دوافع وكواليس الاتفاق بين "قسد" وأحمد الشرعسقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعسياسة

واقع وكواليس الاتفاق بين “قسد” وحكومة الجمهورية العربية السورية مقالات وتحليلات تتحدث يوميا  تحديث 19 أذار 2025

لمتابعة تفاصيل هذا الملف اتبع الرابط التالي

دوافع وكواليس الاتفاق بين “قسد” وأحمد الشرع

—————————————

المخاض السوري… اتفاق بمثابة خطاب نيّات/ علي العبدالله

19 مارس 2025

غطى صدور الإعلان الدستوري السوري المؤقت يوم 13 مارس/ آذار الجاري على حدثٍ آخر ليس أقل أهمية منه، توقيع الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي، يوم 10 مارس/ آذار الجاري، على اتفاق سياسي من ثمانية بنود، يقضي بدمج مؤسّسات الإدارة الذاتية لشمال سورية وشرقها، بما في ذلك قواتها العسكرية، في الدولة قيد التأسيس، ما جعل العودة إليه بالتقويم والنقد ضرورة وطنية.

جرى التوقيع على الاتفاق في ظرفٍ محليٍّ وإقليميٍّ ودوليٍّ دقيق وخطير، في ضوء بروز خلافاتٍ عميقةٍ بين السلطة الجديدة وقوى سياسية واجتماعية سورية من الكرد والدروز والعلويين تتحفظ على القرارات التي أخذتها، إن في مؤتمر النصر أو مؤتمر الحوار الوطني أو تشكيل لجنة لصياغة إعلان دستوري مؤقت، في ضوء ما انطوت عليه هذه القرارات من ميلٍ إلى مركزة السلطة بيد شخص واحد ومكون سوري واحد، ودلالة ذلك على طبيعة النظام السياسي الذي تنوي السلطة الجديدة تمريره، من جهة، وتصعيد الكيان الصهيوني ليس في احتلال مساحاتٍ واسعةٍ من الأرض السورية في محافظتي القنيطرة ودرعا، ومواصلة قصفه مواقع عسكرية سورية، ومنعه انتشار قوات سورية في الجنوب السوري، في سعي إلى تحويله إلى منطقة منزوعة السلاح، بحيث يشجّع أطرافاً محلية على التمرّد، ويجعل سورية منقوصة السيادة فقط، بل وبإعلاناته المتكرّرة عن ضرورة الابقاء على سورية مفكّكة وضعيفة، عبر ترويج تحويلها دولة اتحادية؛ وتحريض الدول الغربية على عدم منح الشرعية للسلطة الجديدة وتبنيه سياسة حماية “الأقليات” في سورية، الدروز بشكل خاص، من جهة ثانية، ومواصلة القوات التركية قصف مواقع لـ”قسد”، من جهة ثالثة، وتنامي التوتر بين العلويين عامة والمسرّحين من الخدمة في الجيش والمخابرات والوظائف العمومية منهم خاصة، أجّجه حصول تجاوزات وقتل مدنيين خلال عمليات مطاردة مطلوبين ممن لم يقوموا بتسوية أوضاعهم من العسكريين وعناصر مخابرات النظام البائد والتفتيش عنهم في أحياء السوريين العلويين وقراهم في محافظات اللاذقية وحمص وحماة، من جهة رابعة. حوّله (التوتر) تحريض إسرائيلي إيراني إلى مواجهات دامية ووقوع مجازر طائفية ضد المدنيين في هذه المحافظات، اللاذقية بشكل خاص، أغلبهم من العلويين، بعد هجوم مجموعات مما يسمى “المجلس العسكري لتحرير سورية” على مواقع عسكرية للسلطة الجديدة في محافظتي اللاذقية وطرطوس واستهدافه مدنيين من السُنّة. زادت في تعقيد الموقف بوادر تذمّر شعبي على خلفية ضعف الدخل وارتفاع نسبة الفقر وبلوغه حد الجوع وسوء الخدمات. هذا وقد لعبت الإدارة الأميركية دوراً مباشراً في عملية التوقيع على الاتفاق العتيد ملقية طوق نجاة للشرع بدفع مظلوم عبدي للتوقيع على الاتفاق الذي سبق الاتفاق على بنوده أواخر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ما قاد إلى تراجع سخونة الموقف العام في سورية بخفض أصوات الناقدين السلطةَ وإلى تخفيف حدّة ردود الفعل الدولية على المجازر الطائفية.

جاء الاتفاق العتيد في ثمانية بنود عامة مع إعلان عن تشكيل لجان مشتركة من الطرفين للاتفاق على صيغة محددة لكل بند وعلى آليات التنفيذ في مدة لا تتجاوز نهاية العام الحالي، ما ترك بذرة شك في احتمال نجاح الاتفاق وبلوغه مرحلة التنفيذ الكامل على خلفية التباينات الواسعة بين الطرفين حول طبيعة النظام السياسي المستهدف، مركزي ولامركزي، وصيغة دمج “قسد” في الجيش الوليد. يعزّز هذا الشك غياب الشفافية، خاصة من السلطة الجديدة التي تقدّم استجابات متعارضة على المشكلات والملفات المطروحة كما في الإعلان الدستوري المؤقت، الذي لم يلحظ مستدعيات الاتفاق مع قسد وأهمية نجاحه على المسار العام، وتدخلات دول كثيرة للتأثير على مخارج المخاض السوري، من جهة، وحرصها على إرضاء تركيا، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان: “لا نعتقد أن تكون هناك أي تنازلات في سورية أبداً بشأن مساعي الحكم الذاتي أو الإدارة الذاتية”، والسعودية، التي لا تنظر بعين الرضا إلى التمدد التركي في سورية، من جهة ثانية. وهذا بالإضافة لما سيؤدي إليه عدم إشراك المجلس الوطني الكردي، القريب من قيادة إقليم كردستان العراق، في المفاوضات، ومنح “قسد” صفة تمثيل كرد سورية ومنح زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان فرصة التقدّم في التنافس على زعامة الشعب الكردي وتسجيل نقطة على رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي مسعود البارزاني، من تكريس للانقسام الكردي السوري سياسياً واجتماعياً ومن ردود أفعال سلبية، وما قد يطرحه هذا من عقباتٍ على طريق تنفيذ الاتفاق.

تعدّدت تفسيرات خلفية الاتفاق من الكتّاب والناشطين السوريين، عرباً وكرداً، حيث ذهب كتّاب وناشطون عرب إلى اعتباره تنازلاً من قيادة “قسد” وقبولها بشروط السلطة الجديدة وتصوّراتها، وربطوا هذا القبول بالتطوّرات الإقليمية والدولية التي ستنعكس سلباً على “قسد” في ضوء احتمال حصول اتفاق تركي أميركي، وصدور قرار أميركي بالانسحاب من شمال شرق سورية، رجّحت مصادر عسكرية حصوله مع بقاء قوات أميركية في قاعدة التنف، ما دفعها إلى القبول بالاتفاق، بالرغم من أنه لا يلبّي تطلعاتها السياسية. في حين ذهب كتّاب وناشطون كُرد إلى اعتباره تنازلاً من السلطة الجديدة، وقبولها بشروط “قسد” وتصوّراتها، وربطوا هذا القبول بمأزق السلطة الجديدة في دمشق بعد اهتزاز صورتها على خلفية المجازر الطائفية التي وقعت ضد العلويين في عدة محافظات سورية وحاجتها لترميم هذه الصورة ببعث رسائل للداخل والخارج تشير إلى استعدادها للقبول بحلول في الملفات العالقة ترضي كل الجهات السورية. تفسيرات ذاتية هدفها الاحتفاظ بالرضا عن الذات، ربط معلق عربي يُقدم خبيراً عسكرياً بين الاتفاق وقدرة حكومة دمشق العسكرية، وقال: “إن القوة العسكرية التي استطاعت كسر نفوذ الفلول كانت بمثابة رسالة إلى قسد بأنها غير قادرة على مواجهة القدرات العسكرية التي تمتلكها حكومة دمشق”. قول متعسّف لم يلحظ أن الفلول قلةٌ لا تدعمهم حاضنة شعبية علوية وازنة، وأن ما لدى “قسد” من مقاتلين مدرّبين على القتال المنسق ومن أسلحة متطوّرة يفوق ما لدى الفلول وحكومة دمشق كثيراً.

يبقى أن ثمّة مخاوف مشروعة من فشل الاتفاق وعدم الذهاب به إلى نهاياته المحدّدة في ضوء جملة عوامل، لعل أولها أن الصيغة العامة لأهم البنود، الأول والثاني والرابع، قابلة لأكثر من قراءة، ما سيسمح بطرح قراءات متباينة من الطرفين خلال اجتماع اللجان المشتركة، ويفتح الباب أمام الإخلال بالاتفاق أو الانسحاب منه بذريعة الخروج عن مضمونه. وقد ظهرت التباينات إلى العلن في إجابات مظلوم عبدي على أسئلة رئيس تحرير مجلة المجلة إبراهيم حميدي، إذ قال: “نحن متفقون على أن وحدة الأراضي السورية، وإنشاء جيش موحد وإطار مؤسّسي واحد، والعاصمة الواحدة والعلم الواحد هي قضايا سيادية أساسية، لكن الكثير من التفاصيل، بما في ذلك آليات التنفيذ والجداول الزمنية والمسائل اللوجستية لم تُحلّ بعد، ولا تزال هناك اختلافات في التفاصيل ووجهات النظر. شمال شرق سورية ذو الغالبية الكردية [الكرد ليسوا أغلبية في هذه المنطقة] له ظروف مختلفة وستكون هذه العناصر على جدول الأعمال عند مناقشة تفاصيل دمج المؤسسات العسكرية. يجب أن يكون تقاسم الموارد الطبيعية عادلاً وأن تحصل جميع المناطق في سورية على حصتها العادلة. خلال حقبة حزب “البعث”، كانت جميع السلطات مركزة في المركز، يجب إنهاء ذلك وإعطاء بعض السلطات للمناطق وإنشاء حكومات محلية”… مواقف خلافية تستبق تشكيل اللجان والتفاوض على تنفيذ الاتفاق تشير إلى احتمال السعي لتحسين أوراق قسد التفاوضية أو إلى خط رجعة للتهرّب من تنفيذ الاتفاق؟.

أما ثاني العوامل، فالفترة المحدّدة لتنفيذ الاتفاق، حتى نهاية العام الحالي، بصيغتها المجملة، طويلة نسبياً، ما سيثير احتمال حدوث تحولات في المواقف، المحلية والإقليمية والدولية، تسمح لأحد الطرفين بالتراجع عن الاتفاق عامة أو عن بند أو أكثر من بنوده الثمانية. ثالث العوامل غياب سلم أولويات لعملية التنفيذ واحتمال افتعال تباينات واختلافات لدى تنفيذ البنود الإجرائية 3 و4 و5 و6 والتذرّع بذلك لعرقلة تنفيذ البندين 1 و2 المتعلقين بالحّقوق التي سيجسّدها النظام السياسي في حال عدم التوافق عليها، ما سيقود إلى فشل الاتفاق.

قادت صيغة الاتفاق العامة إلى وصفه من صحيفة لوموند الفرنسية بـ”خطاب نيات” وإلى اعتباره من السفير التركي السابق في سورية عمر أونهون “إطاراً عاماً أكثر من كونه خطة قابلة للتنفيذ الفوري”، وقول الباحث في مركز القرن الدولي الأميركي آرون لوند: “في حين قد يبدو الأمر الآن وكأنه حلٌّ مربح للجانبين، فإن الاختبار الحقيقي سيكون في تنفيذه”، ودفعت النظام التركي إلى عدم البقاء متحفّزاً، وهو يراقب عملية تنفيذ الاتفاق، ليرى إلى أي مدىً سيلبي تنفيذه مطالبه بحل قوات سوريا الديمقراطية، وسحب سلاحها وعدم السماح بقيام حكم ذاتي كردي في شمال شرق سورية، بل تحرّك للتأثير على صيغة تنفيذ بنود الاتفاق، عبر مواصلة الضغط العسكري على “قسد” عبر مواصلة القصف الجوي والبرّي لمواقعها واغتيال كوادرها بالمسّيرات، لدفعها إلى التخلي عن تصوّراتها لحقوق الكرد وللنظام السياسي السوري القائم على اللامركزية، والقبول بتفسير لبنود الاتفاق يلبي مطالبه، والضغط، في الوقت نفسه، على السلطة الجديدة عبر عرقلة اندماج فصائل الجيش الوطني السوري في جيش وزارة الدفاع الوليد، والإبقاء على ارتباطهم به عبر دفع رواتب العناصر الجيش وتسليح وتذخير فصائله، كي لا تنسى مطالبه وشروطه لدمج قوات سوريا الديمقراطية في الدولة السورية قيد التأسيس.

يبقى الاتفاق خطوةً مبشّرة على طريق مسار سياسي دقيق وحساس، حيث سيتوقف مستقبله على قدرة طرفيه المحليين على الموازنة بين مصالحهما المتضاربة وإدارتهما الملفّات الخلافية بدلالة الوطنية الشاملة والعدل والمساواة وتعاطيهما مع التدخلات الخارجية وضغوطها بمرونة وتوازن.

العربي الجديد

————————————

اعتقالات في الشرق.. صراع الأجنحة داخل “قسد” يهدد الاتفاق مع دمشق

2025.03.19

تتصاعد التوترات في شرقي سوريا، على وقع حملة اعتقالات موسعة تشنها قوات سوريا الديمقراطية ضد المدنيين، في مشهد يعكس التحولات التي تشهدها المنطقة بعد توقيع الاتفاق بين “قسد” ودمشق.

ورغم أن هذا الاتفاق مثّل لحظة مفصلية في المشهد السوري وكان يفترض أن يؤسس لمرحلة جديدة من الاستقرار، إلا أنه قد يتحول إلى شرارة لمزيد من التوتر والصراعات، فلم تكن تداعياته كما توقع كثيرون، إذ تزايدت حملة القمع بحق السكان، وسط مؤشرات على انقسامات داخلية وتضارب في المصالح بين القوى الفاعلة على الأرض.

لم تقتصر حملة الاعتقالات على ناشطين سياسيين أو معارضين، بل شملت مواطنين عاديين وشبابا مدنيين، حتى إن مجرد رفع العلم السوري الجديد أو صورة الرئيس أحمد الشرع والتعبير عن الفرح بسقوط النظام وتوقيع الاتفاق بات سببا كافيا للاعتقال والملاحقة.

في ظل هذه التطورات، تُطرح العديد من التساؤلات حول مستقبل المنطقة، وحقيقة موقف “قسد” من الاتفاق، وما إذا كانت هذه الاعتقالات تعبر عن توجه جديد أم أنها مجرد انعكاس لخلافات داخلية بين القوى المسيطرة على الأرض.

ماذا يجري شرقي سوريا؟

لم تهدأ الاعتقالات في المناطق الخاضعة لسيطرة “الإدارة الذاتية” منذ سقوط نظام الأسد، لتزداد وتيرتها مع الأسابيع اللاحقة، حيث وثقت

الشبكة السورية لحقوق الإنسان 59 حالة اعتقال بينهم 3 أطفال وسيدتين على يد قوات “قسد” في شهر يناير/كانون الثاني الماضي ليرتفع العدد في شهر فبراير/ شباط إلى 68 حالة اعتقال بينهم 6 أطفال.

وأوضحت الشبكة أن هذه الاعتقالات جاءت على خلفية قيام المحتجزين بإزالة شعارات ورايات “قسد” من بعض المواقع العامة ورفع العلم السوري الجديد (علم الثورة) خلال الاحتفالات الشعبية التي أعقبت سقوط النظام.

في العاشر من الشهر الجاري كان الحدث المفاجئ، وهو توقيع اتفاق بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد “قسد” مظلوم عبدي، تضمن ثمانية بنود رئيسية، كان أبرزها وقف إطلاق النار ودمج المؤسسات المدنية والعسكرية ضمن الدولة وضمان حقوق الأكراد ورفض التقسيم.

عقب توقيع الاتفاق عمّت الاحتفالات مدن شرقي سوريا، فخرج الأهالي إلى الشوارع تعبيراً عن فرحتهم بهذه الخطوة التي وصفت بـ”التاريخية”، لتبدأ عقب ذلك حملة مداهمات واسعة من قبل قوات خاصة وأمنية تابعة لـ”قسد” و”الشبيبة الثورية”.

وبحسب مصادر محلية لموقع “تلفزيون سوريا” فإن أحياء ومدن دير الزور والحسكة والرقة شهدت حملة اعتقالات واسعة طالت أكثر من  300شخص خلال الأيام الماضية، مستهدفة كل من وضع العلم السوري أو صورة الرئيس أحمد الشرع أو نشر منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تعبر عن فرحهم بذكرى الثورة السورية.

كما أصدرت “قسد” توجيهات لمتعاونيها (مخبرين) بضرورة الإبلاغ عن أي شخص يعبر عن دعمه للحكومة السورية أو انتقاده لـ”قسد”، سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو في الأماكن العامة وأماكن العمل، حسب ما قال مصدر محلي من مدينة الحسكة لموقع “تلفزيون سوريا”.

وتزامنت حملة الاعتقالات مع مداهمة المنازل وتخريب محتوياتها وكسر الأبواب ومصادرة الهواتف المحمولة.

وأصدر ناشطو الجزيرة السورية من حقوقيين وسياسيين وإعلاميين بياناً أكدوا فيه أن قسد نفذت حملة اعتقالات واسعة طالت كل من يعارض توجهاتها السياسية والعسكرية واستهدفت أشخاصا من مختلف التوجهات.

واعتبر البيان أن هذه الاعتقالات تشكل انتهاكاً صارخاً لما نص عليه الاتفاق المبرم بين الشرع وعبدي حيث ينص في بنده السابع بوضوح على رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية، ومنع أي محاولات لبث الفتنة بين مكونات الشعب السوري.

وطالب الناشطون الحكومة السورية في دمشق بـ”التدخل العاجل للإفراج عن جميع المعتقلين فورا، واتخاذ جميع التدابير اللازمة لحمايتهم، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات”.

وكان الرئيس أحمد الشرع أكد في مقابلة مع وسائل إعلام تركية في 23 من يناير/ كانون الأول الماضي أن “هناك مكون عربي كبير في شرق سوريا تحت حكم قسد ويريد الارتباط مع الدولة السورية، وهناك اعتقالات من قبل قسد للمكون العربي، وأي اعتداء سيحصل عليهم ستكون الدولة ملزمة بالدفاع عنهم”.

أسباب مباشرة وغير مباشرة

تنوعت دوافع حملة الاعتقالات التي شنتها “قسد” في شرقي سوريا بين أسباب مباشرة تتعلق بردود الفعل الشعبية على الاتفاق مع دمشق، وأخرى غير مباشرة تعكس مخاوفها من التحولات السياسية في المنطقة.

وفقاً للباحث السوري سامر الأحمد، فإن الأسباب المباشرة تتعلق بموقف الأهالي من الإدارة الجديدة وتأييدهم لها، حيث شهدت بعض المناطق عقب توقيع الاتفاق احتفالات، وحاول بعض الأشخاص التابعين لتنظيم “شبيبة الثورة” رفع صورة عبد الله أوجلان الذي يعتبر الزعيم الروحي لـ”حزب العمال الكردستاني”، لكن متظاهرين رفضوا ذلك.

وفي اليوم التالي شن عناصر “الشبيبة الثورية” التابعة لـ”قسد” حملة اعتقالات ممنهجة مستهدفة كل من شارك في تلك الاحتفالات.

أما فيما يتعلق بالأسباب غير المباشرة، وفق ما قاله الأحمد لموقع “تلفزيون سوريا”، فإن سقوط النظام أثار مخاوف “قسد” من فقدان سيطرتها على مناطق نفوذها، خاصة مع تنامي احتمالات تمدد الدولة السورية الجديدة، إلى شرق الفرات.

وزاد من هذه المخاوف وجود رفض اجتماعي واسع لـ”قسد”، سواء من العشائر العربية أو حتى بعض المكونات الكردية، ما جعلها ترى في حملة الاعتقالات وسيلة لإعادة فرض سيطرتها بالقوة وهيمنتها وإحكام قبضتها الأمنية.

وتسعى “قسد” من خلال التضييق الأمني والملاحقات إلى دفع أنصار الثورة السورية والسلطة الجديدة للخروج من المنطقة، في محاولة لتفريغها من أي قوى معارضة محتملة، فاليوم تشهد المنطقة حملة نزوح كبيرة وخاصة من فئة الشباب إلى محافظات حلب وإدلب هرباً من الاعتقالات والتجنيد الإجباري.

والأخطر من ذلك، حسبما يرى الأحمد، أن العديد ممن جرى اعتقالهم جرى تحويلهم إلى محاكم الإرهاب، حيث يتم تصنيفهم كإرهابيين، وليتم لاحقا محاكمتهم وفق قوانين مكافحة الإرهاب، ما يجعلهم يصنفون كمعتقلين على غرار سجناء تنظيم “داعش”، فقد حكم على بعض المعتقلين بالسجن لفترات تتراوح بين أربع وخمس سنوات.

من جانبه يرجع المحلل السياسي علي تمي سبب الاعتقالات إلى أن “قسد” تدرك تماماً تفاصيل الاتفاق الذي وقعته مع دمشق، لكنها غير مستعدة للسماح بأي مظاهر للاحتفال به، لأنها تدرك أن ذلك قد يؤدي إلى تقويض سلطتها.

ووفق تمي، فإن هناك أكثر من 50 حالة اعتقال وثقت بعد الإعلان عن الاتفاق، وهو مؤشر واضح على أن هناك تياراً قوياً داخل “قسد” يرفض تنفيذ بنود الاتفاق على الأرض، مرجحاً عدم تنازلها عن أي نقطة استراتيجية لصالح الدولة السورية إلا تحت ضغط عسكري مباشر.

اعتقالات تكشف صراع الأجنحة

في الوقت الذي كان يتوقع أن يفضي الاتفاق بين دمشق و”قسد” إلى تهدئة الأوضاع والاندماج في مؤسسات الدولة، جاءت التطورات على عكس ذلك تماماً، فقد صعدت كل من “قسد” و”مسد” (مجلس سوريا الديمقراطية) من خطابهما المعادي للحكومة السورية، ورفضا الاعتراف بالإعلان الدستوري المؤقت ولوحتا بعدم الاعتراف بالحكومة الجديدة.

التطورات الأخيرة في الشرق عن انقسامات داخلية بدأت تتكشف داخل “قسد” نفسها، حيث تلوح بوادر صراع بين جناحين متباينين.

الباحث سامر الأحمد اعتبر أنه عقب الاتفاق بدأت بوادر انشقاق واضح بين تيارين متباينين: الأول وهو تيار مظلوم عبدي السياسي وهو مؤيد للاتفاق مع دمشق، أما التيار الثاني هو التيار الأمني الذي يسيطر على المشهد ويقوده كوادر حزب العمال الكردستاني وقيادات جبل قنديل.

ويعتبر التيار الأمني صاحب النفوذ الأكبر والمسيطر ويرفض الاتفاق باعتباره تهديداً مباشراً لهيمنة الحزب وسيطرته الأمنية والعسكرية، على عكس التيار السياسي الذي ليس لديه سلطة لتنفيذ الاتفاق الوقع.

 وتوقع الباحث حدوث خلافات وانقسامات داخل قسد قد تتجاوز تداعياته مجرد مماطلة في التنفيذ، وقد تصل إلى تصعيد داخلي قد يؤدي إلى انقسامات فعلية داخل قسد، ما سيضع دمشق أمام تحد جديد وهو التعامل مع شريك متفكك، غير قادر على ضبط قراره الداخلي.

وفي حال عدم تمكنت “قسد” من حسم هذا الصراع الداخلي سريعاً، فقد لا يكون فشل الاتفاق نتيجة لتدخلات خارجية فحسب، بل نتيجة انهيار “قسد” من الداخل.

من جانبه يرى علي تمي أن ⁠من يتحكم بالميدان ليست “قسد “التي هي واجهة أميركية للتعاطي مع العالم الخارجي وخاصة تركيا، لكن المتحكم الحقيقي هو حزب العمال الكردستاني الذي لن يلتزم بأي اتفاق لطالما له علاقات قوية واستراتيجية مع المحور الإيراني.

ووصف مظلوم عبدي بأنه “ورقة أميركية” تستخدمها حين اللزوم، و”لا يستطيع الخروج من الخطوط المرسومة له من قبل حزب العمال الكردستاني، وبالأحرى هو جزء لا يتجزأ من هذه المنظومة ولكل منهم دور يقوم به”.

وقال تمي أن “المتابع في بعض الأحيان يعتقد أن هناك خلافات أو صراعات داخل الحزب، لكن هي تبادل للأدوار فيما بينهم، وواشنطن تدرك جيداً هذا الأمر، ويبدو أنها تحاول ابتزاز تركيا بهدف إرضاخها وابتزازها على المدى البعيد ومنعها من التمدد داخل سوريا”.

وفي الوقت الذي اعتبر فيه تمي أن الاتفاق لن ينفذ على أرض الواقع وبالتالي البديل هو الحرب، قال الأحمد إن “المنطقة ذاهبة نحو مجهول إذا لم يكن هناك ضغط دولي لإخراج قيادات التيار الأمني من سوريا”.

وبشأن خيارات عبدي في ظل الخلافات داخل قسد، اعتبر الأحمد أن عبدي لا يملك أي خيار سوى الرضوخ لضغوط التيار الأمني وقيادات قنديل.

وقال إن أي “محاولة خروج لعبدي عن المسار سيتم قتله لأن سلوك حزب العمال دائماً مع المناوئين له أو المنشقين عنه دائماً القتل والتصفية كما حصل مع كثير من القيادات في تركيا وأوروبا”.

تلفزيون سوريا

———————————

ما مصير المقاتلين الأجانب في قسد بعد الاتفاق مع حكومة دمشق؟/ باسل المحمد

19/3/2025

في ظل التحولات السياسية والعسكرية التي تشهدها الساحة السورية منذ سقوط النظام السابق في 8 ديسمبر/كانون الثاني الماضي، يأتي اتفاق قوات سوريا الديمقراطية “قسد” مع حكومة دمشق كعلامة فارقة، من حيث تأثيره في تعزيز موقع السلطة السورية الجديدة من جهة، وقطع الطريق على محاولات التمرد والانفصال من جهة أخرى.

وعلى الرغم من أن الاتفاق أسهم إلى حد كبير في حل أغلب القضايا الخلافية بين الطرفين، كموضوع دمج قوات قسد تحت مظلة جيش الدولة، وحصول الأكراد على حق المواطنة والمشاركة في الحياة السياسية، فإنه لم يأت على ذكر قضية “المقاتلين الأجانب” في صفوف “قسد”، والتي تمثل نقطة إشكالية بين الطرفين، بسبب ارتباط هؤلاء بحزب العمال الكردستاني المصنف على قوائم الإرهاب التركية حليف دمشق الأقرب، إضافة إلى القوائم الأوروبية والأميركية.

وفي ظل المعطيات الجديدة، يصبح من الضروري تسليط الضوء على مستقبل هؤلاء المقاتلين الذين أشارت العديد من التصريحات لمسؤولين في قوات “قسد” إلى أنهم سيغادرون سوريا بعد التوصل إلى اتفاق دائم مع حكومة دمشق، فهل سيعودون إلى بلادهم أم ستكون لديهم وجهات وخيارات أخرى؟

الرئيس السوري أحمد الشرع (يمين) ومظلوم عبدي بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار والاندماج في الدولة السورية (الفرنسية)

إشارات ودعوات

أشارت العديد من التقارير إلى أن بند إخراج المقاتلين الأجانب من سوريا يشكل نقطة أساسية في موضوع دمج قوات “قسد” في هيكلية الجيش السوري الجديد، وتعزيز وحدة الأراضي السورية.

ومع أن التصريحات المباشرة للرئيس السوري أحمد الشرع لم تذكر هذا الموضوع بشكل واضح، إلا أن قيادات قسد مثل مظلوم عبدي وغيره من القيادات أكدوا في تصريحاتهم أن انسحاب المقاتلين الأجانب كان من الشروط الأساسية لإتمام الاتفاق.

وجاء في محضر الاجتماع الثلاثي الذي جمع بين أذرع قسد السياسية والعسكرية والإدارية في 17 فبراير/شباط الماضي أنه تم الاتفاق على دمج المؤسسات العسكرية والأمنية مع مؤسسات الدولة وإخراج المقاتلين غير السوريين كجزء من عملية إعادة تنظيم القوات الوطنية، وذلك بحسب ما أفاد به القيادي في “قسد” عمر إدلبي على منصة إكس.

وفي هذا السياق، نقلت مواقع إلكترونية عن مصادر سورية مطلعة أن وحدات حماية الشعب، المنضوية في قوات قسد، طالبت أعضاء حزب العمال الكردستاني غير السوريين بمغادرة سوريا بأسرع وقت ممكن.

وجاء طلب مغادرة المقاتلين غير السوريين في صفوف حزب العمال الكردستاني بعد يوم واحد من الاتفاق الذي أبرم بين قسد والإدارة السورية الجديدة.

ضغوط تركية

أما بالنسبة لتركيا التي تعتبر قوات “قسد” بشكل عام تهديدًا لأمنها القومي، والتي دائمًا ما تلوح بعملية عسكرية ضدها، فقد أكدت في 13 مارس/آذار أنه يجب على “الإرهابيين إلقاء السلاح وإخراج المقاتلين الأجانب من سوريا”، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال مصدر في وزارة الدفاع التركية “نحن في تركيا ما زلنا مصممين على مكافحة الإرهاب”، مضيفا “لا تغيير في توقعاتنا بشأن إنهاء الأنشطة الإرهابية في سوريا، وإلقاء الإرهابيين أسلحتهم، وإخراج الإرهابيين الأجانب”.

وتعليقًا على الموقف التركي، يقول الباحث المتخصص في شؤون الشرق السوري سامر الأحمد إنه على الرغم من ترحيبها بالاتفاق بين حكومة دمشق وقوات “قسد”، فإن تركيا “ما زالت قلقة من تطبيق بنوده، وتصرّ على إخراج المقاتلين الأجانب من سوريا، لأنها ترى فيهم تهديدا لأمنها القومي، بسبب انتماء غالبيتهم العظمى إلى حزب العمال الكردستاني”.

وبحسب حديث الأحمد للجزيرة نت، فإن هناك معلومات تشير إلى أن الدولة التركية سلّمت التحالف الدولي قائمة بأسماء ما يقارب ألف عنصر من هؤلاء المقاتلين لإخراجهم من المنطقة، وهي بالتوازي مع ذلك ما زالت مستمرة بملاحقتهم وتصفيتهم عن طريق المسيرات.

وكان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أوضح في تصريحات صحفية أن أنقرة تراقب من كثب اتفاقا بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، معربًا عن قلقه بشأن التهديدات المستقبلية المحتملة لأمن تركيا.

أعداد المقاتلين وجنسياتهم

لا تتوفر إحصائيات دقيقة عن عدد المقاتلين الأجانب في صفوف قوات “قسد”، إذ تتفاوت التقديرات بشكل كبير، ففي الوقت الذي تشير فيه بعض المصادر إلى وجود ما يقارب 3 آلاف مقاتل، يؤكد قائد “قسد” في تصريحات صحفية أن عددهم لا يتجاوز المئات.

وكان عبدي قد اعترف لأول مرة بوجود مقاتلين أكراد غير سوريين -بمن في ذلك أعضاء حزب العمال الكردستاني- في صفوف قواته، مؤكدًا في تصريحات لوكالة رويترز في 19 ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي أن المقاتلين الأكراد الذين قدموا إلى سوريا من مختلف أنحاء الشرق الأوسط لدعم القوات الكردية السورية سيغادرون إذا تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في المواجهة مع تركيا بشمال سوريا.

من ناحيته، يوضح الباحث المهتم بالشأن الكردي في مركز رامار للبحوث بدر ملا رشيد أنه لا توجد معلومات دقيقة عن أعداد المقاتلين الأجانب في صفوف “قسد”، ولكن وفق المصادر والتقديرات فإن الأعداد تقارب 3 آلاف مقاتل، إذ جاء القسم الأكبر منهم مع بدء معركة عين العرب “كوباني” عام 2014 عند فتح الحدود بين تركيا وسوريا.

وعن جنسيات هؤلاء المقاتلين، يوضح الباحث ملا رشيد للجزيرة نت أن أغلبهم ينتمون إلى العرق الكردي المنتشر في البلدان المجاورة (تركيا، العراق، إيران)، إضافة إلى وجود متطوعين أجانب من المملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا واليونان وكندا وأستراليا والولايات المتحدة.

وقد شكّل هؤلاء ما عُرف باسم “الكتيبة الدولية”، إلى جانب انضمامهم إلى عدد من الكتائب اليسارية العاملة ضمن وحدات حماية الشعب الكردية التابعة لـ”قسد”.

وكانت دراسة سابقة لمركز الشرق للأبحاث الإستراتيجية في إسطنبول أوضحت أن أعداد المقاتلين الأجانب لا تتجاوز 800 مقاتل، لكن الرقم الحقيقي، بحسب المركز، قد يكون أكثر من ذلك بكثير، لعدم وجود بيانات تفصيلية عن المسلحين الأتراك والعراقيين الذين انضموا إلى الجماعة.

عوائق العودة

وسط هذا الإصرار المحلي والإقليمي على إيجاد حل لقضية المقاتلين الأجانب في صفوف قوات “قسد”، سواء أكانوا أكرادا أم من الجنسيات الغربية، يبرز سؤال عن مدى إمكانية إعادتهم إلى بلادهم الأصلية، والعوائق الأمنية والقانونية التي قد تحول دون ذلك.

الباحث في مركز الشرق للأبحاث الإستراتيجية محمد أمين جنكيز يعتقد، في حديثه للجزيرة نت، أن معظم المقاتلين الأجانب، بمن فيهم أعضاء حزب العمال الكردستاني غير السوريين، سيجبرون على مغادرة سوريا إلى بلادهم الأصلية بعد اتفاق “قسد” مع حكومة دمشق.

ويضرب جنكيز مثالًا على ذلك بالمقاتلين الأكراد من أصول تركية الذين سيستفيدون من عملية السلام الجديدة في تركيا، ودعوة مؤسس الحزب أوجلان إلى ترك السلاح وحل الحزب، إضافة إلى الحديث عن عفو عام سوف تصدره الدولة التركية عن عناصر “العمال الكردستاني”.

وبحسب جنكيز، قد يتمكن أعضاء “العمال الكردستاني” ذوو الرتب المنخفضة، أي قيادات الصف الثاني والثالث من القدوم إلى تركيا بعد عفو عام محتمل، أما من هم في مواقع القيادة فمن المرجح أن تطلب تركيا نفيهم.

وفي 27 فبراير/شباط الماضي أصدر مؤسس حزب العمال الكردستاني في تركيا عبد الله أوجلان بيانًا تاريخيا من سجنه، دعا فيه إلى بدء مرحلة جديدة من السلام مع الدولة التركية، وأكد ضرورة إنهاء النزاع المسلح، مطالبا مقاتلي حزب العمال الكردستاني بإلقاء السلاح وحل الحزب.

وبشكل عام، يرى الباحث ملا رشيد أن كثيرين من المقاتلين الأجانب يفشلون في إعادة الاندماج داخل مجتمعاتهم بعد عودتهم إلى أرض الوطن، وبعضهم قد ينجح في ذلك.

ويضيف رشيد أن قرار بقائهم أو عودتهم يرتبط بنوعية الدور الذي أدوه خلال انخراطهم مع “قسد”، فالمقاتلون الذين شاركوا في العمليات القتالية على أرض المعركة وتولوا مهام قيادية مثل المتطوعين الأتراك لا يعودون إلى بلدهم، بل يختارون عادة التوجه إلى معسكرات حزب العمال الكردستاني الأخرى.

ويعود قرار البقاء، بحسب ملا رشيد، في الأساس إلى القوانين التي قد يتعرضون لها إبان عودتهم إلى وطنهم، وذلك نتيجة قتالهم مع منظمات تعدّ إرهابية في كثير من البلدان، إذ أصدرت بعض الدول تشريعات جديدة لمحاكمة مواطنيها بعد عودتهم من سوريا.

من تلك الدول بلجيكا والنمسا وأستراليا التي سنّت قوانين لتجريد مزدوجي الجنسية من جنسياتهم، في حين اعتمدت دول أخرى على قانون العقوبات لسجن العائدين بتهم المشاركة في منظمات إرهابية، كما يضيف ملا رشيد.

جبال قنديل الملاذ الأخير

أمام هذه العقبات القانونية والأمنية، يرى مراقبون أن جبال قنديل تشكل ملاذًا آمنًا للمقاتلين الأجانب في صفوف “قسد” وخاصة قيادات الصف الأول الذين ينحدرون غالبًا من أصول تركية وإيرانية، ويُسمى هؤلاء في مناطق سيطرة قوات “قسد” بـ”كوادر جبل قنديل”.

وتقع جبال قنديل على بعد 120 إلى 150 كم شمال مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، وتمتد من الأطراف الجنوبية الشرقية من تركيا إلى الحدود مع إيران، وتشكل حصنًا طبيعيا منيعًا لمقاتلي “العمال الكردستاني”.

وتعليقاً على هذا الموضوع، يوضح الباحث جنكيز أنه من المرجح أن يتوجه بعض الأتراك المنتمين لقوات سوريا الديمقراطية، وهم من قيادات الصف الأول، إلى جانب العديد من المقاتلين الأوروبيين والأميركيين ممن يحملون العقيدة اليسارية، إلى جبال قنديل بعد عبورهم إلى إقليم كردستان العراق.

أما بالنسبة للأعضاء الإيرانيين في صفوف “قسد”، فهؤلاء قد لا يتمكنون من العودة إلى إيران لأسباب أمنية وقانونية؛ لذا سيتوجهون إلى جبال قنديل على الأرجح، ومن هناك قد يختار بعضهم البقاء مع حزب العمال الكردستاني، أو الانضمام إلى حزب الحياة الحرة، الفرع الإيراني للحزب، والمشاركة في العمل المسلح ضد إيران.

لا تكمن المشكلة في وجود المقاتلين الأجانب في صفوف “قسد” كحالات فردية وإنما في وجود حزب العمال الكردستاني في العمود الفقري للبنية الأمنية الموجودة في الجزيرة السورية، بحسب الباحث الأحمد.

لذا، يعتقد الأحمد أن إخراج الحزب وتفكيكه صعب جدا، وقد يلاقي الاتفاق الموقع بين قسد وحكومة دمشق كثيرًا من المطبات، بحيث يتطور الوضع -إذا لم يتم حل هذا الملف- إلى اقتتال داخلي ضمن صفوف قسد، لأن هؤلاء المقاتلين يرفضون الاتفاق والاندماج ضمن الجيش السوري الجديد.

وكان قائد “قسد”، مظلوم عبدي، زعم في تصريحات سابقة لوكالة رويترز أنه على الرغم من قدوم مقاتلين من حزب العمال الكردستاني إلى سوريا فإنه لا توجد روابط تنظيمية بين الحزب وقواته، وأردف “نظرا للتطورات الجديدة في سوريا، فقد آن الأوان لعودة المقاتلين الذين ساعدونا في حربنا إلى مناطقهم ورؤوسهم مرفوعة”.

المصدر : الجزيرة

———————————-

الحوار الكردي يقترب من نهايته رغم استبعاد أحزاب “الوحدة”/ سلام حسن

19 مارس 2025

عقد المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي، أكبر أحزاب الإدارة الذاتية في شمال وشرق سورية، اجتماعا مشتركا اليوم الثلاثاء في استراحة الوزير بمدينة الحسكة، بإشراف مظلوم عبدي، قائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وبرعاية أميركية تجسدت بحضور المبعوث الأميركي الخاص لمنطقة شمال وشرق سورية، سكوت بولز. ويأتي الاجتماع استكمالًا لاجتماعات سابقة عُقدت في القامشلي وأربيل ودهوك عبر سنوات عديدة، بهدف تشكيل وفد كردي مشترك للذهاب إلى دمشق، واستكمال مناقشة البنود الخلافية التي لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأنها بعد.

وقال المتحدث الرسمي باسم المجلس الوطني الكردي فيصل يوسف لـ”العربي الجديد”، إن الاجتماع كان إيجابيًا، وناقش الرؤية السياسية الكردية المشتركة حول سورية، “وبقيت بعض الأمور العملية لتشكيل الوفد، والتي سيتم حسمها بعد ثلاثة أيام، أي بعد عيد نوروز”.

من جهته، قال عبدي على منصة “إكس” اليوم الثلاثاء: “نحن مصممون على نجاح الحوار الكردي-الكردي، وقد اجتمع الطرفان الكرديان PYD وENKS لوضع خطة مشتركة وتحقيق الوحدة الكردية في هذه المرحلة”. وأضاف أن “المواقف والرؤية من كلا الطرفين كانت إيجابية ومصدرًا للارتياح”، مشددًا على أن هذا الاجتماع يمثل خطوة نحو تحقيق الوحدة الكردية، وبناء سورية متعددة الألوان وديمقراطية تضمن حقوق جميع المكونات.

بدوره، قال محمد موسى، سكرتير الحزب اليساري الكردي في سورية، وهو أحد الأحزاب المتحالفة مع “الاتحاد الديمقراطي” ضمن ما يُعرف بـ”أحزاب الوحدة الوطنية”، إن إصرار المجلس الوطني الكردي على الاجتماع مع حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) فقط يمثل عائقًا أمام العمل السياسي المشترك للقوى السياسية في المشهد الكردي العام. وأضاف لـ”العربي الجديد”: “ليس لدينا مشكلة في اجتماع المجلس مع الاتحاد الديمقراطي، إلا أن هذا الحزب لا يمثل أحزاب الوحدة الوطنية (PYNK)، وبالتالي لسنا مسؤولين عما يتوصل إليه الجانبان من نتائج في اجتماعهما”. وأكد أن حزبه أبدى “مرونة” في التعاطي مع هذه المسألة “كي لا نكون عائقًا أمام عقد مؤتمر واسع للقوى السياسية الكردية في سورية”، متهمًا المجلس الوطني بمحاولة “شق صفوف أحزاب الوحدة الوطنية” بقراره الاجتماع مع حزب الاتحاد الديمقراطي فقط، مشيرًا إلى أن هناك عدة أحزاب ضمن “الوحدة الوطنية”، وليس فقط الاتحاد الديمقراطي.

وأوضح أن المجلس يسعى لإيصال رسالة إلى الشارع السياسي الكردي مفادها أن “أحزاب الوحدة الوطنية تابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي ولا رأي لها”، معتبرًا أن ذلك غير صحيح ويُسيء لهم سياسيًا. وكرر التأكيد على أن حزبه لن يقبل بأي مخرجات تصدر عن اجتماع المجلس مع الاتحاد الديمقراطي، واصفًا ما يجري بأنه “مؤامرة” و”لعبة سيئة” من طرف المجلس. وأضاف أن تشكيل وفد يمثل الشارع السياسي الكردي للتفاوض مع السلطات في دمشق يجب أن يكون نتيجة توافقات بين جميع القوى السياسية، لا أن يقتصر الأمر على المجلس والاتحاد الديمقراطي وحدهما.

وكانت المفاوضات بين الطرفين بدأت في أكتوبر/تشرين الأول 2014، برعاية من قيادة إقليم كردستان العراق، وأفضت إلى اتفاقية دهوك التي أرست أساسًا لهذه المفاوضات. ونصّت الاتفاقية على تشكيل مرجعية سياسية كردية، بحيث تكون نسبة تمثيل “حركة المجتمع الديمقراطي” (لاحقًا أحزاب الوحدة الوطنية الكردية – 25 حزبًا) فيها 40%، و”المجلس الوطني الكردي” 40%، و20% للأحزاب والقوى غير المنخرطة في الجسمين السياسيين. كما تم الاتفاق على أن يكون عدد أعضاء المرجعية 32 شخصًا، موزعين بواقع 12 من “حركة المجتمع الديمقراطي”، و12 من “المجلس الوطني”، و8 من القوى السياسية من خارج الإطارين المذكورين.

في سياق متصل، شهدت مدينة القامشلي تظاهرة احتجاجية انطلقت بدعوة من مجموعة من النشطاء الأكراد السوريين، من إعلاميين ومثقفين وكتّاب، رفضًا للإعلان الدستوري المؤقت الصادر عن الحكومة السورية الجديدة. وانطلقت التظاهرة من أمام الملعب البلدي واتجهت نحو مبنى الأمم المتحدة، حيث شارك فيها العشرات من سكان المدينة وريفها والمدن والقرى المجاورة، رافعين لافتات تحمل شعارات متنوعة، منها: “القضية الكردية هي قضية أرض وشعب”، “أنا كردي القومية وطائفتي سورية”، “الإعلان الدستوري يعني حكم الإعدام على الديمقراطية”، “تاريخيًا يحق لنا المزيد، لكن اكتفينا بالفيدرالية حفاظًا على الجمهورية السورية”، و”الدستور يجب أن يكون ديمقراطيًا حتى إن كانت العقلية شوفينية”، إلى جانب شعار آخر دعا فيه المتظاهرون لسورية المستقبلية، إلى أن تكون سورية “ديمقراطية، تعددية، ولامركزية سياسية”.

العربي الجديد

—————————-

الوساطة العسكرية الأميركية بسوريا.. بين التنافس الإقليمي والتدخل الدولي/ مهيب الرفاعي

الأربعاء 2025/03/19

بعد سقوط نظام بشار الأسد، تقف سوريا عند مفترق طرق حاسم على مستوى العلاقات الدولية، والذي نتحدث فيه عن علاقة الإدارة الجديدة بالقوى الفاعلة في سوريا سواء على الصعيد العسكري او السياسي بين طرفين: الأول كان داعماً لنظام الأسد كإيران وروسيا، والثاني الذي كان يعمل على تقويضه كبعض دول الخليج العربي وتركيا وأميركا؛ ومستوى العلاقات الداخلية الذي تتداخل فيه الروابط بين إدارات النظام السابق واستشراف مستقبلها عسكرياً وأمنياً واقتصادياً، والتركيز على حوكمتها وإعادة بنائها، وبين الفصائل العسكرية المحلية العاملة على الأرض بمختلف مشاربها و مصادر تمويلها وتنوع رعاتها.

وإذ تسعى إدارة الرئيس الشرع إلى تعويض الفاقد الأمني والعسكري، على أقل تقدير، في ظل التوترات الأخيرة في البلاد، لا سميا في الساحل وفي الجنوب السوري؛ وجدت إدارة ترامب مدخلاً إلى سوريا الجديدة مستغلة سطوتها في المنطقة عموماً بدءاً من حالة الحرب على غزة عقب طوفان الأقصى ومحاولات فرض وصاية على قطاع غزة، وصولاً إلى لبنان وتمرير رسائل عبر مبعوثيها إلى بيروت، و ليس انتهاءً بدمشق ومساعيها لخلق تفاهمات ومصالحات  جديدة ، ومباركتها الاتفاق  بين الحكومة الجديدة وإدارة قوات سوريا الديمقراطية، لتشارك واشنطن بقوة في صياغة واقع سوريا بعد انهيار مجموعة أنظمة تقليدية وحركات عسكرية كانت إلى مدة قريبة عثرة أمام جهود واشنطن لتوضيب المنطقة من جديد.

الوجود الأميركي في سوريا

كانت القوات الامريكية سباقة إلى سوريا عام 2014، من بوابة قتال تنظيم “داعش”، في عمليات أطلق عليها اسم “العزم الصلب – Inherent Resolve” ليصل تعداد الجنود الأميركيين في القواعد الأميركية المنتشرة شرق سوريا إلى حوالي ألفي جندي، لكن دون خط زمني ومهماتي واضح لهذه القوات لا سيما بعد سقوط نظام الأسد ووضع أسس جديدة وجدّية للتحول السياسي في البلاد. حجة واشنطن الأساسية في سوريا وسبب وجودها –بحسب روايتها – هو القضاء على “داعش”، حيث أعلن ترامب في ولايته الأولى إنجاز المهمة وأنه يخطط لتقليص قوته في سوريا بالنتيجة؛ ولكن يبدو أن “داعش” أعاد تنظيمه مجدداً وضربت القيادة المركزية الأميركية حوالي 75 نقطة/هدفاً للتنظيم الذي استغل الاضطرابات الأمنية لإعادة الانتشار والتموضع في المنطقة الشرقية والبادية السورية. هذا التوسع يعيد القلق من التنظيم (إن لم نسلم أنه صناعة أميركية) وأن واشنطن مُربكة حول وجود قواتها في ظل دعوات داخلية أميركية لتقليص عدد الجنود والاكتفاء بحوالي 500 جندي في نقاط مراقبة فقط، وعدم زج القوات الأميركية في سوريا ومعاركها من جديد.

يفرض التدخل العسكري الأميركي في سوريا حالة من التوازن في ظل وجود القوات الروسية والتركية والإيرانية، وتداخل المصالح وحسابات الربح والخسارة على الصعيدين العسكري والسياسي. لكن الملفت للانتباه هو تحول الخطاب من عسكري إلى سياسي-دبلوماسي يراعي تغيير النظام الحاكم في سوريا، ويراعي توجهات الإدارة الجديدة في الحفاظ على سوريا بدون تقسيم وفيدراليات، مع الحرص على ضمان سير عملية الانتقال السياسي والناتج يكون دولة مستقرة تتماهى مع ملامح المنطقة الجديدة، دون محاباة لأي من القوى الفاعلة في سوريا ولا سيما تركيا وروسيا، الذين يشكلان قلقاً لواشنطن، إلى حد ما. هذا الانتقال مهدت له حوارات وزير الخارجية الأسبق أنتوني بلينكن الذي قال إن الدبلوماسية والقيادة الأميركية جادّة في توجيه مسار سوريا الجديدة نحو أهداف تخدم الصالح العام السوري.

طبيعة هذا الحوار مطمئنة بالنسبة للإدارة السورية الجديدة التي تسعى جاهدة لتوحيد  الفصائل المتناحرة والمتشعبة في أهدافها وإرساء استقرار دائم في البلاد، لا سيما بعد النجاح النوعي والمباركة الأميركية لضم المقاتلين الأكراد إلى صفوف القوات السورية الجديدة؛ والرغبة الملحة لمعالجة ملف الجنوب السوري؛ حيث  لعبت القوات العسكرية الأميركية دوراً مؤثراً ولكنه غير معلن في هذه العملية، حيث تقوم القيادة المركزية الأميركية بتسهيل الاتفاقات بين مختلف الجماعات العسكرية السورية لتجنب عودة الصراعات المسلحة وفقدان السيطرة.

دور الجيش الأميركي في الوساطة

تجاوز تدخل الجيش الأميركي في سوريا نطاق العمليات العسكرية التقليدية، ليشمل جهوداً دبلوماسية تهدف إلى المصالحة بين الفصائل والكتل العسكرية المتنازعة في سوريا. هذا الملف مهم جداً بالنسبة لحكومة دمشق الجديدة التي تسعى إلى تقليص الفراغ الأمني، في الوقت الذي لا تزال فصائل مسلحة تعمل وفق مصالح متضاربة ووفق أجندات تعيق أي تقدّم حقيقي في جهود التعافي السياسي والاقتصادي والأمني؛ على الرغم من انتهاء المواجهات العسكرية الكبرى، وبالتالي فإن وجود جيش موحد هو عنصر أساسي لاستعادة السيادة وضمان الأمن على المدى الطويل. في البداية، اعتمدت الإدارة الجديدة والتي كانت متمثلة بـ”إدارة العمليات العسكرية” على ذاتها في عملية بسط الأمن في البلاد، ووجهت دعوات لفصائل المعارضة السورية المسلحة لحل نفسها والاندماج في جسم عسكري واحد ومحترفو تجاوز جميع الانقسامات؛ لكن هذه الدعوات لم تلقَ تجاوباً كبيراً من الفصائل، لا سيما فصائل الجنوب السوري وقوات سوريا الديمقراطية، والتي تشكل بحد ذاتها جيشاً كان إلى مدة قريبة يسعى للانفصال عن سوريا ويعد لمعركة مع الجيش السوري الجديد.

مع هذه التطورات، ومع تعدد الضامنين في سوريا، تدخلت أميركا التي غازلت الإدارة السورية الجديدة ورفعت وصمة “الإرهاب” عن “هيئة تحرير الشام” التي شكلت نواة العمل السياسي والعسكري الحالي، ومدّت يدها لتبارك وترعى الجهود الرامية للمصالحات في البلاد عموماً؛ وهو نسق سياسي-عسكري توافقي كانت قد عملت عليه روسيا أيام نظام الأسد وعارضته أميركا حينها. فمن خلال وجودها الاستراتيجي في سوريا، قامت أميركا برعاية اتفاقات حاسمة بين الحكومة السورية الجديدة والمقاتلين الأكراد المدعومين من أميركا ذاتها، بحيث تهدف هذه الاتفاقات إلى توحيد الفصائل والمساهمة في تشكيل المستقبل السياسي للبلاد وفق مبادئ تشاركية تحصل بالنهاية دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز والهيئات المحلية.

بالإضافة إلى ذلك، عملت أميركا على تسهيل الحوار بين فصائل جيش سوريا الحرة، الذي ينشط بالقرب من قاعدة التنف العسكرية الأميركية ويحظى برعاية من واشنطن، وبين الجماعات الإسلامية العسكرية التي انضمت إلى الحكومة الجديدة في مناطق تدمر والبادية السورية لمنع الانزلاق مجدداً في حرب الصحراء التي قد تعقد جهود مكافحة الإرهاب ضد فلول داعش والجماعات المتطرفة الأخرى؛ وهذا ما أكدته صحيفة “The Wall Street Journal” في تقريرها حول الفصائل العسكرية في سوريا ووساطة أميركية في البلاد.

في هذه المرحلة يعمل الضباط الأميركيين الموجودون في قاعدة التنف على ترتيبات دمج جيش سوريا الحرة مع الجيش السوري، بما يضمن استمرار وجوده كونه جماعة معتدلة ليست متطرفة أو إيديولوجية، ويسهل مواجهة فلول “داعش”، وكونه فصيل عسكري تلقى تدريبًا أميركياً شاملاً في قواعد غرفة “موك” في الأردن وقدمت له أسلحة نوعية تشمل مسيرات ومضادات طيران ومضادات دروع وعربات صحراوية. يقنع جنرالات قاعدة التنف، وأبرزهم جوزيف فوتيل، المسؤول العسكريين في جيش سوريا الحرة ببناء علاقات جيدة مع حكومة دمشق الجديدة، ليتمكنوا بذلك من الدخول إلى العمل العسكري في سوريا بصفة رسمية. ما يهم أميركا من هذا العمل هو ضمان التحكم بالمنطقة الوسطى والبادية عن طريق جنود سوريين رسميين ونظاميين لكن لهم ولاء لها بما يضمن أمرين رئيسين: البقاء بالقرب من مصادر النفط والفوسفات في سوريا، والبقاء أمام المد الإيراني وقطع طريق تسليح أي من الخلايا النائمة لميليشياتها في المنطقة والتي تبخرت بأسلحتها ليلة 8 كانون الأول/ديسمبر 2024. عمل هذا الجيش على ملء الفراغ الأمني في المنطقة الوسطى عقب سقوط نظام الأسد وفرار جنوده من ثكناتهم المحيطة بتدمر وريف حمص الشرقي وصولاً إلى الحدود مع الأردن.

ردود الفعل الإقليمية والمخاوف

وعلى الرغم من المواقف الدولية المتباينة حول هذه الاتفاقيات والمساعي التصالحية، تمثل هذه الوساطات عموماً والاتفاق بين الأكراد والحكومة السورية خصوصاً، خطوة كبيرة نحو تعزيز الوحدة والسيطرة السياسية، وهو خطوة ضرورية لحل المشكلات الإدارية والسياسية العالقة، كما أنه يعكس التزاماً بإنشاء دولة سورية موحدة تتماشى مع الخطاب العام الذي تروج له إدارة الرئيس الشرع. بالنسبة لتركيا، وموقفها مهم للغاية، فإنها لم تكن راضية كل الرضى عن هذا الاتفاق، كون قوات سوريا الديمقراطية وحزب العمال الكردستاني عدوان للدولة التركية، وتتعارض مع رؤيتها الاستراتيجية للجنوب التركي ومسائل الأمن القومي وحماية الحدود من أي محاولات انفصالية، وإن أبدت موافقتها، إلا أن أنقرة حذرة للغاية من هذا الاتفاق وبنوده التنفيذية لا سما البنود المتعلقة بالسلاح وطريقة الاندماج (ككتلة ام كأفراد) وغيرها.

أما إيران، فإنها بالرغم من ضعفها في سوريا، فإنها تسعى بكل جهدها لمعارضة أي محاولات إدماج لفصائل عسكرية وحلها، لإبقاء حالة التقسيم هي الطاغية في سوريا وحالة الميليشيات وحروب الوكالة هي السائدة، كون الاستقرار يضر بمصالحها ونفوذها في المنطقة. ذات الأمر بالنسبة لإسرائيل، التي تعارض فكرة إنشاء جيش سوري موحد ينتج عن توافق في القرارات العسكرية، يجعل من سوريا دولة قوية من جديد وتهدد مشاريع تل أبيب التوسعية ولهذا فإنها تضع ثقلها في الجنوب السوري لدعم رفض الانضمام للحكومة الحالية.

في المقابل، تسعى الدول العربية، مثل السعودية، إلى توسيع نفوذها داخل الحكومة السورية الجديدة، وذلك لموازنة النفوذ التركي وضمان تمثيل مصالحها في عمليات إعادة الإعمار والحوكمة. موقف السعودية متوافق مع موقف أميركا التصالحي في سوريا، وكان لها وجهة نظر في تخفيف تمويل الجماعات الإسلامية السنية في الجنوب السوري ووقف تمويل كتل عسكرية مثل جيش الإسلام وأولية الفرقان وغيرها. بالنسبة لروسيا فإنها حذرة أيضاً من هذه الاتفاقيات كونها تفقدها المبادرة للانخراط ومع الإدارة السورية الجديدة وكسب ثقتها لإبقاء قواعدها على المتوسط، على اعتباره حلم الإمبراطورية الروسية في الوصول إلى المياه الدافئة والوجود في خط متقدم أمام سواحل أوروبا، وبالنتيجة لن تعارض موسكو حكومة دمشق في قرارها بمد اليد تجاه أي من الجماعات العسكرية سواء في الشرق أو الجنوب؛ مع تحفظ على احتمالية تدخل أميركي في قرارات غرفة عمليات يقودها أحمد العودة في مناطق درعا وريف القنيطرة كونها مدعومة منها بعد اتفاق المصالحة الوطنية 2018 وانضمام هذه الفرقة إلى اللواء الثامن والفيلق الخامس الذي أشرفت على تدريبه وتسليحه موسكو عبر قاعدة حميميم.

آفاق الاستقرار في البلاد

على الرغم من التقدم الدبلوماسي، تواجه حكومة دمشق عقبات واضحة في طريقها نحو المواءمة مع الجهود السياسية الدولية الرامية إلى الاستقرار. إذ لا تزال الحكومة الجديدة تواجه تهديدات أمنية داخلية، لا سيما من فلول نظام الأسد الذين يشنون هجمات مسلحة على الأمن العام في محاولة لزعزعة مساعي الحلول السياسية في البلاد، ومحاولة لوضع الإدارة الجديدة على المحك مقابل التزاماتها أمام المجتمع الدولي. علاوة على ذلك، فإن إدماج الفصائل المسلحة المختلفة في جيش سوري وطني موحد يطرح تحديات لوجستية وأيديولوجية معقدة. بناء الثقة بين الأطراف المتنازعة، وتوحيد العقيدة القتالية، وضمان التمثيل العادل داخل المؤسسة العسكرية، كلها عوامل حاسمة لمنع حدوث انشقاقات داخلية تهدد وحدة البلاد، لا سيما وأن المشهد العسكري السوري منقسم  بين فلول النظام السابق وفصائل المعارضة المسلحة السابقة التي رفض عدد منها حل نفسها  والأكراد والهجمات الإسرائيلية على جنوب البلاد؛ الأمر الذي يفرض على حكومة دمشق التعامل بمزيد من الحزم و اللين لكسب جميع الأطراف؛ مع السماح للوساطة الخارجية بأخذ مساحتها الحقيقية نظراً لحساسية ملفات التمويل والأدوار في سوريا والتجاذبات الإقليمية.

المدنية

————————————–

الاتفاق مع «قسد» خطوة على الطريق الصحيح/ خالد البري

تحديث 19 أذار 2025

كسرُ تواصل المشروع الميليشياوي في المنطقة مكسبٌ استراتيجي ضخم لمحور الاعتدال، ومحبي السلام. اسألوا مَن استهدفت الميليشيات بلده، فخرَّبت سلماً تاق إليه، وأشعلت حرباً لم يردها، وقضت على طموح مستحَق.

هذه الميليشيات نشأت وأنفقت وسلحت بغرض وحيد هو مدّ نفوذ راعيها على المنطقة. وفي سبيل ذلك أحيت نزعات طائفية لا تستقيم معها دولة حديثة. ونجحت عبر أربعة عقود في تحقيق أغراضها، على حساب الشعب الإيراني ورفاهيته أولاً، وعلى حساب الجوار ثانياً.

المشروع المقابل نادى بالعكس؛ بالمواطنة لا الطائفية، بتغليب مصلحة أهل البلد وبالسلم الأهلي والالتفات إلى المستقبل. إنما السياسة تهوى الأسئلة وتعشق الامتحانات، وتستمتع بـ«ماذا لو…؟».

ماذا لو نجح نظام في كسر المشروع الميليشياوي، لكنه لم يكن كامل الأوصاف؟ ماذا لو أثار تاريخه وأدبياته مخاوف من طريقة حكمه؟ ماذا لو صار وجه العملة المقابل ودخلنا في حلقة مفرغة؟ ماذا لو…؟ ماذا لو…؟

والمهم هنا ليست إجابة مَن يفكر نظرياً ويده في الماء البارد، إذ الإجابة واضحة. من السهل على هؤلاء رفضه. المشكلة أن ترجمة هذه الإجابة على أرض الواقع؛ فلتبقَ الميليشيات. لم نخرج إذن من أسئلة السياسة الصعبة. العامل المرجِّح إجابةُ أصحاب الشأن، الذين اكتووا بنار المشروع الميليشياوي، وحلموا بيوم الخلاص. وهؤلاء قالوا: «لنتمسكْ بالأمل، ولنضع الثقة في الوعود». وتلقف هؤلاء تطمينات الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع، مدركين أن المهمة أصعب من الكلام. وأظن أنهم جميعاً استعدّوا نفسياً لمفاجآت، وانتظروا من النظام المدعوم أن يقدِّر حجم الرهان الذي قدموه، وأن يتفهم حرج الموقف.

مجهود ضخم بذلته دول الاعتدال للخروج من حقبة ما بعد 1979، سنة الثورة الإيرانية وما بعدها من أحداث؛ مثل حرب أفغانستان، ثم اغتيال الرئيس المصري ومحاولة الاستيلاء على الحكم. وما أسفرت عنه الحقبة من انتشار التطرف وسيطرته على المجتمعات المسلمة، وأثره السيئ على المكانة السياسية للدول.

الولايات المتحدة أيَّدت المجاهدين في أفغانستان، وسمَّتهم «مقاتلين من أجل الحرية». لكنها تنصلت من ذلك بعد هجمات «11 سبتمبر»، وألقت باللائمة على دول منطقتنا. وتجاهل الإعلام الغربي أيضاً حقيقة أن دول المنطقة دفعت أثماناً أغلى وقدمت تضحيات أكبر. ناهيك بثمن لا يمكن حسابه متمثلٍ في تحمل العبء السياسي والاقتصادي والاجتماعي للتطرف الإسلامي.

حرب «التحرير» الأفغانية بدأت هي الأخرى قضيةَ تحريرٍ ضد «الطغيان المدعوم سوفياتياً». وكانت موجهة في شقها الأكبر إلى جيش أجنبي في الأراضي الأفغانية. فلم تفتقر إلى دوافع.

لدينا إذن تجربة مُرَّة مع التطرف السياسي الإسلامي، الذي يتلقف الدعم مُستَضْعَفاً، ويُبرز أنيابه بعد التمكين. لكن الدول الداعمة للنظام الجديد في سوريا عوَّلت على استفادة قيادته من التجارب السابقة، وأبرزها أن التسامح مع المتطرفين داخل الصفوف ليس مشكلة للعالم الخارجي فقط، بل لهم أيضاً. قادة المجاهدين في أفغانستان فقدوا السلطة عقب النصر، واستولى عليها الأكثر تطرفاً، مدعوماً بالمقاتلين الأجانب. وحوَّلوا في تجربتهم الأولى أفغانستان إلى معمل لأكثر الأفكار الجهادية تطرفاً وخيالاً وبعداً عن الحسابات الواقعية. والنتيجة، عادت الحرب وعاد الدمار.

طرحُ تلك الأفكار بصراحة ليس موجهاً ضد الاستقرار في سوريا، بل لصالح تحقيقه. لا يخدم بقايا النظام القديم، بل يخدم مستقبل سوريا. رغم المشاعر الملتهبة بعد فجائع نظام الأسد لا بديل عن صيغة تحتوي الجميع، فتعزل المتطرفين. والتأييد الواسع للاتفاق الذي جرى بين الإدارة السورية و«قسد» دليل. أثبت أن الغالبية تريد قيادة تستوعب تنوع المجتمع، وأن الداعين إلى المواجهة والحسم العسكري أقلية متطرفة لا تتحلى بالمسؤولية. كلما شارك مكون من مكونات المجتمع السوري في إدارته كان مكسباً أكبر من أي انتصار بالسلاح. وكلما انضمت مجموعة زاد الضغط على الممتنعين لكي يلتحقوا، وتراجَعَ خطر المجموعات المتطرفة، سواء من مؤيدي السلطة أو من معارضيها.

مراحل التأسيس حرجة. تدفعنا الرغبة في الاستمرار إلى إغفال إشاراتها، فننحرف عن الأمل إلى الرجاء. هي الفرصة الوحيدة للبناء على أسس تخدم المصلحة الراسخة. تضمن لسوريا الاستقرار وتسهل المهمة على داعميها. التأييد الإقليمي قرض ائتماني، يحتمل المخاطر دون الخطوط الحمراء وأبرزها النزاع الطائفي.

اعتقد بشار الأسد أن لديه خطاً قاعدياً يضمن له البقاء مهما فعل. واعتقاده هذا أضره، جعله لا يخاطر بالإصلاح المطلوب. فانزلق على قشور كلام محبيه المُهلِكة. للسياسة طرق ناعمة كالرمال، يعرف مكامن خطورتها خبراء الصحراء، فيما يسير إليها الهواة بعينين غافلتين.

الشرق الأوسط

———————————–

كيف سينعكس اندماج قسد في الدولة السورية على اقتصاد البلاد؟/ شام السبسبي

19/3/2025

دمشق – بعد ترقب دام لأكثر من 3 أشهر، وفي خطوة وصفت بأنها تحول مهم بتاريخ سوريا، وقّع الرئيس السوري أحمد الشرع مع قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي يوم 10 مارس/آذار الجاري اتفاقا يقضي باندماج قوات قسد ضمن مؤسسات الدولة، في وقت أكد فيه الاتفاق على وحدة الأراضي السورية ورفض مشاريع التقسيم.

ونص الاتفاق أيضا على دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الذاتية في شمالي شرقي سوريا ضمن مؤسسات الدولة السورية بما في ذلك المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز.

من جهته، قال قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي قبل أيام إن قسد تعتزم دمج قواتها ضمن وزارة الدفاع السورية تحت مسمى “الفيلق 76″، الذي يلتزم بتنفيذ المهام الموكلة إليه في كافة أنحاء البلاد، في حين سينتشر جزء آخر من قواته على الحدود لتعزيز الأمن والاستقرار.

وأضاف عبدي، في تصريحه لشبكة آسو الإخبارية، أنه سيتم إلغاء كافة حراقات النفط شرقي البلاد، كما ستُنقل جميع صهاريج النفط الخام إلى مصافي الدولة السورية.

اتفاق تاريخي وانفراجة

ويصف الخبير الاقتصادي السوري يونس الكريم الاتفاق بـ”التاريخي”، معتبرا أنه سيقضي على فكرة نشوب حرب مدمرة على الاقتصاد السوري.

الرئيس السوري (يمين) وقائد قوات سوريا الديمقراطية بعيد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار (الفرنسية)

وأشار الكريم في حديث للجزيرة نت إلى أن الاتفاق لا يزال في المرحلة التجريبية لمدة 6 أشهر، متحدثا عن الأثر الإيجابي للاتفاق على الواقع الاقتصادي في البلاد، وذلك عبر:

    الاستفادة من الترخيص الخاص بالإدارة الذاتية من قانون قيصر.

    الإسهام في تجميد عقوبات الاتحاد الأوروبي بشكل فعال.

    تجاوز مشكلة الإمدادات النفطية والكهرباء عبر استجرارها وجلبها من مناطق الإدارة الذاتية.

ويوضح الكريم أن الاتفاق يمنح الحكومة السورية شرعية دولية، وهذا يدعم تعليق العقوبات لستة أشهر إضافية.

من جهته، يرى الخبير الاقتصادي السوري أيمن عبد النور أن الاتفاق يسهم بتحسين الأوضاع الاقتصادية في البلاد و”هذا أمر محسوم”، لكن نسبة التحسن تلك تظل متوقفة على مدى مساهمة المجتمع الدولي بتحقيق وتيسير هذه الانفراجة.

واعتبر عبد النور، في حديث للجزيرة نت، أن الاتفاق بمثابة مظلة سياسية، لكن تطبيق وإنجاح الاتفاقات الاقتصادية والأمنية الدقيقة يحتاج إلى تفعيل البند الأخير منه؛ وهو تشكيل لجان تنفيذية تشرف على تطبيق الاتفاق وحل النقاط الخلافية، وهي النقاط الأخطر التي قد “تفجر الاتفاق”، على حد تعبير الخبير.

الطاقة والمحروقات

يرى الكريم أن الاتفاق يحقق منافع عديدة لقطاع الطاقة على المدى القريب، إذ أصبح بالإمكان “تأمين النفط والغاز من مناطق الإدارة الذاتية المُعفاة والمُستثناة من قانون قيصر عبر استغلال تعليق بعض العقوبات، مما يتيح بيع النفط إلى الخارج وتوفيره للداخل، وبالتالي تشجيع الدول الأخرى على التعاون مع سوريا”.

ويضيف الكريم أن ثمة إمكانية أيضا للاستفادة من تعليق العقوبات على البنك المركزي، والسماح بالتعامل معه لتأمين قطع الغيار لمؤسسات البنية التحتية وتحديدا الكهرباء.

وهو ما يذهب إليه أيضا عبد النور، الذي يعتبر أن الاتفاق وفر الإمكانية لتأمين المحروقات لسوريا بشكل أفضل في المرحلة المقبلة، لكن للحصول على أفضل النتائج وأكبر المنافع من الاتفاق لا بد من رفع كامل للعقوبات، لأن رفعها يتيح للشركات الكبرى -الأميركية بشكل خاص- الدخول إلى سوريا والعمل على تحسين كل الطاقات الإنتاجية للآبار النفطية، وفق تقديره.

ويشير عبد النور إلى أن الاتفاق أتاح للحكومة السورية الإمكانية لاستجرار الكهرباء وتوليدها لكافة محافظات البلاد، غير أن ذلك يحتاج إلى توفير الأموال اللازمة، لأن عملية استجرار وجلب الكهرباء ستكون مكلفة، الأمر الذي يجب أخذه بعين الاعتبار.

وكان نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد يعتمد على استجرار إمدادات النفط من مناطق الإدارة الذاتية وإيران، ذلك بعد خروج مجمل آبار النفط عن سيطرته ابتداء من عام 2012، وكان يؤمن حوالي 50 ألف برميل يوميا، في وقت يبلغ فيه متوسط الطلب على النفط في سوريا حوالي 100 ألف برميل يوميا.

الذهب الأصفر

وعلى الجهة الأخرى، يشير الكريم إلى أن هذا الاتفاق يدفع باتجاه:

    تأمين المورد الغذائي لكافة أنحاء سوريا خلال العام المقبل على الأقل، وخاصة مادة القمح الغنية بها مناطق شمالس شرقي سوريا.

    تحسين إيرادات الحكومة والتي كانت تُستنزف سابقا في توفير المحروقات والمواد الغذائية.

    تأمين الاستقرار النقدي، لوجود كتلة مالية ضخمة جدا من النقد المحلي والأجنبي في مناطق الإدارة الذاتية.

ويعتقد الكريم أن نجاح هذا الاتفاق بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية يسهم على المدى الطويل في تحقيق الأمن الغذائي للبلاد بالاعتماد على الإنتاج المحلي، ويحسن من الاحتياطي النقدي.

في حين يؤكد عبد النور أن “الوفرة في مادة القمح بعد الاتفاق تعني أولا تأمين مادة الخبز بصورة أكبر، وبالتالي انخفاض سعرها بعد أن سجل ارتفاعا في الشهور الأخيرة، وثانيا تأمين مادة الشعير الضرورية للثروة الحيوانية، والتي كانت في السابق تستورد من مناطق قسد المنتج الأول لها”.

يُذكر أن غلال محاصيل القمح قد تراجعت بصورة كبيرة في المناطق التي كان يسيطر عليها النظام السوري المخلوع، والتي كانت تساوي نحو 70% من مساحة البلاد، وذلك على خلفية خروج عدة مناطق رئيسية منتجة للمادة في شمالي شرقي البلاد عن سيطرته.

وكان إنتاج سوريا من مادة القمح تجاوز في عام 2010 حاجز 3 ملايين طن سنويا، لكنه انخفض تدريجيا في السنوات اللاحقة ليصل مع عام 2024 إلى 720 ألف طن فقط، في حين قدّرت مصادر حكومية حاجة البلاد من المادة بـ2.5 مليون طن سنويا.

عودة مستثمرين وإعادة الإعمار

وعلى المدى المتوسط يمكن للاتفاق أن يشجع على زيادة الحوالات المالية إلى سوريا من قبل الكيانات الخارجية (من بينهم الأفراد)، مستفيدين من الاستثناء الخاصة من العقوبات الاقتصادية الغربية بمناطق قسد، والرخصة الأميركية للبنك المركزي، وبذلك يمكن الالتفاف على هذه العقوبات وتشجيع عودة الكثير من المستثمرين السوريين لضخ الأموال للبنية التحتية، وفقا للكريم.

أما للاستفادة من الاتفاق على المدى الطويل، فيرى الخبير أن المسألة ترتبط بالبنية التشريعية والقانونية الصادرة عن الحكومة الجديدة، وتعيين حكومة يقبل بها الغرب، مما يسهم في تمديد الترخيص وتجميد العقوبات.

ويشير الكريم إلى أن زيادة الاستثمارات ستؤدي إلى تحريك عجلة الاقتصاد، ويقول إن هذا الاتفاق من شأنه تخفيف الضغط على العملة الصعبة بالاعتماد على الاكتفاء الذاتي والموارد المحلية.

وسيساعد الاتفاق على إطلاق عملية إعادة الإعمار، وخاصة في البنية التحتية نتيجة الوفرة المتوقعة للمحروقات التي تعد عصب الصناعة وعصب إعادة الإعمار، بحسب الخبير.

ووفق الكريم يؤدي فتح الأسواق بين مناطق الحكومة السورية ومنطقة الإدارة الذاتية -التي يعيش فيها حوالي 4 ملايين شخص- إلى تحسين حركة التجارة، وبالتالي زيادة الإنتاج واستقطاب قوى عاملة جديدة وتخفيض مؤشر البطالة، وتخفيف الاحتقان الحاصل في سوريا نتيجة عمليات التسريح في الشهور الأخيرة.

المصدر : الجزيرة

————————-

انعكاسات رفض جهات كردية الإعلان الدستوري على اتفاق قسد ودمشق/ عمار دروبي

19/3/2025

أنقرة- أثار اعتراض كيانات سياسية كردية سورية -على الإعلان الدستوري الناظم للمرحلة الانتقالية في سوريا- مخاوف من تأثيرات سلبية على الاتفاق الأخير بين قوات سوريا الديمقراطية “قسد” وحكومة دمشق الجديدة، والذي ينتظر أن تعقبه مرحلة جديدة ومنعطف تاريخي في البلاد التي أنهكتها الحرب.

ووصفت “الإدارة الذاتية” في شمالي شرقي سوريا -والتي تمثل الواجهة المدنية لـ”قسد”- الإعلان الدستوري الصادر من دمشق بأنه “مماثل لسياسات حزب البعث السابقة”، معتبرة أنه يفتقر إلى معايير التنوع الوطني السوري “ويخلو من بصمة أبناء سوريا من الأكراد والعرب والسريان والآشوريين وغيرهم من المكونات”.

كما اعتبر المجلس الوطني الكردي الذي يضم عدة أحزاب كردية سورية الإعلان الدستوري بأنه بعيد عن التطلعات نحو بناء دولة ديمقراطية تعكس التنوع الحقيقي للمجتمع السوري.

وأكد المجلس في بيان، أول أمس الاثنين، أنه يدعم مطالبات منظمات المجتمع المدني والفعاليات الاجتماعية بتعديل الإعلان الدستوري، بما يضمن حقوق الأكراد والمكونات كافة.

موقف سياسي

ويخشى أن ينعكس موقف تلك الكيانات الكردية سلبا على الاتفاق الذي وقعه الرئيس السوري أحمد الشرع والقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي في 10 مارس/آذار الحالي، والذي وصف بأنه “تاريخي” لما يتضمن من إدماج قوات “قسد” في مؤسسات الدولة وتأكيد وحدة الأراضي السورية ورفض التقسيم.

ويصف عضو لجنة صياغة الإعلان الدستوري السوري، أحمد القربي، الرفض الكردي بأنه يستند إلى موقف سياسي أكثر مما هو موقف مرتبط بطبيعة الإعلان، مشيرا إلى وجود تيارات سياسية في “قسد” ترفض الاتفاق مع دمشق، وتحاول التشويش عليه من خلال وضع العصي في الدواليب.

واستبعد القربي -في حديث للجزيرة نت- أن يؤثر موقف هذه الكيانات الكردية السورية سلبا على نجاح الاتفاق بين الإدارة السورية وقوات قسد، مؤكدا أن المبادئ الأساسة “أمر متوافق عليه بين الجانبين ويرتبط نجاح تطبيقه بالمواقف الدولية لاسيما الأميركية والتركية”.

وأعرب عن اعتقاده أن تنفيذ الاتفاق يتعلق أيضا بالمواقف ضمن مكونات قوات قسد ورغبتها بالانخراط ضمن الدولة السورية الجديدة من عدمه، لافتا إلى أن الإعلان الدستوري يستخدم “شماعة” من تلك الكيانات الكردية التي عبرت عن رفضه.

وشدد الحقوقي السوري على ضرورة النظر إلى الإعلان الدستوري بأنه ناظم لمرحلة انتقالية في سوريا، وليس دستورا دائما للبلاد.

ورقة ضغط تفاوضي

ومن المقرر أن تجتمع لجنة شكلتها الرئاسة السورية أخيرا مع قائد قسد، يوم غد الأربعاء، بهدف استكمال الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في دمشق، وسط تجاذبات وتطورات عدة في الموقف الكردي.

في حين كشفت مصادر للجزيرة نت أن كيانات كردية تعتزم تشكيل وفد مشترك لزيارة دمشق، وبحث تداعيات الاتفاق الأخير مع قوات قسد وبدء عملية تفاوض جديدة.

ورأى الأكاديمي والمحلل السياسي الكردي فريد سعدون أن ما أزعج الكيانات الكردية ومنها المجلس الوطني الكردي عدم إشراكها في الرأي والإعداد للإعلان الدستوري السوري، وعدم تضمن الإعلان بندا خاصا بالقضية الكردية.

وقال سعدون للجزيرة نت إن البيانات الكردية والمظاهرات الرافضة للإعلان الدستوري “ورقة ضغط سياسي أولا، وتحشيد للرأي العام ثانيا، ورسالة إلى المجتمع الدولي ثالثا”، وأشار إلى أن الموقف الكردي سيعزز الورقة التفاوضية لديه خلال المرحلة المقبلة، مما يدفع بالاتفاق نحو التنفيذ أكثر منه نحو العرقلة.

لكن الباحث في مركز “جسور للدراسات” وائل علوان اعتبر أن هناك انقساما في الموقف الكردي السوري، حيال الاتفاق الأخير مع حكومة دمشق، مؤكداً أن “الإدارة الذاتية” ومجلس سوريا الديمقراطية “مسد” يرفضان مبدأ التقارب مع الإدارة السورية الجديدة.

وأوضح علوان للجزيرة نت أن تنفيذ الاتفاق لن يتأثر بشكل رئيس بالإعلان الدستوري “بل بالانقسام الحاد في الموقف الكردي” لافتا إلى أن الموقف الغربي لاسيما الأميركي سوف يضغط لمنع إحداث انقسامات كبيرة في شمالي شرقي سوريا حيث يسيطر الأكراد.

وبحسب علوان، فإن الأطراف كافة ستحاول الحفاظ على الخطوط العريضة للاتفاق بين “قسد” ودمشق، خصوصا الحكومة السورية، فيما ستكون التفاصيل بتنفيذه هي المشكلات التي ستعترض طريقه.

المصدر : الجزيرة

———————————

وفد من دمشق يصل الحسكة لبحث تنفيذ الاتفاق مع قسد

دبي – العربية.نت

19 مارس ,2025

على الرغم من منع الحكومة السورية قواتها من التوجه لمناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية “قسد” في الوقت الراهن، قررت تنفيذ الاتفاق على ما يبدو.

تركيا: سنراقب خطوات تنفيذ اتفاق دمشق وقسد

العرب والعالم تركيا: سنراقب خطوات تنفيذ اتفاق دمشق وقسد

وفد من دمشق يصل الحسكة

فقد أفادت مصادر “العربية/الحدث” اليوم الأربعاء، بأن وفداً من دمشق وصل الحسكة.

وأضافت أن هذا الوفد توجه شرقاً لبحث تنفيذ الاتفاق مع قسد الذي وقعه الرئيس أحمد الشرع في 10 مارس/آذار 2025 مع القائد العام لتلك القوات مظلوم عبدي، ويقضي باندماجها في الجيش السوري ومؤسسات الدولة الأخرى.

جاء هذا بعد أيام من إعلان الرئاسة السورية أن قوات سوريا الديمقراطية، التي تسيطر على جزء كبير من شمال شرق البلاد، وقعت اتفاقا للانضمام إلى مؤسسات الدولة الجديدة.

ويقضي الاتفاق بدمج المؤسسات المدنية والعسكرية التي تسيطر عليها “قسد” بشمال شرق البلاد مع الدولة، مع وضع المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز هناك تحت سيطرة إدارة دمشق.

كما أتى في وقت عصيب من عمر سوريا بعد أحداث الساحل السوري ومقتل العشرات إثر اشتباكات مع فلول من النظام السابق، في تطور قال عنه الرئيس الشرع إنه يهدد جهوده الرامية للم شمل البلاد بعد الصراع الذي دام 14 عاما.

أمل بواقع أفضل

يذكر أن الاتفاق يقضي بدمج المؤسسات المدنية والعسكرية التي تسيطر عليها “قسد” بشمال شرق البلاد مع الدولة، مع وضع المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز هناك تحت سيطرة إدارة دمشق.

وكان الرئيس السوري أحمد الشرع وقعه في 10 مارس/آذار 2025 مع القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” مظلوم عبدي في دمشق، ما فتح باب الأمل لدى السوريين بتحسين الواقع الخدماتي المتردي للبلاد بعد 14 عاما من حرب طاحنة، خصوصا وأنها تسيطر كل مناطق الموارد في البلاد.

————————————

عن ضرورة الدعم الدولي لسوريا الجديدة/ رمزي عز الدين رمزي

التسوية لا يمكن أن تتم إلا باتفاق روسي- أميركي

آخر تحديث 18 مارس 2025

كنت قد أحجمت عن الكتابة عن سوريا منذ السادس من ديسمبر/كانون الأول 2024، أي قبل يومين من دخول “هيئة تحرير الشام” إلى دمشق والإطاحة بحكم الأسد. في ذلك الوقت، بينتُ أنه من واجب الدول العربية أن لا تسمح بانهيار الدولة السورية والإمساك بزمام المبادرة وتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. وأوضحتُ كذلك أنه، على الرغم من أن القرار “اعتُمد في عام 2015، عندما كانت الظروف مختلفة اختلافا كليا، فإنه يبقى الإطار المتفق عليه دوليا للوصول إلى تسوية ما وأنه يحتاج إلى خطة عمل لتسهيل تطبيق بنوده الأساسية المتمثلة في الانتقال السياسي، وإعادة الإعمار، وعودة اللاجئين، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة بإشراف الأمم المتحدة”. كما بينتُ أيضا أن هذا الأمر من شأنه أن “يخلق الظروف المناسبة لوضع حد للتدخل الأجنبي في سوريا”.

ومنذ ذلك الحين، وأنا أراقب الأحداث التي راحت تتكشف في كافة أنحاء سوريا. تابعتُ التطورات بمزيج من الأمل والقلق، بل وربما ببعض الأسى أحيانا. الأمل في مستقبل أفضل للشعب السوري الذي رزح طويلا تحت وطأة نظام متعنت عجز عن ممارسة المرونة والابتكار، وحشد الإرادة السياسية لتلبية تطلعات شعبه. كنت مفعما بالأمل لأن أخلاقيات العمل المُثلى، والمثابرة، وروح الإبداع، والفطنة الريادية التي يتمتع بها أبناء الشعب السوري، كفيلةٌ بجعله قادرا على رسم مستقبل أفضل لبلاده.

أما القلق فسببه تعقيد المعضلة السورية، بأبعادها المحلية والإقليمية والدولية، التي تتطلب قيادة استثنائية قادرة على اجتراح الحلول لإنجاز الانتقال السياسي وصولا إلى نظام حكم “ذي مصداقية وتعددي وغير طائفي” كما ينص القرار 2254.

غير أن الذكرى السنوية الرابعة عشر للانتفاضة السورية، مقترنة بالتطورات التي شهدتها الأيام القليلة الماضية، ساعدتني في التغلب على ترددي في مشاركة آرائي حول الوضع الراهن، وكلي أمل أن تساعد مساهمتي الشعب السوري على تحقيق تطلعاته في الحرية والكرامة والازدهار.

وعلى الرغم من أن هذه التطورات ما زالت تندرج ضمن إطار الأمل والقلق، فإنها عززت قناعتي بأنه لا ينبغي ترك سوريا لتبحر وحيدة في المياه الغادرة للانتقال السياسي. إذ يقع على عاتق المجتمع الدولي، وفي مقدمته الأمم المتحدة، والدول العربية أولا، واجب، بل مسؤولية، مساعدة الشعب السوري على تجاوز صعوبات الانتقال السياسي.

لنسلط الضوء أولا على مؤتمر الحوار الوطني. كان بيانه الختامي خطوة في الاتجاه الصحيح، إلا أن العملية المتسرعة، فضلا عن قصر مدتها المؤسف، تركت الكثير من السوريين، وكذلك عددا غير قليل من المراقبين الدوليين، متشككين في مصداقيتها. والأمر الذي يلقي بظلاله هو إذا ما استُخدمت الأساليب نفسها التي اعتُمدت في تنظيم المؤتمر عند تشكيل الحكومة الانتقالية، وصياغة الدستور، والسعي لتحقيق العدالة الانتقالية، والتحضير للانتخابات الوطنية، وغيرها من القضايا الحساسة، فلا شك أن هذا سوف يترك المزيد من السوريين في حالة من اليأس بشأن مستقبلهم.

ثانيا، الإعلان الدستوري الصادر في 13 مارس/آذار، ففي حين نجد أنه ينص على كل الأمور الصحيحة بشأن الفصل بين السلطات، واحترام حقوق الإنسان، وحقوق المرأة، وما إلى ذلك… غير أنه يمنح الرئيس سلطة غير محدودة على كل من السلطتين التشريعية والقضائية للحكومة.

جدير بالذكر أن ما نقدمه هنا هو مجرد ملاحظات أولية. لا ينطوي الإعلان الدستوري على أي إشارة إلى الديمقراطية، ولو كهدف طموح، في حين أن جميع الدساتير الحديثة- بما فيها دساتير الدول العربية- تشير إلى الحكم الديمقراطي كركيزة من ركائز النظام السياسي.

إن غياب ذكر الديمقراطية يثير جملة من التساؤلات. ففي الوقت الذي يمتلك فيه رئيس الجمهورية الحق في تعيين ثلث أعضاء مجلس الشعب (البرلمان)، فإنه يعين أيضا اللجنة التي تختار ثلثي الأعضاء الباقين، ما يعني عمليا أنه يستطيع ممارسة سيطرة كاملة على المجلس.

كما أن تشكيل الأحزاب السياسية مقيد بقانون يصدره مجلس الشعب، في حين أنه إذا كانت حرية التعبير السياسي مكفولة فلا ينبغي تقييد تشكيل الأحزاب السياسية بأي شكل من الأشكال، باستثناء كونها لا تستند إلى أساس ديني أو عرقي. كذلك يعين الرئيس قضاة المحكمة العليا. وتُمنح كل هذه الصلاحيات للرئيس دون أي ضوابط أو توازنات. وأخيرا، في حين أن الفترات الانتقالية القصيرة أفضت إلى نتائج عكسية حيث أنتجت دساتير وبرلمانات معيبة تفتقر إلى تمثيل حقيقي وموثوق للسكان، فإن فترة انتقالية مدتها خمس سنوات هي فترة طويلة للغاية. ونظرا لجوهر الإعلان، فهذه الفترة تطرح السؤال المشروع حول ما إذا كان الأمر برمته مجرد حيلة لتوفير الوقت والمساحة اللازمة للسلطات الحالية كي تثبت أركان حكمها وتنتج نظام حكم يعتمد مبدأ “رجل واحد– صوت واحد” يقوم على صوت واحد لكل رجل وامرأة طيلة الوقت، ما يمنع أي نقل حقيقي للسلطة بعيدا عن السلطات الحالية.

ثانيا، أثارت الأحداث المأساوية في كل من حمص واللاذقية وطرطوس، والتي أودت بحياة أكثر من ألف شخص، مخاوف جمة. وبغض النظر عن الجهة التي تقف وراء اندلاع العنف، فقد لقي مئات المدنيين الأبرياء حتفهم على يد الميليشيات المرتبطة بالسلطات في دمشق. ويُحسب للرئيس الشرع سرعة استجابته بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق ولجنة للسلم الأهلي. نأمل أن لا يقتصر عمل اللجنتين على الوقوف عند الأحداث بحد ذاتها، بل أن تتناولا أيضا السياق الذي وقعت فيه والعوامل الكامنة وراء العنف الذي اشتعل. ومن أبرز هذه العوامل التسريح الجماعي للعسكريين والمدنيين دون أي تعويض مادي.

ثالثا، الاتفاق بين “قوات سوريا الديمقراطية” والسلطات في دمشق، بوساطة حيوية من الولايات المتحدة، وفرنسا على ما يبدو. إنه تطور بالغ الأهمية، ونأمل أن يفتح الباب لحل المشكلة الكردية المُتفاقمة منذ أمد بعيد في سوريا. بيد أن الاتفاق لا يضع سوى مبادئ ومعايير عامة للتسوية، فهو يترك الباب مفتوحا أمام مفاوضات مطولة لتسوية القضايا الأكثر حساسية وأهمية. على سبيل المثال، لا يُحدد الاتفاق كيفية دمج الهياكل العسكرية والإدارية في الشمال الشرقي مع تلك الموجودة في دمشق. والأكثر أهمية، ما زال الغموض يكتنف مسألة دمج قوات الأمن التي تقودها قوات سوريا الديمقراطية مع الأفراد العسكريين الوطنيين، وكذلك كيفية توحيد الهياكل الإدارية وتحديد نموذج الحكم الذي سوف يُعتمد.

بالإضافة إلى ذلك، لا تزال مسائل حاسمة مثل الدستور، وخصائص الدولة المستقبلية، ودور قوات سوريا الديمقراطية في المرحلة الانتقالية، والهيئة التشريعية، والحكومة المؤقتة، دون حل. فلا عجب أن يأتي رد فعل “قوات سوريا الديمقراطية” على الإعلان الدستوري سلبيا. وباختصار، فإن تحويل الاتفاق إلى أي شيء ملموس يتطلب الكثير من حسن النوايا والعمل الجاد.

رابعا، في حين يعد الاتفاق بين السلطات في دمشق والطائفة الدرزية تطورا جديرا بالترحيب، فإن استمرار إسرائيل في التعدي على السيادة السورية إلى جانب إعطاء نفسها الحق في حماية الطائفة الدرزية في سوريا، لا يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي فحسب، بل والأهم من ذلك أنه تكتيك يهدف إلى تقويض الانتقال السياسي الشامل في سوريا.

أخيرا، يعتبر عقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مشاورات غير رسمية بشأن سوريا بناء على طلب مشترك من روسيا والولايات المتحدة أمرا إيجابيا. فهي المرة الأولى التي نشهد فيها مثل هذا النوع من المشاورات منذ زمن طويل. فمنذ ذروة التعاون الروسي الأميركي الذي أثمر عن قرار مجلس الأمن رقم 2254 (الذي ما يزال الإطار المتفق عليه دوليا للتسوية في سوريا)، لم تُعقد أي مشاورات غير رسمية بناء على طلب مشترك من موسكو وواشنطن.

ولطالما أكدتُ أن التسوية في سوريا لا يمكن أن تتم إلا باتفاق روسي أميركي، أو على الأقل بتفاهم بين الجانبين. كان هذا صحيحا قبل الثامن من ديسمبر، ولا يزال صحيحا الآن. وسيُجبر هذا الاتفاق الجهات الفاعلة الإقليمية على تعديل سياساتها وتبني مواقف بناءة أكثر بشأن التسوية. وهذا بدوره سيساعد على خلق دينامية داخلية تُفضي إلى تسوية.

يبدو اليوم أن هناك تقاربا وليدا بين موسكو وواشنطن. بعد اجتماع جدة في المملكة العربية السعودية، زادت احتمالية التوصل إلى تسوية في أوكرانيا بشكل ملحوظ. وإذا نجح هذا الأمر، فستتخذ العلاقات الروسية الأميركية مسارا تصاعديا، مع آثار إيجابية في سائر أنحاء العالم، ومن بينها سوريا.

لقد عززت التطورات المذكورة أعلاه قناعتي بأنه إذا تُرك السوريون دون دعم دولي كاف، فلن يتمكنوا من التوصل بمفردهم إلى اتفاق حول مستقبل البلاد يلبي تطلعات السكان ذوي التعدد الديني والعرقي والثقافي.

وعلى الرغم من أن السلطات الحالية في دمشق لديها تحفظات واضحة على القرار 2254 وبالتالي على الدور السياسي للمبعوث الخاص للأمم المتحدة، فهي لم توصد الباب في وجه التعاون مع الأمم المتحدة.

ونظرا لأن السلطات في دمشق تفتقر إلى الخبرة اللازمة، فضلا عن الموارد البشرية المؤهلة الكافية داخل سوريا للاضطلاع بهذه المهام الجسيمة، فينبغي لها أن ترحب بالمساعدة الدولية، التي تقودها الدول العربية والأمم المتحدة، لتوفير الدعامات والأسس اللازمة لحماية عملية الانتقال نحو نظام حكم موثوق وتعددي وغير طائفي. وهو ما ينطبق بشكل خاص على مجالات إعادة الإعمار وما يتصل بها من رفع العقوبات الدولية، وعودة اللاجئين، والتحضير للانتخابات، كما ينطبق في الوقت نفسه على مسألة العدالة الانتقالية بالغة الأهمية. فالأمم المتحدة لها باعٌ طويل وخبرة واسعة في حالات ما بعد الصراع، ويمكن الاستفادة من هذه الخبرة في الواقع السوري.

المجلة

————————————–

تركيا والتصعيد ضد أكراد سوريا… ما هي خيارات إدارة الشرع لحسم هذا الملف؟/ محمد سليمان

الثلاثاء 18 مارس 2025

في الشرق الأوسط، عندما تتحرّك الجغرافيا تتحرّك المصالح، وعندما تشتعل الحدود يكون هناك دائماً طرف ثالث يراقب بصمت، متحيّناً الفرصة. هذا ما يحدث راهناً في سوريا حيث تهاجم تركيا مناطق تركّز الأكراد في شمالها، وكأنما تحاول فرض نفسها كقوة لا يمكن تجاهلها في المعادلة السورية، حتى لو كان ذلك على حساب مزيد من الفوضى في البلد الذي لم تستقرّ أوضاعه منذ إسقاط نظام الأسد، نهاية العام المنقضي، وحتّى لو أحرجت هجماتها الحكومة السورية الجديدة التي وقّعت قبل أيام اتفاقاً وصفه السوريون بـ”التاريخي”، مع قوات سوريا الديمقراطية “قسد”.

جاء تكثيف الهجمات التركية أخيراً، متزامناً مع تصاعد الاشتباكات على الحدود السورية اللبنانية، ما دفع البعض إلى التشكيك في أن تكون هذه المواجهات غير مقصودة، وعدّها مدفوعةً بشيء أكبر من مجرد اشتباكات متفرّقة. ويبقى السؤال: من المستفيد من إشعال هذه الجبهة الآن؟

برغم أنّ الأحداث تبدو منفصلةً، إلا أنّها في الواقع تشكّل أجزاء من مشهد إقليمي واحد، حيث الفوضى ليست عرضاً جانبياً، بل هي عامل أساسي في اللعبة، حتّى إسرائيل التي تتابع المشهد وكأنها تلعب الشطرنج، تحرّك الأحجار هنا وهناك، وتنتظر أن ينهار كل شيء لصالحها.

في هذا التقرير، يحاول رصيف22، الإجابة عن هذه التساؤلات من خلال تحليلات وآراء مجموعة من الناشطين والباحثين المتخصصين في الشأن السوري وتقاطعاته الإقليمية والدولية.

تركيا والأكراد والحكومة السورية… ماذا تريد أنقرة؟

منذ بدء تصعيد تركيا والفصائل الموالية لها، ضد مواقع “قسد”، في 12 كانون الأول/ ديسمبر 2024، وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان، مقتل 654 شخصاً، بينهم 66 مدنياً. وبينما تتواصل الاشتباكات والاستهدافات على محورَي سدّ تشرين وجسر قره قوزاق، يقول المرصد إنّ الهجمات التركية الأخيرة تشكّل “تصعيداً غير مسبوق، في وقت تحاول فيه أنقرة فرض واقع ميداني جديد”.

“استمرار الهجمات التركية على الكُرد في سوريا، برغم التقارب مع دمشق، ما هو سوى استمرار للسياسة التركية المعلنة منذ سنوات، والتي تهدف إلى إضعاف الوجود الكردي على طول حدودها. تركيا لم تكتفِ بالتدخل العسكري واحتلال أجزاء من الأراضي السورية، بل تواصل عمليات القصف واستهداف سبل عيش المدنيين بشكل ممنهج”. هذا ما يقوله المدير التنفيذي لرابطة “تآزر” للضحايا، عز الدين صالح، في حديثه إلى رصيف22، ويضيف: “بصرف النظر عن الاتفاق بين الحكومة السورية و’قسد’، فإنّ مسؤولية حماية جميع المواطنين تقع على عاتق الدولة السورية، لذا يجب عليها التحرّك بشكل فعّال لحماية سيادتها ومنع تركيا من استهداف أراضيها ومواطنيها”.

ويؤكد صالح، أنّه بعد توقيع الاتفاق مع “قسد”، الذي ينصّ على دمجها في الجيش السوري الجديد، يتوجّب على الدولة السورية تفعيل الدبلوماسية مع تركيا والدول الحليفة والمجتمع الدولي، من أجل الضغط على تركيا لوقف هجماتها غير القانونية، والمطالبة بمحاسبة المسؤولين عنها.

ويختم صالح، حديثه بالتأكيد على أنّ حماية السوريين والسوريات دون تمييز، وضمان عودة المهجّرين إلى مناطقهم بأمان وكرامة، يجب أن يكونا أولويةً وطنيةً للحكومة السورية في المرحلة القادمة.

الرؤية التركية لسوريا… بين المخاوف والفرص

من جهته، يرى الناشط المدني حسين الشبلي، أنه لا يمكن فهم الرؤية التركية لسوريا بمعزل عن تقييم تركيا للمنطقة عموماً، فالدولة التركية تعي طوفان الشرق الأوسط الجديد وتتمنى الاستفادة منه بقدر ما تخشى مخاطره، لذلك ترى الفرصة السورية نعمةً و نقمةً في آن واحد.

كما يؤكد الشبلي، أنّ وحدة سوريا بالنسبة لتركيا، ليست مجرّد قضية سياسية، بل هي مسألة اقتصادية وإستراتيجية حيوية. فسوريا الموحّدة تعني طريقاً للطاقة نحو أوروبا، ما يجعلها ممراً حيوياً لمصالح تركيا الاقتصادية، وفرصةً لترسيم الحدود البحرية مع دمشق، وهو ملف بالغ الأهمية لأنقرة، وغنيمة اقتصادية لشركاتها في إعادة الإعمار، حيث تسعى لتكون طرفاً رئيسياً في إعادة بناء سوريا، وتجديد خط سكة حديد الحجاز نحو الخليج، وهو مشروع تاريخي يحمل أبعاداً اقتصاديةً وإستراتيجيةً كبرى، إذ يربط تركيا بأكثر الأسواق استهلاكاً في المنطقة.

القضية الكردية… مفتاح خرائط المنطقة

إلى ذلك، يؤكد الشبلي، أنّ “تركيا تدرك أنّ القضية الكردية ليست مجرد ملف داخلي، بل هي عامل مؤثر في إعادة تشكيل المنطقة عموماً، لذا فإنها تتعامل مع قسد بحذر شديد، خوفاً من امتداداتها الإقليمية والدولية”.

كما يلفت إلى أنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يسعى إلى تحقيق اختراق في ملف الأكراد داخل تركيا وتقديمه كإنجاز في الانتخابات الرئاسية المقبلة، خاصةً مع تصاعد شعبية منافسه، عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو. لهذا، لا يريد أردوغان إنهاء الصراع في سوريا بطريقة تفتح جبهةً كرديةً جديدةً داخل تركيا.

وبناءً على ذلك، يقول الشبلي، إنّ زيارة الوفد التركي إلى دمشق بعد الاتفاق بين “قسد” والأخيرة، أرادت أنقرة من خلالها إيصال رسالة مفادها أنه لا يمكن حلّ القضية الكردية في سوريا بشكل منفصل عن القضية الكردية داخل تركيا.

ما الذي تريده تركيا من “قسد”؟

يرى الشبلي، أنّ ما تريده تركيا من “قسد”، فعلياً، يتلخص في “التخلّي عن أجندتها الأممية، كما فعلت هيئة تحرير الشام سابقاً، والتحوّل إلى فصيل سوري يطالب بالمحاصصة داخل حكومة دمشق، لا أكثر، والانفصال نهائياً عن حزب العمال الكردستاني (PKK)، وإخراج عناصره من سوريا، وإنهاء بنيتها العسكرية، حتى لا تتحوّل إلى نموذج منظّم يشبه النموذج التركي في سوريا”.

ويشدّد على أنّ “تركيا لا تريد أن تبقى القضية الكردية ذات طابع نضالي، سواء في سوريا أو داخل أراضيها، لأنها تدرك أن ذلك قد يفجّر الداخل التركي، خاصةً مع تآكل الهوية الأتاتوركية لصالح هوية عثمانية إسلامية غير قادرة على استيعاب الأكراد ذوي التوجهات اليسارية”.

ما الذي يجب أن تفعله دمشق؟

أما في ما يخصّ ما ينبغي على الحكومة السورية الحالية فعله، إذا أرادت حكومة دمشق تقليل المخاوف التركية والكردية على حد سواء، فيقول الشبلي، إنّ عليها التحرّك بسرعة لخلق بيئة أكثر استقراراً، وإرسال رسائل واضحة إلى جميع الأطراف بأنّ سوريا لن تكون ساحةً لتصفية الحسابات الإقليمية.

فضلاً عن ذلك، يحثّ الشبلي، الإدارة الحالية أيضاً على “تفكيك أسباب القلق التركي من خلال طمأنة أنقرة بأنّ وحدة سوريا تعني أيضاً منع أي شكل من أشكال الانفصال الكردي”، و”إيجاد تسوية للقضية الكردية داخل سوريا بحيث تصبح ‘قسد’ جزءاً من الدولة السورية، دون أن تكون أداةً لأجندات خارجية”، و”إعادة هيكلة الجيش السوري ليصبح أكثر توازناً وتمثيلاً للمكوّنات كافة، ما يجعله قادراً على فرض سيادته ومنع أيّ تدخلات خارجية”.

كذلك، يرى الشبلي، في “تشكيل حكومة أكثر شموليةً وتمثيلاً للأطياف كافة، بما يخلق إجماعاً داخلياً ودولياً لدعم المرحلة الانتقالية في سوريا، عاملاً لا يمكن تجاهله لإنهاء هذا الملف”.

ومن وجهة نظر الشبلي، أيضاً، أنّ تركيا ترى في ظلّ استمرار الهجمات، صعوبة تقدير التقلّبات في المنطقة وعدم استقرار سوريا بعد، لذلك، وتجنّباً لأيّ سيناريو فوضوي وتفادياً لكل المخاطر التي سبق ذكرها، تنوي خلق منطقة عازلة واحتلال عين العرب (كوباني)، معرباً عن اعتقاده بأنّ “أنقرة لا تنوي ترك أمنها القومي عرضةً للصدفة لخاطر حكومة دمشق”.

إذاً، لا يبدو أنّ تركيا ستترك أمنها القومي عرضةً للمجهول، ولا سيّما أنّ المنطقة لا يبدو أنها تتجه إلى الاستقرار في المدى المنظور. والسؤال المهم هنا: هل تستطيع دمشق استباق الأحداث وتجنّب سيناريوهات أكثر تعقيداً؟ ربما الأيام كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال.

هل إسرائيل المستفيد الأكبر؟

سؤال آخر لا يقلّ إلحاحاً، يتعلّق بإسرائيل المتربّصة بما يحدث في سوريا، والتي لم تفوّت الفرصة منذ إسقاط نظام الأسد، لتدمير القدرات العسكرية للجيش السوري من جهة، واحتلال الأراضي السورية من جهة ثانية، ومحاولة تأليب بعض الدروز على محيطهم من جهة ثالثة لمنح احتلالها أراضيهم شرعيةً بينما هدفها الأساسي توسيع نفوذها.

في هذا السياق، يقول الناشط الفلسطيني السوري أحمد إبراهيم، لرصيف22، إنّ “استمرار إسرائيل في استهداف الأراضي السورية، جزء من المخطط الصهيوني الذي يسعى إلى ضرب القدرات العربية، وإضعاف أيّ قوة قد تشكل تهديداً لهذا الكيان”. ويشدد على أنّ إسرائيل تختلق الذرائع لتنفيذ مخططاتها العدوانية، فبعد أن كانت تبرّر هجماتها سابقاً بوجود القوات الإيرانية وقوات حزب الله اللبناني على الحدود القريبة منها، أصبحت اليوم تستهدف سوريا بحجة أنّ النظام الجديد متطرّف ويجب منعه من امتلاك أي قدرات عسكرية، ولا سيّما في الجنوب السوري.

    “على الحكومة السورية الحالية، إذا أرادت تقليل المخاوف التركية والكردية على حدّ سواء، التحرّك بسرعة لخلق بيئة أكثر استقراراً، وإرسال رسائل واضحة إلى جميع الأطراف بأنّ سوريا لن تكون ساحةً لتصفية الحسابات الإقليمية”

وينبّه إبراهيم، إلى أنّ الهدف الحقيقي لإسرائيل من اعتداءاتها الراهنة على الأراضي السورية، هو إخراج سوريا من دائرة أي صراع عربي مع إسرائيل، وتدمير قدراتها العسكرية بغض النظر عن الجهة الحاكمة، لدفعها نحو “التطبيع أو السلام” الذي تزعمه تل أبيب، برغم معرفتها بأنّ السلام الحقيقي لا يمكن أن يتحقّق إلا بزوال الاحتلال.

تقاطعات الوضع السوري والقضية الفلسطينية

كما يؤكد أنّ “المشروع الصهيوني، منذ نشأته، لم يكن يقتصر على احتلال فلسطين فحسب، بل كان يهدف إلى إقامة ‘إسرائيل الكبرى’ من الفرات إلى النيل، بما يشمل أراضي من الجزيرة العربية والأردن ولبنان. والشعب الفلسطيني، برغم كل الضغوط والمعاناة، لا يزال يقف سدّاً منيعاً أمام تنفيذ هذا المخطط، حيث لم تشعر إسرائيل بالأمان منذ 77 عاماً بسبب استمرار المقاومة”.

كذلك يشدد إبراهيم، على أنّ إسرائيل التي تحاول استغلال الظروف الراهنة في سوريا للسيطرة على مواقع إستراتيجية واقتصادية، لا تزال تواجه واقعاً مغايراً لطموحاتها، حيث إنّ الشعب السوري وإدارته الجديدة، كما هو الحال في الجنوب اللبناني، يرفضان الاستعمار والاحتلال ويصرّان على الدفاع عن أرضهما.

وفي ما يتعلّق بتأثير هذه الأحداث على القضية الفلسطينية، يشير إبراهيم إلى أنّ توسّع إسرائيل في جرائمها لا يزيدها إلا ضعفاً، إذ تتزايد الأصوات الدولية المنددة بجرائمها، كما أنّ الضغط الشعبي على الحكومات يتصاعد لوقف هذه الانتهاكات.

رصيف 22

——————————–

انتهاء أولى جولات التفاوض بين دمشق وقسد.. ما التوصيات الأميركية للطرفين؟

2025.03.19

كشفت مصادر خاصة لموقع “تلفزيون سوريا” عن انتهاء الجولة الأولى من اجتماعات اللجنة الحكومية السورية مع كل من قائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) مظلوم عبدي، ومسؤولين أميركيين، في القاعدة العسكرية بمدينة الشدادي بريف الحسكة.

ووفق المصادر، ترأس الوفد الحكومي السوري حسين سلامة، المحافظ السابق لدير الزور، بينما مثَّلَ “قسد” القائد العام مظلوم عبدي. واستمرت الجلسات لساعتين، ووُصفت بأنها تمهيدية لجولات تفاوضية مقبلة.

محادثات ثلاثية وجلسة أميركية منفصلة

وتألفت الجولة الأولى من ثلاث جلسات، كان آخرها اجتماع بين الوفد الحكومي والفريق الأميركي من دون مشاركة “قسد”، وفق ما أفادت به المصادر.

وخلال هذا اللقاء، أبلغ المسؤولون الأميركيون الوفد الحكومي السوري بأن واشنطن “متعاونة بأعلى المستويات لدعم جهود إحلال السلام في سوريا”.

وأكدت المصادر أن الوفد الحكومي غادر الحسكة عقب انتهاء الاجتماعات، وسط أجواء وصفت بالإيجابية، مع الاتفاق على استمرار المحادثات مستقبلاً.

في السياق ذاته، أشارت المصادر إلى أن الفريق الأميركي دفع “قسد” نحو تعزيز علاقاتها مع الحكومة السورية، ما قد يمهد لمزيد من التقارب بين الطرفين خلال الجولات المقبلة من المفاوضات.

8 لجان لبحث قرار الدمج

وكان الناطق الرسمي باسم “قوات الشمال الديمقراطي” التابعة لـ “قسد”، محمود حبيب، قال إنه تم الاتفاق على تشكيل ثماني لجان تبحث كامل القضايا التي يجب بحثها ضمن اتفاق إدماج “قسد” في مؤسسات الدولة السورية.

وفي تصريحات لقناة “المملكة” الأردنية، أوضح حبيب أن اللجان “ستبحث كل القضايا الأمنية والعسكرية والإدارية والحكومية”، مشيراً إلى أنها ستصل إلى “نهاية تسعد الجميع، ولا يجب أن يكون في سوريا غالب ومغلوب”.

واعتبر أن “للاتفاق عدة مزايا، إذ إنه أكد على وحدة الأراضي السورية ووحدة القوة العسكرية في سوريا، حين انضمت قوات سوريا الديمقراطية ضمن وزارة الدفاع السورية”، مشيراً إلى أن “السوريين رحبوا بالاتفاق، وظهر ذلك خلال احتفالاتهم بالشوارع، لإدراكهم أهميته على الصعيد الوطني”.

الشرع وعبدي يوقعان اتفاقاً في دمشق

في 10 آذار الجاري، وقع الرئيس السوري أحمد الشرع اتفاقاً مع القائد العام لـ”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) مظلوم عبدي، يهدف إلى دمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمالي وشرقي سوريا ضمن هيكل الدولة السورية، مع التأكيد على وحدة الأراضي السورية ورفض أي محاولات للتقسيم.

وتضمّن الاتفاق ثمانية بنود رئيسية، من بينها ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل السياسي والمشاركة في مؤسسات الدولة بناءً على الكفاءة، والاعتراف بالمجتمع الكردي كمكوّن أصيل في الدولة السورية، وضمان حقوقه الدستورية والمواطنة.

كما شمل الاتفاق وقف إطلاق النار في جميع أرجاء سوريا، ودمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي البلاد ضمن إدارة الدولة السورية، بما في ذلك المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز، إضافةً إلى ضمان عودة جميع المهجّرين السوريين إلى مناطقهم مع توفير الحماية اللازمة لهم.

—————————

 الأكراد يوحدون مطالبهم.. رؤية سياسية مشتركة تطالب بنظام فدرالي في سوريا

2025.03.19

كشف مصدر مطلع على سير المفاوضات بين المجلس الوطني الكردي (ENKS) وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، عن توصل الطرفين إلى اتفاق بشأن المطالبة بإقامة نظام حكم لا مركزي فدرالي في سوريا.

وقال المصدر لموقع “تلفزيون سوريا”، إن وثيقة “الرؤية السياسية الكردية المشتركة” تتضمن المطالبة بسوريا لا مركزية تضمن توزيعاً عادلاً للسلطة والثروة بين المركز والأقاليم، إضافة إلى إعادة النظر في التقسيمات الإدارية للمحافظات والمناطق السورية وفق معايير الكثافة السكانية والمساحة الجغرافية.

كما نصت الوثيقة على توحيد المناطق الكردية سياسياً وإدارياً ضمن نظام فدرالي داخل سوريا، إلى جانب التأكيد على ضرورة أن يكون الاسم الرسمي للجمهورية وعلمها ونشيدها الوطني معبّراً عن كل مكونات الشعب السوري، بحسب المصدر.

ووفق المصدر، فإن الوثيقة المكوّنة من نحو 30 بنداً تدعو إلى الاعتراف باللغة الكردية كلغة رسمية، وإلغاء المشاريع الاستثنائية التي استهدفت الأكراد، بما في ذلك مشروع “الحزام العربي” وسحب الجنسية خلال الإحصاء الاستثنائي عام 1962.

اجتماع في الحسكة واتفاق وشيك

في السياق ذاته، عقد المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي، أمس الثلاثاء، اجتماعاً في قاعدة استراحة الوزير بريف الحسكة، بهدف توحيد الرؤية السياسية الكردية.

وشارك في اللقاء، الذي يعد الأول من نوعه منذ عام 2020، كلّ من المبعوث الأميركي الخاص لمناطق شمال وشرق سوريا، سكوت بولز، وقائد “قوات سوريا الديمقراطية”، مظلوم عبدي.

وأوضح مصدر مطلع أن الاجتماع تركز على مناقشة الرؤية السياسية المشتركة وآلية تشكيل وفد مشترك للتفاوض مع الحكومة السورية، وسط ضغوط أميركية وغربية متزايدة لدفع الطرفين إلى اتفاق نهائي.

وأشار المصدر إلى أن أجواء اللقاء كانت إيجابية، مع تسجيل توافق على أكثر من 90 في المئة من بنود الوثيقة، بينما ما تزال بعض البنود الثانوية بحاجة إلى مزيد من النقاش. ومن المتوقع أن يعلن عن تشكيل وفد مشترك خلال الشهر الجاري، بعد عيد النيروز، للبدء بحوار رسمي مع الحكومة السورية برعاية أميركية وفرنسية.

الحوار الكردي – الكردي.. مسار متعثر منذ 2020

بدأت المفاوضات بين الأحزاب الكردية في سوريا برعاية أميركية في نيسان 2020، بإشراف مباشر من مظلوم عبدي. وعقد الطرفان عشرات الاجتماعات في قاعدة استراحة الوزير العسكرية بريف الحسكة، حيث توصلا إلى تفاهمات حول “الوثيقة السياسية” وإنشاء “مرجعية سياسية” لتوحيد الرؤى والخطاب السياسي.

إلا أن الجولة الثالثة من المفاوضات تعثرت منذ تشرين الأول 2020، نتيجة تصعيد حزب الاتحاد الديمقراطي ضد المجلس الوطني الكردي، حيث شهدت تلك الفترة حرق مقار الحزب، واعتقال وتهديد أعضائه ومسؤوليه.

ورغم العراقيل، ما تزال واشنطن تمارس ضغوطاً كبيرة على الطرفين لاستئناف المفاوضات، في خطوة تهدف إلى توحيد الصف الكردي استعداداً لخوض مفاوضات رسمية مع دمشق.

————————–

====================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى