العقوبات الأميركية على سوريا الجديدةسقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعسياسة

الموقف الأميركي اتجاه سوريا، مسالة رفع العقوبات، الشروط التي تفرضها الولايات المتحدة الاميركية على الحكومة السورية تحديث 26-27 نيسان 2025

لمتابعة هذا الملف التبع الرابط التالي

العقوبات الأميركية على سوريا الجديدة وسبل إلغائها

——————————–

حكومة الشرع وملفّ العقوبات الملحّ/ فاطمة ياسين

27 ابريل 2025

كميّة العقوبات المفروضة على نظام الأسد المخلوع قياسية، تضمّنت حصاراً من كل الفئات والألوان، وشملت عقوبات ذات طبيعة سياسية وأخرى اقتصادية، طاولت أفراداً وكيانات مدنية وهيئات حكومية، بالإضافة إلى عقوبات خصّت المؤسّسات العسكرية. حاولت العقوبات شلَّ كل جوانب حياة النظام السابق وتعطيل مؤسّساته، ولم يطبّقها طرف واحد، بل مجموعة دول ومنظّمات وتجمّعات ذات أهداف عديدة. ورغم كل تلك العقوبات بقي النظام يتنفّس، فقد استطاع التملّص حيناً والتلاعب على القوانين حيناً آخر، وحوّل نفسه آلةً إجرامية تمتهن الخروج عن القوانين بصفة قصدية ونحوٍ منهجيّ، فتاجر بالمخدّرات والبشر، ووصل تأثير تجاوزاته إلى ما هو أبعد من حدود الإقليم المجاور. تعامل الأسد بالممنوعات، ليؤمّن حصّة لأفراده من المال، ويبقى محافظاً على آلات القمع اللازمة للإبقاء على السيطرة. وعندما انهار البنيان فوق رؤوس مسؤوليه الكبار، هربوا جميعاً في ليلة واحدة، وبقيت العقوبات التي ورثها النظام الجديد في ما ورث من مشكلاتٍ مستعصيةٍ وخراب واسع، وأصبحت مسألة رفع العقوبات أولوية ملحّة للبدء بعملية إعادة تنظيم شاملة.

شهدنا في الأيام الأولى لولادة الحكومة الجديدة نشاطاً كبيراً لوزير الخارجية أسعد الشيباني، فرأيناه يقفز من مكان إلى آخر، ويعود إلى دمشق لعقد مزيد من الاجتماعات، وكان رفع العقوبات عنواناً عريضاً لكلّ حراك سياسي قام به. لم تكن الأيام الأولى مبشّرة، وطبيعة الوفود التي جاءت بسرعة إلى دمشق كانت من نمط العلاقات العامّة أو لاستطلاع ما يحدُث، ولم يرافقها رفعٌ مُجدٍ للعقوبات رغم تخفيف بعضها، فكأن الوفد كان يأتي ليعطي دروساً أو يلقي محاضراتٍ ويذهب، بينما الشارع السوري متروكٌ ليتعايش مع الحصار المُطبق. ولم يكن مفهوماً تماماً سببُ عدم رغبة الدول التي فرضت عقوباتها بالأصل على النظام السابق برفعها، بعد أن خرج رأس النظام ومجموعته مدحورين، وكان لدى تلك الدول مطالب محدّدة تريد من النظام السابق تنفيذها لترفع العقوبات، ورفضها بإصرار وعناد.

بعد فترة الأشهر الثلاثة وولادة الحكومة الانتقالية الجديدة التي يترأسها أحمد الشرع، تغيّر الوضع قليلاً. ويبدو أن الحكومة المتشكلة قد لاقت صدى دولياً جيداً، ورحبت بها معظم الدول، وبدأ الجليد يتكسّر ببطء من حول العقوبات المفروضة، فخفّفت معظم الدول منها، لكن الولايات المتحدة التي تتفرد بالحصّة الأكثر فعالية قدّمت شروطاً ثمانية، بعضها، على ما قيل، واجبُ التحقيق، ومنها ما هو في صالح الإدارة الجديدة، لكن منها ما هو بالفعل ذو طبيعة سيادية محضة، ويتطلب التفكيرَ مليّاً، وربما تحتاج الموافقةُ عليه اتفاقاً داخلياً واسعاً، خصوصاً في ما يتعلق بالسماح للولايات المتحدة بتنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب على الأراضي السورية ضدّ أي شخصٍ تعتبره واشنطن تهديداً للأمن القومي. يمكن عقد طاولة حوار لذلك البند وإيجاد مخرج له، فالولايات المتحدة التي تقف وراء أفدح العقوبات والقيود الأكثر خطراً على بناء الدولة الجديدة ما زال عتادها العسكري موجوداً في شرق البلاد؛ لذا لا بدَّ من الوصول إلى تفاهم معها لتتمكّن الحكومة من مزاولة عملها بحرية أكبر، وتحقّق الهدف المنشود بإطلاق عملية التنمية الشاملة.

قد تكون بريطانيا من أكثر الدول التي تجاوبت مع الحالة الجديدة، فقد أزالت، قبل أيام، عن قوائم عقوباتها معظم الكيانات الرسمية السورية، التي تخصّ الأمن والجيش، وهي خطوة جيدة لكنها غير كافية، فهذه الكيانات لا تمارس الاقتصاد، لكنها تساعد بالفعل في تحقيق الأمن الضروري لتهيئة المناخ المناسب للبناء… الطريق تكتنفه صعوبات جديّة، ومن المفيد أن تقوم الحكومة الجديدة ببعض المفاوضات التي يمكن أن تفضي إلى إزالة شاملة للعقوبات، ولا بأس بتقديم تنازلات ضرورية لضمان سير العملية، ولا بدّ أنّ حكومة الشرع جادّة في هذا المسعى الذي سيدفع باتجاه عودة سورية إلى أن تكون دولةً طبيعية.

العربي الجديد

———————————-

ملاحظات برسم الإدارة السورية/ بشير البكر

26 ابريل 2025

ليس في وسع الإدارة السورية الجديدة أن تواصل العمل بفلسفة “من يحرّر يقرّر”، وقد كشفت حصيلة عدة أشهر أن المردود العام متواضع، وهناك ارتفاع لمؤشّر المشتكين والمحتجين، ينذر بتراجع تدريجي للرصيد الإيجابي، الذي جنته بفضل إسقاط نظام بشّار الأسد. ومن يتابع وسائل الإعلام ووسائل التواصل من الداخل والخارج يجد أن هناك حالة من عدم الرضى في طريقها لتشكيل تيارات معارضة، قد تلعب دوراً في إعاقة تقدّم التحوّل الجديد الواعد محلياً وعربياً ودولياً. وتتمحور الانتقادات حول جملة من الملاحظات.

أولاً، ضعف الخبرة في إدارة الدولة. وهذا أمر يجد بعض المبرّرات، ولا أحد من السوريين يطالب الحكومة أن تكون كاملة الأوصاف بين يوم وليلة. وعلى هذا، ليس هناك ضير من أن تتعلم الأساليب بالممارسة، شريطة أن تمتلك الاستعداد، وتتحلى بالتواضع. وكما حذّر أكثر من صاحب رأي حريص على النجاح، فإن التجريب، وارتكاب الأخطاء ترفٌ ضارٌّ جداً في هذه المرحلة. ويحضر هنا شأن اختيار أشخاص ليسوا على قدر من الكفاءة، في مواقع متقدّمة، ومثال ذلك وزير الثقافة محمد ياسين صالح. وكان من الأفضل تعيين شخصية على صلة بالكتابة أو المسرح أو السينما. وتشكّل الضجة التي أثارها بظهوره في مضافة شخصية قبلية إشكالية جرس إنذار للقيادة، كي تعيد النظر بالقرار، وتتراجع عنه قبل فوات الأوان، وألا تكرّره في تعيينات أخرى.

ثانياً، الاستئثار بإدارة الدولة، من خلال إسناد الوزارات الأساسية كالخارجية والدفاع والداخلية والعدل لشخصيات من هيئة تحرير الشام، لا تملك تجربة كافية في العمل الحكومي، وبعضها غير متخصّصة في الميادين التي تشغلها، وليس في سجل الآخرين سوى أنه قيادي في “الهيئة”، وهذا لا يكفي، بل لا يمكن الرهان عليه لبناء مؤسّسات فاعلة، وتقديم صورة إيجابية عن سورية الجديدة، التي يهم حاضرها ومستقبلها جميع أبنائها على اختلاف توجّهاتهم السياسية، والفكرية، والطائفية، والعرقية.

ثالثاً، ضعف الفاعلية في التعاطي مع المطالب الخارجية، وفي مقدمها قائمة الشروط الأميركية، التي تسلمتها الحكومة السورية، وردّت عليها. والملاحظ عدم تحقيق الإدارة السورية نتائج جوهرية، بدليل عدم حصول أي تقدم في قضية رفع العقوبات الأميركية، التي تتوقف عليها تلقي مساعدات مالية عربية ودولية، وتسهيل وصول المستثمرين إلى سورية. وهنا يتوجب التوقف أمام مسألتين مهمتين: الأولى، عدم تقديم تنازلاتٍ تتعلق بالسيادة، والموقف من إسرائيل. والثانية، ما لم تتمكّن الحكومة من إدارة هذه الأزمة بنجاح، فإن الإقبال الغربي والعربي نحو سورية لن يتقدّم إلى الأمام، كما أن تصفية التركة السياسية التي تركها نظام الأسد لن يتم وفق حسابات الإدارة، وسيظل أمر استكمال الوحدة الداخلية يراوح في مكانه في الجنوب والشرق. ولن تتمكّن الدولة من إبطال مفعول الألغام السياسية التي تهدّد وحدة البلد، إلا من خلال تحصين الجبهة الداخلية على أسس سليمة، تعتمد على توسيع قاعدة المشاركة في الحكم، والقرار، واحترام التنوّع، والتعدّد.

رابعاً، تأخّر إطلاق مشروع العدالة الانتقالية، وتشكيل الهيئة الخاصة بها. وتعزو أوساط قانونية سورية سبب ما حصل من تجاوزات إلى عدم بدء محاسبة مسؤولي النظام السابق، سواء الذين جرى اعتقالهم، أو الفارّين داخل سورية وخارجها. وقد أدّى هذا الخلل إلى نمو نزعة الثأر، وتحصيل الحقوق بوسائل غير قانونية، تهدّد السلم الأهلي. ومن دون شك، لو تمت المسارعة في إقرار هذا المسار على أساس إحقاق العدالة، لتم حقن الكثير من الدماء في الساحل، ووقف الاعتداءات التي يتعرّض لها الأبرياء بسبب استشراء نزعة الانتقام والكراهية ضد المكوّن السوري العلوي.

العربي الجديد

تحديث 26 نيسان 2025

——————————–

سوريا: كيف لدولة اقتصادها منهار أن تحمي حقوق الإنسان/ علي قاسم

امنحوا الحكومة السورية التي أظهرت حتى هذه اللحظة حسن نواياها مهلة عام أو عامين بعد رفع العقوبات كاملة وإن ثبت أنها تبطن عكس ما تظهر أعيدوا العقوبات ثانية.

السبت 2025/04/26

شعب أنهكته العقوبات

من جاء أولًا، البيضة أم الدجاجة؟ السؤال ليس بسيطًا. هو واحد من أقدم الألغاز وأكثرها إثارة للجدل، استخدمه الفلاسفة الإغريق وسيلة للتفكير في قضايا السببية والتسلسل الزمني، وفي الثقافة الشعبية أصبح رمزًا لتحديات تبدو بلا إجابة.

هذا هو حال العقوبات المفروضة على سوريا وانقسام العالم حولها بين من يرى أن رفع العقوبات يجب أن يأتي أولًا، وبين من يشترط ضمان حرية الإنسان وحقوق الأقليات ومكافحة الإرهاب قبل رفع العقوبات.

لكن، كيف لدولة اقتصادها مفلس ومنهار أن تركز على محاربة الإرهاب وتصون حقوق الإنسان؟ هذا ما تأمل سوريا أن تصل إلى إجابة عليه وتعمل كل ما بوسعها لإرضاء الجميع وإثبات حسن نواياها. وكانت زيارة وزير المالية محمد يسر برنية وحاكم مصرف سوريا المركزي عبدالقادر الحُصرية إلى واشنطن، ومشاركتهما في اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، خطوة في هذا الاتجاه.

الزيارة إلى واشنطن أتت بعد قصة طويلة من العقوبات، بدأت قبل عام 2011، حين صنفت سوريا “دولة داعمة للإرهاب” كان ذلك في ديسمبر 1979. وفي مايو 2004، طُبقت قيود إضافية بموجب القانون الأميركي “قانون محاسبة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية”.

رفع العقوبات لن يكون نهاية المطاف، بل بداية الطريق نحو استعادة سوريا مكانتها، وعودة الحياة إلى شعب أنهكته الحروب والسياسات العقابية

ومع اندلاع الحرب الأهلية عام 2011 أصبحت العقوبات أكثر شمولًا، لتطال الحظر التجاري على قطاعات الطاقة والمالية، ومنع الشركات الأميركية من التعامل مع سوريا. واتسع نطاق العقوبات مع تطبيق “قانون قيصر لحماية المدنيين” في يونيو 2020.

