مراجعات الكتب

مراجعة لكتاب”الربيع العربي ونهاية حقبة ما بعد الاستعمار/ حميد دباشي”

يقدم هذا التقرير قراءة في كتاب “الربيع العربي ونهاية حقبة ما بعد الاستعمار” لمؤلفه حميد دباشي أستاذ الدراسات الإيرانية والأدب المقارن بجامعة كولومبيا بالولايات المتحدة، وهو محاولة فكرية، مقدمة للعقل العربي والغربي على السواء، لفهم الثورات العربية من دون الاستغراق في تفاصيلها المتسارعة.

ملخص الكتاب

في الوقت الذي تموج به الساحة السياسية العربية من تطورات متسارعة خلال العام ونصف الماضي، فإن هناك محاولات فكرية لهضم هذا التغيير الهائل ووضعه في سياقات تاريخية وفلسفية، وذلك من أجل استيعابه من جهة، ومن أجل استشراف المستقبل من جهة أخرى، بعد أن أصبح الثابت الوحيد في هذه المنطقة هو التغيير. وفي هذا الإطار يأتي كتاب حميد دباشي “الربيع العربي ونهاية حقبة ما بعد الاستعمار/ The Arab Spring: The End of Postcolonialism” الصادر أوائل هذا العام (2012) عن دار “زد / Zed” للنشر في لندن.

وهو محاولة لتحدي كل المفاهيم التي تُبنى عليها التحليلات الحالية للربيع العربي، تحديا يصل إلى تفكيك كل عناصر هذه الظاهرة وتركيبها من جديد. فمؤلف الكتاب يرى أن رياح الديمقراطية تأخر هبوبها على هذه البقعة من العالم، وأن الربيع العربي حينما جاء فإنه لا يطيح بالأنظمة التي استقرت على العروش عقودا فحسب، بل يطلق الرصاصة الأخيرة على الأيدلوجيات التي نشأت في مرحلة ما بعد الاستعمار في العالم العربي، ولا يستثني من هذا تيار الإسلام السياسي ولا حتى تيار القومية العربية والماركسية في نسختها العربية. هذا فضلا عن التغيرات التي أحدثها، أو بالأحرى التي كشف عنها، في المسائل العرقية والنسوية بالعالم العربي.

ميدان التحرير عاصمة العالم الجديد

يبدأ الكتاب بعقد مقارنة بين ما اصطلح على تسميته ربيع الشعوب الذي حلَّ على بعض الدول الأوروبية عام 1848 والذي شهده كارل ماركس وقاده لكتابة البيان الشيوعي في نفس العام. وكما وصف ماركس باريس في تلك الحقبة بأنها عاصمة العالم الجديد بعد مرحلة إعادة التشكل التي خلفها الربيع الأوروبي، فإن القاهرة، كما يقول المؤلف، هي عاصمة العالم الجديد، وتحديدا ميدان التحرير الذي أصبح رمزا عالميا وليس مصريا فقط.

وبعد ذلك يسرد الكاتب فكرته التي تتمحور حول نهاية حقبة ما بعد الاستعمار وأن الربيع العربي هو خير تجسيد لنهاية هذه الحقبة. ويرى أن هذه الظاهرة الفريدة تعيد صياغة مفهوم الثورة مرة أخرى. فما نحن بصدده ليس استنساخا لنمط الثورة الذي مر بفرنسا وروسيا والصين وكوبا أو حتى الثورة الإيرانية عام 1979. فالأمر ليس تغييرا مفاجئا وجذريا للقوة السياسية مصحوبا بإعادة هيكلة المجتمع اقتصاديا واجتماعيا، بل يحمل تغييرا أعمق من هذا بكثير يطال الأنماط الثقافية السائدة، ولن تبقى الثورات العربية حجرا على حجر في الثقافة السياسية والاقتصادية في هذه المجتمعات؛ فالخرائط الجغرافية والفكرية المألوفة خلال العقود الماضية مرشحة وبشدة لإعادة الرسم مرة أخرى، بدءا من مصطلح الشرق والغرب نفسه، الذي يراه الكاتب تقسيما استعماريا بامتياز، وانتهاء بالأيدلوجيات الفكرية السائدة، وخاصة تلك التي يسميها الأيدلوجيات الحتمية. ويسوق هنا مثالا بما اصطلح على تسميته تيار الإسلام السياسي الذي رآه قد بلغ أوج تطوره مع نموذج القاعدة التي حاولت استخدام القوة بشكل عالمي من أجل إحداث التغيير، ليأتي الربيع العربي كي يبرهن على خطأ هذا المسار، ويضرب هذه الأيدلوجية في مقتل. فالحركات التي تبنت أفكارا ترى أنها وصفات حتمية لحل مشاكل المجتمعات العربية في مرحلة ما بعد الاستعمار لم يأت التغيير وفقا لأجندتها، وإن كانت قد ساهمت بدور فيه.

وليس أدل على ذلك من الشعارات التي رفعها الثائرون في بلدان الربيع العربي، عيش..حرية..كرامة إنسانية..أي تجاوز لكل أشكال الأيدلوجيات تماما، وإعلان لعملية تحول جديدة لا تتخذ شكل الدوغما الفكرية أو العنف وسيلة لها. وقد أستطاع المؤلف بذكاء أن يضع كل المفاهيم تحت مجهر الفحص الفكري، لكنه وإن بين مدى حداثة وتفرد ظاهرة الربيع العربي، إلا أنه احتفظ لنفسه بعقد مقارانات مع ربيع الشعوب بأوروبا 1848، وهي مقارنة تنهي في أحد جوانبها تفرد الربيع العربي في التاريخ كظاهرة كما أراد هو البرهنة على ذلك.

البداية مع الانتفاضة الفلسطينية

وفي محاولة منه لإعادة تأريخ الربيع العربي، فإنه يرى في الانتفاضة الفسطينية الأولى البداية الحقيقة للربيع العربي وبداية ما يسميه تمرد الإنسان العربي على الظلم المحلي المدعوم من الطغيان الدولي في عصر ما بعد الاستعمار في إطار متجاوز للأيدلوجيات السائدة في هذه الحقبة الزمنية. وخلال الفترة الزمنية بين الانتفاضة وعام 2011، حيث اندلاع الثورات العربية، يرى الكاتب أن الثورة الخضراء في إيران 2009 كانت تعبيرا عن ذاك الربيع نفسه، ويقول إنه تكهن أثناء اندلاعها بأنها ستلهم الشباب العربي في المنطقة من ناحية الطريقة التي اندلعت بها والوسائل التي استخدمها هؤلاء الشباب، فقد كان الأمر حينها يشي بأن هناك شيئا ما يتجاوز حدود الغضب الشبابي.

وقد يبدو وكأن الكاتب أقحم الإيرانيين في سياق تحليلي يتناول في الأصل دولا وشعوبا تجمعهم ثقافة واحدة وتسمية متعارف عليها ولو مؤقتا وهي الربيع العربي، لكنه في ذات الوقت حرر إيران من وضعها بشكل دائم في إطار نظام الحكم فيها فقط، وأدخل الشعب الإيراني وتطلعاته كطرف في المعادلة، قافزا بذلك على ثنائية السنة والشيعة. ولم يفرد في ذات الوقت مساحة كافية لتحليل الدور الإيراني في سوريا ومآلات هذه العلاقة وانعاكساتها على الربيع العربي مستقبلا، وهي نفس الفجوة التي يجدها القاريء في تعامله مع مسألة البحرين.

العِرق واللون

ولم يترك الكاتب الملف الإيراني من دون أن يستخدمه للدلالة على حضور مسألة العرق واللون ونقد الطريقة التي تعاملت بها بعض الثورات مع هذه المسألة. إذ يقول إن هناك إشاعة سرت بين بعض النشطاء الإيرانيين مصحوبة بصور تفيد أن هناك جنودا عربا يشاركون في قمع المتظاهرين المدنيين عام 2009، ولم يكن هؤلاء في الحقيقة سوى إيرانيين ينحدرون من الجنوب حيث السكان ذوو لون البشرة الداكن، وهي نفس المنطقة التي ينحدر منها المؤلف، وهو ما يراه دليلا على وجود خطاب عنصري ضد العرب، فالتفكير المباشر في الصورة النمطية عن العرب لمجرد رؤية أناس بلون بشرة مختلف هو أمر كاشف عن مشكلة إدراكية في إيران في التعامل مع العرب.

ويرى أن هذه اللغة غير قاصرة على النشطاء الإيرانيين وحسب، بل تجد صداها عند مفكرين عرب مرموقين حين اعتبروا أن انتفاضة المدنيين في إيران عام 2009 مؤامرة أميركية إسرائيلية مدعومة من السعودية، ويساوونها، في تعال، بثورة الأرز في لبنان. واستمر استخدام هذه المصطلحات، التي يصفها بالتافهة، بشيء من التضخيم من قبل بعض النشطاء الإيرانيين الذين رفضوا الثورتين التونسية والمصرية وسخروا منهما على اعتبار أنهما انقلابان عسكريان في ثوب أنيق، أو ببساطة، فإن العرب يقومون اليوم بما قمنا به من 30 سنة مضت، ويستخلصون أن هناك فارقا زمنيا، وهم متأخرون عنا بثلاثة عقود. فهناك عنصرية من الإيرانيين تجاه العرب والعكس، وعنصرية أخرى من كليهما تجاه الأفارقة السود، ويدلل على ذلك بقتل المقاتلين الليبيين لمهاجرين من الأفارقة السود ظنا منهم أنهم من المرتزقة الأفارقة الذين جلبهم القذافي لقتال الثوار، ويرى أن هذه عنصرية بغيضة تربط العنف بعرق أو بلون معين والتي استخدمها الاستعمار الاوروبي وتطل برأسها، وللأسف، في واحدة من أنبل اللحظات التاريخية والانتفاضات الجماعية ضد الطغيان الداخلي.

مسألة المرأة

ثم يأتي الكاتب على دور المرأة، حيث يرى أن الثورات حطمت الصورة النمطية عن المرأة المسلمة، فقد كانت المرأة العربية في مركز الحدث تنظم المظاهرات وتخرج فيها، بل وتنقلها للعالم أيضا عبر وسائل الإعلام الاجتماعي. وهو مشهد كان كفيلا للتدليل على سقوط كل المفاهيم الاستشراقية التي حملتها الحرب على الإرهاب وتصوير المرأة العربية والمسلمة على أنها في انتظار الجيش الأميركي ليحررها في العراق وأفغانستان بنفس الطريقة التي تحررت بها في هذه الدول بعد هذه الحروب. ولم تكن المرأة في مقدمة الصفوف في هذه الثورات وحسب، بل كانت في مقدمة الضحايا أيضا مع ازدياد الاغتصاب والعنف ضد النساء في سوريا وليبيا. ولعل الدور الثوري للنساء ليس بجديد على المرأة العربية، بل هو دور قامت به على مدار التاريخ في ظروف مختلفة.

