خائط المزقات الصغيرة/ أليساندرو كانافالي
1
أُحبُّ وخزةَ الألم،
وذاك الذي ربّما قد ضاع للأبد،
ما نستسقي السماء لأجله
لنحصل في المقابل على وحلٍ وصمْت.
2
بعض الذكريات أُؤويها
في منزل الكفّين
كشظايا زجاجة.
الحياة تبدو لي دوماً
جمع مزقات.
3
علينا أن نبقى هنا،
حُرّاساً يقظين على الدهشة:
لديَّ سرٌِّ هَشٌّ
يَحطُّ على ظهر يدي،
همَسَت السماء به لي
من بين جناحَي فراشة:
“أنا سأبقى هنا،
كشيء وضعناه في مكان ما
ونسيناه”.
4
رأيتُ أبي
يشيخ بسرعة،
كما لو كان زهرة
فاجأَتْها
عاصفةٌ ثلجية.
أبو الحناء، يغيب في البرد
العصفور الذي كان يحيّيه من على قضبان النافذة.
5
أقبضُ على كمشة
من نور وتراب
في راحة اليد
بينما الفزع
يهزّ القلب
أتعلّمُ ألفباء الغياب
أكتشفُ وأحمي
منابع الدهشة.
6
بسطتُ كفّين وقلباً
على ضجيج الإخفاقات
على الأحلام المحترقة،
المتبقية كبخور
على غُرَزِ السّترات
على الخيوط المنغزلة
لتَمنح بيتاً للمعنى.
اليوم أرى على وجهكِ
ظِلّاً منطبعاً،
ظِلّاً مِنَ الدهشة والحسرة.
أمّا روحكِ فبقيت
على شفا صخرة كلمة
لم تنطقي بها.
7
كلّ يومٍ ألفُ خيط
يتقطّع على السِّكة
وبين أبخرة النوافذ
في المساء أعود لأجمع خيطاني
من بين نظراتك
أنا لست سوى خائطٍ
للمزقات الصغيرة.
8
أدّعي انشغالي بألف شيء
حتى أتفادى النظر إليكِ
وأنت تصعدين القطار للمغادرة
ما هي إلّا لحظات
حتى وجدتُ نفسي غريباً
عن بلد عينيكِ.
9
نكبر
عندما نترك درب آبائنا
لكنّنا ننضج
عندما نعود للبحث عنه
بين عروق كل غروب.
10
تبقٍّ
بين هذه الجدران أريد أن أتبقّى
في هذا الهواء المنسوج بالانتظار
أريد أن أرسخ.
11
الأماكن تموت بلا ذاكرة
تخبو أرواحنا
كبصمات الأنفاس
على أسطح المرايا
جِلدنا قفص،
حدودنا حبل رغبات
أفلتَ
من بين ثقوب الأجراس.
* Alessandro Cannavale (باري، 1977) شاعر ومهندس وباحث جامعي، يُدرّس الفيزياء التقنية والهندسة، ويتعاون كمحرّر ثقافي وناقد أدبي مع العديد من الصحف الإيطالية. من مجموعاته الشعرية: “أبيات شاردة” (2019) و”خائط المزقات الصغيرة” (2020) التي اخترنا منها هذه القصائد.
** ترجمة عن الإيطالية: أمل بوشارب
العربي الجديد