فكيف أثرت 45 سنة من العقوبات على سوريا؟

المنظمات الدولية قدّرت مجمل خسائر الناتج المحلي السوري بنحو 800 مليار دولار خلال 14 عاما من النزاع. فتسعة من كل عشرة سوريين يعيشون تحت خط الفقر. وواحد من كل أربعة عاطل عن العمل، فيما انخفض الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من نصف المستوى الذي كان عليه عام 2011.

السوريون اليوم يعانون من أزمة اقتصادية غير مسبوقة تشمل انهيار العملة المحلية وارتفاع معدلات التضخم، ونقصا حادا في الموارد الأساسية، وضعف الخدمات العامة، وتضررا واسع النطاق للطرق والجسور والمستشفيات والمدارس، وانهيار قطاع الطاقة. وهناك الملايين من النازحين، داخليًا وخارجيًا.

كلفة إعادة بناء سوريا تقدر بين 300 و500 مليار دولار، تشمل إصلاح البنية التحتية، مثل الطرق والجسور وشبكات الكهرباء والمياه، بالإضافة إلى إعادة بناء المنشآت الصحية والتعليمية. تضاف إليها كلفة إعادة توطين النازحين التي تتطلب المليارات من الدولارات لتوفير السكن والخدمات الأساسية. وهناك حاجة إلى دعم مالي كبير لإعادة تشغيل الاقتصاد، بما في ذلك استثمارات في الزراعة والصناعة والطاقة.

في ظل معدلات النمو الاقتصادية الحالية لن تتمكن سوريا من استعادة مستوى الناتج المحلي الإجمالي لفترة ما قبل النزاع قبل حلول العام 2080، وفق تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة في فبراير. وبوجود العقوبات تصبح المهمة أكثر تعقيدا.

الأجدر بالمجتمع الدولي التركيز على استهداف الأفراد المسؤولين عن الانتهاكات بدلًا من فرض عقوبات شاملة تُعاقب الشعب بأكمله، وتقديم مساعدات دولية لإعادة بناء البنية التحتية المدمرة

في 8 ديسمبر 2024 سقط النظام السوري، ولم تسقط العقوبات. وباستثناء تخفيف بعض العقوبات، لا توجد مؤشرات واضحة حتى الآن على رفعها بشكل نهائي.

دول الاتحاد الأوروبي ترى أن أيّ تعليق شامل للعقوبات سيكون مشروطا بالتزام الإدارة السورية الجديدة بمسار انتقال الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان. وهو ما تشاركها فيه بريطانيا والولايات المتحدة، التي تتخذ موقفا أكثر تشددا.

إذا كانت العقوبات طبقت بهدف الضغط على نظام سياسي لم يعد له وجود، فهل هناك ما يبرّر استمرارها في ظل ما تسببه من معاناة للشعب بعد رحيل النظام؟

في حالة سوريا، كانت العقوبات تُبرّر بأنها وسيلة للتأثير على نظام سياسي متهم بارتكاب انتهاكات، لكن مع مرور الوقت، بات واضحًا أن العقوبات التي كان الهدف منها رفع الظلم عن السوريين، تحوّلت إلى أداة للظلم، وسلاح أصاب الشعب السوري في صميم حياته، وسياسة عقابية تتجلى آثارها في كل جوانب الحياة؛ من انهيار البنى التحتية والخدمات الأساسية إلى تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي، يدفع السوريون الثمن الأكبر لها.

رغم ذلك، وفي تناقض صارخ، يطالب المجتمع الدولي الحكومة السورية بمكافحة الإرهاب وتطبيق معايير حقوق الإنسان، في الوقت الذي تعاني فيه من إفلاس اقتصادي وتدمير للبنية التحتية.

كيف يمكن لدولة تعاني من نقص في الموارد أن تُركز على هذه الأولوية؟

الأجدر بالمجتمع الدولي التركيز على استهداف الأفراد المسؤولين عن الانتهاكات بدلًا من فرض عقوبات شاملة تُعاقب الشعب بأكمله، وتقديم مساعدات دولية لإعادة بناء البنية التحتية المدمرة، بما يُمكّن الشعب السوري من استعادة حياته الطبيعية.

رفع العقوبات يجب أن يُنظر إليه كخطوة إنسانية قبل أن يكون قرارًا سياسيًا.

إذا كانت العقوبات طبقت بهدف الضغط على نظام سياسي لم يعد له وجود، فهل هناك ما يبرّر استمرارها في ظل ما تسببه من معاناة للشعب بعد رحيل النظام؟

المستقبل في سوريا قد يبدو غامضًا، لكنه يحمل أملًا حقيقيًا إذا توفرت الإرادة الدولية لتحقيق تغيير إيجابي. السوريون أثبتوا أنهم قادرون على النهوض رغم الظروف، لكنهم يحتاجون إلى الدعم وليس إلى العوائق، وإلى الشراكة الدولية وليس إلى العقاب الجماعي.

رغم كل هذه المعاناة، أثبت السوريون قدرتهم على النجاح والإبداع حتى في ظروف النزوح واللجوء. لقد أنشأوا أعمالًا، تفوّقوا أكاديميًا، وحققوا إنجازات على مستوى العالم. هذه القدرات تدل على أن لدى السوريين إمكانيات هائلة يمكن استثمارها لإعادة بناء وطنهم إذا رُفعت العقوبات وأُتيحت لهم الفرصة.

في ظل “دجاجة” العقوبات المفروضة على السوريين، يُصبح الحديث عن “بيضة” الديمقراطية وحقوق الإنسان أقرب إلى شعارات فارغة، لأنها لا تأخذ في الحسبان الواقع القاسي الذي يعيشه المواطن السوري.

هل يحمل المستقبل تغييرًا؟ ربما، إذا كانت هناك إرادة دولية تنظر إلى الشعب السوري كشريك في البناء، وليس مجرد لغز غير قابل للحل. زيارة الوفد السوري إلى واشنطن قد تسهم في حل لغز البيضة والدجاجة، وتكسر عزلة سوريا، وتعيد دمجها في النظام المالي العالمي.

رفع العقوبات لن يكون نهاية المطاف، بل بداية الطريق نحو استعادة سوريا مكانتها، وعودة الحياة إلى شعب أنهكته الحروب والسياسات العقابية.

يبدو أن بريطانيا استفاقت، ونأمل أن يحذو حذوها الجميع، ورفعت الخميس تجميد أصول عن وزارتي الدفاع والداخلية وعدد من أجهزة المخابرات كانت قد فرضته في عهد بشار الأسد.

وأظهرت مذكرة نشرتها وزارة المالية البريطانية أن وزارة الداخلية السورية ووزارة الدفاع وإدارة المخابرات العامة من بين 12 كيانا لم تعد خاضعة لتجميد الأصول.

امنحوا حكومة الشرع التي أظهرت حتى هذه اللحظة حسن نيّة، مهلة عام أو عامين – بعد رفع العقوبات كاملة – وإن ثبت أنها تبطن عكس ما تظهر أعيدوا العقوبات ثانية.

كاتب سوري مقيم في تونس

العرب

—————————-

سوريا ترد على الشروط الأميركية: التفاهمات المتبادلة أوّلاً

السبت 2025/04/26

ردت سوريا كتابياً على قائمة الشروط الأميركية لتخفيف جزئي محتمل للعقوبات، مشيرة إلى أنها نفذت معظمها، لكن بعضها الآخر يتطلب “تفاهمات متبادلة” مع واشنطن.

رسالة سوريا

ووفقاً للوثيقة المكونة من 4 صفحات، التي اطلعت عليها “رويترز”، تتعهد سوريا بإنشاء مكتب اتصال في وزارة الخارجية للعثور على الصحافي الأميركي المفقود أوستن تايس، وتفصّل عملها لمعالجة مخزونات الأسلحة الكيميائية، بما في ذلك توثيق العلاقات مع هيئة مراقبة الأسلحة العالمية.

لكنها لم تُقدّم الكثير من التفاصيل في شأن مطالب رئيسية أخرى، بما في ذلك إبعاد المقاتلين الأجانب، ومنح الولايات المتحدة الإذن بشن ضربات لمكافحة الإرهاب، وفقًا للرسالة.

المقاتلون الأجانب

وذكرت الرسالة أن مسؤولين سوريين ناقشوا مسألة المقاتلين الأجانب مع المبعوث الأميركي السابق دانيال روبنشتاين، لكن القضية “تتطلب جلسة تشاورية أوسع”. وقالت الرسالة: “ما يمكن تأكيده حتى الآن هو تعليق إصدار الرتب العسكرية عقب الإعلان السابق في شأن ترقية ستة أفراد”، في إشارة واضحة إلى تعيين مقاتلين أجانب في كانون الأول/ديسمبر، من بينهم أويغور وأردني وتركي، في مناصب في القوات المسلحة السورية.

ولم توضح الرسالة ما إذا كانت الرتب المعينة قد أُزيلت من المقاتلين الأجانب، ولم تُحدد الخطوات المستقبلية التي سيتم اتخاذها.  وقال مصدر مُطلع على نهج الحكومة السورية تجاه هذه القضية إن دمشق ستؤجل معالجتها قدر الإمكان نظراً لرأيها بضرورة معاملة المتمردين غير السوريين الذين ساعدوا في الإطاحة بالأسد معاملة حسنة.

مكافحة الإرهاب

وحول طلب أميركي للتنسيق في مسائل مكافحة الإرهاب والقدرة على تنفيذ ضربات على أهداف إرهابية، قالت الرسالة إن “الأمر يتطلب تفاهمات متبادلة”.

وأعربت سوريا في رسالتها عن أملها في أن تُفضي الإجراءات المُتخذة، والتي وصفتها بـ”الضمانات”، إلى اجتماع لمناقشة كل نقطة بالتفصيل، بما في ذلك إعادة فتح السفارات ورفع العقوبات.

وفي ما يتعلق بالمسلحين الفلسطينيين في سوريا، ذكرت الرسالة أن الرئيس السوري أحمد الشرع شكّل لجنة “لمراقبة أنشطة الفصائل الفلسطينية”، وأنه لن يُسمح للفصائل المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة بالعمل.

وقد أُرسلت الرسالة قبل أيام قليلة من اعتقال سوريا لمسؤولين فلسطينيين من حركة “الجهاد الإسلامي”. وأضافت الرسالة: “في حين أن المناقشات حول هذا الموضوع قابلة للاستمرار، فإن الموقف الشامل هو أننا لن نسمح لسوريا بأن تُصبح مصدر تهديد لأي طرف، بما في ذلك إسرائيل”.

وأقرت الرسالة أيضاً بـ”التواصل المستمر” بين سلطات مكافحة الإرهاب السورية وممثلي الولايات المتحدة في عمان بشأن مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وقالت إن سوريا تميل إلى توسيع هذا التعاون.

وقال مسؤول سوري مُطلع على الرسالة إن المسؤولين السوريين يبحثون سبلاً أخرى لإضعاف المتطرفين من دون منح الولايات المتحدة إذناً صريحاً بتنفيذ ضربات، معتبرين ذلك خطوة مثيرة للجدل بعد سنوات من قصف القوات الجوية الأجنبية لسوريا خلال حربها.

5 مطالب

وصرح دبلوماسي كبير وشخص آخر مُطلع على الرسالة لـ”رويترز” بأنهما يعتبرانها تُعالج خمسة مطالب بالكامل، لكن المطالب المتبقية تُركت “معلقة”. وقال المصدران إن الرسالة أُرسلت في 14 أبريل/نيسان  قبل 10 أيام فقط من وصول وزير الخارجية السورية أسعد الشيباني إلى نيويورك لإلقاء كلمة أمام مجلس الأمن.

وقال مسؤول سوري ومصدر أميركي مُطلع على الرسالة إن الشيباني سيناقش محتواها مع مسؤولين أميركيين خلال زيارته إلى نيويورك.

وبالفعل سعى الشيباني، في أول خطاب له أمام مجلس الأمن أمس، إلى إظهار أن سوريا تُعالج بالفعل المطالب، بما في ذلك الأسلحة الكيميائية والبحث عن الأميركيين المفقودين في سوريا.

وكانت تعليقاته العلنية متوافقة مع محتوى رسالة سوريا الخاصة إلى الولايات المتحدة، والتي اطلعت “رويترز” على نسخة غير مؤرخة منها. ولم يُنشر محتوى الرسالة سابقاً.

الخارجية الأميركية تؤكد تلقي الرد

من جهته، أكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أن واشنطن تلقت رداً من السلطات السورية على طلب أميركي باتخاذ “تدابير محددة ومفصلة لبناء الثقة”. وقال المتحدث: “نقوم الآن بتقييم الرد وليس لدينا ما نُشاركه في الوقت الحالي”، مُضيفاً أن الولايات المتحدة “لا تعترف بأي كيان كحكومة سورية، وأن أي تطبيع مُستقبلي للعلاقات سيُحدد بناءً على إجراءات السلطات المؤقتة. ولم ترد وزارة الخارجية السورية فوراً على طلب للتعليق.

وكانت الولايات المتحدة سلمت سوريا الشهر الماضي قائمة بثمانية شروط تريد من دمشق الوفاء بها، بما في ذلك تدمير أي مخزونات متبقية من الأسلحة الكيميائية، وضمان عدم منح أجانب مناصب قيادية في الحكم.

حاجة سوريا لرفع العقوبات

وتحتاج سوريا إلى تخفيف العقوبات لإنعاش اقتصادها المنهار جراء 14 عاماً من الحرب، فرضت خلالها الولايات المتحدة وبريطانيا وأوروبا عقوبات صارمة في محاولة للضغط على الرئيس المخلوع بشار الأسد.

وفي كانون الثاني/يناير، أصدرت الولايات المتحدة إعفاءً لمدة ستة أشهر لبعض العقوبات لتشجيع المساعدات، لكن هذا كان له تأثير محدود.

وفي مقابل تلبية جميع المطالب الأميركية، ستمدد واشنطن هذا التعليق لمدة عامين، وربما تُصدر إعفاءً آخر، بحسب ما أفادت مصادر لـ”رويترز” في آذار/مارس الماضي.

وتعهدت الحكومة السورية الجديدة بعدم التسامح مع أي تهديدات للمصالح الأميركية أو الغربية في سوريا، وتعهدت باتخاذ “الإجراءات القانونية المناسبة”، من دون الخوض في تفاصيل.

وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد صرّح في مقابلة سابقة هذا العام بأن القوات الأميركية المنتشرة في سوريا موجودة هناك من دون موافقة الحكومة، مضيفاً أن أي وجود من هذا القبيل يجب أن يتم بالاتفاق مع الدولة.

———–

كيف ردت سوريا على شروط تخفيف العقوبات الأمريكية؟

26/4/2025

ردت سوريا كتابيا على قائمة شروط أمريكية لرفع جزئي محتمل للعقوبات، قائلة إنها طبقت معظمها لكن البعض الآخر يتطلب “تفاهمات متبادلة” مع واشنطن.

كانت الولايات المتحدة قد سلمت سوريا، الشهر الماضي، قائمة بـ8 شروط تريد من دمشق الوفاء بها، منها تدمير أي مخزونات متبقية من الأسلحة الكيميائية، وضمان عدم منح أجانب مناصب قيادية في الحكم.

وتحتاج سوريا إلى تخفيف العقوبات حتى يتعافى اقتصادها الذي انهار تحت وطأة حرب امتدت 14 عاما فرضت خلالها الولايات المتحدة وبريطانيا وأوروبا عقوبات صارمة في محاولة للضغط على نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

وأصدرت الولايات المتحدة في يناير/كانون الثاني إعفاء لمدة 6 أشهر من بعض العقوبات لتشجيع المساعدات، لكن تأثير هذا الإجراء كان محدودا.

وقالت مصادر لوكالة “رويترز” في مارس/آذار إن واشنطن ستمدد هذا التعليق لمدة عامين إذا جرت تلبية المطالب الأمريكية جميعها، وربما تصدر إعفاء آخر.

إجراءات لبناء الثقة

كانت ناتاشا فرانشيسكي نائبة مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون بلاد الشام وسوريا قد سلمت قائمة الشروط لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في لقاء جمعهما على هامش مؤتمر المانحين لسوريا في بروكسل في 18 مارس/آذار.

وسعى الشيباني في أول كلمة له أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أمس الجمعة، إلى إظهار أن سوريا تلبي بالفعل هذه المطالب، بما في ذلك ما يتعلق بالأسلحة الكيميائية، والبحث عن أمريكيين مفقودين في سوريا.

وجاءت كلمة الشيباني متوافقة مع محتوى رسالة سوريا الخاصة إلى الولايات المتحدة، التي تتعهد سوريا فيها بإنشاء مكتب اتصال في وزارة الخارجية مهمته البحث عن الصحفي الأمريكي المفقود أوستن تايس.

وأوردت الوثيقة بالتفصيل إجراءات تعتزمها سوريا للتعامل مع مخزونات الأسلحة الكيميائية، ومنها تعزيز روابط الاتصال مع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية.

لكن الرسالة لم تورد الكثير من التفاصيل عن مطالب رئيسة أخرى مثل إبعاد المقاتلين الأجانب، ومنح الولايات المتحدة الإذن بشن ضربات لما تسميه “مكافحة الإرهاب”.

وأكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية أن واشنطن تلقت ردا من السلطات السورية على طلب أمريكي باتخاذ “تدابير محددة ومفصلة لبناء الثقة”.

وأضاف “نقيم الآن الرد، وليس لدينا ما نقوله في الوقت الحالي”، وأردف قائلا إن الولايات المتحدة “لا تعترف بأي كيان بوصفه الحكومة السورية، وأي تطبيع للعلاقات في المستقبل سيحدَّد بناء على الإجراءات التي تتخذها السلطات المؤقتة”.

المقاتلون الأجانب

جاء في الرسالة أن المسؤولين السوريين ناقشوا مسألة المقاتلين الأجانب مع المبعوث الأمريكي السابق دانيال روبنستاين، لكن المسألة “تتطلب جلسة مشاورات أوسع”، وأن ما يمكن تأكيده في الوقت الحالي هو أن إصدار الرتب العسكرية تم تعليقه.

وحول طلب الولايات المتحدة التنسيق في مسائل “مكافحة الإرهاب والقدرة على تنفيذ ضربات على أهداف إرهابية”، قالت الرسالة إن “الأمر يتطلب تفاهمات متبادلة”.

وشملت الرسالة تعهدا بأن الحكومة السورية الجديدة لن تتسامح مع أي تهديدات للمصالح الأمريكية أو الغربية في البلاد، وتعهدا باتخاذ “الإجراءات القانونية المناسبة”، دون ذكر تفاصيل.

وفي مقابلة في وقت سابق من هذا العام، قال الرئيس السوري أحمد الشرع إن القوات الأمريكية المنتشرة في سوريا موجودة دون موافقة الحكومة، مضيفا أن أي وجود من هذا النوع يجب أن يتم الاتفاق عليه مع الدولة.

عدم تهديد إسرائيل

وذكرت سوريا في رسالتها أنها تأمل في أن تؤدي الإجراءات المتخذة، التي وصفتها بأنها “ضمانات”، إلى اجتماع لمناقشة كل نقطة بالتفصيل، بما في ذلك إعادة فتح السفارات ورفع العقوبات.

وفيما يتعلق بالمسلحين الفلسطينيين في سوريا، قالت الرسالة إن الشرع شكل لجنة “لمراقبة أنشطة الفصائل الفلسطينية”، وإنه لن يُسمح بوجود فصائل مسلحة خارج سيطرة الدولة.

وجاء إرسال الرسالة قبل أيام فقط من اعتقال سوريا لفلسطينيين اثنين من قياديي حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.

وذكرت الرسالة أنه “في حين يمكن أن تستمر المناقشات حول هذه المسألة، فإن الموقف العام هو أننا لن نسمح بأن تصبح سوريا مصدر تهديد لأي طرف، بما في ذلك إسرائيل”.

وأقرت الرسالة أيضا بوجود “تواصل مستمر” بين سلطات مكافحة الإرهاب السورية وممثلي الولايات المتحدة في العاصمة الأردنية عمّان بشأن مكافحة تنظيم الدولة، وقالت إن سوريا تميل إلى توسيع هذا التعاون.

المصدر : رويترز

—————————————–

سوريا ترد على المطالب الأميركية: “تجميد” وضع المقاتلين الأجانب

دمشق بعثت رسالة مكتوبة إلى واشنطن تعهدت فيها بعدم تهديد إسرائيل ومراقبة الفصائل الفلسطينية

 رويترز

السبت 26 أبريل 2025

ملخص

أصدرت الولايات المتحدة في يناير الماضي إعفاءً لمدة ستة أشهر من بعض العقوبات لتشجيع المساعدات لكن تأثير هذا الإجراء كان محدوداً.

ردت سوريا كتابياً على قائمة شروط أميركية لرفع جزئي محتمل للعقوبات، قائلة إنها طبقت معظمها لكن البعض الآخر يتطلب “تفاهمات متبادلة” مع واشنطن.

وسلمت الولايات المتحدة سوريا مارس (آذار) الماضي قائمة بثمانية شروط تريد من دمشق الوفاء بها، منها تدمير أية مخزونات متبقية من الأسلحة الكيماوية وضمان عدم منح أجانب مناصب قيادية في الحكم.

وسوريا في أمسِّ الحاجة إلى تخفيف العقوبات حتى يتعافى اقتصادها الذي انهار تحت وطأة حرب امتدت 14 عاماً، فرضت خلالها الولايات المتحدة وبريطانيا وأوروبا عقوبات صارمة في محاولة للضغط على الرئيس السابق بشار الأسد.

وأصدرت الولايات المتحدة في يناير (كانون الثاني) الماضي إعفاء لمدة ستة أشهر من بعض العقوبات لتشجيع المساعدات، لكن تأثير هذا الإجراء كان محدوداً.

ونقلت “رويترز” عن مصادر في مارس الماضي أن واشنطن ستمدد هذا التعليق مدة عامين، إذا لُبيت جميع المطالب الأميركية وربما تصدر إعفاءً آخر.

وسعى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في أول كلمة له أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أمس الجمعة إلى إظهار أن سوريا تلبي بالفعل هذه المطالب، بما في ذلك ما يتعلق بالأسلحة الكيماوية والبحث عن أميركيين مفقودين لديها.

وجاءت كلمته متوافقة مع محتوى رسالة سوريا الخاصة إلى الولايات المتحدة. وفي الوثيقة المكونة من أربع صفحات، تتعهد سوريا إنشاء مكتب اتصال في وزارة الخارجية مهمته البحث عن الصحافي الأميركي المفقود أوستن تايس، كذلك تورد بالتفصيل إجراءاتها للتعامل مع مخزونات الأسلحة الكيماوية، ومنها تعزيز روابط الاتصال مع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية.

لكن الرسالة لم تورد كثيراً من التفاصيل عن مطالب رئيسة أخرى مثل إبعاد المسلحين الأجانب ومنح الولايات المتحدة الإذن بشن ضربات لمكافحة الإرهاب.

وأكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أن واشنطن تلقت رداً من السلطات السورية على طلب أميركي باتخاذ “تدابير محددة ومفصلة لبناء الثقة”، وأضاف “نقيم الآن الرد، وليس لدينا ما نقوله (عن الأمر) في الوقت الحالي”، وأردف قائلاً إن الولايات المتحدة “لا تعترف بأي كيان بوصفه الحكومة السورية، وإن أي تطبيع للعلاقات في المستقبل سيحدد بناءً على الإجراءات التي تتخذها السلطات الموقتة”.

ولم ترد وزارة الخارجية السورية حتى الآن على طلب للتعليق.

المقاتلون الأجانب

جاء في الرسالة أن المسؤولين السوريين ناقشوا مسألة المقاتلين الأجانب مع المبعوث الأميركي السابق دانيال روبنستاين لكن المسألة “تتطلب جلسة مشاورات أوسع”.

كما ذكرت الرسالة أن ما يمكن تأكيده في الوقت الحالي هو أن إصدار الرتب العسكرية تم تعليقه بعد الإعلان في وقت سابق عن ترقية ستة أفراد، في إشارة واضحة إلى تعيين مقاتلين أجانب في ديسمبر (كانون الأول) 2024 من بينهم مقاتلون من الويغور وأردني وتركي في مناصب بالقوات المسلحة السورية.

ولم تذكر الرسالة ما إذا كان قد تم تجريد هؤلاء المقاتلين الأجانب من الرتب التي حصلوا عليها، ولم تشر أيضاً إلى الخطوات التي سيتم اتخاذها في المستقبل.

وقال مصدر مطلع على نهج الحكومة السورية في هذا الشأن إن دمشق ستؤجل التعامل مع هذه القضية قدر الإمكان نظراً لأنها ترى أن المقاتلين الذين ساعدوا في إطاحة الأسد من غير السوريين يجب أن يعاملوا معاملة حسنة.

وحول طلب الولايات المتحدة التنسيق في مسائل مكافحة الإرهاب والقدرة على تنفيذ ضربات على أهداف إرهابية، قالت الرسالة إن “الأمر يتطلب تفاهمات متبادلة”.

وشملت الرسالة تعهداً بأن الحكومة السورية الجديدة لن تتسامح مع أي تهديدات للمصالح الأميركية أو الغربية في البلاد، وتعهدا باتخاذ “الإجراءات القانونية المناسبة”، من دون أن تذكر تفاصيل.

وفي مقابلة في وقت سابق من هذا العام، قال الرئيس السوري أحمد الشرع إن القوات الأميركية المنتشرة في سوريا موجودة من دون موافقة الحكومة، مضيفاً أن أي وجود من هذا النوع يجب أن يتم الاتفاق عليه مع الدولة.

وقال مسؤول سوري مطلع على الرسالة إن المسؤولين السوريين يفكرون في سبل أخرى لإضعاف المتطرفين من دون منح الولايات المتحدة إذناً صريحاً بتنفيذ ضربات، باعتبار ذلك خطوة مثيرة للجدل بعد أن تعرضت سوريا لسنوات للقصف من قوات جوية أجنبية خلال الحرب.

تعهد بعدم تهديد إسرائيل

قال دبلوماسي رفيع المستوى ومصدر آخر مطلع على الرسالة إنهما يعتبران أن الرسالة تناولت خمسة مطالب بالكامل لكن بقية المطالب ظلت “معلقة”.

وأشارا إلى أن الرسالة وجهت في 14 أبريل الجاري، أي قبل 10 أيام فقط من وصول الشيباني إلى نيويورك للإدلاء بكلمة أمام مجلس الأمن. ولم يتضح ما إذا كانت الولايات المتحدة أرسلت رداً على الرسالة السورية.

وقال مسؤول سوري ومصدر أميركي مطلع على الرسالة إن الشيباني كان من المقرر أن يناقش محتواها مع مسؤولين أميركيين خلال زيارته لنيويورك.

وذكرت سوريا في رسالتها أنها تأمل في أن تؤدي الإجراءات المتخذة، التي وصفتها بأنها “ضمانات”، إلى اجتماع لمناقشة كل نقطة بالتفصيل، بما في ذلك إعادة فتح السفارات ورفع العقوبات.

وفيما يتعلق بالمسلحين الفلسطينيين في سوريا، قالت الرسالة إن الشرع شكل لجنة “لمراقبة أنشطة الفصائل الفلسطينية”، وإنه لن يُسمح بوجود فصائل مسلحة خارج سيطرة الدولة.

وجاء إرسال الرسالة قبل أيام فقط من اعتقال سوريا لفلسطينيين اثنين من قياديي حركة “الجهاد الإسلامي” المسلحة.

وذكرت الرسالة أنه “في حين يمكن أن تستمر المناقشات حول هذه المسألة، فإن الموقف العام هو أننا لن نسمح بأن تصبح سوريا مصدر تهديد لأي طرف، بما في ذلك إسرائيل”.

وأقرت الرسالة أيضا بوجود “تواصل مستمر” بين سلطات مكافحة الإرهاب السورية وممثلي الولايات المتحدة في العاصمة الأردنية عمّان حول مكافحة تنظيم “داعش” الإرهابي، وقالت إن سوريا تميل إلى توسيع هذا التعاون.

ولم ترد تقارير من قبل عن محادثات مباشرة بين سوريا والولايات المتحدة في عمّان.

———————————-

المقاتلون الأجانب ما بين الفصائل السورية و”داعش”/ عبد الحليم سليمان

استغل تنظيم “القاعدة” في العراق تدهور الأوضاع مع بدء الاحتجاجات الشعبية وتحولها لمواجهات مسلحة ودخل إلى ساحة القتال لمساندة الحركات المعارضة

الجمعة 4 أبريل 2025

لم يشهد التاريخ السوري الحديث نشاطاً لحركات إسلامية مسلحة إلا في ثمانينيات القرن الماضي وكانت على علاقة بجماعة “الإخوان المسلمين” لتعود مجدداً مع المواجهات بين المعارضة والنظام السوري عام 2011 ثم تصل إلى أقصى تشددها مع سيطرة مقاتلين على مناطق واسعة في البلاد، بخاصة مع ظهور تنظيم “داعش” وتوافد عشرات آلاف المجاهدين الأجانب إلى الأراضي السورية.

يعود تاريخ تدفق المقاتلين الأجانب إلى الفصائل السورية للأشهر الأولى من الحرب في سوريا عام 2011، وحمل هذا الانضمام طابعاً قتالياً مناصراً للسوريين في مواجهة قوات نظام بشار الأسد، ولا سيما بعدما تحولت الاحتجاجات الشعبية إلى مواجهات مسلحة في معظم المناطق.

ويعود تاريخ العمل المسلح الديني لتنظيم “الطليعة المقاتلة” التابع لـ”الإخوان المسلمين” الذي تأسس في نهاية الستينيات من القرن الماضي ودخل في مواجهات عدة مع نظام الأسد الأب، إلا أن ذروته كانت معركة حماة عام 1982، معتمداً بذلك على تاريخ السلفية التي برزت في سوريا خلال عشرينيات القرن الماضي وثلاثينياته والتي كانت في حيز فكري من دون الولوج في السياسة والحياة العامة.

ولعل دخول المقاتلين الأجانب إلى سوريا ليس الظاهرة الوحيدة من نوعها في الصراعات المسلحة فإنه يعتبر جهاداً دينياً مسلحاً برز ضمن مناطق عدة في العالم كأفغانستان والشيشان والبلقان وليس انتهاء بالعراق حيث قام نظام بشار الأسد بإرسال المقاتلين إليه عقب سقوط نظام صدام حسين لمواجهة القوات الأميركية والتحالف الدولي هناك، في وقت تحولت دمشق إلى محطة ترانزيت للانتقال إلى داخل الحدود العراقية التي كانت تشهد فوضى وتراخياً، فكان من بين أولئك المقاتلين سوريون أشرفت قوى الأمن السورية على تجنيدهم ومتابعتهم ومراقبتهم لدى تنفيذ مهماتهم داخل الأراضي العراقية في مواجهة القوات الأميركية.

وعمد الأمن السوري إلى اعتقال من كان يعود منهم “حياً” وكان من بينهم أفراد نفذوا عصياناً مسلحاً داخل سجن صيدنايا في الحادثة المشهورة التي وقعت خلال صيف عام 2008.

العراق الرافد الأبرز

وشكلت الأحداث والمواجهات والدعاية الجهادية في العراق قرباً جغرافياً وزمنياً وحتى اجتماعياً مع سوريا التي استعرت فيها المواجهات بين القوات النظامية مع بدء تدفق الدعم الخارجي من جهة، مقابل مجموعات مسلحة أسسها ضباط وعناصر منشقون من الجيش السوري مع مسلحين محليين في مناطق مختلفة لتتحول من حال غير منسقة إلى فصائل تحت مسمى “الجيش السوري الحر” الذي لاقى دعم دول عدة من بينها الولايات المتحدة التي سرعان ما تراجعت وأوقفت دعمها، بخاصة بعد تسليم فصائل من “الجيش الحر كميات” من سلاحها إلى “جبهة النصرة” (“هيئة تحرير الشام” لاحقاً) في منطقة إدلب عام 2015.

ومع احتدام القتال بين السوريين وجد تنظيم “القاعدة” الفرصة سانحة للتغلغل في سوريا، فبدأ عناصر “جبهة النصرة” بالمشاركة في خطوط الجبهات إلى جانب “الجيش الحر” أواخر عام 2011 في مواجهة نظام الأسد، لتعلن عن تأسيسها رسمياً بداية 2012 ويزداد معها تدفق المقاتلين الأجانب إلى داخل الأراضي السورية حيث شكل الصراع في هذا البلد بوابة استقطاب كبيرة لهم، فوصل عددهم إلى 360 ألف شخص بالتناوب ما بين مقاتلين وعائلاتهم حتى نهاية عام 2015 وغالبيتهم قاتلوا في صفوف تنظيم “داعش” وكذلك “جبهة النصرة” ودخل معظمهم عبر الأراضي التركية بمن فيهم المقاتلون العرب وكذلك الأتراك الذين شكلوا النسبة الأكبر من الانضمام إلى هذا القتال.

الانقسام مع “داعش”

وظهر الانقسام بصورة مفاجئة بين “داعش” و”جبهة النصرة” في أبريل (نيسان) عام 2013 عقب كلمة لزعيم التنظيم وقتها أبو بكر البغدادي أعلن خلالها دمج “جبهة النصرة” التي كان يترأسها أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع) مع تنظيم “داعش” في العراق لتتشكل “الدولة الإسلامية في العراق والشام”، مما رفضه الجولاني وطالب بالتحكيم والبيعة لأيمن الظواهري زعيم تنظيم “القاعدة” العالمي الذي بدوره ألغى الدمج الذي أعلنه البغدادي وحكم لمصلحة “جبهة النصرة” بإبقاء الجولاني زعيماً لها، مما أثر في المقاتلين الأجانب الذين استجابوا إلى دعوة البغدادي عند إعلان الدمج، في حين بقيت النسبة الكبرى من المقاتلين السوريين مع “جبهة النصرة”.

وعلى رغم الأساس الجهادي لدى التنظيمين، فإن “النصرة” كانت أكثر مرونة في التعامل مع الكتائب والفصائل السورية وتعمل بصورة مشتركة مع “الجيش الحر”، خصوصاً أن الأخير كان يستغل اندفاع مقاتلي “النصرة” وثباتهم في القتال ولا سيما الانغماسيون منهم الذي كانوا يقودون عربات مفخخة ويفجرونها في تحصينات القوات النظامية، في حين أن “داعش” كان يفرض السيطرة على “الجيش الحر” ودخل في مواجهات قضت على فصائله في معظم المناطق التي سيطر عليها، بل إن كثيراً من عناصر هذه الكتائب قبلوا الانضمام إلى التنظيم وأصبحوا أمراء ومسؤولين فيه.

وعلى رغم هذا الانقسام، فإن العنصر الأجنبي كان موجوداً لدى التنظيمين، بخاصة أن كثيراً منهم يحملون مزايا القتال في سوريا من حيث الفكر الأيديولوجي والإيمان بالقتال حتى النهاية لأنهم في “مهمة مقدسة”، إضافة إلى خبرات عسكرية جلبوها معهم سواء من كانوا عسكريين وضباطاً في جيوش بلادهم أو مجاهدين في مناطق مختلفة بما فيها الشيشان وأفغانستان وراكموا الخبرات في مواجهة الجيوش النظامية في تلك البلدان.

وبعد القضاء على تنظيم “داعش” عسكرياً وإنهاء سيطرته الجغرافية من قبل التحالف الدولي و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) خلال معركة الباغوز، توزع عدد من عناصر التنظيم بمن فيهم الأجانب في مناطق سيطرة المعارضة السورية المدعومة من تركيا في الشمال السوري وكذلك مناطق شمال غربي البلاد التي كانت مختلطة السيطرة ما بين الفصائل و”هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة)، في حين أن أكثر من ألفي مقاتل أجنبي وثمانية آلاف من عائلاتهم محتجزون داخل سجون “قسد” ومخيمي الهول وروج في شمال شرقي سوريا.

لكن وزن المقاتلين الأجانب بات في مناطق سيطرة “هيئة تحرير الشام” وأصبحت غالبيتهم جزءاً من تشكيلته العسكرية كالحزب التركستاني ومقاتلين عرب وطاجيك وإيغور من خارج سوريا وغيرهم ممن يحملون جنسيات مختلفة، فجرت مكافأتهم على القتال في مواجهة النظام السوري السابق ورُقي عدد منهم كضباط في الجيش السوري الذي يجري تأسيسه، في حين أن مطالب دولية توجه لدمشق بضرورة إبعاد العناصر الأجنبية من مراكز القيادة والسلطة في العهد السوري الجديد.

————————————-

المبعوث الدولي لسوريا غير بيدرسون: العقبة الحقيقية هي العقوبات الأمريكية

في لقاء مع الصحافة المعتمدة في المنظمة الدولية بعد انتهاء جلسة مجلس الأمن الدولي حول سوريا، أجاب غير بيدرسون، الممثل الخاص للأمين العام لسوريا، عن عدد من أسئلة الصحافيين حول التطورات الأخيرة في سوريا.

فقد أظهرت جلسة المجلس نوعا من التوافق في الآراء حول ضرورة مساندة سوريا في المرحلة الانتقالية للوصول إلى الاستقرار والتوصل إلى حل شامل يعكس رغبة السوريين في بناء دولة القانون والحريات والاستقرار والسيادة والازدهار.

وقال بيدرسون إن المطلوب من السلطات السورية حكومة شاملة تمثل كل أطياف الشعب السوري، كما هو مطلوب من المجتمع الدولي أن يأخذ موقفا موحدا من رفع العقوبات وتقديم المساعدات الإنسانية. “سوريا، كما قال وزير الخارجية، لا تريد أن تعتمد على المساعدات الخارجية بل تريد أن تطور اقتصادها. وإذا حدث تقدم في المفاوضات مع قوات سوريا الديمقراطية لتعزيز وحدة البلاد تكون سوريا قد خطت الخطوات الأساسية نحو التعافي”.

وردا على سؤال “القدس العربي” حول انتهاكات إسرائيل المتواصلة للسيادة السورية دون أي رادع مهما تكررت المناشدة بضرورة احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها، “فهل هناك ما يمكن للمجتمع الدولي أن يعمله لإجبار إسرائيل على وقف انتهاكاتها للسيادة السورية”، قال غير بيدرسون: “لقد سمعتني قبل قليل وقبل ذلك مرارا أتحدث عن ضرورة احترام سيادة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها، وما أقوم به هو تكرار هذا النداء، فما يجري من انتهاكات يجب أن تتوقف، كذلك تابعت بيان مجلس الأمن الرئاسي في آذار/ مارس الماضي الذي دعا إلى احترام سيادة سوريا ووحدتها الترابية، سأبقى أكرر هذا النداء، وقد بحثته بالتفصيل مع السلطات السورية وخاصة مع الرئيس الشرع، وكذلك بحثته مع السلطات الإسرائيلية، وما أستطيع أن أقوم به أن أكرر ندائي بضرورة احترام المبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة”.

وردا على سؤال ثان حول رفع العقوبات التي طالب بها السيد بيدرسون في كلمته أمام مجلس الأمن قال: “في موضوع العقوبات، الموضوع الأساسي هو العقوبات الأمريكية. هناك عقوبات ثانوية مفروضة على سوريا لكن الأساس أن هناك اتصالات بين الإدارتين الأمريكية والسورية حول موضوع العقوبات وآمل أن تؤدي إلى نوع من الانفراج لأن هذا الموضوع مهم وحيوي بالنسبة لسوريا”.

وقال بيدرسون ردا على سؤال آخر لـ”القدس العربي” حول الاجتماعات التي تجري في أذربيجان مع إسرائيل وهل لديه أي معلومات حول موضوع تلك المحادثات، قال: “سؤالك هذا محاولة جيدة، لكن يجب أن توجه السؤال للسلطات الأذربيجانية والتركية، وليس من اختصاصي أن أدخل في هذا الموضوع”.

وحول ما جاء على لسان المندوبة الأمريكية من أن بعض أعضاء الحكومة الانتقالية الحالية غير مؤهلين وقد تمنت المندوبة أن تشمل الحكومة الجديدة أشخاصا أكثر أهلية قال بيدرسون: “هذه الحكومة أفضل من التشكيلة السابقة، لقد كانت التشكيلة الأولى ذات لون واحد، هذه الحكومة ليست لونا واحدا، وثمثل أكثر أطياف الشعب السوري ولكننا نتمنى أن تكون أكثر شمولية، وكذلك نتمنى أن يكون هناك برلمان شامل يعكس كل الأطياف السورية”.

وحول سؤال يتردد هذه الأيام حول نقل الفلسطينيين إلى سوريا قال المبعوث الخاص للأمين العام إن مثل هذه الأخبار الكاذبة لا تستحق الرد بل إنها إشاعات غبية تتناولها وسائل التواصل الاجتماعي.

وحول التحقيقات التي تجري في أحداث الساحل السوري في أوائل شهر آذار/ مارس الماضي والتي ذهب ضحيتها المئات قال بيدرسون إنه اجتمع مع الرئيس الشرع مرتين حول هذا الموضوع وأبدى استعداد الأمم المتحدة التام لتقديم أي نوع من المساعدة قد يحتاجونها أثناء عملية التحقيق، “حاليا نرى أن عملية التحقيق تسير بشكل جيد ونأمل أن نرى النتائج بعد عدة شهور. المهم أن تلتزم عملية التحقيق بالمعايير الدولية، ونحن جاهزون لتقديم أي مساعدة”.

القدس العربي

——————————-

تركيا وروسيا تطالبان برفع العقوبات على سوريا وتدعمان إدارتها

عقدتا اجتماعاً تشاورياً حول التطورات في منطقة الشرق الأوسط

    أنقرة: سعيد عبد الرازق

26 أبريل 2025 م

أكدت تركيا وروسيا ضرورة رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وجدّدتا تمسكهما بوحدتها ودعم إدارتها الجديدة لتحقيق الاستقرار، واتفقتا بشأن ضرورة وقف الهجمات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

وأكد نائب وزير الخارجية التركي ضرورة رفع العقوبات المفروضة على سوريا؛ لأن هذه هي الطريقة الأكثر فاعلية وجدوى لدعم الحكومة السورية سياسياً ومالياً، مشدداً على ضرورة وقف الهجمات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

وعقد الجانبان: التركي، برئاسة يلماظ، والروسي برئاسة نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، جولة مشاورات جديدة، في إسطنبول، حول التطورات في سوريا، والوضع الأمني في الشرق الأوسط، وطرق تحقيق الاستقرار وإرساء السلام في المنطقة، إلى جانب بحث تطورات الحرب الروسية – الأوكرانية.

وأكد الجانبان، خلال المشاورات التي عقدت، مساء الجمعة، دعمهما الإدارة السورية الجديدة، سياسياً واقتصادياً، من أجل تحقيق الاستقرار في البلاد، وأكدا ضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

وشدد نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماظ، خلال الاجتماع، على أن أولوية بلاده في سوريا تتمثل في ضمان الاستقرار والأمن عبر الحفاظ على وحدة وسلامة أراضيها، وأن بلاده تتابع عن كثب مجريات التطورات في سوريا، انطلاقاً من حرصها على حماية أمنها القومي.

واتفق الجانبان على أهمية التصدي للتنظيمات الإرهابية، ودعم الإدارة السورية في مواجهتها.

وجاء الاجتماع التركي – الروسي بعد أيام من تصريحات للرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، بأن هناك مفاوضات حالياً مع تركيا وروسيا بشأن وجودهما العسكري في سوريا، وتلميحه إلى إمكانية تقديمهما دعماً عسكرياً لحكومته.

وقال الشرع إن روسيا زودت الجيش السوري بالأسلحة لعقود، وإنها قدمت الدعم الفني لمحطات الطاقة السورية، ما يعني أن سوريا قد تحتاج إلى روسيا في المستقبل.

وبالنسبة لتركيا، يجري الحديث عن اتفاق عسكري مع الإدارة السورية يمكن أن يساعد في توسيع نفوذها بالقرب من حدود إسرائيل، وتقليص المسلحين الأكراد في شمال البلاد، وإبقاء إيران تحت السيطرة.

وطالب الشرع، في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» الولايات المتحدة برفع العقوبات المفروضة على بلاده، بشكل دائم.

ومنذ تولي الشرع السلطة، خففت أوروبا والولايات المتحدة مؤقتاً بعض العقوبات الصارمة التي فرضت منذ عام 2014 على نظام بشار الأسد. لكن الشرع أكد أن هناك حاجة إلى تخفيف أكبر بكثير حتى يتمكن من إعادة بناء اقتصاد البلاد المنهار.

وأوضح الشرع أن العقوبات يجب أن تُرفع؛ لأنها فُرضت «رداً على الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد بحق الشعب، وهذا النظام لم يعد يتولى السلطة، والعقوبات تعوق حكومته وقدرتها على إعادة بناء اقتصادها».

والشهر الماضي، حدد مسؤولون أميركيون 8 مطالب لرفع العقوبات؛ منها تدمير مخازن الأسلحة الكيماوية، والتعاون في جهود مكافحة الإرهاب، وقال الشرع إن بعض الشروط الأميركية «بحاجة إلى مناقشة أو تعديل»، دون مزيد من التفاصيل.

في السياق ذاته، دعا مندوب تركيا الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير أحمد يلدز، إلى رفع العقوبات عن سوريا، وتقديم الدعم الدولي لإعادة الإعمار من أجل إنجاح عملية الانتقال السياسي.

وقال يلدز، في كلمة خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي بشأن سوريا ليل الجمعة – السبت، شارك فيها وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، إن الحكومة السورية حققت تقدماً كبيراً منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد، وإن هذه التطورات تشكل بداية لعملية انتقالية يتبناها السوريون.

وأكد يلدز ضرورة رفع العقوبات المفروضة على سوريا فوراً، وأن تكون إعادة بناء البنية التحتية، وتوفير الخدمات العامة، وتحسين ظروف المعيشة، «أولوية مشتركة».

ولفت إلى أن تركيا وجهت نداء واضحاً إلى المجتمع الدولي بضرورة تقديم دعم فعال لعملية إعادة إعمار سوريا.

وذكر يلدز أن هذه الاعتداءات الإسرائيلية تنتهك سيادة سوريا، وتشكل تهديداً خطيراً للأمن والسلام الإقليميين، وتقوض الاستقرار الداخلي، وتضر بالقدرة على محاربة تنظيم «داعش» الإرهابي.

وأكد أن تركيا تدين هذه الهجمات بشكل لا لبس فيه، وتدعو مجلس الأمن إلى اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لمنع المزيد من التصعيد، وستظل ملتزمة – بقوة – بدعم الشعب السوري في التغلب على تحديات هذا الفصل الجديد.

—————————–

من الشرع إلى الشرع.. هل يُزهر خريف التطبيع السوري مع إسرائيل؟/ رامي الأمين

25 أبريل 2025

مع أن الخريف يحمل أحيانا مسحة من الكآبة، كان بالإمكان ملاحظة ابتسامات خفيفة على وجوه الرجال الثلاثة في الصور المؤرخة في الثالث من يناير من العام ٢٠٠٠.

تجمع الصور فاروق الشرع وزير الخارجية السوري آنذاك في عهد حافظ الأسد، ورئيس وزراء إسرائيل إيهود باراك، يتوسطهما الرئيس الأميركي بيل كلينتون.

يسير الثلاثة على ما يبدو أنه جسر حديدي في غابة مليئة بالأشجار التي تتخلى للخريف عن آخر أوراقها اليابسة في ولاية ويست فرجينيا الأميركية. كان كلينتون يحاول أن يعبر بالطرفين من ضفة إلى أخرى، من الحرب المستمرة منذ عقود، إلى سلام أراده أن يكون “عادلاً وشاملاً”.

التطبيع بين سوريا وإسرائيل

كانت تلك الورقة الأخيرة المترنحة في شجرة مفاوضات طويلة ومتقطّعة بين إسرائيل وسوريا، استمرت طوال فترة التسعينيات في مناسبات مختلفة. لكن خريف العلاقات بين الطرفين كان قد حلّ، وسقطت الورقة، وتباطأت في سقوطها “الحر” حتى ارتطمت بالأرض.

كان ذلك آخر لقاء علني مباشر بين مسؤولين سوريين ومسؤولين إسرائيليين على هذا المستوى. لم تفض المفاوضات إلى شيء، وتعرقلت أكثر فأكثر احتمالاتها في السنوات اللاحقة بعد وراثة بشار الأسد رئاسة سوريا عن أبيه الذي توفي في حزيران من العام ٢٠٠٠.

وفشلت جميع المبادرات الأميركية والتركية بين الأعوام ٢٠٠٠ و٢٠١١ لإعادة الجانبين إلى طاولة المفاوضات المباشرة، مع حدوث بعض المحادثات غير المباشرة في إسطنبول في العام ٢٠٠٨، وكان بشار الأسد يجنح شيئاً فشيئا إلى الارتماء تماماً في الحضن الإيراني.

كان الربيع العربي في العام ٢٠١١ أقسى على بشار الأسد من خريف المفاوضات التي خاضها والده في خريف عمره. وإذا كان موت حافظ الأسد شكّل ضربة قاسمة لاحتمالات التسوية السورية- الإسرائيلية، فإن الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر من العام ٢٠٢٤، أعادت على ما يبدو عقارب الزمن ٢٤ عاماً إلى الوراء، لكن هذه المرة مع شرع آخر هو أحمد الشرع.

ومع أن الرئيس السوري، المتحدر من هضبة الجولان، قد يبدو لوهلة أكثر تشدداً من الأسد، إلا أن الرجل يبدو أنه يخطو بخطوات سريعة نحو تسوية مع إسرائيل تكون استكمالاً لاتفاقيات أبراهام التي عقدتها إسرائيل برعاية أميركية مع دول خليجية.

الرئيس السوري قال بشكل صريح للنائب الجمهوري في الكونغرس الأميركي، مارلين ستوتزمان، إنه مستعد لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، شريطة الحفاظ على وحدة وسيادة سوريا.

وقال ستوتزمان في مقابلة حصرية مع صحيفة “جيروزاليم بوست”، إن الشرع أعرب عن انفتاحه على الانضمام إلى اتفاقيات أبراهام، مما قد يعزز مكانة سوريا مع إسرائيل ودول الشرق الأوسط والولايات المتحدة، مشدداً على ضرورة وقف الغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية ومعالجة قضايا مثل التوغل الإسرائيلي بالقرب من مرتفعات الجولان.

لم يتلق السوريون تصريحات الشرع بصدمة او استغراب. بل على العكس فإن تصريحات الشرع، كما يقول المحلل السياسي مصطفى المقداد، لم تكن مفاجئة للشارع السوري، “فهو منذ وصوله إلى الحكم قام بإرسال إشارات إلى أنه يرغب بأحسن العلاقات مع جميع جيران سوريا، وقد أبدى استعداده للتنازل عن أمور كثيرة، بهدف تأمين استقرار سوريا ووحدتها”.

وينقل مراسل موقع “الحرة” في دمشق حنا هوشان أجواءً عن أن السوريين بمعظمهم، يرغبون بالسلام وتعبوا من الحروب، ولن يمانعوا عودة المفاوضات تحت قيادة الشرع لسوريا.

المقداد رأى في حديث مع “الحرة” أن الجديد والمهم في تصريحات الشرع المنقولة عنه، أنها تصدر بعد تشكيل الحكومة السورية وفي وقت يرفع وزير خارجيته، أسعد الشيباني، علم سوريا في الأمم المتحدة. ويرى المقداد أن المشكلة لا تكمن في الجانب السوري ولا في شخص الشرع، بل “تكمن في الجانب المقابل الذي لا يبدي رغبة حقيقية في قبول هذه المبادرات”.

والجمعة، قال الشيباني في الأمم المتحدة خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي إن “سوريا لن تشكل تهديدا لأي من دول المنطقة، بما فيها إسرائيل”.

تصريحات الشرع قد يكون لها الأثر الأبرز في الأيام المقبلة على النقاشات بين دروز سوريا على الحدود مع هضبة الجولان، المنقسمين حول العلاقة مع إسرائيل وحول العلاقة بحكومة الشرع، مع ما يحمله ذلك من مخاوف يعبّر عنها رموز الطائفة، تارة من الاندماج مع حكومة الشرع، وطوراً بالانفصال والانضمام إلى إسرائيل.

وتأتي تصريحات الشرع حول التطبيع لتفتح الباب لخيار ثالث درزي، قد يبدد المخاوف، لكن ليس هناك ما يضمن ألا يعزّزها.

بين ديسمبر من العام ٢٠٠٠، وأبريل من العام ٢٠٢٥، يقع ربع قرن، توقفت فيه عجلة المفاوضات السورية الإسرائيلية المباشرة. وبين الشرعين -فاروق الشرع وأحمد الشرع- تحمل التطورات احتمالات إنعاش المفاوضات وعودتها إلى الطاولة مع تبدلات جذرية في الظروف وفي اللاعبين. فهل “تزهر” المفاوضات في ربيع العام ٢٠٢٥، بعد أن يبست ورقتها وتساقطت في خريف العام ٢٠٠٠؟

رامي الأمين

الحرة

—————————————

في ظل الشروط الأميركية.. هل تفرض إسرائيل “سلام الخاسر” على سوريا؟/ محمد سليمان

26 أبريل 2025

تزداد وتيرة النقاش حول شكل العلاقة المستقبلية بين سوريا وإسرائيل، لا سيما في ظل التصريحات التي أدلى بها عضو الكونغرس الأميركي، كوري ميلز، إثر زيارته إلى دمشق، وكذلك تصريحات الرئيس السوري، أحمد الشرع، في حديثه لصحيفة “نيويورك تايمز”.

وفتحت هذه التصريحات الباب واسعًا أمام التحليل والتأويل، خاصةً مع ارتباطها بالسياق الإقليمي والدولي، وبالمطالب الأميركية وشروط التطبيع. وفي هذا السياق، نقدّم ثلاث مقاربات لثلاثة متحدثين من خلفيات مختلفة: الناشط الحقوقي رامي عزيزة، والناشط السياسي سميح سمرة، والمحلل السياسي بسام السليمان.

فشل الضم وتثبيت الفوضى

الناشط الحقوقي رامي عزيزة أكد أن إسرائيل، على الأرجح، غير مهتمة بضم الأراضي السورية التي تحتلها بشكل رسمي إلى كيانها، باستثناء منطقة القنيطرة. ويُرجع ذلك إلى عجز إسرائيل الديموغرافي عن إشغال هذه المناطق بالسكان، موضحًا أن ضمها دون إجراء تغييرات ديموغرافية أمر غير متوقع، لأن إسرائيل لا ترغب في تحميل جيشها أعباءً أمنية إضافية.

ويتابع عزيزة حديثه قائلًا إن إسرائيل، من وجهة نظره، لا تسعى حاليًا إلى توسيع رقعتها الجغرافية على حساب الأراضي السورية، بل تركّز أولًا على ضم كامل فلسطين التاريخية، وتصفية الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة. ويرى أن الهدف الإسرائيلي في سوريا هو خلق دولة فاشلة وضعيفة، لا تجد أمامها خيارًا سوى التطبيع الأمني كسبيل وحيد لبقاء السلطة وحل أزماتها المعيشية والاقتصادية المتفاقمة.

ويشير عزيزة إلى أن هذا النوع من “السلام”، الذي يسميه بـ “سلام الخاسر”، يشكّل خطرًا كبيرًا على سيادة سوريا ووحدتها، لأنه يجعل من إسرائيل صاحبة القرار في استقرار سوريا أو زعزعة أمنها مستقبلًا. كما يوضح أن إسرائيل لا تكترث بتطبيع العلاقة بين الشعوب أو تحسين صورتها في وعي السوريين، بل تسعى إلى تطبيع أمني يضمن حدودها وسلامة مستوطناتها من أي تهديد مقاوم في المستقبل.

ويختم عزيزة بالقول إن الخطر الأكبر يكمن في أن تتحول الدولة السورية، كما حدث في بعض الدول المجاورة، إلى حارسة لأمن إسرائيل، ما يضعف شرعية أي إدارة سورية مستقبلية أمام شعبها الرافض للتطبيع، ويجعلها تعتمد على شرعية خارجية مفروضة تخدم مصالح قوى كبرى لا تعنيها مصلحة سوريا.

بدوره، يقول الناشط السياسي سميح سمرة لـ”الترا سوريا” إن توقيع اتفاق سلام بين سوريا والاحتلال الإسرائيلي يُعد مسألة قانونية وغير قانونية في آن معًا. ويوضح أن الحكومات الانتقالية، بحسب الأعراف، لا تقوم بإبرام معاهدات سلام، بل تقتصر مهامها على تهيئة الأرضية القانونية والدستورية والشعبية للانتقال إلى دولة دائمة ومتماسكة، دون التورط في تعقيدات الاتفاقات الدولية.

لكنه يشير في الوقت ذاته إلى أن الإعلان الدستوري الصادر منتصف آذار الماضي منح رئيس الجمهورية، في المادة 37، صلاحية تمثيل الدولة وتولي التوقيع النهائي على الاتفاقات مع الدول والمنظمات الدولية. ومن هنا، يرى سمرة أن مسألة توقيع اتفاق سلام مع الاحتلال الإسرائيلي تظل مفتوحة على التأويل، لأن النص لم يُجز صراحةً إبرام اتفاقات سلام، لكنه لم يستثنها أيضًا، إذ إن اتفاقات السلام تندرج ضمن الاتفاقات الدولية التي يملك الرئيس صلاحية توقيعها.

رسائل مزدوجة في تصريحات الشرع

وحول التصريحات الأخيرة للرئيس أحمد الشرع في صحيفة “نيويورك تايمز”، يؤكد سمرة أنها تنطوي على رسائل مزدوجة. ويشرح أن المسار الأول لفهمها يتمثل في كونها ورقة ضغط على الإدارة الأميركية لتعديل شروطها تجاه دمشق، خاصة عبر التلويح باستمرار التزود بالسلاح الروسي، والتحذير من بقاء الفوضى في سوريا، وخاصة أن هذا الأمر تسعى إسرائيل إلى ترسيخه، كما يشير إلى أن التلميح بعدم السماح لأي وجود أجنبي في سوريا بإلحاق الأذى بدول الجوار، يعكس محاولة لطمأنة الأطراف الإقليمية، خصوصًا في ظل التجاذب الحاصل بين أنقرة وتل أبيب.

أما المسار الثاني، كما يتحدث سمرة، فيكشف عن استعداد دمشق لتقديم ما يلزم من أجل الحفاظ على الهدوء الأمني في الإقليم، بما في ذلك أمن إسرائيل من أي تهديد ينطلق من الأراضي السورية. ويربط سمرة ذلك بتصريحات سابقة للرئيس الشرع التي أكد فيها أن دمشق لن تشكل تهديدًا لأحد. كما يستشهد بما أعلنه عضو الكونغرس الأميركي كوري ميلز خلال زيارته لدمشق، حين قال إن الرئيس الشرع أبدى انفتاحًا على تحسين العلاقات مع إسرائيل والدخول في حوار معها.

ويختصر سمرة هذه المقاربة بأن الرئيس الشرع يحاول تمرير ضمانات أمنية لواشنطن وتحالفها، مقابل الحصول على تعديل في شروطهم، لاسيما في ملفي العقوبات والمقاتلين الأجانب.

وعن شكل العلاقة المتوقعة بين سوريا وإسرائيل، في حال تم توقيع اتفاق مستقبلًا، يتحدث سمرة عن نموذج شبيه بالنمط المصري بعد اتفاقية كامب ديفيد، أي سلام وتطبيع دائمين، وليس حالة مؤقتة كما في اتفاق فصل القوات عام 1974. لكنه يُحذر من أن الواقع السوري الداخلي بعد سنوات الحرب والثورة على نظام الأسد لا يمنح دمشق حاليًا موقع قوة تفاوضي، ما سيجعل الاحتلال قادرًا على فرض شروط قاسية، ليس فقط في المجال الأمني، كإقامة نقاط إنذار مبكر أو الحد من الوجود العسكري السوري جنوبًا، بل أيضًا في المجال الاقتصادي.

ويؤكد سمرة أن دروس تجربتي مصر والأردن مع الاحتلال توضح حجم الضرر الاقتصادي الذي لحق بالبلدين من خلال اتفاقيات اقتصادية غير متكافئة، لم تنعكس على الداخل بأي انتعاشة حقيقية، وهو ما يُخشى أن يتكرر في الحالة السورية.

الجولان خارج المعادلة؟

وفيما يتعلق بقضية الأراضي السورية المحتلة، يلفت سمرة إلى أن الكيان الإسرائيلي يصرح بوضوح أن الجولان بات جزءًا من كيانه بشكل دائم، وهو ما يجعل إمكانية التفاوض على هذه الأراضي أمرًا معقدًا للغاية. ويستدرك قائلًا إن ما يمكن التفاوض عليه فعليًا يتعلق ببعض النقاط التي احتلتها إسرائيل بعد انهيار سلطة الأسد، والتي قد تتخلى عنها لاحقًا مقابل ضمانات أمنية ترتبط بشكل الوجود العسكري السوري في الجنوب، من حيث العدد والتوزيع والتسليح.

وفي سياق متصل يرى المحلل السياسي بسام السليمان أن التصريحات الأخيرة للرئيس أحمد الشرع التي نُشرت في صحيفة “نيويورك تايمز” موجّهة بشكل رئيسي إلى الجمهور الأميركي، ومن خلاله إلى صناع القرار في الغرب، لكونها صادرة عن منبر أميركي مؤثر.

ويؤكد السليمان أن القرار السوري في ما يتعلق بعلاقة محتملة مع الكيان الصهيوني، مرتبط بالمسار الإقليمي الأوسع. ويشير إلى أن سوريا لن تخرج عن إطار الإجماع العربي، وخاصة عن التفاهمات الإقليمية التي ترسمها الرياض والدوحة في المرحلة المقبلة.

ويتحدث السليمان عن الأراضي السورية المحتلة، فيرى أنه من غير المرجح أن تستعيد سوريا هذه الأراضي بسهولة، معتبرًا أن الاحتلال الإسرائيلي يستخدم بعض المناطق كورقة تفاوض مستقبلية، في حين يسعى إلى البقاء في مناطق أخرى لتعزيز ما يسميه “الحزام الأمني” حول حدوده.

بين قراءة قانونية متأنية، وتحليل سياسي يستند إلى الواقع الإقليمي والدولي، تتقاطع وجهات النظر حول أن شكل العلاقة السورية مع إسرائيل لن يكون إلا نتيجة موازين قوى تفرض شروطها، ويبقى السؤال مفتوحًا: هل السلام السوري المحتمل سيكون ضرورة وطنية، أم ثمنًا يُطلب دفعه مقابل البقاء؟

الترا سوريا

———————————-

دمشق تطلب “تفاهمات متبادلة” مع واشنطن رداً على المطالب الأميركية/ محمد أمين

27 ابريل 2025

تعهدت الحكومة السورية بتنفيذ أغلب المطالب الأميركية لـ”بناء الثقة”، ورفع العقوبات المفروضة على البلاد، في تماشٍ مع النهج الذي أعلنته دمشق مراراً منذ تسلّم الإدارة الجديدة مقاليد الأمور في البلاد، بعد إسقاط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

ردّ سوري على المطالب الأميركية

وكشفت وكالة رويترز عن رد مكتوب من سورية على قائمة المطالب الأميركية لرفع جزئي محتمل للعقوبات، قائلة إنها طبّقت معظم الشروط والمطالب، لكن البعض الآخر يتطلب “تفاهمات متبادلة” مع واشنطن. ووفق “رويترز”، سلّمت الولايات المتحدة سورية، في مارس/آذار الماضي، قائمة بثمانية شروط تريد من دمشق الوفاء بها، منها تدمير أي مخزونات متبقية من الأسلحة الكيميائية، وضمان عدم منح أجانب مناصب قيادية في الحكم. وذكرت الوكالة أن المسؤولة الأميركية الكبيرة ناتاشا فرانشيسكي، سلّمت قائمة الشروط لوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في لقاء جمعهما على هامش مؤتمر المانحين لسورية في بروكسل في 18 مارس الماضي.

وفي الوثيقة المكونة من أربع صفحات، وفق “رويترز”، تتعهد سورية بإنشاء مكتب اتصال في وزارة الخارجية مهمته البحث عن الصحافي الأميركي المفقود أوستن تايس، وتورد بالتفصيل إجراءاتها للتعامل مع مخزونات الأسلحة الكيميائية، ومنها تعزيز روابط الاتصال مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. لكن الرسالة لم تورد الكثير من التفاصيل عن مطالب رئيسية أخرى، مثل إبعاد المقاتلين الأجانب ومنح الولايات المتحدة الإذن بشن ضربات لمكافحة الإرهاب. وجاء في الرسالة أن المسؤولين السوريين ناقشوا مسألة المقاتلين الأجانب مع المبعوث الأميركي السابق دانيال روبنستاين، لكن المسألة “تتطلب جلسة مشاورات أوسع”. وذكرت الرسالة أن ما يمكن تأكيده في الوقت الحالي، أن إصدار الرتب العسكرية عُلِّق بعد الإعلان في وقت سابق ترقية ستة أفراد، في إشارة واضحة إلى تعيين مقاتلين أجانب في ديسمبر الماضي في مناصب بالقوات المسلحة السورية. وحول طلب الولايات المتحدة التنسيق في مسائل مكافحة الإرهاب والقدرة على تنفيذ ضربات على أهداف إرهابية، قالت الرسالة إن “الأمر يتطلب تفاهمات متبادلة”. وشملت الرسالة تعهداً بأن الحكومة السورية الجديدة لن تتسامح مع أي تهديدات للمصالح الأميركية أو الغربية في البلاد، وتعهداً باتخاذ “الإجراءات القانونية المناسبة”.

وفي ما يتعلق بالمسلحين الفلسطينيين في سورية، قالت الرسالة إن الرئيس أحمد الشرع شكّل لجنة “لمراقبة أنشطة الفصائل الفلسطينية”، وإنه لن يُسمح بوجود فصائل مسلحة خارج سيطرة الدولة. وذكرت الرسالة أنه “فيما يمكن أن تستمر المناقشات حول هذه المسألة، فإن الموقف العام هو أننا لن نسمح بأن تصبح سورية مصدر تهديد لأي طرف، بما في ذلك إسرائيل”. وأقرّت الرسالة بوجود “تواصل مستمر” بين سلطات مكافحة الإرهاب السورية وممثلي الولايات المتحدة في عمّان بشأن مكافحة تنظيم داعش، وقالت إن سورية تميل إلى توسيع هذا التعاون.

