نقد ومقالات

تكنولوجيا لمساعدة الروائيين في الكتابة؟

أما الكاتب البريطاني ستيفن فراي، فلديه طريقة أخرى لصياغة الفكرة، ويقول أن المؤلفين الناجحين هم أولئك الذين يعرفون مدى صعوبة تأليف كتاب.

لكن في هذه الأيام، تتنامى فعالية التكنولوجيا في جعل حياة المؤلف أسهل قليلاً. وبالنسبة لمايكل غرين، عالم الإحصاء والبيانات الأميركي الذي تحول إلى روائي، جاءت الحاجة إلى استخدام التكنولوجيا لتبسيط عملية الكتابة وجعلها سلسة عندما كان في منتصف مرحلة كتابة أول كتبه.

فبعد كتابة 500 صفحة من قصة معقدة، وصل غرين لنقطة شعر فيها أن العملية أصبحت صعبة الإدارة: “في خضم التحرير، وصلت إلى نقطة بدأت أشعر معها أن لدي الكثير من الحبكات والشخصيات”. وأكمل: “كانت لدي كل هذه المستندات حول الجوانب الأعمق للعالم الذي كنت أعمل على خلقه. كنت قلقاً بشأن القدرة على تتبع كل الخيوط. وتلك هي النقطة التي جعلتني ألجأ مجدداً إلى منهجي المستقى من علوم البيانات لحل مشكلة معقدة ومتشعبة ولديها الكثير من الجوانب والتفاصيل”.

وكانت النتيجة النهائية أن أنشأ غرين منصة “لاينيت” (Lynit)، وهي منصة رقمية تساعد المؤلفين على تصور وتخطيط ونسج العناصر المختلفة معاً، مثل الشخصيات وجوانب الحبكة والموضوعات والأحداث الرئيسية، التي تشكل القصة. والتطبيق الآن في مرحلته التجريبية، ويُختبر من قبل عدد من الكتاب، علماً أنه مجاني حالياً، ويُمكّن المستخدمين من رسم وتحديث القوالب الرقمية المعقدة أو خرائط القصص.

وقال غرين أن العديد من الروائيين يبدأون عملهم بأكثر من مجرد فكرة عامة عن حبكة أو شخصية معينة، مضيفاً أن عملية الإضافة باستخدام منصة “لاينيت” إلى هذه الفكرة الأولية مبسطة وسهلة. وأكمل: “عندما تلمع فكرة جديدة في ذهن مؤلف يريد إدخالها في القصة، يكون قادراً على إدخالها في إطار طبيعي. إنهم يبنون تصوراً. ويطورون القصة بإضافة جزء تلو الآخر، ومع ظهور أفكار جديدة، يحدثون تغييرات وتعديلات، ربما عن طريق خلق عقد جديدة أو تفاعلات، أو علاقات جديدة”.

وباتت التكنولوجيا تُسخّر بشكل متزايد بمجرد أن ينشر الكاتب كتابه لمساعدة المؤلفين على التواصل مع قرائهم. يمكن أن يكون هذا من خلال الاستخدام البسيط لوسائل التواصل الاجتماعي، إذ يرحب بعض الكتاب بالدردشة المطولة مع جمهورهم، حسبما أفاد مراسل شؤون الاقتصاد والأعمال في هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” بيرند ديبوسمان جونيور.

لكن هنالك طرقاً أخرى، حيث يمكن للمؤلفين اللجوء إلى الشركات المتخصصة مثل شركة “هايتايد” (Hiitide) ومقرها شيكاغو، حيث يسمح موقعها الإلكتروني وتطبيقها للكتّاب بالمشاركة في جلسات مباشرة للأسئلة والأجوبة مدفوعة الأجر مع قرائهم. ويمكن لمؤلفي كتب المساعدة والتطوير الذاتي إنشاء وكسب المال عن طريق دورات تعليمية.

وقال إيفان شاي، الرئيس التنفيذي لشركة “Hiitide” أن الدورات التدريبية هي “نسخ لورشات كتابة عن كتاب بعينه. إنها تساعدك على فهم المادة بشكل أفضل، ودمج مبادئها في الحياة اليومية”. وكمثال، أشار إلى كتاب ريان هوليداي “العقبة هي الطريق: الفن الخالد لتحويل المحاولات إلى انتصارات” الذي يستمد إلهامه إلى حد كبير من الفلسفة الرواقية، وهي مدرسة فلسفية يونانية قديمة ترى بشكل أساسي أن العواطف ناجمة عن أخطاء في الحكم على الأشياء وأن الإنسان الحكيم لا يعاني مثل تلك المشاعر.

وأكمل شاي: “المستخدمون لا يتعلمون عن الرواقية فحسب من خلال دورة هايتايد، بل يمكنهم تحديد الفضائل التي يريدون تجسيدها ومن ثم يتابعونها بشكل يومي، ويمكنهم أيضاً المشاركة في ندوة حوارية مع المؤلف راين هوليداي حول كتابه”.

من جهتها، تقول شركة “كريزي مايبل ستوديوز” (Crazy Maple Studios) التقنية، ومقرها كاليفورنيا، أنها تساعد المؤلفين في إعادة إحياء كتبهم. وبدلاً من إعطاء القراء مجرد كلمات في سطور، فإن تطبيقاتها الأربعة “Chapters” و”Screams” و”Kiss” و”Spotlight” تضيف الرسوم المتحركة والموسيقى والمؤثرات الصوتية وحتى الألعاب إلى الكتب الرقمية، وبذلك تُمكّن القارئ من أن يقرر ما تفعله الشخصية.

وقال جوي جيا، مؤسس الشركة ومديرها التنفيذي: “لقد أحدثت الثورة الرقمية وظهور القراء الرقميين أول تحول كبير في صناعة النشر”، مرجحاً أن يتجه المؤلفون نحو توظيف التكنولوجيا أكثر فأكثر نتيجة للحاجة إلى المنافسة في عالم يتمتع فيه القراء بالعديد من الخيارات حول كيفية قضاء أوقات فراغهم.

رغم ذلك، مازال الخبراء يحذرون من الإفراط في الاعتماد على التقنيات التي تهدف إلى مساعدة الكتاب. وقالت ميليسا هافمان، المدربة و”المؤلفة الشبح”: “يمكن للتكنولوجيا أن تشتت الانتباه، خصوصاً إذا كنت على بعد خطوة واحدة من وسائل التواصل الاجتماعي، أو وقعت في شرك البحث عن موضوع ما لوقت طويل جداً”.

وأكملت هافمان: “يمكن أن تتحول خمس دقائق سريعة كنت تعتزم قضاءها كاستراحة، في بعض الأحيان إلى ساعات من وقت الكتابة الضائع. إحدى النصائح التي سأقدمها بشأن التكنولوجيا هي العثور على عمل يناسب شخصيتك وأنماط كتابتك، ثم استخدامه. لكن المؤلفين يمكن أن يقعوا في بعض الأحيان في فخ تجربة كل شيء على أمل أن يعثروا على الأداة السحرية، التي يمكن أن يتبين في الحقيقة أنها عبارة عن تشتيت آخر”.

من جهته، يعتقد مايكل غرين أن التكنولوجيا ستحتل مكانة أبرز، عندما يلمع جيل الكتاب الجدد الذين لديهم توجه تكنولوجي. وقال: “ما ألمسه في كتاب جيل العقد الثاني من القرن 21 وحتى الكتاب الأصغر سناً، هو أنهم يبحثون عن التكنولوجيا لمنحهم التوجّه، إنهم ببساطة يرونها أداة للتعلم والنمو، أكثر من كونها عملاً وجهداً إضافياً”.

المدن

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى