حرق الجثث كشأن ثقافي/ علي سفر
يُنكر سوريون منذ بداية الثورة أن النظام بجيشه وأجهزته الأمنية والميليشيات التي استدعاها لتشاركه حربه، قد ارتكب مذابح بحق سوريين آخرين!
يلجأ هؤلاء في بناء يقينهم إلى المعقولية، لا بكونها جذراً فلسفياً، بل بكون معقولياتهم المتعددة، والتي تُبنى أصلاً على ارتباطات خاصة أو شخصية بتكوين النظام، تمنعهم من افتراض وقوع الجرائم، التي عُرف مرتكبوها، ما يعني أنهم على اتصال بالمجرمين، وأنهم شركاء بشكل أو بآخر بما جرى ويجري، ولهذا، لا بد من أن يذهب هؤلاء إلى نفي الحدث، وإنكاره من أصله، وإذا توفرت لهم روافع مثل الإعلام الرسمي والممانع، اللذين ينكران بدورهما، ليس الجرائم فقط، بل كوارث الحرب، ويحيلانها في حال اعترفا بها إلى العدو، الذي لم يكن هناك حاجة لاختلاق وجوده من العدم، بل كان يكفي اللجوء إلى سجن صيدنايا، أو جناح الإسلاميين في سجن عدرا، وفتح الأبواب، للحصول عليه مكتمل الأوصاف.
ستظهر الأدوات المساعدة على الإنكار سريعاً جداً في سوريا ربيع وصيف عام 2011، حيث بدأ العنف ينتشر مع عمليات التفجير، التي ينكر بعض المعارضين بدورهم مسؤولية جبهة النصرة عنها، ويحملونها على أكتاف النظام!
ووفقاً لهذا ستتوفر شيئاً فشيئاً السردية الخاصة التي شكلت جذر رواية النظام، ومؤيديه، ومثقفيه، قبل ظهور داعش بوقت طويل نسبياً!
لكن، انكشاف سلسلة من المجازر التي ارتكبتها قوات النظام بحق المعتقلين، ولاسيما ما كشف منها على يد العسكري المنشق قيصر، سيجعل الأسد بحاجة ماسة إلى تعميم الجريمة، كي لا يكون وحيداً أمام العدالة الأخلاقية، وبدلاً من أن يكتفي الإعلام بأبي صقار الذي انتزع قلب جثة أحد قتلى الأجهزة الأمنية، سيظهر أمام الكاميرا جيش كامل من “الصقاريين” الدواعش، الذين كانوا كرماء جداً على الإعلام والمنكرين، حيث سيضيفون لهم جملة مهمة تقول: “ومن لم يمارس جرائم القتل في سوريا”؟!
المحاججة التي كنا نخوضها مع أي مثقف مؤيد للنظام كان اشتباكها الأساسي يجري على حواف الإنكار دائماً!
لكن تسريب الوقائع، ولاسيما الصور والأفلام المصورة للمجازر، كان يؤدي حتماً إلى تعميم الجريمة، وجعل الكل مجرماً.
فمقابل التسريبات من بين ظهراني جحفل النظام الأمني والعسكري، كانت الجماعات المسلحة كافة تنشر أفعالها المخزية، وتعممها باسم الثورة!
غير أن مثل هذا النقاش عمن هو المجرم، في مقتلة واسعة وشاسعة، سيُفقد الإنكاريين واحداً من أدوات دفاعهم عن النظام، حيث يتم تحصينه بكونه هو الدولة، وهو يحوز على الشرعية، ويحتكر العنف أصلاً، بينما لا يمتلك الطرف الآخر أياً من هذه الشروط.
فما هو الحل مع دولة تنشر العنف والدم في جهات البلد الأربع، وتقتل مواطنيها، وتتشفى بجثامينهم، في مشاهد يندى لها الجبين!
يضاف إلى ذلك، أن ما ينشر من أدلة على ارتكاب الجرائم، لا يتم نفيه، أو التشكيك به، بل يتم تجاهله أيضاً على المستوى الرسمي، وعلى المستوى العام، وكأنما ثمة استقواء مؤصل بامتلاك حق إبادة الآخرين، يصل حد الوقاحة!
شرائح المثقفين والفنانين والإعلاميين الذين يعيشون في كنف النظام وعلى موائده، ويفضلون البقاء في فراديسهم الشخصية، حيث تصبح العلاقة مع ضباط الأمن والجيش والمسؤولين في الدولة والقصر جزءاً من البريستيج، والعلاقات العامة، التي يتم فيها تبادل الهدايا والسهرات العارمة، بالخدمات والحماية!
هؤلاء، لم يروا (على سبيل المثال لا الحصر) صور المعتقلين الذين خرجوا في زمهرير كانون الأول عام 2013 بعد أن تم إطلاق سراحهم إثر مفاوضات مع الثائرين في الغوطة من أجل مبادلتهم بـ50 عنصراً من الحرس الثوري الإيراني! ولم يشمّوا رائحة الموت في الغوطتين الشرقية والغربية في مذبحة الكيماوي!
ولم يشاهدوا صور قيصر!
فمن هو الأحمق الذي يخرب على نفسه طمأنينتها، وارتكازها إلى معقولية المجد الشخصي، المحصن بالتماهي مع السيطرة، المستمدة من القرب من الأسد نفسه؟
هؤلاء، الذين لم تهز مشاعرهم كل النوائب التي أحاقت بالسوريين، لن ينظروا في الأفلام والصور التي نشرها البارحة واليوم موقع “زمان الوصل”، وتحتوي على مشاهد تجميع جثث المعتقلين في حفر ثم إحراقها.
فحرق السوريين بعد قتلهم في المعتقلات، لا يندرج في عرف هؤلاء ضمن الشؤون التي يجب عليهم الاهتمام بها، أو النظر فيها، إذ إن آليات الإحالة حاضرة ومتوفرة، فما يجري بالنسبة لهم هو جزء من “القرف السوري”، الذي وصل إليه البلد بعد عشر سنوات، والذي يتم فيه خلط العناصر كلها مع بعضها، ورصفها مع بعضها على قدم المساواة، ولكن مع تفضيلات من نوع جعل انقطاع الكهرباء وعدم الحصول على الخبز في مقدمة ما يتحدثون عنه في شكواهم مما يجري!
ووصولاً إلى لحظة الراهن، ومع انتشار الحديث عن ضرورة هجرة من بقي من البلد، سيتكلم البعض عن عدم توفر البنزين وبما يكفي لسير العربات في الطرقات، وبما يكفي للوصول إلى المطارات أو المراكز الحدودية!
لكن البنزين كان متوفراً وبكثافة من أجل حرق جثث من قضوا في المعتقلات والأقبية، ولنقل من بقي على قيد الحياة إلى السجون الكبرى، وبما يكفي للاختفاء بلا أثر.
المدن
انطر الر الرابط التالي
https://www.zamanalwsl.net/news/article/139143/
——————————-
محارق النظام السوري لجثث المدنيين: الأدلة تتراكم بانتظار إرادة المحاسبة/ عماد كركص
يضع التسريب المصور الذي نشرته صحيفة “زمان الوصل” الإلكترونية السورية، الثلاثاء الماضي، والذي احتوى مشاهد قاسية، بإقدام عناصر من قوات أمن وجيش النظام السوري على إحراق جثث لمدنيين قضوا خلال عمليات الدهم للمدن والبلدات السورية، دليلاً جديداً على جرائم هذا النظام. وكانت قد خرجت في السابق الكثير من الاتهامات حول إقدامه على استحداث محارق داخل السجون وغيرها، لحرق جثث مئات المعتقلين لديه على خلفية اندلاع الثورة السورية، ومنها تقرير لوزارة الخارجية الأميركية عن محرقة داخل سجن صيدنايا، الذي يعتبر ثقباً أسود بالنسبة لآلاف المعتقلين الذين تحولوا لأرقام، ولا يعرف مصيرهم إلى اليوم.
أما الآن فقد باتت هذه المحارق مثبتة بالأدلة، بعد أن سربت “زمان الوصل” مقطعاً مصوراً لجنود من عناصر النظام يحرقون جثثاً لمدنيين سوريين داخل حفر، في أحد أرياف محافظة درعا جنوب البلاد، والتي انطلقت منها شرارة الثورة ضد نظام بشار الأسد. وذكرت الصحيفة أنها حصلت على مقاطع فيديو مروعة توثق إحراق عناصر المخابرات العسكرية والجوية جثامين معتقلين ما بين عامي 2011 و2013، في إحدى المناطق الصحراوية التابعة لمحافظة درعا. وبحسب المعلومات التي حصلت عليها الصحيفة فإنه كان يتم نقل جثامين المعتقلين، ممن قضوا تحت التعذيب، أو جراء محاكمات ميدانية، في شاحنات متوسطة الحجم ومكشوفة، برفقة عربات أمنية، إلى موقع منعزل بالقرب من بلدة المسمية الواقعة في الريف الشمالي الغربي لمدينة درعا، فيما كانت الجثامين تغطى بأغصان الأشجار. وأشارت إلى أن مجموعات معينة ذات ولاء مطلق بخلفية طائفية، من المخابرات الجوية والعسكرية، كانت تقوم بانتظام بجولات على فروع المخابرات المحيطة بمنطقة المحارق، وعلى الحواجز والقطعات العسكرية، لتجمع ما لديها من جثامين، كي يتم رميها لاحقاً في حفر أعدت مسبقاً، ومن ثم حرقها بعد سكب الوقود على كل جثمان، كما تظهر مقاطع الفيديو. وكان الجيش النظامي يؤمن لهم الدعم اللوجستي، ما يشير إلى أنها عملية منظمة متكررة.
ونوهت الصحيفة إلى أنها تحققت من هوية اثنين من أبرز المشاركين في الجريمة، مشيرة إلى أسمائهما بالأحرف الأولى، وهما الرائد “ف.ق” التابع للأمن العسكري،، والمساعد “م.إ”. وتوثق مقاطع الفيديو قيام عناصر الأمن بالتنكيل بجثامين المعتقلين، حيث كان يتم الدوس عليها وشتم أصحابها، ووصفهم بأن هذا “حمصي” وذاك “حموي”.
وأحدث نشر المقاطع صدمة جديدة لأهالي الكثير من المعتقلين في سجون النظام، والذين لا يعرف مصير النسبة العظمى منهم. وغير ذلك فإن هذا الدليل بات مستمسكاً قانونياً جديداً بين أيديهم للمطالبة في الأروقة الدولية بالكشف عن مصير أبنائهم. وقالت الصحيفة، مساء الأربعاء الماضي، إن المادة التي نشرتها وملحقاتها بكل ما فيها من معلومات وصور، بمثابة بلاغ رسمي تضعه باسم ملايين الضحايا السوريين بين أيدي القوى الفاعلة في العالم، من حكومات وهيئات ومنظمات ومجالس. وأشارت إلى أنها تبدي استعدادها للتعاون مع أي من هذه الجهات في سبيل تحقيق العدالة وملاحقة المتورطين، وذلك عبر التواصل المباشر مع “رئيس التحرير”.
وقال رئيس تحرير “زمان الوصل” فتحي بيوض، لـ”العربي الجديد”، إنه فور نشر المقاطع تواصلت معهم “الآلية الدولية المحايدة والمستقلة” (أنشئت من قبل الأمم المتحدة في 2016 لضمان تحقيق العدالة فيما يتعلق بجرائم الحرب في سورية) للحصول على المادة الخام وأرشفتها. وأضاف: “لدينا تعاون طويل مع الآلية الدولية في الصحيفة، وغير الآلية الدولية تواصلت معنا ثلاث منظمات حقوقية تعمل في أوروبا، طلبت المقاطع لتوثيق الجرائم وفحصها أصولاً، ومن ثم البناء عليها بإجراءاتها القانونية”. وأشار إلى أن دورهم كجهة إعلامية، قدمت الدليل، ينتهي مع بدء عمل المؤسسات الحقوقية التي ستتولى موضوع التوثيق ورفع الدعاوى.
وأضاف بيوض أنهم كانوا في الصحيفة كغيرهم، يسمعون عن المحارق دون إيجاد دليل ملموس عليها. وكشف أن “الموضوع بدأ بتحديد أربعة مواقع لمحارق في ريفي دمشق ودرعا ومواقع أخرى يمكن أن نكشف عنها لاحقاً، واستطعنا حتى الآن التأكد من موقع واحد، والذي تمت فيه الجريمة التي نشرنا مقاطع مصورة عنها، وتمكنا من تحديد هويات عدد من المشتركين بارتكاب الجريمة، لكن لم نورد أسماءهم الكاملة لأننا سنقدمها إلى “الآلية الدولية”. كما تمكنا من معرفة خلفياتهم، ولأي الجهات ينتمون وتسلسل الأوامر التنفيذية لتطبيق هذه الجريمة. والواضح لدينا حتى الآن أن العملية منظمة وممنهجة، وتم تنفيذها بأوامر من جهات عليا داخل النظام”.
وتابع بيوض: “في العامين الأول والثاني على بدء الحراك، كان النظام يقدم على مثل هذه الجرائم بشكل عشوائي، بمعنى كان يحرق جثثاً في الأماكن التي تتم فيها عمليات الدهم والاعتقال، سواء في المنازل أو الساحات على سبيل المثال، ولدينا أدلة على ذلك. وفيما بعد يبدو أن الأمر أصبح ممنهجاً ومنظماً. لا نملك تفسيراً منطقياً للجوء إلى الحرق بعد الوفاة، سوى وقوف الاعتبارات الطائفية خلف هذا الأمر”. وكشف أن “الصحيفة تمتلك عدداً كبيراً من الفيديوهات والصور الفوتوغرافية التي تثبت تورط النظام في حرق جثث المدنيين”، منوهاً إلى أنهم “نشروا الجزء الذي يوضح حقيقة الجريمة للإعلام، وأن ما تبقى لديهم من مقاطع، والتي تعتبر بمثابة أدلة، سيتم تقديمها للجهات الحقوقية الفاعلة لتحريك ملف المحاسبة ضد النظام”.
وحول أمله بتحقيق العدالة من خلال المحاسبة، علق بيوض أنهم كصحافيين سوريين يحاولون تحريك ملف الانتهاكات ليكون هناك توجه قانوني وسياسي ضد النظام لمحاسبته، لكنه اعتبر أن الموضوع يحتاج إلى إرادة دولية. ورأى أن الكثير من الدول، لا سيما الكبرى، كانت تعرف بهذه الانتهاكات حتى قبل هذا التسريب من خلال التوثيقات الخاصة بها، لكنها لم تتحرك. وألمح إلى بيان الخارجية الأميركية حول وجود محرقة في سجن صيدنايا، ورد النظام عليه، وطي الملف وعدم اللجوء لذكره، إلى أن قامت الصحيفة، التي يرأس تحريرها، بنشر المقاطع مؤخراً.
من جهته، أعلن المحامي والحقوقي أنور البني، الفاعل في مجال حقوق الإنسان وملاحقة مرتكبي جرائم الحرب في سورية، أنه تم تقديم المقاطع التي سربتها “زمان الوصل” إلى المدعين العامين في ألمانيا والسويد والنرويج، على أمل رفع دعوى قضائية ضد مرتكبي الجريمة. وأشار البني، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن هناك “ملفات ودلائل تم تقديمها على فترات متقطعة بحق نحو 60 شخصية من النظام، من بينها بشار وماهر الأسد، أمام المدعين العامين في ألمانيا والسويد والنرويج، ولا تزال التحقيقات مفتوحة. وهذه الأدلة، من صور وفيديوهات، تدعم الادعاء، بالإضافة إلى أن هناك نحو 100 شاهد تقدموا بإفاداتهم في هذه الادعاءات”. وأضاف: “كل دليل مهم أمام أي جهة نقدم ادعاء لديها، وخاصة أمام القضاء الألماني الذي قدمنا دعوى لديه ضد بشار الأسد، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية”، متوقعاً أن تصدر مذكرات توقيف بحق بعض المتهمين، من بينهم بشار الأسد، كما حصل مع المذكرات التي صدرت بحق كل من علي مملوك وجميل الحسن وعبد السلام محمود، وجميعهم من قيادات الأجهزة الأمنية في النظام. واستبعد البني الوصول بهذه الأدلة والملفات الحقوقية إلى المحكمة الجنائية الدولية، المختصة بمحاكمة الأفراد على ارتكابهم جرائم حرب، لكون هذه الأمر يتطلب موافقة مجلس الأمن، ما سيعرض القرار إلى “فيتو” روسي صيني لصالح النظام.
العربي الجديد
——————————–
الإبادة السورية في عهد نظام حارق متفجر سام/ نزار السهلي
نشرت صحيفة « زمان الوصل» مقاطع مصورة، لجنود وعناصر من مخابرات الأسد يحرقون جثث لمعتقلين بعد تعذيبهم في الفروع الأمنية، كما أظهرت المقاطع تجميع الجثث في شاحنات فيما يقوم عناصر مخابرات «فرع الجوية» بالدوس عليها والتمثيل بها، وبينت الصور كيفية رمي الجثث في حفرة ورش البنزين عليها وركلها بالأقدام مع هتافات عنصرية، منذ آذار-مارس 2011 حرص السوريون على ايصال أخبار من هنا وهناك، انتشرت جرائم ومجازر النظام ضد المدنيين في كثير من المواقع في المدن والقرى، وتم توثيق بعضها مع هتافات وشعارات «الأسد أو نحرق البلد» الأخبار المتعلقة بحرق المعتقلين وهم أحياء مع حالة من الانكار الضخم والمستمر لما سربه السوريون عن إحداث نظام بشار الأسد لفرن بشري بمساعدة روسية للتخلص من جثث من يقتلهم تحت التعذيب.
العجز الدولي والإنساني أمام هذه الجرائم المروعة ضد المدنيين في سوريا، دفعت نظام بشار الأسد بدعم مباشر من الاحتلال الروسي والإيراني، على المضي بالجرائم وتطويرها بما يناسب نظريته عن تحويل البلد لـ «محرقة» أو هولوكوست إن لم يستمر بالتحكم برقاب السوريين، وكما يؤمن كل سوري بأن الصور المسربة في ملف «قيصر» الشهير المرتبط بضحايا الموت تحت التعذيب في معتقلات النظام على أنها جزء يسير من مذابح أكبر يجري التساهل معها من المجتمع الدولي، يأتي الكشف عن إحراق جثث المعتقلين بعد قتلهم لتوضيح العقلية الإجرامية التي تدير نظام الحكم في دمشق، وبما لا يدع مجال لشك أن تلعثم بعض السياسات الدولية والإقليمية حيال هذه الجرائم هو للتغطية عليها.
وثائق وشهادات وصور ضخمة توثق لجرائم الإبادة وضد الإنسانية التي اقترفها نظام الأسد وعصاباته العاملة على الأرض ضد السكان المدنيين، فقلما يجد المرء عائلة سورية غير مكلومة بأثر هذه الجرائم المباشرة إن كان ما يتعلق بملف الاعتقال لقريب أو صديق، أو فيما يتعلق بالاستهداف المباشر للمناطق التي دمرها النظام وسيطر عليها بتجريب مختلف وسائل الإرهاب الشامل للمجتمع السوري، ويتبين من خلال استعراض القائمة الطويلة للمذابح الموثقة في سوريا ضد المدنيين، أن اشكال شذوذ النظام السوري في استخدام وسائل حرق السوريين وتعذيبهم واستهدافهم بالبراميل المتفجرة ومختلف الأسلحة المحرمة دولياً الى استخدام الغاز السام، يعكس ذلك انعدام شفافية العالم المقاتل في سبيل العدالة والديمقراطية والحرية التي يسعى إليها السوريون.
يحتاج الإنسان في عصر جرائم الأسد الباعثة على الاشمئزاز والتقزز، الى إجابات كبرى عن هذا التحدي الأخلاقي الذي يتبدى في علاقة متبادلة بين النظام وبين المجتمع الدولي المتساهل مع العواقب الوخيمة التي تركها سلوك النظام على المجتمع السوري وعلى أنظمة عربية في المنطقة، وعلى الاحتلال الإسرائيلي الذي عكس استمرار الأسد المضي بها صورته المستقبلية التي ترسم حدود الجرائم بوصفها ممارسة عملية لتعاطي الطاغية والمحتل مع قضايا التحرر وفي التحدي الصارخ لكل القوانين والشرائع الدولية والإنسانية.
على الرغم من ذلك، يرى «عباقرة «الإجرام في نظام الأسد أن العنف والوحشية المعلن عنها في صور ومشاهد وأفلام الحرق والقتل تحت التعذيب واستخدام السلاح الكيميائي والغازات السامة، كلها تبعث على «البهجة» والرقص على الجثث مع أغانٍ حماسية صاخبة تستهدف الإشارة لعنصرية حاقدة على أن « هذا حمصي وحموي ورقاوي ودرعاوي» وهي أسباب تكفي للترحيب بحرقهم وقتلهم، هذه منهجية النظام التي توضح كل يوم وكل لحظة منذ بداية الثورة السورية، الأهمية الجوهرية للصلة الوظيفية للمذابح والتأكيد على فكرة إبادة مجتمع الثائرين بكل الوسائل المستخدمة التي فرضتها رؤية نظام بشار الأسد العنصرية لاستئصال معارضي حكمه في المجتمع السوري بطرق فظيعة ومريعة، حتى تثبت فاعليتها وتحدث التأثير المطلوب وهو ما حدث فعلاً في كل المناطق السورية التي شهدت جرائم الإبادة في حرق السوريين وتفجير مدنهم بالبراميل والصواريخ وخنقهم بالغازات السامة.
القدس العربي
==============================