وترى دمشق أن غالبية المطالب الأميركية مطبّقة بالفعل، إلا أنها تعلن تحفظها على مطالب تتطلب “تفاهمات متبادلة”، خصوصاً أنها تعد مساساً مباشراً بالسيادة السورية، ولا سيما لجهة السماح للولايات المتحدة باستهداف شخصيات على الأراضي السورية ترى واشنطن أنها تشكل تهديداً لأمنها. كذلك وضعت الإدارة السورية الجديدة حداً لكل المنظمات الفلسطينية التي كانت تنشط إبّان نظام الأسد، فاعتقلت بالفعل قبل أيام قياديين في حركة الجهاد الإسلامي بتهمة التخابر مع إيران.

ملفان معقّدان

في كلمة له أمام مجلس الأمن أول من أمس الجمعة، أكد الشيباني أن سورية تُحارب تنظيم داعش وتتعاون بشكل بنّاء مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التابعة للأمم المتحدة، وتعمل على توحيد الفصائل العسكرية والحفاظ على مؤسسات الدولة وتتخذ خطوات نحو الإصلاح الدستوري. كذلك أعلن وضع “خطوات جادة لتشكيل برلمان وطني يمثل الشعب السوري”. وأضاف أن سورية ستشكل هيئة للمفقودين، وأنها مستعدة للتنسيق مع الولايات المتحدة للبحث عن الأميركيين المفقودين في سورية.

ولا تعترف الولايات المتحدة بالإدارة الجديدة في دمشق بوصفها الحكومة السورية بحسب وزارة الخارجية الأميركية التي أكدت أن “أي تطبيع للعلاقات في المستقبل سيحدَّد بناءً على الإجراءات التي تتخذها السلطات المؤقتة”. وتبدو الإدارة السورية حريصة على تلبية كل المطالب الأميركية لرفع العقوبات عن سورية، فهو أحد المفاتيح الرئيسية للتعافي الاقتصادي الكفيل بترسيخ السلم الأهلي في البلاد المنهكة على المستويات كافة.

وأوضح الباحث السياسي رضوان زيادة، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “دمشق لم تتوصل إلى تفاهمات مع واشنطن حيال موضوع المقاتلين الأجانب”، مستدركاً بالقول: “الجانب السوري أكد أن عملية الترفيع العسكري لقادة أجانب في الجيش السوري الجديد توقفت، وأن هناك حاجة لاستكمال التشاور في دور هؤلاء المقاتلين”. وحول المطلب الأميركي بحرية استهداف أي شخصية يمكن أن تشكل خطراً محتملاً، أوضح زيادة أن الحكومة السورية ترى أن الأمر “يحتاج إلى مشاورات رسمية مع الحكومة الأميركية”، مضيفاً: “دمشق واضحة لجهة عدم التسامح مع أي وجود يهدد المصالح الغربية والأميركية”.

وكانت الإدارة السورية الجديدة قد منحت بعد أيام من سقوط نظام الأسد، رتباً عسكرية كبيرة لعدد من المقاتلين الأجانب الذين قاتلوا نظام الأسد إلى جانب فصائل سورية، أو في صفوفها، وهو ما أدى إلى إثارة جدل ولغط داخل سورية وخارجها، خصوصاً أن هؤلاء المقاتلين لا يحملون أساساً الجنسية السورية بشكل قانوني. وألمحت الإدارة أكثر من مرة إلى نيّتها منح المقاتلين الأجانب الجنسية، ولا سيما أن البعض منهم قضى أكثر من عشر سنوات في البلاد. ولكن هذا الملف يشكل مصدر قلق واسع للغرب الذي يؤكد أن الدعم الدولي للإدارة الجديدة قد يتبخر ما لم تُتخذ إجراءات حاسمة حياله.

وفي السياق، رأى المحلل السياسي أحمد القربي، في حديث مع “العربي الجديد”، أن لدى الولايات المتحدة ملفين أمنيين لهما أبعد الأثر في طريقة التعاطي مع الإدارة السورية الجديدة، وهما: الملف الكيميائي، وهو متعلق أساساً بالجانب الإسرائيلي، والثاني ملف المقاتلين الأجانب في سورية. وبالنسبة إلى الملف الأول، أعرب القربي عن اعتقاده بأنه لا توجد مشاكل حياله، خصوصاً أن الحكومة السورية منفتحة إلى حد بعيد لطيّه بشكل واضح، وهي أعلنت التزامها كل المعاهدات الدولية الخاصة بهذا الملف. ورأى أن القضية الخلافية الأبرز بين الطرفين هي “المقاتلون الأجانب”، فـ”الحكومة السورية ترى أن الملف يحتاج إلى وقت وصبر وحذر من أجل المحافظة على السلم الأهلي والاستقرار في البلاد، بينما تريد الإدارة الأميركية تحييد المقاتلين الأجانب عن المناصب القيادية في المؤسسة العسكرية، مع منح واشنطن حرّية التعامل معهم واستهدافهم”. وبرأيه، فإن المطالب الأميركية من دمشق “تمسّ السيادة بشكل واضح وسافر”، مضيفاً أن “الولايات المتحدة، كما يبدو، تريد تطبيق الاستراتيجية التي كانت تطبّقها في شمال غرب سورية قبل سقوط نظام الأسد (في 8 ديسمبر الماضي)، خصوصاً استهداف أي شخص ترى أنه يشكّل خطراً، ولكن الحكومة السورية الحالية ترفض هذا المبدأ، وتطالب بتفاهمات تتضمن تنسيقاً مشتركاً”.

من جهته، أعرب السفير السوري السابق في السويد، بسام العمادي، في تصريح لـ”العربي الجديد”، عن اعتقاده بأن “من الأفضل أن تكون التفاهمات التي ستحصل بين دمشق وواشنطن غير معلنة، لتجنّب ردود فعل غير مرغوب فيها، خصوصاً ما يتعلق بالسيادة والمتعلقة بالأجانب”.

———————————–

معضلة وزارة الدفاع/ عبسي سميسم

27 ابريل 2025

لا تزال مهمة إعادة هيكلة وزارة الدفاع من أصعب التحديات التي تواجه الحكومة السورية الحالية، وذلك بسبب مجموعة من التعقيدات التي يرتبط جزء منها بطبيعة العناصر البشرية التي ستشكّل هذه الوزارة، بالإضافة إلى أسباب خارجية تتعلق بمتطلبات وشروط بعض الدول الكبرى والدول الإقليمية حول تشكيلة وهيكلية تلك الوزارة التي لا تزال حتى الآن غير واضحة المعالم، رغم تأسيس بعض الإدارات التي تتبع لها. تضاف إلى ذلك تحديات أخرى تتعلق بدور وزارة الدفاع في مواجهة التحديات الداخلية، والتي يأتي في مقدمتها تحدي مواجهة فلول النظام المخلوع.

على مستوى طبيعة مكونات هذه الوزارة، يبرز التحدي الأكبر في التوفيق بين فصائل قسم منها كانت في الأمس القريب متناحرة فيما بينها، سواء على مستوى الصراعات البينية بين فصائل الشمال أو على مستوى الصراع بين فصائل الشمال و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) التي من المفترض أن تُدمج جميعاً ضمن وزارة الدفاع، والتي يسعى كل قائد فصيل فيها للحصول على دور ضمن هذه الوزارة. إلا أن التحدي الأكبر في موضوع المكون البشري للوزارة يكمن في مدى القدرة على صهر الفصائل التي ستشكل الوزارة ضمن جسم مؤسساتي يضمن ولاء عناصرها للدولة السورية والتزامهم بالتعليمات وفق التراتبية المؤسسية للوزارة، وليس لقائد الفصيل، وذلك كي لا يتحوّل الجيش السوري إلى مجموعة من الفصائل تحت غطاء وزارة الدفاع، على غرار تجربة “الجيش الوطني” السيئة. كذلك يبرز تحدي ضم قادة فصائل تعتبر نفسها شريكة في تحرير سورية، فيما تُتهم بارتكاب تجاوزات بحق المدنيين في المناطق التي كانت تسيطر عليها، بالإضافة إلى ارتكابها تجاوزات لاحقاً خلال أحداث الساحل السوري. وكذلك يبرز تحدي إشراك الضباط المنشقين عن النظام في تركيبة الوزارة والذين هُمّشوا خلال الفترة السابقة على حساب إعطاء دور لقادة الفصائل من الذين لا يمتلكون خلفيات عسكرية أكاديمية.

وتواجه الحكومة السورية تحدي إرضاء الجهات الدولية في تشكيلة وزارة الدفاع وخاصة تحقيق المطالب التي وضعتها الولايات المتحدة لرفع العقوبات عن سورية، وهي عدم إدخال عناصر أجنبية ضمن تشكيلة الوزارة، وهو تحدٍ ربما ينذر بخلافات داخل الكتلة الصلبة لـ”هيئة تحرير الشام” رغم حلها. كذلك تواجه الحكومة السورية تحدي إرضاء بعض الدول، وخاصة تركيا، بزجّ بعض العناصر المحسوبة عليها ضمن تشكيلة الوزارة واستبعاد عناصر غير مرضي عنهم. يضاف إلى جملة التحديات تحدٍ أساسي يتعلق بدور ومهمة الجيش السوري وعقيدته وتسليحه، الأمر الذي يتعلق أيضاً بتوافقات دولية، وهل سيقتصر دور الجيش على حماية الحدود، أم سيتعداه إلى أدوار في الداخل السوري، خصوصاً بعد التدخّل غير الموفق الذي قام به في مواجهة فلول النظام الذي أدّى إلى انتهاكات بحق المدنيين.

العربي الجديد

———————————-

مسؤولة أميركية سابقة: الشرع تعهد بألا تشكل سوريا تهديداً لإسرائيل

2025.04.26

قالت باربرا ليف، المساعدة السابقة لوزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، إن الرئيس السوري أحمد الشرع تعهّد بأن بلادَه “لن تشكل تهديداً لإسرائيل”.

وأضافت المسؤولة الأميركية السابقة، في مقابلة مع القناة 12 الإسرائيلية، السبت، أن الرئيس السوري أبدى تفهماً كبيراً للمخاوف الإسرائيلية.

وأوضحت ليف أن الشرع أكد خلال لقاء جمعه بها أنه “لن يسمح لأي جهة أو دولة باستخدام الأراضي السورية لتهديد إسرائيل”.

وتابعت أن الشرع يريد علاقات جيدة مع جميع الأطراف الإقليمية، معتبرةً أن هناك أملاً في فتح “فصل جديد” بين سوريا وإسرائيل في ظل قيادته للمرحلة الانتقالية.

وختمت ليف حديثها بالإشارة إلى أن الشرع كان يثير إعجاب المسؤولين الأميركيين السابقين ببراغماتيته ومصداقيته، مضيفةً: “الزمن وحده كفيل بكشف ما إذا كان قد غيّر بالفعل نهجه السياسي”.

الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا

تصاعدت اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على سوريا بشكل كبير عقب سقوط نظام الأسد في الثامن من كانون الأول الماضي، حيث شنّت قواته مئات الغارات على المواقع العسكرية التابعة للجيش السوري بهدف تدميرها ومنع إعادة تأهيل بنيتها التحتية.

وتزامنت تلك الهجمات مع عمليات توغل برّي في أرياف دمشق والقنيطرة ودرعا، حيث سيطرت قوات الاحتلال على المنطقة العازلة، ثم انتقلت لتنفيذ عمليات مداهمة في المناطق الحدودية.

وخلال الأيام الماضية، باتت عمليات جيش الاحتلال تأخذ منحى جديداً، إذ لم تعد تقتصر على استهداف المواقع العسكرية، بل بدأت تطول المدنيين أيضاً. ففي 17 من آذار الماضي، قُتل أربعة مدنيين بقصف على درعا، كما قُتل ستة آخرون قبل ذلك بأيام من جرّاء قصف على بلدة كويا في منطقة حوض اليرموك.

ويزعم الاحتلال الإسرائيلي أن هذه العمليات لا تهدف إلى غزو سوريا أو السيطرة على أراضيها، بل تهدف إلى إزالة “التهديدات” من على حدوده الشمالية ومنع “حزب الله” من الحصول على أسلحة جديدة من إيران. ويؤكد مراقبون أن سقوط نظام الأسد غيّر الواقع على الأرض، خصوصاً فيما يتعلق بوجود إيران وميليشياتها.

———————————

السوريون أولا/ عالية منصور

آخر تحديث 26 أبريل 2025

بعد طلبات وردود مباشرة وغير مباشرة بين الحكومة السورية الجديدة والإدارة الأميركية، وصل وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى نيويورك، فكان أول حضور لمسؤول سوري رفيع في مجلس الأمن بعد سقوط الأسد.

لقد ألقى الشيباني كلمة طالب فيها برفع العقوبات المفروضة على سوريا، كما طالب مجلس الأمن بممارسة الضغط على إسرائيل للانسحاب من سوريا، معتبرا أن “العدوان الإسرائيلي المستمر على بلاده يقوض السلام والأمن اللذين نسعى إلى تحقيقهما”.

جاءت كلمة الشيباني عقلانية ومدروسة، تمثل عقلية دولة تسعى للنهوض بعد عقود من الذوبان في مشاريع إقليمية وعقائدية، وأجاب بكلمته على معظم الطلبات الأميركية التي سُلمت له سابقا في بروكسل، وجاءت متماهية مع الرد الذي أرسلته دمشق في وقت سابق.

وفي الواقع، فإن سياسة سوريا الخارجية منذ سقوط نظام الأسد لا تتمتع فقط بالبرغماتية كما يتم وصفها بل بالعقلانية والهدوء، ويدرك المسؤولون السوريون اليوم أن البلاد منهكة وبحاجة لدعم الجميع لرفع العقوبات وإعادة الإعمار وعودة اللاجئين، وقبل ذلك كله لتثبيت الاستقرار وخصوصا مع كثرة المتربصين من إيران التي خسرت مشروعها في المنطقة بسقوط الأسد، وأذرعها التي خسرت ممر التمويل والتسليح وتصنيع المخدرات، إلى بقايا النظام الذين خسروا امتيازاتهم بالنهب والقتل والفساد، وصولا إلى “داعش”.

وتدرك حكومة الرئيس أحمد الشرع أن دول الجوار والإقليم والعالم أجمع عانى لعقود من تصدير نظامي الأسد الأب والولد للفوضى والإرهاب والمخدرات، وأن إعادة بناء الدولة الجديدة يتطلب قطيعة مع تلك الأساليب والسياسات.

في خطاب الشيباني أيضا رسائل للخارج عن الداخل السوري، فقد صرح أنهم بصدد الإعلان “عن خطوات جادة لتشكيل برلمان وطني يمثل الشعب السوري”، وشدد على أن العقوبات “تُقيد قدرتنا على تطبيق العدالة الانتقالية وضمان الأمن”، مؤكدا أن رفع العقوبات سيكون “خطوة هامة تساهم في تحويل سوريا لشريك نشط وقوي في السلام والاقتصاد الدولي”. واعتبر أن “العالم بحاجة إلى سماع متطلبات الشعب السوري، بعد أن كان يتم تمثيله بطريقة خاطئة، فاليوم هناك سوريا جديدة وفرصة جديدة تصنع في المنطقة العربية.

ولكن على الجانب الآخر، في سوريا، فإن ما ينتظره الكثير من السوريين هو الخطابات الموجهة إليهم، خطابات بنفس الهدوء والعقلانية، تخاطبهم بشفافية وخصوصا مع زيادة حالات التململ الحاصلة وتحديدا بملف العدالة الانتقالية وبقايا النظام، بعيدا عن العواطف والتعاطف. لماذا لا نسمع خطابا موجها لأهالي الضحايا يخبرهم بأن هيئة العدالة الانتقالية ستشكل قريبا وأن العقوبات، كما قال الشيباني، تعوق انطلاق مسار العدالة؟ لماذا لا يعلم السوريون ما دور الفلول اليوم وهم يأخذون حيزا واسعا من الصورة، هل كان لهم دور في إسقاط النظام؟ هل سيتعاونون بالكشف عن خفاياه؟ تكاد لا تصل معلومة إلى السوريين إلا وهي بحاجة لبحث وتقص.

لا شك أن التحديات كبيرة داخليا وخارجيا، ولا شك أن العقوبات من أبرز العوائق أمام انطلاق العمل بشكل منتظم في سوريا، ولكن بعد 4 شهور على بداية عهد جديد في سوريا، صار من الضروري أن يوجه الخطاب إلى الداخل وأن يطلع السوريون على خطة عملية بإطار زمني واضح، فكما أن الخطاب إلى الخارج عقلاني وهادئ، فإن السوريين يحتاجون إلى خطاب يخاطب عقولهم بعيدا عن شعبوية الشعبويين الذين تفسح لهم الحكومة الحيز الأكبر من عملية صناعة الرأي العام، في ظل غياب إعلام رسمي حقيقي وواعٍ، حتى بات هؤلاء هم مصدر المعلومة الوحيد أمام السوريين، وهذا المصدر تختلط فيه الحقيقة مع السذاجة مع الكثير من الاستعراض.

إن عملية تحقيق الاستقرار تبدأ من بناء جسور الثقة مع الشعب السوري وتقديم خطاب حقيقي عقلاني وهادئ شبيه بالخطابات التي تقدمها الحكومة للرأي العام العالمي، فنجاح الحكومة في إقناع الداخل هو الشرط الأساسي لنجاحها في الخارج، وهذا يتطلب إعادة النظر في كيفية إدارة الخطابين السياسي والإعلامي وعدم ترك السوريين فريسة للمتسلقين ومؤثري “السوشيال ميديا” فهؤلاء ضررهم أكثر من نفعهم.

المجلة

————————–

بريطانيا ترفع العقوبات عن 12 كيانًا سوريًا.. أسئلة عن الدوافع والأثمان/ أحمد العكلة

26 أبريل 2025

أعلنت المملكة المتحدة عن رفع جزء من العقوبات المفروضة على سوريا، في خطوة تهدف إلى دعم جهود إعادة الإعمار. وشملت هذه الخطوة إزالة العقوبات عن وزارات الدفاع والداخلية السورية، بالإضافة إلى مؤسسات إعلامية حكومية مثل الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، و”الوطن”، و”شام برس”، و”سما تي في”. وكانت بريطانيا قامت، في آذار/ مارس 2025، برفع العقوبات عن البنك المركزي السوري وعدد من شركات النفط والبنوك التجارية.

وفي حديث لـ “ألترا سوريا”، يعلق الكاتب والباحث ورئيس تحرير صحيفة نينار برس، أسامة آغي، على القرار البريطاني الأخير مؤكدًا أن أي خطوة نحو تخفيف أو إلغاء العقوبات الغربية المفروضة على سوريا ستكون في مصلحة الشعب السوري مباشرة، نظرًا لما تسببت به هذه العقوبات من آثار اقتصادية كارثية أعاقت التنمية وعرقلت حركة الاستثمار والمشاريع الحيوية.

وأشار إلى أن وصول أحمد الشرع إلى سدة الحكم كان نتيجة طبيعية لانهيار مؤسسات نظام الأسد، لكونه كان حينها قائدًا لقوات ردع العدوان، ونتاجًا لتوافقات بين قوى الداخل والخارج، باستثناء إيران وميليشياتها التي انسحبت من المشهد السوري.

خطوة بريطانية.. ولكن هل هي كافية؟

وأوضح آغي أن القرار البريطاني الأخير برفع العقوبات عن اثني عشر كيانًا سوريًا، من ضمنها وزارتا الداخلية والدفاع ومؤسسات مصرفية، يخفف من عبء هذه العقوبات، لكنه لا يرقى إلى مستوى المطلوب. فالاستثمار يحتاج إلى بيئة آمنة ومستقرة وإلى إلغاء شامل للعقوبات، لا تخفيفها فقط، خاصة بعد زوال المبرر الرئيسي لفرضها، أي سقوط نظام الأسد.

ويعتبر أن هذا القرار ليس خطوة معزولة، بل هو مؤشر على توجّه غربي عام لإعادة تقييم السياسة تجاه سوريا، وفق آلية تدريجية تهدف إلى تشجيع انتقال سياسي شامل يؤسس لوحدة البلاد واستقرارها.

وحول دوافع القرار البريطاني، قال آغي: “في العلاقات الدولية، تبقى المصالح العليا هي المحرك الأساسي للقرارات. ومن هنا، لا أعتقد أن الاقتصاد هو العامل الأهم في القرار البريطاني، خاصة وأن الوضع الاقتصادي السوري لا يزال متدهورًا بشكل كبير ولا يتيح فرصًا حقيقية للاستثمار في الوقت الراهن.”

وأشار آغي إلى أن المساعدات الإنسانية لم تتوقف حتى في ظل العقوبات المفروضة سابقًا، وبالتالي فإن القرار الجديد قد يؤثر بشكل محدود فقط على تدفق الاستثمارات. وأضاف أن رؤوس الأموال العالمية لا تخاطر في بيئة تخضع لعقوبات واسعة تقودها الولايات المتحدة، مما يعني أن الأثر سيكون تدريجيًا ومشروطًا بتغير أوسع في المناخ السياسي والاقتصادي.

وردًا على سؤال حول الضمانات المطلوبة من أجل استفادة الشعب السوري من هذا التخفيف، وليس النخب السياسية فقط، أكد آغي أن بريطانيا لم تتخذ قرارها بمعزل عن متابعة دقيقة للوضع السوري. وأشار إلى وجود لقاءات واجتماعات رسمية مع قيادات الحكومة السورية الجديدة، تتضمن مطالب واضحة بخصوص شمولية العملية السياسية. ويرى أن الضمانات يجب أن تُترجم إلى خطة عمل حكومية واضحة، تحظى بموافقة القوى الغربية، وهو ما لم ترفضه الحكومة السورية الحالية، على الأقل من الناحية الإعلامية أو من خلال التصريحات السياسية.

في كانون الأول/ديسمبر 2024، زار وفد بريطاني رفيع المستوى دمشق والتقى بالرئيس أحمد الشرع، الذي دعا إلى رفع العقوبات الدولية لتسهيل عودة اللاجئين السوريين وبناء دولة قائمة على القانون والمؤسسات. وأكد وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، أن بلاده تدعم عملية سياسية انتقالية شاملة في سوريا.

على الرغم من هذه الخطوات، لا تزال بعض العقوبات قائمة، خاصة تلك التي تستهدف أفرادًا مرتبطين بالنظام السابق، وذلك لضمان المساءلة عن الجرائم المرتكبة خلال النزاع. كما أن الولايات المتحدة لم تعترف رسميًا بالحكومة الجديدة بقيادة الشرع، لكنها خففت بعض القيود المالية مؤقتًا.

وقال العقيد المنشق والباحث العسكري، مصطفى الفرحات، إن القرار البريطاني الأخير برفع العقوبات عن سوريا، والذي شمل الأجهزة الأمنية والجيش السوري الجديد، يعكس مخرجات مؤتمر بروكسل الذي طرح حوافز تشجيعية للإدارة السورية الجديدة. وقد جاء هذا المؤتمر في سياق دعم المانحين، ما يشير إلى تغير في العلاقات الدولية بعد سقوط النظام السابق.

وأوضح الفرحات أن هناك توجهًا أوروبيًا أميركيًا واضحًا لمنع عودة سوريا إلى المحور الذي تقوده إيران، وبذلك يُفهم قرار رفع بعض العقوبات كخطوة أولى ضمن سياسة “خطوة مقابل خطوة”، إذ لم يتم رفع العقوبات بشكل كامل حتى الآن، وإنما تم منح حوافز جزئية.

وأضاف الفرحات أن هذه الحوافز قد تتطور مستقبلًا إلى دعم أكبر ومساعدات أكثر تشجيعًا في حال استمرار الانفتاح السياسي الحالي. أما فيما يتعلق بدوافع بريطانيا، فقد أشار إلى أن الدوافع الإنسانية هامشية في العلاقات الدولية، وأن رفع العقوبات جاء بقرار يعكس رضا الولايات المتحدة عن أداء الإدارة السورية الجديدة، كون بريطانيا تُمثّل ظل السياسة الأميركية.

من بين الدوافع أيضًا، بحسب الفرحات، وجود رغبة دولية في تشكيل عقيدة عسكرية جديدة في سوريا بعيدة عن التسليح الروسي والسوفييتي السابق. وقد تسعى الدول الغربية إلى تزويد الجيش السوري بأسلحة تركية المنشأ، وهي أسلحة تابعة للناتو ومتوفرة لدى دول الغرب، خاصة فيما يتعلق بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة.

كما أن سوريا كانت في السابق مصدرًا للفساد وتجارة الكبتاغون وتهريب السلاح، ما سبّب قلقًا لجيرانها وللمجتمع الدولي. ويُنظر إلى موقعها الجغرافي كعامل محوري يجعل من الأزمة السورية ذات ارتدادات دولية مباشرة.

وقال الفرحات إن سوريا اليوم “مخترقة للنخاع” وكل ما يجري فيها تحت المجهر الأوروبي والأميركي، ما يشكل رقابة حقيقية على أي تطور داخلي.

وفيما يخص تأثير القرار البريطاني على مسار العقوبات الأوروبية، أكد الفرحات أن أوروبا، رغم أنها ليست الطرف الأول في معسكر الناتو، إلا أنها قد تتأثر إيجابيًا بالخطوة البريطانية. وأشار إلى أن المطالب الأميركية لتخفيف العقوبات تختلف عن الأوروبية، حيث إن بعض المطالب الأوروبية تمس السيادة الوطنية السورية، ما يجعل تنفيذها غير مقبول بالنسبة للإدارة الجديدة التي أكدت التزامها بما لا يتعارض مع المصلحة الوطنية.

وحول تدفق المساعدات والاستثمارات بعد القرار، أوضح الفرحات أن المساعدات الإنسانية لم تنقطع أصلًا، لكنها كانت مقيدة بسبب العقوبات على التحويلات المالية والبنوك السورية. رفع العقوبات عن المصرف التجاري والزراعي، وقطاعات مثل النفط، يسمح بقدر من الانفراج، إلا أن ذلك لا يعني فتح الباب واسعًا أمام الاستثمارات، بل يشجع بشكل محدود استثمارات السوريين في الخارج أو من داخل البلاد.

تأتي هذه التطورات في ظل جهود دولية لإعادة الاستقرار إلى سوريا وتشجيع عودة اللاجئين، مع التركيز على دعم حكومة انتقالية شاملة تحترم حقوق الإنسان وتعمل على إعادة بناء البلاد.

الترا سوريا

—————————

=========================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى