حيادية الدولة تجاه العقائد الدينية للسوريين/ حمزة رستناوي، أحمد مولود الطيار

نشر في 6 آذار/مارس ,2025
المقدمة
هذه الدراسة محاولة لتحليل العلاقة المعقّدة بين الدِّين والدولة في سورية، وذلك في سياق التحولات السياسية والاجتماعية العميقة التي شهدتها البلاد حتى سقوط النظام الأسدي. تُظهر النتائج وجود تباينات جوهرية في مواقف القوى السياسية، وكذلك في آراء الكتّاب والباحثين ذوي التوجهات الفكرية والسياسية المتباينة. ويتضح عدم وجود توافق بين الأطراف المختلفة، حول ضرورة التزام الدولة بالحياد لتحقيق التوازن الاجتماعي، وضمان مبدأ المواطنة المتساوية. وفي هذا الإطار، يمكن أن تسهم الدراسة في وضع إطار فكري لصياغة دستور حديث يُلبّي تطلعات الشعب السوري بعيدًا عن الاستقطابين: الطائفي والسياسي، وأن تقدّم دراسة وصفية لمواقف القوى السياسية حتى قُبيل سقوط النظام السوري، في 8 كانون الثاني/ ديسمبر 2024، بما يسمح بإجراء دراسات لاحقة للمقارنة مع مرحلة ما بعد سقوط النظام السوري، ورصد تغيرات الخطاب السياسي.
إنّ طرح إشكالية الحياد ينطلق من موقف معرفي- إبستمولوجي، فالانحياز لا بدّ منه، سواء أكان بشكل مقصود أو غير مقصود، والمهمّ هو وعي الانحياز وتقديم المقاربة النقدية والدراسة عبر منهج موضوعي، يفسّر ويبرّر هذا الانحياز في حال كان انحيازًا واعيًا ومقصودًا.
في موضوع موقف الدولة من الأديان، يظهر الحياد كخيار من بين خيارات أخرى في مقاربة الموضوع. موقف حياد الدولة تجاه الأديان هو موقف لا يتطابق مثلًا مع موقف فصل السلطة السياسية عن السلطة الدينية. كذلك موقف حياد الدولة تجاه الأديان (عقائد دينية) هو جزء من أصل أشمل هو: حياد الدولة تجاه العقائد (الدينية واللادينية: سياسية- فلسفية.. إلخ)، فهل الدولة مثلًا حيادية تجاه العقائد الالحادية بنفس درجة حيادها تجاه العقائد الدينية.. إلخ! وهل حيادية الدولة تجاه العقائد الدينية معزولة عن حيادية الدولة تجاه العقائد السياسية القومية؟ قد يبدو هذا الطرح مبررًا عند تناول مواقف القوى السياسية القومية مثلًا!
عقب اندلاع الثورة السورية عام 2011، وتحديدًا عندما تعسكرت، بدا واضحًا انقسام الشعب السوري، وكذلك القوى السياسية الفاعلة، حول طبيعة العلاقة ما بين الدولة السورية المأمولة والدِّين، وقد شكل هذا الانقسام أرضية خصبة لشحن الصراع السياسي والطائفي في سورية، وتسهيل التدخل الخارجي، وصولًا إلى حالة الاحتلال المُتعدّد التي عايشها السوريون.
إن تحديد وتوصيف مواقف قوى سياسية رئيسة، ومنها السلطة السورية الأسدية، والمعارضات المختلفة حتى ذات التوجه الإسلامي، هو الخطوة الأولى على طريق تقديم مقاربة بحثية، وخلاصات تفيد الفاعلين الاجتماعيين والسياسيين في تقديم اقتراحات نظرية قانونية وسياسية عملية، تساعد السوريين في اختيار الشكل الأكثر كفاءة، والأكثر تعبيرًا عن التطلعات الحيوية للسوريين.
يشمل هذا البحث الفترة الزمنية ما قبل سقوط النظام السوري في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر 2024، مع التأكيد أنّ مواقف القوى السياسية المدروسة تبقى مفيدة وصالحة، لكونها تعكس في حدود معينة ثقافة ومصالح سياسية متجذرة في المجتمعات السورية، وهي ليست محدودة ضمن فترة ما قبل سقوط النظام. وبقاء البيانات والمواقف المتعلقة بالسلطة السورية الأسدية أمر ضروري، لكونها تقدّم الخلفية التحليلية المناسبة لتفهّم المواقف السياسية السابقة لسقوط السلطة وكذلك المواقف السياسية اللاحقة للسقوط.
إن ضبابية مواقف بعض القوى السياسية، أو تجنّب الإشارة إلى الدين وحضوره الطائفي في المجتمعات السورية، تُشكّل جزءًا من إشكالية البحث أيضًا، حيث يواجه المجتمع تحديات كبرى بسبب التنوّع الديني والطائفي. وعلى الرغم من أن سورية شهدت تغيرات سياسية عميقة منذ اندلاع الثورة عام 2011؛ فإن النقاش حول دور الدين في النظام السياسي والدستوري ظلّ محورًا للخلاف بين القوى السياسية والمجتمعية.
يهدف هذا البحث إلى تقديم تحليل شامل لهذه العلاقة، من خلال استعراض مواقف القوى السياسية السورية الرئيسة وتشخيصها، إضافة إلى عرض آراء كتاب وباحثين من مشارب فكرية متنوعة.
يمكنكم الاطلاع على النتائج والخلاصات من خلال الضغط على الرابط
يمكنكم الاطلاع على مصفوفة البحث من خلال الضغط على الرابط
تحميل الموضوع
مركز حرمون