لقد كانت آراء المحللين الغربيين تتسائل عن هؤلاء النسوة اللاتي لم يخرجن من أجل المطالبة بالمساواة بين الجنسيين، فجذور النظرة الاستشراقية الغربية للمرأة العربية والمسلمة لا تعود للعقود الماضية وحسب، بل تمتد في القدم لتتجاوز مرحلة ما بعد الاستعمار. وكان يتم تصوير هذه المرأة في صورة إنسان منزوع القوة، وتم توارث هذه النظرة في المفاهيم والمصطلحات لأجيال تلو أخرى من الباحثين حتى من ذوي أصول تعود للعالم الثالث، وقد ساعد استخدام هذه المصطلحات من قبل هؤلاء على إضفاء بعض المصداقية عليها.

العمالة المهاجرة

ويوجه الربيع العربي ضربة قوية لمسارات الهجرة من وإلى العالم العربي. فبالنسبة للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، فقد وجه الربيع العربي ضربة قوية لسياسات الحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين بعد سقوط أنظمة حليفة لأوروبا في هذا المجال كنظامي معمر القذافي وزين العابدين بن علي. إذ كان النظامان يحصلان على مساعدات أوروبية في مقابل الحد من هذه الهجرة، وبمجرد سقوطهما تدفقت أعداد كبيرة من المهاجرين على السواحل الأوروبية المتوسطية.

أما بالنسبة للعمالة القادمة إلى العالم العربي والمتمثلة في العمالة الآسيوية، فيلفت الكاتب النظر إلى أهمية ما قامت به من احتجاجات قبل عدة سنوات في دبي للمطالبة بالكرامة والحقوق. ولا يفصل هذه الاحتجاجات عن سياق الربيع العربي الطامح إلى استرداد كرامة الإنسان وحريته في هذه البقعة من العالم. ويرى أن هؤلاء العمال، والظروف التي يعملون فيها والمظالم التي يثيرونها، لن يكونوا معزولين عن سياق التطورات التي تشهدها المنطقة.

استخدام العنف المسلح

ثم يصل المؤلف إلى نقطة غاية في الأهمية، وتتعلق بمسألة دور العنف والسلاح في ثورات رفعت شعار السلمية. ففي سوريا وليبيا واليمن كانت هذه الدول مثالا لامتداد دولة مرحلة ما بعد الاستعمار. وعندما خرج الناس فيها إلى الشوارع كانوا يزدادون ثقة بأنفسهم وأدركوا قدرتهم على ملء واحتلال الفضاء العام الذي كان ملكا حصريا للدولة تملؤه بمعرفتها قبل أن يأتي من يتحداها ويُفقدها شرعيتها. وكان استخدام النظام المفرط للقوة دليل ضعفه في هذه البلدان الثلاثة. وكان الصمود البطولي للشعب السوري أمام ديكتاتورية نظام الأسد ومحاولته قمع انتفاضتهم السلمية بالعنف واستمرارهم أسبوعا وراء آخر وشهرا وراء آخر مخلفين آلاف القتلى وعشرات الآلاف من المعتقلين ومأساة إنسانية على الحدود التركية السورية، هناك لم يسقط نظام الدكتاتورية الشيطانية للأسد وحسب، ولكن سقط أيضا منطق عنف القدرة العسكرية لأميركا وإسرائيل في المنطقة. وفي هذا الإطار يرى الكاتب أن الخطر الحقيقي على القواعد الأميركية المنتشرة في طول العالم وعرضه ليست هجمات طالبان والقاعدة وإنما النموذج المجيد لميدان التحرير وميدان آزادي في إيران اللذان يجسدان الرغبة في الديموقراطية السلمية للشعوب، وتحدي الطغاة الذين يحكمونهم. ورغم الخلخلة التي حدثت في بنيان الدولة، كان الخبر السعيد هو أن الناس شكلت لجانا لتدارس شؤونهم، وأنتج هذا حالة من التعاون المدني والمجتمعي هي الضمانة المثلى للمستقبل بعد انتهاء هذا الصراع.

وكان لاستخدام القوة من الطرف الخارجي ممثلا في الناتو دلالة أخرى، فتدخله في ليبيا لم يكن من أجل استعراض عضلاته العسكرية والتحكم في التبعات الراديكالية لهذه الثورات فقط، بل للتحكم في التبعات الجغرافية والاقتصادية خاصة مسألة العمالة المهاجرة.

انهيار عالم وقيام آخر

ولن يقف تأثير هذا الربيع العربي في محيطه الجغرافي وحسب، بل سيمتد شمالا وغربا إلى دول ظنت نفسها أنها مركز العالم. لقد انهار العالم الذي ظن نفسه كل شيء ليس سياسيا فحسب، وإنما فلسفيا أيضا. وحتى نصل للعالم الذي نعيش فيه ويخرج فيه الناس للتظاهر ويكون هناك رمزية لميداني التحرير وآزاد، فهناك شيء أبعد من الديموقراطية الليبرالية الغربية، شيء نحتاج لأن نسميه ونصك له مصطلحه الخاص. وستلعب الديموغرافية والعمالة المهاجرة والطبقية القائمة على النوع والكوارث البيئية دورا محوريا. ولن يختفي الإسلام في هذا العالم، بل سيدخل في حوار مع طرف جديد. فالإسلام اليوم يفقد محاوره الأبرز وهو الغرب، وأصبح المجال مفتوحا لمن سيدخل في حوار معه.

في هذا العالم ستلعب الأفلام والخيال والشعر دورا قويا، كهتاف الناس في الشارع “الشعب يريد إسقاط النظام”. ولابد أن نتيح لهذا العالم أن يسترجع الأدلة المادية للتعددية العالمية في الأفلام والخيال والفن والشعر، ونريد أن يشعر الناس بهذا، والفضاء المثالي لممارسة كل هذا هو نموذج ميداننا ميدان التحرير. لقد ورثنا أنظمة معرفية تحتاج لإسقاط هي الأخرى مع الأنظمة السياسية المتداعية، وهذه الأنظمة ليست مما خلَّفه الاستعمار لنا، وإنما تلك التي ولدت في فترة ما بعد الاستعمار. ولذلك، وكما سقطت رؤوس الدول العربية من على عروشها، لابد وأن تسقط التصورات عن العرب والمسلمين في لندن وباريس ونيويورك هي الآخرى.

وفي مقابل هذا الفوران من التغيير يرى الكاتب أن هناك محاولات لتجريد العرب من ربيعهم الثوري من قبل أميركا وإسرائيل والسعودية، ولم يبرر لنا لماذا أغفل موقف إيران من الثورة السورية. ومضى ليؤكد أننا كأناس عاديين نصنع الثورات، والثورات أيضا تصنعنا. فهذه الثورات عبارة عن رواية وليست ملحمة. فليس فيها أبطال كجمال عبد الناصر، وإنما البطل الحقيقي هم الشباب. وسيعيد ميدان التحرير عولمة العالم مرة أخرى بإعادة تشريقه (أي تأثير الشرق على العالم). وستحقق هذه الثورات استنارة ثقافية تنقذ أوروبا من انكفائها على ذاتها، وتنقذ أميركا من نموذج حركة حفلة الشاي اليمينية وتعيد لهذا النوع من الأفكار، التي عفا عليها الزمن إنسانيتها مرة أخرى. فهذه الثورات هي نهاية مصطلح أوروبا كفكرة وهوية، وستحرر الأوروبيين من ثنائية (أوروبا والآخرون)، ويتحرر المسلمون من كونهم مجرد آخرين، ويرى أن فكرة أوروبا كانت مجرد اختراع للعالم الثالث الذي يعيد اختراع نفسه الآن.

ويمكن اعتبار الكتاب محاولة فكرية، مقدمة للعقل العربي والغربي على السواء، لمواكبة الحدث العربي التاريخي من دون أن يغرق في تفاصيليه المتسارعة، رغم أنه اعتمد كثيرا على اقتباسات من وسائل الإعلام التي تغطي الثورات العربية، وحاول أن تكون اقتباساته انتقاء لما هو فكري عميق. وهو أيضا محاولة لرسم ملامح طريقة فلسفية للعقل التحليلي للربيع العربي ينطلق من مسلمات ورموز مختلفة كميدان التحرير الرمز، الذي يقترح أن يكون جزءا من نقاش أوسع يشمل إعادة تعريف مواقع القوى وانتقالها من الشكل الحكومي إلى أشكال أكثر إنسانية.

_____________________________

مؤلف الكتاب

حميد دباشي هو أستاذ الدراسات الإيرانية والأدب المقارن بجامعة كولومبيا بمدينة نيويورك الأميركية. ينحدر من أسرة إيرانية في إقليم الأحواز، حيث درس هناك وفي طهران قبل أن ينتقل للولايات المتحدة ويحصل على دكتوراه مزدوجة في علم اجتماع الثقافة والدراسات الإسلامية من جامعة بنسيلفينيا. وهو أحد مؤسسي معهد الاجتماع والأدب المقارن ومركز الدراسات الفلسطينية بجامعة كولومبيا. ألَّف 25 كتابا منها: “مابعد الاستشراق، المعرفة والقوة في زمن الإرهاب” و”لاهوت التحرير الإسلامي: مقاومة الامبراطورية” و”مخملبوف في كل مكان: صناعة مخرج الأفلام المتمرد.” ولديه أيضا اهتمام بالسينما والفنون وعمل ضمن لجان تحكيم مهرجانات سينمائية دولية.

عرض الكتاب: هاني بشـر – مراسل قناة الجزيرة في لندن

مركز الجزيرة للدراسات

تحميل كتب حميد دباشي

هل يستطيع غير الاوروبي التفكير/حميد دباشي

مابعد الاستشراق/ حميد دباشي

—————————

الإرث الفكري لمنظري حقبة ما بعد الاستعمار: قراءة في كتاب حميد دباشي “هل يستطيع غير الأوربي التفكير؟”/ أوس يعقوب

لم يكن يتوقع المفكر الأمريكي (الإيراني الأصل) حميد دباشي (أستاذ كرسي “هاكوب كيفوركيان” بقسم الدراسات الإيرانية والأدب المقارن في جامعة كولومبيا)، أن سؤاله “هل يستطيع غير الأوروبي التفكير؟”، الذي ألقاه على سبيل الدعابة “الفكرية” أن يثير كل ذلك الجدل في الأوساط الفلسفية الأوروبية والأمريكية.

سؤال جعل منه صاحبه عنوانًا لكتاب وسم بالسؤال ذاته، وضم بين دفتيه عددًا من المقالات حول ثورات الربيع العربي والحركة الخضراء في إيران، والسياسات الأمريكية تجاه إيران الرسمية، وكذلك حول ذكرى وفاة إدوارد سعيد، كان قد كتبها دباشي في فترات زمنية مختلفة تمتد من عام 2007- 2013، وضمنها مجموعة نادرة من التأملات التاريخية والنظرية حول العلاقات بين الشرق والغرب ودور الفلسفة في مناقشة القضايا الإنسانية اليوم.

الكتاب الصادر مؤخرًا عن “منشورات المتوسط” بميلانو، بترجمة أنجزها عماد الأحمد، بعد شهور قليلة لصدوره بالانجليزية، كان منطلقه ذلك السؤال المستفز، والذي نشر مطلع العام 2013 كعنوان مقال في موقع الجزيرة الإنجليزي، وأثار زوبعة من النقاش وصلت حد انتفاض واحد من أشهر فلاسفة أوروبا المعاصر وهو “سلافوي جيجك”، إلى الحد الذي دفع الأخير ليرد على فيلسوف أوروبي يدافع عن طرح دباشي قائلًا: “تبًا لك يا والتر ميغنولو”.

ينتقد دباشي في كتابه هذا المفكرين الأوروبيين وفي مقدمتهم “سلافوي جيجك” بأنهم لايزالون في الدوائر الضيقة الخاصة بهم وبعيدين عن التحولات التي طرأت في العالم العربي. مذكرًا بأن حالة الاستعمار أدت إلى وضع معين في انتاج المعرفة في جميع أنحاء العالم الاستعماري “من آسيا إلى أفريقيا إلى أمريكا اللاتينية والتي ندرسها اليوم ونسميها (مابعد الاستعمار). إلا أن دباشي يتخطى هذه الخلاصة للقول: “زعمت في كتبي عن الثورة العربية والحركة الخضراء في إيران كما اتضح من هذه الانتفاضات الثورية أن أشكال انتاج المعرفة في حقبة ما بعد الاستعمار قد استنفدت نفسها.

هذه المقدمة يضعها دباشي ليقول لـ”جيجك” والكثير من فلاسفة أوروبا الذين لايزالون يستشهدون بكتابات مفكرين مابعد الاستعمار مثل “فرانز فانون” بأن شروط انتاج المعرفة في تلك الحقبة تغير عن اليوم.

فضح النظام الكولونيالي الأوروبي للمعرفة ..

يصوغ الكتاب، الذي يقع في 359 صفحة من القطع المتوسط، منظورًا جديدًا في نظرية ما بعد الاستعمار، حيث يتساءل المؤلف: “ما الذي يحدث للمفكرين الذين يشتغلون خارج السلالة الفلسفية الأوروبية؟”. ومن خلال الخوض في هذه الجدلية الإشكالية، يناقش المفكر الأمريكي الإيراني اعتبارهم مهمّشين وموظّفين ومزيّفين.

ويرى دباشي في هذا الكتاب، الذي يبدو للقارئ من خلال مقدمته التي حررها المؤلف أنه تحت “وطأة الإلحاح الرهيب للحاضر، وكشكل من أشكال الشهادة على التاريخ، خاصة في ظل الآثار المجتمعة للحركة الخضراء في إيران والثورات العربية التي لم تتحمل بعد اليوم ملل هذه التشعبات التافهة مثل ((الإسلام والغرب))، و((الغرب وبقية العالم))، بمثابة استكمال لمقولات ومراجعات دباشي حول النقد والإرث الفكري لمنظري حقبة ما بعد الاستعمار الذي طرحه في كتابه “ما بعد الاستشراق: السلطة والمعرفة في زمن الإرهاب” الصادر كذلك نهاية العام الماضي عن “منشورات المتوسط”.

في هذا الكتاب رأى النقاد أن دباشي، “استفزازيًا مشاكسًا، ومتحديًا عنيدًا. يدرس الطريقة التي يستمر من خلالها النقاشُ الفكري في ترسيخ نظام كولونيالي للمعرفة، مستندًا إلى سنوات من الدراسة والنشاط، ليقدم في كتابه هذا مجموعة حصيفة من الاستكشافات الفلسفية التي تثير الحفيظة والفرح على حد سواء”.

ويتساءل دباشي عما يحدث حين يفكر المفكر خارج إطار الفلسفة الأوروبية، ويتطرّق إلى الطريقة التي نفكر بها لفهم العالم، وكيف أنها منبثقة دائمًا من مدارس فكرية أوروبية مختلفة، وتعتقد أن الوحيدين القادرين على تفسير الحقيقة هم فلاسفة أوروبا. كما لو أن على العالم أن يفسر نفسه، رغم كل الاحتمالات المعرفية الموجودة، وفقًا للرجل الأوروبي الذي يعيش في رؤوسنا فقط ويسأل الأسئلة.

ويرى دباشي، الذي زامل المفكر الفلسطيني الراحل إدوار سعيد (1935 – 2003) لسنوات طويلة في جامعة كولومبيا، والذي وضع أطروحة هامة بعنوان “مابعد الاستشراق” متممًا الجهود النيرة التي وصل إليها المفكر الفلسطيني بعد استيعاب المتغيرات التاريخية والسياسية التي حدثت في العقد الأخير، يرى أن الأمر لا يمكن تجاوزه إلا بالسماح للواقعيات المتعددة حول العالم أن تعلمنا خصوصياتها الفكرية، معتبرًا أن هناك أدوات قياس للحقيقة موجودة في الزوايا الأربعة من العالم، وأن على المفكرين إتاحة الفرصة لهذه الواقعيات لكي تكشف عن نفسها، فهي واقعيات منتجة ولديها آليات تفكير خاصة بها، لكنها ليست تحت الضوء ولا يلتف إليها أحد.

ويذكُر المؤلف أمثلة من كوكبة من فلاسفة ومفكرين من جنوب آسيا، ومن بينهم “آشي ناندي” و”بارثا شاترجي” و”غيتاري سبيفاك” وآخرين، ومن أفريقيا “هنري أوديرا أوركا” و”ول سوينكا” و”شينوا آشيبي” وآخرين.

وإن كان دباشي قد بدأ كتابه هذا بسؤال “هل يستطيع غير الأوروبي التفكير؟”، فإنه انتهى منه بسؤال آخر هو: “هل يستطيع الأوروبي القراءة؟”، بمعنى قراءة فكر الآخر.

الربيع العربي والحركة الخضراء في إيران ..

قراءة أخرى للربيع العربي وللثورات في منطقتنا، قدمها دباشي وهو يقوم بمرافعة فكرية عن حق غير الأوروبي في الوجود وفي التفكير. وكتابه هذا يعد جزءًا من سلسلة من الإصدارات التي واكب بها قضايا العالم الإسلامي والعالم النامي، وقد خَصص جزءًا كبيرًا من الكتاب الذي بين أيدينا وما سبقه من كتابات أنجزها في هذا السياق، لمواكبة الثورات العربية منذ انهيار نظام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في تونس وإلى غاية الانحسارت التي شهدتها هذه الثورات في سوريا وليبيا واليمن ومصر.

وتشكل الثورات العربية في نظر دباشي استمرارًا للحركة الخضراء في إيران ولمقاومة الاحتلال في فلسطين ولكل الحركات المعادية للاستعمار الخارجي وللاستبداد الداخلي التي شهدتها مناطق عدة في العالم الإسلامي، بل في العالم غير الغربي كله.

وبرأيه أنّ هذه الثورات تتوفر على نفس الأسباب الجذرية؛ “إننا أمام تشكل جديد من الوعي”، “بل إننا نشهد تحولًا معرفيًّا في ثقافتنا السياسية الواردة”، إننا نعيش مرحلة “ما بعد الأيديولوجيا” بتعبير المصري “هاني شكر الله”، و”ما بعد الاسلاموية” بعتبير “آصف بيات” و”ما بعد الاستعمار” بتعبير “حميد دباشي”.

غير أنّ المؤلف لا يخفي وجهة نظره هنا حول ما حدث في منطقتنا العربية قبل ست سنوات، إذ يرى أنّ ما شهدته بعض البلدان العربية إنما هو “مجرد انتفاضات وفوضى وليست ثورات”، لأن المعايير والتصورات التي توجد في أذهان المثقفين عن الثورات، والتي رسختها الثورة الفرنسية خصوصًا لم تتحق في حالة الربيع العربي.

وإن ما يشهده العالم الإسلامي تحول جذري في منظور دباشي، تحول يصطدم بمصالح الاستعماريين القدامى/الجدد. وبخصوص العالم العربي على الأقل قد يكون دباشي تنبؤيًّا، حيث كتب منذ سنة 2009 يقول: “الشباب العربي والمسلم حول العالم ليسوا، في مأمن، من مطالب الشباب الإيرانيين التي تكلفهم الكثير، الفاتحين صدورهم العارية، بشجاعة، في مواجهة رصاص وهروات الطغيان. إنه الجيل ما بعد الأيديولوجي”.

لكن دباشي أثار انتباهنا إلى مسألة أساسية أخرى؛ وهي أنه ليس المثقفون من يولّد الثورات، بل الثورات هي التي تولّد المثقفين. حيث يقول: “يولِّد الربيع العربي مفكريه مثل كل الانتقاءات الثورية الأخرى. لم يولّد ماركس الثورات عام 1848: بل الثورات هي من ولَّدته. وبالمثل، خلقت الثورة الأميركية توماس باين، وخلقت الثورة الروسية لينين، وهلم جرا”.

وكان دباشي قد قدم في كتابه الصادر العام 2014 عن دار نون للنشر الإماراتية، “الربيع العربي – نهاية حقبة ما بعد الاستعمار”، (ترجمة وتقديم: حارث حسن و أحمد الهاشم)، مرافعة فكرية عن روح الحركة الشعبية ووجدانها. ساعيًا في كتابه هذا إلى تجاوز الخصوصيات الظرفية لتك الأحداث، معالجًا إياها في الإطار الأوسع بوصفها صناعة جديدة للتاريخ، أهم ما فيها، هو أن المنتفضين أثبتوا أنهم قادرون على أن يتصرفوا كفاعلين تاريخيين مستقلين.

ثلاثية الانتفاضة وجغرافيا التحرر المعاصرة ..

الكتاب الذي صـدرت طبعته الأولى بالإنكليزية في العام 2012، يتنـاول فيـه دباشي موضوع “الاحتجاجات” أو “الانتفاضات” أو “الثورات” التي عمّت منطقتنا، منذ نهاية العام 2010، واصطُلح على تسميتها بالربيع العربي.

ويشير المترجمان في مقدمة الكتاب إلى أنه بعد عقود طويلة من الحديث عن “الاستثناء العربي”، وعن رسوخ “السلطوية العربيـة”، والتنظيـرات التـي انتقلـت مـن حقـول السياسـة وعلـم الاجتمـاع لترتكّـز علـى “ثقافة الاسـتبداد” الراسـخة في المنطقة، كان مظهر “المسـتبدين” وهم يفرون من بلادهـم خلسـة، أو يتنحـون بـلا كلمـة وداع، أو يعثـر عليهـم في المخابـئ ويتـم قتلهـم عـلـى أيـدي مـن كانـوا محكوميهـم، قـادرًا عـلـى هـزّ الكثيـر مـن القناعـات التـي صنعتها فكـرة “الاسـتثناء العربي”.

ولم يرَ دباشي في الربيـع العربي مجـرد صراع بـن حـكام سـيئين ومحكومـيـن غاضبين، بل شيئًا أكبر من ذلك، “إنـه صيـرورة تاريخيـة تتجه إلى تحرير شعوب المنطقة من سطوة القوى السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية التي قيدتها في أطر الهيمنة التي قامت عليها مرحلتا الاستعمار وما بعد الاستعمار”، بالنسـبة لـه، فـإن الربيـع العربي هـو “خـروج مـن حقبـة مـا بعـد الاسـتعمار التـي قامـت عـلـى ثنائيـة اسـتمرار الاسـتعمار بأشـكال أخـرى، وصعـود أيديولوجيـات مناوئـة للاسـتعمار لكنهـا في الحقيقـة تقـوم عـلـى إعـادة إنتاجـه، كـمـا هـو الحـال مـع الاشـتـراكية العـالم ثالثيـة، أو القوميـة العربيـة، أو الإسـلام السـياسي. لم تكـن تلـك الإيديولوجيات انعتاقية كما تدعي، بل جزء من المنظومة الثقافية والأيديولوجية العامة التي صنعتها فكرة (الغرب)، تلك الفكرة التي بمحض وجودها، تعبّر عن نظام للهيمنة أصبحت فيه الشعوب غير الغربية مجرد صورة لما يراه الغرب في نفسه تعبيرًا عن دونية ما هو غير غربي، بالتالي تفوق (الغربي)”.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن دباشي استهل كتابه “هل يستطيع غير الأوروبي التفكير؟”، بالإشارة إلى أنه يُعدّه ثالث كتبه الصادرة عن “دار زد بوكس” للنشر، والتي تشكّل ثلاثية، اسماها (ثلاثية الانتفاضة)، “تكريمًا لحركة التحرير الوطني الفلسطينية”. مشيرًا أن اقتراحه بتسمية كتبه الثلاثة، وهي: (“إيران والحركة الخضراء والولايات المتحدة الأمريكية: مفارقة قناة فوكس نيوز العجيبة” (2010)، و”الربيع العربي: نهاية حقبة مابعد الاستعمار” (2012)، والكتاب الذي بين يدينا؛ “هل يستطيع غير الأوروبي التفكير؟ (طبعة أولى 2016))، بـ(ثلاثية الانتفاضة) لأنها والكلام لـ”دباشي”، “تحمل – في جذور كل منها – المنطق الموسع للانتفاضة الفلسطينية، كمثال لجميع حركات التحرير العابرة للحدود؛ حيث تتّضح، وتُستثمر فيها الأطياف الكاملة لجغرافيا التحرر المعاصرة”.

ويؤكد “دباشي” في خاتمة كتابه هذا، أن هذه الكتب الثلاثة تُعدّ من بين الخطوات الأولية التي اتخذها “لتحقيق تغيير، في بنية وموقف، ومزاج تفكيرنا ضد تكوين تلك الإيديولوجيا الليبرالية الجديدة التي تحافظ – بشكل منهجي – على مصالح الإمبريالية الأمريكية وحلفائها في المنطقة، والمستفيدين حول العالم”. متابعًا: “لم أقم بذلك، من خلال معارضة السلطة وشكل التمثيل من الموقع الإمبريالي الذي يغني منه الكورس النيوليبرالي مثل هاريس، وهيتشنز، ورشدي أغانيهم التافهة، بل من الموقع الفعلي للأحداث التاريخية، في العالم التي أرعبتهم إلى درجة بيع هذا الهراء. ولذلك فإن ما كتبته – هنا، بالتالي – ليس مخالفًا لتلك الإيديولوجية السائدة، وحسب، بل يتوجّه عمدًا نحو عالم بديل، ومكبوت، ومخفي – الكونية الإمبراطورية العظمى – التي كانت تأسيسية، بالنسبة للعالم الإسلامي، على مدى الأربعة عشر قرنًا الماضية؛ لتتحوّل – اليوم – إلى أنقاض تحت أقدام القوة الجبارة الكاذبة للإمبريالية المعولمة، تلك الإمبريالية التي لم يعد لديها أيّ مركز اليوم”.

ويلفت المفكر الإيراني المعارض لنظام الملالي في طهران، إلى أنّ “التضاريس الكاملة للهيمنة والمقاومة تتغيّر – اليوم، في الحقيقة – من خلال ما أسمّيه في كتابي (الربيع العربي) باسم (جغرافيا التحرر)”. 

آراء حول الكتاب ..

كتب الباحث الفلسطيني المتخصص بالقانون والفكر الإسلامي في جامعة كولومبيا، “وائل حلاق”، عن الكتاب ما يلي: “يُعدُّ كتاب دباشي هذا نقدًا بانوراميًا، للأشكال السائدة للمعرفة، وتمردًا ضدها في الوقت ذاته، إنّهُ واضح ومنفتح على نحوٍ مميز، قراءة جديرة بالاهتمام”.

أما الكاتبة اللبنانية الدكتورة “اليزابيث سوزان كساب” فقد كتبت: “يفسّر دباشي ببلاغة الرحلة الفكرية لجيل كامل من مفكري مرحلة ما بعد الكولونيالية: يجبُ أن نستمع إلى نتائجه”.

فيما كتب الناقد الهندي “بانكاج ميشرا”، عن الكتاب: “لعقود طويلة، خلُص حميد دباشي من تواريخ اللاغربية إلى مُناقشة طرق التفكير التي تُعتبرُ غير شرعية من قِبل الأوصياء المحدودين، الأقوياء مع ذلك، على الحياة الفكرية في الغرب. في كتابه “هل يستطيع غير الأوروبي التفكير؟” ينتقل دباشي بجدليته الخفية المفعمة بالحيوية إلى مستوى آخر”.

كذلك قال المفكر الهندي والمدرس في الجامعة الأميركية في بيروت، “أفيجاي براشاد”: “يجمع كتاب حميد دباشي “هل يستطيع غير الأوروبي التفكير؟” استفزازاته المهمة بصدد قضايا تتدرج من ما بعد الكولونيالية إلى الديمقراطية، هذه المقاطع من أجل أن نتصارع معها، ونفكّر بها، ونناقشها ونجادلها، إن قراءة دباشي أشبه بجلسة قهوة طويلة بصحبة صديق ذكي جدًا”.

وقال مدير معهد الدراسات الافريقية في جامعة كولومبيا، “مامادو ضيوف”: “اعتمادًا على معرفته الداخلية الفريدة بالتقاليد الفكرية المختلفة، كتبَ دباشي، بفطنة وعاطفة وخفة دم، توليفة نقدية للفكر الغربي من وجهة نظر الأعراق المظلمة.

وأشار الفيلسوف السنغالي “سليمان بشير ديان”، مؤلف كتاب “تعليق الفيلسوف في الإسلام”، إلى أن: “هذه المقالات محددة المعالم، وبارعة واستفزازية وخبيثة، وفي عين الهدف”.

بدوره علق المدرس بجامعة “ليدز”، “سلمان سيد” مؤلف كتاب “إحياء الخلافة”، على الكتاب قائلً:ا “بمفارقة راقية، يعيدُ كتاب “هل يستطيع غير الأوروبي التفكير؟” توجيه قراءتنا للعالم، إنّه رد لاذع سريع وعاطفي على أولئك العاجزين عن رؤية ما هو أبعد من التأطير والتأصيل الأوروبي”.

المؤلف في سطور ..

ولد المفكر الأمريكي الجنسية حميد دباشي في إيران، وحصل على درجة الدكتوراه المزدوجة في علم اجتماع الثقافة والدراسات الإسلامية من “جامعة بنسلفانيا”، تلتها زمالة ما بعد الدكتوراه من “جامعة هارفارد”. وهو يحمل ثقافة عربية كونه ولد في إقليم الأحواز ما مكنه استيعاب الشرق ثقافيًا وحضاريًا لينتقل مبكرًا للدراسة في أمريكا ويتحول من خلال جهوده الفكرية إلى واحدٍ من ألمع المفكرين الشرقيين في أمريكا.

كتب وحرر العديد من الكتب، منها: “إيران والحركة الخضراء والولايات المتحدة الأمريكية”، و”الربيع العربي- نهاية حقبة ما بعد الإستعمار” (منشورات المتوسط)، و”ما بعد الأستشراق- المعرفة والسلطة في زمن الإرهاب” (منشورات المتوسط)، بالإضافة إلى العديد من الفصول، والمقالات، والمواد ومراجعات الكتب.

ويُعتبر دباشي ناقدًا ثقافيًا عالميًا، وقد تًرجمت أعماله إلى العديد من اللغات.

وهو يكتب عمودًا في صحيفة “الأهرام ويكلي” المصرية منذ أكثر من عقد من الزمن، ويعتبر معلقًا سياسيًا دائمًا في قناة “الجزيرة” وموقعها الإلكتروني، وقناة “سي إن إن”. وبالإضافة إلى عمله المتفاني في مهنة التدريس منذ ما يقارب ثلاثة عقود، فإنه يعمل أيضًا في إلقاء المحاضرات العامة وكتابة المقالات عن الشؤون الجارية، كما أنه ناشطٌ فعال في مجال مناهضة الحروب، وهو مؤسس مشروع الفيلم الفلسطيني “أحلام وطن” -Dreams of Nation .

ويعيش حميد دباشي في مدينة نيويورك مع زوجته الإيرانية –السويدية غولبارج باشي المصورة الفوتوغرافية والباحثة النسوية ولديه أربعة أطفال.

 ————————

حوار مع المفكّر والناقد الثقافي الإيراني حميد دباشي – متراس

حوار مع المؤرخ والفيلسوف الثقافي الأمريكي الإيراني حميد دباشي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى