التدخل الاسرائيلي السافر في سورية الجديدةسقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعسياسة

عن التدخل الاسرائيلي السافر في سورية الجديدة، ملف تناول “شهية إسرائيلية لتفتيت سوريا” – تحديث 19 أذار 2025

لمتابعة مكونات الملف اتبع الرابط التالي

التدخل الاسرائيلي السافر في سورية الجديدة

——————-

دعوات انفصال دروز سوريا… قلق أردني في السر والعلن/ طارق ديلواني

القرب الجغرافي يجعل أية تطورات أمنية أو سياسية ذات تأثير مباشر في المملكة

الأربعاء 19 مارس

تشكل دعوات انفصال دروز سوريا، بخاصة في محافظة السويداء، مصدر قلق للأردن لأسباب عدة أهمها الخشية من زعزعة استقرار حدوده الشمالية، وما قد يترتب مستقبلاً على خطر تفكك سوريا مما يزيد من تعقيد المشهد.

تبدي مستويات أردنية عليا قلقاً متزايداً إزاء التطورات المتسارعة في مدينة السويداء السورية، الواقعة على بعد 60 كيلومتراً فقط من حدود المملكة، وعلى مقربة من مدينة الأزرق التي تضم بدورها مكوناً درزياً.

يرجع هذا القلق إلى تصاعد دعوات الانفصال وما قد يرافقها من فوضى أمنية في المنطقة المحاذية للحدود الأردنية، التي لا تبعد سوى مسافة قصيرة أيضاً عن مدينة المفرق والحدود الشمالية للمملكة.

ويرى مراقبون أن هذه التطورات تمثل تهديداً مباشراً للأردن، الذي أكد التزامه وحدة الأراضي السورية ودعمه استقرارها، لا سيما بعد 14 عاماً من المعاناة جراء تداعيات الحرب، خصوصاً تهريب المخدرات والسلاح الذي جعل من الحدود الشمالية بؤرة توتر دائمة.

تغييرات جيوسياسية

لعل أي تصعيد في السويداء سيخلق تداعيات مباشرة على الأردن، سواء من الناحية الأمنية أو الاقتصادية، أو حتى السياسية، مما يدفع المملكة إلى مراقبة ما يجري بحذر والتنسيق مع القوى الدولية والإقليمية لمنع انفلات الأوضاع قرب حدوده.

ويطالب مراقبون بأن يستغل الأردن علاقاته الجيدة مع دروز سوريا، لحماية مصالحه مع التغييرات الجيوسياسية المتسارعة في المنطقة، فضلاً عن محاولات إعادة تشكيل النفوذ.

وتشكل دعوات انفصال دروز سوريا، بخاصة في محافظة السويداء، مصدر قلق للأردن لأسباب عدة أهمها الخشية من زعزعة استقرار حدوده الشمالية، وما قد يترتب مستقبلاً على خطر تفكك سوريا مما يزيد من تعقيد المشهد، ويستدعي تدخلات إقليمية ودولية، مثل إسرائيل وإيران أو حتى روسيا.

أما المخاوف الديموغرافية فتتمحور بالخشية من حدوث تفاعلات داخلية غير مرغوبة مع وجود أقلية درزية صغيرة في الأردن الذي يسعى إلى استقرار سوريا ووحدتها، لأنه خلاف ذلك يشكل تهديداً مباشراً لأمنه القومي.

وتضم السويداء ممرات تهريب تقليدية خصوصاً للمخدرات والأسلحة، مما يجعلها ذات أهمية أمنية كبرى للأردن.

قلق أم مخاوف

يؤكد المحلل العسكري والإستراتيجي نضال أبو زيد في حديثه إلى “اندبندنت عربية”، وجود قلق رسمي أردني مما يحدث في السويداء من دعوات للانفصال، لأن ما يهدد وحدة الأراضي السورية من شأنه الإضرار بالمملكة بخاصة مع وجود تشابك أمني اقتصادي، لكنه لم يرتق بعد إلى مخاوف حقيقية، ويضيف “نعم هناك قلق أردني بخاصة أن مدينة الأزرق ذات المكون الدرزي لا تبعد سوى نحو 60 كيلومتراً من مدينة السويداء”.

لكن ما يبدد هذه القلق أردنياً، وفق أبو زيد، هي تصريحات شيخ الدروز في المملكة عجاج مهنا عطا التي تشير إلى أن دروز الأردن منفصلون تماماً عن نظرائهم في السويداء، وليس لديهم النظرة ذاتها.

ويرى أبو زيد أن دروز سوريا أيضاً منقسمون إلى قسمين وليسوا كتلة واحدة، هناك قسم يتبع لشيخ العقل حكمت الهاجري وهو من مؤيدي النظام السوري السابق وهو لا يشكل سوى 25 في المئة من دروز السويداء لذا فإن طروحاته الانفصالية لا تشكل رأي الغالبية، بينما القسم الذي يتبع ليث البلعوس وهو الأكبر ويشكل 75 في المئة من دروز السويداء وهو معارض للنظام السابق وموقفه ليس واضحاً من الإدارة الجديدة في دمشق بعد، لكن لديه شروط للتعاون معها وقد يتوصل إلى اتفاق مشابه للاتفاق الذي وقعه الرئيس أحمد الشرع مع الأكراد (قسد).

تطويق الأردن

على رغم كل ذلك يقول المحلل العسكري والإستراتيجي نضال أبو زيد إن ثمة قلقاً رسمياً أردنياً من الحالة الدرزية في سوريا، خشية أن تمتد آثارها إلى المملكة، موضحاً أن عمان استشعرت مبكراً هذه الحالة والتقطت المخاوف ولا بد من أن يكون لديها خطط للتعامل معها إذا ما تطورت لاحقاً.

ويوضح أن الأردن قلق من دعوات الانفصال في السويداء من باب إتاحة الفرصة لإسرائيل التي تخطط لتطويق المملكة ووضعها بين فكي كماشة من الغرب والشمال، تنفيذاً لأهداف اقتصادية تدعى “ممر داوود”، وهو ممر يضر بالبلد العربي ويستهدفه.

ويعتقد أن إسرائيل دخلت على خط المسألة الدرزية في سوريا أيضاً بهدف السيطرة على غالب الموارد المائية في الجنوب المحاذية للحدود الأردنية.

ولا يستبعد أبو زيد أن يستغل الأردن علاقته الجيدة مع دروز سوريا، التي تعززت عام 2014 عندما طالب الدروز بفتح معبر جديد مع الأردن، تحديداً من منطقة دير الكهف. ويضيف “علاقات الأردن مع الدروز في سوريا إيجابية، وإن كانت لا تشمل جميع أطيافهم، إلا أن ذلك لا يمنع عمان من لعب دور يسهم في فرض الاستقرار في الدولة السورية الجديدة عبر التوصل إلى اتفاق مع جناح ليث البلعوسي”.

وهذا يعني أن الأردن قد يجد نفسه في أية لحظة جزءاً من الأزمة الدرزية، حفاظاً على مصالحه، تماماً كما فعلت تركيا حين تدخلت في الملف الكردي.

الأزرق مدينة إستراتيجية

تعد مدينة الأزرق الأردنية المجاورة للسويداء ذات أهمية إستراتيجية وبيئية، مع تركيبة ديموغرافية متنوعة، بما في ذلك مجتمع درزي صغير لكنه متجذر ومنسجم مع باقي المكونات كالبدو والشركس والشيشان.

تقع الأزرق في محافظة الزرقاء شرق المملكة، وهي من أهم المناطق البيئية والإستراتيجية في البلاد، إذ تشتهر بواحة الأزرق، كما تضم قاعدة جوية، مما يمنح المدينة أهمية أمنية وإستراتيجية كبيرة، ومع انطلاق الأزمة السورية افتتح في المدينة مخيم للاجئين.

ويعود وجود الدروز في الأردن إلى فترات تاريخية مختلفة، حين استقرت مجموعات صغيرة منهم في بعض المناطق، وتحافظ أقلية الدروز في المملكة على خصوصيتها الدينية والاجتماعية، لكنهم مرتبطون تاريخياً واجتماعياً بمحيطهم وغير منعزلين عن مجتمعهم.

نفوذ أردني

تقول مصادر إن الأردن الرسمي بدأ بالفعل اتصالات مع قيادات في السويداء لمصلحة تهدئة المناخ العام والاندماج في الدولة السورية الجديدة، استناداً إلى فرضية وجود نفوذ أردني في الوسط الدرزي ولدى مرجعيات في السويداء منذ الثورة السورية.

 ففي يناير (كانون الثاني) 2024، وجه أكبر فصيل عسكري في محافظة السويداء جنوب سوريا، وهو “حركة رجال الكرامة”، خطاباً للأردن دعا فيه المملكة إلى الانتظام بـ”جهود تنسيق” وتبادل معلومات من أجل مكافحة المخدرات في المنطقة الحدودية، بعد قصف جوي قامت به مقاتلات أردنية لجنوب السويداء بسبب عمليات التهريب.

وكان وجهاء عشائر الدروز في الأردن طالبوا عام 2015 عمان بتسليح دروز سوريا في السويداء لحماية أنفسهم، بخاصة من تنظيم” داعش”، لكن السلطات لم تعلق في حينه على هذه الدعوات.

كما كان للأردن تأثير كبير في فصائل الجنوب السوري من خلال ما عرف بغرفة “الموك”، التي أُسست عام 2013 لكنه تراجع بعد 2018 مع اتفاق التسوية الروسي – الأميركي، مع استمرار النفوذ الأمني والاستخباراتي غير المباشر لمراقبة الوضع ومنع التهديدات عبر الحدود.

 كان دور غرفة “الموك” التي جمعت في عضويتها دولاً غربية تمويل وتسليح الفصائل المسلحة في الجنوب السوري، بما في ذلك الجيش الحر والتحكم في العمليات العسكرية في الجنوب السوري، إضافة إلى التنسيق الأمني مع الأردن وضبط التهديدات الأمنية القادمة من تلك البقعة، بخاصة من قبل “داعش” و”جبهة النصرة”، وضمان عدم انتقال الفوضى إلى أراضيه.

—————————————–

إسرائيل تعزز الاضطراب في جنوب سوريا وتستغل الانقسامات في السويداء

وزارة الداخلية تنشر اعترافات متهم بالتخطيط «لإثارة الفتن»

دمشق: سعاد جرَوس

18 مارس 2025 م

تواصل إسرائيل توجيه ضرباتها داخل الأراضي السورية والتوغل فيها بالتزامن مع تفاعل الانقسامات في محافظة السويداء، ترتفع وتيرة الاضطراب في مناطق الجنوب السوري وتفتح الاحتمال نحو تصعيد خطير، في الوقت الذي يتطلع فيه السوريون إلى إنهاء حالة الحرب والاستقرار بعد سقوط نظام الأسد وإتمام الثورة عامها الرابع عشر. وذلك في حين كشفت وزارة الداخلية اعترافات لمتهم بالتخطيط لاستهداف الأقليات في سوريا بهدف إثارة الفتن.

دبابة إسرائيلية تقوم بدورية على طول السياج الأمني ​​قبل دخول المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا قرب قرية مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان التي احتلتها إسرائيل (إ.ب.أ)

دبابة إسرائيلية تقوم بدورية على طول السياج الأمني ​​قبل دخول المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا قرب قرية مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان التي احتلتها إسرائيل (إ.ب.أ)

وبدلاً من الاحتفال بالذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة في درعا الذي كان مقرراً الثلاثاء، خرج الأهالي الذين توافدوا من مختلف مناطق المحافظة في تشييع حاشد لضحايا الغارات الإسرائيلية. وتبرر إسرائيل ضرباتها بأنها تستهدف «مراكز قيادة ومواقع عسكرية تحوي أسلحة وآليات عائدة إلى النظام السوري السابق»، بحسب الجيش الإسرائيلي. الذي توغل فجر الثلاثاء، في الطرف الجنوبي لقرية معرية مقابل قرية كويا في منطقة حوض اليرموك بريف درعا الغربي، وقال موقع «درعا24» إن هذه التحركات التي تقوم بها القوات الإسرائيلية بين وقت وآخر تهدف إلى الاستطلاع.

