فتركيا، على سبيل المثال، تراقب الوضع عن كثب نظرًا لعلاقاتها المتوترة مع قسد، التي تعتبرها امتدادًا لحزب العمال الكردستاني المصنف جماعة إرهابية.

في المقابل، تسعى الولايات المتحدة ودول غربية أخرى إلى منع تصاعد التوترات خوفًا من انزلاق سوريا مرة أخرى إلى دوامة الحرب الأهلية، بحسب ما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز.

وفي ذات السياق، أكد خبير الجماعات الجهادية أبو هنية أن حل قضية سجناء داعش وعوائلهم لا يمكن أن يتحقق إلا بحل أزمة شمال شرق سوريا.

وأشار إلى أن هذه القضية تتطلب توافقًا سياسيًا شاملاً يرتبط بتطورات المحادثات الجارية بين الولايات المتحدة، وقوات سوريا الديمقراطية، والإدارة السورية الجديدة، وتركيا، مؤكدًا أن نتائج هذه المفاوضات ستحدد مستقبل شمال شرق سوريا وعلاقاتها الإقليمية.

وأضاف أبو هنية أن ملف سجناء داعش “خطير للغاية، إذ سيؤدي إلى حالة جديدة من عدم الاستقرار في المنطقة. ومع مرور سنوات دون نجاح أي دولة في إنهاء هذا الملف، يبدو أن الأشهر القادمة ستشهد تطورات مرتبطة بتبلور استراتيجية واضحة للولايات المتحدة في سوريا”.

محمد الناموس

الحرة

———————————–

 سوريا تطالب بانسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب البلاد

تقع المنطقة العازلة المنزوعة السلاح في الجولان على أطراف الجزء الذي احتلته إسرائيل من الهضبة السورية عام 1967، وأعلنت ضمّه في 1981، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي باستثناء الولايات المتحدة

العربية.نت – وكالات

29 يناير ,2025

طالبت سوريا الأربعاء القوات الإسرائيلية بالانسحاب من الأراضي التي توغّلت إليها في جنوب البلاد، خلال استقبالها وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام جان بيار لاكروا، بحسب تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية (سانا) الأربعاء.

وأوردت سانا أن وزير الخارجية أسعد الشيباني ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة التقيا وفدا أمميا ضمّ لاكروا الذي استهلّ زيارة إلى الشرق الأوسط السبت.

وأضافت أنه تمّ “خلال اللقاء التأكيد على أن سوريا مستعدة للتعاون الكامل مع الأمم المتحدة وتغطية مواقعها على الحدود” في جنوب البلاد “حسب تفويض عام 1974 بشرط انسحاب القوات الإسرائيلية فورا”.

وكانت قوات الجيش السوري قد انسحبت بشكل غير منظم من مواقعها في جنوب البلاد حتى قبل وصول الفصائل المسلحة إلى دمشق وهروب بشار الأسد في الثامن ديسمبر الماضي.

وبعد ساعات من سقوط الأسد، أعلنت إسرائيل أن قواتها تقدمت إلى المنطقة العازلة حيث تنتشر قوات الأمم المتحدة بموجب اتفاق فضّ الاشتباك بين الطرفين إثر حرب العام 1973.

وتقع المنطقة العازلة المنزوعة السلاح في الجولان على أطراف الجزء الذي احتلته إسرائيل من الهضبة السورية عام 1967، وأعلنت ضمّه في 1981، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي باستثناء الولايات المتحدة.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الثلاثاء إن الجيش الاسرائيلي سيظلّ “متمركزا” في قمة جبل الشيخ وفي المنطقة العازلة “لفترة غير محددة”، مضيفا “لن نسمح للقوات المعادية بالتمركز… سنتحرك ضد أي تهديد”.

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي أمر جيشه في ديسمبر بـ”الاستعداد للبقاء” طوال فصل الشتاء في المنطقة العازلة بين سوريا وإسرائيل.

واعتبرت الأمم المتحدة أن سيطرة الجيش الاسرائيلي على المنطقة العازلة تشكل “انتهاكا” لاتفاق فض الاشتباك.

وكان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع ندّد في ديسمبر بتوغّل القوات الإسرائيلية، مع تأكيده أنّ الوضع الراهن “لا يسمح بالدخول في أي صراعات جديدة”.

وقال إن “الإسرائيليين تجاوزوا خطوط الاشتباك في سوريا بشكل واضح ما يهدد بتصعيد غير مبرر في المنطقة”.

وكان مكتب لاكروا أعلن أن جولته ستشمل سوريا وإسرائيل، وسيلتقي خلالها السلطات في البلدين ويزور “بعثتين لحفظ السلام تابعتين للأمم المتحدة”. ومن المقرر أن “يمضي بعض الوقت مع قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك، قبل أن يزور مقر هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة في القدس”.

وبعيد سقوط الأسد، نفّذت إسرائيل مئات الغارات الجوية على منشآت عسكرية سورية عائدة إلى الجيش السابق، مؤكدة أنها هدفت إلى “ضرب وتدمير القدرات الاستراتيجية التي تهدد إسرائيل”.

—————————————–

حربي بالأجواء ومدفعية بالتجهيز”.. نهاية عصر الخوف في سوريا وبداية تحديات جديدة/ ثائر المحمد

2025.01.29

لطالما ارتبطت الحياة اليومية للسوريين خلال حقبة نظام الأسد بالخوف والترقب، بعد بدء الثورة السورية ومواجهتها بالقمع، كانت التعاميم الصادرة عن المراصد عبر قبضات اللاسلكي حول تحليق الطائرات الحربية والمروحية في الأجواء تعني اقتراب الموت، كانت السماء تتحول إلى مصدر دائم للرعب مع سقوط الصواريخ والبراميل المتفجرة، كذلك كانت التحذيرات من المسيّرات الانتحارية والقصف المدفعي تحكم حياة السوريين وتجعلهم في حالة خوف وقلق دائم.

ومع سقوط النظام، انقلبت المعادلة، اختفى صوت المراصد الذي كان يحذّر من الموت، وغابت صفارات الإنذار التي كانت تنبئ بالقصف، أما الطائرات المروحية، التي كانت يوماً أداة تدمير، فباتت اليوم في أيدي إدارة العمليات العسكرية التي تعمل على تأمين البلاد وملاحقة فلول النظام السابق.

سوريا، التي عانت طويلاً من ويلات حرب النظام وحلفائه على السوريين، تقف اليوم عند مفترق طرق جديد، فمرحلة ما بعد الأسد فرصة لإعادة بناء مجتمع دمرته سنوات من القمع، رغم ما يعتري ذلك من تحديات هائلة.

تحديات ما بعد إسقاط الأسد

بالرغم من إسقاط نظام الأسد وانتهاء حالة الرعب اليومي، تواجه سوريا في مرحلة ما بعد الأسد تحديات كبيرة، لعل أبرزها ملف إعادة الإعمار، فالدمار الهائل الذي لحق بالبنية التحتية يتطلب جهوداً جبارة لإعادة بناء المدن والقرى المتضررة، كما أن الاقتصاد السوري، الذي انهار بسبب سنوات الحرب، يحتاج إلى إصلاحات جذرية لجذب الاستثمارات وإعادة الحياة إلى الأسواق.

سوريا بعد سقوط النظام لم تخلُ من الأعباء؛ الدمار الذي خلفته حرب الأسد على السوريين يحتاج إلى جهود كبيرة لإعادة الإعمار، مدن وبلدات كاملة تحولت إلى أنقاض، والطرقات والبنية التحتية بحاجة إلى إعادة تأهيل شامل.

من جانب آخر، رغم انتهاء المعارك، تبقى مخلفات الحرب تحدياً كبيراً، آلاف الألغام والذخائر غير المنفجرة ما زالت تهدد حياة السكان، خاصة الأطفال، وتعد الجهود المبذولة لإزالتها خطوة أساسية لضمان سلامة المدنيين وعودة الحياة إلى طبيعتها، حيث تتطلب هذه المهمة دعماً دولياً وتقنيات متطورة لتطهير الأراضي من هذه المخاطر.

حتى على مستوى الحوادث المرورية، أدى ضعف البنية التحتية وسوء واقع الطرق الرئيسية إلى تصاعد معدلات حوادث السير في سوريا، بالتالي، إصلاح الطرق وتطبيق قوانين المرور هما مفتاح تقليل هذه الحوادث وضمان سلامة المواطنين.

على صعيد آخر، خلفت الحرب الآلاف من المصابين، بعضهم فقد أطرافه وآخرون يعانون من إصابات دائمة تعيق حياتهم اليومية، هؤلاء الأشخاص بحاجة إلى دعم مستمر، سواء من خلال العلاج الطبي أو الدعم النفسي والاقتصادي، ويعتقد كثيرون أن الوقوف مع المصابين ليس واجباً إنسانياً فقط، بل هو خطوة نحو إعادة إدماجهم في المجتمع ليصبحوا جزءاً من إعادة بناء الوطن.

أما المخيمات التي لجأ إليها ملايين السوريين خلال الحرب فتُعتبر من أكبر المآسي، ومع زوال النظام، أصبح واجب إعادة هؤلاء إلى ديارهم أولوية عبر توفير بيئة آمنة ومنازل بديلة وإعادة بناء القرى والمدن، وهي مسؤولية تقع على عاتق الحكومة والمجتمع الدولي، لطي صفحة النزوح وإعادة الملايين إلى أرضهم.

الحالات النفسية وواجب معالجتها

تسببت سنوات الحرب في آثار نفسية عميقة على السوريين، خاصة الأطفال والنساء، من اضطرابات القلق إلى الاكتئاب والصدمات النفسية، وهنا تبرز أهمية إطلاق برامج نفسية متخصصة لضمان تعافي المرضى.

أما “الشهداء” الذين قدموا أرواحهم خلال سنوات الثورة، فقد تركوا وراءهم أُسراً تعاني الفقد والحرمان، ومن الضروري الوقوف مع ذويهم وتقديم الدعم لهم، سواء اقتصادياً أو معنوياً، وهو ما ينطبق أيضاً على ذوي المعتقلين والمختفين قسرياً.

أزمات شكلت مصدر قلق للسوريين في عهد نظام الأسد

طوال عقود من حكم نظام الأسد، عانى السوريون من أزمات متعددة أثرت على تفاصيل حياتهم اليومية وألقت بظلالها الثقيلة على جميع جوانب المجتمع.

هذه الأزمات لم تقتصر على الجانب الأمني أو الاقتصادي فحسب، بل امتدت إلى الجوانب الاجتماعية والسياسية، لتحول حياة السوريين إلى جحيم، ويمكن ذكر عدد من هذه الأزمات، وأبرزها:

القصف الجوي والصاروخي

كانت الطائرات الحربية والمروحية الروسية والسورية في سماء سوريا رمزاً للرعب، البراميل المتفجرة التي أُلقيت على المناطق السكنية قضت على آلاف الأرواح وهجّرت الملايين.

الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري

الأجهزة الأمنية التابعة للنظام استخدمت الاعتقالات كأداة لتثبيت سيطرة الأسد، حيث كان مجرد الشك كافياً للزج بالأفراد في السجون ثم الموت تحت التعذيب، مع تزايد حالات الاختفاء القسري، حيث كان كثير من السوريين يُقتادون من دون أي أثر أو محاكمة.

التقارير الأمنية

كانت هذه التقارير المليئة بالمبالغات والوشايات من أكثر ما يؤرق السوريين، وزادت من حالة القلق بين المواطنين، خاصة أنها كثيراً ما تنتهي بالضحية في أحد الفروع الأمنية.

الأزمات الاقتصادية والمعيشية

كانت طوابير الخبز الطويلة واحدة من أبرز مظاهر الأزمة الاقتصادية في عهد نظام الأسد، مع نقص حاد في المواد الغذائية الأساسية، كما أن انقطاع الكهرباء بشكل شبه دائم ونقص الوقود فاقما الأزمة، مع تدهور العملة السورية والتضخم الجنوني، مما جعل الأسر عاجزة عن تأمين احتياجاتها الأساسية.

التهجير والنزوح الداخلي والخارجي

أجبرت العمليات العسكرية واسعة النطاق لنظام الأسد وحلفائه ملايين السوريين على ترك منازلهم، مع تحول كثير من المدن والبلدات إلى مناطق أشباح، حيث هُجرت بالكامل بسبب القصف والدمار، فضلاً عن نزوح الملايين إلى دول الجوار وأوروبا بحثاً عن الأمان.

القمع الإعلامي وتقييد حرية التعبير

كان الإعلام في سوريا أداة دعائية للنظام، مع غياب تام لأي مساحة للتعبير الحر، وكانت وسائل الإعلام المستقلة أو المعارضة تُقمع بشدة، مما حرم السوريين من الحق في سماع أصوات متنوعة، كما أن الرقابة الصارمة والتضييق على الإنترنت جعلا من الحصول على المعلومات مهمة شبه مستحيلة.

الأوضاع الصحية المتردية

تعرض النظام الصحي في سوريا للانهيار بسبب الحرب وقصف النظام لمئات المستشفيات والمراكز الطبية، مع نقص حاد في الأدوية.

التعليم المنهار

كانت المدارس هدفاً للقصف، مما أدى إلى حرمان ملايين الأطفال من التعليم، وتحول كثير منهم إلى عمالة قسرية، في حين أصبح نظام التعليم غير قادر على تلبية احتياجات الأجيال الجديدة، مما زاد من معدلات الأمية والتسرب المدرسي.

الانقسام الاجتماعي والطائفي

استخدم النظام خطاباً طائفياً لتأجيج الانقسامات بين مكونات الشعب السوري، وأدى ذلك إلى شرخ عميق في النسيج الاجتماعي.

سيطرة الميليشيات الأجنبية

وجود ميليشيات مدعومة من إيران وروسيا زاد من تعقيد المشهد السوري، فهذه الميليشيات لم تكن فقط أداة لدعم النظام، بل أيضاً مصدراً لانتهاكات واسعة بحق المدنيين.

فرض الحصار على المدن والمناطق

فرض النظام حصاراً خانقاً على العديد من المدن والبلدات المعارضة، مما أدى إلى تجويع السكان، واستخدم الأسد الحصار كأداة عسكرية ضد الثائرين.

تدمير البنية التحتية

أدى القصف المستمر إلى تدمير واسع للبنية التحتية، بما في ذلك الطرق والجسور والمستشفيات والمدارس، إعادة بناء هذه المرافق تتطلب سنوات طويلة واستثمارات ضخمة.

انتشار الفساد والمحسوبية

الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية جعل الحصول على الخدمات الأساسية يعتمد على الرشاوى والمحسوبيات، وأدى غياب الرقابة والمساءلة إلى زيادة الهوة بين المواطن والدولة.

التأثير النفسي والاجتماعي

تركت سنوات الحرب والقمع آثاراً نفسية عميقة على الأطفال والكبار، بما في ذلك الصدمة والقلق والاكتئاب، تفكك الأسر وتشتيت العائلات بسبب النزوح والهجرة فاقما الأزمات الاجتماعية.

العقوبات الاقتصادية والقطيعة السياسية

فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات صارمة على نظام الأسد، شملت تجميد الأصول وحظر التعاملات المالية وفرض قيود على الصادرات.

كذلك، فإن القطيعة السياسية مع غالبية الدول العربية والدول الغربية جعلت من سوريا دولة معزولة دولياً، حيث تم تعليق عضويتها في الجامعة العربية وأصبحت محرومة من أي دعم دولي.

تصدير المخدرات

أصبحت سوريا خلال سنوات الحرب مركزاً لإنتاج وتصدير المخدرات، لا سيما مادة الكبتاغون، وثبت أن النظام السوري وميليشياته متهمون بالتورط في تصنيع وتصدير الكبتاغون إلى دول الجوار وأوروبا.

من المؤكد أن سقوط النظام يمثل بداية جديدة لسوريا، لكن رحلة البحث عن الاستقرار تتطلب استعادة الأمن وإعادة بناء المؤسسات المدمرة وتحقيق العدالة الاجتماعية، فالسوريون اليوم أمام فرصة تاريخية لبناء وطن جديد يعتمد على العدالة والمساواة، يعيشون فيه بعزة وكرامة، ويباهون فيه العالم، قائلين: “صار عنا وطن”.

تلفزيون سوريا

————————————–

دعم “داعش” والطائفية.. أدوات إيرانية لتقويض الأمن في سوريا

2025.01.29

انخفضت حدّة التصريحات الإيرانية تجاه الإدارة السورية الجديدة في الشهر التالي لسقوط بشار الأسد، بعد تصعيدٍ سياسي وإعلامي كبير تلا الأسابيع الأولى لمغادرة الأسد سوريا وسيطرة فصائل المعارضة العسكرية على دمشق. لكن تراجع مستوى اللهجة العدائية الإيرانية لا يبدو أنه يعكس حقيقة السلوك الإيراني على أرض الواقع، حيث لا تزال طهران تعمل على تقويض الأمن الهشّ في سوريا مستخدمةً وسائل عديدة.

إحياء تنظيم داعش

علم موقع تلفزيون سوريا من مصدر أمني أن طهران تعمل منذ عدة أسابيع على إعادة إحياء تنظيم داعش في سوريا، ولذلك دخلت في مفاوضات مع “قسد” من أجل الحصول على قسم من عناصر تنظيم داعش السابقين المحتجزين في سجون الحسكة.

وبحسب المصدر، فإن الحرس الثوري الإيراني يُسهّل حالياً تمرير بعض الأسلحة والدعم لخلايا التنظيم المنتشرة في البادية السورية، وهدف طهران من ذلك زيادة منسوب الهجمات ضد قوات الإدارة السورية الجديدة بما يمنعها من بسط الأمن، بالإضافة إلى إقلاق النفوذ التركي، خاصة مع الأحاديث عن اتجاه أنقرة لتأسيس قواعد عسكرية في بادية حمص.

وبدا لافتاً البيان الذي أصدره تنظيم داعش في 26 يناير الجاري، وهاجم فيه الإدارة الجديدة في سوريا، واعتبرها أداةً بيد تركيا، بالإضافة إلى مهاجمة الثورة السورية واعتبارها “عملاً جاهلياً” لأنها تسعى لتأسيس دولة مدنية ديمقراطية. كان هذا البيان بمنزلة دقّ طبول الحرب بين تنظيم داعش والإدارة السورية.

وفقاً للمعلومات، فإن تنظيم داعش يستفيد من الدعم الذي يصله لتجنيد المزيد من الشباب في منطقة البادية السورية، ويركّز على ضمّ العناصر الناقمة على الإدارة السورية، أو التي كانت تتبع سابقاً لتنظيم “حراس الدين”، كما يوفر الحماية لبعض المجموعات الفارّة من جيش النظام السوري السابق على أمل تجنيدها.

النفخ في قضية الانتهاكات

بحسب المصادر الأمنية، فإن الشق الآخر للخطة الإيرانية الهادفة إلى تأجيج الوضع الأمني في سوريا يتمثل في النفخ في قضية الانتهاكات بحق الأقليات.

وفي هذا السياق، طالبت إيران اللجان الإلكترونية التابعة للفصائل العراقية المرتبطة بالحرس الثوري، والأخرى المرتبطة بحزب الله اللبناني، بالنشر بكثافة عن تجاوزات تتم بحق الأقليات في سوريا، وتصوير الحملات الأمنية التي تُنفّذ ضد ضباط وعناصر سابقين في نظام الأسد رفضوا تسليم أسلحتهم على أنها استهداف ممنهج للسوريين العلويين والشيعة.

وتستهدف إيران من هذا التأجيج الحفاظ على أرضية خصبة لاستمرار جهدها الاستخباراتي في سوريا، حيث تعمل في الآونة الأخيرة على ترميم ما فقدته من متعاونين على الأراضي السورية، وتركّز بشكل أساسي على التعاون مع أشخاص من ريف حمص والساحل السوري، نظراً لإمكانية اتصال حزب الله اللبناني بهذه المناطق.

ومنذ سقوط بشار الأسد، سارع الحرس الثوري الإيراني إلى الاحتفاظ بالعشرات من الضباط التابعين للفرقة الرابعة والحرس الجمهوري في مناطق حدودية بين إيران والعراق، على أمل الاستفادة من دورهم لاحقاً. كما وجّه العديد من عناصر الفرقة الرابعة للبقاء في مناطق سيطرة “قسد” وعدم مغادرة الأراضي السورية.

وهؤلاء يشاركون حالياً في مهام ميدانية لصالح “قسد” برضا ودعم إيراني، حيث تستطيع إيران تمرير الدعم لهم عبر الحدود السورية العراقية الخاضعة لسيطرة “قسد”، وعن طريق حليفها في إقليم كردستان العراق، المتمثل بحزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني.

ويوفر هذان الحزبان لإيران القدرة على الاتصال مع سوريا حتى اليوم، بعيداً عن الرقابة التي تفرضها الولايات المتحدة على الحدود السورية العراقية وعلى نشاط إيران الأمني والاستخباراتي في المنطقة، والذي تراجع بعد فقدان الحرس الثوري قاعدة الإمام علي في منطقة البوكمال المتاخمة للعراق.

تلفزيون سوريا

——————————–

برعاية أميركية وفرنسية.. تشكيل وفد كردي مشترك للتفاوض مع دمشق

2025.01.29

اتفق المجلس الوطني الكردي وقائد “قوات سوريا الديمقراطية” مظلوم عبدي، على تشكيل وفد كردي مشترك للتفاوض مع دمشق، وذلك بعد سلسلة لقاءات بين الطرفين برعاية وزارتي الخارجية الأميركية والفرنسية.

ومساء أمس الثلاثاء، اجتمعت الهيئة الرئاسية للمجلس الوطني الكردي مع “عبدي” بحضور ممثل وزارة الخارجية الفرنسية، ريمي داروين، وسكوت بولز مبعوث الولايات المتحدة الأميركية إلى شمال شرقي سوريا، في قاعدة “استراحة الوزير” شمال غربي الحسكة.

وقال مصدر لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّ “المجلس الوطني الكردي وافق على لقاء حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، خلال الأسبوع المقبل، بهدف تشكيل وفد مشترك للقاء مسؤولي الإدارة السورية الجديدة وبحث المطالب الكُردية في سوريا”.

وأوضح المصدر أنّ “اجتماع المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي المرتقب، يأتي بعد قطيعة دامت لأكثر من أربع سنوات، وسط تصعيد إعلامي وتوتر بين الطرفين، واتهام PYD بانتهاكات ضد المجلس وأعضائه”.

وحثّت واشنطن وباريس، طرفي الحركة السياسية الكردية في سوريا على “الإسراع في عملية التوافق وتشكيل وفد مشترك للتفاوض مع دمشق، مع تأكيدهما على دعم الحقوق الكُردية”، وفق المصدر.

وشدّدت وزراتا الخارجية الأميركية والفرنسية، خلال الاجتماع، على أنّ التوافق والتفاهم بين الأطراف الكردية السورية يحظى بدعم كامل من دول التحالف الدولي ككل.

وتوقّع المصدر، الاتفاق على رؤية سياسية والمطالب الكردية وتشكيل وفد مشترك بين المجلس الوطني الكردي وأحزاب الوحدة الوطنية الكردية وأخرى خارج الإطارين، وذلك خلال شهر شباط المقبل.

الحوار الكردي – الكردي

بدأت المفاوضات الكردية – الكردية، مطلع نيسان 2020، برعاية وزارة الخارجية الأميركية، وبإشراف مباشر من مظلوم عبدي، فقد عُقدت عشرات الاجتماعات بين الأطراف الكرديّة في قاعدة “استراحة الوزير” العسكرية المشتركة بين القوات الأميركية و”قسد” بريف الحسكة.

وخلال جولتين من المفاوضات توصّل الطرفان إلى اتفاق بشأن “الوثيقة السياسية” وإنشاء “مرجعية” تهدف إلى توحيد الرؤى والخطاب السياسي وإشراك المجلس الوطني الكردي في إدارة المنطقة.

لكن استئناف المرحلة الثالثة من المفاوضات الكردية تعثّر، منذ تشرين الأول 2020، رغم الضغط الذي بذلته الخارجية الأميركية عبر ممثليها على طرفي المفاوضات، لا سيما مع استمرار تصعيد حزب “الاتحاد الديمقراطي” وأجهزته الأمنية ضد “الوطني الكردي” من حرق مقاره واعتقال وتهديد أعضائه ومسؤوليه بشكل متكرر.

وخلال الفترات الماضية وقبل سقوط نظام الأسد، فشلت المساعي الأميركية والأوروبية في توفير المناخ المناسب لاستئناف المفاوضات الكردية المتعثرة، بين المجلس الوطني الكردي وأحزاب “الوحدة الوطنية الكردية” التي يقودها حزب “الاتحاد الديمقراطي”.

يشار إلى أن أحزاب “الوحدة الوطنية الكردية” تضم 25 حزباً، أكبرها حزب “الاتحاد الديمقراطي (PYD)”، في حين يتكون المجلس الوطني الكردي من 16 حزباً معارضاً.

ويدعو “المجلس الوطني الكردي” إلى شراكة حقيقية من خلال حل عدة ملفات أبرزها: عودة قوات “البيشمركة السورية” وإلغاء التجنيد الإجباري، وفك الارتباط بين حزب “الاتحاد الديمقراطي” وحزب “العمال الكردستاني (PKK)”، وتعديل العقد الاجتماعي الذي يعد دستور “الإدارة الذاتية”، إلى جانب قضايا مرتبطة بالتعليم والمعتقلين والمخطوفين.

مصير القوات الكردية في شمال شرقي سوريا

سبق أن نقلت “رويترز” عن مصادر دبلوماسية قولها إن محادثات معقدة تجري بين الولايات المتحدة وتركيا وسوريا، بشأن مصير القوات الكردية في شمال شرقي سوريا، موضحة أن المفاوضات قد تؤدي إلى اتفاق، خلال الأشهر المقبلة، يتضمن مغادرة بعض المقاتلين الأجانب، ومن يتبقى من المقاتلين المحليين سينضمون إلى وزارة الدفاع السورية.

وأفادت المصادر بأن العديد من القضايا الشائكة ما تزال قائمة، مثل دمج مقاتلي “قسد” في الإطار الأمني السوري، وإدارة الأراضي التي تسيطر عليها، بما في ذلك حقول النفط، بالإضافة للسجون التي تضم مقاتلي تنظيم “داعش”.

وأكد وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، في لقاء متلفز أنه “لن تُقبل أي اقتراحات لدخول الفصائل بشكل مستقل أو ضمن تشكيلات خاصة، مثل فكرة إنشاء فيلق كردي داخل الجيش”، مشدداً على أن “الجسم الحقيقي لوزارة الدفاع هو جسم مؤسساتي موحد، ولا مكان للتكتلات أو الأجسام الخاصة”.

وكان زعيم “قسد” مظلوم عبدي، كشف عن لقاء “إيجابي” جمع قيادات من “قسد” والإدارة السورية الجديدة، نهاية كانون الأول الفائت، مؤكداً على “رفض أي مشاريع تقسيم تهدد وحدة البلاد، ووجود اتفاق على وحدة وسلامة الأراضي السورية”.

—————————–

لم يعد للحيطان آذان”.. مقاهي دمشق ورشات عمل للشباب تناقش السياسات/ زيد قطريب

2025.01.29

لم يعد للحيطان آذان!. صار بإمكان الشباب السوري، فرد الملفات السياسية على طاولات المقاهي، حيث يتوزعون مجموعات، يميل بعضها إلى الليبرالية واقتصاد السوق، في حين تفضل أخرى الشريعة والمحافظة على الخصوصيات، وأخرى ترى الأمن والاستقرار هدفاً يتقدم على كل شيء.

مثلث دمشق الحيوي

من مقهى الروضة، في شارع العابد بدمشق، إلى مقهى الهافانا والكمال القريبين من المكان، سيكتشف العابر، أن الشارع السياسي النشط، يتركز في هذا المثلث الحيوي، الذي لا تغيب عنه حوارات الشعر والموسيقا وطبيعة الانقلاب الفني الذي سيرافق تبدلات المشهد المتسارعة.

يأخذ العامل الاقتصادي دوره في توزع ورشات الشباب في تلك المقاهي. فيختار الناشطون الوافدون حديثاً من الخارج، مقهى الروضة غير متأثرين بأسعاره المرتفعة. لكن الأقل دخلاً يرون في “الهافانا” و”الكمال”، خياراً معتدلاً، نظراً لدخلهم المنخفض. وإذا ما ذهبنا باتجاه “مقهى الشرق الأوسط”، فستغلب الجلسات الشعبية غير المكترثة بهموم النخب، كأنها تنسجم مع دلالات الجغرافيا في اسم المكان.

60 ألف ليرة سورية، مقابل فنجاني قهوة! مبلغ ثقيل على موظف يقبض 25 دولاراً في الشهر. لهذا لن تتردد شريحة بالنزول مع أفكارها إلى الحدائق، حيث ستتقاسم مع العشاق والعائلات، مساحات العشب، ومقاعد الخشب التي نادراً ما يشغر فيها مكان.

مقهى الروضة.. طاولات متقاربة

سحب مقهى الروضة، البساط من تحت مقهى “الهافانا”، الشهير تاريخياً، كقبلة للسياسيين والمثقفين. فالمكان هنا رحب، فيه فسحة سماوية، وردهة داخلية مقبية بالخشب، أما إذا اختار الزائرون الهدوء، فهناك مكان مغلق ينعزل بهم عن الضجيج.

منذ الوهلة الأولى عندما تعبر مدخل مقهى الروضة، ستعثر على الروائي خليل صويلح خلف طاولته المفضلة، مع نخبة من الكتاب والإعلاميين. أما إذا نظرت لليسار قرب البحرة، سترى عشاق النرد والورق والأركيلة. وباتجاه الداخل، حيث المكان يشبه “الليوان” المطل على بقية الأقسام، فلن تتفاجأ بياسين الحاج صالح، وهو يعقد ندوة حوارية مع الشباب حول “العدالة والصفح في سوريا اليوم”.

ترى ما الذي حصل في البلاد، حتى انقلبت أجواء الأمكنة بهذا الشكل؟ فمنذ يوم سقوط النظام في 8 ديسمبر 2024، تأسست عشرات الجمعيات المهتمة بشؤون المجتمع المدني، التي رأت بالمقاهي، المكان الأنسب لجلساتها. تقول الناشطة مريم البطرس: “مقهى الروضة يشعرنا بالحميمية والتشارك بالأفكار انسجاماً مع طبيعة المكان”.

ومن طرائف مقهى الروضة، أن الطاولات المتقاربة للرواد، تجعل بعضهم عاجزين عن مقاومة “بقّ البحصة” والتدخل في حديث الطاولة المجاورة إذا ما اقتضى الأمر ذلك. إنها التشاركية في الهموم والأهداف، تقول مريم وهي تبتسم برضا، عن هذه الظاهرة السورية.

أمسيات الاحتفال بنصر الثورة، لم تغب عن مقهى الروضة، فالقائمون على المكان، شاؤوا المشاركة على طريقتهم، كما حضر في إحدى الأمسيات الفنان وصفي المعصراني، المعروف بفنان الثورة، وخُصص ريع الحفل للمنظمات الخيرية وإعادة توطين السوريين.

تأسيس جمعيات ونشاطات للحفاظ على السلم الأهلي

يقول الشاب سامر الكيلاني، إن اهتماماته انقلبت جذرياً بعد سقوط النظام. ويضيف: “تعرفت إلى مجموعة شباب في مقهى الروضة، وشرعنا بتأسيس لقاء تطوعي للمشاركة في القضايا الجديدة التي لم تكن موجودة في حياة السوريين، مثل المشاركة في الاعتصامات، وتنظيف الأماكن العامة، ونشر الوعي للحفاظ على السلم الأهلي”.

تُرى، أين كانت مختبئة هذه الإمكانات والأجواء؟. تقول مريم، إن السوريين خرجوا من القمقم، وكلما مضى وقت أطول، سنفاجأ بكثير من التجمعات ومشاريع العمل والنشاطات غير المألوفة، فالانقلاب الذي حصل بالمشهد، سيعكس تبدلات من هذا النوع.

يتوقع بعض الشباب، أن تضيق المقاهي بروادها وتصبح عاجزة عن الاستيعاب، ولربما اختار المسرحيون تقديم أعمالهم في الحدائق، نظراً لإغلاق المسارح، أما الشعراء، فقد يقرؤون نصوصهم في الساحات العامة. وتضيف مريم: “إنها الثورة التي تدفعنا للتمرد والابتكار”.

تختصر شجرة الكينا عند مدخل مقهى الروضة، بعضاً من ازدحام المشهد السوري بكل شيء هذه الأيام، فإعلانات الوفيات، تتجاور مع دعوات للمشاركة في الاعتصامات والتظاهر ضد الاحتلال الإسرائيلي، هنا يختار الناشطون وآل الفقيد، وضع إعلاناتهم، حيث الرصيف يعج بالعابرين على مدار الساعة.

“إنها قيامة سوريا”، كما تسميها مريم. فبعد 54 عاماً من المنع والحجب ومطاردة التجمعات، يتمنى الناس لو يستطيعون التعبير عن كل شيء، في يوم واحد، إنها أكبر عملية “تنشيط للخيال”، يقول سامر، ويتوقع أن تصبح النشاطات أكثر احترافاً وتنظيماً في الفترة المقبلة.

توفر مقاهي دمشق، خدمة الإنترنت وإمكانية شحن أجهزة اللاب توب، للشباب المجتمعين، وهو ما يعطيها نقطة جذب إضافية، لكن هذه الميزات، ستضاف إلى الفاتورة كما يقول النادل، فالوقود المشغل للمولدات، مازال باهظ الثمن كثيراً.

تثور الأمكنة في سوريا، تضامناً مع روادها. وتتصدر المقاهي جغرافيا مواكبة التبدلات الحاصلة في الأرصفة وواجهات المحلات ووجوه العابرين الذين غابوا دهراً طويلاً عن دمشق، إلى أن أعادتهم الثورة. فالرجوع إلى الجذور، ثورة هو الآخر، هكذا تقول مريم.

—————————–

حديث الجنود.. معركة تحرير سوريا كما لم تروَ من قبل

عبد القدوس الهاشمي

29/1/2025

    “هل تريد أن تموت؟ لقد قُتل صحفي بالأمس وهو يسلك هذا الطريق، فالقناصة الأكراد يسيطرون على هذا المدخل لحلب”

قال لي سائق التاكسي الذي أخذني من معبر باب السلامة على الحدود التركية-السورية بنبرة غاضبة بعد أن اتجه يمينا وترك الطريق الرئيسة المؤدية إلى مدخل حلب الشمالي.

كنتُ أنظر إلى هاتفي الذي تعطل فيه تطبيق الخرائط منذ دخولي لسوريا، فكان يشير بأن حلب قريبة، ولم أفهم التفاف السائق المفاجئ، سوى أنها حيلة من حيل سائقي التاكسي، لإطالة الطريق. فخاطبته بلهجة حادة أن يلتزم بالطريق.

“لو واصلنا السير في الطريق الرئيسة سنصل إلى حلب خلال 10 دقائق، ولكن المدخل الشمالي الذي يؤدي إلى أحياء الأشرفية والشيخ مقصود تسيطر عليه ميليشيات كرديّة، وقد وضعوا قناصة على هذه الطريق، فنحتاج إلى أن نلتف من طريق فرعية لندخل حلب من الجهة الغربية، وسنصلها بعد 40 دقيقة” قالها بنبرة هادئة بعد صمت قصير.

كان هذا في يوم 21 ديسمبر/كانون الأول عام 2024، وحتى اليوم لا يزال حيّا الأشرفية والشيخ مقصود في مدينة حلب خارج سيطرة إدارة هيئة تحرير الشام، ويخضعان لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

قبل هذا الحديث بيومين، وصلتني رسالة بإنجليزيّة غير سليمة: “السيد عبد القدوس، هل ستعبر اليوم من المعبر؟”.

“من المرسل؟” سألته.

“مكتب التنسيق الإعلامي بالرئاسة التركية، لقد صدر إذن عبور للصحفيين إلى سوريا الذي قدمت عليه، وهو صالحٌ لمدة 6 أيام”.

“أنا في إسطنبول، سأبحث عن أقرب رحلة إلى غازي عنتاب وأتواصل معكم من هناك” أرسلت إليه، وأنا أفكر كيف سأخبر السيدة الأولى بأني سأفسد عليها إجازتنا.

“يبدو أنني سأذهب إلى سوريا للعمل بضعة أيام” قلت لها.

“ألست في إجازة؟”. أجابت متفاجئة

“بلى، ولكن هل تعرفين كم استغرق الفرس من الوقت ليأخذوا الشام من الروم؟ وكم استغرق الروم لاستعادتها؟ وكم عاما قضى المسلمون الأوائل لفتحها؟ لقد فعلها أصحاب إدلب في 11 يوما! لقد قرأت كثيرا عن التاريخ، أريد أن أعيش فصلا منه لو سمحتِ”.

“احجز تذكرتك، سأعدّ لك الحقيبة” قالت بتذمر.

بعد 12 ساعة أنزلني التاكسي أمام معبر كلّس التركي، صف طويل من العوائل يبدأ داخل أحد المباني ويمتد لعشرات الأمتار خارجه. اقتربت من رجل ينظم السير يلبس بزّة الدفاع المدني السوري، وقلت له: أريد العبور إلى سوريا. نظر إليّ وقال لي: كل هؤلاء يريدونه، لكن عليك أن تصطف معهم، لتسلم “الكملك” (بطاقة الحماية المؤقتة التركية) قبل العبور.

“لستُ سوريّا، أنا صحفي!”.

“عفوا، يمكنك الذهاب مباشرة إلى ذلك المبنى، لحظة سأصحبك لأساعدك بالترجمة”.

بعد بضع دقائق، كنتُ أقطع الحدود التركية-السوريّة على قدمَيّ، وأنا أحمل فوق ظهري حقيبة وزنها 12 كيلوغراما. أخرجتُ هاتفي لتصفية الأجواء في إسطنبول وكتبت: “لقد دخلت إلى سوريا من باب الهوى مرتين: حين عرفتك، واليوم!”.

جاء الرد سريعا: “محاولة جيّدة! لكن ما دمت في معبر كلّس وليس في الريحانيّة فإن المعبر السوري الذي يقابلك ليس باب الهوى، وإنما باب السلامة. صحبتك السلامة”.

لم تستقر بي الحال في حلب، فقد كدّرته عليّ ثلاثة مشاهد. أولها تعثر لقائي بمحافظ حلب الجديد بعد ترتيب سابق. ومشهد الشيخ الأنيق في أحد مطاعمها الذي أغراني مشهده الرصين بفتح حديث معه عن أوضاع الأمن في حلب بعد التحرير، فتحول إلى طفلٍ خائف، يقول لي “أنا ما بعرف، وما دخّلني”. ومشهد سائق التاكسي الحلبي الذي سألته عن أبي الطيب المتنبي فقال لي: مين هاد بلا زِغره (=من غير تحقير لشأنه)؟ فصرفت وجهي إلى الشام.

حديث الجنود

    رجلان يملكان فائضا في الوقت: السجين، والمقاتل بعد انتصاره في المعركة.

هل تعرف كيف يُصنع التاريخ؟ تتسلسل الأحداث، وتتناسل، فتتراكم، ثم يأتي السياسيُّ أو المؤرخ أو الدارس فينظمها في سياق فتكون شيئا آخر. تماما كما تنبت الثمار على الأشجار وفي بطن الأرض وعلى سطحها، ثم تُحصد، فتمتدّ يد المرء إلى ما تريده منها، فتجمعه، وتؤلف بينه وتقدّمه على المائدة. مذاق شريحة الخيار في طبق السلطة الذي تصنعه السيدة والدتك، لا يشبه مذاق شريحة الخيار على قطعة السوشي في مطعم ياباني، والخيار الذي قطفه المزارع واحد. ولكنه يتأثّر بفعل التأليف وجهد الطاهي وما يضمّه إليه من أشياء، وكذلك الحدث في رواية السياسي.كنت في سباق مع السياسي على الرواية وفهم الحدث، متجنبًا الاصطدام بسرديات جاهزة.

حين وصلت إلى دمشق، كان طابور الإعلاميين على القصر الرئاسي طويلا. كثيرون حرصوا على سماع ما يريد أن يقوله القائد أحمد الشرع، وكنت مقبلا على ما يريد أن يقوله الجنود، فرتبت برنامجي اليومي على ذلك.

على شارع ميسلون بجانب سوق الصالحية ينتصب فندق الشام العريق، بداخل بهوه الأنيق، الذي يضجُّ بفنِّ العمارة الدمشقية، ورائحة الياسمين، جلس ثلاثة شباب من قيادات العمل العسكري في معركة ردع العدوان، مع صحفي يسألهم عن يوميات المعركة التي نقلت سوريا من عهد إلى عهد.

    “لم تكن مغامرة، كانت مقامرة”

    قال لي قياديّ في هيئة تحرير الشام واصفا اتخاذ قرار ردع العدوان.

شكلت معارك شرق السكة 2018 تحولا فكريا لدى فصائل الثورة السورية في إدلب، خلاصتها: “متفرقون نهلك، ومجتمعون قد ننجوا”. لن يوقف نزيف الأراضي وتقلص المحرر سوى توحيد الجهود. كان على الذين صوبوا أسلحتهم تجاه بعضهم لسنوات طويلة أن يجلسوا ليتفقوا على قِبلة حصريّة لفوّهات بنادقهم. كانت الطريقة الوحيدة إلى كسر النظام تمر على مطمور من الأحقاد والثارات وحظوظ النفوس التي تشبعت بها أرواح المقاتلين.

“أصبح لدى الجميع اعتقاد بضرورة الغرفة الموحدة، على خلافنا في التوجهات، عقدنا لجانا لدراسة المعركة الأخيرة في عام 2019، فخرجت لنا بخلاصات عن أسباب سقوط المناطق، وما احتياجات المعركة القادمة مع النظام. ومن هنا جاءت فكرة الألوية وتخصيص المناطق، واستغرقنا العمل عليها  5 سنوات” قال لي أبو المنذر، قيادي عسكري وعضو في غرفة الفتح المبين.

بدأ الإعداد لعملية ردع العدوان من شهر السابع من 2020، بوضع خططا سنويّة، تقوّم فيها القيادة العسكرية ما أنجزوه، ويضعون أهدافا لتلبية احتياجات الجنود. ومن ذلك ما أدركه المقاتلون بأن التقدم الذي يحرزه النظام على حسابهم مرده في بعض أسبابه إلى عدم التنظيم العملياتي، فاتجهوا إلى أَكدَمة القوات بإنشاء الأكاديمية العسكرية، وأصبح التعليم إلزاميا لكل من يريد المشاركة في المعارك.

كان أبو محمد مقبلا تمام الإقبال على تطوير العسكرة، وتبني الثغرات الموجودة للحاجة للعمل، فصار يستدين من المبالغ والإمكانيات ليغطي الاحتياج الصفري للمعركة، فكل ما نطلبه للعمل يوفره لنا في اليوم الثاني، بالاستعانة بالتجار”

ماذا عن المسيرات؟ سمعنا عن تعاون أوكراني وتركي مع إدارة إدلب.

“كل ما قيل أن الاوكران وغيرهم أسهم في صناعة الشاهين، هو محض افتراء. كان شباب الهيئة يحدثوننا بيوميات تطورهم في التصنيع، فيذكرون لنا أنهم صنعوا الباشق (إحدى النسخ الأولية للشاهين)، وتطورت من عشرين كيلومترا إلى أربعين كيلومترا، وقد صنعوا منها كميات صالحة، ويحدثون المعلومات أول بأول، وعملهم يقوم على مقدرات ذاتية، ودخول القطع من عدة معابر متفرقة، وبركة القيادة الواحدة. الإمكانيات كانت قليلة، لكنها كانت مرشّدة” قال أبو صهيب، قائد فرقة أحرار الشام، بحماسة ولغة جازمة. ثم استأنف من حيث توقف أبو المنذر وقال:

“بعد حرب لبنان تداولنا -نحن العسكريين- على الجبهات الأفضل للمحرر، وانعقد إجماعنا على حلب. وقع ذلك قبل المعركة بثلاثة أشهر تماما. وتم تقسيم العمل بين الفرق المشاركة، فرق الهيئة وفرق الأحرار. وبدأ العمل على تجهيز المرابض وتسيير الاستطلاع. رصد العدو أن الجبهة المستعدة للعمل هي كفر نوران، فأخذ بتحشيد قواته على كفر نوران، واستعان بقوات من الحرس الجمهوري ومن الفرقة 25. وقد استفرغ غاية جهده في التحشيد. جاءت الفصائل الراغبة في المشاركة، فتم توزيعها على الفرق الست والمحاور التي تعمل عليها، بحيث تعمل تحت إشرافها. وكان محور الأحرار بسرطون. فجهز العدو خطة دفاعية ووضع الألغام مقدرًا أنها ستكون هي نقطة الاشتباك، وكان الاستطلاع يخبرنا بأن العدو قد جهّز تجهيزا كاملا لامتصاص الهجوم. لم تكن لدى العدو نقطة عمياء سوى ساعة الصفر، وما عدا ذلك فقد كان يظن أنه محيط به”.

حين دنا وقت المعركة كانت الهيكلة الإدارية قد نضجت، بيد أن الاحتياجات والإمكانات لم تقترب من سقف الكفاية. “كنا نرى -بوصفنا عسكريين- أن الإمكانيات التي بين أيدينا لن توصلنا إلى حلب! لا تستغرب، خذ مثلا: لقد كنا بحاجة إلى عدد معيّن من المسيّرات، لكن ما توفر لدينا كان 10% منها.  وكنا بحاجة إلى عدد معيّن من قذائف المدفعية، ولم يكن لدينا سوى 30% من الاحتياج.

فكان رأينا -بصفتنا عسكريين- أن نؤجل العملية لوقت يكون لدينا الإمكانيات الكافية، فقدرتك على بدء المعركة لا تعني أنك قادر على إنهائها متى أردت” قال أبو المنذر.

    هل كنتم تتطلعون إلى دمشق وقتها؟

“كان سقف طموحنا حلب فحسب، بل كنا نتحدث هل سنأخذ بسرطون أم تستعصي علينا. قبل ثلاثة أيام من المعركة، صدر قرار جديد أن نعمل من منطقتين صغيرتين، بفرقة الأحرار وفرقة الهيئة وبأعداد صغيرة. إذا نجح العمل نكمل، وإن لم ينجح نعلن عن عملية انغماسية وننسحب” أجاب أبو المنذر.

قبل العملية بثلاثة أيام، استدعى القائد الشرع أبا صهيب لجلسة خاصة، كانت الجلسة مختصة بالمشاركين في المحور الذي سيتغير وليس على مستوى الفرق. حضر الاجتماع قائد فرقة الهيئة وقائد فرقة الأحرار، ومسؤول كتائب خالد. وتم إبلاغهم بطريقة سرية بأن محوركم تغير أثناء الحشد، لأن العدو مستعد لمواجهتكم وينبغي الالتفاف عليه لإيجاد نقطة هجوم يمكن التقدم فيها وتطوير العمل بشكل أسرع.

“كان الخبر ثقيلا علينا جدا، فبعد الحشد الذي حشدناه صار مطلوبا منا الانتقال وبدء العمل من الصفر في محور آخر خلال 48 ساعة”، قبل أن ينتهي الاجتماع قال أبو محمد: “ممنوع يا أبا صهيب أن يطلع أحد على الخطة من غير الصف الأول، فهي خاصة بقادة الألوية فحسب”.

“باشرنا العمل واستدعينا المعنيين وسحبنا منهم الهواتف وسلمناهم الخرائط الجديدة، ولم يكن قادة الكتائب يعرفون بقرار تغيير المحاور. كان نقل المعدات في آخر يومين عملا شاقا ولم تغمض لنا عين. تشنّج قادة الألوية من القرار”.

كان التوتر سائدا على مستوى القيادات والجنود في الأسبوع الأخير قبل المعركة، أصيب القائد الشرع بوعكة صحية شديدة ألزمته الفراش ليومين، بسبب قلة النوم والتوتر. وقبل يوم العملية عاد له شيء من عافيته.

كما أن تعمية المعلومات عن الجنود وانعزالهم عن العالم الخارج لستة أيام أشاع جوا كئيبا للغاية وأخذ يأكل من معنويّاتهم، “كان الشباب يسألوني: نسألك بالله هل نتجه للالتحام مع العدو، أم هو مجرد تمويه، ومحاكاة لمعركة، كما حصل من قبل؟” يقول أبو عمر، أحد شرعيي أحرار الشام. “تحت ضغط السؤال والمعنويات المتدنيّة، خطر لي أن أوظف الحالة لطاقة شحن معنويّ: أعرف أنكم تشعرون بمشاعر سيئة لبقائكم في هذا المكان وقد أغلق عليكم وبدون تواصل مع العالم الخارجيّ، لكن لم تمضِ سوى 6 أيام، فما بالكم بما يشعر به المعتقلون من إخواننا وأخواتنا المسلمات في سجون النظام، والذين ينتظرونكم لتحريرهم. فجأة لمعت عيون الشباب ونسوا ما كانوا فيه، وتحفزوا للالتحام. ومن الجيد أن الأمر لم يطل حتى جاءت الأوامر ببدء العملية”.

قرر أبو محمد يوم العملية، فطلبت القيادة العسكرية تأجيل يومين لأحوال الطقس، حيث المطر على التربة الحمراء يعيق تقدم المعدات.

    هل كان هذا الرأي والحرب والمكيدة أم لم يكن لديكم خيار آخر؟

“قال لنا أبو محمد: لدينا خياران: انتظار إلى فصل الربيع وتطور إمكانياتنا بنسبة معقولة، أو العمل الآن لوجود الفرصة والجاهزية أخف. فقلنا له: الفرصة تتغلّب على الجاهزية العسكرية، حيث الروس منشغلون، والإيرانيون منشغلون” قال أبو صهيب.

دخل الجنود المعركة وخيال معارك 2020 لم يفارقهم. “خذها مني: هذه أول خطة في الثورة تطبق بنسبة تزيد عن 90%. فالتزام الشباب بما وضعناه لهم في التوقيت ومحاور التقدم والآليات المتقدمة كان انضباطا كاملا. سارت خطة اليوم الأول كما يجب، وبدأنا بالتطوير.

كانت الصدمة كبيرة في صفوف العدو. وأثر تقدمنا على المحاور الأخرى التي كان يرابط فيها العدو لشهور بعد سماعه بانهيار تحصيناته بعد التفافنا عليه. وحين نفذنا عملية اغتيال القيادة التي كنا نستهدف فيها غرفة العمليات التابعة للنظام، فوجئنا بوجود قائد إيراني”.

كانت حركة قوات المعارضة السريعة عنصرا حاسما في المعركة، فالانتقال من حلب إلى حماة تم في يوم. “عقدنا غرفة عمليات في حماة، وانتقل إليها أبو محمد ليتابع سير المعركة، ومنها أصدر قرار التقدم إلى حمص. كانت سرعة حركتنا كبيرة حتى إن رسم الخرائط ما بقي يلحّق علينا”.

    كيف تعاملتم مع الذخيرة ونقل العتاد العسكري بهذه السرعة؟

“بعد حلب صرنا نذخّر من غنائمنا من مخازن العدو. التذخير لحلب كان من التصنيع، وفوجئنا بتصنيع الشباب لطلقات الكلاشنكوف، فـ96% من الرصاص كان من تصنيعنا! وهنا تعرف أن الله اطلع على استفراغ المجاهدين لجهدهم، فقال لهم: خذوا هذا النصر! أعرف قصصا خاصة في الفرقة يذهب فيها المقاتلون ليستدينوا ليوفروا حاجيات العمل!”

موجز التاريخ الفكري لهيئة تحرير الشام

    ماهي الخطة المتقنة؟ هي مغامرة ناجحة، كما أن كل خطة محكمة هي مغامرة غير محسوبة إذا لم تنجح.

الثورة حالة مرضيّة؛ ليس طبيعيًا أن تنعدم وسائل التواصل بين الشعب ونظام الحكم في دولة من الدول حتى يضطر الناس للخروج إلى الشارع وحمل السلاح ليطالبوا بأساسيات الحق الإنساني، من حرية وكرامة ومعيشة.

هذا يعني أن منطق الحكم قد تعطّل، وعجز عن التفاهم والتعقّل، ولذلك وجب اقتلاعه بالقوّة. حالة الهياج الثوري تقوم أول شيء على الرفض؛ “الشعب يريد إسقاط النظام”. يجتمع الناس على ما لا يريدونه “استمرار الوضع الحالي”، ثم تمتدّ الفترة فتتعدد الإرادات، ويحصل الانقسام، ويحدث من التشظي بقدر ما يعرض للناس من إرادات. “كان 90% من الحالة السورية درس تعبير.” قال لي قياديّ في هيئة تحرير الشام. واصفًا حالة الفوضى وانعدام التنظيم الذي صادفهم في العمل الثوري.

عندما ألجأ النظام الثورة إلى العسكرة، بزغت شمس التيار الجهادي. “لقد وصلنا إلى ما وصلنا إليه عبر التجربة والخطأ. هذه ثورة ريف، و70% من شبابنا الذين شاركوا في التحرير لم يحصلوا على تعليم كافٍ. حين بدأت الثورة تحركت الأرياف، وسكنت المدن، وحين رجحت كفة النظام وحلفاؤه رحل المتعلمون، وبقي نموذج القتال الذي كانت تمثله السلفية الجهاديّة.

لم يراكم المجتمع خبرة قتالية من قبل وكان النموذج الجاهز هو النموذج السلفي. نقص التعليم كان تحديًا كبيرًا بالنسبة لنا، لأنك تحتاج أن تنقل الثائر إلى عنصر منضبط، وهذا يحتاج إلى موارد وجهد هائل” قال لي أحمد الدالاتي القيادي في أحرار الشام في ليلة سمر في غرفتي في فندق الشيراتون المطلّ على ساحة الأمويين بدمشق.

عندما تقلّصت الجغرافيا السورية تحت أرجل الثوار، انحازوا إلى إدلب، التي صارت مطبخ الوعيّ الثوري. وفيها ستنضج نار التجربة والإدارة حالة العسكرة الفطيرة. ويلمع نجم أبي محمد الجولاني. قبل عدة سنوات سألتُ صحفيًا بريطانيًا كان التقى بالجولاني عام 2015 عن انطباعه عن الرجل. فقال لي: “كانت لغته مختلفة، كان أول جهادي ألتقي به لا يتحدث عن الشهادة. كل السيناريوهات التي ناقشناها عن مستقبل سوريا كان يرى نفسه حاضرًا فيها، بدا لي أنه يرى نفسه رئيس سوريا القادم”

في إدلب رأى الناس أبا محمد الجولاني، وهو يطعم الناس في محلات الفلافل. لكن ما لم يره الناس أنه قبل أن يضع الفلافل في الزيت المغلي كان يلقي معها تعدد الإرادات التي عصفت بالصف الثوري، ويجمعها خلف إرادة واحدة، تقضي بتوحيد العمل تحت راية جامعة. “حالة التشظي في الفصائل، لا تعود إلى خلاف فكري. بل لأسباب وحظوظ نفسية حين ينتقل المرء من خبّاز وفلّاح ونجّار قبل الثورة إلى قائد فصيل بعدها، يعتاد على الشعور، ولا يعرف العودة إلى حاله الأولى.” أخبرني قياديّ شرعي في هيئة تحرير الشام

لقد بدت صورة الجهاديّ الحاكم صورة جديدة في أعين الناس. “يقولون إن الجهاديين لبسوا البدلة، وماذا عساه يلبس من كان في الميدان؟ هل جرب هؤلاء أن يقاتلوا وهم يرتدون ربطة عنق؟ أوه تذكرت هؤلاء لا يقاتلون!.  للبيئة منطقها. ولها أثرها في تصنيف أفكارك وتفنيدها. يلبس المجاهد الملابس التي تناسب بيئته، وحين ينتقل إلى بيئة جديدة، سيلبس لباس أهلها. مشكلتهم أنهم لم يروا مجاهدًا منتصرًا، ولا يحبون أن يروه.” قال لي أبو خالد، أحد المهاجرين.

في الوقت الذي كان الجولاني يقنع الثوار أو يكرههم على أنه الحلّ الوحيد لديهم لاقتلاع النظام. كان يعمل على إقناع الخارج بأنه نموذج جهاديّ مختلف تمام الاختلاف عن نموذج تنظيم الدولة الذي لم يكن يقتصد في استعداء الجميع. “أظن أننا استقبلنا 500 وفد في العام الماضي للاطلاع على تجربة إدلب” قال لي قياديّ في الهيئة.

في قبو أحد المباني الحكومية في إدلب جلست مع قاضي ومفتي الهيئة وهما من العقول الشرعية المقربة من أبي محمد لاستطلع رحلة التحوّل الفكري الذي حصل للهيئة.

“صحبت الجولاني منذ البداية، أريد أن تحكي لي قصة التحولات الفكرية بالنسبة لكم. منذ كنتم على اتصال بتنظيم الدولة الإسلامية إلى مرحلة إدلب؟” سألت المفتي

“حين جاء الشيخ أبو محمد إلى سوريا، كتب تقريرًا مفصلًا عن مشروع جبهة النصرة وأرسله إلى البغدادي. وجاء رد البغدادي بأنه موافق على كل ما ورد في التقرير. وبدأ بتمويل العمل. ونجح الجولاني أن يقدّم رؤية مقنعة لمن يعمل معه، فاجتمع حوله كثيرون.

بعد فترة أرسل أبو بكر البغدادي أبا محمد العدناني ليلتحق بالعمل مع الجولاني في سوريا، فعيّنه الجولاني مسؤولًا عن العمل في المنطقة الشمالية، ثم لم يلبث أن عزله بسبب قلة كفاءته، ثم عيّنه على معسكرات التدريب، فلم يرضَ عن أدائه فعزله. كتبَ بعدها العدناني تقريرًا كيديًا للبغدادي عن الجولاني. لقد حسد العدناني الجولاني!.

في مطلع عام 2013 جاء البغدادي إلى سوريا واجتمع بنا على مدى ثلاثة أيام من 10/1- 13/1 2013. كان أول ما أثار ملاحظته التفاف الناس حول الجولاني ومحبتهم له، حتى أني سمعته مرة يقول بلهجته العراقية “أكو شيء عجيب، بعض الشباب يقدّر أميره ولا يقدّر أميرَ أميره!”

    كيف رأيت أبا بكر البغدادي، هل كان غاليا؟

“أبدًا لم يكن للبغدادي علاقة بالغلو. أذكر أنه أرسل لنا في البدايات يقول: إياكم والذبح، فقد آذانا كثيرًا في العراق. لكن حرصه على السلطة، أخذه بعيدًا.”

    كيف ذلك؟

“كان تنظيم الدولة، يُقاد من الأسفل إلى الأعلى، حيث تحرّكه قاعدتُه. يغلو الجنود من الشباب المتحمّس، فيخشى القائد أن ينفضوا عنه، أو يحيّدوه، فيضطر لاستيعاب غلوهم، وموافقتهم عليه، واستمرّت هذه الصيرورة إلى أن انتهت في الخطاب وبشاعة الأفعال إلى ما تعرفه وسمعت به.

كان ملف المهاجرين من أول أسباب الخلاف بيننا وبينهم. فقد كنا نحرص على فرز المقاتلين القادمين إلينا في مضافات نعدها لاستقبالهم، حتى نختبر سلوكهم وفكرهم وجاهزيّتهم. وكان فريق أبي محمد العدناني وأبي علي الأنباري، حريصين على التحشيد السريع وكيفما اتفق.

ثم اختلفنا في مسألة القُطرية، وتصدير العمل. وكان الجولاني حريصًا كل الحرص على التركيز على سوريا فحسب. كما اختلفنا على مسألة تغيير اسم الجبهة. لكن خلافنا الأساسي كان بسبب التطور الفكري، وتكيّف الجولاني مع الواقع. بينما ظل التصلّب السمة الغالبة عليهم.

وصل الأمر إلى حد لا يمكن السكوت عليه حين اقترح أبو علي الأنباري إرسال شاب بحزام ناسف إلى مقر الائتلاف السوري في اسطنبول ليصفي خلافنا معهم. وقتها أدركنا أن الفجوة عميقة” قال المفتي.

في التاسع من أبريل عام 2013 أعلن أبو بكر البغدادي عن تأسيس دولة العراق والشام، وعن اندماج جبهة النصرة في تنظيم واحد.

وفي اليوم التالي، 10 من أبريل 2013، سجّل الجولاني رسالة صوتيّة يرفض فيها قرار الاندماج، وأنه لم يُستشر فيه. وفك الإرتباط مع البغدادي ملعنًا مبايعته لأمير القاعدة أيمن الظواهري

حين استقلّ الجولاني عن الدولة الإسلاميّة، مال أكثر المقاتلين إلى تنظيم الدولة يبدو أن الشباب فضلوا الانضمام إلى من أعلن عن الدولة لا إلى من يعدهم بها. بقي الجولاني في عدد قليل نحو 300 مقاتل، حينها دعمه قائد الأحرار أبو عبدالله الحموي (حسان عبّود) بمبلغ مقداره مليون دولار، ليبقى الجولاني في المشهد. لم يعلم أبو عبد الله الذي توفي في ظروف غامضة مع عدد من قادة الأحرار في شهر سبتمبر/أيلول 2014، أنه قدم استثمارًا في القيادة التي ستنهي حكم عائلة الأسد لسوريا بعد عشرة أعوام.

واصل شرعيّ الهيئة كلامه عن مراحل التغير قائلًا: “بعد تجربة إدلب بدأت تنضج كثير من الأطروحات لدينا، وبدا لنا أن حمل الناس على أخشن المراكب، ليس سياسة شرعيّة سليمة.”

    حسنًا دعني أسألك، ما دمت تسمي تجربة إدلب تجربة إسلاميّة، فما الفارق بينها وبين تجربة حماس في غزة. مع اعتبار أن مرجعية حماس إخوانية ومرجعيتكم الجهادية السلفية.

“مرجعيتنا ليست السلفية، بل السلف الصالح” قال القاضي متدخلاً، وأضاف:

“سأجيبك عن الفارق بيننا، وليصححني الشيخ، ملتفتًا إلى زميله. “تتخذ الهيئة وحماس من الشريعة الإسلامية مرجعيّة نهائية لها. ونختلف عنها بمقدار ما تختلف فيه بيئة غزة عن بيئة إدلب في تنزيل الأحكام الشرعية.”

ولكن هذا خطاب الإسلام السياسي، وليس خطاب السلفيّة الجهاديّة التي تقول بتطبيق الشريعة جملةً!

“سمِّه ما شئت!”

    لماذا انضممت إلى العمل مع الجولاني؟ سألت القاضي

“في الثورات هناك رجال بناء ورجال هدم، وقد تكون الثورات محتاجة إليهما في البداية. لكن بعد فترة تبيّن لي أننا لا نملك رجال البناء، رأيت في أبي عائشة (أسعد الشيباني) وأبي أحمد حدود (أنس خطاب) وأبي محمد الجولاني (أحمد الشرع) رجال بناء، وأن نجاح الثورة سيكون مرتبطًا بهم. أبو محمد سياسيٌ بارع يعرف متى يتراجع ومتى يقدم، وكثيرًا ما حدثنا عن قهر الجغرافيا، وهو مصطلح يستخدمه أبو محمد عن إكراهات السياسة التي تلجئك إلى قرارات لا تفضلها”

    هل كانت عملية ردع العدوان قرار ألجئتم إليه؟

“لم أكن مقتنعًا بالعملية، ذهبت إلى الجولاني وقلت له: اتقِ الله ولا تلقِ بالمسلمين إلى التهلكة، فنصف الفرصة مهلكة محققة”.

    خبرتني عدة مصادر بأن الأتراك كانوا متحفظين على العملية منذ البداية. هل يمكن أن تخبرني بمَ كنتم تفكرون؟

“كنا نفكر بأنه ينبغي على الأتراك أن يروا فرصتهم معنا وليس مع النظام. إذا نجحنا في تحرير بعض الأراضي من سطوة النظام، وحللنا لهم مشكلة اللاجئين، سيقبلون علينا ويرون فينا حليفًا يعوّل عليه”.

    نسيت أن أسألكم عن شعوركم بعد الانتصار كيف كان؟

اكتفى المفتي بابتسامة عريضة، بينما نظر إليّ القاضي وقال بلغة حماسيّة

“أخطأنا كثيرًا وقصّرنا كثيرًا. لكننا كسرنا المشروع الصفوي، هذا هو أعظم منجز بالنسبة لي!”

في ضيافة المهاجرين

    ألم تندم على تركك لبلادك، وقدومك للقتال في سوريا؟ لقد بدا الأمر فوضويا. وحين خرج كثير من السوريين، بقيت.

    “كيف أندم؟ هل تعرف معنى أن تكون مركز العالم؟ كل يوم أستيقظ فيه وأطالع الأخبار أشعر أن كل خبر يعنيني، لأنه إما أن يكون الحدث في صالحنا أو ضدنا. هذا الشعور الذي يمنحك إياه الجهاد. على أي شيء أندم؟ على روتين الوظيفة التي تركتها، أم على أصحابي الذين لم يكن العالم يعنيهم في شيء؟!”

    أجابني أحد المقاتلين الذين جاء إلى سوريا منذ بداية الثورة.

في حي قدسيّا النائم على سفح جبل قاسيون بدمشق، توقفت السيارة وأنا مصابٌ بالدوار، كان السائق أحد المقاتلين الذين لم يغادرهم جو الاقتحامات بعد، فكان ينتقل بنا من مكان إلى آخر وكأنه ينفذ مناورة عسكرية. في المقعد الخلفي للسيارة التي تحمل لوحة إدلب، جلستُ رابع ثلاثة من المقاتلين، الذين دعوني لجلسة لتناول الشاي الأخضر في سكنهم الذي حصلوا عليه بعد دخولهم إلى دمشق محررين قبل أسبوعين.

بدا البيت نظيفا ومرتبا جدا مع أثاث عتيق، ولولا انقطاع التيار الكهربائي عن الحيّ باستمرار لكان المكان أشرح منظرا. همستُ لأبي أسامة، قائد سريّة ومهاجر قدم لسوريا قبل 12 عاما: “لمن هذه الشقة؟”.

“كانت لأحد شبيحة النظام، واليوم يسكنها بعض المجاهدين”.

اجتمع في المجلس عدد من المقاتلين المهاجرين وبعض السوريين. كان المهاجرون قد اندمجوا تماما في حياتهم الجديدة، فبجانب القتال والمشاركة في المعارك أخبرني أحد المهاجرين في ذلك المجلس بأنه تخصص في دراسة الطب، وحصل على شهادة تخرج من قريب وصار يعالج المصابين في المعارك.

كانت راية جبهة النصرة هي العنوان الرئيسي في سوريا الذي يقصده المهاجرون، لارتباطها بالقاعدة صاحبة المشروع الجهادي العالمي. ولكن حين بدأ اقتتال الفصائل ألقى كثير من المهاجرين سلاحهم، واعتزلوا القتال، وأسس بعضهم سرايا وكتائب مستقلّة، كانت تشارك في المعارك التي تستهدف النظام وحلفاءه.

    “قل لي يا أبا أسامة، كيف تشكّل سريّة في خمس خطوات؟” ضحك الجلوس.

نظر إليّ أبو أسامة وكأنه وجد في السؤال تحديا له، فقال: “حسنا، دعني أحاول”. وأخذ يعقد أصابعه مع كل خطوة: “جمع الكادر البشري، توفير السلاح والعتاد، صياغة الفكرة التي تجمعنا، التمويل، هذه أربع، وليست خمسا” قالها رافعا يده بأربعة أصابع. ثم أكمل: “كان تركيزنا في هذه السرية على السلاح النوعي، فتخصصنا في القنص الحراري. اجتمعت في إدلب خلاصة الخبرة الجهادية، فقد جاءنا مدربون من أفغانستان والشيشان وضباط من العراق، وأخذنا دورات تدريبية عند جماعة تكتيكال الروسية، والتي كانت تركّز على المهارات الفريدة بالأسلحة وكانوا في غاية الإتقان”.

    وكم تحتاج لتأسس سرية من 40 شخصا؟

“مجموع عتادنا بـ300 ألف دولار، تشمل المركبات والأسلحة، والقناصات المحلية والمناظير الليلية. لقد كانت بصمة الإتقان في هذه المعركة هو التصنيع”.

ما آخر ما وصل إليه الثوّار في التصنيع؟

“وصلوا إلى الراجمات، وقذائف جهنم التي يصل مداها إلى 15 كلم، والقناصات التي تتولى المخارط والورش تصنيعها، بالإضافة إلى سيارة الكرار التي ساهمت مساهمة كبرى في المعارك الأخيرة..” رأى علامة الاستفهام على وجهي فواصل شارحا:

“الكرار سيارة اقتحامات، يتم تفكيك هيكل سيارة الشاص، ويُركّبون عليه مصفحة وزجاجا مضادا للرصاص، وتحمل بين 10-12 جنديا. هذا ما أعرفه واطلعت عليه في موضوع التصنيع، لكن بقية التصنيع يتم داخل الهيئة”.

    والمسيّرات؟ لقد كثر الكلام عن كونها محلية أو بمساعدة خارجية، فأي رواية ترجحون؟

“هي عمل محلي، نعرف الأشخاص الذين كان يعملون عليها منذ 2020.

للدول المجاورة دور معاكس في التصنيع، فقد كانوا عقبة في سبيله، يعاني المهندسون الذين يعملون على التصنيع من منع المواد من الدخول عبر المعابر، ويصادرون كاميرات الكواد كابتر، واللبس العسكري، هل ترى هذه الجاكيت الذي ألبسه أنا ويلبسه أبو محمد بجانبك؟ هذه ملابس ممنوع دخولها من المعابر. نحن نشتغل بهيك مصلحة، فتحنا محلا لخياطة هذه الملابس في إدلب. كان التضييق شديدا جدا”.

التقط أبو محمد، رجل هادئ الملامح كثير الابتسام، الذي هاجر إلى سوريا والتحق بالثورة منذ بداياتها، خيط الكلام، قائلا:

“مرحلة ردع العدوان سبقتها أسوأ المراحل النفسية والمعنوية. لقد كنا مثل بني إسرائيل قبل مجيء موسى. لما خرج قوم موسى هاربين معه قالوا إنا لمدركون. نحن كنا نقول إنا مدركون، بسبب الفقر والوحشة وانسداد الأفق السياسي.

مع تحشيد النظام قواته على حدود إدلب، كان الحديث بين المجاهدين عن خطة النزوح إلى الحدود حينما يبدأ النظام هجومه. كنا نفكر بعملية دفاعيّة نصد فيها تقدمه إلى أن نؤمّن لأهالينا ملاذا على الحدود التركية، أعرف من كان يبحث عن إيجارات المساكن على الحدود. ما حدث بعد ذلك كان صناعة إلهية”.

    كيف تنسق الكتائب والسرايا مع الكتل العسكرية الكبرى، مثل الهيئة وأحرار الشام؟

“يتواصل صاحب السرية مع أحد الألوية مع الهيئة أو غيرها ويبدي استعداده للمشاركة في العمل” أجاب أبو أسامة

    التفتُّ إلى أبي محمد الذي انشغل بإيقاد مدفئة الديزل التي تدفئ الغرفة بعد انطفائها فجأة: ذكرتَ أن ما حصل صناعة إلهية، ماذا تقصد؟

“لأني رأيت بعيني مفاصل حاسمة في هذه المعركة، كنت في معركة حلب، وشهدت اقتحام مقر سهيل الحسن في الفرقة 25، وهي استثمار روسي في الجيش السوري، مركز حصين ولديه أسلحة متطورة، بعد أن تعطلت كثير من المجنزرات المجهزة لاقتحامه، اقتحمته مصفحتان عبر عملية استشهادية. أصيبت مصفحة وقتل بعض من فيها، ووصل البقية. ودخلوا على الفرقة، لو ضربتهم الفرقة بالعصيّ لقتلتهم لفارق الكثرة العددية! لكنهم ركضوا كالفئران منهم.

يقول لي أحد المقتحمين، أصيب أحد الإخوة، فقال لصاحبه أعطني سلاحك واطلب سلاحا آخر، انفلت الشاب الفدائي، فصادف رجلين من العدو، فلما قابلهم وهو أعزل صرخ فيهم بلهجة علويّة: جاءتنا التعليمات بالانسحاب باتجاه الباب، فركضا وركض معهما، التفت عليه أحدهما وقال له احمل عني البيكا (سلاح رشاش) فقد تعبت، فالتقطها وأجهز على الأول، ولحق بالثاني فأرداه قتيلا ونجا.

أعظم بركات هذه العملية اختفاء النفس الفصائلي فيها، فهذه المعركة كانت معركة وجود، إما نكون أو لا نكون”.

في الزاوية، على كرسيّ خشبيٍّ هزاز، جلس المقرئ محسن غصن، شابٌ بهيّ الطلعة، بلحية طويلة مهذّبة، انتشرت صورته وهو يؤم المصلين بلباسه العسكري في الجامعي الأموي بعد تحرير دمشق، بعد أن تداول ناشطون دعاءه في رمضان الماضي بأن يمنّ الله عليه بالصلاة في الجامع بدمشق”.

صليت معه في مسجد زيد بن ثابت قبل ليلتين، حيث أمَّ الناس وألقى فيهم كلمة بعد الصلاة، ثم تحلّق حوله روّاد المسجد، وحين خرج استوقفه شاب دمشقيّ لم يبلغ العشرين من عمره، ومعه شقيقٌ له يقاربه في العمر، بعد السلام عليه، أخذ الشاب يبكي بين يديه ويقول له: سامحني يا شيخي لقد خذلناكم ولم نجاهد معكم! لقد ضحيتم من أجلنا بكل شيء” أخذ الشيخ وشقيقه يهدّئانه والشاب غارق في نوبة حادة من البكاء والاعتذار.

    سألته عن قصة الفيديو المنتشر

“كان دعاؤنا دائما: اللهم افتح بنا البلاد واهدِ بنا العباد. لم يفارقنا اليقين بأننا سننتصر، لم نكن ندري كيف ومتى، لكنه شيء انعقدت عليه قلوبنا طوال جهادنا الذي استمرّ 14 عاما. في الأشهر الأخيرة كان الاستعداد على أشده، وكان التكتم شديدا، جرى حديث عن سراقب وعن ريف إدلب، وقبل أسبوع من العملية تبيّن لنا أن حلب هي الهدف، كنت من صائدي الليل، حيث نعمل على القنص بالمنظار الحراريّ، وهذا السلاح أحدث فارقا في المعركة.

لم نشارك في حلب، وشاركنا في قلعة المضيق في سهل الغاب، وفي حماة وحمص. شاركت مع فصائل مختلفة، كان التنقل بين الفصائل سلسٌ والتنسيق عالٍ، بعد فتح حلب أقبلت كل الفصائل على المشاركة، رغبة في الغنائم. كنتُ مع سرية أبي أسامة، كانت سريتنا أكثر السرايا مشاركة (سرية سعد 40 جنديا) شاركنا في حلب مع الهيئة، ثم شاركنا في معركة سهل الغاب مع الجيش الحر، ثم في معركة حماة مع الجبهة الشامية والجيش الوطني، ثم في حمص مع الجبهة الشامية، وبعد حمص انكسر النظام وأصبح الطريق إلى الشام سالكا.

في اليوم الثاني من دخولنا لدمشق صليت في الأموي، بدون ترتيب، دخلنا متنزهين في الشام، فأدركتنا صلاة المغرب في الأموي، فلما حانت صلاة العشاء طلب منا المؤذنون أن أصلي بهم العشاء. كنت إماما حافظا للقرآن قبل جهادي، وأممت في حلب وإدلب.

عادة أصوّر الصلاة، وأبثها في قناتي، فطلبت من أحد الشباب تسجيل الصلاة، فلما نشرته طار كل مطير. في اليوم الثاني صارت الناس تستوقفني وتسلم عليّ حيث اتجهت”.

المصدر : الجزيرة

——————————

ياسين الحاج صالح : حرية سوريا هشّة ويجب عدم التعجّل في نسيان ما انتهى

ديانا سكيني

تحديث 29 كانون الثاني 2025

يقول عقل ياسين الحاج صالح بعد أربعين يوماً من سقوط النظام إنَّ “زمن الاحتفال يجب أن ينتهي”، لتبدأ مرحلة التأسيس بمشقاتها.

تحاكي اللحظة السورية المكثّفة العقل والعواطف. وإن كانت الأخيرة تنساق بفعل الحواسّ والذاكرة المثقلة إلى احتفائية مفتوحة بسقوط النظام السوري أملاً بطيّ “صفحة الأبد”، فإن عقل ياسين الحاج صالح يقول بعد أربعين يوماً من سقوط النظام إن “زمن الاحتفال يجب أن ينتهي”، لتبدأ مرحلة التأسيس بمشقاتها، وصنوها دولة القانون والمساواة. ولا يمكن مداواة الجرح السوري من دون عدالة يجري البحث عن مساراتها على دروب كثيرة، منها تقفّي أثر المفقودين سميرة الخليل ورزان زيتونة وناظم حمادي ووائل حمادة.

ولا يستسيغ الحاج صالح الانجرار وراء تيار “الهواجس والقلق”، فقد كان هناك في زمن “البراميل والكيماوي وصيدنايا، وكان هناك قبل الثورة السورية ذاتها، وكان موجهاً طوال الوقت ضد “الخطر الإسلامي”. أنت لا تستطيعين فعل شيء لمن جعل من خوفه هوية، تعريفاً لنفسه، عبر السنين الطوال”. أما وجوه القيادة الجديدة، فبعضها “حسنة النية”، لكنّها “ضيقة التكوين الفكري والإجتماعي”.

في الآتي حوار لـ”النهار” مع الكاتب والناقد والباحث والمترجم، والسجين السياسي السابق الذي ألّف العديد من الكتب عن سوريا، وعن السجن، وعن الإسلام المعاصر، وعن الثقافة وعن السياسة.

* من البديهي أن أسأل عن الصور والانطباعات فيأول لقاء لك مع سوريا “الجديدة” بعد غياب طويل؟

مشاعري متلاطمة، يغلب فيها الابتهاج والاحتفال بسقوط النظام. عقلي يقول لي بعد أربعين يوماً من سقوط النظام إن زمن الاحتفال يجب أن ينتهي، لكن يبدو لي من ملاحظة ذاتي ومن حولي أن شيئاً في أعماق أنفسنا، أو في أعماق أجسادنا، يدعو إلى عدم الاستعجال على الهمّ، فهو آتٍومعه القلق وانشغال البال. لنستمتع الآن بوقت لا يأتي مثله في العمر مرتين، وما يستحق بالتالي أن لا يعامل كأيام وأسابيع مثل غيرها.

وهذا متصل بما كانت الحال قبل السقوط. لا يعرف غير السوريين، ولعلنا نحن السوريين بالذات لم نستطع وضع ذلك في كلمات واضحة، أن الحكم الأسدي لم يكن قمعياً، أو حتى مفرط القمعية متجاوزاً الأنظمة العربية الأخرى بأشواط، بل هو في الجوهر خسيس، دنيء النفس، مفتقر للحد الأدنى من السماحة والكرم، يستولي على كل شيء ولا يشبع؛ وهو فوق ذلك عمل على التمييز بين السوريين وتخويف بعضهم من بعض، وتقويض الثقة في ما بينهم، فكان نظام فتنة دائمة أو نظام حرب أهلية مستمرة، عكس ما يُنتظر من الدولة في بلدان الأرض كلها. أجسادنا تعرف ذلك الشيء الوسخ الذي تخلصنا منه بما يشبه المعجزة أكثر من أذهاننا، وهي لذلك تغلّب حسّ الاحتفال إلى اليوم.

على أن برنامجي الذاتي، ككاتب، هو بالأحرى الحذر والانتباه للمخاطر ومواطن النزاع الناشئة، وهو ما أحاول فعله بقدر الإمكان. المحصّلة مزيج من الابتهاج والانتباه وعدم التعجل.

* قصدتَ آخر مكان كانت فيه سميرة ورفاقها قبل الاختطاف والاختفاء، هل من سبيل للعدالة؟

كان الاعتصام أمام ما كان مقرّ مركز توثيق الانتهاكات في دوما، ومنه اختُطفت سميرة ورزان ووائل وناظم، بادرة رمزية لإدخال القضيّة أجندة العمل العام في زمن جديد. أعمل في الوقت نفسه مع أصدقاء حقوقيين على بناء قضية حول تغييب امرأتي. هذه أولويتي التي تعلو أيّ شيء آخر حين قدمت إلى سوريا وفي ما سيأتي من زمن إلى حين معرفة كامل الحقيقة ومعاقبة الجناة.

* هل سوريا حقاً حرّة اليوم؟

سوريا قد تكون أكثر بلدان العالم حرية اليوم. يمكن أن تقولي إنها حرية هشّة، تفتقر إلى ركائز مؤسسية ونواظم قانونية، وقد تعصف بها العواصف بعد حين. نعم، دون شك. لكن هنا أيضاً يفيد أن نقول إن في بلدنا التعيس أهم قصّة في عالم اليوم. قبل أسبوع كتبت لي صديقة ألمانية تقول إن “روح العالم” في سوريا. هذا يكثّف تماماً في رأيي لحظتنا الراهنة. “روح العالم” لا تستقر في أي مكان ولن تبقى هنا طويلاً، لكنه زمن خاص، استثنائي، ويقع علينا منذ الآن تحويل جسد الاستثناء إلى قواعد لحياة جديدة متحررة.

* هل لا بد من فترة سماح للقيادة الجديدة لتثبت ما أمكن من قدرات، من خطط…؟ وما رأيك في الوجوه الجديدة؟

“فترة السماح” ليست ممّا يقرّره أي أحد. إنها فترة نقاهة يفرضها الإبلال من داء خطير مديد. والأمر يبقى صحيحاًأياً يكن الفريق المسيطر اليوم. التوجس المشروع من تكوين الفريق النافذ الجديد لا يمسّ بالحاجة إلى هذه الفترة التي قد يمكن تقسيمها إلى فترات فرعية. الأشهر الثلاثة الأولى لتسير الأعمال وتلمس واقع الحال، في البلد وحوله؛ ثم فترة أطول، بين عام أو عامين في تصوري لبسط الأمن والتقدّم نحو توحيد جغرافيا البلد؛ وقد تلزم ثلاث أو أربع سنوات بحسب ما تكلّم الشرع من أجل إرساء أسس نظام جديد ودستور جديد وانتخابات عامة. لا بأس بمدة أطول على أن تصان الحريات العامة. نحن أيضاً محتاجون إلى “فترة سماح” من أجل تنظيم أفكارنا وتجديد قوانا وبناء منظماتنا وجمعياتنا وأحزابنا. ما يجدر بالسوريين كلهم اليوم الخشية منه هو التعجّل، وضع النفس تحت ضغط فعل أشياء كثيرة بسرعة. نحن اليوم في انفعال وأفكارنا غير واضحة، وبعض الأناة والصبر ضرورة حيوية.

الوجوه الحاكمة الجديدة، أو بعضها، تبدو لي حسنة النيّة وعلى بيّنة من التحديات الكبيرة، لكنها ضيّقة التكوين الاجتماعي والفكري، وضعيفة حيال البيئة الإقليمية والدولية، وغير شفافة في ما تقوم به من إجراءات وما تتطلع إليه.

* لم تخلُ هذه الفترة الانتقالية من أفعال ثأرية وانتقامية، من خوف وهواجس لدى بعض المجموعات الطائفية أو قلق لدى العلمانيين… كيف تتفاعل مع هذه الوقائع؟

ما يحدث من انتهاكات اليوم يجب أن يوثّق ويدان، ولا يبدو أن ذلك يحدث بصورة منهجية. مساحة الكلام على الانتهاكات هي اليوم وسائل التواصل الاجتماعي، وهي ليست ذلك المكان الصحي لتوثيق المعلومات وتطوير خطاب واضح بشأنها.

على أني ألاحظ أن ما أشرت إليه “من خوف وهواجس لدى بعض المجموعات الطائفية” و”من قلق بين العلمانيين”، كان هناك في زمن البراميل والكيماوي وصيدنايا، وكان هناك قبل الثورة السورية ذاتها، وكان موجهاً طوال الوقت ضد “الخطر الإسلامي”، أي السنّي. أنت لا تستطيعين فعل شيء لمن جعل من خوفه هوية، تعريفاً لنفسه، عبر السنين الطوال. رأيي أننا الآن في وضع أفضل مبدئياً للتعامل الجذري مع هذه المخاوف والهواجس القلقة من أي وقت سبق. لست أضمن الفريق النافذ اليوم، لكني لا أضمن اختصاصيّي الهواجس والقلق كذلك. هناك ضرورة للكلام في هذه الشؤون، لتناولها بصراحة ووضوح. سنكون في وضع مناسب لنقد الفكر السياسي الإسلامي وإظهار حدوده في ما يخص المواطنة والمساواة الحقوقية والسياسية، وللاعتراض المتسق على أيّ انتهاكات محتملة، إذا تجاوزنا “الهواجس والقلق” نحو كلام واضح بخصوص المواقع والأدوار والتوقعات والتطبيعات خلال ما يقارب 14 عاماً، وأربعين عاماً قبلها. هذا أساسي إن كنّا نتطلع إلى مجتمع سياسي عقلاني، لا مجتمع مشاعر مختلطة ما دون سياسي، يحتاج إلى الخوف ويخاف إن لم يكن هناك ما يهدّد أمنه. أساسي في رأيي أن نقول إن بعض الهواجس والقلق هو خشية من فقدان امتياز غير مشروع ووضع خاصّ وليس مجرد خوف من التعرض للتمييز.

أرى اليوم تعجلاً على نسيان ما عشناه طوال معظم أعمارنا، وهو تعجّل لا أراه صحياً ولا مستقيماً في واقع الأمر. وأعتقد أنه من أجل أن نقول إلى ماذا نتطلع أن نقول ما الذي انتهى، وكيف تشكلت توقعات و”طبائع” خلال السنوات الطوال جداً من سيطرة ما انتهى. إننا محتاجون إلى سياسة بصيرة للذاكرة بقدر ما نحتاج إلى سياسة متبصّرة للسير حو المستقبل. ومن أجل أمان سوري عام، يجب تذكر ما جرى لملايين خلال سنوات وعقود، واحترام من فقدوا الأمان طوال معظم الحقبة الأسدية.

* هل من خريطة طريق واقعية لولادة نظام الحكم الجديد برأيك؟

كديموقراطيين، خريطتنا تتمثل في الدفاع عن الحريات العامة، وحكم القانون، والشفافية والنقاش العام المفتوح، والمساواة بين الرجال والنساء، وبالطبع التعددية السياسية (وليست الدينية والثقافية)، والانتخابات الحرة وتداول السلطة. المهم راهناً هو الحضور الفاعل للصوت الديموقراطي، وقدرتنا على تطوير خطابات تتصل بالمسائل الاجتماعية والاقتصادية الملحة بشدة، التي تبقى الحريات العامة هشة دون التقدّم في معالجتها.

وأولي شخصياً تجريم التعذيب وتحريمه مكانة رئيسية في أي تصوّر للمستقبل، وأرجو أن يصير مادة في الدستور القادم. وفي المقام الثاني أرجو كذلك التحريم الدستوري للحكم الأبدي.

* هل تخشى من الأسلمة في سوريا، بمعنى تغلغل الفكر والنهج في مؤسسات الدولة ومفاصل المجتمع؟

سوريا بلد أكثر سكانه مسلمون. كان الأمر كذلك طوال الوقت. ما يُخشى هو تحوّل هذا الواقع إلى أيديولوجية مجنونة متطرفة مثلما كان الأمر بالفعل لسنوات، وخاصة بين 2013 و2018. لكن الجنون ليس حكراً على الإسلاميين، وقد تخلصنا للتو من جنون أسدي مطبق كثف نفسه في شعارات مثل الأسد أو لا أحد، والأسد أو نحرق البلد، وفي البراميل والكيماوي والتعذيب والاغتصاب. ما يثير غضبي شخصياً هو أجندة مهيمنة دولياً وإقليمياً،وحتى محلياً، تتكلم على جنون واحد لتبرّر جنونات أخرى، أو على غول واحد لتتكتم على غيلان أخرى. كنت شخصياًفي منازعة لهذا التواطؤ منذ ما قبل الثورة السورية بسنوات. نشغل موقعاً أفضل لإدانة ضروب التطرف الإسلامي إن كنا ندين ضروب التطرف الأخرى، وهو ما لم يحدث كثيراً. وبالمقابل نضع أنفسنا في موقع أسوأ أمام مخاطر النكوص إلى جنون أسدي أو ما يقاربه إن لم نفعل ذلك. وليس لأحد أن يقول إن ذلك غير ممكن. لقد حدث في مصر قبل 12 عاماً.ومن المهم أن نتذكر أن سوريا ليست قطاع الناشطين والمثقفين والفنانين الذين عاشوا في عزلة اجتماعية في الحقبة الأسدية، واستبطن غير قليل منهم قدراً طيّباً من التعالي على المجتمع، ومن “ازدواج المعايير” في الحكم على ما هو عاقل وما هو مجنون، ما هو “طبيعي” وما هو ليس كذلك.من المهم بالقدر نفسه ألا نتطوّع في معارك أيديولوجية هي ما يفضّله ويرغب فيه متطرفون متنوعون، بمن فيهم متطرفون إسلاميون. يفترض أن نعمل على تسييس وعقلنة التفكير في المشكلات الاجتماعية، بدل أدلجتها وتديينها.

* أين يرى ياسين الحاج صالح نفسه في هذه المرحلة السورية، لا سيما لناحية القيام بدور سياسي وفكري؟

“الدور الفكري” أقوم به بقدر المستطاع، أما الدور السياسي فليس مما أتطلع إليه أو أملك الكفاءة للقيام به.

النهار العربي

——————–

تركيا تخشى وضعاً مؤسسياً للمسلحين الأكراد في سوريا،وتنتظر موقف ترمب/ سعيد عبد الرازق

تحديث 29 كانون الثاني 2025

تراقب تركيا موقف إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، تجاه الوضع الجديد في سوريا، وتعمل بالتوازي عبر تحركات دبلوماسية مكثفة، وترتيبات إقليمية، واستعداد عسكري، للضغط باتجاه منع إضفاء وضع مؤسسي على «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» التي تقودها «وحدات حماية الشعب» الكردية.

وأظهرت سلسلة التحركات التركية الأخيرة التي بدأت بزيارة وفد سوري؛ ضم وزيرَي الخارجية والدفاع ورئيس المخابرات في الإدارة السورية الجديدة، أنقرة واجتماعاتهم مع نظرائهم، ولقائهم الرئيس رجب طيب إردوغان، ثم الزيارتين المتزامنتين، يوم الأحد الماضي، من وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إلى بغداد، ورئيس المخابرات، إبراهيم كالين، إلى دمشق، أن أنقرة تسعى إلى تشكيل محور إقليمي هدفه تطويق «حزب العمال الكردستاني» وامتداده في سوريا «وحدات حماية الشعب» الكردية.

رسائل متكررة

ووجهت تركيا، مراراً، رسائل تستهدف، في الأساس، واشنطن التي تدعم «وحدات الشعب الكردية» في سوريا، بوصفها حليفاً في الحرب ضد تنظيم «داعش» الإرهابي.

وزيرا الخارجية العراقي فؤاد حسين والتركي هاكان فيدان خلال مؤتمر صحافي في بغداد الأحد (رويترز)

وأكد فيدان، أكثر من مرة، آخرها في بغداد الأحد، أن الإدارة السورية الجديدة قادرة على تأمين السجون التي تؤوي مقاتلي «داعش» وأسرهم، الخاضعة لحراسة «قسد» في شمال شرقي سوريا، وتحدث بشكل مباشر عن عمليات مشتركة ضد «حزب العمال الكردستاني» و«داعش».

في السياق ذاته، قال نائب رئيس حزب «العدالة والتنمية» الحاكم المتحدث باسمه، عمر تشيليك، في تصريحات ليل الاثنين – الثلاثاء عقب اجتماع اللجنة المركزية للحزب برئاسة إردوغان، إن المعادلة في المنطقة تغيرت بشكل كامل مع انهيار نظام حزب «البعث»، الذي لم يتبقَّ منه سوى «نموذج مصغر»، هو حزب «الاتحاد الديمقراطي» وذراعه المسلحة «وحدات حماية الشعب».

وأضاف تشيليك أن «قسد»، التي تقودها «الوحدات» الكردية، هي في نهاية المطاف تعمل حارساً لسجون «داعش» في سوريا، متسائلاً: «ما علاقة خدمة الأكراد في المنطقة بهؤلاء الذين يقومون بمهمة كلفهم بها الغرب؟».

مخاوف تركية

وعدّت مصادر دبلوماسية أن تركيا لديها مخاوف من إضفاء طابع مؤسسي على «قسد» في سوريا بدعم غربي (أميركي وأوروبي)، لافتة إلى أنها ظهرت في بيان مجلس الأمن القومي التركي، عقب اجتماعه الأسبوع الماضي برئاسة إردوغان، والذي أكد، صراحة، أن تركيا ترى أن إضفاء الطابع المؤسسي على «حزب العمال الكردستاني» في سوريا يشكل التهديد الأمني ​​الأول لها.

جانب من اجتماع مجلس الأمن القومي التركي برئاسة إردوغان الأربعاء الماضي (الرئاسة التركية)

وحمل البيان إشارة إلى إمكانية التدخل العسكري، وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن تركيا قد تعيد خيار العمل العسكري إلى جدول أعمالها، لافتة إلى تصريحات فيدان في بغداد عن النضال المشترك ضد «حزب العمال الكردستاني» والمنظمات التابعة له في العراق وسوريا.

ورأت المصادر أنه يبدو أن الحوار بين أنقرة وواشنطن في المدة الأخيرة، الذي تضمن جولة مباحثات لوفد أميركي برئاسة نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية، جون باس، لم يحقق النتائج المرجوة بالكامل بعد، فضلاً عن إصرار العسكريين الأميركيين على الاستمرار في دعم «قسد» في المرحلة المقبلة.

وعبرت عن اعتقادها بأن ملف المسلحين الأكراد من قنديل (شمال العراق) إلى دمشق، ينتظر المحادثات بين إردوغان والرئيس الأميركي دونالد ترمب، وبأنه إما تؤدي هذه المحادثات إلى اتفاق مُرضٍ لتركيا، وإما تتسبب في عاصفة.

موقف ترمب

وعدّت المصادر أن التحركات التركية الأخيرة مع بغداد ودمشق، استهدفت تهيئة الأرضية لضربة مشتركة للمسلحين الأكراد، وتعني في جانب آخر منها أن أنقرة تريد أن تقول لواشنطن إنها بذلت كثيراً من المساعي الدبلوماسية لحل المشكلة دون الاضطرار للعمل العسكري.

وعبر وزير الخارجية، هاكان فيدان، في تصريحات عقب زيارته بغداد عن الأمل في أن يتم التوصل في هذه المرحلة الجديدة بأميركا إلى أعلى مستوى للتفاهم بشأن سوريا ومحاربة الإرهاب وأمن دول المنطقة، لافتاً إلى أن هناك خلافات بين أنقرة وواشنطن بشأن سوريا، وأن بلاده ستعمل من أجل إزالتها.

جانب من مباحثات القائد العام للإدارة السورية أحمد الشرع ورئيس المخابرات التركية إبراهيم كالين في دمشق الأحد (أ.ف.ب)

وبعث ترمب، قبل تسلم الرئاسة في أميركا، برسائل إيجابية لتركيا بشأن سوريا، وأشاد بدورها في إرسال مجموعات تحت أسماء مختلفة نجحت في إسقاط نظام بشار الأسد، وقال إن مسألة انسحاب القوات الأميركية في سوريا عائدة إلى تركيا.

وكان ترمب تدخل خلال ولايته الأولى لوقف عملية «نبع السلام» العسكرية التركية ضد «قسد» في شمال شرقي سوريا في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وتحدث عن سحب القوات الأميركية من سوريا، لكنه لم يستطع تنفيذ هذه الخطوة بسبب معارضة الجناح العسكري في إدارته، وهو الموقف الذي لا يبدو أنه سيتغير، بينما ترغب أنقرة في تولي ملف حراسة سجون «داعش» من خلال دعمها الإدارة السورية في دمشق حتى لا تكون هناك ذريعة لاستمرار الدعم الأميركي لـ«قسد».

الاشتباكات مع «قسد»

في غضون ذلك، استمرت الاشتباكات العنيفة بين القوات التركية ومعها فصائل «الجيش الوطني السوري»؛ الموالي لأنقرة، وبين «قسد» على محور شرق حلب، وأيضاً الاستهدافات التركية لمواقع «قسد» في شمال شرقي سوريا.

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن الطيران الحربي التركي شن، الثلاثاء، غارات عدة على محيط سَدّ «تشرين» في ريف حلب الشرقي، وفي المقابل، استهدفت «قسد» بالمسيّرات تجمعات للفصائل الموالية لتركيا في محيط تلة سيريتل بالقرب من السد، وقصفت بالأسلحة الثقيلة نقطة للفصائل في الموقع ذاته؛ ما أسفر عن مقتل أحد عناصر الفصائل وإصابة آخرين.

كما قصفت مسيّرات «قسد» تجمعات للفصائل في قرية إيمو وتلة عرش بمحور جسر قره قوزاق في ريف منبج الشرقي، ما أدى إلى مقتل عنصرين من الفصائل وإصابة اثنين آخرين، وتدمير دبابة.

وقصفت الفصائل بالطيران المسيّر والصواريخ وقذائف الـ«هاون» نقاطاً عدة تابعة لـ«قسد» في محور دير حافر، وسط أنباء عن أضرار مادية نتيجة القصف المكثف.

مدنيون يعتصمون قرب سد «تشرين» شرق حلب… وتظهر سحب دخان نتيجة القصف التركي (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

وأفاد «المرصد السوري» بأن القوات التركية كررت استهدافها، بشكل مباشر، المدنيين المعتصمين قرب سَدّ «تشرين» احتجاجاً على هجماتها على مواقع «قسد» في منطقة السد وجسر قره قوزاق بريف منبج الشرقي.

في الوقت ذاته، استهدفت المدفعية التركية، فجر الثلاثاء، منزلاً في قرية أم حرمل بريف أبو راسين شمال غربي الحسكة ضمن مناطق «قسد»، ما أسفر عن مقتل 3 مدنيين، بينهم طفل، من عائلة واحدة، وإصابة 4 نساء بجروح بليغة.

بالتوازي، واصل «التحالف الدولي للحرب ضد (داعش)» بقيادة أميركا تعزيز قواعده في شمال شرقي سوريا.

ونقلت طائرة شحن رفقة مروحيتين عسكريتين، بالقاعدة الأميركية في خراب الجير بريف رميلان شمال الحسكة؛ شحنة أسلحة وذخائر وعتاد عسكري ولوجيستي إلى القاعدة، وذلك بعد يومين من استقدام قوات «التحالف الدولي» تعزيزات عسكرية ولوجيستية وطبية على متن طائرة شحن إلى قاعدتها في الشدادي جنوب الحسكة.

مشكلة الرسوم الجمركية

على صعيد آخر، نفى مدير العلاقات في المنافذ البرية والبحرية السورية، مازن علوش، صدور أي قرار من الجانب السوري بتخفيض الرسوم الجمركية على 269 منتجاً تركياً، كما أعلن وزير التجارة التركي عمر بولاط.

وأفاد علوش موقع «تلفزيون سوريا»، القريب من إدارة دمشق، بأن اجتماعاً عُقد مع الجانب التركي بهدف مناقشة إعادة تفعيل اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، ومراجعة الرسوم الجمركية المفروضة على بعض المنتجات، وأن الإدارة السورية لم تتخذ أي قرار بهذا الشأن حتى الآن.

وزير التجارة التركي عمر بولاط خلال زيارة لبوابة «زيتين دالي – غصن الزيتون» الحدودية مع سوريا مطلع يناير الحالي (حسابه على إكس)

وأعلن وزير التجارة التركي، عمر بولاط، الاثنين، أن الإدارة السورية قررت تخفيض الرسوم الجمركية على 269 منتجاً تركياً، تشمل سلعاً غذائية وبعض منتجات الحديد والصلب والتنظيف، بعد رفع التعريفات الجمركية سابقاً بنسب تراوحت بين 300 و500 في المائة.

وتشهد الحدود التركية – السورية أزمة تتعلق بعبور الشاحنات التجارية، وتحدثت تقارير عن وجود نحو 3 آلاف شاحنة تركية عالقة بسبب تأخر الإجراءات الجمركية، وذلك بعد إعلان توحيد الرسوم الجمركية السورية لتشمل جميع الدول، مما دفع بوزارة التجارة التركية إلى العمل على تعزيز التنسيق مع الجانب السوري لمعالجة الأزمة وتخفيف الازدحام على المعابر الحدودية.

وزار وفد تركي برئاسة مصطفى طوزجو، نائب وزير التجارة، دمشق، الخميس الماضي، وعقد لقاءات مع وزير التجارة وحماية المستهلك السوري ماهر خليل الحسن، ورئيس هيئة الحدود البرية والبحرية قتيبة بدوي، ونائب وزير الخارجية أحمد دخان.

 ——————————-

========================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى