صفحات الحوار

وائل السوّاح: المعارضة مترهلة وبعيدة عن السوريين

أسامة آغي

يبدو العالم في حالة اضطراب وتغيّر مستمر، والسبب في ذلك دوافع اقتصادية وسياسية، وينعكس هذا التغير على منطقة الشرق الأوسط وبلادنا، فالقضية السورية، التي لم يتمّ بعد تنفيذ القرار الدولي الخاص بها رقم 2254 ستؤثر عليها بدرجة ما الحرب الروسية على أوكرانيا، في وقت تبدو فيه المعارضة السورية بحالة لا تحسد عليها. “نداء بوست” أراد إضاءة مسائل عديدة، فالتقى عبر الإنترنت بالكاتب والأديب وائل السوّاح، ووضع أمامه أسئلته فكان هذا الحوار.

”نداء بوست“ – تراجعت أهمية القضية السورية بعد تفجّر الحرب الروسية على أوكرانيا. هل تعتقد أن حلّ القضيتين ممكن سيما أن طرفي الصراع في هذين البلدين (سورية وأوكرانيا) هما فعلياً الغرب وروسيا؟ وهل تتوقع حدوث تنازُلات بين الأخيرين يحددها ميزان القوى العسكري والاقتصادي بينهما؟.

يقول الإعلامي وائل السوّاح: “ليس هنالك جواب سهل لهذا السؤال المعقّد. يعتمد الأمر على سير الحرب في أوكرانيا من جانب، وعلى دور المعارضة السورية من جانب آخر”.

ويضيف السوّاح: “في حال انتصار روسيا في الحرب، سيصعب أن تقدم أي تنازل في سورية، ونحن نعرف الآن الرئيس الروسي بوتين معرفة عميقة، ونعرف أنه ليس رئيس دولة بقدر ما هو زعيم عصابة.

وفي حال خسر بوتين الحرب، سيكون لنا فرصة هنا في سورية، لأن روسيا ستخرج منهكة عسكرياً واقتصادياً ومهزومة سياسياً، وسيكون من السهل تحصيل بعض التنازلات منها، ولكن روسيا ليس الطرف الوحيد. هناك أيضا إيران، ويجب أن ننتبه، أنه كلما ضعفت روسيا ستقوى إيران في سورية. لذل يجب أن ننتبه لكل الاحتمالات”.

تميلُ المعارضةُ مع ميل الداعمين

”نداء بوست“: لا تزال مؤسسات المعارضة في حالة عجز عن تغيير ولو طفيف في معادلة مواجهة النظام الأسدي. هل تعتقدون أن هذه المعارضة تملك فرص تغيير التوازن مع النظام بما يجبره على الانصياع للقرار الدولي 2254؟ أم أن المعارضة استنفذت كل طاقتها، بسبب بنيتها المغلقة والتابعة لقوى دولية؟

جواباً على سؤالنا الثاني، يقول السوّاح جازماً: “بكلمة واحدة، لا.

المعارضة في بنيتها الحالية لا تملك أي فرصة لتغيير موازين القوى مع النظام وحلفائه. مشكلة المعارضة ترهلها، وبعدها عن السوريين وعدم تمثيلها لهم، واعتمادها المطلق في نفوذها وتأثيرها على دعم دول وحكومات أخرى، ما يجعلها أسيرة لتلك الحكومات. لذلك، فإن أي تغيير في الشروط الأخرى لن يغير المعارضة الراهنة ودورها وأداءها”.

ويوضح السوّاح فكرته أكثر فيقول: “تعتمد المعارضة على مواقف الدول الداعمة لها، وهي تميل حيثما مالت لك الحكومات، وبالتالي، فنحن لا نتحدث عن معارضة سورية، بل عن تمثيل سوري لاتجاهات دولية متباينة للعب دور جديد، لا بدّ إذن من بناء معارضة جديدة، لا تبدأ من الصفر، ولا تنسف المؤسسات جميعها، ولكنها تمزج ما بين المعارضة القائمة، وتيارات وأشخاص آخرين لا يزالون يتمتّعون بالطاقة الإيجابية والشباب والاستقلالية. ولا بدّ من أن يلعب الشباب والنساء دوراّ رائداً في البنية المعارضة المطلوبة، لأن الشباب يعطيها دماً جديداً وأفكاراً جديدة، وحماساً، بينما تقدّم النساء إضاءة أخرى وحكمة، ويعزّزن التقارب والتلاحم بين التيارات المتنافرة.

مناورة تركيا مقيّدة

”نداء بوست“ – الدور التركي في الصراع الأوكراني دورٌ حذرٌ، ويكاد يُظهرُ نفسه أقرب إلى الحياد.

هل ترون إمكانية أن يلعب الأتراك دوراً أكثر تأثيراً في الصراع السوري نتيجة انشغال الروس الكبير في أوكرانيا؟ وهل ترون أن الروس يمكنهم تقديم تنازلات لتركيا في الملف السوري إذا حافظ الدور التركي على وضعه الحالي الحيادي؟

سألنا السوّاح والذي يقيم في الولايات المتحدة الأمريكية عن الدور التركي في الصراع الروسي الأوكراني وانعكاس هذا الصراع على القضية السورية فقال:

“حسناً، هذا ما تريده تركيا الآن، وتعمل من أجله. في السنوات الأخيرة، كان الدور الروسي يتعاظم في سورية، مقابل تراجع الدور التركي. ولا شك، أن الحرب الأوكرانية سوف تضعف الدور الروسي في سورية، لأن روسيا ستكون مشغولة بتلك المسألة، ولن يكون بإمكانها التركيز المطلوب على سورية. ولكنها بالتأكيد لا تريد التسليم بذلك”.

ويضيف السوّاح: “وقبل يومين فقط، أعلن سيرغي لافروف أن روسيا تؤكد خططها لاستئناف عمل اللجنة الدستورية السورية في جنيف في نهاية مارس، ولعقد الاجتماع المقبل لصيغة أستانا حول سورية في “وقت قريب” كما قال. ولكن ما تريده موسكو شيء وما تقدر عليه شيء آخر”. ويتابع السوّاح حديثه:

“ورأينا أن لقاء لافروف مع الأتراك مؤخراً قد أسفر عن رحلة قريبة لوزير الخارجية التركي جاويش أوغلو إلى روسيا وأوكرانيا للمساعدة في حل المشكلة، وهو ما سيعطي تركيا مكانة أكبر. ولكن لنتذكر أن تركيا عضو في الناتو، وبالتالي فإن مقدرتها على المناورة ليس كبيرة جدا”.

الغزل الأمريكي الإيراني وحدوده

”نداء بوست“ – حول الدور الإيراني في الشرق الأوسط هل ستؤثر الحرب الروسية على أوكرانيا على النفوذ الإيراني سيما أن المعادلات السياسية في الشرق الأوسط تتغير لغير مصلحة إيران؟ وهل هناك توقعات بتعديل السياسة الأمريكية بعد رفض السعودية والإمارات الاستجابة لمحاولات بايدن الاتصال بهما بشأن رفع كمية البترول في السوق العالمية لخفض سعره الذي وصل إلى أكثر من 115 دولاراً؟ وهل سيؤثر فشل الولايات المتحدة في جلب إيران إلى صيغة اتفاق حول ملفها النووي وملف صواريخها البالستية؟

وحول دور إيران في سورية والمنطقة بعد شنّ روسيا الحرب على أوكرانيا، يقول السوّاح: “لم تنتهِ لعبة عض الأصابع بين الولايات المتحدة وإيران بعد. ورغم تعثر المفاوضات، فإن مغازلة كل من واشنطن وطهران لأختها لا تزال ملحوظة”.

ويضيف السوّاح: “ونحن رأينا كيف أحجمت إيران عن مساندة روسيا في حربها، رغم أنهما شريكتان في حربهما على السوريين، وتساندان بعضهما بعضاً في أستانا. وبالتالي لا يمكن القول إن المعادلات السياسية في الشرق الأوسط لا تسير في مصلحة إيران، فإلى أن تنجلي الغيمة في فيينا، ستبقى إيران محافظة على نفوذها في سورية”.

ويرى السوّاح: “من العدل أن نقول إن أمريكا ليست في وضع تُحسد عليه الآن في الشرق الأوسط، فهي تريد إرضاء إيران لإعادتها إلى الاتفاق النووي، ومن جانب آخر، تريد إرضاء السعودية لترفع إنتاجها من النفط. لقد أعدمت السعودية 81 شخصا قبل أيام، ولم ترفع واشنطن إصبعاً ولا هي نبست ببنت شفة“.

مناطق نفوذ.. ولا أمل قريب

”نداء بوست“ – الأوضاع السورية آلت فعلياً إلى ثلاث مناطق نفوذ، في الشمال نفوذ تركي، وفي الشمال الشرقي نفوذ أمريكي وفي بقية الجغرافية السورية نفوذ روسي وإيراني إلى جانب النظام. هل ترى أن هذه الحال ستستمر طويلاً؟ وهل تعتقد بإمكانية أن تحول المناطق إلى ما يشبه مناطق حكم ذاتي مستقر؟

يقول السوّاح في الوضع السوري الحالي: “للأسف، ليس ثمة في الأُفق ما يبشر بنهاية قريبة لهذا الوضع الشاذ، والأمر كما تعرف مربوط بحل سياسي شامل، والأخير مربوط بتوافق دولي ليس هنالك ما يشير إليه. هو أيضاً مربوط بتوافق بين السوريين أنفسهم المعارضين للنظام”.

ويشرح السوّاح رأيه فيقول: “حتى الآن العداء بين المناطق الشرقية والمناطق الشمالية أكثر حدة وشراسة من العداء مع النظام، بينما تستمتع النصرة وحلفاؤها بحكم الشمال الغربي منفردة”.

مضيفاً: “لكن التقسيم ليس فقط إلى مناطق كبرى، ففي داخل كل منطقة يوجد تقسيمٌ أصغر، في مناطق الشمال قوى أمر واقع تحكم بلدات وقرى، ولا تنسّق فيما بينها، وكذا الأمر بالنسبة لإدلب، حيث هنالك صراع بين النصرة وحلفائها سابقاً”.

ويتابع السوّاح حديثه: “وفي مناطق النظام، هنالك من يتبع روسيا ومن يتبع إيران، أما من يتبع النظام فمنقسمون بين عملاء الأمن العسكري وعملاء أمن الدولة، ومهربي المخدرات”.

لكن السوّاح يضيف “كان يحدونا أملُ أن نجعل من مناطق المعارضة مناطق نموذجية، تكون مثلاً للسوريين، بحيث ندفع السوريين في مناطق أخرى أن تحذو حذوها. ولكننا فشلنا في ذلك. نحتاج إلى رؤية مختلفة وجديدة للمعارضة، رؤية تقوم على أساس رحابة الصدر وسعة الأُفُق والعمل المشترك لبناء سورية جديدة.

وما لم نحصل على هذه المُقارَبة الجديدة والمختلفة، فلن تقوم لسورية الموحَّدة الديمقراطية قائمة في المدى المنظور”.

نداء بوست

Show More

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button