الباحث في مركز الدراسات جسور، وائل علوان، قال إن إسرائيل «تتعمد استهداف البنية التحتية العسكرية وتدمير ما تبقى من قدرات الدولة السورية، لتمنع سيناريو الاستقرار وتبقي الانقسامات والفوضى بين مختلف المناطق». وإنها تستغل المشهد في سوريا «لتوسيع مدى نفوذها وتدخلها الأمني والعسكري»، لافتاً إلى أن حكومة نتنياهو لا تقوم بتحقيق هذا الهدف الإسرائيلي «بالأدوات العسكرية فقط، بل تسعى إلى استغلال الخلافات الداخلية لاستقطاب أطراف في السويداء وشمال شرقي سوريا، بحيث تمنع من خلالهم تعافي سوريا من التقسيم والفوضى التي جر نظام الأسد البلاد إليها».

اصطفافات السويداء

ولا يزال الانقسام والتباين في المواقف يتفاعلان في السويداء حول الموقف من الاتفاق مع الحكومة في دمشق، وتترجم على الأرض بحوادث عنف متفرقة. ونشبت، الثلاثاء، اشتباكات بين مجموعات من بلدة وقم، غرب السويداء ومجموعة من رعاة الأغنام من أبناء العشائر، وأدت الاشتباكات إلى إصابة شابين إصابات طفيفة، وفق ما أفاد موقع «السويداء 24». وسبق ذلك منع عناصر من مجلس السويداء العسكري المقرب من الزعيم الروحي حكمت الهجري، لإعلاميين محليين من تغطية الوقفة في ساحة الحراك المدني وسط المدينة.

وقالت مصادر محلية في السويداء لـ«الشرق الأوسط»، إن الأمر تم تداركه، لافتة إلى أن هناك مماحكات وتجاذبات دائمة على خلفية الاصطفافات الحاصلة داخل مجتمع السويداء، التي تعمقت بعد سقوط النظام، فهناك «الزعامات الروحية والزعامات العائلية العشائرية، والحراك المدني والفصائل المحلية المسلحة»، وكل مجموعة لها رؤيتها ومخاوفها الخاصة بها حول العلاقة مع الحكومة الانتقالية في دمشق.

وتقول المصادر إن الغالبية في السويداء تجتمع على رفض الكثير من بنود الإعلان الدستوري؛ لأنه لا يلبي طموحات الشعب السوري، إلا أن الفرقاء يختلفون في آليات التعبير عن هذا الرفض، فالحراك المدني يرى أن لا بديل عن الاتفاق مع دمشق وحصر السلاح بيد الدولة وحل الخلافات بالحوار، ويؤيد هذا التوجه الفصائل المحلية المسلحة التي وقَّعت اتفاقاً مع دمشق، تنضم بموجبه إلى القوات السورية وتبقى في السويداء، ومن أبرز الفصائل «حركة رجال الكرامة» و«أحرار جبل العرب».

في المقابل، تتفق الزعامات الروحية الثلاث على التريث في تسليم السلاح، وتنقسم حول الموقف من حكومة دمشق ذات الخلفية الدينية، فالزعيمان حمود الحناوي ويوسف جربوع، يريان أنه لا بد من الحوار معها للتوصل إلى اتفاق، في حين يرفض الزعيم الهجري قبل تقديم ضمانات تتعلق بالمشاركة والتعددية في الحكم.

ويؤيد الهجري المجلس العسكري في السويداء وفصيل «أسود الجبل». وبحسب المصادر، يصرّ الهجري على رفض أي معارضة في السويداء لموقفه من الحكومة بدمشق؛ لأن الأمر متعلق بـ«مصير الطائفة»، بحسب تعبير المصادر التي ترجح أن يكون موقف الهجري مرتبطاً بطموحه إلى استعادة الزعامة السياسية والروحية لعائلته على السويداء عموماً، والتي تعرضت أيام الانتداب الفرنسي للتراجع على خلفية الموقف من الحكومة الوطنية، في حين تصدّر سلطان باشا الأطرش الزعامة السياسية للسويداء.

إلا أنه رغم ذلك، تلفت المصادر إلى توافق الزعامات الروحية الثلاث على ضرورة تجنيب «أبناء السويداء أي صدام دموي»، والدفع باتجاه إقامة «نظام حكم مدني وتعددي، يضم جميع السوريين». وركزت المصادر على أن الخلاف بين الزعامات الثلاث هي الوسائل والأدوات التي يستخدمها كل منهم في تقوية مواقفه، فالهجري الذي برز مع بدء الحراك المدني داعماً له، ساهم بالتواصل معه من قٍبل أطراف دولية بتكريسه زعيماً للحراك، وهو يريد استثمار هذا العلاقات اليوم لتقوية مواقفه، بالإضافة إلى علاقته مع الزعيم الروحي للدروز في الأراضي المحتلة موفق طريف، وهو ما يرفضه الزعيمان الحناوي وجربوع والحراك المدني والفصائل الداعمة لهم.

وعبَّرت المصادر عن الأسف لمحاولة إسرائيل استغلال هذه الخلافات والعمل جاهدة على ضرب الاستقرار في السويداء، وهو ما ينذر باحتمالات خطيرة من شأنها تقويض الاستقرار في جنوب سوريا عموماً.

وعاشت محافظة درعا ليلة عصيبة جراء أكثر من ثلاثين غارة واستهدفت الفوج 175 والمساكن العسكرية واللواء 12، وجميعها في مدينة إزرع، بالإضافة إلى اللواء 15 في مدينة إنخل بريف درعا الشمالي، واللواء 132 في مدينة درعا، وأسفرت الغارات عن مقتل 3 أشخاص، بينهم أحد عناصر الجيش السوري الجديد. كما أسفرت الغارات عن إصابة 22 شخصاً، بينهم أطفال وسيدة. في حين قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي وهيئة البث الإسرائيلية: «إن الجيش الإسرائيلي هاجم مواقع عسكرية جنوب غربي دمشق، وإن الغارات استهدفت مواقع عسكرية في تل المانع بمحيط مدينة الكسوة بريف دمشق».

صورة وزعتها السلطات السورية الجديدة لعناصر يُزعم أنهم من تنظيم «داعش» اعتُقلوا بتهمة التخطيط لتنفيذ تفجير في السيدة زينب

صورة وزعتها السلطات السورية الجديدة لعناصر يُزعم أنهم من تنظيم «داعش» اعتُقلوا بتهمة التخطيط لتنفيذ تفجير في السيدة زينب

جاء ذلك في وقت كشفت فيه وزارة الداخلية السورية وجود جهات تسعى لإثارة «الفتن» في سوريا، وبثت، الثلاثاء، فيديو لما قالت إنه مع «أحد المتهمين بمحاولة استهداف مقام السيدة زينب، وإثارة الفتنة عبر استهداف الطوائف المختلفة في البلاد».

وتضمن مقطع الفيديو المقتضب اعتراف المتهم بأنه شارك في «البدء بالتخطيط لاستهداف مقام السيدة زينب»؛ بغاية «تأجيج الشارع العام والرأي الدولي وإثارة الفتنة». كما تحدث عن خطط لتنفيذ «عمليات استشهادية» عبر عدد من الانتحاريين، مؤكداً «التخطيط للعمل على استهداف «الأقليات من المسيحيين والشيعة والعلويين». وقالت وزارة الداخلية السورية إنها ستنشر الاعترافات الكاملة للمتهم قريباً.

وسبق لصحيفة «واشنطن بوست» أن أفادت بأن الولايات المتحدة شاركت بشكل مباشر معلومات استخباراتية مع الحكومة السورية؛ ما أسهم في إحباط مؤامرة لـ«داعش» لاستهداف ضريح ديني بضواحي دمشق في يناير (كانون الثاني) الماضي.

الشرق الأوسط»،

———————————

كيف نفهم الدروز؟ وكيف يؤثرون على مستقبل سوريا؟/ شادي إبراهيم، عبد الوهاب المرسي

الدروز بين مواقف الحياد ومخاطر الاصطفاف

18/3/2025

بعد أكثر من خمسة عقود من إغلاق الحدود بين سوريا والأراضي المحتلة في إسرائيل في أعقاب حرب عام 1973؛ دخل عشرات من رجال الدين من طائفة الدروز السوريين إسرائيل يوم الجمعة الماضي 14 مارس/آذار، لأول مرة، في زيارة لما يعتقدون أنه مقام النبي شعيب الذي يقع في بلدة جولس بالقرب من طبريا داخل الأراضي المحتلة، والذي يُعتبر أحد أهم المواقع الدينية المقدسة عند الدروز.

على متن ثلاث حافلات ترافقها مركبات عسكرية، عبر رجال الدين خط الهدنة في مجدل شمس في مرتفعات الجولان، وكانت الحافلات الثلاث قد انطلقت من داخل الجولان السوري المحتل إلى بلدة حضر السورية عند الحدود لنقل مشايخ الدروز، وسلكت طريقا عسكريا كان قد أقامه جيش الاحتلال بعد سقوط نظام الأسد.

جاءت الزيارة بناءً على دعوة من الزعيم الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل، موفق طريف، وبدا في تفاصيلها أنها جرت بتنسيق وحفاوة بالغة من قبل سلطات الاحتلال.

ومع أن الزيارة قد قوبلت بردود غاضبة من قبل أصوات درزية، داخل سوريا وخارجها، فإنها جاءت ضمن سياق محاولات إسرائيلية أوسع لاستقطاب الطائفة الدرزية والتعاون معها ضد سلطة دمشق الجديدة؛ مما يعطيها بعدا غاية في الأهمية.

وكان تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية قد قال مؤخرا، إن إسرائيل تسعى إلى إقناع دروز سوريا برفض الحكومة الجديدة في دمشق والمطالبة بحكم ذاتي ضمن نظام فدرالي، وإنها تخطط لإنفاق أكثر من مليار دولار لتحقيق هذه الغاية.

إذن؛ تبدو سوريا، شرقا وجنوبا وغربا، طافية على توترات ليس من السهل احتواؤها، حيث تواجه قدرها التاريخي الذي يجمع تناقضات المشرق العربي داخل حيز جغرافي ضيق لم تصنعه تفاعلات تاريخية واجتماعية طبيعية، فإلى أي وجهة سوف يحسم الدروز طريقهم في هذا المزيج المعقد؟

كيف بدأ الدروز؟.. رحلة عشرة قرون!

في منطقة جبلية صغيرة من بلاد الشام، تمتد جنوب غرب سوريا وجنوب لبنان وشمال إسرائيل، يعيش حوالي مليون ونصف مليون درزي، يُطلقون على أنفسهم اسم “الموحدون”.

هذه الطائفة الدينية والاجتماعية، التي لا يعرفها الغرباء، ولا يفهم معتقدها حتى أغلب أتباعها، تُشكل أقلية صغيرة وإن كانت ذات أهمية سياسية بالغة، حيث شاركت بفعالية وحضور في كافة محطات تأسيس المشرق العربي الحديث.

يتبع الدروز ديانة باطنية غامضة، لا يتحدث مشايخها ومعتنقوها في تفاصيلها الدقيقة، لكن أغلب المصادر السنية تؤرخ لها باعتبارها أحد امتدادات الطائفة الإسماعيلية التي حكمت مصر تحت اسم الدولة الفاطمية وبنت مدينة القاهرة عاصمة لها، وتعود نشأتهم إلى عهد الخليفة السادس للدولة الفاطمية الحاكم بأمر الله -الذي امتدت فترة حكمه من عام 996 إلى 1021م- على يد محمد بن إسماعيل الدرزي الذي هاجر إلى الشام، واشتهرت الطائفة باسمه، مع أن الكثيرين منهم يرفضون نسبتهم إليه وتسميتهم بالدروز!

كما أن ثمة مراجع أخرى تذكر أن المؤسس الفعلي للطائفة هو حمزة بن علي بن محمد الزوزني، الذي بدأ الدعوة التوحيدية منذ عصر الحاكم بأمر الله، وهو من أصول فارسية.

وتقوم دعوة التوحيد، على تفسير باطني مختلف للنص القرآني يستند إلى خليط فلسفي معقد، يمزج الفلسفة اليونانية والديانات الفارسية، والمسيحية.

هذا النتاج الفلسفي، تجسّد لاحقا فيما سيُعرف برسائل الحكمة، وهي عبارة عن عشرات من الرسائل التبشيرية السرية، كتبها الدعاة ونشروها بين القبائل العربية في مناطق نفوذ الدولة الفاطمية.

لم تستمر الدعوة إلى الديانة الجديدة سوى بضعة عقود ثم أغلقوا باب الدعوة في منتصف القرن الحادي عشر، خاصة بعد الهجوم العنيف الذي قاده ضدهم الخليفة الفاطمي أبو حسن علي الظاهر، ليقتصر أتباع المذهب على من بقي من معتنقيه الأوائل وأبنائهم ومن يولد منهم، وصار ممنوعا على من لم يولد درزيًّا الانضمام إلى الطائفة الدرزية.

في مطلع القرن الثامن عشر، اندلع اقتتال داخلي بين الدروز الذين كانوا يقطنون مناطق ضمن ما يعرف الآن بدولة لبنان، نزحت على إثره أعداد منهم لتستوطن جبل العرب شرقًا (الذي يعرف الآن بجبل الدروز)، في المنطقة التي ستصبح لاحقا محافظة السويداء في سوريا الحديثة.

طوال المرحلة العثمانية؛ شكّل الدروز في السويداء ما يشبه الحكم الذاتي في إطار اتفاق ضمني مقابل حمايتهم لدمشق من غزوات القبائل البدوية من الجنوب، ورفض الدروز بشكل صارم محاولات الدولة العثمانية في فتراتها الأخيرة إجبارهم على الالتحاق بالتجنيد، وخاصة في فترة سيطرة الأسرة العلوية على بلاد الشام تحت سلطة إبراهيم باشا بن محمد علي.

انحاز الدروز، بقيادة أحد أهم شخصياتهم التاريخية، وهو سلطان الأطرش، إلى الثورة العربية الكبرى التي قادها الهاشميون ضد الدولة العثمانية بقيادة الشريف حسين 1916 – 1918، ودعموا فكرة الانضمام للدولة العربية المزمع تأسيسها.

وأدت قوات الدروز دورا حاسما في الثورة، إذ تذكر المصادر أنهم دخلوا دمشق قبل وصول قوات الشريف حسين، وطردوا منها القوات العثمانية.

لم تنشأ الدولة العربية كما حلم بها قادة الثورة، وسرعان ما فرضت بريطانيا وفرنسا الانتداب في شرق المتوسط، وتقاسمتا المنطقة لاحقا وفق اتفاقية سايكس بيكو 1916، لتولد بذلك سوريا الحديثة بحدودها الحالية.

كانت السويداء ضمن حصة فرنسا، وحظي الدروز تحت الانتداب الفرنسي بدولة مستقلة باسم دولة جبل الدروز 1921-1936، وسميت أيضا عدة سنوات باسم دولة السويداء، ضمن عدة دول أخرى داخل جغرافيا سوريا الحالية من بينها دولة العلويين في الساحل السوري.

لكن الحقيقة التاريخية أن المشاعر القومية لدى الدروز دفعتهم إلى مقاومة الانتداب الفرنسي رغم منحهم دولة مستقلة، ودشن الدروز الثورة السورية على سلطات الانتداب الفرنسي عام 1925، وخاضوا سلسلة معارك انتهت بهزيمتهم عسكريًّا.

وفي عام 1936، وحّدت فرنسا سوريا على صورتها الحالية، ودمجت فيها دولة جبل الدروز، بموجب ما يعرف بمعاهدة الاستقلال. لكن الانتداب الفرنسي استمر في سوريا فعليًّا حتى أبريل/نيسان 1946.

في عام 1954، شنّ الزعيم السوري أديب الشيشكلي، الذي استولى على السلطة بانقلاب عام 1949، حملة دموية ضد الدروز متهما إياهم بتلقي أسلحة ودعم عسكري من الهاشميين في العراق والأردن.

لكن الدروز واجهوا قمع سلطة الشيشكلي بتمرد واسع، امتد إلى أنحاء أخرى في سوريا، واضطرت السلطة لإعلان حالة الطوارئ في خمس محافظات سورية هي دمشق، وحلب، والسويداء، وحمص، وحماة، واعتقال أعداد كبيرة من المعارضين السياسيين البارزين، وانتهت الأحداث بإعلان انقلاب عسكري على العقيد الشيشكلي دفعه إلى الاستقالة في 25 فبراير/شباط 1954، ليسهم الدروز بذلك مرة أخرى في تشكل المشهد السياسي السوري.

في عام 1966 أوصل انقلاب ناجح ثلاثة ضباط -اثنان منهم علويان والآخر درزي- إلى السلطة. وقبل نهاية العام، قام العلويان -قائد القوات الجوية البعثي اليميني حافظ الأسد، والجنرال البعثي اليساري صلاح جديد– بإقصاء الضابط الدرزي سليم الحاطوم في انقلاب آخر.

أصبح الأسد وزيرًا للدفاع، بينما استقال جديد من الجيش ليصبح عضوًا قويًّا في الحكومة السورية، وفي عام 1970 أطاح الأسد بجديد، وبعد عام ترشح للرئاسة السورية دون منافس، وحصل على 99.99٪ من الأصوات، وفقًا للنتائج الرسمية. حوّل الأسد سوريا إلى دولة يحكمها العلويون، حيث شكّلوا 90% من سلك الضباط في عهده.

لم يثق حافظ الأسد بالدروز؛ مما أدى إلى تقليص مساحة محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية من 11 ألف كيلومتر مربع إلى 6 آلاف كيلومتر مربع، وعزلها عن العالم الخارجي، ودخل الدروز بشكل عام في علاقة مع دولة الأسد مفادها حماية الطائفة مقابل الإذعان لسلطة الدولة.

وفي العام الأخير من حكم بشار الأسد، بدأ الدروز انتفاضة ضد تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وبعد تدشين فصائل إدلب معركة ردع العدوان، شاركت فصائل السويداء، وفقا لوكالة الأناضول، في تأسيس غرفات عمليات الجنوب التي ضمت فصائل درزية وأخرى من محافظات درعا والقنيطرة، واستطاعت طرد قوات الأسد من المحافظات الثلاث، ثم الانطلاق إلى دمشق حيث دخلتها فصائل غرفة عمليات الجنوب قبل أن تصل إليها الفصائل التي كان يقودها أحمد الشرع.

حيرة الدروز التاريخية

مع أن السؤال المطروح على الدروز حاليا بشأن العلاقة مع السلطة المركزية في سوريا يبدو سؤلا جديدا؛ فإن الحقيقة أن الدروز بوصفهم طائفة أقلية، لا يزال هذا أحد أسئلتهم المركزية منذ نشأة المشرق الحديث.

يعيش الدروز اليوم ضمن حدود ثلاث دول، سوريا ولبنان والأراضي المحتلة، إلى جانب أعداد قليلة في الأردن هاجرت إليه بعد نشوب الصراع بين الدروز في السويداء وسلطات الانتداب الفرنسي مطلع القرن العشرين.

ويقدر عددهم بمن فيهم أولئك الذين هاجروا إلى أوروبا أو أميركا أو غرب أفريقيا، بنحو مليون ونصف مليون شخص. منهم 700 ألف يعيشون في السويداء ويمثلون 90٪ من مجمل سكان المحافظة.

بعد صعود القومية العربية واستقرار وضع الدول الناشئة في بلاد المشرق، أصبحت ثمة ثلاثة تيارات كبرى ولدت داخل مجتمع الدروز يقودها ثلاثة زعماء تاريخيين، كان لكل منهم إجابة مختلفة عن سؤال العلاقة مع الدول التي يعيش فيها الدروز ومع المحيط العربي بشكل عام.

في لبنان خطت أسرة جنبلاط التي تتزعم الطائفة سياسيا منذ عقدين على الأقل خطا اندماجيا في الهوية القومية العربية الجامعة، وأسست لمدرسة خاصة حاولت دمج المقولات السياسية اليسارية في المعتقد الديني الدرزي، بما يحوّل الطائفة نفسها إلى حزب سياسي يساري تقدمي، لوضعها في سياق وطني أوسع من مفهوم الطائفة الدينية، وتبنت مفاهيم مناهضة للاستعمار والاحتلال الإسرائيلي.

أما في إسرائيل فقد سلكت الطائفة مسلكا آخر، حيث قادها زعيمها الروحي موفق طريف إلى صيغة إذعانية لدولة الاحتلال، باعتبارها السلطة الغالبة التي على الطائفة أن تتعامل معها صيانة لمصالحها، وقد قبلت الطائفة في وقت مبكر بالالتحاق بالخدمة العسكرية الإلزامية منذ عام 1957 وأظهرت الولاء الكامل لإسرائيل في كافة المناسبات.

ومع ذلك فإن ادعاء نجاح هذه الصيغة يتعرض لتحديات بعد إقرار قانون “القومية” في إسرائيل ووصفها بأنها دولة يهودية، بما يضع الدروز في موقع مهمش ويحرمهم من كثير من الامتيازات المدنية رغم تحملهم أعباء الخدمة العسكرية.

والجدير بالذكر أن الدروز في منطقة الجولان المحتل كانت لهم مواقف مختلفة حيث رفضوا التجنس بالجنسية الإسرائيلية، مدفوعين بشعور انتمائهم لسوريا؛ مما عرضهم لتهميش وحرمان بالغ لقراهم من خطط التنمية وعوائدها.

وفي سوريا نحا الزعيم الدرزي سلطان الأطرش منحًى أكثر انتماء للدولة ورفضا للتدخلات الخارجية منذ عشرينيات القرن الماضي، وطوال قرابة قرن كامل هو عمر الدولة السورية الحالية كانت غالبية مواقف الدروز السوريين مؤيدة للوحدة ولم تسُدْ فيهم نزعات انفصالية، ولكن في الوقت نفسه كان الدروز مدافعين شرسين عن أمن الطائفة وأفرادها.

خلال اليومين الماضيين، صرح يوسف جربوع أحد شيوخ طائفة الموحدين الدروز في سوريا، قائلا: “قادرون على حماية أنفسنا بأنفسنا، ولا يوجد ما يجعلنا نطلب الحماية من أي جهة”، قد يشعر البعض بأن هذه مجرد مبالغة في سياق خطابي، لكن استقراء التجربة التاريخية للدروز في سوريا يقول إنهم فعلا لم ينتظروا قوة خارجية يومًا ما لحمايتهم!

كيف هي السويداء اليوم؟

أظهرت تداعيات ما بعد سقوط الأسد انقسامات داخل مجتمع الدروز في السويداء بين مؤيدي الفدرالية والمطالبين بوحدة سوريا، وهو انقسام شمل المرجعيات الدينية والتيارات السياسية والفصائل المسلحة.

تُعد “حركة رجال الكرامة” الفصيل الأبرز في السويداء، وقد تأسست عام 2013 بقيادة الشيخ وحيد البلعوس، في إطار معارضة تجنيد الشبان الدروز ورفض مشاركتهم في الحرب السورية، ورفع مؤسس الحركة حينها شعار “دم السوري على السوري حرام”، إضافة إلى حماية الدروز من الاعتقالات، والضغط لأجل الإفراج عن المعتقلين.

ورغم اغتياله عام 2015، استمرت الحركة في دورها الرافض للهيمنة الأمنية لنظام الأسد، وقامت تحت قيادة الشيخ يحيى الحجار بعد 2017 بتعزيز نفوذها في المنطقة، متبنيةً خطابًا يركز على الدفاع عن الهوية الدرزية والاستقلالية المحلية.

ووفقا لدراسة أعدها مركز حرمون السوري؛ تزايد نفوذ الحركة فيما بين 2018 و2022، مع توسعها في عمليات التصدي لعصابات التهريب والمجموعات الأمنية التابعة للنظام السوري، كما رفضت الحركة التدخلات الإيرانية، ودخلت في مواجهات مباشرة مع المجموعات المدعومة من حزب الله، ورفضت أي شكل من أشكال الارتباط بالمشروع الإيراني في سوريا.

وقد شهدت الحركة عدة انشقاقات، حيث برزت “قوات شيخ الكرامة” بقيادة أبناء وحيد البلعوس، واتخذت موقفًا أكثر حدة اتجاه النظام السوري وروسيا. وظهر “تجمع أحرار جبل العرب” بقيادة الشيخ سليمان عبد الباقي، الذي أدى دورًا في تنظيم الحراك الشعبي وتنسيق الاحتجاجات ضد نظام الأسد عامي 2022 و2023.

وفي 2024، ومع اقتراب سقوط النظام، ظهرت تشكيلات عسكرية جديدة مثل “درع السويداء”، الذي ركز على منع أي فراغ أمني في الجبل، و”كتيبة الفجر” التي تبنّت عمليات أمنية ضد المجموعات المدعومة من إيران وحزب الله في المنطقة.

وحاليا تتراوح مواقف الفصائل في السويداء من الحكومة الجديدة بين ثلاثة توجهات رئيسية. الأول، هو الرفض القاطع لسلطة الحكومة والسعي إلى إعادة هيكلة الحكم في سوريا وفق نظام فدرالي يمنح السويداء استقلالًا إداريًّا واسعًا.

ويعد “المجلس العسكري في السويداء” أحد أبرز الفصائل التي تبنت هذا التوجه، وقد تأسس في يناير/كانون الثاني 2025 بقيادة طارق الشوفي، وهو ناشط سياسي معروف بمواقفه الداعمة للفدرالية، ومعه العميد سامر الشعراني، الذي كان سابقًا أحد ضباط الجيش السوري قبل انشقاقه في 2018.

ويرى “المجلس العسكري” أن النظام المركزي لم يعد قادرًا على تلبية تطلعات المحافظة، ولقي هذا التوجه دعمًا سريعًا من “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، التي أعلنت مساندتها للمجلس منذ لحظة تأسيسه.

أما الموقف الثاني، فقد تبنته الفصائل التي ترى ضرورة التعامل بحذر مع الحكومة الجديدة، مع وضع شروط تضمن عدم تكرار هيمنة دمشق على السويداء.

ومن بين هذه الفصائل “رجال الكرامة”، حيث تتبنى الحركة موقفًا يعتمد على الحفاظ على خصوصية المحافظة مع قبول التنسيق الأمني والعسكري مع دمشق، بشرط أن يكون تحت إدارة أبناء السويداء أنفسهم.

وينطبق الأمر ذاته على حركة “أحرار جبل العرب”، التي تأسست عام 2017 على أنها حركة مناهضة للتدخلات الخارجية، لكنها لا تتبنى موقفًا عدائيًّا صريحًا من النظام.

والثالث؛ هو القبول بسلطة دمشق بشرط أن لا يجري تسليم السلاح إلا بعد الاطمئنان لهيكلة وزارة الدفاع الجديدة، والدستور الجديد الذي يضمن مدنية الدولة وحقوق الأقليات، فضلا عن استبعاد العناصر الأجنبية من الوزارة، مثل موقف لواء الجبل.

وقد أفضت المفاوضات بين غرفة العمليات المشتركة في السويداء والحكومة إلى اتفاق يسمح بانضمام أبناء المحافظة إلى قوى الأمن الداخلي، على أن يكونوا من غير أصحاب السوابق الجنائية. وبناءً على ذلك، أرسلت وزارة الداخلية تسع سيارات شرطة إلى السويداء في السادس من مارس/آذار 2025، إلا أن “المجلس العسكري” حال دون دخولها.

وجاء ذلك بالتزامن مع مظاهرات دعا إليها “تيار سوريا الفدرالي”، رفعت شعارات تطالب بإسقاط النظام، وأعلنت دعمها للشيخ حكمت الهجري والشيخ موفق طريف، وهو ما زاد من تعقيد المشهد الأمني والسياسي في المدينة.

وإلى جانب الفصائل العسكرية؛ تباينت مواقف المرجعيات الدينية الثلاث الأبرز في السويداء (حكمت الهجري، حمود الحناوي، ويوسف الجربوع)، ليس فقط من سلطة الشرع، بل من سلطة الأسد قبل ذلك منذ عام 2022، حيث ظهر اختلاف واضح في درجة المواجهة أو التقارب مع السلطة.

كان الشيخ حكمت الهجري أكثر المرجعيات نشاطًا، من حيث التصريحات السياسية المواكبة للأحداث بعد سقوط الأسد، إذ اعتبر أن حل الفصائل وتسليم سلاحها مرتبط بإقرار الدستور وإنشاء الجيش، كما ألمح إلى أن البلاد تحتاج إلى التدخل الدولي لضمان أن تسفر العملية السياسية عن دولة مدنية.

حكمت الهجري فيسبوك – @تاريخ بني معروف الموحدون

حكمت الهجري، أحد زعماء الدروز في السويداء، ولد في فنزويلا عام 1965 (مواقع التواصل) (مواقع التواصل الإجتماعي)

في حين كانت مواقف كلّ من يوسف وحمود تتركز على رفض أي مشاريع انفصالية في المحافظة. وأبدى الشيخ حمود الحناوي معارضة كاملة لكل التشكيلات العسكرية والسياسية الداعية إلى الانفصال في السويداء.

ماذا عن إسرائيل؟

بالعودة إلى تقييم فرص إسرائيل في الوصول إلى تفاهم مع الدروز، فمن المرجح أن هذا قد لا يكون متاحا أمام إسرائيل في المدى القريب على الأقل.

السبت الماضي، صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس بأنهما أمرا الجيش بالاستعداد للدفاع عن مدينة جرمانا السورية، موطن عدد كبير من الدروز. وفي وقت آخر من نفس الأسبوع قالت الخارجية الإسرائيلية إنها سلمت 10 آلاف حزمة مساعدات إنسانية للدروز في مناطق الاشتباك في سوريا، تضم سلعا غذائية.

وفي سياق أوسع، يبدو أن إسرائيل قد أقرت مشروعا طويل المدى لنسج علاقات قوية مع المجتمع الدرزي في السويداء، ليمثل معها أداة لمنع سيطرة قوات الحكومة السورية الجديدة على مناطق الحدود مع إسرائيل.

لكن الواقع أن التباينات داخل مجتمع الدروز، فضلا عن التجربة الطويلة للممارسات الإسرائيلية العنصرية والدموية في المنطقة قد لا تحفز مجتمع الدروز للتعاون مع إسرائيل.

وعلى الجانب الآخر؛ فإن أمام سلطة دمشق اختبار تاريخي لجمع شتات البلد الذي لم يكن تاريخه الحديث مستقرا في أغلب أوقاته.

وبعيدا عن الترتيبات الإدارية والاتفاقات السياسية التي قد يكون عمرها قصيرا؛ فإن التحدي الأكبر هو مدى قدرة السوريين على بناء عقد اجتماعي وترسيخ هوية وطنية تجمع هذا المزيج المعقد الذي يمثل الدروز واحدا من تكويناته التاريخية، بما يمثل ضمانة للأمن المجتمعي وإغلاقاً لفرص التدخلات الخارجية.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

——————————-

حكمت الهجري: لن ننفذ إعلاناً لا يتوافق عليه كل السوريين/ ضياء الصحناوي

19 مارس 2025

أصدرت الرئاسة الروحية لطائفة الموحدين الدروز في سورية ممثلة بالشيخ حكمت الهجري بياناً، مساء اليوم الثلاثاء، عبر موقعها الرسمي، بينت فيه رؤيتها للوضع السياسي العام ورأيها بأداء الإدارة والحكومة الانتقالية. وأوضح الهجري أن الرئاسة الروحية حاولت منذ اليوم الأول لسقوط النظام البائد، الحفاظ على وحدة الوطن ومصير الشعب السوري، وقد مدت الأيادي للحكومة والإدارة الانتقالية أملأ في بناء دولة ديمقراطية تجمع كل مكونات الشعب السوري تحت سقف القانون العادل والمواطنة، ولكن بدأ يتضح للجميع أن الإدارة تستأثر بالقرار والسلطة والتعيينات ذات اللون الواحد بعيداً عن إرادة الجماهير وأحلامها في بناء وطن حر وديمقراطي.

ورأى الشيخ حكمت الهجري أن الإدارة تعمل بضبابيّة وغموض وتفرض سياسة الأمر الواقع وتحاول تغطية الأحداث عبر عناوين “ملثّمة” وتُصدر نفسها إلى العالم بصورة الوطن. وقال الهجري مخاطباً السوريين إن “الإدارة ورغم كل محاولات التواصل والوعود ما زالت تكرر مشهد إدارة اللون الواحد دون أي اعتبار أو احترام للشهادات والخبرات والأصول القانونية ولا للأعراف الدولية. وتتعامل أمام الشعب السوري والعالم بصفة المنتصر، وتفرض ما تريد على أبناء الوطن بأيادي الغرباء الملثمين، وتفرض قيادات من غير المختصين وتفصل الموظفين بشكل تعسفي”.

وانتقد الهجري مؤتمر الحوار الوطني الذي عُقد في ساعات وحمل توصيات جاهزة ومخيبة للآمال، وكذلك الإعلان الدستوري الصادر عن اللجنة ذات اللون الواحد، التي “سلّمت كل البلاد لشخص واحد بصلاحيات مطلقة تؤسّس لسلطة استبدادية جديدة”. كما دان الهجري الجرائم التي ارتكبت في حمص والساحل السوري معتبراً أنها أعادت ببشاعتها إلى أذهان السوريين جرائم تنظيم “داعش”، محملاً الحكومة مسؤولية هذه الانتهاكات، ومؤكداً إدانة القتلة وضرورة محاسبتهم وطرد الغرباء إلى خارج الوطن.

وأكد الهجري أن الايدي “ما زالت ممدودة للتعاون مع الإدارة على أن تبدأ بتصحيح المسارات بدءا بالإعلان الدستوري” الذي يرى فيه أنه يكرس الدكتاتورية، مطالبا بإعلان دستوري يأخذ بالخصوصية التاريخية والثقافية لكامل البلاد ويحترم حقوق الإنسان، ويضمن المشاركة الفعالة للمواطنين في صنع القرار بدولة ديمقراطية موحدة، تقوم على مبدأ فصل السلطات واستقلاليتها، وصلاحيات محلية إدارية أوسع للمحافظات السورية، وكذلك يحد من صلاحيات منصب الرئاسة، مؤكدا عدم تنفيذ أي بند من دستور أو إعلان دستوري، لا يتوافق مع إرادة الشعب وحقوقه.

وطالب حكمت الهجري بعدم إشراك الغرباء بالجيش الوطني وقطاعات الشرطة ومفاصل الدولة، ونبه إلى أن الشعب السوري واعٍ وصاحٍ ولا تنطلي عليه أي حيل من تجنيس وتغييرات ديموغرافية، ولا تغطية أي تصرف بدستور أو قانون أو قرار ملثم، مشيرا إلى أن ثورة عمرها خمس عشرة سنة، جديرة أن تمنح الشعب حُكمه نفسه بنفسه وخير بلاده وكرامته بأمان وسلمية.

وكانت السويداء قد شهدت خلال الأيام القليلة الماضية حراكاً سياسيا هادفا لتوحيد الموقف والكلمة، بين المكونات السياسية ورجال الدين والوجهاء تمثل في عدد كبير من اللقاءات والحوارات بين جموع السياسيين من جهة والوجهاء وشيوخ العقل الثلاثة من جهة أخرى. وخلص هذا الحراك إلى تقريب وجهات النظر بين أطراف الخلاف والذي تمثل بين مكونين أحدهما يدعو للاندماج الكامل مع حكومة الشرع والآخر يرفض الاندماج بانتظار تصحيح مسارات الحكومة كما يدعي. وبالمحصلة، نتج عن هذه اللقاءات رؤية موحدة لمستقبل السويداء كجزء لا يتجزأ من الوطن الأم سورية، ورفض قاطع لكل ادعاءات التقسيم، وكذلك السعي لمد الأيدي لحكومة الشرع ضمن مجال النقد والتصحيح.

————————-

التماسك السوري يُفشل مخطّطات إسرائيل/ أحمد سليمان العمري

18 مارس 2025

تشهد سورية تطوّرات سياسية وعسكرية مُتسارعة، حيث تسعى الحكومة الانتقالية بقيادة الرئيس أحمد الشرع إلى تعزيز الاستقرار وإعادة بناء الدولة.

تأتي هذه الجهود في ظلّ وجود عراقيل إقليمية ودولية، أبرزها المحاولات الإسرائيلية المستمرّة لإضعاف الدولة السورية ومنعها من استعادة سيادتها الكاملة، ولكن كلّما ازداد التماسك الوطني حول الحكومة السورية الجديدة، تراجعت قدرة إسرائيل على تنفيذ أجندتها، ممّا يدفعها إلى التصعيد العسكري والتدخّل بذرائع مختلفة.

التحديات الداخلية والخارجية

تواجه سورية الجديدة عقبات كبيرة في مرحلة إعادة البناء، أبرزها معالجة الانقسامات التي أثّرت على النسيج الاجتماعي، بهدف تحقيق مصالحة مجتمعية وتعزيز الهُويّة الوطنية، مع الحفاظ على وحدة الأراضي السورية. هذه الانقسامات لا تقتصر على الجوانب السياسية فحسب، بل تمتد إلى “الانقسامات الطائفية والمجتمعية” التي تسعى بعض القوى الخارجية إلى توظيفها لتحقيق أهدافها التقسيمية.

وللتعامل مع هذه المآزق، يتطلّب الأمر أولا ضمان الاستقرار الأمني في البلاد، وذلك للحيلولة دون أيّ محاولة لإشعال نزاع داخلي، كما يتوازى مع هذا الجهد، ضرورة تبني مسار سياسي يُساهم في بناء أسس قوية للعدالة الانتقالية والمصالحة. وفي هذا السياق، يشكّل التوتّر الأخير في الساحل السوري فرصة مهمة لمعالجة هذه القضايا.

التفاهمات بين الحكومة السورية ووجهاء السويداء

على مستوى الصعيد الداخلي، استطاعت الحكومة السورية تحقيق تفاهمات مهمّة مع وجهاء السويداء؛ المحافظة ذات الأغلبية الدرزية، ممّا قطع الطريق أمام المحاولات الإسرائيلية لاستغلال هذه الطائفة في مشاريع تقسيمية، فقد جاءت هذه التفاهمات بعد حوار جاد بين الطرفين، حيث تمّ الاتفاق على تعزيز الخدمات، تحسين الوضع الأمني، وإعادة دمج السويداء في مؤسّسات الدولة.

أحد أبرز نتائج هذه التفاهمات كان رفض أيّ تحرّكات مسلّحة خارج سلطة الدولة، وهو ما أضعف الخطاب الإسرائيلي الذي حاول تقديم نفسه كـ “حامٍ للأقليات” في سورية، فكلما ازدادت اللُّحمة بين المكوّنات الوطنية والحكومة، فقدت إسرائيل أوراقها التي تستغلّها للتدخّل في الشأن السوري.

إسرائيل ومحاولات ضرب الاستقرار السوري

مع تحقيق هذه التفاهمات، لم تخفِ إسرائيل غضبها من التقارب الداخلي السوري، حيث عبّر وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، عن ذلك بتصريح قال فيه: “كل صباح، عندما يفتح الجولاني (أحمد الشرع) عينيه في القصر الرئاسي بدمشق، سيرى الجيش الإسرائيلي يراقبه من مرتفعات جبل الشيخ”.

هذا التصريح يعكس قلق إسرائيل من استعادة سورية لقوّتها، خاصّة مع اقتراب حلّ الأزمة الداخلية وعودة دمشق إلى الحاضنة العربية. لطالما سعت إسرائيل إلى استغلال التوترات الداخلية لإضعاف الدولة السورية، إلا أنّ التماسك الداخلي المُتزايد أصبح يشكّل عائقًا أمام هذه الاستراتيجية.

إسرائيل ومحاولة تدمير القدرات العسكرية السورية

منذ سقوط بشار الأسد، كثّفت إسرائيل هجماتها العسكرية على المنشآت السورية، وذلك بهدف منع الحكومة الجديدة من استعادة سيطرتها على أدواتها العسكرية، فقد شنّت إسرائيل نحو 500 غارة جوية على مواقع عسكرية سورية، استهدفت قواعد جوية، أنظمة دفاع جوي، ومستودعات أسلحة، ممّا عرقل جهود الحكومة السورية في استعادة قوّتها الدفاعية.

إحدى أخطر هذه الهجمات كانت استهداف القاعدة الجوية في حمص، التي كانت تحتوي على أنظمة دفاع جوي متقدّمة، كما استهدفت إسرائيل عدّة مواقع عسكرية قرب دمشق، بدعوى “ضرب النفوذ الإيراني”، لكن الهدف الحقيقي كان إضعاف الجيش السوري ومنعه من استعادة كامل عافيته وسيادته.

إلى جانب ذلك، نفذّت إسرائيل اجتياحًا عسكريًا داخل الأراضي السورية بعمق 65 كيلومترا، في محاولة لفرض واقع جديد في المناطق العازلة، ومع ذلك، ما زالت تتحدّث عن “المنطقة العازلة” كذريعة لتدخّلاتها، رغم أنّ هذه المناطق تقع ضمن السيادة السورية الكاملة.

هذا التحرّك يعكس استراتيجية إسرائيلية مُمنهجة لتوسيع نفوذها العسكري ومنع سورية من استعادة سيطرتها على حدودها الجنوبية.

إسرائيل وتسييس الطوائف السورية

إلى جانب العمليات العسكرية، تسعى إسرائيل إلى ضرب سورية من الداخل من خلال تسييس الطوائف السورية وتحويلها إلى مليشيات مسلّحة تعمل ضدّ الحكومة. فبعد فشلها في السويداء، تفشل أيضا في شرق الفرات، فقد وقّع الرئيس السوري أحمد الشرع اتفاقًا مع قائد “قوات سوريا الديمقراطية”، تمّ بموجبه دمج هذه القوات في الجيش السوري، ممّا يعزّز الوحدة الوطنية ويقطع الطريق أمام المحاولات الإسرائيلية لاستغلال الانقسامات الداخلية.

وبهذا تفقد إسرائيل ورقة مهمّة كانت تستخدمها لزعزعة الاستقرار في المنطقة، كما أنّ هذا الاتفاق يعكس نجاحًا جديدًا لسياسة الحكومة السورية في تعزيز التماسك الوطني، وإفشال المخطّطات الخارجية التي تسعى إلى تقسيم البلاد.

العثرات والفرص أمام سورية

رغم النجاح في إحباط بعض المخطّطات الإسرائيلية، لا تزال سورية تواجه صعوبات كبيرة، أهمها: إعادة بناء الجيش والبنية العسكرية، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، في ظلّ العقوبات الغربية، واستكمال المصالحة الوطنية لضمان عودة جميع المناطق إلى سيطرة الدولة.

ورغم هذا وذاك إلّا أن هناك أيضا فرصًا كثيرة يمكن لسورية الاستفادة منها، أبرزها عودة العلاقات مع الدول العربية، التي قد تساهم في دعم عملية إعادة الإعمار وتجاوز أزماتها الاقتصادية.

خاتمة

ما تشهده سورية اليوم هو صراع شرس بين مشروع إعادة بناء الدولة وتعزيز الوحدة الوطنية، وبين محاولات إسرائيل والغرب لتفكيك البلاد ومنعها من استعادة سيادتها.

التفاهمات الوطنية تؤكّد أنّ البلاد تسير نحو مرحلة جديدة من الاستقرار رغم كلّ العقبات وبعض سلبيات الحكومة الانتقالية، وأمّا إسرائيل فستستمر في تصعيد هجماتها العسكرية ومحاولات لخلق صراعات داخلية، أمام تراجع متزايد في قدرتها على التأثير داخل سورية، فكلّما ازداد تماسك النسيج الوطني، ضعفت قدرة إسرائيل على فرض أجندتها، مما يؤكّد أنّ المستقبل سيكون لمن يمتلك الإرادة السياسية واللُّحمة الشعبية الوطنية لتحقيق السيادة والاستقلال الكامل.

العربي الجديد

——————-

تكرار الاعتداءات الإسرائيلية جنوبيّ سورية… غليان واستعداد لمقاومة شعبية/ ضياء الصحناوي و محمد أمين

19 مارس 2025

تفتح الاعتداءات الإسرائيلية والتدخل والاستفزاز الإسرائيلي الذي لم ينقطع في جنوب سورية، المشهد في هذه المنطقة على احتمالات عدة، ولا سيما أن دولة الاحتلال تبدو ماضيةً في سياسة معلنة لفرض واقع عسكري وميداني جديد بالقوة، يقوم على تحويل الجنوب السوري برمته إلى منطقة نفوذ لها، بهدف الحيلولة دون عودة الجيش السوري الوليد إلى مواقع كان ينتشر فيها جيش النظام السابق في المنطقة قبل سقوطه في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وأعلن الجيش الإسرائيلي، أمس الثلاثاء، أنه هاجم مدافع شكّلت تهديداً بحسب زعمه، في منطقة خان أرنبة بجنوب سورية، وأنه “لن يسمح بوجود تهديد عسكري في منطقة جنوب سورية وسيعمل ضده”. وجاء ذلك بعد يوم من غارات إسرائيلية استهدفت غربي مدينة درعا، وتوغل برّي في ريف درعا الغربي.

كذلك شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي، مساء أمس الثلاثاء، غارتين جويتين استهدفتا موقعين في ريف محافظة حمص الجنوبي وسط سورية.

الاعتداءات الإسرائيلية متواصلة

وبحسب “تجمّع أحرار حوران” الذي يرصد أوضاع الجنوب السوري، فإن مجموعة من جنود الاحتلال، تراجعت صباح أمس الثلاثاء عن منطقة كانت قد توغلت فيها لساعات عدة سيراً على الأقدام جنوبي بلدة معرية في منطقة حوض اليرموك في ريف درعا الغربي. وجاء التوغل بعد ساعات قليلة من شنّ الاحتلال غارات جوية مساء الاثنين، استهدفت المنطقة بين اللواء 132 وحيّ مساكن الضاحية غربي مدينة درعا. وقتل في هذه الغارات 3 أشخاص وأصيب 19 آخرون، بينهم أطفال ومتطوعون في الدفاع المدني السوري. كذلك شنّت الطائرات الإسرائيلية عشرات الغارات على مواقع عسكرية في محيط مدينة إزرع شمالي درعا، وفق التجمع، الذي أوضح أن القصف استهدف الفوج 175 بـ15 غارة جوية، والمساكن العسكرية بثلاث غارات، فضلاً عن غارتين على اللواء الـ12، وجميعها في إزرع. وزعم الجيش الإسرائيلي أنه استهدف “أهدافاً عسكرية” في جنوب سورية، “بينها مراكز قيادة ومواقع عسكرية تحوي أسلحة وآليات عائدة إلى نظام الأسد”.

ودأب جيش الاحتلال الإسرائيلي على التوغل في ريفي درعا والقنيطرة جنوبيّ سورية بعد احتلاله المنطقة العازلة بين سورية وهضبة الجولان المحتلة، منذ سقوط نظام الأسد. وتؤكد الاعتداءات المتكررة قلق إسرائيل من إسقاط نظام الأسد الذي حافظ على هدوء الجبهة معها على مدى 50 عاماً، عمر اتفاقية “فكّ الاشتباك” الدولية (1974) التي أطاحتها إسرائيل عقب سقوط هذا النظام.

في السياق، أوضح الناشط الإعلامي يوسف المصلح، في حديث مع “العربي الجديد”، أن القوة الإسرائيلية التي توغلت صباح أمس جنوبيّ بلدة معرية “جرفت سواتر وفجّرت دشماً، ثم انسحبت إلى ثكنة الجزيرة الواقعة بالقرب من معرية في منطقة حوض اليرموك”. وبيّن المصلح أن الجيش الإسرائيلي كان قد احتل هذه الثكنة القريبة من الحدود في اليوم الثاني لسقوط نظام الأسد، واتخذ منها مركزاً له بعدما فتح إليها طرقات وأمدّها بالتيار الكهربائي. وأوضح أن الجيش الإسرائيلي نفّذ العديد من التوغلات في ريف درعا منذ سقوط نظام الأسد، أعمقها ذاك الذي وصل إلى منطقة تل المال في ريف درعا الشمالي.

إلى ذلك، أكد المواطن عمر الحريري، الذي يقيم بالقرب من المواقع التي استهدفها الطيران الإسرائيلي، أن تل أبيب تعمدت استهداف المدنيين، معرباً عن اعتقاده في حديث مع “العربي الجديد”، أن القصف بمثابة “رسالة” للإدارة في دمشق، كي لا تعزز مواقعها العسكرية في المنطقة.

وأكد الناشط الإعلامي سامر العلي، في حديث مع “العربي الجديد”، وجود مخاوف لدى سكّان محافظة درعا من أن تكون الهجمات والتوغلات “مقدمة لعملية برية أكبر”، مضيفاً أن “هناك تحليقاً مكثفاً للطائرات المسيّرة الإسرائيلية في سماء المنطقة الجنوبية من سورية”.

غليان في الجنوب السوري

وتنبع أهمية محافظة درعا من كونها تقع على حدود هضبة الجولان المحتل، ما يعني أنها في قلب الجنوب السوري الذي تعبث به تل أبيب منذ 8 ديسمبر الماضي. وتفتح الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة المشهد في جنوب سورية على كل الاحتمالات، بما فيها ظهور مقاومة شعبية، وهو ما أكده مصدر في فصائل الجنوب السوري العسكرية في حديث مع “العربي الجديد”. وأكد المصدر أن أي اعتداء مبالغ فيه سيؤدي إلى مقاومة شعبية شرسة بغضّ النظر عن الإمكانات العسكرية. وتابع: “في ريف درعا الغربي، هناك تجمع سكاني كبير يتجاوز الـ600 ألف نسمة، اعتمادهم على الزراعة، ومن ثم فإن الاقتراب الإسرائيلي من مصدر رزقهم سيفجر غضباً كبيراً”. ولفت إلى “وجود احتقان شعبي تجاه تل أبيب، ولا سيما في ظلّ المجازر التي ترتكبها في غزة”. وتابع: “عندما تستدعي المواجهة مع إسرائيل سنواجهها بالإمكانات العسكرية التي نملكها. السلاح متوافر بكثرة في درعا، وسنتلقى مساعدة من كل السوريين. أعتقد لو وصلت إسرائيل إلى مدن وبلدات مثل طفس، فستبدأ المواجهة”.

وتأتي التحركات الإسرائيلية في ريفي درعا والقنيطرة في سياق خطة تل أبيب المعلنة بعدم السماح للجيش السوري الجديد الذي يجري تشكيله بالعودة إلى المواقع التي كان يوجد فيها جيش النظام السابق. ويبدو أن إسرائيل بصدد تشكيل واقع عسكري جديد في جنوب سورية يقوم على تحويله كلّه إلى منطقة أمنية عازلة خالية من السلاح تحت ذرائع أمنية. ولهذه الغاية، عمد جيش الاحتلال إلى تدمير أغلب الترسانة العسكرية السورية بعد سقوط نظام الأسد، قبل أن تحتل قواته المنطقة العازلة وأعلى قمة في جبل الشيخ، فضلاً عن مواقع أخرى، مستغلاً عدم قدرة سورية على الدفاع عن أراضيها في الوقت الراهن، فالصدام مع تل أبيب لا يعد أولوية لدى الإدارة الجديدة في دمشق التي تضع فرض الاستقرار وتحسين الاقتصاد هدفاً رئيسياً لها في المدى المنظور.

وتعليقاً على الاعتداءات الإسرائيلية على درعا، رأى الباحث العسكري ضياء قدور، في حديث مع “العربي الجديد”، أن إسرائيل “تهدف إلى القضاء على كل القدرات العسكرية السورية، وخصوصاً في الجنوب، والحيلولة دون تمركز الجيش السوري الجديد جنوب دمشق”، مضيفاً أن دولة الاحتلال “تعتبر ذلك تهديداً استراتيجياً لها”. وأعرب قدور عن اعتقاده بأن “ما تقوم به إسرائيل مغامرة عسكرية خرقاء لا مبررات أمنية لها”، مضيفاً أنه “باستثناء جبل الشيخ لا يمكن لإسرائيل الاستمرار في السيطرة على المواقع التي احتلتها أخبراً، وهي تريد أن تثبت توحّشها وامتلاكها فائض قوة”.

وفي السياق، رأى المحلل العسكري العميد فايز الأسمر، في حديث مع “العربي الجديد”، أن التحرك الإسرائيلي الذي أعقب سقوط الأسد هدفه “تحييد الدولة السورية وإبقاؤها بلا أنياب، أي دولة فاشلة لعقود”، معرباً عن اعتقاده بأن الاعتداءات الإسرائيلية تهدف أيضاً إلى الضغط على الحكومة السورية الجديدة “من أجل خلق واقع جديد بتعديل اتفاقية 1974 لزيادة عمق المنطقة العازلة وتحديد نوعية الأسلحة والقوات المسموح بوجودها بالقرب من هذه المنطقة”.

وتتزامن الاعتداءات الإسرائيلية في جنوب سورية مع محاولات تل أبيب لطرح نفسها “حامية” للأقليات في سورية، وخصوصاً الدروز، لتكريس حضورها ونفوذها في هذا الجنوب الذي يتشكل من ثلاث محافظات: القنيطرة غرباً، ودرعا في الوسط، والسويداء شرقاً.

وعن هدف تل أبيب من العبث في جنوب سورية، رأى الباحث السياسي حازم نهار، المتحدر من الجولان المحتل، في حديث مع “العربي الجديد”، أن إسرائيل “تدرك جيداً طبيعة الوضع في سورية وطبيعة المرحلة الانتقالية التي تمرّ فيها البلاد بعد سقوط الأسد”. وتابع أن “سورية اليوم بلد مهشَّم عسكرياً ومدمَّر اقتصادياً، وليس هناك بالنسبة إليها (إسرائيل) ما هو أفضل من هذه المرحلة لتفرض قواعد اشتباك جديدة، ولا سيما بعد إنجازاتها العسكرية خلال عام 2024 بتهديم غزة في فلسطين، وتقزيم حزب الله في لبنان، وحصر النفوذ الإيراني في المنطقة”. وبرأيه، فإن إسرائيل “تريد سلاماً من دون إعادة الجولان إلى سورية، وتطمح من العمل العسكري الذي تقوم به إلى أن يصبح أعظم أحلامنا هو العودة إلى اتفاقية فصل القوات في عام 1974”. وأشار إلى أن الاعتداءات المتكررة تؤكد أن إسرائيل “لا تطمئن لطبيعة السلطة القائمة في دمشق بحكم أيديولوجيتها المعادية لإسرائيل، كما لا يغيب عنها أيضاً التراث السوري عموماً الرافض لإسرائيل، ولذلك يدخل عملها في سياق العمل الاستباقي لأي مخاطر يمكن أن تأتيها من جهة الحدود السورية”.

ورأى نهار أن إسرائيل تطمح إلى أن تؤدي تدخلاتها العسكرية إلى خلخلة النسيج السوري بما قد يؤدي إلى حالة مستمرة من عدم الاستقرار في سورية أو إلى تقسيم سورية بما يلغي أي خطر سوري عليها مستقبلاً، ويسمح لها بالدخول في تحالفات سياسية وعسكرية مع قوى سورية متبلورة أو قابلة للتبلور. ولم يستبعد نهار أهدافاً كامنة خلف الاعتداءات الإسرائيلية “والمتمثلة بقطع الطريق على عودة إيران إلى سورية، أو تمكن تركيا من تقوية نفوذها في سورية بطريقة قد تشكل خطراً في مراحل لاحقة”.

العربي الجديد

————————-

المتحدث باسم رجال الكرامة باسم أبو فخر: إسرائيل لا يهمها الدروز/ مصطفى محمد

الأربعاء 2025/03/19

حذر المتحدث باسم حركة “رجال الكرامة” باسم أبو فخر، من حدوث فتنة داخلية في السويداء، جراء وجود جهات لم يسمها، تريد استمرار حالة “الفوضى”.

وفي مقابلة مع “المدن”، طالب أبو فخر الحكومة السورية بالتعاون مع محافظة السويداء، للوصول إلى تفاهمات “تصب في صالح الوطن”، وقال معلقاً على الاتفاق بين الدولة السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد): “نخشى أن يكون الاتفاق مخرجاً للحكومة السورية من مأزق الساحل”.صقر أبو فخر

عن زيارة وفد من مشايخ الدروز إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، قال أبو فخر: “هي زيارة دينية بحتة، لكن اعترضنا على التوقيت”.

بموازاة ذلك، نبّه المتحدث باسم حركة “رجال الكرامة”، إلى “خطورة” التحريض على دروز سوريا. وقال: “نخشى من أن نصل إلى نتيجة مفادها أن الشعب السوري لم يعد قادراً على التعايش بين المكونات”.

وفي ما يلي نص المقابلة:

-المشهد في السويداء يكشف عن انقسام داخلي بخصوص التعامل مع الحكومة السورية، بين تيار منفتح على دمشق وآخر معارض، أين تقف “حركة رجال الكرامة”؟ وهل تخشون على المحافظة من تطور الانقسام إلى مواجهة؟

بكل شفافية ونحن نحتاجها (الشفافية) الآن في السويداء وفي كل سوريا، نعم نعاني من انقسام في ظاهر الأمر لكن التوجهات والمخاوف واحدة ، فجميعنا يسعى لإقامة دولة ديمقراطية جامعة، يكون فيها الجميع متساوون وفق الدستور لا أكثرية ولا أقلية.

في المقابل فإن سياسة الحكومة الحالية عليها كثير من المآخذ كقطع الرواتب و فصل الموظفين إلى الاعلان الدستوري الذي جاء مخيبا للآمال إلى الأنباء الواردة من الساحل، وما رافقها من عجز السلطة عن كبح جماح الغوغاء التي دخلت باسم الجيش وارتكبت المجازر، ولذلك هناك فئة أعلنت رفضها القاطع للحكومة الحالية.

نحن في حركة رجال الكرامة سبق وأن توصلنا إلى تفاهمات مع الحكومة منذ أكثر من شهر، تنص على تشكيل جهاز أمن عام  من العناصر الثورية من أبناء السويداء، ومن المنشقين عن النظام السابق، كما اتفقنا على تشكيل لواء يتبع لوزارة الدفاع أيضاً من الفصائل الثورية والمنشقين وأبناء السويداء ممن يرغب الانضمام لوزارة الدفاع، وهذا حل وسطي يمكن أن يكون حلاً في المرحلة الانتقالية، ولاقى هذا الاتفاق معارضة من جهات لا تريد النظام، لأن الوضع المنفلت هو خير بيئة لها وتقوم بعمليات استفزازية، ولكننا في الحركة نلتزم بضبط النفس حرصاً على وحدة الصف، ومنعاً لحدوث فتنة داخلية.

-تصدرت السويداء واجهة المشهد السوري بعد الاتفاق بين دمشق و”قسد”، وكانت الترجيحات تصب في عقد اتفاق آخر مع السويداء، لكن للآن التفاهات لم تكتمل، لماذا؟

ما يبدو لنا أن الحكومة أرادت أن تخرج من مأزق الساحل بالترويج لاتفاقات مع قسد والدروز، وروجت عدة قنوات إخبارية لاتفاق جرى مع وجهاء السويداء، وفي الحقيقة فإن الاتفاق قديم ونعمل على تنفيذه، أما بخصوص الصيغة التي روجوا لها فهي غير صحيحة بالشكل الذي تبنته وسائل الاعلام، ونحن نتمنى عقد هذا التفاهم لكن هناك طرف لا يريد أن يتم ذلك.

-هل يمكن القول إن أعمال العنف في الساحل، قد أخرت تفاهم السويداء مع دمشق؟

ما جرى في الساحل أثار مخاوف كبيرة عند أهل السويداء، لا سيما أن ما حدث كان نابعاً من فكر، اكثر من كونه أعمال انتقام، وهذه المخاوف جعلت قسما كبيراً يتبنى وجه النظر الرافضة لحكومة دمشق، ولكن هناك أسباب أخرى تؤخر هذا التفاهم.

– الشبخ حكمت الهجري وصف الإعلان الدستوري بأنه “غير منطقي”، هل تشاطرونه التقييم، ولماذا؟

طبعا هو غير منطقي، وأنا غير مختص بالشأن القانوني والدستوري، لكن لدينا مستشارين في هذا المجال، وأخبرونا أن فحواه إقامة نظام استبدادي كالنظام الساقط، وهذا ما نرفضه.

مع ذلك، فإن الحالة الوطنية تفرض الحوار الجاد لإنقاذ البلاد من مخاطر محتملة، وهذا الرأي نشاطر به أطرافاً عديدة في السويداء، وهذه الأطراف هي جزء أساسي من قرار المحافظة التي لا تتمثل في شخص واحد بل تعمل بمبدأ المشورة.

– زيارة وفد المشايخ الدرزي من السويداء إلى دولة الاحتلال أثارت جدلاً واسعاً في سوريا، وأيضاً اتهامات لبعض التيارات في السويداء بالتعاون مع الاحتلال، خصوصاً أنه سبق الزيارة تصريحات من الاحتلال بخصوص دروز سوريا، ما هدف الزيارة؟ وهل الانتقادات للوفد محقة؟

الزيارة أولا ليست لمشايخ السويداء بل لدروز قرى جبل الشيخ التي تتبع لمحافظتي ريف دمشق والقنيطرة، وهي زيارة سنوية كانت تقام قبل عدوان 1967 والنظام كان يمنعها وقد وجد الأهل فرصة لمعاودة الزيارة الدينية البحتة.

ومع اعتراضنا وكذلك اعتراض جهات عديدة في الطائفة على التوقيت والظروف التي رافقت الزيارة، بتنا نعتقد أن هناك جهات تحاول شيطنة الطائفة وذلك يترافق بكم هائل من التحريض والطعن على مواقع التواصل الاجتماعي بغية تحميل الطائفة مسؤولية تطورات قد تحدث مستقبلا.

– تحليلات متداولة تشير إلى أن دولة الاحتلال تستخدم ورقة الدروز في المفاوضات مع القيادة السورية، ما مدى دقة ذلك؟

نحن على يقين كامل بذلك، فدولة الكيان تسعى لحماية حدودها ولا يهمها الدروز لكنها تجعلهم وسيلة لا أكثر، وما أكد ذلك تواصلنا مع الأهل في الداخل (إسرائيل) الذين أكدوا لنا ذلك مع دعمهم لموقفنا المتشبث بالانتماء الوطني والقومي.

– في الإطار ذاته، حذّر الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان وليد جنبلاط من الاختراق الفكري الصهيوني لأبناء الطائفة الدرزية، واستخدام بعضهم “إسفيناً” لتقسيم سوريا تحت شعار “تحالف الأقليات”، هل تحذيرات جنبلاط محقة، أم لا؟ وهل تخشون على سوريا من التقسيم؟

السيد وليد جنبلاط صاحب نظرة استراتيجية واعية وصحيحة و نقدر له نصيحته تجاهنا، و نحن نتوافق مسبقاً مع هذا التوجه.

بخصوص التقسيم والذي لا نتمناه أبداً، شاهدنا كيف كان وضع العلويين في الساحل، ونخشى من تبعات التحريض الطائفي على الدروز.

حقيقة تخشى اليوم من أن يكون الشعب السوري قد أصبح غير قادر على التعايش السلمي، و هذا ما نرفض أن نصل إليه، فخلاصنا في التشاركية الوطنية وصياغة دستور دائم يحقق الوحدة الوطنية وآمال الجميع وهذا يقع على عاتق السلطة وتتحمل المسؤولية الكبرى في الوصول إليه.

-إلى أين يتجه المشهد في السويداء؟ وهل سنشاهد اتفاقا قريباً مع الدولة السورية؟

هناك حالة وطنية راسخة عند أهل السويداء، و نحن في حركة رجال الكرامة نعمل على تقريب وجهات النظر لكن ينبغي على الحكومة التعاون معنا للوصول إلى تفاهمات نهائية تصب في مصلحة الجميع.

المدن

——————————–

فوضى وتحريض.. هل تعمّق سياسات إسرائيل الانقسامات في سوريا؟

18 مارس 2025

رحّبت إسرائيل بسقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر الماضي، حيث اعتبرته ضربة قوية للمحور الإيراني، إذ أنهى دور سوريا كحلقة وصل بين إيران و”حزب الله” في لبنان. ومع ذلك، أثار الحدث مخاوف إسرائيلية من احتمال انهيار سوريا بالكامل، مما يمنح إيران فرصة جديدة لتعزيز نفوذها، أو نشوء محور إسلامي سُنّي مدعوم من تركيا ليحل محل النفوذ الإيراني، بحسب تقرير لـ”مجموعة الأزمات الدولية”.

وبحسب مجموعة الأزمات، لمواجهة هذه التطورات، شنت إسرائيل 500 غارة جوية خلال يومين بعد سقوط الأسد، مستهدفة مخازن الأسلحة السورية، بما في ذلك الأسلحة الكيميائية. كما أرسلت قواتها إلى داخل سوريا، وأقامت تسعة مواقع عسكرية في المنطقة العازلة التي تم تحديدها عام 1974، حيث أقامت حواجز، ونفذت دوريات ومداهمات، وأطلقت النار على المتظاهرين السوريين.

كذلك، عززت إسرائيل وجودها في جبل الشيخ داخل سوريا، مما منحها موقعًا استراتيجيًا على دمشق وسهل البقاع اللبناني، وأشار المسؤولون الإسرائيليون إلى أن بقاء الجيش الإسرائيلي في الأراضي السورية التي احتلها مؤخرًا غير محدد المدة. وإضافة إلى التوسع العسكري، أعلنت إسرائيل نيتها إقامة منطقة منزوعة السلاح أوسع في جنوب سوريا، وسعت لكسب ولاء أبناء الطائفة الدرزية عبر تقديم وعود بحمايتهم والسماح لهم بالعمل في الجولان المحتل.

كما مارست ضغوطًا على إدارة ترامب لاستغلال العقوبات الأميركية المفروضة على نظام الأسد السابق كورقة ضغط على الحكومة السورية المؤقتة، مطالبةً بربط رفع العقوبات بشروط صارمة، بما في ذلك تلك المفروضة على “هيئة تحرير الشام”، وفقًا لمجموعة الأزمات الدولية.

ومع ذلك، فإن استمرار إسرائيل في هذا النهج العسكري المتشدد دون مزيج من الدبلوماسية قد يدفع سوريا نحو الفوضى، مما يفتح الباب أمام إيران أو الجماعات الجهادية لاستغلال الوضع، أو يدفع الحكومة الجديدة في دمشق للتقارب أكثر مع تركيا.

سياسات إسرائيل تثير الانقسامات في سوريا

شهدت مدينة جرمانا في دمشق اشتباكات عنيفة أواخر شباط/فبراير الماضي بين قوات الأمن التابعة للحكومة الانتقالية وفصائل درزية مسلحة، مما أدى إلى مقتل عنصر أمن ومدني. وقد سارعت إسرائيل إلى إعلان دعمها للدروز، محذرةً من أنهم في خطر تحت حكم “نظام إسلامي متطرف”، لكن زعماء دروز رفضوا أي تدخل إسرائيلي. وبعد يوم واحد، تمكنت دمشق من التوصل إلى اتفاق مع الفصائل المسلحة، مما أدى إلى تهدئة التوترات بسرعة.

وتقول مجموعة الأزمات إن هذه الحوادث تتكرر مع محاولة سوريا التعافي بعد أكثر من عقد من الحرب، لكن إسرائيل تخاطر بتأجيج الفوضى من خلال محاولات التقرب من الأقليات مثل الدروز والأكراد، مما قد يزيد من عزلتهم داخل مجتمع سوري رافض لأي تدخل إسرائيلي. ومع تصعيدها ضد دمشق، يُنظر إلى سياسات إسرائيل على أنها تهدف إلى إبقاء سوريا ضعيفة ومقسمة، حيث يدعو وزير خارجيتها، جدعون ساعر، إلى فدرلة سوريا على غرار استراتيجيتها السابقة في لبنان، مما يعكس محاولاتها لتقسيم خصومها على أسس طائفية وعرقية.

يصف المسؤولون الإسرائيليون إنشاء منطقة عازلة داخل سوريا بأنه إجراء وقائي لتعزيز أمنها، خاصة بعد عملية “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. وتوسعت رؤية إسرائيل للأمن إلى ما هو أبعد من مرتفعات الجولان المحتلة، حيث أصبحت أكثر استعدادًا للضربات الاستباقية ضد أي تهديد محتمل.

وتشمل الأهداف الإسرائيلية، بحسب مجموعة الأزمات، منع تهديد سوريا لإسرائيل أو الأردن، حماية الأقليات، التعاون في التخلص من الأسلحة الكيميائية المتبقية، ووقف تسليح “حزب الله” عبر إيران. من خلال احتلال مناطق أو فرض منطقة منزوعة السلاح في جنوب سوريا، تسعى إسرائيل إلى فرض شروطها بالقوة.

شكوك إسرائيلية حول الحكومة السورية الجديدة

تشعر إسرائيل بقلق عميق تجاه القيادة السورية الجديدة، حيث لا تثق في أن “هيئة تحرير الشام” تخلّت عن ماضيها الجهادي. وترى أن نهج الرئيس المؤقت أحمد الشرع البراغماتي ينبع فقط من حاجته الماسة للوقود والقمح ورفع العقوبات. وبحسب مجموعة الأزمات، رغم أن الهيئة قطعت علاقاتها بالقاعدة، إلا أن المسؤولين الإسرائيليين يعتقدون أن الحكومة الجديدة لن تكون قادرة أو ربما غير راغبة في السيطرة على العناصر الجهادية المتبقية.

وأشار المسؤولون الإسرائيليون إلى العنف الذي اندلع في الساحل السوري في أوائل آذار/مارس الجاري، حيث ارتكبت قوات موالية للحكومة فظائع ضد المدنيين العلويين بعد هجوم شنته مجموعات مسلمحة موالية للأسد، بحسب مجموعة الأزمات.

وتضيف مجموعة الأزمات في تقريرها، يبدو أن إسرائيل قلقة من كل السيناريوهات المحتملة في سوريا، مما يثير ارتباكًا في استراتيجيتها. فمن ناحية، تسعى لإضعاف الحكومة السورية الجديدة خوفًا من أن تصبح معادية في المستقبل، لكنها في الوقت نفسه تخشى عجزها عن القضاء على الجهاديين والجماعات الموالية لإيران. كما أن إسرائيل قلقة من دور تركيا المتنامي في دمشق، حيث يعتقد بعض مسؤوليها أن أنقرة دعمت “هيئة تحرير الشام” في السيطرة على دمشق، رغم أن تركيا لطالما اعتبرت الهيئة منظمة إرهابية، وفضلت دعم فصائل معارضة أخرى. وتعززت هذه الشكوك عندما زار مسؤولون أتراك كبار دمشق بعد سقوط الأسد، مما زاد المخاوف الإسرائيلية من النفوذ التركي.

تراقب إسرائيل أيضًا التطورات في شمال شرق سوريا، حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية “قسد” على المنطقة بدعم من الولايات المتحدة. في المقابل، تعتبر تركيا هذه القوات عدوًا لها، وساعدت فصائل معارضة مدعومة منها في استعادة أراضٍ كانت تحت سيطرة “قسد”. وتخشى إسرائيل أن يقوم الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسحب القوات الأميركية من المنطقة، مما قد يتيح لأنقرة توسيع نفوذها أكثر.

وازدادت هذه المخاوف بعد الاتفاق بين الحكومة السورية و”قسد” في 10 آذار/مارس الجاري، حيث تعهدت القوات الكردية بدمج هياكلها المدنية والعسكرية في الدولة المركزية السورية. في المقابل، يبدو أن إسرائيل، من خلال تدخلها العسكري ومحاولاتها لعزل سوريا اقتصاديًا، تدفع دمشق أكثر نحو الاعتماد على أنقرة، مما يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت سياساتها تخدم مصالحها بالفعل.

إسرائيل تخاطر بدفع سوريا نحو تحالف أعمق مع تركيا

بحسب مجموعة الأزمات، بعد فقدان معظم قدراتها العسكرية، لا تمتلك سوريا حاليًا أي وسيلة لتهديد إسرائيل، حتى لو أرادت ذلك، وهو أمر تنفيه القيادة الجديدة بشدة. إذ تتركز جهود السوريين على إعادة الإعمار وإعادة بناء العلاقة بين الدولة والمجتمع.

وقد أكد الشرع التزام سوريا باتفاق فك الاشتباك لعام 1974، داعيًا المجتمع الدولي إلى إلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها لهذا الاتفاق، ووقف غاراتها الجوية وسحب قواتها من الأراضي السورية التي احتلتها بعد سقوط الأسد.

وتدرك القيادة السورية الجديدة أن مواجهة إسرائيل لا تحقق أي مكاسب، إذ تضع استقرار البلاد وإنعاش الاقتصاد على رأس أولوياتها، وتسعى إلى بناء علاقات إيجابية مع أطراف إقليمية ودولية متعددة. لكن استمرار إسرائيل في تقويض حكم الشرع قد يطيل أمد الفوضى في سوريا. كما أن محاولاتها كسب الأقليات مثل الدروز والأكراد قد تؤدي إلى تأجيج التوترات الداخلية. ورغم تفضيل إسرائيل لسوريا ضعيفة ومنقسمة، إلا أن ذلك قد يخلق فراغًا أمنيًا تستغله إيران لإعادة بناء نفوذها، وتسليح جماعات موالية لها.

وفي المقابل، تواصل إسرائيل الضغط على إدارة ترامب للإبقاء على العقوبات وتصنيف الجماعات المرتبطة بسوريا كإرهابية، لمنع دمشق من الحصول على دعم اقتصادي دون شروط صارمة. لكن سوريا تواجه أزمة اقتصادية خانقة، مع نقص حاد في الغذاء والطاقة والمأوى، مما يزيد نقمة السكان على الحكومة الانتقالية.

إذا لم تغيّر إسرائيل نهجها تجاه سوريا ما بعد الأسد، فقد تدفع الحكومة الجديدة إلى تعزيز تحالفها مع تركيا كوسيلة لمواجهة الضغوط والتوسع الإسرائيلي. ومن المؤشرات على ذلك اتفاق 10 آذار/مارس بين الحكومة السورية و”قسد”، الذي عزز التنسيق بين الطرفين، بدلًا من دفع الكرد بعيدًا عن دمشق.

ويخلص تقرير مجموعة الأزمات في نهايته إلى أنه بدلًا من النظر إلى سوريا كتهديد، يمكن لإسرائيل اعتبار الواقع الجديد فرصة استراتيجية، حيث لم يعد لإيران نفوذ في دمشق، التي باتت تسعى للتقارب مع الغرب ودول الجوار. لكن الإبقاء على العقوبات الأميركية المشددة قد يفتح الباب أمام عودة النفوذ الإيراني.

كما يمكن لإسرائيل التعاون مع واشنطن وأوروبا لضمان تفكيك أي قدرات كيماوية متبقية، والتنسيق مع الولايات المتحدة والأردن لمعالجة المخاوف الأمنية في الجنوب السوري، عبر الاستفادة من الوجود الأميركي في قاعدة التنف. من خلال الدبلوماسية والتنسيق الأمني، يمكن لإسرائيل حماية مصالحها دون دفع سوريا نحو الفوضى أو إعادة تمكين إيران.

الترا سوريا

——————————-

الباحث الفرنسي سيدريك لابروس لـ”القدس العربي”: الشرع يقتدي ببن سلمان ولا يتحمل مسؤولية أحداث الساحل

17 – مارس – 2025

حسن سلمان

أكد سيدريك لابروس، الباحث الفرنسي المتخصص بالجماعات المسلحة في سوريا، أنه لا يمكن تحميل الحكومة السورية الحالية المسؤولية عن المجازر التي وقعت في المناطق الساحلية، معتبرا أن الجماعات التي ارتكبتها ترفض الامتثال للخطوط التي رسمتها السلطات الجديدة لإعادة الأمن والاستقرار للبلاد.

وقال لابروس، في حوار خاص مع “القدس العربي”: “يرغب البعض بتحميل السلطات الجديدة في دمشق، المنبثقة من هيئة تحرير الشام، المسؤولية عن الفظائع التي حدثت في الساحل السوري، لكنهم يتجاهلون حقيقة أن الحكومة الجديدة لا تسيطر على العديد من الجماعات الجهادية، وبعض حلفائها السابقين، وحتى بعض قادة الميليشيات الذين وعدوا بالانضمام إلى الجيش الجديد، لكنهم لم يفعلوا ذلك حتى الآن”.

وأضاف: “ومن الأمثلة على ذلك أبو عمشة (محمد الجاسم)، وهو قائد ميليشيا سابق خدم تركيا لعدة سنوات، ارتكبت قواته فظائع في الساحل. وهذا الرجل يرفض الامتثال للخطوط التي رسمتها السلطات الجديدة. حتى إن انتهاكاته مستمرة في بعض الأرياف التي تغيب عنها قوات الأمن السورية”.

وتابع بالقول: “يمكن تلخيص ما حدث في الساحل بأنه: فظائع مروعة ارتكبتها جماعات ترفض الانصياع للحكومة الجديدة أو قادة مستقلون للغاية (عنها). والدليل على ذلك أنه منذ وصول القوات الموالية حقًا لأحمد الشرع (الأمن العام)، هدأ الوضع”.

وفيما يتعلق بمسودة “الإعلان الدستوري” وموقف الأكراد منها، قال لابروس: “يستند هذا الإعلان الدستوري بشكل كبير إلى دستور عام 1950 (دستور الاستقلال). وقد كُتب لاستيعاب الحلفاء الإسلاميين للرئيس أحمد الشرع، مع تعزيز دور الشريعة الإسلامية داخل الدولة. وفي الوقت نفسه، يُعزز حقوق المرأة وحرية التعبير”.

وأضاف: “يعود رفض الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا لهذا النص بشكل أساسي إلى عاملين: عدم وجود اعتراف صريح بالأكراد في النص، وعدم كون شكل الدولة علمانيًا. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الأكراد لم يرفضوا خارطة الطريق التي وُقعت قبل أيام قليلة (بين الشرع ومظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديموقراطية)، وأعلنوا عن نيتهم ​​المشاركة في صياغة الدستور القادم”.

وحول الاتفاق الأخير بين الشرع وعبدي، قال لابروس: “للتوضيح: هو ليس اتفاقًا في الحقيقة، بل أقرب إلى خارطة طريق. وقد ساهمت الولايات المتحدة بشكل كبير في التوصل إليها. وهي نتاج أشهر من مفاوضات حظيت بدعم الولايات المتحدة، كما ذكرت”.

وأضاف: “إدارة ترامب ترغب بالخروج من الأزمة السورية ولديهم شعور بالرضى أنهم حققوا حدا أدنى من الاستقرار. ولذلك ضغطوا على حليفتهم، قوات سوريا الديمقراطية، للتحرك نحو دمشق. أما بالنسبة لدمشق، فالأمر يتعلق بمسألة أخرى: رفع العقوبات الدولية. ولتحقيق ذلك، يجب عليهم تقديم ضمانات بالانفتاح على عملية الانتقال السياسي”.

وقبل أيام، كشفت مصادر عن توقيع اتفاق بين دمشق وبعض وجهات السويداء، يقضي بإلحاق الأجهزة الأمنية في السويداء بوزارة الداخلية السورية، وأن يكون عناصر الشرطة المحلية من أبناء المحافظة الواقعة جنوب البلاد. إلا أن الشيخ حكمت الهجري، أحد أبرز زعماء طائفة الموحدين الدروز، نفى هذا الأمر، ووجه انتقادات لاذعة لحكومة دمشق، التي وصفها بـ”المتطرفة والمطلوبة للعدالة الدولية”.

وعلق لابروس على ذلك بقوله: “الشيخ حكمت الهجري ليس سوى واحد من ثلاثة زعماء دينيين للطائفة الدرزية في سوريا. لكن لديه نفوذ قوي وصوتٌ مسموع. ويُعد رفضه للاتفاقية التي تم توقيعها دليلاً على رغبته في الحصول على المزيد من المكاسب من دمشق”.

واستدرك بالقول: “لكن الدروز لا يتفاوضون على قلب رجل واحد لأنهم ليسوا متحدين. فبينما يُصعّد الشيخ حكمت الهجري من حدة التوتر، وقّع فصيل درزي (رجال الكرامة) اتفاقية مع دمشق لدمج رجاله في وزارة الداخلية، وهذا يؤكد ما قلته سابقا”.

وحول الخطوات المطلوبة من الحكومة الجديدة لاستعادة ثقة السوريين، وتجنب تقسيم البلاد على أسس طائفية، قال لابروس “لبناء ثقة حقيقية وطويلة الأمد، سيتعين على أحمد الشرع مواصلة ما بدأه منذ منتصف كانون الأول/ ديسمبر 2024، أي الانفتاح السياسي. وقد فعل ذلك بالفعل”.

وأضاف: “هذا لا يجعله ليبراليًا، بل ظل محافظًا دينيًا متشددًا. لكنه في هذا يستلهم سياسة محمد بن سلمان في السعودية. لقد عيّن بالفعل أشخاصًا من حوله في اللجان الدستورية والقضائية، ممن كانوا -تاريخيًا- معادين له. وسيتعين عليه مواصلة ذلك. لقد أعلن عن تعديل وزاري قريبًا، وسنرى تشكيلته”.

وتابع لابروس: “علينا أن نأمل في انفتاح. سنتمكن حينها من مراقبة تشكيل أول مجلس شعب منذ سقوط النظام. على أي حال، هو (الشرع) ملزم بالتصرف بهذه الطريقة إذا أراد رفع العقوبات. لكن هذا يضعه أمام تحدٍّ كبير: خيبة أمل جنوده، الذين لا يرون إقامة دولة إسلامية كما كانوا يأملون. وربما تأتي أقوى معارضة من معسكره السابق ومن حلفائه السابقين”.

القدس العربي

————————–

====================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى