تجنيد القصّر مستمر شمال شرقي سورية… بين “قسد” و”الشبيبة الثورية”/ عبد الله البشير
تلتفّ قوات سورية الديمقراطية “قسد” على الاتفاق الذي وقعته مع الأمم المتحدة في عام 2019 لمنع تجنيد الأطفال دون سنّ الثامنة عشرة. وثمة مؤشرات إلى أن حركة الشبيبة الثورية “جوانن شوركشر” التي تصفها “قسد” بأنها حركة غير منضبطة تنفذ عمليات التجنيد في المنطقة الخاضعة لسيطرة “قسد” شمال شرقي سورية وتخطف قصّراً، ومنهم فتيات، وتنقلهم إلى معسكرات في المنطقة.
في حديثها لـ”العربي الجديد”، ناشدت نادية حيدر، والدة الطفلة دانا عماد سليمان، إعادة ابنتها التي خطفتها حركة الشبيبة الثورية في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة. وتوضح أنّ ابنتها “خرجت من المنزل صباح الخميس 26 أغسطس/ آب الماضي. وبعدما بحثت العائلة عنها تبين أنها مخطوفة، ما استدعى توجهي إلى مراكز التجنيد في القامشلي للمطالبة بإعادتها، من دون أن ألقى أي رد من مسؤولي المراكز الذين أبلغوني أنهم يجهلون مكان وجود ابنتي”.
ووثق “العربي الجديد” خطف “الشبيبة الثورية” خلال الفترة الممتدة من مطلع العام الجاري وحتى نهاية أغسطس الماضي، ستّ فتيات، أربع منهنّ في أغسطس وهنّ دانا عماد سليمان (15 عاماً)، وفاطمة إدريس نعسان (15 عاماً) النازحة من بلدة جنديرس بمنطقة عفرين، وعهد عبد الغني (16 عاماً) من مدينة القامشلي، وسيماف العثمان (13 عاماً). أمّا آريانا بحري (13 عاماً) وهي من مدينة الحسكة فخطفت في فبراير/ شباط الماضي، ودلفين العمري (13 عاماً) من مدينة عامودا اختفت في يناير/ كانون الثاني الماضي.
كذلك، خطفت حركة “الشبيبة الثورية” خلال الفترة ذاتها ثمانية أطفال ذكور اقتادتهم إلى معسكرات التجنيد، وهم وائل عدنان إبراهيم (14 عاماً)، وأحمد رمو (15 عاماً) من مدينة القامشلي، محمد إبراهيم صالح (16 عاماً) من قرية خربيسان شرقي مدينة عين العرب، بالإضافة إلى إبراهيم جاروا (16 عاماً)، ويزن خليل الحسن (16 عاماً)، وعبد العزيز هويدي (17 عاماً)، ومحمود حسن عادل (17 عاماً)، ومسعود سيف الدين (17 عاماً).
وتخبر ربيعة موسى والدة الطفل مسعود العمر “العربي الجديد” أن ابنها “كان يزور أقارب له في مدينة القامشلي، واتصل بها بعد مدة من اختفائه قبل أن تنقطع أخباره”. وناشدت الجهات المسؤولة إعادته. بدورها، أخبرت خولة درويش الصطوف “العربي الجديد” أن ابنتها عهد عبد الغني غادرت بيت العائلة في مدينة القامشلي مطلع أغسطس الماضي، إثر خلاف مع شقيقها الذي ضربها وعنّفها وصرخ عليها، وأنها بحثت عنها من دون أن تجد أثراً لها، ثم علمت مع مواصلتها البحث أن “الشبيبة الثورية” خطفتها، فراجعت كل مراكزها للمطالبة بإعادتها، لكن بلا فائدة.
وفي الثالث من إبريل/ نيسان الماضي، أصدرت عائلة الطفلة المخطوفة روان عليكو بياناً طالبت فيه بكشف مصير ابنتها الذي ما زال مجهولاً حتى اليوم. وجاء في البيان: “بعد مرور ستة أشهر من تعهد مسؤولي مكتب حماية الأطفال بإعادتها إلى البيت تهرّبوا من الوفاء بوعودهم، لذا نطالب قيادة قسد بتحمّل مسؤوليتها القانونية والإنسانية في إعادة فتاة قاصر إلينا”. وتابع البيان: “مهما غيّرت الإدارة الذاتية في هيكلتها وحاولت أن تقدّم شيئاً يرضي المواطنين لن تنجح في الوصول إلى قلب الأكراد ومشاعرهم، إذا استمرت في سلب أرواحهم وقلوبهم عبر أطفالهم. وما دامت هذه الإدارة غير جدّية في إعادة الأطفال إلى ذويهم وتستخدم مكتب حماية الأطفال كسمّ قاتل لذوي القصّر، نستطيع القول إن الإنسانية ماتت”. وطالبت العائلة في بيانها مكتب حماية الأطفال في الإدارة الذاتية بـ”الكفّ عن التلاعب بالمشاعر والأحاسيس، فابنتنا ليست سلعة تجارية يمكن التغاضي عنها أو نسيانها، لذا نطالب الإدارة الذاتية بتحقيق العدالة”. كذلك، طالب والد الطفلة فاطمة إدريس نعسان في تسجيل مصور بُثّ على مواقع التواصل الاجتماعي، بإعادة ابنته المخطوفة إلى مكان إقامة العائلة في مدينة تل رفعت.
التجنيد الإجباري، من أبرز الأمور التي تقلق الشبان السوريين (فرانس برس)
وتنفي “قسد” مسؤوليتها عن عمليات تجنيد الأطفال، باعتبار أن الشبيبة الثورية “جوانن شوركشر” جهة غير منظمة لديها، في وقت يؤكد مصدر خاص لـ”العربي الجديد” أن الحركة تتبع بشكل مباشر لحزب الاتحاد الديمقراطي الذي تُعَدّ قواته جزءاً أساسياً من “قسد”. وما زالت “قسد” تدّعي التزامها الاتفاق الدولي الذي وقعته في عام 2019 لمنع تجنيد الأطفال، علماً أن الأمم المتحدة أفادت حينها بأن “الاتفاق نصّ على إلزام قسد والفصائل التابعة لها بإنهاء ومنع تجنيد الأطفال واستخدامهم، وإحصاء المجنّدين منهم في صفوفها ذكوراً وإناثاً من أجل فصلهم عنها”. وكان القائد العام لـ”قسد” مظلوم عبدي وقّع الاتفاق مع الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالأطفال فرجينيا غامبا.
العربي الجديد