إعادة بناء المجتمع المدني السوري بعد التغيير/ عبد الله تركماني
المحتويات
ملخص تنفيذي
مقدمة
أولًا: واقع منظمات المجتمع المدني NGO بعد الثورة
1-في إبان الثورة في مناطق المعارضة
2-منظمات مجتمع مدني سورية في دول الجوار
3-منظمات مجتمع مدني سورية في أوروبا
4-في مناطق سيطرة النظام
5-منظمات المجتمع المدني في شمال شرق سورية/ منطقة سيطرة الإدارة الذاتية
6-معوقات عمل منظمات المجتمع المدني السورية
7-أدوار منظمات المجتمع المدني السوري في المستقبل
ثانيًا: معوّقات قيام مجتمع مدني سوري بعد التغيير
ثالثًا: شروط ازدهار مجتمع مدني في سورية المستقبل
رابعًا: أدوار المجتمع المدني السوري بعد التغيير
خامسًا: القوانين الناظمة للمجتمع المدني السوري بعد التغيير
سادسًا: توصيات ومقترحات
سابعًا: أهم مراجع الدراسة
ملخص تنفيذي
حدثت طفرة في نمو منظمات المجتمع المدني السورية بعد الثورة، بحيث لا مجال لمقارنتها بمراحل سابقة، ووزعت على نحوٍ أساس في المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام تباعًا وفي البلدان المجاورة التي تدفق المهاجرون السوريون إليها، نظرًا إلى الحاجة إلى التعويض عن مؤسسات الدولة وإغاثة الأعداد المتزايدة من النازحين والمهجرين. وكانت الظروف القاسية قد تركت آثارًا سلبية عدة عوقت قيام مجتمع مدني على أسس سليمة، ومنها اعتقال عدد كبير من الناشطين وموت بعضهم تحت التعذيب، وهجرة من تبقى منهم، وعسكرة المجتمع السوري، وإحباط بعض شباب الحراك من جدوى العمل المدني، وتراجع مفهوم العمل التطوعي تحت تأثير المال السياسي، وتأثير قوى الأمر الواقع الإقليمية والدولية.
وكان لديمومة الاستبداد -أكثر من نصف قرن- آثار مدمرة في المجتمع السوري، إذ إنّ مجتمع الحزب الواحد (قائد الدولة والمجتمع) أشاع عزوفًا عامًا عن انخراط الشباب السوري في الشأن العام، وما رافق ذلك من غياب المبادرة الذاتية والتفكير المستقل. ما أنتج بنية مجتمعية راكدة، أحيت روابطها التقليدية، الطائفية والعشائرية. ومن جهة أخرى، أدى الاستبداد إلى النقص الحاد في الوعي الحقوقي والسياسي، بمعنى ضعف الثقافة السياسية الحديثة، وبخاصة ما يتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان ومواصفات دولة الحق والقانون.
أما المعوّقات الذاتية للمجتمع المدني الذي سينشأ في سورية بعد التغيير فتكمن في التباس هويته، بين ما هو: مدني وأهلي، سياسي ومدني، احتجاجي ومطلبي، وما هو اقتراحي وتشاركي. ومن المعوّقات المحتملة الاكتفاء بالنشاط ضمن إطار فئات محدودة من المثقفين وأوساط الطبقة الوسطى، والعزلة عن العمق الشعبي. ولعلَّ من أخطر المعوّقات الالتباس بين مفهومي المجتمعين المدني والأهلي، وفي هذا السياق ذكّر الدكتور عزمي بشارة بضرورة “رؤية الفرق بين التنظيمات المجتمعية المؤلفة، نظريًا على الأقل، من مواطنين أحرار تآلفوا على نحو طوعي، وبين البنى الجمعية العضوية التي يولد الإنسان فيها ويعيش فيها”.
وبعد الآثار المدمرة التي تركتها ديمومة الاستبداد أكدت الدراسة أنّ منظمات المجتمع المدني جزء من الحراك السياسي العام في المجتمع، إنها جزء من حيث الفاعلية، عبر قوى الضغط التي تعتمدها في عملها. بمعنى أنّ العلاقة بين الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني هي التي يمكن افتراضها بين السياسة والشروط المتحضرة لممارستها. أما عن مسألة العلاقة بين المجتمعي المدني والسياسي فهي أكثر تعقيدًا، بسبب التأثير المتبادل لكل طرف في الآخر، إذ إنّ البحث عن شروط ازدهار المجتمع المدني لا يمكن أن يحدث بمعزل عن طبيعة دستور الدولة وقوانينها، فالرؤية التي نراهن عليها -في سورية بعد التغيير- تنطلق من إمكانية التكامل بين المجتمعين، بما يؤسس للحداثة السياسية والمواطنة وحقوق الإنسان.
ومن الشروط الذاتية لازدهار المجتمع المدني إنشاء مراصد مشتركة وتشابكية بين منظمات المجتمع المدني للتأثير في صناعة السياسات، واعتماد وحدة المعايير طبقًا لمواثيق الأمم المتحدة وقراراتها، وبخاصة الشرعة العالمية لحقوق الإنسان. ومن عوامل الازدهار يمكن أن نذكر ضرورة قيام مجتمع مدني مستقل عن سلطة الدولة، كي يؤثر فيها ويحملها -بوسائل الضغط السلمية- على تبنّي اقتراحاته، أو القبول بها مدخلًا للنقاش في اتجاه شراكة حقيقية بينهما.
إنّ أهم الرهانات لازدهار المجتمع المدني تكمن في توفّر الحريات الفردية والعامة: حرية تشكيل المنظمات والنقابات والأحزاب السياسية، حرية التفكير والتعبير وحرية الرأي والضمير، حرية التواصل الاجتماعي والإنساني، حرية الإضراب والتظاهر والاعتصام.
إنّ الأدوار المطلوبة من المجتمع المدني ليكون قادرًا على المساهمة في تحقيق الديمقراطية والعدالة، وفي عملية التنمية والبناء، تفرض بناء الإطار الاجتماعي والقانوني، لتمكين المواطنة الإيجابية وتطبيق مفهومات الحقوق والواجبات. ما يساعد على نجاح عملية الانتقال الديمقراطي، والوصول إلى دولة الحق والقانون، والسير في اتجاه التنمية الشاملة.
وقد جاءت العولمة بأدوار جديدة للمجتمع المدني، مثل: حماية البيئة من التلوث، والفقر، والهجرة واللاجئين، وضحايا العنف الجنسي، والمخدرات، والإرهاب، وحقوق المرأة والطفولة والأقليات الدينية والعرقية. وتجاوبًا مع هذه التوجهات العامة تعمل منظمات المجتمع المدني في الميادين المختلفة، من أجل تلبية الحاجات الاجتماعية وتقديم الخدمات التي لا تلبيها الدولة.
ويكتسب نشر الثقافة السياسية الديمقراطية أهمية كبرى في سورية المستقبل، إذ إنّ هذه الثقافة تعد ركنًا أساسيًا من أركان نجاح عملية التحوّل الديمقراطي، ما يتطلب ثلاث مهمات أساسية هي: إشاعة الثقافة المدنية الديمقراطية في المجتمع، والاهتمام بتمثّل المواطنين لهذه الثقافة وقيمها في حياتهم اليومية وفى علاقتهم بالآخرين، وتدريب المواطنين عمليًا على الممارسة الديمقراطية واكتسابهم خبرة هذه الممارسة من خلال النشاط اليومي الذي يقومون به في مختلف مجالات الحياة.
وتلعب منظمات المجتمع المدني، بصفتها الوسيط في العلاقة بين الشعب والسلطات، دورًا مهمًا في مشاركة المواطنين في مشروع إعادة بناء سورية الجديدة، من خلال مساهماتهم في رسم السياسات التي تهم مصالحهم المباشرة، بما يعكس حاجاتهم الحقيقية. وهكذا، ثمة حاجة ملحة في سورية المستقبل إلى إطلاق الفضاء الواسع للمجتمع المدني، من خلال تبنّي قوانين حديثة لتنظيم مؤسساته، وهو أمر في غاية الأهمية، لإعادة الروح إلى العمل في الشأن العام، ومن ثم عودة السياسة إلى المجتمع السوري.
يمكنكم قراءة البحث كاملًا بالضغط على علامة التحميل
مركز حرمون