سقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعصفحات الحوار

قدري جميل: سقوط نظام الأسد كان حتمياً

– السلطة الجديدة لا يمكن أن تستمر بـ«فوهة البندقية»

– سوريا غير موحدة تعني الإضرار بالاستقرار الإقليمي

يرى قدري جميل، أمين «حزب الإرادة الشعبية» السوري، أن سقوط النظام السابق كان حتمياً «استجابة لتقاطع ألف ضرورة»، مذكّراً، في الوقت نفسه، القوة الجديدة التي تسلّمت السلطة في سوريا بأنها لم تكن لتحقق ما حققته «لولا الدعم الشامل والمباشر وغير المباشر من كل السوريين»، وداعياً إياها بالتالي إلى بناء توافق وطني لأن «السلطة يمكن أن تأتي بفوهة البندقية لكنها لا يمكن أن تستمر بها». في ما يلي نصّ المقابلة التي أُجريت قبل تنصيب أحمد الشرع نفسه رئيساً انتقالياً لسوريا، وإعلانه سلسلة من القرارات المرتبطة بالمرحلة الانتقالية.

■ بعد مرور قرابة شهرين على التحول السوري الذي صدم الكثير من الأطراف الداخلية والخارجية، هل تمكنتم من رسم سيناريو كامل لما حصل، وتقدير ميزان القوى الحالي وتأثيره في أي عملية سياسية في سوريا؟

كنت أتوقع حدوث شيء خلال المدة السابقة، لكن لم أتوقع أن يكون السقوط بهذه السرعة، ولا أظن أن هناك من توقع ذلك، لكن هذا يؤكد نظرية أن النظام كان متهالكاً من الداخل، ويحتاج إلى دفعة بسيطة فقط، خاصة في الجانب الاقتصادي الذي زادت فيه السرقة مع تدهور أوضاع الناس، حتى وصلت آثارها إلى مفاصل الجيش السوري الذي لم يعد لدى المقاتل فيه الرغبة في استمرار القتال فيما أهله في القرى لا يستطيعون تأمين المواد الأساسية للحياة. وهنا، لا بد من الإشارة إلى أن الروس طلبوا في الأيام الأخيرة من الأسد التنحي، وتسليم مجلس عسكري لقيادة المرحلة الانتقالية، لكنه رفض، والجيش لم يبادر في هذا المنحى، ربما لأن النضج الذاتي لهكذا سيناريو لم يكن كافياً. أما سياسياً، فكان الأسد يعتقد حسب تقديري بأن «الانتظارية» كسياسة لا تزال مفيدة، أي ترك الأمور للزمن لتغيير الظروف والشخصيات الفاعلة، وهي سياسة كانت تعطي نتائج في مدة حكم والده الرئيس الراحل حافظ الأسد، لكن ذلك زمان مختلف كان فيه توازن آخر، أما في هذا الزمان، فالانتظار سياسياً كان يعني «الموت»، وربما إمكانات بشار الأسد لا تسمح له بصناعة رسمة جديدة، فهو لم يبدع شيئاً بل بقي على ما رسمه الأقدمون. وفي هذه الأثناء، كان الروس قد ضاقوا ذرعاً بمماطلته وكذبه، والأتراك ملوا الرفض المستمر لدعواتهم، فشاءت المصادفة بمعناها الماركسي، أي تقاطع ضرورتين بالحد الأدنى، أن يسقط النظام بهذا الشكل استجابة لتقاطع ألف ضرورة. وتحرك القوات التي صارت السلطة الجديدة في دمشق جاء بالتأكيد بضوء أخضر من الأتراك، وربما من الروس، فيما أستبعد أي دور أميركي أو إسرائيلي فيه.

■ في ضوء الحديث عن الموقف الروسي، ما مصير المصالح الروسية في سوريا من وجهة نظركم؟

الحديث عن عقود روسية في سوريا غير دقيق؛ لأن العقود سواء في مرفأ طرطوس أو في ما يخص استثمار الفوسفات هي عقود بين الدولة السورية وشركات روسية خاصة، وكانت تصاغ بشكلٍ المقصود منه هو الإساءة إلى سمعة روسيا كدولة، وهذا ما حذرنا الروس منه عند الإعلان عن توقيع عقد مع شركة روسية لاستثمار الفوسفات. في عهد حافظ الأسد، تم توقيع اتفاق لاستثمار النفط باسم «تريبكو» مع الأميركيين، وكانت حصة الولايات المتحدة 49%، وحينها اعترض خالد بكداش في البرلمان السوري على تلك الاتفاقية، فكيف يمكن أن نقبل اليوم بعقد تكون فيه حصة الجهة الخارجية هي 70%، كما في مثال استثمار الفوسفات؟ هذا الأمر، في رأيي، كان مخططاً له من قبل الأسد لتظهير العقود كعقود إذعان بهدف الإساءة إلى سمعة الروس كجزء من السير في مشروع خطوة مقابل خطوة لإرضاء الغرب. وأخبرنا الجانب الروسي أنه في حال مشاركتنا ضمن أي حكومة انتقالية مستقبلاً، فإن أول عمل سنقوم به هو إلغاء هذه العقود. أكثر من ذلك، فقد اكتشفنا لاحقاً أن هذه العقود كانت تتم لمصلحة مجموعة قاطرجي بواجهة روسية، أي أسماء تحمل الجنسية الروسية وتعمل كواجهات للنظام، وهذا يدل على شراكة في الفساد بين شركات روسية خاصة وبين النظام.

■ هناك حديث عن مؤتمر حوار وطني، هل تلقيتم أي دعوة بخصوصه؟ أو تم التواصل بينكم وبين أي شخصية من الإدارة الجديدة في شأن المؤتمر أو موعده المتوقع؟

لم تتواصل الإدارة الجديدة معنا، ونحن لن نحاول لأن الكرة عندهم وليست عندنا. والتأخير حتى الآن مؤشر إيجابي، إذا كان للحصول على وقت أطول للعمل على تشكيل لجنة تحضيرية وازنة، تضم شخصيات سياسية لها تاريخها وسمعتها، وذلك على عكس الخطاب المتسرع في الأيام الأولى حول موعد المؤتمر وتوزيع ألف دعوة، لأننا بحاجة إلى لجنة تضع الأسس المتعلقة بمدخلات المؤتمر: من يحضره وما هي أوراقه، ومخرجاته: ماذا سينتج منه من قرارات للوصول إلى حوار وطني واسع النطاق، ومرحلة انتقالية سلسة يشارك فيها أوسع طيف ممكن من السوريين. لذلك، في حال كان التأخير هو للتفكير في لجنة تحضيرية، فهو أمر إيجابي.

■ أنتم مع القرار 2254 كخارطة طريق، بعد إجراء تعديل عليه يتعلق بتحويل التفاوض بين النظام والمعارضة إلى حوار بين السوريين، هل حصلتم على رد من المبعوث الأممي بهذا الخصوص، خلال زيارته الأخيرة إلى دمشق؟

لم نحصل على رد حتى اللحظة، ولم يتم أي تواصل بيننا وبين المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، رغم وجوده في دمشق حالياً، لكن لم يعد ذلك مهماً، والقرار 2254 لا يزال خارطة طريق صالحة للعمل وفقها.

■ للأسف، يأتي لقاؤنا على وقع توترات أمنية في مناطق مختلفة، وتأخر الاتفاق على هيكلية الجيش، وعدم وضوح مسار الحوار الوطني، هل يملك السوريون القدرة والوقت للتأخر في هذه الالتزامات من دون تهديد السلم الأهلي، خصوصاً في ظل شعور «مكونات» معينة بالتهديد؟

بعد أول حادث ذي طابع طائفي مقيت في حلب، وهو حرق أحد المقامات الدينية للطائفة العلوية، توقعنا تكرار وتيرة هذه العمليات وتصاعدها، بالاعتماد على أشخاص من الطرفين بهدف توتير الأوضاع وإيصالها إلى الانفجار بما يخدم مصالح طرف ثالث لا يرى مصلحة في سوريا موحدة وذات سيادة، علماً أن سوريا حالياً مفتوحة لكل أجهزة المخابرات السرية الخارجية ولكل منها خططه وأهدافه. لذلك، من المهم أن نعمل على خطوط متوازية في آن واحد لمنع تكرار مثل هذه الحوادث، وطبعاً الشروع في الحوار يمكن أن يسهم في نشر الاطمئنان ويخلق عاملاً من عوامل الاستقرار، لكن حتى ذلك الوقت يمكن البدء بتغيير عقليتنا وإلغاء كلمتَي موالاة ومعارضة من قاموسنا، لأنه لم تعد هناك موالاة ومعارضة بزوال النظام. كما علينا أن نتجرد من الخلفيات الأيديولوجية والسياسية ولو مؤقتاً، لأننا أمام مهمة لا يعلو عليها أي أمر آخر وهي مهمة إنقاذ سوريا، وهي بحاجة إلى توافق بين السوريين، والتوافق يعني مشتركات الحدّ الأدنى. كما يجب أن نخلق إرادة داخلية لتحقيق ذلك، وهذا أهم دور يمكن أن تلعبه القوى والأحزاب السياسية في الوقت الراهن.

■ مَن مِن القوى السياسية السورية الموجودة حالياً، تسعون إلى تكوين تحالفات وطنية معها يمكن أن تسهم في إعادة بناء النظام السياسي للبلاد؟

يوجد لدينا تواصل مع كل القوى السياسية الموجودة حالياً، والقوى السياسية المختلفة والتجمعات تنبت اليوم كالفطر بعد المطر، رغم أن معظمها تصدر اليوم تحت اسم تجمع أو رابطة أو غيرهما، وذلك بسبب الابتعاد عن تسمية الحزب، لأن الناس صارت لديها حساسية من كلمة حزب بسبب البعث وأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، لكن بالنهاية الحزب هو ناس تجمعهم فكرة واحدة، وكل هيئة أو تجمّع يشاركنا رؤيتنا هو الأقرب إلينا. وفي جبهة التغيير والتحرير إلى جانب حزب الإرادة الشعبية، لدينا إسلاميون يعبر عنهم السيد عبيدة النحاس في حركة التجديد الوطني، وقوميون أكراد يعبر عنهم السيد صلاح درويش في الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي. ونسعى إلى توسيع مروحة العلاقات مع الجميع من الموجودين، وحالياً في المطبخ السياسي هناك مشاريع عدة لتحالفات جديدة، لم تنضج بصورة نهائية لكن من بينها تحالف يضم مجلس سوريا الديمقراطي مع قوى سورية مجتمعية سياسية.

■ كيف تنظرون إلى وضع الأكراد في ظل الخلافات القائمة بين «قوات سوريا الديمقراطية» والإدارة الجديدة؟

يوجد قسم كبير من الفصائل المسلحة موافق على الاندماج في جيش وطني موحد، وقسم آخر يناقش لإيجاد توافقات وهذا شيء جيد، ومنهم «قوات سوريا الديمقراطية»، فيما بالطبع يوجد قسم لم تعجبه الفكرة. كذلك، توجد إشكالية المقاتلين الأجانب الذين لا مستقبل لهم هنا. لكن المهم أن النية موجودة وواضحة لدى الإدارة الجديدة في تشكيل جيش وطني موحد.

    تمويل العودة هو موضوع اقتصادي داخلي أولاً، وثانياً هو له علاقة بالدول العربية والدول المانحة

■ ما السيناريو الأخطر الذي يمكن أن يجهض عودة التطور الطبيعي للحياة السياسية في سوريا، بعد أن توقفت نهاية خمسينيات القرن عقب الوحدة مع مصر؟

الانفراد بالسلطة. من المهم أن يعي الجميع أن السلطة السابقة أسقطها الشعب السوري، وأرادت الظروف والمصادفات أن تتصدر المشهد قوة محددة، وهذه القوة «برافو عليها»، لكن أظن أنها مقتنعة بأنها لولا الدعم الشامل والمباشر وغير المباشر من كل السوريين في كل مناطق وجودهم ضمن كل المحافظات، لم يكن لها أن تحقق ذلك. ومن المهم تذكيرها بأن السلطة يمكن أن تأتي بفوهة البندقية لكنها لا يمكن أن تستمر بفوهة البندقية من دون توافق المجتمع ورضاه، وفي حال حصلت على هذا التوافق وكان لديها برنامج جيد اقتصادي واجتماعي وسياسي، سأبصم لها عليه.

■ هل سيُسمح لسوريا بالنهوض مجدداً أو استعادة موقعها ودورها في الصراع مع إسرائيل؟

سوريا غير موحدة تعني الإضرار بالاستقرار، ليس في سوريا فقط وإنما في الدول المجاورة (العراق والأردن وتركيا)، وهذا ما سيدفع تلك الدول إلى العمل على مساعدة سوريا في الحفاظ على وحدتها وسيادتها في مواجهة إسرائيل، لأن السيناريو الآخر أي التقسيم يعني مزيداً من التوتر، بما يهدد وجود تلك الدول، ويعرقل خطط الولايات المتحدة للانسحاب واستكمال عمليات تغيير شكل قوتها من وجود عسكري فظ مباشر إلى نفوذ اقتصادي ومالي وتكنولوجي. إذاً، أعتقد أننا أمام معطيات جديدة توحي بوضع دولي يريد استقراراً نسبياً في المنطقة، لكن بالطبع أميركا تريد الخروج من دون ترك منافس عالمي يحلّ محلها. كيف سيتم ذلك؟ غير واضح بعد، لكن الأكيد أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عيونه على الموارد الممكنة في غرينلاند وكندا. وهذه معطيات جديدة يجب أخذها في الحسبان.

■ الصراع مع العدو الإسرائيلي شكل لعقود جزءاً من الهويات الوطنية للدول القومية التي نشأت بعد الاستقلال خاصة في بلاد الشام. كيف تقرأ مشهد هذا الصراع في ضوء الحروب الأخيرة مع إسرائيل، وتوغلها داخل الأراضي السورية، وانهيار القدرات العسكرية والدفاعية لسوريا؟

بناء على معطيات الوضع الدولي، يمكن توقع أن يشهد عام 2025 أحداثاً مهمة وكبرى كقيام دولة فلسطينية ذات سيادة، وانسحاب إسرائيلي من الجولان السوري المحتل. فمبرر وجود إسرائيل التوسعية العدوانية لم يعد موجوداً. أما بخصوص تصريح ترامب حول ترحيل الفلسطينيين في اتجاه مصر والأردن، فلا أعتقد أنه جدي، ويمكن أن يتراجع عنه.

■ هل وضع الاقتصاد السوري اليوم يسمح بتحرير الأسواق بالمطلق؟ وكيف تراقبون عمليات التسريح والإجازات التعسفية التي تقوم بها الإدارة الحالية في المؤسسات الرسمية، بالتوازي مع وعود برفع الأجور 400 في المئة؟

الزيادة التي وعدت بها الإدارة الجديدة هي أقلّ من الحد الأدنى للأجور الذي نطالب به كحزب إرادة شعبية، بعد احتساب احتياج العائلة المكونة من 4 أفراد. ومع ذلك، لا يكمن تأمين هذه الزيادة بالاعتماد على مساعدات تركية – قطرية لا يمكن أن تغطي سوى أشهر، فزيادة الأجور بحاجة إلى تمويل حقيقي يتعلق بزيادة الإنتاج الوطني. أما تحرير التجارة والأسواق، فلم ينتج منه حتى اليوم إلا إلغاء المواد المدعومة ودور الدولة في تأمين الخبز مثلاً والمازوت والبنزين، وهي مواد صارت كلها خاضعة للأسعار الحرة. هذا مقبول إذا كان الأجر حراً أيضاً، لكن حتى اليوم لا يزال الأجر مكبلاً، وتحررت الأسعار، وهذا عيب ولا يجوز وليس عدلاً. زيادة الأجور بحاجة إلى تمويل حقيقي، أي عبر زيادة الإنتاج الحقيقي في قطاعات الزراعة والصناعة والبناء. وهذا يتطلب في ظروفنا الحالية تأمين السوق الواحدة، والذي لا يمكن تحقيقه من دون وحدة سوريا وسيادتها، إذ إن الوحدة لا تعني فقط رفع العلم، بل تعني وحدة البلاد اقتصادياً وتأمين الدورة الاقتصادية الشاملة والأساس المادي لرفع الإنتاج، وبالتالي توفير الأساس المادي لرفع الأجور إذا ألغينا عامل الفساد. وذلك، يبرز مدى تلاصق السياسي بالاقتصادي، وحتى اليوم لم يظهر خير الإدارة الجديدة من شرها في هذا الخصوص، علماً أنه هو المقياس والمؤشر لنستطيع نحن والشارع كله تحديد الموقف من النظام الجديد على أساس قدرته على تلبية احتياجات الناس. وهنا فرصة للتذكير بأن الفساد في المراحل الأخيرة من عمر السلطة البائدة كان يبتلع بالحدود الوسطية 70 بالمئة من الناتج الإجمالي، فيما كان الفاقد الاقتصادي الذي يذهب بالفساد لا يتجاوز الخمسة بالمئة في السبعينات. لذا، ترافق سقوط النظام مع تحسن الأسعار بنسبة 20-30%، وهذه النسبة البسيطة هي ما كان يتم اقتطاعه على الحواجز العسكرية فقط، أي إن السلوك الاقتصادي للسلطة البائدة كان له دور كبير في سقوطها، فهو كان يقطع بالمنشار الغصن الذي يجلس عليه.

■ ماذا عن ملفَّي عودة اللاجئين وإعادة الإعمار؟

تمويل العودة هو موضوع اقتصادي داخلي أولاً، وثانياً هو له علاقة بالدول العربية والدول المانحة ومدى رضاها عن الوضع الحالي لتأمين الأموال اللازمة لعودة اللاجئين. وانطلاقاً من هذه النقطة، تحاول السلطة الجديدة الحصول على الشرعية الدولية، فحتى اليوم هي غير معترف بها، وحتى لو كانت السلطة الحالية تتمتع ببعض الشعبية، لكنها دولياً لم تأخذ الشرعية بعد، وهذا متطلب أولي قبل الحديث عن تمويل عودة اللاجئين، ورفع العقوبات الجزئي لا يحل المعضلة. بل يجب الاعتراف بالدولة السورية بشكلها الجديد، وهذا الشكل ما زال بحاجة إلى تعديلات، وبالتالي بحاجة إلى عمل للحصول على اعتراف دولي، وبعدها ننتظر كرم الدول التي لعبت دوراً ما في تخريب سوريا لتلعب دوراً في بنائها. وفي ما يخص إعادة الإعمار، من المهم لفت النظر إلى أن الدول المانحة الأساسية هي الدول العربية، فيما الشركات التي تقدم لتوظيف هذه المنح في سوريا هي عادة شركات غربية في معظمها أوروبية، تعاني من ركود اقتصادي، وبالتالي هدفها تشغيل شركاتها وليس بناء سوريا. ومن هنا، قد يكون من الموضوعية البحث في الخيارات التركية والصينية لمشاريع إعادة الإعمار. وبالطبع في هذا السياق، من المرجح أن تستحوذ تركيا على مشاريع إعادة الإعمار بالدرجة الأولى، ولو كان هناك خيار فالصين هي الأفضل لناحية السرعة وعروض الأسعار، لكن الصين بحاجة إلى حل قضية المسلحين الإيغور في سوريا.

■ بعد كل التغييرات التي شهدتها سوريا، هل لا يزال مشروع برنامج «حزب الإرادة الشعبية» صالحاً كمشروع عمل سياسي لليوم الأول بعد سقوط النظام؟

نحضّر في الحزب لمؤتمر خلال 3 أشهر، سنراجع خلاله المشروع وندققه، وأعتقد أننا بحاجة إلى بعض التعديلات عليه في ضوء الظروف الجديدة. لكن من حيث المبدأ، لا يزال المشروع صالحاً وبحاجة إلى تطوير لبعض التفاصيل وتعميق لأخرى. ولا يمكن الحديث عنها قبل الاجتماع مع الفريق.

■ ما الضمانة الأمنية التي حصلتم عليها قبل العودة إلى دمشق، والتي نوّهت خلال إحدى المقابلات إلى أن فقدانها هو العائق الوحيد أمام عودتكم؟

بوجود النظام السابق، كنت أطالب بضمانة أمنية وسياسية للعودة إلى سوريا، واعتقدت أنني ما زلت بحاجتها بعد سقوط النظام، لكن عبر التواصل مع الأصدقاء الموجودين داخل سوريا أو ممن عادوا أخيراً، تبيّن أنه لم تكن هناك شكاوى، فأخذت قراراً بعدم الحاجة إلى ضمانة أمنية بالمعنى السابق، وغيرت رأيي وعُدت على مسؤوليتي في أول طائرة مغادرة من موسكو إلى دمشق.

■ ختاماً، كيف تنظرون إلى المستقبل؟ هل أنتم متفائلون؟

لا يوجد ثوري غير متفائل وإلا لماذا نعمل؟ «تشاؤم العقل، وتفاؤل الإرادة» كما يقول غرامشي، وعندما يصبح الوضع صعباً سنفكر كيف المخرج، وحتى لو كانت الفرصة عشرين في المئة فهي بالنسبة إلينا فرصة، ويجب بذل الجهود في اتجاهها حتى تكبر. وبهكذا إرادة، والإرادة عامل مهم في العمل السياسي، يمكن القول إن ما يجري هو بداية التاريخ ونحن محكومون بالانتصار.

الأمين العام لـ«حزب الإرادة الشعبية»

الأخبار

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى