ما الذي يحدث في درعا الآن؟-مقالات وتحليلات مختارة-

——————————————
في خصوصية درعا/ بكر صدقي
من ينظر إلى مجمل الجغرافيا السورية لا بد أن يرى أن شؤون وإشكاليات وصراعات مختلفة تسود مناطقها المختلفة، لا يربط بينها أي رابط غير كونها تقع ضمن “المشكلة السورية” بصفة عامة. فما يجري من أحداث سياسية وأمنية واقتصادية وحتى دبلوماسية، يختلف اختلافاً كبيراً بين منطقة الجزيرة الواقعة تحت حكم “الإدارة الذاتية”، ومناطق النفوذ التركي في الشمال، ومنطقة “خفض التصعيد” الرابعة في محافظة إدلب وجوارها، ومحافظة درعا في الجنوب، ومحافظة السويداء المجاورة لها، والمدن الرئيسية الواقعة تحت سيطرة النظام في “سوريا المفيدة”.
ففي الوقت الذي تتركز فيه الجهود الدبلوماسية الدولية على معبر باب الهوى الحدودي بين تركيا ومحافظة إدلب بشأن التجديد لآلية الأمم المتحدة لإدخال المساعدات، تتعرض مناطق من هذه المحافظة لتصعيد عسكري من النظام، في حين يشتعل غضب عارم في الرأي العام الكردي بعد مقتل الشاب أمين عيسى تحت التعذيب في معتقلات “الإدارة الذاتية”، وتسود محافظة درعا مخاوف كبيرة بعد الانقلاب الروسي على دور “الضامن” ومطالبته الأهالي بتسليم السلاح الخفيف، ويعود رامي مخلوف إلى واجهة المشهد السياسي في المناطق الموالية…
ليس “تعقيد” الوضع في محافظة درعا هو ما يمنحها الخصوصية، فالوضع في جميع المناطق السورية معقد بدوره، وإن تفاوتت درجاته بين مكان وآخر. بل لأن درعا منطقة معارضة بصورة معلنة على رغم وقوعها في إطار “مناطق النظام”. فعدا عن كونها “مهد الثورة” في 2011 كما شاع القول، فهي من المحافظات القليلة التي أجمع سكانها على التمرد على النظام وكادت تخلو من أي مؤيدين له. كذلك لم تقع درعا تحت سيطرة قوى إسلامية بارزة كداعش أو النصرة أو أحرار الشام أو جيش الإسلام، وإن تواجدت فيها فصائل صغيرة بأسماء إسلامية، ولم تعرف مطلقاً ظاهرة الجهاديين الأجانب، بل اقتصرت الفصائل المسلحة فيها على مقاتلين من أهل البلد. الأيديولوجيا الإسلامية ليست متجذرة بين السكان، بل تتقدم لديهم القيم العشائرية والعائلية، جنباً إلى جنب انفتاح فرضته الظروف الاقتصادية والعمالة المهاجرة وتحديث شروط العمل الزراعي وارتفاع مستوى التعليم النسبي.
مضى الآن ثلاث سنوات على رفع الغطاء الأميركي عن المحافظة، وتسليمها بلا مقابل إلى روسيا والنظام في عهد دونالد ترامب، لكن النظام لم يتمكن إلى اليوم من “هضم” المحافظة المتمردة، على غرار ما حدث في حمص أو حلب أو الغوطة الشرقية. فالمعارضة العلنية فيها للنظام لم تتوقف، سواء في شكل مظاهرات شعبية، أو تغطية إعلامية، أو هجمات مسلحة من خلايا سرية ضد أهداف متفرقة للنظام. وكانت آخر مناسبات هذه المعارضة العلنية الانتخابات الرئاسية التي أجراها النظام وقالت فيها درعا كلمتها رافضة تلك المهزلة.
الواقع ليست الأمور في كامل المحافظة على هذه الصورة. فبعد تسليم المحافظة إلى النظام، بضمانة روسية، اختار بعض الفصائل المسلحة التهجير إلى الشمال برفقة عائلاتهم، في حين فضلت أخرى البقاء وتسليم السلاح. ومن بين هؤلاء من تم إدماجهم في قوات تابعة للنظام أو لروسيا، مقابل عدم تجنيدهم في الجيش وبقائهم في محافظتهم. ولكن حتى أولئك الذين انقلبوا على ماضيهم وانخرطوا في قوات تابعة للنظام، لم يسلموا من عملياته الانتقامية، فتم اغتيال كثيرين منهم تحت جنح الظلام. ففي نظر النظام كانت “الهوية الحورانية” كافية ليصنف الشخص معارضاً، أو معادياً، له.
اليوم يبدو كأن النظام قد حسم أمره تجاه المحافظة المتمردة وقرر السيطرة عليها سيطرة كاملة، بعدما حصل على الموافقة الروسية بهذا الخصوص. فالروسي هو الذي يطالب الأهالي بتسليم أسلحتهم الفردية، ويقوم النظام بتعزيز الحصار على درعا البلد بصورة خاصة بهدف تركيعها. حصار خانق يذكر بأول حصار نفذه النظام هناك، ربيع العام 2011، دفع عدداً من الفنانين والمثقفين السوريين، آنذاك، إلى إصدار بيان معتدل طالب بفكه، وسمي “بيان الحليب”، تعرض الموقعون عليه إلى حملة تخوين شنيعة من زملائهم الفنانين الموالين للنظام.
يقال إن الروس هددوا الأهالي بالسماح بانتشار قوات موالية لإيران في المحافظة، وهو ما يحتمل أن يستجلب ضربات جوية إسرائيلية كما هي الحال في مناطق أخرى تعرضت لهجمات إسرائيلية متكررة طوال السنوات الماضية، بسبب وجود أهداف إيرانية. لا يبدو هذا منطقياً بالنظر إلى التنافس الذي يغلب على التعاون في العلاقات بين الروس والإيرانيين في سوريا، ميدانياً على الأقل. ولكن بصرف النظر عن صحة ذلك من عدمه، يبقى أن الروسي قد رفع غطاءه “الضامن” أخيراً، وقد تكون الأيام والأسابيع القليلة القادمة حاسمة في تقرير مصير درعا.
إذا استطاع النظام فرض سيطرته على المحافظة، فسيصبح وضعها شبيهاً بوضع مدينة حماة التي استسلمت مبكراً في صيف العام 2011 حين اقتحمتها دبابات النظام، بعد أسابيع حافلة شهدت أكبر المظاهرات في ساحة العاصي. لقد استسلمت حماة أمام القوة القاهرة، وفي ذاكرة أهاليها شباط العام 1982، حين دمرها النظام على رؤوس أهاليها، وقتل منهم عشرات الألوف.
هذا النوع من الاستسلام أمام القوة القاهرة لا يحول الناس من معارضين إلى موالين، بل إلى جمر تحت الرماد قابل للاشتعال مجدداً من أن تتغير الظروف. وهذا ما ينطبق على درعا أيضاً إذا حدث وتمكن النظام من استعادة السيطرة عليها. وبصورة عامة لن يعود النظام إلى السيطرة على المناطق التي تمردت عليه في 2011 إلا كقوة احتلال غريبة بلا سند اجتماعي.
بالمقابل لا يبدو النظام متحمساً أصلاً لبسط سيطرته على كامل مساحة البلاد. من المرجح أن هذه الهمة الطارئة عليه، بخصوص درعا، لها علاقة بتأمين الخطوط التجارية الحيوية إلى المعبر الحدودي مع الأردن، في ما يشبه حملاته العسكرية المستمرة على محافظة إدلب وجوارها، بهدف السيطرة على معبر باب الهوى والطرق البرية الدولية. أما الهيمنة الإيجابية على السكان فهي خارج اهتماماته، لأنها تتطلب تقديم خدمات ومكاسب للناس لكسب قلوبهم. في حين هو مكتف بسورييه “المفيدين”.
المدن
——————————-
ثورة حوران الثانية/ سميرة المسالمة
تقدّم حوران في سورية، مرة أخرى، نموذجاً عن نضالها السلمي، في إعلان منها ربما لبدء مفاعيل ثورة ثانية، تعيد فيها أجمل ذكريات ومشاهد ثورة 2011. وهي في هذا تصحّح خيار السلاح والفصائل وتشتيت قوى العمل الشعبي المتماسك، وفي الوقت نفسه، تقدّم خياراً جديداً لمناطق المعارضة غير التسليم بالانفصال والتبعية لأجندات الدول المتصارعة على سورية. وهي، منذ إعلان رفض إجراء الانتخابات الرئاسية في مناطقها ومحاصرتها النظام إعلاميا في 26 مايو/ أيار الماضي، بدّدت صورة سيطرة النظام السوري على مناطق التسوية، للمرة الثانية بعد أحداث عام 2020 التي أجبرت موسكو على تعزيز الاتفاق مرة أخرى مع الأهالي، ومنع توسّع الفرقة الرابعة آنذاك من بسط نفوذها على بلدات الريف الشرقي. وهدفت موسكو من التسوية التي عقدتها بعد جولاتٍ ماراثونية مع الجانبين، الأميركي والأردني، في يوليو/ تموز من عام 2018، مع الفصائل المسلحة، ولجنة مدنية من الأهالي، في إطار إخراج تدريجي لمناطق خفض التصعيد من معادلة هيمنة مسار أستانة الثلاثي على المناطق (روسيا- تركيا- إيران)، وبسط سيطرتها منفردةً عليها، واحدة تلو الأخرى.
ويمكن القول إنّ محافظة درعا (جنوب دمشق) بدأت تشكل معالم عمل سياسي جديد، منذ عام 2018، فهي، من جهةٍ، تأتمن على مناطقها من القصف الروسي، ومن جهة أخرى تفسّر مفهوم التسوية الأهلية بأنها لا تعني خطوةً إلى ما قبل ثورة الكرامة 2011، وإنما هي تعديلٌ لمسار المقاومة المسلحة التي فرضت عليها، سواء ذات الطابع المحلي غير المنظم، أو من بعض الفصائل ذات الأجندات الخارجية.
وإذا كانت درعا اتخذت من المظاهرات والالتفاف الشعبي حولها، وتأكيد سلميّتها، وسيلة للتعبير عن استمرار ثورتها ضد حكم النظام السوري ووسائله الأمنية، فإن النظام، من جهته، عاد إلى ممارسة الأساليب نفسها التي فجّرت الثورة في كلّ أنحاء سورية، واستخدم حصار المدينة بهدف تجويعها وتركيعها في قراءة خاطئة، مرة أخرى، لإمكانات الشعب السوري ومدى إيمانه بمبادئ ثورته، وتقديره تضحيات السوريين خلال الأعوام العشرة التي مرّت عليه.
صحيحٌ أنّ التسوية التي تعيش عامها الثالث هذه الأيام، لم تحظ بقبول سوري واسع، لأنها، حسب المعترضين عليها، منحت النظام فرصة الاستفراد بمناطق أخرى، وهي لم تُنجز كامل بنودها في أي وقت، أي لم يخرج كامل المعتقلين، ولم يتم التعامل مع موضوع الخدمة الإلزامية حسب الاتفاق. وكذلك بالنسبة لعودة الموظفين المفصولين إلى أعمالهم، واستعادة المحافظة الخدمات، ولم تخلُ حياة الناس في تلك المناطق من عمليات القنص والاغتيالات والاعتقالات، لكنّها منحت السكان على الأقل فرصة العيش تحت سقفٍ غير مشتعل، وأوقفت موت الناس تحت دمار بيوتهم، كما كان يحدُث، ويحدث الآن في إدلب التي تخضع، هي الأخرى، لاتفاق مناطق خفض التصعيد “المتهالك”.
لم ينفع النظام استخدامه سلاح الحصار ضد مدينة درعا سابقاً في عام 2011، على الرغم من أنّ جيشه بكامل قوته عدداً وعتاداَ كان يحاصرها جغرافياً، ويرهبها معنوياً، وحينها، لم تكن روسيا في سورية. أما وقد أصبحت اليوم صاحبة اليد العليا في سورية، وهي الضامن لعملية التسوية، وتبذل كلّ ما في وسعها لتقديم نفسها للعالم عامل استقرار في سورية، فإنّ متابعة النظام في طرق إرهاب الناس، وتحفيزهم للانقلاب على الهدنة، سيجعل منه طرفاً في نزع شرعية اتفاقات موسكو بشأن سورية، ما يهدّد فعلياً مصداقيتها في الحديث عن حلول قادمة من موسكو إلى طاولة الحوار مع واشنطن التي تعقد في جنيف في الأيام المقبلة.
الحديث عن حوار يجمع الجانبين، الأميركي والروسي، ويؤسّس لمرحلة جديدة من التعاون المشترك لحل الصراع في سورية، وتعزيز وقف إطلاق النار الهشّ، والمفترض أن ينعقد قبل اجتماع مجلس الأمن للتصويت على تمديد القرار الأممي الخاص بالمساعدات الذي تنتهي مدته في العاشر من يوليو/تموز الجاري، وقبل اجتماع ثلاثي مسار أستانة، وإعادة إحيائه لاستخدامه في قيادة عملية اللجنة الدستورية من جديد، لا يمكن أن يتجاهل ما يحدث على مستوى حقوق الإنسان من انتهاكات، ومنها حصار المدن وتجويع الأهالي عبر إغلاق المعابر، ناهيك عن الاعتقالات والاغتيالات، ما يعني أن على موسكو التحرّك لحفظ ماء وجهها وحبر اتفاقاتها في درعا.
استمرار تصاعد عمليات التضييق على درعا، وسط صمت موسكو المريب، إما لأنّ موسكو تريد أن تواجه النظام بمحدودية إمكاناته وقدراته على إنجاز فرصة دوره في الحلّ السلمي أو الاحتفاظ بها، وتريده أن يتعثّر، مرة أخرى، مع داعمه الإيراني أمامها، لتنهي دورهما مستقبلاً في مناطق سيطرتها، أو أنّها تريد، من خلال ترك الأمور تتفاقم، أن تجعل من درعا مرة أخرى مجالاً للتفاوض مع الجانب الأميركي الذي سلّمها في مفاوضات عمّان 2018 ملف حوران. وفي الحالتين، تكشف روسيا بهذا الصمت عورات النظام أكثر وأكثر، مع فقدانه القدرة أمام أهم فرصة محلية لتثبيت موقعه طرفاً في حلّ سياسي مستدام في سورية.
صمدت درعا في الحصار الأول، وصامت حتى عن حليب الأطفال، وهي عندما اتخذت قرارها الحرّ بممارسة حريتها في رفض المشاركة في إعادة تعويم بشار الأسد من خلال انتخابات واهية للمرة الرابعة على التوالي، فإنها وضعت نصب أعينها كلّ سيناريوهات العقاب المحتمل، ما يعني أن رهان النظام على ترهيب أهالي حوران، ومقايضة الخبز بالحرية، خاسر وجبان. ويؤكد ذلك رفض لجنة المصالحة، حسب تأكيد للمحامي عدنان المسالمة، إجراء أيّ حوار مع النظام، ما استدعى موسكو إلى أن تفتح باب تبادل الرسائل وقنوات التواصل من جديد.
العربي الجديد
——————————-
درعا تعيدنا إلى البدايات/ بشير البكر
درعا لا تهدأ. يتوقف الغليان حينا ولكنه يعود أقوى، هذا هو الحال منذ بدايات الثورة.. جمر تحت الرماد لا ينطفئ ولا ينفد. يظنونها نكّست الراية واستكانت، ولكنها تنفجر فجأة لتعيد كل شيء إلى نقطة الصفر. ومنذ المعركة الكبرى قبل ثلاث سنوات، وما تلاها من اتفاق على تسوية شاملة في تموز 2018 برعاية روسية، تشهد المحافظة حالة خاصة. الحراك مستمر موجة وراء أخرى، وكل موجة أعلى وأقوى من التي سبقتها. ومع أن المحافظة تعرضت لنكبة كبيرة مثل بقية المحافظات التي ثارت ضد النظام، إلا أنها لم تسلم مفاتيحها لأي من الأطراف التي تعمل للإمساك بورقة الجنوب السوري، روسيا، إيران، النظام، وإسرائيل.
تبدو درعا اليوم خارج كل المعادلات، بل إن الاتفاقات التي تم توقيعها خلال ثلاث سنوات لم تنفذ بسبب مراوغة النظام من جهة، ونظرا لعدم قدرة روسيا السيطرة على الوضع من جهة أخرى، رغم أن موسكو بذلت جهودا كبيرة من أجل هندسة الموقف بما يتناسب مع مخططاتها ومصالحها، وشكلت من أجل ذلك الفيلق الخامس بقيادة أحمد العودة الذي اشتغل على تكوين قوة عسكرية من عدة آلاف، إلا أن هذا التشكيل ليس على مقياس ومزاج النظام وإيران، ولا يناسب ما تطمحان إليه من سيطرة على الجنوب، تنطلق من ضمان ولاءات المكونات الفاعلة بصورة لا تقبل القسمة أو الشراكة مع أي طرف آخر، بما في ذلك روسيا.
تسوية تموز 2018 شملت بنودها خروج المعتقلين من سجون النظام منذ بداية الثورة، وتأجيل خدمة العلم للذين رفضوا الالتحاق بجيش النظام، وعودة الخدمات المدنية إلى المدينة، وعودة الموظفين المفصولين من الدوائر الحكومية إلى عملهم. وهذه التسوية وكل التسويات التي تلتها استندت إلى مبادئ محددة، منها بالخصوص التسليم للنظام والقتال في صفوفه أو الخروج من المحافظة، وتسليم السلاح. وفي هذا الوقت استمرت ممارسات أجهزة النظام التي لا حدود لها ولا ناظم ولا قانون يحكمها، فالتصفيات والاغتيالات لم تتوقف والاعتقالات متواصلة لكل من يشتبه به رافضا لعودة النظام إلى المحافظة. وهناك سبب آخر لفشل هذه التسوية هو الدور الإيراني. فإيران وحزب الله يرفضان تسليم قرار الجنوب للروس، لأن هذا يعني إبعاد إيران من المنطقة، وفق التفاهمات الروسية الإسرائيلية التي حددت إبعاد السلاح الإيراني بمسافة 80 كم عن الجولان. والمسألة بالنسبة لطهران ليست محاربة إسرائيل، وإنما الاحتفاظ بورقة مساومة دائمة، كما هو عليه الأمر في جنوب لبنان الذي يعتبر ساحة هادئة جدا وفق اتفاق 1701 لعام 2006، إلا أنه رغم هذا الهدوء تظل التهديدات واردة ولو على نحو ضعيف جدا، ما يبقي على حالة الاستنفار العسكري الإسرائيلي قائمة، كما لو أن الحرب الشاملة ستقع في أي لحظة.
كان يمكن لدرعا أن تشكل نموذجا للتسوية وفق مخططات موسكو التي قامت عام 2018 على تفاهمات مع قيادات الفصائل العسكرية، تقوم على تسليم السلاح الثقيل للروس وتكوين الفيلق الخامس، الذي يتبع لإدارة روسية، من أجل احتواء المقاتلين من الفصائل. وجرى التعامل مع هذه الطريقة بمنزلة حل وسط، لا يدخل فيها النظام إلى المناطق الحساسة من المحافظة مقابل وقف الأعمال العسكرية ضده، وذلك برعاية روسيا التي تصبح صاحبة القرار في المحافظة. وشارك أكثر من طرف في رعاية الاتفاق وضمانته، ومنها الأردن، ولكن موسكو لم تحترم الاتفاق كعادتها حيال كل اتفاقاتها في سوريا، ومثال ذلك في شمال غربي سوريا، الأمر الذي يعيد درعا تدريجيا إلى البدايات رغم الكلفة الباهظة، لا سيما ما يترتب على الحصار المفروض على المدينة من الناحية الإنسانية.
تلفزيون سوريا
——————————
من إدلب إلى درعا: الانتصار بالتقسيط/ عمر قدور
حسب واحد من الأخبار الواردة من أحياء درعا المحاصرة، هدد جنرال روسي-شيشاني يدعى أسد الله الأهالي باحتلال درعا بواسطة الميليشيات الإيرانية، إذا لم يستسلموا وينفذوا ما هو مطلوب منهم. الخبر غريب لسببين؛ أولهما أن سلطة الأسد ومن خلفها “ضامن التسوية” الروسي لا يفصحان عادة عن القوة العسكرية التي ستتولى الاقتحام أو تلك التي ستتولى السيطرة على المكان والتنكيل بالسكان بعد اقتحامه، وثانيهما أن التهديد بالميليشيات الإيرانية يفترض اكتسابها سمعة كبعبع يتم التخويف به بالمقارنة مع “وداعة” قوات الأسد وشبيحته، وهذا كما نعلم ينتقص من وحشية تلك القوات والشبيحة بما لا ترتضيه قياداتها.
يبقى وجه آخر لتبرير صحة الخبر السابق؛ أن يكون التهديد بالميليشيات الإيرانية موجهاً إلى تل أبيب، وأيضاً إلى واشنطن التي أعادت درعا إلى سيطرة الأسد قبل ثلاث سنوات، الأمر الذي يرتّب عليها مسؤولية أدبية إزاء الأهالي. إن مجرد الانقضاض النهائي على التسوية يسيء إلى سمعة واشنطن التي تخلت عن جبهة حوران ضمن عملية أوسع لإعادة تقسيم مناطق النفوذ شملت الغوطة الشرقية وعفرين، ومُنحت فيها درعا وضعاً خاصاً جنّبها الانتقام، وجنّبها الخضوع التام، وقد رأينا كيف تمكن الأهالي من فرض إرادتهم بعدم المشاركة في انتخابات بشار، الأمر الذي يُنظر إليه كأحد محفزات الحصار الحالي.
تبقى الإرادة الروسية هي العامل الأهم في الحصار وما سيليه، فالتهديد بإدخال الميليشيات الإيرانية يستدرج تفاهمات جديدة مع واشنطن وتل أبيب، تنقلب فيها موسكو على التفاهمات السابقة محققة انتصاراً معنوياً. وفي العدول عن التفاهمات السابقة لصالح موسكو وبشار رسالةٌ لحلفاء واشنطن في الإدارة الذاتية، بحيث لا يطمئنون إلى عدم تخلي واشنطن عنهم، ولا يثقون بأنهم عندما تقرر الانسحاب ستضمن لهم تسوية مناسبة ومستدامة. أما حسابات واشنطن فهي مختلفة، وقد لا تمانع في أن يحقق بوتين انتصاراً صغيراً في درعا، ولن تؤثر عليها الرسالة الموجهة إلى الإدارة الذاتية، وليست المرة الأولى التي تخذل فيها واشنطن حلفاء غير أساسيين من دون أن يحول سلوكها دون اكتساب حلفاء جدد بل سعي جهات عديدة للوصول إلى تلك المرتبة.
مع حصار درعا، لم يتوقف التصعيد العسكري في إدلب، من قبل قوات الأسد والطيران الروسي. المعلن، كذريعة للهجوم الجديد، أن موسكو تريد تطبيق تفاهمات سوتشي الخاصة بفتح طريق إم4، وبوجود منطقة منزوعة من السلاح على جانبيه. يُفهم من التعبير الأخير منطقة منزوعة من السلاح في جهة الفصائل المدعومة من أنقرة، لأن موسكو لم تلتزم من قبل بنزع السلاح من الجانبين، وانقلبت على التفاهمات بذرائع مختلفة لتقضم جزءاً من محافظة إدلب وتبرم تفاهمات جديدة قبل سنة وثلاثة شهور. بعبارة أخرى، تريد موسكو السيطرة على شريط جديد من الأراضي التي تسيطر عليها تلك الفصائل، الأراضي التي ضاقت أصلاً بالعدد الضخم من اللاجئين.
في إدلب أيضاً تسعى موسكو إلى تحقيق انتصار صغير محدود، لا لأنها لا تملك القدرة على شنّ معركة أضخم وبأهداف أوسع. لا تتحاشى موسكو “كما يُشاع أحياناً” المعركة الكبرى لأن جبهة النصرة ستستبسل في الدفاع عن معقلها الأخير، فآخر ما يكترث به بوتين وقوع مجزرة ضخمة من قوات الأسد وعناصر النصرة. حسابات المعركة الكبرى تتعلق أولاً وأخيراً بما ستتسبب به من تدفق مباغت وضخم للاجئين لا تستطيع أنقرة تحمله، ولا يريد الغرب تحمّل تبعاته المستقبلية. ذلك ما يدركه بوتين جيداً، ويفضّل الاحتفاظ بورقة التهديد بدل التفريط بها.
اكتساب شريط جديد في إدلب لن يكون نهاية المطاف، إنه دفعة من دفعات في سعي بوتين إلى السيطرة والانتصار بالتقسيط، فهو ليس مستعجلاً للاصطدام بسقف انتصاراته السورية. والقضم على دفعات يسهل تقبله أمريكياً وأوروبياً ما دام يتسبب بتدفق محدود للاجئين تستطيع مناطق السيطرة التركية الأخرى استيعابهم، وهو لا يحرج أنقرة بانسحاب مذلّ من منطقة نفوذ كبرى بعد أن قدّمت نفسها كضامن لتفاهمات خفض التصعيد المتلاحقة.
ما يخفف من الإحراج أن أنقرة لم تطرح يوماً أمام الجمهور التركي إدلب كقضية تمس أمنها القومي، بخلاف المناطق التي تتواجد فيها قوات قسد، أو تلك التي انتزعت فيها القوات التركية السيطرة من قسد. أي أن التخلي عن إدلب، في أقصى الاحتمالات، قضية مرتبطة تركياً بموضوع اللاجئين أيضاً، ولا يُتوقع أن تؤثر سلباً على العلاقات الروسية-التركية التي باتت متشابكة ومتشعبة في العديد من القضايا الإقليمية من ليبيا إلى ناغورني كاراباخ، وقد لا تكون أفغانستان قريباً “بعد الانسحاب الأمريكي” خارج الاهتمام المشترك والتعاون بين الجانبين. على هذا الصعيد، وبينما تُقصف مناطق في إدلب بشكل عنيف، يلفت الانتباه ما قاله قبل يومين المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف في حوار بثته قناة روسيا1، إذ وصف العلاقات الروسية-التركية بأنها مثال يُحتذى للشراكة بين موسكو ودولة عضو في حلف الناتو.
ميدانياً، ليس هناك ما يردع موسكو عن اقتحام درعا أو إدلب، فالقوة العسكرية جاهزة، والطيران الروسي معتاد على تنفيذ سياسة الأرض المحروقة قبل الاقتحامات. لكن نصراً واحداً أخيراً لن يقدّم لبوتين فائدة على المدى البعيد، لذا يريد انتصارات محدودة وبالتقسيط مع استحقاقات سياسية صغيرة ومحدودة، قد يكون الآن التمديد لدخول المساعدات الأممية واحداً منها. إطالة أمد “الانتصارات” يتيح لبوتين تصوير قواته في سوريا كأنها لا تتوقف عن التقدم، ويؤخر لحظة الحقيقة عندما يستنفذ المساحة التي لا تقع ضمن الخطوط الحمراء لتركيا أو الولايات المتحدة.
ربما يكون من مصلحة واشنطن وأنقرة أيضاً ألا يصطدم رأس بوتين بسقف انتصاراته، فيظهر محرجاً داخلياً بعجزه أمامهما، بمعنى أن يكون هناك تواطؤ ضمني معه في سياسته هذه. وربما سنبقى بين الحين والآخر إزاء هذا النوع من التصعيد والانتصارات، بحيث تسحب موسكو ببطء شديد من الرصيد المسموح طالما لم يحن موعد الحل أو موعد الانقلاب الجذري على خريطة النفوذ الحالية.
المدن
—————————————–
عاطف نجيب الذي فجّر الانتفاضة السورية: “أنا الله في درعا”/ محمد فارس
كان نجيب شكاكاً لا يظهر علناً ويتنقل في موكب شديد الحراسة لقناعته بأن خصومه يسعون لاغتياله. وكان يطلب طعامه الخاص من دمشق لخشيته من أن يتم اغتياله بالسم. ومارس الإدارة بالخوف التي اعتقد أهل درعا أنها باتت من الماضي.
يشتهر العميد عاطف نجيب، ابن خالة الرئيس السوري بشار الأسد، بالتسبب بالاحتجاجات الشعبية عام 2011. وهنا، يرسم الكاتب صورة للضابط الذي كان رئيس شعبة الأمن السياسي في درعا “مهد الثورة السورية”.
قبيل توريث بشار الأسد حكم سوريا عام 2000، اتصل ضابط مخابرات بتاجر دمشقي طالباً “خوّة” قدرها ثلاثة ملايين ليرة سورية (60 ألف دولار أميركي). وضّب التاجر حقيبته وغادر البلاد إلى الولايات المتحدة الأميركية هرباً من ابتزاز الضابط “الفجعان”. وعام 2011 لم تُفاجئ التاجرَ احتجاجات مدينة درعا. لكنه ما كان يصدّق أن من سبب ذلك هو الشخص الذي خرج بسببه من سوريا. إنه ابن خالة الرئيس، عاطف نجيب.
يصف التاجر العميدَ نجيب بـ”الانتهازي من الطراز الرفيع” ويضيف: “استدعاني مطلع التسعينات إلى مكتبه في حي الميسات، معتذراً عن ابتزازي مالياً من قبل أحد مرافقي الرئيس حافظ الأسد. الكل في المخابرات يَرهَبونه فقد كان شبّيحاً على الشبّيحة. لاحقاً بدأ بابتزازي بصفاقة. الله وكيلك صار لازم إصرف عليه وعلى بيتو وعيلتو كلها”.
معاناة التاجر لم تكن فريدة فقد طاولت قبضة نجيب آخرين. عام 1995 نفد صبر رجل الأعمال محمد مأمون الحمصي من نجيب. قال الحمصي إن نجيب حاول “إذلاله وأهلَه والاعتداء عليهم”. وذات ليلة، وفي “ساحة الشهبندر” في دمشق، صادف أن حاول نجيب مضايقته بسيارته، فترجّل الحمصي شاهراً بندقية كلاشنيكوف. “قلت له دافع عن نفسك. كان بحوزته مسدس كولت. لكنه لم يكن رجلاً ليستخدمه. ولو أمسكه، لأفرغت البندقية في رأسه.”
عام 2001 اعتقلت السلطات الحمصي، الذي كان نائباً في مجلس الشعب، ونزعت عنه الحصانة البرلمانية، ثم حكمت عليه بالسجن خمس سنوات بتهم من بينها الاعتداء على السلطات وإثارة النعرات الطائفية المذهبية.
بطش وحصانة
ذات أمسية من صيف عام 2011، وتحت إضاءة خافتة، استرخى عاطف نجيب يدخن بهدوء سيجار “مونته كريستو” ويحتسي مشروب “غولد ليبل” في مقهى “النيربين” في فندق “شيراتون” في دمشق.
زاد وزنه قليلاً لكن مظهره يوحي بأنه أصغر من عمره. رياضي في منتصف الأربعينات. حذاء إيطالي مصنوع يدوياً، وبدلة “BOSS” سوداء من غير ربطة عنق، وسلسلة ذهبية حول رقبته تظهر من تحت قميصه الأبيض الذي فتح أزراره العليا. ساعة “رولكس” مرصعة بالألماس تلمع حول معصمه كلما رفع الكأس. وبالقرب من منفضة السجائر ترك هاتفاً جوالاً ومسبحة عاجية. إكسسوارت لن تخفف من نظرته العدوانية وملامحه الصلبة التي أحاطها بلحية خفيفة مشذبة بدقة لتبرز فكّه.
كان يفترض حينها أن نجيب خاضع للتحقيق أمام لجنة قضائية مستقلة تنظر في تورطه في عمليات قتل وتعذيب. لكن ليلته مضت بهدوء، فمن ذا الذي يجرؤ على الاقتراب من ابن خالة الرئيس؟!
وعلى رغم دوره في إشعال الثورة، بقي سجله المهني متواضعاً. فحين عُيِّن في درعا، لم يقتصر ابتزازه على رجال الأعمال والأثرياء، بل تسلّط على البسطاء من العامة أيضاً.
ومطلع عام 2011، قمعت المخابرات احتجاجات معارضة في بقاع عدة من سوريا. بيد أن غطرسة نجيب تجاوزت في درعا عتبة الانفجار حين أهان وجهاء زاروه في الأمن السياسي في منطقة “درعا المحطة”. رفض طلبهم بإطلاق سراح 18 فتى احتجزهم أواخر شباط/ فبراير بسبب كتابتهم شعارات سخرت من الرئيس على حائط مدرسة. قال نجيب بحزم: “انسوهون!”.
ويعترف موالون للأسد بأن “اثنين أو ثلاثة” من الموقوفين “الشباب” تعرضوا للتعذيب، وأن نجيب أخبر زواره أن فشلهم في تأديب أولادهم حدا به للقيام بالمهمة بنفسه. وتقول رواية أخرى إنه أخبر الوجهاء أن عليهم أن يرجعوا إلى منازلهم وينجبوا أطفالاً آخرين، فإن كانت تنقصهم الرجولة، فعليهم إرسال زوجاتهم إلى مكتبه، وسيضمن أنهن سيغادرن وهن حوامل. ومن السذاجة الظن أن نجيب لم يدرك أنه تجاوز ما لا يمكن أن تقبله كرامة الحوارنة.
رداً على ذلك، اندلعت احتجاجات 18 آذار/ مارس مطالبة بإقالة نجيب ومعاقبته. وردت قواته بإطلاق النار على متظاهرين، ما أسفر عن مقتل أربعة منهم. كانت تلك بداية ثورة شعبية انقلبت شلال دماء أتم عامه العاشر، وسقط على إثره أكثر من نصف مليون شخص.
عانى أهالي درعا من مظالم كثيرة لم تصل بهم إلى ثورة. فقد ذاقوا ويلات فساد المحافظ الأسبق، وليد عثمان، والذي تزوجت ابنته من رجل الأعمال القوي، رامي مخلوف، ابن خال الأسد. ومع أن الرئيس حافظ الأسد أزاح عثمان عن منصبه، إلا أن بشار عينه لاحقاً سفيراً لسوريا في رومانيا حيث انفجرت ملفات فساده دولياً.
بيد أن نجيب كان شخصية مكروهة. ومع أن السوريين لا يعرفون صورة له، صار اسمه متداولاً بعد إقرار رئيس شعبة المخابرات العسكرية في ريف دمشق، رستم غزالي، في اجتماع شعبي أواخر آذار 2011 بقضية الأطفال الذين اعتقلهم نجيب. وقال غزالي: “الأطفال الموقوفون في دمشق أو هنا في درعا… أمر سيادته (بشار الأسد) بإخلائهم فوراً وأعتقد أنهم أُخلوا…”.
وعلى رغم ذلك تحولت الاحتجاجات إلى ثورة ضد بشار لأنه لم يتصرف كما كان متوقعاً منه. فقد اتهم عضو مجلس الشعب، يوسف أبو رومية، أواخر آذار 2011 العميد نجيب بـ”إثارة الفتنة”. وقال في تسجيل مصور مسرب من جلسة برلمانية: “ما حصل في حوران ليس ضد بشار الأسد، وإنما رعونة العميد عاطف نجيب، الذي استدعى قوات الأمن بطائرات الهيليكوبتر ونزلوا فوراً لإطلاق النار على المواطنين”.
قرابة
بحلول عام 1960 أنجبت أنيسة مخلوف الابنة البكر، بشرى. وكان زوجها حافظ الأسد، ابن الفلاح المنحدر من الطائفة العلوية التي تقطن جبال الساحل السوري، يخدم طياراً في القاهرة أثناء الوحدة مع مصر. في ذلك العام، أسس حافظ تنظيماً عسكرياً سرياً عُرِف بـ”اللجنة العسكرية لحزب البعث” ولعب دوراً في انقلابات الستينات. كذلك وُلِدَ لأخت أنيسة، فاطمة مخلوف، ابن سمته عاطف.
كانت فاطمة متزوجة من نجيب حاج نجيب، صاحب محطة الوقود وابن مدينة جبلة الساحلية القريبة من القرداحة، معقل عائلة الأسد.
أنجبت فاطمة مخلوف وزوجها السُّني بنتين وثلاثة صبية محظوظين بوصول زوج خالتهم حافظ إلى سدة الحكم في سوريا إثر انقلاب “الحركة التصحيحية” عام 1970.
وبات محمد مخلوف، شقيق فاطمة وأنيسة، مستشاراً مالياً لصهره الرئيس، وبنى من ذلك إمبراطورية تجارية ازدهرت بإدارة ابنه، رامي.
لكن نجيب حاج نجيب لم يستطع أن يستثمر القرابة ليبلغ منزلة رامي وأبيه. وباتت مشاريعه الفاشلة وفساده الفاقع مصدر إزعاج لحافظ فانتهى به المطاف خارج دائرة الحظوة ثم في السجن لأشهر.
وتبدو القواسم المشتركة جلية بين سيرتي نجيب حاج نجيب وابنه عاطف. فبعد تخرجه من الكلية الحربية، غدا الضابط العدواني النزق عاطف قريباً من باسل، الابن الأكبر للرئيس، والذي كان يتم إعداده لوراثة الحكم. تشابهت شخصيتاهما فكلاهما متهور مرهوب الجانب، ويهوى قيادة السيارات الرياضية، وهو ما أودى بحياة باسل عام 1994 في حادث سير.
وبعد التحاقه بسلك المخابرات، أزعج عاطف ابن خالته باسل وزوج خالته حافظ بخلافاته مع رؤسائه. وفي مطلع التسعينات، “أعفاه باسل من مهامه لأنه كان يهين الناس بألفاظ نابية، ويخطف الفتيات، ويطلق النار باستهتار في الهواء”، بحسب ضابط صف مقيم في أوروبا عمل في مكتب وزير الداخلية لربع قرن. وأضاف: “كنا نلقّبه الحيوان. كان متعجرفاً ولا يمكن ضبطه. لم يكن ليتوانى عن صفع أي مسؤول أو موظف. كنا نعرف أن الرئيس حافظ غير راض عن سلوكه مع أنه لم يكن له صديق أو شلّة إلا أبناء الأسد.”
ولنحو ست سنوات، عانى عاطف نجيب من “القعدة بالبيت” في ما بدا نهاية مسيرته المهنية. ومع اقتراب بشار من وراثة والده، توسّطت فاطمة مخلوف، والدة عاطف، لدى أختها أنيسة لإعادته إلى العمل بعدما غدا في الرابعة والثلاثين ناضجاً ولائقاً للخدمة. فأُعيد إلى رتبته القديمة، وكُلِّفَ بالعمل في شعبة الأمن السياسي في “حي المزة” الدمشقي حيث اتخذ لنفسه مكتباً فخماً. هناك صار رئيس فرع التحقيق ثم رئيس فرع المعلومات، وراقب الأحزاب السياسية والمسؤولين في الدولة وضباط الشرطة حيث استلذ بمعاقبة من هم أعلى رتبة منه وإذلالهم.
كان نجيب يجول العاصمة بسيارات “بي إم دبليو” و”جاغوار” ليلتقي في المطاعم الكبيرة بمن يسعى للسيطرة عليهم وابتزازهم. ومن لم يتعاون، استدعاه إلى مكتبه ليحدد له قواعد اللعبة.
وقال رجل أعمال من الريف الدمشقي قابل نجيب أكثر من مرة إن العميد “كان يمصّ دم الناس من خلال مساعديه في الأمن السياسي وضابط عقيد من مرافقي بشار.” وأضاف: “داخل النظام أشخاص تكسب من مقابلتهم ومن بناء علاقة وثيقة معهم. يتمتعون بالمعقولية ويمكنك العمل معهم. إنما هناك آخرون ممن لا تريد الاقتراب منهم، وعاطف نجيب المتقلب المزاج واحد من هؤلاء ممن كان كثيرون، حتى داخل النظام، يرونه عقبة أكثر من كونه مكسباً”.
فساد متنقل
اقترن الفساد باسم نجيب أينما حل. في اللاذقية أشاد معمل رخام وكسارات مخالفة مع شقيقه عرفان. وفي مديرية الخدمات الفنية هناك، ومع زوج أخته ريم، علاء إبراهيم، مدير الخدمات الفنية باللاذقية في حينه، استفاد من مناقصات بناء وصيانة المدارس. أما إبراهيم فقد تم نقله بعد شرائه أراضي من قرويين بأسعار متدنية بحجة الاستملاك ثم بيعه تلك الأراضي لأفراد. لاحقاً شغل إبراهيم منصب محافظ ريف دمشق ما بين 2016 و2020 ثم جرت إقالته والحجز على أمواله وأموال زوجته وأولاده بسبب قضايا فساد.
وفي “فرع الفيحاء” ثم قسم “أمن الشرطة” للأمن السياسي في دمشق، ارتبط اسم نجيب برؤساء بلديات وضباط شرطة فاسدين. كما استورد ورخّص آلاف حافلات ميكروباص (سرفيس) وباعها بدمشق بما زاد عن طاقة المدينة. كذلك نشط في استيراد قطع تبديل سيارات مستعملة وتهريب أجهزة كهربائية من لبنان بمساعدة شقيقه النقيب عمار الذي شغل رئيس مفرزة أمنية حدودية.
كما عين رؤساء بلديات لقاء رشاوى بمبالغ طائلة وعمولات شهرية بحيث تحكم من خلالهم بترخيص وهدم الأبنية المخالفة.
عام 2002، تولى اللواء غازي كنعان رئاسة شعبة الأمن السياسي بدمشق تاركاً منصب رئيس جهاز الأمن والاستطلاع السوري في لبنان الذي شغله لعشرين عاماً. وعلى رغم صلة قربى بين الرجلين، همّش كنعان نجيب وحاول أن ينقله إلى مقر وزارة الداخلية ليكون تحت نظره. لكن الرئيس بشار نقل نجيب إلى فرع الأمن السياسي بطرطوس. وفي عام 2004 وبعد تكليف كنعان وزيراً للداخلية، عيّن الأسد نجيب نائباً لرئيس فرع الأمن السياسي بدمشق لإضعاف كنعان.
لكن مسيرة نجيب استعادت زخمها بمقتل غازي كنعان عام 2005، والذي أطلق النار على نفسه بحسب السلطات السورية. وفي غضون ثلاث سنوات تسلم نجيب رئاسة شعبة الأمن السياسي في درعا.
في درعا…
هناك، شرع نجيب في إنشاء إقطاعيته. وظنّت العائلات النافذة أن بمقدورها كسب ودّه برشوته كما رشوا آخرين. لكنهم أدركوا سريعاً أن حاكم المحافظة “مجرم يصعُب التفاهم معه”.
ولم يكتفِ نجيب بالرشاوى، بل فرض سطوته ونفوذه في قطاعات منافسيه وطاردهم بوساوس المراقبة حتى بيوتهم. كما نسج شبكة جواسيس ووزع مخبريه في المحافظة ليكون السبّاق بالوصول إلى المعلومات.
كان الجو العام يشي بأن “جماعة” نجيب تغلغلت في كل مكان من المقاهي إلى دور العبادة والمدارس، حتى إن مدرّسين كانوا يرفعون إليه تقارير عن القناعات السياسية لزملائهم وطلابهم.
وتحرك نجيب، وبحجة محاربة الفساد، فحصر إدارة الفساد بيده وبنى بذلك ثروة طائلة. عرقل سلاسل نقل البضائع القانونية وغير القانونية واحتكر حركتها وتدفق الأموال عبر الحدود وحددها بتجار بعينهم، وتحكم في الوصول إلى مصادر المياه وهي الشريان الأهم لمجتمع زراعي مثل درعا.
وكان نجيب شكاكاً لا يظهر علناً ويتنقل في موكب شديد الحراسة لقناعته بأن خصومه يسعون لاغتياله. وكان يطلب طعامه الخاص من دمشق لخشيته من أن يتم اغتياله بالسم. ومارس الإدارة بالخوف التي اعتقد أهل درعا أنها باتت من الماضي. يصفه بعضهم بأنه “مغرور عديم الموهبة إلا إذا استثنينا قرابته لعائلة الأسد”. وينقل آخرون عنه قوله بصلف: “أنا الله بدرعا”، المحافظة التي اشتهرت بأنها “خزان البعث” كناية عن تأييدها الحاسم للأسد. فالعديد من شخصيات النظام الشهيرة تنحدر منها مثل فاروق الشرع، نائب رئيس الجمهورية سابقاً، ورستم غزالي، رئيس شعبة الأمن السياسي سابقاً، وفيصل المقداد، وزير الخارجية. لكن استبداد نجيب وفساده كان لهما دور فاعل في قلب ولائها ضد الأسرة الحاكمة.
الانفجار
بعيد عمليات قتل متظاهرين في آذار 2011 على برصاص قوات حكومية، حاول الأسد أن يسوق لمصالحة ما وشن بالتوازي حملة قمع وحشي كان من شأنها أن توسع رقعة التمرد ضده. كما أرسل واستقبل وفوداً قال لها إنه يجب معاقبة نجيب. وعوضاً عن زيارة درعا لنزع فتيل غضبها، زار محافظة السويداء المجاورة.
كما تحرك لسحق المعارضة المتنامية في مهدها. وفي 23 آذار، أُقيل محافظ درعا، فيصل كلثوم، كبادرة للإصلاح. لكن قوات حكومية داهمت في اليوم ذاته المسجد العمري في منطقة “درعا البلد”، ما أسفر عن مقتل تسعة أشخاص. ووصفت السلطات المسجد بأنه “وكر” اتخذه المتآمرون المتورطون في مؤامرة خارجية ضد الوطن.
وفي 9 نيسان/ أبريل، وبينما وصل عدد الضحايا إلى 170 شخصاً خلال 23 يوماً، صرّح “مصدر أمني” لم يَكشف عن اسمه أن نجيب وكلثوم أُحيلا إلى محكمة للتحقيق. وفي حزيران/ يونيو، مُنع نجيب من السفر إلى الخارج بقرار من لجنة قضائية شكلها الأسد للتحقيق في اتهامات ضد ضباط المخابرات. وقال رئيسها القاضي محمد ديب المقطرن إنه “لا حصانة لأحد مهما كان”.
وتكررت نصيحة وفود للأسد بمعاقبة نجيب كرسالة تعيد الثقة بالنظام. وأخبر الأسد زواره أنه لا يستطيع اعتقال ابن خالته إذ لا شكوى رسمية بحقه وقضية مرفوعة ضده. فيما أكد الشيخ أنس سويد، أبرز شيوخ مدينة حمص، أن الأسد أخبره أنه بعدما عاقب نجيب وعزله، عاتبته والدته وخالته فاطمة، والدة نجيب، فوعدهما بأن يعيده إلى منصبه بعد انتهاء الأزمة. وجاء نقل الأسد لابن خالته إلى منصب آخر في محافظة إدلب بمثابة ضوء أخضر لأجهزة المخابرات لممارسة القمع حتى النهاية. كانت تلك الخطوة إشارة إلى أن نجيب كان مبعوثَ بشار في درعا وينفّذ ما أرسله من أجله.
دمّرت قوات الأسد جزءاً كبيراً من درعا التي يحاصرها النظام اليوم بدعم روسي ويتظاهر السوريون تضامناً معها وسط تحذيرات من كارثةٍ إنسانية فيها. فيما ينظر النظام وموالوه إلى نجيب كبطل “يستحق نصب تمثال له لأنه أول من اكتشف المؤامرة”.
في صيف 2011، وحين كان يفترض أنه قيد التحقيق، شوهد عاطف نجيب مسترخياً في مطاعم فخمة بدمشق. وما زال حتى اليوم على رأس عمله في المخابرات.
يقول ضابط الصف المقيم في أوروبا إنه طالما أن نجيب ما زال في المخابرات فهو يتمتع بـ”ضوء أخضر” من الرئيس بخصوص إرهاب الناس وابتزازهم. “لم يكن ليتصرف بمفرده في أمر أمني كأن يعفو عن الأطفال. عاطف نجيب شيطان وليس مجرد بلطجي أحمق. دافع عن مزرعة معلمه مدفوعاً بغريزة البقاء”.
درج
——————————————–
لماذا درعا الآن؟/ آعمر الشيخ
هددتْ قاعدة حميميم الروسيّة، من الساحل السوريّ، أخيرا، مناطق جنوب سورية، التابعة إداريّاً لمدينة درعا، بإدخال مليشيات إيرانيّة، مثل حزب الله اللبناني و”الحرس الثوريّ” الإيرانيّ؛ إلى المناطق التي رفضت تسليم سلاحها الفرديّ. وتفيد الأنباء من المدينة الحدودية بأنّ لجان المصالحة بين النظام والفصائل العاملة هناك صدمتها التصريحات الروسيّة بعد أن عزلوا مناطق عن بعضها؛ بقصد الحصار وتقنين الخدمات وإضعاف التأثير الاجتماعي على السكان، مما بقي من فصائل معارضة مسلحة هناك.
وكانت القوّات الروسيّة هي الضامن للنزاع بين قوّات النظام (ومليشياته الطائفيّة) وفصائل المعارضة في درعا، إلا أنّ أمراً ما قد حدث؛ فالطيران الحربيّ لا يهدأ تحليقه منذ أيام فوق معظم المناطق التي وقّعت على “الضمانة الروسيّة”، وسلّمت السلاحين الثقيل والمتوسط، وها هي اليوم تدفع لتسليم السلاح الخفيف أيضاً. وتعلم الفصائل المعارضة والأهالي في معظم مناطق درعا، والتي لا تزال تتظاهر ضد بشار الأسد؛ أنّ تهديد قاعدة حميميم ينطوي على إشارة خضراء لتوريط المدينة بالصراع الإسرائيلي الإيراني فوق أرضٍ سوريّة؛ إذ ما إن تدخل مليشيات إيران وتبني نقاطها العسكريّة، حتى تتحرّك صواريخ الاحتلال الإسرائيليّ نحو تلك النقاط؛ لقصفها وتحويل المنطقة إلى أرض حرب عصاباتٍ للنفوذ الإيرانيّ.
ودانت فعالياتٌ ثوريّة تهديدات القوّات الروسيّة، وتحوّلها من “ضامن إلى مستخدم لأساليب الحصار والترهيب والتهديد وبث الرعب في قلوب المدنيين، مما أدى لخروج الضمان الروسيّ عن وظيفته في اتفاق التسوية جنوب سورية، ومخالفته القرارات الدوليّة ذات الصلة”، حسب وصف بيان أصدرته اللجنة المركزيّة في درعا البلد وفي المنطقة الغربيّة، ومجلس أعيان المنطقة الغربيّة وأحرار الريف الشرقيّ ومنطقة الجيدور، وكناكر.
ويرى مراقبون أنّ روسيا كانت قد ضمنت، العام 2018، أمام دول إقليميّة؛ منها أميركا ومن خلفها إسرائيل، اتفاق التسوية في درعا والقنيطرة، خصوصاً بمنع القوات الإيرانيّة ومليشياتها من الاقتراب من المحافظتين، مقابل مساندة قوات النظام برّاً وجوّاً للسيطرة على المناطق الواقعة تحت يد فصائل المعارضة آنذاك. وبحسب المعطيات، جاءت هذه الخطوة الروسيّة بالتزامن مع تعنّت الدبلوماسيّة الروسيّة في المحفل الدولي، من أجل تحويل مسار المساعدات الإنسانيّة الداخلة إلى سورية، وخصوصاً إدلب، وما حولها من الحدود التركيّة السوريّة التي تسيطر عليها فصائل المعارضة إلى جنوب سورية، بالتحديد قرب طريق الجمرك القديم في درعا، الذي تهيمن عليه ثلّة من العناصر الذين جنّدهم النظام؛ نظراً إلى عدم قدرته على الدخول إلى هناك وفق اتفاق 2018 الخاص بالتسوية. وبالتالي، يتيح إسقاط السلاح الخفيف والهيمنة المعارضة جنوب سورية على الحدود لروسيا إعادة تفعيل عمل المعبر الجمركيّ القديم، وتأمين طريقه القريب للغاية من مدينة الرمثا الأردنيّة. وهكذا سوف تكون فرصة تحويل المساعدات آمنة، بعيداً عن يد قوات النظام وتحت السيطرة الروسيّة أمام المجتمع الدوليّ.
وفي قراءة أكثر عمقاً لهذا التحوّل أمام تسوية درعا، نجد أنّ نظام الأسد يصفّي حساباته العسكريّة بتحويل المدينة التي انطلقت منها شرارة الاحتجاجات قبل عشرة أعوام، إلى صفر القيمة، ويبرّر، عبر مندوبيه، سواء أمام المنظمات الدوليّة أو في المجتمع المحلي؛ أنّ تلك “التسوية لم تكتمل بعد، وخطوات تسليم السلاح عبر الروس تجعلها عادلة”، حسب مسؤول بعثيّ لدى النظام، إلا أنّ الحصار بسواتر إسمنتيّة وأكياس رمال حربيّة لا يدلّ على خطوة إكمال لتهدئة ما، بقدر ما ينبّه إسرائيل إلى أنّ ادخال مليشيات إيران إلى درعا هو تهديد حدوديّ لها أيضاً، وبذلك يمكن أن يضغط كيان العدو على حلفائه في المجتمع الدولي لتمرير الأجندة الروسيّة بالسيطرة على المساعدات، وتجويع إدلب وما بقي من مناطق معارضة للسيطرة عليها.
جاء الرد الدوليّ عبر المؤتمر الوزاريّ لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي اختتم أخيرا، وعلى لسان وزير الخارجيّة الأميركي، أنتوني بلينكن، الذي أكد من روما أنّ الولايات المتحدة سوف تقدم 436 مليون دولار مساعدات إنسانيّة إضافيّة للشعب السوريّ، وهذا التمويل الجديد المقدّم من خلال وزارة الخارجيّة والوكالة الأميركيّة للتنمية الدوليّة “سيوفّر مساعداتٍ حيويّة إضافيّة للأسر المحتاجة في سورية، واللاجئين السوريين، والمجتمعات المضيفة في البلدان المجاورة”، حسب بلينكن الذي لمّح إلى أنّ هناك أكثر من عشرة آلاف مقاتل من تنظيم الدولة الإسلامية في مخيم الهول شمال سورية، والذي تسيطر عليه “قوّات سوريا الديمقراطيّة” حليفة واشنطن. بعبارة أدقّ؛ ربما تريد واشنطن أن تختصر الطريق على موسكو في خطوتها بشأن المساعدات وتحريك المليشيات الإيرانيّة، بقولها إذا كان لديكم ورقة هذه المليشيات جنوباً، والتي هي أصلاً تحت مرصد القصف الإسرائيلي المتكرر في مواقعها السوريّة، نحن لدينا ورقة “داعش” شمالاً؛ والتي إذا حُرّكت ستستنزف مزيدا من الوقت والجهد للإمساك بالجغرافيا السوريّة وهم تحت يدنا؛ يد “قسد” وهاكم بضعة ملايين من الدولارات لحلّ أزمة المساعدات، سوف يبقى لتركيا دور في الملف السوريّ “إغاثيّاً وعسكريّاً”، ولدينا رغبة لتمديد تفويض الأمم المتحدة عمليّات الإغاثة الإنسانيّة عبر الحدود السوريّة.
في كلّ الأحوال، يختبر التوتر الإقليمي في سورية القوى العسكرية وأوراقها على الأرض، وتسجل الحالة المعيشية اعترافاتها بالتدنّي يوماً بعد الآخر، بانتقام متعدّد من معظم أطراف الصراع، فهذه المرّة ستكون خريطة درعا وأهميتها الثورية هي غاية التفاوض الحالي، الإجباري، لعلّها تخضع لسيطرة النظام بأي ثمن، حتى لو سرّبوا إليها قوات من “داعش” أو إيران، وبدأ حريقها! فالآن رمزية الثورة السورية، تاريخياً، هي أولوية مخطط السحق في منافسة نظام الأسد والمعارضة، لمحو كل أيقونةٍ يمكن أن تدلّ على أن الشعب قال يوماً: حرية إلى الأبد.
العربي الجديد
———————————–
درعا مهد الثورة السورية على صفيح ساخن: شد وجذب بين النظام والأهالي/ جلال بكور و عدنان أحمد
بعد أكثر من عامين على سقوط محافظة درعا بيد النظام السوري، لا تزال المحافظة تعيش على صفيح ساخن، ولم تعرف الاستقرار ليوم واحد منذ ذلك الوقت، وهو ما فسره البعض بأنه يأتي في سياق انتقام النظام من درعا التي كانت مهد الثورة ضده في مارس/ آذار 2011، حيث شهدت المحافظة بالتوازي مع “الفوضى الأمنية” تراجعًا ملحوظًا على المستوى الخدمي والصحي والتعليمي.
ورغم أن سيطرة النظام على المحافظة عبر “الضامن” الروسي من خلال اتفاقيات التسوية مع فصائل المعارضة، إلا أن هذا الضامن كثيرا ما يتوارى عن المشهد الضبابي في المحافظة، فيما يبرز دور المليشيات التابعة لإيران أو المدعومة منها، وسط تنافس لم يعد خافيا بين هذه المليشيات وتلك التي تدعمها روسيا، وعلى رأسها الفصيل الذي يقوده أحمد العودة، باسم اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس، والمنتشر أساسا في ريف درعا الشرقي.
وإضافة إلى ترحيل المعارضين لاتفاقات التسوية إلى الشمال السوري، قضت تلك الاتفاقات بتسليم السلاح الثقيل والمتوسط والنقاط الحدودية إلى قوات النظام السوري، مقابل التزام تلك القوات بعدم دخول أي نقطة شملها اتفاق التسوية، مثل درعا البلد، إضافة إلى تبييض سجل أي شخص مطلوب للنظام بناء على تلك التسوية، والإفراج عن المعتقلين الذين يقدر عددهم بنحو 4500 معتقل من أبناء المحافظة. لكن النظام وروسيا لم يلتزما بمقتضيات هذه التسوية، وما زالت أجهزة النظام الأمنية تعتقل المدنيين والعناصر السابقين في فصائل المعارضة، بل واعتقلت المئات منهم بعد تلك الاتفاقيات، دون أن تقدم أي معلومات حول مصير المعتقلين السابقين والجدد.
كما لا تزال قوات النظام تطوق مدينة درعا، وهو ما يعتبر مخالفة لاتفاق التسوية الذي التزم به الأهالي، الذين سمحوا بدخول مؤسسات النظام ورفع علمه في معظم مدن وبلدات المحافظة، وحتى تلك التي لم يدخلها النظام برموزه وعلمه، كان عدم الدخول إليها بقرار منه، وليس بسبب ممانعة الأهالي.
كما يرفض النظام حتى الآن إعادة الموظفين إلى أعمالهم وإعادة المهنيين إلى نقاباتهم، فيما لم تحل أيضا قضية المطلوبين للتجنيد الإلزامي في قوات النظام، حيث يعمد الكثير منهم إلى الالتحاق بأجهزة النظام الأمنية أو بالفرقة الرابعة أو بالفيلق الخامس بقيادة العودة، بهدف الخدمة ضمن المحافظة، تفاديا للالتحاق بقوات النظام التي قد تزج بهم في معاركها بعيدا عن محافظاتهم.
ولعل المشهد الأبرز في درعا خلال العامين الماضيين هو “الفوضى الأمنية” عبر الاغتيالات شبه اليومية والتفجيرات التي غالبا ما تنسب لمجهولين، فيما يعتقد على نطاق واسع أن من يقف خلفها هي أجهزة النظام الأمنية المتوزعة الولاء بدورها بين إيران وروسيا، عبر المتعاملين معهما من عناصر المعارضة السابقين، والذين انخرط كثير منهم في تلك الأجهزة أو في الفرقة الرابعة المدعومة من إيران.
ويحاول النظام السوري إحكام سيطرته على كامل محافظة درعا التي ما زال عناصر المعارضة السابقين يحتفظون بأسلحتهم الخفيفة في كثير من مناطقها، وتعد فروع أمن النظام والمليشيات المرتبطة بها أذرع النظام في هذه السيطرة، وهي متهمة بافتعال الخلل الأمني بغية السيطرة بشكل كامل على المحافظة من كل النواحي.
أبرز أذرع النظام
أبرز القوى العاملة على الأرض التي تعمل لصالح النظام في محافظة درعا الأمن العسكري، والفرقة الرابعة، واللجان المحلية، والدفاع الوطني، المدعومة سواء من رجال أعمال النظام أو من إيران أو من روسيا، كلها أذرع للنظام تتغلغل في معظم أنحاء درعا، إلا أن هناك بعض المناطق لم يتمكن النظام من إخضاعها كليا وتعد خزانا بشريا للحاضنة المعارضة للنظام، مثل منطقة درعا البلد والريف الغربي، والتي تصدرت المشهد في معارضة تنظيم انتخابات النظام الرئاسية الأخيرة في مايو/ أيار الماضي.
تنافس إيراني روسي
ولا يخفى أن هناك تنافسا على النفوذ بين قوات النظام في درعا وبين المليشيات المدعومة من إيران وتلك المدعومة من روسيا، ونجحت المليشيات، وبخاصة الفرقة الرابعة والأمن العسكري، المدعومان من إيران، في استقطاب العديد من عناصر التسويات، وتنظيمهم في مجموعات محلية تعمل لصالح النظام، خاصة في عمليات الاغتيال وبث الفتنة بين الأهالي.
من جانبها، تدعم روسيا “اللواء الثامن” التابع للفيلق الخامس في ريف درعا الشرقي، والذي تشكل من فصيل “شباب أهل السنة” المعارض للنظام في بصرى الشام. ومنذ تشكيل هذا اللواء، لم تتوقف أجهزة النظام الأمنية عن محاولاتها لإضعافه، ومجمل القوى التي اختارت مواصلة البقاء في درعا وعدم المغادرة إلى الشمال السوري، ولم تلتحق بالأجهزة الأمنية للنظام، حيث احتفظ عناصر اللواء بأسلحتهم الفردية والمتوسطة في مناطقهم، واستمروا بالتالي بالتمتع بهامش من السلطة في مناطق وجودهم، كما احتفظ اللواء بقوامه التنظيمي، ويسعى إلى توسيع مجال نفوذه المتمركز حاليا بريف درعا الشرقي، إلى الريف الغربي، وبقية أنحاء المحافظة، من خلال عمليات التجنيد المستمرة التي يقوم بها.
ومن أبرز المليشيات المحلية التي أقامتها إيران في الجنوب “لواء العرين”، الذي يبلغ تعداده 600 عنصر، و”لواء درع الوطن”، ويضم نحو 400 عنصر، إضافة إلى مجموعات أصغر، مثل مجموعة بقيادة خالد الحشيش المقربة من الفرقة الرابعة، ومجموعتي أحمد مهاوش وهيثم أبو سعيفان، اللتين تعملان في تهريب المخدرات إلى الأردن لصالح عناصر حزب الله اللبناني، فضلا عن مجموعات أخرى عدة مناطقية، مثل مجموعات سامر الحريري ومحمد الحراكي وفارس الحويلة وعلي العذبة.
وبدأ النظام منذ قرابة أسبوعين بحصار منطقة درعا البلد بعد رفضها عرضا من الجنرال الروسي المسؤول عن المنطقة والذي يدعى “أسد الله”، وكان العرض يطالب الأهالي بتسليم السلاح الخفيف الموجود بحوزتهم مقابل سحب النظام المجموعات المحلية المسلحة التابعة له، وأبرزها تلك المجموعات التابعة للنظام، والتي تشكلت بعد اتفاق “التسوية”، ومنها مجموعة مصطفى المسالمة، المعروف بـ”الكسم”، التابع للأمن العسكري، والذي يتخذ من حي المنشية وجمرك درعا القديم مقرًا لمجموعته. وهناك أيضا مجموعة القيادي شادي بجبوج، الملقب بـ”العو”، التابع للأمن العسكري أيضا، والخلية الأمنية التي يديرها المدعو وسيم العمر المسالمة، وهو قيادي يعمل لدى المليشيات الإيرانية، والمجموعة التي يتزعمها محمد بسام تركي المسالمة التابعة للفرقة الرابعة.
إخضاع درعا البلد
وفي الجانب الآخر، تشكلت اللجنة المركزية في درعا البلد في أكتوبر/ تشرين الأول 2018، من ناشطين ورجال دين وشيوخ عشائر وقادة فصائل سابقين، وأبرز أعضائها المحامي عدنان المسالمة، والدكتور زياد المحاميد، والشيخ فيصل أبازيد، والقيادي أبو منذر الدهني.
ويسعى النظام حاليا للسيطرة على درعا البلد عبر حصار المنطقة، بعدما أقدم سابقا على قتل القياديين البارزين بالمنطقة، وأبرزهم أدهم الكراد. وبحسب مصادر، فإن أبرز المتهمين بقتل الكراد هو العميد لؤي العلي، رئيس فرع الأمن العسكري في المنطقة. وكان الكراد قد قتل في 14 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بهجوم طاوله برفقة القيادي السابق في فيلق “أحفاد الرسول” أبو طه المحاميد وثلاثة أشخاص آخرين، كانوا متجهين من دمشق إلى درعا بعد مقابلة مسؤولين في النظام للتفاوض حول ملفات تخص درعا.
ومنذ عقد اتفاقية التسوية في يوليو/ تموز 2018، جندت الأجهزة الأمنية التابعة للنظام لجانا محلية وسلمتها السلاح والبطاقات الأمنية بهدف القيام بأعمال أمنية لاغتيال القياديين والعناصر السابقين في فصائل المعارضة بدرعا البلد وبقية المناطق، راح ضحيتها المئات من أبناء المنطقة الذين فضلوا البقاء في المنطقة وعدم الانضمام للنظام السوري عقب التسوية، أو التهجير إلى الشمال السوري.
وسجل مكتب التوثيق في “تجمع أحرار حوران” 700 عملية ومحاولة اغتيال منذ عقد اتفاقية التسوية حتى منتصف الشهر الماضي استهدفت قياديين ومقاتلين سابقين في فصائل المعارضة إضافة لوجهاء في المنطقة، في حين زاد عدد المعتقلين لدى النظام السوري منذ اتفاقية التسوية عن 2400 معتقل من أبناء المحافظة، بحسب توثيق المكتب.
مستقبل المحافظة
ورغم أن محافظة درعا تشهد منذ سيطرة قوات النظام عليها “فوضى أمنية” يعتقد أنها مدروسة حتى باتت مسرحا للاغتيالات والجرائم وعمليات التصفية، إلا أن الجديد في التطورات الأخيرة، كما يقول الناشط الصحافي محمد الشلبي في حديثه مع “العربي الجديد”، هو أن كل “الأطراف” المتداخلة في مصالحها وصراعاتها، باتت أكثر نشاطا، وأكثر استعدادا لدفع الأمور إلى مستويات جديدة من التصعيد قد تنتهي إما بسيطرة أكثر إحكاما لقوات النظام على المحافظة، أو بالمزيد من التهميش لتلك القوات، وعودة ظهور الفصائل المسلحة على وقع “الفوضى الأمنية” التي تشكل أحد أشكال انتقام النظام من محافظة درعا بوصفها مهد الثورة السورية.
ورأى الشلبي أن النظام سيمضي في كل الحالات في تصفية أبرز رموز المعارضة المسلحة والناشطين والإعلاميين ممن كان لهم دور في تحدي نفوذه خلال السنوات الماضية، معتبراً أن الطلب الروسي لتسليم السلاح الخفيف في كل من درعا والصنمين هو محاولة لتطويع المنطقتين، وخاصة درعا البلد، التي انطلقت منها شرارة الثورة ضد النظام عام 2011، ومن ثم الانتقال إلى باقي المناطق، كريف درعا الغربي وشمالي درعا.
————————————-
درعا مهد الثورة تحت الحصار/ حسان الأسود
شهدت محافظة درعا حراكاً شعبياً واضحاً ومميزاً في مواجهة انتخابات الرئاسة السورية، ووصف العديد من أبناء المحافظة هذا الموقف بأنّه الحالة الطبيعية بعد ما قدّمه الناس هناك منذ انطلاق الثورة على أراضيها في آذار 2011. وقد تعامل النظام بشكل مضطرب مع هذا الواقع، فبدا كأنه لم يتوقع هذا الأمر، خاصّة أنه ركَنَ إلى غرور انتصاراته العسكرية بدعمٍ مكثّفٍ من حلفائه، وبموافقة ضمنية، إن لم تكن علنية ممن وُصِفوا ذات يوم بأنهم أصدقاء الشعب السوري.
انتظر النظام أياماً عديدة قبل أن يبدأ بالتضييق على أهالي المحافظة عموماً، وعلى أهالي درعا البلد مهد الثورة ورمز بقائها وصمودها خصوصاً. من المهم توصيف حالات التضييق هذه بالقدر اللازم لفضح الأساليب الهمجية للنظام ومن خلفه الروس، ولإيضاح الآثار الخطيرة بعيدة المدى على الناس هناك، مع التضامن الكامل مع أهلنا المحاصرين.
أغلقت قوات النظام العسكرية والأمنية الطرقات على بقعة واسعة من مدينة درعا، تشمل أحياء البلدة القديمة والعباسيين والمنشية والأربعين والكرك وطريق السد والمخيم ومزارع الشياح والنخلة والخوابي والرحية، ويسكن في هذه المناطق ما يقرب من أربعين ألف نسمة حسب تعداد غير رسمي. منعت هذه القوات خروج الناس من هذه الأحياء ودخولهم إليها. لا يوجد سبيل للمرضى لتلقي العلاج أو الحصول على الأدوية، لا مجال لوصول المواد الغذائية الآن، وأساساً لا توجد خدمات تقدمها الدولة في هذه المناطق، فكان السكان مضطرين للخروج إلى مناطق سيطرة النظام التقليدية للتسوّق والعلاج والعمل.
سيعيش أهلنا في المناطق المحاصرة حالة ضنك شديدة لكنهم لن يستسلموا، خاصّة إذا عرفنا أنّ أهل المناطق الثائرة في سوريا كلها كانوا قد مرّوا بأوقات عصيبة، تعتبر هذه بالمقارنة معها “لعب عيال” كما يحلو لإخوتنا المصريين وصف مُستسهل المصائب. لكنّ ذلك يفرض على السوريين جميعاً أن يهبّوا لنجدة أهلهم بكل الطرق الممكنة، وسيكون لنا في مقال آخر حديث عن الأدوات الممكن استخدامها لتحقيق هذه الغاية.
جاءت حالات التصعيد هذه المرّة بأوامرَ من الجنرال الروسي المفوّض في المنطقة الجنوبية، فقد طُلب من الأهالي عبر الوجهاء المحليين وقادة الرأي تسليم السلاح الفردي الموجود بشكل طبيعي بكل بيت في سوريا خاصّة بعد اندلاع الثورة وتحوّلها إلى المسار العسكري. وبالطبع كان الرفض هو ما سمعه الروس والنظام من خلفه.
لفهم طبيعة الأمور وآلية التعامل بين الأهالي من جهة والنظام والروس من جهة ثانية لا بدّ من شرح بعض النقاط الهامة. فالروس يتلقون التقارير المكتوبة من أجهزة مخابرات النظام، وهذه التقارير تتضمن بكل تأكيد معلومات خاطئة ومضللة ومحرّفة عن عمدٍ وسابق تصميم، فتصف الأهالي بالإرهابيين. ما يقوم به الأهالي بالمقابل، شرح الواقع الحقيقي للجنرالات الروس خلال مقابلاتهم الوجاهية، ويأخذونهم في جولات ميدانية لتعزيز قناعاتهم. المشكِلة أنّ الضباط الروس بالعموم مرتشون وفاسدون، لذلك يتمّ استغلال هذا الأمر من قبل مخابرات النظام بحيث تتكامل الرشى مع التقارير الحاقدة لتأخذ مفعولها. وقد تنبّهت القيادة الروسية العليا لهذا الأمر، فأصبحت تغيّر قادتها الميدانيين كل ثلاثة أشهر، وهذا ما خلق صعوبات جمّة أمام الأهالي ببناء علاقات ثقة مبنية على الاحترام خلال هذه الفترة القصيرة. فكانت الأزمة الحالية نتيجة تبني الجنرال الروسي لرواية النظام بشكل مطلق.
يدرك السوريّون أينما كانوا أنّ الحال في سوريا لن يعود إلى سابق عهده قبل الثورة، فالنظام وإن استطاع استعادة كثير من المدن والقرى التي خرجت عن سيطرته، إلا أنّه بات عاجزاً عن استعادة هيبته ورهبته في عيون السوريين. لم يبق له من ستر سوى القوّة العارية المدعومة بسلاح الجو الروسي وبميليشيات إيران الداعمة لقبضة أجهزته الأمنية والعسكرية، وكلّ هذا لم يمكّنه من إجبار أهالي حوران على المشاركة في انتخاباته المزيّفة.
في الجنوب السوري حراك شعبي لم ينقطع، وفي حوران بالأخص إصرار على إيصال الرسالة للعالم أجمع بأنّ الشعب لا ينهزم، هي إرادة الحياة الحرّة مقابل إرادة القهر والاستعباد. لكنّ هذا وحده لا يكفي كما قلنا سابقاً، يجب أن يتحرك السوريون بما يمكنهم لمنع تكرار حالات الحصار المريرة التي شهدتها مدن الغوطة وريف دمشق وحمص من قبل. يجب على القوى الوطنية السورية المسارعة إلى مخاطبة الدول الفاعلة في الملف السوري والهيئات الدولية لمنع النظام من التمادي بهذا الحصار ووقفه على الفور.
لقد بادر المجلس السوري للتغيير بعقد لقاءٍ يوم الإثنين في 28/6/2021 بين القوى المحلية في محافظة درعا، ضمّ وجهاء محليين وقادة رأي من أهل المحافظة المقيمين في الخارج والداخل. ويحضّر المجلس أيضاً لعقد لقاء للقوى الوطنية السورية يومي السبت والأحد في الثالث والرابع من تموز الجاري، لاستكمال سبل التواصل وتفعيل آليات مناصرة أهلنا المحاصرين.
انتظر السوريون عموماً نتائج قمّة بايدن – بوتين، ومن حقهم أن يبحثوا عن أمل ضائع في ثنايا المصالح الدولية المتشابكة. ورغم ضآلة حجم المشهد السوري على خريطة الدول العظمى، فإنّ المشهد هذا هو ذاته كلّ شيء بالنسبة للسوريات والسوريين، إنّه وجودهم ومصيرهم ومستقبلهم. لكن يبدو أنّ الروس لم يفهموا، أو بالأحرى لا يريدون أن يفهموا، أنّ الأسباب التي دفعت السوريّين للثورة ضدّ نظام الأسد قد تضاعفت آلاف المرّات عمّا كانت عليه قبل عقد من الزمن. إنّ مقاربتهم للأمور من منطلق ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة – التي تتجسد سورياً ببشار كما تتجسد روسياً ببوتين – لم يعُد يعني السوريين – كلّ السوريين – بأي شيء، فأين هي الدولة وأين هي المؤسسات، حتى بالنسبة للحاضنة الحقيقية للنظام؟ لقد تبخّرت مع الزمن وباتت شيئاً من الماضي والذكريات، ولولا أجهزة الأمن والقوّة المسلّحة الصرفة لما بقي في سوريا إنسان واحد ليحكمه الأسد وحلفاؤه.
من هنا، وجب علينا أن نعمل لتحقيق أهدافنا دون أن ننتظر شيئاً كثيراً من المحتل الروسي أو من غيره، السياسة مصالح، ومصلحة السوريين في نظر السوريين فوق كل اعتبار وهكذا يجب أن تبقى. إنه نداء الواجب الوطني والثوري، فدرعا لا تمثّل أهلها ولا نفسها، درعا تمثّل سوريا الحرّة، درعا تمثّل الثورة، وواجب الدفاع عن سوريا وعن الثورة ليست مهمة أهالي درعا فقط، إنها مهمّة كلّ السوريات والسوريين. يجب كسر الحصار عن درعا مهد الثورة، وعلينا أن نبذل ما في وسعنا وأكثر للقيام بذلك، وإلا فإنّ لعنة جديدة للتاريخ ستلحقنا كما لحقتنا يوم خذلنا القصير وحمص وحلب والغوطة.
تلفزيون سوريا
———————————-
تظاهرات جنوبي سورية رفضاً لحصار درعا البلد من قبل قوات النظام/ عبد الله البشير
تظاهر مئات السوريين، اليوم الجمعة، في محافظة درعا، جنوبي البلاد، رفضاً للحصار الذي تفرضه قوات نظام بشار الأسد وروسيا على منطقة درعا البلد في المحافظة، فيما نظّم 2500 من العاملين الإنسانيين سلسلة بشرية في محافظة إدلب شمال غربي البلاد، للمطالبة بتمديد قرار إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود.
وقال الناشط محمد الحوراني، لـ”العربي الجديد”، إنّ مئات المدنيين تظاهروا في ساحة المسجد العمري في منطقة درعا البلد، احتجاجاً على الحصار المفروض من قِبل النظام السوري وروسيا على المنطقة، منذ يوم الإثنين الفائت، ومنع دخول المواد الطبية والغذائية إليها.
وأوضح أن المتظاهرين رفعوا رايات وردّدوا شعارات تطالب بإسقاط النظام ورئيسه بشار الأسد، وأكدوا على الاستمرار بالثورة، وفق المبادئ والأهداف التي خرج من أجلها السوريون، مشددين في الآن نفسه على ضرورة الإفراج عن المعتقلين القابعين في أقبية النظام.
كما شهدت مدينة طفس غربي درعا تظاهرة أخرى، أكد فيها المتظاهرون على ضرورة فك الحصار، فيما نظّم أهالٍ وقفة احتجاجية ضد الحصار في بلدة بصرى الحرير شرقي المحافظة.
وما زالت قوات النظام تفرض حصاراً خانقاً على درعا البلد، وتمنع الأهالي من الدخول أو الخروج، وتمنع إدخال جميع المواد الغذائية والطبية.
ومنذ يوم الإثنين الماضي، قامت قوات النظام بتدقيق أمني للهويات الشخصية في مدخل مدينة درعا الشرقي، ومنعت أهالي درعا البلد من الدخول إلى المدينة وأرغمتهم على العودة، بحسب “تجمع أحرار حوران”.
وأشار التجمع حينها إلى أنّ الهدف من الخطوة “هو تضييق الخناق على أهالي درعا البلد، التي فرض عليها حصار تام، منذ 24 يونيو/ حزيران الجاري، عقب رفض الأهالي تسليم السلاح الخفيف، وتفتيش منازلهم من قبل الأجهزة الأمنية دون سبب، إضافة إلى رغبة النظام في الانتقام من المنطقة على خلفية رفضها المشاركة في مسرحية الانتخابات الرئاسية”.
وبحسب المصدر ذاته، فإنّ جنرالاً روسياً يدعى “أسد الله” وهو مسؤول الشرطة العسكرية الروسية بالمدينة، هدد الأهالي بجلب تعزيزات من المليشيات الإيرانية إذا لم ترضخ المنطقة لمطالبه بتسليم 200 بارودة، و20 رشاشاً من نوع “بيكسي” (BKC)، وتعزيز جمرك درعا بعناصر روسية.
وفي محافظة إدلب شمال غربي سورية، نظّم 2500 شخص من المتطوعين والعمال الإنسانيين والكوادر الطبية “سلسلة بشرية” بطول خمسة كيلومترات على طريق معبر باب الهوى، للمطالبة بتمديد قرار إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود، وإنقاذ شريان الحياة لما يقارب أربعة ملايين شخص في المنطقة.
ويستعد مجلس الأمن الدولي للتصويت على مشروع قرار لتمديد إدخال المساعدات العابرة للحدود التي تنتهي في 10 يوليو/ تموز الجاري، وسط خشية من فيتو روسيا التي أبدت رغبتها في إغلاقه، لتصبح بذلك كل معابر المساعدات إلى سورية مقفلة، باستثناء تلك التي تمرّ عبر دمشق.
وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، في بيان، أمس الخميس، من “تأثير مدمر” على 1.7 مليون طفل سوري في حال فشل مجلس الأمن الدولي في تمديد التفويض لإدخال المساعدات إلى سورية عبر معبر باب الهوى بين تركيا ومحافظة إدلب.
كما دعت مجلس الأمن إلى “تفويض المساعدة عبر الحدود وتوسيعها وذلك لمدة 12 شهراً، وأكّدت أن كل وسائل المساعدة عبر الحدود وعبر خطوط القتال، ضروريّة لتلبية الاحتياجات المتزايدة والسّماح للشّركاء في المجال الإنساني بتقديم المساعدة للأطفال المحتاجين أينما كانوا في البلاد”، مشيرة إلى أن “حياة ملايين الأطفال في سورية تعتمد على هذا القرار”.
العربي الجديد
——————————————
الأسد يطالب أهالي الصنمين بتسليم أسلحة..غير موجودة!
طالبت قوات النظام السوري المقاتلين المحليين في مدينة الصنمين في الريف الشمالي من محافظة درعا، ممن يحملون بطاقات تسوية ومصالحة تسليم أسلحتهم. ونشر النظام نسخة من اللوائح التي تضم 97 اسماً من أبناء المدينة، في الوقت الذي تواصل قوات الأسد حصارها لدرعا للأسبوع الثاني على التوالي.
ِوأفاد “تجمّع أحرار حوران” بأن ميليشيات الأسد مددت المهلة المحددة من أجل تسليم أسلحتهم الفردية حتى الخميس 8 تموز/يوليو. وقال إن “ضباطاً من الأجهزة الأمنية إدّعوا وجود أسلحة فردية في المدينة تشمل رشاشات كلاشنكوف ومسدسات، يجب تسليمها لهم في حلول يوم الخميس القادم، مهدّدين بحملة عسكرية على المدينة، إذا لم يتم ذلك”.
وأضاف التجمّع أن “هناك أكثر من 25 إسماً لأشخاص مدنيين، وجهت لهم تهمة حيازة السلاح على الرغم من عدم امتلاكهم أي نوع منه، كما تحوي على اسم قتيل من الجيش الحر سقط على يد النظام على طريق كفر شمس-الصنمين قبل نحو خمسة أعوام، وهو محمد عمر العثمان”.
وعن بقية الأسماء أشار إلى أنها لعناصر سابقين في فصائل المعارضة سلّموا أسلحتهم لفصائلهم، ولم ينضموا لأي تشكيل عسكري يتبع للأجهزة الأمنية، الأمر الذي يؤكد نية النظام الانتقام منهم، كونهم لا يملكون أسلحة ليسلموها.
ونشر موقع “درعا 24” المتخصص بنقل أخبار المحافظة، معلومات عن اجتماع عقده مسؤولون أمنيون للنظام في مقر “الفرقة التاسعة” بالصنمين، طالبوا خلاله وجهاء محليين يعملون مع أجهزة النظام بتسليم السلاح من قبل سكان المنطقة مقابل عقد تسوية جديدة.
وخرج أهالي محافظة درعا خلال الأيام الماضية بوقفات احتجاجية في مناطق متعددة من محافظة درعا نصرة لدرعا البلد، في بلدات حوض اليرموك، والمزيريب، وتل شهاب، كما انتشرت كتابات على الجدران تناصر الأهالي وتهدد النظام في حال قرر اقتحامها. كما خرج المئات من أبناء مدينة درعا البلد بمظاهرات شعبية في ساحات المسجد العمري، الذي شهد الشرارة الأولى للثورة السورية، ورفع المتظاهرون لافتات كُتب عليها “صامدون هنا”، في إشارة إلى البقاء على مواقفهم رغم الحصار.
كما شهدت مدينتا طفس والحراك مظاهرات شعبية دعماً للمناطق المحاصرة، وسط مشاركة من قادة سابقين في فصائل المعارضة السورية التي كانت تسيطر على مناطق واسعة من الجنوب السوري قبل حوالي ثلاثة أعوام.
وكانت “اللجان المركزية” في درعا أصدرت بياناً قبل أيام، رداً على مطالبات النظام بتسليم السلاح الفردي، قالت فيه إنها لا تمتلك أي نوع من أنواع الأسلحة، إذ سلّمت فصائل المعارضة سلاحها في تموز 2018، بعد سيطرة النظام على محافظة درعا.
——————————-
النظام السوري يمهد لتكرار سيناريو درعا في الصنمين/ عدنان أحمد
نشر النظام السوري لوائح بنحو 100 اسم من المطالبين بتسليم أسلحتهم في مدينة الصنمين غربي محافظة درعا، في مؤشر على نيته التصعيد ضد هذه المدينة على غرار تعامله مع منطقة درعا البلد.
وذكر “تجمع أحرار حوران” أنه حصل، مساء أمس، على لوائح الأسماء التي نشرتها قوات النظام في مدينة الصنمين للمطالبين بتسليم أسلحتهم قبل يوم الخميس المقبل.
ونقل الموقع عن مصدر خاص لم يسمّه، من أبناء مدينة الصنمين، قوله إن ضباطاً من الأجهزة الأمنية زعموا وجود أسلحة فردية في المدينة تشمل رشاشات كلاشنكوف ومسدسات، يجب تسليمها لهم حتى الخميس المقبل، مهدّدين بحملة عسكرية على المدينة، إذا لم يتم ذلك.
وأشار إلى أن القوائم المنشورة احتوت على أكثر من 25 اسماً لأشخاص مدنيين وجهت إليهم تهمة حيازة السلاح على الرغم من عدم امتلاكهم أية أسلحة. كما ورد في اللوائح اسم شخص قُتل قبل خمس سنوات على طريق كفر شمس – الصنمين. وتعود الأسماء المتبقية لمقاتلين سابقين في صفوف المعارضة السورية التي كانت تسيطر على المدينة، لكنهم سلموا أسلحتهم لفصائلهم، ولم ينضموا لأي تشكيل عسكري يتبع للأجهزة الأمنية، الأمر الذي يشير إلى نية النظام الانتقام منهم، إذ إنهم لا يملكون أسلحة ليسلموها.
ولا تضم القائمة أي اسم لعناصر اللجان المحلية التي تعمل لصالح جهاز الأمن العسكري في المدينة ممثلة بمجموعة يقودها المدعو علي عباس وأخرى يقودها علاء جمال اللباد (الجاموس)، والمتورطة في سلسلة انتهاكات بحق أبناء المدينة، من بينها عمليات اغتيال بحق معارضين للنظام، إضافة إلى المشاركة في عمليات الاعتقال لصالح النظام.
ولا يستبعد ناشطون قيام النظام في المرحلة المقبلة بتصوير عدد من الأسلحة الفردية والزعم بأنه تم تسليمها من أبناء الصنمين، وبث ذلك عبر وسائله إعلامه من أجل ترويج الفكرة في بقية المناطق.
وقال الناشط محمد الشلبي، لـ”العربي الجديد”، إن الأجهزة الأمنية التابعة للنظام، وبالتنسيق إما مع روسيا أو إيران، تسعى جاهدة لإحكام قبضتها على محافظة درعا، والإمعان في معاقبة أهلها، كونها كانت مهد الثورة ضدها، إضافة إلى رفض أبناء المحافظة انتخابات النظام الرئاسية الأخيرة.
وأذاعت مساجد الصنمين في 30 يونيو/ حزيران المنصرم عبر مكبرات الصوت، إنذاراً لسكان المدينة لتسليم أسلحتهم خلال 72 ساعة، بالتزامن مع الحديث عن نية قوات النظام إجراء تسوية جديدة لأبناء المنطقة، وذلك بالتزامن مع اجتماع عقده مسؤولو النظام في مقر “الفرقة التاسعة” بالصنمين، طالبوا خلاله بتسليم السلاح من قبل سكان المنطقة مقابل عقد تسوية جديدة.
وكانت قوات النظام قد شنّت عملية عسكرية على مدينة الصنمين في مارس/ آذار العام الماضي للسيطرة على الأحياء الخارجة فيها عن سيطرة النظام، أفضت إلى تهجير 21 مقاتلاً من أبناء المدينة إلى الشمال السوري، واعتقال العشرات، إضافة إلى فرض اتفاق تسوية جديد للراغبين بالبقاء في المدينة.
كذلك سبق لقوات النظام أن فرضت الحصار على منطقة درعا البلد بعد رفض “اللجنة المركزية” في المنطقة التي تتولى التفاوض مع النظام تسليم أسلحة فردية للجانب الروسي.
ويشارك المئات من أبناء محافظة درعا، وفي مناطق عدة، في مظاهرات ووقفات احتجاجية نصرة لدرعا البلد، فيما انتشرت كتابات على الجدران تناصر الأهالي وتهدد النظام في حال إقدامه على اقتحامها.
وسيطرت قوات النظام السوري على محافظتي درعا والقنيطرة في يوليو/ تموز 2018 وفرضت تسوية بضمانة روسية، كان أهم بنودها الإفراج عن المعتقلين وسحب الجيش لثكناته العسكرية وإلغاء المطالب الأمنية وعودة الموظفين المفصولين مقابل تسليم السلاح الثقيل والمتوسط الذي كان تمتلكه الفصائل في درعا، وهي بنود لم يلتزم بها النظام وروسيا.
في غضون ذلك، استقدمت قوات النظام خلال الساعات الماضية تعزيزات عسكرية إلى مواقعها في مدينة جاسم شمال درعا، حيث وصل جنود وتم توزيعهم على الحواجز والنقاط العسكرية في المدينة، وفق “المرصد السوري لحقوق الإنسان”.
وذكر المرصد أنه عثر على جثة شخص مقتول بالرصاص وعلى جسده آثار تعذيب عند أطراف بلدة المسيفرة في ريف درعا الشرقي.
وكانت عبوة ناسفة قد انفجرت أمس السبت في سيارة عسكرية لقوات النظام في ريف درعا الغربي، ما أدى لوقوع جرحى في صفوفها ركابها، وفق مواقع محلية.
وفي شمالي البلاد، قصفت قوات النظام بالمدفعية قريتي الرامي وكفرشلايا جنوبي إدلب، فيما دارات اشتباكات فجر اليوم الأحد على المحاور الغربية لناحية عريمة بريف منبج، شرقي حلب، بين القوات التركية وفصائل الجيش الوطني من جهة وقوات “مجلس منبج العسكري” من جهة أخرى، ترافقت مع قصف متبادل وسط معلومات عن سقوط خسائر بشرية.
——————————-
النظام يستخدم سياسة جديدة لإفراغ درعا من السلاح.. وتصعيد مستمر في إدلب/ محمد الأحمد
شنّت قوات النظام السوري الإثنين، حملة دهم واعتقال طاولت منازل المدنيين في مدينة الشيخ مسكين بالريف الشمالي الغربي لمحافظة درعا جنوب سورية، فيما تمكنت فصائل المعارضة السورية من تدمير دشمة عسكرية لقوات النظام بداخلها قاعدة إطلاق صواريخ حرارية، إثر استهدافها بصاروخ موجه على مقربة من خطوط التماس جنوب محافظة إدلب.
وقال عامر الحوراني الناطق الرسمي باسم “تجمع أحرار حوران” في حديث لـ “العربي الجديد”، إن مجموعات من فرع “المخابرات الجوية” التابع للنظام، داهمت العديد من منازل المدنيين في مدينة الشيخ مسكين شمال غربي محافظة درعا، واعتقلت عددا من المدنيين بينهم طاعنان بالسن تتجاوز عمرهما الـ70 عامًا.
وأضاف الحوراني، أن النظام يحاول الضغط حالياً على درعا البلد ومدينة الصنمين من خلال التضييق الأمني على شباب درعا، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يمنع الشباب من التجوال بأريحية وخاصةً من كان منهم سابقاً ينتمي إلى فصائل المعارضة السورية، وكذا الشبان من أصحاب النشاط والحراك الثوري.
ولفت الناطق الرسمي إلى أن “الهدف من هذا الضغط هو تفريغ محافظة درعا من الأسلحة”، مؤكداً أن النظام يتبع سياسة جديدة في درعا، تتمثل بالضغط على أهالي المدنيين المعتقلين من أجل تسليم أسلحة خفيفة مقابل إطلاق سراحهم، الأمر الذي يُجبر أهل المعتقل على شراء سلاح أو جلب أسلحة من الأهالي لضمان الإفراج عن المعتقل، وهو ما يراه الحوراني ضمن محاولة تفريغ مدينة درعا من السلاح واحتواء المحافظة أمنياً بشكلٍ أكبر.
إلى شمال غرب سورية، أوضحت مصادر عسكرية في المعارضة السورية لـ “العربي الجديد”، أن “فرقة القوات الخاصة” العاملة ضمن تكتل “الجبهة الوطنية للتحرير”، تمكنت من تدمير قاعدة إطلاق صواريخ حرارية من نوع “كورنيت” كانت مثبتة داخل دشمة عسكرية لقوات النظام على جبهة الملاجة القريبة من مدينة كفرنبل جنوب محافظة إدلب، بعد استهدافها، مساء الإثنين، بصاروخ موجه من نوع “تاو”، مؤكدةً أن الاستهداف أدى لمقتل عنصرين يتبعان لـ “الفرقة ٢٥ مهام خاصة” المدعومة من روسيا.
تزامن ذلك مع قصف مدفعي وصاروخي طاول العديد من القرى والبلدات في جبل الزاوية جنوب إدلب وسهل الغاب بريف حماة الغربي القريبة من خطوط الاشتباك بين قوات المعارضة والنظام، فيما لم يسفر القصف عن وقوع إصابات بشرية.
العربي الجديد
——————————–
بيان للمجلس السوري للتغيير حول لقاء الشخصيات الوطنية مناصرة لأهل درعا البلد
أصدر المجلس السوري للتغيير مساء اليوم الأثنين بيانا، عقب انتهاء لقاء الشخصيات السياسة والفكرية والثقافية والدبلوماسية والوجهاء الوطنية السورية نصرة لأهل درعا البلد ضد الحصار الجائر المفروض عليها من قبل قوات الأسد والمحتل الروسي والميليشيات الإيرانية ، وفيما يلي نسخة من البيان وصورة عنه كما وصلتا لموقع “سوريتنا” : ” بدعوة من المجلس السوري للتغيير، ودعماً لمدينة درعا مهد الثورة، تمّ في الخامس من تموز الجاري عقد لقاءٍ جمع العديد من الشخصيات السياسية المستقلة وسيّدات من الحركة النسوية وقادة رأي من السوريات والسورييّن، بينهم أكاديميون ودبلوماسيون منشقون وكتّاب ومثقفون.
تحدّث ممثلو القوى الثورية في الداخل المحاصر عن صمودهم رغم التضييق الشديد، وطالبوا المجتمعين بنقل مطالبهم بفك الحصار، وإيصال صوتهم إلى كافة الأوساط الدولية المعنية بالنزاع السوري والمسؤولة عن حفظ الأمن والسلم الدوليين.
جرى في اللقاء مناقشة سُبلِ الدعم والمناصرة المختلفة، وتمّ التأكيد على رفض أي مساومات على حساب السكان العزّل، وتمّ الاتفاق على تحميل الجانب الروسي مسؤولية تنفيذ ضماناته التي قدّمها للمدنيين.
كما أبدى جميع الحضور التزاماً كاملاً بالوقوف إلى جانب مهد الثورة وشعلتها، من خلال مخاطبة الرأي العام العالمي والتأثير في مراكز صنع القرار الدولي.
أكد المجتمعون ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمهامه وواجباته تجاه الشعب السوري، وطالبوا القوى الدولية بالالتزام بحماية المدنيين استناداً لأحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
وطالب المجتمعون أخواتهم السوريات وإخوتهم السوريين جماعاتٍ وأفراداً بالوقوف مع مهد الثورة وأهلها، واتخاذ ما يمكنهم من خطوات لفضح أساليب الحصار والقمع التي يستخدمها النظام وحلفاؤه ضدّ المدنيين العزّل.
في 5 / 7 / 2021
المجلس السوري للتغيير “
===================
تحديث 08 تموز 2021
—————————–
درعا… وفخ “العودة للبدايات”/ إيلي عبدو
جعل كتّاب سوريون من حصار “درعا البلد” وانقلاب الروس على تسوية تخول سكانها الاحتفاظ بالسلاح، حدثا يفتح الاحتمالات لعودة المدينة السورية التي انطلقت منها شرارة الحراك المعارض، إلى البدايات، أي الاحتجاجات الأولى التي سبقت التسليح والحرب الأهلية والتدخلات الإقليمية. واستدل هؤلاء في كتاباتهم على محطات اعتراضية مرّت بها المدينة، رغم ما قاسته من قمع واقتحامات، فتجمع عدد من مواطنيها بالتزامن مع “الانتخابات الرئاسية”، لتظهير موقف معارض، ندر حدوثه، باستثناء إدلب.
أصحاب هذا الطرح لا يغفلون فقط، عن أن ما يحصل في درعا أو حصل، هو جزئي يتعلق بقسم من المدينة، وانعكاس لسياسة قضم روسية تعمل على مراحل، لكنهم يجعلون، هذا الجزئي كُلاً، ويحيلونه إلى زمن الانتفاضة الأول، عبر نكران التحولات التي مرّت منذ 2011 ليس في درعا فقط، وإنما في سوريا كلها. ودرعا انطلاقا من التحولات تلك، لم تعد جزءاً من مشهد عام يتعلق بالانتفاضة، بل هي ملف بأيدي الروس، تماما كما أن إدلب ملف في إيدي النصرة والروس والأتراك. تحوّل المدن المنتفضة من بشر يتظاهرون رفضا للظلم، إلى ملفات بأيدي الدول الفاعلة في المسألة السورية، واحد من نتائج هزيمة الانتفاضة، التي لا يكتفي البعض بعدم الاعتراف بها، بل يعمد، في كل حدث أو تحوّل، إلى ضخ راهن الهزيمة بأحداث من ذاكرة الانتفاضة، جاعلا أي تظاهرة جزئية، أو اعتراض أهلي تجديداً لـ2011.
يحصل ذلك، بدون الاستفادة، من تجارب سابقة، فقبل أشهر خرجت تظاهرات في مدينة السويداء، احتجاجاً على الوضع الاقتصادي المتردي، ما دفع معارضين إلى وضعها في سياق استئناف البدايات، بدون الانتباه إلى التركيبة الطائفية للمدينة، وعلاقتها مع محيطها، خصوصاً بعد سنوات على حرب أهلية، وسعت الفجوات بين الجماعات في سوريا. وبعد أن خمدت احتجاجات السويداء، التي غالبا ما تتعامل معها السلطة بالترغيب والترهيب، لم تجر أي مراجعة أو تدقيق، برواية المعارضة، حول ما حصل في المدينة، عبر وضع الاحتجاجات في إطار موضوعي، يتعلق بتحسين ظروف سكانها، وليس اعتراضا سياسيا، لا يملك حاملا موضوعياً، بحكم تركيبة المدينة وهواجس أهلها. بالنتيجة، فإن رد أي تظاهرة أو اعتراض، لبدايات الانتفاضة، ليس فقط انفصالا عن تحولات هائلة حصلت منذ 2011، بل كذلك فصل الحدث عن خصوصيته التي تتعلق بتركيبة وحسابات، من يقوم به. وهذا استمرار لتقليد معارض خلق حالة استواء بين السوريين، تتجاهل خصوصياتهم، وأسباب نقمة كل منهم على السلطة، حتى بالمعنى المناطقي، بحيث تحوّلت الانتفاضة إلى وعاء زائف يسع الجميع، بمعزل عن شقاق المجتمع وفجواته. وفي كل مرة يتم فيه ربط الأحداث بالبدايات، يجري تضييع فرصة جديد لبناء وعي يلحظ التحولات، ويبني عليها بدون أوهام وبحث عن انتصارات تعويضية، والأرجح أن الفرص المفّوتة، هي التي جعلت قسماً من أهل درعا عرضة من جديد للحصار، ذاك أن الوعي الكلي المترفع عن المكاسب الصغيرة، وعن الخصوصيات المحلية، نتيجته الطبيعية، الانتصار الكامل أو الهزيمة الكاملة، والأخيرة هي الأقرب إلى أوضاعنا في سوريا.
القدس العربي
——————————–
النظام يشدد حصاره لدرعا..ويوسّع قائمة المطلوبين
شددت قوات النظام السوري حصارها الخانق على درعا البلد، وشنّت سلسلة اعتقالات في مناطق أخرى بريف المحافظة، في الوقت الذي أضافت أسماء جديدة إلى قائمة المطلوبين.
وذكر “تجمع أحرار حوران” أن الحصار مازال مستمراً على درعا البلد للأسبوع الثاني على التوالي، حيث تمنع قوات الظام دخول المواد الغذائية والأدوية إلى البلدة مع إغلاق جميع المنافذ والتضييق الأمني على المارة، وذلك لإجبار الأهالي على تسليم السلاح الفردي. كما استهدفت قوات النظام ورشة ترميم لأحد المنازل في الكرك أحد أحياء درعا البلد، بالرصاص المباشر، ما دفع العمال إلى الهرب وترك مكان عملهم.
كما شهدت مدينة درعا المحطة قدوم تعزيزات عسكرية من مدينة إزرع شمال درعا، من قوات “اللواء 313” التابع للحرس الثوري الإيراني في سوريا، كما أغلقت قوات النظام جميع الطرق المؤدية لمدينة درعا البلد.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن قوات النظام المتمركزة في قطاع المشفى الوطني أقدمت على إطلاق النار خلال الساعات الفائتة بشكل عشوائي على الأحياء المحاصرة، وذلك ضمن الاستفزازات الممنهجة التي تمارسها كوسيلة للضغط على الأهالي وذلك عبر إغلاق الطرق الرئيسية في المنطقة.
وأضافت قوات قوات النظام السوري 42 إسماً إضافياً إلى قائمة المطلوبين لتسليم أسلحتهم في مدينة الصنمين شمالي درعا ليصبح عدد المطلوبين الكامل 139 في مدينة الصنمين وحدها. وقال “تجمع أحرار حوران” إنه حصل على نسخة جديدة عن قوائم الأسماء لمطلوبين جدد لقوات النظام في مدينة الصنمين.
بينما نقل التجمع عن مصدر محلي في مدينة الصنمين أن غالبية الأسماء الأخيرة في قوائم المطلوبين هم عناصر سابقة في فصائل المعارضة المحلية التي كانت تسيطر على الجنوب السوري حتى تموز/يوليو 2018.
وأضاف أن النظام يسعى إلى توسيع دائرة المطلوبين بشكل يومي بحجة امتلاكهم للأسلحة، و”لا نستبعد تعميم قوائم تضم أسماء أخرى حتى انتهاء المهلة في 8 تموز/يوليو، إذ لا يمكن توقع سقف لمطالب النظام وخصوصاً بعد محاصرته لأكثر من منطقة داخل المحافظة”.
—————————
سحب السلاح الفردي من الجنوب السوري: تصفية نهائية للمعارضة/ عماد كركص
منذ بروز ظاهرة التسويات في سورية، بعد التدخّل الروسي الذي هندس معظمها، يعمد النظام السوري دائماً على الالتفاف عليها، لكن أسلوبه بالتحايل بات يتخذ منحى مختلفاً. ولم يعد خافياً وضع النظام خطة لسحب السلاح الفردي من يد المقاتلين السابقين في المعارضة، الذين رضخوا للتسويات عبر تسليم السلاح الثقيل للروس والنظام مقابل إبقاء السلاح الفردي معهم. وتشمل خطته معظم المناطق التي شهدت تسويات، لا سيما في محافظتي درعا والقنيطرة. وضمن هذا السياق، يندرج الحصار المفروض من قبل قوات النظام والمليشيات المدعومة من إيران على العديد من المناطق في درعا، مع مطالبة النظام العديد من عناصر الفصائل بتسليم سلاحهم الفردي مقابل عدم اقتحام تلك المناطق، وفرض مزيد من الحصار عليها.
وبات النظام يصدر يومياً لوائح لأشخاص يتهمهم بحيازة السلاح، مشترطاً تسليم سلاحهم مقابل تسوية وضعهم الأمني وإيقاف الملاحقة بحقهم. وعلى الرغم من أن العديد من الشبان في درعا، من المدرجة أسماؤهم في قوائم المتهمين بحيازة السلاح أيضاً، لا يملكون أي نوع من السلاح، إلا أن إدراج النظام أسماءهم وطلبهم للتسوية وتسليم بندقية مقابلها، يشي بلجوئه لإفراغ المناطق الجنوبية من السلاح، بأي شكل. مع العلم أنها مناطق ترفض الانصياع لفكرة السيطرة المطلقة للنظام عليها، وفرض سطوته مجدداً من خلال التفرد بالقوة والهيمنة.
ولم تقتصر مطالبات النظام على درعا، بل طالب 20 شاباً من أبناء بلدة الهامة، غربي دمشق، بتسليم سلاحهم الفردي، مقدماً تقارير أمنية تفيد بامتلاكهم السلاح. وخضع الشبان للتسوية الجديدة بتسليم السلاح، على الرغم من إبرام تسوية لمقاتلي المعارضة في البلدة في عام 2016. لكن لجنة المصالحة التابعة للنظام في الهامة، تعمد دائماً إلى إجراء تسويات جديدة، بذريعة بقاء السلاح بين أيدي بعض العناصر السابقين في الفصائل.
وفي ريف القنيطرة، الذي خضع للتسوية مع درعا في عام 2018، كان الحال مشابهاً نوعاً ما، حين أقدم النظام على افتعال مشاكل أمنية في محيط البلدة ليبرر المطالبة بتسليم مطلوبين مع سلاحهم، وانتهى الأمر بتهجير 30 عائلة من عائلات المطلوبين نحو الشمال السوري في مايو/أيار الماضي.
وفي بلدة كناكر، التي تتوسط الطريق بين درعا ودمشق، وتتبع إدارياً لمحافظة ريف دمشق، لجأ النظام لابتزاز أهالي موقوفين بتهم جنائية، لا تتعلق بمشاكل أمنية أو سياسية، بتقديم قطعة سلاح عن كل شخص يفرج عنه. وشهدت البلدة نهاية الشهر الماضي، التفاوض على إخراج خمسة شبان من البلدة مقابل مبلغ مالي وتسليم خمس بنادق، لتتم الصفقة بالإفراج عنهم.
ويشير مصدر من داخل لجنة بلدة درعا البلد، إلى أنه تمّ تسليم سلاح الفصائل بشكل كامل عقب إبرام التسوية صيف 2018، منوهاً إلى أنه بحكم طبيعة المجتمع العشائري في درعا، فإن وجود السلاح الفردي في كل بيت أمر اعتيادي ومتوارث وغير مقتصر على مظاهر المعارضة. ويضيف المصدر، في حديث مع “العربي الجديد”، أن هذا السلاح غير قابل للتفاوض على أي طاولة، مؤكداً أن سلاح الفصائل تم تسليمه للروس بوثائق لا يزالون يحتفظون بها إلى اليوم. ويلفت المصدر إلى أن مسألة سحب السلاح، ليست فكرة النظام بمفرده، معتقداً أنه لا يملك أمره لتطبيقها وتحقيقها، ويؤكد أن هذا المشروع هو مشروع إيراني تنفذه المليشيات المدعومة من إيران لتحقيق مزيد من التوغل الإيراني في الجنوب السوري.
وحول دور الضامن الروسي للتسوية من كل ذلك، ينوه المصدر إلى أن الروس دائماً ما يكون لهم موقف لصالح النظام، واصفاً الروس بأنهم “ضامن غير نزيه”. وينوّه إلى أن المسؤول الروسي عن ملف التسويات في درعا، تسلّم الملف حديثاً من قرابة الشهر ونصف الشهر، ولا دراية كافية له بملف حوران ودرعا والتسوية عموماً.
ويكشف المصدر كذلك بأنهم تسلموا في اللجنة رسالة من الروس تطالبهم بتسليم 200 بندقية، و20 قطعة رشاش من نوع “ب ك س”، مقابل حل المليشيات المحلية التي تتبع للنظام وسحب سلاحهم الفردي، مؤكداً أن الجواب: “نريد الأمن والأمان والاستقرار، ولا نملك السلاح”. ويضيف أن اللجنة المركزية لمحافظة درعا طلبت منهم في لجنة درعا البلاد الذهاب للتفاوض مع النظام لفك الحصار، مشيراً إلى أن الرد كان بعدم القبول بالتفاوض قبل رفع الحصار عن درعا البلد، وفتح جميع المعابر والمداخل إليها.
من جهته، يرى المحلل العسكري العميد فاتح حسون أن “لجوء النظام لسحب السلاح، يكمن في تخوّفه من استخدام هذا السلاح لإخراجه من الجنوب أو بعض مناطقه، لا سيما مع بقاء روح المعارضة لدى السكان والعناصر السابقين في المعارضة. وتكمن الخشية في خطورة تنظيم الصفوف والقيام بعملية تحرير هذه المناطق مرة أخرى، بالإضافة للتخوف في زيادة وتيرة أعمال المقاومة وحرب العصابات التي نشهدها في تلك المنطقة بين فترة وأخرى”.
ويضيف حسون، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “هذه الأسباب ربما تكون هي الجزء المعلن من الموضوع”، مشيراً إلى أن “الأسباب الأبعد والأعمق تكمن في خشية النظام من إعادة دعم عناصر فصائل المعارضة في جنوب سورية الذين خضعوا للتسويات والمصالحات، من قبل المتضررين من الوجود الإيراني هناك. والحديث هنا عن الولايات المتحدة التي تتلقى ضغوطاً إسرائيلية كبيرة في هذا الخصوص، بعد فشل الروس في إبعاد إيران ومليشياتها عن الجنوب السوري، بعد التسوية”.
ويعتبر أن “النظام يكون غبياً إذا اعتقد أنه يستطيع سحب السلاح من الجنوب، فعمليات التخبئة والمناورة لعدم تسليمه كاملاً كانت قائمة من قبل المعارضة هناك، منذ مدة طويلة، وحتى السلاح الثقيل لم يسلم كاملاً. وهذا ليس بمعرض إفشاء أسرار عسكرية، وإنما هذا واقع يعرفه النظام والروس والإيرانيون، واللجوء للتصعيد لسحب السلاح سيقابله مقاومة”. ويعتقد حسون أن “النظام حالياً في عنق الزجاجة في جنوب سورية، وقد يكون هناك توجّه غربي لإعادة تفعيل الجبهة الجنوبية من خلال دعم المعارضة، بعد فشل روسيا بإنهاء تموضع المليشيات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني هناك”.
وأخضع الروس درعا والقنيطرة والعديد من مناطق ريف دمشق وحمص الشمالي للتسويات، بعد الضغط العسكري عليها سواء بالعمليات الدموية وارتكاب المجازر أو فرض الحصار المطبق على كل منها على حدة، لتضطر الفصائل في تلك المناطق للقبول بالتسوية بشروط تختلف بين منطقة عن أخرى. ففي درعا كان الاتفاق على بقاء السلاح الفردي مع عناصر الفصائل، أما في حمص وريف دمشق لم يكن هذا الخيار متاحاً. وعموماً رفض الكثير من العناصر التسوية ليتم تهجيرهم مع عائلاتهم نحو مناطق الشمال السوري الخاضعة لسيطرة المعارضة في كل من ريفي حلب وإدلب، ومن تبقّى منهم يتعرضون بشكل يومي للضغط والتهديدات الأمنية من خلال الملاحقة أو الاغتيال، في طريق لإنهاء كافة المظاهر المعارضة في مناطق التسويات، لا سيما في الجنوب السوري.
العربي الجديد
—————————–
=====================
تحديث 15 تموز 2021
——————————
درعا والنضال المناطقي/ حيان جابر
تشهد محافظة درعا ولا سيّما مدينتها عددًا من مظاهر الاحتقان والغضب والصراع، مع قوى النظام وحلفائه الإيرانيين بشكل أساسي ومع الروس بنسبة أقلّ، منذ توقيع اتفاق المصالحة مع النظام بوساطة روسية. الأمر الذي ما زال يعكس إصرار سكان المحافظة وأبنائها على تحقيق أهدافهم التي رفعوها منذ 2011، وعلى رأسها رحيل النظام ولا سيما رئيسه. وهو ما يوضح أن توقيع وجهاء المحافظة وقادة فصائلها المسلحة، على اتفاق المصالحة في 2018، كان كالشرّ الذي لا بد منه، أي أن الاتفاق لا يعكس دلالة اسمه أبدًا، فهو لم يكن اتفاق مصالحة، بقدر ما كان اتفاق هدنة أُجبر النظام وحلفاؤه من جهة، والمحافظة وأبناؤها من جهة أخرى، على توقيعه والالتزام به، ولو نظريًا، حيث نقض النظام كثيرًا من بنود الاتفاق منذ يومه الأولى وصولًا إلى اليوم.
وبعيدًا عن تتبّع جميع الحالات التي نقض فيها النظام اتفاقه مع وجهاء المحافظة وقادة كتائبها، حتى ما حصل في الآونة الأخيرة من حصار المدينة والضغط على أبنائها من أجل تسليم أسلحتهم وغيرها من الشروط الأخرى؛ نلحظ أن مجمل هذه الحالات تدلل على جوهر الصراع السوري، كصراع نظام مافيوي في مواجهة الكتلة الاجتماعية السورية المستغَلة. وهو الصراع الذي تحاشته وتجنبته مجمل الاتفاقات الموقعة داخليًا وخارجيًا، أي تلك الموقعة تحت اسم “اتفاقات المصالحة”، أو نظيرتها المعلنة وغير المعلنة الموقعة بين الدول النافذة في الشأن السوري، كاتفاق آستانا ومناطق خفض التصعيد التي تقلصت حتى انحصرت في منطقة إدلب ومحيطها. كما نلحظ أيضًا تعقّد الوضع السوري وتشابكه، بحكم تزايد القوى المعادية لأهداف الكتلة الاجتماعية السورية الثائرة من أجل بناء دولة الرفاه الاجتماعي والتقدّم والتطور الحضاري والصناعي والاقتصادي، دولة القانون والديمقراطية، إذ بات هناك صراع مع جميع قوى الاحتلال الخارجي الإيرانية والروسية والتركية والأميركية، وطبعًا الصهيونية، بما يتضمن الميليشيات المحلية وغير المحلية التابعة لهذه القوى والممثلة لمصالحها.
وعلى ذلك؛ باتت الكتلة الاجتماعية الثائرة في السورية أمام صراع متعدد الأقطاب، تعدّه غالبية المحطات الإعلامية المعارضة، وكذلك غالبية قوى المعارضة السياسية والعسكرية، صراعًا متتابعًا يخضع لتراتب معين، ويضع مواجهة النظام على رأس القائمة ثم حليفه الأقرب إيران، ومن ثم تختلف القراءاة حسب الاصطفافات السياسية، بين من يضع مواجهة الروس ثالثًا، وبين من يضع الإدارة الذاتية ثالثًا، إلى أن يشمل الترتيب غالبية قوى الاحتلال، دون أن يشملهم جميعًا غالبًا. وهنا تجدر الإشارة إلى ملاحظة صغيرة لكنها محورية، تتمثل في أن هذا المنطق التتابعي هو أحد مبررات اتفاقات المصالحة واتفاقيات خفض التصعيد، بل أحد أهمّ مرتكزاتها، إذ انطلق الموقعون من أولوية تفكيك النظام السوري، وثانوية مواجهة قوى الاحتلال الأخرى الآن، الأمر الذي دفعهم إلى قبول اتفاق يعزز سيطرة روسيا أو إيران أو تركيا وتحكمها، وفق المنطقة والظرف وتوزع السيطرة بينهم. فالمهم في هذه الاتفاقيات، وفقًا لهم، أن لا تساهم في عودة سيطرة النظام، حتى لو كان الثمن تعزيز سيطرة قوى احتلالية خارجية أخرى بشكل مباشر، أو غير مباشر من خلال أذرعها المحلية والإقليمية التابعة لها.
وأعتقد أننا بحاجة إلى إعادة فهم صراع الكتلة الاجتماعية السورية الثائرة مع مجمل قوى الاستبداد والنهب والاحتلال المحلية والخارجية، وفق منظور مختلف، ينطلق من توازي الصراع معها، أي بتوازي الصراع مع قوى النظام المسيطر الأسدي والميليشيات الجهادية والعصبوية الأخرى من ناحية، والصراع مع قوى الاحتلال الباقية روسية وإيرانية وتركية وأميركية وصهيونية من ناحية أخرى. فجميع هذه القوى تعادي أهداف الكتلة الاجتماعية السورية الثورية المشار إليها سابقًا، وتعمل فيما بينها، بتنسيق معلن أو خفي، من أجل إدامة تخلّف وتقسيم وتبعية المجتمع والأرض السورية، ما يسهل عليها نهب واستغلال ثروات سورية الطبيعية والبشرية. وقد أثبتت تجارب السنوات الماضية التي أعقبت توقيع اتفاقات المصالحة وخفض التصعيد، أن وساطة كل من روسيا، إيران، أميركا، تركيا، لا تُسمن ولا تغني عن جوع، إذ استمرت الاعتداءات على المدنيين، كما استمر انتهاك حقوقهم من قبل النظام الأسدي، ومن قبل مجمل القوى المسيطرة داخلية وخارجية، أي تم تكثيف الاعتداءات وتنويع المعتدين، فأحيانًا نجدها مسؤولية روسية، وأحيانًا إيرانية أو تركية أو أميركية، أو مسؤولية “الإدارة الذاتية” إلى ما هناك من قوى احتلالية مسيطرة على الأرض السورية.
وهنا لا بدّ من التساؤل: هل يمكن لأهالي درعا المقيمين فيها مواجهة كل هذه القوى في وقت واحد، وبخاصة القوى المهيمنة على المحافظة ومحيطها، الروسية والإيرانية والأسدية والجهادية؟ وكيف لدرعا مواجهتهم مجتمعين، ودرعا -كغيرها من مناطق سورية- لم تتمكن من هزيمة النظام سابقًا!! طبعًا قد يبدو السؤال السابق منطقيًا وواقعيًا لدى البعض، لكنه في الحقيقة على عكس ذلك تمامًا. أولًا لأن عقد مصالحات أو اتفاقيات خفض التصعيد، بوساطة خارجية أو دولية أو إقليمية، لم يحمِ هذه المناطق من اعتداءات النظام، ولم يحمِها من اعتداءات مجمل القوى المحتلة والمسيطرة، كما ذكرنا سابقًا، وبالتالي لم يؤدِ إلى تنحية إيران وتركيا وروسيا وأميركا عن الصراع، بل بالعكس أسهم في تخفيف الضغط العسكري والأمني والإعلامي عن مجمل قوى الاحتلال الخارجي، بل عن النظام أيضًا، وساعدهم ذلك في تصعيد اعتداءاتهم النوعية، أي أدى إلى تخفيف الضغط على قوى النهب والسلب والاستبداد والاحتلال بشكل واضح وكبير، بينما لم يخففه عن المناطق الثائرة، وإن تراجعت وتيرته، أو بالأصح خفّفه بنسبة طفيفة فقط، ما يدفع هذه المناطق إلى الغضب والمواجهة بشكل متكرر، إلى أن تنتصر وتُنهي الصراع كليًا، أو تُهزم ويتمكن منها النظام وحلفاؤه، كما حصل في أكثر من منطقة.
فما المخرج من هذه الدائرة المغلقة أو شبه المغلقة؟ إنّ المخرج من ذلك يحتاج إلى توفر عاملين؛ الأول يجب التعامل مع جميع قوى الاحتلال والاستبداد والنهب، وفق نهج نضالي واحد من دون أي تمييز يذكر، وهو مواجهتها شعبيًا؛ ويتمثل الثاني بإعادة الصراع إلى جوهره الرئيسي، كصراع مجمل الكتلة الاجتماعية السورية الثائرة، في مواجهة مجمل القوى الاستبدادية والنهبية والاحتلالية المسيطرة. أي إعادته كصراع مجمل مناطق وتجمعات السوريين العازميين على بناء سورية الجديدة، مع جميع القوى التي تتعمد إفشال الثورة. وهو ما يحوّل الصراع من صراع مناطقي في درعا أو إدلب أو السويداء أو القامشلي ودير الزور، إلى صراع مجمل سورية مع مجمل ناهبيها ومستبديها، من دون أي تمييز، في جميع المناطق السورية.
مركز حرمون
———————————–
كيف تُنقَذ درعا من المشاريع الروسية؟/ مالك الحافظ
انقلاباً على “اتفاق التسوية” الذي وقعته روسيا في صيف العام 2018، مع المعارضة العسكرية في درعا، تسعى موسكو لإحداث معادلة جديدة هناك، تقضي بسحب ما تبقى من سلاح فردي لتلك المعارضة، كخطوة استباقية على ما يبدو ضد أي تحرك أميركي مفترض في الجنوب السوري.
رغم الحديث عن إمكانات التعاون الروسي-الأميركي في سوريا، منذ وصول إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى البيت الأبيض، فإن التضييق الروسي على مناطق مختلفة من محافظة درعا، يأتي لفرض السيطرة المُطبقة عليها، لقطع الطريق على صدام مباشر مع الجانب الأميركي في الجنوب السوري، إذا ما قررت واشنطن الانطلاق من قاعدة “التنف” التي توجد فيها قواتها، والتوجه نحو الجنوب ومحافظة درعا على أساس درء أخطار استمرار النفوذ الإيراني فيها.
منذ قرابة الشهر تعاني منطقة درعا البلد، من حصار تفرضه عليها قوات النظام السوري بدعم حليفها الروسي، إلى جانب مدينة الصنمين لاحقاً، والتلويح بتصعيد عسكري في أكثر المناطق التي لا تفرض فيها هيمنتها العسكرية والأمنية.
إن انقلاب موسكو ودمشق على “اتفاق التسوية” يأتي في وقت لم ينفّذ فيه الطرفان أكثر من 10 في المئة من بنود التسوية، سواء من حيث إخراج المعتقلين وكشف مصير المفقودين، وعدم ملاحقة عناصر المعارضة السابقة أو التضييق على عائلاتهم ومناطقهم.
تبدو الحلول منعدمة في درعا بخاصة في ظل الاستباق الروسي لأي تحرك من “التنف” فضلا عن عدم اكتراث سياسي سوري أو أممي بالأوضاع في درعا، وعدم ملائمة الأجواء السياسية الدولية على ما يبدو لأي تصعيد دبلوماسي بين روسيا والولايات المتحدة، بعد حدوث أولى الخطوات التي يمكن أن تبني مسارا توافقيا بين الولايات المتحدة وروسيا بعد تمديد آلية إدخال المساعدات إلى سوريا لمدة عام في مجلس الأمن الدولي.
إن سياسة الحصار والضغوط الأمنية في محافظة درعا، ليست الأولى من نوعها، فالمنطقة الجنوبية لم تستقر الأوضاع فيها منذ دخول قوات النظام السوري عليها بمساعدة حليفها الروسي، حتى إن التلويح بالتصعيد العسكري والتوترات الأمنية كانت المسيطرة على المشهد في محافظة درعا لأكثر من 3 أعوام، بالتوازي مع تدهور الأوضاع المعيشية هناك.
إذا ما كان استقواء النظام في درعا خلال هذه الفترة، ينطلق من مسعى التصعيد العسكري فيها، بناء على الدعم العسكري والسياسي غير المحدود الذي يتلقاه من الجانب الروسي، فإن نتائج ذلك ستكون كارثية على المدنيين.
من المُلزم على شخصيات المعارضة السورية من محافظة درعا من الذين سعوا لتوقيع “اتفاق التسوية” منذ أكثر من 3 سنوات، الاعتذار لأبناء محافظتهم على ما دفعوهم إليه، لا سيما أنهم لم ولن يستطيعوا فرض تغيير لأي معادلة تريد إحداثها روسيا في الجنوب، خاصة أن التنسيق الأبرز للروس في فترة توقيع اتفاق التسوية كان مع إسرائيل، التي ترى في الوجود الروسي ضماناً لضبط المنطقة أكثر من أي طرف محلي آخر.
لقد كان التعاطي مع الروس واعتبارهم ضامنين للتسوية في درعا، خطأ كبيراً، وما يسعون إليه حاليا هو فرض السيطرة بأي شكل من الأشكال في المحافظة وإظهارها كمنطقة “تنعم بالسلم والأمان”، لقطع الطريق على أية مشاريع جديدة يمكن أن تطول المنطقة. خاصة في ظل انقطاع عمليات الاغتيال والفوضى الأمنية الكبيرة.
فشلت المعارضة على أصعدة مختلفة في إحداث ضغط سياسي يؤدي إلى مرحلة انتقالية بسوريا، وكذلك أثبتت فشلها مناطقياً بعد العجز عن الحفاظ على استقرار مناطقها واستسلامها واحدة تلو الأخرى، وصولا إلى درعا التي عجز بعض المعارضين في الدفاع عن أمن أهلها واستقرار منطقتهم وضمان المواثيق التي وقعوا عليها.
كذلك فشل “اللواء الثامن” التابع لـ “الفيلق الخامس” في إيجاد دور الوسيط الضامن المحلي لسحب فتيل أي تصعيد أو توتر في محافظة درعا، فتحول إلى أداة روسية بشكل كامل الأركان، ولم يستطع صنع كيان قوي له ينعزل من خلاله عن الإملاءات الروسية، وفي الوقت ذاته يحفظ قوته وتأثيره في المنطقة. كلا الجانبين لم يحققهما “اللواء الثامن” بقيادة أحمد العودة.
ما يمكن التعويل عليه للحفاظ على استقرار المنطقة الجنوبية، هو الدور الأميركي بمعزل عن الحضور العسكري، وإنما الاستفادة من خطوات التوافق الأولية، وانتظار التعاون بينهما هناك بناء على عامل مشترك متمثل في رفض الوجود الإيراني في الجنوب من قبل واشنطن، وخطر هذا الوجود على المشروع الروسي في سوريا خلال المرحلة المقبلة.
تلفزيون سوريا
——————————
سلسلة عمليات اغتيال تخرق الحصار المستمر على درعا
شهدت محافظة درعا سلسلة عمليات اغتيال خلال الساعات الماضية استهدفت مقربين من النظام السوري، حيث أطلق مسلحون مجهولون الرصاص على رئيس المجلس البلدي السابق لمحافظة درعا محمد الحريري في بلدة إبطع بريف درعا الأوسط، ما أدى إلى مقتله على الفور.
وبحسب مصادر المعارضة يُعد الحريري من المقربين لفرع المخابرات الجوية التابع للنظام في درعا ويعمل قيادياً في ميليشيا “الدفاع الوطني”، بالإضافة إلى اتهامه بتسليم عدد من الناشطين والمقاتلين السابقين في الجيش الحر إلى قوات النظام.
كما قُتل متطوع في “الفرقة الرابعة” التابعة لقوات النظام ليل السبت/الأحد بإطلاق نار في بلدة نهج غربي درعا وهو من الحاصلين على بطاقة تسوية بعد سيطرة قوات النظام على المحافظة عام 2018.
وفي السياق أطلق مجهولون النار على منزل مدني يدعى عماد خلف النواطير ما أدى إلى مقتل زوجته وإصابته مع طفليه بجروح خطيرة. كما استهدف مجهولون حاجزاً تابعاً للفرقة 15 في بلدة السهوة شرقي درعا بقذيفة صاروخية، وردّت قوات النظام باطلاق النار بطريقة عشوائية على المنازل القريبة من الحاجز.
وعلى صعيد متصل توفي الشاب جعفر سليمان الكفري، في أحد مشافي العاصمة دمشق، متأثراً بجراحه نتيجة تعرّضه للتعذيب من قبل عناصر يتبعون للواء الثامن التابع للفيلق الخامس المدعوم من روسيا. وتأتي حادثة اعتقال الكفري عقب مداهمة قوة عسكرية تابعة للواء الثامن بلدة المتاعية شرق درعا بحثاً عن أحد المطلوبين، وذلك بعد أن حاول منع عناصر اللواء الثامن اقتحام منزل بداخله نساء لوحدهنّ.
وعمل الكفري مقاتلاً في صفوف الجيش الحر قبيل سيطرة النظام السوري وحلفائه على محافظة درعا، وبعد التسوية عاد إلى حياته المدنيّة ولم ينخرط في أي جهة مقاتلة، بحسب “تجمع أحرار حوران”.
وسجل التجمع 23 عملية ومحاولة اغتيال أسفرت عن مقتل 18 شخصاً وإصابة 11 بجروح متفاوتة، وذلك وفق التقرير الإحصائي الصادر لشهر حزيران/يونيو. كما سجل “مكتب توثيق الشهداء في درعا” ألف عملية اغتيال بالمحافظة، منذ آب/أغسطس 2018، حتى نهاية حزيران/يونيو 2021، أدت إلى مقتل 23 طفلاً، و161 من عناصر فصائل المعارضة الذين أجروا تسوية مع النظام ولم ينضموا إلى قواته، و249 عنصراً كانوا سابقاً ضمن الفصائل، وأجروا تسوية وانضموا إلى صفوف النظام، إضافة إلى العشرات من الأطباء الذين عملوا في المشافي الميدانية قبل التسوية وناشطين في الحراك المدني والإعلامي.
يأتي ذلك في وقت يدخل حصار درعا البلد يومه ال17 إذ أغلقت قوات نظام الأسد بدعم روسي كل الطرق الرئيسية المؤدية إلى مركز مدينة درعا، في 24 حزيران، على خلفية رفض أهالي المنطقة تسليم 200 قطعة سلاح فردي خفيف.
—————————–
روسيا مستمرة بحصار درعا البلد وتحرمها الغذاء والدواء.. دوافع التصعيد ومآلاته
إدلب ـ ثائر المحمد
يدخل الحصار الروسي لمنطقة درعا البلد جنوبي سوريا يومه السابع عشر، إذ أغلقت قوات نظام الأسد – بأمر روسي – كل الطرق الرئيسية المؤدية إلى مركز مدينة درعا، في 24 من شهر حزيران الماضي، على خلفية رفض أهالي المنطقة تسليم 200 قطعة سلاح فردي خفيف (كلاشنكوف)، و20 رشاشاً من نوع “PKC”.
بدأت تتشكل ملامح أزمة إنسانية في منطقة درعا البلد، بسبب منع قوات النظام دخول المواد الغذائية والإمدادت الطبية، لنحو 11 ألف عائلة تقطن في المنطقة، تزامناً مع غياب المؤشرات لأي انفراجة قريبة، بسبب تعنت الجانب الروسي، المتمثل بالجنرال “أسد الله”.
مجريات حصار درعا البلد
في شهر حزيران الماضي، كلّفت موسكو ضابطاً روسياً من أصول شيشانية يدعى “أسد الله” بمتابعة ملف درعا، والذي طلب بدوره من اللجنة المركزية في درعا المسؤولة عن ملف التفاوض مع الروس والنظام، تسليم السلاح الفردي الموجود في منطقة درعا البلد، مقابل إخراج الميليشيات المحلية المرتبطة بالأمن العسكري من أحياء المنشية وسجنة والجمرك القديم.
قوبل الطلب الروسي بالرفض من جانب اللجنة المركزية ووجهاء درعا، بالتزامن مع الإعلان عن تعليق المفاوضات مع الجانب الروسي، ما دفع الأخير إلى إطباق الحصار على درعا البلد عبر إغلاق الطرق الرئيسية المؤدية إلى مركز مدينة درعا.
واستقدمت قوات النظام في 25 حزيران تعزيزات عسكرية من عدة قطع محيطة بمدينة درعا منها، تلة “الخضر” و”الكتيبة المهجورة”، باتجاه حي السحاري وحاجز حميدة الطاهر على مدخل حي درعا البلد، كما رفعت سواتر ترابية في محيط عدة حواجز عسكرية، أهمها حاجز غرز على المدخل الشرقي لحي السد ودرعا البلد ومخيم درعا، والذي يربط تلك الأحياء بقرى وبلدات ريف درعا الشرقي.
وبعد ذلك، قال عضو اللجنة المركزية بدرعا المحامي عدنان المسالمة، إن الإجراءات العقابية التي فرضها نظام الأسد في درعا سببها موقفها الرافض لانتخابات النظام الرئاسية، كما ذكر أن المطالب الروسيّة ترمي إلى زعزعة استقرار المحافظة وهي محاولة لكسر إرادة أهالي المنطقة.
وأصدرت لجان مركزية وأهلية مختلفة في محافظة درعا، بياناً في 27 حزيران حمّلت فيه مسؤولية “زعزعة الاستقرار والسلم الأهلي في حوران” لكل من الروس ونظام الأسد في حال عدم فكّ الحصار المطبق على درعا البلد، مشيرة إلى أن ذلك العقاب “يعتبر خروجاً عن وظيفة الضامن الروسي لاتفاق التسوية ومخالفاً للقرارات الدولية ذات الصلة”.
ومطلع شهر تموز الجاري أطبقت قوات النظام حصارها على درعا البلد بعد أن أغلقت طريق الصوامع الذي يصل المنطقة بالريف الشرقي للمحافظة، وهو الطريق الذي كانت تمر عبره سيارات الخضار والمواد التموينية إلى درعا البلد وطريق السد ومخيم درعا.
الأسباب البعيدة للحصار
قال الصحفي المقيم في درعا البلد، عبد الله أبازيد، إن اللجنة الأمنية التابعة لنظام الأسد في محافظة درعا، اتخذت أواخر شهر أيار الماضي عدة إجراءات عقابية بحق أهالي حوران، من ضمنها فصل أحياء درعا المحطة عن أحياء درعا البلد بشكل تدريجي.
وفي 31 أيار تم إغلاق أول حاجز يفصل بين المنطقتين، ويسمى السرايا، والذي يعتبر الشريان الرئيسي لمنطقة درعا البلد، ثم بدأت قوات النظام تغلق المعابر واحداً تلو الآخر، بدءاً من حاجز المشفى الوطني، ومعبر الجوية الذي يمر بمخيمات درعا، وحاجزي الصوامع وقصاد المؤديان إلى الريف الشرقي من المحافظة.
ووفقاً لـ “أبازيد” فإن الإجراءات العقابية بدأت بعد خروج مظاهرات في درعا البلد بتاريخ 25 أيار، تحت عنوان “لا مستقبل لقاتل السوريين”، تعبيراً عن رفض الأهالي لمسرحية الانتخابات الرئاسية التي أجراها النظام، وكذلك بعد العصيان المدني في عموم المحافظة بتاريخ 26 أيار، الأمر الذي منع النظام من فتح صناديق الاقتراع بالمنطقة.
وحالياً لم يبق سوى منفذ وحيد في درعا البلد، وهو معبر حي سجنة، الخاضع لسيطرة قوات الفرقة 15 في النظام، إضافة إلى ميليشيا محلية تابعة لفرع الأمن العسكري، معظم عناصرها كانوا ضمن صفوف فصائل المعارضة قبل إجراء عملية “التسوية” في شهر تموز من عام 2018.
حصار بدعم إيراني
أكد “أبازيد” في حديث لموقع تلفزيون سوريا أن الفرقة 15 التابعة للفيلق الأول في نظام الأسد، تنتشر على جميع محاور درعا البلد.
وأضاف أن الفرقة تحاصر درعا البلد بمساندة ميليشيات محلية تتبع لفرع الأمن العسكري ومكتب أمن الفرقة الرابعة، بعضها بقيادة المدعو مصطفى المسالمة، الملقب بـ”الكسم”، وتتمركز مجموعاته في حيي سجنة والمنشية، وأخرى تتبع للمدعو شادي البجبوج، الملقب بـ”العو”.
وذكر أن مجموعات “البجبوج” تابعة أيضاً لفرع الأمن العسكري، بقيادة العميد لؤي العلي، كما توجد مجموعات أخرى بقيادة محمد المسالمة (أبو تركي) والذي يتبع بدوره لمكتب أمن الفرقة الرابعة تحت قيادة اللواء علي محمود.
وتنتشر هذه القوات في عموم أحياء درعا المحطة من أجل التعرف إلى أهالي درعا البلد والتعرض لهم واعتقالهم أو إهانتهم والانتقام منهم، بحسب “أبازيد”.
ولفت إلى مشاركة ميليشيات إيرانية وميليشيات تتبع لحزب الله اللبناني، في حصار درعا البلد، حيث شوهد عناصر لميليشيا “الرضوان”، في حيي سجنة والمنشية، وأحياء الضاحية جنوب غربي مركز المدينة.
بدوره ينشر اللواء “313” التابع لميليشيا “حزب الله” اللبناني عناصره في مدينة إزرع بريف درعا الشمالي.
تحذيرات من كارثة إنسانية.. نقص في الدواء والغذاء
حذّر الناطق باسم “تجمع أحرار حوران” الصحفي، أيمن أبو نقطة، من كارثة إنسانية وشيكة في منطقة درعا البلد، في حال واصلت القوات الروسية وقوات النظام حصارها للمنطقة ومنع إدخال المواد الغذائية والطبية إليها.
وأفاد “أبو نقطة” في حديث لموقع تلفزيون سوريا، بأن 11 ألف عائلة تقطن في درعا البلد، بينها نحو 11 ألف امرأة، والآلاف من الأطفال وكبار السن، مشيراً إلى أن ما يفاقم المعاناة، هو دمار البنية التحتية في درعا البلد وطريق السد ومخيم درعا، بنسبة 90 في المئة، كما أن تلك المناطق تفتقر إلى المراكز الصحية والطبية.
ويضيف أن الحصار بدأ يؤثر سلباً على السكان، وخاصة الأطفال والمرضى من كبار السن، وأصحاب الأمراض المزمنة، والنساء الحوامل، حيث أكد عدم توافر أي أدوية لأمراض السرطان، أو معدات طبية لغسيل الكلى.
وتابع: “المشكلة الكبرى هي المخاطر التي باتت تُهدد النساء الحوامل، إذ في كل المنطقة لا يوجد إلا قابلة قانونية واحدة فقط، ولا تتوافر لديها المعدات الطبية المطلوبة، كما لا توجد حواضن للأطفال الخدّج مع عدم توافر مشاف ومراكز صحية مؤهلة بجميع المعدات واللوازم الطبيّة”.
من جانبه قال الصحفي “أبازيد” إن مناطق درعا البلد، دخلت في الأسبوع الثالث من الحصار الكلي، حيث أوضح أن معبر سجنة مخصص لاستفزاز وإهانة الأهالي، كما يعد مصدرا خطرا، حيث تم اعتقال شخصين من عائلة المسالمة، والاعتداء على أكثر من شخص في المعبر.
وأدى الحصار – بحسب أبازيد – إلى ارتفاع حالات البطالة، وسط عجز معظم العائلات عن تأمين قوت يومها، من جراء انقطاع الطرق وعدم تمكن آلاف الأشخاص من الذهاب إلى أعمالهم، كما أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار معظم المواد الأساسية، ومن أهمها المواد الطبية، التي بدأت بالتناقص أيضاً.
مستجدات درعا البلد
يبدو أن النظام ومن خلفه روسيا، يصران على مطلبيهما، بتسليم سكان درعا البلد 200 قطعة سلاح فردي خفيف، إذ قال رئيس لجنة “المصالحة” التابعة لنظام الأسد، وأمين حزب “البعث” في محافظة درعا، حسين الرفاعي، إن قرار جمع الأسلحة من أهالي المحافظة “مطلب شعبي اتخذ ولا رجعة عنه”.
ويوضح “أبازيد” أنه لا توجد أي مستجدات في درعا البلد، بعد تهديد الجنرال الروسي “أسد الله” بجلب الميليشيات الإيرانية، في حال رفض أهالي المنطقة تسليم السلاح الخفيف.
وتلقت لجنة درعا طلباً من الطرف الروسي وطرف النظام للاجتماع فيما بينهم، لكن اللجنة قابلت الطلب بالرفض، واشترطت فك الحصار عن الأهالي قبل الحديث عن إمكانية عقد الاجتماع.
ويواصل حاجز سجنة ممارسة ضغوطات كبيرة على الأهالي، في حين تنتشر دوريات أمنية في أحياء درعا المحطة، ومن أهمها حي المطار وحي الكاشف، إذ توقف المارة وتطلب هوياتهم الشخصية، ثم تجري عمليات تفتيش في حال كانت البطاقات الشخصية تحمل قيود درعا البلد.
وأصدر محافظ درعا مروان إبراهيم شربك، بتاريخ 7 تموز الجاري، قراراً بمنع حركة الدراجات النارية داخل مدينة درعا مهما كانت تبعيتها وتحت أي مسمى، وبحسب “أبازيد” فإن هذه القرارات تأتي ضمن حزمة من الإجراءات العقابية، تتخذها اللجنة الأمنية بحق الأهالي.
خيارات الأهالي ومآلات الحصار
يؤكد “أبازيد” أن أهالي درعا البلد ما زالوا متمسكين بقراراتهم المتمثلة برفض تسليم السلاح، ورفض الحصار، ومنع تفتيش المنازل، مشيراً إلى أن مجلس عشيرة درعا ولجنته تتعامل مع مجريات الأمور بحسب المستطاع.
من جهته قال الكاتب الصحفي المنحدر من درعا ياسر الرحيل، في حديث لموقع تلفزيون سوريا، إن نظام الأسد غير راض عن بنود التسوية المبرمة في درعا عام 2018، لذلك يحاول خلق تسوية جديدة تتناسب معه، ودفع روسيا للضغط في هذا السياق.
وعن مآلات التصعيد، تحدث “الرحيل” عن عدة خيارات بالنسبة لروسيا والنظام، ومنها التصعيد العسكري المحدود في درعا البلد، مع الأخذ بعين الاعتبار عدم وصوله إلى حد الانفجار.
في المقابل، وضع “الرحيل” احتمالاً بأن تُقدم اللجنة المركزية في درعا، والأهالي، على تسليم جزء بسيط من السلاح، كبادرة حسن نية، لقاء وضع شروط جديدة تضاف إلى اتفاق التسوية السابق، لضمان عدم التصعيد مجدداً، وقطع الطريق على روسيا في حال طالبت بتسليم المزيد من الأسلحة.
لكن الصحفي أيمن أبو نقطة، ذكر أن الخيار الوحيد المطروح حالياً من قبل اللجنة المركزية في درعا، هو فك الحصار، موضحاً أن فك الحصار يعد شرطاً لبدء أي مفاوضات جديدة، خاصة أن موقف الأهالي هو الصمود، ورفض تسليم أي قطعة سلاح.
ويحاول النظام تكرار أحداث درعا البلد في مدينة الصنمين شمالي درعا، حيث عمم أسماء عشرات الشبان من المدينة، وطالبهم بتسليم أسلحتهم، مهدداً إياهم باعتقالهم عبر مداهمة منازلهم، في حال لم يخضعوا لشروطه، على الرغم من أن القوائم تضمنت أسماء مدنيين لم يتبعوا لأي جهة عسكرية سابقاً.
وسيطرت قوات النظام بدعم روسي على محافظة درعا، شهر تموز 2018، وذلك بموجب اتفاق “تسوية” ومصالحات مع الفصائل، أدّى بعضها إلى تهجير المقاتلين برفقة عائلاتهم إلى الشمال السوري، لكن ذلك الاتفاق لم يسهم في استقرار الأوضاع، حيث سجل “مكتب توثيق الشهداء في درعا” ألف عملية اغتيال بالمحافظة، منذ شهر آب عام 2018، حتى نهاية شهر حزيران عام 2021، أدت إلى مقتل 23 طفلاً، و161 من عناصر فصائل المعارضة الذين أجروا “تسوية” مع النظام ولم ينضموا إلى قواته، و249 عنصراً كانوا سابقاً ضمن الفصائل، وأجروا “تسوية” وانضموا إلى صفوف النظام، إضافة إلى العشرات من الأطباء الذين عملوا في المشافي الميدانية قبل “التسوية”، وناشطين في الحراك المدني والإعلامي.
———————————
النظام السوري يواصل محاصرة درعا البلد وتحذيرات من كارثة إنسانية/ عدنان أحمد
يواصل النظام السوري حصار منطقة “درعا البلد”، لليوم السابع عشر على التوالي، وسط تردّي الأحوال المعيشية لنحو 11 ألف عائلة تعيش في المنطقة. فيما وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود، مع إصرار النظام السوري وروسيا على مطالبهما بتسليم السلاح الخفيف الموجود بيد الأهالي.
ورصد ناشطون حالة من التوتر والتململ بين السكان، بسبب نقص متزايد في المواد الأساسية نتيجة الحصار، فيما تتعطل مصالحهم الأخرى نتيجة منعهم من التواصل مع بقية مناطق المحافظة.
وفي سياق هذا التوتر، استيقظت المنطقة اليوم على إحراق سيارة أحد الوجهاء من منطقة درعا البلد، ويُدعى أبو علي محاميد، حيث أقدم مجهولون، بعد منتصف الليل، على إلقاء زجاجة حارقة على السيارة، مما أدى إلى احتراقها، وفق موقع “درعا 24” المحلي. وأوضح الموقع أن المحاميد هو أحد أبرز وجهاء المنطقة، وكان ضمن العديد من الاجتماعات التي تجري بين اللجنة المركزية المسؤولة عن التفاوض واللجنة الأمنية والضباط من الأجهزة العسكرية والأمنية التابعة للنظام، وكان له العديد من التصريحات ضد النظام.
وكانت العديد من المناطق شهدت، أمس الجمعة وفي الأيام الماضية، مظاهر تضامن مع درعا البلد. وفي مدينة إنخل بريف درعا، الجمعة، تم تنفيذ وقفة تضامنية رفع خلالها المشاركون شعارات تنادي بفك الحصار عن درعا البلد وإسقاط النظام.
وتواصل قوات النظام إغلاق الحواجز العسكرية المحيطة بدرعا البلد ومنع الخروج منها، وذلك بعد رفض الوجهاء واللجان المركزية المطالب الروسية، بدخول جهات أمنية وعسكرية تابعة للنظام برفقة الشرطة الروسية، لتفتيش منازل في درعا البلد، وتسليم أسلحة لمقاتلين محليين من الحاملين لبطاقات التسوية والمصالحة، حيث تتضمن المطالب الروسية تسليم 200 قطعة سلاح فردي خفيف، و20 رشاشاً.
ويقول ناشطون إن السكان بدأوا يعانون من صعوبات كبيرة في تأمين المواد الاساسية، بسبب منع قوات النظام دخول المواد الغذائية والإمدادات الطبية، بعد أن استقدمت، في 25 الشهر الماضي، تعزيزات عسكرية من عدة قطع محيطة بمدينة درعا، ورفعت سواتر ترابية في محيط عدة حواجز عسكرية، أهمها حاجز غرز على المدخل الشرقي لحي السد ودرعا البلد ومخيم درعا، والذي يربط تلك الأحياء بقرى وبلدات ريف درعا الشرقي.
وفي مطلع الشهر الجاري، أطبقت قوات النظام حصارها على درعا البلد، بعد أن أغلقت طريق الصوامع الذي يصل المنطقة بالريف الشرقي للمحافظة، وهو الطريق الذي كانت تمر عبره سيارات الخضار والمواد التموينية إلى درعا البلد وطريق السد ومخيم درعا.
ووفق عضو اللجنة المركزية بدرعا، المحامي عدنان المسالمة، فإن الإجراءات العقابية التي فرضها النظام على درعا البلد سببها موقفها الرافض لانتخابات النظام الرئاسية، إضافة إلى محاولة كسر إرادة أهالي المنطقة.
ويقول الناشط محمد الشلبي لـ”العربي الجديد”، إن درعا البلد محاصرة تقريباً اليوم بالكامل، باستثناء منفذ وحيد من جهة معبر حي سجنة، الخاضع لسيطرة قوات الفرقة 15 في النظام، إضافة إلى مليشيا محلية تتبع للأمن العسكري، وهذه الأخيرة تنشر أفرادها أيضاً في درعا المحطة من أجل التعرف إلى أهالي درعا البلد واعتقالهم أو إهانتهم.
وتوقع الشلبي تفاقم الأوضاع الإنسانية في المنطقة، خاصة في ظل تردي الخدمات أساساً هناك، وتدمير البنى التحتية الأساسية خلال السنوات الماضية، لافتاً إلى وجود 11 ألف امرأة في المنطقة، فضلاً عن آلاف الأطفال والمرضى والمصابين وكبار السن، مشيراً إلى عدم توفر أي أدوية لأمراض السرطان، أو معدات طبية لغسيل الكلى، فضلاً عن المخاطر التي تواجه النساء الحوامل، حيث لا يوجد في المنطقة إلا قابلة قانونية واحدة.
وحول آفاق التسوية للوضع الراهن، رأى الشلبي أن النظام وروسيا متمسكان بمطلب تسليم سكان درعا البلد للسلاح الخفيف، فيما توقفت المفاوضات بين الجانبين بعد رفض لجنة التفاوض في درعا طلباً من الطرف الروسي وطرف النظام للاجتماع، واشترطت فك الحصار عن الأهالي قبل الحديث عن عقد أي اجتماع، غير أن البعض توقع أن توافق اللجنة في نهاية المطاف على تسليم جزء من السلاح الخفيف مقابل فك الحصار.
ولفت الناشط الصحافي ياسين المسالمة، إلى أن النظام يحاول تعديل اتفاقيات التسوية التي تم التوصل إليها عقب سيطرته على المحافظة عام 2018، والتي سمحت بإبقاء جزء من السلاح الخفيف بيد عناصر محلية، وهو يريد الآن تسليم كل السلاح والإبقاء عليه فقط بيد قواته ومليشياته أو المجموعات المحلية التي تعمل لصالح النظام.
واستبعد المسالمة أن يقدم النظام على عملية عسكرية واسعة في درعا البلد، لأن ذلك من شأنه استفزاز واستنفار بقية سكان المحافظة، مرجحاً أن يواصل ضغوطه عبر الحصار والضغوط الأمنية حتى تحقيق أهدافه، والتي لا تقتصر على درعا البلد، بل يريد تعميمها على بقية المناطق، وبدأ ذلك بالفعل في مدينة الصنمين، شمالي المحافظة.
وقُتل، السبت، محمد إسماعيل الحريري الذي شغل سابقاً منصب رئيس المجلس البلدي التابع للنظام في بلدة إبطع بريف درعا، بعد أن أطلق مجهولون الرصاص عليه وسط البلدة.
وسجل مكتب توثيق الانتهاكات في تجمع أحرار حوران 23 عملية ومحاولة اغتيال، أسفرت عن مقتل 18 شخصاً وإصابة 11 بجروح متفاوتة، وذلك وفق التقرير الإحصائي الصادر عن المكتب لشهر يونيو/حزيران الماضي.
وسيطرت قوات النظام بدعم روسي على محافظة درعا، في يوليو/تموز 2018، وذلك بموجب اتفاق تسوية ومصالحات مع الفصائل، أدّى بعضها إلى تهجير المقاتلين برفقة عائلاتهم إلى الشمال السوري، لكن ذلك الاتفاق لم يسهم في استقرار الأوضاع، حيث سجل “مكتب توثيق الشهداء في درعا” ألف عملية اغتيال بالمحافظة، منذ شهر أغسطس/آب عام 2018، حتى نهاية الشهر الماضي.
العربي الجديد
——————————
====================
تحديث 28 تموز 2021
—————————
أهالي درعا يطلبون الأمان: النظام يباغتنا بالهجوم
طالبت عشائر درعا بترحيلها الى مكان آمن لتجنب الحرب، وذلك بعد فشل المفاوضات بين النظام والأهالي بسبب إصرار النظام على نشر حواجز عسكرية في درعا البلد، واستهداف الأحياء السكنية بقذائف الهاون.
أتى ذلك بعد جولة جديدة من المفاوضات بين اللجان المركزية وضباط النظام السوري بعد منتصف ليل الثلاثاء/الأربعاء في الملعب البلدي بمدينة درعا، انتهت من دون التوصل لأي اتفاق بين الطرفين.
ونقل تجمع أحرار حوران عن مصدر أن ضباط النظام يُصرّون على نشر حواجز عسكرية ومفارز أمنية في أحياء درعا البلد، الأمر الذي ترفضه اللجان المركزية في المنطقة، لتفشل المفاوضات من جديد.
وقالت مصادر معارضة إن فشل الاتفاق جاء بسبب إشتراط نظام الأسد دخول الآليات الثقيلة والدبابات إلى 9 مواقع عسكرية، واشترط النظام أيضاً تسليم 15 شخصاً من أهالي درعا البلد الذين لم تشملهم التسوية، 4 منهم مطلوبون بتهم تتعلق بالجرائم الالكترونية وفق زعم النظام، أو يتم تهجيرهم إلى الشمال السوري.
وجاء في بيان أهالي درعا أن “أهالي درعا كباراً وصغاراً، ما زالوا دعاة سلم ولا يرغبون بالحرب أبداً، لذلك أبرمنا خلال الأيام الماضية اتفاقاً مع النظام السوري لحقن الدماء وتأمين الأمان للناس، وحفظ كرامتهم.
وأضاف البيان “تفاجئنا صبيحة اليوم بنقض بنود الاتفاق، وباغتنا النظام باقتحام واسع لمحيط درعا البلد، سقط خلالها شهيدان مدنيان وعدة جرحى”. وتابع: “نظراً لأننا نرفض القتل لغيرنا والموت لأنفسنا وأننا التزمنا بتنفيذ بنود الاتفاق، فإننا نحن أهالي مدينة درعا نطالب بترحيلنا إلى مكان آمن لتجنب الحرب التي ستكون ويل علينا”.
أتى ذلك بعد جولة جديدة من المفاوضات بين اللجان المركزية وضباط النظام السوري بعد منتصف ليل الثلاثاء/الأربعاء في الملعب البلدي بمدينة درعا، انتهت دون التوصل لأي اتفاق بين الطرفين. ونقل تجمع أحرار حوران عن مصدر أن ضباط النظام يُصرّون على نشر حواجز عسكرية ومفارز أمنية في أحياء درعا البلد، الأمر الذي ترفضه اللجان المركزية في المنطقة، لتفشل المفاوضات من جديد.
قصف خلال التسوية
وقصفت قوات النظام مساء الثلاثاء، الأحياء السكنية في درعا البلد وحي البحار وطريق السد باستخدام قذائف الهاون والمضادات الأرضية وسط حركة نزوح تشهَدها الأحياء المستهدفة، فيما انسحبت عناصر النظام من النقاط الجديدة التي تمركزت فيها بعيد فشل الاتفاق.
ويتخوف أهالي درعا من أن تكون تحركات الفرقة الرابعة وانسحابها من مواقعها داخل درعا البلد، تمهيداً لاقتحام المنطقة خصوصاً أن اشتباكات اندلعت بالأسلحة الرشاشة بين مقاتلين محليين من أبناء المنطقة وميليشيات تابعة للفرقة الرابعة حاولت التقدم باتجاه أحياء درعا البلد، وذلك عقب تنفيذ النظام عمليات دهم وتفتيش بعد أن أنشأت 9 حواجز بدلاً من الاتفاق الذي ينص على وضع 3 حواجز فقط.
وفي السياق، أغلق أهالي مدينة نوى في ريف درعا الطرقات الداخلية بالإطارات المشتعلة بالقرب من دوار المخفر وساحة حازم وساحة المسجد الحجري، وذلك احتجاجاً على خرق النظام للاتفاق. فيما نظمت العديد من التحركات في إدلب دعماً للأهالي في درعا، مطالبين فصائل المعارضة بضرورة التحرك لفك الحصار.
وفي وقت سابق حذر الدفاع المدني السوري من تطور الأحداث في درعا، قائلاً إن عشرات آلاف المدنيين في المدينة مقبلون على كارثة إنسانية، بعد محاصرتهم من قبل روسيا وقوات النظام، التي بدأت تقصف عشوائياً الأحياء السكنية في المدينة. وأضاف أنه لا يمكن ترك هؤلاء المدنيين ليواجهوا القتل والاعتقال والتهجير من قبل قوات النظام وروسيا التي تقوم الآن بحملة عسكرية في ظل صمت دولي.
وطالب مصدر في الجبهة الجنوبية التابعة للجيش السوري الحر في محافظة درعا جميع فصائل المعارضة في جنوب البلاد بالتدخل لإنقاذ أهالي حي درعا البلد من هجوم تعدّ له قوات النظام.
وأضاف المصدر لوكالة الأنباء الألمانية، أن “قوات النظام نقضت الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأحد، وحمّل عناصر الفرقة الرابعة مسؤولية نقض الاتفاق وقصف حي البحار جنوب درعا البلد والمزارع المحيطة بالمدفعية وقذائف الهاون، مؤكداً أنها تعد لعملية اقتحام للحي والسيطرة عليه عسكرياً”.
————————-
فشل المفاوضات بشأن درعا البلد وناشطون يتوقعون بدء عمل عسكري لنظام الأسد عليها
أفادت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا، بفشل جولة المفاوضات التي جرت اليوم الثلاثاء، بين “اللجنة المركزية في درعا” ووجهاء درعا من طرف واللجنة الأمنية التابعة لقوات نظام الأسد، بحضور قيادة “اللواء الثامن” الذي تدعمه روسيا.
وأوضحت المصادر أن الفشل جاء بسبب اشتراط نظام الأسد دخول الآليات الثقيلة والدبابات إلى 9 مواقع عسكرية كان مقرر دخولها صباح اليوم، واشترط النظام أيضا تسليم 15 شخصا من أهالي درعا البلد الذين لم تشملهم التسوية، 4 منهم مطلوبون بتهم تتعلق بـ “الجرائم الإلكترونية” وفق زعم النظام، أو يتم تهجيرهم إلى الشمال السوري.
مقبلون على كارثة.. الدفاع المدني يصدر بيانا بشأن التطورات في درعا
في سياق متصل، جددت قوات النظام مساء الثلاثاء، قصف الأحياء السكنية في درعا البلد وحي البحار وطريق السد باستخدام قذائف الهاون والمضادات الأرضية، بعد فشل جولة المفاوضات مباشرة، وسط حركة نزوح تشهَدها الأحياء المستهدفة.
وقالت مصادر خاصة لتلفزيون سوريا إن وفدا روسيا رفيع المستوى اجتمع مع قيادة “اللواء الثامن” التابع لـ “الفيلق الخامس” (مدعوم روسيا) في قلعة بصرى الشام الأثرية، وبحسب المصادر فإن قيادة “اللواء الثامن” طلبت التدخل في حي درعا البلد لكونهم من أبناء محافظة درعا.
وأضافت أن الاجتماع جاء بناء على طلب من قيادة “اللواء الثامن” الذي طلب منهم ذلك بعد اجتماعه بـ ” اللجنة المركزية بريف درعا الشرقي”.
وأفادت مصادر محلية لتلفزيون سوريا، أن قوات النظام انسحبت من النقاط العسكرية الجديدة التي نشرتها اليوم بعد قصف “الفرقة الرابعة” منطقة البحار جنوبي درعا، واندلاع اشتباكات مع أهالي المنطقة تمهيداً لاقتحامها.
وأضافت أن الأوضاع الأمنية متوترة في درعا البلد وميليشيات النظام مستنفرة على أطرافها، حيث يسعى النظام إلى التنصل من الاتفاق الذي حصل مؤخراً مع “اللجنة المركزية” واقتحام درعا البلد بالقوة. واستهدفت قوات النظام حي طريق السد بقذائف الهاون والدبابات والمضادات الأرضية.
وحذّرت المصادر من أن تكون تحركات “الفرقة الرابعة” اليوم وانسحابها من مواقعها داخل درعا البلد، تمهيداً لاقتحام المنطقة، وأكدت أن ضباط النظام والمخابرات ما زالوا مصرين على اعتقال العديد من الأسماء ممن لم تشملهم التسوية.
واندلعت اشتباكات بالأسلحة الرشاشة بين مقاتلين محليين من أبناء المنطقة وميليشيات تابعة لـ “الفرقة الرابعة” حاولت التقدم باتجاه أحياء درعا البلد، وذلك عقب تنفيذ النظام عمليات دهم وتفتيش بعد أن أنشأت 9 حواجز بدلاً من الاتفاق الذي ينص على وضع 3 حواجز فقط.
وفي وقت سابق اليوم، قضى شاب وأصيب طفل في درعا البلد، إثر قنصه من قبل قوات نظام الأسد المتمركزة عند حاجز المحكمة.
وأفاد مصدر محلي أن قوات النظام بدأت بتحريك العربات العسكرية وعشرات الدبابات إلى الأطراف الجنوبية الغربية لمدينة درعا وأخرى إلى محيط حي المخيم، وبيّن المصدر أن القوات المشاركة في اقتحام حي درعا البلد هي ميليشيات محلية يتزعمها كل من محمد المسالمة ومصطفى المسالمة الملقب بـ (الكسم) وعناصر “الفرقة 15″، بالإضافة إلى الفرقة الرابعة وميليشيا “الغيث” التابعة لإيران، والفرقة التاسعة والسابعة.
وذكر أن ميليشيا “الغيث” والفرقة الرابعة والميليشيات المحلية تهدف إلى تعطيل الاتفاق الذي جرى السبت الماضي بين “اللجنة المركزية” ووفد من النظام، والذي يقضي بسحب السلاح من الميليشيات المحلية المدعومة من إيران.
تلفزيون سوريا
———————————-
عشائر درعا البلد من داخل الحصار: إما تهجير الجميع أو لا أحد |فيديو
أصدرت عشائر درعا البلد، ليل الثلاثاء – الأربعاء، بياناً توضيحياً حول تصعيد قوات النظام هجماته في أحياء درعا البلد ومخيم درعا، مطالبين بتهجير جميع العائلات إلى مناطق آمنة لتجنب الحرب.
وقال البيان: “نحن أهالي مدينة درعا شيباً وشباباً كباراً وصغاراً كنا ومازلنا دعاة سلم، ولا نرغب بالحرب أبداً، وخلال الأيام الماضية أبرمنا اتفاقاً مع النظام السوري لحقن الدماء ويؤمن الناس ويحفظ كرامتهم”.
وأضاف: “تفاجأنا صبيحة هذا اليوم (الثلاثاء) بنقض بنود الاتفاق، وباغتنا النظام باقتحام واسع لمحيط درعا البلد، سقط خلالها شهيدان مدنيان وعدة جرحى”.
وتابع: “نظراً لأننا نرفض القتل لغيرنا والموت لأنفسنا وأننا التزمنا بتنفيذ بنود الاتفاق، فإننا نحن أهالي مدينة درعا نطالب بترحيلنا إلى مكان آمن لتجنب الحرب التي ستكون ويلاً علينا ونسلم مدينة درعا البلد إلى النظام خالية من السكان”.
فشل المفاوضات بشأن درعا البلد وناشطون يتوقعون بدء عمل عسكري لنظام الأسد عليها
وأفادت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا، بفشل جولة المفاوضات التي جرت أمس الثلاثاء، بين “اللجنة المركزية في درعا” ووجهاء درعا من طرف واللجنة الأمنية التابعة لقوات نظام الأسد، بحضور قيادة “اللواء الثامن” الذي تدعمه روسيا.
وأوضحت المصادر أن الفشل جاء بسبب اشتراط نظام الأسد دخول الآليات الثقيلة والدبابات إلى 9 مواقع عسكرية كان من المقرر دخولها صباح أمس، واشترط النظام أيضا تسليم 15 شخصا من أهالي درعا البلد الذين لم تشملهم التسوية، 4 منهم مطلوبون بتهم تتعلق بـ “الجرائم الإلكترونية” وفق زعم النظام، أو يتم تهجيرهم إلى الشمال السوري.
في سياق متصل، جددت قوات النظام مساء الثلاثاء، قصف الأحياء السكنية في درعا البلد وحي البحار وطريق السد باستخدام قذائف الهاون والمضادات الأرضية، بعد فشل جولة المفاوضات مباشرة، وسط حركة نزوح تشهَدها الأحياء المستهدفة.
—————————–
تطورات درعا البلد.. روسيا تجتمع بـ”اللواء الثامن” بعد فشل المفاوضات مع النظام
لا تزال مدينة درعا البلد تشهد توتراً بعد الإعلان عن فشل جولة المفاوضات الأخيرة مع نظام الأسد، التي جرت الليلة الماضية دون التوصل لاتفاق، وسط أنباء عن توجه رتل روسي إلى مدينة بصرى الشام لبحث التطورات.
وبحسب مراصد محلية توجه رتل روسي كبير إلى مقر “اللواء الثامن” التابع للفرقة الخامسة، في مدينة بصرى الشام بريف درعا الشرقي، اليوم الأربعاء، لعقد اجتماع مع قيادة “اللواء أحمد العودة”، وبحث الحلول الممكنة لإنهاء التوتر في درعا البلد.
وذكرت مصادر محلية لموقع “السورية نت” أن قوات الأسد لا تزال تستهدف أحياء درعا البلد بقذائف الهاون والمضادات الأرضية، ما أدى إلى خروج النقطة الطبية الوحيدة في المدينة عن الخدمة، بعد استهدافها من قبل قناصة “الفرقة الرابعة” المتمركزين في حي المنشية.
يُشار إلى أن اللجان المركزية عقدت اجتماعاً طارئاً، الليلة الماضية، مع ضباط في قوات الأسد، في الملعب البلدي بمدينة درعا، للوصول لاتفاق جديد، إلا أنهم فشلوا بذلك، بعد رفع النظام سقف مطالبه.
وبحسب المصادر طالب النظام بتسليم 15 شخصاً يعيشون في درعا البلد أو تهجيرهم إلى الشمال السوري، ووضع 9 نقاط عسكرية ومفارز أمنية في المدينة بعد أن كان الاتفاق ينص على 3 نقاط فقط، الأمر الذي رفضته اللجان المركزية.
إلى جانب ذلك، شهدت درعا المدينة اشتباكات بالأسلحة الخفيفة بين شبان المنطقة وعناصر من قوات الأسد بالقرب من ساحة بصرى، تبعه تحليق طائرة استطلاع تابعة للنظام فوق مخيم درعا، حسب “تجمع أحرار حوران”.
وأشار إلى “استهداف قوات النظام لأحياء المخيم بالرشاشات الثقيلة، وقنص معظم شوارع المخيم”، تلاها سماع صوت سيارات إسعاف في المنطقة.
التطورات الأخيرة أسفرت عن حركة نزوح شهدتها أحياء درعا البلد، أمس الثلاثاء، حيث نشرت وكالة “نبأ” التي يديرها ناشطون في درعا، صوراً قالت إنها لسكان من أهالي أحياء درعا البلد والمخيم وطريق السد، أثناء نزوحهم مشياً على الأقدام إلى مركز مدينة درعا.
فيما أصدر وجهاء وأعيان المدينة بياناً مصوراً، أمس، طالبوا فيه بترحيلهم بشكل جماعي إلى “منطقة آمنة” وتسليم المدينة خالية من السكان إلى نظام الأسد، بعد فشل جولة المفاوضات مع النظام.
انتهت جولة جديدة من المفاوضات بين اللجان المركزية وضباط نظام الأسد بعد منتصف ليل الثلاثاء/الأربعاء في الملعب البلدي بمدينة درعا جنوبي سوريا، دون التوصّل لأي اتفاق بين الطرفين، فيما طالب وجهاء عشائر #درعا_البلد بترحيلهم إلى مكان آمن.
للمزيد:https://t.co/eiTKQVFJgx#الحرية_لدرعا pic.twitter.com/YtzVoFVYwF
— Aisha Sapri (@AishaSapri) July 28, 2021
وكان نظام الأسد واللجنة الممثلة عن أحياء “درعا البلد”، توصلا لاتفاق مساء الأحد الماضي، يقضي بضرورة تسليم السلاح الخفيف الموجود بيد بعض الأشخاص، إلى جانب فرض “تسوية جديدة” على “المطلوبين أمنياً” على أن يتم فيما بعد تثبيت 3 نقاط عسكرية في المنطقة.
إلا أن قوات الأسد شنت، صباح أمس الثلاثاء، حملات دهم وتفتيش استهدفت منازل المدنيين في مدينة درعا البلد، تزامناً مع استهداف المدينة بقذائف الهاون، الأمر الذي أحداث أضراراً مادية.
—————————-
نزوح من درعا البلد وجولة مفاوضات جديدة بعد تصعيد النظام
شهدت أحياء درعا البلد جنوب سورية، اليوم الثلاثاء، حركة نزوح لبعض الأهالي، تخوفاً من هجوم عسكري لقوات الأسد على المنطقة.
ونشرت وكالة “نبأ” التي يديرها ناشطون في درعا، صوراً قالت إنها لسكان من أهالي أحياء درعا البلد والمخيم وطريق السد، أثناء نزوحهم مشياً على الأقدام إلى مركز مدينة درعا.
وأشارت الوكالة إلى أن النزوح جاء بعد قصف قوات الأسد للمنطقة بقذائف مدفعية، صباح اليوم.
صور تُظهر استمرار نزوح السكان مشياً على الأقدام عن أحياء #درعا_البلد و #المخيم و #طريق_السد إلى مركز مدينة درعا بعد قصف قوات النظام للمنطقة وتخوفاً من هجوم عسكري وشيك للنظام.#نبأ pic.twitter.com/C3wsboeybh
— نبأ (@NabaaFoundation) July 27, 2021
في حين قال الإعلامي من درعا، عمر الحريري، عبر “تويتر”، إن عشرات العوائل من أهالي أحياء درعا البلد نزحت مشياً على الأقدام باتجاه منطقة درعا المحطة.
وأشار إلى أن ذلك جاء “بعد منع ميليشيات النظام خروج السيارات من المنطقة، وذلك تخوفاً من شن حملة اقتحام انتقامية تنفذها ميليشيات النظام، التي احتشدت بمحيط المنطقة بعد فشل تطبيق بنود التسوية المتفق عليها منذ يومين”.
نزوح عشرات العوائل من أهالي أحياء #درعا البلد مشيا على الأقدام باتجاه منطقة درعا المحطة بعد منع ميليشيات النظام خروج السيارات من المنطقة ، وذلك تخوفا من شن حملة اقتحام انتقامية تنفذها ميليشيات النظام التي احتشدت بمحيط المنطقة بعد فشل تطبيق بنود التسوية المتفق عليها منذ يومين .
— Omar Alhariri (@omar_alharir) July 27, 2021
في المقابل أصيب شاب بطلق ناري في منطقة الرأس، برصاص قوات الأسد التي استهدفت مخيم درعا بالأسلحة الرشاشة من مواقعها في حاجز الحبوب.
كما أصيب طفل بجروح بطلق ناري من قناص النظام المتمركز في حاجز المحكمة بمدينة درعا، حسب ما ذكر “تجمع أحرار حوران”
وأكد التجمع أن “تعزيزات عسكرية بينها دبابات وآليات ثقيلة (لقوات الأسد)، تصل إلى أطراف مخيم درعا، وأخرى تصل إلى المناطق الجنوبية من مدينة درعا”.
وتزامن ذلك مع مفاوضات جديدة تجري بين اللجانن المركزية وقوات الأسد.
ونقلت وكالة “نبأ” عن مصدر بأن “اللجنة الأمنية (التابعة للنظام) تشترط تسليم 15 شخصاً من درعا أو تهجيرهم إلى الشمال السوري، ودخول دبابات وآليات عسكرية إلى مواقع عدة في درعا البلد لإتمام اتفاق التسوية”.
إلا أن مصادر محلية في درعا قالت لـ”السورية. نت” إن قوات النظام جددت استهدافها لأحياء درعا البلد بقذائف المدفعية و الهاون ومضادات الطيران بعد انتهاء جولة المفاوضات، الأمر الذي قد يدل على فشل المفاوضات بين الطرفين.
وكان نظام الأسد واللجنة الممثلة عن أحياء “درعا البلد”، توصلا لاتفاق مساء الأحد الماضي، يقضي بضرورة تسليم السلاح الخفيف الموجود بيد بعض الأشخاص، إلى جانب فرض “تسوية جديدة” على “المطلوبين أمنياً” على أن يتم فيما بعد تثبيت 3 نقاط عسكرية في المنطقة.
إلا أن قوات الأسد شنت، صباح اليوم، حملات دهم وتفتيش استهدفت منازل المدنيين في مدينة درعا البلد، تزامناً مع استهداف المدينة بقذائف الهاون، الأمر الذي أحداث أضراراً مادية.
وذكرت شبكات محلية أن قوات الأسد استهدفت حي البحار في درعا البلد بأكثر من 5 قذائف هاون، بالتزامن مع انتشار عسكري كثيف وشن حملات دهم وتفتيش.
—————————–
========================
تحديث 30 تموز 2021
——————————
سوريا: هل يمكن تغيير سلوك النظام؟
تشهد مدينة درعا جنوب سوريا، التي يسكنها قرابة 50 ألف مدني، معارك عنيفة منذ أيام بين قوات النظام والأجهزة الأمنية التابعة له ومسلّحين محليين، بغرض اقتحامها برّيا باستخدام الفرقتين الرابعة والسابعة من ثلاثة محاور بعد تمهيد بقصف المدفعية وراجمات الصواريخ وقذائف الهاون والرشاشات الثقيلة ليعزز حصارا طويلا مع قطع لإمدادات الكهرباء والماء والوقود، فيما رد أبناء المحافظة بشن هجمات على نقاط ومواقع وحواجز النظام في بلدات عديدة منها طفس وأم المياذن ومساكن صيدا.
ينهي هذا الهجوم اتفاق تسوية وقّع أواخر عام 2018، خيم بعده على المحافظة هدوء نسبي لقرابة ثلاثة أعوام، كما أن النظام يخرق بهذا الهجوم اتفاقا جديدا توصلت إليه «لجنة المصالحة» في درعا البلد يسمح بتسوية جديدة للمطلوبين أمنيا وبسحب جزئي للأسلحة الخفيفة المتبقية بيد المعارضة ووجود جزئي لقوات النظام.
يأتي استهداف النظام لعشرات آلاف المدنيين، بعد تصريحات مفاجئة أدلى بها عبد الله الثاني، ملك الأردن، لقناة «سي إن إن» بعد لقائه الرئيس الأمريكي جو بايدن قال فيها إن بشار الأسد، رئيس النظام السوري، ونظامه باقيان، وإن الحوار مع النظام أفضل من استمرار العنف «الذي يدفع ثمنه الشعب السوري» متسائلا «هل يجب تغيير النظام أم تغيير سلوكه؟».
تناظرت التصريحات مع معطيات أردنية سابقة ولاحقة تشير إلى اتجاه سياسي هدفه التقارب المتزايد مع النظام السوري وتجسد ذلك من خلال فتح المعابر والتبادل التجاري وتجاوز العقوبات الدولية على النظام والسماح له بفتح أبواب سفارته للراغبين في انتخابات داعمة للأسد، وصولا إلى تصريحات العاهل الأردني الأخيرة عن أن النظام «باق» وأن إعادة الإعمار (أي مدّ النظام بأسباب البقاء عبر ضخّ أموال الداعمين الدوليين) ستشجع اللاجئين على العودة إلى سوريا.
غير أن التطوّرات على الأرض السورية، لا تشير، في المقابل، إلى أي تغيير، ولو طفيف، في سلوك النظام، الذي يتابع أسلوبه المعتاد في معاقبة مجموعات بشرية كبرى لأن فيها بعض الخلايا من المسلحين المعارضين، ويقوم بخرق تسويات يقترحها أو يوافق عليها، وهو أسلوب يؤدي عمليا إلى فرار ومحاولة لجوء مزيد من اللاجئين إلى الأردن، لو استطاعوا إليه سبيلا، أو النزوح إلى مناطق سورية، وإذا كان هذا «سلوكه» في التعامل مع مواطنيه الذي يفترض بالدولة أن تدافع عن مصالحهم وحقوقهم وتشجع اللاجئين على العودة، فإن لدى الأردن، وباقي دول المنطقة والعالم، دلائل كثيرة أن هذا هو أيضا السلوك مع الدول والمؤسسات الدولية والشخصيات العامة والأفراد.
بهجومه مجددا على درعا الذي ابتدأ المأساة السورية منذ عام 2011 يعيد نظام بشار الأسد التأكيد على «مسلّمات» لا تتغير في سلوكه ضد شعبه، وفي أسلوبه الوحشيّ في تدمير المدن والقرى والبنى التحتية للبلاد، وقد قرأ النظام إشارات العاهل الأردني على أنها تشجيع أمريكي وعربيّ له على الاستمرار في ذلك السلوك، ولكن مع إشارات إلى إمكانية مكافأته على أكثر من عشر سنوات من التدمير والقتل.
القدس العربي
——————————
اشتباكات عنيفة جنوب سوريا بين قوات النظام ومعارضين
«الفرقة الرابعة» تقصف درعا البلد… ومسلحون يأسرون 25 عنصراً موالياً لدمشق
رياض الزين
تصاعد التوتر في أحياء درعا البلد جنوب سوريا إلى ما يشبه «حرب حقيقية» بين قوات النظام ومسلحين محليين بعد فشل مفاوضات بوساطة روسية في الأيام الماضية، حيث أفيد أمس بمقتل وأسر أكثر من 25 عنصرا من قوات النظام والأجهزة الأمنية التابعة في أعنف اشتباكات في محافظة درعا.
وأعلنت الحكومة الأردنية إعادة تشغيل مركز جابر – نصيب مع سوريا اعتبارا من الأحد بشكل شبه عادي، بعد نحو عام على عمله بشكل محدود في إطار إجراءات للحد من انتشار فيروس «كورونا».
وقال وزير الداخلية مازن الفراية في بيان: «بعد إجراء الترتيبات الميدانية الكاملة مع الجانب السوري، سيبدأ اعتبارا من صباح الأحد الأول من أغسطس (آب) التشغيل الكامل لمركز حدود جابر».
وتسيطر فصائل المعارضة على أحياء درعا البلد منذ نهاية عام 2011 وفشلت القوات الحكومية عدة مرات في اقتحامها، كما فشل مقاتلو المعارضة في السيطرة على حي درعا المحطة الذي تسيطر عليه القوات الحكومية. ودخلت المعارضة في تسوية مع النظام بعد تقدم القوات الحكومية منتصف عام 2018 وسيطرتها على أغلب مناطق درعا دون دخول القوات الحكومية إليها.
وقالت مصادر محلية في درعا إن قوات «الفرقة الرابعة» بقيادة ماهر شقيق الرئيس السوري بشار الأسد، والفرقة التاسعة تحاول اقتحام مدينة درعا البلد منذ ساعات الصباح الأولى ليوم الخميس من ثلاثة محاور النخلة وقصاد والقبة، وسط اشتباكات عنيفة وتصدي من قبل أبناء المنطقة.
وشهدت أحياء درعا البلد وطريق السد ومخيم درعا قصفا مكثفا براجمات الصواريخ والمدفعية والدبابات من قبل قوات النظام السوري، تمهيداً لهجوم عسكري على هذه المناطق، أدى إلى مقتل شخصين وإصابة آخرين من أبناء المنطقة.
وخسرت الفرقة الرابعة عددا من عناصرها أثناء محاولتها التقدم من محور منطقة القبة شرق درعا البلد، وتصدى أبناء المدينة للقوات المقتحمة، بالتزامن مع استمرار القصف المكثف بقذائف الهاون والدبابات على أحياء المدينة.
وأضافت المصادر أنه «رداً على هجوم قوات النظام السوري على مدينة درعا البلد هاجم مقاتلون محليون عدة نقاط وحواجز عسكرية تابعة للنظام السوري في ريف درعا الشرقي والغربي، حيث سيطر أبناء بلدة صيدا بريف درعا الشرقي على مفرزة عسكرية تابعة لجهاز الأمن العسكري، وحاجز جسر صيدا، وأسروا 25 عنصراً من قوات النظام السوري الموجودة على الحاجز والنقاط العسكرية الأخرى في البلدة، كما سيطر مقاتلون محليون على حاجز تابع لقوات النظام السوري في مدينة الحراك والمليحة الشرقية وبلدة أم المياذن بريف درعا الشرقي وأسروا جميع عناصره وسيطروا على دبابة وأسلحة موجودة على الحاجز، كما هاجم مقاتلون مفرزة عسكرية للأمن العسكري في بلدة الطيبة شرق درعا، وشن مقاتلون هجوماً عنيفاً على معسكر زيزون وبناء الري الذي تتمركز فيه قوات الفرقة الرابعة بين بلدات اليادودة والمزيريب وطفس غرب درعا، وسط قصف بقذائف الهاون على الأحياء السكنية في مدينة طفس وبلدة اليادودة، بالتزامن مع السيطرة على حواجز لقوات النظام السوري في بلدات تسيل وسحم الجولان والبكار والشجرة في منطقة حوض اليرموك بريف درعا الغربي، وإغلاق للطرقات العامة في معظم مناطق درعا، وحالة توتر واستنفار كبير تشهدها المحافظة، وبيانات مصورة بثها مقاتلون محليون يعلنون استهداف كامل نقاط وحواجز النظام السوري في كافة مناطق التسويات في درعا تضامناً مع ما يحدث في مدينة درعا البلد».
وأشار المصدر إلى أن مجموعة مقاتلة بريف درعا الشرقي قطعوا الأوتوستراد الدولي دمشق – درعا، على بعد 10 كلم من معبر نصيب الحدودي مع الأردن، أمام مجموعات النظام العسكرية القادمة من دمشق إلى درعا، في حين قالت إحدى المجموعات المحلية في شريط مصور إنهم أسروا 70 عنصراً للنظام السوري، وإن المرحلة القادمة الذهاب لداخل مدينة درعا البلد، كما قتل وجرح العديد من أبناء بلدات اليادودة وطفس نتيجة القصف على الأحياء السكنية وتشهد هذه المناطق حركة نزوح للأهالي، كما قتل ثلاثة أشخاص من مدينة طفس بريف درعا الغربي بينهم القيادي السابق معاذ الزعبي أثناء مشاركتهم في الهجوم على بناء الري الذي تتمركز فيه قوات الفرقة الرابعة، ويعتبر «الزعبي» أحد أبرز قادة الفصائل المحلية غرب درعا، وطالبت الفرقة الرابعة في وقت سابق، بترحيله برفقة خمسة آخرين باتجاه الشمال السوري.
وجاء ذلك التصعيد، بحسب مصادر مقربة من اللجنة المركزية للتفاوض في درعا، بعد فشل المفاوضات يوم الأربعاء التي استمرت حتى ساعات متأخرة من ليل الأربعاء «وسط تعنت الفرقة الرابعة وضباط من النظام السوري على نشر حواجز ومفارز أمنية داخل أحياء درعا البلد، وانتشار قوات للفرقة الرابعة في المنطقة الجنوبية الشرقية من المدينة وحي سجنة في درعا البلد».
وكانت قد عقدت لجان التفاوض المركزية الممثلة لمناطق ريف درعا الشرقي والغربي وقادة من الفيلق الخامس اجتماعاً، مساء أمس الأربعاء، في مدينة درعا، واتفقوا على انسحاب كامل قوات النظام السوري التي دخلت مدينة درعا البلد مؤخراً، ورفض نشر نقاط عسكرية في المدينة، وفي حال أصر النظام على ذلك أن توجد 3 نقاط فقط وهذه النقاط يشرف عليها عناصر من الفيلق الخامس من أبناء المحافظة، كما طالبوا بالتزام النظام السوري باتفاق التسوية الذي حدث عام 2018.
ورفضت اللجنة الأمنية التابعة للنظام مطالب اللجان المركزية في حوران مع الفيلق الخامس المدعوم من روسيا بعد اجتماع ليلة الأربعاء 28 يوليو (تموز) 2021، وكان مطلب اللجان واضحا بتهجير جميع الأهالي في درعا البلد وطريق السد والمخيمات والبالغ عددهم نحو 50 ألف نسمة، إلى مناطق آمنة في الأردن أو الشمال السوري، وفي حال رفض مطلبهم، سيتجه إلى خيار الحرب على المنطقة وهذا ما حدث صباح يوم الخميس.
وقالت مصادر خاصة إن اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس المدعوم من روسيا توصل مع اللجنة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام في درعا إلى وقف إطلاق النار في درعا البلد كمرحلة أولى لعملية وقف كامل للأعمال العسكرية في محافظة درعا بضمانة الجانب الروسي.
وقالت شبكة «نبأ» المعنية بنقل أخبار مدينة درعا المحلية إن مجموعات قتالية مما يُسمى «الحرس القومي العربي» المدعوم من «حزب الله» اللبناني تقاتل إلى جانب الفرقة الرابعة في هجومها على مدينة درعا من المحور الجنوبي، وبثت صوراً لمقاتلين من هذا التشكيل في أطراف مدينة درعا البلد.
وذكر موقع «درعا 24» أن حالة شديدة من التوتر الأمني في العديد من المدن البلدات في محافظة درعا، ويوجد مقاتلون محليون يسيطرون على العديد من الحواجز والنقاط الأمنية والعسكرية التابعة للسلطات السورية، وذلك ردّاً منهم على التصعيد العسكري الذي بدأ صباح اليوم على منطقة درعا البلد، وعلى القصف على الأحياء السكنية هناك، والذي نتج عنه قتلى وجرحى.
وأن المقاتلين المحليين من الخاضعين لاتفاق التسوية والمصالحة اعتبروا محاولة الجيش وقصفه أحياء درعا البلد وبعض المناطق الأخرى، يُعتبر خرقاً لاتفاق التسوية والمصالحة الذي تم عقده في العام 2018، ورداً على ذلك استنفرت جميع هذه المجموعات المحلية في مدن وبلدات الحراك وأم المياذن ونصيب وصيدا والطيبة وكحيل والنعيمة والسهوة ونوى وجاسم وإنخل وطفس وتسيل والشجرة وتل شهاب واليادودة والمزيريب والعجمي، والعديد من المناطق الأخرى.
وقال الاتحاد الدولي للصحافيين إن هناك مخاوف حيال مصير 11 صحافياً في درعا، ودعا الاتحاد الدولي لتأمين سلامتهم وسلامة عائلاتهم.
الشرق الأوسط
——————————
“قوات بالآلاف” إلى الجنوب السوري.. نظام الأسد “يعود” بالفرقة الرابعة
ضياء عودة – إسطنبول
يدخل الجنوب السوري مرحلة جديدة بعد اتفاق أبرمه نظام بشار الأسد، برعاية روسية، مع اللجان المحلية الممثلة عن أحياء “درعا البلد”، التي تعتبر آخر البقع الجغرافية الخارجة عن سيطرته الفعلية في المحافظة، وأبرزها من ناحية “الرمزية” المتعلقة بالثورة السورية.
وقضى الاتفاق بفرض “تسوية جديدة” للمطلوبين أمنيا وتسليم السلاح الخفيف الموجود بيد عدد من الأشخاص، على أن يتم لاحقا إعادة انتشار عناصر من قوات الأسد في 3 مناطق يراها أبناء المحافظة “استراتيجية”، ومن شأنها أن تتيح لقوات الأسد إحكام قبضتها الأمنية والعسكرية على المنطقة كاملة.
ومنذ توقيع “اتفاق التسوية” في محافظة درعا، أواخر عام 2018 لم تتمكن قوات الأسد وروسيا من فرض سلطتها على الأحياء المذكورة، على خلاف باقي المناطق الموزعة في الريفين الشرقي والغربي.
لكن حصارا شهدته الأحياء منذ أكثر من شهر، كان كفيلا بإجبار من يعيش فيها على القبول بالمطالب التي فٌرضت عليهم.
وبحسب ما يقول مصدر إعلامي من “درعا البلد” في تصريحات لموقع “الحرة” فإن بنود الاتفاق دخلت حيز التنفيذ منذ صباح الاثنين، مشيرا إلى أن قوات الأسد أقدمت على فك الحصار عن الأحياء من منفذ وحيد يصلها مع أحياء “درعا المحطة”.
وتنقسم الأحياء في مدينة درعا إلى قسمين، الأول يسمى “درعا المحطة” والثاني “درعا البلد”.
وبينما بقيت الأولى تحت سيطرة النظام السوري منذ مطلع أحداث الثورة السورية عام 2011، خرجت الأحياء الأخرى عن سيطرته، وبقيت على ذلك حتى وقتنا الحالي.
“قوات بالآلاف”
في مقابل الإعلان عن “اتفاق التسوية الجديد”، سواء من جانب النظام السوري، أو اللجنة الممثلة عن درعا البلد كانت هناك تطورات لافتة على الأرض.
واستقدمت قوات الأسد خلال اليومين الماضيين قوات من “الفرقة الرابعة” تقدر أعدادها بـ”الآلاف”، مع عشرات الدبابات والمدرعات، بحسب ما أعلن عنه قائد شرطة محافظة درعا، العميد ضرار دندل في تصريحات لوسائل إعلام روسية.
وأشار دندل، الاثنين، إلى أن التعزيزات العسكرية تأتي تمهيدا “لإطلاق عملية محدودة وضبط الفلتان الأمني وعمليات الاغتيال المستمرة في هذه المحافظة المحاذية للحدود مع المملكة الأردنية، ومنطقة الجولان”.
من جانبه يؤكد الصحفي، أحمد المسالمة، المقيم في العاصمة الأردنية عمّان، ومصدر إعلامي آخر يقيم في الأحياء، وصول التعزيزات إلى مناطق متفرقة من مدينة درعا.
واعتبر المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه في حديثه لموقع “الحرة”، أن “أرتال الفرقة الرابعة تعتبر الأضخم والأولى من نوعها التي تصل إلى جنوب سوريا، منذ توقيع اتفاق التسوية أواخر عام 2018”.
“فرض السيطرة الكاملة”
ولم تعرف الأماكن التي ستستهدفها تعزيزات “الفرقة الرابعة”، سواء النقاط الثلاث التي تم تضمنيها في بنود الاتفاق الجديد أو أخرى سواء في ريف المحافظة الشرقي أو الغربي.
ويوضح الصحفي أحمد المسالمة أن تسليم النقاط الثلاث (جمرك درعا القديم، بريد درعا، المدخل الواصل بين المحطة والبلد) لقوات الأسد يعتبر “أمرا هاما” من ناحية إعادة السلطة الأمنية والعسكرية للأخيرة إلى المنطقة.
ويقول المسالمة لموقع “الحرة”: “النظام سيسيطر بذلك على طول الشريط الحدودي مع الأردن. القوات التي وصلت تعادل فرقة عسكرية كاملة لمنع أي مظاهر ثورية في المرحلة المقبلة”.
ما تعيشه أحياء “درعا البلد” في الوقت الحالي، كانت مناطق عدة في الجنوب السوري قد عاشته، وبالأخص عقب توقيع “اتفاق التسوية” عام 2018.
واتبع نظام الأسد، بدعم روسي منذ تلك الفترة، سياسة تفضي إلى إجبار الأهالي الذين رفضوا الخروج إلى الشمال السوري على تسليم أسلحتهم المتبقية، ومن ثم توقيعهم على “تسويات” جديدة.
ومن بين شروط “التسويات” الالتحاق بالخدمة الإلزامية وتسوية أوضاع المطلوبين أمنيا وجنائيا، بعد تسليم أنفسهم.
وقد تختلف “درعا البلد” عن باقي مناطق الجنوب السوري من نقطة عدد العائلات الكبير الموجود فيها.
بالإضافة إلى أنها تحظى برمزية كبيرة في الثورة السورية، حيث لم تنقطع المظاهرات المناهضة للأسد فيها، خاصة تلك التي خرجت مؤخرا من أمام المسجد العمري في يوم تنظيم الانتخابات الرئاسية.
ماذا بقي؟
في سياق ما سبق، وفي حال إحكام النظام السوري سيطرته على درعا البلد، لن يبقى أمامه من مناطق “ساخنة” سوى بلدة طفس في الريف الغربي، ومدينة بصرى الشام ومحيطها التي تنتشر فيها قوات القيادي السابق في فصائل المعارضة، أحمد العودة.
ويعرف القيادي العودة بقربه من روسيا، ويندرج عمل قواته ضمن “اللواء الثامن” التابع لـ”الفيلق الخامس”، وهو التشكيل الذي أسسته موسكو وتدعمه ماليا، منذ سنوات.
ويستبعد الكاتب والصحفي السوري، محمد العويد أن يكون الهدف من وراء تعزيزات قوات الأسد إلى درعا بدء “عملية عسكرية واسعة”.
ويقول العويد في تصريحات لموقع “الحرة”: “تقديري أن ما يجري من عمليات حشد عسكرية هي رسائل للضغط أكثر من خطة للاجتياح”.
ويضيف: “قد تكون محاولة لنزع أوراق جديدة من يد المفاوضين، خاصة أن مجمل المعطيات التي حصل عليها النظام السوري في الأيام الماضية ليست مرضية له كطرف”.
لكن الصحفي أحمد المسالمة يرى التطورات غير ذلك، معتبرا أن “تعزيزات الفرقة الرابعة” تأتي في إطار التجهيز للانتشار العسكري في كل من درعا البلد ومناطق أخرى في المحافظة.
ويقول المسالمة: “تصريحات المسؤولين في النظام السوري تؤكد على ذلك أيضا. يمكننا القول إن النظام السوري يمضي على طريق السيطرة الأمنية والعسكرية الكاملة على الجنوب السوري”.
“فلتان أمني”
وكان النظام السوري قد وجه رسائل عدة وصفت بـ”المطمئنة” لأهالي الجنوب، في الأشهر الماضية.
ومؤخرا خرج محافظ درعا، اللواء مروان شربك، بتصريحات وصف فيها الوضع الأمني في درعا بـ”الجيد”، مشيرا إلى أنه في تحسن مستمر سواء داخل المدينة أو في ريفها.
وأضاف شربك، الذي كان قد عينه رأس النظام، في مايو 2020، أن محافظة درعا تشهد حاليا حالة من الاستقرار الأمني، معتبرا أن ما يجري في الوقت الحالي “عمليات اقتتال بين المسلحين أنفسهم بسبب خلافات مادية”.
ومنذ أواخر 2018 دخلت محافظة درعا في حالة “فلتان أمني” غير مسبوقة، تمثلت بعمليات اغتيال وتفجيرات، طالت مدنيين وعسكريين سواء من جانب قوات الأسد، أو الذين عملوا سابقا ضمن فصائل المعارضة.
وسبق أن قالت مصادر حقوقية من الجنوب السوري لموقع “الحرة” إن محافظة درعا تشهد شهريا، بمعدل وسطي، من 30 إلى 60 عملية اغتيال. وإذا ما تم أخذ هذا المتوسط الحسابي، وقورن بالأشهر السابقة على “اتفاق التسوية”، فقد يزيد عدد القتلى من جميع الفئات عن ألف شخص.
وتتنوع الاغتيالات ما بين إطلاق الرصاص المباشر والاستهدافات بالعبوات الناسفة والألغام، بالإضافة إلى اغتيالات تأتي بعد عمليات خطف لعدة أيام.
ضياء عودة – إسطنبول
الحرة
————————————–
سوريا: المعارضة تسيطر على 18 حاجزاً عسكرياً في درعا… ومفاوضات بين وفد موال لروسيا ولجان المدينة/ هبة محمد
قتل 6 مدنيين بينهم ثلاثة أطفال، الخميس، غرب مدينة درعا جنوب سوريا، نتيجة مواجهات هي الأعنف منذ سنوات، وسط محاولات لقوات النظام السوري لاقتحام درعا البلد، من محاور عدة، ومقاومة المقاتلين المحليين من بقايا فصائل المعارضة التي تمكنت من أسر نحو 70 عنصراً من قوات النظام، وانتزعت السيطرة على أكثر من 18 حاجزاً عسكرياً.
وأفاد مصدر في لجان درعا المركزية لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) الخميس، عن “انتهاء المفاوضات بين ضباط من القوات الحكومية السورية ولجان درعا، ووفد من اللواء الثامن، التي جرت في الملعب البلدي في درعا بحضور الراعي الروسي، وإنه بانتظار رد فصائل درعا البلد على ما تم التوصل إليه.
وكانت مصادر في الجبهة الجنوبية التابعة للجيش السوري الحر قد كشفت في وقت سابق الخميس لـ(د.ب.أ) أن وفداً من قيادة اللواء الثامن التابع للفرقة 15 الموالية لروسيا، وصل إلى حي درعا البلد في جولة وساطة بين قيادات درعا البلد والقوات الروسية.
وقالت مصادر محلية من درعا لـ “القدس العربي” إن المواجهات بين قوات النظام والمقاتلين المحليين متواصلة بوتيرة عنيفة على محاور عدة ممتدة من ريف درعا الشرقي، وصولا إلى الغربي مروراً بمدينة درعا، بينما انتزع المسلحون السيطرة على مجموعة من النقاط والحواجز العسكرية في كل من أم المياذن ونصيب وجمرك نصيب والطيبة وصيدا وكحيل والحراك والمليحة بريف درعا الشرقي، يضاف إليها سهوة وعلما والمسيفرة.
في غضون ذلك استهدفت قوات النظام بالقذائف الصاروخية والمدفعية محافظة درعا.
وقال المتحدث باسم تجمع أحرار حوران، أبو محمود الحوراني، لـ “القدس العربي” إن المقاتلين من أبناء المحافظة أسروا 70 عنصراً من قوات النظام بعد سيطرتهم على جميع الحواجز العسكرية في بلدات صيدا وكحيل وأم المياذن شرقي درعا. كما “انتزع المقاتلون حاجزا عسكريا لقوات النظام بين بلدة الطيبة بريف درعا الشرقي، وحاجزا غربي بلدة نمر في الريف الشمالي لمحافظة درعا، كما سيطروا على الحواجز العسكرية في مدينة درعا، وقتلوا عدداً من عناصر النظام، وأسروا اثنين”.
وأوضح المتحدث أن “أبناء مدينة جاسم سيطروا على حاجزي السرايا، والقطاعة، وأسروا عددا من قوات النظام، تزامنا مع سيطرة أبناء بلدة النعيمة على حواجز “الرادار والسرو ومزرعة النعام”، وسط اشتباكات عنيفة يخوضها الشبان مع قوات النظام المتمركزين في مواقع عسكرية داخل مدينة نوى، وفي الحواجز العسكرية بمحيطها، كما سيطر المقاتلون على الحاجز الواصل بين مدينة تسيل وبلدة سحم الجولان، بمنطقة حوض اليرموك، وحاجز تل السمن قرب مدينة طفس بريف درعا الغربي، وأسروا عددا من عناصر وضباط النظام”.
ووثق المتحدث باسم تجمع أحرار حوران مقتل 6 مدنيين في بلدة اليادودة غرب درعا بينهم امرأة وثلاثة أطفال، نتيجة استهداف البلدة بصواريخ “الفيل” من مواقع النظام في محيط البلدة، وسط حركة نزوح مكثفة تشهدها البلدة، نتيجة القصف العنيف بصواريخ من نوع أرض ـ أرض.
ونعى أهالي درعا مقتل القيادي معاذ الزعبي من مدينة طفس، خلال الاشتباكات مع قوات النظام بالقرب من منطقة الري غربي درعا، حيث قتل وأصيب عدد من مرافقيه بجروح متفاوتة.
وبحسب الحوراني فإن الزعبي كان قائداً لفصيل “المعتز” التابع للجيش الحر، ورفض الانتساب لتشكيلات النظام الأمنية عقب سيطرتها على محافظة درعا في تموز 2018. وحاولت قوات النظام اغتياله أكثر من مرة، كما حاولت اقتحام مدينة طفس والضغط على الأهالي لإجبار الزعبي على المغادرة إلى الشمال.
من جهته، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، مقتل 8 من قوات النظام والمسلحين الموالين لها خلال الاشتباكات في عموم درعا خلال الساعات الفائتة. تزامناً، جدد الائتلاف الوطني وقوفه إلى جانب أهالي حوران، مؤكداً دعمه لأي قرار يتفقون عليه. وطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه المدنيين في درعا وما يتعرضون له.
وقال الائتلاف المعارض في بيان له أمس إن “هجوم قوات النظام المجرم والميليشيات الطائفية على مدينة درعا يتطلب رداً دولياً عاجلاً وموقفاً من الدول الضامنة يعبر عن التزامها بتطبيق هذه الاتفاقات، وعلى الدول الفاعلة في مجلس الأمن ممارسة ضغوط مباشرة من أجل وقف الهجوم، ومنع التهجير ورفع الحصار وإنهاء التهديد المستمر على المدنيين”.
وأشار الائتلاف إلى أن التصعيد الحالي ومحاولات التهجير القسري يتزامنان مع “المسرحيات البائسة التي تعرضها روسيا والنظام على شكل مؤتمرات ولقاءات عن عودة المهجّرين”.
القدس العربي
—————————————-
درعا:النظام يفشل برغم المجازر..سقوط أكثر من 30 حاجزاً
تشهد محافظة درعا هذا الصباح هدوءاً حذراً في عموم مناطقها، بعد يومٍ دامٍ، يعتبر الأقسى منذ بدء اتفاقية التسوية والمصالحة في العام 2018، حيث قُتل ما لا يقل عن 20 مواطناً، بينهم 11 مدنياً، نتيجة قصف منازلهم بقذائف الهاون والمدفعية.
وأوقف النظام السوري عملياته العسكرية في محافظة درعا، بعدما فوجئت قواته بحرب طاحنة شنتها المعارضة، سيطرت خلالها على حواجز أمنية وأسرت عشرات العناصر التابعة للنظام والميليشيات الموالية له.
وبحسب مواقع موالية للنظام فإن وقف الهجوم على المحافظة جاء بهدف إعطاء مهلة للمعارضة حتى السبت لتلبية طلبات النظام ولإفساح المجال أمام إعادة تطبيق بنود الاتفاق السابق في درعا البلد، فيما تسود حالة من الهدوء الحذر في المحافظة منذ ساعات الصباح الأولى، يخرقها بعض الاستهدافات المتبادلة بالأسلحة الرشاشة في مناطق عديدة من درعا.
وقال “تجمع أحرار حوران” إن الهجمات التي شنتها الفرقة الرابعة على درعا البلد ردّ عليها أبناء قرى وبلدات الريف بعمليات عسكرية تحت اسم “معركة الكرامة” وهاجموا خلالها الحواجز المتواجدة على مفاصل المحافظة وسيطروا على معظمها.
وأضاف أن مجموعة من أبناء بلدة صيدا شرقي درعا قطعت الطريق الدولي (دمشق – عمان) نارياً أمام مجموعات النظام العسكرية القادمة إلى المحافظة، وسيطرت على حاجز المساكن العسكرية التابع للأمن العسكري، ومفرزة الأمن العسكري والحاجز أمامها، إضافة إلى حاجز مستشفى صيدا بعد اشتباكات دارت مع قوات النظام فيها، وأسرت عدداً من العناصر والضابط هناك.
كما سيطر أبناء بلدة أم المياذن شرقي درعا، على حاجزين عسكريين واغتنموا دبابة وأسلحة متنوعة، إضافة إلى حاجزين عسكريين في بلدة كحيل، ليصبح بذلك مجموع الأسرى نحو 70 عنصراً، بحسب التجمع.
أما في القطاع الغربي من ريف درعا، فتمكن المسلحون المحليون من السيطرة على نقاط وحواجز في تسيل والبكار والشجرة، بالإضافة لاشتباكات عنيفة دارت في ساعات الصباح الأولى في محيط إنخل ونوى وطفس وجاسم.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن عدد القتلى المدنيين الذين قضوا بصواريخ ورشاشات وقذائف قوات النظام بلغ 11 هم: 3 أشخاص بينهم طفل دون ال18 في درعا البلد، ورجل في جاسم، وامرأة وطفلها و3 أطفال آخرين، ورجلان اثنان في مجزرة بلدة اليادودة.
في حين بلغ تعداد المقاتلين المحليين الذين قضوا بالقصف والاشتباكات مع قوات النظام 9، هم: 4 مقاتلين في درعا البلد، ومقاتل في جاسم، ومقاتل في المزيريب، و3 مقاتلين في محيط طفس بينهم قيادي كان النظام يطالب بترحيله إلى الشمال السوري.
فيما كان 8 من عناصر قوات النظام قتلوا في المواجهات الخميس، وهو رقم مرشح للارتفاع لوجود جرحى بعضهم في حالات خطرة بالإضافة لوجود معلومات عن قتلى آخرين.
وشن النظام صباح الخميس، حملة من القصف المكثف بقذائف الهاون والدبابات والمضادات الأرضية على أحياء درعا البلد وطريق السد ومخيم درعا، محاولاً التقدّم من ثلاثة محاور نحو درعا البلد، من مناطق النخلة وقصاد والقبة، وسط اشتباكات عنيفة نجحت خلال المعارضة في صد الهجوم وتكبيده خسائر فادحة.
المدن
————————
النظام يطلب وقف إطلاق نار في درعا.. والمركزية: ما قبل الدم ليس كما بعده
كشف أبو علي محاميد عضو اللجنة المركزية في درعا البلد عن تفاصيل الاجتماع الأخير للجنة مع قيادات المجموعات في ريفي درعا الغربي والشرقي، حيث طلب النظام وقفاً لإطلاق النار في المحافظة والعودة لنقاش اتفاق جديد وهو ما رفضته اللجنة المركزية وشددت على أن أي اتفاق قادم سيشمل كامل حوران.
وقال محاميد في تسجيل صوتي حصل موقع تلفزيون سوريا على نسخة منه إن النظام أو روسيا أرسلوا إليهم طلباً بوقف إطلاق النار والعودة للاتفاق الأخير الذي توصل الطرفان إليه يوم الأحد الفائت والذي يقضي بإنشاء قوات النظام 3 نقاط عسكرية في أحياء درعا البلد وتسليم الأسلحة الخفيفة المتبقية بيد المعارضين السابقين وتسوية أوضاع نحو 130 شاباً.
وأضاف: “نحن غير معنيين بوقف إطلاق النار ولا نملك السلاح الثقيل.. عندما يوقف النظام قصفه للمدن والقرى في حوران ويكون النظام جاداً فيمكن حينذاك وقف إطلاق النار”.
وأشار محاميد في حديثه إلى أن النظام طرح خيار التهجير على من يرغب من أهالي درعا البلد.
أي اتفاق قادم سيشمل كل حوران
وأكد محاميد على رفض المركزية لمطالب النظام بالعودة للاتفاق القديم بالقول: “احنا كل شي اتفاق مضى انتهى، اليوم في دم سال بحوران.. لما النظام ينسحب ممكن نعمل لجنة باسم كل حوران.. يعني أي اتفاق قادم سيشمل كل حوران”.
وشدد محاميد على رفض اللجنة المركزية تسليم السلاح معتبراً إياه “خطاً أحمراً”، مضيفاً: “العودة للاتفاق القديم مرفوض.. إذا وافقوا أهلا وسهلا وإذا ما وافقوا فالحرب نحن أهل لها وسندافع حتى آخر طلقة”.
ومحاميد أحد وجهاء المنطقة، وكان حاضراً في العديد من الاجتماعات التي تجري بين اللجنة المركزية المسؤولة عن التفاوض واللجنة الأمنية والضباط من الأجهزة العسكرية والأمنية التابعة لنظام الأسد.
وتعرض محاميد في وقت سابق لعدة محاولات اغتيال كان آخرها الشهر الماضي عندما تم إحراق سيارته في حي درعا البلد.
آخر التطورات في درعا.. هدوء حذر واشتباكات متقطعة
شهدت مناطق ريف درعا بمجملها منذ صباح اليوم الجمعة هدوءً حذراً تخلله اشتباكات متقطعة بين قوات نظام الأسد ومجموعات محلية من أهالي حي درعا البلد.
وأفادت مصادر محلية لتلفزيون سوريا أن قوات النظام ألقت عدة قذائف هاون على الأطراف الجنوبية لحي درعا البلد وحي طريق السد ومنطقة البحار.
وأكدت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا أنه من المنتظر عقد اجتماع مساء اليوم بين اللجنة المركزية وضباط من النظام للتوصل لاتفاق جديد.
وكانت قوات الأسد متمثلة بالفرقة الرابعة والخامسة والخامسة عشرة بالإضافة إلى ميليشيات محلية شنت صباح أمس الخميس هجوماً على أحياء درعا البلد من ثلاثة محاور استخدمت فيه جميع أنواع الأسلحة وراجمات الصواريخ وصواريخ الفيل في محاولة منها لاقتحام الحي، لكن أبناء درعا البلد تصدوا للهجوم وكبدوا قوات النظام والميليشيات الموالية له خسائر.
وانتفض ريفي درعا الشرقي والغربي منذ صباح أمس حيث سيطرت مجموعات مقاتلة من أبناء المنطقة على أكثر من 20 حاجزاً وموقعاً عسكريا لقوات النظام وأجهزة مخابراته وتمكنوا من أسر أكثر من 100 عنصر وقتل أكثر من 10 آخرين.
تلفزيون سوريا
———————–
حقيقة مايحصل في درعا
قرأنا عشرات السيناريوهات والتحليلات التي تحاول نقل حقيقة صورة مايحصل في درعا….لكني وجدت أغلبها غير واقعية وبعيدة عن المنطق إطلاقا…ولكن إذا أردنا أن نعرف مايحصل في درعا بالضبط فعلينا أن نعرف أولا ماذا حصل بالإجتماع الثلاثي الأردني العراقي المصري قبل مدة بسيطة.. ثم علينا أن نعرف ثانيا ماذا حصل بين الملك الأردني عبدالله الثاني والرئيس جوبايدن وماذا كان رد واشنطن بعد ان نقل الملك الأردني مخرجات خطته حول الأسد وحول الوضع السوري بشكل عام في قمته مع بايدن مؤخرا….فالأمر يتعلق بدور وظيفي جديد للأردن مع مصر والعراق في شرق المتوسط وجنوب سوريا تحديدا بعد الإنسحاب الأمريكي المرتقب من العراق فيبدو أن أمربكا تريد أن تقطع الطريق الإيراني في شرق المتوسط….وأما عن موقف موسكو والأسد من ذلك فهما ضمنيا موافقان وفرحان وبشدة وبرضى حتى الإسرائيليين انفسهم لأن الملك الأردني أطلع موسكو على الخطة قبل تعويمها واخذ موافقتها الضمنية بدليل التعاطف الواضح من الملك الأردني مع الأسد في تلك المبادرة..ولكن لابد من هذه المعمعة في درعا قليلا ليُضهر الأسد للإيرانيين بأنه رافض ومنزعج لفكرة خروج إيران من الجنوب السوري ولذلك أوعز للفرقة الرابعة ان تبدي تضامنها مع إيران بدليل إفتعالها المشاكل في درعا وإظهارها بأنها تعارض الخطة الجديدة كنوع من المناورة وليصبح الموقف أكثر واقعية فأن روسيا تدعي أيضا بأنها منزعجة من هذا الموقف ولذلك لم تساعد الاسد….لكن الأسد ضمنيا سيفرح في سره عندما تقتنع إيران بتخيف تواجدها في الجنوب السوري لأن البديل والمكافأة للأسد سيكون رفع بعض عقوبات قانون قيصر وتجارة حرة مع الأردن والعراق وحتى مصر وعودة قريبة للجامعة العربية وحوار ملزم لقسد بضرورة الإنصياع لتفاهم معين مع دمشق وموسكو.. ومصادر وانابيب طاقة جديدة عربية وإسرائيلية ستفيد الجنوب السوري ..وجائزة أكبر تتضمن عودة لاجئين الأردن بعد توسيع وتعميم المصالحات في درعا وتنظيف ذاتي للرافضين لذلك شعبيا وإقليميا ودوليا …ولذلك كما إشتعلت فجأة في درعا ستتوقف فجأة بعد ان تؤدي الغرض والرسالة ويتم توسيع افق الحل والتفاهم المصلحي في الجنوب السوري.. لكنه هذا الحل او هذا التفاهم حكما سيتجاهل اي دور لطهران وحتى أنقرة بدليل الصمت التركي وإلزام حلفائها من المعارضة السورية المسلحة بذاك الصمت لأن المعركة لاتعنيها لامن بعيد ولا من قريب والدليل الآخر ان الرئيس الإيراني سيحط رحاله قريبا في دمشق للتأكيد على رفضه لكل ذلك أو الحصول على ثمن حقيقي للقبول بذلك …
ابو تيمور الجيران
———————————-
بيان إلى الرأي العام
مجلس سوريا الديمقراطية
يتابع مجلس سوريا الديمقراطية بقلقٍ بالغ الاضطرابات الخطيرة في الجنوب السوري مهد الحراك الثوري وما تشهده مدينة درعا من محاولات لفرض السلطة بعد ما تم الاتفاق مع ممثلين عن أهالي المدينة لرفع الحصار المفروض عليهم منذ أكثر من شهر. يأتي هذا التصعيد بعد ثلاث سنوات من اتفاقات التسوية و “المصالحات” التي جرّتْ في محافظتي درعا والقنيطرة برعاية وضمان من دولة روسيا الاتحادية، نرى بأن إصرار النظام على انتهاج الخيار العسكري قد اثبت فشله على مرَّ السنوات الماضية، وبات جلياً أن ما تعرف بالتسويات والمصالحات لن تكون خياراً مناسباً لتسوية الأزمة، ولا نرى أنها البديل الصحيح عن الحوار السياسي كسبيل وحيد للحل والاستقرار الحقيقي في البلاد.
إننا في مجلس سوريا الديمقراطية؛ نحذّر من هذا التصعيد الخطير في ظل الأوضاع الهشة القائمة في الجنوب السوري ونؤكد على ضرورة الحفاظ على أمن وسلامة السوريين في مدينة درعا، وندعو دولة روسيا الاتحادية القيام بدورها كضامن لمصير هؤلاء المدنيين الذين فضّلوا البقاء في أحيائهم وقُراهم بدل المغادرة نحو الشمال السوري؛ بعد أن تخلّت عنهم الفصائل المسلحة وتركهم يواجهون مصيرهم بضمانة روسيا.
إننا ندين بأشد العبارات استخدام السلطة السورية القوة المفرطة ضد المدنيين العزل في درعا، ونؤكد أن جزء كبير من سوريا تعرضت لعمليات التغيير الديمغرافي عبر عمليات ترحيل السكان الأصليين وإجلاء المعارضين بتواطؤ من مختلف القوى الإقليمية المؤثرة في الشأن السوري، وندعو كذلك أهلنا في درعا التمسك بتراب مدينتهم وعدم الاستجابة لدعوات الترحيل القسري ورفضها، وضرورة التنبه لما تُحاك حولهم من مكائد تستهدف وجودهم عبر خطط التغيير الديمغرافي التي تمثل جريمة حرب بحق السكان، كما يؤكد مسـد أن الظروف الدولية قد تغيّرت ولن يكون من السهل تكرار ما حدث في درعا عشية انطلاق الحراك الثوري في مارس ٢٠١١، ويدعو مســد؛ المجتمع الدولي والأمم المتحدة لممارسة الضغط والتدخل العاجل لوقف الحرب الأهلية السورية ودعم عملية تفاوض متوازنة وخلق الشروط لإنجاز الحل السوري النهائي وتحقيق الاستقرار.
٣٠ تموز ٢٠٢١
مجلس سوريا الديمقراطية
————————-
حملة تضامن رقميّة واسعة ضد حصار درعا والهجوم عليها
توجّهت أنظار المتابعين إلى مدينة درعا في الجنوب السوري، والتي تشهد مواجهات بين جيش النظام وقوات المعارضة، التي نجحت في السيطرة على عدة حواجز وأسرت العشرات من جنود النظام، في عملية أطلقت عليها تسمية معركة الكرامة، فيما واصل الجيش جرائمه ضد المدنيين في المدينة التي شهدت انطلاقة الثورة السورية قبل عشر سنوات، في محاولة منه لإعادة السيطرة عليها، فيما أعلنت المعارضة الإضراب العام في مدن وبلدات المحافظة المجاورة للأردن، واستعدادها التام لصدّ أيّ عدوان تقوم به قوّات النظام.
share
واصلت قوات النظام السوري جرائمها ضد المدنيين في مدينة درعا التي شهدت انطلاقة الثورة السورية قبل عشر سنوات، في محاولة لإعادة السيطرة عليها، الأمر الذي دفع بتنشيط حملة تضامن واسعة مع أهل المدينة ضمن أكثر من وسم
وقد استخدم الناشطون وسم “درعا تحت القصف” لفضح جرائم الأسد وحلفائه، ودعوة العالم إلى الوقوف إلى جانب المدنيين وحمايتهم من المذابح التي ترتكبها قوّاته بشكل يومي، فدعت الناشطة لين أبابنيب إلى الصلاة لأهل درعا، وقالت إن حربًا حقيقية تشهدها اليوم درعا المدينة وقراها، فيما تحدثت الناشطة ريم جهاد عن انتشال جثة ثلاثة أطفال من تحت الأنقاض، بعد قصف قوات النظام وحلفائه على بلدة اليادودة شرقي درعا بالقذائف شديدة الانفجار.
share
3 children so far were taken out from under the rubble, after the #syria forces and its allies bombed the town of Yadoudah, west of #Daraa with high-explosive missiles.
#Daraa_under_bombing
#DaraaAlBalad #Daraa #سوريا #درعا #درعا_البلد #درعا_تحت_القصف pic.twitter.com/w01SDVvvfM
— Reemjihad (@Reemjihad1) July 29, 2021
share
Wide areas of Daraa have been under siege by Alassad terrorist regime for more than a month, no electricity, no internet, no enough food & medical supplies, they’re almost disconnected from the whole world.++#Daraa #درعا_تحت_القصف pic.twitter.com/Lcj56mLch7
— eman. (@Ema97n) July 29, 2021
share
Clashes in Dar’a Governorate now, is the heaviest since 2018 agreement!#درعا_تحت_القصف
— Muhanad Al-Rish (@Mu_ha_re) July 29, 2021
فيما ذكرت الناشطة إيمان بأن مساحات واسعة من درعا محاصرة اليوم من نظام الأسد، الذي وصفته بالإرهابي، وقالت إن الكهرباء والإنترنت مقطوعتان فيها منذ أكثر من شهر لكي لا يعلم العالم ما يجري هناك، فيما يعاني الأهالي من نقص في الغذاء وفي الأدوية، وأشار الناشط مهنّد الريش إلى أن القصف الذي تشهده المدينة، هو الأعنف منذ الهدنة الموقّعة في العام 2018.
share
Journalist Atef Al-Saadi was injured while covering the battles in Daraa
He is receiving treatment now.
By: Mohammed Al-Ayed#درعا_تحت_القصف #Freedom4Daraa #درعا pic.twitter.com/oezc0AQWeL
— Shilan Chikh Mousa (@SChikhmousa) July 29, 2021
share
Targeting Civilians in Daraa by Assad regime gangs and Iran
It’s really crimes against humanity#درعا_تحت_القصف #Daraa_under_bombing pic.twitter.com/tITG4p8qsR
— Hamza Alheraki (@HerakiHamza) July 29, 2021
ونشرت الناشطة شيلان الشيخ موسى صورة الصحفي عاطف السعدي الذي تعرّض للإصابة أثناء تغطيته للأحداث الأخيرة في درعا، ووصف الناشط حمزة الحراكي مهاجمة القوات السورية والإيرانية المستمرة للمدنيين في درعا بالجرائم ضد الإنسانية، بينما أشار الصحفي والناشط أحمد الشامي إلى أنه بعد يوم واحد من الاجتماع في دمشق لبحث ملف عودة النازحين، تقوم قوات الأسد بتهجير سكان درعا تحت وابل من القذائف الصاروخية.
share
بالأمس كانوا مجتمعين في دمشق من أجل اعادة اللاجئين!!
واليوم يهجرون مئات العوائل من منازلها في درعا البلد تحت وابل من القذائف الصاروخية.. #درعا_تحت_القصف pic.twitter.com/XEhoNNtHKx
— Ahmad Alshame ⚪ (@ahmadal_shame) July 27, 2021
share
This image is enough to provide a summary of what is going on in Daraa.#معركه_الكرامه pic.twitter.com/x8Lm5oQC5x
— Abbas عباس (@zead454) July 29, 2021
كما رحب عدد كبير من الناشطين بالإنجازات التي حققتها المعارضة في درعا أثناء دفاعها عن المدينة، واستخدموا وسم “معركة الكرامة” لهذه الغاية، فنشر الناشط عباس صورة الجنود السوريين الذي أسرتهم المعارضة في درعا، وقال إن الصورة تكفي لفهم ما يجري لقوات الأسد في المدينة، وأشار الناشط أحمد الشامي إلى أن المعارضة تمكنت ـ بعد ساعات فقط من انطلاقة معركة الكرامة، من السيطرة على عشرات الحواجز في المدينة، واغتنام أربع دبّابات تابعة لقوات النظام.
share
بعد انطلاق #معركة_الكرامة بساعات .. ثوار درعا يتمكنون كن السيطرة على عشرات الحواجز .. واغتنام 4 دبابات في مناطق متفرقة من المحافظة.. pic.twitter.com/Id5CKNOayl
— Ahmad Alshame ⚪ (@ahmadal_shame) July 29, 2021
share
أهل درعا ✌– قول وفعل: لا مستقبل للسوريين مع القاتل.#معركه_الكرامه#درعا_تحت_القصف pic.twitter.com/drfMKkU4A4
— ASSAF (@Alassaf1977) July 29, 2021
share
اليوم درعا لخصت الكثير مما حاولنا شرحه للعالم على مدى سنوات.. هكذا كان الجيش الحر! لم يكن أجندة خارجية ولا تنظيم قاعدي.. باختصار هو كان من هذا الشعب، من أمثال أبناء درعا.. فلا يأتي بعد اليوم أحد ويقول لي جيشكم الحر كان جيش إرهاب.. جيشنا الحر كان منا.. كنا نحن!#معركة_الكرامة
— Mahmud||مَـحـمـُود (@mdrnideam) July 29, 2021
هذا ونشر الناشط عسّاف صورة لتظاهرة في درعا، رُفعت فيها لافتة كُتب عليها “لا مستقبل للسوريين مع القاتل” في إشارة إلى بشار الأسد ونظامه، واعتبر الناشط محمود أن درعا اليوم تلخص للعالم ما حاول السوريون شرحه خلال سنوات، وهو أن الجيش الحر وطني وغير مرتبط بأية جهات خارجية، وهو بريء من تهمة الإرهاب، وقد كان من الجيش السوري وسيبقى كذلك.
share
-العالم كلو يتعلم كيف تُصنع الكرامة من درعا وشبابا..
-درعا حالياً عم ترجع كرامة الثورة وكرامة الشعب السوري الحر
-درعا تُعيدها سيرتها الاولى..–#معركة_الكرامة
— Sidra (@sidrash123) July 29, 2021
share
ثوار الشمال السوري مطالبين اليوم بعمل عسكري واغتنام فرصة انشغال النظام بدرعا والبادية السورية..
اليوم يومكم..#معركة_الكرامة
— Ahmad Alshame ⚪ (@ahmadal_shame) July 29, 2021
share
عاااجل
ريف درعا
كما_وعدناكم
مدينة_أنخل_بالكامل_محررة#معركة_الكرامة#درعا_تنتصر
جايينك ع القصر ✌️
— عبد الرحمن (@wAys4Yfcv2kGljZ) July 29, 2021
في حين قالت الناشطة سيدرا إن درعا تعلّم اليوم العالم كيف تُصنع الكرامة، وتُرجع الكرامة إلى الشعب السوري وثورته، وتعيد سيرتها الأولى، في إشارة إلى انطلاقة أولى شرارات الثورة منها، وطالب الناشط أحمد ثوّار الشمال باستغلال انشغال النظام بمعاركه في الجنوب، وفتح معركة الشمال ضده لتشتيت جهوده، بينما أشار الناشط عبد الرحمن إلى أن مدينة أنخل في ريف درعا تحرّرت بالكامل كما وعد ثوارها، وأن هدف الثوّار هو الوصول إلى بشار الأسد في قصره.
————————————
=====================
تحديث 31 تموز 2021
—————————
حصار وتجويع وخوف من مجازر.. هذه حال سكان درعا/ عبد الله البشير
تفرض قوات النظام السوري منذ نحو شهر حصاراً خانقاً على أحياء درعا البلدة في مدينة درعا الواقعة في جنوبي سورية، حيث عمدت إلى قطع الطرق ورفع سواتر ترابية لفصل هذه الأحياء عن باقي أحياء المدينة، متّبعة سياسة “الجوع أو الركوع” التي باتت عرفاً لديها بهدف إخضاع السكان لمطالبها. وبات الحصار خانقاً على الأهالي الذين يطالبون برفعه عنهم ووقف القصف، في حين يتخوّفون من مجازر قد تُرتكب في حقّهم.
ويزداد الوضع الإنساني سوءاً مع تواصل الحصار والقصف مثلما يقول الناشط الإعلامي من أبناء مدينة درعا محمد الحوراني لـ”العربي الجديد”، لافتاً إلى “مناشدات يطلقها الأهالي للخروج من الأحياء المحاصرة التي تقصفها قوات النظام السوري، في حين يعبّرون عن تخوّفهم من إقدام تلك القوات على ارتكاب مجازر جديدة في تلك الأحياء”.
ويؤكد الحوراني أنّ “الحصار تسبّب في نقص في المواد الغذائية، بالتالي يعتمد الأهالي في الوقت الحالي على المؤونة المحفوظة لديهم وما تبقّى لديهم من طحين وسكر وغير ذلك”. يضيف الحوراني أنّ “التكافل الاجتماعي ينقذ بعض العائلات من الجوع، وثمّة تعاطف كبير بين الأهالي كونهم يتشاركون المصير ذاته”، مشيراً في سياق متصل إلى أنّه “مع تعطيل النقطة الطبية بسبب استهدافها، يُعالج الجرحى والمصابون في منازلهم في الوقت الحالي”.
وقد أعرب كلّ من المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سورية عمران ريزا والمنسق الإقليمي للأمم المتحدة مهند هادي عن قلقهما الشديد إزاء الأعمال القتالية في درعا البلدة التي أسفرت عن ثمانية ضحايا مدنيين على أقلّ تقدير ونزوح أكثر من 10 آلاف و500 شخص، إلى جانب قصف مستشفى السلام بأربع قذائف هاون وتدمير خزّانات مياه وتعطيل عمل وحدة غسل الكلى.
وفي بيان صادر أمس الجمعة، أوضحت الأمم المتحدة أنّ شركاءها في مجال العمل الإنساني مستعدّون لتقديم مساعدة إلى المتضررين في محافظة درعا، مع مطالبات بتسهيل المرور العاجل ومن دون عراقيل للمساعدات الإنسانية إلى المنطقة.
وفي هذا الإطار، يقول أحد الأهالي، متحفظاً على ذكر اسمه لـ”العربي الجديد”، إنّ “الوضع الإنساني سيّئ جداً في الوقت الحالي”، مضيفاً أنّ “الأحياء المحاصرة محرومة تماماً من الكهرباء، فيما يعتمد الأهالي على الآبار السطحية لتوفير المياه”. ويتابع: “يريدون تهجيرنا من منازلنا، لكنّني وكثيرين غيري نرفض المغادرة، مثلما نناشد المجتمع الدولي فكّ الحصار عنّا”.
تجدر الإشارة إلى أنّ الأحياء المحاصرة في مدينة درعا هي أحياء درعا البلدة وطريق السد ومخيّم درعا، ويقيم في هذه الأحياء نحو 50 ألف مدني، علماً أنّ لا نقطة طبية أو مركز صحياً فيها حالياً. وكانت المحافظة قد خضعت لاتفاق تسوية في عام 2018، هُجّر على أثره جزء من السكان إلى الشمال السوري فيما رفضت الغالبية العظمى الخروج.
العربي الجديد
—————————-
درعا تصدّ النظام: المعارضة تحسن أوراقها التفاوضية/ عماد كركص
ساد الهدوء الحذر، يوم أمس الجمعة، عموم محافظة درعا، جنوبي سورية، باستثناء بعض الاشتباكات المتقطعة، وذلك بعد يوم من الاشتباكات العنيفة التي أرجعت المشهد في سورية إلى وضع سابق كانت فيه المعارك والاشتباكات حدثاً يومياً في عموم البلاد، قبل أن تخف وتيرتها بعد توقيع سلسلة من اتفاقات التسوية في مناطق متفرقة، منها درعا في الجنوب السوري.
ومع فشل قوات الفرقة الرابعة التابعة للنظام، التي يقودها ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام بشار الأسد، وتتلقى دعماً إيرانياً كبيراً، باقتحام منطقة درعا البلد داخل مدينة درعا، مركز المحافظة، ومن ثم رد المعارضة بهجوم معاكس أزاح قوات النظام عن حوالي 30 نقطة عسكرية وحاجزاً أمنياً في عموم المحافظة، سجّل عناصر المعارضة تفوقاً ضمن معطيات التطورات الأخيرة في درعا، ليعلن النظام تعليق عمليته. كما نجح عناصر المعارضة بأسر نحو 200 عنصر عسكري وأمني من قوات الفرقة الرابعة والمليشيات التي شاركت بمحاولة اقتحام درعا البلد وغيرهم من العناصر المنتشرين على الحواجز في بلدات مختلفة، واغتنام حوالي 400 قطعة سلاح.
وشهدت محاور درعا البلد، أمس، اشتباكات متقطعة بين الحين والآخر بين المقاتلين المحليين من جانب، وقوات النظام والأجهزة الأمنية التابعة لها من جانب آخر، بحسب “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، الذي لفت إلى أن المفاوضات كانت متواصلة أمس بشأن شروط فك الحصار عن درعا البلد، ولكن من دون التوصل إلى حلول حتى عصر أمس. ووفق “المرصد”، فإن بعض الأسماء المطروحة لترحيلها نحو الشمال السوري ترفض الأمر بشكل قطعي. في سياق متصل، شهدت مدينة الحراك، شرقي درعا، أمس، وقفة احتجاجية تضامناً مع درعا البلد.
وطرح تفوّق المعارضة أسئلة حول ما إذا كان العناصر السابقون في فصائل درعا سيحاولون توسيع نطاق السيطرة الجغرافية في المحافظة بإمكانياتهم التسليحية المحدودة، أم سيكتفون بما أنجزوه لتحسين شروط التفاوض بشأن درعا البلد على طاولة جديدة، بعدما فشلت كل جلسات التفاوض الماضية مع تعنّت النظام وتمسكه بشروطه. وباتت المعارضة اليوم تملك أوراقاً جديدة تعزز موقفها التفاوضي وتدفعها للتمسك بشروطها، بسحب حواجز قوات النظام من درعا البلد وغيرها من البلدات والمواقع، وعدم تسليم السلاح الفردي المتبقي بأيدي العناصر، بالإضافة إلى الحد من تهجير العناصر السابقين في المعارضة مع عائلاتهم نحو الشمال السوري.
وقال مصدر من لجنة درعا البلد، لـ”العربي الجديد”، إنه “كان يتم الاتفاق مساءً مع النظام على التهدئة، ومن ثم تقوم الفرقة الرابعة مع مليشيات إيران بنقض الاتفاق مع ساعات الفجر الأولى وتشن الهجمات وتنفذ عمليات قصف”، مشيراً إلى أنّ “ضباط النظام الذين يتفاوضون معنا قالوا لنا صراحة إنهم لا يملكون تأثيراً على قرار الفرقة الرابعة بإلزامها بأي اتفاق يحدث”. وأضاف أن “الفرقة الرابعة ومليشيات إيران تسعى من خلال كل ما تقوم به للسيطرة على الشريط الحدودي مع الأردن، بهدف تنفيذ عمليات تهريب المخدرات بأريحية، بالإضافة إلى تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة بطرق عدة”.
وأكد المصدر، أنه “على الرغم من سيطرة قوات المعارضة على حوالي 60 في المائة من درعا وريفها، أول من أمس الخميس، وأسر حوالي 200 عنصر للنظام”، بحسب قوله، “إلا أنّ ذلك ليس الهدف، بمعنى توسيع السيطرة الجغرافية على الأرض، وإنما الهدف كان صد الهجوم كرد فعل على التصعيد في المقام الأول، ومن ثم تحقيق مكاسب لتحسين شروط التفاوض على الطاولة”. وأشار إلى أن “الالتفاف والتكاتف من جميع بلدات حوران ودرعا شرقاً وغرباً مع درعا البلد، منحنا نقاط قوة إضافية”.
وكشف المصدر أنه “تم الاتفاق بين اللجان الفرعية في درعا على أن تكون جسماً تفاوضياً واحداً لمواجهة التطورات”، وقال: “مطالبنا واضحة، في مقدمتها انسحاب قوات النظام إلى الثكنات العسكرية الخاصة بها، أما مليشيات الفرقة الرابعة، فإننا نطالب بانسحابها من درعا بالكامل وأن تعود إلى دمشق، لأنها سبب بكل ما يحدث من حرب وفوضى أمنية في المنطقة الجنوبية بكاملها. كما أننا لن نوافق على إحداث تهجير قسري، فلا أحد يمكن أن يتخلى عن أرضه، أما من يريد الخروج برغبته، فلا يمكن أن نمنعه”. وتابع: “نرفض انتشار حواجز قوات النظام داخل المدن والبلدات، ولكن نقبل بانتشار الفيلق الخامس (المدعوم من روسيا والمُشكل من أبناء درعا، بينهم الكثير من عناصر المعارضة السابقين)، كحل وسطي، فهم يبقون أبناء البلد، ولا يمكن أن يشكلوا تهديداً للأهالي كقوات النظام والمليشيات”.
وعلى الرغم من أن النظام وافق مبدئياً، يوم أمس الجمعة، على إيقاف العملية العسكرية على درعا البلد، بمعنى تعليقها، إلى حين تنفيذ عدد من مطالبه، وفي مقدمتها ترحيل المطلوبين أمنياً نحو الشمال السوري، قبل الجلوس على طاولة تفاوض جديدة لحل الأزمة برمتها، لكن احتمال التوصل لاتفاق يبقى صعب التحقيق من دون ضغوط دولية في هذا الشأن. ومن الواضح أن الحملة العسكرية بما يتخللها من مطالب بسحب السلاح الفردي وترحيل المطلوبين نحو الشمال مع عائلاتهم، إجراء تقف وراءه إيران عبر نفوذ الحرس الثوري الذي يسعى للتمدد أكثر فأكثر في الجنوب السوري، وباتت له هيمنة واضحة وكبيرة على قرار “الفرقة الرابعة” التي يحركها الضباط الإيرانيون بشكل كامل. ومع فشل الروس في تعهداتهم، كرعاة لاتفاقات التسوية في درعا والجنوب، بالحد من الانتشار الإيراني عبر المليشيات، يبقى الاحتمال الذي بات مطروحاً، وتحدث قادة في المعارضة لـ”العربي الجديد” في وقت سابق عنه، بأن تلجأ الولايات المتحدة للضغط على الروس لكي يقوموا بالحد من نفوذ مليشيات إيران في الجنوب، وذلك بتقديم واشنطن دعماً للمعارضة في تلك المنطقة، من دون تحديد شكل هذا الدعم وماهيته.
ويشير متابعون إلى أنّ الولايات المتحدة تسعى لضمان عدم تهجير المزيد من المكوّن السني في الجنوب، خشية إحداث تغيير ديمغرافي لصالح إيران يسمح لها بتشكيل حاضنة شعبية تستطيع من خلالها التحكم المطلق بالجنوب والسيطرة عليه، ما يجعل ذلك ورقة بيد طهران للضغط على إسرائيل. ولهذا يصرّ المفاوضون من جانب النظام على نقل مطلب تهجير عناصر المعارضة مع عائلاتهم عند كل جولة تفاوض، مع التشديد على تطبيقه في المقام الأول، في طريق يؤدي لتحقيق أهداف استراتيجية كبيرة، ستحدث، إذا ما طُبقت، تغيّراً في المعادلات، على الأقل في الجنوب السوري.
لكن المعارضة، وبعد أحداث أول من أمس الخميس، وأسرها قرابة 200 عنصر عسكري وأمني من قوات النظام والمليشيات، باتت تملك ورقة مهمة ليس فقط للتفاوض عليها في الأزمة الحالية، وإنما للضغط للإفراج عن معتقلين من أبناء درعا لا يزالون في سجون النظام. كما يعد اغتنام قوات المعارضة حوالي 400 قطعة سلاح من حواجز ومفارز ونقاط قوات النظام بعد السيطرة عليها، نقطة قوة بيدها، إذ كان النظام يطالب بتسليم السلاح الفردي، الموجود أساساً بيد عناصر المعارضة، أما اليوم فسيكون التفاوض على استرداد السلاح المغتنم في الاشتباكات الأخيرة بالمقام الأول. ويُعدّ دحر المعارضة لقوات النظام عن كثير من الحواجز والمفارز المنتشرة في بلدات ريف درعا وعلى مداخلها، بالإضافة لصد الهجوم الواسع على درعا البلد، عاملاً يمكن وضعه في الحسبان من قبل قوات النظام، عند التفكير بمزيد من خيارات التصعيد، إذ أثبت العناصر السابقون في المعارضة عدم فقدان لياقتهم كمحاربين على الرغم من عدم خوضهم معارك لثلاث سنوات، وقدرتهم على التعامل مع أي تصعيد عسكري بما يمليه الموقف.
وتبدو محافظة درعا بعد أحداث يوم الخميس أمام ثلاثة احتمالات؛ الأول تحقيق مطالب المعارضة في درعا بسحب حواجز قوات النظام، وعدم تسليم كل الأسلحة، ورفض التهجير القسري، مقابل تسليم الذين أُسروا في الاشتباكات الأخيرة، وربما تنازلات أخرى لا تؤثر على حقيقة التفوق الذي أحدثته المعارضة. الثاني، تمسّك النظام والإيرانيين بشروطهم، والذهاب نحو مزيد من التصعيد، وهذا الخيار سيفتح الباب أمام احتمال تدخل غربي لمنع تمدد مليشيات إيران في الجنوب، من خلال دعم المعارضة. أما الاحتمال الثالث، فهو أن تعود روسيا لتسلم زمام المبادرة كضامنة لاتفاق التسوية، وتطبيق ما كان اتفاقاً روسياً إسرائيلياً أردنياً (ليس علنياً) حول الجنوب، بضبط الوضع بناء على بنود اتفاق التسوية وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه، بإبقاء السلاح بأيدي المعارضة وضمان عدم التهجير، بالإضافة لأخذ الدور في تقليص الوجود الإيراني في الجنوب شيئاً فشيئاً.
وكانت المعارضة، عبر لجانها الفرعية والمركزية (شُكّلت من عناصر المعارضة المدنيين والعسكريين في درعا بعد اتفاق التسوية لتقود عمليات التفاوض مع النظام والروس)، قد اتهمت الروس بأنهم وسيط غير نزيه، لا سيما حيال تصعيد النظام أخيراً في المحافظة، إذ وقف الروس مكتوفي الأيدي أمام تجاوزات النظام وخرقه لاتفاقات التسوية. أما اليوم، فبات لدى المعارضة ما يمكنها من الضغط على الروس والنظام معاً، لتحقيق اتفاق مرضٍ، ربما يتضمن شروطاً جديدة.
العربي الجديد
————————
سورية: نزوح آلاف المدنيين من درعا والأمم المتحدة قلقة حيال التصعيد/ عماد كركص
واصل المدنيون القاطنون في أحياء طريق السد ومخيم اللاجئين الفلسطينيين ومخيم أبناء الجولان المحاصرة داخل مدينة درعا جنوبي سورية، النزوح إلى الأحياء الأكثر أمناً. فيما أعربت الأمم المتحدة، في بيان الجمعة، عن قلقها الشديد إزاء الأعمال القتالية في المنطقة التي تحاصرها قوات النظام والمليشيات الموالية لها، وتسعى إلى دخولها.
وقال الناشط محمد الحوراني لـ”العربي الجديد” إن قوات النظام ما زالت تحشد قواتها حول الأحياء المحاصرة بالرغم من الهدوء الذي شهدته اليوم، ما أدى بأكثر من 10 آلاف مدني إلى الخروج من هذه الأحياء إلى أحياء أكثر أمناً، عبر حاجز السرايا.
وأوضح أن معظم الخارجين هم من الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى، الذين تأثروا كثيراً بالحصار الذي فرضته قوات النظام، خاصة قوات الفرقة الرابعة التي يقودها شقيق رئيس النظام ماهر الأسد، والمليشيات الموالية لها، منذ أكثر من شهر.
وفي غضون ذلك، أعرب كل من المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سورية عمران ريزا، والمنسق الإقليمي للأمم المتحدة مهند هادي، عن قلقهما الشديد إزاء الأعمال القتالية في درعا البلد، التي أسفرت عن ثمانية ضحايا مدنيين على الأقل، ونزوح أكثر من 10 آلاف و500 شخص، وقصف مستشفى السلام بأربع قذائف هاون، وتدمير خزانات مياه، وتعطيل عمل وحدة غسيل الكلى.
وطالبا في بيان للأمم المتحدة، كافة الأطراف، بتوخي العناية المستمرة لتجنيب المدنيين والأماكن المدنية التعرض للأذى، وبالسماح وتسهيل المرور العاجل بدون عراقيل للمساعدات الإنسانية للمنطقة.
ومن جهة أخرى، أدانت الخارجية الفرنسية تصعيد النظام في درعا، وأشارت إلى أنه “لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري للصراع الدائر في سورية، ولن تنتهي المأساة السورية إلا عبر عملية سياسية شاملة تستند إلى قرارات مجلس الأمن”، مؤكدة من جديد “التزامها بمكافحة الإفلات من العقاب لأخطر انتهاكات القانون الإنساني الدولي”.
إلى ذلك، ذكر “تجمع أحرار حوران” المختص بأخبار الجنوب السوري، أن اللجان المركزية في المنطقة أنهت اجتماعها مع اللجنة الأمنية التابعة للنظام، وتوصّلت إلى بوادر حل مبدئية، مشيراً إلى تأجيل استكمال المفاوضات إلى السبت.
ولفت إلى أن قوات النظام قصفت بالمدفعية الثقيلة محيط منطقة تل السمن، شمال مدينة طفس في ريف درعا، ولم يشر إلى وقوع أضرار بشرية أو مادية.
ودارت، الجمعة، مواجهات متقطعة بين العناصر المحليين وقوات الفرقة الرابعة على أطراف أحياء درعا البلد، كما شنت الأخيرة حملة دهم وتفتيش في بلدة “المجيدل” في منطقة اللجاة بريف درعا الشرقي.
وتقدّر مساحة المنطقة، التي تحاصرها قوات النظام، بنحو ثلاثة كيلومترات مربعة يقطنها نحو 50 ألف نسمة، يتوزّعون على نحو 11 ألف عائلة، ولا يوجد فيها إلا مخبز واحد ومركز صحي واحد أيضاً.
العربي الجديد
————————
درعا:لا مفاوضات حقيقية..والنظام يعزز حشوده العسكرية
تسود حالة من التوتر مختلف أنحاء محافظة درعا، تزامناً مع انعقاد جلسات المفاوضات بين قوات النظام واللجنة المركزية في حوران، وسط معلومات عن التوصل إلى صيغة حل سلمي برعاية روسية خلال الساعات القادمة.
واستقدمت قوات النظام تعزيزات عسكرية إلى حواجز مدينة جاسم، بالإضافة إلى تعزيزات بأسلحة ثقيلة من بينها دبابات إلى حاجز السهم وحاجز الجابية بريف درعا.
وقال موقع “سبوتنيك” الروسي إن قوات النظام أرسلت دبابة “تي-55إم في” التي تتمتع بميزات قتالية ودفاعية إلى المحافظة. وتحتوي الدبابة على نظام للتحكم في إطلاق النار باستخدام جهاز تحديد المدى بالليزر وجهاز حساب باليستي، وهو ما يشير إلى نية النظام استكمال حملته العسكرية رغم جولات المفاوضات.
وقُتل طفل وأًصيب رجلٌ بجروح نتيجة استهدافهما بالرصاص من قبل عناصر حاجز يتبع للمخابرات الجوية على طريق نامر-خربة الغزالة بريف درعا الشمالي الشرقي حيث كانا في طريقها إلى الفرن الآلي ضمن بلدة خربة الغزالة.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن عملية تبادل جرت بين اللجنة المركزية بريف درعا الغربي وممثلين عن قوات النظام، حيث جرى تسليم جثث 4 مقاتلين محليين بينهم قيادي سابق بالفصائل مقابل تسليم جثة ضابط في الفرقة الرابعة قضى خلال الاشتباكات.
ووسط تلك التطورات نزح الآلاف من مناطق درعا البلد والسد والمخيم في مدينة درعا، بحثاً عن أماكن أكثر أمناً، وهرباً من هجمات قوات النظام على مناطقهم. ولجأ معظمهم إلى أحياء درعا المحطة، رغم صعوبة التنقل بين المناطق وإطباق قوات النظام حصارها على البلدات والقرى، خصوصاً بعد الحديث عن مواصلة النظام إرسال قواته إلى المحافظة.
وزعم المركز الروسي للمصالحة في سوريا أن الجيش السوري تمكن من تحقيق الاستقرار في محافظة درعا. وقال نائب رئيس المركز الروسي للمصالحة اللواء فاديم كوليت إنه “بفضل جهود القوات المسلحة السورية تم تحقيق استقرار الوضع، واعتبارا من 30 تموز/يوليو تم الإعلان عن وقف إطلاق النار”.
ونفت مصادر المعارضة التوصل إلى اتفاق مؤكدة أن المفاوضات ليست حقيقية حتى الساعة. وبحسب المصادر فإن الأهالي يطالبون بتوقيع اتفاق جديد يطلبون من خلاله العودة إلى الاتفاق الموقع عام 2018، والافراج عن المعتقلين، كذلك عدم دخول الأمن إلى درعا البلد وإخراج المليشيات الطائفية، حيث تم تقديم طرح بأن تكون المنطقة تحت إشراف اللواء الثامن، كون عناصره من المحافظة، إلا أنه لم يتم تثبيت المقترح بعد.
وقالت مصادر محلية إنه لا مفاوضات حقيقية تجري حتى اللحظة، بل اجتماع وحيد تم بين اللجنة الموحدة وبين الجهات الرسمية، طالبوا فيه بمفاوضات واتفاق جديد. وأكدت المصادر أن قرار أهالي درعا ذاتي المنشأ، غير مرتبط بفصيل او جهة او دولة، وأن من في الخارج هبوا للدعم الإعلامي والإغاثي المدني.
قلق دولي
وأعربت وزارة الخارجية الأميركية عن قلقها من التصعيد في درعا بما في ذلك التقارير عن إلحاق الأذى بالمدنيين، والظروف الصعبة للغاية والمقيدة التي يفرضها النظام السوري على السكان، إضافة إلى ما أفادت به مجموعات حقوقية سورية عن مقتل مدنيين في القتال مع نزوح الآلاف ومعاناة آلاف آخرين من نقص الغذاء والأدوية.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية لموقع “الحرة” الأميركي إن هذه الأحداث دليل إضافي على ما قالته الولايات المتحدة منذ فترة طويلة عن أن الأزمة الإنسانية في سوريا هي نتيجة مباشرة لهجمات نظام الأسد المروعة والقاسية على الشعب السوري، ولا يمكن حل النزاع إلا من خلال الانتقال السياسي بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي 2254.
ودعا المسؤول الأميركي والذي فضل عدم كشف هويته جميع الأطراف إلى وقف التصعيد على الفور والسماح للمساعدات والمدنيين بالتحرك بحرية.
من جهتها دانت وزارة الخارجية الفرنسية التصعيد، وقالت إن “المأساة السورية لن تنتهي إلا من خلال عملية سياسية شاملة تستند إلى قرار مجلس الأمن 2254”.
واعتبرت أن هجوم درعا الأخير “يؤكد أنه في غياب عملية سياسية ذات مصداقية، فإن سوريا، بما في ذلك المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، لن تستعيد الاستقرار. ولا يمكن أن يكون هناك حل عسكري دائم للصراع السوري”.
وتابعت: “تؤكد فرنسا من جديد التزامها بمكافحة الإفلات من العقاب عن الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان في سوريا”.
المدن
—————————-
هدوء حذر في جنوب سوريا على وقع مفاوضات بوساطة روسية
بعد يوم دامٍ قُتل فيه عشرات باشتباكات وقصف
درعا: رياض الزين
ساد هدوء حذر في درعا جنوب سوريا بعد يوم دامٍ تضمن قصفاً من قوات النظام وأسر مقاتلين معارضين لعشرات العناصر منه، على وقع مفاوضات بوساطة روسية بين ممثلي الجنوب والحكومة.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أمس، إن محاور درعا البلد ضمن مدينة درعا «شهدت اشتباكات متقطعة بين الحين والآخر، بين المقاتلين المحليين من جانب، وقوات النظام والأجهزة الأمنية التابعة لها من جانب آخر، وسط استمرار المفاوضات دون التوصل إلى حلول حتى اللحظة»، لافتاً إلى أن «بعض الأسماء المطروحة لترحيلها نحو الشمال السوري ترفض الأمر بشكل قطعي».
على صعيد متصل، شهدت مدينة الحراك شرقي درعا وقفة احتجاجية بعد ظهر الجمعة تضامناً مع درعا البلد.
وقال «المرصد»، إن حصيلة الخسائر البشرية تواصل ارتفاعها على خلفية الأحداث التي شهدتها محافظة درعا «مع مفارقة جرحى للحياة وتوثيق مزيد من القتلى؛ إذ بلغ عدد الذين قضوا بصواريخ ورشاشات وقذائف قوات النظام 11، هم: 3 أشخاص بينهم طفل دون الـ18 في درعا البلد ورجل في جاسم، وامرأة وطفلها و3 أطفال آخرين ورجلَان في مجزرة بلدة اليادودة»، في حين بلغ تعداد المقاتلين المحليين الذين قضوا بقصف واشتباكات مع قوات النظام 9، هم: 4 مقاتلين في درعا البلد ومقاتل في جاسم ومقاتل في المزيريب، و3 مقاتلين في محيط طفس، بينهم قيادي كان النظام يطالب بترحيله إلى الشمال السوري. وكان 8 من عناصر قوات النظام قُتلوا في المواجهات.
وكان «المرصد» أشار إلى انسحاب عناصر «المخابرات» التابعة لقوات النظام من بعض الحواجز وتجمعوا في مواقع أخرى ضمن الريف «الدرعاوي»؛ وذلك تزامناً مع المفاوضات التي جرت في الملعب البلدي بدرعا، حيث انسحب حاجز المخابرات الجوية المتمركز بين بلدتي بصر الحرير – ناحته، وانسحب حاجز أمن الدولة الثاني المتمركز في بلدة البوير في منطقة اللجاة في ريف درعا. واتفق ممثلون عن أهالي مدينة درعا والوفود القادمة من ريف درعا الشرقي والغربي، على تشكيل لجنة مشتركة، وسط معلومات عن موافقة اللجنة الأمنية في محافظة درعا وبضغط من روسيا تطبيق بنود الاتفاق السابق والذي يقضي بخروج المسلحين الرافضين للتسوية.
وفي شرق درعا، ارتفع إلى 18 على الأقل، تعداد الحواجز التي سيطرت عليها الفصائل و11 منطقة. أما في القطاع الغربي، فتمكن المسلحون المحليون حتى اللحظة من السيطرة على 6 نقاط وحواجز في تسيل والبكار والشجرة. وتمكن المسلحون من أسر أكثر من 40 عنصراً في قوات النظام والمسلحين الموالين لها خلال هجماتهم المتفرقة منذ الصباح بريفي درعا الشرقي والغربي.
وأفاد «المرصد» عن لقاء في الملعب البلدي بدرعا، ضم قيادات أمنية وضباط في الفرقة الرابعة التابعة للنظام السوري مع ممثلين عن أهالي حوران واللجنة المركزية في درعا، وذلك بطلب من القوات الروسية التي تشرف على المفاوضات، حيث بدأت جولة مفاوضات جديدة، دون التوصل لنتائج حتى الآن.
وتعتبر درعا «مهد» الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت قبل عشرة أعوام ضد النظام. ورغم توقيع الفصائل المعارضة فيها اتفاق تسوية مع دمشق، برعاية روسية، إثر عملية عسكرية في عام 2018، فإنها تشهد بين الحين والآخر فوضى واغتيالات وهجمات.
وأفاد «المرصد» عن معارك عنيفة اندلعت بين قوات النظام والمجموعات الموالية لها من جهة ومقاتلين محليين من جهة ثانية في مناطق متفرقة في المحافظة، بينها مدينة درعا.
وتسببت الاشتباكات، التي وصفها المرصد بـ«حرب حقيقية»، بمقتل ثمانية عناصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، مقابل خمسة من مقاتلي الفصائل المسلحة.
وبدأ التصعيد مع قصف قوات النظام درعا البلد، معقل فصائل المعارضة سابقاً، بالصواريخ وقذائف الهاون تمهيداً لاقتحامها برياً. ورد مقاتلو الفصائل باستهداف حواجز ونقاط تابعة لقوات النظام في ريفي درعا الشرقي والغربي. وتمكنوا من أسر أكثر من «40 عنصراً من قوات النظام».
ونقلت وكالة «سانا» عن مدير الهيئة العامة لمستشفى درعا الوطني، أن مدنيَين قُتلا، أحدهما طفل، وأصيب آخرون بجروح متفاوتة برصاص وقذائف الهاون التي أطلقها الإرهابيون على أحياء درعا.
وتعد الاشتباكات الخميس وفق «المرصد»، «الأعنف والأشمل منذ سيطرة النظام على درعا».
ودرعا المحافظة الوحيدة التي لم يخرج منها كل مقاتلي المعارضة بعد استعادة النظام السيطرة عليها عام 2018.
ووضع اتفاق تسوية رعته موسكو حداً للعمليات العسكرية بين قوات النظام والفصائل المعارضة. ونصّ على أن تسلم الفصائل سلاحها الثقيل، لكن عدداً كبيراً من عناصرها بقوا في مناطقهم على عكس ما حصل في مناطق أخرى استعادها النظام، واحتفظوا بأسلحة خفيفة، في حين لم تنتشر قوات النظام في أنحاء المحافظة كافة.
وتشهد المنطقة بين الحين والآخر توترات واشتباكات. وكان «المرصد» أحصى في مارس (آذار) مقتل 21 عنصراً على الأقل، من عناصر الفرقة الرابعة والمخابرات، في كمين نصبه مقاتلون مسلحون في ريف درعا الغربي.
وخلال الأسابيع الماضية، أفادت وسائل إعلام سورية محلية عن حشد عسكري لقوات النظام عند أطراف المدينة، تزامن مع عقد اجتماعات عدّة بين ممثلين عن المجموعات المقاتلة والحكومة السورية.
الشرق الأوسط
——————-
اتفاق لوقف إطلاق النار في درعا برعاية روسية
توصلت لجان درعا المركزية ونظام الأسد برعاية روسية إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في درعا صباح اليوم السبت، بحسب مصادر محلية.
وقالت المصادر لموقع تلفزيون سوريا: إن “الاتفاق يحمل بوادر حل أولية بين الطرفين وسيتم استكمال المفاوضات اليوم، مشيرة إلى أن الاتفاق لا يوضح ما إذا كان النظام سيدخل إلى درعا البلد أم لا”.
وكان وجهاء ريف درعا الشرقي واللواء الثامن أطلقوا ليل أمس سراح أسرى النظام شرقي درعا ضمن بنود الاتفاق، في حين ما زال عشرات الضباط وعناصر للنظام محتجزين بريف درعا الغربي.
ومنذ مساء أمس جمع نظام الأسد قواته في منطقة اللواء 52″ ميكا” وسحب معظم حواجزه المنتشرة في ريف درعا الشرقي خوفا من قيام مجموعات محلية بالهجوم عليها.
كما أطلق النظام سراح عدد من الأسرى الذين كانوا محتجزين لدى مجموعات من أبناء محافظة درعا، بعد تدخل وجهاء وأعضاء اللجنة المركزية لريف درعا الشرقي واللواء الثامن التابع للفيلق الخامس كشرط للتفاوض.
وتمركز على حواجز نظام الأسد والتي كانت منتشرة في الريف الشرقي منذ صباح اليوم السبت عناصر مسلحة محلية لحماية القرى والبلدات، كما انتشرت عناصر تابعة للواء الثامن التابع للفيلق الخامس على حواجز بلدات صيدا والجيزة وكحيل والحراك والطيبة، ورصد تلفزيون سوريا غيابا تاما لعناصر نظام الأسد وآلياته في الريف الشرقي من المحافظة.
استهداف للمدنيين والبلدات
وشرقي درعا قتل مدني وأصيب آخر إثر استهدافهم من قبل حاجز المخابرات الجوية بالقرب من بلدة نامر، وذلك أثناء ذهابهم لشراء الخبز من بلدة خربة غزالة شرقي درعا.
أما في ريف درعا الغربي، فقد استهدفت قوات الأسد فجر السبت بلدات اليادودة والمزيريب ومحيط بلدة طفس وتل السمن، الذي سيطر عليه شبان المنطقة أخيرا.
نزوح مئات العوائل من درعا البلد في ظل أنباء عن نية النظام اقتحام الحي
وسحبت قوات النظام آلياتها العسكرية وحواجزها من منطقة الري ومحيط بلدة طفس إلى منطقة الضاحية بمدينة درعا.
وقالت صفحة تبادل الأسرى إنها تسلمت جثث 4 شبان قتلوا أثناء الاشتباكات يوم الجمعة، مقابل إطلاق سراح ملازم تابع للفرقة الرابعة.
واستقدم النظام مزيدا من التعزيزات من (اللواء 112) بمحيط مدينة إزرع وتلال محجة وسط درعا، باتجاه أحياء درعا البلد ومنطقة غرز وحي طريق السد، وشملت آليات ثقيلة ودبابات ومدافع وراجمات صواريخ من طراز (جولان) شديدة الانفجار.
تلفزيون سوريا
——————————
واشنطن: أحداث درعا دليل إضافي على مسؤولية الأسد عن الأزمة الإنسانية في سوريا
قال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إن الأحداث في درعا “دليل إضافي على ما قالته الولايات المتحدة منذ فترة طويلة بأن الأزمة الإنسانية في سوريا هي نتيجة مباشرة لهجمات نظام الأسد المروعة والقاسية على الشعب السوري”.
وعبر المسؤول، الذي نقلت عنه قناة “الحرة” الأميركية، من دون أن تذكر اسمه، عن “قلق الولايات المتحدة البالغ إزاء الوضع في درعا، بما في ذلك التقارير عن إلحاق الأذى بالمدنيين، والظروف الصعبة للغاية والمقيدة التي يفرضها نظام الأسد على السكان المدنيين، إضافة إلى ما أفادت به مجموعات حقوقية سورية عن مقتل مدنيين في القتال، مع نزوح الآلاف ومعاناة آلاف آخرين من نقص الغذاء والأدوية”.
ووجه المسؤول الأميركي دعوة إلى جميع الأطراف لوقف التصعيد على الفور والسماح للمساعدات والمدنيين بالتحرك بحرية، مؤكداً على أنه “لا يمكن حل النزاع إلا من خلال الانتقال السياسي بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي 2254”.
6 أطفال بين الضحايا المدنيين
والثلاثاء الماضي خرق نظام الأسد اتفاق درعا، الذي جرى بين اللجنة المركزية وممثلين عنه بضمان روسي، لتبدأ قوات النظام بتحريك العربات العسكرية وعشرات الدبابات إلى الأطراف الجنوبية الغربية لمدينة درعا وأخرى إلى محيط حي المخيم، الأمر الذي تسبب ببدء حركة نزوح الأهالي من المنطقة.
وشنت قوات النظام، مدعومة بميليشيات محلية، صباح أول أمس الخميس هجوماً على أحياء درعا البلد من ثلاثة محاور، استخدمت فيه جميع أنواع الأسلحة وراجمات الصواريخ وصواريخ “الفيل”، في محاولة منها لاقتحام الحي، لكن أبناء درعا البلد تصدوا للهجوم وكبدوا قوات النظام والميليشيات الموالية له خسائر.
ووثّقت تقارير صحفية وحقوقية مقتل 15 مدنياً، بينهم 6 أطفال، بقصف مدفعي لقوات النظام على مناطق متفرقة من محافظة درعا جنوبي البلاد عقب تصدي المعارضة لهجوم بهدف السيطرة الكاملة على حي درعا البلد.
ورداً على الهجوم، انتفض ريفا درعا الشرقي والغربي، حيث سيطرت مجموعات مقاتلة من أبناء المنطقة على أكثر من 20 حاجزاً وموقعاً عسكرياً لقوات النظام وأجهزة مخابراته، وتمكنوا من أسر أكثر من 100 عنصر وقتل أكثر من 10 آخرين.
—————————-
درعا.. رسائل المتقاتلين من جهة الجنوب/ عبد الرزاق دياب
كما لو أنها أول النار التي هبت من الجنوب لتأخذ معها كل الجهات السورية نحو مصائر مختلفة.. هكذا استشعر السوريون ما يحدث في درعا خلال الأيام الأخيرة من هجمة النظام وميليشيات إيران لفرض أمر واقع جديد تهيأت ظروفه نتيجة عوامل إقليمية ودولية، وأما مشاهد الموت فلم تعد في نظر العالم سوى تكرار للموت السوري العادي الذي لا يحرك ضميراً أو سخطاً إنسانياً.
الرسائل التي سبقت المغامرة الجديدة للنظام جاءت واضحة بمنحه إذن الهجوم عبر جملة من التصريحات العربية والدولية، وبدأها الأردن على لسان مليكه الذي خرج من البيت الأبيض معلناً بقاء النظام إلى أمد طويل، وتلتها قرارات بفتح المعابر وعبور الشاحنات السورية إلى دول الخليج أي إن الموافقة العربية باتت معلنة في ضخ الأوكسجين في رئة الاقتصاد المتداعي للنظام ريثما تتم تهيئة واقع على الأرض لإعلان عودته إلى كرسيه في جامعة الدول العربية بين جمهرة الحكام الشرعيين لأوطان تحتضر على خريطة الشرق المنهك.
أما الرسالة الأم فهي أميركية محضة تأمر وتنهي بأن لا رغبة لدى الإدارة الأميركية في تغيير النظام بل هي تعديل بسيط للسلوك، وأما التصريحات حول السلوك الوحشي فهي ليست سوى لدغدغة مشاعر المعارضين واستمرار خداعهم بإنسانية أميركية زائفة يتم التعبير عنها ببعض المساعدات الإنسانية المشروطة التي تبقي الميت على قيد الحياة ريثما يتم الإجهاز عليه بطلقة الرحمة.
رسائل أخرى تم تعميمها على جيران درعا في الجنوب بأن التضامن ولو بالصياح والبيانات محرم عليهم وإلا سيتم فتح الباب لتأديبهم، وهذا ما حملته الأنباء عن عودة (داعش) واحتمال قيامها بهجمة جديدة على السويداء، وهذه رسالة تهديد باتت غير عصية على فهم السوريين الذي يقرؤون جيداً بحكم الخبرة مع النظام وأعوانه أنها قابلة للتنفيذ وقد جربوها سابقاً في مباغتة قاتلة للقرى في فجر دموي كاد أن يجر الجيران من أعناقهم إلى السكاكين.
في التفاصيل التي تحدث على الأرض تستعجل ميليشيات إيران الوثوب على المدينة الرمز لتحويلها إلى جبهة ممانعة قرب الحدود مع إسرائيل لاستكمال الطوق الزائف من الجعجعة المقاومة، وهذا ما يعطي المشروعية لها ولأتباعها في البقاء طويلاً بذريعة التصدي للاحتلال الإسرائيلي وطموحاته، وتلقى هذه المحاولة صداها لدى الجوعى من السوريين الذي باتوا ينامون على أمل الاستيقاظ خارج واقع العتمة ومطاردة الرغيف الذي صار بقدر البطون موزعاً وفق قوائم يتم تعديلها وفق صفقات القمح المهرب.
الروس بدورهم لا يرون مانعاً فيما يتم تنفيذه لكونه يحقق لهم توجيه رسائل قاسية للأميركي في أنهم هم من يحكمون القبضة هنا، وكذلك للإسرائيلي الذي يقبض على السماء السورية بطائراته وصواريخه عبر رفع قدرة الدفاعات السورية للتصدي للغارات والصواريخ، ورسائل للسوريين في الداخل لكنها تحمل روحاً أخرى من التضامن معهم بلقاءات شكلية رسمية واتفاقات موقعة لإنقاذ الاقتصاد والدولة من ورطة العجز والحصار.
أما في خيارات الدفاع عن المدينة وريفها فالنظام يدرك أن القسوة ضد المدنيين هي السبيل الوحيد لإعادة فرض السيطرة الشكلانية عليها، وهذا بالضبط ما تم في الأيام الأولى للهجمة، وثاني الوسائل إطباق الحصار وقطع الكهرباء، وإغلاق المعابر الإنسانية يساهم فيها الأردن بذرائع مختلفة، وفي ظل هذه الأوضاع سيتم التفاوض على تنازلات تقدمها المعارضة من ترحيل لأسماء بعينها إلى الشمال السوري، وتسليم للسلاح وانضواء تحت راية القوات التي أنشأتها روسيا في الجنوب.
بالمقابل خيارات المعارضة السورية السياسية معدومة فلا يوجد من يسمعها حتى من المعارضين أنفسهم بعدما أفقدتها الصراعات الساذجة في صفوفها القدرة على التأثير، وأما عسكرياً فلن تجدي طلقات التضامن فقط في مساعدة الجنوب لذلك تبقى لأهالي حوران خيارات الصمود ضمن الإمكانيات المتاحة.
بواقعية محضة لدرعا صاحبة الصيحة الأولى أن ترى خلاصها وسلامها وفق ما تراه من دون أوهام أسقطت ما قبلها بالوعود والكلام.. وسلام للجنوب الأخير.
تلفزيون سوريا
———————————
قلب معادلات معركة درعا/ كمال اللبواني
يحشد النظام بدعم روسي ومشاركة إيرانية الكثير من القوات استعداداً لخوض معركة فرض سيطرته التامة على درعا ومحيطها لاستكمال تقويض كل قوة معارضة له هناك حافظت على وجودها بعد اتفاق سوتشي الذي تعهدت فيه روسيا بحماية المقاتلين الذين يسلمون سلاحهم الثقيل ويسمحون للنظام بعودة الانتشار في المنطقة المحررة.
وهكذا تآكلت الضمانات الروسية والعربية للمقاتلين هناك وتبخرت وعودهم وترك أهل درعا والبلدات المجاورة لرحمة النظام الذي يهدد ويتوعد ويعمل جاهدا على افتعال إشكالات تنتهي بتهجير أكبر عدد ممكن من سكان المنطقة نحو إدلب تمهيداً لضمان سيطرته العسكرية الأمنية الكاملة التي أصبحت بقيادة إيرانية صرفة عملياً، فمنطقة الجنوب تدار كليا من هيئة قيادة حزب الله والحرس الثوري تتخذ من اتحاد الفلاحين في دمشق مقرا رئيساً لقيادته، وكل قطعات الجنوب تعمل بأمرة هذه الأركان الإيرانية وليس أركان الجيش السوري التي تحولت لمجرد غطاء تمويه للوجود الإيراني.
ايران تشعر بخطر الضغوط المطبقة عليها في لبنان وسوريا وتريد الاستعداد لتوجيه رسائل ساخنة في حال تزايدت الضغوط ولم تفلح بتحصيل ما تريده في التفاوض مع الأمريكي، الذي صار ميالاً للتشدد أكثر، بينما يسعى النظام السوري لتحسين علاقاته مع الغرب لتخفيف الضغط عن الروسي وعنه بتقديم بعض المعلومات السرية عن التحركات الإيرانية التي تستهدفها طائرات سلاح الجو الإسرائيلي بترحيب وصمت كامل من النظام ودفاعاته الجوية ومن الروسي تعبيراً عن حسن نيته، وهكذا يشعر الإيراني بثقل الضغوط وخيانة الحلفاء ويسعى لتثبيت موقعه في الجنوب السوري ليستعمله بدلاً عن جنوب لبنان، كمنصة لإرسال الرسائل الساخنة لإسرائيل وضمنا الاستعداد للتحرك على الملعب الأردني في حال تم استهدافه في العمق كرد في العمق يقلب الموازنين في المنطقة.
يقبل الإسرائيلي -المتردد في دخول حرب واسعة- ما يقدمه له النظام السوري، ويتغاضى عن سلوك النظام تجاه شعبه، وهكذا تجمعت مصالح الفرقاء لتحقيق مكاسب على حساب أهل درعا وثورتها، ولم يعد هناك أي طرف يعترض على حشود النظام وتهديده بالاقتحام والقتل والتهجير، وربما توافقت المصالح بين إيران وإسرائيل والنظام وروسيا في تفريغ أكبر قدر من السكان من الجنوب وبشكل خاص درعا ومحيطها نحو الشمال، فالإيراني يستشعر الخطر من الحاضنة الاجتماعية، والإسرائيلي ربما يفكر في إقامة كيان مستقل ذاتيا ذي طابع درزي في الجنوب في حال سارت الأمور نحو تكريس التقسيم والتقاسم في سوريا، دولة كردية ودولة علوية ودولة إيرانية في الوسط، ودولة إخوانية في الشمال، ودولة درزية في الجنوب تضم ثلاث محافظات، حتى لو اضطره ذلك للدخول عسكريا للمنطقة لكنس الوجود المعادي له، فهو يفضل أن لا تكون مأهولة.
لا يوجد من هو متحمس لإيجاد حل شامل للمسألة السورية ولا تطبيق قرار مجلس الأمن 2254، بل الجميع يرغب ضمنا ببقاء لعبة التقاسم التي يدفع الشعب السوري ثمنها وحده ، وقد جاء الدور على مئات الآلاف من السكان في الجنوب وصار مصيرهم التهجير، ولكي نتجنب ذلك نرى أن قلب هذه المعادلة يتطلب مناورة سياسية يقوم بها سكان الجنوب عبر تحالفهم مع الإيراني الذي هو بأمس الحاجة لشريك وحاضنة اجتماعية في الجنوب، مستقلة عن النظام الذي يخونه.
هذه الطريقة الوحيدة التي تمكن الشعب هناك من البقاء في الأرض، فالقوة الرئيسية الأرضية هي القوة الإيرانية، وإذا توقفت إيران عن سياسة التهجير ووجدت حلا يناسبها ويبقي على المدنيين، فسوف يسقط في يد الروسي والنظام، ويدفع ببقية اللاعبين لاستشعار الخطر من تحول الشعب السوري لمحور الممانعة، خاصة مع تحالف الإخوان وإيران وتركيا معاً، وهذا ما سيدفعهم للبحث عن حل شامل للقضية السورية، فقط هذه الحركة من مقاتلي وثوار درعا يمكنها أن تحقق نتائج مفيدة للشعب السوري ولأهلنا في درعا، وغير ذلك هو انتحار وخروج من المعادلة.
ليفانت
——————————–
درعا البلد.. “التهدئة” مستمرة و”نقطة خلاف” تحوّل دون الاتفاق النهائي
تعيش أحياء درعا البلد في حالة “تهدئة” لليوم الثاني على التوالي، في ظل اجتماعات يعقدها نظام الأسد مع اللجان المحلية الممثلة عن مناطق المحافظة.
وحتى الآن لم تخرج الاجتماعات بأي اتفاق نهائي، بحسب ما قالت مصادر مطلعة لـ”السورية.نت”، اليوم السبت.
وأضافت المصادر أن لجان التفاوض المركزية المشتركة أنهت اجتماعها مع اللجنة الأمنية في درعا، مساء أمس، وتم الاتفاق مجدداً على استمرار “خفض التصعيد”، حتى استكمال المشاورات.
وبالتزامن مع اجتماع أمس أوضحت المصادر أنه جرت عملية تبادل للجثث بين قوات الأسد ومقاتلي المعارضة.
كما تم إطلاق سراح معظم الأسرى الذين تم احتجازهم في اليوم الأول من الحملة العسكرية.
وتابعت المصادر: “الوضع هادئ في الوقت الحالي، بانتظار حل نقطة خلاف ما تزال عالقة بين وفد نظام الأسد ولجان التفاوض المشتركة”.
وبينما يريد نظام الأسد خروج عدد من المطلوبين أمنياً من المحافظة، تصر اللجان على مطلب وحيد: “الخروج إما للجميع أو لا أحد”.
ولم يصدر أي تعليق رسمي من جانب النظام السوري حتى الآن، فيما ألمحت وسائل إعلام موالية له إلى توجه للتهدئة في الأيام المقبلة، بعيداً عن أي تصعيد عسكري على الأرض.
ويوم أمس الجمعة عبّر مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية عن “قلق الولايات المتحدة البالغ إزاء الوضع في درعا بما في ذلك التقارير عن إلحاق الأذى بالمدنيين، والظروف الصعبة للغاية والمقيدة التي يفرضها النظام السوري على السكان”.
ودعا المسؤول، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه في تصريح لموقع قناة “الحرة” “جميع الأطراف إلى وقف التصعيد على الفور والسماح للمساعدات والمدنيين بالتحرك بحرية”.
وأضاف أن “هذه الأحداث دليل إضافي على ما قالته الولايات المتحدة منذ فترة طويلة بأن الأزمة الإنسانية في سورية هي نتيجة مباشرة لهجمات نظام الأسد المروعة والقاسية على الشعب السوري، ولا يمكن حل النزاع إلا من خلال الانتقال السياسي بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي 2254”.
—————————
=========================
تحديث 04 آب 2021
—————————-
درعا: الثَّورة من الوطنيّة إلى المحلّية/ عمّار ديّوب
بدأت الثورة السورية بالمعنى التأسيسي من درعا البلد، وواجهها النظام بأسوأ الأشكال. ناصرتها فوراً بقية بلدات درعا والغوطة واللاذقية وحمص ودير الزور وغيرها.
كانت القضية شعبية بامتياز ووطنية بامتياز، وواعية لهمجية النظام وعدم مصالحته الشعب عن حرب الثمانينيات “الطائفية” وسواها؛ فحاول الثوار رفض العمل المسلح، والطائفية، وتكريس شعار “الشعب السوري واحد”.
كانت الشرارة الأولى لشباب علمانيين بأغلبيتهم، وليس في منظورهم السياسي أي اتجاهات سلفية أو جهادية، وبالطبع هناك كتلة مؤمنين شاركوا منذ بداية الحراك، ولكن من الزاوية الشعبية والوطنية أولاً.
الميل السلفي والجهادي والرغبة بالتسليح وتعزيز المناطقية والمحلية، جاءت كخطوة لاحقاً، وبعد أن شعرت هذه القوى أن النظام يتقهقر ورغبت بسرقة الثورة، وبعد أن قمع بشدة التنسيقيات الأولى وبدأت فصائل الجيش الحر تتهالك، وبالتالي تهمشت الفئات العلمانية، وأصبح عددها قليلاً.
هنا تقدمت الفئات الأخرى بقوّة، وتعاون من أجل ذلك الجهاديون الذين أخرجهم النظام من معتقلاته، والإخوان المسلمين، وبدرجة أقل السلفيون، خصيصاً لتشويه الثورة.
في البداية، لم تظهر هذه القوى بشكلٍ فاعل، وربما باستثناء الإخوان المسلمين، الذين حاولوا الركوب على الثورة منذ انطلاقتها، وهذا كان أخطر ما جرى بالثورة السورية وبدأ يدفعها نحو اتجاهات طائفية، ويكمل ذلك توظيف النظام للمسألة الطائفية.
وإضافة لما ذكر، ظهرت الطائفية من خلال الممارسات القمعية للأجهزة الأمنية، ومن خلال زج النظام بفرق عسكرية ذات لون علوي، وقدم سرديته المعروفة بأنه يحمي الأقليات في مواجهة الثورة السنية؛ وهذا بالعموم بدأ يدفع الوضع السوري برمته نحو التطييف العلني، أي أصبح الصراع يتكرس “طائفياً”، ودخل العامل الخارجي عبر المال والسلاح والمعارضة المكرسة.
إن إطالة عمر الأزمة، وعدم تقيّد النظام بأي شروط للحروب وللحقوق ومحاصرة المدن وتجويعها، أجبرت الثورة، المسلحين والمدنيين على طلب العون من الخارج.
النظام ذاته، أقام حلفه مع إيران ومرتزقتها الطائفيين، وروسيا، ومنذ الأيام الأولى من الثورة. إذاً لا يمكن لثورةٍ، يطول أمدها أن تتجنب العلاقة مع الخارج، ولكن القضية تكمن في كيفية إقامة تلك الصلة، ومتى يجب إيقاف تلك العلاقة.
ليس الخارج برؤوف بالشعب السوري، وهدفه الحقيقي تهميش الدولة السورية، نظاماً ومعارضة، وجعل سوريا أكثر ضعفاً. لهذا كان دعم حلف النظام له كاملاً، بينما دعم الثورة الشعبية جاء هامشياً ومحدوداً ومشروطاً، وشكلت غرفة الموك، ولاحقاً تدخلت أميركا عبر حلفٍ واسعٍ لمحاربة الإرهاب عام 2014، وروسيا عسكرياً 2015.
مع إطالة عمر الثورة، وتحرير المدن، بدأت النزعات المحلية تطلُّ بقوّة برأسها، وبدأ التنافس بين العشائر والطوائف والأسر والبلدات وسواه، فالخيار الأمني العسكري للنظام، وانعدام الحياة السياسية منذ الحركة التصحيحية في السبعينيات؛ لم يترك خيارات أخرى للمجتمع إلّا العودة إلى متحداته الأولى “العشائر، والأسر، والتنظيمات السلفية والجهادية، والكرد إلى قواهم السياسية القومية”.
شكّل دخول المال الخليجي والدعم التركي، عاملاً أساسياً لإخماد الثورة بعد تطييفها، حيث أصبحت الفصائل ومنذ 2013 ولاحقاً، مرهونة للمال الخارجي، وهذا ما منع فصائل درعا والغوطة وسواها من فك الحصار عن داريا مثلاً، الذي بدأ في أواخر 2012، واستمر حتى تهجيرهم 2016! وكذلك حينما حوصر مخيم اليرموك وحمص والزبداني وأحياء حلب الشرقية وغيرها كثير، فلم يتم تحريك باقي الجبهات.
في الغوطة وبعد أن تعززت المناطقية، انقسمت فصائلها وبشكل خاص بين جيش الإسلام، وفيلق الرحمن مثلاً، وجبهة النصرة، وخاضوا معارك شرسة ولا سيما الجيش والفيلق، وأودت بأكثر من ألف قتيل، وحصل الأمر عينه في معظم المدن السورية.
الأساس في ذلك كان أن الفصائل تشكلت مناطقياً وطائفياً، بعد أن كانت الغلبة للحر “الوطني”، والذي أيضاً كان مناطقياً! صارت للمناطقي الإسلامي.
خذلان المدن لبعضها، لم يكن منذ البداية، تمّ لاحقاً، وعلى إثر الأسلمة والمال الخارجي، وهناك صلة وثيقة بين التمويل والأسلمة بصفة خاصة، حيث كان أغلبه يصل إلى تلك الفصائل.
المعارضة المكرسة بدورها، تزعمتها حركة الإخوان المسلمين، وهذه الحركة استخدمت المجلس الوطني والائتلاف الوطني وسواه من أجل تعزيز وجودها الطائفي على الأرض، بل شكلت ما يسمى “الدروع العسكرية” وآخرها تشكيل فيلق الشام في إدلب، وبالطبع تدعم فصائل كثيرة أخرى، لا ضرورة هنا للتوسع في التحليل عن التبعية الكامل للإخوان لتركيا وأثر ذلك على تطييف الثورة ورفض النزعة الوطنية فيها.
شكلت سيطرة الخارج عاملاً مركزياً لإيقاف تطور الثورة وتشويهها إسلامياً، ومقابل ذلك لم يتوقف النظام عن تدمير سوريا وتخريب بنيتها التحتية وحصار البلدات، بل مع دخول روسيا وتحالفها اللاحق مع تركيا وإيران، اكتملت المأساة والهزيمة، حيث بدؤوا باتفاق المدن الأربعة، ثم التنازل بالتدريج عن مناطق خفض التصعيد، وتمكن النظام من السيطرة على تلك المناطق باستثناء إدلب التي اقتطع النظام جزءاً واسعاً منها على حساب هيئة تحرير الشام ودون حرب حقيقية.
شكّل فساد المعارضة وغياب الخط الوطني عن رؤيتها وسياساتها وضرورة توحيد مناطق الثورة وخضوعها للخارج، وعدم ثقتها بقدرة الشعب على إسقاط النظام ومنذ 2011، سبباً مركزياً لتراجع النزوع الوطني لدى أهل الثورة، وتعزيز المناطقية، وقد شهدنا اكتفاء كل منطقة بذاتها، وكأنها لا علاقة لها بالمناطق الأخرى، وأحيانا كان النظام يحاصر بلدة ولا تناصرها بلدة أخرى في جوارها.
الآن، وقد تكرست المناطقية والمحلية بشكل واسع، وبالأصل أصبحت سوريا مناطق ثلاث: “مناطق النظام، ومناطق الإدارة الذاتية، ومناطق هيئة تحرير الشام وإضافة لها مناطق الاحتلال التركي”، وهناك من يقول أن سوريا أصبحت شعوباً متعددة.
النظام الذي اختار الحرب ضد الثورة، لم يستكن لتسويةٍ أجرتها روسيا مع أهل درعا، فحاصر بلداتها مرات ومرات، حتى وصلنا إلى الحصار الحالي لدرعا البلد، وتنصل من أية اتفاقات مع أعيانها، وبدأ قصفها في 28-7-2021. قصفها هذا، شكّل إحراجاً كبيراً لأهلها التعساء، فكان التضامن واسعاً معها.
لم تناصرها المناطق الأخرى عند هيئة تحرير الشام أو الاحتلال التركي أو المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام، وهي في أزمة اقتصادية واجتماعية عنيفة! درعا البلد متروكة إلا من “فزعة” محليّة قد نشهد تراجعها في الأيام القادمة، ولكن المعركة محسومة ضدها، حيث لن تترك روسيا وإيران النظام يخوض معركته دون تدخل منها.
وغير ما ذكرنا، فقد تفرض الوقائع الجارية تراجعاً من قوى النظام، سيما “الفزعة قوية” في هذه اللحظة، ولكن المعركة لن تتجاوز مدينة درعا، وهنا الإشكالية الكبرى.
مقابل تخلي ما يسمى بـ «الجيش الوطني» عن مبادئ الثورة والوطنية السورية، وارتهان قراره بتركيا التي تجنّد فصائله لصالح أجنداتها العابرة للحدود، سواء في سوريا أو أذربيجان أو ليبيا، وأخيراً في أفغانستان.
هذا مصير ثورة وطنية، كادت أن تسقط النظام أكثر من مرّة، ولكن ذلك أفشل بقوة التدخل الخارجي في قراراتها، وغياب البرنامج الوطني لكل سوريا في ممارسات المعارضة وتوحيد المناطق الثائرة، وهو ما عزّز النزاعات المحلية. درعا الآن لن تغيّر الوقائع المكرّسة أبداً.
الحل نت
——————————–
خيارات درعا في السلام والحرب/ سميرة المسالمة
كشفت أحداث محافظة درعا، المدينة التي انطلقت منها شرارة الثورة السورية (مارس/ آذار 2011) عقم المراهنة على التسويات التي عُقدت في ظل اتفاقات ثلاثي أستانة (روسيا وإيران وتركيا)، المتعلقة بخطط المناطق الأربع منخفضة التصعيد، أو حتى تلك التسويات التي تعهدت بها روسيا أمام الولايات المتحدة، وكانت مدخلاً لها لاستلام الملف السوري كاملاً، وتقديم مشروع حلولها لتسوية الصراع في سورية بين النظام الذي ترعاه مع إيران ليبقى على رأس السلطة في دمشق، والفصائل “المعارضة” في جهات سورية الأربع. ووفق ذلك، كان من المفترض أن تكون تسوية درعا النموذج الحي عن مشروع روسي قابل للتطوير في أكثر من مكان، فيما لو التزم النظام بنوده. إلا أن واقع الأحداث المتلاحقة، بعد اتفاق خفض التصعيد في ريف دمشق وحلب واليوم درعا، يؤكد أن تلك الاتفاقات لم ينجم عنها أي شيء من ذلك، بل أدّت إلى زيادة التصعيد، وزيادة التدخل العسكري الروسي إلى جانب قوات الأسد، بالشكل الذي نتج عنه تمكين النظام من استعادة مناطق عديدة في الجنوب والوسط والشمال، بحيث لم تبق سوى منطقة إدلب خارج ذلك الترتيب، وهذا ليس لمصلحة الشعب السوري وثورته، وإنما بسبب تقاطع المصالح الروسية ـ التركية، إلى جانب مصالح دولية أخرى، معنية بملف القاعدة، وضمن ذلك جبهة النصرة.
وفي ما يخصّ درعا، قد يفيد التذكير بأن ما يسمى “خفض التصعيد” فيها حصل بطريقة مختلفة، إذ لم يتم بطريقة الحسم العسكري، كما تم في دمشق وريفها وحلب وريفها، وإنما تم بالوساطة السياسية الدولية، وبرعاية أميركية مباشرة، وتحت نظر إسرائيل، وذلك لما يشكله موقع المنطقة الجنوبية من أهمية، سواء من الناحية الأمنية لإسرائيل، أو لرغبتها بوقف تمدّد إيران في المنطقة تحت مسمى مساندة النظام السوري في حربه على المتمرّدين عليه. ولذلك حظيت المصالحات الروسية على تلك التوافقات الدولية، وعقدت روسيا اتفاقا لفرض نوع من الهدنة بين النظام وفصائل المعارضة في درعا، أدّى إلى استعادة النظام سيطرته خدمياً، مع حفاظ المعارضة على وجودها المدني والمسلح.
وكما في كل تسوية سابقة، سواء برعاية موسكو أو حلف أستانة، فإن النظام يعتبر بنود الاتفاقات مجرّد هدنةٍ مرحليةٍ يتبعها تدخله العسكري، وما يجري اليوم يبين أن ما حدث في اتفاقيات ريف دمشق وحلب وريفها هو نهج النظام في فهم التسويات، وهو يوضح بصورة قطعية عقم دعوات المصالحة، إذ ليست تلك الكلمة من مفردات النظام أو من مصطلحاته، لأن النظام لا يتعاطى ألبتة مع الحلول السياسية، سواء برعاية من حلفائه أو برعاية دولية. إذ اعتمد، منذ البداية، أقصى الحلول الأمنية وأقساها، بكل ما فيها من أهوال، لقمع إرادة التغيير عند الشعب السوري أو لوأدها، ما نجم عنه تشريد الملايين، وقتل مئات الألوف واعتقال عشرات الآلاف.
على أية حال، فإن الاشتباكات الواسعة، والحامية، والدامية، التي حصلت وتحصل في درعا وريفها تؤكد أن ملف الصراع السوري، الذي لاقى نوعا من التهدئة، يمكن ببساطةٍ معاودة إشعاله، إنْ بحكم تفاعلات داخلية، أو بحكم تفاعلاتٍ خارجية، وأن منطقة إدلب التي تعيش على رماد تحته جمر ليست وحدها من ينذر بهذا الخطر القادم من الأسد، هذا مع علمنا أن ثمّة منطقة ثالثة، وهي شمال شرق سورية، أي غرب الفرات، قابلة للانفجار أيضاً. وعليه، فإن أيام التهدئة التي عاشتها سورية قبيل الانتخابات الرئاسية، وما جرى من مقاطعات شعبية لتلك الفعالية في درعا ومناطق أخرى، سيردّ عليها النظام حيث يستطيع ويتمكّن من ذلك، مع دراسة توازنات مصالحه وتقاطعاتها مع حلفائه من جهة، وبين حلفائه والأطراف الدولية المتدخلة في الملف السوري من جهة مقابلة.
وفصل القول، إذا كانت منطقة الشمال السوري ذات حساسية تركية، ومنطقة شرقي الفرات ذات حساسية أميركية (وعربية وكردية) فإن منطقة الجنوب على غايةٍ في الأهمية، وهي عرفت كذلك تاريخيا، فهي منطقة ذات حساسية إسرائيلية وأردنية (وأميركية وروسية أيضا). لذا من الصعب التكهن بطبيعة التداعيات التي قد تنشأ عن تطيير المصالحات التي اشتغلت عليها روسيا، مع وجود ثقلٍ مؤثر فيها للقوى الشعبية الثائرة ضد النظام، وفصائلها العسكرية المحلية. وحتى تاريخه، من غير المعروف مدى رضى روسيا عن تملص النظام من المصالحات التي عقدتها، وأدّت إلى تهدئة هذه الجبهة. ومن غير المعروف ما إذا كانت تصرّفات النظام ناشئة عن تنسيق مع روسيا، أم عن تبرّم الأسد من الاتفاقات التي عقدتها حليفته، وقلصت من صلاحياته، وقيدت بها مؤسسات النظام، وبخاصة الأمنية منها، في تعاملها مع الشعب. لذا في كل الحالات، ثمّة وضع جديد قد ينشأ نتيجة الصدامات المباشرة في تلك المنطقة بين النظام والمعارضة، وثمّة درس جديد لكيانات المعارضة بأن الذهاب إلى التفاوض مع النظام تحت مساراتٍ جانبية، ومنها أستانة، لا يخفّض فقط سقف الطموح، بل يلغي كل الحقوق مع جفاف حبره على الورق.
درعا اليوم وحيدة في مواجهة قصف النظام، تعتمد في صمودها على وحدتها الداخلية، كأهالٍ راغبين في تحقيق السلام لأبنائهم، واستمرار عملية استعادة بنيتهم التحتية بتعاضدهم ومن أموالهم، ودعم المغتربين منهم، وهم يقرأون من كتاب الحرية الذي كتبوه معاً في 18 مارس/ آذار 2011، ما يعني أن السلام ليس نقيضاً لحفظ كرامتهم، سواء كان خيارهم البقاء في بيوتهم، أو القبول بالتهجير الجماعي الذي تفرضه حرب النظام الغاشمة عليهم، ومع أي خيار لهم سيكونون قد قدّموا نموذجاً سوريّاً مشرّفاً عن الدفاع عن خيارات السلام التي تحفظ كرامات الناس وحقوقها.
العربي الجديد
————————————–
درعا مرة أخرى ورطة الأسد/ هشام اسكيف
وقف الأسد منتشيا أثناء خطابه بما سماه انتصارا في مهزلة “خطاب القسم” و قد ضرب بعرض الحائط كل المراهنات الروسية على حقبة العهد الجديد كما سمتها وكما سوقت لها موسكو ، وكانت اللغة الإيرانية التي تكلم بها الأسد واضحة المعالم في خطابه وهذا ما قاله فقط أو خرج ليقوله – فيما احتاج مفسرون للخطاب الأعجمي الذي تفوه به ونال ما نال من مؤيديه قبل معارضيه – والسبب أن أجواءً تفاؤلية أشاعتها ماكينة طهران الإعلامية عن مفاوضات فيينا وأن أميركا ستفرج عن مئات المليارات من الدولارات ،وبالتالي لا داعي لتقديم أي تنازلات ولا داعي لوجود أجندة روسية أصلا فقد تسبب الخطاب باللهجة التي تحدث بها بردات فعل ترجمها الكرملين عبر المستشار رامي الشاعر الذي شنّ هجوما لاذعا على الأسد وخطابه وكلام لافروف عن جولة للجنة الدستورية ستعقد قريبا (ممرغا كلام الأسد عنها بالوحل وجعله هباءً منثورا )، وعلى التوازي مع خطاب مهزلة القسم كانت جحافل إيران (الفرقة الرابعة) تحاصر حوران – التي علمته درساً لن ينساه أثناء مهزلة الانتخابات وقامت حوران بتعريته من ورقة التوت وأنه يسيطر على أكبر مساحة من البلاد.
إذن الهجوم على درعا كان إيرانيا بشكل بحت إيذانا بمرحلة ما بعد اتفاق فيينا، ولكن الإشكال هو بالموقف الروسي وهنا تبرز المعلومات عن زيارة الكولونيل الكسندر زورين مبعوث وزارة الدفاع الروسية لمجموعة العمل الدولية إلى أحمد العودة وذهابه دون لقاء أي مسؤول من النظام يوضح أكثر ما يجري، فقد أوردت المعلومات أنّ روسيا لا توافق على اقتحام النظام (إيران) لدرعا ولن تمنح غطاء جويا للنظام في عملية الاقتحام، ويبدو أن الروس يعززون بذلك فكرة أن من يريد الحل يبدأ من التفاوض معهم ومعهم فقط فالرسالة ثلاثية للأسد وإيران والولايات المتحدة التي يجتمع مفاوضوها على مستوى الخبراء مع الروس لمتابعة الملف السوري وتنفيذ التفاهمات بعد قمة جنيف.
فشل إيران في السويداء
بعد الفتنة التي عملت عليها إيران في الجبل وصمود السهل والجبل أمام تلك الفتنة والتي اشعلتها شخصيات ومجموعات إيرانية كانت تنشط في نشر التشيع في الجبل، ولكن تماسك البنى الاجتماعية في الجبل والسهل كانت ضربة موجعة لإيران فهي الآن لا تستطيع التأسيس لقوس الهلال الشيعي من الأسفل بعد أن نجحت في بناء قوس الهلال الشيعي في الشمال (ريف حلب الجنوبي).
وكان الأكثر إيلاماً حين اتحد جبل العرب الأشم في مواجهة شبيحة إيران وعمليات التشييع التي تحدث وعمليات الخطف والتهديد لأهالي الجبل فانتقلت للخطوة الثانية لحصار الجبل من خلال السهل،
فحركت الفرقة الرابعة (الإيرانية بامتياز) لحصار درعا البلد وذلك لتفرض نفسها لاعباً في الجنوب بعد الاتفاق الذي جرى في 2018 والذي قضى بإبعادها 100 كم وهذا لم يحدث وتحقق هدفٌ آخر هو محاصرة الجبل الذي لم تحقق فيه أهدافها.
كلمة السر في زيارة الملك عبد الله بن الحسين إلى واشنطن
بعيداً عن اللغط الذي حدث في ترجمة ما قاله الملك عبد الله في حديثه لقناة الCNN والذي لا ينسجم نهائيا مع ما طلبه من البيت الأبيض بما يخص إيران فلقد بدا واضحا أن زيارة ملك الأردن إلى واشنطن ـ مع ملاحظة الاحتفاء به ـ أن الأردن لديه صداع اسمه إيران على حدوده فكان كلامه واضحا (تم الهجوم علينا بمسيرات إيرانية).
الملك عبد الله كان أول من حذر من الهلال الشيعي إذ لابد من الاعتقاد أن هناك إن لم نقل موافقة أردنية – أميركية على قلب الطاولة على رأس إيران في الجنوب فهناك قبول وسكوت بمعنى القبول بما يحدث ورفض من طريقة إدارة موسكو لملف الجنوب الذي تعهدت بموجبه بإبعاد إيران عن حدود إسرائيل وبالتالي الأردن 100كم وعلينا أن نذكر دائما أن اتفاق عام 2018 كان بضمان الولايات المتحدة وروسيا والأردن وإسرائيل (مجموعة العمل التي اقترحها الملك عبد الله للانخراط في حل المسألة السورية)
الحصار والقشة التي قصمت ظهر الأسد
نشوة الدعم الإيراني ومفاوضات فيينا والبروباغندا الروسية الإيرانية المشتركة لتعويم النظام دفعت النظام -مرة أخرى- للتورط في حوران فحاصر درعا البلد بغية استسلامها ودخوله إليها، ووضع نقاط سيطرة إيرانية فيها وقام بالإعداد لكي تكون بداية لقاعدة لقوس الهلال الشيعي.
خاض أهالي حوران جولات التفاوض وكانت قاسية وعنيفة إذ إنهم الآن في جيب معزول لا الغوطة تساندهم ولا كناكر ولا القلمون ولا أي بقعة محيطة سوى الإرادة القوية للبقاء بأرضهم ومحافظتهم على مناهضتهم الأسد وإيران معا، ومع ذلك خاض المفاوضون معركتهم بكل اقتدار حتى يثبتوا للعالم الذي يراقب أن الهدف هو بسط سيطرة إيران على الجنوب وليس أي هدف آخر.
معركة الكرامة التي ذهبت بأوهام الأسد
كانت الإشارات الصادرة عن حوران ليل الثلاثاء 28/7 كلها توحي بأن الثوار أخذوا قرارهم إما التهجير الجماعي لنحو 50 ألف نسمة وهذا محرج لموسكو جدا جدا أو خوض معركة لابد أن يخوضها الشرفاء وفعلا هذا ما كان، لقد أفاق النظام صباح الخميس على بدء معركة الكرامة في عموم سهل حوران وشارك فيها مقاتلون كانوا قد أجروا تسويات أو تركوا السلاح أو التحقوا باللواء الثامن -أحمد العودة- ولكن قرار الحرب أخذه أهل حوران والمعركة ليست فقط معركة عسكرية بل هي معركة لها ثمارها السياسية، لقد أيقظت النظام ومن سانده ومن دعمه ومن يروج لعودته على حقيقة أن الثورة مازالت على قيد الحياة ولن تنكسر ولن يهدأ لسوري بال حتى يرحل الأسد، ووضحت بما لا يدع للشك أن إرادة القتال سلاح فتاك بيد الثورة ولا يمكن التفريط به. وبدأت حواجز النظام تتساقط كأوراق الشجر في خريف إيراني طويل وبدأت المدن والبلدات تطرد عناصر النظام والفرقة الرابعة من مراكز قوتهم بالعموم.
نحن أمام مرحلة جديدة مهما كانت نتائج الميدان لمعركة الكرامة، أبرز عناوينها تقليص نفوذ إيران تجاه إنهائه والحد من نشاطها الإقليمي والذي كان عقبة أمام تقدم محادثات فيينا وأيضا إنهاء الصداع السوري الذي بدأ يضغط على جميع دول جوار سوريا.
تلفزيون سوريا
————————————–
النظام يتحفز لاقتحام درعا ويحتفل في دمشق/ كارمن كريم
بينما تتصاعد الأحداث في درعا كان النظام قد بدأ الاحتفالات في دمشق لمناسبة عيد الجيش وفوز بشار الأسد بالانتخابات الرئاسية، وبينما كانت درعا تحت القصف المدفعي كانت الألعاب النارية تنطلق في دمشق احتفالاً!
يثبت النظام السوري يوماً بعد آخر عدم استعداده لأيّ حلّ سياسيّ أو محاولةٍ للتفاوض مع معارضيه وأداته الوحيدة حين يشعر بالتهديد هي الآلة العسكرية. لا حلول قريبة للحرب السورية، هذا ما أثبتته الأيام الأخيرة بعد وقوع درعا تحت نار النظام السوريّ ليتذكر السوريون ما حدث قبل سنوات.
النظام السوري غاضب
عدة عوامل عادت وأغضبت النظام السوريّ في درعا، منها مقاطعة المدينة للانتخابات الرئاسية التي جرت مؤخراً، وخروج تظاهرات رافضة لها كانت سبباً في تضييق الخناق على السكان وفرض حصار على المدينة منذ أواخر شهر حزيران المنصرم، إذ مُنع دخول المستلزمات الطبية والأساسية، بعد رفض المعارضة تسليم الأسلحة الخفيفة باعتباره أمراً مخالفاً للاتفاقية التي تمت قبل ثلاث سنوات بين النظام والمعارضة وبوساطة روسية، حيث جرى خلالها تسليم المعارضة السلاح المتوسط والثقيل دون ترحيل المقاتلين إلى مدينة إدلب في الشمال.
إذاً ما يحدث في درعا ليس وليد اللحظة بل حصيلة قلق النظام من امتلاك المعارضة لأي نوع من الأسلحة، وفقدان السيطرة على المدينة التي تحمل قيمة معنوية للسوريين حيث خرجت التظاهرات منها لأول مرة قبل عشر سنوات. وتكشف الاضطرابات الأخيرة أن السلاح الثقيل لم يسلّم بالكامل وهذا على ما يبدو ما زاد من غضب النظام الذي شعر كما لو أنه تعرض للخداع، فطالب بتسليم السلاح الخفيف وزيادة عدد النقاط العسكرية الثابتة والحواجز في المدينة، بالإضافة إلى مغادرة عدد من المقاتلين إلى مدينة إدلب في الشمال. وهنا، تدخلت روسيا مرة أخرى محاولة التهدئة بخاصة أن الاشتباكات تعد الأعنف منذ سيطرة النظام السوري على مدينة درعا قبل ثلاث سنوات.
تضمنت هذه الاشتباكات هجوم المقاتلين المحليين على حواجز الجيش السوري والسيطرة على معظمها واحتجاز حوالي 70 عنصراً، فيما دارت الاشتباكات بين النظام والمسلحين من أبناء المنطقة من الريف الشرقي مروراً بالمدينة وصولاً إلى الريف الغربي، وهذا ما دفع العديد من الأهالي إلى النزوح خوفاً من قصف النظام للأحياء السكنية.
النظام يخضع المدن عنوّة
الشيء الأساسي اليوم الذي يجب إدراكه هو أن لا وجود لحالة استقرار كاملة في أيّ من المناطق السورية. تهدد الفوضى كل مدينة وحي سوري، كل بقعة معرضة للانهيار أو القصف أو الاقتتال حسب تباين مصالح النظام وحلفائه وخصوصية المنطقة، ويبدو أن رغبة النظام المسبقة في الحل العسكري لإنهاء المعارضة بشكل كامل في الجنوب السوري فاقم الوضع، فرغم أن المدينة واقعة تحت سيطرته تقريباً إلّا أنها تعاني كذلك من اضطرابات أمنية واغتيالات لشخصيات سياسية. وفي سبيل فرض هذه السيطرة يدرك النظام أن الخطوة الأولى تقوم على ترحيل ما بقي من مقاتلين إلى إدلب لإضعاف المدينة، وإفراغها من أي نوع من الأسلحة. لكن الأمر لم يكن سهلاً كما حصل في مناطق أخرى كمدينة دوما وغيرها بخاصة أن النظام العشائري في درعا يولي حماية الأفراد المنتمين له أهمية كبرى وهو أمر لا يخضع لتوقعات النظام.
وبينما كان التغيير الديموغرافي أكثر سهولة في مناطق سورية أخرى، عكست المنطقة الجنوبية بما فيها السويداء ودرعا خصوصية تتعلق بالتكوين الاجتماعي والديني والعقائدي للمدينتين الذي يجعل مهمة التغيير الديموغرافي أكثر صعوبة، وهذا ما دفع النظام لتغيير وسائله في السويداء والتي أخضعها لعصابات تابعة له، مهمتها نشر الفوضى والخوف بشكل ممنهج، كما فَتحَ الباب لتنظيم داعش للدخول إليها، ورغم تجاور المدينتين إلا أن النظام اختار لكل منهما طريقة خاصة في الإخضاع.
في المقابل لم يصدر أي تعليق رسمي من قبل النظام السوري بما يخص التطورات الأمنية في درعا متجاهلاً نزوح آلاف المدنيين، لتكتفي بعض المصادر الرسمية كإذاعة شام أف أم وجريدة الوطن بالتحدث عن توترات أمنية في درعا ومحاربة الجيش السوري لما سُمّي بقايا البؤر الإرهابية.
إلا أن خارجية النظام لم تتوانى عن الرد على البيان الفرنسي الذي أدان لجوء النظام السوري إلى الحل العسكري متهمة فرنسا بدعم الإرهابيين وزاعمة أن النظام يمارس أعلى درجات ضبط النفس إزاء الأحداث الأخيرة وهو بالطبع عكس ما يحدث على أرض الواقع.
احتفالات في العاصمة وموت في درعا
وبينما تتصاعد الأحداث في درعا كان النظام قد بدأ الاحتفالات في دمشق لمناسبة عيد الجيش وفوز بشار الأسد بالانتخابات الرئاسية، وبينما كانت درعا تحت القصف المدفعي كانت الألعاب النارية تنطلق في دمشق احتفالاً بالصمود والانتصار!
ففيما كان الأهالي ينزحون من درعا البلد الخارجة عن سيطرة النظام إلى درعا المحطة الخاضعة له وتمنعهم الحواجز من الدخول أقيم حفل فنيّ ساهر في العاصمة.
اللجان المركزية الموحدة في درعا أعلنت عن الوصول الوشيك إلى هدنة من خلال حل سلمي توصلت إليه مع اللجان الأمنية التابعة للنظام، وقام وجهاء من المدينة بإطلاق سراح بعض المختطفين من عناصر الجيش السوري كبادرة حسن نية، لكن عاد إعلام النظام اليوم ليؤكد نية الجيش حسم المعركة في الجنوب والقضاء على أي مظاهر مناوئة للنظام ورغبته في بسط سلطته الكاملة على مدينة درعا.
تبقى الساعات القادمة والأيام القليلة المقبلة حاسمة في معركة الجنوب، وفي حين يبدو النظام رافضاً لأي تسوية سلمية ما يشي بتدهور الأوضاع الأمنية وزيادة المواجهات ما يضع آلاف العائلات والمدنيين تحت الخطر المباشر.
درج
—————————————
الأسد يخيّر أهالي درعا بين الخضوع والقتل والتهجير!/ سامر مختار
“ما يحدث في درعا البلد هو محاولة النظام السوري الانتقام من أهالي المنطقة، لأنهم خرجوا في تظاهرات ضد الانتخابات الرئاسية، وهو السبب الرئيس الذي دفع النظام لجلب ميليشياته ومحاصرة المنطقة وتجويع أهلها، بحجة تسليم السلاح”
في التاسع والعشرين من تموز/ يوليو الذي مضى، نشر موقع “تجمع أحرار حوران” فيديو عنوانه “أُم تودّع أطفالها الثلاثة… قضوا بقصف نظام الأسد على بلدة اليادودة غرب درعا”.
نشاهد الأم وهي تهم بالجلوس على الأرض الترابية، وأمامها ثلاثة أكفان بيض مختلفة الأحجام. وبنظرة سريعة إلى تلك الأكفان، بإمكاننا تخمين أعمار الأطفال، فالكفن الكبير لطفل ربما يبلغ 14 سنة تقريباً، والمتوسط قد يكون لطفل في العاشرة، والكفن الصغير، لطفل ربما لم يتجاوز الخامسة.
أحدهم يحمل كفن الطفل الصغير، ويعطيه للأم لتحضن ابنها الصغير، ومن ثم تقترب يدها اليمنى إلى طرف قماشة كفن الطفل الذي في الوسط، وتكشف عن وجهه لثانية واحدة فقط، وتغطيه مرة أخرى. وبذلك ينتهي فيديو مدته 24 ثانية، تتكثف من خلاله صورة من آلاف الصور المؤلمة التي كرستها وحشية نظام الأسد وحلفائه وهمجيتهم في حربهم على السوريين وقتلهم وذبحهم واعتقالهم وتهجيرهم وتشريدهم منذ عشر سنوات، حتى هذه اللحظة.
ألصق السوريون صفات كثيرة بنظام الأسد، ليعبّروا للعالم أجمع عن حجم الجريمة التي ترتكب بحقهم، لكن الصفة التي ظل كثر منهم يرددونها وما زالوا، هي “قاتل الأطفال”. وبداية قتل أطفال سوريا وتعذيبهم، كانت قد بدأت، ويا للمفارقة، في درعا.
القصة بدأت حين اعتقل فرع الأمن العسكري في مدينة درعا مجموعة أطفال، كتبوا على جدران مدرستهم “إجاك الدور يا دكتور” و”يسقط الرئيس بشار الأسد”، وقام بتعذيبهم في السجن. لكن بعد ثلاثة أشهر من اندلاع الثورة، سيقوم نظام الأسد بقتل الطفل حمزة علي الخطيب (24 تشرين الأول/ أكتوبر 1997- 25 حزيران/ يونيو 2011) بعدما تعرض لأشد أنواع التعذيب.
وخلال العملية العسكرية التي شهدتها درعا في الأيام القليلة، عادت صور أطفالها، الذي قتلوا بالقصف لتبرز بوصفها علامة فارقة من علائم عنف النظام وقسوته. فقد وثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” أكثر من مجزرة كان ضحاياها أطفال ومن بينهم “الأطفال الأشقاء ريتاج وبراء ومحمد أحمد الزعبي، من ضحايا المجزرة التي ارتكبتها قوات النظام السوري نتيجة قصفها براجمة صواريخ تابعة لها على بلدة اليادودة بريف محافظة درعا الغربي، في 29 تموز/ يوليو 2021، وكان جميع ضحايا المجزرة من عائلة واحدة”، و”الطفل نعيم فرج الحريري، قُتل في 31 تموز 2021، إثر إطلاق عناصر تابعة لقوات النظام السوري الرصاص عليه على الطريق الواصل بين قرية نامر وبلدة خربة غزالة بريف محافظة درعا الشرقي”.
كما وثقت الشبكة مقتل “خمسة مدنيين على الأقل من عائلة واحدة، بينهم 3 أطفال أشقاء وسيدة، قُتلوا إثر قصف راجمة صواريخ تابعة لقوات النظام السوري على بلدة اليادودة بريف محافظة درعا الغربي، في 29 تموز 2021”.
كان سبق التصعيد العسكري في درعا البلد، حصار خانق منذ 27 حزيران 2021، إذ قام نظام الأسد بإغلاق الطرق المؤدية إلى درعا البلد، كطريق السرايا والمشفى الوطني، وبعد 11 يوماً أغلق طريق الصوامع الذي يصل منطقة درعا البلد بالريف الشرقي. كما أغلق الطريق الواقع في منطقة “غرز” شرق مدينة درعا بالحجارة، ومنع مرور السيارات والمدينين.
وجاء الحصار على “خلفية رفض الوجهاء والأهالي فيها تسليم السلاح الفردي، وتفتيش منازلهم من قبل الأجهزة الأمنية من دون سبب، في ظل تحول دور الاحتلال الروسي من ضامن للتسوية إلى ضاغط على اللجان المركزية في درعا من أجل الرضوخ لمطالب النظام، مهدداً الأهالي فيها بإدخال ميليشيات طائفية إليها” وذلك بحسب موقع “تجمع أحرار حوران”.
يقول الناطق الرسمي لـ”تجمع أحرار حوران” أيمن أبو نقطة لـ”درج”: “ما يحدث في درعا البلد هو محاولة النظام السوري الانتقام من أهالي المنطقة، لأنهم خرجوا في تظاهرات ضد الانتخابات الرئاسية، وهو السبب الرئيس الذي دفع النظام لجلب ميليشياته ومحاصرة المنطقة وتجويع أهلها، بحجة تسليم السلاح، وتسليم الأشخاص المطلوبين للنظام أو تهجيرهم، أو إجبارهم على عمل تسويات معه، وهذه هي السياسة التي اتبعها النظام في مناطق درعا”.
وأـضاف: “كما يبرر النظام هجومه على المنطقة، بحجة وجود عناصر لـ”داعش”، على رغم أن منطقة درعا البلد معروفة بعدم وجود أي عنصر من عناصر داعش. لكن كل تلك الحجج التي يدعيها النظام هي من أجل السيطرة الأمنية الكاملة على المنطقة”.
أما الصحفي وليد نوفل من درعا فيقول لـ”درج”: “من الواضح أن النظام يسعى إلى حسم معركته في درعا البلد والمناطق الخارجة عن سيطرته في جنوب سوريا ومحاولة السيطرة الكاملة عليها. كما يحاول النظام أيضاً فرض قبضته الأمنية من خلال السيطرة على درعا البلد، وهذا الشيء واضح من ناحية أن النظام نقض 3 اتفاقيات مع أهالي المنطقة زلجانها، إذ إنه وبعد الاتفاق الأخير بينه وبين أهالي المنطقة، حاول نشر قوات عسكرية من الفرقة 15، كما حاول اقتحام درعا البلد من خلال الفرقة الرابعة، وأسفر عن ذلك الاقتحام مقتل شهيدين مدنيين”.
ويرى وليد أنه كلما نقض النظام اتفاقاً جديداً، يحاول بعدها رفع مطالبه أكثر، للضغط بشتى السبل على لجان التفاوض والعشائر في درعا البلد، لقبولهم دخوله المنطقة وبسط سيطرته عليها من دون شروط، وتهجير قسم من النشطاء، وشخصيات قيادية المعارضة له من الصف الأول، سواء كانوا من لجان التفاوض أو الفصائل العسكرية الموجودة داخل درعا البلد.
في ما يخص ورقة تهجير أهالي المنطقة، يؤكد نوفل أنه “في حال لوح النظام بخيار التهجير، سيقابل بالرفض من أهالي المنطقة، فدرعا البلد خضعت لحصار لمدة شهر، وعلى رغم ذلك رفعوا لافتات في أكثر من مناسبة تحت عنوان (لا للتهجير)، والإصرار على التمسك بالأرض”.
ما يحدث الآن، هو أن الشروط التي وضعها النظام أخيراً، كان من ضمنها تهجير أشخاص محددين، وهم، كما ذكرنا سابقاً، قادة المجتمع المدني، والفصائل العسكرية، وإصرار النظام من خلال الضغط في المفاوضات، على مغادرتهم باتجاه الشمال السوري.
وسألنا نوفل عما إذا كان هناك انقسام بين الأهالي حول فكرة التهجير من المنطقة فنفى ذلك، قائلاً، “حتى أنه ما من انقسام بين لجان التفاوض والعشائر، وبالنسبة إلى البيان الذي صدر عن العشائر، ربما فُهم بشكل خاطئ، لكن ما جاء فيه أنه في حال أصر النظام على تهجير أشخاص معينين، فهذا الأمر مرفوض، وإلا، فعليه تهجيرنا جميعاً، عبر عملية نقل آمنة، أي نقل جميع أهالي درعا البلد من نساء وأطفال وعائلات بأكملها، ولن نتفاوض على تهجير أشخاص محددين، فإما أن نخرج أو نبقى كلنا، وهذا هي الرسالة التي تحاول لجنة التفاوض والعشائر إيصالها للنظام”.
في 11 حزيران الماضي، نشر موقع SY24 تقريراً بعنوان ” شبح التهجير يعود إلى درعا مجدداً!” ونقل مراسل الموقع عن مصادر خاصة، أن “ملف التهجير فتح مجدداً في المدينة والقرى والمحيطة بها، عقب قيام الأجهزة الأمنية بإجراء دراسات أمنية عن مئات الأشخاص الذين خضعوا لاتفاق التسوية سابقاً”.
وأفاد مصدر SY 24، بأن “التهجير سيطاول الذين أثبتت الدراسات الأمنية أنهم ما زالوا يرفضون النظام ويقفون في وجه قواته في درعا”.
كما أشار المصدر إلى أن “المناطق التي يحتمل أن تشهد عمليات تهجير خلال الفترة المقبلة، هي اليادودة والمزيريب وطفس وداعل ونوى وجاسم وصيدا والنعيمة وعتمان، كونها من أكثر المناطق التي يجري فيها الأمن الوطني دراسات أمنية”.
بعد فشل المفاوضات الأخيرة بين اللجان المركزية بدرعا ونظام الأسد، تعرضت أحياء درعا البلد وطريق السد والمخيم لقصف بقذائف الهاون والدبابات والمضادات الأرضية على فترات متقطعة منذ صباح يوم الجمعة 27 تموز، ما أسفر عن إصابة عدد من المدنيين بينهم أطفال وخلق حالة هلع في صفوف الأهالي، وذلك بحسب موقع “تجمع أحرار حوران”.
تقول السيدة أم أحمد (اسم مستعار) من درعا لـ”درج”: “الأهالي في درعا يعيشون أوضاعاً صعبة للغاية، باتوا محاصرين في منازلهم وبخاصة بعد سيطرة قوات الأسد واليمليشيات على المناطق المرتفعة، ونشر قناصتها، ونصب المدافع وراجمات الصواريخ الثقيلة في التلال المرتفعة المحيطة بمدينة درعا، حيث باتت حركة الخروج من المنازل خطرة للغاية، إذ قتل وأصيب اكثر من 10 من الأهالي نتيجة استهدافهم برصاص القناصة، وتمَّ إغلاق النقطة الطبية الوحيدة في درعا البلد، وبالتالي بات الأهالي غير قادرين على الحصول على أي خدمة طبية مهما كانت بسيطة، إضافة إلى نقص كبير في الأدوية والمواد الأساسية وفقدان الغاز منذ شهرين”.
يرى الصحافي السوري مالك الحافظ أن الاتفاق حول فك الحصار على درعا البلد كان انهياره متوقعاً في وقت سريع، لسبب يعود إلى رغبة قوات النظام بالتصعيد في المنطقة سواء داخل مدينة درعا (مركز المحافظة) أو في مناطق أخرى في ريف درعا الغربي.
وأوضح الحافظ لـ”درج” أن “دمشق تريد فرض سيطرتها بشكل كامل على محافظة درعا لإطباق السيطرة بالعموم على الجنوب السوري وخصوصاً درعا من أجل إعادة تفعيل معبر نصيب الحدودي بشكل كامل مع الأردن.
ويعتقد أن هناك توافقاً أردنياً- سورياً، وحتى إقليمياً من أجل فتح الطريق التجاري بين الأردن وسوريا لإفساح المجال على إعادة تفعيل مشاريع استراتيجية يكون البلدان شريكين فيها إلى جانب دول أخرى، في مجالات تتعلق بالطاقة.
ويضيف الحافظ: التصعيد الحاصل يعود إلى أسباب منها سياسي لإظهار دمشق بصورة المنتصرة السياسية بعد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية والتمديد للأسد سبع سنوات جديدة، وتتشارك مع الجانب الروسي هذا النصر لإعلان الاستعداد للمرحلة المقبلة وملفاتها سواء ملف عودة اللاجئين وتأمين مناطق مستقرة، وكذلك مرحلة إعادة الإعمار والبناء”.
—————————————–
قراءة في خلفيات مغامرة النظام الأخيرة في درعا/ حسان الأسود
بات مقطوعاً فيه أنّ درعا هي مهد الثورة وشرارتها الأولى، وقد بقيت حتى اللحظة الحامل الأقوى لشعلتها. من ينظر إلى هذه المحافظة بمركزها الإداري المتمثل بمدينة درعا وبمدنها الكبرى وقراها المختلفة، يرى بيارق لم تُنكّس ومشاعل لم تنطفئ، يرى حُلماً لم يخمد وتوقاً للحريّة لم يخبُ، يرى نساءً ورجالاً لم يستكينوا للذلّ والهوان، يرى مستقبل سوريا المناهض للديكتاتورية الطامح للتغيير.
مرّت الثورة السوريّة بأطوار مختلفة، ودرعا كانت جزءًا من كلّ سوري، لم تكن استثناءً ولم تكن أسطورة، لكنّها كانت على الدوام مميّزة بشيء يخصّها. لن نتكلّم في هذا المقال إلا على السنوات الثلاث الأخيرة من عمر الثورة هناك. أي من تاريخ استعادة النظام السيطرة بشكل نهائي على كامل المنطقة الجنوبية، حتى نصل إلى لحظة المغامرة الأخيرة التي أقدم عليها النظام في محاولة اقتحام البلدة القديمة المعروفة بدرعا البلد.
التفاهمات والانهيار
تتويجاً للتفاهمات التي جرت بين وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، التي بدأت في موسكو في ديسمبر 2015، وانتهت بالاتفاق في مايو 2016 في جنيف، تم التخلي عن دعم فصائل المنطقة الجنوبية عام 2018 وإبلاغ قادة الجبهة الجنوبية بذلك. بمساعدة الطائرات الروسية تم شن حرب خسر بموجبها ثوار حوران والقنيطرة كامل الأراضي التي كانوا يسيطرون عليها لأعوام خلت. هنا يجب ملاحظة أنّ السبب الوحيد لهذا النصر الذي حققته قوات النظام، كان الدعم الجوي الهائل للقوات الروسية، حيث لم تتوقف طائرات سلاح الجو الروسي عن التحليق في أجواء الجنوب على مدار أيام الحرب كاملة، ولم يكن بإمكان أيّة قوّة محليّة الصمود أمام هذه القدرة النارية الهائلة، المدعومة باستطلاع فائق التطوّر وتشويش إلكتروني رهيب لا يتناسب وقدرات المقاتلين على الجهة المقابلة.
قبل الحرب كانت هناك مفاوضات جرت في الأردن بين ضبّاط من الجيش والمخابرات الروسية وقادة الفصائل المسلحة، بموجبها عرض الروس عليهم (عدم دخول الجيش والأمن إلى مناطق سيطرة الفصائل، دخول الشرطة العسكرية الروسية فقط، منع التهجير وإعادة المهجّرين إلى مدنهم وقراهم، تسوية وضع جميع المطلوبين، إخراج المعتقلين الذين اعتقلوا في مناطق النظام، تسليم المعابر الحدودية بحيث يكون فيها موظفون مدنيون سوريون بحماية روسية لمدّة سنة، دخول مؤسسات الدولة المدنية للمناطق التي تحت سيطرة الفصائل، تعاون الفصائل المسلّحة مع القيادة الروسية لقتال داعش والنصرة والميليشيات غير السورية لإرساء الأمن والاستقرار، عدم سوق أي شخص للخدمة الإلزامية بجيش النظام لمدة ثلاث سنوات، تسوية وضع الضباط المنشقين، دخول المنظمات الدولية للإغاثة والخدمات الطبية والسماح بعودة اللاجئين الموجودين في المملكة الأردنية الهاشمية).
بعد مداولات كثيرة ومشاورات طويلة وشاقّة، وافق قادة الفصائل على هذا العرض، لكنّ غرفة العمليات المركزية وبتأثير الفصائل ذات التوجه الديني رفضت ذلك، وفرضت قرارها على الجميع بخطاب شعبوي عالي النبرة استخدم أسلوب المزاودات الجوفاء وتخوين الموافقين على العرض، وأصدرت هذه اللجنة المركزيّة بياناً حماسياً مصوّراً تعلن فيه استعدادها للمواجهة.
بدأت الحرب، وكان دور الطائرات الروسية حاسماً في تقدّم قوات النظام. هنا يجب ملاحظة أنّ الطائرات الروسية لم تتدخّل سابقاً في معارك النظام مع الثوار قبل هذه اللحظة، باستثناء مشاركة واحدة في معركة الشيخ مسكين حسب إفادات مؤكدة من أحد الأكاديميين الثقات من أبناء المنطقة. أثناء المعارك جرت مفاوضات بين عدد من قادة الفصائل والمدنيين من جهة، وبين ممثلة النظام كنانة حويجة بحضور الضباط الروس. كانت أول جولة على حاجز خربة غزالة، وجرت الجولات التالية في قلعة بصرى الشام. في النهاية تمّ الاتفاق على إيقاف الحرب ضمن شروط معينة يلتزم بها كلا الجانبين بضمانة الروس، وتنفيذاً لهذا الاتفاق سلمت الفصائل أسلحتها الثقيلة والمتوسطة كلها، ولم يعد هناك أية فصائل مسلحة في درعا بدءاً من صيف عام 2018، وهذا يعني أنّ الفصائل نفّذت جميع ما تعهّدت به في الاتفاق من بنود، يستثنى من ذلك فصيل شباب السنّة بقيادة السيد أحمد العودة، الذي احتفظ ببعض عتاده وأصبح تابعاً للفيلق الخامس المدعوم من روسيا ضمن مسمّى اللواء الثامن.
كان الروس خلال المفاوضات يشددون على عدم التهجير، وحتى أنّ أحد الأشخاص المحسوبين على أحرار الشام كان يطلب باستمرار التهجير، مما أثار حفيظة ممثلة النظام التي قالت له بتهكّم: لا تخف سأنقلك بسيارتي إلى الشمال ما دامت هذه رغبتك. والحقيقة أنّ كثيراً من المدنيين والعسكريين الذين فضّلوا الخروج مع قوافل التهجير كانوا من خيرة الثوار، لكنّ بعضهم كان مطلوباً لأهالي حوران بتهمٍ جنائية وبتجاوزات لا تُغتفر مثل تلك التي كان تحدث فيما كان يُعرف باسم دار العدل.
لم يلتزم نظام الأسد طبعاً بشروط التسوية التي اتفق عليها عبر ممثلته مع قادة الفصائل المسلحة عام 2018، ورغم رعاية الجانب الروسي وضمانته لتنفيذ كلا الطرفين تعهداته، فإنّ مماطلة النظام وتنصّله من جميع تعهداته كانت العنوان الأبرز للأعوام الثلاثة التالية لاتفاق التسوية المذكور.
تعهدات النظام والتزاماته
نتيجة للمفاوضات المذكورة أعلاه، تعهد النظام بما يلي:
عدم سحب مقاتلي المعارضة للخدمة الإلزامية أو خدمة الاحتياط لمدة عامٍ كاملٍ قابلة للتمديد.
تسوية أوضاع الضباط والجنود المنشقين وتسريح من لا يريد العودة منهم للخدمة وبقاؤه حراً في بلده.
إلغاء المطالبات الأمنية على جميع المعارضين والثوار من أبناء المحافظتين.
إطلاق سراح جميع المعتقلين من أبناء المحافظتين وبيان مصير المفقودين.
إعادة الموظفين إلى وظائفهم والسماح لأصحاب المهن الحرة بمزاولة مهنهم مثل المحامين والأطباء والمهندسين…إلخ
إلغاء القيود الأمنية ورفع الحجوزات القضائية وغير القضائية عن أملاك أبناء المحافظتين.
عدم التعرض للمواطنين بالاعتقال والتضييق الأمني ومنع السفر.
لم يطبق النظام أي شيء من هذه التعهدات، ولم يستطع الروس إجباره على ذلك، باستثناء حالات قليلة لإطلاق سراح بعض المعتقلين، أغلبهم ممن اعتقلهم بعد التسويات، وإعادة بعض الموظفين للعمل. ولإيضاح هذه النقطة نورد المقطع التالي من تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن جزء من ممارسات النظام خلال الأعوام الثلاثة المذكورة.
(وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 1438 حالة اعتقال بينها 13 طفلاً و21 سيدة تم اعتقالهم من قبل قوات النظام السوري في محافظة درعا منذ تموز 2018 حتى تموز 2021، ومن بين حصيلة المعتقلين 124 شخصاً كانوا عسكريين قبل إجرائهم التسوية لوضعهم الأمني. من بين حالات الاعتقال ما لا يقل عن 837 شخصا ممن أجروا تسوية لأوضاعهم الأمنية. كما وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 986 شخصا بينهم 7 أطفال و4 سيدات لايزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري لدى قوات النظام السوري منذ تموز 2018 حتى تموز 2021، تم اعتقالهم في محافظة درعا من بينهم 93 شخصا عسكريا، ومن بينهم 473 شخصا ممن أجروا تسوية لأوضاعهم الأمنية).
سياسة النظام خلال السنوات الثلاث الأخيرة
اتّبع النظام سياسة القضم التدريجي للمناطق، والعمل مع قادتها المحليين بسياسة النفس الطويل لإعادة المنطقة إلى الحظيرة. فاستطاع شراء بعض ضعاف النفوس وتجنيدهم في ميليشياته المحلية من أبناء محافظتي درعا والقنيطرة، وهؤلاء باتوا عصاه الغليظة على رؤوس أهالي المحافظتين.
بسبب ضعف التجربة السياسية والمدنية، وبسبب الظروف الأمنية المتردية التي عززها النظام وحلفاؤه، وبسبب نقص أسباب العيش الطبيعية، لم يستطع قادة الرأي في المنطقة وأصحاب القرار تشكيل أي جسم سياسي أو مدني موحّد، رغم أنّ الروس أرسلوا إليهم أكثر من إشارة بهذا الخصوص، وجلّ ما استطاعوا تشكيله هو ثلاث لجان في ثلاث مناطق هي لجنة درعا البلد، ولجنة المنطقة الغربية (طفس)، ولجنة المنطقة الشرقية (بصرى الشام).
وجد تنسيق بين هذه اللجان في كثير من الحالات والقضايا لكنه كان ضعيفاً جداً وغير مثمر في أغلب الأحيان. من أهمّ أسباب ضعف التنسيق استمرار التنافس القديم بين القادة السابقين الذين بقوا في أماكنهم مع تغيّر صفاتهم. يمكن تسجيل بعض الاختلافات الأيديولوجية أيضاً، حيث يغلب الطابع الديني نوعاً ما على خطاب المسيطرين فعلاً في المنطقة الغربية وجزئياً في درعا البلد، بينما يغلب طابع شبه مناقض في خطاب المسيطرين في المنطقة الشرقية. يضاف إلى ذلك، انعدام الخلفية السياسية لقادة هذه اللجان بالمجمل، واعتدادهم الشديد بأنفسهم لدرجة عدم قبولهم سماع الرأي والمشورة والنصيحة من أهلهم الأكثر خبرة وتجربة ودراية منهم، وبالتأكيد العراقيل والمعوقات التي وضعها النظام أمامهم والتي لا مجال لحصرها وتعدادها. تعامل الجميع مع الأزمات بطريق ردود الأفعال، فلم يكن هناك أي قدرة على التخطيط الاستراتيجي والعمل المنظم الواضح الرؤية والأهداف والآليات.
أسباب التصعيد الأخير
جاءت الأزمة الأخيرة على خلفية إصرار الإيرانيين على تثبيت أقدامهم في الجنوب، ومحاولة إفهام الروس أنهم ليسوا ورقة بأيديهم، وكان هذا واضحاً من خلال استخدام الفرقة الرابعة التي ولاؤها وهواها إيراني بحت. يبدو أنّ النظام أراد إحراج الروس أيضاً بمناسبة مؤتمر عودة اللاجئين – الذي انعقد في دمشق أثناء حصار درعا – ورسالته أنني أسعى لتهجير سكان هذه المدينة، التي ضَمِنَ الروس اتفاقين مع أهاليها قبل ثلاثة أعوام، أثناء فعاليات المؤتمر المذكور. هي محاولة من النظام لكسر هيبة الروس من خلال إظهار عدم قدرتهم على الوفاء بتعهداتهم. من هنا لم يدخل الروس بالمعركة التي بدأها النظام بعد شهر من الحصار والتضييق، ولم يغطوها جوياً.
لا يمكن استبعاد التفاهمات الروسية الأميركية الأخيرة بشأن سوريا والتي نتجت عن اللقاء الأخير بين الرئيسين الأميركي والروسي قبل أسابع في جنيف. لا يمكن كذلك استبعاد ارتدادات زيارة وزير الخارجية الصيني إلى دمشق، ويبدو أنّ الروس أرادو إفهام النظام أنّ قوّتهم الجويّة حصراً هي التي أبقته واقفاً على قدميه، وليس الفيتو الذي لوّح لهم – عن طريق كتابة بعض الشعارات باللغة الصينية عن الصداقة بين الشعبين السوري والصيني، وعلى لسان أحد أبواقه البارزين خالد العبّود – بأنّ حليفه الصيني يملكه. ومن هنا يمكن قراءة زيارة المبعوث الروسي أليكسندر زورين إلى سوريا في العاشر من تموز الماضي أثناء حصار درعا. جاء زورين عبر مطار حميميم، ومرّ بدمشق ولم يلتق أيّ مسؤول سياسي أو أمني بها ألبتة، اجتمع حصراً بالزعيم المحلي في بصرى الشام أحمد العودة.
النهاية المتوقّعة
تدلّ المؤشرات على أرض الواقع – حتى لحظة كتابة هذه الكلمات – أنّ الأمور ذاهبة إلى التهدئة، ورغم التجاوزات الفردية التي يقوم بها عناصر النظام هنا وهناك، ورغم التحشيدات العسكرية المختلفة، فإنّ تصريحات القيادة الروسية في مركز المصالحة من جهة، وما يصدر عن بعض المسؤولين المحليين في أجهزة النظام من جهة ثانية، يؤكد أنّ هذه الجولة ستنتهي عند هذا الحد. يشترط النظام تهجير بعض الأفراد المعروفين بالاسم، وهؤلاء من مصلحة أبناء درعا تهجيرهم قبل النظام، وستسفر الجهود عن ذلك بلا ريب.
الخلاصة
تلقى النظام في حوران درساً قاسياً، وعليه أن يدرك أنّ أهالي المنطقة – كما أهل كل سوريا – لا يريدونه ولن يسكتوا على تجاوزاته أبداً. عقارب الساعة لا تدور إلى الوراء، لقد ولّى زمن الخوف. شوكة النظام كُسرت على ثرى حوران وبأيدي شبابها الأغيار. هبّ الصغير قبل الكبير بحملة تضامن مع أهلهم المحاصرين في درعا البلد منذ اللحظة الأولى. اجتماعات ولقاءات عقدها المجلس السوري للتغيير على مستوى سوريا بأكملها، خاطب بها الجمهور السوري العريض، ونبّه إلى خطورة ما يجري على الأرض. وعندما بدأ هجوم قوات النظام، خرج الثوار من تحت صخور البازلت في كلّ مدينة وقرية ومزرعة في حوران، ولقّنوا النظام وميليشياته درساً لن ينساه أبداً.
والآن، العبرة لجميع السوريين، موالاة وحياديين، ثواراً ومعارضين، لا حول ولا قوّة لهذا النظام إن اتحدنا. علينا فقط أن نعرف كيف نستفيد من الفرص، وعلينا أن نخاطب الدول الفاعلة في الشأن السوري بخطاب المصالح المشتركة، لا بخطاب العاطفة البائسة. الحماسة والنخوة والفزعة تصدّ العدوان وتردع الظالم، لكنّ العقل والفكر والسياسة هي من تحصد النتائج وتحوّلها إلى حقوق مكتسبة ثابتة.
لنُعمل العقل فيما نحن فيه الآن، ولنُنحّ العواطف جانباً، لا مجال اليوم للوهن والتردد والتراجع. اللينُ مطلوب بحيثُ لا نُعصر، والصلابةُ واجبةٌ بحيثُ لا نُكسر.
محام سوري
تلفزيون سوريا
————————————-
درعا تفرض مساراً جديداً/ نبراس إبراهيم
فعلها أهل درعا من جديد، لقد أعادوا للثورة السورية ألقها، زخمها وعنفوانها، في وقت صار يكتب فيه باحثون ويتحدث سياسيون، عن شبه انكسار للثورة واضمحلالها، وبدء تعايش السوريين مع واقع جديد أسوأ من سابقه، واقع يُفرض عليهم محلياً ودولياً.
درعا التي أطلقت قبل عشر سنوات ونيّف شرارة الثورة، وسبقت كل سوريا في طلب الكرامة والحرية، وفي تحدّي النظام وطلب إسقاطه، درعا التي تلقّت أول رصاصة، وأول قذيفة مدفعية أطقلها النظام باتجاه المدنيين، ورفعت شعارات اللاطائفية، ودعت لرفع الحصار عن حمص ودوما والدير رغم أنها هي ذاتها كانت محاصرة، أعادت اليوم للثورة ألقها، وستدفع الكثير من الأطراف لإعادة حساباتها في القادم من الأيام.
في 2018، انتهت الثورة المسلحة في درعا، بسبب الخلل الكبير في ميزان القوى العسكرية، ووقوف إيران وروسيا إلى صف النظام عسكرياً، وتراكم عنف هذه الأطراف الثلاثة لينتج عنفاً منفلتاً من عقاله، لكن انتهاء الثورة المسلحة في درعا لم يُسقط المدينة عسكرياً، فبقيت خارج سيطرة النظام، وبقي السلاح الخفيف بيد مقاتليها، ولم يتحالفوا مع التنظيمات الجهادية والإرهابية، واستمرت البيئة الأهلية حاضنة للثورة ومعادية للنظام، ولم يُغيّر انتهاء الثورة المسلحة شيئاً، فأهل المدينة أساساً – وحالهم هنا كحال كل السوريين – ليسوا حملة سلاح، ولا أصحاب حرب، ولم يثوروا من أجل التدمير والموت، ولا في سبيل الجهاد، ولم تكن الحرب خيارهم بل فرضها عليهم العنف المفرط للنظام.
اليوم، عبر صمودهم الأهلي، ولجانهم المحلية وتوزانها، وتمسكهم بأرضهم، وتمسكهم بما قامت من أجله الثورة أساساً، الحرية والكرامة، وتمثّلهم بمقولة “الموت ولا المذلة”، واحترامهم قوانين الحرب مع الأسرى، وتوحّد الريف مع المدينة، سيفرضون منعطفاً جديداً لمسار الثورة السورية.
توقظ درعا السوريين بعد سلسلة من الخيبات التي واجهوها خلال السنوات الأخيرة، وفي الغالب الأعم، وبسبب خصوصيتها وحساسيتها استراتيجياً، وقدرتها على الصمود دون جيوش، وقدرة أهلها على الاستمرار في مسار الثورة دون تطرّف، توقظ دولاً أخرى، وستكون مواجهة درعا الأخيرة نقطة تحوّل، وسيفهم النظام السوري أنه من غير المسموح له بعد اليوم إدارة عمليات إبادة وتدمير شاملة، وليس أمامه سوى الاتفاقات المحلية التي تُرضي الأطراف الأخرى، وسيُدرك أن السوريين لا يريدونه، حتى لو حوصروا لعشر سنوات كحال أهالي درعا البلد، وأنه منبوذ مكروه من شعبه.
في الغالب الأعم، سيُدرك المجتمع الدولي أن سلطة النظام المركزية في دمشق لم تعد قادرة على فرض سيطرتها على سوريا، ولا حتى على مناطق خالية من السلاح الثقيل، وخالية من القوات الأجنبية، وأن السير في الحل السياسي وفق القرار الدولي 2245 هو المسار الوحيد المُتاح أمام النظام، وإلا فإن المناطق التي يُسيطر عليها النظام ستفلت واحدة واحدة من يده في قادم الأيام.
ستكشف مواجهة درعا الأخيرة، وتأكيد أهالي المدينة أنهم خارج سيطرة النظام بعد عشر سنوات عجاف، للقوى الدولية، أن غالبية سوريا عملياً لا تقع تحت سيطرة النظام، وليس فقط شمال غرب وشمال شرق سوريا بعيداً عن سيطرته، وأنه نظام خُلّبي لا يحكم إلا مناطق صغيرة، وتلك المناطق يحكمها بأجهزته الأمنية واستخباراته، وليس كنظام حكم عبر سيطرة أجهزة الدولة، ومن بينها حتى دمشق العاصمة، وحلب وريف دمشق والحسكة وغيرها.
ستُثبت مواجهة درعا من جديد أن الجيش السوري بات جيشاً ضعيفاً مكسوراً، ومهلهلاً وغير مدرّب، بل ولا يريد الحرب والقتال، ولا يعرف من يقاتل ولا لماذا يُقاتل ولا أهداف قتاله، وأن النظام حوّله بحربه البشعة إلى جيش ثكنات وسخرة وزيادة عدد ليس إلا.
كذلك، سيكون هذا الحدث مفصلياً، لجهة رؤية القوى الدولية للمعارضة السياسية السورية، التي لم يكن لها أي دور يُذكر قبل وخلال مواجهات درعا، وكانت قاصرة غير قادرة على التأثير أو تغيير المسارات، ومشلولة غير قادرة حتى على التعبئة الشعبية “الفيسبوكية”، وكل ما نتج عنها بيان خلّبي عن درعا، لا يُسمن ولا يُغني من جوع.
قالها أهالي درعا في الانتخابات الأخيرة، لا للأسد، ولا للنظام، ولا للتوريث ولا لدولة الديكتاتوريات، وهم بصمودهم اليوم، يؤكدون للعالم أن السوريين الذين ثاروا قبل عشر سنوات لتغيير النظام، قادرون على تغييره مهما طال الزمن، وأن الثورة السورية ثورة إرادة شعبية، لكافة أطياف السوريين، بتنوعهم العرقي والديني والإثني، وأن الدولة الديمقراطية التعددية التداولية لابد قادمة، ولا بد لكل الأطراف أن تعيد حساباتها، لأن الثورة فكرة لا تموت، ولا تسقط بالتقادم، وأن الحرية والكرامة مُثل عليا لن يتخلى عنها السوريون، وأنه سيكون للثورة السورية طيف واسع من الوسائل، أضعفها كان التسليح، وأقواها الإرادة، وإرادة أهالي درعا أقوى وأوضح مثال.
———————————
هجمات على النظام السوري ودعوة لانشقاق عناصره في درعا/ جلال بكور
هاجم مسلحون من أبناء درعا جنوبي سورية، الليلة الماضية، مواقع لقوات النظام السوري في مدينتي درعا والحارة بريف المحافظة، وذلك رداً على انتهاكات نظام بشار الأسد، فيما طالب بيان من العشائر عناصر النظام بالانشقاق وعدم القتال ضد أبناء بلدهم خدمة للمليشيات الإيرانية.
وقال الناشط محمد الحوراني، لـ”العربي الجديد”، إنّ مجموعات من ثوار مدينة داعل بريف درعا هاجمت مواقع للنظام في المدينة، وقامت بنسف مبنى مفرزة المخابرات الجوية بعد انسحاب قوات النظام منها، مضيفاً أنّ ثواراً في الحارة أيضاً هاجموا بالأسلحة الرشاشة حاجزاً لفرع أمن الدولة ومفرزة الأمن العسكري جنوبي المدينة.
وأضاف الناشط أنّ الثوار هاجموا قوات النظام المتمركزة في الكتيبة الإلكترونية شمالي مدينة الحارة، بعد منتصف الليل، فيما لم يتضح حجم الخسائر التي منيت بها قوات النظام جراء تلك الهجمات التي تأتي بهدف تخفيف الضغط الذي يمارسه النظام على درعا البلد.
في غضون ذلك، أصدرت عشائر درعا بياناً دعت فيه عناصر قوات النظام إلى الانشقاق عنه وعدم القتال ضد الأهالي، وذلك بعد عودة التصعيد العسكري من النظام على درعا البلد إثر فشل المفاوضات، يوم أمس الإثنين.
وجاء في بيان العشائر الموجه لعناصر قوات النظام: “حربنا ليست معكم، بل هي مع المليشيات التي جلبتها إيران لتَستبيح بيوتنا وأرضنا، عدونا واحد وقضيتنا واحدة، أنتم أبناؤنا ولا نرضى لكم الموت كما لا نرضاه لأنفسنا. نعلم أن غالبيّتكم قد أجبروا اليوم على حمل السلاح بوجه أهلكم في درعا، عودوا إلى مكانكم الطبيعي بين أبناء شعبكم، فهنا ندافع عن كرامتنا فقط، لا أجندات ولا مشاريع نخدمها”.
وأكد البيان على أن سورية للسوريين جميعاً وليست لـ”مرتزقة حزب الله (اللبناني) والحرس الثوري الإيراني، الذين يزجون بكم لتنفيذ مشاريعهم التوسعية في المنطقة”، وفق البيان.
وجاء ذلك بالتزامن مع قصف مدفعي من قوات النظام على مناطق متفرقة من أحياء درعا البلد واشتباكات على عدة محاور بين أهالي المنطقة ومليشيات “الغيث” التابعة لـ”الفرقة الرابعة” في قوات النظام التي تتلقى الدعم من “الحرس الثوري” الإيراني، وفق تقارير محلية.
وقال “تجمع أحرار حوران”، إنّ شباناً من أهالي درعا أغلقوا طريق دمشق عمان الدولي بين بلدتي صيدا والغارية الغربية في ريف درعا الشرقي دعماً لدرعا البلد في مواجهة هجمات قوات النظام.
وجاءت كل تلك التطورات عقب انتهاء الاجتماع بين الوفد الروسي ولجنة المفاوضات في درعا البلد، دون التوصل إلى أي اتفاق، مساء أمس الإثنين، ورفض لجنة المفاوضات جميع المطالب الروسية التي كان أبرزها تسليم السلاح، وتهجير بعض الشبان إلى الشمال السوري، ونشر حواجز لـ “الفرقة الرابعة” داخل درعا البلد، ومنع نشر حواجز عسكرية داخل درعا البلد لـ “اللواء الثامن” الذي يقوده أحمد العودة، وهو من قيادات المعارضة السابقة، المدعوم روسياً.
من جانبها، نقلت صحيفة “الوطن” التابعة للنظام، صباح اليوم الثلاثاء، أنّ الأخير مصرٌّ على تطبيق الشروط التي يطالب بها، مضيفة أنّ “اللجنة الأمنية في محافظة درعا، واصلت التشديد على إصرار الدولة على قرارها الحاسم الذي لا رجعة فيه، وهو إعادة الأمن والأمان إلى كامل المنطقة الجنوبية، وأنها لن تقبل ببقاء الوضع على ما كان عليه خلال الفترة الماضية”.
وزعمت الصحيفة أنّ المهلة التي منحتها اللجنة الأمنية في المحافظة، أول من أمس الأحد، لـ”اللجنة المركزية” في درعا البلد والأهالي لـ”إخراج المدعو محمد المسالمة الملقب بهفو ومجموعته الداعشية والمدعو مؤيد الحرفوش الملقب بأبو طعجة ومجموعته الداعشية من درعا البلد، انتهت صباح أمس من دون أن يخرج الدواعش”، بحسب قولها.
وينفي أهالي درعا البلد واللجنة المركزية وجود مجموعات تابعة لتنظيم “داعش”، ويقولون إنها ذرائع يضعها النظام بهدف اقتحام المنطقة وتهجير سكانها.
وقالت الصحيفة إنّ قوات النظام عززت من وجودها في الكتيبة العسكرية وكتيبة الرادار في بلدة النعيمة بريف درعا الشرقي، بعشرات العناصر والمضادات الأرضية، تزامناً مع إرسال تعزيزات عسكرية إضافية تحتوي على دبابات وآليات ثقيلة إلى الحاجز الرباعي جنوبي بلدة الشيخ سعد في الريف الغربي، وكذلك وصول تعزيزات أخرى إلى معبر نصيب الحدودي مع الأردن، تزامناً مع رفع للسواتر الترابية في المنطقة الحرّة داخل الحرم الجمركي.
وكانت كل جولات التفاوض بين اللجنة المركزية عن درعا البلد والنظام برعاية روسية قد انتهت بالفشل؛ بسبب تعنت النظام في شروطه وتهديده بتنفيذ عمل عسكري ضد المنطقة ومحاصرتها على غرار مدن كثيرة حاصرها وقتل وتهجير سكانها.
العربي الجديد
———————-
موالون ينقلبون على الأسد بعد أحداث درعا
باتت نقمة الموالين للنظام السوري على عائلة الأسد أكثر وضوحاً في مواقع التواصل، رغم القمع الشديد الذي تفرضه أجهزة النظام على السوريين داخل البلاد. وفجرت الأحداث العسكرية المتصاعدة في درعا واحتفالات النظام بعيد الجيش، غضب الموالين، الذي يظهر في منشورات لناشطين انقلبوا على النظام مؤخراً.
وتداول سوريون منشوراً في “فايسبوك” كتبته شهد شعيب حداد، التي يتم التعريف عنها بأنها ناشطة موالية في الساحل السوري، بعد أسر مجموعة من جنود النظام السوري في درعا الأسبوع الماضي، ألقت فيه اللوم على مكتب أمن الحرس الجمهوري وقيادة الجيش، متهمة النظام بعدم مساندة وبيع الحواجز والقطع العسكرية.
وعزت حداد سياسة النظام في درعا إلى سبيين، الأول “إشغال اهالي الساحل بالدماء لكي ينسيهم أوجاعهم وآلامهم وفساد ونهب المسؤولين”، بما في ذلك رئيس النظام بشار الأسد ومستشارته لونا الشبل. والثاني “انتهاز الفرصة أمام الرأي العام في حال قتل الأسرى للقضاء علي أهالي درعا وتهجيرهم الى الشمال السوري كعقوبة لهم” بعد الانتخابات الأخيرة في البلاد.
المنشور الذي انتقل إلى صفحات موالية ومجموعات إخبارية مغلقة، لقي رواجاً كبيراً بين الصفحات المعارضة، للإشارة إلى مستوى النقمة الشعبية على عائلة الأسد تحديداً ضمن البيئة الموالية. فمنشورات حداد عموماً تركز على رئيس النظام بشار الأسد شخصياً وزوجته أسماء، كسبب للمشاكل الاقتصادية والخدمية في البلاد، وطالبت في وقت سابق منح الأسد “الإقامة الذهبية” في الإمارات كحل لخلاص الشعب السوري منه، بوصفه رأس الفساد.
هذا الانقلاب مثير للاهتمام لأن موالي النظام السوري طوال سنوات الثورة السورية تقريباً حافظوا على خطاب واحد يفصل الأسد عن الحكومة والمسؤولين الفاسدين، وكان الموالون يوجهون الرسائل للأسد من أجل أن يتدخل لإنقاذ السوريين من الفقر والجوع. لكن تلك المناشدات ذهبت أدراج الرياح مع تنصل النظام من مسؤوليته مراراً وتكراراً، واعترافه بالفشل في تأمين الخدمات الأساسية، وهو ما تجلى بفجاجة في اللقاء الإعلامي للمستشارة الرئاسية لونا الشبل، الشهر الماضي، الذي طالبت فيه السوريين بالصمود الإيجابي وإيجاد الحلول الخدمية التي يريدونها بأنفسهم.
منشورات حداد تأتي بعد منشورات لموالين آخرين من بينهم السيناريست قمر الزمان علوش، الذي كتب أنه كان يخشى على الأسد وبات يخشى منه، متهماً النظام بإدارة الأزمة في البلاد، ومعلناً دخوله في مرحلة صمت طوعي في مواقع التواصل.
المدن
————————–
قصة الجنوب و”الخطر القادم منَ الشمال”/ يحيى العريضي
لن أذهب بعيداً بتاريخ منطقتنا الأهم والأكثر مفصليّة في جيواستراتيجية العالم؛ ولكن عندما تمّ تقسيمها، وزرعُ علة في فلسطين تحلُّ للغرب مشكلته اليهودية، وتكون ثكنة متقدمة تحرص على بقاء المنطقة ضعيفة ومبعثرة ومتخلفة ومنهوبة الخيرات – يتحكّم بمصير شعبها العظيم أدوات عميلة مرتبطة بهذا الغرب ومحميّة من قبله – لم يأخذ هذا الغرب بعين الاعتبار التواصل البشري، والانفتاح العالمي، وانتشار المعرفة، وتوق الإنسان إلى الحرية والوعي والانعتاق؛ وأن التخطيطات، والحسابات، والاستبداد، وأدوات ظبط سلوك الجماهير وإخضاعها أمور ليست منزَّلة.
تبديد مخاوف “بنغوريون”
وفي هذا السياق، لم تكن مخاوف “بنغوريون” على إسرائيل في غير مكانها، عندما كَتَب في مذكراته إن “الخطر على الكيان يأتي من الشمال” – بحكم وجود الأسطول الأميركي السادس في المتوسط غرباً؛ وحاجز سيناء الطبيعي جنوباً؛ ومنطقة عازلة شرقاً، يُحْرَصُ دوماً على إنهاكها وتفريغ الكيان من أهله، بترحيلهم إليها. فقبل اكتمال عقدين من عُمْرِ الكيان الصهيوني، بدّد “حافظ الأسد” لـ “بنغوريون” مخاوفه، مقابل سلطة أبدية على سوريا قلب القضية النابض؛ فكان تحييد خطر الجولان شمالاً. وبقي الجنوب اللبناني الذي أصبح أكثر خطراً على الكيان بحكم وجود المقاومة الفلسطينية، وتحالفها مع مد وطني لبناني وعربي، بعد اتفاق القاهرة 1970. وهنا استمرت مهمة “حافظ الأسد”، فكان تعميد رئاسته وتثبيتها، بعد حرب 1973، وانطلاق مهمته الجديدة لاحقا في الخلاص من المقاومة الفلسطينية والمد الوطني العربي في لبنان. وابتدأ من تل الزعتر، مروراً بقيام إسرائيل ذاتها بغزو لبنان، وتغيير إسرائيل لتعهيد حماية الحدود الشمالية “لأنطون لحد وسعد حداد”، وصولاً إلى استرداد الأسد للتعهد عبر ميليشيات “حزب الله”، بالتنسيق مع ملالي إيران، إثر قيام “ثورتهم” “الإسلامية”؛ استمرّت إراحة “بنغوريون”.
إسرائيل وانتفاضة السوريين
وبالعودة إلى وعي الشعوب وانتفاضتها وتوقها للحرية والانعتاق، بداية العقد الثاني من هذا القرن؛ كان الحرص شديداً ألا يصل ذلك إلى سوريا؛ ولكنه وصل بأعجوبة. راق إسرائيل شعار “نظام الأسد أو نحرق البلد” لمواجهة الثورة السورية؛ وسعت بصمت إلى قتل ثورة السوريين عبر تشجيع وحشية “النظام”، والسكوت على دخول حزب الله- رغم إشهارها العداء له- ثم تدخل إيران، وصولاً إلى تدخل دولة عظمى- كان لإسرائيل يد بتدخلها. كان استهداف إسرائيل لمواقع إيرانية في سوريا ملفتاً؛ وكانت غايته لكل متبصر واضحة؛ إنه محاولة إقناع العالم بأن العداء قائم بين الكيان الصهيوني وإيران “قائدة المقاومة والممانعة”؛ وكان التموضع الأهم بالنسبة لإيران أيضاً قريباً جداً من منطقة “خطر بنغوريون”. وبحجة إيران، وتضخيم خطر وجودها في تلك المنطقة بالذات، يكون إفراغها وتحويلها إلى منطقة عازلة (buffer zone)؛ ومن هنا أخذ اتفاق التهدئة في الجنوب2018 الوجود الإيراني بعين الاعتبار؛ فكان الحديث بأبعاده- رغبة بتضخيم خطره- ليكون هو ذاته المنطقة العازلة الحامية لشمال الكيان؛ لإتمام المهمة القديمة، وتجديدها لمعالجة “الخطر القادم من الشمال”.
الجنى المؤقت والحسابات البعيدة
قد يكون الجنى الإسرائيلي كبيراً مما حدث في سوريا، ولكن استراتيجياً لا بد أن إسرائيل والغرب يحسبون ألف حساب لتغيّر حقيقي في معادلة البقاء والأمن الاستراتيجي؛ فها هي معادلة الأمس المريحة تتبخر، والتعهد الأسدي بحماية “الشمال” استراتيجياً وتاريخياً يشهد نهايته؛ وكل المحاولات المستميتة للإبقاء على المنظومة الأسدية تتلاشى. ما يحدث ليس إلا محاولات بائسة مفلسة لإعادة معادلة الأمس بأمن “الشمال”. حتى محاولات بوتين المستميتة لطلب ود الغرب عبر إسداء الخدمة الأجَلّ للكيان الصهيوني تصطدم بالمزاحمة على تعهد الحماية مع الملالي الخبثاء المزاودين بالمقاومة.
منطقة عازلة
أضحت محاولات الحماية تتركز على خلق منطقة عازلة شمال الكيان، لتشمل القنيطرة ودرعا والسويداء. من هنا، ومؤخراً، يكشف السر تهديد ذلك الجنرال الروسي الغبي لأهل درعا بأنه سيفلت عليهم قطعان الميليشيات الإيرانية، ومن هنا التهديد لأهل السويداء بداعش، ومَن هنا شيطنة الجنوب السوري بإفقاره وإذلاله وتخريب نسيجه الاجتماعي بمخدرات إيران وعمليات الخطف، ومَن هنا تنافُر ُوتزاحمُ المتحالفين الإيرانيين والروس ومحاولات إثبات مَن له اليد العليا عبر منع الروس للغطاء الجوي لإظهار هشاشة ميليشيات الأسد وخامنئي في الجنوب. ومن هنا- فوق كل ذلك- أنه عندما تم اتفاق 2018، في الجنوب، كان بين الروس والأميركان بتنسيق إسرائيلي أردني؛ ولم يكن على طريقة ثلاثي “أستانا” بما يُسمى “خفض التصعيد”. وهنا اتضح أن الجميع يقدم أوراق اعتماده لإسرائيل أولاً ولأميركا ثانياً.
دوام الحال من المحال
قد يسأل المرء ها هنا: وهل إسرائيل- بعد كل هذه القوة العسكرية الضاربة وقدراتها الجوية والتقنية لتهديد أي نقطة في محيطها، وتراكض البعض على التطبيع معها- تخشى أحداً أو تحتاج إلى مناطق عازلة إضافية؟ والجواب، نعم تخشى، وتخاف أيضاً. فالقانون الطبيعي والبشري يقول /دوام الحال من المحال/؛ وخاصة إذا كان قائماً على خطيئة أو زيف وتزييف. رحم الله الدكتور حيدر عبد الشافي؛ الذي قال لي في التسعينيات (في أثناء المفاوضات العربية-الإسرائيلية في واشنطن) إن رئيس الوفد الإسرائيلي سأله في أثناء تفاوضهما: “أو تعتقد أننا نتفاوض معكم الآن، لأننا نخشاكم؟ بإمكاننا هزيمة أية قوة عربية بأبسط مما تتصور. إننا نتفاوض معكم الآن، ونفكر لخمسين عام قادمة. فلسنا متأكدين ما سيحدث بعدها. اتفاقنا معكم قد يضمن هذه الفترة”.
فتح دفاتر الذاكرة
تعرف إسرائيل ومَن وراءَها أن السوريين- جذوة هذه المنطقة وروحها وقلبها النابض، وهم المشَرّبون بقناعة أن فلسطين قطعة من كرامتهم- سيعودون إلى فتح دفاتر وسجلاّت ما حل بهم، ومَن كان وراءه: ابتداءً مِن ارتياح إسرائيل لشعار “الأسد أو نحرق البلد”، وتشجيعه، إلى استدعاء إجرام خامنئي وبوتين بحقهم وحق بلدهم، وصولاً إلى تفاني الجميع بخلق منطقة عازلة منهكة مدمرة في شمال الكيان.
قدسية صمود الجنوب
من هنا قدسية صمود الجنوب، من هنا قداسة وشرف ما يقوم به شباب حوران، من هنا صبرهم على الحصار والقصف والاختراقات بكل أشكالها، من هنا يتحتم على كل سوري يحترم نفسه ووطنه وعرضه وكرامته- أكان مع منظومة الأسد أو ضدها- أن يقف في وجه هكذا مخطط، أن يقف مع حوران نبع انتفاضة الحرية والكرامة.
مَن شرب البحر، لا يغص بالساقية
قضية السوريين ليست فقط مسألة تمرير خطوط غاز، ولا هي مقاومة إرهاب، ولا هي موضة تغيير، ولا اختراق أو حفاظ على القانون الدولي أو حق الشعوب أو الحؤول دون تغيير نظام بالقوة، ولا هي قصة معابر، ولا هي داعش والجولاني وبوتين وخامنئي والأسد، وإعادة إعمار، ولجوء، وأكثر من مليون شهيد ومعتقل؛ إنها شيء من كل هذا يدور في فلك الصراع على الشرق الأوسط ؛ وفي بوابة القارات الثلاث بالذات، وفي مفتاح حربة الغرب وثكنته المتقدمة شرق المتوسط “إسرائيل” وحالها وجودياً. من هنا ثورة سوريا ستغيّر التاريخ عاجلاً أم آجلاً. أيها السوريون مَن شرب البحر، لا يغص بالساقية. الذاكرة السورية ستحمل كل ما جرى؛ الواقع وتطوره يقول بأن القرارات الدولية تحفظ حق السوريين في الجولان، وجنوبهم لهم؛ والاستبداد إلى زوال. نريد العودة إلى الحياة وبناء مستقبل حر آمن كريم تحت مبدأ: Live and let live/ / “لنعش وندع الآخرين يعيشوا”.
تلفزيون سوريا
——————————-
درعا السورية بين مصيرين: اتفاق أو مواجهة عسكرية/أمين العاصي
تتأرجح أحياء منطقة درعا البلد بمدينة درعا، جنوب سورية، منذ أيام عدة، بين مصيرين؛ فإما اتفاق يرضي الأهالي والنظام الذي يتحيّن الفرص لاقتحام هذه الأحياء، أو فشل المفاوضات المستمرة برعاية روسية، ما يعني مواجهة مفتوحة من شأنها خلط أوراق الجنوب السوري برمته وإعادته إلى المربع الأول. وكانت كل المعطيات تشير إلى أن المواجهة باتت قاب قوسين، أول من أمس الإثنين، مع إعلان فشل جولة المفاوضات في ظلّ إصرار النظام على شروطه بفرض سيطرته على أحياء درعا البلد، إذ أعلن مقاتلون ومجموعات مقاومة محلية الاستنفار والاستعداد لحرب طويلة.
ولكن الناشط الإعلامي أحمد المسالمة أكد، في حديث لـ”العربي الجديد”، أنّ الجانب الروسي فرض، أمس الثلاثاء، تهدئة جديدة في درعا لمدة 24 ساعة، وعمل على إحياء مسار المفاوضات بين لجنة التفاوض عن المنطقة وضباط النظام وروسيا. وأشار المسالمة إلى أنّ اللجنة المفاوضة عن أهالي درعا “قدّمت مساء الإثنين، مقترحاً جديداً ينص على انتشار قوات عسكرية تابعة للنظام من فرع الأمن العسكري والفرقة 15، إلى جانب عناصر من اللواء الثامن في الفيلق الخامس التابع للروس، ضمن مواقع عدة في درعا البلد والأحياء الأخرى”. ووفق وكالة “نبأ” الإعلامية المحلية، فإنّ اللجنة قدمت مقترحات أخرى، منها “تنفيذ عملية تفتيش في بعض الأحياء السكنية برفقة أعضاء من اللجنة”، مشيرةً إلى أنه “يُتوقع أن يرد النظام وروسيا على مقترح لجنة التفاوض في الساعات المقبلة، مع إعطاء المجال لتهدئة مؤقتة”.
وكان مسلحون من أبناء درعا قد هاجموا، مساء أول من أمس الإثنين، مواقع لقوات النظام السوري في مدينتي داعل والحارة بريف المحافظة، وذلك رداً على انتهاكات النظام. وقال الناشط محمد الحوراني، لـ”العربي الجديد”، إنّ “مجموعات من ثوار مدينة داعل بريف درعا، هاجمت مواقع للنظام في المدينة، وقامت بنسف مبنى مفرزة المخابرات الجوية بعد انسحاب قوات النظام منه”، مضيفاً أنّ “ثواراً في مدينة الحارة أيضاً هاجموا بالأسلحة الرشاشة حاجزاً لفرع أمن الدولة ومفرزة الأمن العسكري جنوبي المدينة. وأشار الحوراني إلى أنه “لم يتضح حجم الخسائر التي منيت بها قوات النظام جراء تلك الهجمات التي تأتي بهدف تخفيف الضغط الذي يمارسه النظام على درعا البلد”.
في غضون ذلك، طالب الأهالي والقوى والفعاليات المجتمعية في درعا، في بيان أمس، بـ”تدخل الجانب الروسي لوقف عمليات الاجتياح والقصف التي تقوم بها الفرقة الرابعة والمليشيات الإيرانية وباقي القوى العسكرية على درعا البلد وباقي مناطق محافظة درعا”. كما طالبوا بـ”إعلان وقف إطلاق نار شامل والاتفاق على آليات متوازنة ومحايدة لمراقبته وردع القوى التي لا تلتزم به، ونشر حواجز لقوات اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس”. كذلك، طالبت الفعاليات المجتمعية بـ”سحب القوات العسكرية من محيط درعا البلد والبلدات المحاصرة الأخرى، والسماحِ بدخول المساعدات الإنسانية والطبية لأهالينا المحاصرين منذ فترة طويلة، والسماح للمواطنين بالعودة للحياة الطبيعية، وإشراف الشرطة العسكرية الروسية على تنفيذ جميعِ الخطوات المذكورة سابقاً”، وفق البيان.
وكان النظام السوري قد نقض اتفاقاً تم التوصل إليه بينه وبين لجنة تمثل الأهالي في أحياء درعا البلد، الأسبوع الماضي، ينصّ على فكّ الحصار عن نحو 11 ألف عائلة مقابل تسليم السلاح المتوسط والخفيف وإجراء تسويات أمنية لمطلوبين، ونشر نقاط عسكرية داخل هذه الأحياء لحفظ الأمن. ولكن النظام أصرّ على تهجير عدد من المطلوبين لأجهزته الأمنية إلى الشمال السوري، في خطوة أراد منها الاستيلاء على الأحياء بالقوة والقيام بعمليات انتقامية واسعة النطاق. ويزعم النظام وجود مجموعات تابعة لتنظيم “داعش” في أحياء درعا البلد، مطالباً بخروجها، في حين تؤكد مصادر محلية أنّ النظام لم يجد أمامه إلا هذه المزاعم لفرض إرادته بالقوة على المنطقة الخارجة عن سيطرته بشكل كامل منذ أواخر عام 2011.
من جهتها، أكدت مصادر مطلعة لـ”العربي الجديد”، أنّ الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام بشار الأسد، “تريد الاستيلاء على جامع العمري الذي انطلقت منه شرارة الثورة السورية بالقوة، ورفع علم النظام فوقه في رسالة إعلامية واضحة بأنّ الثورة قد هُزمت”. وكان النظام السوري قد هدد أخيراً بهدم هذا الجامع الذي يعد من أعرق المساجد في سورية، في حال عدم الرضوخ لمطالبه.
وتعد الفرقة الرابعة في مقدمة فرق قوات النظام الموالية بشكل كامل للجانب الإيراني، بل إنّ مصادر في المعارضة السورية تؤكد أنّ عدداً كبيراً من أفرادها هم من المليشيات الإيرانية المتخفين في لباس عناصر هذه الفرقة. ودأبت الفرقة الرابعة على ارتكاب المجازر بحق المدنيين في كل المناطق التي دخلتها، إضافة للقيام بعمليات “تعفيش” للبيوت على نطاق واسع. ووفق مصادر في المعارضة السورية، تتخذ مليشيات إيرانية من مقرات فرق عسكرية تابعة للنظام أماكن تمركز لها في محافظة درعا، وخاصة في منطقتي إزرع والصنمين. أما الفرقة 15 والتي تنتشر ألويتها في عموم الجنوب السوري، فهي من الفرق الموالية للجانب الروسي، ما يفسّر مطالبة الأهالي بانتشارها في أحياء درعا البلد، وفق اتفاق لتفادي عمليات انتقام و”تعفيش” بحق الأهالي.
وتدلّ المعطيات على أنّ النظام مصر على السيطرة الكاملة على محافظة درعا بالقوة، إذ ذكرت صحيفة “الوطن” التابعة له، أمس الثلاثاء، أن قوات النظام عززت حواجزها العسكرية وكتيبة الرادار في بلدة النعيمة بريف درعا الشرقي، بعشرات العناصر والمضادات الأرضية. وأشارت الصحيفة إلى أنّ هذه القوات أرسلت تعزيزات عسكرية إضافية تحتوي على دبابات وآليات ثقيلة إلى الحاجز الرباعي، جنوب بلدة الشيخ سعد في ريف درعا الغربي، وتعزيزات أخرى إلى معبر نصيب الحدودي مع الأردن، تزامناً مع رفع سواتر ترابية في المنطقة الحرّة داخل الحرم الجمركي.
من جهته، أوضح عماد المسالمة، وهو أحد وجهاء “درعا البلد”، في حديث مع “العربي الجديد”، أنّ “النظام هدد بعد زيارة وزير الدفاع في حكومته علي أيوب لدرعا، أول من أمس الإثنين، بحرق أحياء درعا البلد والريف الغربي”، مشيراً إلى أنّ “النظام يصنّف اللواء الثامن التابع للروس على أنه عدو”. وأضاف: “كانت الأمور تتجه إلى حل لولا زيارة أيوب إلى المحافظة”. وحول الخيارات المتاحة أمام أهالي أحياء درعا البلد، أشار المسالمة إلى أن “أكثر من 50 ألف مدني طالبوا بتأمين مكان آمن لهم للرحيل عن منازلهم”، مضيفاً أنه “في حال تعذر ذلك، سندافع عن أنفسنا إذا أصرّ النظام على فرض شروطه”.
من جانبه، قال القيادي السابق في فصائل المعارضة السورية، العميد إبراهيم جباوي، في حديث مع “العربي الجديد”، إنّ النظام “بدأ يتمرد على الجانب الروسي عقب زيارة وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى دمشق في 17 يوليو/ تموز الماضي”، معرباً عن اعتقاده بأنّ “موسكو تسعى إلى منع أي مواجهة أو تهجير لحفظ ماء وجهها أمام المجتمع الدولي باعتبارها الضامن لكل الاتفاقات في جنوب سورية”. ولفت جباوي إلى أن “إيران تريد الوصول إلى الحدود الأردنية عن طريق الفرقة الرابعة الموالية لها”، مؤكداً على ضرورة تحرّك الدول العربية لإيقاف الحملة العسكرية على درعا.
العربي الجديد
——————————
قصف واشتباكات وتحذير من هيمنة إيران في درعا السورية/ جلال بكور
جددت قوات النظام السوري، بعد منتصف الليل، قصفها أحياء منطقة درعا البلد، جنوبيّ البلاد، تزامناً مع اشتباكات دارت على عدة محاور في محيطها، بينما حذرت اللجان المركزية المفاوضة في درعا من الهيمنة الإيرانية، داعية المعارضة إلى الانسحاب من المفاوضات مع النظام إن لم يُرفَع الحصار عن درعا البلد.
وقال الناشط محمد الحوراني، لـ”العربي الجديد”، إن قوات النظام أطلقت العديد من القذائف المدفعية على أحياء درعا البلد، مسببةً أضراراً مادية في ممتلكات المدنيين، تزامناً مع اشتباكات جرت على محوري الكازية والقبة في محيط أحياء درعا البلد بين أهالي المنطقة وقوات الفرقة الرابعة.
وأوضح الناشط أن ثوار درعا فجّروا بناء حاجز السرو الواقع بين بلدتي النعيمة وأم المياذن في ريف درعا الشرقي، وذلك منعاً لقوات النظام من التحصن فيه مجدداً بعد انسحابها قبل أيام، وكانت قوات النظام قد أخلت الحاجز خوفاً من تعرضها لهجوم على خلفية حصارها منطقة درعا البلد.
من جهته، ذكر تجمع أحرار حوران أن لجنة التفاوض في محافظة درعا أصدرت بياناً حذّرت فيه من “الهيمنة الإيرانية” على جنوب سورية بعد دخول أربعين يوماً على حصار أحياء درعا البلد، وذلك عقاباً على عدم مشاركتها في مسرحية الانتخابات الرئاسية التي جرت أخيراً.
وطالب البيان روسيا باحترام التزاماتها بصفتها الدولة الضامنة لاتفاق التسوية عام 2018، وناشد البيان أيضاً الأمم المتحدة وطالبها بالتدخل الفوري لإنهاء الحصار ومنع المليشيات الإيرانية من اقتحام أحياء درعا البلد المحاصرة.
وأكد البيان أنّ أهالي درعا البلد والمناطق المحاصرة رفضوا الحرب وجنحوا إلى التفاوض، لكن النظام والمليشيات الإيرانية يرفضان الحل، ويصعّدان من عملياتهما العسكرية. وأشار البيان أيضاً إلى أن جميع الاقتراحات التي قدمتها لجنة التفاوض من أجل إيقاف القصف ومحاولات الاقتحام والتهجير الكامل قوبلت بالرفض.
وذكرت اللجنة أن التصعيد العسكري سيؤدي إلى كارثة إنسانية وموجة نزوح كبيرة في المنطقة، ودعت في بيانها وفود المعارضة إلى الانسحاب من مسارات جنيف وأستانة، خلال مدة أقصاها 48 ساعة منذ صدور هذا البيان إذا لم يرفَع الحصار عن درعا.
وكانت اللجان المركزية في درعا قد قدمت أمس مقترحاً جديداً للنظام يقضي بنشر قوات عسكرية تابعة للفرقة الـ 15 والأمن العسكري إلى جانب عناصر من اللواء الثامن في عدة أحياء بدرعا البلد، إضافة إلى إجراء عمليات تفتيش محدودة بحضور أعضاء لجان التفاوض. ولم يصدر أي جديد بعد ذلك.
وانتهت اجتماعات يوم أول من أمس بين الوفد الروسي من جهة، ولجنة المفاوضات في درعا البلد من جهة أخرى، من دون التوصل إلى أي اتفاق، ورفضت لجنة المفاوضات جميع المطالب الروسية التي كان أبرزها تسليم السلاح، وتهجير بعض الشبان إلى الشمال السوري، ونشر حواجز لـ”الفرقة الرابعة” داخل درعا البلد، ومنع نشر حواجز عسكرية داخل درعا البلد لـ”اللواء الثامن” الذي يقوده أحمد العودة، أحد قادة المعارضة السابقة المدعوم روسياً.
وكانت كل جولات التفاوض السابقة بين اللجنة المركزية عن درعا البلد والنظام برعاية روسية قد انتهت بالفشل بسبب تعنّت النظام في شروطه وتهديده بتنفيذ عمل عسكري ضد المنطقة ومحاصرتها على غرار مدن كثيرة حاصرها وقتل وهجّر سكانها.
129 قتيلاً في تموز
وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 129 مدنياً سورياً، جلّهم على يد قوات النظام السوري وحلفائها في سورية خلال شهر يوليو/تموز الماضي، ووثقت 172 حالة اعتقال تعسفي على يد أطراف الصراع كافة في البلاد.
وقالت الشبكة في أحدث تقاريرها اليوم إنها وثقت مقتل 129 مدنياً، بينهم 44 طفلاً و17 سيدة، النسبة الأكبر منهم كانت على يد قوات الحلف بين النظام والقوات الروسية.
وأوضح التقرير أن من بين الضحايا شخصاً من الكوادر الطبية وشخصاً من كوادر الدفاع المدني وشخصاً من الكوادر الإعلامية.
وقالت الشبكة إنها سجلت مقتل 10 أشخاص بسبب التعذيب، إضافة إلى 4 مجازر، وذلك على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سورية.
وبحسب التقرير، هناك ما لا يقل عن 172 حالة اعتقال تعسفي، بينها اعتقال سيدة على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سورية، وكانت النسبة الأكبر منها على يد قوات النظام السوري في محافظة درعا ثم ريف دمشق.
وبحسب التقرير، فقد شهد تموز الماضي ما لا يقل عن 15 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية، كانت 5 منها على يد قوات النظام السوري، و4 على يد القوات الروسية، و5 على يد قوات سورية الديمقراطية، وواحدة إثر انفجار لم يتمكن التقرير من تحديد مصدره.
وذكر التقرير أن قوات النظام وروسيا تستخدم ذخائر جديدة لم يجرِ التعرف إليها حتى صدور التقرير.
وذكر التقرير أن شهر تموز شهد استمراراً في حوادث قتل المدنيين بسبب الألغام في محافظات ومناطق متفرقة في سورية، حيث سجل حوادث عدة سبّبت مقتل 8 مدنياً، بينهم 5 أطفال، لترتفع حصيلة الضحايا في عام 2021 إلى 117 ضحية، بينهم 44 طفلاً و21 سيدة.
وتحدث التقرير أيضاً عن عمليات القصف العشوائي غير المتناسب التي نفذتها “قوات سورية الديمقراطية” ذات القيادة الكردية، والتي تعتبر خرقاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني، وترقى إلى جرائم حرب.
وطالب التقرير مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254، وشدد على ضرورة إحالة الملف السوري على المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النظام الروسي، بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب.
العربي الجديد
————————-
ثوار درعا ثابتون رغم انعدام الخيارات..”الموت ولا المذلة”/ مصطفى محمد
مقابل إصرار النظام السوري على فرض واقع جديد، تبدو الخيارات المتاحة أمام ثوار درعا محدودة للغاية، وخاصة أن النظام يرفض كل الحلول التي من شأنها إعادة الواقع الميداني إلى ما قبل الحصار على درعا البلد، الذي بدأ قبل 40 يوماً.
ويجد ثوار درعا، وتحديداً أبناء درعا البلد أنفسهم بين القبول بتسوية جديدة، أو الدخول في مواجهة عسكرية غير متكافئة، بعد سحب السلاح الثقيل من يد فصائل درعا سابقاً، ومحاولات النظام من خلال شخصيات تابعة له زعزعة الموقف الشعبي الرافض لتهديدات النظام.
ويقول رئيس محكمة “دار العدل” في حوران سابقاً عصمت العبسي إنه “لا خيارات كثيرة أمام أهالي درعا، والمطلب اليوم هو العودة إلى الوضع ما قبل الحصار، لكن إصرار النظام على الحسم العسكري يعني فعلياً إما قبول التسوية والمذلة، أو الموت”.
ويضيف العبسي ل”المدن”، أن درعا وأهلها “حسموا أمرهم منذ أكثر من عقد، بعدم قبول العيش في كنف الظلم”، مستدركاً: “لكن الحال الإنساني اليوم سيء جداً”.
وتعبيراً عن واقع الحال، طالبت لجنة درعا في بيان الأربعاء، الجانب الروسي باحترام التزاماته، والتحلي بالمسؤولية اللازمة بصفتها الضامن لاتفاق التسوية في درعا، الذي تم التوصل إليه في صيف العام 2018.
وقال البيان إن أهالي درعا قدموا أكثر من مقترح لتجنب المجزرة، وصولاً إلى قبول التهجير نحو مناطق بعيدة، لكن جميع هذه المقترحات قوبلت بالرفض، واختتمت اللجنة بيانها: “لقد قالها أهالي درعا منذ اليوم الأول للثورة، الموت ولا المذلة”.
من جهته، يقول رئيس “المجلس السوري للتغيير” وعضو اللجنة الدستورية المصغرة عن المعارضة حسن حريري إن الوضع في درعا ليس جديداً على أهلها، فدرعا عايشت تجارب سابقة، وما يبدو للآن أن الثبات هو السائد في أوساط درعا.
ويضيف في حديث ل”المدن”، أنه “لا خيارات أمام أهالي درعا وثوارها إلا الثبات، لأن البديل مرعب للغاية”.
ولم تفلح روسيا حتى الآن في جسر الهوة بين النظام المتعنت، ولجان درعا، ولذلك لجأت إلى حلول آنية، حيث فرضت الثلاثاء تهدئة ليوم واحد، حتى تتمكن من فرض تسوية جديدة، المستفيد منها النظام بطبيعة الحال.
وتدل المعطيات على إصرار واضح من جانب النظام على إحداث تغيير جذري في معادلة السيطرة في الجنوب السوري، مدعوماً بالموقف الإيراني، إذ جرى تداول أنباء عن نية الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام بشار الأسد، السيطرة على الجامع العمري ورفع علم النظام فوقه، أو هدمه بالقصف.
وكانت لجان درعا المركزية قد قدمت عرضاً يقضي بتهدئة جديدة، يتضمن نشر نقاط عسكرية داخل الأحياء المحاصرة تابعة للفرقة 15 وفرع الأمن العسكري، مع نقاش إشراك قوات من اللواء الثامن في الفيلق الخامس الموالي لروسيا، وهو ما رفضه النظام.
ومقابل تعنت النظام، هناك حساب آخر يخدم أهالي درعا، وهو عدم وجود رغبة روسية بالتصعيد، بدلالة غياب طائراتها عن مساندة قوات النظام.
إنسانياً، تشير مصادر “المدن”، إلى تسجيل حي درعا البلد حالات نزوح كبيرة نحو درعا المحطة عبر حاجز سرايا، لقناعة الأهالي بصعوبة التوصل إلى اتفاق، وتلفت المصادر إلى النقص الكبير في الغذاء والدواء، ومياه الشرب، وغياب التيار الكهربائي وسط موجة الحر الشديد التي تضرب المنطقة.
وفي ضوء ما تقدم، تبدو إيران هي المستفيد الأبرز من التصعيد، بحيث يتيح لها الوضع الراهن التمدد في مناطق قريبة من الحدود الأردنية.
المدن
———————————–
درعا:مقترح جديد للتهدئة..والعشائر تدعو جنود النظام للانشقاق
طرحت اللجنة المركزية في مدينة درعا، مقترحاً جديداً على النظام السوري يقضي بتهدئة جديدة، وسط تصعيد عسكري من قبل قوات النظام ما دفع بالمعارضة إلى مهاجمة مواقع عسكرية في مناطق عديدة من المحافظة.
وتضمن مقترح اللجنة المركزية الممثلة لأهالي درعا البلد نقاطاً عديدة أبرزها: نشر نقاط عسكرية داخل الأحياء المحاصرة تابعة للفرقة 15 وفرع الأمن العسكري، مع نقاش إشراك قوات من اللواء الثامن في الفيلق الخامس الموالي لروسيا.
وسمح المقترح بعمليات تفتيش لبعض المناطق بحضور اللجان المركزية وقوات من الفيلق الخامس، ودخول اللجنة الأمنية التابعة للنظام إلى الأحياء المحاصرة لمتابعة تنفيذ بنود الاتفاق.
وتشير مصادر المعارضة إلى احتمال رد النظام السوري وروسيا على مقترح اللجان المركزية، مساء الثلاثاء، وسط هدوء حذر يسود منطقة درعا البلد منذ ساعات الصباح الأولى بعد تصعيد ليلي من قبل النظام السوري.
واستهدفت الفرقة الرابعة ليل الاثنين/الثلاثاء، بقذائف المدفعية الثقيلة معظم أحياء درعا البلد، مع محاولتها الدخول إلى الأحياء من محاور عديدة، إلا أن المعارضة تصدت لتلك المحاولات. وبحسب مصادر المعارضة سقط عدد من عناصر الفرقة الرابعة بين قتيل وجريح على محور “جمرك درعا”.
كما استهدف مقاتلو درعا بالأسلحة الرشّاشة، ليل الاثنين/الثلاثاء، حواجز فرع أمن الدولة ومفرزة الأمن العسكري جنوبي مدينة الحارة، كما هاجمت المعارضة الكتيبة الإلكترونية شمالي المدينة.
أما في مدينة نوى غربي درعا، هاجمت المعارضة بالأسلحة الرشّاشة مواقع عسكرية لقوات النظام، بينما دمّر مقاتلو مدينة داعل مقرّاً للمخابرات الجوية.
ومساء الاثنين، أشعل شبان الإطارات وقطعوا طريق عربين-مسرابا في الغوطة الشرقية بريف دمشق، نصرةً لدرعا البلد، إضافة لإغلاق طريق دمشق-عمان الدولي بين بلدتي صيدا والغارية الغربية بريف درعا الشرقي نصرة لدرعا البلد.
من جهة أخرى، اتهم مصدر في الجبهة الجنوبية التابعة للجيش السوري الحر قوات النظام بالتحضير لعمل عسكري كبير في كافة مناطق محافظة درعا، عبر إرسال تعزيزات عسكرية كبيرة.
وقال المصدر لوكالة الأنباء الألمانية إن التعزيزات العسكرية وصلت من دمشق وريفها والقنيطرة، مزودة بدبابات وراجمات صواريخ ومدفعية، وتمركز العشرات منها في بلدة النعيمة على أطراف مدينة درعا الشرقية.
من جانبها أصدرت عشائر درعا بياناً، تدعو فيه عناصر النظام إلى الانشقاق عنه، في ظل الهجمة العسكرية الذي يشنها على مدينة درعا وريفها.
وقالت العشائر في بيانها: “حربنا ليست معكم، بل هي مع الميليشيات التي استجلبتها إيران لتستبيح بيوتنا وأرضنا، عدونا واحد وقضيتنا واحدة، أنتم أبناؤنا ولا نرضى لكم الموت كما لا نرضاه لأنفسنا”، مضيفة “غالبيتكم أجبروا على حمل السلاح بوجه أهلكم في درعا، عودوا إلى مكانكم الطبيعي بين أبناء شعبكم، فهنا ندافع عن كرامتنا فقط، لا أجندات ولا مشاريع نخدمها”.
وفي بيان آخر لوجهاء محافظة درعا طالبوا المجتمع الدولي بالوصاية، ونشر قوات دولية داخل محافظة درعا، وذلك بعد تعنت النظام السوري وخرق جميع الاتفاقات السابقة التي أبرمها مع أهالي ووجهاء درعا، وفرض الحصار على درعا البلد، كما طالبوا بضرورة حماية المدنيين والضغط على روسيا وإلزامها ببنود الاتفاق الذي تم التوصل إليه عام 2018.
وفي السياق، أعلن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي بوب مينيندز أن الأعمال العدائية والحصار المستمر من قبل نظام الأسد وداعميه على المدنيين في درعا منذ شهر هو أمر شائن.
وأضاف في تغريدة، أن استهداف المدنيين والأبرياء في محافظة درعا يظهر عدم شرعية الأسد ونظامه. وأوضح أنه يجب ممارسة المزيد من الضغط على نظام الأسد من أجل وقف التصعيد على المنطقة، والعمل على محاسبته ومحاسبة داعميه الروس والإيرانيين.
وكانت الجالية السورية في نيويورك استضافت الاثنين، السيناتور الأميركي، وزودته بوثيقة الخطوات الخمس للحل في سوريا، التي أعدتها المنظمات السورية، وتعهد مينيندز بدعم تلك الخطوات.
المدن
—————————–
وزير الدفاع السوري في درعا… وهدنة تشوش عليها «أذرع إيران»
دمشق – لندن: «الشرق الأوسط»
شهدت درعا، أمس، نشاطاً على أكثر من مستوى لم تتسرب منه معلومات وافية حتى كتابة هذا التقرير، إذ وصل وزير الدفاع علي أيوب، إلى مبنى الحزب في حي المطار بدرعا المحطة للاجتماع مع اللجنة الأمنية التابعة لنظام الأسد، ظهراً، وحلقت طائرة استطلاع تابعة للنظام فوق أحياء درعا البلد بالتزامن مع وصوله.
كما دخل وفد روسي إلى درعا البلد، أمس، بغية إكمال عملية التفاوض مع اللجان المركزية، بعد انتهاء التفاوض مع النظام عقب الاجتماع اليوم مع شخصية عسكرية بارزة في النظام يرجح أنه وزير دفاع النظام وممثلين عن المنطقة.
وتحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن سماع أصوات إطلاق نار كثيفة في درعا البلد، مساء أمس، في أعقاب مغادرة الوفد الروسي لمدينة درعا، دون الكشف عن نتائج الاجتماع الأخير. ورصد نشطاء استمرار قوات النظام بتعزيز نقاطها بريف درعا حيث جرى تعزيز النقاط في النعيمة شرق درعا، وإرسال تعزيزات إلى معبر نصيب الحدودي مع الأردن وتعزيزات أخرى إلى الشيخ سعد بريف درعا الغربي، كذلك استهدفت قوات النظام بعد ظهر اليوم درعا البلد بالرشاشات المتوسطة.
وأفاد ناشطون بدخول سيارة تحمل طعاماً إلى منطقة المزارع غرب صوامع غرز، حيث يوجد هناك مدنيون محاصرون منذ بدء الاشتباكات في درعا، بوساطة من اللواء الثامن عبر حاجز تابع للمخابرات الجوية. وقال المرصد، إن قوات «اللواء الثامن» الموالية لروسيا دخلت إلى منطقة الشياح بمدينة درعا، لإخلاء عائلات عالقة منذ اندلاع الاشتباكات قبل أيام، حيث جرى إخلاء أكثر من 70 عائلة حتى أمس. وتحدث موقع (أحرار حوران)، عن استقدام النظام خلال الأسابيع الماضية عشرات الأرتال العسكرية، التي حملت الميليشيات الطائفية إلى محافظة درعا، بلباس جيش النظام وعتاده، ضمن سلسلة محاولاتهم الساعية بالتمدد الإيراني في المحافظة. وأفاد مصدر خاص بالتجمع، أن بعض الثكنات العسكرية التابعة للفرقة الرابعة غرب المحافظة، تحولت إلى ثكنات تضم ميليشيات إيرانية وعراقية، خصوصاً «منطقة الري» التي تعد من أهم المواقع العسكرية هناك.
وأضاف أنه خلال تصعيد النظام على أحياء درعا البلد في 29 يوليو (تموز) الفائت، توالت الفزعات لتهاجم بعض المواقع العسكرية للنظام، الأمر الذي خلّف قتلى وجرحى من النظام، في مواقع عسكرية مختلفة، ليتبيّن من خلال جثثهم أنهم ميليشيات مأجورة.
وتابع، أنه عند فتح الهاتف المحمول لأحد الضباط الذين أصيبوا في منطقة الري باشتباكات مع أبناء المنطقة الغربية، وهو المدعو «محمد فؤاد شبلي»، تبيّن أنه يتبع ميليشيات حزب الله، ومنضوٍ في مجموعات تحمل اسم قوات الإمام علي.
وكانت محافظة درعا تعيش هدوءاً حذراً يسود عموم المحافظة في ظل التهدئة التي جرت برعاية روسية مساء السبت، إلا أن الخروقات متواصلة بشكل متقطع، فقد شهد حي طريق السد بمدينة درعا استهداف قوات النظام لمحيط المنطقة بالرشاشات المتوسطة والخفيفة، وشهد مساء الأحد اشتباكات بين مسلحين محليين من جهة وقوات النظام من جهة أخرى، قرب ملعب المشاهير في مدينة جاسم الواقع على طريق نمر – جاسم. كما وصلت تعزيزات عسكرية لقوات النظام إلى محيط مدينة جاسم، بعد انسحاب معظم حواجزها في ريف درعا الأوسط.
كما شهدت أحياء درعا البلد ضمن مدينة درعا، الأحد، سقوط قذائف هاون أطلقتها قوات الفرقة الرابعة، في ظل سحب قوات النظام والأجهزة الأمنية مزيداً من حواجزها في الريف الدرعاوي، إذ انسحبت المخابرات الجوية من حواجزها في بلدة قرفا شمال درعا، بالإضافة لسحب أحد حواجزها في مدينة داعل بريف درعا الأوسط، يأتي ذلك مع الترقب لتطبيق الاتفاق بوساطة روسية لانتشار قوات الفيلق الخامس في نقاط وحواجز عدة أبرزها درعا البلد.
الشرق الأوسط
——————————–
توقع عمل عسكري كبير في درعا السورية: اشتباك عنيف بين الأهالي وميليشيات إيرانية
اتهم مصدر في الجبهة الجنوبية التابعة للجيش السوري الحر المعارض، قوات النظام السوري والميليشيات التابعة، بالتحضير لعمل عسكري كبير في كافة مناطق محافظة درعا، من خلال إرسال تعزيزات عسكرية كبيرة.
وقال المصدر في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، أمس الاثنين، إن التعزيزات العسكرية وصلت من دمشق وريفها والقنيطرة، مزودة بدبابات وراجمات صواريخ ومدفعية وتمركز العشرات منها في بلدة النعيمة على أطراف مدينة درعا الشرقية.
وتحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن سماع أصوات إطلاق نار كثيفة في درعا البلد، مساء أمس، في أعقاب مغادرة الوفد الروسي لمدينة درعا، من دون الكشف عن نتائج الاجتماع الأخير. وتحدث نشطاء عن قصف مدفعي عنيف بالدبابات ومضادات الطيران، وسط اشتباك عنيف بين أهالي المنطقة والميليشيات التابعة لإيران على محور حي البحار جنوب درعا البلد.
وأفاد مصدر خاص لتجمع أحرار حوران، بأن بعض الثكنات العسكرية التابعة للفرقة الرابعة غرب المحافظة، تحولت إلى ثكنات تضم ميليشيات إيرانية وعراقية، وخصوصاً «منطقة الري» التي تعد من أهم المواقع العسكرية هناك.
وكان وزير الدفاع السوري علي أيوب، قد وصل من دمشق إلى مبنى حزب البعث في حي المطار بدرعا المحطة، للاجتماع مع اللجنة الأمنية التابعة للنظام، ظهراً، وحلقت طائرة استطلاع تابعة للنظام فوق أحياء درعا البلد بالتزامن مع وصوله. وتزامن الأمر مع دخول وفد روسي إلى درعا البلد، أمس، بغية إكمال عملية التفاوض مع اللجان المركزية، وبعد انتهاء التفاوض مع النظام عقب الاجتماع مع شخصية عسكرية بارزة في النظام، يرجح أنه وزير الدفاع، وممثلين عن المنطقة.
الشرق الأوسط
————————-
=====================
تحديث 05 آب 2021
—————————
وجهاء درعا البلد يحذرون من مساعٍ إيرانية لـ«الهيمنة» على جنوب سوريا
نزوح من مناطق محاصرة بالتزامن مع مفاوضات لتسوية
درعا (جنوب سوريا): رياض الزين
أصدرت لجنة التفاوض في درعا البلد مساء الأربعاء بياناً تحذر فيه من مشروع «الهيمنة الإيرانية» على جنوب سوريا، واستمرار حصار مدينة درعا البلد من قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية الموالية له لمدة أربعين يوماً على التوالي؛ وذلك عقاباً على عدم مشاركة المدينة بمسرحية الانتخابات الرئاسية التي جرت مؤخراً في سوريا، بحسب البيان.
وناشدت اللجنة في بيانها الدول الفاعلة بالملف السوري، بما فيها روسيا الضامنة لاتفاق التسوية جنوب سوريا عام 2018، والأمم المتحدة، والمبعوث الدولي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن، لـ«إنهاء حالة الحصار الذي تفرضه قوات النظام والميليشيات الطائفية على مدينة درعا البلد، ومنعها من اقتحام المدينة».
وأكدت اللجنة، أن أهالي درعا البلد والمناطق المحاصرة «يرفضون الانزلاق للعنف، ودعم التسوية السورية السليمة، لكن ما زال النظام مستمراً في عمليات التصعيد العسكرية؛ ما يدل على غياب الإرادة بالحل السياسي، وأن جميع الاقتراحات التي قدمتها لجنة التفاوض من أجل إيقاف القصف ومحاولات الاقتحام والتهجير الكامل قوبلت بالرفض»، مطالبة من وفود المعارضة في آستانة وجنيف «تعليق مشاركتهم ونشاطاتهم حتى رفع الحصار عن مدينة درعا البلد».
كما حذرت اللجنة من كارثة إنسانية وشيكه في درعا، نتيجة التصعيد العسكري ونزوح الألاف من سكان المدينة، وغياب الثقة بالضامن الروسي لاتفاق التسوية؛ ما يدفع بموجة نزوح ولجوء الأهالي تجاه الأردن المنطقة الأكثر قرباً من مدينة درعا والمناطق الحدودية الجنوبية الأخرى.
وجاء بيان اللجنة المركزية في درعا البلد بعد فشل كل جولات التفاوض والاقتراحات التي جرت مؤخراً مع اللجنة الأمنية للنظام السوري في درعا لوقف العمليات العسكرية في درعا، وتجنب المنطقة عمليات التصعيد العسكري.
وقال الناطق باسم «تجمع أحرار حوران» الإعلامي أبو محمود الحوراني، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «تمت مشاهدة فؤاد النداوي، المسؤول عن لواء أسود العراق، في مدينة درعا مع قوات الفرقة الرابعة، كما شاركت الميليشيات المدعومة من إيران بشكل كبير في الحملة العسكرية على أحياء درعا البلد، عن طريق مجموعات تابعة لها بشكل مباشر كميليشيات الرضوان، وميليشيا 313، والحرس القومي، كما استخدمت أذرعاً لها في المنطقة وهما الفرقتان الرابعة والتاسعة، وخصوصاً اللواء 42 المعروف باسم قوات الغيث، والذي يتزعمه غياث دلا».
وحسب المصدر، «تساهم هذه الميليشيات بشكل كبير في إفشال عمليات التفاوض بين اللجنة الأمنية التابعة للنظام ولجنة التفاوض في درعا البلد، من خلال تعنتها على الدخول إلى المنطقة عن طريق القوة، على الرغم من الشعارات المتكررة التي رفعها أبناء المحافظة الرافضة للحرب، والمؤكدة على الحراك السلمي، إضافة إلى تحول بعض الثكنات العسكرية في محافظة درعا، وخصوصاً في ريفها الغربي إلى مقرات تضم ميليشيات إيرانية وعراقية وخاصة في منطقة الري، ومقرات الفرقة الرابعة، وأن الهدف من مشاركتها الاقتراب من الحدود الأردنية والإسرائيلية لتنفيذ مخططات لها في المنطقة، وتمسك بورقة ضغط جديد تخدم مصالحها في أي عملة تفاوض مستقبلية».
وخرج محمد المسالمة الملقب بـ«هفو» برفقة مؤيد حرفوش، المطلوبان للترحيل من درعا البلد مع مجموعاتهما، في بيان مصور الأربعاء، أعلنوا فيه خروجهم من درعا البلد قبل أيام عدة؛ «امتثالاً لخيار التهجير الذي طلبته اللجنة، وحقناً للدماء، ولتجنب الأهالي العمليات العسكرية في المدينة»، مشيراً إلى أنه رغم خروجهم من المدينة فإن قوات النظام السوري مستمرة بحملتها العسكرية وقصفها الأحياء المحاصرة.
وبحسب، موقع «درعا 24»، فإن تسجيلات صوتية نشرت في بداية تصعيد قوات النظام السوري في درعا البلد منسوبه لـ«هفو»، يؤكد فيها رفضه ورفض مجموعته طلب اللجنة الأمنية تهجيره باتجاه الشمال السوري، ويتهم فيها اللجان المركزية المسؤولة عن ملف المفاوضات، وعشيرته آل المسالمة وجميع عشائر درعا، بأنّهم يريدون تسليمه وتهجيره، ودعا «الخائفين على أرواحهم أو أموالهم من القصف ومن اقتحام الجيش لأحياء درعا البلد، أن يذهبوا إلى مناطق سيطرة النظام».
وأشار الناشط مهند العبد الله من مدينة درعا إلى أن قوات النظام السوري خلال المفاوضات السابقة اتهمت محمد المسالمة ومؤيد حرفوش بانتمائهما لجماعات إسلامية متشددة تسمى «حراس الدين»، واليوم بعد انفجار في باص مبيت لعناصر من النظام السوري في الحرس الجمهوري، عند ناحية قدسيا في ريف دمشق، ظهر بيان من تنظيم «حراس الدين يتبنى تفجير الباص في دمشق»، بعد أن أكدت وكالة أنباء سوريا الرسمية (سانا) أن التفجير كان بسبب تماس كهربائي.
وجاء في بيان التبني، أن التفجير كان ثأراً ونصرة لأهالي درعا؛ الأمر الذي يراه العبد الله «مزيداً من التجييش والتحشيد المعنوي والإعلامي ضد أهالي درعا البلد وإظهار وجود خلايا إرهابية في المدينة، خاصة بعد أن طالبت لجان تفاوض المدينة يوم أمس دخول قوات النظام وتفتيش المنازل والمناطق في درعا البلد بحضورها وحضور قوات الفيلق الخامس للوقوف على حقيقة عدم وجود خلايا تابعة لتنظيمات إرهابية في المدينة، ورفضت قوات النظام كل اقتراحات اللجنة، لإجهاض المفاوضات وكسب مزيد من الوقت في التصعيد العسكري».
وفي تصريحات صحافية للمعارض السوري خالد المحاميد أنه يوجد في مدينة درعا أشخاص لهم ارتباطات «مشبوهة»، وغدا يوم حاسم في المفاوضات، وأنه لولا وجود الجانب الروسي في حوران لكانت هناك «أنهر من دماء، وأن النظام السوري حاول إثارة الفتنة في حوران وتقسيم درعا بين الريف والمدينة، ولكن حوران جميعها برجالها ونسائها وأطفالها على قلب رجل واحد، واستبعد اجتياح قوات النظام السوري مدينة درعا، مشيراً إلى دور «الفيلق الخامس» المدعوم من روسيا جنوب سوريا لنشر حواجز داخل مدينة درعا البلد».
ومع استمرار تصعيد قوات النظام السوري في مدينة درعا البلد وطريق السد ومخيم درعا، انسحبت قوات النظام من عدد كبير من مواقعها المتفرقة في مناطق التسويات بالريف الشرقي والغربي من درعا، وتجميع قواتها في نقاط واحدة مشتركة؛ كي لا يسهل أسرها أو اقتحام نقاطها، وكان آخرها سحب قوات النظام السوري من نقاطها وحواجزها في بلدة الجيزة بريف درعا الشرقي والحاجز الواصل بين بلدة أم المياذن والنعيمة، إلى أحد الحواجز العسكرية القريبة من بلدة المسيفرة المجاورة، في حين يتجدد القصف المدفعي والصاروخي على أحياء مدينة درعا البلد بين الحين والآخر، حيث تعرض أحد مساجد حي طريق السد بمدينة درعا أثناء تواجد المصلّين فيه يوم الأربعاء للقصف بقذائف الهاون دون وقوع إصابات، بالتزامن مع اشتباكات متقطعة بين قوات الفرقة الرابعة وأبناء المدينة الذين يحاولون صد محاولة الاقتحام، ونزوح مستمر لأهالي المدينة إلى عمق المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية جنوب سوريا المحاذية للحدود الأردنية السورية.
الشرق الأوسط
——————————-
درعا:الجيش الروسي عاجز عن وقف النار
استهدف النظام السوري بالمضادات الأرضية والأسلحة الرشاشة مختلف أحياء محافظة درعا، فيما صدت المعارضة محاولات التقدم للنظام على محاور عديدة.
كما تعرضت سيارة عسكرية لقوات النظام على طريق السويداء – إزرع لهجوم مسلح ما أسفر عن مقتل وجرح جميع العناصر الذين يستقلونها، وذلك عقب فشل المفاوضات بين اللجنة الأمنية للنظام واللجان المركزية التي تمثل الأهالي في مدينة درعا.
وأعلن “تجمع أبناء حوران” أن اشتباكات عنيفة دارت فجر الأربعاء/الخميس، بين مسلحين مجهولين وقوات النظام المتمركزة على حاجز المدرسة في منطقة البكار في ريف درعا الغربي، وسط قصف عنيف استهدف محيط الحاجز من قبل قوات النظام، كما استهدف قصف مدفعي من قبل عناصر الفرقة الرابعة قرية العجمي بريف درعا الغربي.
وفي أحياء درعا البلد اندلعت اشتباكات عنيفة بين المعارضة وقوات النظام، تزامنت مع قصف عنيف بالمضادات الأرضية استهدف الأحياء. وكما معظم أحياء درعا، تعرضت بلدتا مليحة العطش وناحتة شرق درعا إلى قصف مدفعي مصدره قوات النظام التابعة للواء 12 المتمركزة في مدينة إزرع.
من جانبه حذر الاتحاد الأوروبي من مغبة حدوث تصعيد في محافظة درعا وخارجها كما دانت واشنطن الهجوم “الوحشي” للنظام على المحافظة.
وقال بيان صادر عن مكتب الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل إن جنوب غربي سوريا يشهد “أسوأ وأخطر أعمال عنف منذ عام 2018، وهناك خطر جسيم من حدوث تصعيد في درعا”. ودعا البيان الأوروبي إلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية على نحو آمن ودائم إلى سكان درعا.
من جهته، قال وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن: “ندين الهجوم الوحشي لنظام الأسد على درعا، وندعو إلى إنهاء فوري للعنف الذي قتل المدنيين وتسبب بتشريد آلاف يعانون نقص الغذاء والدواء”. وأضاف في تغريدة، “نجدد الدعوة لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء سوريا وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254”.
روضة أطفال
نقلت صحيفة “كوميرسانت” الروسية عن مصادر في مركز المصالحة الروسي أن الجيش الروسي مجبر على التصرف في درعا “كممرضة في روضة أطفال”، حيث يعملون على حل النزاعات، وبعد مغادرتهم تشتعل الصراعات بقوة مجدداً.
وأشارت الصحيفة إلى أن درعا تحولت خلال ثلاث سنوات إلى بؤرة من المشاكل المتشابكة التي لم تُحلّ حتى الآن، بما في ذلك الدمار الذي خلفته السلطات المركزية في فترة ما بعد الحرب، والموقف المتغطرس تجاه السكان بسبب أعمال جماعات قطاع الطرق والعناصر المتطرفة التابعة للمعارضة، فضلاً عن تفكيك اللواء الثامن من قبل وحدات نظامية من الجيش السوري وقوات الأمن والقوات الموالية لإيران التي تعمل لصالح النظام السوري.
وأوردت الصحيفة أن الجيش الروسي كان يأمل بحل الأزمة في درعا من خلال المفاوضات، ورغم فشل الجولات العديدة من المفاوضات إلا أن الجانب الروسي يواصل حث جميع الأطراف على تجنب التصعيد العسكري.
وقالت الصحيفة إن موسكو حاولت طوال ثلاث سنوات منع تطهير محافظة درعا من خلال المصالحة وليس الحلول العسكرية، مثلما حدث في ضواحي دمشق. وخلال فترات وقف إطلاق النار القصيرة، حاول المئات من السوريين الخروج من درعا، خوفاً من تنفيذ الجيش السوري عملية عسكرية جديدة. وقد طالبت اللجان المحلية في درعا مجلس الأمن الدولي بالتدخل.
وذكرت الصحيفة أن العديد من ممثلي المعارضة دخلوا في مفاوضات مع الجيش الروسي بضمانات قدمتها موسكو، وأكدت روسيا التوصل إلى اتفاقات مصالحة بين دمشق والمعارضة، وشمل الاتفاق الحفاظ على هيئات الحكم الذاتي المحلية، والإفراج عن السجناء الأبرياء من الأنشطة الإرهابية، ووضع حد لاضطهاد ممثلي المعارضة.
وقال العقيد فاتح حسون، أحد قادة المعارضة السورية المسلحة، إن “نظام الأسد وإيران يريدان احتكار السيطرة الأمنية في الجنوب، وفرض شروطهما علينا. بالنسبة لسكان درعا، هذه معركة من أجل الوجود. نحن لا نظن أن روسيا خدعتنا عندما فشلت في الوفاء بالتزاماتها تجاه سكان درعا، وكل ما في الأمر أنها تراجعت أمام النظام وإيران”. وتابع حسون: “فليكن هذا بمثابة تحذير لأولئك الذين يعتبرون روسيا ضامنة لعملية السلام”.
المدن
—————————-
لاكروا: جيش النظام السوري يهاجم جيب المعارضة في درعا/ آدم جابر
تحت عنوان: “الجيش السوري يهاجم جيب المعارضة في درعا” قالت صحيفة ‘‘لاكروا’’ الفرنسية إنه بعد شهر من الحصار والمفاوضات، تتعرض هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها 55 ألف نسمة لإطلاق النار بسبب القتال بين قوات النظام السوري والمعارضة. حيث تستعصي على دمشق منذ عام 2011 السيطرة على حوران، أول منطقة تثور ضد بشار الأسد.
وأضافت الصحيفة أن أصوات دبابات جيش النظام عادت إلى أطراف المدينة. لم يكد يغيب الأمل في المفاوضات حتى شن النظام هجوما يوم الأربعاء 28 تموز/ يوليو الماضي على نطاق لم يشهده منذ ثلاث سنوات على درعا. المكان ذاته الذي علت فيه الهتافات الأولى المناهضة للنظام في آذار 2011.
أُطلقت مئات القذائف المدفعية في الأيام الأخيرة على أحياء درعا البلد وطارق السد، بحسب صور وشهادات جمعتها “لاكروا”. وتعرض مركز غسيل الكلى في مستشفى درعا المركزي للإغلاق بفعل قذائف الهاون.
داهمت الفرقة الرابعة من الجيش النظامي، بقيادة ماهر الأسد، ووكلاء موالين لإيران، الطرق المحيطة بالمناطق الوسطى لمنع الوصول. لكن تقدمهم تعرقل بسبب رد فعل المعارضين، الذين استعادوا ثلث الأراضي المفقودة.
في نهاية هذه المعارك الأولى، تم التوصل إلى هدنة هشة، حتى اختتمت المفاوضات تحت رعاية روسيا، مع اللجنة المحلية التي تمثل السكان المعارضين للوجود الإيراني في الجنوب، فإن المناقشات تتدهور. وكل يوم تقع اشتباكات متفرقة تنتهك هذا الفهم الضمني.
في اليوم الأول للهجوم، فرّ أكثر من 10 آلاف شخص بسبب إطلاق النار، بحسب ما قاله أحد مراقبي الأمم المتحدة في دمشق للصحيفة الفرنسية. معظمهم من سكان أحياء وسط درعا الذين فروا إلى الأطراف مع أقاربهم.
وقد تضخم هذا العدد منذ ذلك الحين، ويُعتقد أنه تجاوز 24 ألف شخص، وفقاً لتقرير داخلي بتاريخ 2 أغسطس/آب بحسب وكالة أوتشا. يذهب البعض ذهاباً وإياباً أثناء النهار ويعودون إلى منازلهم عندما تغرب الشمس، ومعها تنحسر حدة القتال.
وتشير ‘‘لاكروا’’ إلى أن درعا هي المدينة الرئيسية في منطقة حوران القديمة، وهي معقل تاريخي للمعارضة. وفيها تعرض عشرات الأطفال للتعذيب في مارس/ آذار عام 2011 بسبب رسوم مناهضة للأسد على جدار مدرستهم. ويواصل عدد قليل من السكان تحدي النظام والتظاهر كل يوم جمعة.
وبعد استيلاء قوات الأسد وحلفائها الروس على المحافظة عام 2018، تمتعت بعض المناطق في حوران باستقلال نسبي. وبموجب اتفاق مع موسكو، تمكن المتمردون بقيادة زعيمهم أحمد العودة حتى الآن من البقاء هناك بشرط إلقاء أسلحتهم الثقيلة.
لكن تلك المحافظة قاطعت الانتخابات الرئاسية في مايو/ أيار من العام الجاري، رافضة ترشيح بشار الأسد، الذي تم ضمان إعادة انتخابه حتى قبل فتح مراكز الاقتراع. ورداً على ذلك، حاصرت القوات الموالية المدينة منذ 25 يونيو/ حزيران، وقطعت المياه والكهرباء والإمدادات عنها.
القدس العربي”
————————
سوريا.. تحذيرات أوروبية وأميركية من تصعيد العنف في درعا والأهالي يؤكدون رفض النظام أي تسوية
حذر الاتحاد الأوروبي من مغبة حدوث تصعيد في محافظة درعا وخارجها جراء العنف بجنوب غربي سوريا، كما دانت واشنطن الهجوم “الوحشي” للنظام، في حين أكد أهالي درعا أن النظام رفض كل مقترحاتهم الرامية إلى تجنب وقوع مجازر.
وقال بيان صادر عن مكتب الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، اليوم الأربعاء، إن جنوب غربي سوريا يشهد “أسوأ وأخطر أعمال عنف منذ عام 2018، وهناك خطر جسيم من حدوث تصعيد في درعا”.
وبيّن أن القصف العنيف أسفر عن مقتل عشرات المدنيين، بينهم نساء وأطفال، ونزوح 10 آلاف شخص، مشيرا إلى تعرض مستشفى درعا الحكومي -الذي يقدم خدمات لـ50 ألف شخص- للقصف بقذائف الهاون.
ودعا البيان الأوروبي إلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية على نحو آمن ودائم إلى سكان درعا.
كما عبر البيان عن تأييده دعوة مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا -غير بيدرسون- جميع الأطراف إلى الالتزام بمبدأ حماية المدنيين والقانون الإنساني الدولي وتجنب التصعيد، إذ دعا المبعوث الأممي السبت الماضي إلى ضرورة حماية المدنيين في درعا.
حركة نزوح تشهدها عدة أحياء في درعا البلد، فيما لا تزال أكثر من 300 عائلة محتجزة لدى قوات النظام التي تتخذ منها دروعاً بشرية.
— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) August 3, 2021
من جهة أخرى، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن “ندين الهجوم الوحشي لنظام (الرئيس بشار) الأسد على درعا، وندعو إلى إنهاء فوري للعنف الذي قتل المدنيين وتسبب بتشريد آلاف يعانون نقص الغذاء والدواء”.
وأضاف الوزير -في تغريدة- تجديد دعوة بلاده لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء سوريا وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2254.
We condemn the Assad regime’s brutal assault on Dara’a and call for an immediate end to the violence, which has killed civilians and displaced thousands suffering from shortages of food and medication. We reiterate calls for a nationwide ceasefire in line with UNSCR 2254.
— Secretary Antony Blinken (@SecBlinken) August 4, 2021
نداء الأهالي
في السياق، قالت لجنة أهالي درعا البلد إنها قدّمت أكثر من مقترح لتجنب وقوع مجازر في المدينة، من بينها قبول التهجير نحو مناطق أخرى آمنة خارجة عن سيطرة النظام، ولكن جميع مقترحاتها قوبلت بالرفض.
وفي بيان لها، أوضحت اللجنة أن النظام يحاول إنهاء اتفاق التسوية في درعا الذي ترعاه روسيا.
وأكدت اللجنة رفضها الانزلاق إلى العنف ودعمها الحل السياسي، كما حذّرت من أن التصعيد الأخير في المنطقة يؤكد وجود مشروع للهيمنة الإيرانية على الجنوب السوري، وسيؤدي حال استمراره إلى كارثة إنسانية وموجة نزوح ولجوء تجاه الأردن والمناطق الحدودية الأخرى.
وطالبت اللجنة الدول الفاعلة في الملف السوري، خاصة روسيا، باعتبارها الضامنة لاتفاق التسوية بدرعا، بالتحرك الفوري لإنهاء الحصار الذي دخل يومه الـ40.
كما دعت اللجنة وفود المعارضة لمختلف مسارات التفاوض إلى تعليق نشاطاتها إذا لم يرفع الحصار عن أحياء درعا البلد وبقية المناطق الحاصرة في المحافظة خلال 48 ساعة.
وفي وقت سابق اليوم الأربعاء، قال ناشطون على تويتر إن قوات النظام استهدفت بقذيفة هاون مسجد سعد بن أبي وقاص في حي طريق السد بدرعا البلد في أثناء صلاة الظهر، من دون تسجيل إصابات.
المصدر : الجزيرة + وكالات
————————-
مقاربة روسيا في درعا البلد والجنوب السوري
غازي عنتاب – عبد الوهاب عاصي
عندما وقّعت لجنة إدارة الأزمة في درعا (اللجنة المركزية) اتفاق التسوية في 6 من تموز/ يوليو 2018، كانت روسيا قد تعهّدت، مثلما ينص على ذلك البند رقم (12)، بضمان تطبيق الاتفاق بشكل كامل. وعليه، قدّمت نفسها كوسيط يُمكن الرجوع إليه لحل أي خلاف أو نزاع قد يندلع بين النظام السوري وأهالي الجنوب.
وبالفعل، قدّمت روسيا نفسها كطرف وسيط أثناء انعقاد المفاوضات واتفاقيات إعادة التسوية التي تمّت بين اللجنة الأمنية التابعة النظام السوري واللجنة المركزية جنوب البلاد، مثلما جرى في الصنمين بتاريخ 2 من آذار 2020 وفي جاسم بتاريخ 12 من آب 2020 وفي طفس بتاريخ 17 من أيلول 2020 وفي أم باطنة بتاريخ 15 من أيار 2021.
أثناء محاصرة قوّات النظام السوري الأحياء السكنية في درعا البلد أواخر حزيران 2021 عقدت اللجنة المركزية اجتماعاً مع وفد روسي برئاسة ضابط يُطلق عليه اسم “أسد الله”، وتم تحديد الشروط التي أصبحت اللجنة الأمنية لاحقاً تتمسّك بها وهي تسليم 200 قطعة سلاح فردي، و20 رشاشاً آلياً، وإجراء عمليات تفتيش للبيوت.
تراجعت روسيا بعد ذلك إلى الخلف ولم تحضر جولات المفاوضات مع اللجنة المركزية وحلّت مكانها اللجنة الأمنية بقيادة الفرقة الرابعة، والتي وضعت شروطاً جديدة منها إقامة 7 نقاط، 3 أمنية و 4 عسكرية. إلّا أنّ عدم استجابة أهالي درعا البلد للمطالب والتصعيد الذي شهدته مدن وبلدات المحافظة دفع بالوفد الروسي للعودة إلى المشهد لكن بصورة الوسيط.
روسيا وسيط غير محايد
تحرص روسيا على الحفاظ على صورتها كوسيط وضامن بين أطراف النزاع في الجنوب السوري منذ توقيع اتفاق التسوية (2018)، وبدون ذلك لا يُمكن تحويل الإنجازات إلى مكاسب.
روسيا طرف غير محايد، لكن يبدو أنّها تحاول تحقيق قبول بها من السكّان المحليين ووصول أوسع إلى القواعد الاجتماعية، سواء عبر دبلوماسية الوساطة أو دبلوماسية المساعدات الإنسانية. ففي أثناء التصعيد الذي يشهده الجنوب السوري لم توقف روسيا تقديم الإعانات الإغاثية؛ كتلك التي تم توزيعها في مدينة درعا بتاريخ 28 من تموز 2021، وهي سياسة بدأ تطبيقها منذ أيلول 2019.
ومن خلال تقديم نفسها كوسيط في الجنوب السوري حاولت روسيا إظهار إمكانية للثقة بها من قبل اللجنة المركزية، التي وجدت في ذلك موقفاً داعماً لها أمام اللجنة الأمنية خلال اتفاقيات إعادة التسوية منذ أن بدأت في آذار 2020.
لكنّ روسيا وسيط غير محايد، عندما تجد مواقف اللجنة المركزية لا تتطابق مع مقاربتها للمشهد جنوب سوريا. على سبيل المثال، لم يتوانَ الوفد الروسي عن تهديد اللجنة المركزية بشنّ غارات جوية على أهالي الريف الغربي لدرعا ما لم يتم تسليم السلاح الخفيف والمتوسّط وتهجير 6 من أبناء المنطقة؛ وذلك قبيل توقيع اتفاق إعادة التسوية منتصف أيلول 2020.
في درعا البلد لا يبدو أنّ روسيا ستلجأ لتهديد مماثل باستخدام القوّة المفرطة، لأنّها تحرص على احتواء التصعيد وعدم انزلاق الجنوب السوري إلى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار، والذي قد يؤثر في الالتزامات أمام الأردن والولايات المتحدة وحتى إسرائيل.
أيضاً، قد تخشى روسيا أن يؤدي التهديد المستمر باستخدام القوّة المفرطة لفرض الاستقرار جنوب سوريا إلى تآكل صورتها كوسيط أمام السكّان المحليين واللجنة المركزية.
لذلك، يُمكن القول إنّ روسيا منحت إيران والنظام السوري التفويض من أجل شنّ عسكرية محدودة على درعا البلد، فبدون هذا الغطاء يصعب تنفيذ أي هجوم أو التوصّل لأي اتفاق، لا سيما وأنّ الشروط التي تم فرضها على اللجنة المركزية جاءت من الوفد الروسي قبل طرحها من قبل اللجنة الأمنية.
ماذا تريد روسيا من درعا؟
في منتصف أيلول 2018 أعلنت روسيا حلّ الفيلق الخامس في ريف درعا الغربي بعد شهر من رفض فصائل المعارضة التي وقّعت اتفاق التسوية تجهيز قوائم لأسماء 250 مقاتلاً للمشاركة في عملية عسكرية كانت مرتقبة على إدلب، على اعتبار أن الوعود التي قدّمت لهم كانت لا تتضمن المشاركة في أيّ معارك خارج درعا خلال السنة الأولى من الانتساب.
ملأت الفرقة الرابعة والأفرع الأمنية والميليشيات التابعة لإيران الفراغ في ريف درعا الغربي، مما أدّى لانتساب عدد من مقاتلي الفصائل إلى تلك التشكيلات بغرض الحماية ولمنع سيناريو التهجير والخدمة الاحتياطية والإلزامية خارج المنطقة.
عموماً، رغم عدم رضا روسيا عن الوضع الأمني في محافظة درعا والاستياء من عدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية والذي يوحي بقدرة على تبني سياسات معارضة من قبل اللجنة المركزية والسكّان المحليين، إلّا أنّها غير مستعدة لمنح إيران فرصة الاستيلاء على كامل المنطقة، بصرف النظر إن كان هذا الموقف نتيجة التنافس معها أم للإيفاء بالالتزامات مع الأردن وإسرائيل والولايات المتّحدة.
بموجب اتفاق التسوية تم حلّ جميع فصائل المعارضة جنوب سوريا، إلّا أنّ بعضاً منها حافظ على قدرة لا بأس بها في استعادة هياكلها التنظيمية في ظل توفّر السلاح وشبكات الحماية المحلية نوعاً ما. في الواقع، لم تُسهم اللجنة المركزية في تقليص حجم الفوضى الناتجة عن ذلك، مع استمرار العمليات ضد مصالح النظام السوري.
يبدو أنّ روسيا باتت على قناعة بأنّ عدم حسم ملف الجنوب السوري أمنياً يعني تهديد اتفاق التسوية بشكل جدي، وبالتالي تهديد نموذج الفيلق الخامس المتمثّل باللواء الثامن، وهو الوحدة العسكرية التي تدين بولاء كامل لها تم تشكيلها بإعادة إدماج قوّات شباب السنّة بقيادة أحمد العودة في المؤسسة العسكرية بموجب خطّة الإصلاح العسكري.
لا سيما وأنّ اللجنة المركزية تعمل منذ منتصف عام 2020 على تشكيل كيان موحد لتمثيل الجنوب السوري يمتلك قوّة تنفيذية بالاعتماد على السلاح الفردي الذي بحوزة الأفراد في مدن حوران وقراها.
هذا لا يُشكّل تهديداً لنموذج الفيلق الخامس أو اللواء الثامن، الذي سعى مراراً عبر قائده أحمد العودة للتسويق لفكرة تشكيل جيش الجنوب، بل إلى تحويل درعا لنموذج مشجّع لغيرها من المناطق التي وقّعت اتفاقيات تسوية.
والإصرار خلال المفاوضات مع اللجنة المركزية في درعا البلد على سحب سلاح الأفراد الخفيف، يُفترض أن يدفع المقاتلين إلى حماية أنفسهم، سواءً بالهجرة أو الانتساب إلى الفيلق الخامس. من غير المعقول أن تكون الفرقة الرابعة أو ميليشيات إيران خياراً ملائماً لهم.
رفضت روسيا بشكل حاسم خيار التهجير خلال المفاوضات مع اللجنة المركزية، مما قد يعني أنّها تدفع أبناء درعا إلى الانتساب إلى الفيلق الخامس سواء كأفراد أو مجموعات على غرار اللواء الثامن.
ربّما تأمل روسيا أن تكون إعادة تشكيل الفيلق الخامس في درعا البلد وريف درعا الغربي فرصة لتطبيق الشروط التي أخفقت فيها سابقاً، أي الحق باستدعاء المقاتلين لـ “مهام مكافحة الإرهاب” في شرق وشمال البلاد؛ لا سيما في حال كانت الخيارات مقتصرة على توقيع اتفاق تسوية جديد بوساطة روسيا أو المواجهة العسكرية مع إيران.
وليس مستبعداً أنّ روسيا تعمل أيضاً، من خلال حسم ملف الجنوب السوري أمنياً، على تأمين طريق دمشق – عمّان تمهيداً لتوسيع حركة التجارة والنقل من معبر نصيب – جابر مع الأردن، خصوصاً إذا ما كان هناك تعويل على تحقيق تقدّم في القضايا الخلافية مع الولايات المتحدة بما فيها ملف إعادة الإعمار بعد أن اجتازت موسكو اختبار الثقة الذي وضعته واشنطن باشتراط تمديد آلية المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا لفتح المجال أمام التعاون الثنائي.
تلفزيون سوريا
—————————-
“الهفو” يعلن خروجه من درعا البلد.. النظام مستمر بالقصف
محمد المسالمة الملق بـ”الهفو” ومؤيد حرفوش (متداول)
محمد المسالمة الملق بـ”الهفو” ومؤيد حرفوش
أعلن القيادي السابق في “الجيش السوري الحر” محمد المسالمة، الملقب بـ”الهفو” خروجه من منطقة درعا البلد، مع مؤيد حرفوش، تلبية لمطلب النظام بترحيل مقاتلين في صفوف قوات المعارضة مقابل وقف الحملة العسكرية على المنطقة.
وقال المسالمة في تسجيل مصور تداولته وسائل إعلام محلية اليوم، الأربعاء 4 من تموز، إنه “قبل بمطلب النظام وخرج من المنطقة، لتجنيب الأهالي التشرد وحفاظًا على سلامتهم، وحقنًا للدماء، ولتجنيب المنطقة الحرب”.
وأضاف أنه تفاجأ بعد المغادرة باستمرار الحملة العسكرية على المنطقة، “وعدم صدق الذين قدموا هذا الاقتراح”، مشيرًا إلى أنه ما زال خارج المنطقة، رغم عدم الرغبة في ذلك، “دفعًا للضرر”.
وقبل أسبوع، نقل الضابط الروسي “أسد الله” للجان المفاوضات في درعا مطالب النظام السوري بخروج خمسة أشخاص، بينهم المسالمة وحرفوش من درعا البلد، بحسب ما نقله “تجمع أحرار حوران”.
ويستمر التصعيد العسكري من قبل قوات “الفرقة الرابعة” التابعة للنظام السوري على المنطقة، إذ استهدفت القوات اليوم حي طريق السد بدرعا بقذائف الهاون، بحسب ما نقلته شبكات محلية.
وقال “تجمع أحرار حوران”، إن قوات من “الفرقة 15” التابعة للنظام، تخلي مواقعها في بلدة الجيزة شرقي درعا.
وخلال الأيام القليلة الماضية، صعدت قوات النظام حملتها العسكرية على المنطقة، ما تسبب بحركة نزوح قسم من أهالي أحياء درعا البلد وطريق السد والمخيمات باتجاه درعا المحطة.
ونقلت وكالة “نبأ” المحلية، عن مصدر محلي، معلومات عن سريان تهدئة جديدة في درعا لمدة 24 ساعة مع إحياء مسار المفاوضات بين لجنة التفاوض وضباط النظام وروسيا حول المدينة المحاصرة.
وطالب بيان لأهالي درعا البلد اليوم، ممثلي المعارضة السورية في مسارات التفاوض الدولية، تعليق نشاطاتهم والانسحاب، إذا لم يُرفع الحصار عن درعا خلال مدة أقصاها 48 ساعة.
ودعا البيان روسيا إلى احترام التزاماتها، والتحلي بالمسؤولية اللازمة بصفتها الدولة الضامنة لاتفاق التسوية بدرعا، مشيرًا إلى أن النظام يحاول إنهاء هذه التسوية.
وأكد أهالي درعا، من خلال البيان، رفضهم “الانزلاق” للعنف، ودعمهم جهود التسوية السلمية وفق مسارات التفاوض الدولي، معتبرين أن الحصار المطبق عليهم دليل على غياب الإرادة بالحل السياسي من طرف النظام السوري.
وتُطبق قوات النظام والميليشيات الإيرانية الموالية له، منذ 40 يومًا، حصارًا على درعا البلد، كـ”عقاب” لأهالي المنطقة على موقفهم الرافض للمشاركة بالانتخابات الرئاسية في أيار الماضي.
اقرأ أيضًا: لجان درعا تطالب المعارضة بتعليق مفاوضاتها حتى فك الحصار
من هو محمد المسالمة الملقب بـ”الهفو”
يعرف عن محمد المسالمة الملقب بـ”الهفو”، بأنه ينحدر من مدينة درعا البلد، وهو قيادي سابق في فصيل “جبهة ثوار سوريا” المنضوية تحت “الجيش السوري الحر” في قطّاع الجنوب السوري.
وبعد تعرض “الجبهة” للهجوم في الشمال من قبل “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة آنذاك)، حافظ الفصيل على تشكيلاته في الجنوب السوري، وكان يتلقى دعمه من غرفة تنسيق الدعم الدولية (موك) التي كانت تنظّم دعم المعارضة السورية.
وبينما يتهم النظام السوري محمد المسالمة بتبعيته لتنظيم “الدولة”، لم يعمل المسالمة مع أي فصيل باستثناء “جبهة ثوار سوريا”، حتى دخول قوات النظام إلى المدينة وبسط سيطرته عليها.
وبعد التطورات الأخيرة في مدينة درعا البلد، تحصن المسالمة مع مقاتلين محليين على أطراف مدينة درعا البلد، وهي النقاط التي تعرضت للهجوم المركز من قبل قوات النظام صباح يوم 29 من تموز.
وأشار مصدر مقرب من المسالمة، لعنب بلدي، إلى أن القيادي بعتقد أن مطالب النظام لن تنتهي عند مغادرته للمدينة، وسيستمر النظام بمطالبة سكان المدينة بشروط جديدة أكبر من شروطه خلال المفاوضات.
عنب بلدي
————————-
=====================
تحديث 06 آب 2021
—————————
حسابات الأسد المستقبلية حيال “ظاهرة درعا”/ إبراهيم الجبين
زمن الحرب ليس كزمن السّلم، ومعادلات التعاطي مع الظروف التي تخلقها قواعد الحرب، لا تصلح لتلك الأزمنة التي يمكن أن تسمّى أزمنة استقرار وسلم. بالنسبة لرئيس النظام في سوريا بشار الأسد هذه مشكلة المشكلات، فقد نجح ــ حسب قوله ــ في تجاوز الحرب، وأعلن انتصاره وبدأ بترتيب أوراقه مع حلفائه، من أجل مرحلة إعادة الإعمار بعد انتخابه مجددا رئيساً فوق الدستور وفوق القرارات الدولية وبيان جنيف والعملية التفاوضية وعقوبات قيصر وغيرها.
نغّصت عليه انطلاقته الجديدة، عودة درعا إلى الصدارة منذ رفضها لانتخاباته، تزامناً مع موقف مشابه لجارتها السويداء، عند تلك اللحظة شعر أن الأوضاع في درعا ليست كما كان يتخيل، ولا كما أفهمه الروس الذين عقدوا مصالحات هناك أفضت إلى انضمام مقاتلي الجيش الحر السابقين إلى هياكل عسكرية برعاية روسية، ولم يقل له الإيرانيون وميليشياتهم أن درعا يمكن أن تتصرّف كأنها غير خاضعة لسلطته المركزية في دمشق. كان يعتقد أن الأمن استتب في حوران وأنه يمكن له أن يلتفت إلى شؤون أخرى.
بَسْطُ سيادة الدولة بالقوة على حوران بأكملها، مشروعٌ أراد له الأسد أن يسدل الستار على جميع مظاهر التمرّد التي يمكن أن يراها هناك، سواء في وقفات الجامع العمري الذي هدّد كبار مسؤولي النظام بهدمه قبل تفجّر الأوضاع، أو في رفض شباب درعا تسليم أسلحتهم لجيش النظام. ولم يبق أمام الأسد سوى اتخاذ القرار الذي كان يتخذه كل مرة، منذ ليل الثالث والعشرين من آذار عام 2011 في المكان ذاته، درعا؛ الاجتياح.
اعتقد الأسد أن العملية ستكون سهلة وأنها لن تستغرق سوى ساعات قليلة، يرفع فيها علمه بدل علم الاستقلال فوق مئذنة الجامع العمري معلناً هزيمة درعا. لكن هذا السيناريو لم يتحقق. وكانت المقاومة الشرسة التي أبداها أهل حوران ضد قوات الأسد أكبر بكثير من حسابات الأسد الذي خسر العديد من المناطق ووقع جنوده أسرى بيد المقاتلين الذين رفضوا الانكسار أمام الأسد.
كعقوبة غير مباشرة ومن نوع خاص، تركَهُ الروس يواجه أوهامه في درعا، ولم تسعفه الميليشيات الإيرانية بما يكفي، وأياً كان المسار الذي ستمضي فيه الأحداث في حوران فإن ظاهرة جديدة قد برزت في المشهد السوري سيكون على الأسد أن يحسب لها ألف حساب في المستقبل.
ليست المشكلة في المناطق التي يمكن أن تتمرّد بعد أن باتت شكلياً تحت سيطرة النظام، المشكلة الحقيقية هي في المتغيرات التي طرأت على وضع “الرئيس” ذاته، فرئيس الحرب ليس رئيس السلم، ومن استطاع خلال عشر سنين مضت شنّ كافة أنواع الهجمات ضد الشعب، بذريعة أن الحرب تتيح كل ذلك، لن يكون بوسعه فعل الأمر ذاته في المستقبل، فيما لو استمر في الحُكم.
يراقب السوريون التحولات في المشهد في بلادهم، ملتفتين إلى الأبعاد العسكرية والسياسية وغير ذلك من منعكسات ما تعيشه سوريا منذ اندلاع انتفاضة شعبها. والواقع أن آثار حرب عمرها عقد من الزمان لا تتوقف فقط على من يسيطر عسكرياً، أو على ما يحدث في أروقة التفاوض والتفاهمات الدولية، هناك ما يتغير في وعي البنية السكانية في المناطق التي بقي الأسد يسيطر عليها وتلك التي استردّها من أيدي الثوار. والسؤال اليوم بات يطرق بقوة في ذهن الأسد: ماذا لو تمرّدت مناطق أخرى غير درعا؟ السويداء مثلاً؟ أو حماة مجدداً؟ أو حمص؟ أو ــ وهذا الأخطر بالنسبة إليه ــ الساحل السوري؟ هل سينفع الاجتياح والممارسات التي قام بتطبيقها في غير مكان عندئذ؟
أسباب التمرّد لا تتوقف على الطائفة التي تخضع لتلك التأثيرات، وقد وفّر الأسد لكل منطقة من المناطق السورية الأسباب ذاتها التي تدفعها إلى التمرّد عليه. وكل تلك الأسباب تدور حول شخصية الأسد، إذ ما الذي يجعل الديكتاتور ديكتاتوراً إن لم يتمكن من تأمين حُكمه بمقوّمات واضحة أمام الشعب الراضخ لهيمنته؟ وإن كان لا يستطيع انتهاج سياسات تضمن الحد الأدنى من العيش لمن هم تحت سلطته فما معنى الاستمرار في الرضوخ له؟ كل ما لدى الأسد حتى اليوم، هو ما يمكن أن يفكّر فيه أحد سجانيه الصغار في أيّ زنزانة في قبو فرع مخابرات. ليس لديه سوى الضرب بقوة على اللحم الحيّ. وبينما يستطيع السجان مواصلة تعذيب ضحيته حتى الموت، ليس بوسع رئيس النظام فعل ذلك مع الجميع، فهو بحاجة إلى من يحكمهم ويستبدّ بهم في تفاهم خفيّ لا بدّ من المحافظة عليه طوال الوقت.
”ظاهرة درعا“ ستبقى تؤرّق الأسد، لأنه لا يملك سوى المناورات الآن، وكلها تجري خارج الرقعة السورية، فهو يتصوّر أن الداخل أمر محسوم، وبات يتوهّم سوريا وهي عائدة إليه من جديد، يناور مرة مع الصينيين ضد الروس، ومرة مع الروس ضد الإيرانيين، وثالثة مع الخليجيين ضد غيرهم، ولا تجدي المناورات على طول الخط، فالمنطق التاريخي يقول إن الأمر في الأول والآخر هو بينه وبين السوريين، لا مع أحد آخر.
في الحرب نشأت علائق جديدة بين الناس تحت حكم الأسد، وظهر مزاج مجتمعي جديد، ونمت حالات جديدة تقتات على الخراب والانهيار الاقتصادي، وتمت شرعنة قوانين جديدة تتيحها حالة الاستنفار المزمنة. وهذا كلّه يشتغل فقط في زمن الحرب التي يقف الأسد عاجزاً بين خيارين، لا يريد لها أن تتوقّف كي لا يواجه استحقاقات السلم وهي كثيرة وملفاتها أكثر سخونة من أن يجري غض الطرف عنها، ومن جانب آخر لا يريد للحرب أن تستمر كي يظهر بمظهر المنتصر ويحسم الأمر ويغذّي نظامه الجديد الذي يتوهّم وحده أنه نجح في خلقه.
ستتكرّر ”ظاهرة درعا“ في مناطق مختلفة من الخريطة السورية التي يحكمها الأسد، وستُلهِمُ مناطق أخرى من سوريا يحكمه غيره، لأن الناس يتعلّمون الدرس من بعضهم بعضا، ويراقبون ردود الفعل ويرصدون التحولات التي لا يتقن الأسد وأشباهه فكّ شيفراتها.
تلفزيون سوريا
—————————–
على هامش حصار درعا/ حسن النيفي
فيما تستمر قوات نظام الأسد وحليفاتها من ميليشيات إيران بتضييق الخناق على مدينة درعا بهدف اجتياحها، ثم السيطرة التامة عليها، يستمرّ – من جهة أخرى – المتسائلون والمفسرون في إيجاد قرائن يمكن من خلالها تفسير السلوك العدواني الراهن حيال درعا، فثمة من يربط بين ما يجري وما تسعى إليه إيران من إقامة منطقة نفوذ في الجنوب السوري تكون معقلاً لميليشيات إيران، وذلك على غرار معقل حزب الله في الجنوب اللبناني، وسواء أصحّت تلك التصورات وسواها أم لا، فإنه يمكن التأكيد على أن مقوّمات العدوان الأسدي في الأصل موجودة، بعيداً عن أيّة مؤثرات خارجية، إذ ثمّة حقائق لا يمكن نكرانها أو تجاهلها، وكذلك لا يمكن الزعم بأن نظام دمشق لم يعد محكوماً بنزعة الانتقام التي باتت من أبرز السمات الناظمة للعقلية الأسدية.
ولعل من أبرز تلك الحقائق أن مدينة درعا –من الناحية الفعلية- هي من أوصلت قطار الثورة السورية إلى سكة ثورات الربيع العربي، وأن رجولة ونخوة أبناء درعا هي التي لم تتح في آذار 2011 (لعاطف نجيب – رئيس فرع الأمن السياسي وابن خالة بشار الأسد) بأن يجعل من تنكيله بأطفال درعا ضوءاً أخضر باستمرار انتهاك كرامة السوريين، وربما كانت تلك الحادثة إيذاناً بوجه النظام يؤكّد أن استباحة المنظومة الأمنية لأرواح السوريين وكرامتهم والتي باتت نهجاً مألوفاً لدى المخابرات الأسدية منذ مطلع الثمانينيات، لا يمكن أن تستمر. ولعل ثانية تلك الحقائق تكمن في عدم قدرة مخابرات الأسد وجلّاديه –آنذاك– في حصر تداعيات عدوانهم الآثم على الموطنين بذوي الأطفال المغدورين وعائلاتهم فحسب، بل سرعان ما تحوّلت ردّة الفعل الشعبية إلى غضب جماهيري عارم لا يستهدف عاطف نجيب شخصياً فحسب، بقدر ما يستهدف السلطة الاعتبارية لدولة الأسد، وبهذا تكون مدينة درعا هي اليد السورية التي نالت من الهيبة الأمنية الأسدية، ثمّ حطّمت جدار الخوف الذي أقامته السلطة حائلاً دون أي احتجاج شعبي مهما تفاقم الظلم والجور بحق المواطنين. أضف إلى ذلك أن روح التضامن والتكاتف الذي ظهر بأبهى تجلياته بين مواطني مدن وبلدات وقرى محافظة درعا في عام 2011، ووقوفهم صفّاً واحداً في وجه آلة القمع الأسدية، وكذلك قدرتهم على تحويل تلك الاحتجاجات الشعبية إلى نواة ثورة شعبية سرعان ما انطلقت شرارتها بسرعة مذهلة لتعم جميع المحافظات السورية، كل ذلك قد أفضى إلى قناعة لدى سلطات دمشق بأن درعا هي أوّل يد سورية تجاسرت على البدء بنزع الأنياب الأمنية من شدق السلطة المتوحشة.
بعد التدخل العسكري الروسي المباشر في أواخر أيلول 2015، بدأت موازين القوى تتغيّر، إذ كان اجتياح القسم الشرقي من حلب وتهجير ما يقارب مئتي ألف من سكانها تهجيراً قسرياً خارج المدينة في نهاية العام 2016، أولى علائم استراتيجية جديدة يسعى نظام الأسد وحلفاؤه إلى تطبيقها، وتتمثل بعدم الاكتفاء بسحق المعارضة المسلّحة واستهداف البنى التحتية والمستشفيات ودور العبادة ومنازل المدنيين فحسب، بل تسعى أيضاً –وهذا هو الأهم– إلى استئصال الحاضنة البشرية للثورة، وذلك من خلال الإيغال في القتل والتدمير وإطباق الحصار، بغيةَ وضْع السكان المدنيين أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الموت تحت وابل القذائف وإما النزوح خارج بلداتهم ومدنهم، وهكذا كان منهج التغيير الديموغرافي – عبر الترحيل بالباصات الخضر – هو الاستئصال الأكثر جذرية لمن تجرأ و رفض الخضوع لسلطة الأسد، وهكذا أيضاً، كان مصير سكان الغوطة الشرقية، وكذلك سكان القلمون وشمال حمص، إلّا أن المدينة الوحيدة التي لم يستطع نظام الأسد وحلفاؤه استئصال حاضنتها الثورية وترحيل سكانها هي مدينة درعا، فعلى الرغم من ضراوة المعركة التي واجه بها ثوار درعا قوات النظام وحليفه الروسي في صيف عام 2018، وكذلك على الرغم من قدرة الروس على إحداث بعض الشروخات في صفوف بعض السياسيين وقادة الفصائل الذين تحوّلوا إلى عرّابي مصالحات فيما بعد، فإن النسيج الشعبي الثوري لأهل حوران ظل متماسكاً وعصيّاً على الاختراق، ولعلّ أبرز سمات تماسك وصلابة هذا النسيج هو مرور ثلاث سنوات على المصالحات، سعى خلالها النظام وحلفاؤه الإيرانيون، ولم يدّخروا وسيلة أو جهداً من أجل إيجاد حواضن لهم في المنطقة، ليتمكّنوا – بالتالي – من بسط نفوذهم العسكري والسياسي والاجتماعي، إلّا أن النتائج كانت على الدوام تشير إلى خلاف ما أرادوا، إذ ظلت الميليشيات الطائفية الإيرانية نقطة استهداف دائمة لثوار المنطقة، كما ظلّت هي الظهير الأبرز لقوات النظام في قناعة معظم سكان حوران.
ولعلّ الخطوة الأكثر حسماً، بل الصفعة الأكثر وضوحاً لنظام الأسد، تمثلت في رفض ثوار درعا وعدم سماحهم لقوات النظام بأن تكون أرض حوران مسرحاً لمهزلة انتخابات بشار الأسد في السابع والعشرين من أيار الماضي، وكأن درعا كانت تقوم بإبلاغ الأسد – من خلال هذا الرفض – : إنك قاتل مجرم لا تصلح أن تكون حاكماً للبلاد.
ولئن استجمع بشار الأسد بدفعٍ من إيران، جميع ذرائع العدوان على درعا، مدفوعاً بنزعة انتقامية حاقدة، تمثلت بزيارة وزير دفاعه مهدّداً باجتياح المدينة ورفع علم النظام على مئذنة الجامع العمري، فإن مقوّمات صمود درعا هي الأخرى موجودة، إلّا أن وجودها لم يكن بحوزة سكان حوران وحدهم، بل بحوزة السوريين جميعاً لو أنهم اصطفوا وتكاتفوا وتفازعوا كما تفازع وتكاتف أهل حوران، كان بإمكان الائتلاف مثلاً – كممثل سياسي للثورة – أن يعلن عن مقاطعته لأي مسار تفاوضي احتجاجاً على خرق اتفاقيات خفض التصعيد من جانب نظام الأسد، وكان يمكن لهيئة التفاوض أن تلوّح بحلّ نفسها إن استمر العدوان على درعا، وكان يمكن لوفد اللجنة الدستورية أن يعلن عن مقاطعته لأي لقاء قادم مع وفد النظام احتجاجاً على هذا العدوان، وكذلك كان يمكن أن يعلن ثمانون ألف مقاتل في الشمال السوري (ينضوون تحت مسمى الجيش الوطني) أن يلوّحوا بالتنصل من جميع اتفاقيات وقف إطلاق النار، ويعلنوا استعدادهم بإشعال جبهات الشمال جميعها إن أقدم النظام على اجتياح درعا، ربما لدى السوريين الكثير مما يفعلونه، سياسياً وعسكرياً وشعبياً، إلّا أن هذا الفعل المُنتَظر أو المأمول، ربما تحوّل إلى ضرب من الأمنيات أو أحلام اليقظة، أو ربما بات مزيجاً من السذاجة والشعبوية في نظر البعض، وذلك بسبب الواقع المتردّي والمبعثَر لقوى الثورة من جهة، وبسبب غياب القرار الوطني لكيانات المعارضة من جهة أخرى.
من درعا انطلقت شرارة الثورة، وهي اليوم – على الرغم من حصارها – تعطي الفرصة للسوريين من جديد، ليس لاستعادة الوجه الناصع للثورة فحسب، بل لقلب الطاولة – كما يقال – على جميع عوامل الخراب والدمار في الثورة، ولكن واقع السوريين يذهب باتجاهات أخرى.
تلفزيون سورا
——————————
حوران العقدة والترياق.. ثوار درعا وعبد العزيز الخيّر ومشروع الملك/ فراس سعد
تشكل درعا عقدة نقص للنظام الذي لم يتخيل يوما أن تكون أرضها منطلقا للثورة عليه ولهذا السبب بالضبط فهي بالنسبة للسوريين المكان المبارك الذي أطلق شرارة ثورتهم الوطنية الأولى بعد الثورة السورية الكبرى 1925.
معركة درعا الأخيرة تعيد إلى الأذهان أحداثا سابقة مشابهة، حين حاول النظام مع ميليشيات إيران اقتحامها ودمر أجزاء منها وقصف قرى وبلدات في ريفها؛ فإن للنظام مع درعا قصة تبدأ منذ أواسط شهر آذار 2011 يوم أهان ضابط كبير وفداً من وجهاء درعا جاء يطالبه بإطلاق سراح أطفالهم الذين تظاهروا ضد النظام الديكتاتوري وكتبوا شعارات طالت رئيس النظام، كانت هي الأولى في سوريا بعد انطلاقة الربيع العربي.
إضافة لما سبق فدرعا مع السويداء أي أرض حوران أو الجنوب السوري هما بمنزلة عقدة إقليمية لوقوعها في منطقة تشكل حساسية لدولتين مجاورتين هما الأردن وإسرائيل. ولأجل ذلك وبسبب حساسية موقع درعا فقد عمد الملك الأردني بعد أيام من تلك الإهانة التاريخية لدرعا وسوريا كلها، إلى الاتصال ببشار الاسد ناصحا إياه بالاعتذار من أهالي درعا، وحينما لم يفعل أوصل إليه رسالة ثانية ينصحه فيها بالاستقالة من منصبه كرئيس لسوريا.
ثوار درعا يطالبون بإطلاق سراح الدكتور عبد العزيز الخيّر
نعم إن درعا تستعيد الوطنية السورية من جديد، تنتزعها انتزاعا من بين أنياب الديماغوجيين والتنظيمات الجهادية. اللتين تتقاسمان الأدوار في مسرحية صراع طائفي عفن ومتخلف؛ بحيث ينقل عن لسان أحد أبناء درعا أن ثوارها المفاوضين للنظام طالبوه بإطلاق سراح القيادي اليساري الدكتور عبد العزيز الخيّر المعتقل داخل أحد أقبية النظام، مقابل إطلاق الثوار سراح عناصر الأخير الذين اعتقلوهم خلال معارك درعا الأخيرة.
لأول وهلة سيعتقد القارئ غير السوري أن في الأمر لبساً أو خطأ. إذ كيف لمقاتل يصنفه الإعلام العربي والسوري والغربي على أنه “إسلامي”، أو على أنه “متمرد” في أحسن الأحوال، أن يطالب بإطلاق سراح قيادي “شيوعي” يعتقله النظام منذ تسع سنوات تضاف إلى ثلاث عشرة سنة قضاها في معتقل “صيدنايا” كان فيها طبيب المعتقلين شبه الوحيد، وعالج ما يقرب من مئة ألف حالة مرضية في ذلك الوقت.
اثنتان وعشرون سنة إذاً قضاها الدكتور الخيّر في سجون الأسد الأب والابن يضاف إليها عشر سنوات من التخفي والملاحقة.
الاعتقال الأخير للخيّر جرى خلال توجهه من مطار دمشق الدولي إلى منزله في دمشق عائدًا من زيارة إلى الصين، وعلى ما يبدو فإن مباحثاته في الصين أقلقت النظام الأسدي فسارع إلى اعتقاله هو واثنين من زملائه، ورغم السنوات التسع على اعتقاله لم تسعَ الصين لإطلاق سراحه، في حين يشكك بعضهم في كون الصين السبب غير المباشر في هذا الاعتقال.
وسواء كان طرح اسم الدكتور الخيّر في مفاوضات ثوار درعا مع النظام صحيحًا أم لا فإنه مجرد فتح نقاش حوله من قبل ثوار درعا ووفدهم إلى المفاوضات يثبت بما لا يدع مجالًا للشك أنهم ثوار وليسوا “عصابات مسلحة” أو “إسلاميين” مسلحين ذوي أجندة مذهبية، هذا إضافة إلى أن تداول الخبر يعيد إلى أذهان السوريين تلك النفحات العطرة الأولى القادمة من شوارع درعا الثائرة، كما يعيد للأذهان مطالبات معارضين سوريين للنظام بإطلاق سراح المخطوفات العلويات، وكلا المطلبين ينعشان الروح السورية الحقّة ويشكلان ترياقاً ضد سم الطائفية الذي يُضَخ دورياً في روح السوريين.
معركة درعا بين محاولة انقلاب على الملك عبد الله الثاني والمشاريع الاقتصادية
لكن الهجوم الأخير على درعا قد يكون له بعد عربي وإقليمي هذه المرة، فليس بعيدًا عن درعا، وإلى جنوبها حيث الأردن الذي ضاق ذرعاً بالحصار الدولي المفروض على النظام السوري، الأمر الذي كبّد هذا البلد خسائر فادحة من جراء إغلاق المعابر الحدودية مع سوريا، الأمر الذي زاد أزمة الأردن الاقتصادية المزمنة سوءًا، ودفع بتحركات عشائرية واجتماعية طالب بعضها الملك بالإصلاح، وجرت ما تشبه محاولة انقلاب داخل القصر بدعم جهات عربية، محاولة تم تطويقها بسرعة، ما دفع بالملك الهاشمي لزيارة واشنطن لطرح مشروع ينقذ فيه الاقتصاد الأردني إنما ليس دون التسويق لبشار الاسد وطرح مبادرة تبقيه في السلطة وتعيده إلى الجامعة العربية. لقد كانت محاولة الانقلاب على ما يبدو رسالة ضغط على الملك عبد الله الثاني من دول مجاورة لتغيير موقفه من نظام دمشق.
سيجري ذلك بالتضامن مع سلطات بلدين عربيين آخرين هما العراق ومصر، وبمباركة إيرانية ضمن ما سمي “مشروع الشام الجديد”، وهو مشروع اقتصادي كما قيل غير أن الاقتصادي ليس سوى الأساس الأعمق لما هو سياسي، وطالما أن الأمر على هذا النحو فإن الحديث عن خط الغاز العربي (المصري الإسرائيلي) الذي يعبر أراضي الأردن وسوريا ويمدهما بالغاز، وصولًا إلى تركيا ثم أوروبا، أعيد طرحه للتداول، سيكون مدخلًا قويًا لمشروع تثبيت الأسد، فهذان المشروعان الاقتصاديان “الشام الجديد” وخط الغاز العربي الإسرائيلي الذي يعبر أراضي الأردن وسوريا، لا يتمّان دون الشراكة مع “سوريا الأسد”، ولهذه الأسباب الاقتصادية مجتمعة ولأجل تثبيت الأسد وإعادة شرعنته لا بد من إنهاء حالة درعا الثورية وتسليم درعا بالكامل للنظام ليمد سيطرته عليها.
رغم معارضة روسيا أو اتخاذها موقف المتفرج، فالحملة الإيرانية الأسدية على درعا تؤكد أن مشروع الملك عبد الله يمضي قدماً بعد نيله موافقة أميركية مبدئية على ما يبدو، ويؤكد أن إيران ليست بعيدة عما يطبخ، واجتياح درعا وتهجير أهلها إلى الشمال السوري -كما طالب وفد مفاوض من درعا- سيكون من صالح شركاء خط الغاز العربي، وسيؤمن لإسرائيل في حال تهجير سكان مدينة درعا، سلامًا مديداً لها وللجولان، الذي أكد مسؤولون إسرائيليون أخيراً أنه لن يعود إلى سوريا أبدًا.
أخطر سؤال في الثورة والحرب
لكن معركة درعا الأخيرة بعد محاصرة النظام لها من كل الجهات وقصف بيوت سكانها رغم الهدنة بين الطرف الروسي ولجنة مفاوضات الثوار، يطرح أحد أهم أسئلة الثورة والحرب السوريتين وهو: لماذا تترك درعا وحيدة في معركتها مع النظام، فلا تساندها في ذلك منطقة مجاورة مناهضة للنظام؟
تكررت هذه الحال مئات المرات خلال السنوات العشر المنصرمة بحيث أن كل منطقة مناهضة للنظام كانت تنتظر أن يشن الأخير عليها حملة عسكرية حتى تصد عن نفسها، دون أن يساندها أحد من الجوار، الأمر الذي وصم العمل الثوري المسلح بالجهوية بل والمناطقية والارتهان للداعمين الإقليميين.
فهل السوريون مصابون بلعنة المناطقية والجهوية أيضا إضافة لإصابتهم بلعنة المذهبية والطائفية؟
وإلى متى تترك درعا وحدها، بعينيها تقاتل كل وحوش المنطقة ومشاريعها المشبوهة؟
تلفزيون سوريا
——————————–
تشابك المصالح في درعا يعقّد المشهد/ أمين العاصي
تتشابك إلى حد التصادم، المصالح الإقليمية والدولية في جنوب سورية، الذي عاد بقوة إلى واجهة الحدث في الآونة الأخيرة، مع تهديدات من قبل النظام السوري بفرض السطوة مرة أخرى على أحياء درعا البلد بالقوة، في ظل تحذيرات من ازدياد مساحة النفوذ الإيراني في الجنوب، إذا لم يستطع الروس كبح جماح المليشيات الموالية لطهران، التي يبدو أنها تتحفز لبدء عمل عسكري واسع النطاق.
ومرّ أكثر من أربعين يوماً على الأزمة التي اختلقها النظام السوري في محافظة درعا، إثر محاصرة أحياء درعا البلد، ما تسبّب بأزمات إنسانية لأكثر من 50 ألف مدني، وجدوا أنفسهم في عين العاصفة من جديد. وفشل الجانب الروسي حتى اللحظة في فرض اتفاق يمكن أن يرضي النظام وأهالي درعا البلد، الذين قدّموا تنازلات لتجنّب الحرب، واقترحوا على الروس تأمين ممر آمن لمن يرغب بالنزوح، إما باتجاه الأردن أو الشمال السوري، ليدخل النظام بقواته إلى أحياء خالية من سكانها.
ولطالما كان الجنوب السوري ميدان صراع إقليمي ودولي متعدد الأشكال والأوجه منذ العام 2011 الذي شهد انطلاق الثورة السورية من الأحياء التي يهدد النظام بـ”محوها عن الأرض” إذا لم ترضخ، كما نقلت مصادر في اللجنة المركزية المفاوضة عن الأهالي عن وزير الدفاع في حكومة النظام علي ديوب. والنظام الذي يشعر بأنه تجاوز مرحلة خطر سقوطه، مع إجرائه انتخابات رئاسية ثبّتت بشار الأسد في السلطة لعام 2028، يريد استعادة الجنوب السوري لفتح طرق التجارة مع الأردن ودول الخليج العربي، خصوصاً تجارة الترانزيت المتوقفة منذ عدة سنوات عبر معبر “نصيب” الحدودي مع الأردن، لإنعاش اقتصاده المتهالك، وهو ما يتقاطع إلى حد بعيد مع المصالح الأردنية على هذا الصعيد. كما يريد استعادة بعض الهيبة الإعلامية، لتقوية أوراقه في أي حلول سياسية يمكن أن تفرض من خلال المجتمع الدولي، إذ لا يمكن لهذا المجتمع ترك سورية من دون حلول على المدى الطويل.
ويبدو النظام السوري حريصاً كل الحرص على استعادة السيطرة على الجامع العمري في درعا البلد. وشهد هذا الجامع انطلاق الشرارة الأولى للثورة السورية، واستعادته ورفع علم النظام فوقه له دلالة إعلامية كبيرة على نهاية هذه الثورة وانتصار النظام على معارضيه. في حين تبدو المعارضة الحلقة الأضعف فيما يجري في الجنوب، فلم يعد لديها ظهير إقليمي أو دولي يمكن الاعتماد عليه لمواجهة تهديدات النظام في القضاء على آخر جيوب المعارضة السورية المسلحة في جنوب البلاد.
وواصلت قوات النظام السوري، أمس، الضغط العسكري على الأهالي في محافظة درعا جنوبي البلاد. وذكر الناشط أبو محمد الحوراني، لـ”العربي الجديد”، أنّ قصفاً مدفعياً وصاروخياً استهدف بلدات ناحتة وزيزون والعجمي وبلدات أخرى بريف درعا الغربي من مواقع قوات النظام المتمركزة في كتيبة المدفعية 285 بجانب البانوراما، إضافة إلى قصف مماثل طاول بلدتي مليحة العطش وبصر الحرير شرقي درعا، مصدره قوات النظام المتمركزة في “اللواء 12” بمدينة إزرع.
ويعتمد النظام بشكل واسع على الجانب الإيراني في حملته العسكرية على أحياء درعا البلد. وتريد طهران الوصول إلى الحدود السورية مع الأردن والأراضي المحتلة من إسرائيل، في سياق فرض النفوذ السياسي والعسكري في منطقة استراتيجية، ما يسمح لها بمناكفة الغرب والحصول منه على تنازلات، خصوصاً لجهة برنامجها النووي ودورها المتعاظم في العراق واليمن وسورية ولبنان. وحذرت لجنة التفاوض في محافظة درعا، منذ أيام، من “الهيمنة الإيرانية” على جنوب سورية، مشيرة، في بيان، إلى أن عدم الوقوف في وجه المطامع الإيرانية سيؤدي إلى “كارثة إنسانية” وانتهاكات جسيمة وموجات نزوح ولجوء.
وتعد “الفرقة الرابعة” التي يقودها ماهر الأسد، وهو شقيق رأس النظام بشار الأسد، الذراع العسكرية الضاربة للجانب الإيراني في جنوب سورية. وقد أفشلت طهران عن طريق هذه الفرقة أكثر من اتفاق توصل إليه الجانب الروسي مع اللجنة المفاوضة عن الأهالي في محافظة درعا، لأنها تريد اقتحام الأحياء الخارجة عن سيطرة النظام والفتك بسكانها وتعفيش منازلهم.
في المقابل، يبدو أن الجانب الروسي غير متحمس بشكل كبير لفرض النظام سطوته في محافظة درعا، وهو ما يفسر عدم وضع موسكو ثقلها كما فعلت في ريف دمشق وريف حمص الشمالي وحلب والشمال الغربي من سورية. ومن الواضح أن الروس يدركون أن استعادة النظام للسيطرة المطلقة على محافظة درعا تعني تقلص دورهم، واتساع نطاق الدور الإيراني المتلطي خلف “الفرقة الرابعة” ومليشيات أخرى. كما أن الجنوب السوري لا يزال محكوماً باتفاق ثلاثي أبرم بين الولايات المتحدة وروسيا والأردن منتصف 2017، نص، كما أكدت مصادر مطلعة في حينه، على إبعاد المليشيات الإيرانية عن الحدود الأردنية والإسرائيلية بعمق 80 كيلومتراً في الأراضي السورية. ولكن المعطيات السياسية تشير إلى أن الجانب الأميركي والغربي عموماً بعيد حتى اللحظة عما يجري في جنوب سورية، ما خلا تصريحات إعلامية لا يبدو أن لها أثراً في التوصل إلى اتفاق لصالح المعارضة السورية.
وفي هذا الصدد، رأى الصحافي المتخصص بالشأن الروسي طه عبد الواحد، في حديث مع “العربي الجديد”، أنه “لا مصلحة للروس في استعادة النظام سيطرة كاملة في جنوب سورية”. وأضاف: “يدركون (الروس) أن هذا يعني زيادة نفوذ الإيرانيين هناك، وبالتالي يعود التصعيد مع الإسرائيليين بشدة إلى الواجهة، وقد يتطور الأمر إلى غير ما تريد موسكو”. وتابع: “هناك شعور لدى الروس بأنهم كلما حققوا للنظام السوري إنجازات تمرد عليهم أكثر”. وأشار عبد الواحد إلى أن الجانب الروسي “يناور ويحاول الدفع نحو اتفاق ما، لكنه يواجه موقف الطرف الآخر، أي الإيرانيين وليس النظام بالمعنى المباشر، فالقوات على الأرض هم مجرد أداة تعمل لصالحهم”.
من جهته، رأى الباحث السياسي في مركز “الحوار السوري” محمد سالم، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “هناك تشابكاً وتضارباً في المصالح إلى حد ما بين الروس والإيرانيين، وهو ما يعطي الأهالي في محافظة درعا هامش مناورة يحاولون استغلاله”. وأشار إلى أن “اللواء الثامن”، الذي يقوده القيادي السابق في فصائل المعارضة أحمد العودة، ويتبع للجانب الروسي، “يحاول لعب دور الوساطة بين النظام والأهالي، ولكن حتى الآن الأمر غير مجدٍ لجهة إبرام اتفاق يجنّب الجنوب السوري عمليات عسكرية واسعة النطاق”. واعتبر سالم أن الجانب الروسي “يحاول استغلال النفوذ الإيراني في جنوب سورية لتطويع سكان درعا ليكونوا أداة روسية”، مضيفاً: “لدى روسيا مخططات لتجنيد الشبان في محافظة درعا للتوجه إلى البادية السورية ومحاربة تنظيم داعش، الذي تنشط خلاياه هناك، وربما نقل عدد منهم للقتال خارج سورية لخدمة المصالح الروسية في عدة دول”.
العربي الجديد
————————–
التأني الروسي في درعا السورية: تضارب مصالح مع الحلفاء/ رامي القليوبي
يشكّل تصعيد النظام السوري في محافظة درعا السورية وعزوف روسيا عن التدخل لحسم النزاع لصالح النظام اختباراً لموسكو، التي تحاول تقديم نفسها وسيطاً على الأرض، في ظل مجموعة من العوامل التي تدفعها للتأني وعدم دعم الهجوم العسكري للنظام والمليشيات، على عكس مناطق أخرى في السنوات الماضية، ومن بين هذه العوامل قرب درعا من حدود الأراضي المحتلة من إسرائيل، وردع النفوذ الإيراني في الجنوب السوري، وغيرهما.
وما يزيد من تردد روسيا في التدخل المباشر في درعا، حساسية هذه المنطقة من جهة انطلاق الثورة السورية منها تحديداً في عام 2011، والتركيبة القبائلية والعشائرية للمحافظة، وفق ما يوضحه كبير الباحثين في معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية فلاديمير أحمدوف.
وقال أحمدوف في حديث لـ”العربي الجديد”: “لم تحل كارثة إنسانية على درعا بعد، ولكن الأمور تسير في هذا الاتجاه في هذه المحافظة التي يقطنها نحو مليون نسمة، وهي محافظة مهمة من جهة قربها من الحدود الإسرائيلية، ما يؤثر على العلاقات بين موسكو وتل أبيب، كما أن هذه المحافظة ذات التركيبة القبائلية والعشائرية تطالب بدرجة أكبر من الاستقلالية”.
وحول أسباب عجز النظام السوري عن بسط السيطرة على درعا وعزوف روسيا عن دعمه عسكرياً، أضاف: “في الوقت الحالي، تسيطر الحكومة السورية على كافة أراضي البلاد تقريباً باستثناء المناطق الخاضعة لسيطرة الأتراك والأكراد في الشمال والشمال الشرقي، ولكن السيطرة على الحياة اليومية أصعب من السيطرة على الأراضي، إذ إن نظام ما قبل الحرب للتحكم في المحافظات قد ولى بلا رجعة، ويجرى تكوين نظام إدارة جديد”، مؤكداً أنه “لا يمكن لروسيا التدخل عسكرياً مباشرة، فسكان درعا لا يرفعون أعلام “داعش” السوداء، وهي تكتفي باستمرار دوريات الشرطة العسكرية ودور الوساطة التي قد يليها تقديم ضمانات للاتفاقات اللاحقة”.
من جهتها، ذكرت صحيفة “كوميرسانت” الروسية أن “روسيا تسعى لمنع إراقة الدماء في الجنوب السوري، على خلفية محاولات دمشق السيطرة بشكل كامل على درعا التي يطلق عليها مهد الثورة السورية”، مشيرة إلى أن “موسكو بذلت جهوداً كبيرة قبل ثلاث سنوات لمنع تطهير المحافظة برهانها على عملية المصالحة لا على عملية عسكرية كما كان الحال عليه في ضواحي دمشق”.
وفي تقرير بعنوان “لحظة درعا تحل لروسيا”، لفتت الصحافية المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط في “كوميرسانت” ماريانا بيلينكايا إلى أن “درعا تحولت خلال ثلاث سنوات إلى كتلة مشكلات لم يتم حلها”، بما فيها “الدمار الذي ألحقته الحرب وغرور السلطة المركزية تجاه السكان المحليين” مجتمعين مع استمرار أعمال العنف، ما دفع بالنشطاء المحليين إلى تجاهل الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي نظمها النظام.
من جهته، قال القيادي في المعارضة السورية العقيد فاتح حسون لـ”كوميرسانت”: “يريد نظام بشار الأسد وإيران احتكار الرقابة الأمنية في الجنوب، ويفرضان شروطهما علينا. بالنسبة إلى سكان درعا، هذه معركة من أجل الوجود. لا نعتبر أن روسيا خدعتنا عندما عجزت عن الوفاء بالتزاماتها أمام سكان درعا. هذا ليس خداعاً، وإنما مجرد تراجع أمام النظام وإيران. ليكن ذلك إنذاراً لمن يعتبر روسيا ضامناً للعملية السياسية”.
بدوره، تساءل الخبير بالمجلس الروسي للشؤون الدولية (منظمة غير ربحية معنية بدعم اتخاذ القرار في مهام السياسة الخارجية) كيريل سيميونوف، في صحيفة “نيوز.رو” الإلكترونية، عن أسباب سعي روسيا لمنع التصعيد العسكري في محافظة درعا، مذكراً بأن موسكو وافقت في ختام العملية العسكرية في جنوب غرب سورية في صيف عام 2018 على منح “وضع خاص” لمجموعات المعارضة في درعا، وبشكل أساسي لـ”الجبهة الجنوبية” لـ”الجيش السوري الحر”، اقتضى عدم نزع سلاحها بشكل كامل.
وفي مقال بعنوان “الحفاظ على الوضع الراهن: لماذا تحمي روسيا المتمردين السوريين من الأسد؟”، لفت سيميونوف إلى أن المشاورات بمشاركة الدبلوماسيين الروس والأميركيين والأردنيين والإسرائيليين في عمان، وبحضور ممثلي قوات المعارضة، تمخضت آنذاك عما قال إنه “خلق نوع من المنطقة العازلة على امتداد الحدود مع إسرائيل والأردن، حيث ستكون الكلمة الأخيرة ليس لدمشق أو حلفائها من إيران و(حزب الله)، وإنما للعسكريين الروس المشرفين على نشاط المعارضة المتصالحة”.
وخلص الخبير الروسي إلى أن هناك تبايناً بين مصالح روسيا وحلفائها في هذه المنطقة، في ظل تخوف موسكو من شن إسرائيل عملية عسكرية لإزالة تهديدات “حزب الله” اللبناني والحرس الثوري الإيراني، واضطرارها لأخذ مصالح تل أبيب بعين الاعتبار.
يذكر أن روسيا لم تتوقف يوماً عن مراعاة المصالح الإسرائيلية في الملف السوري، مبدية درجة عالية من غض البصر عن مئات الضربات العسكرية الإسرائيلية على حلفائها، وتفهّماً للمساعي الإسرائيلية لردع النفوذ الإيراني في الجنوب السوري.
—————————-
عشائر ووجهاء درعا يطالبون بوقف العمليات العسكرية ومنع تمدد المليشيات الإيرانية في الجنوب السوري/ محمد الأحمد
أصدر رؤساء عشائر محافظة درعا ووجهاؤها، بياناً عقب اجتماع دار بينهم، اليوم الخميس، في مدينة طفس بريف درعا الغربي، حول تطورات الأحداث الأخيرة في مدينة درعا وريفها.
واستنكر رؤساء العشائر استقدام قوات النظام والمليشيات الموالية لها للحشود العسكرية المتزايدة على أرض المحافظة، والحصار المطبق على أهالي درعا البلد، رافضين التهديدات التي يطلقها ضباط النظام السوري بالقتل والاقتحام والتهجير بحق أهالي درعا، جنوب سورية.
وجاء في نص البيان: “نحن رؤساء حوران كنا وما زلنا جزءاً لا يتجزأ من شعب سورية الأصيل؛ عشنا على هذه الأرض الطيبة وعملنا جاهدين لتظل حوران آمنة مطمئنة يسودها الاستقرار ويعيش أهلها بأمان وكرامة، ليكونوا جزءاً من بُناة سورية وحماتها”.
وأشار البيان إلى الظروف الصعبة التي تمُر بها حوران حالياً، والحصار الخانق الذي يُطبق على معظم مدنها وقراها، وأضاف رؤساء العشائر في البيان:” لم ندخر جهداً في السعي إلى إلى حلٍ يحقن دماء أبنائنا ويحفظ كرامتهم ويحقق أمنهم وسلامتهم ليكونوا فاعلين في مجتمعاتهم، وإيجابيين في تعاملاتهم”.
واستنكر وجهاء درعا ورؤساء العشائر “الحشود العسكرية المتزايدة على أرض حوران تحت أي ذريعة كانت، والحصار الظالم الذي يُطبق على أهالي درعا البلد ومدينة جاسم ويضيق عليهم سُبل عيشهم”.
ورفض بيان العشائر والوجهاء “التهديد المستمر من قبل قوات النظام والمليشيات المساندة له بالقتل والتدمير والاقتحام والتلويح بالتهجير الجماعي”، واعتبروها “أفعالاً عدوانية لا يليق أن تتعامل بها أي دولة مع رعاياها وساكنيها” وفق البيان.
وطالب البيان بـ”فك الحصار عن درعا البلد، وإيقاف كافة الأعمال العسكرية على أرض محافظة درعا فوراً، وفك أسر المحتجزين من الأهالي في المزارع المتاخمة لدرعا، ووقف تمدد المليشيات الإيرانية وحزب الله اللبناني في الجنوب السوري تحت أيَّ مُسمى، وإدخال المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء ومستلزمات العيش عاجلاً، والتزام الضامن الروسي بتعهداته والتحلي بالمسؤولية التامة كضامن لاتفاق تسوية الجنوب في عام 2018″.
وتزامن اجتماع وجهاء ورؤساء ووجهاء محافظة درعا، مع تجدد القصف المدفعي من قبل قوات النظام السوري المتمركزة في “اللواء 12” في مدينة ازرع، على بلدة ناحتة بريف درعا الشرقي، ما أدى لإصابة مدني جراء القصف وليصل عدد القذائف التي استهدفت أحياء البلدة اليوم الخميس، إلى 16 قذيفة مدفعية، وأدى القصف لنزوح العشرات من عوائل البلدة إلى مناطق أخرى من محافظة درعا.
العربي الجديد
————————–
النظام يدافع عن حملته في درعا ويصعّد مع “قسد” في الشمال السوري/ عدنان أحمد
واصلت قوات النظام السوري مساعيها للضغط على الأهالي في محافظة درعا جنوبي البلاد، وسط انتقادات دولية متصاعدة حاولت خارجية النظام الرد عليها، في وقت شهد شمال البلاد تصعيداً من جانب قوات النظام ومليشيا “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، حيث قتل وأصيب العشرات جراء قصف صاروخي على مدينة الباب في ريف حلب الشمالي.
وذكر الناشط أبو محمد الحوراني لـ”العربي الجديد”، أن عدداً من المدنيين أصيبوا جراء قصف مليشيات الفرقة الرابعة التابعة للنظام أحياء درعا البلد المحاصرة، فيما أقدمت قوات النظام على إغلاق طريق “حاجز السرايا” بالسواتر الترابية لمنع خروج النازحين بمركباتهم من الأحياء المحاصرة في مدينة درعا.
في غضون ذلك، ما زالت المفاوضات بين ضباط النظام وممثلي الأهالي تراوح مكانها، مع إصرار الضباط على اقتحام درعا البلد، واعتقال المطلوبين وجمع السلاح ونشر حواجز في المنطقة. وفي رسالة مصوّرة جرى تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الشيخ أحمد الصياصنة، الخطيب السابق للجامع العمري، إن البيان الذي صدر عن أهل حوران أمس “يعبّر أصدق تعبير عن مشاعرنا جميعاً، وعن الوحدة التي ننشدها، وعن الموقف الذي نتطلّع إليه”.
وكان وجهاء عشائر ولجان مدينة درعا اجتمعوا أمس في مدين طفس في ريف درعا الغربي، على خلفية استقدام النظام والمليشيات الموالية له تعزيزات إلى مدينة درعا وريفها، واستمرار التصعيد في درعا البلد. وصدر عن الاجتماع بيان رفض تهديدات النظام التي يتوعد فيها بالقتل واقتحام درعا البلد وتهجير السكان.
واستنكر البيان “الحشود العسكرية المتزايدة على أرض حوران تحت أي ذريعة كانت، والحصار الظالم الذي يطبق على أهالي درعا البلد وبقية المناطق المحاصرة لتضييق سبل عيشهم”، وطالب بفك الحصار عن درعا البلد وإيقاف الأعمال العسكرية على أرض حوران فوراً، وفك أسر المحتجزين من الأهالي في المزارع المتاخمة لمدينة درعا. كما طالب بوقف تمدّد المليشيات الإيرانية و”حزب الله” اللبناني في الجنوب السوري تحت أي مسمى، وإدخال المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء ومستلزمات العيش.
ولم تسفر المفاوضات بين اللجنتين الأمنية التابعة للنظام والمركزية الممثلة للأهالي، عن نتيجة حاسمة حتى الآن، بسبب إصرار ضباط النظام بقيادة رئيس اللجنة الأمنية اللواء حسام لوقا، على الحل الأمني، وتهديدهم المتواصل باقتحام درعا البلد عسكرياً، وفرض شروط سحب الأسلحة ونشر الحواجز الأمنية فيها.
ويواجه تصعيد النظام في الجنوب السوري اهتماماً دولياً متصاعداً، حيث أدانت كلّ من كندا والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والاتحاد الأوروبي هذا التصعيد، ودعت إلى وقف إطلاق نار فوري في المنطقة.
ومن جهتها، وصفت خارجية النظام السوري، الإدانات الغربية بأنها محاولة “فاشلة ومكشوفة لرفع الضغط عن الإرهابين في درعا”، بحسب قولها.
وأكد بيان لها أمس الخميس أن النظام لن يوقف حملته لـ”إعادة الأمن والاستقرار إلى كافة ربوع البلاد، من دون أن يكون هناك استثناء في ذلك مهما علا صراخ بعض الدول”، بحسب تعبيره.
تصعيد في الشمال
وفي شمالي البلاد، أصيب 23 مدنياً منتصف الليلة الماضية، إثر قصف صاروخي استهدف الأحياء السكنية في مدينة الباب بريف حلب الشمالي، وتسبب بأضرار مادية كبيرة.
وذكر الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) أن من بين المصابين نساء وأطفالا، وأن مصدر القصف الصاروخي هو المناطق التي تسيطر عليها “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) وقوات النظام السوري شرقي حلب.
وذكرت مصادر محلية لـ”العربي الجديد”، أن القصف الصاروخي تسبّب بدمار عدد من المنازل، وانطلق من قرية شعالة الواقعة غربي مدينة الباب، والتي تخضع لسيطرة مشتركة من قبل قوات النظام و”قسد”.
وذكر الدفاع المدني أن فرق الإسعاف التابعة له تعرضت للاستهداف المزدوج خلال إسعافها المدنيين، مشيراً إلى أن القصف تسبب في حرائق كبيرة في ممتلكات المدنيين.
وقُتل أمس الخميس مدنيان وأصيب اثنان آخران، أحدهما متطوع في الدفاع المدني في قرية حزوان قرب مدينة الباب، إثر استهداف مزدوج بصواريخ موجهة، مصدرها مناطق سيطرة “قسد” وقوات النظام. واستهدف الصاروخ الأول سيارة رافعة تستخدم في صيانة الشبكة الكهربائية، وعند وصول سيارة الإسعاف التابعة للدفاع المدني السوري تم استهدافها بصاروخٍ أدى لاحتراقها.
وتُعدّ مدينة الباب من أكبر مدن ريف حلب الشمالي والشرقي التي سيطرت عليها فصائل “الجيش السوري الوطني” والقوات التركية ضمن عملية “درع الفرات”، من تنظيم “داعش” في أغسطس/آب 2016.
إلى ذلك، قصفت قوات النظام السوري قرى وبلدات بينين وفليفل ومحيط كنصفرة والفطيرة وسفوهن بجبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، وحميمات والحصن وقليدين بسهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي، فيما ردت فصائل المعارضة بقصف مواقع قوات النظام على محور كفرنوران بريف حلب الغربي.
العربي الجديد
———————-
خالد المحاميد لـ«الشرق الأوسط»: الدور الإيراني واضح في تصعيد درعا
قال المعارض السوري الدكتور خالد المحاميد، إحدى الشخصيات الرئيسية في ملف درعا، إن «الدور الإيراني واضح منذ سنوات» في جنوب سوريا، لافتاً إلى أن «الحرس» الإيراني كان «أول الرافضين لاتفاق درعا الذي نص على خروجهم من محافظة درعا»، في إشارة إلى اتفاق الجنوب في منتصف 2018.
وأضاف المحاميد، رداً على أسئلة «الشرق الأوسط»، أن «روسيا للأسف لديها خطاب مزدوج، فهي صمتت عن اختراق النظام لاتفاق كانت به طرفاً ضامناً، وتتحجج بأنها حاولت ولم تنجح»… وهنا نص الحديث:
* ما المشكلة حالياً في درعا البلد؟
– حتى إجراء مسرحية الانتخابات الأخيرة، كان النهج الأمني للسلطات التعامل مع الاحتجاجات بالاعتقالات والاغتيالات، ولكن رفض أهالي محافظة درعا أي انتخابات قبل تشكيل هيئة حكم انتقالي، ووضع دستور جديد، وضمان انتخابات حرة نزيهة، أفقد الأجهزة الأمنية صوابها، فراحت تنتقم من المواطنين الذين عدوا هذه المسرحية طعنة في صدر القرارات الأممية والتغيير الضروري في البلاد.
هذا الخطاب الانتقامي استفزازي لكل أبناء الجنوب الذين عدوا المصالحة إدارة مؤقتة للأمور بانتظار حل على الصعيد الوطني، فخاب أملهم بالضامن الروسي لأنه لم يحمِ الاتفاق الموقع، وكان ضامناً فيه، وبنكث النظام لعهوده وخرقه لما تم التوافق عليه.
المشكلة ليست في شخصين يقال إنهما من «داعش» أو في وجود سلاح فردي لحماية الناس لأعراضهم بعد ما حدث من تعفيش؛ كلها ذرائع كاذبة للهجوم على حركة مدنية تطالب النظام باحترام القرارات الدولية، وتطالب الروسي بتنفيذ ما يقول من ضرورة تطبيق القرار (2254).
* أين روسيا من هذه المشكلة؟
– روسيا للأسف لديها خطاب مزدوج، فهي صمتت عن اختراق النظام لاتفاق كانت به طرفاً ضامناً، وهي تتحجج بأنها حاولت ولم تنجح. عندما يريدون يوقع بوتين – إردوغان اتفاقاً لوقف إطلاق النار، ويفرض على دمشق، وعندما لا يريدون يقولون إن هناك أجنحة معادية لهم تهمش دورهم. الروس سيدفعون فاتورة غالية إذا اقتحمت الفرقة الرابعة درعا البلد؛ عليهم أن يدركوا مخاطر صمتهم عن جرائم النظام.
* هل هناك دور إيراني؟
– الدور الإيراني واضح منذ سنوات؛ لقد تغلغل «الحرس الثوري» وميليشياته في المؤسسة العسكرية وميليشيات الشبيحة، وكان أول الرافضين لاتفاق درعا الذي نص على خروجهم من محافظة درعا. وهناك جناح أساسي في الجيش عماده (اللواء) ماهر الأسد ومخابرات القوى الجوية في تحالف أعمى معهم، فيما يذكرنا بالسياسة الإجرامية لرفعت الأسد في أحداث 1978 – 1982. وكون «الفرقة الرابعة» في قمة الهرم العسكري، فهم يدفعون الجيش نحو مواقف إجرامية تجاه المجتمع السوري. وهذه مسألة تتجاوز محافظة درعا، وتمتد حتى الميادين.
* كيف ترى الحل لهذا التصعيد؟
– الحل بسيط منطقي، ومن دون كسر عظم أو انتصارات وهزائم. على الجيش الانسحاب إلى ثكناته، وإبعاد الميليشيات الإيرانية عن المحافظة، ورفع الحصار. اللجنة المركزية قادرة على بسط الهدوء وتسليم أي مطلوب للعدالة. وأهل درعا من حقهم التفرغ لإعادة البناء وخلق فرص العمل بأنفسهم، كون السلطة قد اعتذرت عن هذه المهمة منذ 2018.
الشرق الأوسط
————————
مهد الثورة.. فنانون سوريون يتضامنون مع درعا
عمر يوسف
شمال سوريا– عبر فنانون سوريون معارضون للنظام السوري عن تضامنهم مع أهالي درعا جنوبي سوريا -التي تشهد حصارا خانقا من قوات النظام والمليشيات الموالية- معربين عن دعمهم الكامل للمدينة وسكانها الرازحين تحت نيران القصف والإغلاق.
وجاءت عبارات الدعم والمساندة لمدينة درعا عبر حسابات الفنانين الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، أبرزها موقع فيسبوك، ردا على ما تتعرض له المدينة من حصار وحملة عسكرية واسعة، بهدف إخضاع أهلها.
الفنان السوري عبد الحكيم قطيفان، من أهالي مدينة درعا ومعتقل سابق في زمن الرئيس السابق حافظ الأسد، كتب منشورا على صفحته قال فيه “درعا الأبية والجليلة تحت الحصار وتحت حمم صواريخ الإجرام الأسدي وشركائه.. الرحمة للشهداء، والشفاء للجرحى.. والسلامة لأهلها الغوالي.. فزعة رجال حوران النشامى بمِيّة (بمئة) فزعة.. حيّ الرجال الأصيلة”.
وقبل أيام نشر قطيفان منشورا جديدا، بعد تهديدات النظام باقتحام المدينة وفشل المفاوضات بينه وبين الأهالي، قائلا فيه “كالأشجار عظمة.. إن عاشت فستعيش واقفة.. وإن خذلت وماتت فستموت واقفة أيضا، بانتظار قيامتها المتجددة!”
وعبد الحكيم قطيفان يعيش سنته الخامسة في بلد اللجوء -ألمانيا- شأنه شأن أي لاجئ سوري؛ لكنه يصف المرحلة التي يمر بها بأنها حالة طارئة أُكره عليها قسرا، وسوف يعود حالما يتحصل على الإقامة بشكل رسمي له ولأسرته.
أما الفنان السوري مازن الناطور -وهو أيضا من أهالي درعا ومن أشد معارضي النظام- فوصف المدينة وصمود أهلها في وجه النظام بأنها بقية من الكرامة والعزة، قائلا في منشوره على فيسبوك “درعا بقية من العزة والكرامة في وطن الجراح المبتدأ ونهاية الخبر. الموت لنظام المذلة”.
وكان الناطور اتخذ في بداية الحراك الشعبي في سوريا عام 2011 موقفا حاسما وانحاز إلى الثورة، ودفع ثمن موقفه بالإقصاء من نقابة الفنانين التابعة لحكومة النظام السوري.
أما الموسيقار السوري العالمي مالك جندلي، فقد وجه تحية إلى أطفال درعا المحاصرين، مرفقا منشوره بصورة تعبر عن رفض الحصار. وقال جندلي في منشوره “من قلبي سلام إلى أطفال درعا الأحرار”.
ويعرف عن الموسيقار جندلي دعمه للنازحين في مخيمات الشمال السوري، حيث وجه الموسيقار ريع ألبومه الحادي عشر “كونشرتو البيانو” لدعم الأطفال في تلك المخيمات، إيمانا منه بدور الفن في دعم الإنسان.
في حين أشاد الفنان السوري العالمي -المقيم في الولايات المتحدة الأميركية- جهاد عبده (Jay Abdo) ببطولات أهالي درعا وصمودهم في وجه الحصار، منددا بالحصار والاعتداءات التي يتعرضون لها.
وكتب عبده في منشوره “تحية من القلب لأبطال وبطلات حوران النشامى، والخزي والعار لكل من سولت له نفسه الاعتداء على حرمات الناس”.
يشار إلى أن الفنان السوري جهاد عبده اتخذ موقفا مناصرا للحراك الشعبي في سوريا عام 2011، ولجأ لاحقا إلى الولايات المتحدة الأميركية حيث نجح في دخول عالم سينما هوليود وشارك في أعمال إلى جانب نيكول كيدمان وتوم هانكس تحكي قصة رحلته من سوريا إلى أميركا.
وعلى صعيد الفنانات، نشرت الفنانة السورية يارا صبري تغريدات أرفقتها بوسم باللغتين العربية والإنجليزية عن دعم درعا وحريتها والإشارة إلى ما تتعرض له من قصف من النظام السوري.
#Freedom4Daraa #الحرية_لدرعا
— yara sabri (@yarasabri1) July 30, 2021
وتعرف صبري بأنها من أوائل الفنانين الذين نادوا بدعم الحراك الشعبي في سوريا والمظاهرات السلمية في درعا عام 2011، ونددت وقتها بالحصار الذي فرضه النظام، وقامت بتوقيع بيان مشترك لفكه والسماح بدخول المساعدات، في مشهد يتكرر اليوم في المدينة الثائرة.
مهد الثورة
يذكر أن مدينة درعا تلقب بمهد الثورة السورية التي نادى سكانها في ربيع 2011 بالحرية والعدالة الاجتماعية، قبل أن يقابلهم عناصر الأمن بالرصاص الحي، الأمر الذي أشعل شرارة الثورة في أرجاء المدن السورية.
وتحولت المدينة إلى أيقونة تحمل رمزية في وجدان الشعب السوري الرافض لحكم النظام بقوة السلاح.
واليوم يتكرر الحدث في درعا، حيث يحاول النظام السوري بحصاره فرض شروطه لتسليم أبناء المدينة سلاحهم، والقبول بدخول قواته إلى أحياء درعا البلد، واستسلام المقاتلين.
المصدر : مواقع التواصل الاجتماعي
————————-
======================
تحديث 07 آب 2021
———————-
تفاقم محنة المدنيين مع تواصل حملة النظام السوري في درعا/ عدنان أحمد
رغم الجهود الروسية غير المثمرة حتى الآن لحلحة الأوضاع في محافظة درعا جنوبي سورية، تواصل قوات النظام ضغوطها على الأهالي لإجبارهم على الخضوع لشروطها، وسط تفاقم محنة المدنيين، سواء من بقي منهم تحت الحصار في درعا البلد أم من اضطر للنزوح إلى مناطق أخرى مجاورة.
وذكر الناشط محمد الشلبي، لـ”العربي الجديد”، أن عناصر الفرقة الرابعة التابعة للنظام المتمركزين على طريق (اليادودة – المزيريب) استهدفوا أطراف بلدة اليادودة بالمضادات الأرضية، فيما دارت اشتباكات بالأسلحة الخفيفة بين مسلحين مجهولين وقوات النظام في الحي الشمالي الشرقي لمدينة نوى غرب درعا.
وأضاف أن شبانًا قطعوا ليلة أمس الطريق الدولي (دمشق – درعا) من جهة بلدة الغارية الغربية، وأضرموا النار بالإطارات تضامناً مع درعا البلد.
ومع إصرارها على فرض شروطها عبر الخيار العسكري، تعاني الفرقة الرابعة التي يقودها شقيق رئيس النظام السوري، والمقربة من إيران، نقصًا في العناصر لتغطية المهام المكلفة بها في محاصرة درعا البلد ومحاولة اقتحامها، إضافة إلى الحفاظ على وجودها في المناطق الأخرى من المحافظة، ما اضطرها إلى إعادة الطلب من “عناصر التسويات” المنتسبين للفرقة للالتحاق بمواقعهم، في ضوء استنكاف معظمهم عن المشاركة في الحملة العسكرية الحالية على درعا.
وذكرت مصادر محلية لـ”العربي الجديد” أن قيادة الفرقة تعكف على دراسة ملفات المنتسبين إليها من أبناء درعا، بغية تثبيت من التحق بمقراتها خلال الحملة الحالية، وفصل أو تجميد رواتب المستنكفين.
وكانت الفرقة الرابعة استدعت، مطلع الشهر الجاري، “عناصر التسويات” في ريف درعا الغربي للتحقيق، بعد أن خسرت العديد من مواقعها في الأحداث الأخيرة، وسط اتهامات لهؤلاء العناصر بالمشاركة في السيطرة على حواجز النظام، أو على الأقل عدم الدفاع عنها.
في غضون ذلك، لا تزال المفاوضات التي تشرف عليها روسيا للخروج بحل للوضع المستعصي في درعا تراوح مكانها نتيجة إصرار ممثلي النظام، وخاصة قيادة الفرقة الرابعة، على فرض شروطهم المتمثلة في السيطرة الكاملة على درعا البلد، وإقامة حواجز فيها، واعتقال المطلوبين، وترحيل آخرين، إضافة إلى جمع كل أشكال السلاح.
هذا وتتفاقم محنة المدنيين، سواء من بقي تحت الحصار في درعا البلد أم من اضطر للنزوح إلى مناطق أكثر أمنا داخل المحافظة، وذلك بفعل تواصل العملية العسكرية.
وحسب تقرير لوكالة “الأناضول”، فإن 80 بالمائة من سكان درعا البلد نزحوا عن بيوتهم باتجاه المناطق المجاورة هرباً من قصف النظام، فيما نقلت الوكالة عن مصدر من اللجنة المركزية في درعا قوله إن كل عائلة ترغب في العبور بواسطة سيارتها الخاصة تضطر لدفع رشوة قدرها مليونا ليرة سورية لعناصر النظام على حاجز السرايا.
قصف أطراف إدلب الغربية وريفها الجنوبي
وفي شمال البلاد، قصفت قوات النظام السوري صباح اليوم السبت أطراف مدينة إدلب الغربية، إضافة إلى قرى وبلدات عدة في جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، وسهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي.
وقتل 6 عناصر من قوات النظام و4 من فصائل المعارضة أمس على جبهات ريف إدلب، وذلك خلال عملية تسلل للفصائل على مواقع قوات النظام بمحور حنتوتين في ريف معرة النعمان، جنوب إدلب. كما قتل عنصر من قوات النظام قنصًا برصاص الفصائل على محور قرية كفرموس بجبل شحشبو جنوب إدلب.
وفي شرق البلاد، قتل المزيد من المدنيين في البادية السورية ضمن مناطق سيطرة قوات النظام السوري والمليشيات الموالية له، حيث أقدم مسلحون يوم أمس الجمعة على مهاجمة منزل في قرية العطشانة الواقعة غربي الرصافة ضمن بادية محافظة الرقة، وقتلوا رجلين اثنين ذبحاً بالسكاكين، إضافة لسرقة المواشي، وسط اتهامات للمليشيات الموالية لإيران بالوقوف وراء ذلك، حيث تنتشر تلك المليشيات هناك، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وبحسب ما أفاد مصدر محلي “العربي الجديد”، فإن مسلحين مجهولين اقتحموا منطقة الزملة جنوب غرب الرصافه بريف الرقة، وفتحوا النيران على المدنيين، ما أدى إلى مقتل اثنين منهم، فيما قال المصدر إن المسلحين سرقوا جرارات زراعية وعددًا كبيرًا من الأغنام.
من جهة أخرى، ذكرت وكالة أنباء “سانا” التابعة للنظام السوري أن القوات الأميركية نقلت، مساء أمس الجمعة، العشرات من عناصر تنظيم “داعش” من سجون “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) إلى قاعدة عسكرية في ريف الحسكة.
وأضافت أنه جرى نقل 40 من عناصر التنظيم المحتجزين في سجني الثانوية الصناعية والدفاع الذاتي عند مدخل مدينة الحسكة الجنوبي إلى قاعدتها بمدينة الشدادي.
وشهد سجن الثانوية الصناعية بحي غويران في مدينة الحسكة، الذي يضم معتقلين من تنظيم “داعش” معظمهم من جنسيات أجنبية، زيارة لمسؤولين أميركيين خلال الأشهر الماضية، كما شهد عمليات هروب وحالات عصيان وتمرد داخل السجن.
—————————-
درعا..النظام يقصف ضارباً عرض الحائط بالوعود الروسية
قصفت قوات النظام السوري أحياء درعا البلد بقذائف الهاون، كما استهدفت الفرقة الرابعة أطراف بلدة اليادودة بالمضادات الأرضية، على الرغم من الوعود الروسية التي قدمتها للجان التفاوض في درعا بإيقاف الحملة العسكرية.
وذكر تجمع “أحرار حوران” أن القوات الروسية أعطت وعوداً بفك الحصار عن المناطق المحاصرة، وإيقاف القصف الفوري عليها، والسعي للتوصل إلى حل سلمي يهدف إلى وقف الحملة العسكرية في درعا، وذلك خلال اجتماعها مع وجهاء العشائر.
وجاء الاجتماع الذي عقد عصر الجمعة، بناءً على طلب من الجانب الروسي فقط، على أن تتم دعوتهم إلى اجتماع آخر مع أعضاء اللجنة الأمنية التابعة للنظام السبت.
وبعيد الاجتماع قصفت الفرقة الرابعة الأحياء السكنية بدرعا البلد وحي طريق السد بقذائف الهاون والمضادات الأرضية، ضاربةً بعرض الحائط الوعود الروسية للوجهاء.
وأشار التجمع إلى أن الفرقة الرابعة تتعمّد استهداف البنى التحتيّة، والمراكز الخدمية في الأحياء، إذ استهدفت منذ بداية الحملة العسكرية شبكات المياه والكهرباء، إضافة إلى استهدافها أبراج التغطية بالمضادات الأرضية، الأمر الذي أدى إلى انقطاع خدمات الاتصال عن الأهالي داخل الأحياء، في حين استهدفت فجر السبت مئذنة مسجد “سعد بن أبي وقاص” في حي طريق السد.
وفي وقت سابق طالبت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بحماية المدنيين في درعا وكذلك دعت الخارجية الكندية إلى وقف إطلاق النار في درعا وجميع الأراضي السورية، مشيرة إلى أنه “من حق أهالي درعا العيش بأمان”.
وفي المقابل أصدرت وزارة الخارجية السورية بياناً هاجمت فيه الدول الغربية التي دانت التصعيد في الجنوب. وأضافت أن “تلك المواقف لا تعدو كونها محاولة فاشلة ومكشوفة لرفع الضغط عن الإرهابيين في المحافظة”، معتبرةً أن سلطات النظام “حرصت على معالجة الأوضاع في المنطقة الجنوبية من خلال الحوار وعدم الدفع نحو مواجهات يتضرر منها الأبرياء، إلا أن المجموعات الإرهابية هي التي ما زالت تعمل على نسف أي اتفاق”.
المدن
———————–
درعا بانتظار (غودو) المعارض/ جديع دواره
سُئل مرةً الكاتب البريطاني (باتريك سيل) كيف تفسر احتفاظ حافظ الأسد بمعارضين لحكمه لمدة تزيد على العشرين سنة في المعتقلات؟ (المقصود رفاقه السابقين في حزب البعث – صلاح جديد ونور الدين الأتاسي…) في وقت لم يعد لهم وزن سياسي على الأرض ولا يمثلون أي خطر حقيقي على النظام، أجاب بأنه لا يجد سببا سياسيا والتفسير الوحيد هو أن لدى حافظ اللأسد نزعة عقابية صارمة.
انتقام النظام أهلنا في درعا – منطلق الثورة وشعلتها الأولى- يجسد الإرث القديم في معاقبة من يقول لا، فكيف لمن قالها مرتين ودفع الثمن شهداء ومعتقلين ومهجرين ولم تردعه كل العقوبات، رفض “انتخاب” بشار الأسد كما رفض إعادة نُصب والده حافظ الأسد إلى مكانه قبل نحو سنتين.
في المرة الأولى لانتفاضة أهل درعا كانت الحرية كرة ثلج تتدحرج وتكبر من مدينة إلى أخرى، من المسجد العمري لمساجد دمشق ومن أقصى قرية في الجنوب إلى أقصى الشمال، كان السوريون على وعد بالحرية، يتصدرون وسائل الإعلام فاتحين صدورهم العارية ليستقبلوا الدبابات والرصاص، كان غياث مطر يوزع الماء والورد على الجيش في داريا، والنظام مثل وحش جريح يخبط خبط عشواء ويصرخ مكشرا عن أنيابه، مستخدما كل أسلحته المكدسة، ليحرق البلد بالحديد والنار والمعتقلات والبراميل والكيماوي، كان يريد أن يكسر إرادة الحرية، خاصة في حواضنها الأولى، درعا- دوما- داريا -حمص- حماة – وبقية المدن الثائرة.
اللا – الأولى- كانت حافزا للسوريين وملهما لثورتهم، وكان شعار (يا درعا نحنا معاكي للموت) يجد معادلة واقعية ويأخذ عن درعا كتفا في التضحيات ومقاومة النظام وتشتيت قواه.
اللا الثانية- أتت في سياق معاكس، فلا كرة ثلج تتدحرج، ولا أراض مشتعلة بوجه النظام، والجموع تتلوى تحت قبضة الجوع والعصابات والأمن، والوحش الجريح يكاد يتعافى بعكازات –إيرانية –روسية- لن يطول الوقت حتى يستغنى عنها، والأفق مسدود لحل سياسي، أما القرارات الدولية فهي ستتعفن في جنيف قبل أن ترى النور، وقد أصبحت مثل ديكور تزين بها القوى السياسية خطابها وتختم بها بياناتها الهزيلة.
وصلت اللا الثانية إلى ذروتها في مهزلة انتخاب – بشار الاسد- لسبع سنوات جديدة، حيث خرج صوت درعا من تحت الرماد ليقول بكل جرأة لا لهذا الحصاد المر، لا لانتخاب قاتل الأطفال، وهي في إطلاقها ومعناها الرمزي انتصار للثورة، هؤلاء البشر أصحاب شعار (الموت ولا المذلة)، لقد خرجوا من حظيرة الأسد ولن يعودوا مرة ثانية مهما كانت الظروف، وكل المصالحات والهدن يمكن فهمها في سياق تبدل ميزان القوى، ولكن أن تصرخ بوجه الوحش الكاسر في لحظة انتصاره، وفي لحظة صمت الغابة على جراحها، أن يخرج صوت المسجد العمري الذي لا يبعد عن قصر المهاجرين سوى (نحو 100 كم) هادرا مدويا لا شرعية لقاتل، فهو ما يتجاوز كسر حاجز الخوف، بل هو اقتلاع الخوف واقتلاع كل جدرانه، وانتصار لروح الثورة، في نفوس البشر، بصرف النظر عن المآل الخاضع لاعتبارات اللحظة والسياق والقوى المتدخلة.
لا يمكن الحديث عن درعا دون النظر في الآمال المعلقة على المحتل الروسي، وهي ـ وإن كانت آمالا ـ تجد مبررها بؤس المآل وعدم وجود أي طرف ضامن، لكنها وللأسف تستند بالنهاية لذات الجدار، ففي العمق، نظام بوتين المافيوي، لا يختلف عن نظام بشار الأسد سوى في القدرات والإمكانات، وهو محكوم بتشابك المصالح مع شريكه (الممثل الشرعي الوحيد لمصالحه كمحتل في سوريا)، وبالتالي فإن الروسي لن يتجاوز النظام بفعل يجعله أقرب إلى الجبهة المضادة، ربما لديه اعتبارات تتعلق بحفظ ماء الوجه كقوى دولية أمام المجتمع الدولي والأمم المتحدة ليس أكثر.
أما التعويل الثاني في قوة أممية – دولية تتدخل لإنقاذ درعا، فأيضا هو وهم مضاعف، الأمم المتحدة لديها أطنان من الوثائق والإثباتات على جرائم النظام، هذا ما يقوله موظفوها على أعلى المستويات، لكنها للأسف لا تتحرك بقوة القانون والحقوق، بل فقط بإرادة الفاعلين دوليا وعلى رأسهم الولايات المتحدة، والتي هي في طور الانكفاء، وترك المستنقع بما فيه للروس.
في ظروف الحرب تصبح المواقف واتخاذ القرارات المناسبة كمن يمشي على حد السيف، لا أحد يستطيع المزاودة على أهلنا في درعا في اجتراح الحل المناسب أمام هذا العقاب الجماعي من نظام الأسد، بل أساسا لا أحد يجرؤ على ادعاء الحل، لا يسعنا سوى طرح الأسئلة عن المصير والمآل.. نحن نتكلم عن بشر من لحم ودم وعائلات وأطفال وأصحاب أرض وبيوت وأحلام، هل في المعادلة والوقائع ما هو مختلف عما حدث من قبل، باصات تقتلع الناس من موطنها وبيوتها وترميها إلى الشمال…!
السؤال المر هو حول ضحالة الفعل المعارض، ماذا قدمت وفود التفاوض واللجان الدستورية وبيانات الائتلاف، هل نحن قادرون على إدخال شاحنة طعام واحدة لأهلنا المحاصرين في درعا البلد، أم أن عقد الدبكات في الشتات سينقذنا من أوحالنا؟ أنا لا أستثني أحدا، ولا أبرئ حتى نفسي، علينا أن نقر بعجزنا، لقد اعتدنا على انتظار حل يأتي من الخارج، اعتدنا على انتظار (غودو) الذي لن يأتي.. أكثر من ذلك، وبالمقابل ماذا لو اشتغلت المعارضة بكل قواها على توسيع دائرة الاحتجاج والتظاهر السلمي ليشمل السويداء والجولان والقنيطرة والمنطقة الجنوبية عموما؟ لو أنها اشتغلت على جبهة واحدة لاحتجاجات سلمية شعبية في الجنوب، أليست الظروف الموضوعية مهيأة؟! ألسنا جميعا نتداول ليل نهار كيف يعبر المؤيدون للنظام عن غضبهم من البؤس الذي قادهم إليه؟! متى سنقتنع بقوانا الذاتية وبأن (غودو) لن يعود وأن أحداً لن يقلع أشواكنا؟! أليس مثل هذا الفعل (في جبهة الجنوب) لو تم لكان من الممكن أن يعطي الأمل ليس لدرعا فقط بل لسوريا؟
————————–
“هدوء حذر” في درعا.. وضابط روسي جديد يدخل على خط المفاوضات
تشهد محافظة درعا في الجنوب السوري هدوءاً حذراً، في الوقت الذي يعقد فيه الجانب الروسي جولة مفاوضات جديدة، من أجل التوصل إلى “اتفاق تهدئة”.
ويوم أمس الجمعة اجتمع وفد روسي بقيادة “ضابط جديد” مع وجهاء عشائر وأعيان محافظة درعا، واستمع إلى مطالبهم، بحسب ما يقول أبو علي المحاميد أحد وجهاء درعا في حديث لـ”السورية.نت”.
ويضيف المحاميد اليوم السبت: “الوجهاء أخبروا الضابط الروسي الجديد بأن الأهالي يريدون العيش بسلام بعيداً عن أي عمليات عسكرية”.
وتابع: “الضابط طلب تسليم الأسلحة بالكامل الموجودة في أحياء درعا البلد، ليرد عليه الوجهاء بأن هذا الأمر تبت فيه اللجان المركزية الممثلة عن كامل الجنوب”.
ومن المقرر أن يعقد الروس اليوم جولة مفاوضات مع وفد اللجان المركزية في درعا، من أجل التوصل إلى اتفاق تهدئة.
وأوضح المحاميد: “الضابط الروسي وعد الوجهاء أمس بأن يتم فتح حاجز السرايا، على أن يعقد اجتماعاً مع اللجان المركزية ظهر اليوم”.
وبالتزامن مع ما سبق تحدثت شبكات محلية في درعا أن قوات الأسد تستمر بحشد التعزيزات في محيط أحياء درعا البلد.
وتحدثت عن قصف متقطع استهدف الأحياء أمس الجمعة، دون أن يسفر عن إصابات أو ضحايا.
وكان المجتمع الدولي قد ندد بتصعيد النظام في درعا، إذ دعا وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الأربعاء الماضي نظام الأسد إلى وقف الهجوم على مدينة درعا البلد بشكل فوري.
فيما طالب الاتحاد الأوروبي بحماية المدنيين في درعا، وقال في بيان له إن الجنوب السوري يشهد أسوأ أعمال عنف منذ سيطرة النظام عليه عام 2018.
وكذلك دعت الخارجية الكندية إلى وقف إطلاق النار في درعا وجميع الأراضي السورية، مشيرة إلى أنه “من حق أهالي درعا العيش بأمان”.
بينما حذرت الأمم المتحدة أمس الجمعة من التصعيد الحاصل في درعا.
وقالت إن ما لا يقل عن 18 ألف مدني أجبروا على الفرار من أحياء “البلد”، التي تعيش في حصار خانق منذ 28 من يوليو /تموز الماضي.
ووصفت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت في بيان لها، الوضع في درعا بأنه “أخطر مواجهة وقعت منذ عام 2018”.
——————————–
درعا.. الأمم المتحدة تدق “ناقوس الخطر” واجتماع “يوحّد الكلمة”
حذرت الأمم المتحدة من التصعيد الحاصل في مدينة درعا بالجنوب السوري، وقالت إن ما لا يقل عن 18 ألف مدني أجبروا على الفرار من أحياء “البلد”، التي تعيش في حصار خانق منذ 28 من يوليو /تموز الماضي.
ووصفت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت في بيان لها، اليوم الجمعة، الوضع في درعا بأنه “أخطر مواجهة وقعت منذ عام 2018”.
ودعت إلى وجوب “تنفيذ وقف لإطلاق النار فوراً من أجل التخفيف من معاناة المدنيين”.
وتشهد المحافظة تصعيداً من جانب قوات الأسد وروسيا منذ قرابة أسبوع، وحتى الآن لم يتم التوصل إلى أي اتفاق بشأنها.
وقالت مصادر إعلامية من درعا لـ”السورية.نت”، اليوم الجمعة إن قوات الأسد شددت الحصار على أحياء درعا البلد من جديد، وأغلقت طريق السرايا الوحيد لخروج النازحين من المنطقة.
وأضافت المصادر: “القصف ما يزال مستمراً، حيث تتعرض الأحياء لقذائف صاروخية ومدفعية بين الساعة والأخرى”.
وفي خطوة لـ”توحيد كلمة الجنوب السوري كاملاً” شهدت مدينة طفس عصر الخميس اجتماعاً ضم ممثلي اللجان المركزية في المحافظة مع قياديين في “الفيلق الخامس”.
وذكرا المصادر ذاتها أن الاجتماع جاء من أجل التأكيد على الخروج بقرار “موحد” لكامل الجنوب السوري، وليس فقط أحياء درعا البلد المحاصرة.
وأصدر المجتمعون بياناً مصوراً نشره ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ورفضوا فيه تهديدات نظام الأسد بالقتل واقتحام المنطقة وتهجير سكان درعا.
واستنكر البيان “الحشود العسكرية المتزايدة على أرض حوران تحت أي ذريعة كانت، والحصار الظالم الذي يطبق على أهالي درعا البلد وبقية المناطق المحاصرة لتضييق سبل عيشهم”.
كما رفض التهديد المستمر بالقتل والتدمير والاقتحام والتلويح بالتهجير الجماعي، واعتبرها أفعالاً عدوانية لا يليق أن تتعامل بها أي دولة مع رعاياها وساكنيها.
قوتنا بوحدة كلمتنا كبارنا وشبابنا وثوارنا
من اجتماع عشائر ولجان درعا في مدينة طفس اليوم #درعا#درعا_تحت_القصف pic.twitter.com/81H6o1JVnW
— Omar Alhariri (@omar_alharir) August 5, 2021
وكان المجتمع الدولي قد ندد بتصعيد النظام في درعا، إذ دعا وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أول أمس الأربعاء نظام الأسد إلى وقف الهجوم على مدينة درعا البلد بشكل فوري.
فيما طالب الاتحاد الأوروبي بحماية المدنيين في درعا، وقال في بيان له إن الجنوب السوري يشهد أسوأ أعمال عنف منذ سيطرة النظام عليه عام 2018.
وكذلك دعت الخارجية الكندية إلى وقف إطلاق النار في درعا وجميع الأراضي السورية، مشيرة إلى أنه “من حق أهالي درعا العيش بأمان”.
=====================
تحديث 08 آب 2021
————————–
معركة درعا: بين الإخضاع وتحسين المواقع
تحت ستار من جولات التفاوض المتعثرة بين النظام السوري وأهالي درعا البلد، تتخللها مزاعم وساطة روسية غير فاعلة، فإن كتائب الفرقة الرابعة وميليشيات «حزب الله» وأخرى ذات ولاء إيراني تواصل فرض الحصار على المدينة وريفها، كما تتابع عمليات القصف والحصار والتهجير، في غمرة عجز الفصائل المسلحة التي تصالحت مع النظام بموجب اتفاق 2018. وبسبب الموقع الجيو ـ سياسي الحساس التي تشغله منطقة حوران، وتشابك المصالح الإيرانية والأمريكية والروسية والإسرائيلية والأردنية، فإن التوصل إلى تسوية مكمّلة للصفقة التي رعتها روسيا سابقاً يبدو متعذراً، خاصة في ضوء تعنت النظام وضغوطات «الحرس الثوري» الإيراني والميليشيات.
——————————-
حوران و»الدكتور»: أحقاد لم تخمد وأخرى تتجدد/ صبحي حديدي
للنظام السوري مع منطقة حوران عموماً، ومدينة درعا بصفة خاصة، ثارات عديدة تراكمت سنة بعد أخرى، لا تقتصر على أنّ الحوارنة كانوا سباقين إلى التظاهرات الأبكر، أو أنّ تلاميذها خطّوا على الجدران تلك العبارة الفريدة: «أجاك الدور يا دكتور» في إشارة إلى أوان رحيل بشار الأسد، أو أنّ أبناءها بذلوا أوّل الدم وأوائل الشهداء. وحين اندلعت انتفاضات العرب، وتفاخر الأسد بأنّ نظامه «ممانع» و»محصّن»، توجّه مع ذلك إلى المخابرات الروسية يستفتيها حول المناطق السورية الأكثر عرضة للانتفاض تأثراً بموجة البوعزيزي في تونس؛ فكان الجواب قاطعاً: الأخطر ريف دمشق، والأكثر ولاءً (وبالتالي تأخراً في الالتحاق بالاحتجاجات) ريف حوران ومدينة درعا.
خيبة الأسد الشخصية، إزاء انتفاض المنطقة على نقيض نبوءات المخابرات الروسية، ترجمها على الأرض العميد عاطف نجيب رئيس شعبة الأمن السياسي وابن خالة الأسد، الذي أكمل موبقات المحافظ وليد عثمان والد زوجة صيرفي النظام رامي مخلوف؛ وثمة، في سجلات انتفاضة حوران، ما تشيب له الولدان حقاً من أفانين التوحش والحقد والتنكيل والإذلال، الجماعي دائماً، بحقّ أبناء المنطقة، ولم تكن مأساة الطفل حمزة الخطيب سوى واحدة منها منكشفة ومفتضَحة. وأمّا أحدث خيبات «الدكتور»، الذي لم يطل الوقت حتى استحق ألقاب «الكيماوي» و»مجرم الحرب» و»البراميلي»، فقد كانت عزوف المنطقة الصريح والجسور والبطولي عن المشاركة في مساخر «انتخاب» الأسد.
عير أنّ للمنطقة امتيازاتها الجيو – سياسية التي حتمت أن تتجاوز معادلاتها أحقاد النظام، وثارات الأسد وخيباته الشخصية، بدليل أنّ وضعها تحت تصنيف مناطق «خفض التصعيد»، بموجب اتفاق 2018، لم يشارك في صياغته النظام وروسيا وإيران/ «حزب الله» فقط، بل حضرت أيضاً الولايات المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي والأردن؛ فتوافق الجميع على ترقية نظام قاتل الأطفال وراجم البراميل والأسلحة الكيميائية وراهن سوريا إلى خمس احتلالات في آن معاً، إلى مصافّ وكيل محلّي يخدم رعاة الاتفاق كافة، في حوران وتخومها. ولهذا يصعب على الحوارنة أن يتخيلوا، فما بالك أن يهضموا، أيّ مساع روسية للتوسط أو ردع ميليشيات إيران و»حزب الله» وذئاب الفرقة الرابعة؛ أو، في المقابل، أن يقبضوا جعجعة معتادة بلا طحن، تصدر عن البيت الأبيض أو الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة.
إلى هذا سجّلت حوران سابقة من طراز آخر، ليس أقلّ اتصافاً بالجوهريّ الفارق، هو محاسن ومساوئ صفقات «مصالحة» مع النظام يمكن أن يبرمها عسكر «الجيش الحرّ» برعاية فريق ثالث؛ وليس، للإيضاح المفيد، على غرار تسويات الغوطة أو القلمون أو حلب أو دير الزور. ذلك لأنّ حصيلة صفقة حوران، للعام 2018، فشلت حتى في اكتساب جدل الربح والخسارة أو موازين الأخذ والعطاء والتفاوض، وليس الدليل الأوضح سوى الحال الراهنة التي يعيشها اللواء الثامن وقائده أحمد عودة، الذي لا حول له ولا طول غير الاقتداء بالوسيط الروسي، والقيام أحياناً بما يشبه وظائف هلال أحمر حوراني يشرف على تبادل الأسرى والجثث!
غير أنّ التفصيل الذي لا يصحّ أن يكون عابراً في المشهد الحوراني الراهن هو وضع الفرقة الرابعة، ليس عسكرياً فقط بل سياسياً أيضاً؛ لأنّ كتائبها، الأفضل تسليحاً والأعلى امتيازات و»الأنقى» من حيث التركيب الطائفي/ العشائري، سجلت هزائم جلية أمام ما تبقى من فصائل مسلحة معارضة، كما كشفت مقدار الانشطارات التي بلغها جيش النظام بين موالاة قطيعية، وأخرى مرتبطة بـ»الحرس الثوري» الإيراني، وثالثة تتعامل مع الضباط الروس، ورابعة توالي النظام عبر مؤسسة أمنية مثل المخابرات العامة وليس وزارة الدفاع أو رئاسة الأركان.
ورغم ما يعانيه أهلها من عذابات الحصار والتهجير والتجويع والدمار، فإنّ حوران تواصل الأمثولة؛ وإذْ لم تخمد أحقاد «الدكتور» بل تتجدد، فعلى منوالها تتعاقب شرارات آذار (مارس) 2011، التي منها اندلع اللهيب.
القدس العربي
—————————-
باعتبارها ضامن اتفاق 2018 : وجهاء حوران يحملون روسيا مسؤولية ما يحصل في الجنوب/ منهل باريش
حدد النظام السوري مطالبه في درعا، بتسليم المطلوبين وتسليم السلاح وتفتيش ما يريد من المنازل والمقرات السابقة ونشر حواجز الأمن والجيش حسب ما يرغب وأين تقتضي الضرورة. هذه خلاصة اجتماعات الأسبوع المنصرم. أو الاجتياح العسكري الذي هددت به الفرقة الرابعة مرارا ولم تتوقف عن محاولة تنفيذه. وأكد توجهه ذاك مع زيارة وزير دفاع النظام، علي عبد الله أيوب إلى درعا واجتماعه بقادة الفرق والأجهزة الأمنية، والاطلاع على خطط عملية اقتحام مدينة درعا، وتوجيه رسالة إلى الضباط الروس في الجنوب، بتفضيل الحسم العسكري على إعطاء مهل جديدة. ويأتي إخفاق المفاوضات مع إصرار مسؤول الملف الأمني عن جنوب سوريا، اللواء حسام لوقا، رئيس إدارة أمن الدولة، الموضوع على لوائح العقوبات الأمريكية والأوروبية بسبب انتهاكاته حق المدنيين واتهامه بجرائم حرب وبوصفه مسؤولا عن تهجير حي الوعر في مدينة حمص في 2017 حيث كان يرأس فرع الأمن السياسي، ثم رفع في 2018 ليرأس شعبة الأمن السياسي وفي 2020 عين رئيسا لإدارة المخابرات العامة «أمن الدولة» ويعتبر الضابط الشركسي مقربا من موسكو إلى حد كبير، وينحدر من بلدة خناصر في ريف حلب الشرقي.
الناطق باسم تجمع أحرار حوران، أبو محمود الحوراني اتهم حسام لوقا رئيس اللجنة الأمنية بعرقلة المفاوضات دائما وحمله مسؤولية انفجار الوضع بالجنوب، واعتبر في اتصال مع «القدس العربي» أن لوقا هو من «يصر على انتشار الجيش وتفتيش كل البيوت بدون استثناء وتسليم المطلوبين أمنيا وتسليم كامل السلاح».
وفي سياق منفصل، نوه الشيخ فيصل أبازيد عضو اللجنة المركزية في درعا البلد، عن سياسة النظام في عملية كسب نقاط جديدة كل ما وافقت اللجنة المركزية على مطالبه، شارحا لوجهاء درعا الذين اجتمعوا، يوم الخميس، في بلدة طفس أن «اللجنة وافقت على طلبات النظام حتى لا يقال أننا رفضنا أو يأتي من يحمل اللجنة سبب فشل المفاوضات».
مضيفا «قمنا بكل ما نستطيع لدرء الحرب، طلبوا تسليم سلاح، سلمنا، طلبوا تسويات أوضاعنا، أجرينا تسويات، وأنا شخصيا سلمت نفسي وأجريت تسوية لوضعي، طلبوا مغادر بعض الأفراد، غادرواً. طلبوا ثلاثة حواجز أمنية، قبلنا، صار بدهم تسعة للجيش. حاولنا بكل الوسائل ان ندفع الحرب عن أنفسنا وبقيت لدينا محاولة أخيرة. وفعلنا كل شيء حتى لا يلومنا أحد» وختم أبازيد «الحرب صعبة ونحن نكرهها، لكن إذا فرضت علينا فالله المستعان». وكان أبازيد قد هدد في وقت سابق بتهجير وخروج أهالي درعا كلهم إلى الشمال وترك المنطقة لإيران، وهو ما وصف انه رسالة لعمان الخائفة من «الهلال الشيعي» ومن التغول الإيراني ونشاطه على حدودها مع سوريا.
وجاء كلام الشيخ فيصل أعلاه، خلال اجتماع وجهاء عشائر حوران وعوائلها في بلدة طفس أبرز معاقل المعارضة في ريف درعا الغربي. وأتى الاجتماع في مسار محاولات رص الصفوف تحسباً للأسوأ القادم من قِبَل النظام السوري، وحضرته اللجان المركزية الفرعية في الريف الشرقي والشمالي والغربي وممثلوها في اللجنة المركزية الرئيسية لمحافظة درعا وممثلون عن اللواء الثامن الذي يقوده أحمد العودة، ومثل الشيخ فيصل أبازيد والمحامي عدنان المسالمة اللجنة المركزية في درعا البلد.
وفي نهاية الاجتماع، أصدر الوجهاء بيانا مصورا بعد ساعات من النقاشات في جامع البراء في طفس، قرأه الشيخ يوسف الحوامدة من قرية الحارة في ريف درعا الشمالي. وجاء في البيان:
«ﻧﺤﻦ ﻋﺸﺎﺋﺮ ﺣﻮﺭﺍﻥ ﻛﻨّﺎ ﻭﻣﺎ ﺯﻟﻨﺎ ﺟﺰﺀﺍً ﻻ ﻳﺘﺠﺰﺃ ﻣﻦ ﺷﻌﺐ ﺳﻮﺭﻳا ﺍﻷﺻﻴﻞ، ﻋﺸﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ، ﻭﻋﻤﻠﻨﺎ ﺟﺎﻫﺪﻳﻦ ﻟﺘبقى ﺣﻮﺭﺍﻥ ﺁﻣﻨﺔً ﻣﻄﻤﺌﻨﺔ، ﻳﺴﻮﺩها ﺍلاﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻭﻳﻌﻴﺶ أهلها ﺑﺄﻣﺎﻥ ﻭﻛﺮﺍﻣﺔ ﻟﻴﻜﻮﻧﻮﺍ ﺟﺰﺀﺍ ﻣﻦ ﺑﻨﺎﺓ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻭﺣﻤﺎﺗﻬﺎ .
ﻭﺗﻤاﺸﻴﺎ مع ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺮ ﺑﻬﺎ ﺣﻮﺭﺍﻥ ﺣﺎﻟﻴﺎ، ﻭﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﺍﻟﺨﺎﻧﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻈﻢ ﻣﺪﻧﻬﺎ ﻭﻗﺮﺍﻫﺎ، ﻭﺣﻴﺚ ﺃﻧﻨﺎ ﻟﻢ ﻧﺪّﺧﺮ ﺟﻬﺪﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻌﻲ ﺇﻟﻰ ﺣﻞ ﻳﺤﻘﻦ ﺩﻣﺎﺀ ﺃﺑﻨﺎﺋﻨﺎ ﻭﻳﺤﻔﻆ ﻛﺮﺍﻣﺘﻬﻢ ﻭﻳﺤﻘﻖ ﺃﻣﻨﻬﻢ ﻭﺳﻼﻣﺘﻬﻢ ﻟﻴﻜﻮﻧﻮﺍ ﻓﺎﻋﻠﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻬﻢ ﺇﻳﺠﺎﺑﻴّﻦ ﻓﻲ ﺗﻌﺎﻣﻼﺗﻬﻢ، استنكر المجتمعون الحشود العسكرية للنظام وحصار درعا البلد ورفضوا التهديد المستمر بالقتل ﻭﺍﻟﺘﺪﻣﻴﺮ ﻭﺍﻻﻗﺘﺤﺎﻡ ﻭﺍﻟﺘﻠﻮﻳﺢ ﺑﺎﻟﺘﻬﺠﻴﺮ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻲ، واعتبروها ﺃﻓﻌﺎلا ﻋﺪﻭﺍﻧﻴﺔ ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺃﻥ ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﺑﻬﺎ ﺃﻱ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﻊ ﺭﻋﺎﻳﺎﻫﺎ ﻭﺳﺎﻛﻨﻴﻬﺎ».
وطالب البيان بعدة أمور، منها «ﻓﻚ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﻋﻦ ﺩﺭﻋﺎ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﻭﺇﻳﻘﺎﻑ ﻛﺎﻓﺔ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮية ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺽ ﺣﻮﺭﺍﻥ ﻓﻮرا» إضافة إلى «فك ﺃﺳﺮ ﺍﻟﻤﺤﺘﺠﺰﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻷﻫﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻉ ﺍﻟﻤﺘﺎﺧﻤﺔ ﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺩﺭﻋا وﺇﻃﻼﻕ ﺳﺮﺍﺡ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﻠﻴﻦ ﻓﻮﺭﺍً» ورفض «ﺗﻤﺪﺩ ﺍﻟﻤﻴﻠﻴﺸﻴﺎﺕ ﺍلإﻳﺮﺍﻧﻴﺔ ﻭﺣﺰﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﻮﺏ ﺗﺤﺖ ﺃﻱ ﻣﺴﻤﻰ» والعمل على «ﺇﺩﺧﺎﻝ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍلإﻧﺴﺎنية ﻣﻦ ﻏﺬﺍﺀ ﻭﺩﻭﺍﺀ ﻭﻣﺴﺘﻠﺰﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻓﻮﺭﺍ» وطالب باﻟﺘﺰﺍﻡ ﺍﻟﻀﺎﻣﻦ ﺍﻟﺮﻭﺳﻲ ﺑﺘﻌﻬﺪﺍﺗﻪ ﻭﺍﻟﺘﺤﻠﻲ ﺑﺎﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ ﻛﻀﺎﻣﻦ ﻻﺗﻔﺎﻕ ﺗﺴﻮﻳﺔ اﻟﺠﻨﻮﺏ ﻓﻲ 2018.
من جهتها اشترطت روسيا الشهر الماضي، خروج 11 شخصية من قادة الفصائل السابقين والممانعين لاتفاق التسوية، بينهم قائد لواء الفاروق في جيش المعتر بالله سابقاً، معاذ الزعبي أبو الليث، الذي قتل مع ثلاثة آخرين في الهجوم على مديرية الري على طريق اليادودة – المزيريب غرب درعا، حيث تتخذ الفرقة الرابعة منها ثكنة عسكرية، وأربعة آخرين بينهم القياديان محمد المسالمة الملقب «هفو» ومؤيد حرفوش من درعا البلد، حيث تتهمهما روسيا بموالاة تنظيم جيش «خالد بن الوليد» المنحل في منطقة حوض اليرموك والمبايع لتنظيم «الدولة الإسلامية» في حين يصر النظام على تسليم القياديين وعناصر مجموعتهما المكونتين من 35 عنصراً. وفي محاولة تخفيف الضغوط على اللجنة المركزية في درعا، وافق القياديان على الخروج من درعا البلد إلى أحد الأرياف القريبة. وأعلن القياديان في بيان مصور وجودهما خارج مدينة درعا، من دون تحديد المكان. وأوضح مسالمة الذي قرأ البيان انه خرج من المنطقة حفاظا على سلامة الأهالي وتجنيب البلد الحرب، بعد اشتراط النظام «خروجهم من درعا لوقف الهجوم عليها» مؤكدا بقائهم خارج درعا «دفعا للضرر» حسب تعبيره.
وقبل ذلك، أصدرت لجنة التفاوض في درعا البلد يوم الأربعاء، الرابع من آب (أغسطس) بياناً، ناشدت فيه «الدول الفاعلة في الملف السوري، بما فيها روسيا الاتحادية، الدولة الضامنة لاتفاق التسوية في درعا، والأمم المتحدة، ممثلة بالمبعوث الدولي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، التحرك بالسرعة الممكنة لإنهاء الحصار على درعا البلد فوراً، ومنع قوات نظام الأسد والميليشيات الإيرانية الطائفية من اقتحام أو دخول المنطقة» مشيرة إلى وجود، ما وصفَته بـ»النوايا الانتقامية الواضحة لدى هذه الميليشيات».
دوليا، علقت أمريكا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة على حصار درعا ومحاولات الهجوم عليها، فأدان وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن في تغريدة على حسابه الرسمي على موقع «تويتر» هجوم نظام الأسد على درعا، واصفا الهجوم انه «وحشي» مضيفاً «نكرر دعواتنا لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن 2254». على الصعيد الأممي، دعا المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، إلى ضرورة حماية المدنيين في محافظة درعا، جنوبي البلاد.
أما الاتحاد الأوروبي، فدعا في بيان صادر عن مكتب الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الأربعاء، جميع الأطراف إلى ضرورة حماية المدنيين في محافظة درعا التي تتعرض لهجمات النظام السوري منذ أسبوع. مشيرا إلى أن جنوب غربي سوريا يشهد «أسوأ وأخطر أعمال عنف منذ عام 2018».
لافتا إلى أن القصف العنيف أسفر عن «مقتل عشرات المدنيين، بينهم نساء وأطفال، ونزوح 10 آلاف شخص». منتقدا تعرض مستشفى درعا الحكومي الذي يقدم خدمات لنحو 50 ألف مدني، للقصف بقذائف الهاون.
وأثنى المسؤول في الاتحاد الأوروبي إلى دعوة المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، مخاطبا جميع الأطراف في سوريا من أجل التمسك بمبدأ حماية المدنيين والقانون الإنساني الدولي. مشددا على أن الهجمات «تظهر مرة أخرى ضرورة تسريع الجهود للتوصل إلى حل سياسي سلمي».
الاثنين، سجل اللواء الثامن أول تدخل مباشر خارج إطار المفاوضات، حيث دخل إلى منطقة الشياح بمدينة درعا، لإخراج العائلات المحاصرة فيها. هذا وتحاصر قوات الغيث في الفرقة الرابعة التي يقودها العميد غياث دلة، مئات العوائل منذ عدة أيام في مناطق تل السلطان – غرز وطريق غرز- درعا ومنطقة النخلة وشرق السد وجنوب درعا ومنطقة الشياح ومنطقة الخشابي جنوب جمرك درعا البلد، وتمنع عنهم الغذاء والدواء والماء، إضافة إلى الاعتداء عليهم واعتقال بعض النساء.
في السياق، يلعب اللواء الثامن طرف الوسيط والضامن في الخلافات المتفجرة منذ يوم 27 تموز ( يوليو) فقد تسلم اللواء جميع أسرى قوات النظام وسلمها للشرطة العسكرية بدوره، وكذلك قام بتبادل جثث القتلى بين الطرفين.
إلى ذلك قبلت اللجنة المركزية في درعا بنشر اللواء لحواجز داخل المدينة بالاشتراك مع جيش النظام، إلا أن النظام عاد ورفض وجود اللواء الثامن.
بالمقابل، طلبت القيادة العسكرية الروسية وجهاء مدينة درعا وأعضاء من اللجنة المركزية إلى اجتماع، بعد ظهر الجمعة، لمناقشة بيان عشائر درعا والذي حمل فيه روسيا مسؤولية تطبيق اتفاق المصالحة للجنوب في 2018. وعلمت «القدس العربي» من مصادر مقربة من اللجنة أن الضباط الروس وعدوا بالسعي للتهدئة مع النظام.
وتشير البيانات والتصريحات القادمة من درعا إلى أن اللجنة المركزية والفاعلين المحليين هناك يدركون أن الحل بيد موسكو وحدها، وهذا ما يمكن استنباطه من خلال استثناء الأردن باعتباره الدولة المشاركة بعملية اتفاق الجنوب مع روسيا وأمريكا، أو تحميل أمريكا نفسها التخلي عن الجنوب السوري لصالح روسيا، واعتباره منطقة نفوذ روسية بالتفاهم مع إسرائيل. كما تجنبوا تحميل تركيا أي دور كونها الضامن الرئيسي لفصائل المعارضة حسب مسار أستانة.
القدس العربي
————————–
درعا و”اللاموقف” الأميركي/ عبسي سميسم
على الرغم من انقلاب النظام السوري على الاتفاق الخاص بجنوبي سورية عام 2018، وعلى الرغم من الدعم الروسي غير المباشر حتى الآن لهذا الاتفاق الذي تم بضمانة موسكو، لم يصدر عن الولايات المتحدة أي موقف جدّي تجاه ما يجري في الجنوب السوري، إذ لم يتعد موقف واشنطن تعبير مسؤول في الخارجية الأميركية عن قلق بلاده من الأذى الذي قد يلحق بالمدنيين، ودعوة جميع الأطراف إلى وقف التصعيد، والسماح للمدنيين والمساعدات بحرّية الحركة، وتحميل النظام مسؤولية الوضع الإنساني في سورية.
وعلى الرغم من تحرّك الجالية السورية في الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، حيال تصعيد النظام في محافظة درعا، ولقائها رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، بوب مينينديز، الذي تضامن مع مطالب الجالية وقدّم مقترحاً للبيت الأبيض بتفعيل إحالة ما يجري في درعا إلى مجلس الأمن الدولي، إلا أن مقترحه لم يلق أي تجاوب من إدارة الرئيس جو بايدن. ويؤكد هذا الأمر مجدداً، عدم إيلاء هذه الإدارة القضية السورية أي اهتمام، وتركها الملف السوري لصالح روسيا، التي لا تزال تعمل على تمكين النظام واستعادته بالتدريج جميع المناطق التي تقع تحت سيطرة المعارضة. ويأتي ذلك ضمن ما تبدو موافقة ضمنية من قبل الولايات المتحدة، التي تكتفي بالتنديد، وإبداء القلق من المجازر التي ترتكب بحق المدنيين.
وكان الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، قد حاول تحريك الملف السوري، وإصدار حزمة قوانين للضغط على النظام، إلا أن تحركه أيضاً لم يصل حدّ اتخاذ موقف حاسم من هذا النظام السوري، كان يمكن أن يؤدي على الأقل إلى فرض حلّ سياسي في سورية بموجب قرارات الشرعية الدولية. وكانت معالم السياسة الأميركية تجاه سورية قد بدأت تتكشف منذ لقاء فيينا عام 2015 الذي جمع كلا من الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، والذي شهد أول تقارب روسي أميركي في الملف السوري. وبدا في ما بعد وكأن واشنطن عهدت إلى موسكو إدارة هذا الملف، الذي شهد تقدماً كبيراً في الدور الروسي على حساب تراجع دور الولايات المتحدة، الأمر الذي يجعل من التعويل على تحرك أميركي، أو حتى غربي، تجاه ما يحصل في درعا، أمراً مستبعداً، إذ من غير المتوقع أن تتعدى تلك المواقف الإدانة.
إلا أنه ربما يتم التوافق مع الروس، في حال صح ما يشاع حول ما يجري التخطيط له في كل الجنوب السوري، من تكرار تجربة الإدارة الذاتية في شمال شرقي سورية، أي تشكيل إدارة ذاتية وقوات حماية ذاتية في المنطقة الجنوبية، ربما يكون نواتها حزب “اللواء” والمليشيا التي تتبع له، وهو الحزب الذي أنشئ في محافظة السويداء كنواة لإدارة ذاتية، تضم السويداء ودرعا والقنيطرة.
العربي الجديد
—————————-
درعا .. ترميم الاقتصاد بمعركة عسكرية/ فاطمة ياسين
يستمر انهيار اقتصاد النظام في سورية بصورة متقطعة، والمؤشّر دائما نحو الأسفل، وقد يكون سعر صرف الدولار انعكاسا لمدى تفسّخ هذا الاقتصاد، ومدى فشل السياسات التي يحاول النظام القيام بها لوقف الانهيار التدريجي، فقد قوبلت الزيادة في رواتب الموظفين وأجورهم بالسخرية، بعدما تبين أنها كانت مجرّد تغطيةٍ على مزيد من الإفلاس. أما نظام البطاقات “الذكية” وتحويل الناس من الوقوف في الطوابير إلى انتظار رسالة على الهاتف، فقد أنتج نوعا من الكوميديا السوداء بشأن نوعية الحياة ومستوى العيش .. نضبت موارد النظام، وتوقفت أموال الحرب التي كانت تتدفق من إيران، كما تم تحييد خزّان الثروة في الشمال، حين فُصل النظام عن المنطقة خلف الفرات، فتوقف سيل القمح والنفط. كما تم تحييد مناطق ما فوق الطريق إم 4، ذات الخصوبة المرتفعة، فهي تقع ضمن منطقة الاستقرار المطري الذي يتجاوز مائتي ملمتر في العام، وبقي النظام وحيدا في الداخل. وكانت المنطقة الساحلية قد خرجت مبكرا من دائرة التغذية الاقتصادية بسبب هجرة معظم القادرين على العمل فيها إلى دمشق للالتحاق بالجيش أو شَغل وظائف الحكومة السهلة، فأصبحت مساهمتها الاقتصادية أقلّ من نصف إمكاناتها، وقد تحوّلت ضفاف النهر الكبير الشمالي إلى مناطق زراعية شبه مهجورة.
يفكر النظام بالثروة التي يمكن أن يجلبها الطريق الواصل إلى دول الخليج عبر الأردن، وقد استغلّ جوا دافئا مع دول المنطقة، وأحس بأنه قادر على حقن الحياة في العلاقات المقطوعة، ما يمكن أن يوفر له إضافة اقتصادية مهمة هو في أمسّ الحاجة إليها، فالطريق قد يفتح أمام ترانزيت المحاصيل اللبنانية التي قد تذهب إلى الخليج، بالإضافة إلى تصدير محاصيل سورية عبر الخط نفسه، ما قد يؤمّن قطعا أجنبيا ضروريا. وعلى الرغم من حاجة السوق السورية إلى المنتجات، إلا أن النظام، في الغالب، سيحرم أسواقه الداخلية المدقعة ليصدّر جزءا منها، سترا لعورته الاقتصادية. ولتحقيق هذا كان على النظام أن يحاول فرض سيطرةٍ على المناطق المعارضة في جنوب البلاد، الداخلة في الاتفاقية الموقعة مع الروس في العام 2018.
كان على النظام أن يتغلّب على صعوبتين، للوصول إلى لحظة القبض على درعا بالكامل: الأولى، تجاوز الاتفاق الروسي، وروسيا طرف ضامن للاتفاق وشريك للنظام في آن، وهي القابض على معظم خيوط اللعبة، ويُعزى إليها استمرار النظام بتركيبته الحالية في الحكم. الثانية، التغلب “عسكريا” على التجمعات المقاتلة في مناطق الاتفاقية، والتي ما زالت تحتفظ بسلاحها وإرادتها في تغيير النظام كله، وقد عبّرت عن ذلك بقوة، عندما رفضت علنا مهزلة الانتخابات الرئاسية، وقد استنجد النظام للقفز فوق هاتين الصعوبتين بشريكه الإيراني، فحشد أفضل ما يملك من قوى عسكرية، وهو الفرقة الرابعة، المرتبطة بعلاقاتٍ وثيقةٍ مع إيران، في المنطقة الجنوبية، وبدأ عملية حصارٍ أراد بها اختبار عزيمة المقاتلين في درعا ونوايا الحليف الروسي.
خسر النظام نقاطا معنوية، عندما استطاع مقاتلو درعا الوصول إلى مناطق سيطرة عسكرية له، والقبض على أفرادها، ومعاملتهم معاملة حسنة، وأجبر النظام على الدخول في مفاوضاتٍ مع ممثلين عن المقاتلين، وأعلن عن تواريخ تنتهي إنذاراته عندها، وقد تجاوزها الوقت، ولم يفعل شيئا سوى المحافظة على قصفٍ من بعيد، يطاول معظمه المدنيين، لإخافة السكان هناك وترهيبهم. لم يتمكّن النظام، حتى كتابة هذه المقالة، من تجاوز مقاتلي درعا. ولا يبدو أن الروس راغبون بتصعيد حربي، فقد امتنعوا عن إرسال طائرات أو مساندة عسكرية إلى المنطقة. ومع أننا بالتأكيد لا نتوقع من روسيا أن تتخلّى عن النظام الذي تدعمه عسكريا وسياسيا منذ سنوات، غير أننا نسأل: إلى أي مدى ستقف إلى جوار ما بقي من مقاتلي درعا؟ هذا السؤال أساسي على روسيا أن تجيب عنه الآن.
العربي الجديد
—————————–
ذرائع الأسد في الهجوم على درعا و «تركيع» مدينة الثورة/ إبراهيم درويش
ما الذي يجري في مدينة درعا، جنوب سوريا؟ وما هي أسباب اندلاع القتال من جديد بعد هدوء نسبي استمر لثلاثة أعوام؟
في البحث عن أجوبة عن المواجهات الجديدة وبعيدا عن أسبابها المباشرة، فالوضع في درعا مثل بقية أنحاء سوريا بما فيها مناطق النظام بدمشق، هش وقابل للتغير في أي وقت، عندما تتغير الظروف لأي طرف من النزاع، فسوريا بعد عشرة أعوام من الحرب الأهلية لا تزال ساحة نزاع دولي، يواجه النظام فيها عزلة دولية وعقوبات مشددة، رغم محاولات بعض الدول العربية فك العزلة عنه، وما أوردته صحيفة «فايننشال تايمز»(12/7/2021) من محاولة دول الهامش الأوروبي فتح علاقات مع نظام بشار الأسد، لكن المعادلة لم تتغير بالنسبة للاعبين الكبار الذي يؤكدون على عملية سياسية لا دور للأسد فيها. لكن الأخير فرض انتخابات مشكوك بنزاهتها ونصب نفسه مرة رابعة كرئيس لمدة سبعة أعوام في الشهر الماضي. فالدعم الروسي له لم يتغير ولا إيران، وهما الراعيان الأساسيان لـ «سوريا المفيدة» التي تحدث عنها الأسد، ككيان يختلف عن باقي المناطق التي خرجت عن سيطرته أو فشل في استعادتها في الشمال وشمال شرق البلاد.
ولهذا فالتفاهمات المحلية وتلك التي عقدت برعاية إقليمية تظل قابلة للتغير، مما يعني أن جذور الأزمة التي بدأت في درعا، آذار/مارس عام 2011 بخربشات على الجدران تطالب الأسد بالرحيل لا تزال قائمة، فالظروف التي قادت إلى نقطة الغليان، قمع وظلم وجوع وإهانة وحصار التي طالت معظم المدن السورية بالإضافة للتشريد والدمار هي نفسها. وسيناريو حمص والغوطة الشرقية وحلب يظل قائما وقابلا للنسخ، ودرعا هي الصورة عن كل هذا.
تفاهمات محلية
ودرعا هي مثال عن الكيفية التي أدى فيها تدخل الراعي الروسي لوضع الغطاء على التناقضات في الساحة العسكرية بين جماعات المقاومة التي وجدت نفسها بدون غطاء من الخارج، بعد توقف الدعم الذي كان يأتي عبر الأردن، فيما عرف بالغرفة التنسيقية وسيطرة النظام على منطقة الجنوب بغطاء روسي.
وبعد 3 أعوام على اتفاق التسوية الذي رعته موسكو بين المعارضة والحكومة السورية عادت الأمور اليوم إلى نقطة الصفر، واتخذت العودة صورة احتجاجات سياسية وكتابة الشعارات المعادية للنظام ومواجهات عسكرية سقط فيها قتلى من الجانبين.
وحسبما ذكرت «بي بي سي» (5/8/20121) فقد بدأ الخلاف حول مطالب نقلها الضابط الروسي أسد الله تتمثل بترحيل خمسة أشخاص في صفوف المعارضة من بينهم محمد المسالمة ومؤيد حرفوش إلى مناطق المعارضة التي تدعمها تركيا في شمال البلاد. ونص اتفاق التسوية الذي عقد في تموز/يوليو 2018 على تسليم المعارضة أسلحتها الثقيلة والمتوسطة إلى الحكومة في درعا البلد وترتيب أوضاع المسلحين الذين يرغبون بالتسوية مع النظام وخروج الرافضين للاتفاق من درعا، وصفوا هنا بـ «الإرهابيين». وبموجب اتفاق ذلك العام قرر آلاف من المقاتلين وعائلاتهم الرحيل إلى مناطق الشمال، ولحق بهم آخرون عندما حاول النظام إجبارهم على القتال في معارك إدلب. وبحسب التقارير الإعلامية فقد بدأ التوتر الأخير بدرعا عندما طلب الضابط في الشرطة العسكرية الروسية، أسد الله، وهو شيشاني الأصل وضع حواجز تابعة للنظام في المدينة وتفتيش البيوت وإجبار السكان على تسليم أسلحتهم الخاصة وهدد السكان باقتحام المدينة لو لم تنفذ الطلبات. وتم التوصل في 26 تموز/يوليو إلى اتفاق بين اللجنة المركزية في درعا والحكومة شمل على تسليم عدد محدود من السلاح الخاص وتسوية وضع المطلوبين وفك الحصار عن المدينة. لكن الفرقة الرابعة التي يقودها شقيق الرئيس، ماهر الأسد، وهي أقوى وحدات الجيش السوري بدأت بقصف درعا البلد. مع أن المعارضة في درعا أفرجت في بداية الشهر الحالي عن خمسة ضباط في الفرقة الرابعة أسرتهم. ويرفض المعارضون تسليم أسلحتهم أو الرحيل إلى مناطق الشمال ولا يريدون سيطرة النظام على درعا البلد. ويتهم النظام القائدين العسكريين في فصائل المعارضة، محمد المسالمة المعروف بالهفو ومؤيد حرفوش بالعلاقة مع تنظيم الدولة. ورفض الهفو مغادرة درعا البلد أكثر من مرة لكنه قرر أن يخرج منها «حقنا للدماء» وسجل شريطا شرح فيه المشكلة الحالية والتي نتجت عن محاولات الفرقة الرابعة في نهاية شهر تموز/يوليو دخول محور الشياح والنخلة ومخيم درعا. وعندما رد المسلحون طالب النظام بتسليم السلاح وخروجهم. ومثل بقية المناطق السورية التي يتأثر بها الجوار من الأحداث العسكرية أو الفوضى أو وجود فصائل مسلحة تدعمها أطراف خارجية، ففي الشمال دخلت تركيا لمنع تشكل كيان كردي على حدودها الجنوبية، أما إسرائيل فقد شنت مئات الغارات بذريعة منع حزب الله والميليشيات التي تدعمها إيران من حدودها الشمالية، ودرعا لا تختلف في هذا السياق، فالأردن يغلق المعبر الحدودي، نصيب كلما اندلع القتال، وهو واحد من المعابر المهمة للتجارة مع سوريا. وتخشى إسرائيل من اقتراب ميليشيات إيران من حدودها. وظلت محافظة درعا تحت سيطرة فصائل المعارضة المسلحة منذ عام 2012 إلى 2018 ورغم استعادة الحكومة معظم المناطق وعدم وجود الكثير من المسلحين إلا أنها تريدها منطقة خالية من المقاتلين.
مقاطعة الانتخابات
ويخفي الخلاف حول المطلوبين وتسليم ضباط النظام وراءه توترا في المدينة بدأ في الفترة الماضية، فقد قاطع أهل درعا الانتخابات الرئاسية في أيار/مايو والتي فاز فيها الأسد بنسبة 95 في المئة. وذكرت صحيفة «الغارديان»(29/7/2021) أن جنود النظام بدأوا بقطع التيار الكهربائي والماء عن المدينة التي يعيش فيها أكثر من 50.000 نسمة مما أدى لنقص الطعام والدواء. ولعب إعلام النظام دورا في التحشيد ضد درعا حيث وصفت صحيفة «الوطن» الموالية للنظام المواجهات العسكرية ببداية عملية لتطهير المنطقة من بؤر الإرهابيين، مع أن المنطقة ظلت مختلفة عن بقية المناطق التي استعادها النظام ضمن ما يطلق عليها اتفاقيات «المصالحة» وهي في الحقيقة تركيع ينتهي بحافلات تنقل المقاتلين إلى إدلب والمناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة. وفي درعا لعبت روسيا دورا بدمج المقاتلين في الفرقة الخامسة التي دفعت رواتب عناصرها، مقابل مساعدة الجيش السوري المنهك على قتال تنظيم الدولة. ومنذ هزيمة هذه الجماعة استطاعت الفرقة الخامسة الحصول على قدر من الاستقلالية عن الروس، ومنعت الجيش السوري والمخابرات من دخول المناطق التي تسيطر عليها، بالإضافة لمنح الملجأ للمطلوبين من النظام وكذا توفير الحماية للتظاهرات المعارضة للنظام. ونظرا لمخاوف روسيا من دخول حزب الله والجماعات الموالية لإيران إلى المنطقة فقد قاومت رغبة النظام بالقضاء على الجماعات المعارضة.
حل الأسد
وتشير الأحداث الأخيرة في درعا إلى أن نظام الأسد واثق من نفسه، وبحسب إليزابيث تيرسكوف، الخبيرة في شؤون الجنوب السوري والزميلة في «معهد نيولاينز» فإن «التصعيد في درعا البلد يمثل انهيارا للمفاوضات بين قادة «المصالحة» من المتمردين والنظام والتي أشرفت عليها روسيا، و الأسد يقوم بتنفيذ «الحل» الذي يريد فرضه على درعا منذ وقت طويل وهو إجبار (المقاتلين) على الإستسلام وتشريد من رفضون الإنصياع للنظام السوري و «بدون تدخل روسي ووضع حد للقتال، فسيؤدي القتال لمزيد من القتلى بين المدنيين وتشريدهم ووضع درعا البلد تحت سيطرة النظام بشكل كامل» حسبما نقلت عنها «الغارديان». وعلى العموم تظل الأحداث الأخيرة صورة عن نظام خائف، فالتظاهرات وعودة الشعارات السياسية ورفض المشاركة في الانتخابات قد تكون عاملا مهما في محاولة فرض الحل الذي فرضه النظام وبالقوة على مناطق سوريا التي استعادها، فهو لا يريد أن تكون درعا نموذجا لبقية المناطق المتمردة عليه.
قلق أممي وأمريكي
وإزاء التطورات التي طالت المدنيين، دعت ميشيل باشليت، المسؤولة عن حقوق الإنسان في الأمم المتحدة قائلة «الصورة القائمة التي تظهر من درعا البلد وأحيائها تؤكد المخاطر التي تواجه المدنيين، الذين يتعرضون بشكل متكرر للقتال والعنف والحصار بشكل فعلي». وأضافت أن المعبر الوحيد للسكان هو إلى مناطق النظام ومواجهة حواجز الجيش في وقت يتم فيه سرقة ومصادرة أملاكهم. ولا تسمح قوات الحكومة إلا للمشاة الخروج من المدينة بعد تفتيشهم بدقة. وذكرت مسؤولة حقوق الإنسان كل الأطراف بالتزاماتهم بناء على القانون الدولي.
والغائب الواضح عن الساحة في درعا وسوريا عموما هي أمريكا، مع أن مسؤولا في وزارة الخارجية نقلت عنه قناة «الحرة» عبر عن «قلق الولايات المتحدة البالغ إزاء الوضع في درعا بما في ذلك التقارير عن إلحاق الأذى بالمدنيين، والظروف الصعبة للغاية والمقيدة التي يفرضها النظام السوري على السكان، إضافة إلى ما أفادت به مجموعات حقوقية سورية عن مقتل مدنيين في القتال مع نزوح الآلاف ومعاناة آلاف آخرين من نقص الغذاء والأدوية» وذلك حسبما أوردت قناة «الحرة» نهاية الشهر الماضي. وقال المسؤول الأمريكي «إن هذه الأحداث دليل إضافي على ما قالته الولايات المتحدة منذ فترة طويلة بأن الأزمة الإنسانية في سوريا هي نتيجة مباشرة لهجمات نظام الأسد المروعة والقاسية على الشعب السوري، ولا يمكن حل النزاع إلا من خلال الانتقال السياسي بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي 2254». ولا تزال إدارة جوزيف بايدن في مرحلة مراجعة السياسة الخارجية من سوريا، التي لم تعد من أولويات إدارته عن الشرق الأوسط. وكما لاحظ أرون ستين من معهد أبحاث السياسة الخارجية، فمراجعة إدارة تعكس تحولا براغماتيا عن سياسات دونالد ترامب الذي حاول توسيع التدخل الأمريكي من قتال تنظيم الدول لمواجهة الميليشيات الشيعية وحماية آبار النفط وحرمان نظام الأسد منها. ولكن رد الإدارة الحالية يظل أبطأ من رد سلفه. والتغير الوحيد أن بايدن الذي سحب قواته من أفغانستان وخفضها في العراق عبر عن التزامه بالحفاظ على القوات الأمريكية في شمال شرق سوريا للدفاع عن قوات سوريا الديمقراطية. وفي هذا السياق دعا أندرو تابلر بمجلة «فورين أفيرز» (27/7/2021) إدارة بايدن لتعيين مبعوث أمريكي خاص بسوريا بمهمة تشكيل سياسة متماسكة، والتي لم تكن لدى ترامب. والهدف من هذا هو استمرار عزل الأسد وتقليل التأثير الروسي والإيراني. وبدون استراتيجية واضحة فستجد الولايات المتحدة صعوبة في التعامل مع المسألة السورية وستخسر سوريا جيلا آخر من الحرب. وتظل أولويات الولايات المتحدة مرتبطة في الشمال وعلى الحدود العراقية- السورية، ومن هناك بدأ بايدن غاراته العسكرية ضد مواقع تابعة لجماعات موالية لإيران، البلد الذي يحاول تحقيق صفقة نووية معه.
———————————
استجابة أمريكية لا تتجاوز التصريحات الرتيبة رداً على الهجمات ضد درعا/ رائد صالحة
تخلت الولايات المتحدة في عام 2018 عن فصائل المعارضة السورية في درعا بالتزامن مع هجمات جوية روسية مساندة لهجوم شنته قوات النظام السوري، وقد وجهت الإدارة الأمريكية في ذلك الوقت رسالة قالت فيها بكل وضوح أنها تتفهم الظروف القاسية التي تواجهها الفصائل ولكنها يجب أن لا تتوقع أي تدخل عسكري أمريكي، ومن الواضح أن الولايات المتحدة لن تتدخل الآن في درعا مع الهجمات الأخيرة للنظام، ولكن بدون رسالة أو اعتذار هذه المرة.
ولم تتجاوز ردة الفعل الأمريكية على أحداث درعا التعليقات التقليدية لوزير الخارجية أنتوني بلينكن، الذي وصف ما يحصل في درعا بالهجوم الوحشي، والدعوة إلى وقف فوري للعنف الذي أودى بحياة المدنيين وشرد الآلاف الذين يعانون من نقص الدواء والغذاء، كما دعت الخارجية الأمريكية لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء سوريا بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254.
وأعربت عن قلق الولايات المتحدة البالغ إزاء الوضع في درعا، بما في ذلك التقارير عن إلحاق الأذى بالمدنيين، والظروف الصعبة والمعقدة للغاية التي يفرضها النظام السوري على السكان.
ودعت الوزارة جميع الأطراف إلى وقف التصعيد على الفور والسماح للمساعدات والمدنيين بالتحرك بحرية، وأكد مسؤول في الخارجية على أن هذه الأحداث هي دليل إضافي على أن الأزمة الإنسانية في سوريا هي نتيجة مباشرة لهجمات النظام السوري المروعة والقاسية على الشعب السوري، وأنه لا يمكن حل النزاع إلا من خلال الانتقال السياسي.
وفي الكونغرس، وصف السيناتور الديمقراطي بوب ميننديز، العضو البارز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ أعمال العنف وحصار المدنيين الأبرياء على مدى شهر كامل في درعا بالأمر «المثير للغضب» وقال في تغريدة على تويتر إن ما يجري هو دليل آخر على عدم شرعية نظام الأسد، كما طالب السيناتور بمحاسبة الأسد وداعميه الروس والإيرانيين.
وطالب النائب الجمهوري آدم كيزينغز إدارة بايدن بالتحرك فوراً لوقف الفظائع في سوريا، ودعا روسيا وإيران إلى الوقف الفوري للحصار القاسي والعمليات المستمرة ضد نحو 50 ألفا من المدنيين الأبرياء في درعا.
وفي الواقع، لا تبتعد الاستجابة الأمريكية الرتيبة على الهجمات ضد درعا عن سياستها العامة تجاه سوريا بشكل عام، ومن الواضح أن الأزمة الأخيرة في جنوب سوريا لن تؤثر قطعياً على نهج إدارة بايدن. ويتوقع المسؤولون الأمريكيون عدم حدوث أي تغييرات فيما يتعلق بالتواجد الأمريكي العسكري في سوريا، ولا يبدو أن هناك أي خطط في الوقت الحاضر لتغيير طبيعة المهمة أو تغيير السياسة المتعلقة بالشأن السوري.
حروب أمريكا
وفي الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لإنهاء «حروب أمريكا إلى الأبد» في سوريا وأفغانستان، إلا أن عملية وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) في سوريا تستمر بهدوء «تحت الرادار» ولا يزال الجيش الأمريكي بدون خطة خروج واضحة.
وتقوم إدارة بايدن بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان والانتقال رسمياً إلى دور استشاري في العراق، ولكن العملية العسكرية الأمريكية في سوريا، لن تشهد تغييرات مماثلة، ويتوقع المسؤولون الأمريكيون بقاء مئات القوات في البلاد في المستقبل المنظور، في حين أكد العديد من المسؤولين أنه لا يجوز الخلط بين أفغانستان والعراق وسوريا، لأنها قضايا منفصلة .
وسيبقى ما يقارب من 900 جندي أمريكي، بما في ذلك عدد من أصحاب «القبعات الخضراء» في سوريا لمواصلة دعم وتقديم المشورة لقوات سوريا الديمقراطية، التي تقاتل تنظيم «الدولة» وهو نفس الدور الذي لعبوه منذ التدخل الأمريكي في عام 2014.
ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن دعم قوات سوريا الديمقراطية كان ناجحاً للغاية، وهناك رغبة في الإدارة الأمريكية لمواصلة الدعم، وكشف العديد من المسؤولين أن القوات الأمريكية لم ترافق القوات المحلية في العراق أو سوريا منذ عام 2014 إذ كان الهدف منصباً على بناء القدرات المحلية في كلا البلدين لمحاربة التنظيم.
وقد تعرضت القوات الأمريكية في الأسابيع الأخيرة لإطلاق نار ضمن سلسلة هجمات شنتها الميليشيات المدعومة من إيران، وفي العام الماضي، توغلت القوات الروسية مراراً في الأراضي التي تسيطر عليها القوات الأمريكية في شرق سوريا في إطار ما وصفه المسؤولون بأنه حملة متعمدة لإخراج الجيش الأمريكي من المنطقة، وفي آب/أغسطس الماضي، أُصيب أربعة من أفراد الخدمة الأمريكية بعد مشاجرة مع القوات الروسية في شمال شرق سوريا.
وقال محللون أمريكيون إن المهمة العسكرية الأمريكية لها تداعيات تتجاوز بكثير قتال تنظيم «الدولة» في خضم تعدد المصالح الأجنبية، خاصة فيما يتعلق بالطموحات الروسية والإيرانية، وأشاروا إلى أن وجود القوات الأمريكية يمنع قوات النظام السوري المدعومة من روسيا من الوصول إلى حقول النفط والموارد الزراعية في شمال شرق سوريا، ويعمل على إعاقة هدف إيران المتمثل في إنشاء ممر جغرافي بين طهران ولبنان والبحر الأبيض المتوسط.
وترى الخبيرة لارا سيليغمان في دراسة نشرتها مجلة «بوليتيكو» أن الحفاظ على القدرة على عرقلة الجهود الإيرانية لنقل الأسلحة إلى سوريا هو جزء مهم من الوجود الأمريكي هناك، حيث أن إيران تستفيد من حالة عدم الاستقرار الدائم.
——————————-
درعا مجددا وعين الأردن التي «تسهر ولا تنام»: اشتباك في توقيت تطبيع العلاقات/ بسام البدارين
عمان ـ «القدس العربي»: لأسباب قد يفهمها جميع المراقبين لا ترغب عمان في ان تكون عندما يتعلق الأمر بالحدود الملاصقة لسوريا، في موقع لا يسمح لها بالمناورة ولا المبادرة، الأمر الذي يعني الالتزام مجددا بقواعد الاشتباك القديمة على الحدود الأردنية السورية وفقا لما سبق ان أشار إليه عدة مرات وعبر «القدس العربي» رئيس مجلس النواب الأسبق سعد هايل السرور حيث ان العين الأردنية على الحدود السورية ينبغي ان تسهر ولا تنام لا في الحرب ولا في السلام.
يبدو ان قواعد الاشتباك كما رسمها مبكرا وقبل سنوات خبير في الملف السوري مثل سعد هايل السرور مستمرة. فالتجربة اليوم تثبت مجددا بان العيون الأردنية الساهرة بالقرب من الدولة الجارة السورية يتوجب ان تبقى في حالة سهر ومراقبة بدليل ليس فقط اندلاع الأحداث الأخيرة في منطقة درعا في بعدها العسكري والأمني الذي ينتج صداعا كبيرا للأردنيين، ولكن أيضا بدليل ان الأحداث اندلعت في درعا بدون أي توقع أو تكهن مسبق وفي الوقت الذي تندفع فيه العلاقات الأردنية السورية إلى آفاق جديدة.
وبدليل إضافي له علاقة هذه المرة في ان الجيش الأردني يعلن بشكل يومي وقد أعلن ذلك ثلاث مرات في الأسبوع الماضي عن حصول انتهاكات حيث عمليات تسلل منهجية نشطة تحاول اختراق الحدود باتجاه الأردن أغلبها حسب المعطيات الأمنية ذات صلة بتجارة الممنوعات والمخدرات ويتصدى لها الجيش الأردني. قبل أيام قليلة الأسبوع الماضي قتل متسلل من الجانب السوري على هامش اشتباك مع القوات العسكرية الحدودية الأردنية.
وقبل ذلك بيومين عملية تسلل إضافية، والأسبوع الماضي ثالثة بمعنى ان عمليات التسلسل واختراق الحدود أما هربا من الجحيم الأمني أو لأسباب تتعلق باللاجئين أو لأسباب تتعلق بتهريب المخدرات والبضائع مرة أخرى ومحاولات متكررة من معارضين مسلحين للجيش السوري للتعامل برخاوة مع الحدود الأردنية، كل تلك عمليات تتصدى لها القوات الأردنية بحزم وتثبت في البعد الفني العسكري بأن العين الأردنية لا تغفى ولا تنام عندما تتعلق الأمور بالحدود مع سوريا وبصرف النظر عن الحرب أو السلم الصدامي أو الهدوء. ولا تزال الحدود الأردنية مع سوريا ليست أقل من صداع ووجع رأس حاول سياسي بارز في وقت سابق تشبيه بوجع الضرس.
الأردن يراقب مجددا كل صغيرة وكبيرة على الحدود مع درعا والأحداث الأخيرة في درعا تسببت عمليا بإعادة إغلاق معبر جابر الحدودي الضخم بعد سنوات من إغلاقه وبعد أيام فقط من إعادة افتتاحه .
قرار وزير الداخلية الأردني مازن الفراية بإغلاق المركز الحدودي مع سوريا بعد نحو أسبوع فقط من إعادة تشغيله وبحماس تحدث عنه رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة، مؤشر إضافي على ان ما يجري في درعا او على الحدود مع الأردن مسألة تخص السيادة بالنسبة للأردنيين ولا تزال تحتاج إلى المزيد من الرقابة والسهر والأعين التي لا تغفل إطلاقا.
النزوح واللجوء
الأحداث الأخيرة والصدامات في درعا يخشى الأردن ان تؤثر على أمنه الحدودي من عدة زوايا أهمها على الإطلاق حصول اضطراب أمني يمكن ان يؤدي إلى المزيد من النزوح واللجوء وتلك ورقة تشكل ضغطا كبيرا اليوم على الاقتصاد والبنية التحتية في الأردن، وعمان لا تريد إطلاقا ان تعود للحالة التي تتعرض فيها للضغط من المنظمات الدولية بسبب حالات نزوح جديدة جراء التصعيد العسكري في الجزء السوري من الحدود وخصوصا في محيط بلدة درعا، حيث أواصر علاقات إيجابية بين عدد كبير من أبناء عائلات وعشائر تلك المنطقة وأقارب لهم من الجانب الأردني.
بمعنى آخر مسألة اللجوء في غاية الحيوية بالنسبة للأردنيين وأي صدامات عسكرية يمكن ان تعيد إنتاج مشهد النزوح الضاغط على الأردنيين وبالتالي الأردن مضطر إلى التعامل مع الجانب الإنساني في المسألة كما يرجح لـ«القدس العربي» المراقب الأردني والناشط السياسي محمد خلف الحديد، الذي يراقب بتعاطف كل ما يجري في درعا ويعتبر من الناشطين الراصدين لمسار الأحداث هناك حيث تعسف وظلم بتوقيع النظام السوري كما يبلغ «القدس العربي».
العنصر الضاغط الثاني على الأعصاب الحيوية المشدودة الآن بسبب عودة صداع درعا عند الأردنيين وذلك المتمثل بالجزء الأمني من تداعيات الأحداث. فالصدامات تؤثر على الحدود وترفع من الاستنفار والجاهزية حتى العسكرية على الجانب الأردني لكن الأهم ان الصدامات يمكن ان تخلط الأوراق بين المسلحين العسكريين في محيط بلدة درعا، فآخر ما يريده وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي وقد سبق له ان شرح المسألة لـ«القدس العربي» في الماضي، هو ان تحصل إشكالات أمنية وتؤدي إلى المزيد من المعاناة والنزوح كما تؤدي إلى وجود تفاضل عددي لمجموعات مسلحة معادية للشعبين الأردني والسوري.
الأردن بهذا المعنى لا يريد ان يرى ميليشيات تابعة لإيران أو لبنان أو العراق أو لأي بلد آخر بالقرب من جوار منطقة وبلدة درعا ولا يريد الاتجاه نحو المزيد من الجاهزية العسكرية والاستنفار للتعامل مع وجود مسلحين على بعد لا يقل عن 50 كيلومترا عبر الفاصل الحدودي بين البلدين.
لذلك يعتبر الأردن تطورات الأحداث الأخيرة في درعا بأجندة غامضة إلى حد ما ولا يريد لها ان تنتهي بإدخال الجيش السوري لمجموعات مسلحة على أساس انها تحارب التنظيمات الإرهابية أو المتشددة مجددا مثل «داعش» أو جبهة النصرة.
في القياسات الأردنية معاناة عمان كانت كبيرة لسنوات طويلة عندما يتعلق الأمر بملف درعا .
لكن في القياسات الجديدة الأردن يفتح صفحات نحو التعامل مع النظام السوري وإعادة التطبيع وما يحصل اليوم في درعا يؤثر سلبا على معطيات الاشتباك هنا بدلالة الاضطرار مجددا لإغلاق معبر مركز حدود جابر.
——————————–
موسكو تستخدم درعا «ورقة تفاوضية» وتحولها من ضامن إلى وسيط «مسيّس»
دمشق ـ «القدس العربي»: لم يتوان الجيش الروسي منذ تدخله العاجل في آواخر عام 2015 لإنقاذ النظام السوري من السقوط، من استخدام أعتى أسلحته المدمرة لضرب المدن والبلدات السورية المناهضة للأسد بهدف إيقاف تقدمها ومنعها من حسم المعركة، حينها لم تكن موسكو طرفا ضامنا ولا وسيطا في المشهد السوري، بل كانت وفق خبراء شريكا أساسيا للنظام في استباحة الدماء السورية، مقابل الحفاظ على مصالحها وتحقيق المزيد منها، إضافة إلى انتزاع عشرات العقود الاقتصادية من دمشق وتوسعة النفوذ مقابل حماية بشار الأسد ونظامه.
إلا أن التطورات الأخيرة في محافظة درعا جنوبي سوريا، أظهرت دورا روسيا يختلف أقله إعلاميا عن عهدها السابق، وتعمدها تعويم ثقلها كـ «طرف وسيط» بين النظام السوري وإيران وبين أبناء درعا والمجموعات المقاتلة التي لا تزال تحافظ على أسلحتها الخفيفة في أحياء درعا البلد، وفقا لاتفاق التسوية الذي أبرم منتصف حزيران/يونيو 2018 عقب تفاهمات روسية-أردنية-إسرائيلية وإدارة ترامب، أدت إلى تسليم قوات الجيش الحر حينها لكافة الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، والإبقاء على الخفيفة فيها، وتهجير عشرات الآلاف نحو الشمال السوري، مقابل إعادة بسط نفوذ الأسد وروسيا من جديد على المنطقة التي تعتبر من إحدى مناطق خفض التصعيد في البلاد.
أحداث درعا الأخيرة، أظهرت رغبة شديدة من أربعة أطراف للتوجه نحو الحسم العسكري، وهم الفرق العسكرية الموالية لبشار الأسد، والفرقة الرابعة التي يديرها ماهر الأسد شقيق رأس النظام، إضافة إلى إيران وحزب الله اللبناني، حيث تناوبت القيادات الأمنية والعسكرية الموالية لطهران على إفشال المفاوضات مع اللجنة المركزية وهي الجهة المفاوضة والممثلة لأحياء درعا البلد.
في حين دخل الروس على المشهد من خلال شخصيتين وهما، الضابط أسد الله، وهو قائد شيشاني الأصل «مسلم» يتبع للقوات العسكرية الروسية، والشخصية الثانية هو الضابط ألكسندر زورين مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوريا، ويُعرف بـ «رجل المهمات الصعبة» وفي مهمته الجديدة إلى محافظة درعا التي زارها مؤخرا، والتقى أحمد العودة- قيادي سابق في المعارضة السورية، أبرز قياديي الفيلق الخامس المدعوم من روسيا في الجنوب السوري.
بدورها، قالت مصادر خاصة لـ «القدس العربي» أن القيادي أحمد العودة نجح خلال الأيام الماضية عبر روسيا من منع الفرقة الرابعة وقوات إيران من اقتحام أحياء درعا البلد، إلا أن تلك الأطراف ما زالت تعرقل أي جهود للتسوية، وتهدد بحملة عسكرية، ما لم يرضخ الأهالي لكافة مطالبهم.
تحول روسي مسيّس
مدير مركز جسور للدراسات محمد سرميني، قرأ الموقف الروسي من تطورات الأوضاع في درعا، بأن موسكو تسعى لإنقاذ المشهد وكذلك دورها في المحافظة، لكنها لم تنجح حتى الساعة في تنفيذ تعهداتها والتزاماتها أمام أهالي المنطقة أولا، وثانيا أمام الفصائل التي أصبحت ضامنا لها.
فيما تظهر التطورات في درعا، أن النظام السوري يرغب بفرض شروط أساسية، تتعلق بتسليم السلاح واحتكار أمن المنطقة في يده، ومن الواضح أن روسيا تدير هذه التحركات من الخلف، وتستخدم القوات المدعومة إيرانيا للضغط على السكان المحليين في درعا، لتعديل شروط التسوية التي تم توقيعها عام 2018 خاصة البند المتعلق بالسلاح الفردي.
مشيرا إلى أن أبرز أهداف الحراك الروسي بدرعا، يتمثل في مساعيها على دورها كـ «وسيط» وليس كـ «ضامن» وهي تقصدت هذا التحول في مواقفها لغايات عدة، أهمها: إرسال رسالة تفاوضية إلى كل من النظام السوري وإيران، بأن اليد العليا في الجنوب السوري هي لروسيا، وأن عدم تدخلها هناك، مؤشر على عجز دمشق وطهران عن حسم المعركة وفشل في فرض سيطرتهم على المحافظة.
كذلك فإن موسكو، من خلال إتباع هذه السياسة، فهي تخاطب دول الجوار السوري والقوى الإقليمية، بإن عدم تحركها سينتج عنه لاحقا خسارة المعارضة السورية للمناطق المتواجدة فيها.
كما رأى سرميني أن الدور الروسي -فاعل – وأحد العوامل الأساسية في ضبط المشهد، إلا أن موسكو تستخدم درعا وغيرها من المواقع السورية كورقة تفاوضية تسعى من خلالها لإقرار حلها السياسي، لكن الوقائع الميدانية تشير إلى عدم قدرتها في المضي قدما حتى على صعيد تنفيذ المقررات الجزئية من الاتفاق، وهو ما انعكس بإغلاق معبر «نصيب» الحدودي مع الأردن.
تراجع روسي يقابله توسع إيراني
واستطرد مدير مركز «جسور» للدراسات قائلا: عندما يتراجع الدور الروسي ميدانيا، يصبح النفوذ الأكبر في الجنوب السوري، لإيران والأطراف الموالية لها، وتصبح المنطقة مهددة بشكل كبير، وهو ما سينعكس بتهديد على دول الخليج العربي، وخطرا يتجاوز الحدود الجغرافية السورية.
كما أن أي تسوية تحتاجها روسيا وتجنب المعارضة في درعا المواجهة الصعبة، لن تكون في مصلحة إيران التي تحاول تحقيق سيطرة أكبر جنوب سوريا، وأي تسوية ستعتمد على دور أكبر للواء الثامن، مع احتمالية تهجير مجموعات إلى الشمال، على أن التسوية لا تعني عدم لجوء روسيا للضغوطات مستقبلا.
سرميني، اعتبر أن المعركة بالنسبة لأبناء درعا، معركة وجود، كما أن تجنب روسيا لحدوث أزمة هجرة نحو الأردن أو إزعاج إسرائيل يجعل المعركة صعبة بالنسبة للنظام السوري كما هي صعبة لمقاتلي المعارضة هناك بسبب الفارق الكبير بالتسليح والعتاد والدعم الحربي، لذلك فمن المرجح الوصول لتسويات يقبلها الطرفان.
كانت هناك تحركات سياسية جعلت روسيا تقلق من أي دور للولايات المتحدة بدعم المعارضة جنوب سوريا للضغط على إيران، حيث درعا البوابة المناسبة لذلك، إضافة للاستياء الروسي من فوضى رفض الانتخابات الرئاسية في درعا والسويداء.
السياسي السوري درويش خليفة، أشار إلى لعب موسكو لدور جديد حتى الساعة خلال التطورات المتلاحقة في محافظة درعا، من خلال انتهاجها لسياسة عدم فرض أي قرارات على النظام السوري أو إيران، أو حتى اللجنة المركزية الممثلة لأهالي درعا البلد.
مشيرا بتصريحات أدلى بها لـ «القدس العربي» إلى إدخال موسكو، قيادة الفيلق الخامس «وهو قوى محلية موالية لروسيا» إلى طاولة المفاوضات، وهو ما يظهر رغبة روسية بوجود دور لقائد الفيلق أحمد العودة في إدارة المنطقة، بالتالي تنفيذها لتعهداتها أمام الدول التي كانت جزءا من اتفاق عام 2018 في المحافظة.
كما أشار المصدر، إلى أن تماهي روسيا مع دور الوسيط لا ينجح في غالبية التجارب، معللا ذلك بوجود حاجة روسية للميليشيات الإيرانية وكذلك الفرق العسكرية التابعة لجيش النظام السوري والمصنفة ضمن الفرق الموالية لإيران في البلاد كـ «الفرقة الرابعة» التي يديرها ماهر الأسد، شقيق رأس النظام.
درعا كسرت الحلف الثلاثي
السياسي السوري، اعتبر أن أطراف النظام السوري «روسيا وإيران» ليسوا كتلة واحدة في درعا، حيث إن دمشق وطهران هم ضمن خندق واحد، في حين أن روسيا اختارت مكانا مختلفا لها، وهو ما يجعل قوة إيران والنظام السوري أقوى من حليفتهم روسيا، حيث يستخدمون ذريعة وصولهم إلى مشارف الحدود مع إسرائيل، كوسيلة دعائية أمام جمهورهم تمهد لهم استباحة الجنوب السوري تحت تلك الذرائع.
في حين أن روسيا، تحاول الظهور بمظهر أكثر اعتدالا على اعتبارها الجهة التي صاغت وحملت مسؤولية اتفاق عام 2018 وهو ما أجبرها على لعب دور الوساطة للحفاظ على اعتباراتها أمام بقية الأطراف الدولية التي شاركتها في ذلك الاتفاق، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، التي طالبت مؤخرا بعودة الهدوء والأمان إلى الجنوب السوري.
روسيا تخشى الغضب الدولي
الباحث في الشأن السوري ونزاعات الشرق الأوسط فراس فحام رأى في تدوينات له عبر منصة «تويتر» أن الحراك الروسي في محافظة درعا، يرمي لتعزيز مكاسبها.
في حين أن المقاتلين السابقين في الجيش السوري الحر تعرضوا لضربة قوية عام 2018 بوقف الدعم الدولي عنهم، واضطروا للمناورة والاستفادة من الهوامش المتاحة لمنع دخول النظام السوري وإيران للمدن والقرى في درعا.
وكذلك لا ترغب روسيا- وفق المصدر، باستفزاز إسرائيل وتهديد المصالح المشتركة في سورية، خاصة العمل معا في البحر المتوسط.
كما أن روسيا، عزفت عن إشراك سلاح الطيران في المعارك التي قادتها قوات النظام وإيران ضد أحياء درعا البلد، رغبة منها بتجنب إغضاب الأردن، وخلق أزمة إنسانية على حدوده، خاصة بعد تحركات الملك الأردني لتعويم النظام السوري على الساحة العربية.
إلا أن موسكو ومن خلال إفساح المجال لميليشيات إيران بالتحرك، تسعى للضغط على سكان درعا للقبول بالتسوية الجديدة، وتحاول إقلاق الأردن وإسرائيل من تمدد ميليشيات إيران، وبالتالي دفعهما للضغط على المقاتلين المحليين للتفاهم مع روسيا، وأن الرسالة الروسية للجميع «إما التفاهم أو عصا إيران».
الباحث السياسي عرابي عبد الحي عرابي، نوه إلى أن التطورات الحالية في درعا، جاءت كنتيجة طبيعية لحالة الانسداد أو الفشل التي اتسم بها مسار التفاوض بين اللجنة المركزية والأجهزة الأمنية التابعة للنظام، طبعا فإن هذا الأمر متوقّف على نتاج ثلاث سنوات من الكبت والضغط المتبادَل.
لم يسعَ النظام لحل المشاكل المتشابكة في درعا، بل كان موقفه من السكان واضحا منذ البداية، فهو يريد إخضاع المنطقة بكل ما فيها لسلطته بهدف إعادة إنتاج «القطيع» الذي شذّ عن رعايته ورؤيته.
لذلك لم تقتصر المشاكل على المدنيين وإنما ظهرت مشاكل اللواء الثامن مع جيش النظام وأجهزة الأمن وميليشيات إيران، وليس آخرها موقف الناس من رفض إجراء اقتراعات للانتخابات الرئاسية فيها، وإغلاق العديد من مراكز الاقتراع جراء ذلك.
يشاع أن روسيا ضد إيران في درعا، وأنها تسعى لإيقاف النزاع، إلا أن ما يريده النظام من الحملة هو ذاتُ ما تريده روسيا من أهل درعا، أي تسليم السلاح وحصر انتشاره في المنطقة بيد أجهزة الأمن السورية.
هذا الأمر يضع إشارة واضحة إلى أن لروسيا مصلحة في هذه المعركة، إلا أنها وفق ما قاله عرابي لـ «القدس العربي» تخشى من تدهور الأوضاع إلى مواجهة شاملة قد تعيد تفعيل دعم الفصائل المسلحة مجدَّدا في منطقة الجنوب. خاصة إذا ما تمدّدت إيران بشكل علني وواضح فيها، وهذا يفسر حقيقة عدم استخدام الطيران الروسي لغاية اللحظة في المعركة، وإنما الدفع بأرتال قوات الفرقة الرابعة المدعومة من إيران بشكل مباشر.
إلا أن المعارضة تفتقر للسلاح والعناصر التي تستطيع من خلالها إنزال هزيمة قاسية بقوات النظام، التي ليست في وارد تحقيق نصرٍ سهل ضد قوات المعارضة وهذا ما يدفع المشهد للتعقد في المرحلة المقبلة.
——————————-
معسكر الحرب محوره الفرقة الرابعة وميليشيات إيران ومقاتلو المعارضة أثبتوا حنكة عسكرية وسياسية/ حسام محمد
تشير سياسة العقاب الجماعي التي يتبعها النظام السوري ضد درعا- جنوب البلاد، إلى عجز واضح من قبل دمشق عن تجاوز ربيع عام 2011 وفتح صفحة جديدة مع مهد الثورة، رغم اتفاق التسوية الذي خولهم مع الروس استعادة السيطرة على غالبية المحافظة، في حين تحمل المطالب الشعبية والاحتجاجات عزفا واضح المعالم من قبل الأهالي باستساغة الأسد ونظامه مجددًا والعودة لفترة ما قبل آذار/مارس عام 2011.
النظام السوري ومن خلفه إيران وفق عدة مصادر، هما الجهات المسؤولة عن انزلاق الأوضاع في درعا منذ 29 تموز/يوليو، وكذلك محاصرتهم لأحياء درعا البلد، عقب رفض الأخير لإعادة تدوير بشار الأسد في رئاسة سوريا في الانتخابات الرئاسية التي جرت في الشهر الخامس من العام الحالي والتي وصفت بـ «الشكلية».
وهي تطورات أدت إلى إتباع دمشق وطهران سياسة عدوانية ضد المنطقة وسط مساعيهم الحثيثة لإرضاخ درعا البلد وريفي المحافظة الشرقي والغربي، باستخدام القوة العسكرية، ورفض كافة المسارات السلمية للحل، الأمر الذي أدى إلى انزلاق الأوضاع إلى مواجهات موسعة بين مقاتلي المعارضة السورية وبين تلك الأطراف التي شهدت دورًا عسكريًا للفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، وتدعمها إيران.
إلا أن هذه القوات تكبدت خسائر فادحة وأُسر لها العشرات من العناصر، فيما أدت هجمات النظام الصاروخية إلى مقتل 7 مدنيين وإصابة العشرات، وسط شح كبير في المواد الطبية والغذائية وانقطاع الكهرباء والماء، وفقدان حليب الأطفال.
من الذين يدافعون عن درعا؟
المتحدث باسم تجمع أحرار حوران أبو محمود الحوراني، قال لـ «القدس العربي»: «الذين يدافعون عن أحياء درعا البلد اليوم، هم أبناء تلك المناطق، فالعسكريون هم من كانوا ضمن قوات الجيش السوري الحر سابقًا وهم في الوقت الراهن يحاولون التصدي لقوات النظام السوري بواسطة الأسلحة الفردية والخفيفة التي بحوزتهم.
أما الذين يدافعون عن مطالب الأهالي على الصعيد السياسي والتفاوضي، فهم شخصيات مدنية تمثل الأهالي، ويعرفون باسم لجنة التفاوض، وهي تضم ممثلين عن أحياء درعا البلد وريفي المحافظة الشرقي والغربي، بالإضافة إلى قيادات تمثل مجموعات الجيش الحر، وكل هؤلاء يحملون مسمى لجنة التفاوض».
هذه اللجنة وفق المصدر، تفاوض اللجنة الأمنية التابع للنظام السوري، والتي تتعنت في المفاوضات وتعرقلها وتفرض شروطًا لا يمكن للأهالي القبول بها.
درعا البلد مهد الثورة
تكمن أهمية درعا البلد بحسب المتحدث باسم تجمع أحرار حوران، بكونها مهد الثورة السورية، فمنها خرجت أولى أصوات الحرية والمطالبة بالتغيير في سوريا، وفيها يوجد المسجد العمري الذي يحظى برمزية خاصة لدى السوريين منذ ربيع عام 2011.
وكذلك مسجد الحمزة والعباس، الذي خرجت منه أولى الاحتجاجات السلمية في البلاد، وشهدت لاحقًا استشهاد كلا من محمود الجوابرة وحسام عياش في أول يوم من المظاهرات الشعبية بتاريخ 18 من شهر آذار/مارس 2011 برصاص مخابرات النظام السوري التي تعاملت بالعنف والقتل منذ الساعة الأولى لانطلاق المظاهرات، ليصبحا أول شهداء الثورة السورية، ليبقى شعار «الموت ولا المذلة» هو المعادلة التي يرفض الأهالي التنازل عنه.
فيما تحتضن درعا البلد عدة أحياء سكانية، منها الأربعين، والعباسية، والمنشية، وسجنة والكرك، بالإضافة إلى مناطق محاذية لدرعا البلد كالبحار والشياح، وقال الحوراني لـ «القدس العربي» وعند ولادة الجيش السوري الحر، كان معظم أبناء درعا البلد ضمن تشكيلاته.
أطراف الصراع
القيادي في المعارضة السورية، العقيد فاتح حسون، أشار إلى وجود ثلاثة أطراف في الصراع الدائر في الجنوب السوري، وهي النظام السوري والميليشيات الإيرانية المساندة له وهؤلاء يواجهون أهالي المنطقة وثوارها الذين يرفضون التهجير، إضافة إلى روسيا التي يقتصر دورها الحالي على «الوساطة».
القيادي في تصريحات لـ «القدس العربي» نوه إلى سيطرة فصائل المعارضة على أجزاء من مدينة درعا، أي درعا البلد وطفس، وفي الريف الغربي يتمتعون بسيطرة كاملة، وهي مواقع محمية بالضمانة الروسية، وتحتفظ الفصائل في هذه المناطق بهيكليتها وأسلحتهم الخفيفة.
في حين يسيطر اللواء الثامن، التابع للفيلق الخامس، بقيادة أحمد العودة، على بصرى الشام، ويفرض سيطرته على المناطق القريبة.
ويسيطر حزب الله اللبناني على بعض مناطق اللجاة، ومناطق بريف درعا الشرقي من خلال الميليشيات التي صنعها في تلك المناطق من أبناء القرى، وتشهد هذه المناطق صراعات حادة مع قوات أحمد العودة.
وفي مناطق شمال درعا، التي تتصل بريف القنيطرة، أي الحارة وجاسم وإنخل، وهي مناطق تشهد صراعا بين الأجهزة الأمنية للنظام السوري والمدعوم من «حزب الله» من جهة، وبين عناصر مقاومة كانت سابقًا في صفوف فصائل الجيش الحر المنحلة التي لا تزال تعمل بنشاط في تلك المناطق.
فيما تسيطر الفرقة الرابعة على ريف درعا الغربي وحوض اليرموك، وهي منطقة محاذية للأردن وإسرائيل، وينشط «حزب الله» في هذه المناطق.
يوجد في درعا البلد مقاتلون سابقون ينتمون لجبهة ثوار سوريا التي كانت منضوية سابقا في صفوف الجيش الحر ممن رفضوا التهجير إلى الشمال السوري وأجروا تسوية مع قوات النظام برعاية روسية، إضافة إلى بعض المقاتلين المحليين. قائدها محمد المسالمة الملقب بـ «الهفو» وهو قيادي ينحدر من مدينة درعا البلد، وغادر درعا البلد مؤخرا وفق تسجيل مصور.
خلافات محورية
روسيا وفصائل المعارضة وفق العقيد فاتح حسون، يرغبون بإتمام التسوية وهذا ما ظهر من خلال إرسال روسيا مبعوث الرئيس فلاديمير بوتين، ألكسندر زورين، إلى درعا حاملاً رسالة حيث وصل سرا إلى بصرى الشام، ونقل عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن الحل في درعا، يكمن بتسوية سياسية، وليس بعملية عسكرية، وهو ما لم تلتزم به قوات النظام.
بالإضافة إلى غياب الدعم الجوي من قبل روسيا للعمليات البرية التي تقوم بها قوات النظام، ومن خلفها إيران وميليشياتها. إلا أن الدور الروسي لا يبدو أنه يلقى ترحيباً من النظام ومن خلفه إيران وميليشياتها، الذين يعتقدون أن من حقهم السيطرة الكاملة على منطقة الجنوب، ويرغبون بالتنصل من الالتزامات التي يفرضها الاحتلال الروسي عليهما وإعادة تغلغل الأجهزة الأمنية في المنطقة، والاستفادة من ورقة ضبط الجنوب وبيعها لإسرائيل، لا أن تستفرد روسيا بعوائد هذه الورقة لوحدها.
حسابات نبيهة
الباحث في المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام رشيد حوراني، يرى أن مقاتلي المعارضة السورية في درعا، كانوا نبيهين للغاية بعد التسوية التي أبرمت في عام 2018.
ومرد ذلك لعدة أسباب أهمها الإصرار على بقاء أسلحتهم الخفيفة معهم، وإدراكهم نكث النظام بوعوده معهم، ومنهم من عمل في صفوف ميليشيات الفرقة الرابعة والميليشيات الإيرانية.
وهؤلاء سربوا المعلومات عن النظام لأصدقائهم الذين أبقوا على سلاحهم بحوزتهم ممن بقي خارج تلك الميليشيات، وراحوا يستهدفون مصالح النظام بناء على تلك المعلومات المسربة، لذلك عمل النظام على اغتيالهم رغم تواجدهم في صفوف ميليشياته.
فيما تساند الفئة السابقة الحاضنة الشعبية ممثلة بالوجهاء واللجان المركزية التي انعكست ثوريتها وصدقها بوحدة موقفها وعدم القدرة على اختراقه.
الباحث حوراني، قال في تصريحات خاصة بـ «القدس العربي» إن أبرز القوى المحورية الراغبة بالحل العسكري، هم الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد شقيق رأس النظام السوري، وكذلك إيران وميليشياتها، وهما الجهات التي أفشلت الاتفاق والمفاوضات.
في حين أن أبناء درعا ومفاوضيهم، قدموا نموذجا حضاريا يجمع بين حنكة المفاوض وفطرة الإنسان الميال إلى العيش بسلام. واستطاعوا من خلال مفاوضاتهم الظهور كرقم صعب وقادر على التفاوض، وقادر كذلك على الحرب حتى الرمق الأخير في سبيل نيل حقوقهم، وهو ما أكده أحد وجهاء درعا عبر تسجيل صوتي.
واعتبر المصدر، أن جنوب سوريا وشرقها، نقاط استراتيجية لإيران التي سعت لوجود نفوذ لها فيهما، وحققت ذلك، لأنها تعمل على التصعيد من خلالها ضد إسرائيل وأمريكا، ونفذت ذلك التصعيد انطلاقا منهما في مرات متعددة، فهي تتخذ هاتين النقطتين لخدمة سياستها المتمثلة بالتصعيد إلى أقصى حد، رغبة منها بتحقيق مطالبها السياسية تحت تأثير التهديد بالقوة.
أما قوتها العسكرية، من الناحية التقليدية يمكن الوقوف عليها في المعركة الأخيرة في درعا التي لم يكن لها تأثير فيها، ناهيك عن ارتباكها في الداخل ومواجهة ثورة الأحواز، وتمدد طالبان في أفغانستان، كلها عوامل تحد من قوتها.
ولدرعا رمزية معنوية في نفوس السوريين، الذين لبوا نداءها منذ العام 2011 وهذه الرمزية ظهرت عند الطرفين السوريين الموالي للنظام الذي هدد بهدم المسجد العمري. وعند الطرف السوري الثائر الذي تفاعل داخليا وخارجيا مع محاولات النظام السيطرة عليها، وندد بهمجية النظام، وأوصل وضع درعا إلى كل المحافل الدولية حتى رأينا كيف أدانت الأمم المتحدة وأمريكا وفرنسا والاتحاد الأوروبي ما يجري في درعا مطالبة بضرورة الحفاظ على حياة المدنيين.
—————————
إسرائيل في جبهة الشمال: عين على جنوب لبنان وأخرى على جنوب وشمال سوريا/ وديع عواودة
تتجه الأنظار نحو الحدود بين الجليل وجنوب لبنان وسط تساؤلات عن احتمال انفجار الموقف بين إسرائيل وبين حزب الله تزامنا مع أزمة لبنانية داخلية غير مسبوقة، لكن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية منشغلة أيضا بما تشهده الأراضي السورية وهي لا تقل أهمية عن التوتر مع الجانب اللبناني. وجاء قصف المقاتلات الإسرائيلية خلال الأيام الأخيرة – التي استهدفت محيط مخيم الرشيدية قرب مدينة صور، والدمشقية في خراج بلدة المحمودية وهي منطقة مفتوحة غير مأهولة – ردًا على إطلاق 3 صواريخ من الجنوب اللبناني، لم يتبناها أحد، حيث سقط اثنان منها بمستوطنة كريات شمونة (بلدة الخالصة الفلسطينية المدمرة). وفي هذا المضمار قالت مصادر أمنية إسرائيلية إنه لا يوجد أي تغيير في آلية التنسيق مع روسيا في ما يتعلق بالهجمات التي ينفذها سلاح الجو الإسرائيلي ضد أهداف إيرانية بالأساس في الأراضي السورية. ونقل المراسل العسكري لصحيفة «معاريف» عن مصادر في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية قولها إن القوات الروسية العاملة على الأراضي السورية لم تستخدم منظومة صواريخها المتطورة من طراز «إس 300» لاعتراض صواريخ أطلقتها المقاتلات الإسرائيلية في الأسابيع الأخيرة. وجاء في تقديرات هذه الأجهزة أن الحرية التي تحظى بها إسرائيل في عملياتها داخل سوريا محفوظة ولم تتغير، بل ستتواصل خاصة أن التوترات تتزايد قريبا من الحدود مع الجولان في منطقة درعا حيث تتواجد قوات إيرانية. يشار إلى أن إسرائيل كثفت خلال السنوات الماضية هجماتها الجوية على سوريا، مستهدفة بشكل خاص مواقع للجيش وأهدافا إيرانية وأخرى لحزب الله اللبناني. وفي حزيران/يونيو الماضي شن الطيران الحربي الإسرائيلي قصفا على مواقع في محيط العاصمة دمشق ومحافظات أخرى. وعشية تبادل النيران في المناطق الحدودية بين إسرائيل وحزب الله في الأيام الأخيرة يرى معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب ضمن تقريره بعنوان «التحديات الاستراتيجية التي تواجه إسرائيل» وذلك خلال النصف الثاني من العام 2021 أن احتمالات وقدرات التهديد على الجبهة الشمالية آخذة بالازدياد في ظل تفكك الدولة اللبنانية واستمرار تقسيم سوريا، معتبرا أن هذا الوضع يمكن إيران من تعميق تدخلاتها وبناء «ماكنة حرب» تعتمد أكثر وأكثر على قدرات هجومية دقيقة تستهدف العمق الإسرائيلي ويضيف «هذه توجهات خطيرة ينبغي أن تقلق إسرائيل. على خلفية ما يشهده لبنان فإن إمكانيات الانزلاق نحو تصعيد أمني تتفاقم».
كما اعتبر الباحثون في «المعهد» أنه يجب على إسرائيل أن تدرك أن «سوريا ستبقى منقسمة، وأنه ما دام بشار الأسد في السلطة، فلن يكون من الممكن إخراج إيران ومبعوثيها من البلاد». ومن أجل الحد مما اعتبره التقرير التهديد الإيراني داخل سوريا، قال الباحثون إنه يتعين على إسرائيل إلى جانب استمرار «معركة ما بين الحروب» (مصطلح شائع في إسرائيل لعميات ينفذها الجيش الإسرائيلي خارج الحدود بين الحرب والحرب) صياغة سياسة استباقية لطرد إيران ومبعوثيها من سوريا – من خلال التعاون الدولي والإقليمي وإنشاء شبكة من الحلفاء المحتملين داخل البلاد ودعمهم كالمعارضة السورية في جنوب وشمال الأراضي السورية.
روسيا والتنسيق مع إسرائيل
وفي هذا السياق نشر الصحافي الروسي أنطون مارداسوف مقالا في موقع «المونيتور» الأمريكي تناول فيه التنسيق الروسي الإسرائيلي في سوريا في عهد رئيس حكومة الاحتلال الجديد نفتالي بينيت. وقال الكاتب إن نهاية قبضة بنيامين نتنياهو على السلطة في إسرائيل قد أثارت تكهنات وسائل الإعلام بشأن ما يعنيه ذلك بالنسبة للتنسيق الروسي الإسرائيلي في سوريا، إذ بدأت مصادر في وسائل الإعلام الإسرائيلية واللبنانية والسعودية والروسية مناقشة احتمالات أزمة وشيكة بين البلدين. وقال أيضا إنه لم تتلاشَ الذكريات منذ خريف 2018 عندما سقطت طائرة استطلاع روسية خلال غارة جوية إسرائيلية على سوريا، مما تسبب في فضيحة بين موسكو وإسرائيل. من جهته أشار المحلل الإسرائيلي بن كاسبيت في «المونيتور» إلى عدم ارتياح إسرائيل لإمكانية تغيير روسيا لموقفها من سوريا وتابع «علانية تقتصر التعليقات التي تشير إلى التغيير إلى حد كبير على مزاعم وزارة الدفاع الروسية حول نجاحها المفترض في صد الصواريخ الإسرائيلية بمساعدة أنظمة الدفاع الجوي الروسية /السوفييتية الصنع». ونقل كاسبيت عن مصادره بين مسؤولي الأمن الإسرائيليين قولهم إن خطاب روسيا المتفائل ليس أكثر من مجرد خدعة تكتيكية، ومع ذلك يظل هدف هذا الخطاب والغرض الاستراتيجي غير واضحين. كما تتعارض مزاعم روسيا مع صور أهداف ضربتها الصواريخ الإسرائيلية في دمشق وحلب، بحسب بن كاسبيت. وزعمت الوزارة الروسية أن غارات جوية لطائرة «أف-16» إسرائيلية هددت أمن طائرة تابعة لشركة «أجنحة الشام» السورية قادمة من إيران وعلى متنها 172 راكباً، مما اضطر الطائرة إلى القيام بهبوط اضطراري في حميميم. وحسب مراقبين تمّ استخدام «أجنحة الشام» في السابق لنقل الشخصيات الإيرانية المهمة وأعضاء الميليشيات ومع ذلك، في أعقاب تلك الحادثة، سمحت موسكو في مناسبات عديدة لرحلات جوية من إيران باستخدام قاعدة حميميم الجوية، ولم يمنع التهديد الإسرائيلي المفترض الطواقم الإيرانية من تفريغ حمولتها العسكرية. وقال المدّون الأمني الروسي يوري لامين لموقع «المونيتور» إن شحنات الأنظمة الجوية الإضافية قد تعرقل إلى حد ما الأنشطة الإسرائيلية في سوريا، لكن دمشق لا تزال تواجه عدداً من المشكلات الأساسية وتابع: «لضرب أهداف في عمق الأراضي السورية، تستخدم إسرائيل المجال الجوي اللبناني أو تستخدم المجال الجوي الأردني وشرق سوريا الذي لا يزال تحت السيطرة الأمريكية. ونتيجة لذلك، تعمل أنظمة الدفاع الجوي السورية من موقع دفاعي عميق لصد الصواريخ والقنابل الموجهة. فإسرائيل لديها ميزة عامة إذ أن قدرات الجيش الإسرائيلي تسمح لها بنشر تكتيكات هجومية تطغى على الدفاعات الجوية السورية».
——————————
مفاوضات درعا بانتظار موعد مع القائد الروسي الجديد وسط تصعيد للنظام السوري/ عدنان أحمد
ما زالت الأوضاع في محافظة درعا تراوح مكانها بانتظار إجراء جولة جديدة من المفاوضات بين ممثلي الأهالي من جهة، والنظام وروسيا من جهة أخرى، بهدف التوصل إلى اتفاق بشأن الوضع في درعا البلد، والمحافظة عموماً، فيما تواصل قوات النظام السوري محاولاتها لاقتحام المنطقة.
وذكر عضو لجنة التفاوض المركزية عدنان المسالمة، لـ”العربي الجديد”، أنه “لا جديد في المفاوضات مع النظام والروس حتى الآن، وننتظر تحديد موعد مع قائد القوات الروسية الجديد لإيجاد حلول”. وأوضح أن القائد الروسي الجديد، الذي خلف “أسد الله”، هو حالياً في دمشق، و”ليس هناك موعد معه”.
وعما إذا كانت فرص الحل قد تحسّنت بعد تغيير القائد الروسي “أسد الله”، الذي عرف عنه تهديده المستمر لأهالي درعا، قال المسالمة: “لم نلتق بعد القائد الروسي الجديد، أو أحداً من النظام أو الروس في الأيام الأخيرة”، مشيراً إلى أن قوات النظام واصلت طول الليلة الماضية القصف ومحاولات الاقتحام لمنطقة درعا البلد.
من جهته، ذكر الناشط محمد الشلبي، لـ”العربي الجديد”، أن قوات النظام، ورأس حربتها “الفرقة الرابعة”، حاولت طوال الليلة الماضية، وحتى فجر اليوم، التقدم في منطقة درعا، بالتزامن مع قصف مدفعي، لكن المقاتلين المحليين تصدوا لها، ولم تتمكن من إحراز أي تقدم.
وذكر الشلبي أن اشتباكات عنيفة دارت في درعا البلد بين قوات النظام والمقاتلين المحليين بالقرب من منطقة الكازية خلال صد محاولة تقدم لقوات النظام ترافقت مع قصف بقذائف الهاون والمدفعية الثقيلة، إضافة إلى الرشاشات الثقيلة، استهدف أحياء درعا البلد من مواقع قوات النظام في أحياء سجنة والمنشية والسحاري بمدينة درعا.
وأضاف أن قوات النظام واصلت أيضاً قصفها بالأسلحة الثقيلة على مخيم درعا وطريق السد، ومنطقة العجمي ومحيط الري شرق المزيريب وأطراف طفس الغربية، وذلك بهدف الضغط على أهالي ووجهاء درعا للرضوخ لمطالب قوات النظام، مشيراً إلى أن هذا التصعيد يأتي بالرغم من طمأنات روسية وصلت إلى اللجنة المركزية يوم أمس، بوقف إطلاق النار وفتح معابر إنسانية للمحاصرين.
كذلك تعرض منزل أبو شريف محاميد، أحد أعضاء لجنة التفاوض في درعا البلد، الواقع في حيّ طريق السد، للقصف بقذائف الدبابات. وذكر ناشطون أن القصف سبّب دماراً كبيراً في المنزل الواقع في المنطقة المحاصرة منذ نحو 45 يوماً، دون أن يصاب أي من قاطنيه بأذى، لمغادرتهم مكان إقامتهم قبل القصف.
مليشيا تسحب عناصرها نحو دمشق
إلى ذلك، سحبت مليشيات “الغيث”، التابعة للفرقة الرابعة، العشرات من عناصرها من مدينة درعا نحو العاصمة دمشق. وذكر موقع “تجمع أحرار حوران” المحلي أن أكثر من 45 سيارة عسكرية لمليشيات “الغيث” خرجت من حيّ الضاحية في مدخل مدينة درعا الغربي، محملة بالعناصر، وسلكت طريق العاصمة دمشق.
وأوضح الموقع أن عدداً من السيارات كانت تحمل أدوات منزلية سُرقَت من المنازل بعد مداهمتها من قبل عناصر الفرقة الرابعة في مدينة درعا.
ورجّح ناشطون في درعا أن يكون الانسحاب تبديلاً للعناصر في درعا، نظراً لعدم انسحاب جميع المجموعات. غير أن موقع “صوت العاصمة” المحلي، ذكر في تقرير له أن الفرقة الرابعة نقلت خلال الأيام الماضية مجموعات من مليشيات محلية تابعة لها، من قرى وادي بردى في ريف دمشق إلى محيط درعا البلد.
وأوضح أن قيادة تلك المليشيات تلقت أوامر من ضباط في الفرقة الرابعة بتجهيز مجموعات قتالية لنقلهم إلى محافظة درعا، وذلك بعد اجتماع عقد بين ضباط من الفرقة مع كل من القياديين المحليين داني شيبوني ومحمود بحبوح، مشيراً إلى أن المليشيات أرسلت مجموعتين من العناصر بلغ عددهم أكثر من 50 عنصراً من أبناء قرى كفير الزيت ودير مقرن ودير قانون، حيث زُجَّ بهم في خطوط المواجهة الأولى في حيّ درعا البلد الذي يشهد حصاراً منذ أكثر من 40 يوماً.
وأوضح الموقع أن عدداً من العناصر فروا من نقاط تمركزهم في درعا بعد ساعات من وصولهم إلى خطوط المواجهة، وعادوا إلى قريتهم وتواروا عن الأنظار.
في غضون ذلك، تتفاقم محنة المدنيين في منطقة درعا البلد، والعديد من المناطق في محيطها جراء النقص الحاد في مخصصات طحين الخبز، فضلاً عن معاناة المواطنين بالحصول على المواد الغذائية ومياه الشرب والأدوية الأساسية.
العربي الجديد
————————–
لا بوادر حل في “درعا البلد”… والمأساة الإنسانية تتفاقم/ أمين العاصي
لم تفلح الجهود الروسية، حتى أمس، في التوصّل إلى حل للأزمة التي تسبب فيها النظام السوري في محافظة درعا جنوب سورية، والتي تزداد تعقيداً مع رفض النظام تقديم أي تنازلات، إذ لا يزال يصرّ على إخضاع أحياء منطقة درعا البلد في مدينة درعا، سلماً باتفاق وفق شروطه، أو حرباً من خلال اقتحام هذه الأحياء، ما يعرّض آلاف المدنيين لعمليات انتقامية واسعة النطاق، والذين تتفاقم أوضاعهم الإنسانية.
وفي السياق، ذكر عماد المسالمة، وهو أحد وجهاء “درعا البلد”، في حديث مع “العربي الجديد”، أمس السبت، أنّ عمليات القصف المدفعي وبقذائف الهاون، واستهداف المساجد في درعا البلد “لم تنقطع من قبل قوات النظام والمليشيات الطائفية”، مشيراً إلى أن “هذه المليشيات تحاول يومياً التسلل إلى داخل أحياء درعا البلد”. ويصرّ النظام على فرض السيطرة الكاملة على درعا البلد، وإقامة حواجز فيها، واعتقال من يعتبرهم مطلوبين، وترحيل آخرين، إضافة إلى جمع كل أشكال السلاح من الأهالي.
وعلى صعيد التفاوض مع الجانب الروسي الذي يتوسط لحل الأزمة، تحدّث المسالمة عن جولة مفاوضات جديدة، أمس السبت، كما أشار إلى أنه “عقد (أول من أمس) الجمعة اجتماع مع ضابط روسي غير أسد الله (ضابط مسؤول عن ملف جنوب سورية وهو روسي – أوزبكي)، جمع وجهاء وأعيان الريفين الغربي والشرقي في محافظة درعا، إضافة إلى درعا البلد”، لافتاً إلى أنّ “الضابط الروسي الجديد وعد بإيقاف التصعيد”. وأكد المسالمة أنّ الروس “يريدون إبرام اتفاق يرضي الطرفين (النظام والأهالي)، ولكن المليشيات الطائفية الإيرانية تفشل كل المحاولات الروسية للتوصل إلى حل”. وتابع المسالمة أنّ الأهالي يطالبون الجانب الروسي بـ”تحمّل مسؤولياته، كونه الضامن لكل الاتفاقات التي جرت في جنوب سورية، وأبرزها اتفاقات التسوية في عام 2018 مع النظام”.
وأكدت مصادر متعددة لـ”العربي الجديد”، أنّ موسكو استبدلت الضابط المدعو أسد الله، الذي هدد درعا البلد أخيراً بالمليشيات الإيرانية في حال عدم الموافقة على شروط النظام، بضابط آخر، في خطوة يبدو أن الهدف منها التوصل إلى اتفاق يجنّب الجنوب السوري عمليات عسكرية تفضي إلى سيطرة كاملة للنظام والجانب الإيراني على المنطقة.
من جانبه، أشار عضو هيئة التفاوض التابعة للمعارضة السورية، العميد إبراهيم جباوي، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أنّ “الضغط الدولي والإقليمي على الجانب الروسي، يحول دون سماح موسكو للمليشيات الإيرانية بشنّ عمليات واسعة النطاق في درعا”. وأشار الجباوي، وهو من أبناء محافظة درعا، إلى أنّ إيران “تسعى إلى إجراء عملية تغيير ديمغرافي عبر تهجير أهالي درعا”، موضحاً أن “الإيرانيين يدركون أنّ أي تحرّك من دون غطاء جوي روسي لا قيمة له، وأنّ الفرقة الرابعة سُتسحق في حال تقدمها من دون مساندة روسية جوية”.
في موازاة ذلك، يتفاقم الوضع الإنساني والمعيشي في أحياء درعا البلد، إذ أشار المسالمة، في سياق حديثه مع “العربي الجديد”، إلى أن “أدوية الأمراض المزمنة، ولا سيما السكر والضغط، إضافة إلى حليب الأطفال شبه مفقودة”. وأضاف أنّ “المياه مقطوعة منذ 10 أيام، فيما الكهرباء مقطوعة منذ أكثر من 20 يوماً، ومنذ يومين لم يعد هناك طحين للخبز؛ إذ إن هذه المادة لم تدخل درعا البلد منذ 20 يوماً. كما لم نرَ الخضروات منذ أكثر من شهر”. وأوضح المسالمة أنه “بقي في أحياء درعا البلد حوالي 10 آلاف مدني، تقطّعت بهم السبل، إذ لا مكان آمناً لديهم يمكن أن يخرجوا إليه”. وبحسب مصدر في اللجنة المركزية المفاوضة عن أهالي درعا البلد، فإنّ نحو 80 في المائة من سكان أحياء المنطقة غادروا إلى مناطق أخرى في محافظة درعا، بعد دفع رشاوى لحواجز النظام تصل إلى مليوني ليرة سورية (ما يعادل نحو 800 دولار أميركي).
ودخل الحصار الذي تفرضه قوات النظام والمليشيات التابعة لها على أحياء درعا البلد اليوم يومه الـ45، في ظلّ ما بدا حتى أمس شبه انعدام لفرص التوصل لحل يمكن أن يجنّب من بقي في هذه الأحياء انتهاكات واسعة النطاق من قبل النظام، قد تصل إلى التصفيات الميدانية إلى جانب نهب الممتلكات. وتطلق قوات النظام والأجهزة الأمنية يد عناصرها لارتكاب كل الانتهاكات في المناطق التي تستعيد السيطرة عليها، وهو ما تحاول اللجنة المركزية في درعا تجنبه. لا بل يعدّ هذا الأمر من أولويات هذه اللجنة التي تتحمل وزر التفاوض مع النظام تحت إشراف روسي، في محاولة لمنع قوات النظام والمليشيات الطائفية الاستفراد بآلاف المدنيين العزّل. كما أن من أولويات اللجنة منع الإيرانيين من السيطرة على عموم محافظة درعا، عن طريق الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام بشار الأسد، والتي تحوّلت وفق وقائع ميدانية إلى ذراع برية للإيرانيين في عموم سورية. وترفض اللجنة انتشار حواجز الفرقة الرابعة في أحياء درعا البلد، لأنها تدرك أنها تعرّض حياة الأهالي للخطر في حال موافقتها على ذلك. وتطالب اللجنة بانتشار اللواء الثامن الذي يضم نحو ألفي مقاتل من أبناء الجنوب الروسي يتبعون للجانب الروسي ويقودهم أحمد العودة القيادي السابق في فصائل المعارضة السورية، والذي يتخذ من بلدته بصرى الشام في ريف درعا الشرقي مقراً له. ويلقى هذا الأمر قبولاً لدى الجانب الروسي الذي يريد أن يكون الطرف الأقوى في معادلة الصراع في الجنوب السوري.
من جهته، أكد نقيب “المحامين الأحرار” في درعا، سليمان القرفان، في حديث مع “العربي الجديد”، أنّ “الخيار أمام الأهالي في محافظة درعا في حال عدم التوصل إلى اتفاق وفق شروطهم، هو المقاومة”، مضيفاً: “ستكون معركة كرامة ودفاع عن النفس ضد الإيرانيين والنظام، وأهل درعا كلهم على قلب رجل واحد”.
في المقابل، يبدو أن النظام والإيرانيين ليسوا في وارد تقديم تنازلات تمنعهم من فرض السطوة والسيطرة بالقوة، والحصول على نصر “إعلامي” في الجنوب السوري، خصوصاً في محافظة درعا مهد الثورة، التي انطلقت في عام 2011 من الجامع العمري في أحياء درعا البلد محل النزاع اليوم. ومن أولويات النظام الاستيلاء على كل أنواع السلاح في أحياء درعا البلد خصوصاً، وفي محافظة درعا عامةً، وهو ما يرفضه الأهالي الذين يدركون أنهم سيكونون عرضة لعمليات انتقام واسعة النطاق في حال تخليهم عن وسائل الدفاع عن أنفسهم، خصوصاً أنّ النظام لم يلتزم بأي اتفاق أبرمه مع فصائل المعارضة السورية من قبل. وفي هذا السياق، أشار الناشط الإعلامي أحمد المسالمة، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أنّ طلب النظام بتسليم السلاح “مرفوض”، مضيفاً: “هو للدفاع عن النفس في ظلّ الفلتان الأمني الذي يسود محافظة درعا”.
العربي الجديد
———————–
بعد “عقاب درعا”.. ماذا تريد روسيا؟ وكيف تستفيد إيران؟
ضياء عودة – إسطنبول
تستحوذ التطورات في الجنوب السوري على الاهتمام الأكبر منذ أسابيع، على المستويين الداخلي و الخارجي. وبحسب بيان لمفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، فإن ذلك الجزء من سوريا يعيش “أسوأ أعمال عنف منذ سيطرة النظام عليه عام 2018”.
وتفرض قوات النظام السوري حصارا منذ 43 يوما على “أحياء البلد” في محافظة درعا، مما دفع ما لا يقل عن 18 ألف مدني للفرار إلى المناطق الآمنة نسبيا، بينما تعيش أكثر من 7 آلاف عائلة في ظروف صعبة، بسبب انقطاع المواد التموينية التي تحتاجها بشكل يومي، من خبز وماء وكهرباء وخدمات طبية.
وخلال الأيام الماضية فشلت جميع المفاوضات التي عقدتها اللجنة الأمنية الممثلة عن النظام السوري مع ممثلي اللجان المركزية، وهي لجان تضم وجهاء عشائر وشخصيات محلية من مختلف المناطق في الجنوب السوري.
وبينما اتهم النظام السوري اللجان المركزية بعرقلة المفاوضات بعد رفض “جميع شروطه”، قالت الأخيرة إن تلك الشروط “تعجيزية”، تهدف إلى فرض كامل سيطرته الأمنية والعسكرية على المنطقة.
وما بين الموقفين المتضاربين تبرز روسيا كطرف “مفاوض”، عبر ضباطها الذين لم يفارقوا الجولات الماضية، التي بلغ عددها ثلاثة، بحسب ما قال أحد المشاركين في “جولات التفاوض”.
وتواصل موقع “الحرة” مع أبو علي المحاميد، أحد وجهاء درعا السورية، المشارك في المفاوضات الذي قال: “الحصار على درعا البلد دخل يومه الـ43. الكهرباء مقطوعة ولا توجد أي نقطة طبية. لا يوجد غذاء أو طحين”.
ويضيف المحاميد، المقيم حاليا في “أحياء البلد”: “لم يكن هناك خلال الأيام الماضية مفاوضات بمعنى المفاوضات. هناك طرف قوي وطرف ضعيف. الطرف القوي هو النظام السوري، مدفوعا من إيران، والتشكيلات الموالية لها مثل الفرقة الرابعة لا تزال تحشد حتى الآن وتريد نشر حواجز بين منازل المدنيين”.
“كواليس المفاوضات”
في الجولات الماضية من “المفاوضات” يوضح المحاميد أن ضابطا روسيا كان حاضرا يدعى “أسد الله”، وهناك شخصيات أمنية تتبع للنظام السوري، بينها القيادي في الفرقة الرابعة، غياث دلا وقائد “الفرقة الأولى”.
ويوضح المحاميد أن “الضابط الذي يعرف نفسه بأسد الله هو المسؤول عن ملف الجنوب. الروس صراحة يحاولون حل الأمر سلميا بحسب ما التمسنا، لكن النظام السوري مصر على الدخول عسكريا إلى المنطقة”.
ولا توجد أي صور أو تسجيلات توثق هوية الضابط “أسد الله”، وبحسب ما قالت مصادر إعلامية مطلعة من درعا لموقع “الحرة” فإن اسمه ليس جديدا على ساحة المحافظة، بل كان قد تردد قبل ستة أشهر من الآن، أثناء المفاوضات الخاصة بمناطق الريف الغربي لدرعا.
وتضيف المصادر: “الضابط الروسي المذكور عقد اجتماعات قبل أسابيع مع ممثلي أحياء درعا البلد، وطالب بتسليم قطع سلاح فردي ومتوسط، وهدد بإفساح المجال للميليشيات الإيرانية والقوات الرديفة للجيش السوري أمام عمليات اقتحام واسعة”.
ويرى المحاميد أن ما تشهده درعا في الوقت الحالي يعود إلى رفضها المشاركة في الانتخابات الرئاسية التي نظمها النظام السوري، قبل أشهر.
ويقول: “درعا تعاقب من أجل رفضها للانتخابات. ورغم أنها رأس الحربة وتتصدر المشهد الآن إلا أنها بوابة لدخول النظام السوري والميليشيات الإيرانية إلى كامل منطقة حوران”.
وزاد: “ضمن اجتماعاتنا لم يطرح مسؤولو النظام الأمنيين سوى الشروط وقالوا: نريد تطبيقها كاملة وإلا أمامنا الاقتحام والحرب”.
ما الذي ينتظر الجنوب؟
إلى جانب بيان الأمم المتحدة بشأن ما يمر به الجنوب، كان المجتمع الدولي ندد بتصعيد النظام السوري في درعا، حيث دعا وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الأربعاء، نظام الأسد إلى وقف الهجوم بشكل فوري.
بينما طالب الاتحاد الأوروبي بحماية المدنيين، وكذلك دعت الخارجية الكندية إلى وقف إطلاق النار في درعا وجميع الأراضي السورية، مشيرة إلى أنه “من حق أهالي درعا العيش بأمان”.
المحامي السوري والكاتب في الشأن السياسي، حسان الأسود، يرى أن جميع الاحتمالات “واردة” بشأن ما ستكون عليه درعا في الأيام المقبلة.
ويتوقع في حديث لموقع “الحرة” أن يتم التوصل إلى تسوية من نوع ما بضغط روسي، “وبفعل المقاومة التي يبديها أبناء حوران عموما”.
ويقول الأسود: “ليس من مصلحة النظام خوض معركة مفتوحة ضدّ الأهالي الآن، على الأقل من الناحية السياسية. ويمكن أن يوفر على نفسه التبعات بالوصول إلى تسوية من نوعٍ ما. باعتقادي أنّ هذه التسوية ستكون مؤقتة أيضا”.
وحتى الآن تغيب أي بوادر للحل من جانب النظام السوري، وعلى العكس كان قد واصل قصفه المدفعي والصاروخي على أحياء البلد، خلال اليومين الماضيين، بحسب ما ذكرت شبكات محلية.
وفي المقابل أصدرت وزارة الخارجية السورية بيانا هاجمت فيه الدول الغربية التي دانت التصعيد في الجنوب.
وأضافت الخارجية أن “تلك المواقف لا تعدو كونها محاولة فاشلة ومكشوفة لرفع الضغط عن الإرهابيين في المحافظة”، معتبرة أن سلطات النظام “حرصت على معالجة الأوضاع في المنطقة الجنوبية من خلال الحوار وعدم الدفع نحو مواجهات يتضرر منها الأبرياء، إلا أن المجموعات الإرهابية هي التي ما زالت تعمل على نسف أي اتفاق”.
جدل حول “الدور الإيراني”
وفي غضون ذلك هناك من ربط من المحللين والنشطاء الإعلاميين في درعا استمرار التصعيد “بدور تلعبه إيران”، في خطوة لتعزيز نفوذها بشكل أكبر في الجنوب السوري.
لكن ذلك لم يثبت بأي تصريح أو تحرك ما على الأرض، بل تم الإشارة إليه استنادا على وجود “الفرقة الرابعة”، وأنها الطرف العسكري الأبرز الذي يقود العمليات على الأرض ويفرض الحصار أيضا.
وتتهم “الفرقة الرابعة” بالارتباط المباشر بإيران، ويقود عملياتها في الجنوب العقيد غياث دلا، الذي برز اسمه كأحد القادة العسكريين البارزين في سوريا، وباعتبار أنه يوازي بقوته العميد سهيل الحسن قائد “الفرقة 25″ التابعة لـ”الفيلق الخامس” المدعوم روسيا.
ويستبعد الباحث في “مركز عمران للدراسات الاستراتيجية”، نوار شعبان، أن تكون إيران وراء التصعيد الحاصل في درعا بشكل أساسي.
لكنه يضيف مستدركا: “أرى أن إيران تستفيد من التصعيد، وتعمل على تعزيزه”.
ويوضح شعبان في حديث لموقع “الحرة” أن التصعيد في الجنوب السوري سببه “تراكمات وإشكاليات أمنية بين النظام السوري ومناطق التسويات. كان واضحا أن الأمور ستنفجر في يوم من الأيام”.
ومن جانبه يرى الكاتب في الشأن السياسي، حسان الأسود، أن هناك تضاربا في المصالح بين إيران وروسيا في ملف الجنوب، لكنه لم يصل إلى مرحلة كسر العظم بعد.
ويقول إنّ “عدم تغطية القوى الجويّة هجمات النظام على أهالي درعا يعني أنّ روسيا وجّهت صفعة قوية للإيرانيين وللنظام بنفس الوقت. فحوى الرسالة أنكم من دوني لا تستطيعون الصمود أمام حفنة من الشباب بسلاحهم الفردي”.
“موقف العودة لم يتضح”
وتعتبر محافظة درعا في الجنوب السوري إحدى مناطق “خفض التصعيد”، ويحكمها اتفاق دولي منذ عام 2018، قضى حينها بإبعاد المقاتلين المعارضين إلى الشمال السوري، مع إعادة بسط نفوذ قوات الأسد وروسيا من جديد.
وتتميز المحافظة بوضع خاص عن باقي المناطق السورية التي دخلت في اتفاقيات “التسوية”، من حيث طبيعة القوى العسكرية المسيطرة على قراها وبلداتها، وأيضا طبيعة المقاتلين.
وينقسم المقاتلون بين تشكيلات أنشئت حديثا مثل “اللواء الثامن” التابع لـ”الفيلق الخامس”، وأخرى “أصيلة” في المنظومة العسكرية لنظام الأسد كـ”الفرقة الرابعة” و”الأمن العسكري” و”المخابرات الجوية”.
وبحسب عضو المفاوضات أبو علي المحاميد فإن “الفيلق الخامس، والقيادي فيه أحمد العودة، لم يتضح موقفه من التصعيد بعد”.
ويقول في سياق حديثه: “الرجل صامت. وموقفه ليس واضحا تماما، خاصة أن العمليات العسكرية على أحياء درعا البلد لم تحدث بشكل كبير”.
ويقود العودة تشكيل “اللواء الثامن”، وهو أحد تشكيلات “الفيلق الخامس”، الذي تدعمه روسيا في عموم المحافظات السورية.
ويبلغ عدد عناصر اللواء ألفي مقاتل، يتخذون من مدينة بصرى الشام في ريف درعا الشرقي مقرا لهم.
ضياء عودة – إسطنبول
——————————–
ماذا تريد إيران من أهالي درعا/ إبراهيم العلوش
لا يزال أهالي درعا يردّون على الهجوم الإيراني- الأسدي، مفشلين خطة التنكيل بأهالي درعا البلد و”تعفيشها” خلال الأسبوع الماضي، رغم أن الرئيس الإيراني الجديد بحاجة إلى انتصار يقدّمه، ولو كان انتصارًا على المدنيين في مدينة سورية.
وصل وزير الدفاع، علي أيوب، في 2 من آب الحالي، إلى درعا متهجمًا على اللجان الأهلية المفاوضة قائلًا “إما الاستسلام وإما الحرب!”، وهذا الوزير المستأسد هو نفسه الذي جلس مقرفصًا على كرسي صغير أمام الوفد الروسي الذي تداولت وسائل التواصل الاجتماعي صوره مطلع عام 2020.
أما رئيس “اللجنة الأمنية”، اللواء حسام لوقا، وهو أحد رجالات إيران المخلصين، فقال إنه سيجعل من أهالي درعا البلد عبرة لكل سكان محافظة درعا، ولكن قواته سرعان ما انسحبت من بعض حواجزها متراجعة أمام ضغط الأهالي.
لا يزال أهالي درعا لا يريدون الحرب، ولكنهم يريدون التزام النظام بالاتفاق الذي أُبرم مع الروس في العام 2018، ويريدون منه الكف عن التبجح بالانتصارات الأمنية، والكف عن الزج بالقوات الإيرانية في مدنهم وقراهم، خاصة أن “الحرس الثوري” يرغب بانتصار ما، يدشّن فيه الرئيس الجديد ولايته، وهو من الجناح المتطرف في القيادة الإيرانية، ومن مناصري “الحرس الثوري” السيئ السمعة.
ولكن إيران بدأت ولاية الرئيس الجديد، في 5 من آب الحالي، مصحوبة بعدد من المشاغبات الإرهابية في الخليج، وذلك باعتدائها على أربع سفن تجارية، ومحاولة اختطاف واحدة، وضرب أخرى بالطائرات المسيّرة، وقتل اثنين من بحارتها، وأطلقت عدة صواريخ من جنوبي لبنان بالإضافة إلى تحريضها ماهر الأسد، الذي يقود “الفرقة الرابعة” على اجتياح درعا البلد وتحويلها إلى لقمة سائغة للقتل و”التعفيش”.
يلعب حكام إيران بمصير شعبهم، وبمصير المنطقة، وبمصير أهالي درعا، حيث أرسلوا القوات من شرقي سوريا لإعادة احتلال درعا وجعلها مرتكزًا لنفوذهم بحجة “ممانعة الاحتلال الإسرائيلي والقوى الغربية “، ولكن في الحقيقة هم يريدون جعل درعا مركزًا لهم (مثل جنوبي لبنان) ومصدرًا لإرهاب الدول المجاورة، ومعبرًا لـ”الكبتاجون” والمخدرات التي تموّل عملياتها.
حتى الآن فشلت إيران في تأسيس حزب تنتدبه لاستمرار احتلالها لسوريا مستقبلًا، مثلما فعلت بـ”حزب الله” في لبنان، ولم تجد غير “الفرقة الرابعة”، كجيش انكشاري، مندوبًا لها يعبر عن أخلاق حكامها الذين أذاقوا الشعب السوري ويلات الدمار والتهجير والتشليح بشكل سافر ويثير فخر دولة الملالي.
الروس أعادوا فتح جبهة قديمة في الشمال السوري بعد صمت طويل، وصاروا يتسلّون بقصف المدنيين هناك وترحيلهم من مخيم إلى آخر، من أجل تبرير تقاعسهم عن تنفيذ تعهداتهم بدرعا في العام 2018، خاصة أن الضابط الروسي “أسد الله” هدد أهالي درعا بعد رفضهم إعادة انتخاب الأسد، وقبل أن ينتحل صفة ملاك السلام والمفاوض الوسيط، وهو يعلم أن تهديداته وتهديدات النظام قد لا تكون قابلة للتنفيذ بعد الاهتمام العالمي الواسع بأهالي درعا، وبعد هبّتهم بوجه قوات الأسد والقوات الإيرانية بشكل جماعي وحازم لم يكن متوقعًا من قبل النظام.
ولكن ماذا تريد إيران وهي لا تزال مستمرة في عدوانها على السوريين، وتشارك النظام اليوم في درعا من أجل إعادة المذابح و”التعفيش” منذ مذابح القصير، وحي بابا عمرو الحمصي، ومذابح القصور والجورة في دير الزور، وجرائم حلب، والغوطة، وغيرها، ناسية أن الطائرات الغربية والإسرائيلية تقصف قواتها كل يوم، وأن “حرسها الثوري” يحاول يائسًا تثبيت نفوذه في وسط معادٍ له، فالسوريون جميعًا لا يرون مستقبلهم مع عقيدة “الحرس الثوري” التي تبشر بزواج القاصرات، وبتحكم رجال الدين بحياة الناس وترويجهم للأوهام والانتقامات التاريخية التي صارت تثير الشفقة.
لقد بدأت إيران بروباغندا الممانعة مع “حزب الله” الذي قدمت له ببعض الدعايات والانتصارات الشعبية، ولكنها في سوريا تريد أن يكون نظام الأسد هو رمز الممانعة، وهو المعبر عن صورتها في أثناء بحثها عن انتصار، أي انتصار، ولو كان خطًّا فوق الرمال!
عنب بلدي
———————————-
=====================
تحديث 10 آب 2021
—————————
إمتحان ماهر الأسد في درعا/ عمر قدور
مساء السبت قصفت الفرقة الرابعة “التابعة لماهر الأسد” منزل عضو في اللجنة المركزية في درعا البلد ودمرته، المنزل كان يُفترض أن يستضيف اجتماعاً مع وفد روسي اليوم التالي “الأحد”. قصفُ المنزل فيه رسالة مزدوجة؛ إلى أهالي درعا مفادها أن موسكو لن تكون قادرة على تنجيتهم من الرضوخ لشروط ماهر الأسد وملخصها الاستسلام التام والذليل، أما الرسالة الموجهة إلى موسكو فهي لتذكيرها بأنها ليست وحدها صاحبة القرار، فطهران التي لم تغادر، عائدةٌ بأقوى مما كانت عليه خلال سنوات أربع عجاف.
بعدما أشيع بدايةً عن تبني الموفد الروسي إلى أهالي درعا مطالبَ الأسد أوضحت الأحداث اللاحقة عدم تبنيها، على الأقل إلى حد دعمها عسكرياً. وكانت قوات الفرقة الرابعة على نحو خاص قد تلقت هزيمة عسكرية مهينة قبل عشرة أيام، تضمنت سيطرة الأهالي على حواجز عسكرية وأسر عدد لا يستهان به من الضباط والجنود، ومن الوارد جداً أن يكون ذلك الدرس مصدر سرور للروس الذين يريدون الانتصارات فقط بمشاركتهم وبإشرافهم.
السبب الذي صار أكثر شيوعاً لحصار درعا الحالي هو الانتقام منها بسبب رفضها المشاركة في انتخابات بشار، وهذا السبب قد يكون الأقل شأناً لأن المعنيّ ابتلع إهانات أقسى من هنا وهناك عندما لم يكن لديه خيار آخر، بينما في قرارة نفسه يتطلع إلى استعادة السيطرة على كافة المناطق والتنكيل بأهاليها انتقاماً منهم. استطراداً، لا أهمية محورية لكون درعا تُعتبر مهد الثورة، فهذه الرمزية تحضر في ذيل قائمة الأولويات، وقد يكون إبرازها مفيداً إذا اقتُحمت درعا لتضخيم ذلك النصر على أهاليها المحاصرين.
في خلفية الحدث وعلى وقعه، أعاد الأردن افتتاح معبر جابر-نصيب بعد تصريحات للملك إثر زيارته لواشنطن تصب في صالح التطبيع مع بشار، أي أن الجار الأقرب جغرافياً وسكانياً والذي استضاف من قبل غرفة الموك يدير ظهره لأولئك المحاصرين. وإذا كان في وسع ماهر وبشار قراءة رسالة الملك جيداً فمن الأولى أن تقرأها طهران الساعية إلى قواعد اشتباك جديدة بينها وبين تل أبيب، ومن المعلوم أن استبعاد الميليشيات المحسوبة على طهران كان من ضمن بنود تفاهم عام2018 بين موسكو وواشنطن الذي أعاد درعا إلى سيطرة مشروطة للأسد.
ضمن الفهم السابق تركز التصريحات القادمة من درعا على التصدي للميليشيات الإيرانية، باعتبار وجود الميليشيات الإيرانية خرقاً لأساس التفاهم السابق. وهي تصريحات لا تنفخ في رماد ما كان يُسمى الصراع الشيعي-السني، بل تتعلق أساساً بـ”قواعد اشتباك” إيرانية-إسرائيلية تنص على إبعاد ميليشيات الأولى عن الثانية. الهجوم الحالي على درعا، في شقه الإيراني المؤثر، خرق لقواعد الاشتباك تلك عبر الفرقة الرابعة، وجائزة التنكيل بالأهالي بموجب شروط ماهر الأسد هي جائزة محلية صغيرة من بين أهداف أخرى أهم.
الضامن الروسي لتفاهم عام 2018 يسعى إلى التهدئة ولو بشروط معدلة قليلاً، ولا يريد الانقلاب الكلي على التفاهم من موقعه كضامن، فهناك أيضاً العامل الإسرائيلي الذي يضغط لتفي موسكو بتعهداتها المتعلقة بإبعاد ميليشيات إيران. وكانت موسكو خلال عهد ترامب قد استفادت من دور الحكَم الوحيد بين تل أبيب وطهران، واضطرت الأخيرة تحت الضغط الأمريكي والإسرائيلي إلى التسليم لموسكو وللعلاقة المميزة بين بوتين ونتنياهو حتى عندما كانت المواقع الإيرانية في سوريا تُقصف بانتظام. ضعف إيران السابق فيه مصلحة لروسيا إذ طوى حينها فرضية التنافس بين الجانبين، الفرضية التي تعود اليوم مع مفاوضات فيينا النووية، وبحيث تبدو العودة الإيرانية مسنودة بصمت أمريكي، بينما تبدو موسكو أقرب إلى إسرائيل.
انكفأ ماهر الأسد مع الانكفاء الإيراني الاضطراري وتعاظم الدور الروسي؛ ذو السمعة الدموية الذي نادى به عتاة الموالين يوماً بشعار “بشار إلى العيادة، ماهر إلى القيادة” فقد هيبته، وعوّمت موسكو رجلها سهيل الحسن وصنيعتها الفيلق الخامس تحت شعار مأسسة الجيش. أطاح التهميش الروسي بماهر من صورة رجل السلطة، وربما قائدها المنتظر، إلى صورة متنفذ من تجار الحرب حيث راح اسمه يُقرن بالأتاوات التي تستوفيها حواجز رئيسية تتبع له وبأنشطة ربحية أخرى “غير قانونية” أُشيع أنها تثير استياء الروسي.
في الجانب المدني، ظهرت حظوظ ماهر وهي تتراجع مع صعود أسهم أسماء الأسد، بل راح يُطرح اسمها لتولي السلطة وكأنه غير موجود على الإطلاق ليمنع هذا الشطط! كذلك أتى إقصاء رامي مخلوف، بالسهولة التي تم بها، دلالة أخرى على قوة بشار وأسماء معاً واستغنائهما عن التحالفات القديمة ورموزها. فوق ذلك سُلّطت الأضواء على حافظ الحفيد كوريث لأبيه، ليكون العم أول المستهدفين بالاستعجال في طرح موضوع التوريث.
لا يخوض ماهر معركة درعا الحالية انتقاماً منها لعدم مشاركتها في انتخابات أخيه، بل لديه العديد من الدوافع الشخصية القوية لاستعادة حضوره وصورته بعد طول تهميش. هنا قد تفيد الرمزيات في الإعلاء من شأن معركة سهلة في الأصل، فيُسجَّل اقتحام مهد الثورة برمزيته كضربة قاضية سددها ماهر، ويُسجَّل له أمام بقايا عتاة الموالين الانقضاضُ على نهج التسوية التي لا تليق بـ”الأقوياء”، وبإصراره على الاقتحام رغم مساعي التهدئة الروسية يكسب سمعة العنيد الذي لا يرضخ لقوة الوصاية الروسية، ولو كان عدم رضوخه مسنوداً بدعم من الإيراني.
من جهته، لا يخسر بشار فيما لو ربح ماهر المعركة، فنتائجها لن تصب في صراع بينهما على السلطة غير محتدم أصلاً، وخسارة ماهر رهان الاقتحام “إذا حدثت” لن تُحسب على بشار الذي لا يتمناها لأسباب مغايرة، فهو يتوق إلى التخفف قليلاً من الثقل الروسي، وليس أمامه سوى التنافس الإيراني-الروسي ليعطيه فسحة من اللعب. لقد شاء ماهر “بعد غياب عن صدارة الأحداث” العودة من بوابة درعا، وقدرته على النجاح مضمونة ولو بتكاليف بشرية باهظة في حال بقيت التغطية الإيرانية ساريةً، لذا ربما عليه انتظار الإجابة النهائية من طهران لا من أهالي درعا المستضعفين.
المدن
——————————
روسيا وإيران تدعمان هجوم الأسد الأخير على درعا/ علا الرفاعي
ترجمة أحمد عيشة
توضح تصرفات قوات طهران وموسكو المحلية كثيرًا من النيّات الحقيقية لكل دولة في المنطقة، وقد تكون النتيجة الأكثر إلحاحًا هي المزيد من التطهير العرقي.
في الأسبوع الماضي، غمرت التوترات التي تغلي منذ مدة طويلة، بين النظام السوري وفصائل المعارضة في درعا البلد، المنطقة الجنوبية من المدينة. في 27 تموز/ يوليو، شنّت قوات بشار الأسد هجومًا كبيرًا شمل القتال بين الشوارع وقصف المدفعية داخل المدينة. وسرعان ما شنت قوات المعارضة هجومًا مضادًا، حيث ذُكِر أنها استولت على تسعة حواجز كان يسيطر عليها النظام، وأسرت عشرات من أفراد الجيش السوري.
حتى الآن، أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية عن وقوع ما لا يقلّ عن ثمانية ضحايا بين المدنيين، وتهجير ما يقرب من 24 ألفًا من الأفراد، نتيجة للحملة الأكثر حدة التي شهدتها درعا منذ أن وقّعت الفصائل المتمردة “اتفاقات المصالحة” بوساطة روسية مع النظام، في منتصف عام 2018.
القتال مستمر حتى ساعة كتابة هذه السطور، وهو يهدد حياة المدنيين الذين هم تحت الحصار الفعلي من قبل الأسد وداعميه الروس منذ شهور، وهم يتعرضون الآن لهجمات مباشرة. وأفادت مصادر محلية أن عدد الضحايا المدنيين، منذ نهاية نيسان/ أبريل، وصل إلى 250. وتزعم موسكو أنها تحاول التوسط لوقف إطلاق النار، لكن هذه الجهود انهارت في وقت سابق من هذا الأسبوع، واستؤنف القصف. من غير المرجح أن يقوم الأسد بتنفيذ مثل هذه الحملة المكثفة بالقرب من الحدود الإسرائيلية والأردنية، من دون موافقة موسكو.
لطالما كانت سيطرة الأسد على درعا واهية، لكن التوترات كانت عالية، وبخاصة منذ أيار/ مايو، عندما رفض كثير من السكان المشاركة في إعادة انتخاب الأسد المزورة، وبدلًا من ذلك نظّموا احتجاجات. بمساعدة من إيران وروسيا، حاولت دمشق إعادة تأكيد سيطرتها هناك، بحجة محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، على الرغم من أن الجماعة الجهادية لم تتبنّ أي هجوم في محافظة درعا منذ أيار/ مايو، أو في منطقة درعا البلد، منذ كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
منذ فترة، يضغط المفاوضون على فصائل المعارضة المحلية، للانتقال إلى إدلب، وتسليم أسلحتها، والقبول بوجود أكبر للنظام في المدينة، لكن جهودهم باءت بالفشل. على سبيل المثال، واصلت جبهة ثوار سورية القتال، دفاعًا عن المدنيين في درعا، وصدّت وحدات الجيش والميليشيات المدعومة من إيران، لدرجة أن النظام لجأ إلى إرسال فرق مدرعة إلى المدينة، وإلى تقييد حرية تنقل السكان. حتى استعراض القوة هذا فشل في انتزاع تنازلات من المعارضة، ولذلك غيّر النظام تكتيكاته، الأسبوع الماضي، وبدأ بشّن هجوم واسع النطاق.
جمعت المعركة كوكبة من القوات الموالية للأسد، منها فرق الجيش السوري، والميليشيات المدعومة من إيران (التي تسيطر على ما يقرب من عشرين موقعًا عسكريًا في المحافظة)، وعناصر شبه عسكرية تحت قيادة وتوجيه من روسيا. شاركت الفرقتان الرابعة والتاسعة من الجيش بشكل كبير في الحملة، مستخدمة قذائف الهاون والدبابات والأسلحة الصغيرة لمهاجمة المناطق التي يسيطر عليها المتمردون. ومع ذلك، بينما كانت قوات النظام في المقدمة والوسط، كانت القوات المتحالفة مع إيران تتحرك بهدوء في المنطقة منذ أسابيع. في الشهر الماضي، تم إحضار الكتيبة 313 (ميليشيا تابعة للحرس الثوري الإيراني) وكتائب الرضوان (وحدة حزب الله) إلى المنطقة؛ لتعزيز محاولة الأسد الفاشلة لنزع سلاح المعارضة. يشرف الحرس الثوري الإيراني على أنشطة هؤلاء الوكلاء المتنوعين.
ومن ناحية أخرى، كان اللواء الثامن “المتصالح” في روسيا (وهو يضم قسمًا كبيرًا من متمردي الجيش السوري الحر السابقين) قوة بارزة في التفاوض باسم درعا، قبل الانفجار الأخير. يسلط وجوده الضوء على الأهداف المعقدة المتنافسة في بعض الأحيان، التي تدفع موسكو إلى اللعب بمختلف جوانب الصراع، من أجل إبقاء دمشق وطهران تحت المراقبة، ومن أجل حماية مصالحها الخاصة.
ومن الناحية الاستراتيجية الأوسع نطاقًا، كانت درعا تقف في وجه جهود النظام الرامية إلى توطيد السيطرة على الأراضي منذ عام 2011. وينظر كثير من السكان المحليين إلى الأسد باعتباره مجرد “أمير حرب”، ويرفضون الخضوع له منذ عقد من الزمان. وبالرغم من أن روسيا تواصل نهجها لإدارة الأزمات من خلال كيانات مثل اللواء الثامن، فإن الاتفاقات الانتقالية التي توسطت فيها ليست مستدامة. إن الهدف النهائي للكرملين يتلخص في فرض السيطرة الفعلية على جزء كبير من سورية، أولًا من خلال القوات البرية التابعة للأسد، ثم من خلال تمويل إعادة الإعمار الدولية في وقت لاحق. ومن هنا فإن العناصر الروسية سوف تدعم الحملة العنيفة على درعا التي يشنها النظام، ما دامت تسهل هذا الهدف. ويتابع الأسد استراتيجيته المعتادة المتمثلة في السيطرة، من خلال التطهير العرقي. وما لم تتم الاستجابة للمطالب المحلية بالحماية الدولية، فإن هذه النتيجة تبدو هي المرجحة.
عند التفكير في ما يجب القيام به حيال الوضع، تحتاج واشنطن إلى النظر في عوامل عدة ملحة. أحدها هو التحوّل الأخير في السلوك الروسي تجاه الضربات الجوية الإسرائيلية في سورية، الذي يمكن أن يصبح مشكلة أكبر، إذا امتدّ إلى مناطق حدودية استراتيجية مثل درعا. في تموز/ يوليو، على سبيل المثال، ورد أن موسكو ساعدت قوات الأسد في اعتراض الهجمات الصاروخية الإسرائيلية ضد أهداف مرتبطة بإيران في محافظتي حلب وحمص.
ثمة عامل مفتاحي آخر، هو أن موسكو تسمح على ما يبدو لهجوم الأسد بالاستمرار، على الرغم من ادعاء التوسط في الصراع. إلى جانب زيادة الآفاق الوخيمة لسلامة المدنيين المحليين، قد يشجع هذا النهج الحرس الثوري الإيراني، وحزب الله، والميليشيات الأخرى المدعومة من إيران في المنطقة، على إطلاق أنشطة جديدة تشكل تهديدًا لإسرائيل (على سبيل المثال، على طول حدود الجولان القريبة). وهذا بدوره يمكن أن يهدد المصلحة الأميركية الكبرى في الاستقرار الإقليمي.
وفقًا لذلك، بينما تُنهي إدارة بايدن مراجعتها الجارية لسياستها تجاه سورية، ينبغي عليها إعادة النظر في دعم المتمردين في الجنوب. درعا هي مهد انتفاضة 2011، وعناصر المعارضة هناك ليس لديهم ذلك التاريخ من التطرف الجهادي الذي شوهد في الشمال. ويجب على واشنطن أيضًا التنسيق مع الأردن، بشأن الاستجابات المناسبة للمهجرين داخليًا واللاجئين. ولعلّ الأهم من ذلك أن هذه التطورات تُثبت ما يجب أن يدركه المسؤولون الأميركيون وشركاؤهم الأجانب بالفعل: أن أي محاولة لتطبيع العلاقات مع نظام الأسد هي محاولات قصيرة النظر.
اسم المقال الأصلي Russia and Iran Are Supporting Assad’s Latest Attack on Deraa
الكاتب علا الرفاعي، Oula Alrifai
مكان النشر وتاريخه معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، THE WASHINGTON INSTITUTE for Near East Policy
رابط المقال https://bit.ly/3yzNwUM
عدد الكلمات 910
ترجمة وحدة الترجمة/ أحمد عيشة
مركز حرمون
———————————
نصف قرن من الاحتلال الأسدي/ غسان المفلح
في حصار درعا البلد القائم منذ أقل من شهرين، من قبل ميليشيات إيران والاحتلال الأسدي، ونقضاً لاتفاقيات سابقة تمت مع أهالي حوران بإشراف الروس. الروس الذين يحاولون تحقيق المكاسب على الأرض السورية. مكاسب لا علاقة لها بمصلحة الشعب السوري، وإن اختلفت مع إيران أو الأسدية.
في هذا الحصار الذي تحول إلى قصف عنيف للمنطقة، وصل لحد تعفيش ميليشيات الأسد لبعض البيوت هناك. في هذا الحصار ومجريات الأمور وتفاصيلها تقدم دليلاً لا يقبل التأويل على أن الأسدية هي عبارة عن احتلال غاشم.
تنص المادة 42 من لائحة لاهاي لعام 1907 على ما يلي “تعتبر أرض الدولة محتلة حين تكون تحت السلطة الفعلية لجيش العدو. ولا يشمل الاحتلال سوى الأراضي التي يمكن أن تمارس فيها هذه السلطة بعد قيامها”. وتنص المادة الثانية المشتركة من اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 على أن هذه الاتفاقيات تسري على أي أرض يتم احتلالها أثناء عمليات عدائية دولية. كما تسري أيضا في الحالات التي لا يواجه فيها احتلال أرض دولة ما أي مقاومة مسلحة.
لو نظرنا للوحة السورية الآن نجد: في المناطق التي هي تحت سيطرة الأسدية، هي مناطق محتلة وفقاً لكل تعريفات الاحتلال، المنصوص عليها في المواثيق الدولية. السوريون بأكثريتهم أخرجوا النظام الأسدي من مدنهم وقراهم، لأنه نظام فاسد وإبادي وقاتل. هذا تعبير فائق الوضوح على أن هؤلاء السوريين يعتبرونه محتلاً، حتى استعادت الأسدية هذه القرى والمدن التي استعادتها، قامت باستدعاء محتلين آخرين معها، روسيا وإيران، وتعاملت هذه الاحتلالات الثلاث مع هؤلاء السوريين تدميراً وحرقاً ومجازراً ونهباً، باعتراف كل تقارير المنظمات الدولية المعنية، الأهم اعتراف هذه الاحتلالات بذلك. هذه التقارير واضحة أيضاً لتمنع أي تأويل باعتبار هذه الاحتلالات الثلاث سلطة ليس لها شرعية، سوى شرعية القوة العارية، بلا حسيب أو رقيب. من يفاوض أهالي درعا البلد الآن؟
الجهة الأولى المحتل الروسي. الثانية المحتل الإيراني. الثالثة ضباط الأسد، حيث لا يوجد ضابط واحد فيهم من أبناء حوران. كلهم ضباط من الساحل السوري. ضباط مخابرات وفرقة رابعة وألوية جيش متعددة. ألا يقول النظام إنه سوري!! إذا أين الموالين له من بقية حوران أو مدن أخرى ليفاوضوا أهل درعا؟
هؤلاء الضباط يفاوضون ويقصفون المدنيين الآن معاً، دون أن يرف لهم جفن. أليس هذا تعبيراً فجاً عن سلطة احتلالية؟ ما هو الاحتلال إن لم يكن هذا؟ حيث لا وجود لممثل مدني واحد في لجانه التفاوضية هذه. هذا الأمر ينطبق على كل المفاوضات السابقة التي جرت منذ أن تدخلت روسيا بجيشها في سوريا.
ست سنوات مرت، استعاد خلالها المحتل الأسدي نصف ما خسره على يد السوريين. الآن أهل درعا يطالبون ببساطة بأن أبناء حوران هم من يجب أن يديروا شؤون المنطقة. هذا المطلب لوحده يوضح أن أغلبية سكان سوريا يتعاملون مع هذا النظام بوصفه محتلاً. معظم من يخضع للاحتلال الأمريكي لا يريد العودة لنظام الأسد، وكذلك معظم من يخضع للاحتلال التركي. الأهم من كل هذا أن السوريين يقبلون بمراقبة روسية وتواجد شرطة عسكرية روسية، ولا يقبلوا بتواجد أسدي أو إيراني. هل يمكن أن نجد أسوأ من هكذا احتلال؟
انتشار الحديث بين السوريين عن مفاهيم الإدارة الذاتية وغيرها تعبير على أن السوريين يعتبرون الأسدية محتلاً لهم. يحاولون الحصول على تنازلات من هذه الاحتلالات التي تكاثرت على سوريا، ببساطة لأن الأسدية نفسها تعتبر نفسها محتلاً. تتعامل مع السوريين وفقاً لمعايير احتلالية خاصة بها. هذا في حال استبعدنا المنظور الطائفي الذي تعاملت فيه العصابة الأسدية مع سوريا منذ خمسة عقود ونيف، لأننا لو أردنا إدخال هذا المعيار لوجدنا أيضاً أنه يحقق نموذجاً خصباً لدراسة “الاحتلال الطائفي” للبلد. هذه مقولة مضمرة أو معلنة عند كل سوري، بما فيهم أبناء الطائفة العلوية الذي يقاتلون مع الأسد.. يقاتلون بوصفهم محتلين وعفيشة، بغض النظر إذا كان بعضهم مجبراً أم لا. المتطوع ليس مجبراً.
بكل المقاييس والمعايير التي يمكن نقاش الحالة السورية، نجد أنها توضح ببساطة أننا أمام سلطة احتلال واضحة، نظرياً وعملياً. السوريون يسعون لحريتهم وكرامتهم، بإزالة محتل وليس نظام ديكتاتوري فقط. كما يحب بعض المتأولين تسميته. هل ارتكب احتلال ما في تاريخ البشرية مجازر أقل مما ارتكبه الاحتلال الأسدي؟ أرقام التدمير والتهجير والاقتلاع والقتل والاعتقال توضح ذلك. نعم إنه احتلال فاشي وإبادي.
ليفانت
———————————–
درعا توقظ سوريا من جديد/ بسام مقداد
حذرت وكالة “Stratfor” المعروفة بقربها من المخابرات الأميركية، من أنه “إذا لم تتمكن الحكومة والقوى المنتفضة في سوريا من توقيع إتفاقية وقف إطلاق نار جديدة، فقد يؤدي تصعيد العمليات العسكرية في الجنوب إلى إضطرابات في المناطق الأخرى الواقعة تحت سلطة النظام، وإلى تدفق جديد للمهاجرين إلى الأردن”. ذكرت هذا التحذير صحيفة “NG” الروسية في سياق نص بعنوان “جنوب سوريا يخرج عن سلطة الأسد” نشرته في 3 من الشهر الجاري، وقالت فيه بأن “مهد الثورة ” تذكر الماضي الثوري. وفي حين تقول الصحيفة بأن نائب قائد مركز المصالحة في سوريا الأدميرال فاديم كوليت وصل إلى المنطقة مع وفد عسكري روسي لتسوية الوضع، يقول موقع التلفزة والإذاعة التركي الرسمي “TRT” الناطق بالروسية بأنه جاء إلى المنطقة ممثل المخابرات العسكرية الروسية ألكسندر زورين المتعارف على إعتباره “المبعوث السري” للكرملين للمفاوضات مع المنتفضين.
تقول الصحيفة في نصها الذي كتبه معلقها لشؤون الشرق الأوسط إيغور سوبوتين بأن الأدميرال كوليت أعلن عن تمكن الجيش السوري من إعادة تثبيت وقف إطلاق النار في المنطقة، إلا أن المواقع الإعلامية المحلية تتحدث بين الحين والآخر عن تجدد العمليات الحربية بين القوات النظامية والمنتفضين السابقين المعارضين.
الموقع التركي الرسمي الذي نشر نصه في 2 من الشهر الجاري، وهو لهيئة التحرير، قال بأن موسكو إقترحت معادلة جديدة لتسوية الوضع المتأزم في الجنوب. وتتضمن المعادلة هذه نقل بعض القوى المنتفضة بعيداً عن مدينة درعا البلد؛ حل مسألة السلاح الخفيف بأيدي المعارضة؛ إقامة الحواجز العسكرية وفتح أوتوستراد دمشق ــــــ عمان. وتلقي المعادلة على عاتق الفيلق الخامس الخاضع للقيادة الروسية دوراً خاصاً في تنفيذ المعادلة. لكن الموقع يقول بأنه، وكما في السابق، ليس من ضمانات بأن الخطة الروسية سوف تنجح.
ويقول الموقع بأن الموقف الروسي في الفترة الحالية يقوم على الإعتراف بأن قوات النظام ليست قادرة على السيطرة على جميع مناطق البلاد، وذلك بسبب النقص في الموارد البشرية، وتأثيرات الأزمة الإقتصادية وتدخل الدول الأجنبية. والحل المؤقت لهذا الوضع بالنسبة لوجهة النظر هذه يقوم في تقسيم مناطق النفوذ. وهذا يفترض حواراً مع تركيا بشأن المناطق الشمالية؛ التواصل مع الأميركيين بشأن ما وراء الفرات؛ الإتفاق مع المقاتلين السابقين في الجيش السوري الحر في الجنوب، وتوزيع الصلاحيات مع القوات الإيرانية في المناطق التي تسيطر عليها دمشق.
لكن الموقع يرى أن أخطر ما في الأمر هو أن لدى دمشق حسابات مختلفة كلياً. فالمشاركة “الكثيفة” في الإنتخابات الرئاسية الأخيرة، وإعلان الأردن عن إستعداده لفتح الحدود مع سوريا، إثر زيارة الملك عبدالله إلى الولايات المتحدة، إضافة إلى الإستعداد المتزايد للدول العربية التخفيف من آثار العزلة الدبلوماسية لسوريا، لم يكن بوسع كل ذلك إلا أن يرسل إشارات خاطئة إلى النظام السوري بأنه في موقع قوي، وأن بوسعه تحقيق إنتصار عسكري في عدد من المناطق المتنازع عليها. لا شك في أن الحكومة السورية وأتباع إيران المحليين يبالغون في تقدير قواهم الذاتية لتحقيق رغبتهم في سحق المعارضين. لكن هذا الإعتداد بالنفس يؤدي إلى وقوع “ضحايا جديدة وجديدة” والإساءة إلى الجهود التي بذلتها روسيا العام 2018، والتي تعهدت بموجبها بأن ينفذ النظام ما إلتزم به.
الكاتب السياسي في موقع RT الناطق بالعربية وفي غير موقع روسي رامي الشاعر الذي يصف نفسه بالمصدر “وثيق الصلة بمؤسسات صناعة قرارات السياسات الخارجية الروسية”، وفي رد على أسئلة مواطنين سوريين له عن الوضع في درعا، قال في 31 من الشهر المنصرم ” أود أن أطمئن الجميع بأنه، وعلى الرغم من الإحتكاك العسكري الذي جرى خلال اليومين الماضيين، وتسبب في وقوع بعض الضحايا من الطرفين، إلا أن الوضع قد أصبح تحت السيطرة بالكامل، ولن تدور أي عمليات قتالية في درعا بعد اليوم. لن تسمح روسيا ومجموعة أستانا والمجتمع الدولي بذلك”.
كان هذا التأكيد بالإمساك الكلي بالوضع، وبأن ليس من عمليات قتالية بعد اليوم في درعا في نهاية الشهر المنصرم. لكن العمليات القتالية وحصار درعا البلد لا يزال قائما”، ولذلك ورأت “المدن” أن تتوجه إلى الشاعر بالسؤال عن فشل الجهود الروسية في تسوية الأمر سلماً، وما إن كان ذلك يهدد بإنتقال إنتفاضة درعا إلى بقية مناطق سيطرة الأسد.
كما رأت أن تسأله أيضاً عن رأيه في ما تقوله المعارضة السورية من أن نصوصه التي ينتقد فيها الأسد، وهو المصدر”وثيق…”، ما هي إلا محاولة من روسيا لبيع المعارضة أوهاماً، في حين أن موقفها من الأسد ونظامه لم يتغير، بل هي باقية على دعمها الثابت له.
رفض الشاعر القول بفشل الجهود الروسية، وأكد “أنه بفضل هذه الجهود تم تفادي حرب أهلية في جنوب سوريا” كانت ستسفر عن عشرات الآلاف من الضحايا ودمار المنشآت السكنية والعامة وآلاف المهجرين، و”بالطبع احتمال كبير جدًا ان تمتد العمليات القتالية الى مناطق اخرى في سوريا تعتبر تابعة لسيطرة النظام”. ورأى أنه من الطبيعي، في الظروف الإقتصادية الصعبة التي يعانيها الشعب السوري وفقدان هيبة الدولة وسيادة القانون، أن يبدأ الشعب بالتذمر وأن تنشأ ظواهر سلبية مختلفة تؤثر على الأمن والإستقرار النفسي لعامة أبناء الشعب، وهذا ما أدى الى الإنتقال من حالة الإنتظار والصبر إلى الإنفجار العلني ضد النظام في دمشق الذي أصبحت غالبية الشعب السوري مقتنعة بأنه لا يريد التجاوب مع متطلباتها ومشاركتها في الإنتقال إلى نظام آخر على أساس تعديل أو تغيير دستوري. ويقول بأن ما يجري في درعا هو “ثورة شعبية واسعة”، أراد النظام في دمشق إخمادها بالقوة، وهو “ما لا يمكن تحقيقه أبداً بهذا الأسلوب”.
أما بشأن سؤاله عن إستخدام روسيا نصوصه المنتقدة للأسد لبيع أوهام للمعارضة بتغيير في الموقف منه، فقد أحال الشاعر الرد إلى تفسير موقف روسيا من الأزمة السورية منذ اندلاعها وموقفها من قرار مجلس الأمن 2254.
قال الشاعر بأن من ينتقد روسيا ويعتبر أن موقفها من الأسد لم يتغير، وأن دورها في الجنوب “يهدف إلى بيع المعارضة الأوهام والخداع”، وبأنها لن تتخلى عن دعمه تحت اي ظرف، “أريد أن اوضح من جديد بأن موقف روسيا واضح منذ بداية الأزمة السورية”، لروسيا الدور الأساسي في صياغة قرار مجلس الأمن 2254، وتحديد خريطة طريق لتنفيذه أثناء انعقاد مؤتمر الحوار السوري في سوتشي العام 2018. ويقول بأنه وضع كتاباً حول طريق السلام الذي رسم في سوتشي، وشارك “بأكثر من ألف” لقاء مع السوريين في جنيف وموسكو تمت خلالها الاجابة عن الأسئلة و توضيح سياسة روسيا بخصوص الازمة السياسية على جميع المعنيين، بما في ذلك شخصيات مهمة من الدول المختلفة و ممثلي الامم المتحدة، لكن “وللأسف الى الان هناك من يعتقد ان روسيا تلجأ الى أسلوب زرع الأوهام”.
إن من شارك في “أكثر من ألف” لقاء وهو يشرح ويفسر سياسة روسيا حيال الأزمة السورية لا بد أنه قد تعب من الشرح، لذلك يقول “أكرر وأوضح” بأن روسيا دولة عظمى، ولا تبني مواقفها وسياساتها الخارجية إستناداً إلى دعم رئيس معين أو طرف سياسي، بل “تستند إلى الأعراف والقوانين الدولية في التعامل مع ممثلي الشعوب واحترام سيادة الدول.
وينهي الشاعر رده على سؤال “المدن” بإنذار من لم يفهم حتى الآن من السوريين وسواهم من “التكرار والتوضيح”، بأن البديل عن دور روسيا في سوريا هو حرب أهلية لا تبقي ولا تذر. ويقول بنبرة حاسمة جازمة جازرة “نعم الأسد هو رئيس الجمهورية العربية السورية، والدستور الحالي هو الدستور الرسمي، ووقف إطلاق النار في سوريا سائد ونظام التهدئة أيضأ. فعلى السوريين تغيير دستورهم واختيار رئيسهم، وهذا ليس من شان اي دولة أخرى، والبديل عن الدور الذي تقوم به روسيا ومجموعة أستانا هو حرب أهلية شاملة مدمرة لا يعلم ويلاتها إلا الله”.
المدن
———————–
الانتفاضة الثانية.. درعا تفضح وهم “انتصار الأسد”/ عمر إدلبي
شهدت مدينة درعا وعدة مدن وقرى في المحافظة أحداث انتفاضة مدوية في وجه قوات نظام الأسد، لتستعيد “مهد الثورة” واجهة الأحداث السورية، في انتفاضتها الثانية، بعد 3 سنين من هدوء جبهاتها العسكرية، عقب اتفاق التسوية الذي أبرمته فصائل حوران المسلحة مع نظام الأسد بوساطة روسية، في تأكيد جديد على هشاشة سيطرة النظام السوري وقواته العسكرية والأمنية، وأكذوبة “النصر” التي يحاول النظام تسويقها داخلياً وخارجياً.
وكانت الفصائل المعارضة المسلحة أبرمت في العام 2018، اتفاق تسوية مع نظام الأسد، سلمت بموجبه الفصائل معظم سلاحها الثقيل، وأخلت مقارّها العسكرية، كما سلمت المعابر الحدودية التي كانت تسيطر عليها إلى النظام السوري، وأتاح الاتفاق لنظام الأسد تشغيل المؤسسات الحكومية، وفرض سيطرة أجهزته الأمنية على المحافظة، مع تفعيل تسويات أمنية لأوضاع المطلوبين أمنياً والمتخلفين عن الخدمة العسكرية، بضمانات روسية، شهدت عدة خروق أمنية وعسكرية محدودة خلال السنوات الثلاثة الماضية.
ورغم هدوء جبهات القتال العسكرية، فإن الأحداث الأمنية لم تغب عن مناطق المحافظة، حيث شهدت حوران مئات عمليات الاغتيال الغامضة، طالت قادة عسكريين ومقاتلين سابقين، وناشطين مدنيين وإعلاميين، وحوادث قتل على خلفية تصفية حسابات ثأرية عشائرية وعائلية، وجرائم خطف وطلب فديات، وجرائم متنوعة، ألقت بظلالها الثقيلة على الاستقرار الهش الذي عاشته حوران طوال السنوات الثلاثة الماضية.
ومع تصاعد الخلاف بين فصائل التسوية والجهات الأمنية والعسكرية في النظام السوري على قضايا تسوية أوضاع المطلوبين، والمتخلفين عن الخدمة، نشبت بين الطرفين صدامات متكررة، تحولت في أكثر من مرة إلى اشتباكات محدودة، عمل “الضامن الروسي” على احتوائها، لصالح نظام الأسد غالباً، دون أن يبدي الجانب الروسي الحزم المطلوب لمنع أو للحد من انتهاكات قوات النظام الأمنية والعسكرية، ومحاولاتها خرق اتفاق التسوية وفرض مزيد من السيطرة الأمنية على مناطقَ سَمَحَ الاتفاقُ لعناصر فصائل التسويات وللمدنيين بحريّة نسبية بالحركة والانتقال، مع الحفاظ للنظام السوري على سلطات حكومية واسعة.
وشهدت بدايات شهر حزيران/يونيو الماضي محاولات متكررة من أجهزة أمن النظام السوري للانقضاض على اتفاق التسوية وإلغاء التفاهمات التي ضمنتها القوات الروسية، واجهتها فصائل التسويات والمدنيون بالرفض، ومطالبة الجانب الروسي بالإيفاء بالتزاماته وضماناته الأمنية، وعقدت وفود من الجانبين عدة لقاءات بهدف التوصل إلى حل للخلافات، قابلها النظام السوري برفض مقترحات “اللجنة المركزية” التي مثلت أهالي درعا في اللقاءات، وإصراره على فرض هيمنة كاملة على المحافظة، أتبعها النظام بفرض الحصار على درعا البلد.
وقد شكّل أهالي درعا البلد ما يسمى “اللجنة المركزية” في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2018، بهدف الإشراف والتنسيق والتفاوض على تطبيق اتفاقية التسوية، وتتألف من شخصيات اجتماعية ودينية وبعض قادة الفصائل، وتضم في صفوفها ناشطين بارزين، منهم الشيخ فيصل أبو زيد والعقيد المنشق “أبو منذر الدهني، والمحامي عدنان المسالمة، والطبيب زياد المحاميد، وغيرهم.
درعا.. تحدي أكذوبة سيطرة نظام الأسد
تطورات الأحداث في درعا دفعت مسألة التسوية برمتها إلى واجهة الاختبار؟ فهل يمكن للنظام تحمل تبعات هذه المخاطرة وزعزعة التسوية المبرمة؟ وما الدوافع الحقيقية وراء هذا التصعيد الأخير؟
شكلت محافظة درعا منذ بدء الثورة تحدياً كبيراً للنظام، فطوال السنوات العشر الأخيرة كان النظام يحاول سحق المعارضة في درعا بالكامل، لاستعادة السيطرة على المنطقة التي فجرت في آذار/مارس 2011 أكبر خطر زعزع ثقته بقبضته الأمنية على البلاد، ولإحباط معنويات الثوار وقوى المعارضة الذين علقوا آمالهم على “مهد الثورة” كما سموها. لكن الأمر لم يكن بهذه السهولة، فبعد معركة درعا الأخيرة في العام 2018 واتفاقيات التسويات التي رعتها روسيا، لم يستتب الأمر للنظام السوري كما كان يتوقع، وبرزت تحديات متنوعة في وجهه، أبرزها:
اندلعت مظاهرات غاضبة في عدة مناسبات في المحافظة ولأسباب متعددة، دون أي خوف أو خشية من ردة فعل النظام، وكان الأهالي في المناطق المحررة سابقاً الطرف الأقوى في المعادلة، وكان عناصر النظام هم الطرف الخائف من عودة الحراك الثوري، وليس الأهالي، فعلى سبيل المثال، بقيت السيطرة الأمنية لنظام الأسد شكلية في معظم المناطق، حيث لم يكن يتجرأ عنصر من جيش وأمن النظام المتمركزين في حاجز السرايا في درعا المحطة، على التقدم بضعة أمتار باتجاه حي طريق السد المحرر سابقاً والمجاور لدرعا البلد!
شهدت المنطقة صدامات عديدة واشتباكات متواترة، ورغم محدوديتها فإن سقوط قتلى وجرحى في صفوف جيش وقوات أمن وميليشيات النظام بشكل متواصل خلال سنوات التسوية، دفع الموالين للنظام إلى اتهام روسيا بالتساهل في ملف الجنوب، وطالبوا النظام بالتخلي عن عهوده لروسيا والضرب بيد من حديد لفرض السيطرة التامة والمحكمة على درعا.
جاءت الصفعة الأقوى في إعلان محافظة درعا بالكامل في بيان للجان المركزية بتاريخ 23 أيار/مايو مقاطعة الانتخابات الرئاسية التي أجراها نظام الأسد في 25 من شهر أيار/مايو، وأغلق أبناء المحافظة جميع المحال التجارية وأوقفوا وسائط النقل وبدت شوارع المحافظة في يوم الانتخابات كأنها في إضراب عام أو حداد وطني!
كما أحرقت صناديق الاقتراع في عدة مراكز انتخابية وامتنعت المحافظة ولا سيما ريفها المحرر سابقاً عن التصويت، باستثناء الموظفين الحكوميين الذي تم تهديدهم بالعقوبة في حال غياب أحدهم في يوم الانتخابات، وتم إجبارهم على الانتخاب، في مشهد يشابه امتناع الشمال السوري عن المشاركة في هذه الحدث الهزلي.
كان انتشار اللافتات المعارضة والهازئة من الانتخابات موقفاً واضحاً مس هيبة النظام وأصاب ادعاءاته بالسيطرة على المحافظة في مقتل، وهو ما يعتبره كثير من أهالي درعا وناشطيها الدافع الرئيس للنظام للتخطيط للانتقام من محافظة درعا، وتحديداً درعا البلد لأهميتها المعنوية للمحافظة بكاملها.
شكل بقاء قادة ثوريين وعسكريين في درعا بموجب التسوية عامل قلق للنظام، من قدرتهم على الحشد والتعبئة وتصليب مواقف الأهالي بمواجهة محاولات النظام فرض هيمنة أمنية وعسكرية كاملة، فقد جاء على لسان أحد ضباط النظام في أحد الاجتماعات مع لجان التفاوض في درعا، أنّ وجود بعض الشخصيات القيادية التي تملك تأثيراً كبيراً عند الأهالي، ما يزال يشكل عائقاً أمام إحكام النظام لقبضته الأمنية في المنطقة وتجنيد الشباب في جيشه.
ورغم تنفيذ قوات أمن النظام والميليشيات التابعة له، العديد من الاغتيالات لمعارضين وناشطين ثوريين وقياديين سابقين في الجيش الحر ومنشقين عسكريين في درعا، فإن ذلك لم يبدل من موقف القوى الأهلية والثورية من رفض الخضوع للنظام ولم يزحزح موقف المعارضين له في درعا.
كل هذه العوامل مجتمعة دفعت النظام – بغض نظر عن حليفه الروسي – إلى التخطيط للانقلاب على التسوية، فبعد الانتخابات بأيام قليلة بدأت ملامح التجهيز للانتقام من درعا، وسحق المعارضة فيها، والانقلاب على بنود التسوية التي اعتبرها أمين فرع حزب البعث في درعا “حسين الرفاعي” غير عادلة باعتبارها لم تشمل الأسلحة الخفيفة.
وبدأت أصوات مؤيدة لنظام الأسد تتحدث عن ملف التسوية في درعا، باعتبارها مختلفة عن التسويات التي أبرمت في باقي المناطق التي خضعت للتسويات، فقد بقي آلاف المقاتلين في درعا ورفضوا التهجير إلى الشمال، الأمر الذي شجعته روسيا لأسباب تتعلق بعدم قدرة جيش النظام على السيطرة آنذاك على كامل الجنوب، ومراعاة للموقف الدولي، والإسرائيلي خاصة، الرافض لتمدد الميليشيات الإيرانية في الجنوب السوري.
مطالب وضعت لترفض
طرح النظام مطالب تعزز موقفه في حال قبولها، بما يساعد قواته على تركيع حي درعا البلد ابتداء، باعتبار ثواره رأس حربة مقاومة لسيطرة النظام على درعا، وشملت مطالب النظام عدة نقاط، منها:
تسليم الأسلحة الخفيفة وتفتيش المنازل في الحي.
تثبيت حواجز نقاط عسكرية في درعا البلد.
تسليم عدد من المطلوبين أو تهجيرهم إلى الشمال السوري.
وجميع هذه المطالب تتعارض مع بنود التسوية التي نصت على تسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة فقط، وعدم التعرض للمواطنين وعناصر الفصائل أو اعتقالهم، وعودة الجيش إلى ثكناته.
ولم يكن خافياً على قادة النظام عندما قدموا هذه المطالب أن الرد عليها سيكون الرفض، فالقبول بها عند أهالي درعا والقوى الثورية في حي درعا البلد كان يعني محاولة إهانة كرامة أهل درعا البلد الصامدين منذ عشر سنوات، وفقدان كل مرتكزات قوة موقفهم، وتطبيق نفس الشروط المذلة على باقي مناطق حوران لاحقاً.
التفاوض على وقع الحصار والحشود العسكرية
لم ينتظر النظام طويلاً بعد رفض مطالبه، إذ بدأ في 26 من أيار/مايو بعد يوم واحد من انتخابات النظام الرئاسية، بتشديد إجراءاته الأمنية على مداخل حي درعا البلد، وبدأ بحشد قواته وتعزيزها بأرتال قادمة من مناطق مختلفة، وأغلق جميع منافذ منطقة درعا البلد، باستثناء طريق سجنة، وقام بتثبيت عدة حواجز هناك بقيادة “مصطفى مسالمة” الملقب بـ “الكسم” وهو أحد أبناء درعا البلد، وكان قبل التسوية قيادياً في فصائل المعارضة، “كتيبة أحفاد خالد بن الوليد”، وأصبح بعد التسوية قائداً لميليشيا تتبع للأمن العسكري، ويتلقى الدعم المباشر من الحرس الثوري الإيراني، وتنسب إليه خلال السنوات الثلاث الماضية جرائم وانتهاكات عديدة، دفعت ثوار درعا لمحاولة اغتياله أكثر من مرة، كان آخرها في منتصف شهر تموز/يوليو الماضي.
شكل فرض الحصار على درعا البلد محاولة ضغط وترهيب للأهالي للتخلي عن موقفهم الداعم للثوار الرافضين لمطالب نظام الأسد، وبدأت معاناة الأهالي من جراء الحصار تتفاقم، وباتوا مضطرين لسلوك طريق طويل من البلد إلى سجنة ثم المحطة، وما يتسبب به الطريق الطويل الخطر من إرهاق وتكاليف مادية على المتنقلين، حيث وصل سعر أجور النقل إلى 800 ل.س في “السرفيس” و10 آلاف في “التكسي”، وبدأت المنطقة تعاني من شح المواد الغذائية والأدوية والمحروقات والمستلزمات الأساسية، ما يضطر الأهالي للذهاب إلى درعا المحطة بطريق ملتف مدته لا تقل عن نصف ساعة في حين كان الطريق المباشر للمحطة يستغرق خمس دقائق!
وعلاوة على ذلك تم حرمان درعا البلد من وصول المساعدات الإنسانية التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي.
وعلى وقع معاناة الحصار والترهيب بالحشود العسكرية المتواصلة، وعلى رأسها قوات الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، شقيق رأس النظام السوري، إضافة إلى ميليشيات مدعومة من إيران، كميليشيا “الحرس القومي العربي” التي تتلقى الدعم المباشر من الحرس الثوري الإيراني، جرت مفاوضات ولقاءات متكررة بين وفد نظام الأسد، ووفد اللجنة المركزية، لإيجاد حل مقبول من الطرفين ينهي التصعيد.
وتصاعدت تهديدات النظام قبيل عيد الأضحى، إذ هدد رئيس شعبة الأمن العسكري في درعا “لؤي العلي” بالاجتياح العسكري لدرعا البلد، وهدم الجامع العمري، واعتقال المطلوبين في حال لم تتم الاستجابة لمطالبه، كما هدد بإغلاق طريق سجنة، الطريق الوحيد المفتوح إلى مركز المدينة والذي يُغذي درعا البلد، وبذلك يتم إطباق الحصار بالكامل على مناطق درعا البلد وحي طريق السد والمخيم. ولزيادة الضغط النفسي والترهيب على أهالي المنطقة، قام عناصر النظام خلال أيام عيد الأضحى بفتح النار على أحياء درعا البلد، ونشر القناصة، الأمر الذي دفع آلاف القاطنين على أطراف الحي إلى النزوح باتجاه أحياء منطقة درعا المحطة.
وبالتوازي مع رفض الفصائل والأهالي في حي درعا البلد شروط النظام الجائرة مقابل فك الحصار، شهدت مدن وبلدات عدة في حوران حراكاً داعماً بمستويات مختلفة، حيث شهدت مدينتا طفس والحراك مظاهرات شعبية دعمًا للمناطق المحاصرة، وسط مشاركة من قادة سابقين في فصائل المعارضة السورية التي كانت تسيطر على مناطق واسعة من الجنوب السوري قبل نحو ثلاثة أعوام.
إضافة إلى وقفات احتجاجية في بلدات حوض اليرموك، والمزيريب، وتل شهاب، كما انتشرت كتابات على الجدران تناصر الأهالي وتتوعد بمقاومة النظام في حال قرر اقتحامها.
وكانت “اللجنة المركزية” والفعاليات الثورية في درعا طالبت، عبر بيان مشترك، بفك الحصار الذي تفرضه قوات النظام السوري، منذ مطلع حزيران الحالي، على درعا البلد.
وبحلول يوم الإثنين 26 تموز/يوليو كان الطرفان قد توصلا إلى اتفاق يقضي برفع قوات النظام حصارها عن درعا البلد وإزالة الحواجز العسكرية إليها، بمقابل تسليم الفصائل وأهالي درعا البلد 40 بارودة روسية، والسماح لقوات النظام بإقامة 3 نقاط عسكرية، الأولى في مبنى البريد، والثانية قرب مركز الجمارك القديم، والثالثة قرب منطقة الشياح، إضافة إلى تسوية أوضاع المقاتلين الذين امتنعوا سابقاً عن التسوية الأمنية.
وفجر يوم الثلاثاء 27 تموز/يوليو ومع بدء عملية تسوية أوضاع نحو 135 مطلوباً في مقر مخفر شرطة حي المنشية في درعا البلد، دخلت قوات النظام لإقامة النقاط الأمنية التي قضى بها الاتفاق، وقابلتها رشقات من أسلحة عناصر فصائل المعارضة التي اعتبرت دخول مدرعات للنظام خلافاً للاتفاق على دخول قوات المشاة فقط، خرقاً لما تم الاتفاق عليه، كما اعتبر الأهالي أن النظام خالف ترتيبات الاتفاق بدخول قواته دون إبلاغ ومرافقة أعضاء (اللجنة المركزية) وحضورهم عمليات تفتيش المنازل في محيط درعا البلد.
وتطور الاشتباك إلى قصف مكثف صاروخي ومدفعي من قبل قوات النظام على مناطق درعا البلد، أوقع مدنيين بين قتيل وجريح.
ومع فشل كل جلسة مفاوضات كانت موجات نزوح عائلات المدنيين من مناطق درعا البلد وطريق السد والمخيم إلى درعا المحطة ومناطق جنوب درعا، تتجدد على نحو واسع، مع ما يواجهه النازحون من معاناة تأمين مأوى ومضايقات عناصر الأمن والجيش على الحواجز، واعتقال بعضهم بغرض الضغط والترهيب.
ورغم عودة الطرفين إلى التفاوض من جديد على بنود الاتفاق، وتعدد جولات المفاوضات، وتدخل الجانب الروسي لمتابعة المفاوضات، الذي أبدى موقفاً متصلباً لصالح دعم مطالب نظام الأسد، لم يكن الحل قريباً وبقي التصعيد العسكري مستمراً وقصف قوات النظام متواصلاً.
محاولة اقتحام ومقاومة
في الثامن والعشرين من شهر حزيران/يونيو الماضي أعلنت “اللجنة المركزية” فشل المفاوضات مع النظام السوري لإيجاد تسوية وفك الحصار، على خلفية طلب النظام السوري تهجير عشرات العناصر من الفصائل وعائلاتهم من حي درعا البلد، وإقامة 9 نقاط عسكرية ومفارز أمنية في الحي، لتبدأ قوات النظام محاولة اقتحام للحي المحاصر، حيث دخلت عربات مدرعة ودبابات ومجموعة من مشاة الفرقة الرابعة، بغطاء من القصف المدفعي وراجمات الصواريخ ما أسفر عن قتلى وجرحى مدنيين، وتصدت مجموعات من مقاتلي فصائل المعارضة للهجوم، وسقط عدد من جنود النظام قتلى في كمين لمقاتلي المعارضة، انسحبت بعدها قوات النظام وشنت عمليات قصف مكثفة على الحي، وأقامت مواقع للقناصين على أطرافه، أوقعوا عدداً من المدنيين بين قتيل وجريح.
وصبيحة يوم الخميس 29 من حزيران/يونيو شنت فصائل المعارضة هجوماً متزامناً على معظم الحواجز العسكرية والمفارز الأمنية في عدة مناطق في حوران، استعادت خلاله السيطرة على مواقع عديدة لوقت قصير، وأسرت العشرات من ضباط وجنود النظام السوري، العسكريين والأمنيين، كما قطع المقاتلون طريق دمشق عمان الدولي قرب معبر نصيب على الحدود الأردنية السورية، وأصدرت الفصائل واللجنة المركزية بيانات أكدت فيها أن الهجوم الذي أطلقت عليه اسم “معركة الكرامة” يهدف إلى إجبار النظام السوري على وقف عمليات القصف واستهداف المدنيين وفك الحصار عن حي درعا البلد، والعودة إلى تفاهمات اتفاق التسوية المبرم في العام 2018.
دوافع ومدافع إيران حاضرة والغطاء الروسي غائب:
تبدو الدوافع الإيرانية للانقضاض على التسوية في درعا حاضرة، بمثل قوة حضور القوى العسكرية المدعومة من إيران على أطراف درعا البلد، حيث تحاول طهران منذ العام 2018 التغلغل عسكرياً في الجنوب السوري، والالتفاف على التفاهم الدولي الذي رعته روسيا بإبعاد العناصر الإيرانية العسكرية عن الحدود السورية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وقد حققت طهران نجاحات محدودة على هذا الصعيد حتى الآن، من خلال تجنيد مقاتلين محليين في صفوف ميليشيات يدعمها الحرس الثوري الإيراني، وميليشيا حزب الله اللبناني، وبعضها يتبع مباشرة للأمن العسكري التابع للنظام السوري، كما أن حشود الفرقة الرابعة التي تشكل القوام الأساس للقوات التي وصلت إلى درعا مؤخراً، لا يترك مجالاً للشك بدور إيراني في التصعيد، حيث تهيمن طهران على الفرقة الرابعة، وكانت قد أجرت عمليات دمج لعدد من الميليشيات الموالية لها، في صفوف الفرقة الرابعة على فترات متتالية اعتبارا من العام 2016، وفي مقدمة هذه الميليشيات “حزب الله” السوري، و”لواء الإمام الحسين”، وغيرهما الكثير من الميليشيات الشيعية الأقل عدداً.
وقد تبدو طهران أكثر اهتماماً بالجنوب السوري وترغب بفرض نفوذ عسكري أكبر لها في مناطقه لتعزيز قدرتها على وصول مقاتلين موالين لها إلى حدود إسرائيل، وفرض قواعد اشتباك جديدة بمواجهة تصاعد التوتر مع إسرائيل والولايات المتحدة خلال هذه الفترة، في ضوء هجمات متكررة أميركية لمواقع ميليشيات إيران على الحدود السورية العراقية، وتعثر مفاوضات فيينا، وتكرار الحوادث الأمنية فيما يسمى بحرب الناقلات، في الخليج العربي والبحر الأحمر، وتواصل الهجمات الإسرائيلية لمواقع ميليشياتها في سوريا.
يضاف إلى ذلك رغبة إيران في تأكيد حضورها العسكري في سوريا بمعزل عن القواعد التي فرضتها روسيا على الساحة السورية.
وتبدو جبهة درعا مناسبة لتأكيد الطرفين، السوري والإيراني، قدرتهما على التحرك منفردين في ملف الصراع، في ظل انسداد الأفق أمامها في جبهة إدلب بفعل التفاهمات الروسية التركية، واستمرار سيطرة قوى معارضة قوية ومنظمة في شمال غربي سوريا.
ويغيب الدور الروسي في تصعيد درعا حتى الآن على مستويين، مستوى دور الضامن لاتفاق التسوية الذي تنصل نظام الأسد من معظم بنوده، وخاصة بند الإفراج عن المعتقلين وعودة الموظفين إلى وظائفهم وغيرها الكثير من الالتزامات الروسية، إلى جانب غياب الروس على مستوى دعم حملة النظام السوري، حيث لم تسجل أي طلعة للطيران الحربي الروسي، حتى في أثناء وبعد الهجوم الواسع الذي شنته فصائل المعارضة في درعا ضد مواقع وحواجز لجيش وقوات أمن النظام.
ورغم وجود الضابط الروسي “أسد الله”، في المفاوضات، فإن دوره اقتصر حتى الآن على نقل رسائل النظام، دون أي تدخل جدّي لفرض احترام بنود اتفاق التسوية، فيما بدا لافتاً أن المبعوث الروسي ألكسندر زورين وصل إلى سوريا ليلتقي على الفور أحمد العودة قائد فصيل اللواء الثامن المدعوم من روسيا في مدينة “بصرى الشام” قبل أيام، من دون أي لقاء مع مسؤولين في نظام الأسد، وهو ما فسره مراقبون بعدم رضا روسي عن تصعيد النظام في درعا، ورغبة مقابلة بالحفاظ على واقع النفوذ في الجنوب السوري.
موقف صلب لقوى درعا.. وعاجز لمؤسسات المعارضة
في الوقت الذي بدا فيه موقف القوى الأهلية والثورية في درعا متماسكا لجهة رفض محاولات تركيعهم من قبل النظام، وفرض سيطرته التامة على مناطقهم، بدا عجز مؤسسات المعارضة الرسمية متوقعاً وضعف استجابته للأزمة واضحاً.
فاللجنة المركزية وممثلو مناطق درعا قادوا حتى الآن مفاوضاتهم مع وفد النظام بكفاءة وصلابة، وعززوا موقفهم باتصالات مكثفة مع أطراف وشخصيات سورية، وتنسيق إعلامي معقول، دعمته حملات شعبية على وسائل التواصل، وفي أوساط الناشطين السوريين في سوريا والخارج، أدت حتى الآن إلى رفع مستوى الاهتمام الدولي بمسألة حصار درعا البلد ومحاولات اقتحامها، وفرض واقع جديد على تفاهمات التسوية، عبر ترتيب لقاءات وتسليم بيانات إلى مسؤولين نافذين في عدد من الدول بينها دول فاعلة في القضية السورية.
في حين واصلت مؤسسات المعارضة الرسمية تأكيد عجزها عن القيام بأي خطوة جادة تجعل منها ممثلة للمعارضة والثورة السورية، وعجزها عن إيجاد قنوات اتصال مؤثرة مع القوى الدولية الفاعلة، والتأثير في موقفها المتراجع من القضية السورية، وعجزها عن تنسيق أي نشاط ذي معنى يجعل منها جديرة بتطلعات السوريين.
خاتمة:
مع دخول الطرف الروسي على خط المفاوضات بين وفدي النظام وأهالي درعا، وتصاعد الإدانات الدولية، وخاصة الأميركية، لمحاولات النظام خرق اتفاق التسوية، تشير معطيات الواقع – حتى الآن – إلى صعوبة تحقيق النظام السوري ومن خلفه إيران، أهدافهما الرامية إلى فرض سيطرة تامة على مناطق درعا، يعزز هذا الاتجاه موقف روسيا غير الداعم للانقلاب على اتفاق التسوية المبرم بضمانتها في العام 2018، يضاف إلى كل ذلك صلابة موقف القوى الأهلية والثورية في درعا، وإدارتها الصراع والمفاوضات بتنسيق معقول وواقعية مطلوبة.
ورغم أن سقف مطالب نظام الأسد ووفده المفاوض بقي عالياً ولم يقدم حتى الآن التنازلات المطلوبة للتوصل إلى حل، فإن تحركات قواته العسكرية بقيت محدودة رغم ضخامة الحشود، ما يشير إلى حسابات معقدة يحسبها النظام لمخاطر وأضرار فتح معركة في درعا، لا تحظى بدعم حليفه الروسي، وقد يحرم فيها من الغطاء الجوي الروسي الذي نجح بوساطته فقط في إجبار فصائل درعا في العام 2018 على القبول باتفاقية التسوية.
وفي حال بقي الموقف الروسي بعيداً عن دعم النظام في توجهاته ومحاولاته العسكرية فمن المتوقع التوصل إلى حل وسط يمنح النظام السوري بعض مطالبه بإقامة نقاط عسكرية صغيرة في منطقة درعا البلد، وحق إجراء عمليات تفتيش دورية بحضور ممثلين عن اللجنة المركزية، وربما بمواكبة من قوات اللواء الثامن المدعوم من روسيا، ويقوده أحمد العودة، وخروج بعض مقاتلي الفصائل، نزعاً لفتيل الأزمة، وهو أمر متوقع الحصول خاصة بعد إعلان محمد المسالمة، الملقب بـ”الهفو”، ومؤيد حرفوش، وهما قياديان سابقان في فصائل المعارضة خروجهما من درعا البلد، استجابة لأحد مطالب النظام في محاولة لتخفيف التصعيد، وبالتالي فإنه من غير المحتمل أن تؤدي الأزمة الحالية إلى فرض خريطة نفوذ جديدة للمنطقة الجنوبية بشروط جديدة يفرضها النظام، مع استمراره في مواصلة الضغط والترهيب، وتأجيل الحسم العسكري قدر الإمكان لمنع انفجار المنطقة وتفادي غضب أهالي المحافظة واشتعال احتجاجاتها من جديد.
تلفزيون سوريا
——————————–
درعا:النظام يمنع دخول الطحين..والمعارضة تهاجم مواقعه وحواجزه
استهدف النظام السوري أحياء درعا البلد بالمضادات الأرضية وقذائف الهاون، بالتزامن مع اشتباكات عنيفة على محاور متعددة اثر استهداف المعارضة لحواجز النظام بريف درعا الأوسط.
وردت المعارضة على تصعيد الفرقة الرابعة بمهاجمة حاجز عسكري في مدينة الشيخ مسكين بريف درعا الأوسط، وسط استنفار أمني كثيف في المنطقة، كما جرت اشتباكات على محور “الكازية” في حي المنشية، وأخرى على محور حي “طريق السد” شرق مدينة درعا.
وذكرت شبكات محلية وناشطون أن الفرقة الرابعة كثفت قصفها الصاروخي والمدفعي على أحياء درعا البلد خلال ساعات الليل، بالتوازي مع محاولات اقتحام تصدى لها مقاتلو المنطقة وتحولت إلى اشتباكات عنيفة.
وأضافت أن مقاتلي حوران هاجموا نقاطاً أمنية وعسكرية لقوات النظام في مناطق متفرقة بدرعا، وخاصة المربع الأمني في مدينة نوى ومقر الشرطة العسكرية بمدينة الشيخ مسكين شمال درعا، حيث شهدت تلك المناطق اشتباكات عنيفة عقب الهجمات أسفرت عن مقتل وإصابة عدد من عناصر النظام، وتزامن ذلك مع تحليق للطيران المروحي في أجواء درعا الغربية.
وحذر “تجمع أحرار حوران” من خطورة تشديد الحصار على أحياء درعا حيث منع النظام من دخول الطحين إلى المحافظة. ونبّه إلى أنه “لا يوجد بديل عن مادة الطحين كي يستعين بها الأهالي لسداد العجز الحاصل كالاستعانة بمادة القمح التي احتكرها النظام ومنع الاتجار بها، إضافة لعدم وجود مطاحن القمح في حال توفره كمحصول زراعي أساسي في المحافظة”.
من جانبها، قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن “تجدد القتال في درعا يثير الشكوك حول قدرة موسكو على لعب دور الوسيط بشكل فعال، حيث يحاول نظام الأسد إخضاع جنوب سوريا بالكامل لسيطرته ، بدعم جزئي من إيران والمليشيات الموالية لها”.
ونقلت الصحيفة عن الدكتور أنس المسالمة عضو اتحاد منظمات الرعاية الطبية والإغاثة، وهي منظمة إغاثة تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، قوله إن الحصار المفروض على درعا البلد، أدى إلى قطع الطعام والماء والكهرباء والإمدادات الطبية عن أكثر من 50 ألف شخص.
وقال أبو علي المحاميد، الناشط البارز في درعا البلد للصحيفة: “ليس لدينا خبز ولا ماء ولا كهرباء ولا الحد الأدنى للعيش”.
ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أجبر القتال ما يقدر بنحو 24 ألفا آخرين على الفرار من ديارهم.
————————–
=====================

======================
تحديث 11 آب 2021
—————————-
درعا والثورة.. بين الهزيمة والنصر/ حسان الأسود
درعا ليست استثناءً عن الحالة السورية، ربّما لها بعض الخصوصية، وربّما لها كثيرٌ من الرمزية، لكنها جزء من معادلة الصراع الكبير، وفي زمن المشاريع الكبرى لا قيمة للخسائر الجانبية. السكان والبيوت والمدن والقرى مجرّد أرقام أو نقاط علّام على خرائط المصالح، قد تزداد قيمتها أو تقلّ حسب هذا الطرف أو ذاك، وقد تتحوّل من وسيلة إلى هدف، لكنها تبقى مجرد رموز وإشارات، تدلّ على حدود الصراع وحرص المتحاربين على تثبيت أقدامهم عندها لا أكثر.
لم يتغيّر سلوك النظام السوري منذ اللحظة الأولى للثورة السورية، عقلية النظام التشغيلية لم تهتز أبداً، إنّه الجمود على الهدف بغض النظر عن الوسائل. لم يكن أمام عين العُصبة الحاكمة في دمشق سوى هدف واحد يجب الوصول إليه، وقد حققته. البقاء في سدّة الحكم غاية وهدف، وما دونه وسائل وأدوات وتفاصيل لا قيمة لها بحدّ ذاتها. دمار المدن والحواضر والقرى، تهجير السكان، القتل والاعتقال والسلب والنهب، تقسيم البلاد بين سلطات أمر واقع مختلفة، احتلال البلاد تبعاً لمناطق النفوذ، ارتهان الجميع للخارج، انتهاء أي دور للبلد في هذه المنطقة على المدى المنظور وضياع أي قيمة وطنية لموقعها في معادلات الصراع الإقليمي والدولي، كلّ ذلك غير مهم مقابل الهدف الذي تحقق.
اختلال موازين القوى
بالعودة إلى الواقع الراهن في مدينة درعا، وبقليل من الموضوعية يمكننا القول إنّه لا تكافؤ بالقوى أبداً بين الطرفين، ولو أراد النظام اقتحام المناطق المحاصرة فعلاً لما وقف بوجهه شيء. السواتر الترابيّة والدشم والمباني المحصّنة والخنادق التي كانت تفصل قوات الثورة وفصائل الجيش الحر عن قوات النظام، تمّت إزالتها بالكامل خلال السنوات الثلاث الماضية. والسلاح الثقيل والمتوسّط تمّ تسليمه قبل أيّ شيء آخر، موارد التموين الخارجيّ قطعت، وأسباب الصمود شبه معدومة، فلا عديد المقاتلين بكافٍ ولا عتادهم الحربي أو اللوجستي بقادرٍ على مساعدتهم لحسم المعركة لصالحهم. لكنّهم مسلّحون ببنادق خفيفة وبوطنيّة ثقيلة وبثوريّة متجذّرة فقط، وهم يراهنون على أهلهم في حوران أولاً وفي سوريا ثانياً وعلى الزمن الذي يجلب المزيد من التضامن معهم كلّ لحظة ثالثاً.
بطولة شباب درعا وبسالتهم وحدها لا تكفي لصدّ القوّات المؤلّلة الكبيرة التي استقدمها النظام. نقاط الضعف التي بدت على النظام خلال الهجمة الأولى تمّ تفاديها، حيث قام بسحب قواته من الحواجز والنقاط والمفارز الضعيفة وجمّعها في مراكز كبرى وعززها بكثير من المدرّعات والأفراد. أي أنّه سحب ورقة الهجوم على خواصره الرخوة من أبناء حوران، والتي أدّت إلى إهانته وإذلاله. لا يمكن قطع طرق إمداد النظام أبداً، بينما شباب درعا محاصرون بالمطلق.
القيادة المركزية التي تتمتّع بها قوّات النظام، إضافة لمصادر القوّة الأخرى من موارد بشرية وعتاد وذخيرة، إضافة لعامل الزمن المنهك للطرف الآخر، وعدم حساسية موضوع المدنيين في عقيدة هذه القيادة الغبيّة، كلّها عوامل تضاف إلى أسباب اختلال موازين القوى. قد يكون هناك قوّة عسكرية وحيدة غير منضبطة، هي الفرقة الرابعة الخاضعة بشكل كبير للسيطرة الإيرانية، وهي التي تقوم بعمليات القصف عن بعد وعمليات الاستفزاز المباشر للمحاصرين. مع ذلك، فهي لن تخرج عن حدود الأوامر الصارمة للقيادة المركزية بدمشق عند الضرورة.
واقع القيادة المحلية
ضعف القيادة المجتمعية التي أخذت على عاتقها مهام تمثيل السكان المحليين ومهام مفاوضة النظام والحديث باسمهم أمامه أمرٌ واضح للعيان. وقد بدا ذلك جليّاً من خلال توقيعهم وثيقة ببنود مفصّلة مع النظام دون أخذ الموافقة المسبقة من الشباب الثائر المتحكّم بالأرض فعلياً، أي دون أخذ موافقة الثوّار المسلحين، وهذا ما يمكن استنتاجه من تبريراتهم بأنّ تسريب النظام لهذه الوثيقة هدفه خلق شرخ بين القيادة هذه وحاضنتها الشعبية وخاصّة الثورية. قد يصحّ الوصف بأنّهم فرّطوا في هذه الوثيقة بكثير من المكتسبات التي راكمها أبناء جلدتهم خلال السنوات الماضية، وقد يكون من الصواب التماس العذر لهم فيما قدّروه من اختلال موازين القوى، وبالتالي حرصهم على تجنيب الناس سفك الدماء والتهجير. يبدو أننا أمام ثلاثة مشاهد، الأول عنوانه الثوّار النشطون، وثانيه القيادة المحلية من وجهاء وأصحاب رأي، وثالثه المدنيون من الأهالي، وهؤلاء مع أي حلّ يحفظ كرامتهم ويحقن دماءهم ويصون ممتلكاتهم.
تردّدُ اللجنة المفاوضة، وعدم قدرتها على الحسم واتّخاذ قرارات صعبة ومؤلمة لكنّها فاعلة، أمر واضح للمراقب الخارجي، لكنّ إطالة أمد الأزمة ومعاناة المدنيين، له أسباب أخرى كثيرة. خوف اللجنة من القوى الثورية المسلحة من جهة، وعدم ثقتها بالنظام وحلفائه من جهة ثانية، وعدم وجود ضمانات روسية حقيقية وضوابط محددة وآليات واضحة لمنع تجاوز الاتفاق المزمع إبرامه من جهة ثالثة، وجود مصالح شخصية لقادة قوات النظام بإطالة أمد الأزمة، التي فتحت لهم باباً جديداً للاسترزاق والنهب من خلال الرشى المدفوعة من قبل الأهالي لإخراج ممتلكاتهم، (كلفة إخراج السيارة من درعا البلد تتراوح بين ألف دولار أميركي وألف وخمسمئة، وكلفة المرور الفردي عبر الحواجز تتراوح بين خمس وعشرين ألف ليرة ومئة ألف ليرة سورية حسب حمولة هذا الشخص)، كل هذه عوامل ساعدت وتساعد في إطالة الأزمة دون حلول.
بنود الاتفاق الأول
نورد فيما يلي بنود الاتفاق الذي تمّ تسريب صورة عنه للتداول العام:
تسليم السلاح المتوسط والخفيف كاملاً، وكل من يخبّئ بارودة أو سلاحاً يتحمل مسؤوليته وتلغى تسويته ويلاحق كاملاً.
نشر الأمن والنقاط في درعا البلد لتحقيق الأمن والأمان.
تسوية أوضاع المطلوبين في درعا البلد والمخيم والسد.
إعطاء أسماء الذين خرجوا من درعا البلد مع سلاحهم.
سحب السلاح كاملاً من المجموعات، بما فيها المجموعات التي تعمل مع الأمن وغيرها من القوات الرديفة.
كل متخلّف عن الخدمة الإلزامية يُعالج وضعه خلال 15 يوماً من خلال شعبة التجنيد للتأجيل.
العسكري الفار من الخدمة يلتحق بوحدته بعد إجراء التسوية، ولا يلاحق قانونياً.
في حال رغبة أحد بالخروج إلى الشمال، يمكن تأمين خروجه وإيصاله إلى الشمال.
إطلاق الإساءات والتصريحات غير المسؤولة والتحريضية على وسائل التواصل الاجتماعي سيلاحق قانونياً.
عند الانتهاء من التسويات وتسليم السلاح وعودة الحياة الطبيعية إلى درعا البلد، ستُزالُ كافة الحواجز، والسواتر ستكون بحكم المزالة.
القسم التنفيذي من الاتفاق:
اليوم تسليم السلاح تاريخ 2021/7/24.
غداً استكمال جمع السلاح تاريخ 2021/7/25.
بعد غدٍ إجراء التسويات في درعا البلد من خلال حاجز السرايا تاريخ 2021/7/26.
اليوم الثالث يتم نشر الأمن في درعا البلد من خلال النقاط والحواجز يوم 2021/7/27.
بعد انتشار الأمن، فتح النقاط والطرق والسواتر كاملة2021/7/28 .
التوقيع: اللواء رئيس اللجنة العسكرية / أبو أنس / أبو شريف المحاميد / أبو سمير/ أبو منذر الدهني.
تم ذلك بالتوافق مع جميع أعضاء اللجنة.
موقع الروس في الجنوب
لم ينتهج الروس منذ تدخّلهم المباشر في سوريا، سياسة موثوقة تجاه الأعداء المفترضين، الذين حاربوهم ومن ثمّ عقدوا معهم اتفاقيات التسوية والمصالحات. لم تفِ روسيا بأي تعهّد قطعته على نفسها، وبالتالي فقدت الثقة بكونها قادرة على فرض رؤيتها للحل عند الأطراف المحليّة على الأقل.
لو أرادت روسيا إنهاء الصراع فعلاً في الجنوب، لقامت منذ اليوم الأول للتسويات بتوسيع ملاك اللواء الثامن وفرضه على النظام بالقوّة، ولكانت أنشأت إلى جانبه عدّة ألوية أخرى ضمّت في صفوفها جميع شباب الجيش الحر سابقاً وجميع عناصر الفصائل المسلّحة، لكنها لم تسعَ للقيام بذلك، ظنّاً منها أنها قادرة على مسك العصا من المنتصف، بحيث تستخدم الإيراني فزّاعة بوجه الغرب وورقة للمساومة عليها معه، وبحيث تبقي لها موطئ قدم من خلال القوى المحلية من سكان المنطقة، هذه القوى التي ترى في روسيا أهون الشرّين. لقد كانت أوراق التسوية المطبوعة والمقدّمة للمطلوبين إلى خدمة العلم أو الخدمة الاحتياط وكذلك للمنشقين، تعطي المتطوّع ثلاثة خيارات:
اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس.
أحد فروع الأجهزة الأمنية.
الفرقة الرابعة.
هل يعقل أنّ دولة بحجم الاتحاد الروسي غير قادرة على تأسيس جيش كامل من أبناء المنطقة؟ هل تعجز روسيا عن تمويل هذا الجيش، أو على الأقل عن تأمين تمويل له من دول الخليج العربي التي كثير منها لن يمانع؟ هل يعقل أنّ التفكير الاستراتيجي الروسي لا يدرك أنّ عدم دفع رواتب ومخصصات اللواء الثامن منذ أربعة أشهر هو بمثابة إطلاق المرء الرصاص على قدميه؟
الحقيقة أنّ المخابرات السورية استطاعت شراء ذمم الضباط الميدانيين الروس بشكل عام من خلال الرِشى، ومن لم تتمكن من شرائه أغرقته بالتقارير الكاذبة المزيّفة عن واقع الحال في الجنوب. دفع هذا كلّه القيادة الروسية المركزية إلى استبدال قادتها الميدانيين كلّ ستة أشهر، والآن تقلّصت الفترة إلى ثلاثة أشهر فقط. يقطع هذا الإجراء جميع فرص تراكم العلاقات واستقرارها من جهة، ويقضي على المصداقية من جهة ثانية.
بغضّ النظر عن موقفنا من التدخّل الروسي لصالح النظام في حربه ضدّ الشعب السوري، وبغضّ النظر عن الجرائم الخطيرة والانتهاكات التي ارتكبتها القوات الجوية الروسية وميليشيا فاغنر التابعة لها، فإنّ السياسة تقتضي منّا التمييز بين احتلال يمكن جلاؤه وهو الروسي، وبين احتلال سيكون أخطر من الاستيطان الإسرائيلي بعشرات المرّات وهو الإيراني. والمفاضلة بين احتلالين ليست قبولاً بأيّ منهما، لكنها وسيلة لتحييد الخصوم وترتيب الأولويات.
آفاق تطوّر الأزمة
قد يكون هناك فائدة من إطالة أمد الأزمة ولو على حساب معاناة المدنيين، فيمكن أن تسفر الضغوط عن تفاهمات دولية لدعم الموقف الروسي في اجتماع مجلس الأمن، بحيث يؤدّي ذلك إلى منحها الضوء الأخضر لإعادة تشكيل القوى المسيطرة في الجنوب. ويمكن أن يؤدّي تقاطع المصالح المحلية والإقليمية والدولية إلى تشديد الضغط على إيران للخروج من الجنوب. كما يمكن أن يكون هناك اتفاق جديد يعدّل الاتفاقيّة السابقة التي تمّ بموجبها إلزام الجنوب بروسيا، مقابل تعهّدها بإبعاد الإيرانيين عن حدود إسرائيل عدّة كيلومترات معلومة. قد يكون هناك تطوير لطروحٍ بدأت تظهر للعلن، وأخذت تلقى بعض القبول الشعبي، عن مشاريع للإدارة الذاتية للمنطقة الجنوبية، ضمن إطار وحدة الأراضي السورية، ووفق معايير الإدارة المحلية المنصوص عليها في قانون خاص ساري المفعول منذ العام 1974 في سوريا. وقد يكون هناك قبول لفكرة منطقة عازلة أو منزوعة السلاح أو منطقة خضراء أو منطقة محميّة دولياً، بحيث يتمّ إعادة إعمارها وإعادة اللاجئين من الأردن ولبنان إليها قبل البدء بالحل السياسي النهائي، وهو ما يمكن قراءته من مصطلحات التعافي المبكّر التي بدأ استعمالها بعد لقاء الرئيسين الأميركي والروسي في جنيف.
مع ذلك، تبقى مخاطر الحرب واجتياح البلدة القديمة من درعا وما يتبعها من أحياء قائمةً، وهذا سينهي آخر معاقل الأمل في الجنوب، كما سيهدم آخر أسس الرمزيّة الأسطورية للثورة السورية.
هل انتصر الأسد على سوريا والسوريين، هل انتصر على أبيه الذي أورثه قطعة من الشرق فاعلة في محيطها فحوّلها إلى دولة مهزومة من داخلها بدل أن تكون موطناً لأهلها؟ قد تكون هذه المحنة لأهلنا في حوران وفي القلب منها درعا البلد، آخر فرصة لإعادة تشكيل الحلم بالانتقال من عهد إلى آخر، واللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمرِهِ ولَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعلَمُون.
تلفزيون سوريا
—————————–
درعا البلد… لا حرب ولا سلم/ أمين العاصي
لا يزال الجمود سيّد الموقف في جنوبي سورية، حيث لم يطرأ أي جديد على سير المشاورات التي يجريها الجانب الروسي لنزع فتيل صدام بين قوات النظام السوري والمليشيات الإيرانية من جهة، ومن ناحية ثانية مقاتلين محليين يدافعون عن أحياء درعا البلد، شرقي مدينة درعا، والتي باتت على حافة كارثة إنسانية بسبب الحصار المفروض على آلاف المدنيين منذ نحو 50 يوماً. وقال الناشط الإعلامي أحمد المسالمة، في حديث لـ”العربي الجديد”، إن الهدوء يسود أحياء درعا البلد نهاراً، بينما تصعّد مليشيات النظام ليلاً من خلال استهداف الأحياء بالقصف بالمضادات الأرضية والأسلحة الرشّاشة ومحاولات التسلل. وأكد المسالمة سقوط قتلى وجرحى من قوات النظام، ليل الإثنين – الثلاثاء، خلال تصدي المقاتلين المحليين لمحاولة تقدم لمجموعات من هذه القوات على محور حيّ المنشية. وعلى صعيد التفاوض بين اللجنة المركزية التي تمثل الأهالي والنظام، أوضح المسالمة أنه “لا يوجد أي جولات مفاوضات معلن عنها حالياً”، مشيراً إلى أن آخر جولة من التفاوض حصلت يوم الجمعة الماضي. ورأى أن التأجيل “يأتي لزيادة الضغط النفسي على الأهالي وكسر إرادتهم في الحصار وكسب الوقت لاستقدام التعزيزات العسكرية”.
إلى ذلك، صدرت تحذيرات من تبعات الحصار المفروض منذ نحو 50 يوماً على أحياء درعا البلد، وعلى آلاف المدنيين الذين تقطعت بهم السبل، ولم يستطيعوا الخروج من هذه الأحياء. وتؤكد مصادر محلية أن الوضع الإنساني يكاد يكون كارثياً، حيث تسجل الندرة في الطحين والأدوية وحليب الأطفال في ظل انعدام الأمل بانفراج قريب. وذكر “تجمع أحرار حوران”، أمس الثلاثاء، أن مادة الطحين نفدت في أحياء درعا البلد، ما أدى إلى توقف الأفران، مشيراً إلى انقطاع المياه والكهرباء عن معظم الأحياء. وأطلق نشطاء سوريون حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، تحت هاشتاغ #درعا_تحت_الحصار، تحذّر من كارثة إنسانية في درعا، داعين إلى إضراب عام اليوم الأربعاء، وغداً الخميس.
ويشي الجمود في ملف المفاوضات بأن النظام لا يزال يصرّ على شروطه لإنهاء الحصار، من قبيل تسليم الأسلحة ودخول قواته، وخصوصاً “الفرقة الرابعة” التابعة لإيران، إلى أحياء درعا البلد، وتهجير كل من لا يوافق على الاتفاق إلى الشمال السوري.
من جهته، أوضح عضو هيئة التفاوض التابعة للمعارضة السورية، إبراهيم جباوي (وهو من أبناء محافظة درعا)، في حديث لـ”العربي الجديد”، أنه “جرى مساء الإثنين (أول من أمس) اجتماع إلكتروني بين المعنيين الثوريين في درعا مع المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون”، موضحاً أن الأخير “وعد بالسعي لفكّ الحصار وإدخال المساعدات إلى سكان أحياء درعا البلد”. وتساءل جباوي: “هل يجد (بيدرسون) من يسمعه من الدول الفاعلة؟”. وحذّر عضو هيئة التفاوض التابعة للمعارضة السورية من أنه “إذا اقتحمت الفرقة الرابعة وحزب الله والفصائل الإيرانية الطائفية أحياء درعا البلد، فإن ذلك يعني حدوث كارثة إنسانية تتمثل بالقتل والتنكيل والتشريد”. وبيّن أن اقتحام هذه الأحياء من قبل الميلشيات الإيرانية “يعني احتلال كامل الحدود مع الأردن، ما يحقق المخطط الإيراني بقرب الوصول إلى حدود بلاد الحرمين الشريفين (في إشارة إلى السعودية)، وهنا تكمن الكارثة الحقيقية”، على حدّ قوله. ورأى أنه “ينبغي على الأشقاء العرب التحرك بسرعة لدرء هذا الخطر الذي بات محدقاً، والذي سيؤدي الى احتلال عواصم عربية أخرى من قبل الإيرانيين، وتكريس المخطط الايراني في المنطقة”.
في موازاة ذلك، تحاول مجموعات مقاتلة معارضة للنظام في محافظة درعا، التخفيف من ضغط النظام على أحياء درعا البلد، من خلال استهداف قواته وحواجزه المنتشرة في المحافظة، حيث استهدفت مجموعة أمس، بالرصاص، أحد الحواجز الأمنية المتمركزة في مدينة الشيخ مسكين، وفق ناشطين أكدوا أن قوات النظام انتشرت بعد ذلك في المدينة في ظلّ أنباء عن وجود إصابات في صفوفها.
على صعيد آخر، زاد النظام السوري من وتيرة التصعيد على الشمال الغربي من سورية. وقالت مصادر محلية لـ”العربي الجديد” إن قوات النظام كثفت من قصفها المدفعي والصاروخي أمس، على منطقة جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، ما أدّى إلى مقتل مدني وإصابة آخرين في قرية معرزاف. وجاء ذلك تزامناً مع تصعيد القصف على ريف حلب الغربي، ما أسفر كذلك عن مقتل طفلة وإصابة آخرين، بينهم طفلة، في قرية تديل.
من جهتها، قالت صحيفة “الوطن” التابعة للنظام، إن الطائرات الروسية وجهت أول من أمس “رسائل من نار” في محافظة إدلب ومحيطها “في دلالة على حنق روسيا من النظام التركي الذي يماطل في وضع جدول زمني لتطبيق اتفاق موسكو المبرم عام 2020″، وفق الصحيفة. وقالت “الوطن” إن الضربات الجوية الروسية “ستتوالى خلال الفترة المقبلة بفواصل زمنية أقل من سابقاتها”، مشيرة إلى أن الجانب الروسي يصر “على وضع جدول زمني لتنفيذه على الأرض، لا أن يترك إلى أجل غير مسمى”.
ويسعى الجانب الروسي في سورية إلى فتح الطريق الدولي “أم 4” الذي يربط الساحل السوري ومدينة حلب في شمال البلاد ويقطع محافظة إدلب، واستعادة الحركة التجارية عليه، لكن تعقيدات على الأرض تحول دون ذلك، مع وجود رفض شعبي لأي وجود روسي في الشمال الغربي من سورية. وأبرم الجانبان التركي والروسي اتفاقات عدة حول الشمال الغربي من سورية، إلا أنها لم تنفذ، ما خلا وقفاً هشّاً لإطلاق للنار، اذ لطالما خرقه النظام والروس ما يؤدي بشكل دائم إلى مقتل وتهجير مدنيين. ونشر الجيش التركي في الربع الأول من العام الماضي آلاف الجنود الأتراك في شمال غربي سورية، وأنشأ قواعد عسكرية كبيرة فيها، إضافة إلى عشرات نقاط المراقبة والارتكاز. وعلى الرغم من عدم تنفيذ اتفاق موسكو (الموقع بين تركيا وروسيا في مارس/ آذار 2020)، إلا أن الجانبين التركي والروسي لم يعلنا انهياره خشية الانزلاق إلى صدام ربما تصعب السيطرة عليه، في ظلّ وجود نحو أربعة ملايين مدني في محافظة إدلب ومحيطها. من جهته، رأى “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” أن “النظام وروسيا يسعيان لتحقيق مكاسب عسكرية على الأرض في خرق لاتفاق خفض التصعيد، بهدف الاستيلاء على الأرض وتهجير السكاّن، حيث تقدر أعداد المهجرين من أبناء المناطق خلال الشهرين الماضيين بالآلاف”، وفق بيان لـ”الائتلاف” صدر عنه أول من أمس.
العربي الجديد
——————————
محاولات جديدة لاقتحام درعا البلد ودعوات لإضراب عام في كافة مناطقها/ محمد الأحمد
دعا ناشطو درعا إلى إضراب عام لمدة يومين في كافة أنحاء المحافظة جنوبي سورية تحت عنوان “إضراب الشهيد حمزة الخطيب”، ابتداء من صباح غد الأربعاء وحتى ليل الخميس، تضامناً مع أحياء درعا البلد، والتي تشهد حصاراً خانقاً من قبل النظام والمليشيات الإيرانية الموالية له منذ 24 يونيو/ حزيران الماضي.
وفي بيان صدر اليوم الثلاثاء، دعا ناشطو محافظة درعا، أهالي سورية عامة وأهل حوران خاصة للمشاركة “في إضراب الكرامة العام تحت مسمى إضراب الشهيد حمزة الخطيب، يومي الأربعاء والخميس الموافقين للحادي عشر والثاني عشر من أغسطس/ آب الحالي، إيماناً منّا وتمسكاً بالقيم النبيلة، التي سعى لها ذلك الطفل أثناء ذهابه برفقة أهل حوران حاملين أغصان الزيتون، وسيراً على الأقدام لفك الحصار عن درعا البلد عام 2011، حيث استشهد تحت التعذيب على يد قوات النظام الأسدي”.
وأوضح البيان: “شهر ونصف على حصار درعا البلد وحي طريق السد ومخيمي اللاجئين الفلسطينيين وأبناء الجولان، ولا تزال آلة النظام العسكرية مدعومة بالمليشيات الإيرانية، وبتعامٍ روسي، تعزز من وجودها وإطباق حصارها على آلاف المدنيين هناك، بالإضافة إلى استهدافها المتكرر والممنهج لبيوت السكان المدنيين، الأمر الذي أدى لدمار كبير، فضلاً عن نفاد معظم مقومات الحياة الأساسية من وقود وطحين ومستلزمات طبية لدى السكان هناك”.
وأشار بيان نشطاء درعا إلى أنّ “حوران جسد واحد، ومن واجب أبنائها الوقوف بجانب بعضهم البعض حتى تحقيق الحرية والعدالة”، لافتاً إلى أنّ “الثورة تعاد من جديد”.
من جهته، قال الناشط أحمد العمر المتواجد في محافظة درعا، وهو أحد الموقعين على بيان النشطاء، في حديث لـ”العربي الجديد” إنه “بالأمس كان هناك اتفاق من جميع نشطاء درعا لإضراب عام في جميع مناطق درعا؛ بسبب استمرار حصار قوات النظام والمليشيات الإيرانية لدرعا البلد”.
وحذّر من أنّ “الوضع الإنساني سيئ جداً داخل درعا البلد، ويوجد نقص في المواد الغذائية والطبية وشح في المياه بداخلها بسبب الحصار الذي تفرضه قوات النظام”.
ولفت العمر إلى أنّ “هناك اجتماعات يومية بين اللجنة المركزية من جهة، واللجنة الأمنية التابعة للنظام من جهة أخرى، بدعوات من الوفد الروسي من أجل التوصل إلى اتفاق بين الطرفين، ولكن مطالب النظام تعجيزية، وتأتي عكس مطالب ثوار وشبان درعا واللجنة المركزية”.
وكان البيان قد ذكر أنّ النظام يستقدم تعزيزات ومليشيات إيرانية وعراقية ولبنانية، ويحاول اقتحام واختراق أكثر من نقطة في محافظة درعا، مشيراً إلى أنّ ذلك “يترافق مع محاولات تمهيد مدفعي وبقذائف الهاون والرشاشات المتوسطة على منازل المدنيين داخل الأحياء المحاصرة، لاستنزاف الثوار، أو كورقة ضغط لتسليم درعا للنظام والمليشيات الإيرانية المساندة له”.
وفي السياق، أوضح الناشط أبو البراء الحوراني عضو “تجمع أحرار حوران”، لـ”العربي الجديد”، أنّ “قوات الفرقة الرابعة قصفت، عصر الثلاثاء، بقذائف الدبابات والهاون والرشاشات المتوسطة حي الأربعين وسط درعا البلد، بالتزامن مع اشتباكات متقطعة تشهدها المنطقة بين عناصر الفرقة من جهة وشبان درعا من جهة أخرى، في محاولة من الفرقة لاقتحام أحياء درعا البلد وسط صد بالأسلحة الخفيفة من قبل شبان درعا”.
في غضون ذلك، قال “تجمع أحرار حوران” إنّ “مجلس حوران الثوري” أطلق، اليوم الثلاثاء، حملة لجمع التبرعات لصالح الأهالي المحاصرين في درعا البلد وطريق السد ومخيمات اللاجئين، تحت مسمى “حملة الوفاء لمهد الثورة”.
ونقل التجمع قول المهندس نزيه قداح، أحد المشرفين على الحملة، إنه “مع بدء الحملة العسكرية للنظام على درعا، أطلق مجلس حوران الثوري حملة لجمع التبرعات، وذلك بالتنسيق مع العديد من الفعاليات الثورية، والناشطين الثوريين داخل وخارج سورية”.
وأشار إلى أنّ “الحملة تهدف إلى التخفيف من معاناة الأهالي في درعا من آثار العدوان، وتقديم الدعم للجرحى وعائلات الشهداء والمتضررين، من خلال لجان تم التنسيق معها في درعا”.
ولفت قداح إلى أنه “ليس هناك سقف للاحتياجات، كون العدوان على أهلنا ما زال مستمراً، والحملة مستمرة حتى انتهائه”، مشيراً إلى أنّ “درعا أصبحت منطقة منكوبة”.
وكانت قوات النظام السوري، قد منعت إدخال مادة الطحين إلى درعا البلد المحاصرة، بالتزامن مع نقص في الأدوية الطبية داخل أحيائها، بسبب قصف النظام النقطة الطبية الوحيدة في المنطقة، بالتزامن مع الحصار الخانق المفروض من قبل قوات النظام والمليشيات الإيرانية من كافة الجهات على المنطقة، ومنع دخول كافة المستلزمات الإنسانية ضمن سياسة الحصار والتجويع التي اتبعها النظام في عدة مناطق سابقاً لتركيع مناهضيه.
بيدرسون يجتمع بممثلين عن لجنة مفاوضات درعا عبر تقنية الفيديو
على صعيد آخر، عُقد اجتماع، مساء اليوم الثلاثاء، بين المحامي عدنان المسالمة، الناطق الرسمي باسم “لجنة المفاوضات في درعا” مع غير بيدرسون المبعوث الخاص لـ “الأمم المتحدة” إلى سورية، وعدد من شخصيات في المعارضة السورية تتواجد في الداخل السوري.
وقال الناطق الرسمي باسم “لجنة المفاوضات في درعا” عدنان المسالمة، على حسابه في فيسبوك، مساء الثلاثاء، إنه “تم خلال الاجتماع تقديم إحاطة شاملة عن مجرى الأحداث الأخيرة والحصار المفروض على درعا البلد وحي طريق السد والمخيم وعلى أجزاء كبيرة من حوران ومسار المفاوضات بين لجنة المفاوضات واللجنة الأمنية التابعة لقوات النظام وأسباب تعثرها”.
وطلب المسالمة من بيدرسون “برفع الحصار وأن تتحمّل كافة الجهات الدولية مسؤولياتها والالتزام بتنفيذ اتفاق التسوية لعام ٢٠١٨”. وأشار إلى أن بيدرسون “وعد بزيارة درعا بأقرب وقت”، ولفت إلى أنه “أكد على نقل المطالب إلى أروقة الأمم المتحدة”.
وتزامن مع عقد الاجتماع، تجدد القصف المدفعي من قبل قوات “الفرقة الرابعة” التي يقودها ماهر الأسد، شقيق رأس النظام السوري، على ضاحية المزيريب بريف درعا الغربي، سبقتها محاولة اقتحام للفرقة من أطراف حي المنشية، عصر الثلاثاء، إلى أحياء درعا البلد وسط تمهيد مدفعي وبقذائف الهاون، واستمرت المحاولة لمدة ساعة دون إحراز أي تقدم يذكر.
العربي الجديد
——————–
بيدرسن يدخل على خط أزمة درعا..ووعود بإدخال المساعدات!
علمت “المدن” أن المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن أجرى قبل يومين، اجتماعاً إلكترونياً مع ممثلين عن أهالي درعا، خُصّص للحديث عن الوضع الإنساني، بحضور مساعدته خولة مطر، وأعضاء من المكتب الأممي.
وفي تفاصيل الاجتماع، أكد مصدر خاص ل”المدن”، أن الاجتماع الذي امتد لأكثر من ساعتين، ركّز على الوضع الإنساني في درعا البلد نتيجة الحصار الذي تفرضه قوات النظام على الحي، والتهديدات على المدنيين التي تشكلها محاولات اقتحامه.
وقال المصدر الذي كان حاضراً الاجتماع، إن الناطق الرسمي باسم اللجنة المركزية للمفاوضات عدنان المسالمة استعرض مجريات التفاوض مع النظام، بحيث أكد أن ما يجري لا يعد تفاوضاً وإنما فرض الشروط التي تؤسس للاستسلام.
وحول الدور الروسي، انتقد المسالمة في مداخلته الدور الروسي قائلاً: “لا يؤدي الروس المطلوب منهم كضامن، ولم يُلمس منهم الجدية المطلوبة”.
ووفق المصدر، عبرت الحاضرات من حي درعا البلد خلال الاجتماع، عن مخاوفهن من اقتحام قوات النظام والمليشيات المدعومة من إيران للأحياء السكنية، حيث تسود مخاوف من تعرض النساء لعمليات الاغتصاب، كذلك، تحدثت الحاضرات عن الرشاوى والإذلال الذي تعرضن له من قبل قوات النظام عند العبور من درعا البلد إلى درعا المحطة عبر حاجز السرايا.
وطبقاً للمصدر، كان بيدرسن مهتماً لكل كلمة، وكان بادياً على الفريق الأممي كله التأثر والتعاطف، حيث أكدت مساعدة بيدرسن خولة مطر أن الاجتماع أسهم بتكوين صورة واضحة عن المعاناة الإنسانية.
من جانب آخر، أكدت مطر، أن الفريق الأممي يبذل جهداً مضنياً مع عواصم القرار لتجنب التصعيد، وإدخال التجهيزات الطبية والإغاثية عبر الأراضي السورية أو الأردن.
وقال المصدر إن أحد الحاضرين طالب المبعوث الدولي بالضغط لوضع روسيا أمام مسؤوليتها المتعلقة بخفض التصعيد في درعا وإدلب خاصة ان الامم المتحدة كانت مشاركة في جولات أستانة، واحترام تلك الاتفاقات، وتأمين حماية دولية.
وكثّفت القوات الحكومية على أطراف درعا البلد قصفها للأحياء المحاصرة في المدينة، تزامناً مع دعوات للإضراب العام وجّهها ناشطون من أبناء درعا.
وليل الثلاثاء/ الأربعاء، استهدفت قوات النظام أحياء درعا البلد المحاصرة، وضاحية المزيريب بريف درعا الغربي، بقذائف المدفعية والدبابات، في حين بدأت بلدات وقرى بريف درعا إضراباً عاماً، بعد دعوات أطلقها ناشطون تضامناً مع أحياء درعا البلد، المحاصرة منذ 24 حزيران/يونيو الماضي.
المدن
————————-
لا مركزية أم قوات حفظ سلام عربية في درعا؟/ مالك الحافظ
في السابع من الشهر الجاري، صدر بيان عن القوى المجتمعية بمحافظة درعا (عشائر حوران) يدعون فيه إلى اللامركزية في محافظة درعا، بالانطلاق من “عجز الدولة السورية في ظل النظام الحالي عن إدارة المحافظة وبقية المحافظات والمؤسسات” لا سيما في ظل التسلط الأمني، واستشراء الفساد المؤسسي على حساب المواطن.
لاحقاً وفي التاسع من الشهر الجاري، نفى عضو لجنة التفاوض والناطق باسم اللجنة المركزية في درعا عدنان المسالمة، عبر حديث لموقع قناة “روسيا اليوم” أن يكون البيان منسوباً لـ “عشائر حوران”، ورغم ذلك فإن تعليقات عديدة من أبناء محافظة درعا في داخل سوريا وخارجها عبرت عن تأييدها لمضمون البيان، منطلقين من أن اللامركزية الإدارية قد تكون الشكل الأمثل لإدارة المنطقة خلال المرحلة المقبلة، لا سيما أن الجنوب السوري لم ينعم بأي فترة استقرار منذ أكثر من 3 سنوات.
بغض النظر عن الأسباب الموجبة للدعوة إلى اللامركزية، إذا ما نظرنا إلى تدهور الأوضاع المعيشية وسوء الخدمات المقدمة في مختلف مناطق سيطرة حكومة النظام السوري، إلى جانب تغلغل النفوذ الإيراني فيها. إلا أن رغبة البعض بطرح فكرة اللامركزية على عموم أراضي المحافظة، هي مسألة ممكنة البحث والنقاش حولها، لا سيما إن كان هذا النموذج منطلقاً ليتم تعميمه على باقي المحافظات السورية، بحيث تدار المناطق من أهلها، فقد تكون درعا أبرز محطة لتنفيذ هذه التجربة، إن تم لهذا الطرح دعمٌ رافضٌ في المقام الأول لادعاءات التقسيم، فاللامركزية تؤكد على عدم تركيز السلطة بمستوى إداري واحد، والقيام بتوزيعها على كل المستويات الإدارية الأخرى سواء في داخل الدولة أو المؤسسة.
اللامركزية هي إحدى أنظمة الإدارة التي تقسم إلى ثلاثة أقسام، (لامركزية جغرافية، لامركزية وظيفية، لامركزية سياسية). وفي كل الأنظمة المذكورة آنفاً لن يكون هناك تقسيم للدولة.
لا يمكن إدارة شؤون محافظة درعا من شبه حكومة تغلغلَ النفوذ الإيراني في جهازها الأمني ومؤسستها العسكرية، وبالمقابل فإن أي تصعيد عسكري في المحافظة لن تقبل به روسيا؛ التي ترفض حدوث أي أزمة إنسانية تؤدي إلى لجوء عشرات الآلاف إلى الأردن، والتي بدت أنها تتقاطع في عدة مشتركات مع رؤيتها السياسية بسوريا. وكذلك لن تقبل روسيا بالتصعيد الذي يمنح إيران نفوذاً كاملاً على عموم المحافظة ومنها إلى الجنوب السوري، ما يعني إخلال روسيا بتعهداتها فيما يتعلق بإبعاد النفوذ الإيراني في تلك المنطقة. فضلا عن أن روسيا لن تضع نفسها في مقام الضعيف وغير القادر على ضبط الأمور في درعا أمام الجانب الأميركي الذي لن يقبل هو الآخر بهذا التمدد العلني والمباشر للنفوذ الإيراني في الجنوب السوري.
قد تكون روسيا من أبرز الداعمين لهذا النظام الإداري، لا سيما أنها قد تنطلق منه كورقة جديدة تطرحها على الولايات المتحدة ضمن ملف التوافقات المحتملة معها داخل سوريا، ولا ننسى هنا قابلية روسيا لتطبيق ذلك وهي التي كانت قد طرحت منذ مطلع عام 2017 مسودة دستور لسوريا يقوم على اللامركزية الإدارية.
كذلك فإن واشنطن يمكن لها دعم هذا الخيار من منطلق تمكين أبناء المنطقة الجنوبية من إدارة مدنهم خدماتيا وأمنيا وحتى عسكريا، بالتوازي مع إمكانية خلق آلية مناسبة لمواجهة النفوذ الإيراني هناك وكفّ يد ذلك النفوذ بشكل تدريجي، بدعم عربي وروسي أيضا، ليكون بذلك نموذجا يمكن أن يُعمم لا سيما في شرق البلاد، حيث الوجود الإيراني المكثف.
قد تحمل الساعات المقبلة اتفاقا لفك الحصار ووقف التصعيد على درعا بأي من البنود التي تم تداولها مؤخرا، سواء تلك التي يكون فيها اللواء الثامن طرفا محليا راعيا، أو حتى تلك المطالب التي رفضها الأهالي بسبب تعنت دمشق فيها. إلا أن التصعيد العسكري الواسع لن يكون حاضرا ما دامت روسيا على نفس الرؤية التي سيّرت فيها المفاوضات خلال الأيام الماضية، وكذلك لن تكون أية تهدئة مضمونة العواقب والاستمرارية دونما منح أهالي درعا الحرية في تقرير مصيرهم وتأسيس أنظمة إدارية جديدة في سوريا؛ كفترة انتقالية مؤقتة قبل تثبيتها وتعميمها على باقي المناطق السورية.
وما دون اللامركزية، قد يبرز خيار انتشار قوات حفظ سلام عربية، والتي قد تكون شكلاً من الأشكال التي ترحب بها دمشق أكثر من أي خيار آخر، لا سيما أن ذلك قد يمنحها جرعة تفاؤل بتواصل مع المحيط العربي والتعويم الاقتصادي والسياسي، لكنه يبقى مشروطا بشكل الوجود الإيراني.
تلك القوات ستؤمن حماية دولية لدرعا، إذا ما نشأ تحالف عربي وتحت رعاية جامعة الدول العربية والأمم المتحدة. وقد يكون ذلك التحالف نواة أساسية في طرد النفوذ الإيراني المتغوّل في سوريا جنوبها وشرقها وصولا إلى شمالها.
ستنظر روسيا إلى تلك القوات كدعامة إقليمية لعلاقاتها مع الجانب الأميركي في الملف السوري، وهو ما يزيد من احتمالات وجود المال العربي في مرحلة مقبلة تدعم الاستقرار في البلاد من خلال إعمار البنى التحتية المتضررة. ولن يكون مستبعدا أن يكون ذلك أيضا مُعمما على مناطق أخرى بشكل مؤقت، بما يرفع موانع حلحلة مسائل الاستقرار والسلام في سوريا.
تلفزيون سوريا
————————
إذا قالت درعا فصدقوها/ رشا عمران
إبسم الله الرحمن الرحيم
تحية إلى السيد الدكتور بشار الأسد
تحية إلى الجيش العربي السوري الباسل
نحن الموقعات أدناه أمهات الجيش العربي السوري المرابطين على جبهة أهالي درعا الإرهابيين نطالب سيادة الرئيس بإعادة أبنائنا ـ نتواصل مع أبنائنا يوميا، حيث سقط العديد منهم شهداء وهم يقاتلون أهالي درعا، لذلك لا نريد اليوم زج أبنائنا بمعارك خاسرة، تعبنا جميعا ونريد أبنائنا بيننا اليوم”.
ما سبق رسالة مرسلة من عدد من الأمهات السوريات (موقعة بالأسماء الصريحة بالمناسبة) إلى بشار الأسد، وصلت إليّ قبل أيام (كما هي مكتوبة) عن طريق بعض الأصدقاء، قد تكون الرسالة غير حقيقية، غير أن الأسماء الواردة فيها (أتحفظ على نشر الأسماء لأسباب أمنية طبعا)، هي أسماء سيدات موجودات، ولديهن أبناء في سن الخدمة العسكرية، وجميعنا نعرف حال الوضع في سوريا حاليا، خصوصا في المناطق الموالية: لم يبق فيها شباب ذكور، ذهب جيلان أو أكثر ضحية الحرب العبثية حفاظا على كرسي بشار الأسد، الذي لم يتورع عن طلب المزيد ممن أصبح في السن المناسبة لتقديمه أضحية العرش الأسدي، وهو ما يجعلني أفترض أن الرسالة حقيقية خصوصا مع ما يحصل في درعا هذه الأيام.
لا أستطيع وصف شعوري حين وصلتني تلك الرسالة وقرأتها: سوريا الأم الكبرى الثكلى التي ترتدي السواد دائما بعد أن فقدت أبناءها، وتحول بطنها إلى مقبرة، تمثلها مجموعة أمهات حزينات يفقدن أبناءهن واحدا إثر واحد في حرب مجنونة بين أبناء البلد الواحد، ليصبح الوطن معها مقبرة أو معتقلا كبيرا، لا حياة كريمة ولا حقوق ولا أمان ولا مستقبل ولا حاضر ولا أمن لمن ما زال يعيش في تلك الحفرة الكبيرة المسماة سوريا، وإحساس عارم بالغضب لأن السنوات العشر الماضية، بكل ما مر فيها، لم تستطع أن تغير في ذهنية الموالين لنظام الأسد قيد أنملة، حيث ما زالوا مغيبين تماما عن الحقيقة، ما زالوا يصرون على خطاب التفرقة والكراهية الذي دأب النظام وإعلامه على ترسيخه كخطاب وحيد بين جمهور مؤيديه، ما زالوا يرون في كل من خرج مطالبا بأبسط حقوقه: إرهابيا، وإلا ما معنى أن تعتبر الموقعات على الرسالة أن أبناءهن يحاربن (أهالي درعا الإرهابيين)؟ في عماء استثنائي عن الحقيقة، وفي خلط لمفهوم الدفاع عن النفس والحفاظ على الحق في البلد والأرض والملك والروح الذي اعتمده غالبية أهل درعا، مع مفهوم (الإرهاب) الذي صار بمثابة الاسم لكل من خرج مطالبا بإسقاط النظام، حتى لو كان سلميا وصاحب خطاب وطني جامع وموحد ولا يفرق بين أبناء الوطن الواحد ولا يصنفهم بناء على طوائفهم أو قومياتهم أو انحيازاتهم السياسية.
ولعله من قبيل المصادفة فقط أن تتزامن الرسالة السابقة مع ذكرى اغتيال الشهيد (معن العودات) ابن درعا الأصيل، الذي استشهد بتاريخ 8/8/2011، حين كان يقف في المنتصف في مقبرة درعا (كان أهالي درعا يشيعون شهداء مظاهرة سلمية) بين المشيعين الغاضبين وبين عناصر الأمن المتحفزين بأسلحتهم الملقمة والجاهزة للإطلاق، كان الشهيد معن العودات يقول بصوت مرتفع، وهو يرى الغضب والتحفز “(ما بدنا دم.. ما بدنا دم.. هدوا يا شباب) لكن كلماته هذه استفزت أكثر رئيس فرع الأمن العسكري في درعا المجرم (لؤي العلي)، فاقترب من العودات وأطلق رصاص مسدسه عليه وقتله على الفور، ليصبح الدم الذي حذر منه معن العودات هو اللغة السائدة في درعا للأسف، ظل ثوار سهل حوران رغم كل ما مر بهم وعليهم متمسكين بأرضهم وأمكنتهم، وظلت كلمات الشهيد معن العودات أمثولة لهم، وإن انخرط بعضهم في تنظيمات راديكالية جهادية، خلال السنوات العشر الماضية، فهو ليس المشهد الحقيقي والكامل والعام لأهل سهل حوران ودرعا البلد، إنما المشهد الحقيقي هو انتماؤهم للثورة الأولى التي انطلقت من أرضهم ومن حناجر أبنائهم، هو مشهد الدم السوري الذي لم يتورع نظام الأسد عن سفكه من أبنائهم، والذي شملت لعنته سوريا كلها ولم توفر أحدا، ومع ذلك ظل غالبية الدرعاويين محافظين على توازن وطني وأخلاقي وإنساني، رغم كل ما قدموه من ضحايا، ورغم تركهم وحدهم من قبل الجميع، ورغم كل المحاولات لجرهم لخطاب فئوي وطائفي وإجرامي، ورغم كل ما اتهموا به منذ بدايات الثورة وحتى الآن، من قبل النظام ومواليه، ومن قبل راديكاليي السلاح والإسلام في الثورة السورية.
في بداية الثورة عام 2011، كنت أقيم في دمشق وكانت صديقتي المناضلة هند المجلي ابنة درعا (اعتقلت مرتين خلال الثورة واعتقلت ابنتها وابنة شقيقها واستشهد ابن شقيقها تحت التعذيب واستشهد شقيقها برصاصة غادرة في دمشق، ولم يبق من عائلتها أحد في سوريا اليوم) تشارك في المظاهرات السلمية التي كانت تنطلق يوميا في شوارع درعا البلد، أو في باقي الريف الحوراني، أتذكر أن هند كانت تتصل بي من قلب المظاهرة لتسمعني الشعارات والهتافات التي كانت تنطلق من حناجر أبناء وبنات السهل، كان نبضي يرتفع مع كل هتاف أسمعه على الهاتف في مكالمات هند، مثلما كان يرتفع لاحقا وأنا أتابع على الفضائيات مظاهرات سهل حوران التي كانت تتحول إلى مهرجان وطني للغناء والدبكة الحورانية، رغم عدد الشهداء الذي كان يرتفع شيئا فشيئا من أبناء حوران، كان ذلك قبل أن تقرر إيران وضع يدها بقوة في الملف السوري عبر بطش عناصر حزب الله اللبناني بأهل درعا، وحصارهم مع جيش الأسد وشبيحته المحليين والمستوردين لأهل السهل الكرام والفتك بهم باعتبارهم (سبب ما حدث) كما صرح أحد مسؤولي النظام ذات يوم.
خلال الأيام الماضية وأنا أتابع ما يحدث في درعا، عاد لي ذات النبض العالي والفخر وبصيص الأمل، إذ رغم كل شيء، ما زال أهل حوران يوجهون بوصلتهم نحو الوجهة السليمة، ما زالوا متمسكين بكرامتهم وأرضهم، ما زالوا يعطون الدروس والعبر للجميع، رغم الحصار الحالي والقصف والموت ومحاولات التهجير، ورغم تعنت النظام وحزب الله في العودة إلى بنود التسوية الموضوعة قبل ثلاث سنوات، ورغم مراوغة روسيا الضامنة للاتفاق، فإن أصوات أهل درعا المحاصرين لا تشذّ كثيرا عن صوت الشهيد معن العودات قبل عشرة أعوام، ولعل بنود البيان الأخير، الذي يقال في الإعلام الدولي أنه مجهول المصدر، والذي رآه البعض فرصة لاتهام أهل السهل بالانفصالية، قد تكون هي الحل الوحيد فعلا لإنقاذ سهل حوران ومن فيه، من بطش مركزية الأسد وحلفائه، علّ مواليه أن ينتبهوا إلى أن ما يطلبه إخوانهم في الوطن، هو السبيل الوحيد لحقن الدماء السورية التي سال منها ما يكفي حتى الآن، أو عل من يعتبرون كل من طالب برحيل النظام إرهابيين أن ينقذهم البيان من عماهم الفئوي، إذ على ما يبدو (مع صمت المعارضة السياسية والائتلاف عما يحدث في درعا) لا حلول ممكنة أخرى لإنقاذ سهل حوران المرشح لكارثة جديدة ولمزيد من الضحايا من كل الأطراف، ولمزيد من التهجير واللاجئين والمشردين، خصوصا مع إغلاق الحدود الأردنية الذي أحكم الحصار تماما على أهل درعا. فهل يكون الحل من درعا مثلما كانت البداية منها؟
تلفزيون سوريا
————————–
درعا.. لجنة التفاوض تلتقي بيدرسون وترفع جملة من المطالب
عقدت لجنة التفاوض في درعا اجتماعاً مع المبعوث الأممي إلى سورية، جير بيدرسون، عبر تقنية الفيديو، أمس الثلاثاء، لإطلاعه على آخر التطورات التي تشهدها المنطقة.
وقال المحامي عدنان المسالمة، الناطق الرسمي باسم لجان التفاوض في درعا البلد، إن شخصيات من الداخل عقدت اجتماعاً مع بيدرسون عبر برنامج “زووم”، حيث تم تقديم إحاطة شاملة عن مجرى الأحداث الأخيرة.
وأضاف المسالمة عبر حسابه في “فيس بوك” أن المشاركين في الاجتماع نقلوا إلى بيدرسون واقع “الحصار المفروض على درعا البلد وحي طريق السد والمخيم، وعلى أجزاء كبيرة من حوران”، كما أوضحوا له أسباب تعثر المفاوضات مع نظام الأسد وروسيا.
وبحسب المسالمة طالب المجتمعون بضرورة رفع الحصار عن أحياء درعا، وأن تتحمل الجهات الدولية مسؤولياتها والالتزام بتنفيذ “اتفاق التسوية” المبرم مع النظام عام 2018.
يأتي ذلك في ظل تعثر المفاوضات بين أهالي درعا البلد من جهة وبين نظام الأسد وروسيا من جهة أخرى، إذ لم تفض المفاوضات إلى أي حل، في ظل تهديد النظام السوري باتباع الخيار العسكري ضد درعا البلد، التي يعيش فيها أكثر من 11 ألف عائلة.
إذ شهدت أحياء درعا البلد، صباح اليوم، قصفاً عنيفاً بقذائف الدبابات من قبل قوات الأسد، تزامناً مع تحليق مكثف لطيران الاستطلاع في أجواء المنطقة، بحسب “تجمع أحرار حوران”.
وأضاف أن ” قوات النظام المتمركزة بالقرب من أبنية المخابرات الجوية شرق مدينة درعا، تقصف حي طريق السد بقذائف الهاون، بالتزامن مع استهداف الحي بالرشاشات الثقيلة”.
ومنذ أسابيع يلعب الروس دوراً أساسياً في المفاوضات التي يعقدها النظام السوري مع وفود اللجان المركزية في درعا، وسط صمت رسمي روسي.
وكانت آخر جولة من المفاوضات انعقدت في 6 أغسطس/ آب الجاري، حيث اجتمعت لجنة التفاوض مع وفد روسي “رفيع المستوى”، ورفعت مطالبها، دون التوصل لأي تقدم يذكر.
يُشار إلى أن ناشطون في درعا دعوا إلى إضراب شامل احتجاجاً على تصعيد النظام الأخير، حيث رصدت شبكات محلية، اليوم الثلاثاء، إغلاق المحلات التجارية والأسواق في مدينة طفس غربي درعا ومناطق أخرى في المحافظة، استجابة لدعوات الإضراب.
وتدور تساؤلات حول السيناريوهات المحتملة التي قد تشهدها درعا البلد خلال الفترة المقبلة، وسط مخاوف من حملة عسكرية واسعة للنظام وحملات تهجير للأهالي، خاصة أن أكثر من 18 ألف مدني أجبروا على الفرار من أحياء “البلد”، التي تعيش في حصار خانق منذ 28 من يوليو /تموز الماضي، بحسب الأمم المتحدة.
—————–
مفاوضات مستمرة وصمت رسمي.. ما استراتيجية روسيا في درعا البلد؟
“المماطلة وكسب الوقت”.. استراتيجية نظام الأسد وروسيا في درعا
تستمر المفاوضات بين أهالي درعا البلد من جهة وبين نظام الأسد وروسيا من جهة ثانية، للأسبوع الثاني على التوالي، دون التوصل إلى اتفاق نهي ملف المنطقة، وسط مماطلة من قبل النظام لكسب الوقت، حسب ما قال محللون لـ”السورية. نت”.
وتشهد مدينة درعا حصاراً من قبل حواجز النظام المنتشرة على أطراف المدينة، ما خلق أزمة في توفر المواد الغذائية وانقطاع مادة الطحين، حسب ما نشرت شبكة “نبأ” المحلية.
نساء يلجأن إلى صناعة الخبز في منازلهن بعد توقف الفرن الوحيد في درعا البلد عن العمل بسبب اقطاع مادة الطحين عنه في ظل استمرار الحصار المفروض من النظام والميليشيات الأجنبية على أحياء عدة في المدينة.#درعا_تحت_القصف #درعا #درعا_البلد pic.twitter.com/6Im39i7oWc
— نبأ (@NabaaFoundation) August 10, 2021
وقال الإعلامي، عمر الحريري، عبر حسابه في “تويتر” إن “ميليشيات النظام المكونة من الفرقة الرابعة والتاسعة وغيرها ما زالت تتمركز في محيط درعا البلد، وتشدد الحصار كل يوم، مما يزيد من سوء الوضع الإنساني في المنطقة، وسط مماطلة مستمرة يوميا من الروس في المفاوضات مع لجنة درعا”.
مازالت ميليشيات النظام المكونة من الفرقة الرابعة والتاسعة وغيرها تتمركز في محيط #درعا_البلد وتشدد الحصار كل يوم مما يزيد من سوء الوضع الإنساني في المنطقة ، وسط مماطلة مستمرة يوميا من الروس في المفاوضات مع لجنة درعا البلد #درعا_بلا_خبز #درعا_تحت_القصف pic.twitter.com/pfAU3AGYuk
— Omar Alhariri (@omar_alharir) August 9, 2021
كما تشهد المدينة اشتباكات متقطعة بين قوات الأسد وبين مقاتلي داخل أحياء درعا، تزامناً مع مفاوضات مستمرة للتوصل إلى اتفاق ينزع فتيل التوتر الذي افتعله النظام لفرض صيغة “تسوية” جديدة في المنطقة.
وحسب “تجمع أحرار حوران”، اليوم الثلاثاء، فإن “قصفا بقذائف الدبابات يستهدف حي الأربعين بدرعا البلد من ميليشيات الفرقة الرابعة، بالتزامن مع اشتباكات متقطعة تشهدها المنطقة”.
وفي ظل ما يجري في المنطقة، تدور تساؤلات حول أسباب المماطلة من قبل قوات الأسد في المفاوضات، وعدم شن هجوم عسكري على المدينة، على الرغم من أن ميزان القوى العسكرية يصب لصالحه.
وقال الباحث السياسي، أحمد أبازيد، إن “هناك فارق قوى كبير لصالح النظام عسكرياً، لكن الذي يمنع النظام من الهجوم هو الضغط الروسي، كون موسكو تفضل سيطرة النظام على درعا البلد دون حملة عسكرية”.
وأضاف أبازيد لـ”السورية. نت” أن الروس يطمحون إلى توسيع النظام سيطرته العسكرية على محافظة درعا، لكن دون حملة عسكرية، “لذلك أصبحوا وسيطاً في المفاوضات، ولو أراد الروس أن ينهي النظام حملته في درعا لسحب قواته، لكنهم يريدون أن يتم حسم الأمر، وأن يكون هناك نفوذ للنظام في الجنوب دون حملة عسكرية”.
في حين قال الإعلامي الذي ينحدر من درعا، عمر الحريري، إن ميزان القوة لصالح النظام وروسيا منذ عدة سنوات، وكثير من المناطق التي كانت تمتلك فيها المعارضة إمكانيات عسكرية أكبر قبل 2018، لم تتمكن من المواجهة العسكرية مع النظام، مضيفاً أنه “عملياً ومنطقياً فالخيار العسكري والمواجهة المباشرة هي لصالح النظام وروسيا حتماً”.
وحول الأسباب التي تمنع قوات الأسد من الهجوم على درعا البلد، اعتبر الحريري، في حديثه لـ”السورية. نت”، أن “الروس والنظام يخشون من المواجهة غير المباشرة، وأن يشعل اقتحامهم لدرعا البلد، حرب عصابات ضدهم في كل حوران، وظهر الأمر واضحاً الأسبوع الماضي”.
وأشار إلى أن “حرب الهجمات المفاجأة على الحواجز وبمناطق واسعة وعديدة، قد أظهرت هشاشة النظام داخلياً ضد هكذا نوع من المواجهات، وكذلك يجب ألا ننسى تكاتف أبناء درعا وعشائرهم والاستجابة الإعلامية والدولية الواسعة للتغطية الإعلامية والحقوقية”.
وأضاف أن ما يجري في درعا “أظهر كذب ادعاءات روسيا طوال السنوات الماضية حول وساطتها وحلولها السلمية في سورية، وفكرة المصالحة بحد ذاتها، بل أن روسيا لا تريد حرب واسعة في الجنوب خوفاً من ردود فعل أوسع”.
استراتيجية المماطلة
وتشهد درعا البلد منذ أكثر من أسبوع مفاوضات بين وجهاء “اللجنة المركزية” من جهة، و روسيا والنظام من جهة أخرى، وسط وعود روسية مكررة بإيقاف النظام لحملته العسكرية وفتح الطرقات، لكن ذلك لم يتم حتى الآن.
وتقوم استراتيجية النظام في ملف درعا البلد على “المماطلة لأبعد حد، وهو غير مستعجل في حسم الأمور”، حسب أبازيد، الذي يرى أن “زيادة الضغوط والمماطلة فيها، يمكن للنظام أن يحصل من خلالها على تنازلات أكتر من اللجنة المركزية، إضافة إلى أنه يطمح إلى تفريغ المدينة من سكانها، حتى يكون قادر على تنفيذ أعمال عسكرية أكبر في درعا في حال لجأ إلى الحملة العسكرية”.
أما الحريري، فقد اعتبر أن “ثبات المفاوضين على موقفهم هو المعيار، الوضع حالياً عض أصابع، ولا أستبعد أن يصعد النظام فجأة ويعيد تكرار سيناريو هجوم محدود كما حصل قبل أيام، ثم يعود للمفاوضات”، مؤكداً أن المرحلة الحالية هي “مرحلة ضغط ضد الوقت، من سيتنازل أولاً سيتنازل كثيراً”.
وحول السيناريوهات توقع الحريري “إما مواجهة عسكرية أوسع وخيار التهجير، أو انسحاب النظام عن تصعيده مقابل حواجز محددة وتفتيش مشترك”.
————————
=======================
تحديث 12 آب 2021
————————-
درعا «الانفصالية»!/ بكر صدقي
نشرت وسائل التواصل الاجتماعي بياناً منسوباً إلى «عشائر حوران» دعا إلى «لامركزية إدارية في محافظة درعا». وانطلق البيان من «النتائج الإيجابية» لتجربة السنوات السابقة حين تمتع السكان بإدارة شؤونهم المحلية بأنفسهم، بعيداً عن سلطة النظام المركزية في دمشق، قبل تسوية 2018 التي عاد النظام بموجبها إلى المحافظة.
لم يكن مفاجئاً أن تعلق بعض وسائل إعلام النظام على هذا البيان بالقول إنه ينطوي على نوايا «انفصالية». فمركزية السلطة، في عرف النظام والرأي العام الموالي له، أمر بديهي لا يحتمل الاجتهادات. وهذه المركزية، بمعناها الجغرافي – الإداري، وجه من وجوه مركزيته البنيوية وصفته الشمولية التي لا تترك هوامش مستقلة في حياة المجتمع مهما كانت بعيدة عن الصفة السياسية.
والحال أن تصور الدولة بوصفها سلسلة من المراتب تنطلق من المركز إلى الأطراف، فيما يشبه التنظيم العسكري للجيش، لا يقتصر على النظام الأسدي فقط، ولا على أنصاره فقط، بل يشمل القسم الأكبر من السوريين بمختلف مواقعهم. ولم يتم الخروج على هذا النص في سوريا، إلا في السنوات العشر الأخيرة، وتعرض هؤلاء «الخوارج» إلى اتهامات قاسية بأنهم انفصاليون، فضلاً عن أنهم «لن يحققوا أهدافهم الانفصالية» و»لن نسمح لهم بذلك»!
مفهوم أن أولى دعوات «اللامركزية السياسية» جاءت من الكرد، وبالتحديد من «المجلس الوطني الكردي» في خريف العام 2011. فثمة وعي قومي كردي منذ الخمسينيات، اتخذ منحىً استقلالياً باطراد بالتفاعل مع الجوار الكردي في تركيا والعراق، ومع اندلاع الثورة السورية في 2011، ليتحول إلى واقع عملي مع دخول القوات الأمريكية إلى منطقة الجزيرة السورية في العام 2015، حيث أقام حزب الاتحاد الديمقراطي «الإدارة الذاتية» لشمال سوريا وشمالها الشرقي، تحت مظلة «مجلس سوريا الديموقراطية»- الغطاء السياسي لقوات سوريا الديموقراطية (قسد).
أما «حركة استقلال الجزيرة السورية» التي أصدرت بيان تأسيسها قبل عامين ثم طواها النسيان، فمن المحتمل أنها جاءت كردة فعل على «الإدارة الذاتية» المذكورة، وفي مسعى لإفشالها، كما للاستفادة من الغطاء العسكري الأمريكي، انطلاقاً من اليأس من سقوط النظام ومن امكان استعادة سوريا لوحدتها.
والآن جاء «بيان عشائر حوران» مطالباً باللامركزية الإدارية، وسط غبار معركة درعا البلد التي يريد النظام عن طريقها إخضاع آخر معاقل المعارضة في الجنوب السوري. ليس معروفاً بعد مدى شعبية هذا المطلب أو حيثيته الاجتماعية في المحافظة، لكن اعتدال مضمون البيان في نزعته المحلية، وتركيزه على وحدة سوريا، هما مما يشجع على الثقة بمصداقية البيان وتعبيره عن الشروط القاسية الخاصة في محافظة درعا.
فبعدما انتهك النظام اتفاق التسوية الموقع في 2018، في محاولة منه لضم المحافظة الموصوفة بمهد الثورة إلى المناطق التي يسيطر عليها، اتجه السكان إلى مقاومة هجوم الفرقة الرابعة التي تحاول اقتحام درعا البلد، على رغم الحصار الخانق الذي فرضه النظام عليها منذ شهرين، ووصل الوضع إلى نقطة نفاد مادة الطحين فتوقفت المخابز عن العمل. في إطار قرار المقاومة هذا شن ثوار المحافظة هجمات مضادة في مختلف مناطق ريف درعا، فأسقطوا عدداً من الحواجز العسكرية وأسروا جنوداً وضباطاً من قوات النظام، في محاولة للتخفيف من حصار درعا البلد.
وكان لافتاً عدم مشاركة سلاح الطيران التابع للنظام أو حليفه الروسي في الهجوم على درعا البلد المحاصرة، الأمر الذي فسر على أنه عدم رضى روسي من الحصار والهجوم. وعزز هذا التفسير قيام ضباط روس بدور الوسيط بين «اللجنة المركزية» الممثلة لسكان درعا البلد وقوات النظام، بهدف الوصول إلى تسوية سياسية تنهي الأزمة. تعنت النظام في مطالبه أفشل المفاوضات إلى الآن، وسنرى في الأيام القادمة كيف ستنتهي الأمور هناك.
غير أن توقيت هجوم النظام على درعا ومطالبته بتسليم السلاح الفردي الخفيف الذي بقي بيد السكان بموجب تسوية 2018، هو ما يجب التوقف عند دلالاته السياسية. فقد كان موقف أهالي المحافظة من انتخابات الرئاسة التي تمت في 26 أيار الماضي، وهو الرفض العلني للتجديد لبشار الأسد، هو المحفز الأساس لقرار النظام بالتخلص من «عقدة درعا». تلك الانتخابات التي أرادها لها النظام أن تشكل تعبيراً عن انتصاره النهائي على السوريين، وعن رفضه التام لكل القرارات الدولية المتعلقة بسوريا ومصيرها، بما في ذلك «اللجنة الدستورية» التي لم يشارك فيها أصلاً، بل شارك فيها وفد غير رسمي وصف بأنه يمثل وجهة نظر الحكومة، لكنه لا يمثلها.
نحن إذن أمام نظام يرفض تقديم أي تنازل لحل المشكلة التي تواجهها سوريا منذ عشر سنوات من جهة أولى، وأهالي محافظة درعا الذين يرفضون العودة إلى حظيرة الخضوع له من جهة ثانية. في هذه الشروط لا يمكن للنظام أن يخضع المحافظة إلا بالقوة العارية، إذا أتيحت له الشروط المناسبة. ولا يمكن للأهالي أن يخضعوا إلا بالقسر والعنف. وعلى فرض أن معظم سكان المناطق الأخرى الواقعة تحت سيطرة النظام راضون بالنظام أو مؤيدون له، وهذا مشكوك فيه، تكون مطالبة عشائر حوران باللامركزية الإدارية أمراً مفهوماً، بل إنها الحد الأدنى الذي يمكن قبوله من قبلهم للعيش في «سوريا الأسد». ذلك أنه لا يمكن أن نتخيل تعايشاً عادياً بين أهالي حوران والنظام، بل العلاقة صراعية بداهةً. فلا أجهزة النظام ستتوقف عن اعتقال الناس بسبب تعبيرهم عن معارضتهم، ولا هؤلاء سيتحولون يوماً إلى مؤيدين له. بل المرجح هو استمرار شكل من أشكال المقاومة السرية المسلحة، كما هي الحال منذ ثلاث سنوات، ومواجهة النظام لهذه المقاومة بالعنف وحده.
حال درعا هي كذلك حال المناطق الأخرى الخارجة عن سيطرة النظام، فسكان هذه المناطق، على اختلاف شروطها، لن يقبلوا بالعودة إلى الخضوع لنظام الأسد، بصرف النظر عن معاناتهم من سلطات الأمر الواقع التي تحكمهم. ومن نافل القول أن سوريي الشتات (نحو 6 ملايين) قد قطعوا علاقتهم بسوريا الأسد بصورة نهائية منذ سنوات.
أما سكان المناطق الخاضعة لسيطرة النظام فهم ليسوا كتلة متجانسة من المؤيدين، لكن غير المؤيدين لا يستطيعون التعبير عن آرائهم، في حين نلاحظ تصاعداً مطرداً للتعبير عن التذمر في أوساط المؤيدين، بسبب شروط الحياة التي تزداد سوءًا، وفقدان الأمل في تغيرها.
الخلاصة أن «الانفصال» الذي اتهم به بيان عشائر حوران، هو أمر واقع بالمعنى السياسي – النفسي، ليس في محافظة درعا فقط، بل في مختلف المناطق السورية وفي الشتات، وإن لم يكن اتخذ وضعاً رسمياً. فقد «انفصل» معظم السوريين عن النظام، وبقي النظام. فأين هي سوريا من ذلك؟
كاتب سوري
القدس العربي
—————————
درعا بين الخبث الروسي والضغط الإيراني/ غازي دحمان
ماذا يعني الصمت الإقليمي والدولي عما يجري في درعا؟ هل هو إعلان نهاية القضية السورية، وتحوّل أحداثها إلى شأن محلي؟ وإذا كان الأمر كذلك، ألا يعني انتصارا جديدا لإيران بنزعها البعد القومي والدور الدولي للاعبين الكبار من القضية السورية؟
ليس الحديث هنا عن رمزية درعا في الثورة السورية، بل عن كونها باتت تجسّد المشكلة السورية، المتمثلة في رغبة غالبية السوريين في العيش بأمان وحماية من استباحة عصابة الأسد التي لم تعد تملك سوى العقاب بالموت لخصومها ومنتقديها، وتحتمي بروسيا وإيران، اللتين تتسابقان، في وضح النهار، على الاستحواذ على ما تبقى من الاقتصاد، في مقابل الولايات المتحدة تحت إدارة بايدن، والتي باتت مهمومة بحماية عناصرها في حقل العمر النفطي من ضربات مليشيات إيران.
تعاين روسيا، بصبر وتأنٍ، مدى قدرة درعا التي تموت تحت حصار الجوع وقذائف الفرقة الرابعة، على إثارة الشعورين، الإقليمي والدولي، وتحاول إخراجها من دائرة التأثير من دون أن تخلف أدنى أثر سلبي ممكن على سمعة روسيا، وتحاول إظهار المشكلة كمجرّد خلاف على تفاصيل تفاوضية بين طرفين، وأن دورها ينحصر في إدارة هذه المفاوضات، والتوصل إلى حلول وسط بين الفريقين، في انقلاب واضح على دورها ضامناً ساهم بالأصل في استعادة درعا لسيطرة نظام الأسد.
تشيع روسيا، عبر دبلوماسيتها، أنها غاضبة من الأسد في موضوع درعا، لتهدئة المشاعر وخواطر المتضرّرين من سياستها، وإسكات الناقدين لها. ولكن ليس سرّاً أن غضبها ينحصر في أن ماهر الأسد، الذي يقود الحرب على درعا، يريد للمدينة سحقاً مجلجلاً يليق بانتصاراته المزعومة على المؤامرة الكونية، ويطفئ نار حقده الملتهبة، في حين ترغب روسيا بإجراء عملية قتل على البارد.
الغريب أن هناك من يعتقد بوجود خلاف بين روسيا والنظام، ومن خلفه إيران، بشأن درعا، ويذهب هؤلاء إلى حد أن روسيا متفهّمة مطالب أهل درعا، بدليل أنها لم تتدخل عبر طيرانها لضرب الثوار الذين انقضّوا على حواجز النظام العسكرية ومقارّها في درعا، غير أن تدقيقا بسيطا في خريطة درعا يكشف استحالة استخدام روسيا طائراتها، وخصوصا في أرياف درعا الغربية والشمالية، أولا بالنظر إلى عدم وجود مواقع ثابتة للثوار ولا هياكل عسكرية واضحة. وبالتالي، ليس لدى روسيا بنك أهداف واضح كما كان في صيف 2018، وأي ضربةٍ ستوجهها في هذه المناطق ستصيب مواقع النظام. ثانياً، حتى في عام 2018 اقتصر عمل الطيران الروسي على أرياف درعا الشرقية، بسبب قرب أرياف درعا الشمالية والغربية من إسرائيل بدرجة كبيرة. ثالثاً، لا يمكن للطيران الروسي ضرب درعا البلد التي لا تتجاوز مساحتها كيلو مترات قليلة، وتضم عشرات الآلاف من السكان، إذ إن أي ضربة ستؤدّي إلى مجازر مهولة تضع روسيا في موقف محرج جداً أمام الرأي العام العالمي. الأهم من ذلك كله أن روسيا تفتقد الذريعة التي تتلطّى خلفها في استهداف درعا، التي لا توجد فيها قوى إسلامية متطرّفة، ولا حتى هياكل فصائلية واضحة، ويغلب على معارضتها العمل السلمي، كما جرى في رفض الانتخابات، أو الفزعة العشائرية كما جرى في الأحداث الأخيرة.
دفعت هذه المعوقات روسيا إلى الاستعانة بالمليشيات الإيرانية التي تشكّل الفرقة الرابعة رأس حربتها. ومنذ بداية الأزمة، هدّد الجنرال الروسي، أسد الله، باستجلاب المليشيات الإيرانية، إذا لم توافق اللجنة المركزية على تسليم السلاح الخفيف. وبالفعل، بعد تهديده بأيام قليلة بدأت المليشيات الإيرانية، اللواء “313” وكتائب الرضوان التابعة لحزب الله في حشد قواتها بشكل علني، والمساهمة في الطوق المضروب حول درعا البلد، ونشر أعداد إضافية في مواقع استراتيجية، وخصوصا التلال الإستراتيجية الحاكمة في درعا، كما أرسلت المليشيات العراقية، حسب مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان، من مواقعها في دير الزور، مؤازراتٍ إلى درعا لمساندة قوات النظام.
ولكن لماذا هذا الصمت الإقليمي والدولي على ما يجري في درعا؟ المشكلة في قضية درعا استحالة تحوّلها إلى مجرّد مسألة داخلية مغلقة، إذ ترغب إيران في تحويلها إلى منصّة لاختراق الأمن الخليجي. ولقائل أن يقول أن لدى إيران حدودا شاسعة مع العالم العربي، برّية وبحرية، وكل نقطة في تلك المساحة تصلح لأن تستخدمها إيران في تهديد الأمن العربي، لكن لدرعا خصوصية معينة، فهي بوابة سورية إلى العمق العربي، كما أن لسكانها علاقاتٍ قوية مع الأردن والخليج، بحكم النسب والمصاهرة ووجود أعداد كبيرة منهم في الخليج، وإيران ترغب في تحويل هؤلاء إلى رصاصات في بندقيتها عند التصويب على الخليج.
كما أن موقع درعا الملاصق للجولان، عبر أريافها الشمالية والغربية التي تتداخل، بشكل كبير، مع أرياف القنيطرة، والجزء المحتل من الجولان، يتيح لإيران منفذاً لمشاكسة إسرائيل، فهذه المنطقة، بخلاف جنوب لبنان، تملك عمقاً يمتد حتى حدود العراق، ما يجعل حركة مليشيات إيران أكثر سهولةً ويخفف العبء عن جنوب لبنان الذي لم يعد العمل فيه مريحاً نتيجة رفض شرائح كثيرة من المجتمع اللبناني استخدام إيران مناطقهم ورقة في مفاوضاتها مع الغرب.
لن يعود سقوط درعا بالضرر على أهلها وحدهم، بل سيفتح الباب أمام فصلٍ جديد من التنكيل بالعرب القاطنين خلف حدودها، وسيثبت انتصار النهج الروسي الذي لن يقبل بعد ذلك سوى تحويل سورية إلى جمهورية رقيق، طالما أطفأ العالم الأضواء على أزمتها.
العربي الجديد
—————————-
إضراب وهجمات على قوات النظام في درعا بغياب المفاوضات/ عدنان أحمد
مع دخول حصار منطقة درعا البلد، جنوبيّ سورية، يومه الخمسين، شهدت المحافظة هجماتٍ جديدة على قوات النظام، في ظل توقف المفاوضات بين ممثلي الأهالي والنظام برعاية روسية.
وذكر الناشط محمد الشلبي، اليوم الخميس، أن “مسلحين هاجموا الليلة الماضية المربع الأمني في مدينة نوى غربيّ المحافظة، وفرع أمن الدولة في مدينة جاسم شماليّها، حيث دارت اشتباكات بين الجانبين بالأسلحة الرشاشة وقذائف “آر بي جي””.
وأوضح الشلبي، لـ”العربي الجديد”، أنّ المسلحين استهدفوا “المربع الأمني” داخل مدينة نوى، فيما دارت اشتباكات مماثلة على حاجز نوى – تسيل. كذلك هاجم مسلحون بالأسلحة الرشاشة المركز الثقافي الذي يُعَدّ مقراً لفرع أمن الدولة في مدينة جاسم شماليّ درعا.
وبحسب الناشط، فقد هاجم مسلحون أيضاً بالأسلحة الرشاشة حاجز الأمن العسكري في بلدة المسريتية في حوض اليرموك بريف درعا الغربي.
في المقابل، قصفت قوات النظام الأحياء المحاصرة في درعا بالرشاشات الثقيلة وقذائف الهاون من مواقعها في درعا المحطة، بالتزامن مع توقف المفاوضات في المحافظة، التي ترعاها روسيا بين اللجنة المركزية وضباط النظام لليوم الخامس.
وفي السياق، نفى المتحدث الرسمي باسم اللجنة، عدنان المسالمة، ما تردد عن دخول وفد روسي إلى درعا من أجل التفاوض، موضحاً في إفادة أدلى بها لموقع “تجمع أحرار حوران”، أن ما حدث هو دخول دورية روسية إلى تجمع النازحين بدرعا المحطة من أجل إجراء إحصاء بهدف تقديم مساعدات.
وأشار المسالمة إلى أن المفاوضات تأخرت نتيجة تغيير الضابط الروسي المسؤول، وعدم وصول الجنرال الجديد حتى الآن إلى درعا، مضيفاً أن رسالة وصلت من الأخير بأنه سيأتي إلى درعا لاستئناف المفاوضات.
وطالبت اللجنة المركزية في درعا، الاثنين الماضي، المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون، برفع الحصار الذي تفرضه قوات النظام على منطقة درعا البلد، فيما وعد بيدرسون بإرسال فريق أممي ورفع الملف إلى أروقة الأمم المتحدة، ووضع الأمين العام أنطونيو غوتيريس في صورة ما سمع.
وتزامن ذلك مع إضراب شبه كامل في عموم مناطق المحافظة، أمس الأربعاء، نصرةً لدرعا البلد، حيث امتنع الموظفون عن الذهاب إلى أعمالهم، بينما أغلقت المحال التجارية أبوابها وتوقفت حركة المواصلات.
وكان ناشطون قد دعوا إلى الإضراب في عموم محافظة درعا الأربعاء والخميس، تحت عنوان “إضراب الشهيد حمزة الخطيب”، بهدف فك الحصار عن درعا البلد.
وشهدت أحياء درعا البلد وحيّ طريق السد ومخيمات اللاجئين في درعا حركة نزوح كبيرة منذ يوليو/ تموز الماضي، عبر حاجز السرايا، على خلفية شنّ النظام حملة عسكرية عليها وقصفها بقذائف المدفعية، حيث يفرض عناصر الحاجز التابعون لفرع الأمن العسكري على الأهالي الراغبين في الخروج من أحياء درعا البلد مع آلياتهم مبالغ مالية، تصل إلى 500 دولار أميركي، أو أكثر، بحسب الممتلكات الأخرى التي يمتلكونها.
هجمات داعش شرقاً
وفي البادية السورية، كثف تنظيم “داعش” من هجماته على قوات النظام والمليشيات الموالية لها، مقابل انخفاض في وتيرة الهجمات على مواقع “قوات سورية الديمقراطية” (قسد).
وشنّت مليشيات “لواء القدس”، بدعم من الطيران الحربي الروسي، حملة تمشيط واسعة استهدفت خلايا تنظيم “داعش” في بادية ديرالزور الغربية.
وأكدت مصادر محلية، لـ”العربي الجديد”، أن التنظيم استطاع، خلال اليومين الماضيين، قتل نحو 30 عنصراً من قوات النظام في كل من باديتي السخنة وتدمر بريف حمص الشرقي، مشيرة إلى أن التنظيم كثّف من هجماته خلال اليومين الماضيين، مستغلاً الفراغ الأمني بعد سحب قوات النظام عدداً من عناصرها في بادية حمص وحماة إلى محافظة درعا جنوبيّ سورية، الأمر الذي سهل على التنظيم التنقل في البادية، وشنّ هجمات على مواقع النظام ومليشياته في بادية السخنة وتدمر، موقعاً قتلى وجرحى في صفوفهم.
وفي المقابل، شهدت مناطق سيطرة “قسد” شماليّ سورية وشرقيّها انخفاضاً في وتيرة عمليات “داعش”، سواء كانت اغتيالات أو هجمات على النقاط العسكرية والأمنية.
ورأى ناشطون أن ذلك قد يكون سببه تزايد عمليات التحالف الدولي و”قسد” ضد التنظيم، وخاصة في دير الزور، إضافة إلى الإجراءات التي بات يتخذها التنظيم والمتعلقة بالتشدد في حماية عناصره وخلاياه خوفاً عليهم من أي ملاحقات، فضلاً عن أن التنظيم يعكف في ما يبدو على دراسة المقارّ والأهداف التابعة لـ”قسد” ومدى الحماية الموفرة لها، بهدف شنّ هجمات عليها.
من جهة أخرى، سيّرت القوات الروسية والتركية، صباح اليوم الخميس، دورية مشتركة في ريف الحسكة بالتزامن مع تحليق طائرتين روسيتين في أجواء المنطقة، حيث انطلقت العربات من شيريك غرب درباسية وتجولت في قرى دليلك وسلام عليك وقنيطرة وقرمانية وتل كديش وغنامية جنوب وغرب الدرباسية، وقرى كربطلي وتل طيري وجديدة وتل كرمة وخاصكي ومدورة وخانكي شرق مدينة الدرباسية في ريف الحسكة.
إلى ذلك، زار وفد تابع للتحالف الدولي، أمس الأربعاء، “مجلس دير الزور المدني” التابع لـ”قسد”، وبحث مع رئيس المجلس الأوضاع الأمنية والاقتصادية الحالية في المنطقة، “مجدداً دعمه للإدارة المدنية ضد كل ما يهدد أمن المنطقة”.
على صعيد آخر، قُتل عاملان وأُصيب آخرون، أمس الأربعاء، بانفجار استهدف سيارتهم في مناطق سيطرة قوات النظام السوري بريف دير الزور الشرقي.
وذكرت وكالة “سانا”، التابعة للنظام، أنّ عاملين اثنين من دائرة نقل الطاقة بدير الزور قُتلا إثر انفجار لغم من مخلفات تنظيم “داعش” في أثناء عملهما في إعادة تأهيل خط توتر الميادين – الدوير في الريف الشرقي.
العربي الجديد
———————
الفرقة الرابعة… ذراع إيرانية تمتد إلى درعا/ أمين العاصي
لم يُحسم بعد مصير أحياء منطقة درعا البلد في مدينة درعا بجنوب سورية، والمحاصرة منذ أكثر من شهر والنصف الشهر من قبل النظام السوري، ولا تزال تتعرض لقصف مدفعي وبالأسلحة الرشاشة من قبل قوات النظام، وفي مقدمتها الفرقة الرابعة التي تبدو مصرة على السيطرة على هذه الأحياء، ما يعني ترسيخ النفوذ الإيراني هناك، كون هذه الفرقة باتت إحدى أذرع الحرس الثوري الإيراني في سورية. وبحسب “تجمّع أحرار حوران” المعارض، فإنّ يوم أمس الأربعاء، “شهد قصفاً عنيفاً من قبل قوات النظام، على أحياء درعا البلد، بقذائف الدبابات، بالتزامن مع تحليق لطيران الاستطلاع في أجواء المنطقة”.
ولم ينقطع القصف بكل أنواع الأسلحة من قبل الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، وهو شقيق رئيس النظام السوري بشار الأسد، على هذه الأحياء، على مدى الأسبوعين الأخيرين، في ظلّ ركود في عملية التفاوض التي كان يرعاها الجانب الروسي. ومنذ يوم الجمعة الماضي، لم تعقد أي محادثات بين النظام واللجنة المركزية التي تفاوض نيابة عن أهالي أحياء درعا البلد. ومن الواضح أنّ هناك حالة استعصاء، مع تمسّك النظام بشروطه التي تعني في حال تطبيقها، تعرّض حياة آلاف المدنيين لخطر حقيقي، إذ تبرز مخاوف كبيرة من قيام المليشيات بعمليات انتقام واسعة النطاق. ويصرّ النظام على فرض السيطرة الكاملة على درعا البلد، وإقامة حواجز فيها، واعتقال من يعتبرهم مطلوبين، وترحيل آخرين، إضافة إلى جمع كل أشكال السلاح من الأهالي.
ولا يزال آلاف المدنيين يرزحون تحت حصار كامل منذ نحو 50 يوماً في أحياء درعا البلد. وفي السياق، أكد عماد المسالمة، وهو أحد الوجهاء في درعا البلد، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أنّ الأوضاع الإنسانية والمعيشية “كارثية”، مضيفاً: “لا كهرباء ولا مياه ولا طحين، ولا أدوية، ولا حليب أطفال، ولا خبز، مع قصف يومي وشديد من كل المحاور، ومحاولات دائمة للتسلل من قبل مليشيات بشار الأسد”.
في غضون ذلك، وفي ظلّ انعدام الآمال في التوصل إلى اتفاق جديد في المدى المنظور يحسم مصير أحياء درعا البلد، لا تزال الفرقة الرابعة تضغط عسكرياً على هذه الأحياء، ولكن من دون القيام بعمليات واسعة النطاق، بسبب رفض الجانب الروسي كما يبدو تمدد هذه الفرقة الموالية لإيران إلى الحدود السورية مع كل من الأردن والأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتنتشر الفرقة الرابعة في عموم محافظة درعا تقريباً في جنوب سورية، وفق الناشط الإعلامي المتابع لنفوذ هذه الفرقة في جنوب البلاد، أحمد المسالمة، الذي أوضح في حديث مع “العربي الجديد”، أن قيادة الفرقة والمليشيات التابعة لها، وأبرزها مليشيا “الغيث”، تتمركز في ضاحية درعا غرب مدينة درعا مركز المحافظة. وأشار إلى أنّ للفرقة المذكورة مقرات قيادة وانتشاراً في السهول القريبة من مدينة درعا وفي بعض النقاط العسكرية، ككتيبة الهندسة وحقل الرمي، موضحاً أنّ الفرقة طردت سكاناً من منازلهم واتخذتها مكان إقامة لعناصرها. كما بيّن أن للفرقة الرابعة نشاطاً في ريف درعا الغربي بين بلدة اليادودة والمزيريب بقاعدة “النصر المبين” في مديرية الري، ومزرعة الأبقار شرق بلدة المزيريب. كما نشرت حواجز لها برفقة مجموعات محلية، في قرى وبلدات أخرى بريف درعا الغربي، إذ لها نقطة قيادية في بلدة خراب الشحم، بحسب المسالمة.
وأشار المتحدث نفسه إلى أنّ هذه الفرقة تتمركز مع “حزب الله” اللبناني كذلك في البانوراما في مدينة درعا، وفي مدينتي داعل والشيخ مسكين ومحيط مدينة جاسم. وبحسب المسالمة، فإنّ للفرقة الرابعة حضوراً في ريف درعا الشرقي في بلدات الكرك الشرقي والغارية الشرقية والمسيفرة.
ولفت المسالمة إلى أن الفرقة عززت أخيراً من وجودها في محيط مدينة درعا، وبات لها نحو 30 نقطة، من غرب بلدة عتمان، مروراً بالسهول إلى ضاحية درعا باتجاه درعا البلد وحي سجنة وحي المنشية وجمرك درعا القديم والمزارع جنوب وشرق مدينة درعا. كما تتمركز الفرقة في معبر النصيب الحدودي مع الأردن وبلدة نصيب القريبة منه، ولكن هذا التمركز يقتصر، وفق المسالمة، على “الأفراد والسلاح الفردي وسيارات الخدمة العسكرية الصغيرة من دون سلاح ثقيل”.
وكانت الفرقة الرابعة برزت إلى واجهة المشهد السوري مع بدء الثورة السورية في ربيع عام 2011، إذ اختارها النظام لمواجهة الاحتجاجات التي كانت تتصاعد، بسبب ثقته المطلقة فيها، لكون أغلب ضباطها وعناصرها مختارين بعناية من أصحاب الولاء المطلق من الطائفة العلوية لعائلة الأسد، الحاكمة للبلاد منذ خمسين عاماً. وكانت الفرقة الرابعة التابعة للحرس الجمهوري، تتمركز بشكل خاص في محيط دمشق، خصوصاً في شمالها وغربها لحماية النظام في العاصمة، ولكن مع بدء الثورة، بدأت ألوية منها تنتشر في عموم البلاد، وارتكبت مجازر بحق السوريين، خصوصاً في ريف دمشق، فضلاً عن انتهاك الأعراض و”التعفيش” واسع النطاق للبيوت والممتلكات الخاصة والعامة. وحسب مصادر في المعارضة السورية، فإنّ للفرقة الرابعة معتقلات خاصة لها غير خاضعة لأي قانون، مشيرة إلى أنّ أغلب من زُج بها بات مصيره مجهولاً.
وخلال سنوات الحرب الممتدة منذ 10 سنوات، وضع الحرس الثوري الإيراني يده على هذه الفرقة بسبب ولاء قائدها ماهر الأسد لطهران، ما حوّلها إلى مليشيا وذراع ضاربة تنفذ الأجندة الإيرانية في سورية. ويرفض أهالي أحياء درعا البلد أي وجود لهذه الفرقة بسبب تاريخها الأسود في التعامل مع السوريين، إذ تعد الأكثر قسوة والأجرأ على ارتكاب الانتهاكات التي لا تستثني أحداً.
وفي هذا الصدد، أشار عماد المسالمة، إلى أنّ “الفرقة الرابعة لم تعد تابعة لقوات النظام، بل باتت ذراعاً إيرانية”، مضيفاً: “هدف إيران السيطرة على الجنوب السوري كله”. وتابع: “على الرغم من الحصار الخانق، نرفض وجود هذه الفرقة وكل المليشيات الطائفية التابعة لإيران وحزب الله، ولن نقبل بأي حال من الأحوال أي عبث إيراني في محافظة درعا”.
وتشير المعطيات إلى أن الجانب الإيراني يسعى إلى تحقيق العديد من المكاسب من خلال تغلغل المليشيات التابعة له وأبرزها الفرقة الرابعة، في جنوب سورية، فهو يريد أن يكون اللاعب البارز على الحدود مع الأردن وفلسطين المحتلة، في سياق سياسة إيرانية باتت واضحة لترسيخ نفوذ طهران في الإقليم، وخلق وقائع على الأرض لا يمكن تجاوزها في أي تسويات سياسية مقبلة تخص الملف السوري.
————————
لماذا تتجنّب روسيا حسم ملف درعا عسكرياً؟/ فراس فحام
منذ اليوم الأول للتصعيد العسكري في محافظة درعا كان واضحاً أن روسيا هي الفاعل الأساسي، إذ إن حصار منطقة درعا البلد، شهر تموز الفائت، أتى بعد جولة المفاوضات التي عقدها الجنرال الروسي “أسد الله” مع اللجنة المركزية لمدينة درعا، وطالب فيها بتسليم المقاتلين أسلحتهم الخفيفة، ولا يغيّر من هذه الحقيقة ما جرى لاحقاً من تصدر اللواء حسام لوقا للمفاوضات، وتوليه إطلاق التهديدات بالحسم العسكري.
لاحقاً وبسبب الرغبة الروسية، بدا المشهد وكأن نظام الأسد بالتعاون مع إيران، قد اتخذا القرار بحسم ملف درعا عسكرياً، وتولّت قناة “روسيا اليوم” التسويق لسردية مفادها أن “دمشق لم تستمع لنصائح روسيا حول اختيار الحل السياسي بدلاً من العمليات العسكرية لتسوية ملف درعا”، لكن روسيا ظهرت في المشهد مجدداً، بداية شهر آب الجاري، من خلال إرسال وفد عسكري روسي للقاء اللجنة المفاوضة عن مدينة درعا.
وقدّم الوفد وعوداً بأن يتم اعتماد الحل السياسي وليس العسكري، إلا أن الحصار اشتد بعدها على الأهالي ووصل إلى حد منع الطحين من الوصول إلى الأفران، وازدادت وتيرة القصف المدفعي البعيد المدى، ومحاولات التوغّل البري المحدودة، كل ذلك دون أي حسم عسكري متاح وفي متناول موسكو لو أرادت، فلماذا تحجم عنه وتقدّم الوعود بالحل السياسي للأهالي؟
في ظل استحالة انخراط “اللواء الثامن” بقيادة أحمد العودة – المنحدر من محافظة درعا – في العمليات العسكرية ضد أبناء منطقته لصالح روسيا، فإنّ خيار الحل العسكري يعني بالضرورة أن موسكو ستكون مضطرة للاعتماد على “الفرقة الرابعة” التابعة للنظام والميليشيات المرتبطة بإيران، وحتى لو استقدمت تعزيزات عسكرية من قطع أخرى باستثناء “الفيلق الخامس”، فلن تضمن عدم اختراق إيران لقرار تلك الوحدات العسكرية، على اعتبار أن حجم التغلغل الإيراني كبير داخل المؤسسة العسكرية التابعة للنظام.
وهذا السيناريو سيكون مكلفاً لروسيا من الناحية السياسية، على اعتبار أنها مهّدت لـ اتفاق التسوية في درعا عام 2018، بتفاهمات مع دول الجوار ( إسرائيل – الأردن)، ومع الولايات المتحدة الأميركية، ونصت تلك التفاهمات على ضمان عدم التغيير الديموغرافي وتهجير الأهالي، لأن هذا السيناريو سيصب في صالح إيران التي تسعى للتمدد أكثر جنوب سوريا، وامتلاك أوراق ضغط إضافية على إسرائيل.
إيران تسعى لإفشال اتفاق التسوية الروسي جنوبي سوريا
يضاف إلى هذا كله أن روسيا اجتازت الاختبار الأول لإمكانية العمل المشترك مع الولايات المتحدة الأميركية في سوريا والمتمثل بعدم استخدام روسيا لحق النقض (الفيتو) ضد قرار استمرار فتح معبر “باب الهوى” وإدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا.
وتطمح موسكو بتطوير الثقة مع واشنطن وليس نسفها، وهي تدرك أن إدارة “بايدن” تتجه لتصعيد الضغط على إيران والعمل على تقليص نفوذها في كل من العراق وسوريا، كرد أميركي على التعنت الإيراني في مسار مفاوضات فيينا الخاص بالاتفاق النووي، فمن غير الوارد أن تتجاهل موسكو الموقف الأميركي وتدعم تعزيز النفوذ الإيراني في الجنوب السوري، خاصة وأن واشنطن تبدو أقرب من أي وقت مضى من المنطقة، فقد أسست قواعد عسكرية جديدة لها في الأردن، شهر تموز الفائت، بعد أن جلبت جزءا من قواتها المنتشرة في قطر، وتبدو هذه الخطوة في إطار محاصرة النفوذ الإيراني وإنشاء قواعد إنذار مبكرة ضد تحركات طهران.
وافقت الأردن مؤخراً على فتح “معبر نصيب” لتعزيز التبادل التجاري مع سوريا، ومن المؤكد أن خطوة عمان ما كانت لتتم دون تنسيق مسبق مع واشنطن، لأنها تعتبر بمنزلة تخفيف للعقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام السوري، وهذا مكسب مهم بالنسبة لروسيا الساعية لتنشيط حركة الاقتصاد، وبالتالي فإن موسكو تعمل على تحقيق مزيد من المكاسب وليس إغضاب واشنطن ودفعها للتشدد في موقفها أكثر.
في ظل كل هذه التعقيدات والمعطيات، من الطبيعي أن تلجأ روسيا إلى الضغط عن طريق التلويح بالخيار العسكري، والتهديد بورقة الميليشيات الإيرانية، لكن من الواضح أنها تقوم بذلك من أجل تحسين موقفها التفاوضي مع الجهات الدولية الفاعلة في ملف الجنوب السوري، ولا تبحث عن حسم عسكري لن يكون له مكاسب سياسية واقتصادية، ولا يتيح لموسكو التفاوض حول ضبط نفوذ إيران، بل قد يدفع واشنطن والأردن لدعم عمليات أمنية ضد النظام السوري والميليشيات الإيرانية.
الخلاصة: تُركّز روسيا على تحقيق جملة من المكاسب في محافظة درعا، مستفيدة من الحصار الذي تفرضه قوات النظام السوري المدعومة إيرانياً، وعلى رأس تلك المكاسب حصول روسيا على ضمانات من الجهات الدولية والمحلية في درعا تتضمن انضباط المجموعات العسكرية في درعا البلد والريف الغربي، بالإضافة إلى تعهدات أميركية بمزيد من تخفيف القيود الاقتصادية، كما تبحث موسكو عن فتح مسار تنسيقي مع واشنطن حول سوريا، يكون أحد محاوره ضبط النفوذ الإيراني، وبهذا فإن روسيا تكون قد قطعت الطريق على أي تحركات أميركية في درعا تعتمد على المجموعات المقاتلة التي كانت تتبع سابقاً للجبهة الجنوبية من أجل استهداف الميليشيات الإيرانية، وما يحمله هذا التطور من تهديد للجهود الروسية الخاصة بفرض الاستقرار.
يُضاف إلى ذلك، مصلحة روسيا ورغبتها في انضمام جميع مقاتلي درعا – خاصةً في درعا البلد المُحاصرة حالياً – إلى “اللواء الثامن” الذي يقوده أحمد العودة في “الفيلق الخامس” التابع لها.
تلفزيون سوريا
——————————
موسكو لن تقبل بتحكم طهران بدرعا لموقعها الجيوسياسي/وليد شقير
أعاد الوضع الأمني والعسكري في محافظة درعا السورية تسليط الأضواء على التطورات السورية التي احتفظت بقدر من الاستقرار في السنوات الثلاث الماضية، نتيجة عوامل عدة بينها رعاية روسيا بعد نجاحها في تثبيت نظام بشار الأسد، للمصالحات بين فضائل معارضة وبين قوات النظام والتي شملت محافظات عدة بينها محافظة درعا.
إلا أن الاستقرار في منطقة درعا بقي مشوباً بالكثير من الحوادث على الرغم من أن الجانب الروسي استطاع وقف المعارك العسكرية منذ العام 2018 بعد اتفاق خفض التصعيد الذي أرسته صيغة “أستانا” بين روسيا وإيران وتركيا في يوليو (تموز) عام 2017. فالمحافظة خضعت لخطط التمدد الإيراني فيها استكمالاً لتعزيز طهران نفوذها في بلاد الشام من جهة، ومن أجل التواجد على تماس مع الحدود السورية الجنوبية والمناطق المحتلة من قبل إسرائيل في الجولان، من جهة ثانية، ولا سيما في محافظة القنيطرة المتاخمة لدرعا من الغرب. ويحد درعا من الشمال محافظة ريف دمشق، ومن الشرق محافظة السويداء.
تأثير التمدد الإيراني في الجغرافيا السياسية
والعامل الآخر الذي يجعل من التطورات في درعا ذات أهمية في الجغرافيا السياسية الإقليمية أيضاً هو تعزيز الولايات المتحدة الأميركية وجودها في الأردن بحيث تصبح على مقربة من منطقة تواجد إيراني في بلاد المشرق.
كما أن تعزيز التواجد الإيراني في الجنوب السوري، أثار ردة فعل الفصائل التي انخرطت في المصالحات برعاية روسية، نظراً إلى أن درعا مهد الثورة على النظام في 15 مارس (آذار) 2011، وشكل منافساً للدور الروسي الذي سعى إلى استيعاب جزء من المعارضة وضم بعض مسلحيها إلى اللواء الثامن في الفيلق الخامس (في الجيش السوري في إطار إعادة هيكلته) الذي نشأ بقرار ودعم من موسكو.
والتمدد الإيراني وميليشيات تابعة في مقدمها “حزب الله” اللبناني، نحو درعا والمنطقة الجنوبية يثير حفيظة دولتين محاذيتين: إسرائيل التي تراقب عن كثب ما يجري فيها، وتولت قصف قواعد وتحركات للحزب والحرس الثوري الإيراني هناك عشرات المرات، والأردن الذي يرصد مدى اقتراب إيران من حدوده ويتبع سياسة حذرة حيال ذلك منذ سنوات، إضافة إلى قلقه من احتمالات مواجهة إيرانية إسرائيلية قد يتأثر بها. والقلق من التطورات في درعا كان دفع عمّان إلى إقفال معبر جابر نصيب الحدودي مع سوريا في 31 يوليو الماضي بسبب توتر الوضع الأمني في منطقة درعا بين الفرقة الرابعة (بقيادة ماهر الأسد) والميليشيات الإيرانية من جهة وفصائل معارضة من جهة ثانية، للاتفاق على ترتيبات أمنية جديدة حول التنقل بين البلدين، ثم إعادة فتحه في الخامس من أغسطس (آب) أمام الشاحنات المحملة بالخضار والفاكهة وغيرها فقط، مع الإبقاء على حركة الأفراد والسيارات العادية مجمدة حتى إشعار آخر.
التوتر والعصابات المسلحة وخرق المصالحة
منذ اتفاق المصالحة الذي رعته موسكو في 2018 في درعا، عاشت المحافظة الكثير من التوترات الأمنية ذات الطابع الاجتماعي بفعل خليط من العوامل منها نشوء عصابات المخدرات والخوات التي رعت بعضها مخابرات النظام، وبسبب التدهور التدريجي للأوضاع المعيشية نتيجة عجز النظام عن تأمين المواد الأساسية من محروقات ومواد غذائية وكهرباء بسبب حصر المنافع واحتكارها بيد المحظيين في دمشق وبسبب العقوبات الأميركية والأوروبية.
لكن التوترات الناشئة من إخلال أجهزة الأمن الرسمية باتفاق المصالحة ومواصلتها الاعتقالات لآلاف الشبان الذي كانوا قاتلوا مع فصائل معارضة، وبفعل تغلغل الحرس الثوري و”حزب الله” في المنطقة عن طريق إنفاق المال لاستمالة مجموعات متعددة جراء العوز والفقر، والتركيز على بعض القرى والبلدات الشيعية في المحافظة، كانا سبباً لاغتيالات واشتباكات متقطعة على مدى سنتين بحيث لم تنعم المحافظة بالهدوء.
تسليح وتمويل إيرانيين وبرميل بارود
وفي جردة للمجموعات المسلحة التابعة لإيران في درعا، يشير موقع “زمان الوصل” السوري إلى أن “الحرس الثوري” الإيراني استطاع التمركز في مدينة “الصنمين” تحت ظلال الفرقة التاسعة في الجيش السوري، “حزب الله” اللبناني الذي افتتح مراكز تجنيد وسط مدينة درعا، وفي العديد من القرى المحيطة تحت ظلال تشكيلات عسكرية سورية نظامية سواء المخابرات الجوية أو “لواء اليرموك”، “عصائب أهل الحق” العراقية التي تنتشر مع الفرقة الخامسة السورية، “لواء العرين” الذي ينتشر في أراضٍ زراعية خصبة وعمل على ترغيب أصحابها على بيع عقاراتهم بأسعار مغرية، لواء “الحسين”، “اللواء 313” وإمرته لـ “حزب الله”، قوات “الرضوان”، قوات “الغيث” التي تستظل الفرقة الرابعة السورية.
وفي وقت يتنكر الكثير من هذه الميليشيات بلباس الجيش السوري فإن معظمها يتلقى تمويلاً مباشراً من الحرس الثوري ومن مكتب المرشد علي خامنئي. ولا تبلغ رواتب العناصر قيمة عالية (بعضها 100 دولار) لأن سبب الانتماء إليها هو تجنب الملاحقات من النظام، كما أن بعض المجموعات التابعة لإيران ينتشر في تلال تتحكم بطرقات رئيسة، بعضها جرى تسليحه بصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى.
كما أن بعض التقارير أشار إلى امتلاك “الحرس الثوري”، وبعض هذه المجموعات، طائرات مسيرة إيرانية الصنع. وكان الملك الأردني عبد الله الثاني أشار في مقابلة تلفزيونية أثناء زيارته إلى واشنطن قبل أسبوعين إلى تعرض الحدود الأردنية لهجوم بهذا النوع من الطائرات من المنطقة الجنوبية.
كل ذلك حوّل درعا إلى برميل بارود إقليمي، لاسيما مع تنامي تظاهرات الاحتجاج ضد النظام على الوضع المعيشي المزري الذي يتحكم بحياة السوريين، وجعلها عملياً خارجة عن السيطرة الكاملة على المحافظة. ولطالما شهدت المحافظة اشتباكات بين الموالين للنظام والميليشيات الموالية لإيران وبين المجموعات المسلحة المعارضة التي احتفظت بالسلاح، وبعضها انضوى في اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس الذي توالي قيادته روسيا.
حصار النظام والوساطة الروسية
عادت درعا إلى واجهة الأحداث في الأيام الماضية نتيجة تجدد عمليات القصف من الجيش السوري على بعض المناطق وحصول اشتباكات بالأسلحة المتوسطة بينه وبين فصائل معارضة، ما دفع مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشال باشليت، إلى القول إن الجنوب السوري يعيش “أسوأ أعمال عنف منذ سيطرة النظام عليه عام 2018”. وأكدت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن “تجدد القتال في درعا يثير الشكوك حول قدرة موسكو على لعب دور الوسيط بشكل فعال، حيث يحاول نظام الأسد إخضاع جنوب سوريا بالكامل لسيطرته، بدعم من إيران والمليشيات الموالية لها”، أما المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون فدعا إلى “التمسك بمبدأ حماية المدنيين والقانون الإنساني الدولي”، وحث الجميع على “التهدئة”.
فقوات النظام السوري، وتحديداً الفرقة الرابعة، بمساندة ميليشيات موالية لطهران، تحكم حصاراً منذ أواخر شهر يونيو (حزيران) الماضي على أحياء درعا البلد في المحافظة، تتخلله صدامات وقصف عشوائي، سقط جراءه مدنيون قتلى، ما سبّب فرار زهاء 20 ألف من المدنيين إلى مناطق أكثر أماناً، بينما تعيش أكثر من سبعة آلاف عائلة في ظروف صعبة، بسبب انقطاع المواد التموينية التي تحتاجها بشكل يومي، من خبز وماء وكهرباء وخدمات طبية.
وبدأ التدهور الأمني عقب انتخاب بشار الأسد لولاية رابعة حين اندفعت قواته لمحاولة السيطرة على المحافظة بدعم من التشكيلات العسكرية الإيرانية، وبحجة إيواء إرهابيين تارة ينتمون إلى تنظيم “داعش” وأخرى إلى “حراس الدين”، وطالب النظام بتسليم الفصائل المسلحة السلاح وترحيل مسلحين إلى إدلب أو الشمال السوري حيث السيطرة التركية. وتحركت الوساطة الروسية مجدداً وصاغت اتفاقاً جديداً بين “اللجنة الأمنية” التابعة للنظام ولجنة التفاوض بالنيابة عن فصائل درعا، قضى بوقف النار وبتسليم بعض المسلحين في منطقة درعا البلد (وهي غير درعا عاصمة المحافظة) الأسلحة الخفيفة وبعض الأسلحة المتوسطة، استناداً لاتفاق المصالحة عام 2018 على أن يتولى اللواء الثامن في الفيلق الخامس الذي يقوده المعارض السابق أحمد العودة استيعاب بعض المسلحين في عداده، وعلى الرغم من ذلك فشل تنفيذ هذا الاتفاق.
توظيف تجديد الولاية ورفض موسكو اجتياح درعا
الجانب الروسي اعتبر أن الأسد يسعى لتوظيف التجديد له بالسيطرة بالقوة المفرطة على درعا، بمساندة إيرانية، خصوصاً أن المحافظة قاطعت الانتخابات الرئاسية ورفضت الاقتراع له وينوي معاقبة أهلها. أرسلت روسيا وفدين، الأول عسكري برئاسة نائب مركز المصالحة في قاعدة “حميميم” الأدميرال فاديم كوليت، ثم مندوب المخابرات العسكرية ألكسندر زورين الذي ينسق مباشرة مع الكرملين بخصوص سوريا في اتصالاته مع المعارضين للنظام، واقترحت موسكو نقل بعض المسلحين إلى خارج درعا البلد، لكن من دون ترحيلهم إلى الشمال أو إدلب، وتولي الفيلق الخامس الروسي الهوى السيطرة على الطريق بين دمشق والأردن الذي كان النظام يشكو من وجود المسلحين عليها، وبالفعل، أعلن بعض رموز الفصائل المعارضة الخروج من درعا البلد، لكنها رفضت تهجيرها إلى الشمال السوري.
وفي التقييم الروسي، وفق معطيات من يزورون موسكو، أن الأسد فهم تأييد موسكو لإعادة انتخابه، وبعض إشارات الانفتاح العربية عليه، على أنها تسوّغ له العودة إلى خيارات الحسم العسكري التي لوّح بها في خطاب تنصيبه في 17 يوليو الماضي، وهو خطاب أثار انتقادات حادة في أروقة القرار في موسكو في حينها، ظهرت في وسائل الإعلام، متهمة إياه بأنه لا يريد الحل السياسي وفق القرار الدولي الرقم 2254 وأنه لا يتصرف على أنه أدرك الحاجة إلى تغيير طريقة حكم سوريا عما كان الأمر في 2011، وحفلت وسائل الإعلام الروسية في الأيام القليلة الماضية بالحديث عن جموح الأسد العسكري في درعا، بدعم إيراني، وعكست هذه الكتابات إرادة الكرملين بعدم السماح باجتياح بلدات وقرى في المحافظة، وهو ما دفع رموزاً في فصائل معارضة إلى التصريح عبر وسائل إعلام وفضائيات عربية وسورية معارضة بأنه لولا الضغط الروسي على دمشق لكانت درعا شهدت أنهراً من الدماء.
وترى موسكو أن انتفاض درعا على النظام قد يتكرر في محافظات أخرى تتواجد فيها قواته، جراء التردي المستمر في الأوضاع الحياتية، وبالفعل، فإن بعض رموز محافظة السويداء ولا سيما “شيوخ الكرامة” بدأوا تحركاً في هذا الصدد.
الشاعر: مسؤولية النظام
وفي وقت ركز معظم المراقبين على أن جانباً مما تشهده المحافظة يختصر التنافس والتناحر الروسي الإيراني في بلاد الشام، فإن موسكو جاهرت برفضها الخيارات العسكرية عبر مقالات وإطلالات تلفزيونية للمستشار في وزارتي الخارجية والدفاع الروسيتين رامي الشاعر. ويفترض المتابعون للتعقيدات الإقليمية أن موسكو لن تسمح بتحكم طهران بهذه المساحة الجغرافية المهمة التي تشكلها درعا على الصعيد الإقليمي
وقال الشاعر في مقابلة، الأربعاء في 11 أغسطس، مع “تلفزيون سوريا” القريب من المعارضة، إن “التجديد للأسد لولاية رئاسية جديدة هو تجديد استمرار النظام بكامله لولاية جديدة من دون أي تغييرات جذرية في بنيته وبخاصة العسكرية والأمنية، في ظل انهيار اقتصادي كارثي على الشعب السوري”.
وذهب الشاعر، الذي يعبر عن رسائل سياسية يريد المسؤولون الروس أن يبعثوها، إلى أبعد من انتقادات المعارضة للنظام حين قال، “النظام في دمشق يعي أن أي تنازل ولو بسيط يعني نهايته ومحاسبته على ما وصلت إليه الأوضاع في سوريا اليوم، وهو يتحمل المسؤولية الأولى، (عن) كل العوامل الأخرى من تدخلات خارجية ومؤامرات على سوريا عقوبات وحصار اقتصادي، ودور التنظيمات الإرهابية لا يبرر مسؤولية النظام الأولى في تحمله مسؤولية مأساة الشعب السوري”.
اختلاف وجهات النظر مع إيران
وإذ اتهم النظام بإفشال “اللجنة الدستورية” عن قصد “لدفن القرار 2254″، رأى أن “المقصود إفشال جهود موسكو وسعيها لتنفيذ هذا القرار، حسب ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر الحوار الوطني السوري في “سوتشي” عام 2018″. وكشف عن أن موسكو قدمت لسوريا مطلع العام الحالي مليار ونصف مليار دولار للنظام على شكل قرض بلا فوائد وغير محدد زمنياً استرجاعه، على شكل قمح ومحروقات ومواد أخرى من احتياجات يومية لمقومات الحياة الإنسانية”.
ورداً على سؤال حول استدارة النظام نحو الصين قال إن هناك تطابقاً كاملاً بين سياسة روسيا والصين بخصوص الأزمة السورية، وإذ نفى وجود تناقض روسي إيراني أكد أن “هناك وجهات نظر مختلفة بخصوص الخروج من أزمة سوريا”، ومع إشارته إلى دور روسيا في التوصل لاتفاق على النووي ومن أجل رفع العقوبات، ردّ على سؤال حول وجود ميليشيات إيران في سوريا بالقول إنه “وضع مؤقت يقرره السوريون في المستقبل، وأتمنى أن يكون قريباً جداً”.
اندبندنت عربية
—————————-
=======================

=====================
تحديث 13 آب 2021
——————————
درعا والأسد من يتحرّش بمن؟/ إبراهيم الجبين
حين يقال إن ما يحدث في درعا نابع فقط من رفضها إعادة عقارب الساعة إلى ما قبل التفاهمات التي أجريت برعاية روسية، والتي نشأت عنها أوضاع جديدة، فهذا يعني أن قراءة الكثيرين للمدينة الجنوبية التي يعتبرها السوريون مهد ثورتهم لا تراعي ما يعصف بعقل رئيس النظام السوري بشار الأسد هذه الأيام.
التسويات التي عقدها النظام في أكثر من منطقة، بما فيها اتفاقاته الأمنية والنفطية مع حزب العمال الكردستاني بفرعه السوري، جميعها كانت تعتمد قواعد المؤقت أكثر من كونها اتفاقات دائمة. وغالباً ما كان طرفا أي اتفاق من هذا النوع يعلمان أن الهدف منه كسب الوقت، وأن المآل سيكون باختصار بسط سيطرة الدولة من جديد، أي عودة الأسد.
في الشمال كانت اتفاقات أستانة كفيلة بخلق أوضاع اتفقت عليها كل من تركيا من جهة، وروسيا وإيران من جهة ثانية، ومن خلفهما الأسد، تفرض على الجميع التمسك بوقف إطلاق النار، ولكنها لا تمنع من المناوشات والقصف شبه اليومي، حتى من قبل الضامنين أنفسهما، الروسي والإيراني. وحده الجنوب بقي معادلة معقدة أكثر من بقية المناطق السورية.
حاجة الجنوب السوري ستستمر إلى التمرّد، ومعها ستتواصل حاجة الأسد إلى بسط السيطرة، وانكفاء أي منهما الآن، سيزيد من الأمور تفجّراً بدلاً من أن يطفئ النار
في السويداء تطلب الأمر من الأسد الاستعانة بإيران والتلويح بتهديد داعش المستمر، الإيرانيون يحاولون تفتيت المجتمع الدرزي الموحد واجتذاب الفاعلين فيه من الأعيان إلى العسكريين وشيوخ العقل، وإن تطلب الأمر يحيّدونهم جانباً بالاغتيال كحالة الشيخ وحيد البلعوس الذي ظهر ابنه مؤخراً ليتهم صراحة حزب الله وإيران باغتيال والده. أما داعش فهي السلاح المذهبي الذي يجري رفعه بين الوقت والآخر لإثارة رعب الأهالي من عصابة تكفيرية قد تجتاح السويداء وتفعل بها مثلما فعلت بجبل سنجار مع الإيزيديين.
في درعا الأمر مختلف، فهي ليست فقط بالنسبة إلى الأسد، المكان الأول الذي تفجّرت منه مشكلته، وسبب الصداع الرهيب الذي يعاني منه طيلة عشر سنين ماضية، بل هي أيضاً حاجة أساسية له كي يثبت أن الأمر استتبّ له. من هنا فهو لا يفاوض على قصة السيطرة عليها بالكامل وإعادتها كما كانت قبل العام 2011، وهذا ما لا يمكن لأهل حوران تصوّره بحكم أنهم قد عبروا مرحلة الأسد إلى نمط عيش جديد.
حاصرت قوات الأسد بفرقتها الرابعة وآلياتها درعا، مدعومة بالميليشيات الإيرانية. والسؤال الهام هنا، والذي منه ستنبثق كل الأسئلة القادمة؛ ما الذي يمنع الأسد من النجاح في احتلال درعا من جديد؟
خلال الأيام الماضية ذكرت وول ستريت جورنال الأميركية أن “روسيا تجد أن الحفاظ على السلام في سوريا أصعب من خوض الحرب” وذلك في إشارة إلى ما يحدث في درعا جنوبي البلاد. وأضافت أن “التصعيد الذي تشهده درعا من قبل قوات النظام السوري يؤدي إلى تآكل هدف موسكو في ترسيخ نفسها كطرف رئيسي في الشرق الأوسط، وتلك الاشتباكات الآن تهدد بتقويض مصداقية روسيا في سوريا، على الرغم من المكاسب التي حققتها من خلال الانحياز إلى بشار الأسد للحفاظ على قبضته على السلطة”.
أهل حوران عبروا مرحلة الأسد إلى نمط عيش جديد أهل حوران عبروا مرحلة الأسد إلى نمط عيش جديد
العين الأميركية التي تراقب الوضع ما بين الروس والأسد في الجنوب، ترى أيضاً كيف يتضاءل دور العامل الإيراني هناك، في ظل عجز الأسد عن كسر القرار الروسي بعدم شن هجوم كاسح ضد درعا. لكن إلى متى سيقدر الأسد والإيرانيون على تحمّل الوضع الساكن المتوتر في الوقت نفسه بهذا الشكل؟
هذا الجمود الذي يزيده الأسد صعوبة بتطبيق حصار جائر على الأهالي في درعا، بدأ بحظر دخول الأدوية ووصل إلى حظر دخول الطحين قبل يومين، لن يتمكن من كسره سوى خرقين، الأول قد يفعله الأسد، وحينها سيجد نفسه بمواجهة الروس. والخرق الثاني قد يحدث بأيدي أهل حوران أنفسهم، الذين تنشر الأنباء أنهم هم من يقومون بشن عمليات ضد قوات الأسد، ما دفع الأخيرة إلى الرد عليهم بقصف عنيف وتحليق للطيران الاستطلاعي روّع السكان.
ويكاد يكون طبيعياً أن يحاول مقاتلو درعا فتح طريق من أجل تزويد المدينة بالمؤن، وهم أصحاب تجربة طويلة مع التهريب عبر الحدود السورية – الأردنية، باب الرزق الذي سدّه بوجوهم قبل سنوات رامي مخلوف واجهة الأسد آنذاك، حين استولى على المناطق الحرة وأتم حظراً قاسياً على أعمال الحوارنة الذين كانوا يسترزقون من بيع الدخان المهرّب والشاي والبضائع البسيطة. ما أسهم في اندفاعهم بقوة وبوعي تشكّل من متطلباته المستلزمات الحياتية الأساسية، ليكونوا جذوة الثورة ضد الأسد ونظامه وليس من دون معنى أن تكون صور مخلوف هي أولى الصور التي تم رفعها في مظاهرات درعا والهتاف ضده قبل الأسد.
الآن يعود التجويع من جديد، ولكنه عائد هذه المرة مع كيمياء جديدة، فلم يكن في الماضي لا روس ولا إيرانيون، بين الأسد ودرعا. والمختلف اليوم يفرض بنفسه تغيير الآلية، وهو ما لا يتقنه الأسد الذي اعتقد أن القوة الغاشمة وحدها كفيلة بحل أي إشكال سياسي أو اجتماعي أو غيره. لكن يبدو أن الروس أنفسهم فقدوا قناعتهم بالقوة الغاشمة والاجتياح وإلا لكانت درعا اليوم نسخة ثانية عن حلب. ولكنهم وعلى النقيض من ذلك، وكي يمنعوا الأسد من أي مغامرة جديدة أرسلوا أرتالاً من الشرطة العسكرية الروسية لتتمركز في وسط درعا.
ستستمر حاجة الجنوب السوري إلى التمرّد، ومعها ستتواصل حاجة الأسد إلى بسط السيطرة، وانكفاء أي منهما الآن، سيزيد من الأمور تفجّراً بدلاً من أن يطفئ النار. فإذا انكسر الأسد في درعا، ستلحق بها مناطق أخرى في سوريا، وقد فعلت مصياف وغيرها، وها هي الدعوات في حلب للتظاهر ضد الجوع تتصاعد من داخل مناطق سيطرة الأسد لا من خارجها هذه المرّة. فالحياة أصبحت خانقة أكثر مما يمكن احتماله لدى أكثر السوريين ولاءً للأسد.
كاتب سوري
العرب
———————————
الشاعر: الأسد أرسل مبعوثاً إلى واشنطن ويتقصد التصعيد في الجنوب السوري
إسطنبول – تيم الحاج
شكك الدبلوماسي والمحلل السياسي الروسي رامي الشاعر بالمعلومات التي أوردها تقرير لوكالة سبوتنيك الروسية حول استجابة قوات النظام لمبادرة روسية بإيقاف الحملة العسكرية على المناطق المحاصرة في درعا البلد، وكشف لموقع تلفزيون سوريا أن الأسد أرسل مبعوثاً للتفاهم مع الإدارة الأميركية.
وأكد الشاعر المقرّب من دوائر صنع القرار في موسكو، في حديثه لموقع تلفزيون سوريا، أن النظام لن يقبل بالتهدئة في الجنوب السوري، وإنما بالعكس يسعى جاهدة لإشعال المنطقة بناء على عدة اعتبارات.
ويوم أمس نقلت وكالة “سبوتنيك” عن مصادر مطلعة أن “قيادة عمليات الجيش في المحافظة أقرت وقفا تاما وفوريا لإطلاق النار عقب ورود المقترح الروسي بعد ظهر أمس الأربعاء” ووصفت المصادر ذلك بأنه “محاولة أخيرة للحلول السلمية والحيلولة دون إطلاق عملية عسكرية قد تكون مكلفة”.
وأوضحت المصادر لسبوتنيك أن المقترح الروسي يتضمن “وضع آلية لحل سلمي لملف المسلحين المتحصنين في حي درعا البلد وفق برنامج زمني محدد”.
وقال الشاعر: “لقد وضعت القيادة في دمشق نصب أعينها هدفاً رئيسياً ألا وهو الحفاظ على الحكم بشكله الحالي دون أي تغيير وبأي ثمن، ضاربة بعرض الحائط كل ما نراه أمام أعيننا من تدهور في الحالة المعيشية لعامة الشعب السوري، وشلل مؤسسات الدولة، والتدهور الاقتصادي المرعب الذي يتدحرج مثل كرة الثلج التي تدهس كل ما يقابلها.
وأضاف: “راهنت دمشق خلال السنوات الثلاث الأخيرة على إحداث شرخ بين دول مسار أستانا، روسيا وتركيا وإيران، باستخدام كل الوسائل وكل السبل، والتخلص من مخرجات مسار أستانا من نظام التهدئة ووقف إطلاق النار على كل الأراضي السورية، والتي تمهد الطريق لاستمرار الجهود الدولية الخاصة بحل الأزمة السورية وعلى رأسها جهود هيئة الأمم المتحدة، وبالطبع تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، ما سيفتح الطريق أمام الشعب السوري لتحقيق طموحاته في الانتقال إلى نظام سياسي آخر، بدلاً من النظام الذي يحكم البلاد لنصف قرن. ولا أبالغ إذا ما قلت إن 90% من الشعب السوري يريد تغيير الحكم في سوريا، وهذا تحديداً ما ترفضه القيادة في دمشق جملة وتفصيلاً، وتسعى بكل ما أوتيت من قوة لعرقلته”.
الشاعر: بشار الأسد أرسل مبعوثاً لواشنطن للتفاهم في الملف السوري
وكشف الشاعر لموقع تلفزيون سوريا بما تحدث عنه أعلاه حول استراتيجية النظام، بأن تصعيد قواته مؤخراً في الجنوب السوري ودرعا البلد “ليس من قبيل الصدفة”، وأن رئيس النظام بشار الأسد أرسل مبعوثاً إلى واشنطن، وأبلغ الإدارة الأميركية باستعداده للعمل والتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة الأميركية بشأن جميع القضايا التي تخصّها في الشرق الأوسط، مقابل دعم بقاء النظام السوري على ما هو عليه.
ويرى الشاعر أن هذه الصفقة التي يعرضها النظام لواشنطن ستكون بمثابة “قبلة الحياة مقابل تقديم 99% من كروت اللعب لأميركا، ومنحها القدرة على التحكم بالملف السوري بعيداً عن أي دور لروسيا أو لمجموعة دول مسار أستانا أو لأي من الجهود التي بذلت ولا زالت تبذل من أجل حل الأزمة السورية من قبل هذه الدول.
الأسد عرض الانقلاب على روسيا ومسارات الحل السياسي وواشنطن حذرة
وأشار الشاعر إلى أن النظام يدرك أن التصعيد والتوتر العسكري في الجنوب السوري وبالقرب من الحدود الإسرائيلية يمكن أن يشعل حرباً كبيرة، سيكون ثمنها باهظاً، وتداعياتها مربكة، لهذا يعرض النظام على واشنطن وإسرائيل لعب الدور الرئيسي للتحكم بهذه المنطقة، بإفشال كل الجهود الأخرى بما في ذلك الجهود الروسية وجهود مجموعة أستانا.
ويرجح الشاعر أن “الإدارة الأمريكية لن تنجر إلى مغامرة عبثية كهذه، فهي تدرك منذ بداية الأزمة السورية أن أساس المشكلة السورية موضوعي، يتمثّل في رفض عامة الشعب السوري للنظام الحالي، وتعي كل محاولات التلاعب، التي يلجأ إليها النظام، وقد بدأت واشنطن اليوم في إجراء لقاءات على مستوى المختصين في موسكو بهدف إيجاد أفضل السبل للتعاون في تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، وتختلف هذه الإدارة عن سابقتها التي كانت تهدف إلى “إغراق روسيا في المستنقع السوري”.
وختم الشاعر بالقول: “نحن نرى هذه الأيام تداعيات تغيير سياسات الولايات المتحدة الأميركية والانسحاب من أفغانستان والعراق. وعودة إلى السؤال بشأن اتفاق الأمس، الذي توصل إليه الضباط الروس، لوقف إطلاق النار، وما إذا كانت تلك هي الفرصة الأخيرة، والبديل هو الحل العسكري. أعتقد أن ما نشرته وكالة “سبوتنيك” كان يفتقد إلى الدقة، لأنني على ثقة في أن الضباط الروس، في جميع الأحوال، سيستمرون في بذل أقصى ما يستطيعون من جهد، وسيفضلون عدم اللجوء إلى الحل العسكري، والسعي إلى تقديم تنازلات من قبل الطرفين، والتوصل إلى صيغة حل وسط، يجمد الاشتباكات وتبادل إطلاق النار.
تلفزيون سوريا
————————————
عين الأردن على درعا ومخاوف من النزوح والميليشيات الإيرانية/ صلاح ملكاوي
تسعى عمان إلى استثنائها من عقوبات “قيصر” وإعادة فتح معابرها مع دمشق. اندبندنت عربية
في موازاة التطورات الميدانية الجارية في مدينة درعا السورية، يتصاعد قلق أردني على بعد كيلومترات من الحدود المشتركة مع سوريا، خشية أن تتسبب في حركة نزوح جماعية جديدة للسوريين في اتجاه الأردن، فضلاً عن مخاوف إزاء النشاط المتزايد للميليشيات الإيرانية إضافة إلى نشاط كثيف ومتزايد لتهريب المخدرات من سوريا في اتجاه الأراضي الأردنية.
وتُرجم القلق الأردني على الفور عبر قرار بإغلاق معبر “جابر – نصيب” الحدودي مع سوريا الأسبوع الماضي، بعد ساعات فقط على إعادة فتحه، نتيجة تطورات الأوضاع الأمنية في الجانب السوري. وتسعى عمان إلى إعادة الهدوء إلى درعا، لبدء التشغيل الكامل للمعبر الذي يعتبر بمثابة شريان حياة للتجارة الأردنية، إذ تفجر العنف مجدداً بين قوات المعارضة وقوات النظام في المدينة السورية الأقرب إلى الأردن مذ استعادت دمشق السيطرة على المنطقة الجنوبية قبل ثلاثة سنوات.
مخاوف ديموغرافية وأمنية
ويخشى الأردن من أن يؤدي الاقتتال في درعا إلى حركة نزوح جماعية للسكان في اتجاه الحدود، ما يضاعف الأعباء التي أثقلت كاهله منذ عام 2011، بسبب استضافته أكثر من مليون لاجئ سوري على أراضيه.
وارتفع منسوب القلق الأردني أكثر بعد تقارير تتحدث عن وجود مكثف لقوات وميليشيات إيرانية قرب الحدود وداخل مدينة درعا.
ويُعتبر الأردن من أكثر دول العالم تأثراً بما تشهده جارته الشمالية، إذ يمكن سماع أصوات القصف في درعا في القرى والمدن الأردنية المجاورة.
وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني عبر بوضوح عن هذه المخاوف خلال مقابلته الأخيرة التي أجراها مع شبكة” سي أن أن” الأميركية، وأشار فيها إلى تعرض بلاده للهجوم من طائرات مسيرة إيرانية الصنع، داعياً للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية وضرورة تغيير سلوك النظام باعتباره باقياً ومستمراً على حد تعبيره.
ويربط مراقبون بين تصريحات العاهل الأردني واتفاقية الدفاع المشترك بين عمان وواشنطن، التي استقدم بموجبها آلاف الجنود الأميركيين من قواعد أميركية في المنطقة إلى الأراضي الأردنية، في إشارة إلى دور أردني مرتقب في مواجهة إيران في سوريا، على اعتبار أن عمان حليف استراتيجي مهم للولايات المتحدة، ودور آخر في ملف إعادة إعمار البلد المجاور الذي مزقته الحرب.
درعا المشكلة الأردنية
ولطالما ردد النظام السوري عبارة “درعا مشكلة أردنية” كلما احتد السجال مع عمان بشأن مخاوفها الأمنية من المنطقة التي تشكل خاصرة رخوة بالنسبة للحدود الأردنية. ولا تكف السلطات الأردنية عن إبداء قلقها حيال سيطرة عناصر “الفرقة الرابعة” على معبر نصيب الحدودي.
ونص اتفاق أميركي- روسي تم التوصل إليه في عام 2018 على إبعاد الميليشيات الإيرانية من المنطقة الواقعة قرب الحدود الأردنية – السورية، لمسافة 60 كيلومتراً، إلا أن ذلك لم يتحقق.
ويحاول الأردن التوصل إلى اتفاق يتم بموجبه نشر قوات من اللواء الثامن السوري المدعوم من روسيا في درعا لإنهاء الوجود الإيراني. وهو لواء عسكري ضمن “الفيلق الخامس” الذي شُكل من فصائل معارضة عدة، قبلت بالتسوية مع النظام السوري برعاية روسية باعتبارها الطرف الضامن، وأغلب المنتمين إليه هم من أبناء درعا والمنطقة الجنوبية التي تحظى كثير من عائلاتها وعشائرها بامتداد ديمغرافي في الأردن.
وتسعى روسيا والأردن إلى دعم هذا الفصيل بهدف منع ارتكاب خروقات في منطقة جنوب سوريا والحفاظ على اتفاق التسوية، فضلاً عن ضمان عودة اللاجئين السوريين في الأردن طوعاً إلى مناطق آمنة في بلادهم، بخاصة وأن معظمهم من منطقة درعا.
سنوات من التوتر
وشهدت العلاقات الأردنية – السورية توتراً لافتاً بعد سلسلة اعتقالات طالت أردنيين عبروا إلى الجانب السوري عبر معبر “نصيب – جابر” الحدودي الذي أغلق منذ عام 2011 وحتى عام 2018. ومع بدء تطبيق قانون “قيصر” الأميركي على النظام السوري، توقف التبادل التجاري بين البلدين اللذين يرتبطان بحدود طولها 375 كيلومتراً.
وكانت الحكومة الأردنية طردت السفير السوري السابق في عمان بهجت سليمان في عام 2014 بسبب “إساءاته المتكررة” للأردن. وتبادلت عمان ودمشق القرارات الاستفزازية خلال الفترة الماضية، إذ قررت الحكومة الأردنية حظر استيراد المنتجات السورية، رداً على قرار أصدرته دمشق أدى إلى توقف حركة حافلات نقل البضائع.
قانون قيصر
ويرى الكاتب ماهر أبو طير أن “ثمة مأزقاً في علاقة الأردن بسوريا، على الرغم من إقناع عمان واشنطن بإعادة تأهيل النظام السوري سياسياً، بخاصة وأن عقوبات قيصر أثرت على الأردن تجارياً، بحيث يكون المخرج الحصول على استثناءات وحصول انفتاح كامل في العلاقات الاقتصادية بين دمشق وعمان”. وأضاف أبو طير أن “الاتصالات السياسية بين الأردن وسوريا، ارتفع مستواها دون إشهار رسمي، فيما الاتصالات الفنية على مستوى الوزراء، باتت علنية في الإعلام، بقبول الجانبين الأردني والسوري، لكن المفارقة أن هناك طرفاً ثالثاً، لا يريد للحياة أن تعود إلى طبيعتها في جنوب سورية”.
وأكد أبو طير أن “للأردن مصلحة كبرى في التهدئة النهائية في جنوب سوريا، لاعتبارات اقتصادية، وأمنية، لكن ثمة أطرافاً لديها حسابات مختلفة، وقادرة على إعادة خلط الأوراق”.
اندبندنت عربية
————————————–
وفد روسي في درعا اليوم للتفاوض تحت التهديد بعملية عسكرية/ عدنان أحمد
بعد تعطّل المفاوضات لمدة أسبوع نتيجة تغيير في تشكيلة الوفد الروسي، يعقد الأخير، اليوم الجمعة، اجتماعاً في درعا جنوبي سورية مع ممثلي لجنة التفاوض المركزية، فيما استبقت قوات النظام الاجتماع بإغلاق الحاجز الوحيد المتبقي لتنقل الأهالي من درعا البلد، ما اعتبر مؤشرا على نية النظام التصعيد.
وأكد المتحدث الرسمي باسم لجنة التفاوض المركزية عدنان المسالمة، لـ”العربي الجديد”، أن اجتماعاً سيعقد اليوم مع الوفد الروسي بقيادة الضابط “اندريه” الذي جرى تعيينه خلفاً للضابط السابق أسد الله.
وكان الوفد الروسي وصل، أمس، إلى ريف درعا الشرقي والتقى بعض قيادات “اللواء الثامن”، التابع للفيلق الخامس، المدعوم من روسيا، حيث جرى بحث التطورات الأمنية في المنطقة، خاصة الهجمات التي تتعرض لها الحواجز والنقاط العسكرية هناك، دون معرفة تفاصيل ونتائج الاجتماع. كما عقد الوفد الروسي اجتماعاً مع ممثلين من لجنة التفاوض عن الريف الغربي في الملعب البلدي بمدينة درعا.
ونقلت وكالة “نبأ” المحلية عن مصدر حضر الاجتماع قوله إن الضباط الروس الذين حضروا الاجتماع، وعلى رأسهم اندريه، إضافة إلى رئيس قسم المصالحة في الجنوب السوري العقيد أليكسي سافينكون، أكدوا أنهم يسعون لتثبيت التهدئة في درعا والعودة لبنود الاتفاق الأخير، واستكمال ملفي تسليم السلاح وتسوية أوضاع المطلوبين للنظام.
وزار الوفد الروسي، صباح أمس الخميس، حواجز عسكرية تابعة للواء الثامن في الريف الشرقي، ودار حديث مع بعض قيادات اللواء والمسؤولين عن الحواجز، حول الهجمات الأخيرة التي تعرضت لها قوات النظام في المنطقة.
درعا
وحسب المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، في حديث لـ”العربي الجديد”، فإن الوفد الروسي سيجري مباحثات مع لجان التفاوض وضباط النظام في درعا للخروج بصيغة من المقترحات والمطالب، على أن يتم العودة بها إلى العاصمة دمشق للتشاور ومن ثم إقرارها إذا وافقت عليها كل الأطراف.
ويسود في درعا منذ، مساء أمس، هدوء حذر بعد أيام من القصف والاشتباكات بين قوات النظام ومقاتلين معارضين على محاور عدة في المدينة والريف الغربي، فيما تمركزت مجموعات من الفرقة 15 التابعة للنظام في مواقع عدة بمنطقة الشيّاح في السهول الجنوبية لمدينة درعا.
وفي تطور اعتبر مؤشر تصعيد من جانب النظام، أغلقت قوات النظام، مساء أمس الخميس، حاجز “السرايا”، والذي يعد آخر المعابر باتجاه أحياء درعا البلد، والنقطة الفاصلة مع مركز محافظة درعا، بشكل نهائي.
وذكر موقع “تجمع أحرار حوران”، أن قوات تابعة لفرع الأمن العسكري بدرعا، وأخرى للفرقة 15، أغلقت حاجز السرايا بشكل نهائي، أمام الأهالي الراغبين بالخروج من الأحياء المحاصرة في درعا البلد، طريق السد، ومخيمات اللاجئين.
واعتبر الموقع أن الإغلاق يشير إلى نية النظام في التصعيد، حيث تعتبر هذه الخطوة من آخر الإجراءات قبيل تنفيذ أية هجمة عسكرية، مشيراً إلى أنه جاء في هذا التوقيت لزيادة الضغط على الأهالي واللجان المفاوضة من أجل القبول بمطالب النظام.
وكان الحاجز هو المعبر الوحيد للأهالي الراغبين بالوصول إلى حي درعا المحطة، هرباً من محاولات النظام المتكررة لاقتحام المنطقة، بالرغم من فرض مبالغ مالية من قبل عناصر الحاجز على الراغبين بالمغادرة.
وتفرض قوات النظام والمليشيات الإيرانية الموالية لها، حصاراً على أحياء درعا البلد وحي طريق السد، منذ 24 يونيو/ حزيران الفائت، وتمنع إدخال المواد الغذائية إليها، الأمر الذي أدى إلى نفاد أصناف واسعة منها، فضلاً عن انقطاع مادة الخبز والأدوية وحليب الأطفال، في وقت يعاني الأهالي من عدم وجود نقطة طبية ترعى المرضى والمصابين.
وكانت وكالة “سبوتنيك” الروسية ذكرت، أمس الخميس، أن قوات النظام أوقفت عملية عسكرية مرتقبة في حي درعا البلد وبلدات أخرى في ريف المحافظة الغربية، وذلك استجابة لمبادرة قدمتها روسيا.
ونقلت الوكالة عن مصادر لم تحددها قولها إن قوات النظام أقرت “وقفاً تاماً وفورياً لإطلاق النار، عقب ورود المقترح الروسي مساء الأربعاء الماضي”، والذي وصفته المصادر بأنه “محاولة أخيرة للحلول السلمية والحيلولة دون إطلاق عملية عسكرية قد تكون مكلفة، دون الإخلال بحق الرد الحازم على أي اعتداء يستهدف أحياء المدينة أو النقاط الأمنية والعسكرية المنتشرة في ريف المحافظة”.
وذكرت أن المقترح الروسي يتضمن “وضع آلية لحل سلمي لملف المسلحين المتحصنين في حي درعا البلد، وفق برنامج زمني محدد”، موضحة أن المقترح يتضمن عدة بنود، منها تسليم أبناء الحي أسلحتهم وفق بنود اتفاق المصالحة الذي عقد برعاية روسية في عام 2018، وخروج المسلحين الرافضين للاتفاق إلى شمالي سورية.
سوريون مهجرون من درعا (علا محمد/ الأناضول)
ووفق المصادر التي تنقل عنها الوكالة، فإن المقترح الروسي “هو آخر الحلول السلمية التي يمكن العمل بها تفادياً للعمل العسكري الذي قد يفرض نفسه في حال عدم امتثال المجموعات المسلحة لبنوده”، مضيفة أنه “خلال الأيام القليلة المقبلة، سيتم اعتماد الحل المتاح لملف درعا البلد بشكل كامل”.
ومنذ 28 من يوليو/تموز الماضي تشن قوات النظام والمليشيات الداعمة لها حملة عسكرية، بهدف السيطرة على منطقة درعا البلد المحاصرة، تضمنت قصفاً عنيفاً بالصواريخ والمدفعية الثقيلة، فضلاً عن محاولات اقتحام مستمرة لأحيائها، في ظل مقاومة مستمرة لأبناء المدينة.
ومنذ ذلك التاريخ، تمنع قوات بشار الأسد إدخال المواد الغذائية إلى أحياء درعا البلد، ما أدى إلى فقدان أصناف واسعة من الأغذية، وانقطاع الخبز، ومياه الشرب والكهرباء.
العربي الجديد
——————————–
إضراب درعا: تمرير وقت بانتظار الحسم الروسي/ أمين العاصي
لم تتغير الأوضاع في جنوب سورية منذ نحو أسبوع، بانتظار خطوة جديدة من الجانب الروسي الضامن لكل اتفاقات الجنوب بين النظام والمعارضة السورية، التي تعوّل على موسكو لجهة فرض اتفاق يجنّب آلاف المدنيين مصيراً مجهولاً، في حال دخول مليشيات تابعة للنظام إلى أحياء درعا البلد، الواقعة تحت الحصار منذ نحو 50 يومياً. ويعمّ إضراب شبه كامل عموم محافظة درعا، في محاولة لدفع الجانب الروسي إلى لجم قوات النظام والمليشيات التي تساندها، والتي تلوّح بعمل عسكري لإخضاع الأحياء بالقوة.
وبانتظار الخطوة الروسية، لا تزال مجموعات تضمّ مقاتلين محليين تحاول تخفيف الضغط عن أحياء درعا البلد، باستهداف مراكز وحواجز عسكرية للنظام. واستهدفت إحداها، أمس الخميس، بالرصاص حاجزاً لجهاز المخابرات الجوية، على الطريق بين مدينة داعل وبلدة ابطع بريف درعا الأوسط، وفق مصادر محلية. كما استهدفت مجموعة أخرى بالأسلحة الرشاشة الحاجز العسكري على الطريق بين بلدتي نوى وتسيل في ريف درعا الغربي، في حين شهدت بلدة جاسم في ريف درعا الشمالي اشتباكات “عنيفة” حول المركز الأمني في البلدة. ولا يزال آلاف المدنيين تحت الحصار الكامل في أحياء درعا البلد، وهو ما قد يؤدي إلى كارثة إنسانية بعد مرور نحو 50 يوماً على هذا الحصار، إذ تكاد تنعدم مقومات الحياة الأساسية من غذاء ودواء.
وأول من أمس الأربعاء، دخلت دورية تابعة للشرطة العسكرية الروسية إلى مناطق تجمّع النازحين من المناطق المحاصرة إلى أحياء درعا المحطة، وقامت بعمليات استطلاع وإحصاء لهم من أجل تقديم مساعدات، حسبما ذكر المتحدث الرسمي باسم اللجنة المركزية بدرعا البلد عدنان المسالمة. وأشار في تصريحات نقلها “تجمّع أحرار حوران” إلى “أن المفاوضات متوقفة مع الجانب الروسي”، موضحاً أنها تأخرت نتيجة تغيير الضابط الروسي المسؤول عن جنوب سورية، المدعو أسد الله، وعدم وصول الجنرال الجديد حتى الآن إلى درعا، رغم توجيهه رسالة يؤكد فيها مجيئه قريباً لاستئناف المفاوضات.
وكانت اللجنة المركزية في درعا، قد طالبت يوم الاثنين الماضي المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسن، برفع الحصار الذي تفرضه قوات النظام على منطقة درعا البلد. ووعد بيدرسون اللجنة بإرسال فريق أممي إلى درعا ورفع الملف إلى أروقة الأمم المتحدة ووضع الأمين العام أنطونيو غوتيريس في صورة ما يحدث. لكن الوقائع تؤكد أن الأمم المتحدة عاجزة عن القيام بأي فعل يمكن أن ينهي مأساة المحاصرين في أحياء درعا البلد.
وكان الجانب الروسي أبعد أسد الله منذ نحو أسبوع، بعد تهديده أهالي أحياء درعا البلد بالسماح للمليشيات الإيرانية بالفتك بهم، في حال عدم الرضوخ لشروط النظام لإبرام الاتفاق الذي يحسم مصير هذه الأحياء. وكان من الواضح أن أسد الله كان يدعم قوات النظام في حملتها في الجنوب السوري، رغم خضوعه لاتفاق روسي أميركي أردني أُبرم في عام 2017، ونصّ على إبعاد المليشيات الإيرانية بعمق 80 كيلومتراً داخل الأراضي السورية. وتشي المعطيات والتطورات في الجنوب السوري بأن الجانب الروسي مرتبك، لإدراكه أهمية وخطورة أي اتفاق على الأردن وإسرائيل اللتين تراقبان الموقف في محافظة درعا، في ظل سعي إيراني حثيث لترسيخ نفوذ طهران عن طريق مليشيات مرتبطة بها، خصوصاً الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد.
وحيال هذه التطورات، وخصوصاً الارتباك الروسي، يرى المحلل طه عبد الواحد في حديث مع “العربي الجديد”، أن “الموقف معقد في محافظة درعا وفي الجنوب السوري عموماً”. ويضيف أن موسكو تحاول إدارة الأزمة لصالحها، معرباً عن اعتقاده بأن “موسكو تماطل في حسم الموقف، كي تصبح درعا عامل تحفيز لمحادثات إضافية مع الأميركيين حول سورية”.
وبرأي الباحث السياسي في مركز “الحوار السوري” محمد سالم، فإن الموقف الروسي “غير مرتبك في جنوب سورية”، مضيفاً في حديثٍ لـ”العربي الجديد”، أنه هناك تشويش من قبل الإيرانيين والنظام على هذا الموقف. ويعتبر أن موسكو أرادت صياغة واقع جديد وفق خطة منسقة مع الجانبين الأردني والإسرائيلي، من خلال إعادة النظام أو ما يسمّى بـ “الدولة السورية”، إلى احياء درعا البلد تحت إشراف روسي مباشر، ومن ثم نزع أسلحة المجموعات المقاتلة في هذه الأحياء. ويشير سالم إلى “أن النظام والإيرانيين أفشلوا الخطة الروسية من خلال رفع سقف المطالب من أهالي أحياء درعا البلد، وهو ما أدى إلى إرباك المشهد برمته في محافظة درعا”.
ويلفت إلى أن “الإيرانيين يشعرون بأن أي اتفاق روسي أردني إسرائيلي في محافظة درعا سيكون على حساب دورهم في الجنوب السوري”. ويوضح سالم أن الموقف الإيراني في جنوب سورية “يتوافق مع تصعيد عام في سورية والعراق ضد الأميركيين”، مشيراً إلى أنه “لا يمكن عزل ما جرى في جنوب لبنان أخيراً من قبل حزب الله عما يجري في جنوب سورية”. ويضع كل هذه التطورات في سياق “تقوية موقف إيران في المحادثات حول برنامجها النووي مع الغرب”.
وكانت روسيا رعت اتفاقات تسوية بين فصائل المعارضة السورية والنظام في منتصف عام 2018، أنهت حالة الحرب في جنوب سورية بين الطرفين، إلا أن المنطقة لم تشهد أي حالة استقرار بسبب عدم التزام النظام بمضامين هذه الاتفاقات. واتهمت المعارضة السورية الجانب الروسي بالتخلي عن مسؤولياته كضامن للاتفاقات، من خلال السماح لقوات النظام بالتمدد والدخول إلى مناطق ممنوعة بموجب الاتفاقات. مع العلم أن موسكو شكّلت اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس لتأدية دور أمني في درعا، إلا أن النظام رفض ذلك.
العربي الجديد
———————————-
النظام يغلق آخر معابر درعا..ومقترح روسي جديد للتهدئة
أغلق النظام السوري آخر المعابر باتجاه أحياء درعا البلد، بالتزامن مع استهداف المنطقة بقذائف الدبابات والمضادات الأرضية من قبل قوات الفرقة الرابعة.
ونقل “تجمع أحرار حوران” عن مصدر مطلع قوله إن قوات تابعة لفرع الأمن العسكري في درعا، وأخرى تابعة للفرقة 15، أغلقت حاجز “السرايا” بشكل نهائي أمام الأهالي الراغبين بالخروج من الأحياء المحاصرة (درعا البلد، طريق السد، ومخيمات اللاجئين).
وأضاف أن “الإغلاق يشير إلى نية النظام بالتصعيد العسكري، إذ تعتبر هذه الخطوة هي آخر الإجراءات قبيل تنفيذ أي هجمة عسكرية”، معتبراً أن توقيت الإغلاق جاء للضغط على اللجان المفاوضة للقبول بشروط النظام.
ونفى المصدر ادعاءات النظام بالسعي نحو حل سلمي في المنطقة، مؤكداً أن إغلاق المعبر يثبت سوء نيته، فضلاً عن استمراره في قصف الأحياء السكنية داخل المناطق المحاصرة بقذائف الهاون والدبابات والمضادات الأرضية.
ويأتي تصعيد النظام قبيل ساعات من اجتماع مرتقب بين ضباط روس وممثلين عن لجنة التفاوض في درعا للاستماع إلى مطالب اللجنة، والبحث في إمكانية التوصل لاتفاق مع النظام بشأنه إنهاء التصعيد.
مقترح روسي
ونقلت وكالة “سبوتنيك”عن مصادر مطلعة أن قوات النظام السوري أوقفت عملية عسكرية مرتقبة بأحياء درعا وذلك “استجابة لمبادرة روسية”.
وقالت المصادر إن النظام “أقر وقفاً تاماً وفورياً لإطلاق النار، عقب ورود المقترح الروسي”، مشيرة إلى أن المقترح “محاولة أخيرة للحلول السلمية والحيلولة دون إطلاق عملية عسكرية قد تكون مكلفة، دون الإخلال بحق الرد الحازم على أي اعتداء يستهدف أحياء المدينة أو النقاط الأمنية والعسكرية المنتشرة في ريف المحافظة”.
وأضافت أن المقترح الروسي “يتضمن وضع آلية لحل سلمي لملف المسلحين المتحصنين في حي درعا البلد، وفق برنامج زمني محدد”.
ووفق المصدر، يتضمن المقترح بنوداً عديدة، منها تسليم أبناء الحي أسلحتهم وفق بنود اتفاق المصالحة الذي عقد عام 2018، وخروج المسلحين الرافضين للاتفاق إلى شمالي سوريا.
وأكدت المصادر أن المقترح الروسي “هو آخر الحلول السلمية التي يمكن العمل عليها تفادياً للحل العسكري الذي قد يفرض نفسه في حال عدم امتثال المجموعات المسلحة لبنوده”، مضيفةً أنه “خلال الأيام القليلة القادمة، سيتم اعتماد الحل المتاح لملف درعا البلد بشكل كامل”.
وكان المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن أعرب عن قلقه المتزايد بشأن التطورات في الجنوب السوري. وقال خلال اجتماع مجموعة العمل المعنية بالشؤون الإنسانية التابعة للمجموعة الدولية لدعم لسوريا، والذي عقد في جنيف، “إن تصعيد وتيرة الأعمال القتالية تسببت في وقوع إصابات بين المدنيين وإلحاق أضرار بالبُنى التحتية المدنية، كما اضُطر آلاف المدنيين للفرار من درعا البلد. كما يُعاني المدنيون من نقصٍ حاد في الوقود وغاز الطهي والمياه والخبز. وهناك نقص في المساعدات الطبية اللازمة لمعالجة الجرحى. الوضع خطير”.
المدن
————————-
«هجمات متزامنة» على مواقع النظام جنوب غربي سوريا
وفد روسي يقوم بزيارة «تقصي حقائق»… وبيدرسن «قلق» من التوتر في درعا
درعا: رياض الزين
شنّ مسلحون في ريف درعا جنوب سوريا «هجمات متزامنة» على قوات النظام السوري بالتزامن مع زيارة «تقصي حقائق» قام بها وفد روسي، في وقت أعرب المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن خلال اجتماع مجموعة العمل المعنية بالشؤون الإنسانية التابعة للمجموعة الدولية لدعم لسوريا في جنيف أمس، عن قلقه المتزايد بشأن التطورات في جنوب سوريا.
وقال بيدرسن في بيان «تسبب الارتفاع في وتيرة الأعمال العدائية، والتي شملت قصفاً عنيفاً واشتباكات مكثفة على الأرض، في وقوع إصابات بين المدنيين وإلحاق أضرار بالبُنى التحتية المدنية، كما اضطر آلاف المدنيين إلى الفرار من درعا البلد، حيث يُعاني المدنيون من نقصٍ حاد في الوقود وغاز الطهي والمياه والخبز، وهناك نقص في المساعدات الطبية اللازمة لمعالجة الجرحى». وزاد «الوضع خطير».
وكان المبعوث الخاص قد جدد في بيانه الصادر في 31 الشهر الماضي دعوته لوقفٍ فوري للعنف ولجميع الأطراف بضرورة التمسك بمبدأ حماية المدنيين والممتلكات المدنية وفقاً لأحكام القانون الدولي الإنساني. كما شدد على ضرورة السماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكلٍ فوري وآمن ودون عوائق إلى جميع المناطق والمجتمعات المتضررة، بما في ذلك درعا البلد، وعلى ضرورة إنهاء الوضع القائم الذي يشبه الحصار.
وأفاد بيان «يواصل المبعوث الخاص وفريقه العمل مع جميع الأطراف المعنية على الأرض، وكذلك الأطراف الدولية لإنهاء الأزمة»، محذراً من احتمال زيادة المواجهات والمزيد من التدهور ما لم تكن هناك تهدئة فورية وحل سياسي للأزمة. كما يواصل المبعوث الخاص الاستماع إلى أهالي درعا، بما في ذلك ممثلو المجتمع المدني على الأرض، الذين أعربوا عن مخاوفهم الشديدة على سلامتهم.
ميدانياً، كانت ليلة أمس ساخنة على وقع الاشتباكات عاشها سكان مناطق ريف درعا الغربي والشمالي، بعد أن شن مقاتلون محليون فجر الخميس هجمات متفرقة على مواقع ونقاط تابعة لقوات النظام السوري، حيث هاجم مجهولون حاجزاً لقوات النظام شمال مدينة داعل، بالتزامن مع هجوم على المربع الأمني في مدينة نوى الذي يحتوي عدداً من نقاط قوات النظام السوري ومخفراً للشرطة المدنية.
كما وقعت اشتباكات في مدينة الشيخ مسكين، ومنطقة حوض اليرموك غربي درعا، في وقت شن مسلحو هجوماً على المركز الثقافي الذي تتحصن فيه قوات من جهاز أمن الدولة التابعة للنظام السوري في مدينة جاسم بريف درعا الشمالي، وسط استمرار تصعيد الفرقة الرابعة على مدينة درعا البلد وأطرافها، حيث لا تزال هذه المناطق تتعرض للقصف بشكل يومي؛ ما أدى إلى إصابة طفلة بجروح بالغة نتيجة القصف على الأحياء السكنية، مع انعدام توفر الأدوية والنقاط الطبية، واستمرار حصار المدينة لليوم 50 على التوالي وانعدام مقومات الحياة كافة فيها، ومحاولات اقتحام لأحياء المدينة، بحسب ما قاله ناشطون في درعا.
وعمت حالة من الإضراب في مناطق من محافظة درعا، تعبيراً عن رفض الأهالي لحصار المدنيين في مدينة درعا البلد وطريق السد والمخيم من قبل قوات الفرقة الرابعة، وكان ناشطون دعوا إلى إضراب الطفل «حمزة الخطيب» في محافظة درعا في يومي 11 – 12 من الشهر الحالي الحالي ضمن حملة «الحرية لدرعا» وسط تردي الأوضاع الإنسانية والمعيشية الناجمة عن حصار المدينة.
وقالت مصادر محلية، إن قوات من الشرطة العسكرية الروسية، أجرت صباح يوم الخميس جولة في عدد من قرى ريف درعا الشرقي، واطلعت على الحواجز العسكرية التابعة للنظام الموجودة في المنطقة، والتي تعرضت مؤخراً لهجمات من مقاتلين محليين بعد تصعيد قوات الفرقة الرابعة على مدينة درعا البلد، وتوجهت هذه القوات إلى مدينة بصرى الشام معقل قوات «الفيلق الخامس» جنوب سوريا للاجتماع مع قادة اللواء الثامن في «الفيلق الخامس» المدعوم من روسيا، وسط وعود بإنهاء العمليات العسكرية في درعا، وبتحسين الأوضاع الأمنية خلال الفترة المقبلة.
وأضاف المصدر، أن القوات الروسية التي دخلت إلى أحياء درعا المحطة الأربعاء، زارت عدداً من المدارس التي سكنها نازحون من مدينة درعا البلد، وسجلوا إحصائية لعدد النازحين واحتياجاتهم، وعادوا إلى دمشق، ولم يعقد أي اجتماع من قبل اللجنة المركزية للتفاوض في درعا البلد مع القوات الروسية.
وكان الناطق الرسمي باسم لجنة «التفاوض المركزية» في درعا البلد المحامي عدنان المسالمة صرح لـ«الشرق الأوسط»، بأن تغير الضابط الروسي القديم المسؤول عن إدارة مناطق التسويات جنوب سوريا «أسد الله الغالب»، وتسلم ضابط جديد أدى إلى تأخر المفاوضات والاجتماع مع الجانب الروسي حتى ينهي الضابط الجديد تسلم مهامه في المنطقة، وجاءت زيارة الوفد الاستطلاعي للقوات الروسية يوم الأربعاء بعد يوم من اجتماع بين قوى سياسية ومدنية ولجان تفاوض في درعا مع المبعوث الأممي غير بيدرسون، تحدثوا فيه عن واقع المدينة والنازحين والحصار الذي تفرضه قوات النظام السوري عليها.
وخلال الأيام الماضية فشلت جميع المفاوضات التي جرت بين اللجنة المركزية للتفاوض في درعا البلد واللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في درعا، رغم الحضور الروسي والوعود بالحلول السلمية ووقف العمليات العسكرية.
وتتهم أطراف التفاوض بعضها بعرقلة المفاوضات وإفشالها، حيث اتهم النظام السوري اللجان المركزية بعرقلة المفاوضات بعد رفض «جميع شروطه»، قالت اللجنة المركزية للتفاوض، إنها شروط «تعجيزية»، تهدف إلى سيطرة أمنية وعسكرية على المنطقة.
الشرق الأوسط»،
————————-
النظام يواصل تصعيد القصف والحصار على درعا
جددت قوات النظام السوري قصفها أحياء في مدينة درعا جنوبي سوريا، وسط حصار خانق تفرضه على المدينة وتفاقم الأوضاع الإنسانية فيها.
وقالت مصادر للجزيرة إن قوات النظام السوري قصفت بقذائف الهاون والدبابات الأحياء المحاصرة في درعا البلد، بدون تفاصيل عن خسائر أو إصابات.
وتتحدث وسائل إعلام تابعة للنظام عن وقف إطلاق نار نفذته قوات النظام -بطلب من الجانب الروسي- لإتاحة الفرصة لإتمام اتفاق يقضي بتسليم المقاتلين سلاحهم ونقل الرافضين للتسوية إلى شمالي سوريا.
تواجه آلاف العائلات في أحياء #درعا البلد والمخيم وطريق السد حصاراً خانقاً منذ أكثر من شهر ونصف تفرضه قوات النظام وروسيا، والمليشيات التابعة لهما، في ظل نفاذ الطحين والديزل وقطع المياه، وغياب للنقاط الطبية، مع استمرار القصف ومحاولات اقتحام المنطقة.#درعا_تحت_القصف#الخوذ_البيضاء pic.twitter.com/oilWfsPitN
— الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) August 9, 2021
يذكر أن المخابز في أحياء درعا البلد وطريق السد ومخيم درعا أغلقت أبوابها بعد نفاد الطحين بسبب حصار قوات النظام منذ شهر ونصف.
وأكدت المصادر أن تدهور الأوضاع الإنسانية تفاقم في الأحياء المحاصرة في ظل انقطاع المياه والكهرباء.
وبعد 3 سنوات من تسوية استثنائية برعاية روسية في درعا، تشهد المحافظة تصعيدا عسكريا وحصار خانقا، حيث ما زال بعض مقاتلي المعارضة متمسكين بأرضهم في الريفين الغربي والجنوبي، وكذلك في الجزء الجنوبي من مدينة درعا الذي يدعى “درعا البلد”، بينما يسيطر النظام على الجزء الآخر المسمى “درعا المحطة”.
وتتمتع درعا بوضع خاص، كونها محاذية للأردن الذي يسعى إلى تجنيب أراضيه تداعيات النزاع، ومحاذية للجولان المحتل من إسرائيل التي تخشى انتشار المليشيات الإيرانية المؤيدة للنظام، مما منح درعا خصوصية في إتمام التسوية بضمانة روسيا.
المصدر : الجزيرة + وكالات
————————
درعا.. وقف لإطلاق النار وخارطة سلام ستظهر السبت/ حنين جابر
أكد الناطق باسم لجنة درعا البلد “عدنان المسالمة” على وقف إطلاق النار عقب اجتماع مع الوفد الروسي الجديد في مدينة درعا، ظهر اليوم الجمعة.
وكان الاجتماع بين ممثلين عن لجان التفاوض، والمسؤول الروسي الجديد مع غياب ممثلين عن اللجنة الأمنية التابعة للنظام، وقد انتهى قبل ساعات وأفضى إلى وقف لإطلاق النار وفق المسالمة.
وقال المسالمة إن هناك خارطة طريق جديدة لحل الأزمة سلمياً، ستظهر خلال اجتماع سيعقد يوم غد السبت 14 آب الجاري
المسالمة: الاجتماع الذي انتهى قبل قليل، ضم ممثلين عن لجان التفاوض، والمسؤول الروسي الجديد “أندريه”، مع غياب ممثلين اللجنة الأمنية التابعة للنظام.
المسالمة: هناك خارطة طريق جديدة لحل الأزمة سلمياً، ستظهر خلال اجتماع سيعقد يوم غد السبت 14 آب الجاري.
— تجمع أحرار حوران – Horan Free (@HoranFreeMedia) August 13, 2021
وفي وقت سابق من يوم أمس الخميس، أفادت وكالة “سبوتنيك” الروسية نقلاً عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن” القيادة العسكرية السورية في مدينة درعا قررت وقف عملية كانت مرتقبة لها في حي درعا البلد وسط المدينة استجابة لمبادرة روسية”.
وقالت المصادر للوكالة إن “قيادة عمليات الجيش في المحافظة أقرت وقفاً تاماً وفورياً لإطلاق النار عقب ورود المقترح الروسي بعد ظهر أمس الأربعاء” ووصفت المصادر ذلك بأنه “محاولة أخيرة للحلول السلمية والحيلولة دون إطلاق عملية عسكرية قد تكون مكلفة”.
المقترح الروسي
وحول المقترح الروسي، أشارت الوكالة إلى أنه يتضمن “وضع آلية لحل سلمي لملف المسلحين المتحصنين في حي درعا البلد وفق برنامج زمني محدد”.
وأوضحت أنه يتوزع على عدة بنود ونقاط منها “التزام المجموعات المسلحة في الحي بتسليم أسلحتها للدولة السورية امتثالاً لبنود اتفاق المصالحة الذي عقد برعاية روسية في 2018، وخروج المسلحين الرافضين للاتفاق نحو مناطق سيطرة “جبهة النصرة” شمالي سوريا، إضافة إلى بنود تقنية أخرى تضمن عودة الأمان والاستقرار إلى الحي الذي تسيطر عليه تلك المجموعات”.
أدى الحصار المفروض على حي درعا البلد في المدينة إلى قطع الطعام والماء والكهرباء والإمدادات الطبية عن أكثر من 50 ألف شخص، بحسب سكان ومجموعات إغاثة.
أجبر القتال ما يقدر بنحو 24000 آخرين على الفرار من ديارهم، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
ليفانت نيوز_ أحرار حوران
———————————-
درعا.. “خارطة طريق” مرتقبة والمسالمة يوضح التفاصيل
عقدت لجان التفاوض المركزية في محافظة درعا اجتماعاً جديداً مع الجانب الروسي، بحضور ضابط جديد يدعى “أندريه”.
وقال الناطق باسم اللجان، المحامي عدنان المسالمة، اليوم الجمعة إن الضابط “أندريه” برتبة عماد، وهو المسؤول الجديد عن ملف الجنوب السوري.
وأضاف المسالمة: “أكد الجانب الروسي أنه يسعى مع كافة الأطراف لإيجاد حلول سلمية، كما أكد على موضوع وقف إطلاق النار”.
وكشف المسالمة عن “خارطة طريق جديدة”، مرتقبة لحل الوضع في درعا سلمياً، على أن يتم الإعلان عنها يوم غد السبت.
ويوم أمس الخميس قالت وكالة “سبوتنيك” الروسية إن قوات نظام الأسد “قررت” وقف عملية عسكرية كانت مرتقبة في أحياء “درعا البلد”، استجابة لـ”مقترح روسي”.
ونقلت الوكالة عن مصدر وصفته بالمطلع قوله: “إن قيادة عمليات الجيش في المحافظة أقرت وقفاً تاماً وفورياً لإطلاق النار عقب ورود المقترح الروسي بعد ظهر الأربعاء”.
ووصفت المصادر ذلك بأنه “محاولة أخيرة للحلول السلمية والحيلولة دون إطلاق عملية عسكرية قد تكون مكلفة”.
ومنذ أسابيع يلعب الروس دوراً أساسياً في المفاوضات التي يعقدها النظام السوري مع وفود اللجان المركزية في درعا، وسط صمت رسمي روسي.
وكانت آخر جولة من المفاوضات انعقدت في 6 أغسطس/ آب الجاري، حيث اجتمعت لجنة التفاوض مع وفد روسي “رفيع المستوى”، ورفعت مطالبها، دون التوصل لأي تقدم يذكر.
يُشار إلى أن ناشطون في درعا دعوا إلى إضراب شامل احتجاجاً على تصعيد النظام الأخير، حيث رصدت شبكات محلية، في الأيام الماضية إغلاق المحلات التجارية والأسواق في مدينة طفس غربي درعا ومناطق أخرى في المحافظة، استجابة لدعوات الإضراب.
——————————-
وكالة روسية تتحدث عن “مقترح” لوقف إطلاق النار في “درعا البلد”
قالت وكالة “سبوتنيك” الروسية إن قوات نظام الأسد “قررت” وقف عملية عسكرية كانت مرتقبة في أحياء “درعا البلد”، استجابة لـ”مقترح روسي”.
ونقلت الوكالة عن مصدر وصفته بالمطلع، اليوم الاثنين قوله: “إن قيادة عمليات الجيش في المحافظة أقرت وقفاً تاماً وفورياً لإطلاق النار عقب ورود المقترح الروسي بعد ظهر الأربعاء”.
ووصفت المصادر ذلك بأنه “محاولة أخيرة للحلول السلمية والحيلولة دون إطلاق عملية عسكرية قد تكون مكلفة”.
ولم يصدر أي بيان حتى الآن من جانب النظام السوري أو اللجان المركزية الممثلة عن أحياء “درعا البلد”.
في المقابل تحدثت شبكات إعلامية من درعا اليوم الجمعة عن قصف بقذائف الهاون نفذته قوات الأسد مع ساعات الصباح على منازل المدنيين في الأحياء.
بدورها ذكرت شبكة “نبأ” المحلية أن ضباط روس عقدوا أمس الخميس اجتماعاً مع ممثلين من لجنة التفاوض عن الريف الغربي وآخرين من “اللواء الثامن” التابع للفيلق الخامس.
وأضافت الشبكة أن الاجتماع “هو أولى المباحثات مع الفريق الروسي الجديد الذي بدأ مهامه قبل أيام بقيادة ضابط يُدعى أندريه، ورئيس قسم المصالحة في الجنوب السوري العقيد أليكسي سافينكون، خلفاً للضابط أسد الله”.
وأكد الضباط الروس، بحسب الشبكة أنهم يسعون لتثبيت التهدئة في درعا والعودة لبنود الاتفاق الأخير واستكمال ملفي تسليم السلاح وتسوية أوضاع المطلوبين للنظام.
ماذا يتضمن المقترح الروسي؟
في سياق ما سبق قال المصدر الذي نقلت عنه وكالة “سبوتنيك” الروسية إن مقترح موسكو بشأن “درعا البلد” يتضمن “وضع آلية لحل سلمي لملف المسلحين المتحصنين في حي درعا البلد وفق برنامج زمني محدد”.
وأوضح المصدر أنه البرنامج يتوزع على عدة بنود ونقاط منها “التزام المجموعات المسلحة في الحي بتسليم أسلحتها للدولة السورية امتثالاً لبنود اتفاق المصالحة الذي عقد برعاية روسية في 2018، وخروج المسلحين الرافضين للاتفاق نحو مناطق شمالي سورية”.
إضافة إلى بنود تقنية أخرى تضمن عودة الأمان والاستقرار إلى “درعا البلد”، بحسب الوكالة.
ومنذ أسابيع يلعب الروس دوراً أساسياً في المفاوضات التي يعقدها النظام السوري مع وفود اللجان المركزية في درعا، وسط صمت رسمي روسي.
وكانت آخر جولة من المفاوضات انعقدت في 6 أغسطس/ آب الجاري، حيث اجتمعت لجنة التفاوض مع وفد روسي “رفيع المستوى”، ورفعت مطالبها، دون التوصل لأي تقدم يذكر.
يُشار إلى أن ناشطون في درعا دعوا إلى إضراب شامل احتجاجاً على تصعيد النظام الأخير، حيث رصدت شبكات محلية، في الأيام الماضية إغلاق المحلات التجارية والأسواق في مدينة طفس غربي درعا ومناطق أخرى في المحافظة، استجابة لدعوات الإضراب.
وتدور تساؤلات حول السيناريوهات المحتملة التي قد تشهدها درعا البلد خلال الفترة المقبلة، وسط مخاوف من استئناف حملة عسكرية واسعة للنظام وحملات تهجير للأهالي، خاصة أن أكثر من 18 ألف مدني أجبروا على الفرار من أحياء “البلد”، التي تعيش في حصار خانق منذ 28 من يوليو /تموز الماضي، بحسب الأمم المتحدة.
——————————
===================
تحديث 15 آب 2021
————————-
درعا.. كيف تحوَّل مهد الثورة السورية إلى نقطة للاشتباك بين روسيا وإيران؟/ ميرفت عوف
على حاجز يُسمى “حاجز السرايا” يفصل بين درعا البلد (الأحياء الجنوبية في مدينة درعا) ودرعا المحطة في الجنوب السوري، يقف رجل خمسيني عاجزا عن تلبية شروط قوات النظام السوري التي أمرته بإنزال ما حمله من أثاث منزلي على ظهر سيارته أو أن يدفع مليونَيْ ليرة سورية (500 دولار أميركي) نظير السماح له بالفرار من المنطقة التي تشهد تصعيدا عسكريا من قِبَل النظام منذ نهاية يوليو/تموز 2021.
لم تكن هناك العديد من الخيارات المتاحة أمام الرجل النازح المنضم إلى ركب يضم نحو 80% من أهالي الأحياء (نحو 50 ألف شخص)، فهو يقف في الطريق الوحيد المتاح للخروج ولن يستطيع الإفلات بأي حال من إجراءات التفتيش الأمنية الصارمة التي تُجبره على المرور مشيا على الأقدام حاملا أثاث منزله للوصول إلى أحياء القسم الآخر من المدينة (درعا المحطة) للنجاة بنفسه وأسرته.
بالفعل، تمكَّن الرجل من الوصول مع عائلته إلى إحدى مدارس درعا المحطة بعد أن ساعده نازحون آخرون في حمل الأثاث، بينما لا تزال محافظة درعا البلد التي يقطنها 40 ألف نسمة تتعرَّض للقصف بالرشاشات الثقيلة وقذائف الهاون، وذلك منذ قرَّر النظام السوري قبل نحو شهر فرض حصار عليها. وقد خضعت درعا إلى قوات النظام رسميا بالفعل بعد هجوم كثيف تلاه اتفاق تسوية بين النظام والمعارضة برعاية روسية قبل ثلاث سنوات، بيد أن النظام السوري قد قرَّر مؤخرا القضاء نهائيا على أي وجود للمعارضة فيها دون اتفاق.
في عام الثورة السورية (2011)، انتفضت درعا والقنيطرة لتصبحا أول مكان تنفجر فيه الاحتجاجات ضد حكم الرئيس بشار الأسد، ومن ثمَّ تعرَّض أهلهما، وغالبيتهم من المسلمين السنة، لحملة قمع شرسة سحقت خلالها قوات النظام المدنيين الذين خرجوا ضده، كما فعلت بطول سوريا وعرضها. وسرعان ما اضطر شباب الجنوب، كغيرهم في محافظات سوريا، إلى حمل السلاح ومواجهة النظام وحلفائه الإيرانيين، ولاحقا الروس، الذين لم يتوانوا عن قمعهم وقتلهم بالأشكال كافة، ما أفضى الصراع إلى وقوع أجزاء كبيرة من الجنوب تحت سلطة المعارضة، التي سيطرت بعد عام 2013 على جزء كبير أيضا من الشمال السوري.
منذ ذلك الحين، لم تتوقَّف مساعي النظام لاستعادة المناطق التي نزعتها منه المعارضة، وما بين عامَيْ 2016-2018، خاض بدعم من إيران والميليشيات الحليفة لها، وبغطاء جوي روسي، معارك مكَّنته من استعادة مناطق عدة من قبضة المعارضة، ومنها محافظتا درعا والقنيطرة. ولم يتوقَّف النظام عن معاركه في الجنوب إلا بعد مفاوضات قادتها روسيا، عُرفت بـ “اتفاقية التسوية”، عام 2018، ونصَّت على وجود الأجهزة الأمنية التابعة للنظام في بضع مناطق بينها الأحياء الجنوبية من مدينة درعا، وكذلك إجلاء عشرة آلاف معارض مع عائلاتهم إلى إدلب، مع بقاء بعض المعارضين الذين احتفظوا بأسلحة خفيفة، فيما لم تنتشر قوات النظام في كل أنحاء المحافظة.
بقي الوضع الخاص بمحافظات الجنوب السوري كما ضمنته اتفاقية التسوية، وساهم قُرب المنطقة من مرتفعات الجولان المحتلة والأردن في إضافة المزيد من الاعتبارات الخاصة، فهي منطقة حدودية وجبهة غير نشطة مع إسرائيل قد تنفجر في أي لحظة. لذا، كان لزاما على موسكو التوسُّط لضبط أوضاع تلك المنطقة، ومراعاة المصالح الإسرائيلية التي وعدت بوضعها في الحسبان، وكبح نشاطات الميليشيات الإيرانية الواقفة على أعتاب الجولان، وكذلك منح الضمانات للأردن الذي يريد إبقاء معابره الحدودية مفتوحة دون مشكلات أمنية، وهي مهمة دبلوماسية دقيقة للموازنة بين مصالح الحليف الإيراني على الأرض والأصدقاء في تل أبيب وعمَّان أدَّتها روسيا بنجاح حتى اللحظة.
على مدار السنوات الماضية، التزمت روسيا بجوهر الاتفاق في درعا، وحافظت على وجود أمني وعسكري محدود للنظام، وعملت على منع إيران وحلفائها، مثل حزب الله اللبناني، من الانتشار في مناطق واسعة من الجنوب بالقُرب من الجولان، وحالت دون بناء قواعد دائمة أو بنية تحتية تسمح بشن هجمات ضد إسرائيل. بيد أن النظام لم يستسلم لما فرضته عليه اتفاقية التسوية الروسية، وحاول استعادة سيطرته على المنطقة الحدودية عدة مرات، فانخرط مرة في صراع منخفض الحِدَّة مع بقايا المعارضة المسلحة التي قاومت عودته بقوة، ثم سعى لبسط سلطته مرة أخرى عبر تكثيف اتصالاته مع الثوار والمدنيين بواسطة أعضاء حزب البعث والجنرالات المتقاعدين لتأمين ما عُرف بـ “صفقات المصالحة” (الاستسلام)، التي شملت تعهُّدا من الدولة باستئناف خدماتها وتقديم المساعدات الإنسانية في المنطقة وإلغاء الأوامر التعسفية.
“بدأ الجيش عملية عسكرية ضد البؤر التي يتحصَّن فيها إرهابيون أفشلوا اتفاق المصالحة في منطقة درعا البلد”، هكذا برَّرت صحيفة الوطن، الموالية للنظام السوري، العملية العسكرية التي أطلقها النظام في نهاية يوليو/تموز الماضي في درعا البلد. ولكن بعيدا عما يُعلنه النظام إعلاميا، يعود تهديد النظام بـ “تدمير درعا فوق رؤوس أهلها” إلى نهاية يونيو/حزيران الماضي، حين طلب النظام من سكان درعا تسليم أسلحتهم، وكذلك “رفع العلم السوري المُعترَف به دوليا على أعالي المسجد العمري، والسيطرة الكاملة على درعا ونشر الحواجز في المنطقة كاملة، إضافة إلى تهجير عدد من الأشخاص المطلوبين أو تسليم أنفسهم وسلاحهم، والخدمة الإلزامية العسكرية لأبناء درعا”.
رُفِضَت مطالب النظام من قِبَل سكان درعا، بما في ذلك أعضاء سابقون في المعارضة السورية ممن لا تزال لديهم القدرة على استعادة هياكلهم التنظيمية وتوفير السلاح والحماية المحلية لأنصارهم، وهو ما دفع النظام والميليشيات المدعومة من إيران إلى حصار درعا البلد في 25 يونيو/حزيران، ثم شن عملية برية في 29 يوليو/تموز، حيث تشهد درعا الاشتباكات الأشد ضراوة والأكثر اتساعا منذ أن دخلت تحت سيطرة النظام في 2018.
تحدَّث “أيمن أبو نقطة”، الناطق الرسمي لـ “تجمُّع أحرار حوران”، وهو تجمُّع لناشطين وصحافيين من درعا، إلى موقع “ميدان” عمَّا يجري في درعا البلد، قائلا: “بعد انتهاء مسرحية الانتخابات مباشرة، التي أظهرت أثناءها محافظة درعا رفضها للعملية الانتخابية عبر خروج سكانها في تظاهرات حاشدة، أخذ النظام بحشد تعزيزات ضخمة ونشر وحدات عسكرية إضافية، من بينها قوات فرقة الدبابات الرابعة المعروفة باسم فرقة ماهر الأسد، فأحاط بأحياء مدينة درعا وحاصرها”.
ويُضيف أبو نقطة أن لجان النظام طالما طالبت بدخول درعا البلد بحجة وجود عناصر من “داعش”، وبتسليم السلاح الفردي الموجود فيها بحوزة الشبان، وهو سلاح شرعي وفق اتفاق التسوية. ويُعبِّر أبو نقطة عن مخاوف السكان من اقتحام المدينة من قِبَل ميلشيات إيرانية، مثل الفرقتين التاسعة والرابعة و”قوات الغيث” المرتزقة وقائدها المُقرَّب من ماهر الأسد، وما قد يحيق بأهل درعا من إمكانية ارتكاب مجازر بحقهم.
“كممرضة في روضة أطفال”، هكذا وصفت صحيفة “كوميرسانت” الروسية حال موسكو في التعامل مع أطراف النزاع في الجنوب، فما إن تُدير ظهرها بعد حل هذا الاشتباك أو ذاك حتى تجد الخلافات قد اشتعلت من جديد. فمع تعدُّد جولات التفاوض التي تمت بين يونيو/حزيران 2019 ويونيو/حزيران 2021، وقع أكثر من ألف هجوم استُخدمت فيها الأسلحة والعبوات الناسفة في درعا (حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان)، مُحوِّلة الجنوب السوري الذي يشهد الآن قصفا مُكثَّفا إلى بؤرة صراع مشتعلة.
استخدمت روسيا كل ثقلها للحفاظ على دورها وسيطا بين أطراف النزاع في الجنوب السوري منذ وقَّعت لجنة إدارة الأزمة في درعا (اللجنة المركزية) اتفاق التسوية. وعلى مدار العامين الماضيين، توسَّطت موسكو في جولات التفاوض واتفاقيات إعادة التسوية التي تمت بين النظام وسكان الجنوب، وآخرها حين فرض النظام حصاره المُطبِق على درعا في يونيو/حزيران 2021، وعقدت على إثره اللجنة المركزية لقاء مع الوفد الروسي. لكن موسكو غابت عن جولات التفاوض الأخيرة، إذ حلَّت اللجنة الأمنية بقيادة الفرقة الرابعة بدلا منهم ووضعت شروطا جديدة كإقامة نقاط أمنية وعسكرية إضافية، ما أدَّى إلى تفاقم النزاع في الجنوب وعدم الوصول إلى حل توافقي، وهو ما تطلَّب عودة الروس لمربع الوساطة سريعا، ومن ثمَّ ظهروا في المشهد وهُم يُقدِّمون المساعدات الإغاثية لسكان الجنوب بيد، ويضغطون من أجل احتواء التصعيد بيد أخرى.
لا تزال موسكو إذن غير مُستعِدة لمنح إيران وميليشياتها الفرصة للاستيلاء على الجنوب السوري كاملا، وبصرف النظر عن كون تلك الرغبة ناجمة عن تنافسها على النفوذ مع طهران داخل سوريا، وناتجة أيضا عن حاجتها إلى الوفاء بالتزاماتها مع إسرائيل والأردن وواشنطن، فإن لدى موسكو عدة دوافع للسيطرة على ملف الجنوب السوري أمنيا، تشمل رغبتها في تحقيق تقدُّم بخصوص القضايا الخلافية مع الولايات المتحدة، بما فيها ملف إعادة الإعمار وتأمين طريق دمشق-عمَّان تمهيدا لتوسيع التجارة والنقل عبر معبر نصيب-جابر مع الأردن.
فضلا عن ذلك، لا تريد روسيا انزلاق الجنوب السوري نحو عملية عسكرية واسعة؛ لأن انهيار اتفاق التسوية انهيارا كاملا يعني بالنسبة لها تآكل صورتها بوصفها ضامنا ووسيطا حتى وإن كان غير محايد، حسب ما يقوله “عبد الوهاب عاصي”، الباحث في مركز “جسور للدراسات” الذي قال في حوار لموقع “ميدان”: “روسيا تريد نزع السلاح الخفيف أو إعادة تقنين انتشاره في درعا إحياء لخطتها بجعل الجنوب السوري مركزا أساسيا للفيلق الخامس، وهي خطة سبق وحاولت تفعيلها أواخر عام 2018 لكنها تعثَّرت نتيجة عدم استجابة قادة الفصائل في الريف الغربي للشروط التي فرضتها موسكو، لا سيما ما يخص مهام مكافحة الإرهاب”. ويُبيِّن عاصي أن روسيا تبذل جهودها الآن لإجبار اللجنة المركزية، المستفيدة من التفويض الإيراني، على تقديم تنازلات من أجل فرض اتفاق تسوية جديد.
إذن، يبقى وضع درعا خاصة، والجنوب السوري عامة، رهين السيناريو الذي تخطه انتصارات النظام السوري المتعاقبة على مدار الأعوام الماضية، ورغبته في الهيمنة التامة على مناطق نزعها منه “الإرهابيون” كما يُسميهم، بل والهيمنة على سكان تلك المناطق أيضا وجلّهم من أنصار المعارضة التي أرادت “أرضا محررة” يوما ما، فيما تحاول قوى خارجية مثل روسيا تعزيز نفوذها في المحافظات الجنوبية وفقا لمصالحها وتفاهماتها مع الإيرانيين تارة ومع الغرب تارة أخرى، لا سيما بالنظر لتداخل خيوط ملف درعا العابر للحدود بأمن كلٍّ من الأردن وإسرائيل، وتداعياته الإقليمية التي لا تقل أهمية عن أبعاده الديمغرافية والعسكرية داخل سوريا.
لا يسعنا في الأخير غير الانتظار لنرى ما الذي سينجم عن تدافع مصالح روسيا في البقاء على عرش سوريا دبلوماسيا، ورغبة إيران في حماية ممرها الإستراتيجي الممتد من العراق وسوريا حتى جنوب لبنان، والخطوط الحمراء التي تخطها تل أبيب بدعم أميركي، والضمانات الأمنية التي تعهَّدت بها موسكو للأردن والغرب على السواء.
المصدر : الجزيرة
—————————
بعد شهرين من التوتر في جنوب سوريا: خريطة طريق روسية جديدة للحل/ منهل باريش
في محادثة صوتية للجنة المركزية بدرعا مع عدد مع النشطاء والصحافيين أقامتها منصة «تجمع أحرار حوران» وحضرها مراسل «القدس العربي» ليل الجمعة، قال الناطق الرسمي باسم لجنة درعا البلد، المحامي عدنان المسالمة، إن الروس قالوا ان لديهم خريطة طريق لحل الأزمة في محافظة درعا، وإن من المرجح عرضها علينا (اللجنة) قريبا. وفضل المحاميد عدم الخوض في التفاصيل وتمنى على الإعلاميين عدم مناقشة التفاصيل لحساسية الوضع في الجنوب ودقته. كما حضر اللقاء الذي بثه التجمع عبر تطبيق «تلغرام» الطبيب زياد المحاميد، عضو لجنة درعا البلد، والناشط لورنس الأكراد. وحذر المسالمة من التواجد الإيراني في الجنوب، مرجحا ان تنتهج إيران التصعيد في الجنوب.
ولفت إلى عدم التزام النظام باتفاق 2018 خصوصا بما يتعلق بملف المعتقلين، حيث لم يفرج عن أي منهم، بل ازدادت عمليات الاعتقال لتشمل آلاف المدنيين والمطلوبين. وحمل مسؤولية تعثر الاتفاق و»تدهور الوضع الأمني في الجنوب» إلى رئيس إدارة المخابرات العامة (أمن الدولة) اللواء حسام لوقا.
وفي سؤال حول مصير المنشقين عن جيش النظام وقوى الأمن والشرطة، نفى «وجود أي نقاش متعلق بالمنشقين مع العماد الروسي اندريه» أو مع غيره في الفترة التي انتدب فيها الأسبوع الماضي إلى درعا، أو في الفترة التي سبقتها. وشدد المحاميد في ختام مشاركته على «رفض ابرام اتفاق جديد والتمسك باتفاق 2018» وعزا سبب الحصار لمدة 52 يوما (حتى مساء الجمعة) إلى كون النظام يريد فرض اتفاق جديد.
وفي المحادثة الصوتية، وصف لورنس الأكراد المقرب من لجنة درعا موقف اللواء الثامن الذي يقوده أحمد العودة ويتبع لروسيا أنه «مع أهل درعا البلد وموقفه من موقف حوران عموماً».
من جهة أخرى، قال الشيخ فيصل أبازيد في خطبة صلاة الجمعة في جامع الدكتور غسان أبازيد، إن «الواقع ليس ورديا» وأشار إلى ان اتفاق صيف 2018 «لم يكن أحد يعرف بنوده وفرض الروسي الاتفاق على أهل درعا تحت تهديد قصف الطيران».
وأضاف عضو الجنة المركزية الذي تخلف عن حضور اللقاء مع الجنرال الروسي الجديد «يبدو ان اتفاق 2018 قد تغير والدول التي التزمت به قد غيرت التزاماتها. وليس لدينا إمكانية لفعل شيء». واعتبر ان الواقع في الجنوب هو «تصارع مشروعين، مشروع إيراني ومشروع روسي، أحلاهما مر والأقل ضررا هو الروسي، أما اقتلاع أهل درعا وتحويل المنطقة إلى منطقة ملحقة بإيران ستجبر الناس على تغيير مذهبهم وتفرض تغييرا مذهبيا ديمغرافيا في كامل المنطقة». وصارح مستمعيه أن درعا البلد «لا تستطيع المقاومة ومجابهة العالم».
وذكر أبازيد ان الفصائل في 2018 «لم تقاتل عندما كانت لديها دبابات ومدافع وسلاح ومقاتلين، ومع ذلك فرضت الدول ارادتها علينا، فما بالكم اليوم!!».
على صعيد متصل، نقلت وكالة الأنباء الروسية «سبوتنيك» عن مصادر في جيش النظام التزام الأخير بوقف العملية العسكرية في حي درعا البلد لمبادرة روسية. وأبلغت القيادة الروسية في سوريا وزير الدفاع في حكومة النظام العماد علي عبد الله أيوب، الأربعاء، بوجود مبادرة روسية. ووصفت الوكالة ذلك بأنه «محاولة أخيرة للحلول السلمية والحيلولة دون إطلاق عملية عسكرية قد تكون مكلفة».
وتتضمن المبادرة عدة بنود أهمها «التزام المجموعات المسلحة في الحي بتسليم أسلحتها تنفيذا لبنود اتفاق المصالحة الذي عقد برعاية روسية في 2018 وخروج المسلحين الرافضين للاتفاق باتجاه مناطق سيطرة المعارضة السورية في الشمال».
وتعاني درعا من حصار منذ 54 يوما، ما أدى إلى نزوح نحو 18 ألف مدني منذ بدء الحملة في 28 تموز (يوليو) حسب بيانات الأمم المتحدة التي وصفت ما يجري بأنه «أخطر مواجهة» منذ عام 2018. ودعت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، في بيان لها «أطراف النزاع إلى السماح بوصول الإغاثة الإنسانية وتسهيلها بسرعة وبدون عوائق». وذكرت المفوضية في البيان، الأسبوع الماضي، أنها وثقت «مقتل ما يزيد عن 100 شخص من المدنيين» قتلوا منذ مطلع العام الحالي حتى تموز (يوليو).
وفي السياق الأممي، أعرب المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن خلال اجتماع مجموعة العمل المعنية بالشؤون الإنسانية التابعة للمجموعة الدولية لدعم لسوريا (ISSG) والذي عقد في جنيف الجمعة، عن قلقه المتزايد بشأن التطورات في الجنوب. وعقد المبعوث الأممي لقاء مع اللجنة المركزية في درعا، الثلاثاء، قدمت «المركزية» خلاله إحاطة شاملة عن مجريات الأحداث والحصار المفروض على درعا البلد وأحياء طريق السد والمخيم وتقطيع الطرقات من قبل النظام. وطالبت اللجنة المركزية في درعا من بيدرسون التدخل من أجل فك الحصار، والالتزام باتفاق تسوية عام 2018.
حول الدور الروسي وما تريده في الجنوب، قال الباحث والأكاديمي عبدالله الجباصيني، المختص بالدينامكيات المحلية في جنوب سوريا في معهد الجامعة الأوروبية لـ»القدس العربي» إن «السياسات والتفاهمات الإقليمية هي التي كانت الدافع الأساسي وراء اتفاق 2018 على مدى السنوات الثلاث الماضية» معتبرا أن روسيا ظلت ملتزمة بجوهر هذا الاتفاق، أي «الحد من وجود القوات العسكرية والأمنية السورية في أجزاء من الجنوب». وأشار إلى ضرورة التنبه إلى وجود عاملين مترافقين مع الحصار والحالة العسكرية، هما «خسارة بنيامين نتنياهو في الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية وحديث ملك الأردن عبد الله الثاني في مقابلته التلفزيونية عن استمرارية النظام في سوريا والحاجة إلى تنسيق الحوار». ولفت الجباصيني إلى أن هذين العاملين «دفعا روسيا إلى إعادة التفكير في الوضع الراهن في جنوب سوريا بشكل كامل فيما يبدو».
في السياق، وصف الباحث في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، مناف قومان، الدور الروسي أنه «ليس بوارد كسر إرادة الناس في منطقة سبق وبنوا فيها تفاهمات اجتماعية. إضافة لاتفاق المصالحة وتشكيل الفيلق الخامس منذ عام 2018». مؤكدا أن الروس «أعطوا هامشا بممارسة الحرية والخروج في مظاهرات ضد النظام. في المقابل فانهم (الروس) لن يسمحوا بفرض إرادة الثوار على النظام».
ووصف قومان في اتصال عبر تطبيق واتس أب مع «القدس العربي» التكتيك الروسي انه «يحاول إرضاء النظام وعدم خسارة الحاضنة الاجتماعية في درعا» ورجح أن يكون ذلك عبر «حل وسط بين الطرفين يتم من خلاله إقناع النظام بالعدول عن العملية العسكرية ورفع الحصار عن درعا البلد، وبذات الوقت إقناع الأهالي بتسليم السلاح الخفيف ووقف استفزاز النظام عبر المظاهرات في درعا البلد».
معتبرا الحل، بهذا الشكل، ستجني موسكو من خلاله عدة نقاط أهمها «يمنع تغول الميليشيات الإيرانية على الحدود الأردنية وبالتالي إبقاء تفعيل التزاماتها وفق اتفاق لافروف – كيري، وعدم إغضاب الأردن، وإبقاء السكان في منازلهم وإمكانية ضم الشباب إلى صفوف اللواء الثامن، وتأسيس نموذج إدارة في الجنوب عموماً على غرار ما حصل في بصرى الشام خلال العامين الماضيين».
من الواضح أن اللجنة المركزية في درعا، تصر على العودة إلى تطبيق اتفاق تموز 2018 الذي فرضته روسيا على الجميع هناك، وتحمل مفاوضيها الروس طوال الوقت تلك المسؤولية دون إدراك التغيرات الحاصلة ميدانيا وسياسيا في عموم البلاد، أو البحث عن مخرجات جديدة تكون أكثر قبولا للروس أنفسهم وعدم المراهنة كثيرا على خلاف إيراني روسي في الجنوب، فهو مجرد وهم نفت صحته عشرات المعطيات والاختبارات. كما أن «الكرت الإيراني» هو ورقة تحتاجه موسكو في وجه الجيران الإقليميين. ويتعين على المفاوضين في درعا إدراك أن أمريكا تخلت عن المنطقة لصالح الروس ضمن تفاهمات دولية وإقليمية عندما كانت المتحكم الوحيد فيها. فكيف ستعود إليها مجددا، كما يحاول بعض المعارضين الإيحاء للجنة المركزية.
نهاية، ربما تتوجه روسيا إلى الحفاظ على أجزاء من اتفاق 2018 أو تطبيق مقترح 24 تموز (يوليو) الذي وافقت عليه لجنة درعا نفسها، لكنها لن تسمح بترك الفوضى كما كانت عليه سابقا، وستبحث عن حل يبقي التوتر قليلا في الجنوب للاستفادة منه في وجه الأطراف المختلفة. وهذا يتطلب بالضرورة إخراج عدد من المقاتلين وتسليم أعداد مرضية من السلاح الخفيف للشرطة العسكرية الروسية.
القدس العربي
———————————
النظام السوري يواصل خرق اتفاق درعا وشكوك في الضامن الروسي/ عدنان أحمد
لاقى الاتفاق المبدئي الذي جرى التوصل إليه، أمس السبت، بين لجنة التفاوض المركزية في منطقة درعا البلد مع ضباط روس، بحضور ممثل عن النظام السوري، ارتياحا حذرا في المحافظة السورية الجنوبية، وسط مخاوف من أن يكون مقدمة لعمليات تهجير جديدة لمعارضي النظام.
وظهرت بوادر على عدم التزام قوات النظام بالاتفاق خلال الساعات الأخيرة، حيث واصلت تلك القوات قصف مناطق مختلفة في المحافظة بالهاون والرشاشات الثقيلة، ووضعت ساترا ترابيا كبيرا على حاجز السرايا، المنفذ الوحيد المتبقي لأهالي درعا البلد.
وقال الناشط أبو محمد الحوراني، لـ”العربي الجديد”، إن الأنظار في مجمل محافظة درعا تتجه اليوم إلى درعا البلد، وسط توتر نفسي ومخاوف من عدم التزام النظام بوقف إطلاق النار.
وأضاف الحوراني: “استفاق الناس اليوم على القصف بقذائف الدبابات والمضادات على أحياء درعا البلد، فيما قصفت قوات النظام المتمركزة في منطقة البانوراما بقذائف الفوزديكا محيط مقرات القيادي السابق في الجيش الحر، خلدون الزعبي، والسهول الشمالية الغربية لبلدة اليادودة غرب درعا، وذلك بعد تصريح القيادي في المعارضة خلدون الزعبي بأنهم لا يثقون في روسيا، ويتعرضون لضغط من النظام وروسيا، ويرفضون تسليم السلاح”.
وأضاف الحوراني أن درعا البلد “تعيش تحت حصار مطبق لليوم الـ52 على التوالي، وسط فقدان لمقومات الحياة من طعام ومياه وكهرباء وأدوية، ورغم ذلك فإن روسيا تعطي مهلة مفاوضات وجولة جديده لـ15 يوما، وهذا يعتبر ضوءا أخضر للنظام لاستكمال الحصار واستنزاف الثوار وتبريد همم المقاتلين في أرياف درعا”.
واعتبر المتحدث ذاته أن “الهدن والاجتماعات باتت سياسة تتبعها روسيا والنظام لإنهاك المعارضين والمدنيين في محافظة درعا”.
ووفق الاتفاق المبدئي، الذي جرى التوصل إليه يوم أمس السبت، سوف يتم فرض وقف إطلاق النار في درعا، على أن تبدأ روسيا اعتبارا من اليوم تسيير دوريات في منطقة درعا البلد، بالتزامن مع إعادة فتح معبر السرايا العسكري المؤدي إلى مركز المدينة. كما تشمل “خارطة الحل” ريفي درعا الشرقي والغربي.
ووفق مصادر متطابقة، فان الاتفاق تضمن أيضا تمركز قوى شرطية تابعة للنظام في مواقع عدة (لم يُحدد عددها) في أحياء درعا البلد، إضافة إلى بندين (سيجري التفاوض على تفاصيلهما خلال الأيام المقبلة) هما تسليم سلاح المعارضة للنظام، وتهجير المعارضين غير الراغبين في التسوية، ويُقدر عددهم بنحو 135 شخصا من مدينة درعا.
ووفق المصادر، فإن الجنرال الروسي الذي ترأس الوفد الروسي أبلغ لجان التفاوض بأن وفداً روسياً مع قوة أمنية تابعة للنظام سيدخلان إلى خطوط المواجهة في درعا البلد والمحاور الأخرى، للتأكد من رواية ضباط النظام بوجود سلاح ثقيل لدى مجموعات المعارضة. وتضمنت خارطة الحل حصر ملف المليشيات المحلية بـ”عقود رسمية” مع وزارة الدفاع التابعة للنظام، بحسب المصادر.
ومن المتوقع أن تتسلم لجان التفاوض، اليوم الأحد، ورقة خارطة الحل مترجمة إلى العربية لعرضها على الأهالي. كما طالبت اللجنة بانسحاب التعزيزات العسكرية وفك الحصار عن أحياء المدينة، كخطوة أولى لتطبيق البنود. ودار خلال الاجتماع حديث حول إعادة تشغيل معبر درعا القديم مع الأردن، من دون التوصل إلى تفاهمات حول كيفية وطبيعة العمل على ذلك.
وحضر الاجتماع اللواء حسام لوقا، رئيس اللجنة الأمنية لدى النظام، والعميد لؤي العلي رئيس فرع الأمن العسكري.
التفاف على اتفاق التسوية 2018
وفي ردود الفعل الأولية على الاتفاق، قال نقيب المحامين الأحرار في درعا، سليمان القرفان، لـ”العربي الجديد”، إن بعض البنود التي تنص على تسليم السلاح الخفيف وتهجير مقاتلين معارضين من درعا يصعب القبول بها، معتبرا أن طرح هذه البنود هو بمثابة التفاف على اتفاق التسوية عام 2018 الذي ضمنته روسيا.
وشكك القرفان في التزام روسيا والنظام بأي اتفاق، داعيا أهالي درعا إلى “التحوط من الطرح الروسي، لعدم تَكرار السيناريو ذاته الذي أعقب اتفاقات عام 2018، عقب سيطرة قوات النظام على محافظة درعا”، مشيرا إلى أن محافظة درعا “تعيش اليوم مرحلة مفصلية، وعلى أبنائها مواصلة التعاضد وتوحيد المواقف، كي لا يتم الاستفراد بكل منطقة على حدة”.
من جهته، رأى عضو اللجنة الدستورية المستشار حسن الحريري، في حديث لوكالة “نبأ” المحلية، أن روسيا تسعى إلى “شرعنة وجود المليشيات المحلية في درعا، من خلال ربطها رسمياً بوزارة الدفاع في حكومة النظام”.
واعتبر الحريري، الذي يرأس المجلس السوري للتغيير، أنه “إذا تأكد وجود بند التهجير لغير الراغبين في التسوية ضمن خارطة الحل الروسي، فإن ذلك لن يكون في صالح أهالي درعا، وتطبيقه في المدينة يعني انتقاله إلى مناطق أخرى بريفها لاحقاً، وتطبيق سيناريو الحصار ذاته”.
من جانبه، اعتبر العميد المنشق إبراهيم الجباوي أن “روسيا وضعت درعا أمام خيارين: إما تسوية مفروضة أو مواجهة الفرقة الرابعة والمليشيات”.
وقال الجباوي، لـ”العربي الجديد”، إن “خيار الارتباط بالفيلق الخامس المدعوم من روسيا قد يكون أفضل الخيارات لدى مقاتلي المعارضة بدرعا، للحيلولة دون تجدد محاولات الفرقة الرابعة السيطرة على المدينة مستقبلاً”، مستبعدا خروج المليشيات المرتبطة بإيران من درعا، وإن تعهدت روسيا بذلك.
وكان الناطق باسم لجنة التفاوض المركزية في درعا، عدنان المسالمة، أعلن، أمس، عن التوصل إلى اتفاق مبدئي مع الجانب الروسي ينص على وقف إطلاق النار لمدة أسبوعين، تجري خلالهما مزيد من المفاوضات للتوصل إلى حل نهائي، على أن يتم تشكيل لجنة من الجهات المعنيّة بتنفيذ الاتفاق لمتابعة حل الإشكالات طيلة فترة التفاوض.
——————————
درعا:قوات الأسد تخرق الهدنة..والأهالي يتصدون للفرقة الرابعة
رغم الاعلان عن هدنة في محافظة درعا لمدة 14 يوماً، وتعهد الجانب الروسي بمراقبة وقف إطلاق النار، قصفت قوات النظام السوري ليل السبت/الأحد، أحياء درعا البلد المُحاصرة.
وذكرت وسائل اعلام سورية معارضة أن الفرقة الرابعة استهدفت بقذائف الهاون والدبابات والمدفعية الثقيلة، أحياء درعا البلد.
وقال موقع “تلفزيون سوريا” إن “القصف تزامن مع محاولات تقدّم للفرقة الرابعة والميليشيات المساندة لها نحو أحياء درعا البلد من جهة حي طريق السد”، مشيراً إلى أن “أهالي ومقاتلي الحي تصدوا لها واندلعت اشتباكات بين الطرفين بالأسلحة الرشاشة”.
وكان الناطق باسم لجنة درعا البلد عدنان المسالمة قد أعلن بعد اجتماع بين اللجنة والنظام وبحضور ضباط روس السبت، أنه تم التوصل إلى وقف اطلاق النار في درعا لمدة 14 يوماً.
وقال المسالمة إنه تم التوافق على تشكيل لجنة مؤلفة من الجهات المعنيّة بتنفيذ الاتفاق لمتابعة حل الإشكالات طيلة فترة التفاوض، كما سيتم تسيير دوريات روسية في محيط درعا لمراقبة وقف إطلاق النار، ومعاينة الأوضاع ميدانياً.
بنود الاتفاق
وكشفت شبكة “درعا 24” عن الخطوط العريضة لمقترح الجانب الروسي للحل السلمي في درعا البلد، والتي تم عرضها خلال اجتماع مع لجنة التفاوض في مركز درعا، بحضور وفد من النظام.
وذكر الموقع أن أهم بنود المقترح، العودة إلى الاتفاق السابق، الذي كان من المقرر تنفيذه نهاية تموز/يوليو، “إلا أن تصعيداً عسكرياً أوقف عملية تنفيذه”. وشمل المقترح فتح الباب لإجراء تسويات جديدة، يشترط فيها تسليم السلاح، على أن يتم فتح مركز تسوية يكون مشتركاً بين القوات الروسية وقوات النظام، بحضور مندوبين من اللجنة المركزية التابعة إلى درعا.
وأضاف الموقع أن المقترح يتضمن خيار التهجير القسري باتجاه الشمال السوري، في حال رفض الخضوع للتسوية الجديدة.
كذلك يشمل المقترح تثبيت نقاط عسكرية وأمنية جديدة ضمن أحياء درعا البلد تابعة للفرقة 15 وفرع الأمن العسكري، بحسب الموقع، الذي أشار إلى أن المقترح مكتوباً باللغة الروسية وسيتم ترجمته إلى اللغة العربية لإطلاع لجنة التفاوض عليه الأحد.
وكانت لجنة التفاوض قد أعلنت أكثر من مرة أنها تقدمت بأكثر من مقترح للحل السلمي لتجنيب المنطقة التصعيد العسكري، إلا أن النظام السوري يصرّ على فرض شروط قاسية من الصعب تنفيذها، ما أدى إلى تعثر المفاوضات لأكثر من مرة، قبل أن يتدخل الجانب الروسي مجدداً وتُستأنف المفاوضات.
المدن
—————–
المعارضة في درعا: الإيرانيون غير راضين عن الاتفاق “لأنه ينهي مشروعهم”/ محمد الأحمد.
قال الناشط أبو البراء الحوراني عضو “تجمع أحرار حوران”، لـ”العربي الجديد”، إنّ “قوات الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد شقيق رأس النظام السوري والمدعومة من المليشيات الإيرانية جددت مساء السبت قصفها بقذائف الهاون أحياء درعا البلد المحاصرة جنوبي سورية، على الرغم من التوصل إلى اتفاق بين (لجنة المفاوضات في درعا) والنظام السوري برعاية روسية”.
وأوضح الحوراني أنّه “على الرغم من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ؛ قصفت الفرقة الرابعة أيضاً بقذائف الهاون حي طريق السد الملاصق لأحياء درعا البلد في ريف درعا الأوسط”، مضيفاً أنّ “اشتباكات متقطعة بالأسلحة الرشاشة دارت بين الفرقة الرابعة من جهة، وأبناء حي طريق السد بدرعا من جهة أخرى، وسط تجدد استهداف الحي بقذائف الهاون والمضادات الأرضية من قبل قوات الفرقة”.
من جهته، قال المحامي عدنان المسالمة الناطق الرسمي باسم “لجنة المفاوضات في درعا”، في حديث لـ”العربي الجديد”: “يبدو أنّ المليشيات الإيرانية لم يعجبها اتفاق وقف إطلاق النار في درعا الذي تم الإعلان عنه اليوم في درعا، وتريد خرق هذا الاتفاق، وقد أطلقت عدة قذائف هاون على أحياء درعا البلد، علماً أن المدافعين عن أهلهم وذويهم المدنيين ملتزمون بالاتفاق ولم يسجل منهم أي خرق”.
ويرى المسالمة أنّ “المليشيات الإيرانية سوف تعمل جاهدة لتخريب هذا الاتفاق من خلال الخروقات”، معتبراً أنّ “الاتفاق الذي جرى اليوم ينهي المشروع الإيراني في المنطقة”.
اتفاق مبدئي لرسم خريطة للتفاوض في درعا برعاية روسية
وأشار الناطق باسم لجنة المفاوضات إلى أنه “جرت مطالبة الجانب الروسي بوقف الاستفزازات والقصف على المدنيين ونحن سنكون ملتزمين بمضمون الاتفاق”.
ولفت المسالمة إلى أنه “جرت اليوم مباحثات مع العماد قائد القوات الروسية أندريه، بحضور ممثل عن الحكومة السورية، وممثلين عن اللجان المركزية في درعا”، مؤكداً أنه “تم عرض الخطوط الرئيسية لخارطة الطريق التي تحتوي حلاً يشمل كامل المنطقة”، لافتاً إلى أنها “تبدأ خلال أسبوعين من استمرار وقف إطلاق النار، يتم خلالهما جولات مباحثات وتفاوض، وسيتم تشكيل لجنة مؤلفة من الجهات المعنية بتنفيذ الاتفاق لمتابعة حل المشكلات طيلة فترة التفاوض، بالإضافة لتسيير دورية روسية في محيط درعا لمراقبة وقف إطلاق النار ومعاينة الأوضاع ميدانياً بدءاً من يوم الأحد”.
العربي الجديد
———————-
اتفاق مبدئي لتمديد وقف إطلاق النار ورسم خارطة للتفاوض في درعا برعاية روسية/ محمد الأحمد
قال المتحدث الرسمي باسم “لجنة مفاوضات درعا البلد” جنوبي سورية، المحامي عدنان المسالمة، اليوم السبت، إنه تم الاتفاق بين ممثلين عن “اللجنة المركزية” في درعا، وممثلين عن النظام السوري، مع الوفد الروسي، على استمرار وقف إطلاق النار لمدة أسبوعين إضافيين تتم خلالهما جولات من المباحثات والتفاوض بين الطرفين بمساهمة روسية.
وأكد المسالمة، في تصريح له على حسابه الرسمي في “فيسبوك”، مساء السبت، أنه “جرت اليوم مباحثات مع العماد قائد القوات الروسية أندريه، بحضور ممثل عن الحكومة السورية، وممثلين عن اللجان المركزية في درعا”، مُشيراً إلى أنه “تم عرض الخطوط الرئيسية لخارطة الطريق التي تحتوي حلاً يشمل كامل المنطقة”، لافتاً إلى أنها “تبدأ خلال أسبوعين من استمرار وقف إطلاق النار تتم خلالهما جولات مباحثات وتفاوض”.
ولفت المتحدث باسم لجنة المفاوضات إلى أنه “سيتم تشكيل لجنة مؤلفة من الجهات المعنية بتنفيذ الاتفاق لمتابعة حل المشكلات طيلة فترة التفاوض، على أن يتم تزويدنا بنسخة ورقية عن خارطة الطريق لنطلع عليها ومناقشة كل بند فيها والخوض في التفاصيل”.
وأوضح المسالمة أنه “بدءاً من يوم الغد الأحد سوف يتم تسيير دورية روسية في محيط درعا لمراقبة وقف إطلاق النار ومعاينة الأوضاع ميدانياً”.
في السياق، قال أبو البراء الحوراني، عضو “تجمع أحرار حوران”، في حديث لـ “العربي الجديد”، إنّ قوات النظام السوري قصفت، عصر السبت، محيط بلدتي اليادودة وطفس بريف درعا الغربي بأكثر من 15 قذيفة هاون مصدرها قوات النظام المتمركزة في “كتيبة المدفعية 285” بجانب منطقة البانوراما، دون وقوع إصابات بشرية في صفوف المدنيين. وأضاف الحوراني أنّ “قوات الفرقة الرابعة استهدفت بالرشاشات المتوسطة منازل المدنيين في بلدة اليادودة غرب محافظة درعا، ما تسبب بحالة هلع وخوف لدى الأهالي، دون وقوع جرحى”.
من جهة أخرى، أُصيب طفل من بلدة أم المياذن بريف درعا الشرقي، مساء السبت، إثر انفجار قنبلة عنقودية من مخلفات قصف سابق لقوات النظام على المنطقة، أثناء مسكها. وأشار الحوراني إلى أن الانفجار أدى إلى بتر أصابع اليد لدى الطفل، وجرى نقله إلى مستشفى مدينة درعا.
ولفت الحوراني إلى أن مكتب التوثيق في “تجمع أحرار حوران” وثق منذ مطلع العام الجاري حتى اليوم السبت، مقتل 15 مدنياً بينهم 13 طفلاً في محافظة درعا، جنوبي سورية، جراء انفجار المخلفات الحربية.
العربي الجديد
—————————
درعا تتحدى الأسد..وتنتزع وقفاً لإطلاق النار
أعلن الناطق باسم لجنة درعا البلد عدنان المسالمة أنه تم التوصل إلى وقف اطلاق النار في محافظة درعا لمدة 14 يوماً يتم خلالها جولات من المباحثات والتفاوض بين الأهالي والنظام السوري برعاية روسية.
وقال المسالمة بعد اجتماع بين اللجنة والنظام وبحضور ضباط روس، إنه تم التوافق على تشكيل لجنة مؤلفة من الجهات المعنيّة بتنفيذ الاتفاق لمتابعة حل الإشكالات طيلة فترة التفاوض، كما سيتم تسيير دوريات روسية في محيط درعا لمراقبة وقف إطلاق النار، ومعاينة الأوضاع ميدانياً.
وكانت لجنة التفاوض في درعا سلمت الوفد الروسي “خريطة الحل” والتي تحمل آلية جديدة لانهاء تصعيد النظام في المحافظة، وذلك بعد اجتماع عقدته لجان الأهالي مع النظام برعاية روسية.
وبالتزامن مع الاجتماع قصفت قوات النظام بقذائف الهاون محيط بلدة طفس واليادودة غرب درعا، كما توفي الشاب محمود علي صالح القطيفان من أبناء درعا البلد، جراء استهداف الأحياء المحاصرة بقذائف الهاون والمضادات الأرضية، المتمركزة على أطراف المنطقة عقب منتصف ليل الجمعة، إضافة إلى سقوط عدد من الجرحى نتيجة استهداف المنازل السكنية.
وقال “تجمع أحرار حوران” إن أحياء درعا البلد تعرضت لقصف مكثف على مراحل متقطعة، على الرغم من تأكيد الجانب الروسي على وقف إطلاق النار في اجتماع له مع ممثلين عن لجنة التفاوض.
وسقط ثلاثة جرحى مدنيين بينهم طفلة وامرأة نتيجة القصف المدفعي الذي تعرضت له مدينة جاسم، من مواقع لقوات النظام في “تل المحص وتل أم حوران، وكتيبة جدية”، وذلك على خلفية استهداف حاجز للنظام على المدخل الجنوبي للمدينة، من قبل شبان المنطقة، اندلعت على إثرها اشتباكات استمرت لساعات. كما نشبت اشتباكات بالأسلحة الرشاشة في مدينة الصنمين شمال درعا، ناجمة عن مهاجمة شبان لحواجز النظام في المربع الأمني، تلاها قصف مدفعي تعرضت له المدينة.
درعا نموذج فريد من نوعه
وأضاءت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية على المصالحات والترتيبات الأمنية التي عقدت بين أهالي درعا ونظام الأسد بضمانة روسية، معتبرة أنها كانت فريدة من نوعها حيث منحت قوات المعارضة درجة من الحكم الذاتي الإقليمي تحت إشراف روسي إسمي لم تشهده في المناطق الأخرى التي كانت تسيطر عليها المعارضة سابقاً.
وأشارت إلى أن هذا الاتفاق كان دائماً اقتراحاً غير مستدام، سواء بالنسبة للنظام أو المعارضة، وهو اقتراح محكوم عليه أيضاً بالتجاهل القاسي للحياة البشرية الذي أظهره الضامنون في موسكو.
وأضافت المجلة أن الوضع في المنطقة معقدٌ بسبب طموحات إيران الإقليمية، لا سيما رغبتها في إنشاء قوة عسكرية قرب الحدود الإسرائيلية، ما قد يرفع التوترات بين القوات المدعومة من إيران وروسيا، لتقاسم النفوذ في درعا.
وأشارت إلى أن محافظة درعا، على عكس المحافظات السابقة الأخرى التي سيطرت عليها قوات النظام، “ما زالت في تحدٍ مستمر للنظام بشكل علني، وهو ما ظهر خلال الانتخابات الرئاسية الصورية الأخيرة، حيث كانت درعا في حالة ثورة عامة رافضة شرعية النظام وقاطعت العملية”.
وأوضحت أنه على الرغم من مضي ثلاث سنوات على اتفاق المصالحة، لم يتم الوفاء بالوعود الرئيسية التي قدمها النظام في ما يتعلق بالخدمات العامة، مما أدى إلى مزيد من الانشقاق والعداء بين أجهزة النظام الأمنية وسكان المنطقة.
وأكدت “فورين بوليسي” أن نظام الأسد “لا يمكنه التسامح مع مثل هذه المعارضة العلنية في دولة الأسد البوليسية الاستبدادية”، إذ رد بشن هجوم عسكري جديد على المحافظة نهاية شهر حزيران/يونيو، وفرض حصاراً على حي درعا البلد، ما يعرض حياة آلاف المدنيين للخطر.
واعتبرت أن محاولات النظام لإعادة روايته “الحرب على الإرهاب” في تبرير حربه الوحشية ضد شعبه، قد أحبطتها درعا، التي حافظت على تكوينها العلماني والديمقراطي.
——————-
\
======================
تحديث 17 آب 2021
—————————–
جنوب سوريا: رفض شعبي لخريطة الطريق الروسية في درعا/ هبة محمد
دمشق – لـ«القدس العربي» : أعلنت لجنة التفاوض في درعا جنوب سوريا، عبر الناطق الرسمي باسمها، المحامي عدنان المسالمة رفض خريطة الحل الروسية إزاء حواران، وقال المسالمة في بيان نشره على حسابه الشخصي عبر موقع «فيسبوك» إن اللجنة ترفض أي بند يمس بأمن وكرامة أهالي درعا، موضحاً أن البنود الروسية والمقترحة تحت مسمى «خريطة طريق» هي رهن التشاور والتداول للجميع.
ووفقاً لمصادر مسؤولة لـ«القدس العربي» فقد تضمنت خريطة الحل الروسية، بنوداً تنص على تسليم السلاح الخفيف والمتوسط والثقيل، وتهجير غير الراغبين بالتسوية إلى الشمال السوري، وإعادة المنشقين عن جيش النظام إلى قطعهم العسكرية.
كما يقضي المقترح الروسي بالسماح لقوات النظام وأفرعه بالبحث عن المطلوبين الذين لم يخضعوا للتسوية، وتسيير دوريات مشتركة للقوات الروسية ومخابرات النظام، وإنشاء نقاط تفتيش في محيط درعا.
المتحدث باسم تجمع أحرار حوران، عامر الحوراني اعتبر في حديث مع «القدس العربي» أنه «لا حلول في درعا قبل تسليم السلاح وتهجير الرافضين ولا حلول من غير السماح لقوات النظام بالتمركز في كل شبر من درعا، فالمشروع الروسي بني على إعطاء النظام الحق في الاعتقال والتهجير والتنكيل بأهالي المحافظة، كما فعل سابقاً وسيفعل لاحقاً» معتبرًا ان «الخارطة الروسية هي نسخة مشوّهة من اتفاق 2018 وهي مبادرة ولدت ميتة لكن الظروف التي يعاني منها أهالي درعا تجعلهم مرغمين على القبول بالحد الأدنى منها درءًا لما هو أعظم».
وقال المتحدث «تشترط روسيا تسليم الأسلحة والذخائر وتهجير رافضي التسوية إلى الشمال، لتبقى الساحة للنظام وإيران، اللذين لا شك أنهما سيسيطران على ما تبقى من مناطق، بعد القبول بإملاءات الطرف الروسي، في المقابل لم تتضمن خريطة الحل الروسية أي مطالبات للنظام السوري بسحب ميليشيات الغيث التابعة للفرقة الرابعة، ومن معها من ميليشيات حزب الله اللبناني، وقوات أسود العراق، ولواء أبو الفضل العباس، ولواء الرسول الأعظم، المتواجدين في محيط مدينة درعا التي لا تبعد عن الحدود الجنوبية لسوريا أكثر من 10 كم».
واعتبر أن النظامين الروسي والسوري يحاولان من خلال خريطة الطريق، شق الصف في درعا بين لجنة المفاوضات وأبناء درعا، وذلك «من خلال الإيحاء للأهالي بأن اللجنة وافقت على الخطة وأن الكرة أصبحت في ملعب أبناء درعا وشبانها الرافضين للتسوية الجديدة التي فيما لو تمت ستكون المسمار الأخير في نعش المحافظة ونقلها إلى السيطرة الإيرانية بشكل كامل، وتبقى بذلك الكلمة الفصل لأبناء درعا الذين باتوا يحملون وعياً كبيراً بعد تجربة تسوية 2018، التي لم يلتزم بها الروسي والنظام بنسبة كبيرة جداً مما تم الاتفاق عليه».
وللمقارنة بين اتفاقي 2018 وخريطة 2021 قال الحوراني «هناك تشابه كبير، فالجانب الروسي فرض اتفاق تموز 2018 وأوهم الأهالي بقرب الإفراج عن أبنائهم من معتقلات النظام، وعودة الجيش إلى ثكناته العسكرية، ووقف كامل للعمليات العسكرية في المنطقة، وكانت نتائج الاتفاق اعتقال نحو 2400 من أبناء المحافظة، وعمليات اغتيال فاقت 750 عملية كثير منها استهدفت كل من يرفض الوجود الإيراني في المنطقة سرًا أو جهرًا، فضلًا عن تسهيل خروج الآلاف من الشبان إلى الشمال المحرر وتركيا، ولاحقًا إلى لبنان وليبيا».
و نقل أحد وجهاء درعا وعضو لجنة التفاوض أبو علي المحاميد لـ «القدس العربي» رفض الأهالي للحل الروسي وقال «نحن في درعا البلد وطريق السد والمخيمات نرفض خريطة الطريق التي قدمها الروس ولا نوافق عليها، لأنها هي عبارة عن إملاءات وشروط من النظام، هو من كتبها، ثم قدمها عن طريق الروس لكي يظهر الروس بدور الضامن والوسيط».
وطالب بتهجير الأهالي «بشكل جماعي لأننا لا نريد الحرب لكي نحفظ أرواحنا وأرواح أطفالنا ونسائنا واهلنا» مؤكداً أن النظام لم يلتزم بالاتفاق وهو ينفذ عمليات قصف بشكل يومي.
وحول الخيارات المطروحة قال عضو لجنة المفاوضات «الخيار العسكري مطروح وربما يرتكب النظام حماقة ويقوم باقتحام الأحياء المحاصرة، ولكن إذا حصل ذلك سنكون مجبرين ان ندافع عن أنفسنا وأهلنا حسب قدراتنا، ولأننا نرفض الحرب نطالب بنقلنا إلى الشمال السوري أو الأردن».
وأوضح المتحدث أن روسيا هي من ترفض التهجير الجماعي «فهي من تسعى لإعادة اللاجئين والمهجرين وأقامت قبل مدة قصيرة مؤتمراً لهذا الغرض، لذلك فكيف من يسعى لإعادة اللاجئين والمهجرين، يدخل اليوم في عملية تهجير أهالي درعا» مضيفاً «لكن النظام لا يأبه لذلك هو لديه استعداد لجلب المليشيات الشيعية وإسكانها بدرعا لتكون ورقة ضغط على الأردن ودول الخليج».
القدس العربي»
—————————
درعا اليوم تفتقد قلق بان كي مون الأممي!/ جمال الشوفي
لم تنتهِ قضية درعا البلد بعد، فلا أهالي درعا استطاعوا فرض شروطهم، ولا الفرقة الرابعة والميليشيات الطائفية التي تساندها استطاعت ذلك! هنا يبرز القول الذي مفاده أن روسيا لم تتدخل جويًا، ما أظهر ضعف وعجز القوات البرية المهاجمة. ويبدو أن هذا صحيح بالمبدأ، حسب التاريخ السابق في مجريات الحدث السوري وتاريخ تهجير مدنه في السنوات الأخيرة.
لم تتدخل روسيا هذه المرة لسببين: أولهما أنها تريد فرض حواجز الفيلق الخامس ولوائه الثامن، بقيادة أحمد العودة المتمركز في بصرى، والتابعة قيادته لها مباشرة بعد مصالحات 2018، وهو ما رفضه أهالي درعا البلد بدايةً، والسبب الثاني أنها لا تريد أن تسمح للفرقة الرابعة والميليشيات الإيرانية بالسيطرة على الخط الدولي الذي يُفتح باتجاه الحدود الأردنية والمعبر الحدودي بنصيب، من دون أن تظهر أنها ضدهم بشكل مباشر، وذلك تنفيذًا لالتزاماتها مع الأميركان عبر الوسيط الأردني.
روسيا تريد السيطرة على الخطوط البرية، بدءًا من الشمال امتدادًا إلى الجنوب، من دون منافس لها، وتريد الاستغناء في الوقت نفسه عن مساندة الميليشيات البرية التابعة لإيران، وهي التي تعوز وجود قوات برية لها على الأرض، وتحتاج إلى قوات بديلة عنها، تحاول فرضها عن طريق المصالحات وتقوية حضورها في الواقع السوري، بوضع الناس أمام خيارين: إما المصالحة وفق شروطها وتبعيتها، وإما إيران! لتظهر بالنتيجة كراعي سلام، أمام سكان المناطق السورية والمجتمع الدولي، ينفذ مقررات مجلس الأمن 2254. حتى تؤهل نفسها للاستفراد بالحل السوري على طريقتها وتحت وصايتها المفردة، فهل ستنجح خططها الجيوبوليتيكية هذه التي عملت عليها منذ معركة حلب الكبرى نهاية 2016؟ هذا مرهون بالتوازنات الدولية ومصير الملف السوري في أروقة الأمم المتحدة، والأمم المتحدة لم تُبدِ “قلقًا” تجاه ما يجري بدرعا البلد! فإن كان ما تريده روسيا مفهومًا نسبيًا، وما تريده الميليشيات الإيرانية متضحًا كليًا! فماذا تريد الأمم المتحدة؟
لا يخفى على أحد من متتبعي السياسات الدولية أنّ الأمم المتحدة أسيرةُ سياسات الدول الرئيسة فيها، وأن مواثيقها الدولية والإنسانية ليست للتطبيق في مجتمعات ودول هامشية فيها تُعدّ بمنزلة حقول تجارب ومناطق نزاع ونفوذ لها. يرعى كل طرف فيها أدوات هيمنته في هذه الدول، ويغذيه بغية تحقيق مصالحها وأمنها القومي وإستراتيجيتها. فمنذ وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، تشكلت هيئة الأمم المتحدة على خلفية عصبتها (عصبة الأمم المتحدة) التي رعت ونفذت سياسة الوصاية الدولية على دول المنطقة بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، فهل انتهى الدور المناط بمنظمة الأمم المتحدة في الحفاظ على السلام العالمي واستقراره، وانتقلت إلى مرحلة جديدة لإعادة رسم خارطة العالم الذي نعيشه شرق المتوسط تحت وصاية متعددة الأطراف على مرأى من “عينها”!؟
الأممُ المتحدة التي وضعت في مواثيقها وأعرافها الدولية صيانةَ حقّ الشعوب في تقرير مصيرها وحمايتها، وجعلته أولوية في استقرار الأمن والسلام العالمي، لدرجة التدخل تحت الفصل السابع لمجلس الأمن، عند تهديد المدنيين في دولةٍ ما أو أي رقعة من العالم! وهو الأمن والسلام العالمي الذي دأبت كل الشرائع والمنظمات الحقوقية تسعى لترسيخها ثقافة وسلوكًا عالميًا، بغية تجاوز عقبات وويلات الحروب، خاصة بعد الحربين العالميتين في مطلع القرن العشرين، هي ذاتها اليوم تقف مكتوفة الأيدي “طوعًا”، بل إنها ساهمت في اقتلاع سكان المدن السورية من جذورها، مدينة تلو الأخرى، ووقفت شاهدة فعلية على التغيير الديموغرافي فيها، من داريَّا، إلى حلب، إلى الغوطتين… وعموم درعا سابقًا، وصولًا اليوم إلى درعا البلد!
منذ العام 2012 حتى الآن، تتالت البعثات الدولية الأممية إلى سورية، بدءًا من بعثة الفريق الدابي، إلى كوفي عنان، فالأخضر الإبراهيمي، فديمستورا، وصولًا إلى غير بيدرسون اليوم. وأيضًا البعثات الدولية للتحقيق في استخدام الأسلحة الكيمياوية والمحظورة دوليًا، وكلّها دأبت “حسب ما تدّعي علنًا” على البحث والتقصي عن حل سلمي سياسي في سورية! الأمم المتحدة ذاتها التي صرّحت، مرارًا وتكرارًا، بعجزها عن تنفيذ البنود الأولى لاتفاق جنيف 1، ومن خلفه القرار 2245/2015 القاضي بالتغيير السياسي وتشكيل حكومة وحدة وطنية تتقاسمها مثالثة النظام والمعارضة والمجتمع المدني. حتى تلك القرارات الخاصة بإيصال المساعدات الغذائية والطبية والإنسانية، إلى المدن المحاصرة في حينها، كبوادر حسن نية للتفاوض المزمع بغية إيجاد الحل السياسي “السحري”، تحولت إلى قرارات تنفذ سياسة التهجير والتغيير الديموغرافي، لا بل باتت ترعاه! وهي ذاتها شاهدت وراقبت عن كثب نزوح وتهجير الملايين السوريين عبر قوارب الموت البحرية إلى كل شتات العالم وأرضه، بحثًا عن ملجأ آمن من الموت المحكم في سورية!
هذا ليس نقدًا بالعمق لهيئة الأمم المتحدة، ولا لمعاييرها المزدوجة، ولا لسياسات الغرف المقفلة، لكنه تساؤل علني يؤرق يومنا: هل استنفدت هيئة الأمم المتحدة وسائلها وأهدافها الأولى، وانتقلت إلى مرحلة جديدة أو تسمية جديدة ستُفصح عن نفسها قريبًا؟ فكلّ من عصبة وهيئة الأمم تشكلت عقب حرب عالمية كبرى، فهل الحرب السورية حرب عالمية تتستر قواها العظمى خلف الستارة، لتفتح هيئة الأمم المتحدة ومنظماتها عينًا وتغمض أخرى عن واقع ودمار المدن السورية المدينة تلو الأخرى؟ وهل سننتقل قريبًا إلى نموذج الوصاية المشتركة على أرض وواقع وحطام المدن السورية، ونصحو على مسمى جديد، للاتحاد الدولي المتناقض هويةً، والمتفق مصلحةً، على الدمار السوري وتغيير ديموغرافيته ووأد الربيع العربي فيه؟
قدّم أهالي درعا البلد اليوم نموذجًا مميزًا في فرادة التعاطي مع المرحلة ومتغيراتها والأمم المتحدة في الوقت ذاته، فقد طالبوا بداية بتهجيرهم كلّهم! فقد أنفت نفوسهم شرور الموت والخذلان، واتفاقات ما تحت الطاولة. ولكنهم غفلوا حقيقة عما تريده روسيا، بفرض حواجز اللواء الثامن داخلها، ما يفسّر الطريقة التي تعاملت بها روسيا أمام ما يجري إلى اليوم، سواء بعدم تدخلها الجوي كما هو معهود، أو لعبها دور الوسيط في المفاوضات. وأظن، وبعض الظن إثم، فأهل مكة أدرى بشعابها، أن هذا أفضل الحلول الممكنة في هذه المرحلة. ولربّما يطرح شكل تفاهم جديد بين أهالي درعا عامة، بعد عمق الخلافات التي شابتها بعد مجريات 2018 التي تقسمت على إثرها درعا لثلاث مناطق: بصرى والقرى الشرقية تحت الوصاية الروسية وبقيادة اللواء الثامن؛ طفس وبلدات المنطقة الغربية المحاذية للقنيطرة التي تدخل باتفاقات عدم وجود قوات النظام فيها؛ ودرعا المدينة والبلدات الشمالية، مختلطة التركيبة وأقلّ تلك المناطق استقرارًا.
ما زال أبناء درعا يرددون ما كان يقال على سبيل الطرفة، في أوائل 2011، عن لسان أوباما، حين تُذكر أمامه تظاهرات درعا، فيسأل: درعا البلد أو المحطة! بينما كان “بان-كي مون” في الأمم المتحدة دائم التعبير عن قلقه المستمر! أما اليوم فلا غوتيرس يشعر بالقلق، ولا بايدن يظهر مواقفه، وإن كانت على سبيل الطرفة! وتبقى المدن السورية إلى اليوم شاهدًا على عيبٍ في تركيبة الأمم المتحدة ومجلس أمنها، والمبنية أساسًا على سياسة المنتصر في حربها العالمية، ويبدو أنها لن ترعى سوى هذه السياسة! وعلى السوريين، كل السوريين، وخاصة أبناء درعا اليوم، ومثلهم أبناء السويداء، استعادة طرق الحوار بينهم، واسترجاع أواسط الثقة والأسس الوطنية التي كانوا عليها وما زالوا، مهما عبثت فيهم أدوات الموت والحرب من كل جهة؛ فالمدن وإن هجرناها تبقى هي التي تسكننا، نحملها ولا نتركها، وهذا تاريخ لن يغيره أبدًا عيوب المرحلة وضيق حلولها المقيتة، فما لليوم لليوم، وما للغد لناظره قريب.
مركز حرمون
———————————-
رفض لـ”خريطة استسلام” درعا البلد: بنود تحقق أهداف النظام السوري/ أمين العاصي
يسود الترقب في أحياء درعا البلد بمدينة درعا في جنوب سورية، بعدما قدم الجانب الروسي خريطة حل لوفد الأهالي المفاوض والمنبثق من “اللجنة المركزية” في عموم محافظة درعا، لوضع حد للأزمة التي افتعلها النظام السوري، بعدما فرض حصاراً على الأهالي، في إطار مساعيه لوضع يده بالقوة على كامل محافظة درعا. وتشير معطيات من درعا البلد، إلى أنّ هذه الخريطة لم تجد قبولاً من الأهالي، بسبب تضمنها بنداً حول تسليم السلاح الموجود لدى المدافعين عن السكان في هذه الأحياء، إضافة إلى تهجير من لا يقبل الخضوع لسلطة النظام.
وكشف المتحدث الرسمي باسم “لجنة المفاوضات في درعا”، المحامي عدنان المسالمة، بنود مشروع الاتفاق الذي تم التداول فيه أول من أمس الأحد، بين “اللجنة المركزية” في درعا والنظام السوري، برعاية روسية. ويتضمّن الاتفاق، الذي لم يقر رسمياً حتى أمس، تسليم السلاح الموجود في درعا البلد بكل أنواعه، وتسوية أوضاع من يرغب في البقاء، وتهجير الرافضين للاتفاق إلى الشمال السوري. وأوضح المسالمة، في منشور عبر حسابه بموقع “فيسبوك”، أنه “جرى الأحد تشكيل مركز التنسيق المكلف بتنظيم وإجراء مفاوضات ومحادثات لإيجاد حل في درعا البلد بالطرق السلمية، والإشراف على الأوضاع ومراقبة تنفيذ خريطة الطريق”، مؤكداً أنّ “اجتماع (الأحد) حضره كل من ممثلي روسيا والنظام السوري واللجنة المركزية في درعا”.
ولفت المسالمة إلى أنّ اللجة المركزية قدمت لائحة بأسماء جميع المعتقلين، وطالبت بإطلاق سراحهم، ووقف كل الخروقات التي تقوم بها القوات المحاصرة لدرعا البلد، والالتزام باتفاق وقف إطلاق النار. ولكنه عاد ليؤكد أن “نشر اللجنة لبنود خريطة الحل، لا يعني الموافقة عليها، بل من واجبنا إطلاع الجميع على ما يردنا، وليس هناك ما نخفيه عن أهلنا”.
ومن الواضح أن بنود خريطة الحل تصبّ في صالح النظام السوري الذي يخوّله الاتفاق بسط سيطرته على أحياء درعا البلد، وتهجير كل المعارضين الذين يشكلون خطراً عليه، مع نشر حواجز لقواته وأجهزته الأمنية في هذه الأحياء. وفي السياق، نقلت صحيفة “الوطن” التابعة للنظام، عن مصادر وصفتها بـ”وثيقة الاطلاع”، تأكيدها “أن مضمون خريطة الحل الشامل في درعا، والتي سلّمتها اللجنة الأمنية (تابعة للنظام) لما تسمى اللجان المركزية، تتضمّن جمع كل السلاح الموجود لدى المسلحين، وترحيل الرافضين لها، وتسوية أوضاع الراغبين من المسلحين”. وأكدت أنّ الخريطة “تتضمّن تسليم السلاح الخفيف والمتوسط والثقيل ودخول قوات النظام إلى كل المناطق، مع التفتيش على السلاح والذخيرة، وعودة مؤسسات النظام إلى كل المناطق”.
وتعيد خريطة الحل الروسي إلى الأذهان الاتفاقات التي جرت في غوطة دمشق الشرقية في عام 2018، إذ تضمنت البنود نفسها التي سرعان ما تجاوزها النظام السوري، وهو ما وضع عشرات آلاف المدنيين في مدن وبلدات الغوطة تحت وطأة قبضة أمنية ثقيلة، وهو ما يخشاه المدنيون اليوم في أحياء درعا البلد. وليس بيد اللجنة المركزية في محافظة درعا، أوراق قوة تمكنها من التوصل إلى اتفاق يرضي الأهالي، إذ من الواضح أنها تفتقد لأي مساندة إقليمية.
وفي هذا الإطار، قال المحلل العسكري العميد أسعد الزعبي (المنحدر من محافظة درعا)، في حديث مع “العربي الجديد”، إنّ “خريطة الحل الروسي لا تختلف في شيء عما طرحه الروس أنفسهم منذ البداية”. وأضاف: “كل بنود الخريطة استسلام وشروط غير مقبولة على الإطلاق، وتلبي مطالب النظام”، مشيراً إلى أنه على الرغم من ذلك، فإنّ “هذا النظام لن يلتزم بها، لأنه يريد قتل أبناء حوران (تسمية محلية لمحافظة درعا) أو التخلص منهم بشتى السبل؛ اغتيال أو اعتقال أو تهجير، فالنظام لا يريد أحداً من أبناء المحافظة التي أشعلت الثورة”. وكانت شرارة الثورة السورية بدأت من الجامع العمري في أحياء درعا البلد، في مارس/آذار من عام 2011، لذا تكتسب هذه الأحياء رمزية عالية لدى الشارع السوري المعارض. ومن الواضح أن النظام يريد نصراً إعلامياً من وراء سيطرته على هذه الأحياء، ورفع علمه على الجامع العمري، في رسالة مفادها بأنّ الثورة هُزمت وبأنه حقق انتصاراً على معارضيه في كل أنحاء سورية.
في هذه الأثناء، يواجه آلاف المدنيين أزمة إنسانية ومعيشية مع نفاد الغذاء والدواء بعدما تجاوز الحصار المفروض على هذه الأحياء من قبل قوات النظام الخمسين يوماً.
ووصف الناشط الإعلامي، أحمد المسالمة، في حديث مع “العربي الجديد”، الأوضاع في درعا البلد بـ”الكارثية”، مشيراً إلى أنّ “هناك رفضاً شعبياً لخريطة الحل الروسي لأنها لصالح النظام”. وأضاف أنه “وفق خريطة الحل الروسي، سيدخل النظام إلى أحياء درعا البلد بكل مؤسساته”. ولفت إلى أنّ الخريطة “لا تتضمن أي بند يشير إلى انسحاب قوات النظام من محيط أحياء درعا البلد، لذا من المتوقع أن تنتشر عناصر الفرقة الرابعة وحزب الله اللبناني ومليشيات محلية مرتبطة بالنظام، داخل هذه الأحياء”.
وفي السياق ذاته، أوضح “تجمع أحرار حوران” المعارض، أنّ خريطة الحل الروسي “تعطي النظام الحق في الاعتقال والتهجير والتنكيل بأهالي المحافظة، كما فعل سابقاً وسيفعل لاحقاً”، مشيراً في بيان له أمس الإثنين، إلى أنّ هذه الخريطة “نسخة مشوّهة من اتفاقات 2018″، في إشارة إلى اتفاقات التسوية. واعتبر أنّ “مبادرة كهذه تولد ميتة في العادة، لكن الظروف التي يعاني منها أهالي درعا تجعلهم مرغمين على القبول بالحد الأدنى منها درءاً لما هو أعظم”. وأوضح أن هذه الخريطة “لم تتضمن أي مطالبات للنظام السوري بسحب مليشيات الغيث التابعة للفرقة الرابعة، ومن معها من مليشيات حزب الله اللبناني، وقوات أسود العراق، ولواء أبو الفضل العباس، ولواء الرسول الأعظم (كلها مليشيات تتبع الحرس الثوري الإيراني) الموجودة في محيط مدينة درعا التي لا تبعد عن الحدود الجنوبية لسورية أكثر من 10 كيلومترات”.
كما أوضح التجمّع أنّ “الاتفاقات التي أبرمت بين فصائل المعارضة السورية والنظام في درعا في منتصف عام 2018، نصت على إطلاق سراح المعتقلين من سجون النظام، وعودة الجيش إلى ثكناته العسكرية، ووقف كامل العمليات العسكرية في المنطقة، ولكن كانت النتائج اعتقال نحو 2400 من أبناء المحافظة، وعمليات اغتيال فاقت 750 عملية، كثير منها استهدف كل من يرفض الوجود الإيراني في المنطقة؛ سراً أو جهراً، ناهيك عن تسهيل خروج الآلاف من الشبان إلى الشمال المحرر وتركيا ولبنان وليبيا”. واعتبر التجمّع الذي يضم صحافيين وناشطين من محافظة درعا، خريطة الحل الروسي في حال إقرارها “المسمار الأخير في نعش المحافظة”، مشيراً إلى أنها “تنقل درعا إلى السيطرة الإيرانية بشكل كامل”.
——————————-
تجدد الاشتباكات في درعا ومحيطها والنظام السوري يداهم مناطق في مدينة الحارة/ جلال بكور
تجددت الاشتباكات، فجر اليوم الثلاثاء، بين قوات النظام السوري ومجموعات معارضة في منطقة درعا البلد، فيما دارت اشتباكات وقصف متبادل بين الطرفين في عدة مناطق بريف محافظة درعا جنوبيّ البلاد.
وقال الناشط محمد الحوراني، لـ”العربي الجديد”، إنّ اشتباكات وقعت بين مجموعات من مدينة درعا وقوات النظام على محوري القبة والكازية في درعا البلد، جراء محاولة قوات النظام التقدم بالتزامن مع استهداف مكثف بالرشاشات الثقيلة للمنطقة.
وأوضح الناشط أنه لم تسجل خسائر بشرية من جهة المعارضة، مشيراً إلى أنّ الاشتباكات جاءت بعد قصف مدفعي من قوات النظام السوري على أطراف مدينة طفس غربيّ درعا، قابله هجوم من مسلحين في ريف درعا الشرقي على حاجز للنظام في أطراف بلدة صيدا.
وقالت مصادر محلية، لـ”العربي الجديد”، إنّ قوات النظام قصفت منطقة مبنى الري في بلدة اليادودة غربيّ درعا، وقصفت أيضاً مناطق في بلدة صيدا شرقيّ درعا بالدبابات، ما أدى إلى وقوع أضرار مادية فقط، مضيفة أنّ عنصراً من “الفرقة الرابعة” قد قتل، بعد هجوم شنّه مجهولون في مدينة الشيخ مسكين.
وقالت المصادر إنّ قوات النظام داهمت عدة منازل في مدينة الحارة شماليّ درعا، بعد استقدام تعزيزات عسكرية إلى نقاطها القريبة من طريق معبر نصيب الحدودي مع الأردن.
وتحدثت المصادر عن مقتل امرأة بهجوم من مسلحين مجهولين في مدينة الصنمين بريف درعا الشمالي.
ويسود، منذ صباح اليوم الثلاثاء، هدوء حذر في معظم المناطق وسط ترقب من السكان في عموم درعا لما ستؤول إليه جولات التفاوض بين اللجنة المركزية والنظام برعاية روسية حول خريطة الحل الروسي المقترحة، علماً أن تلك الخريطة لاقت رفضاً من معظم مكونات المنطقة.
من جهته، دعا الشيخ أحمد الصياصنة، إمام المسجد العمري السابق في درعا البلد (مهد الثورة السورية) عبر فيديو مصور، الأهالي، إلى “عدم الوقوع في الفخ الروسي وفخ النظام السوري مرة أخرى، كما وقعوا فيه عام 2018 باتفاق المصالحة والتسوية”.
وقال الصياصنة إنّ “النظام والروس ليسوا أصدقاء، وقاموا بتدمير كل البنى التحتية”، داعياً إلى “عدم توقيع أي اتفاق مذل أو مهين مع النظام”، وردد شعارات مثل “الموت ولا المذلة، الجوع ولا الركوع” و”عدم العيش بلا كرامة”، داعياً أيضاً الأهالي إلى عدم تسليم السلاح، بسبب عدم وجود ضمانات بأن يلتزم النظام الاتفاق، محذراً من الدور الإيراني.
وبحسب ما نشرته وسائل إعلام النظام السوري، تتضمن خطة الحل الروسية أو “خطة الطريق” التي ستنفذ على مدى 15 يوماً، جمع السلاح الموجود في درعا البلد وترحيل الرافضين للاتفاق وتسوية أوضاع الراغبين في البقاء، وتسليم سلاح المجموعات الخفيف والمتوسط والثقيل، ودخول قوات النظام إلى المناطق التي ينتشر فيها مسلحون، والتفتيش عن السلاح والذخيرة وعودة “مؤسسات الدولة” إلى كل المناطق.
وكان الناطق باسم اللجنة المركزية عدنان المسالمة، قد أشار، الأحد الماضي، في تصريحات له، إلى أنّ نشر خطة الحل التي عرضها الجانب الروسي لا يعني الموافقة عليها، مشيراً إلى أنّ البنود المطروحة لا تزال رهن التشاور والتداول بين جميع الأطراف. وجاءت تصريحات المسالمة بعد رفض الخطة من معظم المعارضين للنظام في درعا.
العربي الجديد
——————————
خلدون الزعبي يحافظ على فصيله في درعا رغم الضغط لترحيله
شهدت مدينة طفس في ريف درعا الغربي، في 17 من آب الحالي، تعزيزات عسكرية لقوات “الفرقة الرابعة” التابعة للنظام السوري وتثبيت حواجز ونقاط جديدة في محيطها، ما أعاد الحديث عن لواء “فجر الإسلام”، وقائده خلدون الزعبي، إلى الواجهة.
وشُمل فصيل الزعبي باتفاق “التسوية” بضمانة روسية عام 2018، إذ سلم أسلحته الثقيلة والمتوسطة، لكنه بقي في مقراته العسكرية، محافظًا على الأسلحة الفردية وقوام فصيله.
وكان فصيل “فجر الإسلام” أحد أهم فصائل “الجبهة الجنوبية”، خلال سيطرة فصائل المعارضة على مناطق واسعة من الجنوب السوري، إذ شارك بمعارك عديدة ضد النظام السوري وتنظيم “الدولة الإسلامية”، وكان يتخذ من مدينة طفس مقرًا له.
وبسبب الطبيعة العشائرية التي طغت على هيكلة الفصيل سابقًا، حافظ لواء “فجر الإسلام” على تشكيلته، ما أثار حفيظة قوات “الفرقة الرابعة”، والتي قصفت مقراته في مدينة طفس، مطلع العام الحالي، وحاولت اقتحام المدينة، إلا أن المشكلة انتهت بوساطة من “اللواء الثامن” المدعوم روسيًّا.
ولا يزال قائد لواء “فجر الإسلام”، خلدون الزعبي، مستقرًا في مدينة طفس حتى اليوم مع قسم ليس قليلًا من مقاتليه، على الرغم من مطالب النظام السوري المتكررة لترحيله إلى الشمال السوري.
من هو خلدون الزعبي
يعرف عن خلدون الزعبي، الملقب بـ “أبو عزام”، أنه من سكان مدينة طفس، وهو القائد العام لـ”لواء فجر الاسلام”، الذي كان يعتبر من أهم وأكبر الفصائل الجنوب، رفقة فصيل “المعتز بالله” الذي يقوده أبو مرشد البردان.
تطغى الصبغة العشائرية على تركيبة الفصيل، وعليه بقيت العلاقة بين الزعبي ومقاتليه قائمة، واحتفظ بمقراته المحيطة بمدينة طفس، كما امتلك أراضي واسعة تتبع لمديرية الإصلاح الزراعي بمحافظة درعا، والتي استثمرها لأغراض الزراعة بعد توقف العمليات العسكرية في المنطقة، بحسب مراسل عنب بلدي في درعا.
وفي كانون الثاني من العام الحالي، طلبت قوات النظام من الزعبي إخلاء أحد مقراته الواقعة في منطقة الري الجنوبي. وبعد رفضه إخلاء المقر، قصفت دبابات النظام المقر، إلا أن المشكلة انتهت بوساطة من “اللواء الثامن” حافظ خلالها الزعبي على المقر دون تسليمه للنظام.
وكان اسم خلدون الزعبي يرد بشكل مستمر خلال مطالب النظام بترحيل بعض الأشخاص إلى الشمال السوري، وسرعان ما توقفت هذه المطالب بعد تدخل من عشائر المنطقة في شباط الماضي، والتي سمحت لقوات النظام بتفتيش مدينة طفس بحثًا عن أسلحة، لتنسحب بعدها إلى مواقعها في محيط المدينة.
إلى أين تتجه الأمور في طفس
انشأت قوات النظام اليوم، نقطة عسكرية جديدة في مركز العنفة الحكومي، شمال مدينة طفس بريف درعا الغربي، وبذلك فصلت مدينة طفس عن مدينة داعل وبلدة الطيرة، الأمر الذي اعتبره قيادي سابق بفصائل المعارضة، تمدد بطيء من قبل النظام في ريف المحافظة، مستغلًا تمركزه في نقاط حساسة في ريف مدينة طفس، ليحكم من خلالها السيطرة في حال قرر اقتحام مدينة طفس مستقبلًا.
وبحسب مراسل عنب بلدي في درعا، قطع عناصر وآليات ثقيلة تتبع لقوات النظام الطريق الزراعي شمال مدينة طفس، والذي كان يصل مدينة طفس بمدينة داعل من جهة الشمال الغربي، وببلدة الطيرة من الجهة الشمالية.
بعد أن عززت قوات النظام في وقت سابق حاجز تل السمن شرق العنفة، والحاجز الرباعي على طريق الشيخ سعد المحاذي للمدينة من الجهة الغربية.
وتأتي هذه التطورات، على خلفية استهداف نقاط عسكرية لقوات النظام من قبل مقاتلين محليين في ريف درعا الغربي، في وقت تشهد فيه محافظة درعا توترات وتهديد لقوات النظام السوري، باقتحام درعا البلد.
الزعبي رافض لتسليم السلاح
خلال حديث أجراه قائد لواء “فجر الإسلام” خلدون الزعبي مع وكالة “نبأ” المحلية، في 14 من آب الحالي، قال إن أبناء المنطقة لا يثقون بروسيا كـ”ضامن”، مشيرًا إلى أن أبناء حوران يتعرضون لضغوط في سبيل تسليم السلاح وهو ما يرفضونه بشكل قاطع.
وأضاف الزعبي خلال حديثه للوكالة، أن “خارطة الحل” الروسية لن ولم تختلف كثيرًا عمّا جاء به الضابط الروسي السابق “أسد الله”، من مطالب إلى مدينة درعا قبل نحو شهر ونصف، وأبرزها تسليم مجموعات المعارضة سلاحها الخفيف.
أبناء المنطقة ومن بينهم الزعبي يرفضون تسليم الأسلحة، بحسب القيادي، لعدم التزام روسيا بضماناتها بمنع الميليشيات التابعة لإيران والنظام من الهجوم على المدن والبلدات في درعا.
واعتبر الزعبي أن أهالي درعا تفاءلوا باتفاق “تسوية 2018″، خاصة وأنه جرى بتوافق دولي، لكن عودة الميليشيات الإيرانية وعدم تطبيق النظام لبنود الاتفاقية واستمرار الهجمات والاعتقالات يدفع الأهالي إلى عدم الوثوق بروسيا اليوم، كون النظام يسعى إلى فرض سيطرته المطلقة على المحافظة وهذا ما لا يريده الأهالي.
وأشار إلى أن “الفرقة الرابعة” الموجودة في درعا غطاء للميليشيات الإيرانية التي تسعى إلى التغلغل في درعا، وبدأت بهذا المشروع لوضع يدها على جميع المناطق المحاذية للحدود مع الأردن والجولان المحتل.
وطالب الزعبي “لجان التفاوض” في درعا البلد، بعدم القبول بأي اتفاق يفضي إلى تسليم السلاح، مؤكدًا أنه “وسيلة الدفاع الوحيدة أمام النظام والميليشيات الإيرانية”.
خارطة طريق لا تحظى بالقبول
وكان الوفد الروسي في درعا طرح، مساء الأحد 15 من آب الحالي، على لجان المفاوضات “خارطة طريق” تحمل بنود لحل أزمة التصعيد العسكري في مدينة درعا البلد، فيما يخص منطقة درعا البلد.
وتضمنت “الخارطة” إجراءات العمل مع قوات النظام السوري وأجهزته الأمنية والإجراءات التي ستُتخذ بحق قوات المعارضة المحلية، والتي تضمنت إخراجهم إلى الشمال السوري وتسليمهم أسلحتهم.
لكن هذه البنود تقابل برفض من ناشطين ومقاتلين داخل مدينة درعا، إذ هدد مقاتلون محليون في مدينة درعا البلد من يفكر بتسليم سلاحه للنظام السوري بأنه “سيعتبر هدفًا مشروعًا لمقاتلي المدينة”، بحسب مراسل عنب بلدي في درعا.
وقال أحد وجهاء درعا “أبو علي محاميد”، لعنب بلدي، إن “خارطة الطريق” لا يمكن أن تحظى بقبول أهالي درعا البلد بشكلها الحالي، كما لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع بسبب وجود معوقات كثيرة.
وأشار إلى طلب الروس تسليم الأسلحة بالتزامن مع وجود الميليشيات التابعة لإيران وقوات النظام في محيط المدينة من كل جانب، معتبرًا أن غياب ضمانة عدم محاولة هذه الميليشيات اقتحام المدينة يشكّل عائقًا إضافيًا أمام تطبيق بنود الاتفاقية.
عنب بلدي
—————————
درعا تمنح السوريين فرصة ذهبية لاستعادة القرار الوطني، واستلام زمام المبادرة من جديد
ان الصمود الاسطوري الذي تقفه درعا وحوران بوجه الغزاة وبقايا عصابات نظام الشبيحة لمدة شهرين كاملين يعطي قوى الثورة السورية في كل أماكن تواجدها الفرصة الذهبية الكبرى لتغيير ميازين القوى لصالحها. وتمنح الفرصة الكبيرة الى استلام زمام المبادرة والتحرر من املائات وهيمنة القوى الاقليمية على قرارها الوطني.
ففي حوران وحول درعا المحاصرة تحشد اربعة فرق عسكرية للنظام، وهي الفرقة الرابعة والخامسة والتاسعة والخامسة عشر، بالاضافة الى عصابات المرتزقة الايرانية وعصابة حزب الله اللبناني. وهذا ما يشكل قرابة ال 40 % من مجموع قوات النظام العاملة على الارض السورية، والنظام بالتالي غير قادر على حشد قوات اضافية الى اي مكان اخر ان حدث قتال وصراع مسلح خارج منطقة ودرعا وعموم حوران.
ان العمل على تحرير عدد قليل من القرى والمناطق في اي بقعة من الاراضي السورية، ان كان في الشمال السوري او الوسط او حول العاصمة دمشق، وهم قادرن على ذلك بكل يسر، سيؤدي الى انهيار معنويات جيش النظام، وتفكك وحداته العسكرية، وبالتالي سيخلق واقع جديد سيؤدي الى انهيار منظومة هذا النظام الامنية والعسكرية.
فالفرصة التاريخية مناسبة جدا،
وعلى الوطنيين السوريين اقتناص هذه الفرصة التاريخية.
ان بقايا عصابات النظام هشة، وهي في حالة تصدع، وقد كشف أبطال حوران الاساوس هذه الحقيقة، من خلال الضربات الصاعقة التي وجهوها لتلك العصابات والفرق العسكرية الخاوية، وهزموهم في كل ساحات المواجهة، بامكانيات قليلة وخفيفة، وتركوا هذه العصابات عرضة للعواصف الوطنية القادمة.
د. خالد المسالمة
————————–
سقوط مهد الثورة… الغاز المصري يضع درعا تحت سيطرة الأسد
أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن لجنة التفاوض في درعا اتفقت مع الوفد الروسي على البدء بتسوية أوضاع المطلوبين وتسليم سلاحهم للنظام، وسوف تتوجه حافلات لنقل المدنيين والنساء من غير المطلوبين.
وأعلنت لجنة التفاوض أمس الخميس، 15 آب/ أغسطس، أن الاتفاق الذي وضعت بنوده السلطات الروسية يقضي بتهجير المطلوبين، وأن حافلات خضراء سيتم تجهيزها لنقلهم، كما اعتبر الاتفاق أن “كل من يرغب بالبقاء [من] دون تسوية وضعه يُعتبر إرهابياً، وملاحقاً من قبل روسيا”. ومن المنتظر أن تشرف القوات الروسية على تنفيذ الاتفاق طوال 15 يوماً.
وعلى الرغم من التسوية، قصفت قوات النظام والفرقة الرابعة الموالية لإيران أحياء درعا مساء اليوم نفسه، بقذائف الدبابات والرشاشات الثقيلة.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقريره، أن الوفد الروسي طرح عدة نقاط لحل الوضع الحالي في درعا، تتمثل بفك الحصار عن مدينة درعا البلد، وتمركز قوات الشرطة المدنية (الروسية – السورية) في عدة مواقع، مع تسيير دوريات روسية، وسحب السلاح، وتهجير المطلوبين والمعارضين للاتفاق إلى إدلب.
محافظة درعا التي تنقسم إلى درعا البلد، التي يسيطر عليها المعارضون، ودرعا المحطة، التي تخضع لقوات نظام الأسد، تشهد منطقتاها الرئيسيتان منذ أسابيع تصعيداً عسكرياً، وحصاراً قاتلاً للسكان على يد قوات الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين.
ويشير محلل سياسي تحدث إلى رصيف22 إلى أن قرار إخضاع النظام لمحافظة درعا والخط الحدودي مع سوريا بشكل كامل لسيطرته، هو قرار إقليمي، تمهيداً لتنفيذ اتفاقات تم الإعلان عنها في الأسابيع الماضية.
ويقول لرصيف22 المحلل والباحث السوري مالك حافظ إن هدف التصعيد من قبل القوات الحكومية السورية يعود لعدة عوامل، أبرزها رغبة كل من دمشق وموسكو والأردن في تفعيل فتح معبر جابر-نصيب الحدودي بين سوريا والأردن بشكل كامل، من أجل تفعيل الحركة التجارية بين البلدين، وبين سوريا ودول الخليج.
ويلفت إلى أن تشغيل المعبر كان أحد أهداف زيارة الملك الأردني عبدالله الثاني إلى الولايات المتحدة في يوليو/تموز الماضي، وحديثه عن إمكانية إعادة التطبيع مع نظام بشار الأسد وفتح قنوات حوار معه، بالتوازي مع حديثه عن مسألة تخفيف العقوبات على دمشق والمتعاونين معها، والمفروضة وفق إطار عقوبات قانون قيصر.
وفي تموز/يوليو الماضي، كشف رئيس الوزراء اللبناني الأسبق المكلف سعد الحريري أنه بحث ملف استيراد الغاز المصري إلى لبنان عبر الأردن وسوريا، وذلك خلال زيارته للقاهرة، ولقائه بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وكانت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية قد أفادت خلال زيارة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى البيت الأبيض، أن الملك عرض على الولايات المتحدة الانضمام إلى مجموعة عمل للاتفاق على خارطة طريق لحل في العراق وسوريا.
وفي 29 نيسان / أبريل الماضي، أجرى وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار إسماعيل سلسلة محادثات مع نظيره السوري بسام طعمة، واتفق معه على إتاحة الفرصة للسماح بتدفق الغاز المصري إلى العراق عبر سوريا. ومن المرجح أن تمر صادرات الغاز من مصر إلى العراق عبر خط “الغاز العربي” الذي يمتد من مصر إلى الأردن وسوريا ولبنان، وتم الانتهاء من القسم السوري للخط عام 2008
رصيف 22
—————————–
حوران العقدة والترياق.. ثوار درعا وعبد العزيز الخيّر ومشروع الملك/ فراس سعد
تشكل درعا عقدة نقص للنظام الذي لم يتخيل يوما أن تكون أرضها منطلقا للثورة عليه ولهذا السبب بالضبط فهي بالنسبة للسوريين المكان المبارك الذي أطلق شرارة ثورتهم الوطنية الأولى بعد الثورة السورية الكبرى 1925.
معركة درعا الأخيرة تعيد إلى الأذهان أحداثا سابقة مشابهة، حين حاول النظام مع ميليشيات إيران اقتحامها ودمر أجزاء منها وقصف قرى وبلدات في ريفها؛ فإن للنظام مع درعا قصة تبدأ منذ أواسط شهر آذار 2011 يوم أهان ضابط كبير وفداً من وجهاء درعا جاء يطالبه بإطلاق سراح أطفالهم الذين تظاهروا ضد النظام الديكتاتوري وكتبوا شعارات طالت رئيس النظام، كانت هي الأولى في سوريا بعد انطلاقة الربيع العربي.
إضافة لما سبق فدرعا مع السويداء أي أرض حوران أو الجنوب السوري هما بمنزلة عقدة إقليمية لوقوعها في منطقة تشكل حساسية لدولتين مجاورتين هما الأردن وإسرائيل. ولأجل ذلك وبسبب حساسية موقع درعا فقد عمد الملك الأردني بعد أيام من تلك الإهانة التاريخية لدرعا وسوريا كلها، إلى الاتصال ببشار الاسد ناصحا إياه بالاعتذار من أهالي درعا، وحينما لم يفعل أوصل إليه رسالة ثانية ينصحه فيها بالاستقالة من منصبه كرئيس لسوريا.
ثوار درعا يطالبون بإطلاق سراح الدكتور عبد العزيز الخيّر
نعم إن درعا تستعيد الوطنية السورية من جديد، تنتزعها انتزاعا من بين أنياب الديماغوجيين والتنظيمات الجهادية. اللتين تتقاسمان الأدوار في مسرحية صراع طائفي عفن ومتخلف؛ بحيث ينقل عن لسان أحد أبناء درعا أن ثوارها المفاوضين للنظام طالبوه بإطلاق سراح القيادي اليساري الدكتور عبد العزيز الخيّر المعتقل داخل أحد أقبية النظام، مقابل إطلاق الثوار سراح عناصر الأخير الذين اعتقلوهم خلال معارك درعا الأخيرة.
لأول وهلة سيعتقد القارئ غير السوري أن في الأمر لبساً أو خطأ. إذ كيف لمقاتل يصنفه الإعلام العربي والسوري والغربي على أنه “إسلامي”، أو على أنه “متمرد” في أحسن الأحوال، أن يطالب بإطلاق سراح قيادي “شيوعي” يعتقله النظام منذ تسع سنوات تضاف إلى ثلاث عشرة سنة قضاها في معتقل “صيدنايا” كان فيها طبيب المعتقلين شبه الوحيد، وعالج ما يقرب من مئة ألف حالة مرضية في ذلك الوقت.
اثنتان وعشرون سنة إذاً قضاها الدكتور الخيّر في سجون الأسد الأب والابن يضاف إليها عشر سنوات من التخفي والملاحقة.
الاعتقال الأخير للخيّر جرى خلال توجهه من مطار دمشق الدولي إلى منزله في دمشق عائدًا من زيارة إلى الصين، وعلى ما يبدو فإن مباحثاته في الصين أقلقت النظام الأسدي فسارع إلى اعتقاله هو واثنين من زملائه، ورغم السنوات التسع على اعتقاله لم تسعَ الصين لإطلاق سراحه، في حين يشكك بعضهم في كون الصين السبب غير المباشر في هذا الاعتقال.
وسواء كان طرح اسم الدكتور الخيّر في مفاوضات ثوار درعا مع النظام صحيحًا أم لا فإنه مجرد فتح نقاش حوله من قبل ثوار درعا ووفدهم إلى المفاوضات يثبت بما لا يدع مجالًا للشك أنهم ثوار وليسوا “عصابات مسلحة” أو “إسلاميين” مسلحين ذوي أجندة مذهبية، هذا إضافة إلى أن تداول الخبر يعيد إلى أذهان السوريين تلك النفحات العطرة الأولى القادمة من شوارع درعا الثائرة، كما يعيد للأذهان مطالبات معارضين سوريين للنظام بإطلاق سراح المخطوفات العلويات، وكلا المطلبين ينعشان الروح السورية الحقّة ويشكلان ترياقاً ضد سم الطائفية الذي يُضَخ دورياً في روح السوريين.
معركة درعا بين محاولة انقلاب على الملك عبد الله الثاني والمشاريع الاقتصادية
لكن الهجوم الأخير على درعا قد يكون له بعد عربي وإقليمي هذه المرة، فليس بعيدًا عن درعا، وإلى جنوبها حيث الأردن الذي ضاق ذرعاً بالحصار الدولي المفروض على النظام السوري، الأمر الذي كبّد هذا البلد خسائر فادحة من جراء إغلاق المعابر الحدودية مع سوريا، الأمر الذي زاد أزمة الأردن الاقتصادية المزمنة سوءًا، ودفع بتحركات عشائرية واجتماعية طالب بعضها الملك بالإصلاح، وجرت ما تشبه محاولة انقلاب داخل القصر بدعم جهات عربية، محاولة تم تطويقها بسرعة، ما دفع بالملك الهاشمي لزيارة واشنطن لطرح مشروع ينقذ فيه الاقتصاد الأردني إنما ليس دون التسويق لبشار الاسد وطرح مبادرة تبقيه في السلطة وتعيده إلى الجامعة العربية. لقد كانت محاولة الانقلاب على ما يبدو رسالة ضغط على الملك عبد الله الثاني من دول مجاورة لتغيير موقفه من نظام دمشق.
سيجري ذلك بالتضامن مع سلطات بلدين عربيين آخرين هما العراق ومصر، وبمباركة إيرانية ضمن ما سمي “مشروع الشام الجديد”، وهو مشروع اقتصادي كما قيل غير أن الاقتصادي ليس سوى الأساس الأعمق لما هو سياسي، وطالما أن الأمر على هذا النحو فإن الحديث عن خط الغاز العربي (المصري الإسرائيلي) الذي يعبر أراضي الأردن وسوريا ويمدهما بالغاز، وصولًا إلى تركيا ثم أوروبا، أعيد طرحه للتداول، سيكون مدخلًا قويًا لمشروع تثبيت الأسد، فهذان المشروعان الاقتصاديان “الشام الجديد” وخط الغاز العربي الإسرائيلي الذي يعبر أراضي الأردن وسوريا، لا يتمّان دون الشراكة مع “سوريا الأسد”، ولهذه الأسباب الاقتصادية مجتمعة ولأجل تثبيت الأسد وإعادة شرعنته لا بد من إنهاء حالة درعا الثورية وتسليم درعا بالكامل للنظام ليمد سيطرته عليها.
رغم معارضة روسيا أو اتخاذها موقف المتفرج، فالحملة الإيرانية الأسدية على درعا تؤكد أن مشروع الملك عبد الله يمضي قدماً بعد نيله موافقة أميركية مبدئية على ما يبدو، ويؤكد أن إيران ليست بعيدة عما يطبخ، واجتياح درعا وتهجير أهلها إلى الشمال السوري -كما طالب وفد مفاوض من درعا- سيكون من صالح شركاء خط الغاز العربي، وسيؤمن لإسرائيل في حال تهجير سكان مدينة درعا، سلامًا مديداً لها وللجولان، الذي أكد مسؤولون إسرائيليون أخيراً أنه لن يعود إلى سوريا أبدًا.
أخطر سؤال في الثورة والحرب
لكن معركة درعا الأخيرة بعد محاصرة النظام لها من كل الجهات وقصف بيوت سكانها رغم الهدنة بين الطرف الروسي ولجنة مفاوضات الثوار، يطرح أحد أهم أسئلة الثورة والحرب السوريتين وهو: لماذا تترك درعا وحيدة في معركتها مع النظام، فلا تساندها في ذلك منطقة مجاورة مناهضة للنظام؟
تكررت هذه الحال مئات المرات خلال السنوات العشر المنصرمة بحيث أن كل منطقة مناهضة للنظام كانت تنتظر أن يشن الأخير عليها حملة عسكرية حتى تصد عن نفسها، دون أن يساندها أحد من الجوار، الأمر الذي وصم العمل الثوري المسلح بالجهوية بل والمناطقية والارتهان للداعمين الإقليميين.
فهل السوريون مصابون بلعنة المناطقية والجهوية أيضا إضافة لإصابتهم بلعنة المذهبية والطائفية؟
وإلى متى تترك درعا وحدها، بعينيها تقاتل كل وحوش المنطقة ومشاريعها المشبوهة؟
تلفزيون سوريا
—————————–
============================
تحديث 20 آب 2021
———————–
أحداث درعا والعودة إلى المربع الأول/ محمود الوهب
بعد عشر سنوات ونصف السنة من نزف الدم وخراب كل ما هو حيّ على الأرض السورية، تعيدنا، نحن السوريين، أحداث درعا أخيرا وما يتمتع به أهاليها من طيبة وأصالة، إلى المربع الأول، أي إلى النصف الثاني من مارس/ آذار عام 2011، حيث كتب الأطفال عباراتٍ تستشرف شمولية الربيع العربي، وتؤكّد عمقه وضروراته .. وتستدعي العودة إجراء مقارنةٍ بين ما كان عليه السوريون وما صاروا إليه، لتأكيد حقيقة أنَّ بعضهم لا يزال يكابر في الاعتراف بها، وهي أن تدمير سورية قد أتى بالرعونة والاستهتار وانعدام الحس بالمسؤولية الوطنية .. فإذا كانت بداية شرارات الثورة السورية قد لمعت من صوب درعا، فهذا لا يعني أن بقية البلاد السورية كانت تنعم بالهدوء والسلام، بل لعلَّها كانت أشبه بمرجل محكم الإغلاق، ينتظر رفع حرارته درجة واحدة ليحدث الانفجار، وقد فعلها عاطف نجيب، وأيده ابن خالته “السيد الرئيس” ليحصل ما قد حصل!
في ذلك الوقت، كان يمكن أن تحلّ مشكلة درعا بسلام، ومن دون إغراق سورية كلها بالدماء، وتدميرها، وتهجير أهلها وإفقار من تبقّى منهم وإذلالهم. نعم كان يمكن لها أن تحلّ لو أن الممسكين بمفاصل دولة حافظ الأسد العميقة يتمتعون بحسٍّ وطني أو إنساني، أو يفهمون لغة غير التي تربّوا عليها، لغة الحذاء العسكري.. ولو لم يزدهم “الوريث” شططاً وسفاهة، بضعفه وتردده في اتخاذ قراراته المفصلية. وما زاد الأمر سوءاً أن سورية، قلب بلاد الشام، عرضةٌ لمطامع دول إقليمية، وهي مجال صراع تاريخي طويل. وقد لعبت جلافة هؤلاء الممسكين بتلابيب الدولة العميقة، وفظاظتهم دوراً مباشراً في إشعال فتيل الأزمة، إضافة إلى عبث الأصابع الخفية بتوجهات القصر الجمهوري، فتجعل رأسه ينقلب على وعوده وقراراته.
كان بالإمكان تجاوز مشكلة درعا وفق ما اتفق عليه رجل الأمن المكلَّف آنذاك، محمد ناصيف، مع وجهاء درعا ووجوه أحيائها الذين جرى اعتقال بعضهم، بعد الاتفاق مباشرة، وكان الأجدى، في ذلك الوقت، برأس النظام، “طبيب العيون”، أن يفكر ملياً بالعبارة التي كتبها أطفال درعا على جدران مدارسهم “جاك الدور يا دكتور”. إذ هي لا تعني غير تلك الإصلاحات التي رآها ووعد بتنفيذها منذ أن ورِّث العهد، ولكن يبدو أن قِصَر النظر، والتفكير الضيق بكرسي الرئاسة، وامتداد ذراع التدخل الإقليمي النافذة قد منعته من ذلك.
أهالي درعا لم يتغيّروا أبداً، ظهر ذلك في تعاملهم مع أسرى سرايا الجيش السوري التي حاصرت درعا البلد أكثر من شهر ونصف الشهر، وقصفتها عشوائياً، إذ أكدت تلك المعاملة أنَّ أهالي حوران لا يزالون على صفاء نياتهم وأخوَّتهم السورية. ولكن الاعترافات المشينة لعدد من أولئك الأسرى كشفت حقيقة ما يجري في الجنوب السوري، وما يخطّط له، إذ أوضح بعضهم أنهم يتلقون تعليماتهم من قادة المليشيات الإيرانية، وبتواطؤ من النظام مع المطامع الإيرانية ذات الأبعاد الاستراتيجية في الجغرافيا والديموغرافيا السوريتين.
اليوم غير الأمس، هذه بديهة، وهي في الواقع السوري أكثر بروزاً، إذ استُبدِل بعاطف نجيب ضباط روس، وقادة مليشيات إيرانية تضم تحت أجنحتها ما تبقى من فرق الجيش السوري وسراياه. وفي الأمس، وقبل عقدين، جاء بشار الأسد، بغض النظر عن شكل مجيئه، رئيساً على عرش مستقر، وشعب مسالم، لا طموح له سوى شيء من انفراج داخلي، وبعض من حرية، يعمل من خلالهما للخلاص من أمراض الاستبداد العسكري الناجمة عن شدّة القمع وتفاقم الفساد وحال التمييز بين المواطنين، وكل ما يعرقل نموَّ الوطن وارتقاءه. وفي الأمس أيضاً، كان قرار سورية، في معظمه، مرتبطاً بالقصر الجمهوري، وكانت سورية موحدة أرضاً وشعباً، على الرغم مما ذكر من مظالم وأوجاع. اليوم غدا القصر، بما يمثله من دولةٍ يفترض أنها ترعى مصالح شعبها، في مواجهة الشعب السوري كله. ولا أشير هنا إلى من تظاهر وقوبل بالرصاص الحي! لا أبداً، بل أشير إلى هؤلاء الذين صدَّقوا فكرة المؤامرة الخارجية، واعتقدوا أنهم كانوا يعيشون في جنّة حافظ الأسد وابنه من بعده. اليوم أخذ هؤلاء يصرخون أكثر من غيرهم، فالوجع الذي يعيشونه لم تشهده سورية منذ الاستقلال. ويبدو أن هؤلاء قد أدركوا أن أساس البلاء كامنٌ في القصر الجمهوري ذاته، فاليوم يشير هؤلاء إلى الفاسدين الذين لم يعد ممكناً التعايش معهم، ويغبطون، في الوقت نفسه، من سبقهم إلى الهجرة، ويتنادون إلى هجرةٍ جماعية للشعب السوري كله، تاركين سورية للفاسدين وحماتهم. وفي ذلك دلالة واضحة على وعي جديد يتكوّن. ولم يكن ذلك حبراً على ورق، بل خرجت مظاهراتٌ في عدد من قرى الساحل التابعة لمدينة جبلة، كما خرجت مظاهرات في مدينة بانياس، شارك فيها مسلمون ومسيحيون، سنة وعلويون، ورفعوا شعارات “الخبز للشعب” و”الدين لله والوطن للجميع” و”الشعب السوري واحد”، وكذلك فعل أهالي مصياف متعدّدة الأطياف. كذلك برز مثل هذا التذمر من أهالي حلب الذين تقدموا بمطالب إلى المسؤولين المحليين بتأمين الضرورات المعيشية للناس، وبرز التذمر أيضاً من خلال فرض الدولة “إتاوات” على رجال الأعمال الحلبيين خارج إطار الضرائب أو القوانين النافذة.
لا تشير تلك الاحتجاجات إلى الحال المعيشية فقط، بل إنها تؤكد “ضمناً” الأخطار المحدقة بتقسيم سورية إلى مناطق نفوذ من خلال فيدراليات، أو مناطق حكم ذاتي، فمنذ أيام افتتحت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مكتباً لها في سويسرا، وتطالب المجتمع الدولي بمنحها حكماً ذاتياً. كما تجري أحاديث عن ترتيبات مشابهة في درعا والسويداء، تدفع إليها مراكز نفوذ الدول التي تتصارع هناك. فإذا كان النصر الذي حظي به النظام شعباً جائعاً ووطناً مدمّراً، ممزّقاً، ورئيساً ملاحقاً مع منظومته الحاكمة بجرائم ضد الإنسانية، فبئس ذلك النصر. والأجدى بمن يحمل مسؤولية ذلك أن يتوقف عن ذلك العبث، والطيش. إذ يظن أنه يلعب على حبال التناقض. أبداً إنه أضعف من ذلك بكثير، فهو ليس أكثر من كرةٍ تتقاذفها أرجل الأغراب والطامعين، وبين كل شوط يسقط شيء من عزّة سورية وكرامتها! وأكاد أقول آن له أن يغادر، لكنني أستدرك: إنه لا يملك تلك الخطوة الشجاعة والحكيمة. وتبقى الإزاحة ضرورة موضوعية لبدء الحل في سورية، فهل تأتي بها موجات الغضب التي أخذت تتراكم فوق الأرض السورية؟
العربي الجديد
—————————–
فشل روسي متراكم في سورية/ ناصر السهلي
برر بعض السوريين والعرب الاحتلال الروسي في سورية، بأوهام “لجم مشاريع إيران” فيها. بعد 6 سنوات من التدخّل العسكري الروسي المباشر، لإنقاذ نظام بشار الأسد، يتكشف بؤس الخيارات الروسية خلال 10 سنوات. فمنذ انتفاضة الشعب السوري في ربيع 2011، وضعت موسكو نفسها في مواجهة إرادة أغلبية الشعب. وأصرت، حفاظاً على مصالح عسكرية واقتصادية، على المشاركة في تزوير حقائق أهداف ثورة السوريين، وهتافاتهم عن وحدة شعبهم ومصيرهم في ظل نظام ديمقراطي تعددي مستقبلي، ناسفة كل ما شبّ عليه السوريون من شعارات “الصداقة” مع “الاتحاد السوفييتي” سابقاً وروسيا لاحقاً. وهو ما وقع فيه أيضاً “حزب الله”، ضارباً شعبيته بينهم بتأييده الديكتاتورية و”الظلم”.
ما يجري في درعا، المحاصرة والمهددة بمصير مدن أخرى، بالتجويع والقصف والتهجير، يكشف للسوريين، “معارضة وموالاة”، مستوى التحالف الروسي مع مليشيات طائفية، والتغطية على مرتزقة “فاغنر”. فنوعية المليشيات المُحاصِرة، “زينبيون” و”فاطميون”، بخلطة أفغانية-باكستانية، وغيرها من أذرع إيران، تؤشر إلى بؤس مشاريع موسكو، وكذبتها عن أن “الحل سوري-سوري”، وإمعانها في اختراع تصنيف احتلالي للسوريين. فإذا كان الحل “سورياً”، ما معنى حصار درعا وتهديدها بمليشيات أجنبية، وبغطاء روسي ومن نظام دمشق، بمقتلة كما جرى في القصير وداريا والقلمون وغيرها؟
في ظل احتلالات متعددة، أدت إليها سياسات “الأسد أو نحرق البلد”، يبدو مريباً استمرار الصمت، سواء رسمياً عربياً أو لدى بعض الأوساط السورية، عن المحتل الروسي، الذي يغطي على كل ما قيل عن مشاريع التغيير الديمغرافي، بوهم إنتاج سورية أخرى، ضد تاريخ ونسيج مجتمعها. فبرعاية التدخل الروسي، الغارق في كل تفاصيل البلد، تتوسع الجرائم، وبينها حرق جثث السوريين بالبنزين، وبتصرفات تتجاوز مستوى الإجرام “الداعشي”، مثلما تُحال سورية كلها إلى دولة فاشلة، أملاً بإعادة إنتاج وتسويق النظام.
في المحصلة، فإن موسكو التي تغيب عنها حيوية النقاش والمراجعات، كالتي تقدم وستقدم عليها القوى الغربية بعد 20 سنة من غزو أفغانستان، تسير بسورية وبثبات نحو نهايات مأساوية كان يمكن تجنبها، بدل الإمعان في التزوير والتعمية على الحقيقة، فتخسر “الشعب الصديق”، مثلما خسر بعض “محور الممانعة” الكثير من التأييد التاريخي بين السوريين. فالاحتلالات مهما بدت قوية ومسيطرة، ومتحالفة مع عصابات محلية ومستوردة، مصيرها الفشل، ولن يفيد عندها كل الأسئلة عن “ماذا لو؟”.
العربي الجديد
————————————
مع تعثر المفاوضات… النظام السوري يحاول تحقيق مطالبه بالقوة في درعا/ عدنان أحمد
قصفت قوات النظام السوري، فجر اليوم الجمعة، الأحياء المحاصرة في درعا البلد بقذائف الدبابات والرشاشات الثقيلة، ودارت اشتباكات بين مقاتلي درعا البلد وتلك القوات، تزامناً مع الاستعصاء المتواصل في المفاوضات بين الأطراف المحلية ووفدي النظام وروسيا.
وذكر الناشط محمد الشلبي، لـ”العربي الجديد”، أن المسلحين في درعا البلد صدوا محاولة اقتحام جديدة لعناصر من الفرقة الرابعة التابعة لقوات النظام باتجاه حيي القبة والمنشية، والتي تزامنت مع قصف مدفعي وبالرشاشات الثقيلة لقوات النظام.
وإضافة إلى عمليات القصف اليومية ومحاولات الاقتحام المستمرة، يدخل حصار درعا البلد يومه الـ58، إذ تمنع قوات النظام وأجهزته الأمنية وصول الطحين والمياه إلى تلك الأحياء، ويترافق ذلك مع تعثر المفاوضات الجارية لإيجاد مخرج للوضع في درعا البلد، وعموم المحافظة.
وقال الناطق باسم لجنة التفاوض في درعا البلد عدنان المسالمة، لـ”العربي الجديد”، إن وفد النظام ما زال يعطل الوصول إلى حل من خلال تمسكه بمطلب تسليم السلاح بشكل كامل. ونفى المسالمة أن يكون تم طرح موضوع التهجير حتى الآن في المفاوضات.
كذلك نفى وجود مقترح لتسليم بعض السلاح للنظام وانضمام الشباب المسلحين إلى اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس المدعوم من روسيا، والموجود في ريف درعا الشرقي.
ورغم تعثر المفاوضات، وعدم الوصول إلى أي اتفاق حتى الآن، بدأت السلطات الأمنية التابعة للنظام بتنفيذ بعض بنود الاتفاق المفترضة، والتي يجرى التفاوض حولها، إذ افتتحت مركزاً للتسوية ولتسليم الأسلحة، وترسل حافلات التهجير يومياً.
وذكرت شبكة “درعا 24” أن النظام افتتح منذ 3 أيام مركزاً للتسوية في مبنى السرايا في مخفر الشرطة في حي المحطة، ولكن لم يذهب عسكريون أو مدنيون لتسوية أوضاعهم الأمنية فيه، حتى الآن.
وكانت لجان التفاوض قد أكّدت أن الاتفاق، الذي لم يتم التوافق عليه حتى اليوم، ينص على تشكيل لجنة للتسوية، ونقطة لاستلام السلاح في مدرسة زنوبيا، وليس في مخفر المحطة.
وأوضحت الشبكة أن المركز مخصص لاستقبال الراغبين في تسوية أوضاعهم من المطلوبين المدنيين والعسكريين، في أحياء درعا البلد وطريق السد والمخيم، وكذلك لاستلام الأسلحة من المسلحين الذين يرغبون بتسوية أوضاعهم الأمنية.
ونقلت الشبكة عن قاضي الفرد العسكري في محافظة درعا قوله لوسائل إعلام رسمية إن مركز التسوية افتُتح “لاستقبال العسكريين الفارين (المنشقين) من الخدمة وتسوية أوضاعهم قضائياً، ليحصلوا بعدها على قرار ترك قضائي أصولاً، وأمر مهمة رسمي للالتحاق بوحداتهم فوراً، ويتم كف البحث عنهم مباشرة”.
وأضاف: “أما بالنسبة للمدنيين المتخلفين عن أداء الخدمة العسكرية أو ممن لديهم أي مشكلة أمنية، فسوف يتم إجراء تسوية لهم، وكف البحث عنهم ليعودوا إلى ممارسة حياتهم الطبيعية”.
وترسل سلطات النظام السوري حافلات إلى حاجز السرايا، الذي يفصل درعا البلد عن درعا المحطة لتهجير المسلحين الرافضين للتسوية باتجاه الشمال السوري، لكن لم يتم تسجيل خروج أي شخص فيها حتى اليوم.
وكان الكثير من المدنيين والعسكريين في مدن وبلدات محافظة درعا قد أجروا تسويات، خاصة في منتصف عام 2018، وتبعها العديد من التسويات الأخرى، لكن العديد منهم ممن لم ينخرطوا ضمن صفوف أجهزة أمنية أو عسكرية ظلوا مطلوبين للأجهزة الأمنية، وتم القبض على بعضهم على الحواجز والنقاط الأمنية، كما تم القبض أيضا على كثير من المنشقين بعد تسوية أوضاعهم وتسليم أنفسهم، بل ولقي بعضهم حتفه في السجون تحت التعذيب.
إلى ذلك، توفي الشاب أحمد مزيد المحاميد من بلدة أم المياذن شرق درعا، بعد تنفيذ حكم الإعدام ميدانياً بحقه في سجن صيدنايا العسكري بعد اعتقال دام أكثر من عامين.
وذكر “تجمع أحرار حوران” أن المحاميد عنصر سابق في إحدى فصائل المعارضة، وقد اعتُقل من قبل قوات النظام في 28 مايو/ أيار 2019 على حاجز السرايا بمدينة درعا.
وعثر الأهالي، مساء أمس الخميس، على جثة الشاب مؤيد الدواس من بلدة “بيت آره” في منطقة حوض اليرموك بريف درعا الغربي، بالقرب من حاجز لقوات النظام في المنطقة.
وذكرت شبكات محلية أن الشاب قُتل بثلاث طلقات نارية في الصدر والرأس، وهو مدني لم ينتمِ لأي جهة مسلحة، ويعمل في البساتين الزراعية في المنطقة.
العربي الجديد
——————————–
لا حلول لأزمة درعا البلد… والنظام السوري يهدد بـ”الكيّ”/ أمين العاصي
يتواصل التصعيد العسكري في محافظة درعا، جنوبي سورية، في ظلّ فشل المفاوضات بين وفد يمثل الأهالي، وآخر من جانب النظام برعاية روسية، في التوصل إلى حلّ سياسي للأزمة في أحياء درعا البلد، إذ يلوّح النظام بتدخّل عسكري في حال عدم رضوخ هذه الأحياء لإرادته. ويتزامن التصعيد في درعا مع مواصلة قوات النظام قصفها في محافظة إدلب، لتحصد أرواح مدنيين جلّهم أطفال، في المحافظة الواقعة شمال غربي سورية.
وقال المتحدث باسم “تجمع أحرار حوران”، أبو محمود الحوراني، إن عدداً من عناصر قوات النظام قُتلوا، بينهم ضابط، كما أصيب آخرون، إثر استهداف مقاتلين معارضين سيّارة عسكرية كانت تقلّهم على الطريق الواصل بين بلدتي نافعة والشبرق، غربي درعا، موضحاً أن القتلى والمصابين يتبعون لـ”الواء 112” في قوات النظام. ولفت الحوراني، في تصريح لـ”العربي الجديد”، إلى أن شبّاناً في ريف درعا الغربي، استولوا أمس الخميس، على السيارة المسؤولة عن توزيع مادة الخبز على معظم النقاط العسكرية والحواجز التابعة للنظام، غربي درعا. ويأتي هذا الحادث مع دخول الحصار الذي تفرضه قوات النظام على أحياء منطقة درعا البلد، يومه الـ57، والذي تمنع معه الأجهزة الأمنية وصول الطحين والمياه إلى الأحياء المحاصرة. كما استهدف مسلحون مجهولون بالرصاص، فجر أمس، حاجزاً للاستخبارات الجوية التابعة للنظام، جنوبي مدينة داعل في ريف درعا الأوسط.
من جهتها، قصفت قوات النظام بقذائف المدفعية الثقيلة بلدة تسيل، غربي درعا، فيما كشفت وكالة “نبأ” المحلية عن مشاركة مسلحين عراقيين إلى جانب الفرقة الرابعة التابعة للنظام، والتي يقودها ماهر الأسد (شقيق رئيس النظام بشار الأسد)، في هجومها على درعا، أحدهم تُوفي أخيراً في درعا بظروف غامضة. وأوضحت أن الفرقة الرابعة باتت تستقطب مقاتلين أجانب ضمن صفوفها، وتتعاقد مع مليشيات مدعومة بشكل مباشر من إيران.
ولا تلوح في الأفق بوادر حلّ سياسي للأزمة التي خلقها النظام في أحياء درعا البلد، إذ أكدت مصادر مطلعة على سير التفاوض، لـ”العربي الجديد”، أن الوفد المفاوض عن الأهالي لا يزال يرفض تسليم السلاح الخفيف وتهجير أي مواطن من أحياء درعا البلد، كما يرفض دخول مليشيات تابعة لإيران إلى المنطقة، وكذلك الفرقة الرابعة.
وكانت قد عُقدت أول من أمس الأربعاء جلسة مفاوضات في الملعب البلدي في مدينة درعا، بين وفدي الأهالي والنظام، لم تفضِ إلى نتيجة، في ظلّ تمسك النظام بشروطه التي تعني استسلاماً كاملاً يرفضه الأهالي، على الرغم من الحصار المحكم. من جهتها، نقلت صحيفة “الوطن” التابعة للنظام، عن مصادر وصفتها بـ”وثيقة الاطلاع”، قولها إن اللجان المركزية في درعا التي تتولى عملية التفاوض عن الأهالي “تعرقل التوصل إلى اتفاق بشأن “خريطة الطريق” لتسوية الوضع في المحافظة، وذلك عبر رفضها تسليم السلاح الخفيف الموجود في مناطق انتشار المسلحين، وترحيل رافضي التسوية وتسليم مطلوبين”. وقالت المصادر إن “اجتماعات تحصل، ولكن لا يوجد أي شيء، والوضع على حاله، ولم يتم إحراز أي نتائج”. وأضافت: “في بداية أي مفاوضات، كلّ طرف يتمسك بموقفه وهذا شيء طبيعي، ولكن خلال أيام قليلة، ربما تكون هناك مستجدات جيدة”. وأوضحت المصادر، أن ممثل اللجان المركزية “يصرّ على رفض تسليم السلاح الخفيف وإجراء عملية تفتيش على السلاح، ويتمسك بعدم تسليم مطلوبين، ويشترط نشر عناصر (من قوات النظام) من قطعات عسكرية محددة، إضافة إلى رفض ترحيل رافضي التسوية”. وبيّنت المصادر أن موقف اللجنة الأمنية (تابعة للنظام) في المحافظة “واضح، ويتمثل بأن هناك فرصة مدتها 15 يوماً للتوصل إلى اتفاق، وإذا لم يحصل اتفاق، فإن آخر الدواء الكيّ”، وفق صحيفة “الوطن”.
في موازاة ذلك، لا يزال آلاف المدنيين في درعا البلد يكابدون تحت وطأة حصار خانق تفرضه قوات النظام، وصفته مصادر محلية بأنه “الأشد منذ عام 2011″. وأوضحت المصادر لـ”العربي الجديد” أنه “منذ نحو شهرين، لا تستطيع عشرات العائلات المتبقية في الأحياء، تأمين أبسط مستلزماتهم الأساسية، فالحصار هذه المرّة من جميع محاور المدينة”. وأكدت أن “الفرقة الرابعة ومليشيات إيرانية تحاصر أحياء درعا البلد من الجنوب والغرب، وتقطع الطريق إلى الريف الغربي، بينما تقطع قوات من الفرقة التاسعة الطريق إلى الريف الشرقي، في وقت أُغلقت جميع الطرق باتجاه مركز المدينة، بما فيها معبر السرايا الذي نزح عبره الآلاف قبل نحو أسبوعين”. وبيّنت المصادر أنه “لا تزال هناك نحو 250 عائلة في الأحياء المحاصرة (درعا البلد – طريق السد – المخيم) لم تجد سبيلاً للخروج من المنطقة، بسبب عدم توفر مكان آمن لها مع إغلاق الطرق المؤدية إلى الريف”. وأوضحت أنه “في حي المخيم الذي يقطنه لاجئون فلسطينيون ونازحون سوريون من الجولان المحتل، تعيش نحو 100 عائلة تحت وطأة الحصار ونيران القناصة ومدافع الهاون. الكهرباء مقطوعة والمياه غير صالحة للشرب”.
في الأثناء، لا يزال الشمال الغربي من سورية عرضة لقصف مدفعي وصاروخي من قبل قوات النظام والمليشيات المساندة لها، والتي تستهدف الأحياء السكنية والمدنيين في ريف إدلب الجنوبي، والذي تحول إلى خطّ تماس بين هذه القوات وفصائل المعارضة. وذكر الدفاع المدني السوري، أمس الخميس، أن ثلاثة أطفال وأمهم وطفلا آخر، قُتلوا، وأصيب طفل وشاب، في مجزرة ارتكبتها قوات النظام وروسيا صباح أمس بقصف مدفعي بالقذائف الموجهة بالليزر، في قرية بلشون بجبل الزاوية جنوبي إدلب. وأضاف الدفاع المدني على صفحته في موقع “فيسبوك”، أن فرقه انتشلت الضحايا من تحت الأنقاض بعد عمل استمر ثلاث ساعات في ظل صعوبة كبيرة بالحركة، بسبب رصد المنطقة بطيران الاستطلاع.
من جهته، ذكر الناشط محمد المصطفى، لـ”العربي الجديد”، أن القصف تم بواسطة صواريخ موجهة بالليزر “كراسنبول”، ما تسبب أيضاً في دمار كبير للممتلكات، مشيراً إلى أن القصف مصدره قوات النظام المتمركزة في محيط مدينة كفرنبل. كما طاول قصف مماثل لقوات النظام محوري الرويحة وبينين في ريف إدلب الجنوبي، من دون ورود أنباء عن وقوع إصابات بين المدنيين.
وفي شرق البلاد، شنّ مسلحون مجهولون يُعتقد أنهم من خلايا تنظيم “داعش” هجوماً على نقطة متقدمة لمليشيا “حزب الله” العراقي قرب قرية أنباج الواقعة على تخوم البادية السورية، على طريق الرقة -سلمية. وأكدت مصادر محلية لـ”العربي الجديد”، أن الهجوم الذي وقع فجر أمس، أسفر عن مقتل عنصرين من المليشيا وأسر أربعة آخرين، مشيرة إلى أن المليشيا المذكورة استقدمت تعزيزات لتمشيط المنطقة بحثاً عن المهاجمين.
العربي الجديد
————————————
احتجاجات وهجمات في درعا ضد النظام على وقع تعثر «الخريطة الروسية»
متظاهرون طالبوا بـ«إبعاد الهيمنة الإيرانية» على جنوب سوريا
درعا (جنوب سوريا): رياض الزين
نظم عشرات من أبناء مدن طفس وجاسم والمزيريب ومناطق حوض اليرموك بريف درعا الغربي، وقفات احتجاجية مساء الأربعاء، مطالبين بفك الحصار عن مدينة درعا البلد، في وقت أفادت فيه مصادر محلية بتعرض قوات النظام السوري لهجمات متفرقة في الجنوب.
وطالب المتظاهرون بـ«الحلول السلمية وإبعاد الهيمنة الإيرانية» عن مناطق جنوب سوريا، ورفعوا لافتات تعبر عن رفضهم الحرب في المنطقة، والتهجير القسري، وغياب دور الضامن الروسي، وتنصله من وعوده السابقة. كما طالبوا بإخراج المعتقلين، واستمرار تضامن مناطقهم مع الأهالي في درعا البلد وسط مناشدات إنسانية أطلقها ناشطون في درعا لفك الحصار عن مناطق درعا البلد ومحيطها، بعد استمرار تطويق المدينة من قبل قوات «الفرقة الرابعة» لليوم الـ57، وإغلاق كل الطرق المؤدية إلى المدينة، بما فيها الممر الإنساني عند حاجز «السرايا» الذي وعد الجانب الروسي خلال اليومين الماضيين باعتباره ممراً إنسانياً لخروج المدنيين الراغبين، وأعلن ناشطون في مدينة درعا البلد عن انعدام كل مقومات الحياة المعيشية والطبية وانقطاع المياه والكهرباء في درعا البلد وطريق السد والمخيم، مما ينذر بحدوث كارثة إنسانية في المنطقة.
وأعلنت لجنة التفاوض في درعا البلد الأربعاء بعد اجتماع لليوم الثالث على التوالي مع الجانب الروسي واللجنة الأمنية التابعة للنظام، «تعثر الوصول إلى اتفاق نهائي لحل أزمة درعا البلد، مع استمرار إصرار لجنة النظام والجانب الروسي على تسليم السلاح من درعا البلد، وأن اللجنة ملتزمة بالثوابت التي لا تخالف إرادة أبناء درعا».
وأفادت مصادر محلية بأن عدداً من عناصر قوات النظام السوري من «مرتبات» اللواء 112 قتلوا صباح الأربعاء على الطريق الواصلة بين بلدات نافعة – الشبرق، وجرح آخرون، بعد استهداف سيارة كانوا يستقلونها بعبوة ناسفة كانت مزروعة على الطريق أثناء مرور السيارة في منطقة حوض اليرموك غرب درعا، تلاه قصف تعرضت له بلدة تسيل في ريف درعا الغربي، دون وقوع إصابات.
وشن مقاتلون محليون مساء الأربعاء هجوماً مسلحاً على حاجز عسكري تابع لجهاز المخابرات الجوية في الحي الجنوبي الغربي في مدينة داعل بريف درعا الأوسط، دون معرفة نتائج الهجوم الذي لم يستمر طويلاً، بحسب مصادر من مدينة داعل، أعقبه انتشار أمني وتحرك سيارات عسكرية تابعة لقوات النظام السوري داخل المدينة.
ودارت اشتباكات هي الأشد من نوعها على محور السد الشرقي لمدينة درعا البلد، ومحور منطقة البحار جنوب درعا، بين قوات الفرقة الرابعة، وأبناء مدينة درعا البلد، بالتزامن من قصف بالدبابات للأحياء في المدينة، وحلق طيران استطلاع فوق أحياء مدينة درعا المحاصرة على وقع الاشتباكات.
قال تجمع أحرار حوران إنّ شباناً في المنطقة الغربية بدرعا استولوا على السيارة المسؤولة عن توزيع مادة الخبز وتغذية معظم النقاط العسكرية والحواجز التابعة للنظام غرب درعا، وإنّ الشبان احتجزوا كامل كمية الخبز المحمّلة بالسيارة، مشيراً إلى أنّ «قطعات النظام غرب درعا لن تتمكن اليوم من الحصول على الخبز»، ويأتي ذلك بعد دخول الحصار يومه الـ57 في درعا البلد وطريق السد والمخيمات، حيث تمنع الأجهزة الأمنية وصول الطحين والمياه إلى الأحياء المحاصرة.
واعتبر الناشط باسل الغزاوي من درعا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الوقفات الاحتجاجية والإضراب والهجمات المتفرقة التي حدثت في مناطق التسويات جنوب سوريا مؤخراً، كان لها وقع على مجريات الأحداث في درعا، معبراً عن أن الاحتجاجات ودعوات الإضراب من قبل نشطاء داخل وخارج سوريا تصرف سلمي حضاري للتضامن مع المحاصرين في درعا البلد وطريق السد والمخيم، وأنه نوع من الحراك قد يشكل ضغطاً على الروس الذين لهم السلطة على أجهزة النظام الأمنية والعسكرية التي تفرض حصاراً على المدنيين وبذلك يضطر الروس للسعي بشكل جدي لإيقاف معاناة الأهالي الذين يعيشون الحصار في تلك المناطق، رغم أن الإضراب لا يشكل خطرتً مباشراً على الروس لكن قد يشكل عليهم ضغطاً من المجتمع الدولي.
وأشار إلى أن الضربات العسكرية التي ينفذها مقاتلون محليون في درعا لم تتوقف منذ اتفاق التسوية منتصف 2018، وكانت تشكل نوعاً من تعزيز دور اللجان المركزية في عمليات التفاوض، وتخلق جواً تفاوضياً منافساً وتنقل لجان التفاوض من موقف تقديم التنازلات للجنة الأمنية للنظام لمكان آخر يمكنهم من خلاله مناقشة الشروط وطرح نقاط يجبرون النظام على الالتزام بها، كما حدث في شهر فبراير (شباط) من العام الحالي 2021 حين مُنعت الفرقة الرابعة من الانتشار في طفس غرب درعا وذلك لوجود ردات فعل عسكرية من أبناء المنطقة أثناء محاولات قوات الغيث التقدم باتجاه المدينة، وسط مخاوف الروسي والنظام من عودة حالة عدم الاستقرار إلى عموم المناطق الجنوبية تعيدهم لما قبل اتفاق التسوية عام 2018.
الشرق الأوسط
————————————–
سورية: هجمات على قوات النظام في درعا مع تعثر المفاوضات/ عدنان أحمد
مع تواصل الاستعصاء في مفاوضات الحل بمحافظة درعا جنوبيّ سورية، شهدت الأوضاع الميدانية تصعيداً ميدانياً في إطار الضغوط المتبادلة بين قوات النظام والفعاليات المحلية، فيما عمّت التظاهرات والاحتجاجات أنحاء المحافظة رفضاً لمطالب النظام وروسيا بتسليم السلاح الخفيف والتهجير.
وذكر موقع “تجمع أحرار حوران”، اليوم الخميس، أنّ عدداً من عناصر قوات النظام قتلوا وأصيبوا إثر استهداف سيارة عسكرية كانت تقلهم على الطريق الواصل بين بلدتي نافعة والشبرق غربيّ درعا.
وقال الناشط أبو محمد الحوراني، لـ”العربي الجديد”، إنّ “القتلى ضابط في قوات النظام وعدد من العناصر، فيما أصيب اثنان على الأقل”، لافتاً إلى أنهم يتبعون لـ”اللواء 112” في قوات النظام، وذلك جراء انفجار عبوة ناسفة استهدفت سيارة عسكرية على طريق الشبرق الواقع بين بلدتي نافعة-عين ذكر في ريف درعا الغربي.
كذلك استهدف مسلحون مجهولون بالرصاص، فجر اليوم، حاجزاً للمخابرات الجوية التابعة للنظام جنوبيّ مدينة داعل بريف درعا الأوسط.
من جهتها، قصفت قوات النظام بقذائف المدفعية الثقيلة بلدة تسيل غربي درعا، فيما كشفت وكالة “نبأ” المحلية عن مشاركة عراقيين إلى جانب “الفرقة الرابعة” في هجومها على درعا، أحدهم تُوفي في درعا بظروف غامضة.
وأوضحت أنّ “الفرقة الرابعة” باتت تستقطب مقاتلين أجانب ضمن صفوفها وتتعاقد مع مليشيات مدعومة مباشرةً من إيران.
ويأتي هذا التصعيد الميداني في ظل انسداد المفاوضات التي تجري منذ أيام بين لجنة التفاوض المركزية في درعا، وضباط النظام وروسيا، بشأن الوضع في منطقة درعا البلد المحاصرة منذ ما يقارب الشهرين.
وذكر مصدر في لجنة التفاوض، لـ”العربي الجديد”، أنّ اللجنة رفضت بند تسليم السلاح الخفيف خلال اجتماعها، أمس الأربعاء، مع لجنة روسيا والنظام في مدينة درعا، مشيراً إلى تعثر المفاوضات؛ بسبب إصرار الوفد الروسي وضباط النظام على تسليم مجموعات المعارضة سلاحها بالكامل.
وأوضح المصدر أنّ لجنة التفاوض طالبت الجانب الروسي بالعودة إلى اتفاق 2018، الذي ينصّ على تسليم السلاح الثقيل فقط، وسحب قوات النظام ومليشياته إلى ثكناتهم العسكرية، وأكدت للروس أنه لن تحصل الموافقة على أي اتفاق جديد قبل تطبيق اتفاق عام 2018 بجميع بنوده.
وينص اتفاق تسوية 2018 على تسليم الأسلحة الثقيلة فقط، والسماح بدخول مؤسسات النظام السوري، مقابل الإفراج عن معتقلي محافظة درعا، ورفع المطالب الأمنية عن المطلوبين بتهم سياسية للنظام، وسحب الجيش لثكناته.
وكان الشيخ أحمد الصياصنة، خطيب المسجد العمري السابق، قد حثّ أهالي درعا على عدم تسليم السلاح. وقال الصياصنة، في مقطع مصور بثته وكالة “نبأ” المحلية: “إذا سلمتم سلاحكم، فمعنى ذلك أنكم سلمتم كرامتكم وقوّتكم”.
في غضون ذلك، شهدت مدينتا طفس وجاسم، وبلدة المزيريب، ومنطقة حوض اليرموك، وقفات احتجاجية تضامناً مع الأحياء المحاصرة في مدينة درعا، وللتعبير عن رفضهم للحل الروسي.
ورفع المحتجون لافتات تؤكد رغبتهم في الحل السلمي ورفضهم لخيار الحرب في المنطقة، منددين بانتشار المليشيات الطائفية بشكل كبير في المحافظة، وغياب دور الضامن الروسي، وتنصله من وعوده السابقة، إضافة إلى مطالبتهم بتحريك ملف المعتقلين.
#أحرار_حوران
صور من الوقفة الاحتجاجية في مدينة طفس غرب #درعا، تضامناً مع درعا البلد التي تشهد حصاراً خانقاً من قبل نظام الأسد لليوم 56 على التوالي. pic.twitter.com/WKjlqJPNAE
— حسين محيميد ابو عباس (@Qr5jP2HsEN) August 18, 2021
وكان عشرات المحتجين في ريف درعا الغربي قد نظموا وقفات احتجاجية في عدد من القرى والبلدات، رفضاً لـ”خريطة الحل” التي قدمها الجانب الروسي للجان التفاوض في مدينة درعا.
ولاقت الخريطة الروسية رفضاً شعبياً واسعاً في محافظة درعا، وسط دعوات وجهها الأهالي والناشطون للجان التفاوض برفض الموافقة على الشروط الروسية التي تضمنت تسليم السلاح الخفيف والمتوسط، وعودة المنشقين إلى ثكناتهم العسكرية، والتحاق المتخلفين بالخدمة الإلزامية، ودخول قوات النظام والمليشيات إلى الأحياء المحاصرة، وتهجير رافضي التسوية إلى الشمال السوري.
ولا تزال أحياء درعا البلد والمخيم وطريق السد محاصرة، منذ 24 يونيو/حزيران الماضي، مع قطع الطحين والماء والكهرباء والأدوية عن المدنيين الذين نزح أكثر من نصفهم حيث يتخوف الآخرون من الممارسات الانتقامية للنظام.
وفي شرق البلاد، شنّ مسلحون مجهولون هجوماً على نقطة متقدمة لمليشيات “حزب الله” العراقي قرب قرية انباج على طريق الرقة-سلمية.
وذكرت شبكة “عين الفرات” المحلية، أن الهجوم أدى إلى مقتل عنصرين وأسر 4 آخرين، قبل أن تستقدم تلك المليشيات تعزيزات عسكرية لتمشيط المنطقة بحثاً عن المهاجمين.
وذكرت الشبكة أنّ مسلحين هاجموا، أمس الأربعاء، شاحنات تنقل المحروقات تعود ملكيتها لمليشيات “القاطرجي”، عند منطقة مثلث الشيخ هلال شرقي حماة، ما أدى إلى مقتل عدد من السائقين وإصابة آخرين.
وأوضحت أن الهجوم وقع غربي منطقة إثريا في مثلث الشيخ الهلال، عند مرور 10 شاحنات تنقل المحروقات، حيث استُهدِفَت بعبوة ناسفة، ما أدى إلى مقتل اثنين من السائقين وإصابة أحد المعاونين واحتراق شاحنتين، لتقوم قوات النظام بإطفاء الحريق، ونقل المصابين إلى مستشفى سلمية الوطني شرقيّ حماة.
وهذا الاستهداف هو الثالث من نوعه، خلال الشهر الحالي، حيث تعجز قوات النظام عن حماية قوافل المحروقات القادمة من مناطق سيطرة قوات “قسد”، في طريقها إلى مصفاتي حمص وبانياس.
العربي الجديد
—————————-
خيارات أهالي درعا البلد: القتال أو التهجير في حال فشل التفاوض/ أمين العاصي
تبدو الخيارات أمام أهالي أحياء درعا البلد، في جنوب سورية، ضيّقة، في ظلّ ضغط روسي لفرض خريطة الحل التي وضعها الجنرالات الروس، للخروج من الأزمة المحتدمة منذ أكثر من 50 يوماً، والتي تضمنت بنوداً ينظر إليها كثيرون على أنها مجحفة ويمكن أن تكون مدخلاً واسعاً لقوات النظام والمليشيات الإيرانية للفتك بآلاف المحاصرين في درعا البلد. وأكدت مصادر مطلعة في درعا، لـ”العربي الجديد”، أن الوفد المخوّل بالتفاوض عن أهالي أحياء درعا البلد، عقد أمس الثلاثاء جلسة مفاوضات جديدة مع النظام والجانب الروسي حول خريطة الحل الروسي، التي تتضمن تسليم السلاح للنظام ونشر حواجز لقواته في أحياء درعا البلد وتسوية أوضاع مقاتلين يدافعون عن هذه الأحياء وتهجير من يرفض الاتفاق إلى الشمال السوري. وأكد عماد المسالمة، وهو أحد الوجهاء في درعا البلد، لـ”العربي الجديد”، أن هناك رفضاً شعبياً عارماً لخريطة الحل الروسي، مشيراً إلى أن المفاوضات لا تزال جارية مع الجانب الروسي. وقال المسالمة إنه “في حال الإصرار على فرض خريطة الحل هذه كما هي، فإن أمام أهالي درعا خيارين لا ثالث لهما: إما القتال، أو الهجرة الجماعية”. وأشار إلى أنه لم يعد في يد أهالي أحياء درعا البلد، إلا ورقة واحدة، وهي المطالبة بالرحيل إلى الشمال السوري، معرباً عن اعتقاده بأن هذا الأمر يضايق الجانب الروسي.
وكان أهالي أحياء درعا البلد طالبوا أواخر شهر يوليو/تموز الماضي، بترحيلهم إلى “مكان آمن، لتجنب الحرب التي ستكون ويلاً عليهم”. وقد أربك هذا المطلب الجانب الروسي، ما دفعه لمنع قوات النظام من شنّ عملية عسكرية واسعة النطاق على أحياء درعا البلد، قبل أن يقدم أخيراً ما سمّي بـ”خريطة الحل”، التي لم تقر بعد بشكل رسمي، بانتظار انتهاء المباحثات حولها بين وفد الأهالي من جهة، والجانب الروسي ووفد النظام من جهة أخرى، والذي يرأسه اللواء حسام لوقا، مدير إدارة الاستخبارات العامة (أمن الدولة) التابع للمنظومة الأمنية للنظام.
ومن المتوقع أن يستخدم الوفد المفاوض عن الأهالي هذه الورقة، في مسعى لدفع الجانب الروسي لتحسين شروط أي اتفاق، فالخروج الجماعي لأهالي أحياء درعا البلد، يعني فشل السياسة الروسية في جنوبي سورية، وربما ينعكس على دور موسكو في عموم البلاد. ومن الواضح أن أطرافاً إقليمية تخشى من نشوء أزمة إنسانية في حال أصّر أهالي درعا البلد على الخروج من منازلهم، وتسليمها خالية إلى قوات النظام، لذا تدفع باتجاه حل سياسي. ولا تبعد أحياء درعا البلد سوى كيلومترات عدة عن الحدود السورية – الأردنية.
إلى ذلك، طالب الشيخ أحمد صياصنة (أبرز علماء حوران، وهي التسمية المحلية والتاريخية لمحافظة درعا، وخطيب الجامع العمري في 2011)، الوفد المفاوض عن أهالي درعا البلد، بـ”عدم التخاذل والتراجع”، مضيفاً في تسجيل مرئي نشرته وكالة “نبأ” المحلية للأنباء، أول من أمس الإثنين: “لا تلدغوا من الجحر الذي لدغتم منه في عام 2018 مرة أخرى”. واعتبر صياصنة أن الروس “أعداء”، مناشداً الوفد المفاوض عدم التوقيع على “اتفاق مذل”. وقال: “نصبر على الجوع ولا نعيش بلا كرامة”. وكان الجانب الروسي رعى اتفاقيات بين فصائل المعارضة السورية في جنوبي سورية، وبين النظام، في منتصف 2018، لم يلتزم النظام بها.
ويصّر النظام على دخول أحياء درعا البلد سلماً باتفاق تحت رعاية روسية، أو حرباً من خلال مليشيات طائفية تحاصر هذه الأحياء منذ 50 يوماً، ما تسبب بكارثة إنسانية لآلاف المدنيين، لم تسمح لهم قوات النظام بالخروج إلى مناطق أخرى داخل محافظة درعا، وخصوصاً في الريف الشرقي الذي يوجد فيه اللواء الثامن التابع للروس، والذي يضم مقاتلين سابقين في فصائل المعارضة السورية، يقودهم أحمد العودة، وهو قيادي سابق في تلك الفصائل.
ورأى المحلل العسكري، العميد أسعد الزعبي، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “هناك خيارين أمام الأهالي في محافظة درعا، الأول هو الإصرار على شروط أبناء درعا مهما كانت النتيجة، واستغلال الموقف الدولي، أما الخيار الثاني، فهو تهجير كل أبناء محافظة درعا ليتحمل المجتمع الدولي تبعات ما يجري في سورية”. وأضاف الزعبي أن “أهالي حوران رفضوا انتخابات المجرم بشار الأسد الرئاسية (جرت في مايو/أيار الماضي)، وأعلنوا عدم القبول برئيس لسورية يقود الإرهاب ويبيع البلد للغرباء، وهذا يعني أن لا مكان له في حوران”.
ميدانياً، تجددت الاشتباكات فجر أمس الثلاثاء، بين قوات النظام ومسلحين من أهالي درعا البلد، فيما دارت اشتباكات وقصف متبادل بين الطرفين في مناطق عدة من ريف محافظة درعا. وقال الناشط محمد الحوراني، لـ”العربي الجديد”، إن اشتباكات وقعت بين مجموعات من مدينة درعا وقوات النظام على محوري القبة والكازية في درعا البلد، جراء محاولة تقدم (فجر أمس) للنظام، تزامنت مع استهداف مكثف بالرشاشات الثقيلة للمنطقة. وأوضح الحوراني أن الهدوء الحذر عاد للمنطقة صباحاً وخلال فترة بعد الظهر (أمس)، بانتظار ما ستؤول إليه نتائج المفاوضات، مع عدم تسجيل خسائر بشرية منذ مساء أول من أمس الإثنين.
ولا يقتصر التصعيد من قبل قوات النظام والمليشيات المساندة لها، على أحياء درعا البلد، بل يشمل العديد من المدن والبلدات في عموم محافظة درعا. وفي هذا الصدد، ذكر “تجمع أحرار حوران”، أمس، أن قوات النظام متمثلة بمليشيات من “الفرقة الرابعة”، تدفع بتعزيزات عسكرية على تخوم مدينة طفس في ريف درعا الغربي، مشيراً إلى أن هذه القوات أغلقت صباح أمس، الطريق الواصل بين مدينة طفس وقرية الطيرة، بالتزامن مع إخلاء بعض المزارع وسرقتها من محتوياتها، إضافة إلى إغلاق الطريق الفرعي الواصل بين طفس وبلدة عتمان.
وكانت مجموعات محلية مقاتلة حاولت خلال الأيام القليلة الماضية، التخفيف من الضغط على أحياء درعا البلد، من خلال مهاجمة حواجز ونقاط عسكرية لقوات النظام والأجهزة الأمنية في مناطق عدة داخل محافظة درعا. ومن الواضح أن النظام السوري يضع في أولوياته خلال العام الحالي، السيطرة الكاملة على محافظة درعا، حيث لا تزال العديد من المدن والبلدات في الريفين الشرقي والغربي للمحافظة، خارج سيطرته.
العربي الجديد
—————————-
النظام يدفع بتعزيزات إلى غرب درعا… و”داعش” يوقع قتلى من المليشيات الإيرانية بالبادية/ محمد الأحمد
دفعت قوات النظام السوري، الثلاثاء، بتعزيزات عسكرية جديدة إلى تخوم مدينة طفس غرب محافظة درعا، فيما قُتل أربعة عناصر وأصيب 13 آخرون من الميليشيات الإيرانية، إثر هجوم شنته خلايا تنظيم “داعش” على نقطة عسكرية للميليشيات الموالية لإيران في بادية البوكمال شرق محافظة دير الزور.
وأكد أبو البراء الحوراني، عضو “تجمع أحرار حوران”، في حديث لـ “العربي الجديد”، أن “قوات النظام السوري متمثلة بميليشيات من الفرقة الرابعة دفعت، ظهر الثلاثاء، بتعزيزات عسكرية إلى تخوم مدينة طفس غرب درعا”.
وأوضح الحوراني أن “قوات النظام، أغلقت صباح الثلاثاء، الطريق الواصل بين مدينة طفس وقرية الطيرة، تزامن ذلك مع إخلاء بعض المزارع وسرقتها من محتوياتها، بالإضافة لإغلاق الطريق الفرعي الواصل بين مدينة طفس وبلدة عتمان غرب محافظة درعا، جنوب سورية”.
من جهة أخرى، نعت صفحات موالية للنظام السوري، مقتل ضابط برتبة ملازم أول وعنصر مرافق له، اليوم الثلاثاء، على محاور جبهات القتال في جنوب محافظة إدلب.
وأوضح مصدر عسكري في غرفة عمليات “الفتح المبين” لـ”العربي الجديد” أن “ضابطاً يعمل ضمن مجموعات الفيلق الخامس المدعوم من روسيا، وعنصرين آخرين، أمس الإثنين، قتلوا إثر محاولتهم التسلل إلى نقاط فصائل المعارضة السورية بالقرب من بلدة الرويحة بوابة جبل الزاوية من الجهة الجنوبية الشرقية، جنوب محافظة إدلب”.
وكانت قوات النظام السوري، قد استهدفت بالمدفعية الثقيلة والصواريخ محيط القاعدة التركية، فجر الثلاثاء، بالقرب من بلدة البارة ضمن منطقة جبل الزاوية جنوب محافظة إدلب، دون وقوع إصابات بشرية، بالإضافة لقصف مدفعي طاول بلدتي كنصفرة وفليفل في الريف ذاته.
من جهة أخرى، قال الناشط أبو عمر البوكمالي لـ”العربي الجديد” إن أربعة عناصر (سوريي الجنسية) يعملون ضمن ميليشيا “هاشميون” المدعومة من “الحرس الثوري الإيراني” قُتلوا، وأصيب ثلاثة عشر عنصراً آخرين غالبيتهم في حال خطرة، إثر هجوم عنيف شنه عناصر خلايا تنظيم “داعش” الإرهابي على نقطة للميليشيا في مدخل بلدة الصالحية غرب مدينة البوكمال شرق محافظة دير الزور، شرق سورية.
وأوضح البوكمالي أن “الاشتباكات استمرت بين عناصر (داعش) من جهة، وعناصر (هاشميون) من جهة أخرى، لأكثر من ساعة لينسحب بعدها عناصر التنظيم نحو عمق البادية بآليات مزودة برشاشات متوسطة، واغتنام كميات من الأسلحة والذخائر وسيارتين من نوع بيك آب مزودة برشاشات متوسطة، بالإضافة لقاعدة إطلاق صواريخ مضادة للدروع من نوع (كورنيت) من داخل النقطة”.
وأشار البوكمالي إلى أن “ميليشيات الحرس الثوري الإيراني استقدمت تعزيزات عسكرية من الميليشيات الموالية لها عقب الهجوم، لتمشيط محيط النقطة، ونقل المصابين الى المشفى العسكري بمدينة الميادين بالريف ذاته”، لافتاً إلى أن “معظم منتسبي ميليشيا “هاشميون”، التابعة للحرس الثوري الإيراني، من السوريين ينحدرون من بلدات المريعية والصياد والسويعية وغيرها بريف دير الزور الشرقي”.
وكثفت خلايا تنظيم “داعش” خلال الأشهر الأخيرة من هجماتها من خلال نصب الكمائن واستهداف الأرتال والنقاط العسكرية والقوافل النفطية التابعة لقوات النظام السوري والميليشيات المرتبطة بروسيا وإيران في البادية السورية التي يُسيطر عليها النظام الممتدة من مدينة البوكمال شرق محافظة دير الزور، وصولاً إلى بادية السخنة بريف حمص الشرقي.
وأدت هجمات “داعش” إلى مقتل العشرات من عناصر قوات النظام والميليشيات الإيرانية، بالتزامن مع إطلاق حملات عسكرية لتمشيط البادية بين الحين والآخر من قبل روسيا والميليشيات التي تدعمها، لكن جميع تلك الحملات لم توقف هجمات خلايا التنظيم أو السيطرة عليها حتى الآن، لاسيما أن الطائرات الحربية الروسية تنفذ بشكل يوم أكثر من 20 غارة تستهدف كهوفاً يستخدمها عناصر التنظيم كأوكار في البادية السورية.
في سياق آخر، قُتل القيادي في جماعة “شام الإسلام” المتشددة، المدعو أبو الفاروق المغربي (مغربي الجنسية)، الثلاثاء، إثر إطلاق الرصاص عليه من قبل مجموعة ملثمة أثناء عودته من جبهات القتال على أحد الطرق الفرعية القريبة من مدينة جسر الشغور، غرب محافظة إدلب.
وقُتل أربعة عناصر وأصيب 13 آخرون من الميليشيات الإيرانية، إثر هجوم شنته خلايا تنظيم “داعش” على نقطة عسكرية للميليشيات الموالية لإيران في بادية البوكمال شرق محافظة دير الزور، على الحدود السورية العراقية.
وأكدت مصادر محلية من محافظة إدلب لـ”العربي الجديد” أن “مجموعة ملثمة يستقلون سيارة مغلقة “فان”، هاجموا بالأسلحة الفردية، الثلاثاء، سيارة القيادي العسكري في جماعة (شام الإسلام) المدعو أبو الفاروق المغربي ضمن أحد الطرق الفرعية القريبة من مدينة جسر الشغور غرب محافظة إدلب، أثناء عودته من مقره العسكري في تلال الكبانة شرق محافظة اللاذقية، ما أدى لإصابته بثماني طلقات نُقل على إثرها إلى المستشفى، ليفارق الحياة عصر اليوم متأثراً بجراحه التي أُصيب بها”.
وتعتبر حركة “شام الإسلام” جماعة جهادية، معظم مقاتليها من المغاربة، ويبلغ عددهم نحو 40 مقاتلاً، ونشطت الجماعة خلال فترة ظهور التنظيمات المتشددة في سورية، كما أعلنت في 25 يوليو/ تموز لعام 2014 بأنها أصبحت جزءاً من “جبهة أنصار الدين” التي تشكلت في حلب، وبعدها تم تصنيفها كمنظمة إرهابية من قبل وزارة الخارجية الأميركية في 24 سبتمبر/ أيلول لعام 2014.
على صعيد آخر، قضت امرأة وطفلة، مساء الثلاثاء، إثر قصف مكثف من قبل القوات التركية، استهدف الأحياء السكنية في بلدة أبو رأسين التي تُسيطر عليها “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) بريف الحسكة الشمالي، شمال شرق سورية.
وقالت مصادر محلية لـ “العربي الجديد” إن “امرأة تدعى ندوى النفيخ (45 عاماً) وطفلة قضيا مساء الثلاثاء، بالإضافة لإصابة عشرة مدنيين على الأقل، بينهم أطفال ونساء، إثر استهداف الجيش التركي بأكثر من 50 قذيفة مدفعية وصاروخ، الحي الغربي في بلدة أبو رأسين شمال الحسكة”.
وأضافت أن “قصفاً تركياً مماثلاً استهدف قرى باب الخير، وباب الفرج، وتل الورد، والربيعات، وشو، التابعة لبلدة أبو رأسين في الريف ذاته، بالإضافة لتحليق مكثف لطائرات الاستطلاع التركية في سماء المنطقة”.
ويأتي القصف التركي المستمر منذ خمسة أيام بالتزامن مع اندلاع اشتباكات متقطعة بين الحين والآخر بين القوات التركية و”الجيش الوطني” المعارض من جهة، و”قوات سورية الديمقراطية” (قسد) من جهة أخرى، على محاور الجبهات بين الطرفين بالقرب من منطقة رأس العين شمال الحسكة، وأدى ذلك لوقوع قتلى وجرح من الطرفين، دون إحراز أي تقدم يذكر.
من جهة أخرى، أحبطت السلطات الأردنية، الثلاثاء، عملية تهريب مخدرات وذخيرة قادمة من سورية إلى الأردن، وهذه المرة الرابعة التي يعلن فيها الأردن إحباط محاولة تهريب من سورية منذ بداية أغسطس/ آب الحالي.
وأعلنت “القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي”، عن إحباط محاولة تسلل وتهريب كميات كبيرة من المواد المخدرة، وكمية من مخازن الذخيرة وسلاح الكلاشنكوف والذخيرة الحية، فجر اليوم الثلاثاء، من الأراضي السورية إلى الأراضي الأردنية، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية “بترا”.
وقال مصدر عسكري مسؤول في الجيش الأردني إنه “تم تطبيق قواعد الاشتباك، ما أدى إلى إصابة بعض المهربين وفرار الآخرين إلى داخل العمق السوري، وبعد تفتيش منطقة التهريب، تم العثور على كميات كبيرة من المواد المخدرة وسلاح كلاشنكوف وكمية من الذخيرة الحية، مؤكداً أن “القوات المسلحة الأردنية ستتعامل بكل قوة وحزم مع أي عملية تسلل أو محاولة تهريب لحماية الحدود ومنع من تسول له نفسه العبث بالأمن الوطني الأردني”.
وكانت القوات المسلحة الأردنية قد أعلنت خلال أغسطس/ آب الجاري عن إحباط ثلاث محاولات تهريب مخدرات من سورية إلى أراضي المملكة، اثنتان منها كانتا في آن واحد.
العربي الجديد
——————————
درعا:مقتل 6 من عناصر النظام..العودة إلى نقطة البداية
قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 6 عناصر من النظام السوري لقوا مصرعهم، صباح الخميس، في انفجار عبوة ناسفة استهدفت سيارة عسكرية بمحافظة درعا جنوبي البلاد.
وأوضح المرصد أن ضابطاً برتبة نقيب من اللواء 112 التابع للقوات الحكومية قد لقي حتفه مع خمسة عناصر فيما أصيب اثنان آخران بجراح عقب استهداف سيارتهم بعبوة ناسفة على طريق الشبرق الواقع بين بلدتي نافعة-عين ذكر في ريف درعا الغربي.
وفي السياق، استهدف مسلحون من مدينة داعل شمالي درعا حاجزاً لقوات النظام بالأسلحة الرشاشة، بالتزامن مع تظاهرات ووقفات احتجاجية شهدتها مناطق عديدة في المحافظة رفضاً لخريطة الحل الروسية، فيما يواصل النظام قصفه الأحياء المُحاصرة.
وقال “تجمع أحرار حوران” إن “شباناً هاجموا فجر الخميس بالأسلحة الرشاشة حاجزاً عسكرياً تابعاً للمخابرات الجوية في الحي الجنوبي من داعل”، مشيراً إلى اشتباكات وقعت بين شبان المدينة وعناصر الحاجز.
وتزامن الهجوم على الحاجز في داعل مع اشتباكات متقطعة بين مقاتلي درعا البلد وقوات النظام والميليشيات الموالية لها على محوري السد والبحار، وسط استهداف أحياء المدينة من قبل النظام بقذائف الدبابات والهاون.
يأتي ذلك بالتزامن مع تظاهرات ووقفات احتجاجية شهدتها مناطق عديدة في درعا، حيث خرج العشرات في جاسم وحيط وطفس والمزيريب للتضامن مع أحياء درعا البلد وللاحتجاج ضد خريطة الحل الروسية. وهتف المتظاهرون ضد قوات النظام التي تحاصر درعا البلد منذ ما يزيد عن 50 يوماً.
وأشار “تجمع أحرار حوران” إلى أن المحتجين رفعوا لافتات تؤكد رغبتهم بالحل السلمي ورفضهم لخيار الحرب في المنطقة، منددين بانتشار “الميليشيات الطائفية” بشكل كبير في المحافظة وغياب دور الضامن الروسي وتنصله من وعوده السابقة، كما طالبوا بتحريك ملف المعتقلين.
فشل المفاوضات
ولا تزال المفاوضات حول إيجاد حل سلمي في درعا متعثرة ولم ينتج عنها أي اتفاق، بسبب إصرار النظام على مطلب سحب السلاح الخفيف، في مقابل رفض اللجنة المركزية الممثلة لأهالي درعا هذا الشرط، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام سورية معارضة.
وقال موقع “عنب بلدي” السوري إن اللجنة المركزية في درعا رفضت خريطة الطريق الروسية التي تضمن تسليم السلاح وانتشار قوات النظام في المحافظة، مطالبة بالعودة إلى اتفاق التسوية الأول الذي عُقد في درعا في تموز/يوليو العام 2018، والذي ينص على تسليم السلاح الثقيل فقط، وسحب قوات النظام وميليشياته إلى ثكناتهم العسكرية.
وكانت قوات النظام قد استقدمت تعزيزات عسكرية إلى ريف درعا الغربي، حيث تمركزت في تل السمن والطيرة شمال مدينة طفس. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إن “قوات النظام استولت على منازل الأهالي وحولتها إلى نقاط عسكرية، ونشرت قواتها عند حاجز العنفة قرب تل السمن”.
وأضاف “كما نشرت قوات النظام مقاتليها عند جسر قرفا وفوق جسر نامر، وعززت الحاجزين بعربات مصفحة وأسلحة ثقيلة، تزامناً مع انتشار أمني كثيف على الأتوستراد الدولي من جسر ازرع باتجاه أم المياذن في ريف درعا الشرقي.
المدن
—————————-
======================
تحديث 21 آب 2021
————————-
درعا: المعركة تقترب..والنظام يرسل صواريخ جولان
عززت قوات النظام السوري عدة مواقع على الأوتستراد الدولي “دمشق/عمان” بالقرب من معبر “نصيب” الحدودي في ريف درعا الشرقي، بعد فشل خريطة الحل التي طرحتها موسكو لإنهاء الصراع في المحافظة.
وقال قيادي سابق في فصائل الثوار لموقع “تجمع أحرار حوران”، إن مجموعات عسكرية تابعة للفرقة 15 أعادت تمركزها بالقرب من “قصور البطل” بين بلدتي صيدا وأم المياذن، كما أرسلت تعزيزات أخرى إلى “معصرة الزيتون” المحاذية لجسر أم المياذن.
وأضاف القيادي الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه أن قوات النظام استولت على منازل في مدخل بلدة الطبية من جهة جسر أم المياذن، وعززتها بدبابتين، وبأعداد كبيرة من العناصر، كما وضعت على أسطحها رشاشات متوسطة وثقيلة.
واشار القيادي إلى أن النظام جعل من المنطقة الممتدة من بلدة صيدا إلى معبر نصيب منطقة شديدة التحصين، وذلك لحماية الأوتستراد الدولي، وتأمين الطريق إلى معبر نصيب الحدودي مع الأردن، وخصوصاً بعد مهاجمة المنطقة من قبل شبان، والسيطرة على الأوتستراد في تموز/يوليو الفائت.
وأكدّت وكالة “سانا” التابعة للنظام، أن النظام ينشر تعزيزات أمنية في المناطق المحيطة بحي درعا البلد، موثقة الخبر بمجموعة من الصور لمدرعات وأسلحة. وكان لافتاً فيها وجود راجمات صواريخ قصيرة المدى، أو ما يعرف ب”صواريخ جولان”، التي سبق استخدامها في معارك عديدة، أبرزها في الغوطة الشرقية.
وقال أمين فرع حزب البعث في درعا حسين الرفاعي إنه “لم تعد هناك فائدة من التفاهمات، والمفاوضات يبدو أنها توقفت، لكن المهلة لا تزال موجودة أمام المجموعات المسلحة”.
وأضاف الرفاعي أن الجيش السوري يرسل تعزيزات إلى درعا، مفسراّ هذه الخطوة بوجود مناطق عديدة يجب جمع الأسلحة فيها من الجماعات المسلحة المنتشرة هناك، مضيفا “في حال تم الاتفاق على التفاوض فإن الأسلحة سيتم جمعها من كافة أرجاء المحافظة”.
وفي معرض تعليقه على إمكان تبني الحكومة السورية إجراءات عسكرية ضد المسلحين في درعا، قال الرفاعي: “آخر الدواء الكي، وفي حال فشلت المفاوضات سيتدخل الجيش، ونحن نتمنى أن يتم حل المشكلة سلميا”.
واندلعت اشتباكات بين المعارضة وقوات النظام ليل الجمعة على محاور الكرك الغربي وكتاكيت في درعا البلد، إضافة إلى أخرى على محور القبة شرقي حي طريق السد، وذلك بالتزامن مع قصف عنيف بقذائف الهاون والدبابات على أحياء درعا البلد المحاصرة، من قبل قوات النظام والميليشيات الإيرانية التي تحاصرها.
وقال المرصد السوري إن مدينة درعا تشهد تدهوراً في الحالة الإنسانية، وسط نقص بالخبز والمواد الغذائية، ومياه الشرب والأدوية والمحروقات، فيما لا يزال معبر السرايا مغلقاً حتى الآن.
وأفادت مواقع معارضة، أن قوات النظام أبلغت، مساء الخميس “اللجنة الإغاثية” في المحافظة بمنع النظام إدخال مادة الطحين إلى المدينة حتى تعود كمية الخبز التي صودرت في محيط مدينة نوى.
———————–
الروس يخرقون تعهداتهم لإسرائيل..إيران تتمدد في الجنوب السوري/ مصطفى محمد
رغم الأنباء شبه المؤكدة عن تعهد روسيا للاحتلال الإسرائيلي بالحد من تواجد المليشيات المدعومة من إيران في الجنوب السوري وذلك قبل توقيع اتفاق “التسوية” في الجنوب، أكدت دراسة صادرة عن مركز “جسور للدراسات” أن المليشيات زادت من وجودها منذ توقيع الاتفاق في صيف العام 2018 إلى الضعف.
وقدّرت الدراسة التي أصدرها المركز بالتعاون مع “منصة إنفورموجين” لتحليل البيانات، عدد النقاط التي أقامتها المليشيات في الجنوب ما بعد الاتفاق ب48 نقطة جديدة، ليرتفع بذلك عدد نقاط انتشار المليشيات المدعومة من إيران في الجنوب إلى 88 نقطة، بحلول آب/أغسطس 2021.
ووجدت الدراسة أن “اللواء 90” المنتشر جنوب غرب ريف دمشق وفي كامل القنيطرة، تحول إلى قاعدة استطلاع متقدمة للحرس الثوري الإيراني و”حزب الله”، بحيث لا يبعد مركز قيادة اللواء عن الجولان المحتل سوى 20 كيلومتراً.
ويبدو ل”جسور” أن المشهد اليوم في الجنوب السوري يتناقض مع ما جرى الاتفاق عليه بين الفاعلين الدوليين حول الجنوب السوري، بحيث زادت نقاط تمركز القوات الإيرانية والأفغانية والباكستانية التي يقودها الحرس الثوري الإيراني بالإضافة لنقاط “حزب الله”.
وذكّر المركز ببنود اتفاق التسوية، الذي جرى بتفاهم روسي- أميركي-إسرائيلي-أردني. وقال: “الضمانة الروسية التي أقرّها التفاهم الدولي تقتضي منع التغيير الديموغرافي، وإبعاد الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني عن هضبة الجولان مسافة 85 كيلومتراً، بالإضافة إلى عدم السماح لتلك القوات التابعة لإيران بالتمدد في جنوب سوريا”.
وتأسيساً على ما سبق، اعتبر “جسور” أن “من الطبيعي أن تتراجع ثقة الفاعلين الدوليين المؤثرين بملف الجنوب السوري بالتعهدات الروسية، حيث تسعى موسكو لاستثمار ورقة ضبط الوجود الإيراني جنوبي سوريا لتحسم مصير درعا البلد وريف درعا الغربي لصالحها، عن طريق عقد اتفاق مع المقاتلين المحليين وتسليم سلاحهم وبموافقة الدول التي أقرت تسوية 2018”.
ويرى الباحث في مركز “جسور للدراسات” وائل علوان في حديث ل”المدن”، أن روسيا لم تلتزم بتعهداتها في الجنوب السوري، وهو ما أثار استياء الولايات المتحدة التي عبرت عن ذلك بشكل متكرر.
ويضيف علوان أنه مع زيادة وطأة العقوبات الأوروبية والأميركية على النظام السوري، اضطرت روسيا إلى طرق باب الاحتلال الإسرائيلي أملاً في تخفيف آثار العقوبات الاقتصادية والسياسية على حليفها الأسد، واستطاعت موسكو في نهاية العام 2020، تأمين قنوات اتصال مباشرة بين دمشق وتل أبيب، مقابل سحب بعض النقاط الإيرانية من الجنوب السوري.
ويتابع أنه “مع دخول العام 2021، وعدم تفاعل المجتمع الدولي مع مسرحية الانتخابات الرئاسية التي أجراها النظام، واستشعار موسكو خطورة الحراك الشعبي في الجنوب، سمحت مؤخراً بعودة المليشيات المدعومة من إيران إلى الجنوب السوري (لواء فاطميون، لواء زينبيون، وحزب الله)، حيث تمركزت هذه التشكيلات على طول الخط الحدودي السوري-الأردني، وعلى طول المناطق المتاخمة لخط وقف إطلاق النار مع الاحتلال”.
ووفق علوان، تريد روسيا استثمار الوجود الإيراني في الجنوب للضغط على الدول الإقليمية والدولية، إذ تدرك موسكو مدى القلق الدولي والناجم عن وجود إيران في الجنوب السوري، وبهذا المعنى تخطط روسيا لإجبار دول المنطقة (الخليج العربي، الأردن، إسرائيل) على الجلوس معها.
لكن، هل من الوارد أن تضغط روسيا على المليشيات، في حال حصلت على بعض ما تريده من دول المنطقة؟، يجيب علوان: “باعتقادي لن تحصل روسيا على المقابل الذي تريده من الدول التي تعد حليفة للولايات المتحدة، ولذلك قد لا يتجاوز الأمر منح موسكو بعض المكاسب، وهو ما يشجعها على زيادة الفوضى في الجنوب السوري، أملاً في تحصيل مكاسب أكبر”.
وللخروج من كل ذلك، يعتقد علوان أن الحل الأمثل لدول المنطقة التي لديها مخاوف من تمدد إيران على مقربة منها، هو دعم الرفض المحلي المجتمعي للوجود الإيراني في الجنوب السوري.
—————————
بعد رفض “لجنة درعا” خارطة الحل الروسية.. أين تتجه الأوضاع جنوبي سوريا؟
شمال سوريا – مع إعلان اللجنة المركزية في درعا رفضها التام لخارطة الطريق الروسية التي قُدمت في 15 أغسطس/آب الجاري، عاد المشهد في درعا البلد إلى المربع الأول، وبات الحصار والتصعيد العسكري سيد الموقف، في الوقت الذي ازداد فيه الوضع المعيشي سوءا لسكان درعا البلد بعد قرابة شهرين من الإغلاق ومنع عبور الإمدادات.
ورغم التصعيد العسكري تستمر جولات المفاوضات والجلسات الدورية بين لجنة درعا من جهة، والقوات الروسية والنظام السوري من جهة أخرى من دون وجود أي بوادر حل قريب في ظل رفض الأهالي خارطة الحل الروسية.
وقال أبو علي محاميد -أحد وجهاء درعا البلد- إن الأمور لم تراوح مكانها مع تمسك النظام بخارطة الحل الروسية، في الوقت الذي تستمر فيه جولات المفاوضات “كي لا يقطع آخر خيط للحل السياسي”.
قوات النظام السوري تحاول إجبار مقاتلي درعا البلد على الاستسلام بالتصعيد العسكري (الجزيرة نت)
ووصف محاميد المشهد في درعا البلد بأنه حالة حرب غير معلنة مع النظام السوري، مشيرا إلى أن الأهالي مستعدون للدفاع عن منازلهم وأعراضهم حتى آخر قطرة دم في حال قيام النظام بعمل عسكري ضد درعا البلد.
وأكد محاميد -في حديث للجزيرة نت- أن الأهالي يرفضون تسليم سلاحهم الخفيف، خشية وقوع مجازر وانتقام من مليشيات النظام التي سوف تقتحم المنطقة، مطالبا بضمانات دولية لخروج جميع الأهالي والمقاتلين نحو الشمال السوري.
وقال محاميد إن أهالي درعا البلد لا يرغبون في الحرب لكن النظام يجرهم إليها، وأقصى مطالبهم العيش بكرامة وعدالة.
اتفاق 2018
الناطق الرسمي باسم اللجنة عدنان المسالمة أكد أن المفاوضات مازالت متعثّرة بين اللجنة المركزية في درعا واللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري والتي يشرف عليها الروس، إذ ناقشت اللجنة العديد من البنود وأشارت إلى استحالة تطبيق الكثير منها.
وأضاف المسالمة في تصريح للجزيرة نت أن اللجنة طالبت العماد الروسي أندريه بالعودة لاتفاق 2018، الذي ينص على تسليم السلاح الثقيل والمتوسط فقط، وعودة الجيش إلى ثكناته، وإطلاق سراح المعتقلين وبيان مصير المفقودين والمغيبين قسرا، ورفع المطالب الأمنية عن كل من أجرى تسوية.
وحسب الأهالي والوجهاء، فإن النظام السوري لم ينفذ أيا من بنود الاتفاق بسحب قواته من الأحياء في درعا والإفراج عن المعتقلين، في الوقت الذي سلم فيه مقاتلو درعا سلاحهم الثقيل.
كارثة إنسانية
ومع اقتراب الحصار من إكمال شهره الثاني، تتفاقم الأزمة المعيشية لآلاف المدنيين المحاصرين في أحياء درعا البلد بعد نفاد كميات الطحين والأدوية لديهم، في ظل منع النظام السوري عبور أي مساعدات من حاجز السرايا وهو شريان الحياة الأخير للأهالي الذي يحكم النظام قبضته عليه.
ورغم أن خارطة الحل الروسية تضمنت وعودا بفتح المعبر والسماح بحركة البضائع والمؤن إلى درعا البلد، فإن النظام السوري لم يلتزم بفتحه، إذ يقوم بفتحه في أوقات محددة.
في حين تستمر عمليات القصف والتصعيد العسكري على الأحياء المحاصرة، في محاولة من النظام السوري للضغط على الأهالي وإجبارهم على الاستسلام.
صورة تداولها ناشطون عن إحداث روسيا نقطة طبية لعلاج المدنيين القادمين من درعا البلد لمناطق سيطرة النظام (الجزيرة)
قال الناشط الإعلامي من درعا عبادة أمين إن المحاصرين قضوا أمس الجمعة ليلة صعبة؛ استمر فيها القصف بالدبابات والهاون وراجمات الصواريخ حتى ساعات الفجر الأولى، وإثر ذلك قتل مدني وأصيب العشرات بجروح وقام الأهالي بتضميد جراحهم مستخدمين المعدات الطبية المتاحة.
وأضاف أمين -في حديث للجزيرة نت- أن الوضع العام في درعا البلد ينذر بكارثة إنسانية كبيرة مع إطباق الحصار ومنع عبور المواد الغذائية من الطحين وغيره من معبر حاجز السرايا، مشيرا إلى أن قوات النظام تقوم بفتحه بين الحين والآخر لعبور النساء والأطفال فقط.
وقال أمين إن أنباء وصلت إلى الأهالي في درعا البلد عن قيام القوات الروسية باستحداث نقطة طبية قيل إنها لمعالجة المدنيين الخارجين من أحياء درعا البلد.
المصدر : الجزيرة
—————————–
==================
تحديث 25 آب 2021
————————-
خيارات روسيا حيال ما يجري في درعا/ عدنان علي
لم تثمر المفاوضات التي تجري منذ نحو شهرين برعاية روسية بين اللجنة الأمنية الممثلة عن النظام السوري وممثلي اللجان المركزية التي تضم وجهاء عشائر وشخصيات محلية من درعا البلد، عن أية نتائج بسبب إصرار وفد النظام على تحقيق كامل مطالبه وأهمها تسليم كامل السلاح، وتهجير المطلوبين للنظام إلى الشمال السوري، إضافة إلى نشر حواجز أمنية للنظام داخل درعا البلد.
والواقع أن ما يجري في درعا يلخص إلى حد بعيد طريقة تفكير النظام، وفلسفته في الحكم، القائمة على سطوة القوة، ثم محاولة تفتيت المجتمعات التي يحكمها ليضمن هيمنته عليها، فضلا عن “العقيدة الثأرية” التي تتحكم ببعض مفاصله، حيث شكلت درعا بشكل عام، ودرعا البلد بشكل خاص، ومسجدها العمري بشكل أخص، تحديا لسطوة النظام منذ انطلقت منه شرارة الثورة عام 2011 وصولا إلى المسيرات الرافضة لانتخابات بشار الأسد الأخيرة.
وبسبب موقعها الجغرافي المحاذي لكل من الأردن وإسرائيل، فإن روسيا سعت حين سمحت لقوات النظام بالتقدم إلى محافظتي درعا والقنيطرة عام 2018، إلى تجنيبهما حملات عسكرية دموية وتدميرية كما فعل النظام في ريف دمشق وحلب وحمص ومجمل المناطق التي استعادتها قواته من فصائل المعارضة مستخدمة الطيران الحربي والبراميل المتفجرة وحتى الأسلحة المحرمة دوليا. وكان من شأن حملة عسكرية مدمرة أن تتسبب في موجات نزوح كبيرة من المحافظتين، ستكون وجهتهما بالتأكيد نحو الأردن وإسرائيل، وهو الوضع الذي لم يكن يرغب به أي طرف. ولذلك جاءت حملة النظام العسكرية “ملطفة” وتحت إشراف روسي مباشر، وأفضت إلى تسوية 2018 التي أبقت السلاح الخفيف بيد المقاتلين السابقين، وسط شكوك من النظام بأنه لم يتم أصلا تسليم كامل السلاح الثقيل والمتوسط، بل جرى دفنه في أماكن سرية.
كما أن بنود التسوية منعت قوات النظام من الدخول إلى المناطق التي خضعت للتسوية، مثل درعا البلد، وهو ما حرمها من التفتيش والتحري عن الأماكن المفترضة لإخفاء السلاح.
وخلال المفاوضات الجارية حاليا، طالبت لجنة التفاوض الممثلة لأهالي درعا الجانب الروسي بقيادة العماد أندريه بالعودة لاتفاق 2018، الذي ينص على تسليم السلاح الثقيل والمتوسط فقط، مقابل عودة الجيش إلى ثكناته، وإطلاق سراح المعتقلين وبيان مصير المفقودين والمغيبين قسرا، ورفع المطالب الأمنية عن كل من أجرى تسوية، وهي أمور لم يلتزم النظام بأي منها.
ومن خلال تجارب الماضي، سواء في درعا نفسها، أم المناطق الأخرى، فإن القائمين على التفاوض، ومن خلفهم معظم الأهالي في درعا، باتوا يدركون أنه لا يمكنهم تسليم كل أوراقهم للنظام حتى مع وجود وعود وضمانات روسية، لأن الروس سوف ينحازون في النهاية للنظام، كما حصل عدة مرات.
ولذلك، ثمة إجماع على رفض تسليم السلاح الخفيف، خشية وقوع مجازر وانتقام من ميليشيات النظام التي سوف تقتحم المنطقة، مطالبين بضمانات دولية لخروج جميع الأهالي والمقاتلين نحو الشمال السوري، في حال إخفاق جهود الحل.
ويحاجج النظام، ومعه روسيا، بأن الوضع الطبيعي هو أن يكون السلاح بيد “الدولة” فقط، وليس أية أطراف أخرى حفاظا على الأمن والاستقرار في المنطقة، لكن هذا يكون صحيحا فقط حين يكون هناك دولة حقيقية، وليس نظاما له تاريخ متكرر في الغدر والإجرام، وباتت تهيمن عليه الميليشيات الطائفية، فضلا عن القوى الخارجية، ولا يمكن تاليا الاستسلام الكامل لرغباته والتي لن ترتوي إلا بإذلال السكان الذين يعتبر أنهم بادروا بالثورة والتمرد عليه، وما زالوا بعد عشر سنوات يحافظون على هذه الروح المتمردة.
أضف إلى ذلك، فإنه يتضح من خلال المفاوضات التي جرت في الفترة الماضية أن هناك أجنحة وتيارات داخل النظام بين صقور وحمائم، حيث تعمل “الفرقة الرابعة” والمخابرات الجوية المقربتان من إيران على إعاقة المفاوضات، فيما لا ترغب روسيا والمخابرات العسكرية باستمرار التوتر في المحافظة. وحسب عدنان المسالمة، عضو لجان التفاوض المركزية مع النظام السوري، الناطق باسمها، فقد اتضح أن هناك بالفعل صراعا واضحا بين أكثر من جناح داخل النظام، حيث تبادر الفرقة الرابعة إلى القصف والهجوم كلما تحقق تقدم في المفاوضات ليتوقف كل ما تم الاتفاق عليه، معتبرا أن هناك تخبطا لدى أجهزة النظام السوري.
ولفهم الموقف الروسي حيال ما يحصل في درعا، لا بد من ملاحظة أنه في الأيام الأولى من التصعيد، كانت روسيا متوارية عن المشهد، وأعطت الفرصة للفرقة الرابعة والميليشيات التي تقاتل معها مثل “قوات الغيث” بقيادة العميد غياث دلا لفرض الحل بالقوة، لكن مع “النكسة” التي تعرضت لها قوات النظام بعد سيطرة مسلحي المعارضة على معظم حواجزها في ريفي درعا الشرقي والغربي، تقدمت روسيا للبحث عن حل سلمي مستعينة بمقاتلي “اللواء الثامن” التابع للفيلق الخامس المدعوم من قبلها، وهي قوة مشكلة من أبناء المنطقة، لكن النظام لا يستريح لها ولا يثق بها، ويرفض إعطاءها دورا رئيسا في الترتيبات الأمنية المقترحة للمنطقة.
والواقع أن ما يجري اليوم في درعا يثير الشكوك بشأن قدرة موسكو على لعب دور الوسيط بشكل فعال، حيث يحاول نظام الأسد إخضاع جنوب سوريا بالكامل لسيطرته، بدعم من إيران والمليشيات الموالية لها، وهو ما يهدد بتقويض مصداقية روسيا كوسيط بين النظام وخصومه، وكراع للحل السياسي في سوريا ككل. ومن هنا، فإن موقف روسيا يبدو دقيقا، فهي لا تستطيع دعم عمل عسكري مدمر في درعا عملت على تجنبه عام 2018، لكنها ترغب في الوقت نفسه في التمكين للنظام في هذه المحافظة، بعيدا عن التأثير الإيراني، حيث التزمت لكل من إسرائيل والأردن بإبعاد إيران وميليشياتها مسافة 80 كلم عن حدودهما، ولذلك من المرجح أن تتواصل الجهود الروسية على صعيدي لجم رغبة النظام، أو بعض القوى فيه، ومواصلة المساعي في الوقت نفسه للتوصل إلى حلول ترضي جميع الأطراف.
تلفزيون سوريا
—————————-
درعا البلد.. بوابة الحل السوري/ أحمد رحال
تدرك موسكو، قبل أيّ عاصمة أخرى، أنّ ما يحصل في درعا البلد، من خروقات وتعطيل لتسوية صنعتها قاعدة حميميم قبل ثلاثة أعوام، لا تنحصر نتائجه ضمن حدود درعا البلد، وتدرك أيضًا أن ما يحاك لها في دمشق وطهران والضاحية الجنوبية ليس إشعالًا لحرب لا تنتهي فحسب، بل هو طعنة لجهود روسيا في سورية ولتعهّدات قطعتها موسكو على نفسها، وتعلم أيضًا أن هناك عيونًا ترقبها في عمّان وتل أبيب وواشنطن وفي عواصم أوروبية، وأن كل هؤلاء يجعلون روسيا ووفدها المفاوض في الجنوب السوري يتحركون برويّة وبخطوات مدروسة، لأن الخطأ سيكون كارثيًا على 55 ألف مدني موجودين في الأحياء المحاصرة في درعا البلد، وكذلك على السياسة الروسية والنهج الروسي الذي أرادته موسكو في سورية، وفي هذا النهج دقّت موسكو على صدرها، عبر قادة حميميم، وأعطت كثيرًا من الوعود عام 2018، لتكسب رضا تل أبيب، وتأخذ موافقة واشنطن، وتضغط على عمان، للموافقة على تسوية مقابل شروط تعهدت موسكو بتأمينها، وأهمّها إبعاد ميليشيات إيران عن الجنوب السوري، وعدم المساس بالمدنيين، ومنح المعارضين نوعًا من الاستقلال الذاتي داخل قراهم وبلداتهم، بعد تسليمهم للسلاح المتوسط والثقيل، ووقف الهجمات على ميليشيات نظام الأسد.
تغيير القيادة الروسية لجنرالها المفاوض في درعا، “أسد الله”، جاء (بحسب بعض المصادر) بسبب الانزعاج الروسي من الأداء الذي مارسه خلال جولات تفاوضية عدة لم تُنتج شيئًا، إضافة إلى تهديده الصريح والمعلن بحرق مدينة درعا البلد، في حال عدم الاستجابة لطلباته، وبوجوب تبنّي كامل أجندة نظام الأسد وإيران، مخالفًا تعهدات القيادة الروسية التي أنجزت التسوية وتعهدت فيها ببقاء السلاح الخفيف، وتعهدت للمدنيين أيضًا بعدم التهجير من بيوتهم، وكان قدوم اللواء الروسي الجديد “أندريه” رسالة للإيرانيين ونظام الأسد معًا، أن لا أحد لديه حصانة، وأننا قادرون على تغيير كل شيء. لكن الرسالة لم تصل، واستمر التخريب الإيراني لكل جولات التفاوض عبر العميد غياث دلة (ممثل الفرقة الرابعة التي يقودها اللواء ماهر الأسد) وعبر العميد لؤي العلي، رئيس فرع المخابرات العسكرية بالجنوب الذي يدين بالولاء لطهران، واستمرت خروقات الأسد أيضًا على درعا البلد.
روسيا التي تراقب المشهد في درعا البلد تدرك تمامًا أنّ ما يفعله نظام الأسد مردّه اعتبارات سياسية واعتبارات اقتصادية.
في السياسة، لا مصلحة لنظام أسد في بقاء الوضع الراهن واستمرار الاستقرار في درعا البلد، خصوصًا بعد الفضيحة التي تسبب بها أهل حوران للنظام، ليس بسبب منع صناديق الانتخابات من الدخول لقراهم وبلداتهم ورفضهم المشاركة بمسرحية الانتخابات فحسب، بل أيضًا بسبب الكرنفالات التي انطلقت بكامل قرى وبلدات حوران، وهي تطالب بإسقاط النظام وترفض حكم الأسد، فضلًا عن ذلك، فالاستقرار يهيئ الأرضية لانطلاق الجهود الدولية في البحث عن حل سياسي تدرك فيه دمشق، قبل طهران، أنّ أي حل سياسي قادم -أيًّا كانت بنوده- يعني تمزيق أركان النظام، ويعني طرد كلّ الميليشيات الأجنبية من سورية، وهذا ما يرفضه بشار الأسد ويرفضه نظام الملالي في طهران، لذلك يريد الأسد أن تشتعل الجبهات، وأن تعود رحى الحرب لتضرب الساحات في سورية، وأن تحترق درعا البلد بمن فيها.
في الاقتصاد، ما يحدث في مناطقَ، يعُدّها النظام معقلًا لمواليه، سواء في اللاذقية وجبلة وبانياس وطرطوس أو في دمشق وحمص وحماة فضلًا عن كامل الريف الساحلي، يشير إلى أن هناك نقمة شعبية وصلت إلى مرحلة العصيان، في ظلّ تدني الخدمات، وانتشار الجريمة، وغياب المازوت والبنزين والكهرباء والدواء، حيث أصبحت المواد الأساسية تؤخذ بنظام البطاقة (الغبية) حتى رغيف الخبز، فضلًا عن الرواتب التي لا تكفي الموظف لتغطية مصاريف الأسبوع الأول من الشهر، ولذلك بدأت الصيحات وعلت الأصوات، حتى عملية الالتفاف واتهام الحكومة بالتقصير، بعيدًا عن رأس النظام، لم تعد تنطلي على الناس الذين صاروا يوجّهون سهامهم إلى بشار الأسد مباشرة، وإلى زوجته أسماء، وإلى مستشارتيه السياسية بثينة شعبان والإعلامية لونا الشبل، وصاروا يصفونهم بأشنع الصفات، من دون خوف أو وجل. وبتلك الصيرورة، أصبحت مفاصل الحكم مهددة، بثورة الكرامة والحرية التي انطلقت عام 2011، وكذلك بثورة جياع أصبحت وشيكة على الأبواب. ولإسكات كلّ هؤلاء، بديدن النظام المعروف، تحت شعار: (لا صوت يعلو عن صوت البندقية)، لا بدّ لبشار الأسد وحلفائه في طهران والضاحية الجنوبية، الذين يواجهون المصير ذاته بثورات جياع أيضًا، من إعادة الحرب للساحات، لكمّ الأفواه وإخراس أصوات الجائعين والمطالبين بحقوقهم.
وتدرك موسكو أيضًا أنها فشلت في تطبيق التعهدات التي أعطتها لإسرائيل والأردن والولايات المتحدة الأميركية، بإبعاد ميليشيات إيران و”حزب الله” لمسافات تراوح بين 40_80 كم عن حدود الجولان والحدود الأردنية، وروسيا تعلم أنها أخلفت تلك الوعود، أو أنها لم تستطع الإيفاء بها، وأن الوجود الإيراني وانتشار ميليشياته في الجنوب السوري زاد، ليس أقلّ من 2_3 أضعاف تعداده، عما كان عليه قبل التسوية التي طبختها موسكو بالجنوب السوري، وقبل التعهدات التي قطعتها على نفسها، وأن ميليشيات إيران أصبحت في قرية حضر على الشريط الأمامي لخط فضّ الاشتباك الموقّع مع إسرائيل عام 1974، وهذا ما أغضب تل أبيب ودفعها إلى توجيه ضربات متعددة على مستودعات ومقار لميليشيات إيران على حدود الجولان، وأخيرًا، وللمرة الثالثة، أسقطت منشورات تحذّر فيها ضباطًا قادة في جيش الأسد من خطورة جعل مقار قيادة ألويتهم وفرقهم العسكرية ملاذًا للحرس الثوري الإيراني وقيادات “حزب الله” اللبناني.
موسكو اليوم في الملف السوري تعبر منعطفًا تاريخيًا يحتاج إلى قرار تاريخي، فالركون إلى مطالب الأسد الرامية لاجتياح درعا البلد يعني ضعفًا روسيًا ومجازر وانتقامات، لن يقف الغرب مكتوف الأيدي حيالها، ويعني تغولًا إيرانيًا في الجغرافية السوري، يهدد ليس أهل حوران والأردن فحسب، بل بلدان الخليج العربي التي تعتبر الأردن بوابتها الغربية، وتعني أن الغرب لن يعود للاستماع لما تقوله موسكو، لأنها غير قادرة على الإيفاء بتعهداتها، وعلى ضبط حلفائها، وليس ببعيد أن تتحول مفاوضات الحل السوري من موسكو إلى طهران، باعتبارها القوة الأكبر والقوة الممسكة بمفاتيح الحلّ وبالسلطة في سورية.
المنعطف الذي تعبره موسكو اليوم بالنفق السوري المظلم يرتّب على موسكو إعادة قراءة وترتيب أوراقها، فمن يعجز عن ضبط الوضع في درعا البلد، لا يمكن أن يكون قادرًا على ضبط الوضع على كامل الجغرافية السورية، ولن يكون قادرًا على لعب دور حقيقي وفاعل، في عملية إنتاج حلّ يحقق الاستقرار للشعب السوري بعد سنوات من الحرب، فالضعف الروسي اليوم والاستكانة والخنوع لإرادة الحرب الأسدية والإيرانية سيجعل الروس طرفًا ضعيفًا، وليس شريكًا مع الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية والمملكة العربية السعودية وتركيا في الضفة الأخرى.
الضعف الروسي في درعا البلد وطغيان القرار الإيراني الراغب في الحرب سيضعف وسيؤثر في الجانب الروسي حتى في مسار أستانا أيضًا، فمن المؤكد أن تركيا تراقب بعين حذرة ما يحصل في الجنوب السوري، والطرف التركي يراقب وينتظر خواتيم الحلّ في حوران، وبالتأكيد، أنقرة لن تنتظر مصيرًا للشمال السوري يشابه مصير التعهدات الروسية الفاشلة في درعا البلد وحوران، خصوصًا أن الخروقات والجرائم والمجازر التي ترتكبها موسكو وحليفها الأسد الآن، في أرياف إدلب، وخاصة في جبل الزاوية، زعزعت الثقة بين الأتراك والروس، بسبب وحشيتها ضد المدنيين، وبسبب تجاوزها لكل تفاهمات أستانا، ولأن شظى نيرانها وقذائفها بلغ أطراف النقاط التركية المنتشرة في شمال غرب سورية، وأوقعت عددًا من الجرحى والإصابات بصفوف الجنود الأتراك أيضًا.
موسكو تعلم أيضًا أن سور الصين العظيم امتدّ ليصل إلى أبواب دمشق، وقد طرقها، وكان الرد الأسدي، بدفع من إيران، مرحّبًا ومهللًا، وموسكو تعلم أن غضبها وانسحابها من سورية ليس خيارًا، لأنه يعني كارثة سياسية لن تحتملها جدران الكرملين، وستعيد لتذكّر الروس بكارثة الانسحاب المذلّ من أفغانستان، خصوصًا وهم اليوم يعيشون ويشمتون بالانسحاب الأميركي من أفغانستان، ولذلك لا ترفَ في الخيارات لدى موسكو في سورية.
أمام موسكو طريق أضاعته منذ انطلاقة الثورة السورية، كما أضاع “فيلق القدس”، القدسَ عن خرائطه، وعلى موسكو أن تعيد ترتيب أولوياتها ومصالحها وتحالفاتها في سورية، فالإيراني لم ولن يكون حليفًا لروسيا في سورية، والأسد لم ولن يكون شريكًا لروسيا في سورية، والعلاقات الوطيدة والدائمة تبنى مع الشعوب، لا مع حكومات زائلة وزائفة، وما يربطها سابقًا من علاقة قوية كان مع الشعب السوري ولم يكن مع عائلة الأسد.
فهل تُتقن موسكو فنّ الممكن وفنّ المتاح، وتُعيد رسم سياساتها وتحالفاتها وتموضعاتها وتعهداتها، وتَخرج، وتُخرج السوريين معها، من نفق مظلم مدمر، للبدء بإعادة إعمار البلد وإصلاح ما دمّرته الحرب؟؟ أم أنها ستبقى مع الأسد وإيران، في حروبٍ غير منتهية تحرق سورية وتحرق المنطقة، وتحترق معها موسكو؟!
مركز حرمون
——————————-
مليشيات إيرانية تحاصر “درعا البلد”… والروس يستأنفون قصف إدلب/ أمين العاصي
تراوح محاولات التوصل إلى تسوية في درعا البلد، بمدينة درعا جنوب سورية، مكانها، مع اقتراب انتهاء مهلة الـ15 يوماً التي كان حددها الجانب الروسي للنظام ووفد الأهالي المفاوض، للتوصل لحل على أساس “خريطة حل” كان قدمها الروس للجانبين. في هذه الأثناء، يستمر التصعيد في شمال غربي سورية، حيث عاود الطيران الروسي أمس القصف الذي يتضرر منه المدنيون.
وساد الهدوء في أحياء درعا البلد، أمس، بعد ليلة وُصفت بـ”العصيبة” دارت خلالها اشتباكات بين مقاتلين محليين يدافعون عن المنطقة، وبين قوات النظام ومليشيات تتبع لإيران. وأوضح الناشط الإعلامي أحمد المسالمة، في حديث مع “العربي الجديد”، أن قوات النظام قصفت أحياء درعا البلد من راجمات صواريخ منتصف ليل الإثنين- الثلاثاء، ما أدى إلى مقتل مدني وإصابة آخرين. وأشار إلى أن جولة مفاوضات عقدت أول من أمس الإثنين، بين وفد الأهالي ووفد النظام، إلا أنها باءت بالفشل، مضيفاً: “لم يتفق الجانبان على أي شيء من خريطة الحل الروسي”. ولفت إلى أن قوات النظام “تعمل على قصف أحياء درعا المحطة (بمدينة درعا) الواقعة تحت سيطرتها، لاتهام الثوار بذلك، وزعزعة الحاضنة الشعبية وإيهام الرأي العام أن المدافعين عن درعا البلد يستهدفون المدنيين”. وقال المسالمة إنّ “التعزيزات للمليشيات الإيرانية في محيط أحياء درعا البلد المحاصرة لم تتوقف”، مشيراً إلى أنّ هذه المليشيات “تحاصر منذ أكثر من شهرين آلاف المدنيين وتمنع عنهم الدواء والغذاء”.
من جهتهم، نشر عدد من الصحافيين في محافظة درعا، صوراً على أطراف درعا البلد أكدوا أنها لمتزعم مليشيا “لواء الحسين” العراقية، وهو يقف إلى جانب العميد غياث دلة، قائد عمليات الفرقة الرابعة التابعة لقوات النظام في محافظة درعا. وكان “تجمّع أحرار حوران” المعارض، أكد قبل أيام مشاركة مليشيات عراقية مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، في حصار أحياء درعا البلد، ومنها “أسود العراق”، و”لواء أبو الفضل العباس”، و”لواء الرسول الأعظم”، بالإضافة إلى مليشيا “الحاج” اللبنانية.
من جانبه، يتهم النظام وفد الأهالي بـ”رفض جهود التسوية التي تبذل لترسيخ الأمن والاستقرار في عموم محافظة درعا”. وزعمت صحيفة “الوطن” التابعة للنظام، أمس، أن اللجنة الأمنية التابعة للنظام التي تفاوض وفد الأهالي “مصرّة على الحل السلمي وفرض الدولة لكامل سيادتها في المحافظة، والتوصل إلى تسوية لتجنيب المنطقة الدمار وحقن الدماء”. وأكدت الصحيفة أنّ قوات النظام تواصل إرسال المزيد من التعزيزات إلى مناطق محيطة بمدينة درعا. ويصر النظام على تجريد الأهالي في أحياء درعا البلد من كل صنوف الأسلحة، وتهجير من لا يقبل البقاء تحت سيطرته إلى الشمال السوري.
في موازاة التطورات في الجنوب السوري، يشهد الشمال الغربي من البلاد تصعيداً من قبل قوات النظام والطيران الروسي الذي عاود أمس الثلاثاء قصف مناطق في إدلب. وفي السياق، أفاد ناشطون محليون بأن الطائرات الحربية الروسية جددت صباح أمس غاراتها الجوية على شمال غرب سورية، مستهدفة قرية كفرميد بريف إدلب الغربي بصواريخ شديدة الانفجار، موضحين أن الغارات خلفت دماراً كبيراً في ممتلكات المدنيين. من جهته، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، 52 ضربة جوية روسية على مواقع وتجمعات عسكرية ومدنية في محافظة إدلب ومحيطها منذ مطلع أغسطس/آب الحالي.
وتعليقاً على ذلك، قال القيادي في فصائل المعارضة في محافظة إدلب، العقيد مصطفى البكور، في حديث مع “العربي الجديد”، إن “التصعيد الروسي لم يتوقف ضد الشمال السوري المحرر منذ تم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في مارس/آذار 2020 بين الروس والأتراك”، مضيفاً: “ولكنه يشتد أحياناً، ويخبو أحياناً أخرى”. واعتبر البكور أن التصعيد الأخير “يندرج في إطار توجيه رسائل إلى طرفين هما؛ الأتراك والمدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة”، موضحاً أن “الرسائل للأتراك تتجلى باستهداف المناطق القريبة من النقاط التركية في جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، وسهل الغاب في ريف حماة، للضغط على أنقرة لتنفيذ الاتفاقات السابقة وخاصة فتح الطريق الدولي حلب اللاذقية (أم 4)”. وتابع: “أما الرسائل للمدنيين، فهي بأن وجود الجيش التركي في المناطق المحررة لن يؤمن الحماية لسكانها، وبالتالي لكي تضمنوا سلامتكم من القصف والمجازر عليكم مساعدة الروس وقوات الأسد في استعادة هذه المناطق”.
في الأثناء، يتواصل التصعيد على خطوط التماس بين “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) وفصائل سورية معارضة مرتبطة بالجيش التركي. إذ ذكرت مصادر محلية أن هذه الفصائل قصفت أمس أهدافاً لـ”قسد” في ريف مدينة منبج غربي نهر الفرات.
من جهته، قال المركز الإعلامي لـ”قسد”، إن “الجيش التركي استهدف أمس بالأسلحة الثقيلة قرى: خربة شعير، باب الخير، نويحات، ربيعات العبوش، تل الورد والطريق الدولي أم 4 في أطراف بلدة أبو راسين، ما تسبب بأضرار مادية بممتلكات المدنيين”. وأضاف: “لا تغيير في الخريطة العسكرية في المنطقة، والأوضاع الميدانية ثابتة بما فيها خطوط التماس”.
العربي الجديد
————————-
“اللواء الثامن” و”الشرطة الروسية” يدخلان الأحياء المحاصرة في درعا بهدف فض الاشتباك والتفاوض/ محمد الأحمد
أكد “تجمع أحرار حوران”، المهتم بأخبار محافظة درعا، جنوبي سورية، أنّ “رتلاً عسكرياً يتبع للواء الثامن المنضوي ضمن تشكيلات الفيلق الخامس المدعوم من روسيا دخل، عصر الثلاثاء، الأحياء المحاصرة في مدينة درعا برفقة قوات من الشرطة الروسية”.
وقال عضو “تجمع أحرار حوران” أبو البراء الحوراني، في حديث لـ”العربي الجديد”، إنّ قوات تابعة للشرطة العسكرية الروسية دخلت أيضاً برفقة “الفيلق الخامس” إلى الأحياء المحاصرة في درعا البلد لفضّ الاشتباك بين قوات النظام والمليشيات الإيرانية من جهة، وشبان وثوار درعا من جهة أخرى، وإيقاف القصف على الأحياء المحاصرة.
وأشار إلى أنّ “اللواء الثامن الذي يقوده أحمد العودة (القيادي السابق في المعارضة السورية)، تسلم ملف التفاوض مع النظام، بعد فشل التوصل لاتفاق بين لجان التفاوض واللجنة الأمنية التابعة للنظام حول ملف درعا”.
ويعتبر “اللواء الثامن”، المنضوي ضمن تشكيلات “الفيلق الخامس”، فصيلاً محلياً خاضعاً لاتفاقية التسوية والمصالحة، وتم تشكيله بعد العام 2018 بدعم روسي.
وأوضح الحوراني أنّ عدداً من المدنيين جرحوا، عصر الثلاثاء، إثر قصف بقذائف الهاون من قبل قوات “الفرقة الرابعة”، استهدف الأحياء المحاصرة في درعا البلد، مضيفاً أن تعزيزات عسكرية جديدة لقوات النظام وصلت إلى منطقة الضاحية بريف درعا الأوسط، ضمّت دبابات وآليات ثقيلة، وذلك عقب حملة قصف مكثفة شنها النظام على الأحياء المحاصرة في درعا البلد، بعد تعثر جولة المفاوضات، أمس الإثنين.
ولفت الحوراني إلى أن “قوات النظام أعادت فتح حاجز السرايا الذي تُسيطر عليه، والذي يُعدّ المعبر الإنساني الوحيد الواصل بين درعا المحطة والأحياء المحاصرة في مدينة درعا، وذلك عقب دخول رتل للشرطة العسكرية الروسية واللواء الثامن التابع للفيلق الخامس المدعوم من روسيا إلى أحياء درعا البلد”.
وأشار إلى أنّ “فتح المعبر جاء عقب تثبيت نقطة عسكرية بالقرب من مقبرة البحار ضمن أحياء درعا البلد، من قبل الشرطة العسكرية الروسية وعناصر اللواء الثامن”.
من جهتها، أكدت مصادر محلية من درعا البلد لـ”العربي الجديد”، أنه تم الاتفاق على تهجير نحو عشرة مقاتلين إلى الشمال السوري، وإلحاق بقية المقاتلين المتواجدين في الأحياء المحاصرة بدرعا البلد ضمن صفوف اللواء الثامن، دون التوصل إلى معلومات إضافية حول الاتقاق.
وأوضح الحوراني أنه “بموجب الاتفاق الجديد الذي تم بعد دخول الشرطة الروسية وعناصر اللواء الثامن قد تم البدء بتهجير نحو 10 أشخاص من درعا البلد نحو الشمال السوري، فيما سيجري العشرات من أبناء المنطقة تسوية جديدة بعد دخول لجنة التسوية غداً إلى درعا البلد”، لافتاً إلى أن العديد من الأهالي خرجوا في مظاهرة حاشدة تحت شعار (الموت ولا المذلة) لحظة وداع الشبان الذين خرجوا في باصات التهجير إلى الشمال السوري”.
وأكد الحوراني أن “قوات النظام عاودت وخرقت الاتفاق وأطلقت الرصاص الحي على حشود المدنيين المجتمعة عند حاجز السريا (المعبر الإنساني الوحيد بين درعا البلد ودرعا المحطة)، عقب فتحه بساعة واحدة، ما أدى لمقتل مدني وإصابة خمسة مدنيين بعضهم في حالة خطرة”، مضيفاً أن “قوات النظام ما زالت مستمرة في التصعيد، واستهدفت بالرشاشات المتوسطة والثقيلة الأحياء المحاصرة في درعا البلد”.
من جهة أخرى، قُتل طفلان لا يتجاوز عمر كل منهما الـ10 أعوام، عصر اليوم الثلاثاء، إثر انفجار قنبلة عنقودية من مخلفات الطائرات الحربية الروسية في منطقة الصواغية، شمالي محافظة إدلب، شمال غربي البلاد.
وقال الناشط عبد العزيز القيطاز، لـ”العربي الجديد”، إنّ “الطفلين كانا يلعبان بأرض زراعية في محيط منطقة الصواغية القريبة من بلدة الفوعة، شمالي إدلب، وأثناء اللعب انفجرت قنبلة عنقودية من مخلفات الطائرات الحربية الروسية، وأدت إلى مقتلهما على الفور، بالإضافة إلى إصابة طفلين آخرين كانا برفقتهما تم نقلهما إلى المستشفيات القريبة لتلقي العلاج”.
إلى ذلك، أكدت مصادر مقربة من “هيئة تحرير الشام”، لـ”العربي الجديد”، أنّ حصيلة قتلى عناصر الهيئة ارتفعت إلى 10، بينهم مُدرب عسكري، إثر انفجار قذيفة هاون أثناء تدريبات عسكرية أُجريت، عصر اليوم الثلاثاء، ضمن معسكر تدريبي للهيئة بالقرب من بلدة رام حمدان، شمالي محافظة إدلب، نافيةً أن “يكون الاستهداف ناتجاً عن غارة جوية من قبل طائرات مُسيرة تابعة للتحالف الدولي على المعسكر”.
—————————–
فشل اتفاق درعا وقصف للنظام وميليشيات إيران على الأحياء المحاصرة/ هبة محمد
فشل الاتفاق الذي توصل إليه اللواء الثامن المدعوم من روسيا، بقيادة أحمد العودة، مع النظام السوري في درعا البلد جنوب سوريا، مساء الثلاثاء، والذي تضمن عدة بنود في مقدمتها تهجير عدد من الشبان، وعلى رأسهم شخصان نحو الشمال السوري.
وقال عضو لجنة التفاوض وأحد وجهاء درعا البلد، أبو علي المحاميد لـ «القدس العربي» إن «البند الأول من الاتفاق نص على دخول الشرطة العسكرية الروسية إلى درعا البلد ووضع نقطة عسكرية تفصل ما بين الأهالي وقوات النظام، ووقف إطلاق النار، وانسحاب قوات الفرقة الرابعة والميليشيات الإيرانية التي تحاصر درعا من المنطقة، والشروع بإجراء تسوية وضع نحو 180 شخصا مطلوبين لأجهزة النظام الأمنية».
وتضمنت المرحلة الثانية، وفقا للمحاميد، فتح طريق السرايا، حيث تم بالفعل «فتح الطريق وتحضير نحو 10 شبان مطلوبين للتهجير نحو إدلب، عدا شخصين كان النظام قد أصر عليهما بالذات، الأول محمد مسالمة الملقب بـ «الهفو»، والثاني مؤيد حرفوش، حيث رفضا التهجير».
وأضاف أن «رفض الهفو وحرفوش التهجير أدى إلى توقف الاتفاق ومنع الحافلة من الخروج من درعا، وانسحاب النقطة العسكرية الروسية من موقع تمركزهم»، مضيفا أن «درعا البلد عادت إلى المربع الأول».
وقال باسم تجمع أحرار حوران، إن قوات النظام استهدفت أحياء درعا البلد المحاصرة بقذائف الهاون، بعد تعثر الاتفاق.
وأضاف المتحدث أن مدنيا قتل وجرح 5 آخرون بسبب إطلاق النار من قبل قوات النظام والميليشيات الإيرانية على الأهالي المحتشدين عند حاجز السرايا في درعا البلد.
————————-
مجلس الأمن:روسيا تتصدى لنداءات من أجل إنقاذ درعا
حمّلت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد النظام السوري مسؤولية تهجير السكان والتسبب في مقتل المدنيين خصوصاً في محافظة درعا.
وقالت المندوبة الأميركية خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي حول مستجدات الأزمة السورية، إنه “يجب على النظام السوري السماح للمنظمات الإنسانية بدخول درعا لتقديم المساعدات لمن هم في أمس الحاجة إليها، ليتمكنوا من إنقاذ الأرواح، ونحث أولئك الذين لهم نفوذ على نظام الأسد على التوسط لإيجاد حل”.
وأشارت غرينفيلد إلى أن الحصار الذي يفرضه النظام السوري على درعا، يفاقم الأزمة الإنسانية ومعاناة السكان. وقالت إن المنظمات الإنسانية على استعداد لتقديم المساعدة التي يحتاجها السكان، لكن نظام الأسد لا يسمح بذلك، ويجب عليه منحها إمكانية الوصول إلى درعا على الفور حتى تتمكن من إنقاذ أرواح السكان.
من جانبه، طالب المبعوث الروسي فاسيلي نيبينزيا المعارضة المسلحة إلى إلقاء السلاح أو الرحيل، متهماً أياها بأنها لا تتقيد بوقف إطلاق النار الذي تحقق في 14 آب/أغسطس برعاية روسية.
بدوره، دعا مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسن إلى إنهاء فوري للعنف في درعا وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين.
وخلال إحاطة قدمها إلى أعضاء مجلس الأمن حول الأوضاع في سوريا، عبّر بيدرسن عن أسفه الشديد للتصعيد العسكري في أجزاء عديدة من سوريا، موضحاً أن الجنوب الغربي، خصوصاً في درعا، شهد انتشاراً كبيراً للوحدات المقاتلة، بالإضافة إلى القصف العنيف والاشتباكات البرية.
ولفت إلى أنه اتصل بكل أطراف القتال من أجل إنهاء العنف على الفور والوفاء بالتزاماتها بموجب العمل الإنساني الدولي وحماية المدنيين والبنية التحتية. ودعا إلى وصول فوري وآمن وبدون عوائق للمساعدات الإنسانية إلى كل المناطق والمجتمعات المتضررة، مطالباً بتفادي أي عملية نزوح والسماح لسكان درعا بالعودة إلى ديارهم بسلامة وكرامة.
وقال بيدرسن إنه “يسعى حالياً إلى التوصل إلى اتفاق مستدام لإنهاء النزوح”، مطالباً بالسماح لفريق عمله بالوصول إلى درعا، وأعاد طرح مبادرة تجمع الدول المعنية في الملف السوري خلال لقاء غير رسمي في جنيف.
كذلك تحدث عن التوترات الشديدة في شمال غربي سوريا، لافتاً إلى أن الأشهر الماضية شهدت تكثيفاً للضربات الجوية والقصف المدفعي مما أدى إلى سقوط عشرات القتلى المدنيين بينهم نساء وأطفال. وأضاف أن المناطق الشمالية الشرقية من الرقة والحسكة شهدت المزيد من أعمال العنف.
وفي الشأن السياسي تحدث بيدرسن عن جهوده لتيسير عقد جولة سادسة للهيئة المصغرة للجنة الدستورية، موضحاً أنه التقى في الأسابيع الأخيرة مع الرئيس المشارك من هيئة المفاوضات السورية هادي البحرة، والرئيس المشارك من النظام السوري أحمد الكزبري. وأفاد بأنه ناشد الطرفين إظهار مرونة بغية الخروج من المأزق وعقد جلسة جديدة في أسرع وقت ممكن.
ودفع التصعيد العسكري بين قوات النظام ومقاتلين معارضين في درعا أكثر من 38 ألف شخص إلى النزوح خلال شهر تقريباً. وأحصى مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في بيان نزوح 38 ألفاً و600 شخص إلى مدينة درعا ومحيطها، فرّ معظمهم من درعا البلد.
ويتوزع النازحون بين نحو 15 ألف امرأة وأكثر من 3200 رجل ومن كبار السن، إضافة إلى أكثر من 20 ألفاً و400 طفل.
المدن
—————————–
درعا:النظام يخرق الاتفاق..وخروج دفعة من المقاتلين
خرجت دفعة أولى من المسلحين المعارضين من محافظة درعا إلى الشمال السوري ليل الثلاثاء، في إطار هدنة تم التوصل إليها بوساطة روسية، لكن سرعان ما انهار الاتفاق بسبب رفض مسلحين إثنين لبند التهجير.
وقالت مصادر موالية للحكومة السورية إن قوات النظام السوري حددت الأربعاء آخر مهلة لخروج مسلحي المعارضة الرافضين للتسوية من درعا البلد.
وأعلن الناطق الرسمي باسم لجنة المفاوضات في درعا عدنان المسالمة انهيار الاتفاق الذي كان سيتم تنفيذه الأربعاء بسبب رفض مسلحين اثنين الخروج من درعا البلد، وقال: “كان الاتفاق سيجنبنا الحصار والحرب ويحفظ كرامتنا وأمننا”.
وعن بنود الاتفاق الجديد مع الروس، قال المسالمة إنه يتضمن “دخول اللواء الثامن مع الشرطة العسكرية الروسية إلى محيط درعا لإيقاف القصف نهائياً، افتتاح حاجز السرايا في كلتا الجهتين ودخول مخفر الشرطة إلى درعا البلد”.
وأضاف أن “هذه البنود كانت ستُنفذ بشرط أن يخرج شخصين متهمين من قبل النظام بأنهما يشكلان مجموعة غير منضبطة، بعد أخذ موافقتهما على الرحيل الطوعي، إلا أنهما رفضا الخروج مما أدى إلى انهيار الإتفاق”.
من جهتها، نقلت شبكة “درعا 24” عن مصدر من لجان التفاوض أن الاتفاق حول ملف درعا البلد “ما يزال يتأرجح ومصيره غير معروف إذ غادرت حافلة تُقل مسلحين معارضين من درعا باتجاه الشمال السوري، ولكن لم يغادر جميع المطلوبين للتهجير”.
وأضافت المصادر أن “الحافلة كانت تُقل ثمانية من المقاتلين المحليين، بينهم منشقون عن النظام، وقد توقفت قرابة ساعتين ضمن درعا لأسباب غير واضحة، ثم توجهت للشمال السوري”.
وانتشر تسجيل صوتي منسوب لأحد المطلوبين للتهجير وهو محمد مسالمة الملقب ب”هفو”، قال فيه إنه لم يغادر درعا “لأن ذلك مخالف لما تم الاتفاق عليه وهو أن يكون التهجير مقابل انسحاب جيش النظام من النقاط التي تحاصر درعا البلد”.
وأشارت “درعا 24” إلى انسحاب النقطة العسكرية التي تم تثبيتها في حي البحار داخل أحياء درعا البلد من قبل الشرطة العسكرية الروسية واللواء الثامن التابع للفيلق الخامس بعد ساعات قليلة من تثبيتها، موضحةً أن هذه النقطة كان من المفترض أن تراقب وقف إطلاق النار والوقوف على تنفيذ بنود الاتفاق، الذي يشمل افتتاح مركز تسوية داخل درعا البلد.
ومن ضمن بنود الاتفاق أيضاً تثبيت نقطة أخرى بالقرب من حاجز السرايا بين درعا البلد ومركز المحافظة، بحسب الشبكة، التي أشارت إلى وقوع إصابات من المدنيين من أهالي درعا البلد بإطلاق نار عشوائي من قبل عناصر حاجز السرايا العسكري، بعد وقت قصير من إعادة فتحه بإشراف روسي وتجمع أعداد كبيرة من الأهالي من النازحين من درعا البلد، للعودة إلى منازلهم.
وقال المرصد السوري لحقوق الانسان إن قوات النظام أطلقت النار على المدنيين عند حاجز السرايا، ما أدى إلى وقوع إصابات عديدة، مشيراً إلى أن الفيلق الخامس كان قد أنشأ نقطة عسكرية مؤقتة بالقرب من مقبرة البحار على المدخل الجنوبي لدرعا البلد، استكمالاً لتنفيذ خريطة الطريق الروسية، وتمهيداً لافتتاح حاجز السرايا وفك الحصار عن درعا البلد، وإكمال التسويات للمطلوبين.
ويُعد تهجير المطلوبين أول بنود الاتفاق في المفاوضات برعاية روسية، بين اللجنة المركزية في درعا، واللجنة الأمنية التابعة للنظام، لليوم العاشر على التوالي.
وعقب انهيار الاتفاق، قصفت قوات النظام الأحياء السكنية في درعا البلد ومخيم درعا وطريق السد، كما سقطت قذائف الهاون عند محيط الجامع العمري بدرعا البلد.
وكان النظام قد استهدف ظهر الثلاثاء الجامع العمري ما أدى إلى مقتل شاب وإصابة عدد من الأشخاص، كما قصفت الفرقة الرابعة حي الكاشف الواقع ضمن المربع الأمني في درعا بخمس قذائف هاون. كما شهدت أحياء درعا البلد اشتباكات على محور الكازية من الجهة الشرقية، رافقها قصف للأحياء براجمات الصواريخ وسلاح المدفعية، وذلك بعد فشل المفاوضات مساء الاثنين بين الأهالي وقوات النظام برعاية روسية.
—————————
«الفيلق الروسي» يدخل درعا بعد قمة عبد الله الثاني وبوتين
دخل «الفيلق الخامس» التابع لقاعدة حميميم الروسية إلى درعا، أمس، غداة قمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، التي تناولت الوضع في جنوب سوريا، ما رجّح بدء قاعدة حميميم تنفيذ تسوية تتضمن إخراج معارضين إلى شمال غربي البلاد.
وكانت مناطق في درعا البلد تعرضت لـ«قصف غامض» لدى بدء قادة «الفيلق الخامس» مباحثات جديدة مع الجانب الروسي واللجنة الأمنية التابعة للنظام، بحضور ممثل اللجنة المركزية لدرعا البلد، مع استمرار تصعيد «الفرقة الرابعة» التي يقودها اللواء ماهر، شقيق الرئيس بشار الأسد، ودفع مزيد من التعزيزات العسكرية إلى المنطقة. ولأول مره منذ إبرام اتفاق التسوية جنوب سوريا عام 2018، تعرضت أحياء «المطار والكاشف» الواقعة ضمن المربع الأمني في مدينة درعا المحطة، لقصف بقذائف الهاون.
على صعيد آخر، قتل 8 عناصر من «هيئة تحرير الشام» بانفجار غامض في معسكر تدريبي قرب قرية رام حمدان في ريف إدلب، شمال غربي سوريا. وتردد أن الأجواء شهدت تحليقاً لطائرات مذخرة لـلتحالف الدولي، بالتزامن مع الانفجار العنيف، بينما قالت مصادر أخرى إن الانفجار نتيجة خطأ فني أثناء التدريب.
—————————
«قصف غامض» في درعا يواكب مشاركة «الفيلق الخامس» بمفاوضات التسوية
«الفرقة الرابعة» تواصل إرسال التعزيزات إلى جنوب سوريا
درعا (جنوب سوريا): رياض الزين
تعرضت مناطق في درعا البلد جنوب سوريا لـ«قصف غامض»، في وقت يجري قادة «الفيلق الخامس» المدعوم من روسيا في درعا، مباحثات جديدة مع الجانب الروسي واللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري بحضور ممثل اللجنة المركزية لدرعا البلد، مع استمرار تصعيد الفرقة الرابعة في المنطقة، ودفع المزيد من التعزيزات العسكرية إلى المنطقة.
ودخلت تعزيزات عسكرية جديدة إلى مدينة درعا، يوم الثلاثاء، مؤلفة من عناصر وآليات عسكرية إلى منطقة الضاحية غرب مدينة درعا، كما وصلت مساء الاثنين تعزيزات تابعة للفرقة الرابعة إلى بناء الري في المنطقة الغربية بريف درعا بين بلدات اليادودة والمزيريب غرب درعا. وقالت مصادر محلية إن «قصف الفرقة الرابعة لمدينة درعا البلد وطريق السد والمخيم، أسفر عن مقتل شاب مدني وجرح آخرين في مدينة درعا البلد، نتيجة لاستهداف المنطقة براجمات الصواريخ وقذائف الدبابات من قبل قوات الفرقة الرابعة المطوقة لمدينة درعا البلد، وسط انعدام النقاط الطبية وإغلاق كافة الطرق المؤدية للمدينة من قبل قوات النظام السوري والميليشيات ما يجعل إسعاف الجرحة يقتصر على ضمادات بدائية، ذلك عقب تعثر المفاوضات يوم الاثنين».
ولأول مره منذ إبرام اتفاق التسوية جنوب سوريا عام 2018، تعرضت أحياء «المطار والكاشف» الواقعة ضمن المربع الأمني في مدينة درعا المحطة، لقصف بقذائف الهاون، وسط اتهامات أطلقتها «الفرقة الرابعة» بأن مصدر القذائف من داخل مدينة درعا البلد، في حين قال «تجمع أحرار حوران» إنه سقط 5 قذائف على حي الكاشف في مدينة درعا أسفر عن وقوع جرحى بين المدنيين، وقذيفة في حي المطار بعد منتصف ليلة الاثنين، مصدرها مواقع قوات الفرقة الرابعة في محاولات متكررة لاتهام أبناء درعا البلد بالوقوف خلف هذه العمليات لخلق الذرائع وتبرير تصعيد النظام العسكري على الأحياء المحاصرة بدرعا، التي تتعرض للقصف والحصار لأكثر من 60 يوماً.
وقال مصدر من لجنة التفاوض في درعا البلد لـ«الشرق الأوسط»، إنه «ما زالت المفاوضات متعثرة بسبب تعنت النظام على شروطه بتسليم كامل السلاح الخفيف وتسليم المطلوبين أو ترحيلهم إن رفضوا للتسوية، ونشر نقاط للفرقة الرابعة وتفتيش المنازل، ورفض أي مقترح مغاير لرغباتها، وتصعيد الأعمال العسكرية هدفه زيادة الضغط على الأهالي واللجان المفاوضة للقبول بشروطه».
وزاد أن التصعيد الأخير الذي حصل يوم الاثنين بعد هدوء يومين، «جاء نتيجة تقديم مقترح أقنع إلى حد ما الجانب الروسي، ويبعد العمليات العسكرية والفرقة الرابعة عن المدينة، وبعد انتهاء الاجتماع الاثنين والإعلان عن استئناف المفاوضات وفقاً للمقترح الجديد يوم الثلاثاء، عاد التصعيد العسكري على مناطق درعا البلد، ومحاولات الاقتحام والقصف، واستهدفت مناطق سكنية في مدينة درعا المحطة، لإفشال المفاوضات واستمرار تعثرها وخلق ذرائع، لتطبيق الشروط العسكرية التي يرغبها الطرف الآخر (الفرقة الرابعة)».
وقال ناشطون في درعا البلد إن «مصدر القصف على حي الكاشف والمطار في درعا المحطة، هو حي سجنة المقابل لحي ميسلون، حيث تتركز نقاط الفرقة الرابعة، وأن أبناء درعا البلد المقاومين لدخول قوات الفرقة الرابعة والميليشيات الإيرانية، لا يملكون السلاح الثقيل، سواء مدافع أو هاونات، حيث تم تسليم كافة السلاح المتوسط والثقيل في عام 2018 بإشراف الجانب الروسي، ولا يملكون إلا السلاح الخفيف الذي لا يتعارض مع اتفاق التسوية 2018».
كما أن مشاهد خروج القذائف تؤكد أنه تم القصف من منطقة «قصاد والجمرك القديم»، حيث تنتشر قوات الفرقة الرابعة، باتجاه حي الكاشف والمطار، «ما يؤكد أن الهدف من اتهام المعارضة باستهداف المدنيين، هو عرقلة المفاوضات، وامتلاك السلاح الثقيل، والحصول على تأييد جماهيري لعملياتها على درعا البلد، وروايتها بوجود إرهابيين في درعا البلد، التي تتعرض أمام مرأى ومسمع العالم للقصف المستمر والحصار منذ شهرين».
وعبر الناشط أيمن أبو نقاوة، أن شهود عيان وصورة القذيفة «توضح أن نوع السلاح ومكان الإصابة ومكان الإطلاق ونوع الهدف يدل على هوية الفاعل الذي لا يفرق بين مدني في درعا المحطة أو درعا البلد أو على ثرى حوران كافة، وهدفه إثارة الفتن والتأجيج على أبناء درعا البلد»، متهماً الإعلام الموالي للنظام السوري بتعمد تزوير الحقائق وتضليلها لصالح قوات النظام السوري.
الشرق الأوسط»،
————————
هدنة درعا.. خروج دفعة أولى من المقاتلين السوريين المعارضين وإصابة عدد من المدنيين
الاتفاق مع النظام يقضي بخروج بضعة مقاتلين من أهالي درعا مقابل انسحاب الفرقة الرابعة في جيش النظام وفك الحصار عن درعا البلد
خرجت دفعة أولى من المقاتلين السوريين المعارضين من درعا في إطار هدنة تم التوصل إليها بوساطة روسية ترمي إلى وضع حد لأعنف معارك شهدتها المنطقة منذ سنوات، وفق ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان يوم أمس الثلاثاء.
وأفاد المرصد بأن “الدفعة الأولى من المسلحين الرافضين للتسوية مع قوات النظام” قد غادرت درعا، موضحا أن “عددهم 10 أشخاص”.
وينص الاتفاق على إجلاء المطلوبين، ويدعو المقاتلين المعارضين الراغبين بالبقاء في درعا إلى إلقاء السلاح، وفق المرصد.
وكانت صحيفة الوطن التابعة للنظام السوري قد أشارت إلى بدء إجلاء المقاتلين الرافضين للتسوية، مؤكدة بدء تطبيق اتفاق الهدنة.
من جانبها، قالت مصادر محلية للجزيرة إنّ عددا من المدنيين أصيبوا جراء إطلاق قوات النظام السوري الرصاص على مدنيين تجمعوا قرب حاجز السرايا في درعا المحطة.
ووقع إطلاق النار -وفق المصادر- بعد أن تجمع مئات المدنيين قرب الحاجز إثر الإعلان عن عزم روسيا فتح الحاجز لعودة المدنيين إلى البلدة، وذلك عقب الحديث عن اتفاق في المنطقة.
وأوضحت المصادر أن الاتفاق يقضي بخروج بضعة مقاتلين من أهالي درعا مقابل انسحاب الفرقة الرابعة في جيش النظام وفك الحصار عن درعا البلد.
الشرطة الروسية تدخل درعا
وفي وقت سابق، قالت مصادر محلية إن الشرطة العسكرية الروسية دخلت أحياء في درعا البلد رفقة اللواء الثامن من الفيلق الخامس التابع لقوات النظام السوري، بعد مقتل مدني وإصابة آخرين بجروح جراء قصف للنظام السوري على مناطق محاصرة من درعا البلد (جنوبي سوريا).
وأضافت تلك المصادر أن دخول الشرطة العسكرية الروسية جاء تمهيدا لاتفاق مرتقب بين عشائر درعا والنظام السوري برعاية روسية.
ويتشكل اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس من أبناء محافظة درعا الذين عقدوا تسويات مع النظام عام 2018.
واشنطن: يجب رفع الحصار
وقالت المندوبة الأميركية في مجلس الأمن الدولي ليندا توماس غرينفيلد إنه يجب على النظام السوري أن يسمح للمنظمات الإنسانية بدخول درعا لتقديم المساعدات لمن هم في أمس الحاجة إليها.
واعتبرت غرينفيلد -خلال جلسة لمجلس الأمن بشأن سوريا- أن الحصار الذي يفرضه النظام السوري على درعا، يفاقم الأزمة الإنسانية ومعاناة السكان.
وقالت إن المنظمات الإنسانية على استعداد لتقديم المساعدة التي يحتاجها السكان، لكن نظام الأسد لا يسمح بذلك، ويجب عليه منحها إمكانية الوصول إلى درعا على الفور حتى تتمكن من إنقاذ أرواح السكان.
وحذّرت الأمم المتحدة من وضع حرج في الأحياء التي تشهد تصعيدا عسكريا، منبهة إلى أن إمكان الوصول إلى السلع والخدمات الأساسية -بما في ذلك الطعام والكهرباء- بات “صعبا للغاية”.
وفي مداخلة خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، شدد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون على حاجة البلاد الملحة للمساعدات الإنسانية.
وقال “نجدد دعوتنا كل الأطراف إلى وضع حد نهائي للعنف”، مطالبا بإتاحة دخول المساعدات الإنسانية “فورا وبشكل آمن ومن دون عراقيل إلى كل المناطق المتضررة بما فيها درعا البلد”.
إحصاءات وأرقام
ودفع التصعيد العسكري بين قوات النظام ومقاتلين معارضين في مدينة درعا أكثر من 38 ألف شخص إلى النزوح خلال شهر تقريبا، وفق ما أعلنت الأمم المتحدة أمس، بينما لا تزال المفاوضات متعثرة.
وأحصى مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة -في بيان- نزوح 38 ألفا و600 شخص إلى مدينة درعا ومحيطها، فرّ معظمهم من درعا البلد.
ويتوزع النازحون -وفق المصدر ذاته- بين نحو 15 ألف امرأة وأكثر من 3200 رجل ومن كبار السن، إضافة الى أكثر من 20 ألفا و400 طفل.
وزادت الأوضاع الإنسانية سوءا مع استمرار المناوشات والاشتباكات المتقطعة وتبادل القصف، إلى جانب إحكام قوات النظام تدريجيا الخناق على درعا البلد، بينما لم تسفر الاجتماعات المتكررة عن التوصل لاتفاق في المدينة التي اندلعت منها شرارة الاحتجاجات الشعبية ضد النظام عام 2011.
ومحافظة درعا هي المنطقة الوحيدة التي لم يخرج منها كل مقاتلي الفصائل المعارضة بعد استعادة قوات النظام السيطرة عليها في تموز/يوليو 2018، إذ وضع اتفاق تسوية رعته موسكو حدا للعمليات العسكرية وأبقى على مقاتلين معارضين احتفظوا بأسلحة خفيفة، بينما لم تنتشر قوات النظام في كل أنحاء المحافظة.
وتعد المواجهات التي اندلعت في نهاية يوليو/تموز في مناطق متفرقة من المحافظة بينها مدينة درعا، “الأعنف” خلال 3 سنوات، وفق المرصد.
المصدر : الجزيرة + وكالات
——————————
بعد نيران “الباصات الخضراء”.. اتفاق أم لا اتفاق في درعا السورية؟/ ضياء عودة
يومٌ مليء بالأحداث عاشته محافظة درعا السورية، الثلاثاء، بدءا من الإعلان عن “اتفاق مفاجئ” لحل ملف أحياء درعا البلد، ووصولا إلى تهجير 8 شبان إلى مناطق الشمال السوري، وما تبع ذلك من مظاهرات شعبية وإطلاق نار وتوتر أفضى مؤخرا إلى عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه في الأيام الماضية.
وبعد تلك الأحداث تدخل درعا في مشهد ضبابي، مع غياب أي تفاصيل عما سيكون عليه الوضع في الأيام المقبلة أو حتى الساعات.
وبينما يقول “التلفزيون السوري” الرسمي إن هناك اتفاقا قائما، على الرغم من نقضه، سيتم استكماله الأربعاء بخروج 100 “مسلح من المتورطين بأعمال إرهابية” إلى الشمال السوري، لم تصدر لجان التفاوض المركزية حتى اللحظة بيانا توضح فيه ما الذي جرى في الساعات الماضية، وإلى أين ستتجه الأمور.
“باصات.. وإطلاق نار”
بعد عصر الثلاثاء دخلت قوات عسكرية روسية، وأخرى تابعة “للواء الثامن” التابع لـ”الفيلق الخامس”، إلى منطقة البحار في أحياء درعا، ونصبت فيها نقاطا عسكرية.
ودون مقدمات، أو تمهيد، تم الإعلان عن اتفاق يقضي بخروج شبان مطلوبين للنظام السوري إلى الشمال السوري، على أن يتم بموازاة ذلك انسحاب قوات “الفرقة الرابعة” من عدة مواقع، لتحل محلها القوات المذكورة سابقا، وعودة النازحين إلى منازلهم، والمقدرة أعدادهم بالآلاف.
وبالفعل دخلت “باصات خضراء” إلى مدخل أحياء درعا البلد عند حاجز السرايا من أجل تهجير الشبان المطلوبين، وفي تلك الأثناء بدأ النازحون من أهالي درعا البلد العودة إلى منازلهم مع ترديدهم شعارات مناهضة لنظام الأسد، عقب تنظيمهم لمظاهرات شعبية.
واستقل الباصات 8 أشخاص من المطلوبين أمنيا وسط أجواء من التوتر، فرضتها شعارات الأهالي أولا ومن ثم عملية إطلاق النار التي تعرضوا لها من قبل مجموعات عسكرية تابعة للنظام السوري، مما أسفر عن إصابات ومقتل شاب من عائلة المصري.
ونشرت شبكات محلية من درعا تسجيلات مصورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي مساء الثلاثاء، ووثقت فيها إطلاق النار بالقرب من حاجز السرايا، مشيرة إلى أن حافلة واحدة من “الباصات الخضر” أكملت طريقها باتجاه الشمال السوري، وتقل فقط ثمانية أشخاص، غالبيتهم من المنشقين عن قوات الأسد.
من جانبها ذكرت وسائل إعلام سورية محلية من العاصمة دمشق أنه “تم تعطيل الاتفاق الذي تم التوصل إليه”.
وقالت إذاعة “شام إف إم” التي تبث من وسط دمشق إن سبب التعطيل يعود إلى “إطلاق نار كثيف وهتافات من قبل المسلحين على ممر السرايا، بعد خروج عدد محدود من المسلحين باتجاه الشمال، مما أدى لوقوع إصابات”.
روايتان. ما الذي حصل؟
يقول الناطق باسم لجان التفاوض المركزية في درعا الممثلة عن الأهالي، المحامي عدنان المسالمة: “كنا بصدد اتفاق يجنبنا الحصار والحرب ويحفظ كرامتنا وأمننا يقتضي بدخول الفيلق مع الشرطة الروسية إلى محيط درعا، وبهذا يتوقف القصف نهائيا، ثم يتم فتح حاجز السرايا لدخول الناس والخروج منها”.
ويتابع في حديث لموقع “الحرة”: “تم الاتفاق أيضا على أن يدخل بعد ذلك مخفر الشرطة كما كان سابقا وننتهي من الحالة التي كنا فيها على أن يخرج شخصين متهمين من قبل النظام بأنهما يشكلان مجموعة غير منضبطة”.
وبعد وساطة وجهاء عشائر لدى هذين الشخصين وأخذ موافقتهما على “الرحيل الطوعي” إلا أنهما رفضا الخروج، بحسب المسالمة الذي أضاف “مما أدى إلى انهيار الاتفاق”.
والشخصان هما محمد المسالمة الملقب بـ”الهفو”، إلى جانب مؤيد حرفوش.
أما الأشخاص الثمانية الذين وصلوا إلى ريف حلب الشمالي صباح الأربعاء هم: نادر محمد المسالمة، خالد بلال الصباغ، طلال محمد ياسر الحموي، جوهر آغا الجبل، أحمد آغا الجبل، علي ممدوح الأحمد، ضاحي عماد المسالمة، يوسف عيسى المسالمة. معظمهم ليس من محافظة درعا، بل من محافظة حمص ومناطق ريف دمشق.
من جانبه قال “التلفزيون السوري” الرسمي الأربعاء إن “الجهات الحكومية قدمت لائحة بأسماء 100 مسلح من المتورطين بأعمال إجرامية في درعا وطلبت تسليمهم أو ترحيلهم”.
وأضاف أن “الاتفاق ينص على خروج الدفعة الثانية من الإرهابيين اليوم، وينص أيضا على خروج الإرهابيين محمد المسالمة الملقب (الهفو) ومؤيد الحرفوش الملقب (أبو طعجة). لكنهما رفضا الخروج”.
وبحسب التلفزيون الرسمي، فإنه “وفي حال لم يتم الالتزام بهذا البند تكون المجموعات الإرهابية في درعا البلد قد عطلت الاتفاق”.
ولم يتطرق تلفزيون النظام السوري إلى التفاصيل الأخرى من الاتفاق، التي تقضي بخروج قوات “الفرقة الرابعة” من عدة مواقع، وإحلال بدلا عنها قوات من الشرطة العسكرية الروسية وقوات “الفيلق الخامس”.
بينما لم يخرج أي تعليق من الطرف الروسي، الذي كان قد عقد جولات تفاوض عدة خلال الأسابيع الماضية، لم تسفر عن أي نتائج.
“جولة تفاوض سابقة”
الاتفاق المفاجئ الذي أعلن عنه الثلاثاء كانت قد سبقته جولة تفاوض قبل ثلاثة أيام، حضرها ممثل عن “الفيلق الخامس” يدعى علي باش ومسؤولين أمنيين في النظام السوري، بالإضافة إلى ضباط من الشرطة العسكرية الروسية.
الصحفي السوري، باسل الغزاوي يقول لموقع “الحرة”: “تم الاتفاق على بنود واضحة لكن لم يتم تنفيذها حتى الآن. بينها تهجير لمجموعات مسلحة من درعا البلد، وعناصر منشقين”.
ويضيف الصحفي السوري أن هناك نقطة مهمة في الاتفاق تتعلق باسمي الشخصين اللذين يصر النظام السوري على تهجيرهما إلى الشمال السوري، بعيدا عن أي عملية تسوية لأوضاعهم الأمنية.
ويوضح الغزاوي أن محمد المسالمة الملقب بـ”الهفو”، ومؤيد حرفوش، كانا قد اجتمعا مع وجهاء محافظة درعا في الأيام الماضية، وتعهدا بالخروج إلى الشمال السوري وعدم إطلاق النار على قوات “الفيلق الخامس” والقوات الروسية في أثناء تثبيتها للنقاط العسكرية.
لكن الشخصين المذكورين رفضا الركوب بالباصات الخضراء، بعد أن وصلتهم معلومات تتعلق بنية مجموعات من النظام السوري الإقدام على اغتيالهما، وبسبب عدم انسحاب “الفرقة الرابعة” من المنطقة، بموجب ما اتفق عليه.
“رواية الطرف الثالث”
في غضون ذلك حصل موقع “الحرة” على تسجيل صوتي لمحمد المسالمة الملقب بـ”الهفو”، عبر تطبيق “واتساب”، واستعرض فيه ما حصل الثلاثاء، بعد الإعلان عن الاتفاق المفاجئ.
ووضع المسالمة شرطا للخروج إلى الشمال السوري، يتعلق بانسحاب قوات “الفرقة الرابعة” بالكامل من مناطق النخلة والشياح والزمل، ويقول: “بعد اجتماعي مع الوجهاء اتفقنا على دخول الفيلق الخامس كبديل عن الفرقة الرابعة. فور الانسحاب سأكون جاهز للخروج بالباصات.
وأضاف: “الرابعة لم تنسحب من أي نقطة. هناك شبان خرجوا بالباصات وصبرنا عدة ساعات حينها لكن لم يحصل أي شيء. بعد ذلك أطلق عناصر أمن النظام النار على المدنيين، مما أدى إلى مقتل شاب”.
وتابع متسائلا: “على أي أساس سأخرج إلى الشمال السوري؟ ما الضمانات في انسحاب الفرقة الرابعة. لا يوجد أي ضمانة. أنا وغيري لا يمكن أن نسمح بتمرير أي اتفاق فيه ذل وعار”.
لكن أبو علي المحاميد وهو أحد وجهاء محافظة درعا يحمّل المسالمة مسؤولية فشل الاتفاق الذي تم التوصل إليه، ويقول في حديث لموقع “الحرة”: “نحاول إجبار الشخصين اليوم على الخروج لاستكمال الاتفاق”.
ويضيف: “الاتفاق يقضي بدخول نقاط روسية كقوات فصل بين أحياء درعا البلد والجيش، على أن يتم تهجير المطلوبين أمنيا، والانتقال بعد ذلك إلى فتح حاجز السرايا ذهابا وإيابا، وإنشاء مركز تسوية لبقية الشبان. كان جيدا ومثل ما نريد وأفضل”.
ما المتوقع؟
تتهم “الفرقة الرابعة” بالارتباط المباشر بإيران، ويقود عملياتها في الجنوب العقيد غياث دلا، الذي برز اسمه كأحد القادة العسكريين البارزين في سوريا، وباعتبار أنه يوازي بقوته العميد سهيل الحسن قائد “الفرقة 25″ التابعة لـ”الفيلق الخامس” المدعوم روسيا.
بينما تعتبر محافظة درعا في الجنوب السوري إحدى مناطق “خفض التصعيد”، ويحكمها اتفاق دولي منذ عام 2018، قضى حينها بإبعاد المقاتلين المعارضين إلى الشمال السوري، مع إعادة بسط نفوذ قوات الأسد وروسيا من جديد.
الناشط السوري المعارض، عمر الحريري يقول في تصريحات لموقع “الحرة” إن النظام السوري مصر على تهجير من 100 إلى 150 شخصا إلى الشمال السوري.
ويضيف الحريري: “وجهاء درعا يطالبون الشخصيّن المطلوبيّن بتقديم التنازل، لكنهم يشترطون حتى الآن خروج الفرقة الرابعة من محيط درعا البلد”.
ويستبعد الناشط السوري انسحاب “الفرقة الرابعة”، مشيرا: “اليوم يتضح كل شيء”.
من جانبه يرى الصحفي، باسل الغزاوي أن هدف النظام السوري الحالي هو “تحييد درعا البلد والريف الشرقي وطريق السد والمخيم عن المشهد الكامل للجنوب، من أجل (الاستفراد) ببقية المناطق”.
ويضيف الغزاوي: “يبدو أن وجهة العمليات العسكرية المقبلة ستكون في الريف الغربي لدرعا في طفس واليادوة والمزيريب”.
ضياء عودة – إسطنبول
الحرة
————————–
مطالب جديدة للنظام في درعا.. والحديث عن دفعة مهجرين للشمال
ذكر إعلام النظام الرسمي أن الجهات الأمنية التابعة للأسد قدمت مطالب جديدة لفك الحصار عن درعا، والتوصل لاتفاق مع لجنة التفاوض.
وقال “التلفزيون السوري” الرسمي، اليوم الأربعاء، إن النظام قدم لائحة بأسماء 100 شخص من المطلوبين في درعا، وطالب إما بتسليمهم أو ترحيلهم إلى الشمال السوري.
وأضاف أن النظام اشترط خروج محمد المسالمة ومؤيد الحرفوش إلى الشمال السوري، إلا أنهما رفضا ذلك، ما ينذر بفشل التوصل لاتفاق في الوقت الحالي.
وينص الاتفاق الذي طرحه النظام على خروج دفعة ثانية من شباب درعا إلى الشمال، في وقت لاحق اليوم الأربعاء، دون توضيح تفاصيل أخرى.
وبحسب “التلفزيون السوري”: “في حال لم يتم الالتزام بهذا البند تكون المجموعات الإرهابية في درعا البلد قد عطلت الاتفاق”.
وكان القافلة الأولى من مهجري درعا وصلت، اليوم، إلى مدينة الباب بريف إدلب الشرقي، برعاية الشرطة العسكرية الروسية، وعلى متنها 8 شباب من المطلوبين لنظام الأسد.
وانطلقت الحافلة من درعا البلد، مساء أمس الثلاثاء، بعد دخول دورية من الشرطة العسكرية الروسية إلى المدينة، ثم غادرت الدورية برفقة الحافلة.
ولم تتبلور إلى الآن صورة اتفاق نهائي بشأن المنطقة التي تشهد توتراً منذ أسابيع.
إلى جانب ذلك، رصدت شبكات محلية استقدام قوات الأسد تعزيزات عسكرية مكثفة إلى مدينة درعا، اليوم، وتضم 6 دبابات و8 سيارات مزّدة بمضادات و4 حافلات تقل عناصر من قوات النظام، حيث شوهد الرتل على أوتوستراد دمشق الدولي.
الان على اتوستراد #دمشق – #درعا
تعزيزات عسكرية قادمة من #حلب
تضم دبابات و سيارات تحمل مضادات و باصات ممتلئة بعناصر من مليشيات ايران#درعا_تحت_القصف #درعا_تقاوم pic.twitter.com/aAQsHfdOHV
— ربيع ابونبوت (@chessrabaa) August 25, 2021
فيما شهدت أحياء درعا المحاصرة قصفاً بقذائف الدبابات، وسط تحليق لطيران الاستطلاع في أجواء المنطقة، دون أنباء عن وقوع ضحايا، حتى الآن.
من جهته قال أبو علي محاميد، أحد وجهاء درعا البلد، إن الروس قدموا وعوداً إلى الأهالي بعدم دخول قوات الأسد إلى المدينة، وسيتم فتح مكاتب “لتسوية وضع” الشباب المطلوبين للنظام.
وأضاف محاميد لـ”السورية. نت”، أمس الثلاثاء، أنه خلال الأيام المقبلة ستتكشف الأمور أكثر، مؤكداً عدم وجود مشكلة لدى الأهالي من دخول المدينة تحت نفوذ “اللواء الثامن”، مؤكداً أن “أبناء اللواء الثامن هم أبناء حوران مهما اختلفنا معهم بوجهات النظر”.
ومنذ أسابيع يلعب الروس دوراً أساسياً في المفاوضات التي يعقدها النظام مع وفود اللجان المركزية في درعا، وسط صمت رسمي روسي.
وتعيش أحياء درعا البلد حصاراً منذ شهرين، كما تستهدف قوات الأسد الأحياء بقذائف الهاون وقذائف المدفعية الثقيلة، وسط حركات نزوح للأهالي للمناطق الأكثر هدوءاً.
—————————-

====================
تحديث 27 آب 2021
—————————
مأساة درعا البلد وهزيمة سوريا/ سامر السليمان
شهران وأزيد مرّا على حصار النظام لأحياء درعا البلد. في الأسابيع الأخيرة تمَّ إغلاق جميع المنافذ، وتلاه نقصٌ حادٌّ في الخبز والحليب والوقود ومختلف المواد الغذائية، وليس هناك أيّة نقطة طبية؛ فقط هناك قادة شجعان، يناورون بكل السبل لتفادي حدوث مقتلة جديدة، وحينذاك ستكرّ المسبحة، وسيدخل النظام إلى بقية مناطق درعا الغربية، وسواها. محاذاة درعا لإسرائيل وللأردن ربما منع النظام وروسيا من استخدام الطيران؛ مفاوضو درعا يعلمون ذلك، و”يلعبون” على الزمن وترغيب روسيا بالخضوع لها، شريطة إبعاد وباء النظام وإيران عن مدينتهم؛ وآخرُ مقترحاتهم، أن ينضم المقاتلون في تلك الأحياء إلى الفيلق الخامس، التابع تبعية كاملة للروس.
رسائل قادة درعا البلد لأهل درعا ولسوريا: تضامنوا معنا الآن، وهذا سينقذكم من حصاراتٍ ومقتلات مستقبلية، لطالما عاشرها السوريون منذ 2011. كانت الاستجابة ضعيفة، وسرعان ما انتهت، ولكن النظام لم يوقف الحصار، وفي الأيام الأخيرة، أَكثرَ من عتاده وقواته والمليشيات الإيرانية، تمهيداً لعمليةٍ عسكرية تنهي مهد الثورة. يتصرف النظام بعقلية الانتقام، ويريد “زراعة البطاطا” بدلاً من أهل درعا، الذين رفضوا التهجير، وناوروا من أجل البقاء منذ تسوية 2018.
لم تتجدّد الثورة كما توهم كثيرون، ولم يتضامن مع أهل درعا في المنافي أعدادٌ تذكر، وفي مناسبة ضرب الكيماوي في21-10- 2013 أيضاً لا يكاد يتَذكّر السوريون في المنافي الواقعة المؤلمة؛ درعا متروكة وحدَها هذه الأيام، وقد لا يتأخر النظام عن اجتياحها. يوقف كلَّ ذلك اتفاقٌ بين روسيا وأميركا إزاء المدينة التي سُلمت للنظام بعد اتفاق بوتين- ترامب 2017، وبضمانة روسيا والأردن وأميركا تمّت التسوية، وتتضمن الإبقاء على السلاح الخفيف، وتسليم الثقيل والمتوسط، وهو ما حدث، ولكن النظام فسخ تلك الاتفاقية ويريد الخفيف المنزلي! واعتقال مئات المسلحين؛ والحدث الأخير تمّ بعد مقاطعة المدينة للانتخابات الرئاسية الأخيرة. إذاً هو عقاب وانتقام وتَجبُّر، وربما رغبة بالشعور بوهم الانتصار.
يحاصر النظام درعا البلد، في حين هو على طاولة المساومات الدولية، وورقة بيد الروس والإيرانيين الذين ينتظرون صفقة مناسبة للبيع. المعارضة المنقسمة على نفسها، وحتى نقادها، والراغبون بتغييرها، وآخر تلك “التقليعات”، ” المؤتمر الوطني السوري لاستعادة القرار والسيادة” الفاشل، والذي عقد بين 21- و22 آب الحالي، لم يعد لها قيمة معتبرة، وأهمية تذكر، فكتلها تابعة لهذه الدولة أو تلك، وكارهة لبعضها بشكل حاد، وليس من نهايةٍ قريبة لانقساماتها ولها.
النظام الذي يُطبِق الروس عليه الخناق أرسل وفداً أمنياً لواشنطن، بهدف تسويق نفسه لديها، وكي يقلب ظهر المِجنّ للروس والإيرانيين، ولكن حجم الانتهاكات المرتبطة به، وضعفه الشديد، منعا الأميركان من شرائه. نعم يمكن للنظام أن يفعل ذلك، حيث ما تزال روسيا تسمح له بهامشٍ من الحركة وكذلك الإيرانيون، فهو يتحرك على هوامش الاختلاف بين خلافاتهما. زيارة ذلك الوفد، كانت هرباً من اتفاقية أمنية تحاول روسيا فرضها عليه، وفيها تصبح سوريا جزءاً من المجال الأمني الروسي كجزيرة القرم مثلاً، وبذلك تتهشم قدرة النظام على القيام بسياسة مستقلة أو المناورة مع إيران. الاتفاقية الأمنية، ستفرض خروجاً لإيران وإيقافاً للعمليات العسكرية الإسرائيلية على الأراضي السورية كذلك؛ كلام بايدن بأن هناك مناطق أخطر من أفغانستان، ربما تتضمن هذه الفكرة بالذات.
هناك ما يشبه المسلمة أن أميركا تريد لروسيا أن تتسلّم سوريا “انتداب” ولكن ليس أن تلحقها بها بشكل كامل. أميركا بدأت مؤخراً بفرض عقوبات على سوريين مرتبطين بالنظام وبشخصيات مجرمة من هذا الفصيل أو ذاك، وهم معارضون للنظام. وأيضاً لم تغير سياستها التعاونية مع روسيا بحدودها الأولى، كالاتفاق على استمرار فتح معبر باب الهوى، واعتماد سياسة الإنعاش المبكر، والأخيرة هي ما سيتم التواصل حولها بشكل دقيق مع روسيا في الأشهر المقبلة.
هناك من رأى أن أميركا قد تنسحب من سوريا كما فعلت مع أفغانستان، الرأي هذا لا يقيس المسائل جيداً، وينساق مع أوهام “الممانعة والمقاومة” أكثر فأكثر. لا تتكلف أميركا شيئاً يذكر في وجودها في شرق سورية، وهي ليست موجودة باتفاقية ما مع النظام، كما العراق وأفغانستان، وهناك الحاجة لمراقبة السلوك الإيراني على طول الحدود السورية العراقية، وهناك المصالح الإسرائيلية التي تفرض البقاء في سورية. إذاً روسيا المندفعة لإكمال احتلال سورية وضمها إليها أمنياً، وليس فقط اقتصادياً، تخطئ كثيراً في أوهامها بأن أميركا ستنسحب، وأن الشعب لن يتذمر وينتفض من جديد؛ قلنا حتى النظام بدأ يحاول التملص، فكيف ببقية الشعب الذي تعامله روسيا كقطيع للقتل والجوع والذبح والتجويع والحصار وتجرب الأسلحة عليه!
مأساة سوريا وليس درعا فحسب، تتضاعف يومياً، ولا تظهر ملامح لحلّ سياسيّ أو مشروع وطني قريب، يرمم الانقسامات الشديدة التي أصبح السوريون عليها، وتبعية كتل شعبية لهذه الدولة أو تلك. المأساة تكمن في أن سوريا لن تتقسم، والتقسيم نرفضه قطعاً، بل ستتعفن أكثر فأكثر، وقد نشهد عودة للحروب على أراضيها وعبر شبابها في حال تأزمت الخلافات بين الأميركان والروس والأتراك والإيرانيون. الحروب أصلاً لم تتوقف رغم رسم الدول المتدخلة في سورية هذا البلد إلى أربع مناطق نفوذ وتابعة لها.
في هذا الوقت، وحصار درعا، نرى قامة دينية عالية، وهو أسامة الرفاعي، يهاجم المرأة، ومنظمات المجتمع المدني، وبالكاد يذكر حصار درعا أو الأزمة الاقتصادية العنيفة التي يعيشها السوريون. أيضاً يتسارع إسلاميون كثر إلى مباركة انتصار طالبان دون أن تتضمن مباركاتهم تلك حثها على انتهاج النظام الديمقراطي في أفغانستان، وتشكيل حكومة شاملة لكل الأطراف الأفغانية، كما يحاول ذلك قادة طالبان أنفسهم. نعم لدى هؤلاء القادة فهمٌ أوسع بما لا يقاس للسياسة ولمشكلات بلادهم، من إسلاميي سوريا الذين تضامنوا معها بقوة، في حين لم يفعلوا ذلك مع درعا المخنوقة.
لا يتجنى الكاتب هنا على الإسلاميين، فقد نادى أهالي درعا بضرورة التضامن، فماذا كان عليه الحال في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام والفصائل التابعة لتركيا؟ لا شيء إلا بعض المظاهرات الخافتة، بينما كان فتح الجبهات هو الفعل الوحيد الذي سينهي ذلك الحصار.
سوريا بكاملها مهزومة، وفقاً للعجالة التحليلية أعلاه، ورغم ذلك طُرحت الحكاية السمجة مجدّداً؛ ففي السويداء تشكل حزب اسمه اللواء السوري، وله جناح عسكري، يسمى نفسه “مكافحة الإرهاب”، ويسعى لـ “إدارة ذاتية”، وفي درعا هناك من قال بـ “سوالف” كهذه، ولكن قادة درعا رفضوا الأمر. وفي الاتجاه ذاته رأى بعض الكتاب الكرد أن الشكل الأمثل والوحيد للعلاقة بين أقاليم سوريا هو الإدارة الذاتية والفدرالية.
إن سوريا تستدعي مشروعاً وطنيّاً، ينهض بكل المدن السورية، وبعيداً عن التفكير العصبوي أو الطائفي أو المناطقي حيث الرفض الأكبر للنظام بسبب تلك الممارسات! التفكير السابق لا يعبر عن أغلبية السوريين، فهناك وجه آخر، ينطلق من وطنية السوريين ويرفع حق المواطنة للجميع، ودولة لا مركزية بالمعنى الإداري، وإعادة الحقوق لكافة السوريين، وكائناً من كانوا؛ هذا الوجه هو ما يعبر عن سورية الرافضة لمختلف أشكال الانقسام. الوجه هذا هو الأضعف، والأكثر تعبيراً عن ثورتها وطموحات أهلها التي سرقتها المعارضة وأجهز عليها النظام بخياره الأمني.
تلفزيون سوريا
————————–
لجنة تفاوض درعا: لا اتفاق مع النظام السوري حتى الآن/ عماد كركص
أكد المحامي عدنان المسالمة الناطق الرسمي باسم “لجنة المفاوضات في درعا البلد” في حديث لـ”العربي الجديد”، ليل الخميس- الجمعة، أنه لم يتم التوصل إلى أي اتفاق حتى الآن بين اللجنة المركزية في درعا البلد من جهة، واللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري برعاية روسية من جهة أخرى، واصفاً المحادثات بين الطرفين بـ “المخاض التفاوضي العسير”.
وقال المسالمة “إن ما حدث اليوم في درعا البلد؛ أن بعض الأهالي الذين ذاقوا الويلات بسبب قصف قوات النظام والميليشيات المساندة لها، بالإضافة للجوع والعطش نتيجة الحصار الشديد الذي فرضته قوات النظام على الأهالي، طلبوا ترحيلهم إلى مناطق الشمال السوري التي تسيطر عليها المعارضة السورية، وذلك بسبب عدم تحمل الظروف الصعبة والمأساوية في درعا البلد جراء الحصار والقصف”.
وأوضح المتحدث باسم لجنة المفاوضات أنه “إذا استمر الحال لفترة أطول سيكون هناك مجاعة حقيقية في الأحياء المحاصرة داخل درعا البلد”، منوهاً إلى أن “جميع الأهالي استنفذوا المؤن والطعام الذي كان بحوزتهم، وخاصة أن درعا البلد لا يوجد فيها لا كهرباء ولا طحين ولا مياه”.
وأضاف المسالمة: “إذا أُصيب أي مدني في الأحياء المحاصرة، ممكن أن تؤدي إصابته إلى الوفاة، لأنه لا يتوفر العلاج والأدوية بسبب الحصار الخانق المفروض من قبل قوات النظام”.
وكان 50 شخصاً بينهم عوائل، قد خرجوا عصر الخميس، ضمن حافلات التهجير القسري من الأحياء المحاصرة في درعا البلد، من معبر حي سجنة باتجاه مناطق الشمال السوري برفقة الشرطة العسكرية الروسية، ومن المتوقع أن تصل تلك الحافلات إلى معبر “أبو الزندين” الذي يُسيطر عليه “الجيش الوطني” المعارض شرق محافظة حلب، فجر الجمعة.
من جهة أخرى، دارت اشتباكات عنيفة بالأسلحة المتوسطة وقذائف الهاون، ليل الخميس، بين مجموعات عسكرية تتبع لـ “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) من جهة، ومجموعات أخرى من “الجيش الوطني” المعارض والموالي لتركيا من جهة أخرى، على محاور جبهات القتال في كلٍ من الدغلباش بالقرب من مدينة الباب، وكلجبرين بالقرب من مدينة أعزاز، والشيخ عيسى بالقرب من مدينة مارع شمال شرق حلب.
وقالت مصادر عسكرية في “الجيش الوطني” لـ “العربي الجديد” إن “عناصر ميليشيا قسد حاولوا التسلل من ثلاثة محاور على مواقع للجيش الوطني شمال شرق حلب”، مؤكدةً أنه “تم صد محاولات التسلل الثلاث، وإيقاع قتلى وجرحى في صفوف عناصر المجموعات التي كانت رأس حربة في تلك المحاولات”، مضيفاً أن “مدفعية الجيش التركي قصفت أكثر من ثمانية مواقع وثكنات عسكرية لميليشيا قسد في محيط مدينة الباب، ومحيط الشيخ عيسى شمال شرق المحافظة”.
في سياق منفصل، شن مجهولون هجوماً بالأسلحة الرشاشة، مساء الخميس، على حاجز عسكري لـ “قسد” بالقرب من الطريق العام في مدينة الشحيل شرق محافظة دير الزور شرقي سورية، دون ورود معلومات عن وقوع جرحى ضمن الحاجز.
وأوضحت مصادر من أبناء المنطقة لـ “العربي الجديد”، أن دورية أمنية تابعة لـ”قسد” داهمت عدة منازل للأهالي بالقرب من الحاجز المستهدف عقب الهجوم، في محاولة للعثور على منفذي الهجوم وإلقاء القبض عليهم.
العربي الجديد
———————
65 يوماً على حصار درعا البلد… الوضع الإنساني يزداد سوءاً/ عبد الله البشير
تزداد الأوضاع الإنسانية سوءاً في أحياء معظم مدن وبلدات محافظة درعا في الجنوب السوري، في الوقت الذي تتّجه فيه أحياء درعا البلد في مركز المحافظة نحو كارثة إنسانية بعد دخول الحصار يومه الخامس والستين، صباح اليوم الجمعة. بالتالي تتفاقم معاناة الأهالي في تلك الأحياء التي تشهد شحاً في المواد الغذائية والمياه وتعاني من أزمة صحية مع إغلاق النقطة الطبية الوحيدة فيها.
يؤكد الناشط أبو محمد الحوراني لـ”العربي الجديد” أنّ “الحال بالنسبة إلى المحاصرين في درعا البلد يزداد سوءاً يوماً بعد آخر. هذا هو اليوم الخامس والستون على حصار درعا البلد، والأهالي يعيشون على ما بقي لديهم من مؤونة متوفّرة في البيوت، فيما انقطاع الكهرباء مستمر. كذلك ما زال حليب الأطفال مفقوداً، ولا كوادر طبية متوفّرة في حين أنّ النقطة الطبية الوحيدة التي كانت في المنطقة استُهدفت من قبل قوات النظام السوري في بداية الحملة الأخيرة، علماً أنّ عدد الجرحى كبير نتيجة القصف المستمر أو الاستهداف المباشر بالقنص.
يضيف الحوراني: “خرج أمس 79 شخصاً (من بينهم خمسة مقاتلين والبقية رجال ونساء وأطفال مدنيّون) إلى الشمال السوري، وقبلها بيوم خرجت مجموعة مؤلّفة من ثمانية شبان إلى الشمال كذلك من معبر أبو الزندين، وسط القصف المستمر”. ويتابع أنّ “قوات النظام تجد دائماً ذريعة لاستهداف المدن والبلدات في درعا. ويوم أمس، استهدفت سيارة لجيش النظام على طريق طفس من قبل مجهولين فاتُّهمت فصائل الجيش الحر السابقة بذلك، ونتيجة ذلك استهدف النظام مدينة طفس بنحو 40 صاروخاً من منطقة تل جموع بشكل مباشر، ما أدّى إلى استشهاد امرأة وإصابة سبعة أشخاص آخرين على الأقلّ بجروح”.
ويتحدّث الحوارني كذلك عن “نقص كبير في الأدوية وحليب الأطفال، مع عدم توفّر نقاط طبية ومستشفيات، الأمر الذي أدّى إلى تدنّي الخدمات الطبية بشكل حاد. كذلك يعاني مرضى السكري والمصابون الآخرون بأمراض مزمنة مختلفة من شحّ كبير في أدويتهم، وثمّة من يُجبر على جلبها من الخارج وتحمّل نفقات كبيرة”.
وفي مدينة طفس، لا يختلف الواقع الإنساني كثيراً عن الواقع في الأحياء المحاصرة بمدينة درعا. ويوضح الناشط يحيى حرير، ابن المدينة والمقيم فيها، لـ”العربي الجديد”، أنّ “المحافظة عموماً تعاني من شحّ في المياه، وذلك بسبب انقطاع الكهرباء المستمر وعدم توفّر الوقود. والوضع صعب حالياً بسبب الغلاء، فيما الأهالي يحصلون على الغاز مرّة كل خمسة أشهر، وإن توفّر في السوق السوداء يكون لقاء ثمن باهظ جداً”.
ويشير حرير إلى “نقص حاد في المواد الأساسية والخبز، إذ يتوفّر مخبز واحد في المدينة يعمل يومَين في الأسبوع فقط، فتكون حصّة الشخص يومياً رغيفاً واحداً في اليوم. كذلك فإنّ أمراضاً نتجت عن تراكم النفايات بسبب غياب نشاط البلديات وعدم وجود جهة مسؤولة عن رفع تلك النفايات. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ قطع الطرقات وغياب الأمن فاقما تدهور الوضع الأمني وتسبّبا في انتشار السرقات”.
وفي سياق متصل، يؤكد عماد المسالمة، وهو أحد وجهاء أحياء درعا البلد لـ”العربي الجديد”، أنّ “العوائل المحاصرة لم تعد تملك طحيناً في المنازل، والخبز إن توفّر يكون بأسعار مرتفعة تفوق قدرة المواطنين على شرائه، في حين تصل المياه إلى البيوت مرّة واحدة كلّ عشرة أيام. أمّا الخضار فهي ممنوعة عن المحاصرين في هذه الأحياء”.
وكانت قوات النظام السوري قد أطبقت حصاراً خانقاً على أحياء درعا البلد في 24 يونيو/ حزيران الماضي، وقد فصلت أحياء درعا البلد عن باقي أحياء المدينة، فرفعت سواتر ترابية ورصد قناصة تابعون لها الممرات التي قد تتيح للأهالي نقل المواد الغذائية. وقد تركت حاجزاً واحداً تتحكم فيه بكل ما يدخل إلى هذه الأحياء، أُطلق عليه “حاجز السرايا”.
—————————–
درعا:مقتل 4 مسلحين موالين لروسيا في كمين للنظام السوري
قُتل أربعة مسلحين بينهم قيادي في الفيلق الخامس التابع لروسيا في كمين لقوات النظام السوري بريف درعا الشرقي، فيما قتل مدنيان وجرح 6 آخرون في قصف نفذته قوات النظام على بلدة طفس بريف المحافظة.
وقال تجمع أحرار حوران إن القتلى قضوا بكمين نفّذته قوات النظام المتمركزة في الحاجز الرباعي بين بلدتي المسيفرة والجيزة شرقي درعا، بعد منتصف ليل الخميس/الجمعة. وعرف من الأسماء كلاً من “طارق زياد الجوفي” (الكرك الشرقي) وهو منشق سابق عن قوات النظام، ومالك كمال خليفة (الكرك الشرقي)، ورامي رشاد الحريري (الجيزة) وهو قيادي حالي في اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس، وميسر قطف (علما) منشق سابق عن قوات النظام، فيما لايزال مصير شخصين مجهولاً بعد احتجازهما من قبل عناصر الحاجز.
وأشار مصدر للتجمع إلى أن قوات النظام أطلقت النار على الشبان أثناء مرورهم من الحاجز، مشيراً إلى أنّ رتلاً للمخابرات الجوية نقل الجثث من الحاجز الرباعي ليلاً إلى مقر المقدم علاء في الغارية الشرقية.
ويعتبر الحاجز الرباعي بين المسيفرة والجيزة التابع للمخابرات الجوية أقرب إلى ثكنة عسكرية بعد تجميعه عدداً من الحواجز العسكرية المنتشرة في الريف الشرقي من درعا، معززاً بدبابة وعربة شيلكا وسواتر ترابية.
من جهة ثانية، وصلت الحافلات التي تقل المهجرين من مدينة درعا إلى معبر ابو الزندين قرب مدينة الباب شرق حلب، وتضم 79 شخص بينهم نساء وأطفال.
وتأتي عملية التهجير بعد عدم التوصل إلى اتفاق بين اللجنة المكلفة من أهالي درعا البلد والنظام السوري، وذلك في ظل إصرار قوات النظام والقوات المدعومة من إيران على الدخول إلى أحياء المدينة والمخيمات التي تحاصرها منذ أكثر من شهرين، وهو الأمر الذي يرفضه الأهالي.
وقالت وكالة “سانا” التابعة للنظام إن هذه الخطوة تأتي تنفيذاً لاتفاق يقضي بإخراج الرافضين للتسوية، وتسوية أوضاع المطلوبين ونشر نقاط عسكرية في المنطقة.
المدن
——————–
تهجير جديد من جنوب سوريا إلى شمالها
أحدهم يروي لـ«الشرق الأوسط» رحلته من درعا إلى حلب برفقة الشرطة الروسية
درعا: رياض الزين إدلب: فراس كرم
بدأت أمس عملية تهجير جديدة من درعا جنوب سوريا إلى ريف حلب في شمال البلاد.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، بوصول حافلات إلى درعا لـ«نقل المسلحين الرافضين للتسوية في درعا البلد لنقلهم إلى الشمال السوري، بعد اتفاق هيئة التفاوض مع اللجنة الأمنية بخروج الدفعة الثانية، وعدد أفرادها 53 شخصا، 3 منهم خرجوا مع عوائلهم».
وكانت قوات النظام قد قصفت بالمدفعية والصواريخ أحياء درعا البلد، للضغط على لجنة التفاوض والمطلوبين لإجلاء الدفعة الثانية من المطلوبين إلى الشمال السوري.
ولا تزال اللجنة الأمنية التابعة للنظام تُصر على تهجير المطلوبين الذين يبلغ عددهم نحو 100 شخص على رأسهم متهمان بالارتباط بتنظيم «داعش»، وتسليم السلاح ووضع حواجز عسكرية في الأحياء المحاصرة وشن حملة تفتيش على السلاح والمطلوبين، قبل فك الحصار عن المدينة.
وكان ثمانية شبان مهجرين من أحياء درعا البلد وصلوا الأربعاء، إلى مدينة الباب شمال سوريا. وقال طلال الشامي (26 عاماً) أحد المهجرين لـ«الشرق الأوسط» إنه وبرفقة 7 شبان، 4 منهم من محافظة درعا و2 من دمشق و2 من محافظة حمص وسط البلاد، كانوا قد انشقوا عن قوات النظام في عام 2012، أي عقب اندلاع الأحداث في سوريا بنحو عام، وصلوا إلى مدينة الباب الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني السوري شمال حلب، في حافلة أقلّتهم برفقة سيارتين تابعتين للشرطة العسكرية الروسية، عقب اتفاق جرى بين لجان التفاوض بدرعا البلد والنظام بوساطة من (اللواء الثامن) المرتبط بالقوات الروسية في البلاد.
——————————-
تهجير جديد من درعا بعد قصف مفاجئ على ريفها الغربي
قتلى وجرحى من المدنيين في طفس
درعا (جنوب سوريا): رياض الزين
أفيد أمس بأنه تم الاتفاق على تهجير 22 شخصاً من جنوب سوريا إلى شمالها بإشراف «الفيلق الخامس» والشرطة العسكرية الروسية، بعدما استفاقت مدينة طفس بريف درعا الغربي أمس، على استهداف المدينة براجمات الصواريخ والقذائف، من قوات «الفرقة الرابعة» المتمركزة في بناء الري المحاذي للمدينة وتل الجموع.
وكانت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري طالبت بترحيل الـ22 إلى الشمال، ووصلت حافلات التهجير إلى الجمرك القديم في درعا البلد الساعة الثالثة من عصر يوم الخميس لنقل الأشخاص المطلوبين والعائلات الراغبة بالتهجير، مع إصرار محمد المسالمة الملقب «هفو» ومؤيد حرفوش على عدم المغادرة والتهجير، وهما المتهمان بعرقلة الاتفاق الأول يوم الثلاثاء الماضي، على أن يتم خلال الأيام القادمة الاتفاق على بنود أخرى بينها أيضاً تهجير أشخاص، وإنشاء نقاط مراقبة روسية للاتفاق، ومركز لتسوية أوضاع الراغبين، وتسلم السلاح أو ضبطه ضمن مجموعات عسكرية محلية مثل قوات الفيلق الخامس المدعوم من حميميم.
وسجل ناشطون سقوط أكثر من 25 صاروخاً وقذيفة على الأحياء السكنية والسوق الشعبية في المدينة في ساعات الصباح الأولى، ما أدى إلى وقوع 3 قتلى و10 جرحى بين المدنيين.
كما سقطت قذائف في محيط إحدى المدارس بمدينة طفس في أثناء وجود طلاب الدورة الصيفية بداخلها؛ ما أدى إلى حالة هلع ورعب بين التلاميذ، وتوقف الدوام في المدرسة.
ووقع عدد من قوات النظام السوري بين قتيل وجريح صباح أمس (الخميس)، بعد استهداف سيارة عسكرية مخصصة للإطعام كانت تقلهم على الطريق الواصل بين مدينة الشيخ مسكين ونوى بريف درعا الغربي، وسط انتشار أمني كثيف في مكان الحادثة.
وشهدت مدينة الشيخ مسكين حملة مداهمة لبعض المنازل في المدينة، من قوات النظام السوري، واعتقلت قرابة عشرة أشخاص من أبناء المدينة، بتهمة قيامهم بأفعال مناهضة للدولة السورية.
وقال باسل الغزاوي، محرر في مؤسسة «نبأ» الناقلة لأخبار درعا المحلية، لـ«الشرق الأوسط»: «إن قوات النظام السوري تحضر لعملية استهداف مدينة طفس منذ أمس بعد أن وصلت تعزيزات عسكرية إلى مواقع عدة في ريف درعا الغربي من بينها دبابات وآليات عسكرية تابعة لـ(الفرقة 15) في جيش النظام، ونصبت مدافع في ثلاثة مواقع جنوب مدينة طفس وعلى أطراف ضاحية درعا، مع تمركزت مدرعات وآليات أخرى عند حاجز السرو العسكري على الطريق الواصل بين مدينتي درعا وطفس».
وزاد أن الوضع العسكري والميداني في المنطقة الغربية «لن يكون مشابهاً لما يحدث في مدينة درعا البلد، فالمناطق هناك مفتوحة بعضها على بعض بمساحات واسعة، وأعداد عناصر وقادة المعارضة السابقون كبيرة هناك وامتنعوا عن التهجير منذ عام 2018 ويرفضون دخول الفرقة الرابعة والميليشيات الإيرانية إلى مناطقهم، وتجسد ذلك في عدة مواقف خلال السنوات الماضية من التسوية، وكان آخرها قبل ستة أشهر في أثناء محاولة الفرقة الرابعة دخول المنطقة بحملة عسكرية، ولاقت حينها مقاومة عنيفة من أبناء المنطقة، انتهت باتفاق سلمي بين الأطراف»، موضحاً أن كل الاحتمالات مفتوحة الآن في مناطق التسويات جنوب سوريا، ولكن ما حدث في المنطقة الغربية الآن هو تعزيز لنقاط الفرقة الرابعة هناك، التي بدا ضعفها بعد هجوم مقاتلين محليين عليها بتاريخ 29 يوليو (تموز) الماضي (بداية التصعيد في درعا البلد) وأسر وقتل عدد من قوات النظام في المنطقة الغربية.
وقالت مصادر من لجنة التفاوض المركزية في درعا البلد إن النظام السوري بعد انهيار الاتفاق الذي توصلت إليه الأطراف يوم الثلاثاء الماضي بتدخل الفيلق الخامس المدعوم من حميميم والشرطة الروسية، يعيد التفاوض إلى مربعه الأول القديم، جميع الملفات أعاد طلبها من جديد، وتشمل التهجير وتسليم كامل السلاح، وإنشاء نقاط عسكرية للفرقة الرابعة، وتفتيش جميع المنازل، وبالنسبة للتهجير فمطروح للجميع الأن، ولم تتوصل الأطراف إلى أي اتفاق وتعثرت المباحثات يوم الأربعاء.
وأشار أبو محمود الحوراني، الناطق باسم «تجمع أحرار حوران»، لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الجانب الروسي كان يعمل على إنهاء ملف درعا البلد سريعاً بالطرق السلمية، وبعد تعثر تطبيق الاتفاق الأول يعمل ضباط النظام السوري على تحقيق مكاسب لصالحهم ودخول الفرقة الرابعة وتنفيذ عمليات التعفيش وإقامة نقاط لها في المدينة.
وعاد ليضغط على لجان التفاوض والأهالي بدخول درعا البلد وتفتيشها بالقوة، ويطلب تهجير أسماء كثيرة من أبناء المدينة، وجاء ذلك خلال اجتماع عقد بعد الساعة الثامنة من مساء يوم الأربعاء واستمر لنحو 6 ساعات، موضحاً أن الموقف الروسي كان مناسباً للأهالي في الاجتماع الأولي الذي جرى في الساعة الثالثة عصراً يوم الثلاثاء، باعتبار أن بنوده كانت مغايرة لرغبات الفرقة الرابعة تماماً، ويبدو أن الروس اجتمعوا مع ضباط النظام عقب انهيار الاتفاق، وجرى تغيير موقف الجانب الروسي كلياً في الاجتماع الثاني مساء الأربعاء.
ويأتي ذلك التصعيد في ظل تعثر المفاوضات على الخريطة الروسية التي تشمل مناطق التسويات كافة، حسبما قال الجانب الروسي خلال جلسات التفاوض والبداية في درعا البلد، في إشارة إلى انتقال تطبيق بنودها على باقي مناطق التسويات جنوب سوريا، والواضح أن النظام السوري يستهدف المناطق الأكثر معارضة له في جنوب سوريا، ورجح ناشطون أن تنتقل الأعمال العسكرية إلى مناطق ريف درعا الغربي خصوصاً طفس والمزيريب واليادودة، لا سيما مع وصول التعزيزات العسكرية إلى تلك المنطقة خلال الأيام القليلة الماضية.
—————————-
درعا السورية.. خروج دفعة ثانية من المهجرين الرافضين للتسوية والنظام يقصف بلدة طفس
قالت مصادر محلية إن حافلتين خرجتا من منطقة درعا البلد في مدينة درعا تحملان دفعة ثانية من المهجرين إلى شمالي سوريا، فيما قتل مدنيان وجرح 6 آخرون أمس الخميس في قصف نفذته قوات النظام على بلدة طفس بريف محافظة درعا (جنوبي البلاد).
وأوضحت المصادر للجزيرة أن المهجرين هم من المقاتلين الرافضين للتسوية وعائلاتهم.
وأضافت أن التهجير يأتي بعد عدم التوصل حتى الآن إلى اتفاق بين اللجنة المكلفة من أهالي درعا البلد والنظام السوري، وذلك في ظل إصرار قوات النظام والقوات المدعومة من إيران على الدخول إلى أحياء المدينة والمخيمات التي تحاصرها منذ أكثر من شهرين، وهو الأمر الذي يرفضه الأهالي.
وقالت وكالة الأنباء السورية (سانا) إن هذه الخطوة تأتي تنفيذا لاتفاق يقضي بإخراج الرافضين للتسوية، وتسوية أوضاع المطلوبين ونشر نقاط عسكرية في الحي.
وفي 25 يونيو/حزيران الماضي فرضت قوات النظام السوري والمليشيات التابعة لها حصارا على منطقة درعا البلد في مدينة درعا بعد رفض المعارضة تسليم السلاح الخفيف باعتباره مخالفا لاتفاق تم بوساطة روسية عام 2018، ونص على تسليم السلاح الثقيل والمتوسط.
وبعد ذلك بشهر توصلت لجنة المصالحة في درعا البلد وقوات النظام إلى اتفاق يقضي بسحب جزئي للأسلحة الخفيفة المتبقية بيد المعارضة، ووجود جزئي لقوات النظام، إلا أن الأخيرة أخلت بالاتفاق وأصرت على السيطرة الكاملة على المنطقة.
وعلى الرغم من عدة اجتماعات أجرتها لجنة التفاوض عن المعارضين في محافظة درعا مع ممثلين عن النظام وروسيا فإنه لم يتم التوصل إلى تهدئة في المحافظة حتى الآن.
من جهة أخرى، قالت مصادر محلية لوكالة الأناضول إن قوات النظام أمطرت الأحياء السكنية في بلدة طفس بوابل من قذائف المدفعية والصواريخ، مما أدى إلى مقتل مدنيين اثنين وجرح 6 آخرين، جراح بعضهم خطيرة.
وأفادت المصادر بأن قوات النظام أرسلت خلال الـ48 ساعة الماضية تعزيزات كبيرة إلى محافظة درعا ضمت نحو 40 دبابة وعربة مدرعة وعشرات الآليات ومضادات أرضية تتبع للواء 16 المدعوم من قبل روسيا، حيث رافق تلك التعزيزات جنود روس.
في المقابل، ذكرت وسائل إعلام مقربة من النظام سقوط قتيلين ينتميان له وعدد من الجرحى في هجوم شنه معارضون على حافلة عسكرية بالقرب من بلدة الشيخ مسكين (شمالي درعا).
——————————–

=====================
تحديث 30 آب 2021
————————-
مهام غير مكتملة في درعا/ أرميناك توكماجيان
في 24 آب/أغسطس، غادرت مجموعةٌ من مقاتلي المعارضة السابقين الأجزاء المحاصرة من مدينة درعا الواقعة في جنوب سورية، نحو مدينة الباب الخاضعة إلى سيطرة فصائل المعارضة في شمال البلاد. حدث ذلك في إطار ما يبدو أنه اتفاق أولي أُبرم بوساطة روسية بين دمشق والثوار السابقين. ومع أن بنود الاتفاق لم تتّضح بعد بشكل كامل، بات من المؤكد أن النظام مصرّ على اقتلاع شبكات المقاومة في المدينة، والمؤلّفة بشكل أساسي من مُقاتلين سابقين في المعارضة.
لطالما شغلت مسألة مقاتلي المعارضة السابقين بال النظام. فمنذ البداية، لم يكن راضيًا عن الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع المعارضة بوساطة روسية في العام 2018، لأن الاتفاق منعه من تفكيك شبكات الثوار السابقين. لذا، سعى النظام إلى تغيير هذا الوضع من خلال التوغّل تدريجيًا إلى منطقة الثوار السابقين.
ترقى الأسباب المباشرة لأزمة درعا إلى تاريخ 23 حزيران/يونيو الفائت، حينما رفضت اللجنة المركزية في درعا المؤلفة من ثوار سابقين ومعارضة مدنية محلية، اقتراحًا مشتركًا بين النظام والروس يقضي بأن تسلّم العناصر المسلحة أسلحتها الخفيفة والمتوسطة مُقابل سحب النظام ميليشياته التي تعرضت إلى انتقادات حادة بسبب الانتهاكات التي ارتكبتها. وما كان من النظام إلا أن حاصر درعا بعد انهيار المفاوضات، تاركًا طريقًا واحدًا مفتوحًا من وإلى المنطقة. وبعد حوالى ثلاثة أسابيع من الحصار، استقدمت قوات النظام تعزيزات استعدادًا لإطلاق عملية عسكرية.
وبعد الضغوط المتزايدة التي رزحت تحتها اللجنة المركزية في درعا، وافقت في 24 تموز/يوليو على اتفاق يسمح للنظام بإعادة إدخال جيشه والقوى الأمنية إلى الأجزاء المحاصرة من مدينة درعا. ونصّ الاتفاق أيضًا على أن يسلّم الثوار بعضًا من أسلحتهم مقابل سحب النظام ميليشياته المحلية ووقف أي تصعيد عسكري.
لكن الاتفاق مُني بالفشل. وقد اتهّم البعض الفرقة الرابعة المدرّعة في الجيش السوري بمحاولة تقويض الاتفاق من خلال قصف المدينة، فيما تحدّث آخرون عن أن اللجنة المركزية في درعا لم تكن شفّافة في اتفاقها مع النظام. فحين علم بعض الثوار أن اللجنة وافقت على منح النظام سيطرة أكبر مما أعلنت في بادئ الأمر، رفضوا الامتثال للاتفاق، حتى أن البعض وصف الأمر بأنه “خيانة”.
وعلى ضوء انهيار المفاوضات، هاجمت مجموعات مسلّحة صغيرة عددًا من نقاط التفتيش التابعة للنظام ونجحت في السيطرة عليها وأَسْرِ عشرات الجنود، ما شكّل تصعيدًا خطيرًا. وكان يمكن الخلط بسهولة بين الصور ومقاطع الفيديو التي انتشرت على الإنترنت، وتلك التي التقطت قبل العام 2018. وردًا على خطوات الثوار السابقين، عمد النظام إلى توسيع نطاق حملة القصف لتطال مدنًا أخرى، مثل اليادودة وجاسم وطفس، وتشديد الحصار عليها. علاوةً على ذلك، استقدمت دمشق تعزيزات إضافية، في إشارة واضحة إلى أنها لا تنوي التراجع أو الانسحاب، واستدعت وزير الدفاع علي عبدالله أيوب إلى درعا للإشراف على الجهوزية العسكرية لقوات النظام.
المُلفت أن تقارير عدّة أفادت أن روسيا شجّعت الخطوات التي اتّخذها النظام، ولا سيما فرض الحصار في 23 حزيران/يونيو. وهذا ما تبيّن أيضًا من ردود فعل عددٍ من أعضاء اللجنة المركزية في درعا حيال الوضع على الأرض. فبعد أن اتّهموا روسيا سابقًا بالتقاعس عن مواجهة انتهاكات النظام لاتفاق العام 2018، اتّهموها هذه المرّة بالتواطؤ الصريح مع تصرفات النظام. وبدلًا من أن تكون موسكو ضامنًا” لاتفاق العام 2018، ها هي اليوم تقف في صفّ النظام ضدّ الثوار.
وحين بدا أن الأوضاع على وشك أن تتأزم، لبست روسيا عباءة الوسيط من جديد. ففي أواخر تموز/يوليو، نجحت في التوسّط لتنفيذ وقف إطلاق نار مفتوح، تلاه في 15 آب/أغسطس وضع “خارطة طريق” قدّمت شرحًا مفصّلًا للاتفاق واستوفت شروط النظام كافة، فيما لم تقدّم سوى النزر اليسير للمعارضة. ونصّت على إعادة دخول المؤسسات الأمنية والعسكرية والمدنية التابعة، وتسليم الأسلحة، وإجلاء السكان الذين يرفضون العيش تحت حكم النظام. وهذه البنود هي تحديدًا تلك التي رفضها الثوار والمعارضة المدنية في السابق، لكنهم باتوا اليوم ملزمين بقبولها والرضوخ لها بسبب توازن القوى الجديد على الأرض. لذا، يروْن أن المكسب الملموس الوحيد من هذا الاتفاق هو تجنُّب حدوث تصعيد عسكري كبير.
يثير كلّ ما سبق تساؤلات حول رأي روسيا في سياسة النظام التي تزداد حزمًا في الجنوب. بشكل عام، بدت موسكو حريصة على تأدية دور الوسيط، لكنها شدّدت على ما يبدو موقفها حيال المعارضة. باختصار، أدّى موقف روسيا خلال أزمة درعا إلى إعطاء الغلبة بوضوح للنظام، بدءًا من دعمها للحصار في بداية الأزمة ووصولًا إلى خارطة الطريق التي وضعتها موسكو مؤخرًا. لكن ثمة خطوط حمر لروسيا في الجنوب. صحيحٌ أن الروس قد لا يعارضون مساعي النظام من أجل فرض سيطرة أمنية أكبر في محافظة درعا، لكنهم يرفضون أي تصعيد عسكري من شأنه التسبب بانهيار الوضع القائم الذي أرسته روسيا بعد العام 2018، ما يشرح حرصهم على تأدية دور الوسيط والتدخل لتهدئة الأمور في كل مرة تفشل المفاوضات وتتجه الأمور نحو تصعيد عسكري.
مركز كارينغي للشرق الأوسط
———————————-
درعا كمدخل لحل نهائي في سوريا/ العقيد عبد الجبار العكيدي
جولات المفاوضات بين اللجنة المركزية المفاوضة عن أهالي درعا واللجنة الأمنية للنظام السوري برعاية روسية توقفت، مع استمرار محاولات قوات النظام والميليشيات الإيرانية عرقلة أي اتفاق يفضي الى منعهم من دخول درعا البلد، واستعادة النفوذ والسيطرة على المحافظة التي كان لأبنائها السبق في الانتفاضة بوجهه وكسر هيبته.
ليس من مصلحة هذين الطرفين التوصل لأي اتفاق يجنب أهالي درعا الحصار والحرب ويحفظ كرامتهم وأمنهم، ويمنع التهجير القسري للسكان، والتغيير الديموغرافي الذي تسعى إيران لإحداثه في المنطقة، للضغط على دول الخليج العربي من بوابة المملكة الأردنية الهاشمية، التي ستكون أكثر المتضررين والمتأثرين بزعزعة أمنها واستقرارها، بالإضافة الى الضغط الإيراني لتحقيق بعض المكاسب في مفاوضات الملف النووي مع الولايات المتحدة، من خلال وجود ميليشياتها على الحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة.
على الرغم من استمرار المفاوضات، وتحت وابل كثيف من القصف العنيف لقوات النظام على المدينة المحاصرة لأكثر من شهرين قبل أن تتوقف تحت وابل الصواريخ، إلا أن الأمور على ما يبدو ستتجه نحو حصر السلاح وفرض الاستقرار، بما يهيئ الأجواء بشكل كامل لتكون درعا والمنطقة الجنوبية بشكل عام خارج الحسابات العسكرية، على صعيد المعركة بين قوات النظام وفصائل الثوار، حيث ينص الاتفاق الذي كانت تجري محاولة فرضه، على (دخول اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس مع الشرطة العسكرية الروسية الى محيط درعا، وافتتاح حاجز السرايا في كلتا الجهتين، ودخول عناصر مخفر الشرطة الى درعا البلد).
ومن المحتمل وحسب بعض المعطيات المتوفرة ان تتوصل الأطراف المتفاوضة الى تعديلات جوهرية على تسوية 2018، أو إلى تسوية جديدة من شأنها أن تكون مناسبة وتتماشى مع الاعتبارات العسكرية والأمنية الجديدة، بحال عودة المفاوضات.
وبالتالي تصبح جميع الفصائل وكافة المقاتلين منضويين ضمن مرتبات الواء الثامن التابع للفيلق الخامس (الروسي)، وبقيادة رجل روسيا في المنطقة أحمد العودة.
ماذا يعني ذلك؟
منذ البداية كان واضحاً أن ما تريده روسيا هو إنهاء حالة الفلتان الأمني، والانتشار غير المنضبط للسلاح الفردي والخفيف في المحافظة، الذي نصّ اتفاق التسوية عام 2018، على بقائه مع الثوار، ووضع أهالي حوران تحت قيادة واحدة سياسياً وعسكرياً، وقد كان واضحاً أيضاً أن ذلك ليس بالأمر السهل بالنظر إلى الحساسيات الاجتماعية والعشائرية، والمنافسة بين القادة الثوريين، ورغم أن هذه المنافسة لم تبلغ تلك الفصائل في أي يوم ما بلغته في مناطق أخرى، فلم نشهد صدامات دامية بين فصائل حوران، أو معارك كبيرة كما حصل في الغوطة وحلب وغيرها، إلا أنها وعلى أي حال موجودة وتسبب أرقاً لروسيا، التي لم يكن واضحاً تماماً لماذا تريد أن تفعل كل ذلك في درعا.
لكن بعد زيارة العاهل الأردني عبد الله الثاني الأخيرة إلى واشنطن والحديث عن فتح المعابر (معبر جابر)، وتنشيط الحركة التجارية، تأكدت أهمية درعا الجيوسياسية، والاستراتيجية اقتصادياً.
فكل المؤشرات تشير إلى وضع خاص يرتبط بأزمة الأردن اقتصادياً، ويدلل على هذا حراك ملك الأردن وعودة الاهتمام بالمعابر وكذلك الأزمة الاقتصادية في لبنان ومنه ظهرت للتداول مسألة الغاز المصري، والكهرباء الأردني، وهي مسائل مرتبطة بخطوط الإمداد السوري والمعابر في درعا، وكل ذلك يبرر الحراك الأردني باتجاه الدول الفاعلة وتصريحات مسؤوليه التي تعبر عن خيبة أمل من الاهتمام الأميركي بالتسوية، تصريحات تدلل على أن الوضع السوري مستدام وعلى الأردن أن يعالج أزمته الاقتصادية على هذا الأساس كأمر واقع.
لكن هذا ليس كل ما يجعل من درعا أحد أهم مراكز ثقل (سوريا المفيدة)، فدرعا مهمة جداً كما هو معلوم للجميع في ما يتعلق بحسم ملف الوجود الإيراني في سوريا وفق اتفاقية التسوية عام 2018 بين أميركا وروسيا والأردن وإسرائيل-الحاضر الغائب في كل التفاهمات. هذه التسوية التي تعهدت فيها روسيا بإبعاد إيران عن حدود إسرائيل والأردن مسافة 40 إلى 80 كيلومتراً، والتي كانت وما زالت ستحدد بالنسبة لأميركا والمجتمع الدولي والدول العربية والإقليمية مدى قدرة روسيا على إخراج ايران من سوريا في نهاية المطاف، كما تعهدت أو كما يتوهم العرب.
ويبقى السؤال المطروح هل ما حصل ويحصل في درعا سيكون بالفعل مقدمة للحل النهائي في سوريا، كما رأت مجلة “ناشونال إنترست” الأميركية، التي اعتبرت أن “الانتفاضة الأخيرة في محافظة درعا قد تشكل مدخلاً للانتقال السياسي في سوريا، ورحيل رئيس النظام بشار الأسد”، داعية الولايات المتحدة وحلفاءها الى الضغط على الأسد والقيام بمبادرة دبلوماسية لإنهاء الازمة الإنسانية في البلاد.
وأشارت المجلة الى أن درعا خصوصاً وجنوب سوريا عموماَ، منطقة تمثل مدخلاً للانتقال السياسي في سوريا، مضيقة أن “الثورة السورية انطلقت من درعا وسيكون من العدل رحيل النظام من خلال انتفاضة درعا الأخيرة”.
أما الفرضية الثانية فأن يكون ما حصل في حوران مؤخراً مقدمة لفرض التقسيم أو الفيدرالية، خاصة أن ما يجري في درعا وما جرى من قبل في مناطق سورية أخرى يشير بوضوح الى وجود اتجاه دولي وإقليمي لفرض نظام فدرالي بحكم الأمر الواقع في سوريا، يكون جسر عبور إلى مشروع التقسيم، لا سيما أن ترتيبات الإدارة الذاتية في الجزيرة السورية، وطريقة الحوكمة في شمال وشمال غرب سوريا، والأصوات التي خرجت مؤخراً من محافظة السويداء ومن بعض سياسي درعا، تصب في طاحونة تقسيم سوريا إلى كيانات منفصلة، كسيناريو أسوأ ما يمكن أن يرسم لسوريا المستقبل.
أما الاحتمال الأخير الذي يمكن أن يفرض في ضوء ما جرى فهو تطبيق اللامركزية الإدارية بالصيغة التي تطرحها روسيا، كما ورد في مشروع الدستور الذي قدمته روسيا الى المعارضة السورية في الجولة الأولى من مباحثات أستانة في شهر كانون الثاني/يناير 2017.
لا بد أن ما يحصل في درعا ستكون له انعكاسات وآثار كبيرة على المشهد السوري، هذا في حال سلّمنا بأن الأمور تستقر دائماً كما تريد الدول المتدخلة في الصراع السوري، كما حصل في الشمال حيث باتت الفصائل منضبطة، أو كما حصل في الشمال الشرقي حيث قوات سوريا الديمقراطية (قسد) منضبطة غالباً تحت القيادة الأميركية، لكن من الحكمة ألا يسلم أحدنا دائماً بأن الأمور تسير في مناطق الحروب والثورات وفق منطق القوى المستقرة، بل وفق منطق القوى المتنافسة.
المدن
—————————–
درعا وخطوط التماس الدولي/ حسان الأسود
لا تقع درعا على عقدة خطوط التجارة العالمية، ولا تمرّ منها قناة السويس، ولا هي عاصمة إمبراطورية آيلة للأفول كإسطنبول نهايات الحرب العالمية الأولى، هي مدينة صغيرة جداً، وتكادُ تكون قرية كبيرة حتى، لكنّ ما يميّزها منذ عشرة أعوام عن غيرها أشياء كُثر. فعلاوة على أنها مهد الثورة السورية، وعاصمة المحافظة التي هزّت النظام في العمق عندما كانت الثورة في طورها السلمي، وبعد أن انتقلت إلى طورها العسكري، وإضافة إلى كونها الوحيدة التي شبّت عن طوق التسويات بشكل أو بآخر بعد استعادة النظام للجنوب، وغير أنها مركز المحافظة التي أسقطت الأسد في انتخاباته الرئاسية الأخيرة قبل أشهر، علاوة على ذلك كلّه فهي تقع على خطّ صدعٍ إقليمي ودولي.
ربّما لم يخطر في بال العاهل الأردنيّ الملك عبد الله الثاني عندما تحدّث للواشنطن بوست أوائل ديسمبر عام 2004 عن الهلال الشيعي، أنّ درعا ستكون رأس حربة قوس الصدّ العربي في مواجهة هذا الهلال. ورغم أنّ خمسة عشر عاماً تفصلنا عن ذلك الحديث الذي كان إثر التخوّف من سيطرة حكومة موالية لإيران في بغداد بعد الاحتلال الأميركي للعراق، إلا أنّ الرؤية الثاقبة للملك لم تخطئ في استشراف المستقبل. لقد بات الهلال شبه مكتملٍ، وعلى جميع الدول العربيّة في الخليج وفي شمال أفريقيا أن تستعدّ لما هو قادم إليها خلال السنوات المقبلة، خاصّة إن بقي الحال في سوريا على ما هو عليه الآن من دون انتقال سياسي.
يُدركُ بعضُ أهل حوران أنّهم فعلاً على صدع الفالق بين القوس والهلال، وقد لا يعي كثيرون منهم ذلك، لكنّ الأمر واقعٌ حقيقيٌ لا يغيّر من إدراكه أو عدم إدراكه شيء. فالمجريات تدلّ على إصرار نظام ملالي طهران على استكمال السيطرة على الجنوب بشكل كامل، وتقف بعض المدن الصغيرة شوكة في حلقها، منها درعا وطفس وبصرى الشام. وقد كانت محاولة كسر شوكة درعا بضربة قاصمة شيئاً مدروساً بعناية، لأنّ من شأن ذلك أن يسهّل كثيراً قضايا التفرّغ لبقيّة المدن، نظراً لما لدرعا من رمزية في وجدان أبناء المنطقة خاصّة وسوريا عامّة.
يدخل هنا عامل آخر لصالح أبناء المطقة هذه المرّة، ويبدو أنّ سوء الطالع ليس قدراً محتوماً. لحسنّ حظّ المنطقة، أو لسوئه لا فرق، أنها جارة لإسرائيل من جهة، وأنها معبر إلى الأردن والخليج وشمال أفريقيا من جهة ثانية. جعل هذا كلّه من مصلحة روسيا – الفاعل الأقوى في الصراع السوري – أن تثبّت نقاط قوتها هناك. لهذا رأينا حراكاً سياسياً دولياً نشطاً خلال هذه الأسابيع الأخيرة.
كانت زيارة العاهل الأردني لواشنطن قبل عدّة أسابيع لتسويق فكرة التعايش مع سيطرة الأسد على المنطقة، وبالتالي طلب استثناء الأردن من مفاعيل قانون قيصر لما لها من أثر بالغ على اقتصاد المملكة، ثمّ جاءت زيارته لروسيا ولقاؤه الرئيس فلاديمير بوتين يوم الإثنين في 23 من آب الجاري استكمالاً لما بدأ في واشنطن. كذلك زيارة وزير الخارجية القطري لعمّان قبل أيام أيضاً، واستقبال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 18 من آب الجاري لمستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، وزيارة نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان لروسيا وتوقيعه اتفاقيّة تهدف إلى تطوير التعاون العسكري المشترك بين البلدين، إضافة لمحادثاته مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو حول سعي البلدين المشترك لحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة. كذلك كان للأوضاع في الجنوب السوري نصيب في جلسة مجلس الأمن الأخيرة. كلّ هذه التحركات وغيرها لم تأت من فراغ، بل كان التصعيد العسكري للنظام وحلفائه في درعا بالمركز منها.
لن يتوقف الحراك السياسي قبل الوصول إلى حلول تساهم في تخفيف التوتر في المنطقة، والأردن الذي يخشى من استمرار مضاعفات الأزمة السورية على اقتصاده الضعيف، والذي يخشى بشكل أكبر من توسّع النفوذ الإيراني على حدوده، بدأ يأخذ دوراً أكثر فاعليّة بهذا الملف. قد يكون لزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد نفتالي بينيت إلى واشنطن تأثيرٌ ما على الوضع في الجنوب، ولا شكّ بأنّ انتشار عناصر الحرس الثوري الإيراني وميليشيا حزب الله اللبناني الإرهابي على طول حدود القنيطرة وفي مجمل محافظة درعا، ليس بخافٍ عن أعين الجيش الإسرائيلي ولا مخابراته. يبدو أنّ إسرائيل ستتجه مع الحكومة الجديدة لتغيير مقاربتها من الوجود الإيراني في المنطقة، وقد يكون هذا من مصلحتنا نحن أهل الجنوب السوري.
يبقى أن نقول في الختام بأنّ الحراك السياسي السوري، المتمثّل بنشاط الجاليات السورية المحموم في الولايات المتحدة وبريطانيا وأوروبا وغيرها من الدول، وكذلك مؤتمراتهم في الداخل والخارج، مثل مؤتمر جود الذي لم يُكتب له الانعقاد، ومؤتمر السويداء الأول ومؤتمر استعادة السيادة والقرار في جنيف، بدأ يأخذ مساراً جديداً بالتعامل مع الوضع السوري. لقد وعت هذه القوى ضرورة تشكيل مجموعات الضغط، وممارسة سياسة التواصل المستمر مع القوى الفاعلة في الدول الديمقراطية من أجل التأثير على سياسة حكوماتها بالملف السوري. سيكون لهذه الجهود تأثير على المدى القريب والمتوسط، وما موقف أعضاء الكونغرس الأميركي الرافض لإعادة تأهيل نظام الأسد، والذي أوضحوه للعاهل الأردني الملك عبد الله بن الحسين صراحة خلال زيارته الأخيرة، إلّا من نتائج عمل السوريين المثابر. سيكون من اللازم تكثيف الجهود السورية للوصول إلى حلّ ينقل البلاد والعباد من خطوط التماس وتضاد لمصالح، إلى خطوط الاستقرار والتوافق من أجل مصلحة السوريين والمنطقة عموماً
تلفزيون سوريا
————————————
درعا والمقايضات الأردنية/ بشير البكر
درعا هي البؤرة الأخيرة الخارجة عن أي حماية إقليمية أو دولية، وهي التي لا تزال تمثل الثورة السورية في حالتها الأولى. ولو كان أهل درعا تحت مظلة الأردن أو إسرائيل لكان الوضع مختلفاً كلياً، وأصبحت المنطقة تحظى بهدوء نسبي، مثلها مثل بقية مناطق سوريا الأخرى الموزعة إلى مقاطعات نفوذ دولية، روسية إيرانية، وأميركية، وتركية. وما يعمل له ملك الأردن عبد الله الثاني، وما تهدف إليه زيارتاه الأخيرتان إلى واشنطن وموسكو يسير في هذا الاتجاه، وقد يكون اتفاقه مع النظام السوري على إدارة مشتركة للجنوب مدخلا لرفع العقوبات الدولية، وفاتحة لتعويم بشار الأسد.
الوضع الراهن في درعا ثمرة اتفاق أردني – روسي، وموافقة أميركية إسرائيلية، جرى التوصل إليه في صيف 2018 بعد المواجهة الكبرى. ومن المفترض أنه نهائي وراسخ بضمانات الطرفين الروسي والأميركي، من أجل تجنيب إسرائيل والأردن خطر زحف الميليشيات الإيرانية إلى جبهة الجنوب، وحماية الأردن من تداعيات الحرب من خلال هجرة عشرات الآلاف الذين يشكلون عبئاً إضافياً على اقتصاد وأمن واستقرار هذا البلد، الذي يستقبل نحو مليون لاجئ سوري قصدوه من شتى أنحاء سوريا على مدى السنوات العشر الأخيرة. وبخلاف بعض دول جوار سوريا لم يتحول الأردن إلى ممر هجرة، كما هو حال لبنان وتركيا والعراق، بل مستقر، وهذا ما تعمل السلطات الأردنية على وضع حد له، وهو في الوقت ذاته ما يقدمه الحكم الأردني ذريعة لتحركاته السياسية، ويراهن الملك عبد الله الثاني على لعب ورقة درعا من جديد.
وخلص ملك الأردن بعد لقاءات مع أطراف الإدارة الأميركية والرئيس جو بايدن، في العشرين من الشهر الماضي، إلى أن حل الموضوع الأمني الخاص بجبهة الجنوب شأن عليه التفاهم حوله مع روسيا وإسرائيل، ولهذا زار موسكو في الثالث والعشرين من الشهر الحالي والتقى الرئيس فلاديمير بوتين، والذي عرض أمامه مخاوف الأردن من انتشار الميليشيات الإيرانية على حدوده، في حال تم حسم الوضع في درعا لصالح إيران. وفي حين أبدى بوتين تفهم هواجس الملك، فإنه نصحه بمعالجة الأمر من خلال النظام والتنسيق معه أمنيا، لأنه هو القادر على ضبط الوضع في الجنوب، وذهب بوتين أكثر من ذلك عندما طلب مقابل تمرير الكهرباء والغاز من مصر إلى الأردن ومن ثم إلى لبنان عبر سوريا، أن تقوم الإدارة الأميركية بمراجعة للعقوبات المفروضة على النظام السوري وداعميه وفق قانون قيصر.
وكان قد سبق زيارة ملك الأردن إلى موسكو زيارة رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي الجديد، “إيال حولتا”، والتي تلاها عودة الغارات الإسرائيلية بقوة ضد أهداف إيرانية، وأخرى تابعة لحزب الله في القنيطرة، وهذا يحمل إشارة إلى تجديد التفاهمات التي كانت سائدة مع حكومة رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، والتي تنص على منح إسرائيل الضوء الأخضر لضرب الأهداف التي ترى أنها تهدد أمنها داخل سوريا، وباتت هذه السياسة متبعة من قبل موسكو بعد أن فشلت في السيطرة على الميليشيات الإيرانية في الجنوب، ومن المعروف أن اتفاق 2018 لم يصمد طويلا، وبقيت المناوشات قائمة واستمرت الاغتيالات، لأن إيران رمت بالاتفاق ومارست سياستها المعهودة في التخريب وقضم المناطق، ولم يتمكن الروس من الحد من دورها رغم محاولات تشكيل الفيلق الثامن كجسم عسكري يتبع للقيادة العسكرية الروسية في سوريا.
وما يستحق التوقف أمامه هو موقف الائتلاف وفصائل إدلب المسلحة من الوضع في درعا البلد، التي تواجه الحصار منذ شهرين. هناك تهاون يصل إلى حد الفضيحة. لا يمكن أن ينكر المرء صدور بيانات الاستنكار والمناشدة، إلا أن ذلك ليس أكثر من فض العتب وبلا أي نتيجة، وإذا كان هذا منتهى ما يمكن أن يقوم به الائتلاف، فإن الفصائل بوسعها أن تفعل أكثر من ذلك، ولكنها باقية على موقفها مما يحصل هناك، وهو الموقف ذاته الذي تتخذه من أوضاع بقية أنحاء سوريا، فهي غير معنية بما هو خارج المناطق التي تنتشر فيها.
تلفزيون سوريا
—————————————–
النظام السوري يحاول اقتحام درعا البلد ويكثف عمليات القصف عليها/ جلال بكور
واصلت قوات النظام السوري صباح اليوم الإثنين، عمليات القصف على درعا البلد، مع محاولات اقتحام من عدة محاور، بعيد ساعات من إعلان انهيار المفاوضات التي ترعاها روسيا حليفة النظام، حول المنطقة المحاصرة منذ 68 يوماً في الجنوب السوري.
وقالت مصادر محلية لـ”العربي الجديد”، إن الفرقة الرابعة في قوات النظام السوري والمليشيات المساندة لها بدأت صباح اليوم بتمهيد ناري مكثف على عدة محاور في درعا البلد، مع محاولة تقدم إلى داخل الأحياء المحاصرة، حيث تدور اشتباكات عنيفة مع عناصر من المعارضة في المنطقة. وذكرت المصادر أن قوات النظام استخدمت صواريخ “فيل” وقذائف الدبابات والمدفعية الثقيلة وصواريخ أرض – أرض في عمليات القصف والتمهيد، وسط حالة من الذعر في المنطقة لدى المدنيين، بينما لم يتبين سقوط قتلى وجرحى من المدنيين. وأضافت المصادر أن قوات النظام ركزت جل قصفها على محور حي المطار ومحور شمال الخط على أطراف درعا المحطة.
وقالت المصادر إن القصف المدفعي والصاروخي استهدف بشكل عنيف أيضاً مناطق في حي مخيم درعا وحي طريق السد على أطراف درعا البلد، وذكرت المصادر أيضاً أن اشتباكات وقعت فجر اليوم على محاور في مدينة الصنمين شمالي درعا إثر هجوم من مجهولين على حواجز في المدينة، ما تسبّب بخسائر بشرية في صفوف قوات النظام.
وقابل النظام الهجوم بقصف على الحي الغربي من مدينة الصنمين، متسبباً بأضرار مادية في ممتلكات المدنيين، فيما خرجت مجموعة من النساء في بلدة نمر شمالي درعا بتظاهرة تنديداً بالقصف على درعا وريفها من قوات النظام.
وقال الناشط محمد الحوراني لـ”العربي الجديد”، إن هجوماً وقع على حاجز لقوات النظام السوري عند أطراف بلدة سحم الجولان غربي درعا، ما أدّى إلى وقوع قتلى وجرحى من عناصر النظام، وجاء الهجوم تزامناً مع محاولات النظام اقتحام أحياء درعا البلد، بعد إعلان اللجنة المركزية عن انهيار المفاوضات بسبب تعنت النظام.
وكانت اللجنة المركزية الممثلة لأهالي المناطق المحاصرة في درعا أعلنت مساء أمس الأحد، انهيار المفاوضات مع النظام السوري بسبب التصعيد العسكري والقصف الذي يطاول مناطق في المحافظة. وقال الناطق باسم اللجنة المركزية عدنان المسالمة في بيان صدر عنه، “إن لجنة درعا تعلن انهيار المفاوضات، وذلك بسبب تعنت النظام وعدم تجاوبه مع الطروحات الروسية، واستمراره في محاولة فرض شروطه القاسية، وعدم احترامه لوقف إطلاق النار، وتقدم مليشيات الفرقة الرابعة ومحاولتها اقتحام مدينة درعا من أكثر من محور”.
وجاء بيان اللجنة المركزية عقب ساعات قليلة من إعلان اللجنة المركزية للمنطقة الغربية بدرعا “النفير العام”، تضامناً مع الأحياء المحاصرة في درعا التي تشهد تصعيداً عسكرياً غير مسبوق، وقصفاً بصواريخ من نوع أرض – أرض و”جولان” أدى لمقتل مدنيين وسقوط جرحى.
وارتفعت حصيلة ضحايا قصف قوات النظام على درعا أمس إلى ثلاثة قتلى وعدد من الجرحى، فيما دخل الحصار اليوم على أحياء درعا البلد يومه الثامن والستين على التوالي، ويعاني الأهالي المحاصرون من نقص في المواد الغذائية والطبية.
وكان النظام قد هجّر خلال الأسبوع الماضي عدداً من أهالي درعا على خلفية الاتفاقات غير الواضحة التي نجمت عن عملية التفاوض المستمرة منذ شهرين، ويسعى النظام إلى السيطرة على درعا من خلال فرض شروط تفضي إلى تهجير المعارضين له وتسليم السلاح.
4 قتلى في حماة وحلب
إلى ذلك، قُتل عنصران من قوات النظام السوري اليوم الإثنين، جراء هجوم من جانب مسلّحين على حاجز في مدينة حماة وسط البلاد، فيما جدّد الطيران الحربي الروسي غاراته على مناطق متفرقة في البادية، ضمن عمليات التمشيط ضد خلايا تنظيم “داعش”.
وقالت مصادر محلية لـ”العربي الجديد”، إن مسلحين هاجموا موقعاً لشرطة النظام السوري في حي المرابط بمدينة حماة، ما أدّى إلى مقتل عنصرين وإصابة آخرين بجروح متفاوتة، وفرّ المهاجمون إلى جهة مجهولة، فيما استنفرت قوات النظام في المنطقة، ونقلت القتلى والجرحى إلى المستشفى.
ويُعدّ الهجوم الأول من نوعه في المنطقة، ومن النادر وقوع هجمات ضد قوات النظام السوري في مدينة حماة التي تخضع بشكل كامل لسيطرة الأخير والمليشيات التابعة له.
إلى ذلك، تحدثت مصادر محلية عن تجدّد القصف الجوي من الطائرات الحربية الروسية على مناطق متفرقة في البادية بين دير الزور والرقة، وذكرت أن الغارات تزامنت مع اشتباكات عنيفة بين قوات النظام وخلايا تنظيم “داعش” في محور جبل البشري جنوب غربي دير الزور.
ولم يتبيّن حجم الخسائر الناتجة عن القصف والاشتباكات، فيما زعمت صحيفة “الوطن” الموالية للنظام أن قوات الأخير قضت على عناصر من فلول تنظيم “داعش” في اشتباكات “ضارية” في بادية دير الزور الغربية، مضيفة أن “الطيران الحربي السوري والروسي، شنّ عدة غارات على مواقع فلول التنظيم في عمق البادية، وما بين دير الزور والرقة، محققاً فيها إصابات دقيقة”.
وفي إدلب، شمال غربي البلاد، قصفت قوات النظام مناطق في بلدة الفطيرة بجبل الزاوية جنوبي المحافظة، موقعة أضراراً مادية في ممتلكات المدنيين، وتستمرّ قوات النظام بشكل يومي في القصف على المنطقة رغم خضوعها لاتفاق وقف إطلاق النار.
في موازاة ذلك، وقعت اشتباكات بالأسلحة الثقيلة والمتوسّطة بين “الجيش الوطني السوري” ومليشيات “قسد” على جبهة كفر خاشر بريف حلب الشمالي، لم يتبين حجم الأضرار الناتجة عنها.
من جانبها، أعلنت قوات الأمن التابعة لـ”قسد” اليوم، عثورها على رجل وزوجته مقتولين بأدوات حادة في منزل بمدينة عين العرب في ريف حلب الشمالي، وذكرت مصادر لـ”العربي الجديد” أن هناك شكوكاً حول وجود عمل إرهابي، مضيفة أن الرجل وزوجته تعرضا لهجوم من مجهولين في منزلهما بحي بوتان شرقي المدينة، وأسفر الهجوم أيضاً عن إصابة طفل بجروح.
ولفتت المصادر إلى أن أسباب الشكوك في وجود عمل إرهابي هي مقتل الرجل وزوجته بأسلحة حادة “ذبحاً”، ما أثار حالة من الخوف والاستنكار الشديد بين أهالي المنطقة.
وذكرت المصادر أن الضحايا كانوا في منزلهم مع أطفالهم الستة، مشيرة إلى أن الرجل يملك محل صرافة في مدينة عين العرب، وقد يكون الهجوم على منزله أيضاً بهدف السرقة، لكن عملية القتل ترجح وجود هجوم إرهابي أو بدافع انتقامي. وقالت المصادر إن قوات الأمن التابعة لـ”قسد” طوقت المكان ونقلت الأطفال وبدأت التحقيق في الحادثة.
وكان العاملون في الصرافة قد تعرضوا أخيراً لهجمات من مجهولين في مناطق متفرقة شمالي سورية الخاضعة منها لـ”قسد” أو “الجيش الوطني السوري”، وأدّت الهجمات إلى مقتل وجرح العديد منهم.
العربي الجديد
————————
درعا البلد: شروط جديدة لفرض الاستسلام/ أمين العاصي
يحاول النظام السوري استغلال حصاره لنحو عشرة آلاف مدني في أحياء درعا البلد جنوب سورية، لتحصيل مكاسب سياسية عبر شروط جديدة لفرض الاستسلام على أهالي درعا البلد، وتجريد المقاتلين المحليين الذين يدافعون عن هذه الأحياء من سلاحهم، ليسهل عليه فرض إرادته في المنطقة بالقوة، فيما يقترب المدنيون المحاصرون من حافة الكارثة.
وفي وقت يواصل فيه النظام والمليشيات الإيرانية القصف على أحياء درعا البلد، ذكرت مصادر مطلعة في محافظة درعا أن “اللواء الثامن” التابع للجانب الروسي في جنوب سورية، نقل في اجتماع جرى مساء السبت لوفد “اللجنة المركزية” المفاوض عن أهالي أحياء درعا البلد المحاصرة، مبادرة جديدة طرحها ممثلو النظام لفك الحصار. وبيّنت المصادر أن المبادرة تتضمن “الاعتراف بعلم النظام كعلم معترف به لكل سورية وهو خط أحمر”، و”الاعتراف بجيش النظام بأنه المسؤول عن أمن سورية”، و”الاعتراف ببشار الأسد رئيساً شرعياً منتخباً لسورية”. كما تضمّنت المبادرة الجديدة، وفق المصادر، تفتيش أحياء درعا البلد بإشراف الشرطة العسكرية الروسية، بحثاً عن الأسلحة الخفيفة.
ويرفض شبان درعا البلد تسليم سلاحهم الفردي لقوات النظام كي لا يفقدوا السلاح الذي يمكّنهم من الدفاع عن عائلاتهم، خصوصاً أن عناصر المليشيات الإيرانية المحاصرة لهذه الأحياء “يحملون سيوفاً في مؤشر واضح على نيّتهم ارتكاب مجازر بحق المدنيين”. بينما يصر النظام على تجريد الأهالي من كل الأسلحة ليسهل عليه الدخول إلى درعا البلد وفرض سيطرة مطلقة وكسر إرادة أهالي هذه الأحياء الخارجة عن سيطرة النظام بشكل فعلي منذ أواخر عام 2011.
ونقل “تجمّع أحرار حوران” عن مصدر مقرّب من لجان التفاوض أن المبادرة هي من النظام وقدّمها قياديون في “اللواء الثامن” لوفد الأهالي على أن يصدر هذا الوفد بياناً رسمياً يعترف به بهذه المطالب. من جهته، ذكر المتحدث باسم التجمّع أبو محمود الحوراني، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن وفد الأهالي رفض هذه المطالب. وكان عموم أهالي محافظة درعا قد رفضوا الاعتراف والمشاركة في الانتخابات الرئاسية التي أجراها النظام في مايو/ أيار الماضي وثبّتت بشار الأسد في السلطة حتى عام 2028.
من جهته، يواصل النظام تكرار المزاعم عن عرقلة اللجنة المركزية التي تمثل أهالي محافظة درعا، الجهود الهادفة إلى حل الأزمة في درعا البلد. وقالت صحيفة “الوطن” التابعة للنظام إن ما سمتها “الدولة” لن تستمر بـ”إعطاء المهل”، مشيرة إلى انه كان من المفترض خروج 50 مسلحاً السبت من أحياء درعا البلد باتجاه الشمال السوري “ولكن لم يخرج أحد”، وفق الصحيفة. كما أشارت إلى أنه “تم الاتفاق على افتتاح مركز تسوية في مركز شرطة منطقة درعا المحطة لتسوية أوضاع المطلوبين وتسليم أسلحتهم ولكن لم يحصل شيء من ذلك”. والأسبوع الماضي، خرجت دفعتان من المهجرين من درعا البلد إلى الشمال السوري، الأولى ضمت ثمانية أشخاص والثانية 79 شخصاً، بينما يطالب النظام بتهجير أعداد أكبر من المقاتلين وعائلاتهم. وفي هذا الصدد، اتهمت “الحكومة السورية المؤقتة” الممثلة للمعارضة السورية، بالقيام بعملية تغيير ديمغرافي في جنوب سورية، مشيرة في بيان لها السبت إلى أن “عمليات التهجير القسري التي يقوم بها نظام الأسد بالتنسيق مع حلفائه جاءت ضمن سياق مخطط خطير للتغيير الديمغرافي في سورية”.
وفي موازاة محاولات النظام دفع الأهالي للقبول بحل أقرب للاستسلام، يواصل الضغط على أكثر من عشرة آلاف مدني محاصرين في أحياء درعا البلد، وعلى الوفد المفاوض عنهم، من خلال القصف الذي يكاد لا يهدأ. واستهدفت قوات النظام الأحياء المحاصرة بقصف عنيف أمس الأحد، وتحديداً بقذائف الهاون وبصواريخ أرض-أرض من نوع “فيل”. وقال الناشط أبو محمد الحوراني، لـ”العربي الجديد”، إن القصف العنيف على حي طريق السد أمس أدى إلى مقتل شخصين وجرح آخرين، موضحاً أنّ القصف مصدره قوات “الفرقة الرابعة” التابعة للنظام. وفي ظل القصف العنيف، أعلنت اللجان المركزية في درعا البلد، أمس، النفير العام في المنطقة لإيقاف حملة النظام على المنطقة. وقالت اللجنة المركزية الممثلة لأهالي المنطقة الغربية بدرعا، في بيان، إنه “على الرغم من كل محاولتنا السلمية والتفاوضية للوصول إلى حلول ترضي جميع الأطراف، أصر النظام على جرّ البلاد إلى حرب طاحنة يقودها ضباط إيرانيون يتبعون مليشيات طائفية تهدف للتوسع والسيطرة على أراضي الجنوب السوري لتفتيت النسيج الاجتماعي وخلق تغيير ديمغرافي”.
من جهته، ذكر الناشط محمد الشلبي، لـ”العربي الجديد”، أن قوات النظام تواصل استهداف منطقة درعا البلد بالصواريخ والمدفعية الثقيلة في خطوة تمهيدية لاقتحام درعا البلد وطريق السد والمخيم. وأضاف الشلبي أن أكثر من 50 صاروخاً من نوعي “فيل” و”جولاني” التي تستخدمها المليشيات الإيرانية في سورية سقطت السبت في درعا البلد ما تسبّب بدمار كبير في ممتلكات المدنيين، وإصابة طفل، بالتزامن مع اشتباكات تشهدها المنطقة بين المقاتلين المحليين وقوات “الفرقة الرابعة” والمليشيات المساندة لها، خصوصاً في أحياء البحار والمنشية والحرش وخط النار الواقع في حي السد، مع استقدام قوات النظام مزيداً من التعزيزات إلى تلك المحاور في محاولة منها للتقدم باتجاه أحياء درعا البلد المحاصرة.
في الأثناء، تستمر مأساة آلاف المدنيين المحاصرين في درعا البلد منذ 67 يوماً، و”تفتقد الأحياء المحاصرة مقومات الحياة من الغذاء والدواء والماء والكهرباء”، وفق مصادر محلية. وذكر الناشط محمد الحوراني، في حديث مع “العربي الجديد” أن لا انفراجة بالنسبة للسكان في الأحياء المحاصرة، والوضع الإنساني يزداد سوءاً، وهناك شح ومحدودية في الطعام، في الوقت الذي تصل فيه كميات قليلة جداً من المواد الغذائية للمحاصرين عبر التهريب. أما النقطة الطبية فلا تزال خارج الخدمة بعد استهدافها من قبل قوات النظام بداية الحصار. وتعليقاً على هذه التطورات، استبعد سليمان القرفان، وهو نقيب المحامين الأحرار في درعا، حصول حرب ضد أحياء درعا البلد، مضيفاً في حديث مع “العربي الجديد”: “سيفرض الروس على النظام ومليشياته الانسحاب وفك الحصار عن درعا البلد”. وتابع بالقول: “أعتقد أن تغنّي النظام بتهجير 79 شخصاً من أحياء درعا، ليقنع حاضنته ومواليه بأن الحملة قد حققت بعض النتائج”. وأشار إلى أن أهالي درعا البلد “مصرون على الدفاع عنها وعدم السماح للنظام بدخولها مهما كلف الثمن”، مضيفاً: “لا أعتقد ان الروس في وارد السماح بارتكاب مجازر على مرأى من العالم أجمع الذي يراقب عن كثب ما يجري لدرعا البلد”.
—————————–
درعا:النظام يغلق بالقصف الصاروخي أبواب التفاوض
استهدف النظام السوري أحياء درعا البلد صباح الاثنين، بصواريخ “أرض-أرض” من طراز “فيل”، في محاولة جديدة لاقتحام الأحياء بعدما استعادت ثوار المدينة بعض النقاط العسكرية التي سيطرت عليها عناصر الفرقة الرابعة والميليشيات الإيرانية الموالية لها في حي البحار جنوب درعا البلد مساء الأحد.
وسقط مساء الأحد عدد من القتلى والجرحى في قرية جلين ومحيطهما في الريف الغربي من محافظة درعا، نتيجة القصف العشوائي لقوات النظام، كذلك تم استهداف بلدة تل شهاب في الريف الغربي من المحافظة، وذلك بالتزامن مع اشتباكات عنيفة دارت في محيط الحاجز الرباعي العسكري، الواقع بين قريتي الشيخ سعد ومساكن جلين غربي درعا.
وأعلن تجمع أحرار حوران أن القصف الذي يستهدف الأحياء هو الأعنف منذ بدء الحملة العسكرية للنظام على المحافظة، إذ سُجل سقوط ما لا يقل 20 صاروخ أرض-أرض، خلال أقل من ساعة في محاولة جديدة من قبل النظام لاقتحام درعا البلد وسط اشتباكات عنيفة تدور على محاور عديدة.
من جهته أعلن الناطق الرسمي باسم لجنة المفاوضات في درعا عدنان المسالمة عن انهيار المفاوضات مع قوات الأسد، مؤكداً أن المفاوضات انهارت نتيجة فرض النظام لشروطٍ جديدة منها وضع نقاط عسكرية داخل درعا البلد، ولذلك عاد القصف لتلك الأحياء .
وأضاف أن “إصرار النظام على هذه الآلية لن ينجم عنه أي تهدئة رغم محاولات الطرف الروسي”، متهماً موسكو بالوقوف مع دمشق والضغط على الفصائل. وتابع: “في واقع الأمر نرفض الحرب، لكن النظام يحاول دخول درعا البلد بعد حصارها منذ أكثر من 70 يوماً”.
وبالتزامن مع انهيار المفاوضات، أعلنت اللجنة المركزية في ريف درعا الغربي النفير العام لأهالي حوران، مهددة النظام بالحرب في مختلف أرجاء المحافظة، ما لم توقف ميليشيات الفرقة الرابعة وإيران حملتها العسكرية على الأحياء المحاصرة، وتبدأ بفك الحصار عنها. وأوضحت أن الإعلان جاء بعد التشاور مع قياديين في ريف درعا الشرقي ومنطقة الجيدور شمالي درعا.
وأشارت اللجنة في بيانها، إلى أن “قوات النظام تصر على جر المنطقة الى حرب طاحنة يقودها ضباط إيرانيون ومليشيات طائفية متعددة الجنسيات، لتنفيذ مخططاتهم الطائفية على حساب قتل الأهالي والقضاء على النسيج الاجتماعي وخلق تغيير ديمغرافي، كل ذلك على الرغم من محاولات اللجان المركزية السلمية والتفاوضية للوصول الى حلول مرضية لجميع الأطراف، يوقف من خلالها القتل والتجويع والدمار”.
وصّعد النظام قصفه على الأحياء المحاصرة منذ يومين، على خلفية رفض لجنة التفاوض مطالب ضباط النظام التي نقلها قياديون في اللواء الثامن والتي تضمنت، الاعتراف بعلم النظام كعلم معترف به لكل سوريا، والاعتراف بجيش النظام بأنه المسؤول عن أمن سوريا، والاعتراف ببشار الأسد كرئيس شرعي منتخب لسوريا، وذلك وفق تصريح سابق لمصدر مقرب من لجان التفاوض لتجمع أحرار حوران.
المدن
—————————
درعا تحت القصف الأعنف منذ بدء الحصار
في قصف هو الأعنف منذ بدء حصار النظام السوري على أحياء محافظة درعا، تلقت درعا البلد ليل السبت/الأحد، وابلاً من صواريخ “فيل” و”جولان” في محاولة لاقتحامها، بعد يومين على تهجير دفعتين من المعارضة إلى الشمال السوري، وسط تعثر جهود المفاوضات.
وقالت شبكة “درعا 24” إن أحياء درعا البلد شهدت قصفاً عنيفاً بواسطة قذائف الدبابات والهاون، وصورايخ من نوع “جولان” التي تم استقدامها مؤخراً إلى درعا، مشيرةً إلى أن القصف استمر لأكثر من خمس ساعات، ما أدى إلى دمار واسع في منازل المدنيين في طريق السد وبقية أحياء درعا البلد.
ولفتت إلى أنه سبقت القصف محاولة تقدم لإحدى المجموعات العسكرية التابعة للفرقة الرابعة من الجهة الجنوبية لدرعا البلد، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة بين الأهالي والمجموعات، التي استخدمت المضادات الأرضية خلال الاشتباكات.
وقالت الشبكة إنه “بعد ليلة من القصف العنيف، سمح حاجز المخابرات الجوية الذي يتمركز قرب المدينة الصناعية لعدد قليل من العائلات بالخروج من أحياء درعا البلد باتجاه درعا المحطة، قبل أن يتم إغلاقه بعد أقل من ساعتين”، لافتةً إلى أن “الحاجز سمح فقط بالخروج، ولم يسمح لأحد بالدخول مطلقاً”، مضيفةً “هذه المرة الأولى منذ بدء الحصار التي يفتح فيها هذا الحاجز، حيث كان يتم عادةً فتح حاجز السرايا لساعات قليلة ثم يتم إغلاقه بعد ذلك”.
وقالت مصادر محلية أن عناصر الفرقة الرابعة والميليشيات الإيرانية استهدفوا حي درعا البلد بأكثر من 55 صاروخ أرض-أرض من نوع “فيل” و”جولان”، ما تسبب بدمار كبير في ممتلكات المدنيين.
وأضافت المصادر أن “القصف تزامن مع اشتباكات عنيفة تشهدها المنطقة بين فصائل محلية وقوات النظام متمثلة بالفرقة الرابعة والميليشيات المساندة لها، حيث شهد حي البحار والمنشية والحرش وخط النار الواقع في حي السد اشتباكات عنيفة مع استقدام قوات الأسد مزيداً من التعزيزات إلى تلك المحاور في محاولة بالتقدم باتجاه أحياء درعا البلد”.
كما سُمع دوي انفجار في منطقة البحوث العلمية بين بلدتي طفس واليادودة غربي درعا، تلاه قصف بقذائف الهاون مصدره قوات النظام الموجودة في كتيبة المدفعية 285 بجانب البانوراما، بحسب المصادر.
وحول المفاوضات، قالت مصادر محلية إنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بعد بين اللجنة المركزية في درعا واللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري، لأن النظام “يريد الدخول إلى درعا البلد وتجريد السلاح ووضع نقاط هناك واعتقال مطلوبين”، مشيرة إلى أن “الروس والنظام أرادوا تهجير بعض الأشخاص، وتمت تلبية تلك المطالب من خلال تهجير ثمانية أشخاص في الدفعة الأولى، و79 شخصاً في الدفعة الثانية، لكن النظام يريد أكثر، ويصر على تحقيق كامل مطالبه”.
ومنذ صباح السبت، تشهد أحياء درعا البلد وطريق السد ومخيم الفلسطينيين وأبناء الجولان، قصفاً صاروخياً ومدفعياً هو الأعنف من نوعه منذ بدء الحملة العسكرية الأخيرة عليها، رغم عمليات التهجير نحو الشمال السوري.
وليل الخميس/الجمعة، قُتل أربعة مسلحين بينهم قيادي في الفيلق الخامس التابع لروسيا في كمين لقوات النظام السوري في ريف درعا الشرقي، بالتزامن مع وصول الحافلات التي تقل المهجرين من مدينة درعا إلى معبر ابو الزندين قرب مدينة الباب شرق حلب، وتضم 79 شخصاً بينهم نساء وأطفال.
——————————
قوات النظام تحاول اقتحام درعا البلد من 3 محاور
«نفير عام» في المدينة السورية الجنوبية
حاولت قوات الفرقة الرابعة المطوقة لدرعا البلد، جنوب سوريا، أمس (الأحد)، اقتحام المدينة من 3 محاور، مع قصف تمهيدي مكثف على الأحياء المحاصرة، واشتباكات مع أبناء المدينة الذين يحاولون منع دخول الفرقة إلى مناطقهم، وذلك عقب رفض طلب للجنة الأمنية التابعة للنظام والجانب الروسي بتهجير 50 شخصاً من أبناء المدينة.
وقال سكان لوكالة «رويترز» إن جيش النظام قصف آخر جيب لمسلحي المعارضة بمدينة درعا، أمس، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، في واحدة من أشد الهجمات دموية خلال الحصار المفروض على مهد الانتفاضة.
ودفعت هذه التطورات اللجنة المركزية في ريف درعا الغربي إلى إصدار بيان، أعلنت فيه «النفير العام» لأهالي حوران، استجابة لنداء الفزعة من درعا البلد، وهددت عبره النظام بالحرب في مختلف أرجاء المحافظة، ما لم توقف ميليشيات الفرقة الرابعة وإيران حملتها العسكرية على الأحياء المحاصرة، وتبدأ بفك الحصار عنها. وأوضحت {المركزية}، في بيانها، أن الإعلان جاء بعد التشاور مع قياديين في ريف درعا الشرقي ومنطقة الجيدور (شمال درعا).
ومنعت فرقة النخبة بالجيش السوري، تدعمها فصائل إيرانية مسلحة، وصول إمدادات الغذاء والوقود إلى درعا البلد بغية الضغط على المسلحين للاستسلام بعد 3 سنوات من استعادة القوات الحكومية سيطرتها على معظم المنطقة قرب الحدود مع الأردن. وقال أبو جهاد الحوراني، وهو مسؤول محلي: «إنهم يستخدمون ما يسمى (صواريخ الفيل) بشكل عشوائي»، في إشارة إلى صواريخ محلية الصنع، بينما أمكن سماع الانفجارات في خلفية المشهد.
وأوضح عضو اللجنة المركزية للتفاوض في درعا البلد لـ«الشرق الأوسط» أن اجتماعاً عقد يوم السبت مع اللجنة الأمنية للنظام السوري، والجانب الروسي، مع مشاركة من قادة بالفيلق الخامس، طالب خلاله ضباط النظام بتهجير مزيد من أبناء مدينة درعا إلى الشمال السوري، وقدموا 50 اسماً لشباب من درعا البلد، الأمر الذي رفضته اللجنة
————————————
«الفرقة الرابعة» تحاول اقتحام درعا البلد من 3 محاور
درعا: رياض الزين
تعرضت مدينة درعا البلد، أمس (الأحد)، لمحاولات اقتحام من قبل قوات الفرقة الرابعة المطوقة للمدينة من 3 محاور، مع قصف تمهيدي مكثف على الأحياء المحاصرة، واشتباكات مع أبناء المدينة الذين يحاولون منع دخول الفرقة الرابعة إلى مناطقهم، وذلك عقب رفض طلب للجنة الأمنية التابعة للنظام والجانب الروسي بتهجير 50 شخصاً من أبناء المدينة، خلال اجتماع عقد يوم السبت.
وقال سكان لـ«رويترز» إن جيش النظام السوري قصف آخر جيب لمسلحي المعارضة بمدينة درعا (جنوب البلاد)، أمس، مما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، في واحدة من أشد الهجمات دموية خلال الحصار المفروض على مهد الانتفاضة.
ودفعت هذه التطورات اللجنة المركزية في ريف درعا الغربي إلى إصدار بيان، أعلنت فيه «النفير العام» لأهالي حوران، استجابة لنداء الفزعة من درعا البلد، وهددت عبره النظام بالحرب في مختلف أرجاء المحافظة، ما لم توقف ميليشيات الفرقة الرابعة وإيران حملتها العسكرية على الأحياء المحاصرة، وتبدأ بفك الحصار عنها. وأوضحت المركزية، في بيانها، أن الإعلان جاء بعد التشاور مع قياديين في ريف درعا الشرقي ومنطقة الجيدور (شمال درعا). ومنعت فرقة النخبة بالجيش السوري، تدعمها فصائل إيرانية مسلحة، وصول إمدادات الغذاء والوقود إلى درعا البلد بغية الضغط على المسلحين للاستسلام بعد 3 سنوات من استعادة القوات الحكومية سيطرتها على معظم المنطقة قرب الحدود مع الأردن. وقال أبو جهاد الحوراني، وهو مسؤول محلي، لـ«رويترز»: «إنهم يستخدمون ما يسمى (صواريخ الفيل) بشكل عشوائي»، في إشارة إلى صواريخ محلية الصنع، بينما أمكن سماع الانفجارات في خلفية المشهد.
وأوضح عضو اللجنة المركزية للتفاوض في درعا البلد لـ«الشرق الأوسط» أن اجتماعاً عقد يوم السبت مع اللجنة الأمنية للنظام السوري، والجانب الروسي، مع مشاركة من قادة بالفيلق الخامس، طالب خلاله ضباط النظام بتهجير مزيد من أبناء مدينة درعا إلى الشمال السوري، وقدموا 50 اسماً لشباب من درعا البلد، الأمر الذي رفضته اللجنة، باعتبار أن دفعة المهجرين الثانية التي خرجت قبل 3 أيام، من المفترض أن تكون الأخيرة، غير أن النظام والجانب الروسي يصران على تهجير أصحاب تلك الأسماء، وعدم قبول تسوية أوضاعهم، متذرعين بمشاركتهم بشن هجمات على قوات الجيش مؤخراً في درعا البلد، في حين أن تطويق الفرقة الرابعة للمدينة وقصف أحيائها دفع أبناءها إلى التصدي لها وللميليشيات التي تشاركها.
وأضاف عضو اللجنة المركزية أن الاجتماع قد انتهى دون التوصل إلى اتفاق، بعد رفض اللجنة هذه المطالب، والإجابة على أسئلة الجانب الروسي، باعتبار أن هناك مطالب أولى منها، وهي إيقاف العمليات العسكرية، ورفع الحصار عن المدينة، وإبعاد القوات المطوقة لدرعا البلد والمناطق المحيطة بها.
وتشهد المدينة، منذ انتهاء الاجتماع عصر يوم السبت حتى مساء يوم الأحد، قصفاً هو الأعنف على أحياء درعا البلد، وطريق السد والمخيم، من قبل قوات الفرقة الرابعة، ما تسبب بدمار واسع في الأحياء المحاصرة.
وفي هذه الأثناء، خرجت مظاهرات ليلية في عدد من مناطق التسويات جنوب سوريا، مناصرة لأحياء مدينة درعا، فقد خرج العشرات من أبناء مدينة جاسم بريف درعا الغربي، وقطعوا الطرقات المؤدية للمدينة بالإطارات المشتعلة. ومع تصعيد القصف على مدينة درعا البلد وطريق السد والمخيم، سقطت قذائف في مناطق متفرقة بمدينة درعا المحطة، حيث المربع الأمني، صباح الأحد، أدت إلى مقتل أحد عناصر الشرطة المدنية عند مركز انطلاق الميكروباص والحافلات الشرقي في المدينة، وجرح آخرين، وأشارت قيادة شرطة مدينة درعا التابعة للنظام السوري إلى أن مصدر القذائف هو مخيم درعا للنازحين، وهو أحد الأحياء المحاصرة منذ أكثر من شهر.
وفي سياق متصل، انتهت يوم السبت المهلة التي منحتها الجهات الحكومية في محافظة «درعا» لاستقبال الراغبين بتسوية أوضاعهم، في مبنى السرايا في قسم شرطة المحطة. وقال أحد أعضاء الوفد الروسي، في تصريح للإعلاميين نقله موقع «سناك سوري»، إنه لم يحضر أحد إلى مركز التسوية على الرغم من تمديد المهلة، مضيفاً أنه تم الاتفاق على نقل دفعة جديدة من رافضي التسوية إلى الشمال السوري، معتبراً أن «من يريد العيش بسلام وأمن عليه تسليم سلاحه وإجراء التسوية، ليصار إلى تطبيق الأنظمة السورية على جميع أراضي البلاد».
هذا، وراح ضحية انفجار وقع في بلدة قرفا بريف درعا الشمالي، مساء السبت، 4 أطفال من عائلة واحدة، وأُصيبت والدتهم بجروح بليغة، وسط تضارب الأنباء عن سبب وقوع الحادثة. ووفقاً لأهالي المنطقة، فإن الانفجار حصل داخل منزل تقطنه عائلة من دير الزور في أطراف بلدة قرفا، باتجاه بلدة أبطع، بعد أن وجد أحد الأولاد قذيفة هاون من مخلفات الحرب. واستبعد ناشطون تعرض المنطقة للقصف، كونها بعيدة عن التصعيد العسكري في درعا، فيما أرجعت مواقع تابعة للإعلام الرسمي السوري سبب الانفجار إلى سقوط قذيفة هاون على المنزل.
الشرق الأوسط»
————————-
==================
تحديث 31 آب 2021
———————-
لماذا لم تستسلم درعا البلد؟/ عمر قدور
لم تتوقف درعا البلد عن مقاومة الفرقة الرابعة وداعميها؛ الإيراني عسكرياً أو لوجستياً، والروسي الذي يفاوض وينقل شروط الاستسلام إلى الأهالي المحاصرين بعد تخليه عن ادعاء دور الضامن لتفاهم عام2018. حتى صباح يوم الاثنين صمدت درعا البلد بعد تعرضها منذ مساء السبت لأعنف محاولات الاقتحام، والتصعيد الجديد أتى بعد رفض مطالب ضباط الأسد بتهجير خمسين شاباً من درعا البلد، إضافة إلى الذين هُجّروا في الأيام السابقة، والذريعة المقدمة للتهجير هي مقاومة هؤلاء الشبان محاولات الاقتحام. بمعنى أن قوات الفرقة الرابعة، وفصائل إيرانية معها حسب أخبار شائعة جداً، تريد أن تقصف وتهاجم درعا البلد من دون مقاومة، وأن يستسلم الأهالي مع ترحيل الذين ارتكبوا “إثم” المقاومة.
بمعزل عمّا يمكن قوله عن شجاعة أولئك المحاصرين والممنوعين من الحصول على الغذاء والدواء، لا تستأنف درعا البلد ثورة يرى البعض أن شرارتها انطلقت منها، ولا تستأنف حرباً انفض داعموها “على نحو نهائي” في جبهة حوران قبل ثلاث سنوات. عليه، لا تنتظر درعا البلد انتفاضة السوريين انتصاراً لها، ولا تنتظر “الفزعة” بتعبير شعبي لطالما استُخدم قبل نحو عشر سنوات من دون التفكر في معناه ومدى ملاءمة المعنى لثورة. الأصوات التي خرجت تطالب بالفزعة كانت هذه المرة أكثر أمانة لمعناها، فطلبت الفزعة من أهالي حوران حصراً، يحدوها أمل تُضعفه المعرفة بأحوال ذوي القربى.
عن بعد، قليلة هي الأصوات المناصرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وأقل منها الأصوات التي تطالب جهة ما بنصرة درعا، إذ لا عنوان محلياً لمطالبته ولا دولياً. هناك حالة من الخذلان التام، وقناعة بأن التفاوت الهائل بين إمكانيات المحاصَرين ومهاجميهم لا بد أن يتغلب على شجاعة أولئك اليائسين. التعويل الفعلي، إن كان من وجه واقعي له، يبقى على أن تتدخل الحسابات الخارجية لصالح الأهالي فتنجيهم من الأسوأ، وهو رجاء لم يبرز ما يسنده، بل تتضاءل احتمالاته “الشحيحة أصلاً” بتماهي المفاوض الروسي مع ضغوط شقيقيه الإيراني والأسدي.
بقليل من الواقعية “الفظة ربما”، لا قضية بالمعنى المتعارف عليه يدافع عنها اليوم أهالي درعا البلد، ولا يتجرأ مفرطٌ في ثوريته على مطالبتهم بالقتال، أو على لومهم إن استسلموا. المفاوضات بين الأهالي وضباط الأسد بوجود روسي محددة ببنود محلية، ومتعلقة إجمالاً بكيفية تنصل الأسد وإيران “بموافقة روسية على الأرجح” من اتفاقيات التسوية. التفاوض من قبل الأهالي هو على شروط الاستسلام، بينما يريده الأسد وطهران وموسكو استسلاماً غير مشروط على الإطلاق.
مثلاً من ضمن ما طلبه ضباط الأسد موافقة الأهالي، في صك استسلامهم، على دخول قوات الأسد وتفتيشها البيوت بذريعة التأكد من خلوها التام من السلاح. هذا البند يعني الحصول على موافقة مسبقة من الضحايا على التنكيل الذي ستمارسه تلك القوات التي يُفترض أنها ستفتش بحثاً عن السلاح، في حين أن هدفها الواضح منذ الآن استباحة حرمة البيوت وساكنيها. والحديث عن “حرمة البيوت” ليس فيه استعارة تقليدية، بل هي استباحة لحرمة البيوت وساكنيها بكافة المدلولات الحقوقية المعاصرة، وقد قدّمت قوات الأسد، ومنها شبيحة الفرقة الرابعة التي تحاصر الآن، نماذج لا تُحصى عن التنكيل بالأهالي بعد الاقتحامات، وكانت سرقة الممتلكات ومحتويات البيوت “التعفيش” أرقّ وألطف أنواع التنكيل.
مشكلة درعا الآن، وهذا في أصل القضية السورية عموماً، أن ما تهدف إليه الطغمة الحاكمة ليس تحقيق الانتصار على السوريين بالمعنى المتعارف عليه لكلمة نصر، سواء أكان غلبة سياسية لطرف داخلي على آخر أو انتصاراً لمحتل خارجي. الاستسلام، وفق جميع القوانين والأعراف، هو حق للضعيف، ومن ثم يرتّب له حقوقاً على المنتصر. بموجب ذلك، كان بعض المفكرين المعاصرين قد تفاءل بالوصول إلى عهد الحروب الذكية التي يستسلم فيها الطرف الأضعف قبل إطلاق النار، إذ يرى خسارته المقبلة بموجب ميزان القوى القائم. بالطبع، هذا تفكير لا يأخذ في الحسبان عدواً منتصراً مثل الأسد.
كما يصعب على مفرط في ثوريته مطالبة أهالي درعا بالصمود، يصعب أيضاً على مفرط في السلمية “إذا كان صادقاً” أن يطالبهم بالاستسلام، وأن يتحمل المسؤولية الأخلاقية لتبعات رأيه. لذا سنجد الرأي السائد خارج دائرة الموالين ينص على مساندة القرار الذي يتخذه أهالي درعا، سواء قرروا القتال أو الاستسلام، فالذين يعرفون الكلفة الباهظة غير قادرين على ترجيح واحد منهما من باب تقديم النصيحة للضحية.
عندما استخدم بشار الوحشية المفرطة تجاه المتظاهرين السلميين قيل، حتى من قبل بعض مدعي المعارضة، أنه يفعل ذلك جراء الاستفزاز، وأن سلوكه سيكون مختلفاً في حال زال التهديد عنه. الأيام أثبتت أن الأسد المنتصر لا يقل وحشية عن الأسد الجريح، وأن شعاراً مثل “الجوع أو الركوع” لم يكن مجازياً، والمجازي هو شعار “الأسد أو نحرق البلد” لأن ترجمته الواقعية هي الأسد ونحرق البلد. وفي مثال درعا المثل أمامنا اليوم، كان في وسع الشقيقين الأسد ومَن وراءهما ممارسة ضغوط “مقبولة” على أهالي درعا، من قبيل تسليم الأسلحة وإدخال رموز السلطة المدنية إلى المدينة، بل ربما كان مقبولاً دخول الشرطة العسكرية الروسية وتنفيذها بعض عمليات التفتيش. لكن لم يكن هدف الأسد في أي وقت استعادة “السيادة” على المدينة، الهدف منذ البداية هو الإذلال والتنكيل، وبعد سبعين يوماً من الحصار ومحاولات فاشلة للاقتحام يُتوقع أن تكون أحقاد المهاجمين قد زادت لتنذر بالأسوأ، الأسوأ الذي يبقى مجهولاً حتى لحظة حدوثه.
لا مؤشرات خلال شهرين ونصف على حدوث مفاجأة خارجية لصالح أهالي درعا، والأحداث الدولية مؤخراً توحي بخلاف ذلك. الواقع أن درعا بإمكانيات أهلها وشبابها الذاتية لا تستطيع الانتصار أو الصمود إلى ما لا نهاية، وقد لا تستطيع الاستسلام أيضاً. ورغم كل الحسابات المحلية الطاغية على الحدث إلا أن درعا ما تزال تمثل جانباً مهماً وأساسياً من جوانب القضية السورية، هو استحالة تحقيق النصر على الأسد وداعميه الكثر، واستحالة الاستسلام أمامه. إذا كان من نية دولية لتسليم مزيد من المناطق لبشار فدرعا مثال جديد إضافي على ما ينتظرها، مثال إضافي على الثمن الباهظ الذي تضطر إلى دفعه ضحية محرومة من النصر ومحرومة من حقوق المهزومين.
المدن
—————————
معاوية الصياصنة… أحد الذين كتبوا «لافتات مدرسة» درعا بات مهجّراً في ريف حلب
روى لـ«الشرق الأوسط» قصته خلال العقد الماضي ونيته تعليم أبنائه {العمل على إسقاط النظام»
إدلب: فراس كرم
«لست نادماً، ولدي استعداد أن أعيدها مرة واثنتين وثلاثاً، على أن أعيش تحت كنف نظام لم يترك وسيلة قتل وتدمير بحق أهلنا إلا مارسها واتبعها. وإن مغادرتي بلدي درعا التي أوقدت شعلة الحرية في سوريا، بداية مرحلة جديدة من النضال ضد هذا النظام، على طريق الحرية»،
بهذه الكلمات أجاب معاوية الصياصنة عن سؤال «الشرق الأوسط»، عن نظرته إلى سوريا بعد عشر سنوات. معاوية، هو أحد الأطفال الذين اعتقلهم أجهزة الأمن في درعا البلد، على خلفية كتابات مناهضة للنظام على أحد جدران مدرسة في درعا قبيل اندلاع الاحتجاجات، جنوب سوريا في مارس (آذار) 2011. وهو كان بين الدفعة الثانية التي هجّرت برعاية روسية من درعا البلد إلى الشمال السوري.
البدايات
مع اندلاع ما يسمى بـ«الربيع العربي» في عدد من الدول العربية بداية العقد، وصل الصدى إلى سوريا وذهب كثيرون إلى الجلوس أمام شاشات القنوات والمحطات الإخبارية لمتابعة ما يجري في تلك البلدان وسط ترقب في الشارع. وكانت مدينة درعا واحدة من المناطق التي شهدت أول الاحتجاجات في سوريا، بعد اعتقال الأجهزة الأمنية التابعة للنظام، 20 طفلاً، لا تتجاوز عمر كل منهم 15 عاماً، كتبوا شعارات على جدران مدرسة «الأربعين» في أحد أحياء مدينة درعا البلد، ومن بين هؤلاء الأطفال معاوية الصياصنة.
معاوية من أسرة متوسطة الحال في درعا البلد، له أختان وأخ ووالدة. يقول لدى وصوله إلى ريف حلب «كنا مع مطلع عام 2011 أطفالاً، وسقف أحلامنا اللعب والسمر والسهر في الأزقة والحارات كأبناء حي واحد في درعا البلد. تابعنا الأحداث وعلى المحطات الإخبارية التي كانت تشهدها بلدان عربية. كان هناك شك ضمني من أهلنا بأنه يمكن للسوريين القيام بالفعل ذاته أمام نظام يعتمد في حكمة للبلاد على شبكة من الأجهزة الأمنية وجيش مسلح. أمور دفعتنا من دون إدراك إلى التفكير بكتابة عبارات منددة ومناهضة للنظام على جدران مدرسة الأربعين في درعا».
ويتابع «في منتصف فبراير (شباط) 2011 ونحو الساعة الثالثة ليلاً، قمت أنا، وسامر الصياصنة، وعمار رشيدات، وأحمد رشيدات، ومعتز رشيدات، وعيسى حسن أبو الهياص، وأطفال آخرون بكتابة عبارات (اجاك الدور يا دكتور) و(حرية) و(يسقط النظام) على جدران مدرسة حي الأربعين في درعا البلد، ومن ثم غادرنا المكان على الفور. وفي صباح اليوم التالي، شاهد الجميع العبارات المكتوبة، بما فيهم مدير المدرسة، في مشهد مذهل. وبدأت سيارات الأجهزة الأمنية والشرطة بالتوافد إلى المدرسة، وسط استنفار أمني كبير، والبدء بجمع المعلومات والتحقيقات، وخلال التحقيقات وجمع المعلومات من قبل عملاء ومخبرين للنظام بدأت تتكشف أسماؤنا وبدأت الأجهزة الأمنية بمداهمة منازلنا، وتم إلقاء القبض على 6 أطفال من أصدقائي حينها، بينما أنا كنت متوارياً عن الأنظار لمدة 3 أيام. وبعد أن بدأ المشهد يعود إلى الهدوء عدت إلى منزل أهلي نحو الساعة 4 فجراً لأفاجأ بوجود دورية تابعة لجهاز الأمن السياسي داخل المنزل، وأمسك بي عدد من العناصر وانهالوا عليّ بالضرب والشتائم، بعد أن قاموا بوضع كيس أسود على رأسي، واقتيادي إلى مخفر شرطة درع البلد، ومن ثم إلى مبنى فرع الأمن السياسي في مدينة درعا وسط تعذيب وضرب شديد».
رعب وتعذيب
يصف معاوية ظروف الاعتقال والتعذيب بأنه «جحيم ومرعب»؛ إذ إنه «تم اعتقالي في جهاز الأمن السياسي في درعا لمدة أسبوع تقريباً وسط تعذيب يومي لمدة 4 ساعات يجري فيها التحقيق معي وسط سباب وشتائم وتهديد بالقتل وترهيب، وكانت أسئلتهم عن هي الجهة التي دفعننا للقيام بهذه الكتابات، ومن وراءنا، وهل هناك من أعطى لكم المال لتكتبوا ذلك، وجرى بعدها تحويلي إلى فرع الأمن السياسي بالسويداء، وثم بعدها إلى فرع فلسطين بدمشق، وهناك صادفت عدداً من الأطفال من درعا البلد أعرف البعض منهم، أيضاً متهمون بكتابة عبارات مناهضة للنظام على جدران دوائر حكومية ومدارس أخرى، وتعرضنا حينها كلنا للتعذيب عن طريق الضرب بالدولاب والشبح والضرب بالهراوات على أقدامنا، ذلك بشكل يومي لمدة 20 يوماً، إلى أننا بتنا نشعر أنه نهاية حياتنا في ذلك الفرع تحت الأرض، وبعدها وبشكل مفاجئ بدأ عناصر الفرع الأمني في تخفيف التعذيب وتغيير أسلوب التعامل معنا، وقام أحد المسؤولين في الفرع بجمعنا في أحد أروقة السجن وقال لنا «السيد الرئيس بشار الأسد أصدر قراراً بالعفو عنكم، وهذه مكرمة من سيادته لكم، وعليكم احترامها وتقديرها من خلال تعاونكم معنا لاحقاً بعد إخلاء سبيلكم، وإبلاغ الجهات الأمنية عن أي شخص يحاول المساس بأمن الدولة أو التشجيع على التظاهر والاحتجاجات) أي بمعنى أنهم يريدون منا العمل لصالحهم كمخبرين وعملاء، وحينها لا نعلم ما يجري في الخارج وكيف هي أحوال أهلنا».
ويمضي معاوية قائلاً، إنه «بعد قرابة 40 يوماً أخلي سبيل نحو 20 طفلاً وأنا من بينهم من فرع الشرطة العسكرية بدمشق كآخر محطة أمنية لاستجوابنا كباقي الجهات الأمنية والعسكرية التابعة للنظام، وتم نقلنا بحافلة إلى مبنى فرع حزب البعث في مدينة درعا وقاموا بإجبارنا على البصم على أوراق نتعهد فيها بعدم العودة إلى ذلك الفعل. لكن كانت المفاجأة بانتشار عسكري وأمني واسع ومكثف على مداخل المدينة، وأعداد كبيرة من أهلنا في ساحة العمري ينتظرون وصولنا وسط حالة من الاستنفار، وتبين أن ثمة حراكاً ثورياً كبيراً تشهده المدينة وريفها، على خلفية اعتقالنا، وتطاول رئيس فرع الأمن السياسي التابع للنظام آنذاك عاطف نجيب (ابن خالة الأسد)، بالشتم والإساءة بحق أهلنا خلال مطالبتهم بإطلاق سراحنا عقب اعتقالنا بيومين، حيث قال حينها لأهلنا (إنسوا أنه لديكم أولاد معتقلين وإذا كنتم بحاجة إلى أولاد أرسلوا نساءكم لنضع فيهن حملاً من عناصرنا)؛ الأمر الذي أثار غضب أهالنا وباقي أبناء درعا البلد وبدأت المظاهرات تتوسع حتى طالت كل المدن والبلدات في جنوب سوريا المطالبة بإسقاط النظام».
حمل السلاح… والخيار الصعب
ويتابع معاوية، كنت «طفلاً لا أدرك ما يجري من أحداث متسارعة في محافظة درعا على صعيد الحراك الثوري من مظاهرات حاشدة عمت أرجاء المدينة وعدد كبير من قرى المحافظة، وسرعان ما بدأ النظام بإرسال أعداد كبيرة من قواته والميليشيات للسيطرة على الوضع، من خلال محاولات الاقتحام والقصف على درعا البلد وأحياء أخرى في المدينة، دون أن يتمكن من السيطرة على أي شبر داخل المدينة. وكانت تتسارع حينها الأحداث العسكرية وبدأ الثوار بتحرير عدد من المواقع والنقاط العسكرية من قوات النظام إلى شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2013، حيث تمكّن الثوار من تحرير الجمارك القديمة مع الأردن، وبدأ النظام بالانتقام من الأهالي بالقصف المدفعي والصاروخي المكثف، وقُتل والدي إثر ذلك أثناء ذهابه إلى صلاة الفجر حينها، وكنت بلغت الـ18 عاماً، وقررت حينها حمل السلاح والانضمام إلى أحد التشكيلات العسكرية التابعة للجيش السوري الحر والدفاع عن أهلي، وشاركت في الكثير من المعارك ضد النظام وميليشياته».
في عام 2018 تعرضت مدينة درعا لـ«حصار كامل من قبل قوات النظام والروس والميليشيات الإيرانية في محاولة للسيطرة مجدداً على المدينة والقرى المجاورة»، حسب معاوية. ويضيف، أنه خلال المفاوضات التي جرت آنذاك مع لجان التفاوض الأهلية وصلت الأطراف إلى اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار والعدول عن اقتحام مدينة درعا شريط إجراء تسوية مع النظام برعاية روسية وعدم السماح لقوات النظام دخول أحياء درعا، وبقي الحال على ما هو كان عليه حتى شهر يوليو (تموز) الماضي، حيث عاد النظام إلى الحديث عن إعادة السيطرة على مدينة درعا مجدداً، وإرسال الأرتال العسكرية والميليشيات المحلية والأجنبية لذلك، وتدخل الفيلق الثامن المدعوم من روسيا كوسيط بين النظام ولجان التفاوض المركزية عن أهالي درعا، وأصر النظام على ترحيل الثوار ومن يرفض التسوية مجدداً معه إلى الشمال السوري، وكأن خياري الصعب هو القبول بالتهجير إلى مناطق المعارضة السورية (في الشمال) لحقن دماء أهلي».
ويختم معاوية قائلاً «سأكمل مسيرتي الثورية هنا في مناطق الشمال السوري على أمل أن نعود إلى ديارنا التي هجرنا منها منتصرين، كما وأفتخر كثيراً كوني أحد الشبان الذين كانوا سبباً رئيسياً في إشعال الثورة السورية ضد النظام الذي لم يوفر أي وسيلة لقتل أهلنا، ذلك بمثابة شرف بالنسبة لي، بعد عقد من الزمن وأصبح عمري 26 عاماً، وسأعلم أطفالي مناهضة النظام حتى إسقاطه ونيل الحرية والكرامة».
الشرق الأوسط
—————————–
سورية: جولة جديدة من المفاوضات في درعا تحت تهديد الحل العسكري/ جلال بكور
انطلقت جولة جديدة من المفاوضات في درعا المحطة بين اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري واللجنة المركزية لدرعا، برعاية روسية وحضور من قياديين في اللواء الأول بالفيلق الخامس ووجهاء من درعا، وسط تهديدات باللجوء إلى الحل العسكري.
وذكر الناشط الصحافي أبو محمد الحوراني لـ”العربي الجديد”: أن النظام طلب، صباح اليوم الثلاثاء، عقد اجتماع مع لجنة التفاوض المركزية في درعا، مشيرًا إلى أن “الاجتماع قد عقد فعلًا، وما زال منعقدا حتى الآن”.
وذكرت وكالة “سبوتنيك” الروسية أنه على ضوء نتائج هذا الاجتماع “سيتحدد الخيار الحاسم لملف درعا البلد، إما بالعودة لتنفيذ بنود الاتفاق، أو بالحل العسكري”.
من جهتها، ذكرت صحيفة الوطن الموالية للنظام أن لقاء قد عقد بين وجهاء من المحافظة واللجنة الأمنية والعسكرية، وذلك بناء على طلب الوجهاء من أجل الوساطة وفرض التسوية، مشيرة إلى أن طلبات الوجهاء قوبلت بالرفض.
وأوضحت الصحيفة أن الوجهاء طلبوا هدنة مدتها ما بين 48 و72 ساعة، إلا أن اللجنة الأمنية رفضت منح هذه المهلة، إذ سبق أن منحت عشرات المهل سابقاً من دون جدوى، مضيفة أن اللجنة الأمنية أمهلتهم بضع ساعات لدخول درعا البلد، إلا أن الوجهاء رفضوا الأمر.
وقالت الصحيفة “المهلة الطويلة بكل تأكيد ليس هدفها الوساطة، بل بناء مزيد من التحصينات داخل منطقة درعا البلد، وخاصة بعد الضربات الموجعة التي وجهها الجيش لهم في الساعات الأخيرة، وهذا أمر مرفوض”.
وزعمت المصادر أن بإمكانها تحقيق التسوية في أي لحظة، مدعية أن “المسلحين لا يملكون قرارهم ويواصلون أخذ التعليمات من الخارج، ولا يريدون أن يرفع العلم الوطني، ولا دخول الجيش إلى المنطقة، ويريدون بقاء السلاح معهم، وظهر أن لديهم أسلحة ثقيلة بينها صواريخ ثقيلة يستهدفون بها المدنيين وحواجز الجيش”، وفق زعمها.
وتأتي جولة المفاوضات الجديدة استكمالا للجولات السابقة التي لم تصل إلى جديد، كما تأتي بعد تصعيد عسكري من النظام استخدم خلاله صواريخ أرض أرض شديدة الانفجار من نوعي “فيل” و”جولان”.
وكانت جولات سابقة من المفاوضات أخفقت بسبب تعنت النظام السوري في فرض شروطه، مقابل رفض اللجنة المركزية الشروط التي طرحها، وأبرزها الاعتراف بفوز بشار الأسد في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، إضافة إلى نزع كامل السلاح من درعا البلد.
قتل عنصران من قوات النظام السوري بهجوم من مجهولين جنوبي البلاد، فيما نقلت المليشيات الإيرانية صواريخ من العراق إلى مواقعها في مناطق النظام شرقي سورية.
وقالت مصادر لـ”العربي الجديد”، إن عنصرين من قوات النظام السوري تعرضا لهجوم بعبوة ناسفة على طريق جباتا الخشب في ريف القنيطرة، ما أسفر عن مقتلهما وتدمير السيارة التي كانا يستقلانها، فيما سارعت قوات النظام إلى تطويق المكان وتفتيشه خشية وجود عبوات أخرى.
ولم تعلن أي جهة وقوفها وراء الهجوم، الذي يتزامن مع تصعيد الهجوم من قوات النظام السوري على منطقة درعا البلد في محافظة درعا المجاورة للقنيطرة.
وكان قد قتل طفل وأصيب آخر، مساء أمس الاثنين، بانفجار قنبلة عنقودية من مخلفات قصف قوات النظام على منطقة اللجاة شرقي درعا.
من جهة أخرى، قصف الطيران الحربي الروسي اليوم الثلاثاء، بعدة صواريخ، مناطق في محيط بلدة سفوهن بجبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي الخاضع لاتفاق وقف إطلاق النار، وأدى القصف إلى أضرار مادية في الأراضي الزراعية، إضافة لحالة من الذعر بين الأهالي منعتهم من ممارسة أعمالهم في الأراضي الزراعية.
وقالت مصادر محلية لـ”العربي الجديد” إن عنصرًا من المعارضة المسلحة قد قتل في اشتباكات مع قوات النظام على محاور جبل الزاوية، فيما قصفت المعارضة موقعا للنظام في معسكر جورين بريف حماة الشمالي الغربي المتاخم لريف إدلب الجنوبي.
وفي شرق البلاد، قالت مصادر محلية، لـ”العربي الجديد”، إن المليشيات المدعومة من إيران نقلت شحنة صواريخ (أرض أرض) متوسطة المدى من الأراضي العراقية إلى مقر لها في مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي، بعد الاستيلاء على منازل في المنطقة القريبة من نهر الفرات.
وبحسب المصادر، فإن الشحنة تحوي صواريخ إيرانية من نوع (بركان)، مشيرة إلى أنه جرى نقلها بواسطة شاحنات نقل الخضار تزامنا مع دخول شاحنات نقل للنفط من معبر البوكمال الحدودي مع العراق.
إلى ذلك، جدد الجيش التركي عمليات القصف بالمدفعية الثقيلة على مواقع لـ”قسد” في محاور قرى مالكية وشوارغة ودير جمال والزيارة في ريف حلب الشمالي، فيما قصفت طائرة مسيرة موقعا ينتشر فيه عناصر “قسد” إلى جانب النظام في بلدة كفر ناصح شمال حلب.
وكانت وزارة الدفاع التركية أعلنت، مساء أمس، تحييد سبعة عناصر من المليشيات في عمليات على خطوط التماس في منطقتي درع الفرات وغصن الزيتون في ريف حلب شمالي سورية.
وفي شأن متصل، سير الجيش التركي دورية مراقبة مشتركة مع الشرطة العسكرية الروسية في ناحية عين العرب بريف حلب، حيث تجولت الدورية في عشرات القرى بالمنطقة على الشريط الحدودي بين سورية وتركيا، بناء على التفاهمات الثنائية بين الجانبين حول مناطق سيطرة “قسد” في شمال سورية.
العربي الجديد
——————————–
النظام السوري يكثف محاولات اقتحام درعا البلد/ أمين العاصي
تواصل قوات النظام السوري ومليشيات إيرانية محاولاتها اقتحام أحياء درعا البلد في مدينة درعا جنوبي سورية، بعد حصارها سبعين يوماً، ما يؤكد أن النظام لم يكن جاداً منذ البداية في التوصل إلى حل سياسي، وأنه كان يشتري الوقت لاستكمال حشده حول هذه الأحياء التي يعيش فيها 11 ألف مدني باتوا اليوم عرضة للإبادة. ومنذ ما قبل إعلان انهيار المفاوضات، مساء الأحد، بين اللجنة المفاوضة عن أهالي درعا البلد والنظام، لفك الحصار عن هذه الأحياء، كان النظام يراوغ لدفع الأهالي للاستسلام، لكن رفض هؤلاء شروطه، التي كانت تتعاظم يوماً بعد آخر، دفعه سريعاً للمضي بمخططه الأساسي وهو محاولة السيطرة على جل محافظة درعا من باب درعا البلد.
وفي السياق، قال الناطق باسم “تجمع أحرار حوران” المعارض أبو محمود الحوراني، في حديث لـ”العربي الجديد”، إن “الفرقة الرابعة كانت أمس تواصل قصفها على أحياء مدينة درعا المحاصرة بمختلف أنواع الأسلحة وبشكل عنيف، بالتزامن مع استمرار الاشتباكات الناجمة عن محاولات التقدم من قبل المليشيات على محاور عدة”. وأشار إلى أن قوات النظام “تمهد نارياً بشكل هو الأعنف منذ بدء الحملة العسكرية على الأحياء المحاصرة في مدينة درعا”، موضحاً أنّ “20 صاروخ أرض-أرض من نوع فيل سقطت خلال أقل من ساعة على هذه الأحياء” أمس.
من جهتها، قالت مصادر محلية لـ”العربي الجديد” إن مدنياً على الأقل قتل وجرح آخرون، أمس الاثنين، جراء تواصل القصف من قوات النظام على منازل المدنيين والمساجد في درعا البلد، تزامناً مع محاولات التقدم من محاور عدة، بينما تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل أحد المقاتلين المحليين خلال الاشتباكات. وذكرت المصادر المحلية أن “النظام صعّد وتيرة القصف في المحورين الجنوبي والجنوبي الغربي من أحياء درعا البلد وحي طريق السد، مستخدماً كافة قواته في عملية التقدم البري”، مضيفةً أن النظام “لم يسجل تقدماً ملحوظاً نتيجة المقاومة الشديدة التي يواجهها من مسلحي المعارضة في المنطقة”. وذكرت المصادر أيضاً أن اشتباكات وقعت فجر أمس على محاور في مدينة الصنمين شمالي درعا، إثر هجوم من مجهولين على حواجز في المدينة، ما تسبب بخسائر بشرية في صفوف قوات النظام. وقابل النظام الهجوم بقصف على الحي الغربي من مدينة الصنمين متسبباً بأضرار مادية في ممتلكات المدنيين. كما قصفت قوات النظام بالمدفعية والصواريخ، ظهر أمس، منازل المدنيين في بلدة تل شهاب وقرية المزيرعة غرب درعا متسببة بأضرار مادية في ممتلكات المدنيين. وطاول القصف كذلك معظم المحيط الغربي لمدينة درعا، وبخاصة مدينة طفس، حيث تسبب بحركة نزوح من المنطقة. وفي السياق، تحدث “المرصد السوري” عن نزوح مستمر لمئات العائلات من مناطق بريف درعا الغربي نحو مناطق حوض اليرموك على الحدود السورية الأردنية، وذلك بعد توسع رقعة القصف.
وكانت اللجنة المركزية الممثلة لأهالي الأحياء المحاصرة في درعا البلد أعلنت، مساء أول من أمس الأحد، انهيار المفاوضات مع النظام السوري بسبب التصعيد العسكري والقصف الذي يطاول مناطق عدة في المحافظة. وقال المتحدث باسم اللجنة عدنان المسالمة، في بيان، إن “لجنة درعا تعلن انهيار المفاوضات، وذلك بسبب تعنت النظام وعدم تجاوبه مع الطروحات الروسية واستمراره في محاولة فرض شروطه القاسية، وعدم احترامه لوقف إطلاق النار، وتقدم مليشيات الفرقة الرابعة ومحاولتها اقتحام مدينة درعا من أكثر من محور”.
وجاء هجوم قوات النظام والمليشيات إعلاناً واضحاً لفشل جولات التفاوض المتعددة التي جرت بين وفد الأهالي والنظام برعاية روسية، إذ قدم النظام يوم الجمعة الماضي شروطاً جديدة هي بمثابة “استسلام” من قبل سكان أحياء درعا البلد. وتضمنت الشروط الجديدة “الاعتراف بعلم النظام علماً معترفاً به لكل سورية وهو خط أحمر”، و”الاعتراف بجيش النظام بأنه المسؤول عن أمن سورية”، و”الاعتراف ببشار الأسد رئيساً شرعياً منتخباً لسورية”. كما تضمنت تفتيش أحياء درعا البلد بإشراف الشرطة العسكرية الروسية بحثاً عن الأسلحة الخفيفة.
وبدأت قوات النظام هجومها على أحياء درعا البلد مساء السبت الماضي، بعد استقدام تعزيزات كبيرة انتشرت في عموم المحافظة. ومنذ بدء المفاوضات بينه وبين وفد اللجنة المركزية في درعا، يردد النظام مزاعمه حول وجود عناصر من تنظيم “داعش” في أحياء درعا البلد، وهو ما نفته مراراً اللجنة. وزعمت صحيفة “الوطن” التابعة للنظام، أمس الاثنين، أن “إرادة قادة داعش في درعا البلد كانت أقوى من إرادة اللجنة المركزية ووجهائها”. ونقلت عن مصادر في النظام مزاعم عن “وجود إرهابيين غير سوريين في درعا البلد”، وذلك على الرغم من أن وفد النظام لم يتطرق طيلة جولات التفاوض إلى وجود مسلحين من جنسيات غير سورية فيها. وهو ما يشير إلى أن النظام لم يجد أمامه إلا الادعاء بوجود عناصر من هذا التنظيم لتبرير هجومه.
في السياق، ذكرت مصادر محلية، لـ”العربي الجديد”، أن “قوات النظام تعتمد أسلوباً قتالياً لطالما استخدمته في معاركها مع فصائل المعارضة السورية، وخصوصاً في حلب وريف دمشق، وهو فصل الأحياء عن بعضها لتسهل السيطرة عليها تباعاً”. وأشارت إلى أن هذه القوات “تضع ثقلها للسيطرة على حي البحار في القطاع الجنوبي من درعا البلد”، موضحةً أنها تستخدم صواريخ ذات قدرة تدميرية عالية.
من جانبه، قال الناشط الإعلامي أحمد المسالمة، في حديث مع “العربي الجديد”، إن “قوات النظام تشن هجومها من محاور عدة، بينما يتصدى لها الثوار ويكبدونها خسائر”. وحول مقومات الصمود لدى المقاتلين المدافعين عن درعا البلد، أوضح المسالمة أن هؤلاء “ليس لديهم سوى البنادق، في مقابل آلة حرب ضخمة لدى مليشيات النظام”. وأشار إلى أن “الثوار أعدوا خططاً دفاعية فعالة للتصدي لأي محاولة تقدم بأقل التكاليف، لأنهم يعرفون أن أي طلقة يتم استنزافها لا يوجد لها بديل”. وأوضح أن روسيا “لم تتدخل عسكرياً إلى جانب النظام حتى صباح (أمس) الاثنين، ولكنها ساعدته بالمعلومات وممارسة الضغوط على وفد الأهالي وتمييع مسار المفاوضات، حتى يتسنى للنظام حشد قواته في محيط درعا البلد”. وكانت مصادر عسكرية في المعارضة قالت لـ”العربي الجديد”، في وقت سابق أمس، إن “اللواء 16 مشاة”، المدعوم من روسيا، أرسل خلال الأيام الماضية تعزيزات عسكرية ضخمة إلى أطراف أحياء درعا البلد للمشاركة في المعارك.
وحول موقف “اللواء الثامن” المنضوي ضمن الفيلق الخامس التابع للروس، والذي يضم مئات المقاتلين من أهل درعا يتمركزون في بلدة بصرى الشام، أشار المسالمة إلى أن “تحركات هذا اللواء مرهونة بالروس”، معرباً عن اعتقاده بأنه “من لم يتحرك منذ شهرين وأكثر، لن يتحرك الآن، وربما يتحرك بعد فوات الأوان”. وقال “تجمع أحرار حوران”، أمس، إن “الأنظار تتجه الآن إلى قائد اللواء الثامن أحمد العودة للتدخل في ملف درعا البلد، وقطع الطريق على مليشيات إيران والفرقة الرابعة”. وكان العودة أحد أبرز قادة فصائل المعارضة السورية في جنوب البلاد قبل توقيعه اتفاق تسوية مع النظام في منتصف عام 2018، ليتحول بعدها إلى رجل روسيا في جنوب سورية.
من جانبه، أوضح العميد إبراهيم جباوي، عضو هيئة المفاوضات التابعة للمعارضة السورية (وهو من أبناء محافظة درعا)، في حديث مع “العربي الجديد”، أن أهالي أحياء درعا البلد “يرفضون التوقيع على اتفاق إذعان”، مضيفاً أن “هذه معركة وجود وكرامة بالنسبة للمدافعين عن أحياء درعا البلد”.
العربي الجديد
—————————-
سورية: تجدّد التصعيد على درعا البلد وغارة جوّية قرب عفرين/ جلال بكور
عاودت قوات النظام السوري، صباح اليوم الثلاثاء، عمليات التصعيد على درعا البلد، جنوبي البلاد بعد هدوء نسبي استمر منذ منتصف الليلة الماضية عقب فشل جولة التفاوض الأخيرة حول ملف المنطقة، فيما تعرضت منطقة تخضع للنفوذ التركي في ناحية عفرين لقصف جوي، يرجح أنه روسي، في وقت تجددت فيه الاشتباكات بين “الجيش الوطني” و”قسد” على خطوط التماس بينهما.
وقال الناشط محمد الحوراني، لـ”العربي الجديد”، إن قوات الفرقة الرابعة التابعة للنظام جددت صباح اليوم عمليات القصف المدفعي والصاروخي على أحياء درعا البلد بعد هدوء نسبي شهدته محاور المنطقة منذ مساء أمس.
وجاء ذلك الهدوء بعد عدة محاولات تقدم من قوات النظام توقفت قبيل فشل الجولة الأخيرة من التفاوض برعاية روسية في التوصل لاتفاق حول ملف المنطقة.
وأضاف الناشط أن قوات النظام استمرت في إطلاق قذائف صاروخية ومدفعية على مناطق غرب درعا وتركز معظمها على محور الشيخ سعد ونوى.
ولفت إلى أن مجموعة مسلحة مجهولة هاجمت موقعاً لقوات النظام في الحي الجنوبي من مدينة داعل وهاجمت أيضاً موقعاً للنظام على الطريق الواصل بين بلدتي المسيفرة وأم ولد شرق درعا.
وكانت وكالة “سانا”، التابعة للنظام، قد قالت إن 4 من عناصر قوات النظام قتلوا وأصيب 15 بجروح في هجمات متفرقة تعرضوا لها أمس بدرعا.
وفي شمالي البلاد، قصف طيران حربي، يرجح أنه روسي، أطراف قرية الإسكان في ناحية عفرين بريف حلب، ضمن منطقة عمليات “غصن الزيتون” الخاضعة للنفوذ التركي. وذكرت مصادر لـ”العربي الجديد” أن القصف تسبب بأضرار مادية في المنطقة فقط. مضيفة أنها المرة الأولى من نوعها التي تتعرض فيها تلك المنطقة لقصف جوي.
وبحسب المصادر، فإن المنطقة المستهدفة تضم معسكراً لـ”فيلق الشام” المدعوم من تركيا والمنضوي في صفوف “الجيش الوطني السوري”، ولم يتبين وقوع خسائر بشرية بسبب الغارة.
وذكرت مصادر، لـ”العربي الجديد”، أن تلك الغارة سبقها قصف من قبل المعارضة على موقع لقوات النظام السوري في محور الفوج 111 بريف حلب الغربي، وأسفر عن وقوع خسائر بشرية من عناصر النظام. وذكرت المصادر أن القصف كان رداً على محاولة النظام إنشاء نقاط متقدمة في المنطقة الخاضعة لوقف إطلاق النار.
في غضون ذلك، وقعت اشتباكات بين الجيش الوطني و”قوات سورية الديمقراطية”(قسد) على محور قرية خفية السالم غربي ناحية تل أبيض بريف الرقة الشمالي الغربي.
وقالت مصادر، لـ”العربي الجديد”، إن موقعاً لـ”قسد” عند مبنى مديرية الزراعة في بلدة أبوحردوب بريف دير الزور الشرقي تعرض لهجوم من مجهولين أوقع أضراراً مادية، في المقابل اعتقلت “قسد” ثلاثة أشخاص في حملات شنتها بمدينتي الشعفة والشحيل شرق دير الزور.
إلى ذلك، قالت مصادر محلية، لـ”العربي الجديد”، إن مليشيات “فاطميون” التابعة للحرس الثوري الإيراني طردت مدنيين من منازلهم في مدينة العشارة قرب نهر الفرات شرق دير الزور، وحولت منازلهم إلى مقرات عسكرية ومستودعات أسلحة تابعة لها. وذكرت المصادر أن المليشيات استولت على المنازل بقوة السلاح.
ويذكر أن المليشيات المدعومة من إيران تستولي على منازل المدنيين المهجرين كما تستولي على منازل المدنيين بعد طردهم وتقوم بإخفاء مقراتها في مناطق المدنيين بغية حمايتها من القصف الجوي الذي تتعرض له من طائرات التحالف وإسرائيل.
——————————
درعا:النظام يحاول فرض شروطه “القاسية” بالنار
تشهد أحياء محافظة درعا أعنف حملة عسكرية تشنها قوات النظام السوري، بعد رفض لجنة التفاوض شروط النظام السوري الذي منحها مهلة 24 ساعة لتسليم السلاح، وتثبيت 9 نقاط عسكرية تابعة للنظام داخل أحياء درعا البلد، وإجراء التسويات للمطلوبين، ودخول دوريات روسية ومن الأمن العسكري واللواء الثامن.
وقال تجمع أحرار حوران إن اللجنة المركزية غرب درعا والوجهاء رفضوا مساء الاثنين، طلبات النظام بخصوص التهدئة في درعا، كونها تحمل شروطاً قاسية بحق أبناء المنطقة.
ويفاوض النظام السوري بالنار أهالي درعا، إذ قصفت الفرقة الرابعة بصواريخ أرض-أرض من طراز “فيل” أحياء درعا البلد، كما استهدف النظام بثلاث قذائف مدفعية السهول المحيطة بنقطة عسكرية تابعة له غربي بلدة خربة غزالة بريف درعا، كما استهدفت قواته المتمركزة في اللواء 12 بمدينة إزرع محيط بلدة الشيخ سعد غربي درعا.
وعلى وقع تصعيد النظام هاجم شبان من المحافظة كتيبة الدبابات غربي بلدة الشيخ سعد غرب درعا، كما اندلعت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة على حاجز للمخابرات الجوية بين بلدتي المسيفرة وأم ولد شرقي درعا، فيما هاجم مسلحون بالأسلحة الرشاشة والقذائف حاجزاً عسكرياً يتبع للمخابرات الجوية في الحي الجنوبي من مدينة داعل بريف درعا الأوسط.
ووقعت اشتباكات عنيفة مساء الاثنين بين ميليشيات الفرقة الرابعة وثوار درعا البلد على محوري الكازية والبحار وسط قصف بقذائف الهاون والمضادات الأرضية استهدف الأحياء المحاصرة، في الوقت الذي أطلقت قوات النظام الرصاص بطريقة عشوائية في بلدة الصنمين شمال درعا، في محاولة منها لفرض حظر للتجول في الأحياء، وذلك على خلفية مهاجمة الثوار حواجز عسكرية له، منتصف ليل الأحد/الاثنين.
وكانت وكالة “سانا” التابعة للنظام أعلنت عن مقتل 4 عناصر من النظام، وقالت الوكالة إن “المجموعات الإرهابية استهدفت بعد ظهر الاثنين الأحياء السكنية وحواجز للجيش في درعا ما تسبب باستشهاد 4 جنود وإصابة 15 آخرين وإصابة طفلة وأمها تم إسعافهما إلى المشفى الوطني”.
وأضافت الوكالة إلى أن “الجيش رد على اعتداءات الإرهابيين على الفور مستهدفاً منصات إطلاق القذائف في عدة مناطق”. وزعمت الوكالة أن “المجموعات الإرهابية صعّدت من اعتداءاتها مؤخراً، بهدف تعطيل أي جهود للحل السلمي”.
من جهة ثانية، سلمت قوات النظام الدفعة الثانية من جثامين الشبان الذين قضوا في كمين الحاجز الرباعي بالقرب من بلدة المسيفرة بريف درعا الشرقي، أثناء عبورهم من الحاجز في 27 آب/أوغسطس. وأرسلت قوات النظام الجثامين الأربعة (طارق الجوفي، مالك خليفة، ميسر قطف، حسام الحريري) إلى المشفى الوطني في مدينة بصرى الشام، ومن ثم جرى نقلهم إلى بلدتي الكرك الشرقي، وعلما بريف درعا الشرقي، حيث جرى دفنهم هناك.
——————————-
درعا تنزف.. وتقاوم التقسيم
التصعيد الذي يطاول مدينة درعا وأحياءها المكتظة في جنوب سوريا، يعيد المشهد الى سيرته الاولى قبل 10 سنوات، مع فارق بسيط بأن المناطق الأخرى كانت على وشك الثورة على النظام، بينما اليوم يتراخى بعضها، مستسلماً لجغرافيا جديدة، حيث يستحوذ كل طرف على مساحته ويحكمها.
وحدها درعا خارج هذا “الستاتيكو”. تقاوم المدينة وحدها، وتتحمل أكلافاً باهظة بالدم. يقول أحد رواد مواقع التواصل ان درعا “تقاوم التقسيم”. لم تستسلم لمدافع النظام التي تدك أحياءها، وطالما انه لم تشملها الخرائط الجديدة، فإن المدينة “ستظل تنزف إلى ما شاء الله”.
من يقرأ الخارطة السورية اليوم و حالة العزلة التي تنتهجها المناطق الخاضعة لسيطرة #قسد و #الحكومة_المؤقتة و إمارة #الجولاني_عدو_الثورة فإنه يدرك تماماً بأن التقسيم قائم و بأن #درعا ستظل تنزف إلى ما شاء الله.#درعا_تحت_القصف#جبل_الزاوية_تحت_القصف#سوريا#ادلب#درعا
— عباس صدران Abbas Sadran (@AbbasSadran) August 30, 2021
ينقل رواد مواقع التواصل مقاطع فيديو تظهر قصفاً عنيفاً تتعرض له أحياء درعا البلد ومناطق أخرى. هذا التصعيد هو الاعنف منذ حصار المدينة. تنهال صواريخ “فيل” و”جولان” على الاحياء.. وتتحضر قوات النظام لاقتحام المدينة.
رجال من وراءهم هذة النساء..بعون الله لن يهزموا ابدا….#درعا_تحت_القصف pic.twitter.com/qi2kLKnMv6
— بشاير حوران💎Bashayer Horan (@122as122as) August 30, 2021
أضرار كبيرة في مسجد المنصور في منطقة #درعا_البلد بمدينة #درعا، إثر هجوم أرضي لقوات النظام السوري استهدف المسجد بشكلٍ مباشر، في 30 آب. تُشير الشبكة السورية أن النظام السوري ما زال مستمراً في قصفه للأحياء المحاصرة في درعا.#سوريا #درعا_تحت_القصفhttps://t.co/Dz0MXWStFP pic.twitter.com/vh9PfUfWAl
— الشبكة السورية (@SN4HR) August 30, 2021
يستنجد المقاتلون المعارضون في درعا بالمعارضة السورية، ويحاولون استجماع قواهم، وحشد المقاتلين في المحافظة. اللجنة المركزية في ريف درعا الغربي تطلق نداء “النفير العام” لأهالي حوران.. فيما أطلق المئات حملات الكترونية تحت وسمي #درعا_تحت_القصف و #درعا_تحت_الحصار.
ما يحصل في #درعا يفوق الوصف والخيال.
القصف الصاروخي من كل حدبٍ وصوب، والصمت ومازال سمة من سمات المجتمع الدولي ومنظماته.
يارب لا ناصر ولا نصير لهم سواك، فكن معهم ولا تتخلى عنهم.#درعا_تحت_القصف#درعا_تحت_الحصار
— Darwish khalifa (@darwiesh78) August 30, 2021
يقول أحد الناشطين ان “درعا تُقصف وتُباد”، ويقول آخر ان “السوريين باتوا في عرف المجتمع الدولي أرخص الشعوب”. ويشكو آخر خذلانه. يقول: “فقدنا الأمل من كل المنظمات التي تمثّل لنا انها انسانية، ومن كل الدول التي تمثل علينا انها لحفظ السلام”.
والله العظيم فقدنا الأمل من كل المنظمات التي تمثّل لنا انها انسانية، ومن كل الدول التي تمثل علينا انها لحفظ السلام.
لعن الله كل من خذل أهلنا في درعا وفي كل سوريا.#درعا_تحت_القصف
— محمد منذر🦉🇱🇧 (@mhamadmon) August 30, 2021
——————————-
النظام يفاوض الأهالي بالصواريخ الثقيلة
من ينتصر في درعا.. الفيلق الروسي أم الفرقة الرابعة الإيرانية؟
إيلاف من اسطنبول: تشهد أحياء درعا البلد في الجنوب السوري أعنف حملة عسكرية، منذ بدء التصعيد، قبل أكثر من شهرين، إذ تتعرض حاليا لحملة قصف غير مسبوقة من جانب قوات النظام السوري أسفرت عن ضحايا مدنيين، بحسب ما قال ناشطون محليون، وأحد وجهاء المنطقة، وفقًا لموقع “الحرة”.
يعيش في تلك الأحياء آلاف المدنيين، الذين يعانون ظروفا مأساوية بسبب الحصار المفروض عليهم، وسبق أن أبدت الأمم المتحدة تخوفها على مصيرهم، وكذلك الأمر من دول غربية، بينها الولايات المتحدة الأميركية.
وجاءت التطورات المذكورة عقب إعلان اللجان المركزية الممثلة عن الأهالي “انهيار المفاوضات”، التي كانوا يباشرونها مع ضباط روس، وآخرين من اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري.
وبينما قال الناطق باسم وفد اللجان، المحامي عدنان المسالمة، إن انهيار التفاوض حدث “بسبب التعنت المستمر والطلبات التعجيزية للنظام السوري، أشارت وكالة الأنباء السورية “سانا” إلى أن “المجموعات الإرهابية صعّدت من اعتداءاتها مؤخرا، بهدف تعطيل أي جهود للحل السلمي”.
وبحسب “الحرة”، قالت “سانا”، الاثنين، نقلا عن مراسلها في درعا: “وحدات الجيش العربي السوري المنتشرة في محيط حي درعا البلد ترد على اعتداءات الإرهابيين على الأحياء السكنية ونقاط الجيش”.
ماذا يجري على الأرض؟
انهيار المفاوضات تم الإعلان عنه عصر الأحد، وبشكل مفاجئ بدأت قوات النظام السوري المتمثلة بـ”الفرقة الرابعة” حملة قصف بالصواريخ والمدفعية الثقيلة، بالتزامن مع محاولات اقتحام برية من 4 محاور، بحسب ما يقول أبو علي المحاميد أحد وجهاء محافظة درعا، المطلع على مسار التفاوض السابق.
ويضيف المحاميد لموقع “الحرة”: “هناك قصف مستمر وعنيف ومحاولات تقدم للفرقة الرابعة على أكثر من محور. الحصار مازال خانقا جدا. ليس لدينا طعام أو خبز أو أي شيء”.
ويشير المحاميد، المقيم في درعا البلد: “نحن ندافع عن أهلنا وبيوتنا. مضطرين لذلك بأسلحة فردية قليلة جدا”.
من جانبه تحدث الناطق باسم وفد اللجان المركزية، المحامي عدنان المسالمة عن قتلى من قوات النظام السوري، أثناء محاولتها التقدم داخل أحياء درعا البلد، مشيرا لموقع “الحرة”: “لقد أصبح القصف والتدمير جنوني وبكافة أنواع الأسلحة الثقيلة، مما أدى إلى تدمير منازل المدنيين الآمنين والمساجد والمآذن”.
وحتى اللحظة لم يعلن النظام السوري عن أي هجوم بري على أحياء درعا البلد، لكن وكالته الرسمية “سانا” كانت قد نشرت صورا لتعزيزات عسكرية ضخمة خلال الأيام الماضية، قالت إنها تمركزت في مواقع عدة لفرض “شروط الدولة السورية”.
وكان لافتا بين التعزيزات “صواريخ جولان” كما يطلق عليها محليا. وهي سلاح يتم استخدامه في حملة القصف الحالية بكثافة، بحسب ما قالت شبكات محلية في درعا، بينها “شبكة نبأ”.
وتتهم “الفرقة الرابعة” بالارتباط المباشر بإيران، ويقود عملياتها في الجنوب العقيد غياث دلا، الذي برز اسمه كأحد القادة العسكريين البارزين في سوريا، وباعتبار أنه يوازي بقوته العميد سهيل الحسن قائد “الفرقة 25″ التابعة لـ”الفيلق الخامس” المدعوم روسيا.
وإلى جانبها، تشارك في الحملة العسكرية على أحياء درعا البلد تشكيلات محلية كانت محسوبة قبل اتفاق عام 2018 على فصائل “الجيش السوري الحر”، من بينها “مجموعات مصطفى المسالمة” الملقب بـ”الكسم”.
لماذا انهارت المفاوضات؟
خلال الشهرين الماضيين شهدت درعا البلد عدة جلسات تفاوض، شاركت فيها اللجان المركزية الممثلة مع الأهالي وممثلون عن النظام السوري، بالإضافة إلى ضباط روس، ومؤخرا قادة من تشكيل “اللواء الثامن” التابع لـ”الفيلق الخامس” المدعوم من موسكو.
ولم تفض تلك الجلسات إلى أي اتفاق، بسبب تمسك كل طرف بشروطه، إذ يريد النظام السيطرة على الأحياء بالكامل وفرض “تسوية جديدة” بينما تطالب اللجان المركزية الممثلة عن الأهالي بانسحاب “الفرقة الرابعة” من المنطقة، وإجراء تسوية تتضمن تسليم السلاح وتعديل الوضع الأمني للمطلوبين.
وقبل 4 أيام، حدث تطور لافت بخصوص ملف “درعا البلد”، إذ تم تهجير عشرات الشبان مع عائلاتهم إلى الشمال السوري، بعد “اتفاق غير مكتمل” أعلن عنه كل من النظام السوري واللجان المركزية.
ويوضح أبو علي المحاميد أن النظام السوري فرض “شروطا تعجيزية” على وفد اللجان في اليومين الماضيين، من بينها “الاعتراف بعلم النظام كراية معترف بها لسوريا، والاعتراف بالجيش السوري باعتباره المسؤول عن أمن سورية، إضافة إلى الاعتراف ببشار الأسد رئيسا شرعيا منتخبا للبلاد”.
ويقول المحاميد: “طُلب منا في الجولة الأخيرة من المفاوضات إصدار بيان بذلك، لكننا رفضنا هذا الطلب، ومن ثم تم الإعلان عن انهيار التفاوض”.
وبحسب “الحرة”، لا توجد أي ملامح لعقد جلسة تفاوض على المدى القريب، بحسب المحاميد الذي يضيف: “النظام يفاوض بالنار الآن، والقصف المستمر على درعا البلد بكل أنواع السلاح المتوفر لديه”.
في المقابل، وفقا لمصادر “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، المفاوضات بين ممثلي النظام ووجهاء أحياء درعا البلد كانت قد انهارت بسبب تمسك “الجناح الإيراني” ضمن النظام بالحل العسكري. ويضم “الجناح” المذكور، وفق المرصد، “الفرقة الرابعة” والميليشيات الإيرانية، بينما يحاول الروس والمخابرات العسكرية التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وفك الحصار عن أحياء درعا البلد المحاصرة.
جدل حول الموقف الروسي
تعتبر محافظة درعا في الجنوب السوري إحدى مناطق “خفض التصعيد”، ويحكمها اتفاق دولي منذ عام 2018، قضى حينها بإبعاد المقاتلين المعارضين إلى الشمال السوري، مع إعادة بسط نفوذ قوات الأسد وروسيا من جديد.
ومنذ أسابيع يدور جدل بشأن الموقف الفعلي لروسيا مما يحصل في المنطقة، والأهداف التي تريدها، وعما إذا كانت تؤيد أي اجتياح بري على الأرض.
المحلل العسكري، العميد إبراهيم جباوي، لا يعتقد أن روسيا “ستسمح بالعملية العسكرية البرية” على أحياء درعا البلد، ويقول إن عدم مشاركة طيرانها في حملات القصف يشير إلى ذلك.
ويضيف جباوي في حديث لموقع “الحرة”: “روسيا تحاول الآن حفظ مكانتها في اتفاق عام 2018، لكن المشكلة بوجود الفرقة الرابعة التي تدعمها إيران، وتحاول عدم القبول بأي تسوية، سواء من قبل موسكو أو من جانب اللجان المركزية الممثلة عن الأهالي”.
ويرى جباوي أن “إيران تحاول العبث بخلط الأوراق اليوم، وتسعى جاهدة إلى إبرام اتفاق إذعان من خلال الشروط التي تمليها على لجان التفاوض المركزية”، مستبعدا أن تحرز قوات “الفرقة الرابعة” أي تقدم في الأيام المقبلة، بسبب “عدم وجود الطيران الروسي”.
خياران متوقعان
في سياق متصل اعتبر الكاتب والصحفي، محمد العويد أن موقف اللجان المركزية بإعلان انهيار المفاوضات “رسالة واضحة وبالغة للجانب الروسي، وليست لجانب النظام السوري”.
ويقول العويد في حديث لموقع “الحرة”: “الرسالة تعني أنه يفترض أن يتحرك الروس من أجل إعادة الأطراف إلى التفاوض الجدّي”، مشيرا: “ترك موسكو للحالة كما هي الآن في درعا قد ينذر بانفجار جديد شرقا وغربا، أي في الريفين”.
وكانت منظمة العفو الدولية طالبت النظام السوري قبل يومين برفع الحصار عن مدينة درعا البلد، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون قيود إلى المنطقة التي يعيش فيها حوالي 20 ألف شخص في ظروف وصفتها بـ”المزرية”.
وأخبر سكان من المنطقة “العفو الدولية” أنه لم يُسمح إلا للنساء والأطفال دون سن 15 عاما بالخروج من المنطقة المحاصرة سيرا على الأقدام بعد خضوعهم لفحوص أمنية، وطُلب منهم ترك بطاقات هويتهم.
ويتوقع الصحفي، محمد العويد، أن الجنوب السوري يتجه “إما لإطالة التصعيد حتى تصل الأطراف، بقناعة الجانب الروسي إلى مرحلة الاستنزاف، سواء جانب النظام أو جانب الأهالي في المنطقة. بعد ذلك سيتم إجبارهم على طاولة المفاوضات لتقديم تنازلات”.
وهناك خيار آخر هو “الانتقال إلى تدويل المنطقة بتدخل غربي”، وبحسب الصحفي السوري فإن درعا دخلت “في المرحلة الأكثر حرجا في تداعيات الحالة المفروضة”.
ايلاف
——————————-
اجتماع “مصيري” بين “اللواء الثامن” ووزير دفاع النظام لـ “حسم” ملف درعا
تشهد الساعات المقبلة انعقاد اجتماع بين ممثلي “اللواء الثامن” وقائد القوات الروسية في سورية، ووزير الدفاع في حكومة النظام، علي أيوب، وسط الحديث عن قرارات “مصيرية” حول ملف درعا البلد.
وذكرت شبكات محلية أن ممثلين عن “اللواء الثامن” اجتمعوا قبل قليل مع اللجان المركزية الممثلة للأهالي، دون تواجد لضباط نظام الأسد، واستمر الاجتماع لساعتين.
وبحسب “تجمع أحرار حوران” فإن وزير دفاع النظام، علي أيوب، وقائد القوات الروسية في سورية، وصلوا إلى محافظة درعا عبر طائرة مروحية هبطت في الملعب البلدي بدرعا المحطة، مشيرةً نقلاً عن مصدر خاص أنهما سيجتمعان مع ممثلين عن ” اللوء الثامن” لبحث ملف درعا البلد.
من جانبها، ذكرت وكالة “سبوتنيك” الروسية أن الساعات الـ 24 القادمة ستحدد “بشكل حاسم” مصير ملف درعا البلد، ونقلت الوكالة عن مصدر أمني أنه “ما يزال المجال مفتوحاً على مدى الساعات الـ 24 القادمة أمام تطبيق بنود الاتفاق المحدد ضمن خارطة الطريق، والذي تنتهي المدة المحددة له مع نهاية اليوم (الثلاثاء)”.
وأشارت الوكالة لوجود اجتماع أخير سيُحدد على أساس نتائجه “الخيار الحاسم” لملف درعا البلد، إما بتنفيذ بنود الاتفاق أو الحل العسكري، حسب تعبيرها.
ويتزامن ذلك مع تصعيد قوات الأسد من قصفها للأحياء المحاصرة في درعا، حيث استهدفت المنطقة بأكثر من 30 صاروخاً من نوع “الفيل” منذ صباح اليوم، في محاولة “الفرقة الرابعة” لاقتحام أحياء درعا من محاور البحار والجمرك القديم.
وكانت اللجان المركزية في درعا أعلنت، الأحد الماضي، انهيار المفاوضات التي كانوا يسيرون بها مع الجانب الروسي ومع اللجنة الأمنية التابعة لنظام الأسد.
وأرجعت سبب انهيار المفاوضات إلى “عدم احترام النظام لوقف إطلاق النار وتقدم ميليشيات الفرقة الرابعة ومحاولتها اقتحام مدينة درعا من أكثر من محور”.
ويأتي انهيار المفاوضات في ظل شروط “تعجيزية” للنظام، حسب وصف عدنان المسالمة، الذي أكد لـ”السورية.نت”، أن قوات النظام تريد “الدخول إلى درعا البلد ووضع نقاط تفتيش وإعادة المدينة إلى سيطرته”.
في حين أكد أبو علي محاميد، أحد وجهاء درعا البلد لـ”السورية. نت” أن “النظام يحاول إجبار اللجنة على إصدار بيان سياسي يعترف بشرعية بشار الأسد بأنه رئيس شرعي، والاعتراف بأن الجيش السوري هو جيش يحمي المدنيين، بينما هذا الجيش يقتلنا ليل نهار ويسرق ممتلكاتنا، وكل ذلك يجري تحت الضغط بالقصف العشوائي والهمجي”.
وأشار محاميد إلى أن النظام يطالب أيضاً بـ”تسليم السلاح الفردي وتهجير عدد من شباب درعا يصل عددهم إلى 50 شاباً، ودخول الجيش إلى الأحياء السكنية، وتسليم الجنود الذين انشقوا عن النظام إلى الأمن”.
———————————
===================
تحديث 01 أيلول 2021
———————-
لبنان ودرعا: مؤامرة النفط والغاز بين إيران وأميركا؟/ منير الربيع
يتبادر في ذهن مراقب التطورات الجارية في لبنان والمنطقة، سؤال واحد، قد ينمّ عن طفولية سياسية، لكنه سؤال مشروع: هل ما يجري منسّق ومرسوم بدقّة؟ وبمعنى أوضح: هل يمكن الاستسلام لـ”نظرية المؤامرة”، أم أن ما يجري مسار سياسي طبيعي، تتداخل فيه جملة عوامل وتقاطعات وتناقضات سياسية وشعبية وإقليمية ودولية، تؤدي إلى هذه التحولات كلها، وتبقي اللعبة السياسية بين القوى في خانتي رابح وخاسر؟
وتصعب، بل تستحيل القدرة على الحسم والوصول إلى جواب شاف على هذه الأسئلة. وهي أسئلة تصدر عن مجريات ما يحصل ونتائجه، من لبنان إلى سوريا، وصولاً إلى افغانستان. والسؤال الكبير الجامع، هو: هل هُزمت أميركا وانسحبت؟ أم أنها نجحت في إرساء مشروع، ثم غادرت بعد نجاحها في حمل طالبان على القتال بدلاً منها، لتفعيل وقائع جديدة تربك إيران وروسيا والصين؟ والإجابة يتكفل بها التاريخ ومساره وتحولاته.
لماذا هذه المقدّمة؟
ما جري مؤخراً، لبنانياً وسورياً في الحدّ الأدنى، يدفع إلى تكاثر الأسئلة حول التطورات. فحزب الله يعلن منذ مدة عن استعداده لشحن النفط الإيراني إلى لبنان، وسط مواقف أميركية معترضة على ذلك. ومنذ مدة أبعد يبحث لبنان في إمكان استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر سوريا، لكن الإجراءات الأميركية وقانون قيصر يمنعان ذلك. وبعد إعلان نصر الله عن إبحار السفينة الإيرانية الأولى في اتجاه البحر الأبيض المتوسط، سارعت السفيرة الأميركية للإعلان عن استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان عبر سوريا، فسقطت مفاعيل قانون قيصر.
وحسب معطيات مؤكدة حتى الآن، سترسو باخرة النفط الإيرانية في بانياس، وسط غض نظر أميركي وإسرائيلي عنها. وفي المقابل، يحتاج استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر سوريا إلى موافقة أميركية واستثناءات من قانون قيصر. ويبدو أن هذا أصبح متوفراً. وتؤكد معلومات أن استجرار الكهرباء يحتاج إلى صيانة الشبكة، وخصوصاً في محافظة درعا. وهذا يحتاج إلى 8 أشهر ليتمكن لبنان من الحصول على الكهرباء التي يستفيد منها النظام السوري أيضاً، وعلى حساب البنك الدولي. والأمر نفسه ينطبق على الغاز المصري.
فيدراليات محطات البنزين نموذجاً
فهل يُعدّ ذلك هزيمة لأميركا لصالح إيران والنظام السوري؟ أم أنه مسار مرسوم، وخصوصاً أن لبنان وسوريا يغرقان في الفوضى أكثر فأكثر. فموافقة واشنطن على استقدام حزب الله النفط الإيراني، يشرّع لقوى سياسية وغير سياسية أخرى استجرار المحروقات بشكل متحرر عن الدولة.
وهناك نقابات عدة بدأت تعدّ العدّة لذلك، وحصلت على أذونات. وهناك قوى سياسية تمتلك شركات نفطية ستعمل على جلب المحروقات على حسابها. وهذا يكريس مفهوم “الإدارات الذاتية”، ترجمة أوسع لفيدراليات محطات البنزين في مختلف المناطق. فهل هذا أمر مرسوم أميركياً في مشروع له مفعول رجعي يعود إلى السبعينيات والثمانينيات؟ أم أنه نتيجة طبيعية لصراع سياسي ظهرت نتيجته مؤخراً بتراجع أميركا أمام إيران وحزب الله؟
المعركة في درعا
شبكة الكهرباء الأردنية تمر عبر درعا. وهذا يحتاج بلا شك إلى إنتاج تفاهم إقليمي-دولي حول الوضع في محافظة درعا. تفاهم يشترك فيه الأميركي والروسي والإيراني والإسرائيلي. وفيما محاولات تسوية الوضع في درعا لم تنجح حتى الآن، واستعاد النظام السوري التصعيد العسكري مدعوماً من روسيا وإيران.
لذا تكون درعا أمام احتمال من اثنين: إما اتفاق على تهجير مقاتليها إلى إدلب في إطار تسوية، وإما تصعيد عسكري ومحاصرة أولئك المقاتلين لإخراجهم من المحافظة. وهذا يؤدي إلى تسجيل النظام السوري انتصار جديد، ومن خلفه إيران. فهل ذلك أمر طبيعي؟ وهل يحصل هذا الانتصار على أميركا بقوة طهران والنظام السوري؟ أم أنه جزء من تسويات أو “مؤامرات” مرسومة، يدفع الناس أثمانها في سبيل خطوط النفط والغاز؟
عصر المؤامرات والطوائف
وتؤكد معلومات أن واشنطن منحت لبنان والأردن ومصر موافقتها لتمرير الغاز والكهرباء عبر سوريا. واصبحت متوفرة مقومات الاستثناء من قانون قيصر. وهذا يعني أيضاً انتصار لإيران وحزب الله، أم أنه نوع من التنافس الأميركي مع إيران، ومواجهة النفط بالنفط؟ أو هو ضمن سياق الخطة المرسومة في الصراعات المستمرة والمتصاعدة على قواعد طائفية ومذهبية ومناطقية يشهدها لبنان وتشهدها سوريا بشكل واضح هذه الأيام؟
من الصعب الحسم والإجابة على السؤال: أنعيش عصر المؤامرة وتبلورها، أم لا؟!
ولكن من السهولة التقدير أن ما يجري من تحولات يقود إلى متغيرات هائلة في لبنان وسوريا وتركيبتهما الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وسواء طال أمد الصفقة النووية أم تسارع توقيعها. في كلا الحالتين الانهيار مديد والأزمة طويلة.
المدنيين
————————-
الشرطة العسكرية الروسية تدخل مدينة درعا لتنفيذ الاتفاق بين عشائرها والنظام السوري
دخلت الشرطة العسكرية الروسية أحياء مدينة درعا السورية اليوم الأربعاء، ضمن اتفاق لوقف إطلاق النار لـ3 أيام بين عشائر درعا والنظام السوري.
وقالت لجنة المفاوضات عن أهالي درعا -في بيان- إن الاتفاق مع النظام بشأن الأحياء المحاصرة في المدينة تم بضمانة الجانب الروسي، ويقضي بوقف فوري لإطلاق النار، ودخول دورية للشرطة العسكرية الروسية وتمركزها في درعا البلد، إضافة إلى فك الحصار وإدخال المساعدات إلى أحياء درعا البلد.
كما تضمن الاتفاق العمل على إطلاق سراح المعتقلين، وبيان مصير المفقودين، وكذلك نشر 4 نقاط أمنية للنظام، وفتح مراكز لما تسمى “تسوية الأوضاع” لعدد محدد من شباب درعا.
وكانت السفارة الأميركية في سوريا، دانت -في تغريدة على تويتر- هجوم قوات النظام على درعا ووصفته بالهمجي.
وجاء في التغريدة أن الهجوم أدى إلى مقتل مدنيين ودفع آلافا من الأهالي إلى النزوح وتسبب في نقص شديد في الغذاء والدواء. ودعت السفارة إلى وقف إطلاق النار في درعا فورا وتمكين الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة من الدخول إلى المدينة دون عائق.
ندين هجوم نظام الأسد الوحشي على درعا والذي أدى إلى مقتل مدنيين وتشريد الآلاف ونقص في الغذاء والدواء. تدعو الولايات المتحدة إلى وقف فوري لإطلاق النار وحرية الدخول دون عوائق للأمم المتحدة والجهات الفاعلة الإنسانية.
— U.S. Embassy Syria (@USEmbassySyria) September 1, 2021
وقد حصلت الجزيرة على صور تظهر حجم الدمار الذي تعرض له مسجد المنصور قبل يومين في حي البحار بدرعا البلد جنوبي سوريا، وأظهرت الصور دمارا كبيرا لحق بالمسجد الذي تعرض لقصف من قبل قوات النظام السوري التي استهدفت أيضا عددا من منازل المدنيين وممتلكاتهم في درعا البلد وطريق السد.
وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إنها وثقت مقتل 94 مدنيا بينهم 32 طفلا في سوريا خلال أغسطس/آب الماضي. وذكرت الشبكة أن محافظة درعا تتصدر حصيلة الضحايا المدنيين الذين قتلهم النظام السوري خلال الشهر الماضي.
وفي وقت سابق اليوم الأربعاء توصلت لجنة التفاوض في منطقة درعا البلد في مدينة درعا إلى اتفاق مع روسيا لوقف إطلاق النار، وذلك بعد قصف شديد ومحاولات اقتحام تعرضت له المنطقة من قبل النظام السوري خلال الأيام الماضية.
وفي 25 يونيو/حزيران الماضي، فرضت قوات النظام السوري والمليشيات التابعة لها حصارا على منطقة درعا البلد، بعد رفض المعارضة تسليم السلاح الخفيف، باعتباره مخالفا لاتفاق تم بوساطة روسية عام 2018، ونص على تسليم السلاح الثقيل والمتوسط.
وبعد ذلك بشهر، توصلت لجنة التفاوض بدرعا البلد وقوات النظام إلى اتفاق يقضي بسحب جزئي للأسلحة الخفيفة المتبقية بيد المعارضة، ووجود جزئي لقوات النظام، إلا أن الأخيرة أخلت بالاتفاق وأصرت على السيطرة الكاملة على المنطقة.
المصدر : الجزيرة + وكالات
—————————–
اتفاق جديد في درعا البلد والنظام يتراجع عن مطلب الاعتراف ببشار الأسد كرئيس شرعي للبلاد
هبة محمد
توصلت لجان التفاوض المركزية في درعا جنوب سوريا إلى اتفاق مع ممثلي النظام السوري بضمانة روسية لإنهاء الحملة العسكرية على درعا البلد والأحياء المحاصرة.
وقال عضو لجنة التفاوض أبو علي محاميد لـ “القدس العربي” ان الاتفاق ينص على تثبيت نقطة عسكرية روسية على الجهة الجنوبية من درعا البلد، مع رفع عملي النظامين السوري والروسي، وفتح مركز “تسويات” للمطلوبين للنظام وتسليم سلاحهم الخفيف.
وفي المرحلة الثانية، قال المحاميد “المرور على منازل المدنيين بشكل جماعي للتأكد من عدم وجود غرباء أو متشددين ضمن أهالي المدينة، وإنشاء ثلاث نقاط للأمن العسكري بمشاركة الفيلق الثامن الذي يقوده احمد العودة، على مداخل المدينة على أن يليها انسحاب قوات النظام من محيط المدينة وفتح المعابر كافة بين البلد ومركز المدينة”.
وأكد المتحدث أن النظام السوري تراجع عن بند رئيسي سابق ينص على اعتراف أهالي درعا ببشار الأسد كرئيس شرعي للبلاد.
—————————–
المعارضة السورية تؤكد بنود اتفاق درعا البلد وروسيا تواصل تنفيذها/ جلال بكور
أكد الناطق الرسمي باسم لجنة درعا المركزية اليوم على بنود الاتفاق الذي جرى التوصل إليه برعاية روسية حول درعا البلد في وقت استمر تنفيذ بنود الاتفاق برعاية روسية.
وأعلن الناطق الرسمي باسم لجنة درعا المركزية عدنان المسالمة أن التوافق تم ما بين وجهاء حوران واللجنة المركزية في المنطقة الغربية والفيلق الخامس ولجنة درعا البلد من جهة، واللجنة الأمنية من جهة أخرى وبضمانة الجانب الروسي.
وجاء نص الاتفاق وفق ما يلي: “الوقف الفوري لإطلاق النار، دخول دورية للشرطة العسكرية الروسية وتمركزها في درعا البلد، فتح مركز لتسوية أوضاع المطلوبين وأسلحتهم، معاينة هويات المتواجدين في درعا البلد لنفي وجود الغرباء، نشر أربع نقاط أمنية، فك الطوق عن محيط مدينة درعا، إعادة عناصر مخفر الشرطة، البدء بإدخال الخدمات إلى درعا البلد، العمل على إطلاق سراح المعتقلين وبيان مصير المفقودين بعد مضي خمسة أيام على تطبيق هذا الاتفاق”.
وقالت مصادر مطلعة لـ”العربي الجديد”، إن الأطراف شرعوا بتنفيذ بند عملية تسوية لـ 34 شاب من أبناء مدينة درعا، وتسليم السلاح الخفيف للجنة التابعة للنظام بحضور ضباط الشرطة الروسية.
وقالت مصادر لـ”العربي الجديد” في وقت سابق، إن الشرطة الروسية دخلت بمرافقة اللواء الثامن وضباط من النظام السوري إلى درعا البلد، بهدف تثبيت وقف إطلاق النار، تمهيداً لتنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع اللجان المركزية، يوم أمس.
وبحسب ما أفادت به مصادر مطلعة لـ”العربي الجديد”، فإن الاتفاق يتقاطع في بنوده مع “خريطة الطريق الروسية” التي كانت قد طرحتها روسيا على اللجان المركزية سابقاً، والتي تنصّ على تهجير رافضي التسوية، وتسليم السلاح الفردي، وعودة مؤسسات النظام للعمل في المنطقة.
من جهتها، زعمت صحيفة “الوطن” التابعة للنظام السوري، أن الاتفاق الأخير هو ذاته خريطة الطريق التي طرحها النظام السوري سابقاً، والتي تتضمن جمع كل السلاح الموجود لدى المسلحين وترحيل الرافضين لها، وتسوية أوضاع الراغبين منهم، وإجبار متزعمي المسلحين على تسليم سلاحهم الخفيف والمتوسط والثقيل، ودخول قوات النظام إلى كل المناطق التي ينتشر فيها “إرهابيون”، والتفتيش على السلاح والذخيرة، وعودة مؤسسات الدولة إلى كل المناطق، ورفع “علم الجمهورية العربية السورية” فيها.
وقال الناشط محمد الحوراني لـ”العربي الجديد”، إن الاجتماع الأخير من جولة التفاوض حضره وزير دفاع النظام علي أيوب، وقائد القوات الروسية الجنرال أندريه، إضافة إلى مسؤولين أمنيين في النظام، وممثلين عن اللواء الثامن في الفيلق الخامس المدعوم من روسيا، وممثلين عن اللجان المركزية في درعا.
وبحسب الناشط، فقد جاء الاجتماع بطلب من وجهاء درعا وعشائرها وقياديين في اللواء الثامن، بهدف إنهاء حالة التصعيد التي لجأ إليها النظام أخيراً، والتي من شأنها تدمير المنطقة وتهجير سكانها في النهاية.
ومن أبرز بنود الاتفاق التي أعلن عنها سابقاً، تسليم سلاح مجموعة من الأفراد، وتهجير الرافضين للاتفاق نحو الشمال السوري، وإجراء تسويات لعدد من المطلوبين، وسحب قوات الفرقة الرابعة والمليشيات التابعة للنظام من محيط درعا، بالإضافة إلى إنشاء نقاط مشتركة بين قوات النظام والفيلق الثامن برعاية روسية في درعا البلد.
ويقتضي الاتفاق أن يبدأ التنفيذ صباح اليوم الأربعاء، ولمدة ثلاثة أيام، في ظل وقف إطلاق نار من قوات النظام بهدف السماح بتنفيذ الاتفاق.
وبحسب المصادر، يقضي الاتفاق بدخول دورية من الشرطة العسكرية الروسية إلى درعا البلد مع مجموعة من عناصر “اللواء الثامن” من أبناء محافظة درعا تحديداً، وتثبيت نقطة عسكرية في المنطقة، وهي ستكون مرحلة لتثبيت وقف إطلاق النار، ثم تليها عملية تسليم سلاح مجموعة من الأفراد وتسوية أوضاعهم، ونقل من يرفض التسوية إلى الشمال.
ومن المفترض بعد ذلك أن يسحب النظام مباشرة كلّ التعزيزات العسكرية التي جلبها أخيراً إلى درعا، إضافة إلى سحب المليشيات التي تتبع لـ”الفرقة الرابعة”، والتي يرفض الأهالي وجودها، لكونها تخضع للنفوذ الإيراني، يليها بعد ذلك تثبيت نقاط عسكرية مشتركة بين فرع الأمن العسكري التابع للنظام و”اللواء الثامن” المدعوم من روسيا.
من جانبها، أعلنت واشنطن إدانتها للانتهاكات التي يقوم بها النظام السوري في درعا. ونشر حساب السفارة الأميركية في دمشق على “فيسبوك” تصريحاً جاء فيه: “ندين هجوم نظام الأسد الوحشي على درعا، الذي أدى إلى مقتل مدنيين وتشريد الآلاف ونقص في الغذاء والدواء. تدعو الولايات المتحدة إلى وقف فوري لإطلاق النار، وحرية الدخول من دون عوائق للأمم المتحدة والجهات الفاعلة الإنسانية.”
وتحاصر قوات النظام السوري منذ قرابة 70 يوماً درعا البلد، وبدأت صباح أمس حملة تصعيد عنيفة توقفت مع عقد جولة جديدة من التفاوض بهدف إنهاء ملف المنطقة. وكانت اللجنة المركزية لدرعا قد رفضت الخضوع لشروط النظام السوري التي تسعى إلى تهجير سكان المنطقة، وفرض الاعتراف بـ”شرعية انتخاب بشار الأسد”.
الطيران الروسي يقصف إدلب مجدداً
من جهة أخرى، واصل الطيران الحربي الروسي صباح اليوم الأربعاء، غاراته على ريف إدلب، تزامناً مع قصف مدفعي من قوات النظام على ريفي اللاذقية وحماة، فيما ردّت فصائل المعارضة باستهداف مواقع للنظام وصدّ محاولة تسلل في إدلب وحماة.
وقال الناشط مصطفى المحمد، إن الطيران الحربي الروسي شنّ 9 غارات بصواريخ شديدة الانفجار على حرش قرية الحمامة في ناحية جسر الشغور بريف إدلب الغربي، مستهدفاً المنطقة الخاضعة لسيطرة “هيئة تحرير الشام”، فيما لم يتبين سقوط خسائر بشرية.
وكانت الطائرات الروسية قد قصفت، أمس، محيط بلدة سفوهن بجبل الزاوية من دون وقوع خسائر بشرية. وأضاف الناشط، في حديث مع “العربي الجديد”، أن القصف جاء بعيد صدّ المعارضة محاولة تسلّل من قوات النظام على محور قرية آفس بريف إدلب الشرقي، وتكبيدها خسائر في الأرواح.
وذكرت مصادر محلية أن فصائل المعارضة المسلّحة المنضوية في “الجبهة الوطنية للتحرير”، قصفت بالمدفعية مواقع للنظام في محاور معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي، تزامناً مع استهداف مواقع قوات النظام بالرشاشات الثقيلة في محور حرس مدينة كفرنبل جنوب شرق إدلب.
وتحدثت مصادر لـ”العربي الجديد” عن سقوط قذائف مدفعية في محيط مركز القيادة التابع للقوات الروسية في مدينة خان شيخون جنوبي إدلب، مرجحة أن مصدر إطلاق القذائف مناطق سيطرة “هيئة تحرير الشام”.
في غضون ذلك، قصفت قوات النظام السوري بقذائف المدفعية الثقيلة محيط قرية الكندة وجبل الخضر في ريف اللاذقية الشمالي، موقعة أضراراً مادية في ممتلكات المدنيين. كما قصفت قوات النظام بالمدفعية الثقيلة قريتي السرمانية ودوير الأكراد في سهل الغاب في ريف حماة الغربي.
من جانبها، قصفت “هيئة تحرير الشام” بصواريخ غراد مواقع لقوات النظام في بلدة شطحة بسهل الغاب شمال غربي حماة، ولم يتبين حجم الأضرار الناتجة عنه.
وفي شرق البلاد، تحدثت مصادر محلية لـ”العربي الجديد” عن مقتل عنصر من النظام السوري بهجوم من مجهولين طاول موقعاً لهم في شارع بغداد وسط مدينة البوكمال عند الحدود السورية العراقية، وذكرت المصادر أن الهجوم هو الأول من نوعه منذ سيطرة النظام على المدينة.
في غضون ذلك، أصيب عنصر من مليشيات “قسد” جراء انفجار لغم أرضي زرعه مجهولون في محيط بلدة تل تمر شمال الحسكة، تزامناً مع قصف من الجيش التركي على مواقع للمليشيات في خطوط التماس مع “الجيش الوطني السوري”. وذكرت مصادر لـ”العربي الجديد” أن القصف التركي طاول مناطق في قرى الطويلة وأم الخير وتل لبن والكوزلية، ولم يتبيّن وقوع خسائر بشرية بسببه.
وقصف الجيش التركي أيضاً، صباح اليوم، مناطق في قريتي زيوان وتل عناب في ريف حلب شمالي سورية، من دون وقوع إصابات بشرية.
وتقصف القوات التركية بشكل شبه يومي مناطق تخضع لسيطرة “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) في شمالي وشمال شرقي سورية، وأدت عمليات القصف إلى وقوع خسائر بشرية.
من جهة أخرى، قال المكتب الإعلامي للحكومة السورية المؤقتة إن رئيس الحكومة عبد الرحمن مصطفى وافق اليوم الأربعاء على استقالة اللواء سليم إدريس التي تقدم بها من منصبه وزيرا للدفاع في الحكومة.
وكان وزير الدفاع سليم إدريس قد تقدم سابقا باستقالته من منصبه وزيراً للدفاع في الحكومة السورية المؤقتة ورئيساً لأركان الجيش الوطني السوري.
وكان إدريس قد تولى في 31 آب من عام 2019، الوزارة ضمت التشكيلة الوزارية برئاسة عبد الرحمن مصطفى، بعد نيل الثقة من أعضاء الهيئة العامة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية.
العربي الجديد
————————
درعا:اتفاق مؤقت لوقف النار..وواشنطن تدين وحشية النظام
توصلت لجنة التفاوض الممثلة لدرعا مع اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري برعاية روسية إلى اتفاق لوقف اطلاق النار لمدة ثلاثة أيام ينهي من خلاله النظام والميليشيات التابعة له التصعيد العسكري الأعنف على المحافظة منذ العام 2018.
وعقد اجتماع شرق درعا بين لجنة التفاوض في درعا البلد واللجنة المركزية في درعا واللواء الثامن الذي يقوده أحمد العودة، إضافة إلى اجتماع آخر بين قيادات اللواء الثامن وقائد القوات الروسية في سورية، ووزير الدفاع لدى النظام السوري علي أيوب في الملعب البلدي في درعا المحطة.
وقال “تجمع أحرار حوران” نقلاً عن مصدر في لجان التفاوض إن “الاتفاق تم على وقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أيام في درعا البلد، بعد جولة من المباحثات استمرّت لنحو 5 ساعات بين جميع الأطراف الفاعلة بمحافظة درعا”، مؤكدًا أن “قوات تابعة للشرطة العسكرية الروسية سوف تدخل إلى درعا البلد، يوم الأربعاء بمرافقة من اللواء الثامن، بهدف تثبيت وقف إطلاق النار من خلال إنشاء نقطة عسكرية مؤقتة جنوب درعا البلد”.
ولفت التجمع إلى أن الاتفاق يشمل “إجراء تسويات جديدة ل34 مطلوباً للنظام السوري، إضافة لتسليم سلاحهم في درعا البلد وطريق السد والمخيمات، وخروج من لا يرغب بإجراء التسوية”. وأضاف أن “الشرطة الروسية بمرافقة (اللواء الثامن) وأعضاء من لجنة درعا البلد تقوم على تدقيق هويات بعض الأشخاص في درعا البلد”.
كما تضمن الاتفاق بحسب التجمع “نشر ثلاث نقاط عسكرية في محيط درعا البلد، على أن تتسلّمها قوات مشتركة بين الأمن العسكري التابع للنظام و(اللواء الثامن) من أبناء محافظة درعا”، مؤكداً أنه “بعد ذلك يجري سحب قوات الفرقة الرابعة والأجنبية من محيط مدينة درعا، وفتح كافة الحواجز بين درعا البلد ومركز المدينة”.
وكان وزير الدفاع التابع للنظام وصل إلى محافظة درعا مساء الثلاثاء، يرافقه قائد القوات الروسية، واجتمعا باللجنة المركزية في درعا البلد، بهدف التوصّل لاتفاق بشأن الأحياء المُحاصرة، حيث أمهل النظام أهالي درعا حتى الساعة ال12 من منتصف ليل الثلاثاء/الأربعاء، لتسليم سلاحهم الخفيف، بالتزامن مع اتفاق اللجنة والنظام على وقف العمليات العسكرية بشكل كامل، من أجل التشاور مع شبّان درعا الموجودين على الجبهات.
وقبيل وقف اطلاق النار استهدفت قوات النظام أحياء درعا البلد بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة، بقصف يعدّ الأعنف منذ بداية الحملة العسكرية على الأحياء المُحاصرة، حيث أطلق النظام عشرات الصواريخ شديدة الانفجار من طراز “بركان” والذي يزن الواحد منها أكثر من نصف طن على درعا البلد، وترافقت مع قصفٍ بمئات القذائف المدفعية، واستهدافٍ برشاشات المضادات الأرضية.
وتوفيت الشابة هبة عيسى الخضر متأثرة بجراحها التي أصيبت بها جراء القصف المدفعي من قبل قوات النظام على قرية المزيرعة بريف درعا الغربي مساء الثلاثاء، كما أصيب شاب من مدينة طفس جراء تعرضه لإطلاق نار عشوائي من قبل حاجز التابلين شرق المدينة.
ووثق موقع “درعا 24” المختص بشؤون المحافظة سقوط ما لا يقلّ عن 39 قتيلاً في المحافظة خلال شهر آب/أغسطس، قُتل بعضهم بسبب قصف النظام، وبعضهم بسبب انفجارات من مخلفات الحرب، أو خلال الاشتباكات وعمليات الاغتيال المباشرة، كان بينهم 20 مدنياً، بينهم سبعة أطفال وثلاث سيدات، كذلك سقط العديد من الجرحى، بينهم مدنيين وعسكريين.
وفي السياق، دانت السفارة الأميركية في دمشق الأربعاء، الهجوم الذي يشنه النظام السوري على درعا. وقالت في تغريدة: “ندين هجوم نظام الأسد الوحشي على درعا، والذي أدى إلى مقتل مدنيين وتشريد الآلاف ونقص في الغذاء والدواء”. وأضافت “تدعو الولايات المتحدة إلى وقف فوري لإطلاق النار وحرية الدخول دون عوائق للأمم المتحدة والجهات الفاعلة الإنسانية”.
ندين هجوم نظام الأسد الوحشي على درعا والذي أدى إلى مقتل مدنيين وتشريد الآلاف ونقص في الغذاء والدواء. تدعو الولايات المتحدة إلى وقف فوري لإطلاق النار وحرية الدخول دون عوائق للأمم المتحدة والجهات الفاعلة الإنسانية.
— U.S. Embassy Syria (@USEmbassySyria) September 1, 2021
————————–
الشرطة الروسيّة تدخل درعا البلد وتبدأ بتنفيذ الاتفاق |فيديو
أفادت مصادر لـ موقع تلفزيون سوريا اليوم الأربعاء، بأنّ الشرطة الروسيّة دخلت إلى أحياء درعا البلد المُحاصرة، للبدء بتنفيذ الاتفاق الأخير الذي تم التوصّل إليه، مساء أمس الثلاثاء.
وقالت المصادر إنّ الشرطة الروسية دخلت الأحياء المُحاصرة بمرافقة “اللواء الثامن” التابع لـ”الفيلق الخامس” المرتبط بروسيا، إضافةً لـ ضباطٍ من قوات نظام الأسد، بهدف تثبيت وقف إطلاق النار والبدء بتنفيذ بنود الاتفاق.
وأضافت المصادر أنّه يجري الآن تنفيذ البند الثاني من الاتفاق، وهو الشروع بعملية التسوية لـ34 شاباً من أبناء مدينة درعا، مع تسليم بعض السلاح الخفيف، وذلك بحضور الشرطة الروسية وضباط من “النظام” في حي الأربعين بدرعا البلد.
وكانت اللجنة المركزية في درعا البلد واللجنة الأمنية التابعة للنظام قد توصلتا بحضور الجانب الروسي إلى اتفاق من عدّة بنود، وقد دخل حيّز التنفيذ، صباح اليوم الأربعاء.
التوصل لاتفاق جديد في درعا البلد.. ما هي بنوده؟
وكان نظام الأسد قد أمهل أهالي درعا حتى الساعة الـ12 من منتصف ليل الثلاثاء – الأربعاء، من أجل تسليم سلاحهم الخفيف، بالتزامن مع اتفاق اللجنتين المركزية والأمنية على وقف العمليات العسكرية بشكل كامل، من أجل التشاور مع شبّان درعا الموجودين على الجبهات.
وطلبت اللجنة الأمنية التابعة للنظام من اللجنة المركزية تنفيذاً كاملاً لخريطة الطريق التي اتفقتا عليها مع الجانب الروسي، دون قيد أو شرط.
يذكر أنّ نظام الأسد خرق – خلال الأيام الأخيرة – جميع الاتفاقات التي توصّل إليها مع لجان التفاوض في درعا برعاية الجانب الروسي، وواصلت قواته وميليشيات إيران عمليات قصف الأحياء المُحاصرة ومحاولة اقتحامها.
بتمهيد ناري مكثّف.. “الرابعة” وميليشيات إيران يحاولون اقتحام درعا البلد |فيديو
ومنذ أكثر من شهرين تفرض قوات النظام وميليشياتها حصاراً خانقاً على أحياء درعا البلد، وتشنّ عليها حملة قصف صاروخي ومدفعي مكثّفة، بهدف الضغط على أبنائها لتسليم سلاحهم الفردي وتهجير قسم منهم إلى الشمال السوري.
————————-
اللجنة المركزية تعلن بنود الاتفاق النهائي مع النظام حول درعا البلد
أعلنت اللجنة المركزية في درعا البلد عن شروط الاتفاق النهائي مع نظام الأسد بضمانة روسية.
ونشر الناطق الرسمي باسم اللجنة عدنان المسالمة عبر حسابه في فيس بوك اليوم الأربعاء بياناً تضمّن البنود والشروط التي تم التوصل إليها.
وجاء في البيان أنه “تم التوافق بين وجهاء حوران واللجنة المركزية في المنطقة الغربية والفيلق الخامس ولجنة درعا البلد من جهة، واللجنة الأمنية التابعة للنظام من جهة أخرى، وبضمانة الجانب الروسي”.
وذكر البيان أنه تم التوافق بين هذه الأطراف على “الوقف الفوري لإطلاق النار، ودخول دورية للشرطة العسكرية الروسية، وتمركزها في درعا البلد”.
وتضمّن الاتفاق “فتح مركز لتسوية أوضاع المطلوبين وأسلحتهم، ومعاينة هوية الموجودين في درعا البلد لنفي وجود الغرباء، ونشر أربع نقاط أمنية، بالإضافة إلى فك الطوق عن محيط مدينة درعا، وإعادة عناصر مخفر الشرطة”.
وبحسب البيان فإنه تم الاتفاق على “البدء بإدخال الخدمات إلى درعا البلد، والعمل على إطلاق سراح المعتقلين وبيان مصير المفقودين بعد مضي خمسة أيام على تطبيق هذا الاتفاق”.
وأفادت مصادر لموقع تلفزيون سوريا اليوم الأربعاء بأن الشرطة الروسية دخلت إلى أحياء درعا البلد المُحاصرة، للبدء بتنفيذ الاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ ابتداءً من اليوم، بعد اجتماع عقد في الملعب البلدي بدرعا بين لجان التفاوض في درعا البلد ووزير الدفاع التابع للنظام علي عبد الله أيوب، بحضور قائد القوات الروسية.
وقالت المصادر إن الشرطة الروسية دخلت الأحياء المُحاصرة بمرافقة “اللواء الثامن” التابع لـ “الفيلق الخامس” المرتبط بروسيا، إضافةً إلى ضباط من قوات نظام الأسد، بهدف تثبيت وقف إطلاق النار والبدء بتنفيذ بنود الاتفاق.
وأضافت المصادر أنه “جرى اليوم تسوية أوضاع 212 من أبناء درعا ضمن مركز التسوية في حي الأربعين بدرعا البلد، كما تم تسليم ما يقارب 30 بندقية”.
وأوضح أنه “سيتم غداً استكمال بقية إجراءات التسوية لأبناء درعا البلد، وتسليم قطع السلاح لقسم الشرطة في حي المحطة”.
درعا البلد
وكان نظام الأسد قد أمهل أهالي درعا حتى الساعة الـ12 من منتصف ليل الثلاثاء – الأربعاء، من أجل تسليم سلاحهم الخفيف، بالتزامن مع اتفاق اللجنتين المركزية والأمنية على وقف العمليات العسكرية بشكل كامل، من أجل التشاور مع شبّان درعا الموجودين على الجبهات.
وطلبت اللجنة الأمنية التابعة للنظام من اللجنة المركزية تنفيذاً كاملاً لخريطة الطريق التي اتفقتا عليها مع الجانب الروسي، من دون قيد أو شرط.
يذكر أنّ نظام الأسد خرق – خلال الأيام الأخيرة – جميع الاتفاقات التي توصّل إليها مع لجان التفاوض في درعا برعاية الجانب الروسي، وواصلت قواته وميليشيات إيران عمليات قصف الأحياء المُحاصرة ومحاولة اقتحامها.
ومنذ أكثر من شهرين تفرض قوات النظام وميليشياتها حصاراً خانقاً على أحياء درعا البلد، وتشنّ عليها حملة قصف صاروخي ومدفعي مكثّفة، بهدف الضغط على أبنائها لتسليم سلاحهم الفردي وتهجير قسم منهم إلى الشمال السوري.
————————–
وجهة نظر على ضوء ما جرى في درعا/ محمد علاء الدين عبد المولى
لا يحتاج سوريّان يقفان في وجه النظام إلى كثيرٍ من النقاش، حول أن درعا كانت أوّل شوكة في حلق هذا النظام، وأنّ هذه الشوكة تحمل معاني مختلفة، فهي وخزتْ كبرياء النظام المقنّع بالرعب، وصارت هذه الشوكة تستوقفه، كيفما تحرّك، لتملأه قلقًا وعدم استقرار. وهي من جهة ثانية شوكةٌ، بمعنى القوة والمنَعة، فكلمة “ذاتُ الشوكة” في الآية القرآنية {وتودّون أنْ غيرَ ذاتَ الشوكة تكون لكم} تُحيل إلى معنى القوة في الحرب.
والقوة التي تتمتع بها درعا، كونها (شوكة)، لا تنبع أساسًا من فعل ماديّ وسلاحٍ ومواجهات مسلحة وانتفاضة اضطرت إلى العسكرة، بالرغم من أن هذا داخل في الحسبان، لكنها القوة التي تدلّ على أن روح السوريين التي أصابتها رضوضٌ باهظة، خلال حكم الأسد الأب ثم الابن، هي روحٌ عصية على الفناء، تأبى الاستسلام، ذلك لأنها تمتثل لقوانين التاريخ والطبيعة، مهما تأخر مفعول هذه القوانين في الروح العظمى لشعب ما، التاريخ الذي يطرح مقولاته دائمًا في أن الشعوب المقهورة ستثور ضد حكامها، قصر الزمان أم طال.
ونحسب أن نظامًا جبارًا، كنظام الأسد، لم يخطر في باله أن انتفاضة ثائرة بهذا الشكل يمكن أن تندلع في وجهه يومًا من الأيام، فكيف إذا كانت بدايتها من منطقةٍ كانت أبعد ما يكون عن حساباته؟
درعا الشوكةُ المادية والمعنوية في عمق الطاغية هي التي تقع في جنوب الجغرافية السورية، وقد انتقلت بشجاعتها إلى الصدارة في قلب كل سوريّ انسجم مع مبدأ الكرامة وإرادة التغيير.
قيل قديمًا إنه “إذا أمحلتْ حوران جاعت روما”، المقولة التي يتداولها كثيرٌ من السوريين، وتداولها من قبلهم مؤرخو العصور الرومانية والبيزنطية الذين فصّلوا في تاريخ المنطقة وأهمية درعا الاقتصادية للإمبراطورية الرومانية، من حيث إنها كانت المسيطرة على الشرق جميعه تقريبًا.
وتقول تلك الروايات إن درعا حكمت نفسها بنفسها، في مرحلةٍ من المراحل الرومانية، وحققت ما نسميه الآن حكمًا ذاتيًا، أي أن عظمة روما وجبروتها لم تشأ إلا أن تتكيف مع خصوصية درعا في المشرق. وقد كان مشهورًا عن الرومان قوتهم وعنفهم ودمويتهم في الحكم، حيث كانوا لا يتورعون عن تمثيل مشاهد مسرحية تتطلب قتلى حقيقيين بصورة فعلية، كانت روما مسرحًا للدم، لكنّها لم تنته من التاريخ، فإذا فنيت روما وأباطرتها، فهناك دائمًا ثغرات يتسلل منها طغاة جدد يتابعون عنف وبطش روما، وما فعله نظام الأسد منذ آذار 2011، بدءًا من درعا، كان استعادة لمنطق القوة الباطشة والعنف الدموي الذي اشتهرت به روما. لكن مع فارق أن روما أعطت درعا حكمًا ذاتيًا، كنوع من الحنكة السياسية في إدارة شؤون أطراف الإمبراطورية، في حين تسعى قوة النظام إلى مزيد من محق درعا وإذلالها.
لا يتورع النظام عن إشهار حقده على كل المدن والقرى والبلدات التي وقفت ضده بحشودها الصارخة الغاضبة، ولا يخفي نزعته في الانتقام منها بكل وسيلة وحيلة. فهو في أيام (السلم) كان يفرّق بين مدينة ومدينة، بين قرية وقرية، في أمور البنية التحتية والخدمات والمشاريع، وكانت تفرقته تلك نابعة من نظرة ليست وطنية أساسًا في التعامل مع (الشعب) الذي يحكمه؛ فكيف في أيام (الحرب)؟
بعد استفراد النظام وحلفائه بالسوريين الرافضين، وبعد انفضاض العالم عنهم، كان لا بدّ من استعادة الجغرافية الثائرة وتأديبها، لترجع راضخة مهانة إلى (حظيرة) النظام. وكان ينفّذ خططه تلك بالتدريج تزامنًا مع مماطلاته في كل جولات المفاوضات المعروفة، حيث إنه يعلم أن هذه المفاوضات لا تحقق له شيئًا. إنما هي غطاء لإضاعة الوقت والمضي في تحقيق استعادته لتلك المناطق التي خرجت عن سيطرته. وكانت درعا تعرف أن اللحظة قادمة لا محالة، بعد ما حققه النظام شيئًا فشيئًا. لكن هناك تداعيات في الأسئلة السورية حول شأن درعا، تداعيات تصبّ في النهاية كلها في الشأن السوري برمّته، وقد يسعفنا التأمل في صياغة بعض من هذه التداعيات المشروعة.
حين انفجرت الأرض السورية في بقع جغرافية أساسية على امتداد البلاد، وجد النظام نفسه، بكل جبروته العسكري ودهائه الأمنيّ الشرير، أمام واقع جديد عليه، فكل خبراته الإجرامية الماضية تتكثف في مذبحة حماة الشهيرة. أما بقية مذابحه فكانت في مساحات تسعفه معها قوة باطشة قليلة لتنفيذ الهدف من دون “ضجيج إعلامي”. مثل مذبحة تدمر. أما أن تنتفض كل هذه المدن والقرى دفعة واحدة وبالتتالي، فتلك تجربة جديدة. ولذلك راح في البداية -كما بات معروفًا- ينتظر مؤشرات البوصلة العالمية والإقليمية ليتمكن من ضبط آليات الرد. وحين استتبّ له الأمر، وأيقن أن مسارات القوى الفاعلة في العالم ليست جادة في دعم الانتفاضة السورية، ثم من وجهة أخرى تمكّن من اختراع معضلات مرعبة نجح في تغيير رأي كثير من فعاليات الرأي العالمي إلى صالحه، خاصة تركيزه على عسكرة وأسلمة ودعشنة الانتفاضة، حين جرى ذلك، بدأ بمرحلة الانقضاض التدريجي، بخطط مدروسة ومسنودة عسكريًا وسياسيًا من حلفاء رأوا في الحالة السورية المتشظية تلك فرصةً ذهبيةً لتحقيق توازناتهم الإستراتيجية في حكم العالم ومراكز تأثيره الاقتصادي. فأطلقوا العنان للنظام ليفعل ما يشاء من دون تردد ولا رادع. بل اكتملت عدته العسكرية في الرد والانقضاض، حين شارك هؤلاء الحلفاء مباشرة، وأحيانًا بالنيابة عن النظام بالكامل، في تدمير الجغرافية السورية التي انطلقت منها شرارات الانتفاضة أو امتدت إليها.
من أسباب نجاح النظام في استعادة زمام المبادرة في المناطق التي استعادها، أنّ الفاعل السوري على الأرض لم يكن له خطة إستراتيجية للبقاء والاستمرار، لأسباب كبرى، منها أن النظام ساعد بدهاء في تجميع بؤر الانتفاضة في أماكن مغلقة أو شبه مغلقة، لا فضاء للحركة فيها، ولا مجال فيها للمناورة العسكرية ولا للتكتيك السياسي (هذا إن وُجد أصلًا)، ومنها أيضًا قطع طرق الإمداد كليًّا، وحين لم يتوفر ذلك، قام بتقطيع هذه الطرق وتشتيتها. وأسهم ذلك في استفراده بالفاعل السوري في المناطق (التي كانت محررة من قبل المعارضة، ثم صارت محررة من قبله!).
ذلك ما فعله بحمص، كمثال واضح للعيان، بدءًا من بابا عمرو حتى المدينة القديمة، مرورًا بالقصير وسواها. وقد كرر هذا النموذج كل مرة بنجاح، ولو كان نجاحًا بطيئًا وغير مكتمل في بعض حالاته. لكن الأمر انقلب لصالحه.
ما رآه النظام في درعا، ومن ورائه حليفه الروسي والإيراني و”حزب الله”، أن هذه البيئة الأساسية للشرارة الأولى للانتفاضة ينبغي تأديبها التأديب الأكبر. خاصة أنه لم ينجح في تسريب الدعشنة بما يكفي إليها، ليلعب كالعادة على عنصر (الجماعات الإرهابية)، وهذا أمرٌ يحسب للمجتمع المتدين في درعا أنه لم يمكّن النظام من الاحتيال عليه وقطع عليه طريق الدعشنة. وإلا فقد كانت عملية تهديم إرادة درعا من داخلها بعوامل حتّ داعشية طبيعية، أمرًا أيسر.
وتشبه درعا، في كثير من تفاصيل وقائعها، باقي المدن والبلدات التي “حرّرها” النظام بمساعدة سلاح الجو الروسي. بالرغم من أن لها طابعًا امتازت به وجعلها تفترق عن التشابه الكامل مع تلك المناطق. لكن عنصر القوة التي تميل دائمًا لصالح النظام وحلفائه يجعل كل المناطق تتشابه، في كونها هدفًا لا بدّ من الوصول إليه.
وما ترافق مع مآلات درعا الأخيرة يعيد التذكير بمآلات جميع المناطق المستعادة، فالخيارات قليلة، ولا أوراق لعب كافية لاستثمارها على المدى البعيد، وهذا لا تتحمل درعا وسواها من المدن مسؤولية مباشرة عنه، لكنه مفهوم ضمن سياق الأداء السياسي الدولي في التخلي عن السوريين، وعدم الاشتغال بصورة أخلاقية جادة لترحيل النظام السوري، فماذا ينتظر من آلافِ المنتفضين هنا وهناك، وهم أمام أفق مسدود؟ هذا الأفق المسدود الذي جوبهت به الانتفاضة السورية في جميع مناطقها كان عبارة عن أفق الانتفاضة السورية المسدود برمّته.
ونظرًا لما تشكله درعا من رمزية أيقونية للسوريين المعارضين للنظام، فقد ارتفعت نبرة الأسى على مصيرها، بما يناسب ضخامة هذا الرمز واتساع الحلم السوري. فقد تم اعتبار نهاية درعا نهاية أخيرة للانتفاضة. ومع ما يعتصر السوريين من ألم وإحباط، يحاول المزاج الثوري ابتكار أشكال من إطالة الأمل الذي لا غنى عنه لاستمرار فكرة مناهضة النظام.
الدرس الآخر من درعا نراه من خلال هيمنة الجانب الروسي على مسار الحراك التفاوضي بين النظام وأهالي درعا. وثمة أنباء تفيد -كالعادة- بتهميش القيادات السورية العسكرية والاستهانة بها، وكأن روسيا مندوب ساميّ تقليدي يتعامل مع شعب محتلّ، وهي من يقرر كيفية حلّ مشكلته. صحيح أن النظام يستمر في استعراضاته العسكرية ونقضه للعهود حتى المفترضة، في محاولة منه لرسم صورة سيادية زائفة عنه، لكن حقيقة ما يجري أن الإرادة الروسية تتقدم وتحرّك الجغرافية، وتملك قوة الضغط، ولو كانت في النهاية تصبّ في مصلحة النظام، وهذا أمرٌ مفروغ منه، باعتبار روسيا ليست راعية للنظام وحسب، بل هي حاميته ومبتلعة سيادته الوطنية.
صحيح أن أحداث درعا وقائع تُفهم في السياق السوري العام، لكنها -من غير تعقيدات في التأويل- بصمة خاصة في مدوّنة الحرية السورية.
—————————
==================
تحديث 04 آب 2021
—————————
في درعا، وقف إطلاق نار هشٍّ يستفيد منه النظام السوري/ لور ستيفان
ترجمة بدر الدين عرودكي
حسب الاتفاق الذي قامت روسيا برعايته، على متمردي درعا القدماء الذين كانوا منذ عام 2018 يتمتعون بنظام خاص، أن يسلّموا أسلحتهم أو أن يجري إجلاؤهم خارج الجنوب السوري.
هل سيصمد وقف إطلاق النار؟ دخلت الهدنة حيِّز التنفيذ بدرعا يوم الأربعاء 1 أيلول/ سبتمبر، في نهاية محادثات فاوضت عليها روسيا وضمّت ممثلين محليين والجيش السوري. كانت المعارك قد اشتدت منذ نهاية شهر تموز/ يوليو في جنوب سورية. وكانت القوات الموالية للحكومة تبدو على وشك شنّ هجوم واسع ضد مهد الانتفاضة ضد نظام بشار الأسد في عام 2011: فقد كانت التعزيزات تتوالى وكان القصف قد تجدد في المنطقة. وفي يوم الأربعاء، انتشرت الشرطة العسكرية الروسية في المركز القديم لدرعا [درعا البلد]، قلب المدينة النابض.
ولصالح النظام، نصّ الاتفاق خصوصًا على وجود قوات الأمن السورية في هذا الحيّ، وكذلك طرد المتمردين القدماء الذين بقوا في المدينة منذ استسلام درعا عام 2018، والذين رفضوا التفاهم مع دمشق وتسليم أسلحتهم الخفيفة. ومن بين ضروب التقدم الهزيلة التي حصلت عليه اللجنة المحلية [لجنة درعا المركزية للتفاوض] كان رفع الحصار المفروض من قبل القوى الموالية للنظام، منذ نهاية شهر حزيران/ يونيو، لمركز درعا القديم [درعا البلد]. فقد أدى هذا الحصار إلى “وضع مدمر للسكان، كما أشارت ديانا سمعان، الاختصاصية بسورية في منظمة العفو الدولية، مع مؤونات غذائية على حافة النفاد، وعدم الوصول إلى العناية الطبية، وعدم وجود الكهرباء“.
إجلاء المقاتلين
الأزمة غير مسبوقة. ونظرًا لضروب الفشل السابقة في إحلال الهدوء، يبقى التفاهم المقرر هشًّا. بدأ تدهور الوضع في درعا في نهاية حزيران. وحتى ذلك التاريخ، كانت القواعد التي جرى التفاوض عليها مع روسيا عام 2018 هي المهيمنة: إذ كانت تنصّ على عودة الجيش إلى المنطقة، وهي على حدود الأردن، مع منح نصف استقلال ذاتي للمتمردين السابقين. هكذا استطاعوا المحافظة على سيطرتهم على بعض المناطق -كمركز درعا القديم [درعا البلد]- الممنوع على قوات الأمن، مقابل التخلي عن أسلحتهم الثقيلة والتحاق رجالهم بالوحدات التي تشرف عليها روسيا.
مبان متصدعة بدرعا في سورية. صورة نشرتها وكالة سانا في 31 آب/ أغسطس 2021، سانا بواسطة رويتر.
على أن السلطة السورية بدت في بداية الصيف عازمة على وضع حدٍّ لهذا الوضع. إذ طلبت بدعم من موسكو أن يتخلى المتمردون السابقون عن أسلحتهم الباقية، مقابل انسحاب الميليشيات الموالية للنظام من المنطقة (كان رحيل الجماعات الموالية لإيران مطلبًا مستمرًا من المتظاهرين بدرعا). رفضت ذلك لجنة الممثلين المحليين. فبدأ الحصار. بعد شهر من ذلك، تمَّ العثور على تسوية. لكنها لم تدم. فقامت الفرقة الرابعة في الجيش السوري المنتشرة في المنطقة بقصف المدينة. هاجم متمردون سابقون لرفضهم السلطة المتزايدة الممنوحة لدوائر الأمن مواقع النظام. وللانتقام منهم، اشتد القصف على درعا وسواها من المدن والقرى. وقد أدت ضروب العنف إلى نزوح أكثر من 38000 نازح خلال شهرين.
سبق وقف إطلاق النار إجلاء المقاتلين وعائلاتهم. هكذا وجب على عشرات الأشخاص أن يتخذوا طريق شمال غرب سورية، في منطقة إدلب، التي تقع تحت هيمنة المعارضة. في عام 2018، كان المتمردون السابقون قد رفضوا مثل هذا النزوح الذي كان قد نُظم في معاقل أخرى للثائرين التي استعادها الجيش، وحصلوا على ضمانات روسية.
منذ نهاية حزيران/ يونيو، كانت موسكو تنوس بين ترك تزايد العنف ظاهريًا على حاله وبين الوساطة. يأسف عمر الحريري، وهو مناضل في المعارضة، في تصريح له لوكالة الصحافة الفرنسية لـ “إلغاء [الوضع] الاستثنائي الذي حصلت عليه درعا قبل ثلاث سنوات“. قال إنه يتوقع أن يتكرر ذلك في مناطق أخرى نصف مستقلة. ونددت ديانا سمعان: “نفس التكتيك المستخدم ضد معاقل أخرى سابقة للمتمردين -قصف المناطق المسكونة من المدنيين، ومحاصرتها- كان قد استخدم من قبل النظام في درعا“.
أسباب عدة قدمت لتفسير ضغط الموالين في الجنوب. من بينها، الرغبة في الانتقام بعد مقاطعة الانتخابات الرئاسية في شهر أيار/ مايو، التي جددت بلا مفاجأة ولاية بشار الأسد. لكن الأسباب هي في الواقع “أشدُّ عمقًا“، كما كتب الباحث عبد الله الجباصيني، في مقال له نشرته مؤخرًا مؤسسة الشرق الأوسط. لم يكن النظام راضيًا قط عن القواعد التي وضعت في عام 2018، مع “الطابع شبه المستقل ذاتيًا لعاصمة المحافظة ووجود العديد من المتمردين الذين لم يقبلوا المصالحة مع أسلحتهم الخفيفة“. فهو وجود غير مقبول في نظر دمشق. وفوق ذلك، فإن ضروب عنف متقطعة “ارتكبت من قبل فاعلين غير معروفين“، كانت تهز جنوب البلاد منذ ذلك التاريخ، كما يذكر السيد الجباصيني: خطف، وقتل، وهجمات… أكثر من 10% من “المجموع العام لحوادث العنف التي حدثت بين آب/ أغسطس 2018 وحزيران/ يونيو 2021 في المحافظة كانت قد جرت في المركز القديم لدرعا [درعا البلد]“.
كانت لجنة الممثلين المحلية التي ضعفت، بحسب رأي الباحث، تأمل الحصول على خدمات أفضل لسكان درعا، وهو مطلب جوهري منذ عام 2018، وكذلك تحقيق تقدم حول مصير المعتقلين والمختفين. وهذه النقاط موجودة على خريطة الطريق التي رعتها موسكو.
قلق في الأردن
تتابع الأردن الوضع في جنوب سورية عن كثب. يقول الأكاديمي عامر السبيلة: “ما يجري في درعا هو مسألة أمن وطني في نظر عمان”، إذ إن هناك علاقات عائلية تربط سوريي درعا وأردنيي الرمثا على الجانب الآخر من الحدود. وهي حدود بقيت مغلقة أمام أي تدفق للاجئين.
الاعتبارات اقتصادية وأمنية. فالأردن الغارق في أزمة اقتصادية خطيرة يأمل إطلاق المبادلات الاقتصادية مع وعبر سورية، رواقها القديم نحو أوروبا. سوى أن ذلك يمر بالضرورة عبر تنشيط مراكز الحدود القريبة من درعا، وهو منظور مستحيل التحقيق في حالة اضطراب المنطقة.
ذهب الملك عبد الله الثاني هذا الصيف إلى واشنطن، حيث عمل من أجل أن تحصل بلاده على شكل من الإعفاء في إطار قانون قيصر، هذه العقوبات الأميركية التي تعاقب كل تعامل مع النظام السوري. فوق ذلك، فالأردن، كما يقول السيد السبيلة: “يقلق إذا ما استمر الاضطراب، وإذا ما أدّى ذلك إلى تدفق الميليشيات نحو الحدود، أي ميليشيات حزب الله اللبناني وغيره من الجماعات الموالية لإيران. ففي نظر عمان، ستكون السيطرة على الجانب الآخر من الحدود من قبل فاعل غير حكومي غير مقبولة“.
عنوان المادة: A Deraa, un fragile cessez-le-feu à l’avantage du régime syrien
الكاتب: Laure Stephan
المترجم: بدرالدين عرودكي
مكان وتاريخ النشر: Le Monde, le 02 septembre 2021
رابط المقال: https://bit.ly/3mYmsvz
عدد الكلمات: 1160
مركز حرمون
——————————-
كيف تحوّل جنوب سورية إلى برميل بارود إقليمي/ أرميناك توكماجيان
ملخّص:
يشهد الجنوب السوري تحرّك كلٍ من النظام والمعارضة والقوى الخارجية والمجموعات المحلية في منطقة صراع متنازع عليها. ومن شأن أي تغيير في هذا التوازن الهشّ أن يؤدّي إلى تصعيد جديد.
حوّل النزاع السوري المنطقة الحدودية الجنوبية في البلاد إلى مُعترك للصراع الإقليمي. راهناً، تهدف ترتيبات الوضع القائم هناك، والتي شكّلتها أساساً روسيا وصانتها منذ العام 2018، إلى منع تمدّد مناطق سيطرة نظام الرئيس السوري بشار الأسد والقوات الإيرانية والفصائل المسلحة الموالية لها، لأن ذلك قد يُشعل إوار مجابهة إقليمية. وبالتالي، لايزال الجنوب منطقة ملتهبة، وربما سيبقى كذلك لسنوات، وسيكون مصيره رهناً بالسياسات الإقليمية لا بإرادة الحكومة السورية.
أفكار رئيسة
أثّر الموقع الجغرافي لمحافظتي درعا والقنيطرة في جنوب سورية قرب الحدود مع الأردن ومرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل، بقوة على الطريقة التي عادت بموجبها قوات نظام الأسد إلى هناك العام 2018.
يخشى كلٌّ من الأردن وإسرائيل أن تُسهّل عودة النظام إلى الجنوب تموضع القوات الإيرانية والقوات الحليفة لها قرب الأراضي التي تسيطران عليها.
لمنع إسرائيل والأردن ولاعبين آخرين من عرقلة عودة النظام، عمدت روسيا إلى وضع استراتيجية استبعدت فيها مشاركة إيران وسهّلت ولادة مسارات الحوار النسبي، والقوة الناعمة، والتسويات.
أدّت طبيعة العملية التي قادتها روسيا إلى منع استعادة سيطرة النظام الكاملة على الجنوب السوري، وأحلّت مكان التمرّد المفتوح صراعاً منخفض الوتيرة.
ارتدت ديناميكيات المنطقة الحدودية حلّة المضاعفات الإقليمية. وبالتالي، أي تطور يطرأ هناك ستكون له تبعات أبعد من هذه البقعة بكثير.
خلاصات
حتى الآن، منع الوضع القائم في جنوب سورية، على الرغم من أوجه قصوره، اندلاع تصعيد إقليمي خطير، ما يجعل استمراره أمراً مرغوباً فيه.
على الرغم من الجهود الروسية للحد من عودة إيران إلى الجنوب، تبدو قدرتها على ذلك محدودة. وثمة دلائل على أن القوات المسلحة الموالية لإيران ومعها وحدات أمنية من الجيش السوري، تبحث عن وسائل لتوسيع نطاق تواجدها في الجنوب.
السياسات المحلية في محافظة درعا مرتبطة ارتباطاً وثيقاً باعتبارات إقليمية ولاعبين خارجيين. كما أن مصير الشخصيات المعارضة السابقة يرتبط بالتزامات روسيا في المنطقة، مايوجب على هذه الشخصيات اتخاذ الحيطة والحذر.
للتعويض عن سلطته المحدودة في المناطق التي استعاد السيطرة عليها في الجنوب، سعى النظام إلى إحياء دور الدولة كمزوّد للسلع والخدمات في مقابل الولاء. بيد أن موارد الدولة الشحيحة تعرقل هذا المنحى.
لا يبدو حتى الآن أن إيران تريد تقويض الوضع الراهن في الجنوب. لكن هذا لا يعني أنها سعيدة بالقيود المفروضة على سلوكها هناك. وهذا يضيف عاملاً آخر إلى طبيعة علاقاتها مع روسيا في مجال بلورة المحصلات والخواتيم في سورية. الاحتمال يبقى مفتوحاً أن تقوم إيران يوماً ما بتحدي الواقع الحالي، ماقد يفاقم آفاق المجابهة الإقليمية.
مقدّمة
أدى النزاع في سورية إلى تحويل المنطقة الجنوبية من البلاد إلى ساحة صراع إقليمي. والآن، وفي خضم هذا النزاع، بات ثمة معنى آخر لكلٍ من خط وقف إطلاق النار الذي يفصل سورية عن مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل، والحدود بين الأردن وسورية. يمثّل هذان الخطّان إطاراً لمنطقة طَرْفية ملتهبة احتلت موقع الصدارة غداة الانتفاضة السورية العام 2011، بفعل انخراط مروحة من اللاعبين المحليين والإقليميين والدوليين في تشكيل المحصلات السياسية هناك. هذه الحقيقة المعقّدة تحكّمت بالطريقة التي عاد بموجبها نظام الرئيس بشار الأسد، بدعم من روسيا، عسكرياً إلى الجنوب العام 2018. فمن خلال تقدّمه على نحو حذر بسبب المضاعفات الإقليمية لمثل هذه الخطوة، أنشأ هو وروسيا وضعاً تبدو فيه سيطرته ضعيفة وظرفية، من دون أن ينجحا في حل صراعات القوى الإقليمية.
اندلعت شرارة الانتفاضة السورية في محافظة درعا الجنوبية في آذار/مارس 2011. وفي طول البلاد وعرضها، جابه النظام الحراك، الذي كان غير عنفي في بدايته، بالقوة، فانقلب الصراع إلى تمردٍ مسلّح جرّ في ركابه لاعبين أجانب. ففي العام 2015 تدخّلت روسيا عسكرياً وعكست موازين القوى لصالح النظام. وفي الفترة بين 2016 و2018، استعادت قوات الأسد، بغطاء جوي روسي وفي العديد من الحالات بدعم من إيران والقوات الحليفة لها، عشرات المناطق التي كانت في حوزة المعارضة، بما في ذلك محافظتي درعا والقنيطرة.
كان من الضروري وضع استراتيجية مُغايرة في تلك المنطقة، لأن درعا والقنيطرة جزءٌ من منطقة حسّاسة قرب مرتفعات الجولان المحتلة والأردن. القلق الرئيس لإسرائيل كَمَنَ في أن عودة قوات النظام قد تترافق مع تموضع واسع النطاق للقوات الإيرانية وحلفائها قرب الجولان، ما قد يقود إلى فتح جبهة جديدة ضدها. كذلك، شاطرت الولايات المتحدة، التي كانت منذ العام 2013 طرفاً في غرفة العمليات المشتركة في الأردن التي تدعم جماعات المعارضة السورية، إسرائيل هذا القلق. فأدركت روسيا ونظام الأسد أن إسرائيل والولايات المتحدة والأردن قادرة على تقويض عودة الجيش السوري. لذا، ضغطت موسكو لتنفيذ استراتيجية استبعدت منها مشاركة إيران أو الفصائل التابعة لها في معركة السيطرة على الجنوب، ما سهّل عودة قوات النظام عبر مسارات الحوار، والقوة الناعمة، والتسويات. وهذه مقاربة لم تُطبّق في مناطق أخرى.
أسفر هذا التكتيك عن سيطرة ضعيفة للنظام على الجنوب، خاصة في محافظة درعا. وعمدت روسيا، بدلاً من مساعدة النظام على إعادة فرض نظامه الأمني والعسكري، إلى التفاوض على اتفاقية تهدئة، حفظت فيها دوراً لبعض المجموعات المسلحة والمعارضة المدنية. أما دمشق، من جهتها، فكانت تجهد لاستعادة سيادتها على المنطقة الحدودية منذ عودة قواتها إلى هناك. فهي انخرطت في صراع منخفض الوتيرة مع بقايا المعارضة المسلحة التي قاومت بشدة عودة النظام، كما سعت إلى توكيد سلطتها، من خلال بذل جهود لإحياء دورها السابق كمزوّد للسلع والخدمات، على الرغم من أن هذه المحاولات واجهت عقبات كأداء بفعل تدهور الاقتصاد السوري.
كل هذه العوامل، أي الموقع الاستراتيجي للجنوب وعجز النظام عن إعادة فرض سيادته الكاملة على المنطقة وانخراط لاعبين جدداً كإيران وروسيا في النزاع، منح هذه المنطقة التي كانت طرْفية سابقاً دوراً حاسماً في الشؤون الإقليمية. وهذا ما يولّد الآن وضعاً متفجراً ويكشف عن مدى تبدّل الأوضاع في الجنوب السوري منذ العام 2011.
عودة قوات النظام السوري إلى الجنوب
بدأ الهجوم العسكري الذي شنّه النظام في الجنوب بدعم من روسيا في حزيران/يونيو 2018 ووصل إلى خواتيمه في أوائل آب/أغسطس. وقد دشّنت هذه القوات عملياتها باستهداف الأجزاء الشمالية الشرقية من محافظة درعا، وسرعان ما سيطرت على هذه المنطقة قبل أن تنطلق باتجاه الحدود مع الأردن.1 مع نهاية الحملة، كانت هناك مستويات سيطرة متباينة لنظام الأسد على المنطقة، بفعل مسارين متوازيين تحكّما بعملية عودة النظام، أحدهما قادته روسيا، والآخر النظام.
خلال التقدّم العسكري، كانت المفاوضات التي تقودها روسيا بين النظام وبين ممثلي المعارضة تُعقد في مدينة بصرى الشام في محافظة درعا. هذه العملية، التي انطوت على أكثر من الحوار والتسويات، تمخّضت عن إقامة مناطق كان وجود الأجهزة الأمنية فيها إما ضعيفاً أو منعدماً. أما مسار النظام، فتمثّل في مساعي الحصول على اتفاقات استسلام من المتمردين، كي يتمكّن من بسط وجود أمني أقوى.
قبل الهجوم العسكري وأيضاً خلال المراحل الأولية من عملية التفاوض في بصرى الشام، سعت روسيا إلى تطبيق مقاربة أنعم نسبياً في كلٍ من محافظتي درعا والقنيطرة.2 بيد أن المفاوضات مع المتمردين جرت في سياق أوضاع متقلّبة على الأرض. ما تلا ذلك كان خريطة أكثر تعقيداً تتضمّن ثلاثة أنواع من المناطق: الأول شمل بصرى الشام وأجزاء من مدينة درعا التي كانت تحت سيطرة المتمردين (تُعرف باسم درعا البلد) وطفس وأيضاً بعض المناطق المحيطة بالمدينتين. تميّزت هذه المناطق بعودة مؤسسات الدولة، إنما ليس الجيش السوري والأجهزة الأمنية، وواصلت روسيا التزامها بالاتفاق الذي تم التوصّل إليه مع المتمردين في هذه المناطق. في النوع الثاني من المناطق، الذي شمل مناطق درعا الريفية الشمالية والغربية، عمل مسارا روسيا والنظام على نحو متزامن، ما سمح بعودة جيش النظام وأجهزته الأمنية، وإن لم تكن سيطرتهما مُطلقة. أما في النوع الثالث، حيث استعاد النظام الأراضي بنفسه، فكانت سيطرته الأمنية أكثر حزماً.3
كانت مجموعة معارضة في بصرى الشام تعرف باسم “قوات شباب السنّة” بقيادة أحمد العودة، أول فصيل يقبل بشروط روسيا في تموز/يوليو 2018. هذا في حين عارض آخرون، ومن ضمنهم فصائل مُتمركزة في مدينة درعا وطفس وبعض الممثلين المدنيين الذين شاركوا في المفاوضات، الصفقة في البداية ووصفوها بأنها “مُهينة”.4 لكن، في كل مرة كانت تنفضّ فيها هذه الفصائل عن طاولة المفاوضات، كانت روسيا والنظام يصعدان هجماتهما ضدها وينجحان في السيطرة على مناطق جديدة.5 وهكذا، خضع المتمردون وممثلو المعارضة المدنية في نهاية المطاف إلى شروط موسكو.
نصّ أحد أهم بنود التسوية في بصرى الشام ومدينة درعا وطفس، على أن أجهزة النظام الأمنية وقواته العسكرية المُتمركزة خارج هذه المناطق، لن تقوم بعمليات كبرى، على غرار الاعتقالات، داخل نطاق هذه البقعة. لكن التسوية سمحت بعودة مؤسسات الدولة المدنية والناظمة، كالمجالس البلدية. استناداً إلى هذه التسوية، وبفضل التسهيلات الروسية، استطاع أعضاء المجموعات المتمردة تسوية وضعهم الأمني. فعلى سبيل المثال، انضم العودة إلى صفوف الفيلق الخامس في الجيش السوري الذي ترعاه روسيا، وأصبح قائداً للواء الثامن منه، الذي شكّل رفاقه المتمرّدون عموده الفقري .6 وعلى الرغم من أن هؤلاء المتمردين الذين أصبحوا جنوداً هم اسمياً جزءٌ من الجيش السوري، إلا أنهم في الواقع على طرفي نقيض مع النظام وتُناط بهم مهمة إدارة الشؤون الأمنية المحلية في بصرى الشام والمناطق المحيطة بها التي شملتها الصفقة. لقد أصبح العودة رجل روسيا في الجنوب.
كذلك، سوّت المجموعات المعارضة في مدينة درعا القضايا الأمنية مع النظام من خلال تسهيلات روسية. وهي الآن لاتزال مسؤولة عن المنطقة المُحددة في الاتفاق، وتواصل امتشاق أسلحتها الخفيفة، ومعظمها غير مرتبط بأي من مؤسسات النظام الأمنية والعسكرية.7
بيد أن الوضع أكثر تعقيداً في طفس. هناك، سوّى العديد من المتمردين السابقين قضاياهم الأمنية وانضموا إلى أجهزة النظام الأمنية والعسكرية، خاصة منها مديرية المخابرات العسكرية، ما مكّنهم من مواصلة حمل أسلحتهم الخفيفة والبقاء في مناطقهم المحلية.8 وفيما أُعيد دمجهم اسمياً في الأجهزة الأمنية والعسكرية، إلا أنهم حافظوا على شبكاتهم القديمة مع مجموعتهم المتمردة . يقول مواطن يعيش في طفس:
“بعد الاتفاقية، بدأ الشباب [المتمردون] العمل في وظائفهم الجديدة في الفرقة الرابعة والمخابرات العسكرية وغيرهما. لكن ولاءهم كان لايزال لفصيلهم المسلّح. وحين كان هناك تهديد من النظام [مثلاً، محاولة اعتقال شخص] كان شملهم يلتئم في بلداتهم للشروع في القتال”.9
في أواسط تموز/يوليو 2018، احتوت روسيا والنظام محافظة درعا الشرقية ومدينة درعا ومعظم المناطق على طول الحدود مع الأردن بالقوة أو من خلال اتفاقات مُتفاوض عليها. ثم تقدما لاستعادة السيطرة على أجزاء من درعا الشمالية الغربية ومناطقها الريفية. هناك أيضاً، توسّطت روسيا في اتفاقات في بعض المناطق المحلية، ودخلت بلدتا نوى وجاسم في اتفاقات مع النظام بضمانات روسية. بيد أن هذه الاتفاقات كانت أكثر صعوبة وإجهاداً بكثير من تلك التي تم التوصل إليها في بصرى الشام ومدينة درعا وطفس، لأن قوات النظام كانت في صدد استعادة هذه المناطق، فيما المفاوضات تجري على قدم وساق. لقد سُمح للقوات العسكرية والأمنية بالعودة، لكنها لاتزال تُواجه مقاومة متواصلة خلال قيامها بعمليات أمنية.10 تنخرط روسيا بين الفينة والأخرى في قضايا محلية، مثل تسوية المشاكل التي تبرز بسبب الاعتقالات التعسفية أو إدارة التوترات بين قوات النظام وبين مجموعات المعارضة السابقة.
انتهت العمليات العسكرية في الجنوب في الفاتح من آب/أغسطس 2018، حين استعادت قوات النظام السيطرة على محافظة القنيطرة. تلا ذلك إخلاء ضخم وحيد شهده الجنوب، إذ غادر بموجبه 10 آلاف مقاتل مع عائلاتهم، فضلاً عن مدنيين آخرين إلى محافظة إدلب.11 وقد تضّمنت المعركة الأخيرة مجابهة بين مجموعة خالد بن الوليد، وهي فرع من تنظيم الدولة الإسلامية، وبين النظام، في وادي اليرموك.12
مع أن روسيا والنظام كانا ينسّقان جهودهما العسكرية والتفاوضية، إلا أن هذا الأخير كانت له استراتيجيته وأقنيته التفاوضية الخاصة مع مجموعات المعارضة. وهذا تجلّى بوضوح في بلدتَي إنخل وداعل اللتين تربضان على خط دمشق- مدينة درعا، وأيضاً في معظم أشطار محافظة القنيطرة. وواقع أن النظام عاد من دون الدعم الروسي، سمح له بتعزيز وجوده الأمني والعسكري الكثيف، إذ بات في وسعه شن حملات اعتقال من دون مقاومة تُذكر.13 في هذه المناطق، يبدو الانخراط الروسي محدوداً نسبياً.
مهّد النظام الطريق أمام عودته إلى الجنوب السوري، من خلال تعزيز اتصالاته، قبل أشهر من إطلاق حملته، مع المتمردين والمدنيين الذين يقطنون في مناطق تُسيطر عليها المعارضة. وهو اعتمد في ذلك على وسطاء، معظمهم كانوا أعضاء في حزب البعث، وجنرالات متقاعدين، وأعيان محليين، ومخاتير، وموظفي دولة كالمحافظين السابقين. وكان الهدف النهائي تأمين صفقات استسلام، أو “مصالحة” إذا أردنا استخدام مصطلحات النظام.
هؤلاء الوسطاء لهم مداخل إلى كبار المسؤولين المدنيين والأمنيين الإقليميين في النظام، ويتمتعون بنفوذ في النواحي الواقعة تحت سيطرة المتمردين، والتي غالباً ما كانت مسقط رأسهم.14 والواقع أن بعض هؤلاء قطنوا في درعا التي كانت في حوزة المعارضة وكانوا أحياناً موالين علناً للنظام. وعلى الرغم من أنه جرت محاولات من قبل المتمردين لاستهدافهم،15 إلا أن روابطهم العائلية والعشائرية وفرّت لهم الأمان والحصانة في غالب الأحيان.16 إحدى الحوادث ذات الدلالة في هذا الصدد تمثّلت في شخصين عاشا في منطقة للمعارضة وشاركا في مؤتمر الحوار الوطني الذي عُقد برعاية روسية في سوتشي في كانون الثاني/يناير 2018. بعد الاجتماع، عاد هذان الشخصان إلى منزليهما، تسبقهما مذكرة اعتقال أصدرتها ما يسمّى دار العدل في حوران. لكن، وبفضل الحماية القَبَلية، لم يمثُل هذان قط أمام محكمة المتمردين.17
استخدم النظام هذه الشبكة من الوسطاء على نحو منهجي. فهو شكّل لجان مصالحة محلّية قبل أشهر من هجومه العسكري، تكوّنت من وسطاء في البلدات كانت مهمتهم تمهيد الأرضية لعودة قوات النظام.18 شملت إجراءات النظام وعوداً بأن تستأنف الدولة خدماتها، وتوفّر المساعدات الإنسانية، وتُسقط مذكرات الاعتقال العشوائية بحق المتهمين بارتكاب جرائم سياسية، وتتجنّب إراقة الدماء عبر وقف استهداف البلدات عسكرياً.19 وغالباً ما أبرم النظام مثل هذه الصفقات من دون تنسيق مع روسيا، ما أتاح له نشر عناصره الأمنية والعسكرية.
لكن، كان ثمة استثناء واحد على الأقل لذلك: فبعد انتهاء العمليات العسكرية في الجنوب، بقي جزء من الصنمين، وهي بلدة مُهمة في محافظة شمال درعا، في قبضة مجموعة مسلحة احتفظت بأسلحتها الخفيفة وغالباً ما اشتبكت مع النظام أو المقاتلين الموالين له.20 وبالتالي، لم تُشمَل هذه البقعة لا في الاتفاقية التي رعتها روسيا، ولا جرت استعادتها بالكامل.21 وقد قاومت هذه الجيوب عودة النظام حتى آذار/مارس 2020، حين استعاد هذا الأخير منطقة المتمردين بالقوة العسكرية. أدّى ذلك إلى مضاعفات في شتى أرجاء محافظة درعا، وسلّط الضوء على مدى تعقّد وهشاشة عودة النظام إلى المنطقة.
لايزال نظام الأسد غير راضٍ عن الوضع في الجنوب. فالدولة، كما يقول أحد المسؤولين، لا تقبل بقاء مناطق خارج سيطرتها ليستغّلها “الإرهابيون”.22 وفي أوائل أيار/مايو 2020، أماط النظام اللثام عن نواياه حين استغّل قتل تسعة عناصر من الشرطة المحلية على يد مُتمرد سابق لتعزيز مواقعه في الأجزاء الجنوبية الغربية من محافظة درعا.23 ومع أن الأعيان المحليين أدانوا بشدة هذه الجريمة،24 إلا أن النظام أرسل وحدات عسكرية لترقية وجوده في المنطقة التي كانت سيطرته فيها حتى ذلك الحين محدودة.25
شكّل نشر النظام وحدات عسكرية، بخاصة منها تلك المعروف أنها مرتبطة بإيران، تحدياً للترتيب الذي نسجته روسيا وحافظت عليه في أجزاء من الجنوب. وتشي جهود موسكو المتواصلة لنزع فتيل التصعيد بأنها لا تزال ملتزمة بديمومة الوضع الراهن. بيد أن مجرد حصول هذا التصعيد أثبت أن ثمة حدوداً لما يمكن لروسيا أن تفعل.
معركة النظام لفرض السيطرة
على الرغم من الحملة الناجحة لاستعادة الجنوب السوري، لاتزال القوات العسكرية للنظام عُرضة للخطر حتى في معاقلها الخاصة. وقد أدّت الاستراتيجية الروسية لعملية العودة، والقاضية بمنح مجموعات المتمردين السابقة هامشاً للمناورة، إلى تحويل النزاع في الجنوب من تمردٍ مفتوح إلى مقاومة مُنخفضة الوتيرة اتخذت أشكالاً عنيفة وغير عنيفة على السواء. كذلك، تضمّنت جهود النظام لإعادة توكيد سلطته وسائل غير عنيفة، مثل استعادة دور الدولة في مجالات توفير الحاجات الأساسية في مقابل الولاء. لكن، وحتى عندما كانت هذه الجهود فعّالة، إلا أنها ارتطمت بتقلّص وانكماش قدرات الدولة.
روسيا، من جهتها، اعتبرت هذا الوضع الأمني الاستثنائي بمثابة ثمن ضروري يجب دفعه لضمان الاستقرار في المنطقة الحدودية، ولتجنّب أي رد فعل من إسرائيل أو الأردن. ومن خلال منعها العودة القوية للأجهزة الأمنية للنظام، قلّصت موسكو احتمالات نشر قوات كبيرة إيرانية أو وحدات حليفة لها قرب مرتفعات الجولان والحدود مع الأردن.
يكشف الوضع في الصنمين عن مروحة العقبات التي انتصبت في وجه النظام منذ عودته إلى الجنوب. الديناميكيات هناك تشبه تلك الموجودة في أجزاء من محافظة درعا. ففي أوائل آذار /مارس 2020، شنّ النظام عملية لفرض سلطته على أشطار من الصنمين كانت لاتزال تحت سيطرة المتمردين. ووفقاً لمصادر رسمية، أطلق النظام هذا الهجوم استجابةً لدعوات السكان المطالبين باستعادة الأمن والنظام.26 لكن الأهم أن هذا كان بمثابة رسالة مفادها أن دمشق لن تقبل ببقاء مناطق خارج سيطرتها في المنطقة. بيد أن هذه العملية أثارت ردود فعل في طول محافظة درعا وعرضها، واستنفرت الناس ضد إجراءات النظام.27 ثم ما لبث رد الفعل هذا أن انقلب عنفاً حين تبادل مسلحون إطلاق النار مع عناصر النظام الأمنية والعسكرية وهاجموا مواقعهم، لابل أخذوا أسرى أيضاً.28 لم تنته عملية الصنمين إلا بفضل حل تفاوضي بوساطة رجل موسكو أحمد العودة، اتُفق بموجبه على انتقال المسلحين الرافضين للعيش تحت سطوة النظام إلى مناطق أخرى يسيطر عليها المتمردون. وتلت ذلك استعادة النظام سيطرته بالكامل على الصنمين.
ردود الفعل الكثيفة في كل أنحاء محافظة درعا حيال التطورات في الصنمين لم يكن لها مثيل. فالاحتجاجات اندلعت خاصة في مناطق لم يمتلك فيها النظام الوسائل للإطباق على المتظاهرين. ووفق أحد التقارير، جرت بين تشرين الثاني/نوفمبر 2019 وكانون الثاني/يناير 2020، 11 تظاهرة على الأقل، و15 اعتصاماً، و15 حالة كتابة شعارات مناوئة للنظام في المحافظة.29
الأكثر أهمية هنا كانت حالات المقاومة العنيفة التي ارتدت طابعاً منهجياً ومتكرراً منذ عودة النظام. فالعديد من الناس، بما في ذلك متمردون سابقين وأيضاً أفراد النظام وحتى عناصر روسية، كانوا هدفاً للاغتيال.30 وكما يقول أحد المراقبين: “الكل كان يغتال الكل”.31 الأطراف التي تقف وراء هذه الاغتيالات أو دوافعها كانت مجهولة، لكن الحرب خلّفت وراءها إرثاً متراكماً من العداوات السياسية والاقتصادية والشخصية والعائلية التي لاتزال معلّقة بلا حلول، وهي التي تُشعل على الأرجح إوار عمليات القتل. مع ذلك، كان عناصر النظام الأمنيون والعسكريون والمدنيون، بما في ذلك أولئك الذين توسّطوا بين النظام وبين القرى والقصبات، هم الذين تعرضوا إلى هجمات منتظمة. ووفق هيئة مراقبة معارضة، خسر النظام منذ عودته إلى الجنوب نحو 90 عنصراً عسكرياً بينهم ضابط كبير برتبة عقيد.32 وفيما بدا أن المهاجمين لم يتمكّنوا على ما يبدو من توجيه ضربات مؤلمة، إلا أن مثل هذه الهجمات لم تحدث في أجزاء أخرى من سورية، ما يؤكد هشاشة سيطرة النظام، خاصة على درعا.
محصلة أخرى لحادثة الصنمين وردود الفعل على استيلاء النظام على مناطق كانت تحت سيطرة المعارضة، هي أن توسّط روسيا في الاتفاقات (بصرى الشام، ومدينة درعا، ووطفس) يُبقي احتمال نشوب مقاومة مسلّحة منظّمة قائماً. ففي العديد من الحالات، أدّى اعتقال متمردين سابقين أو مدنيين من طفس ومدينة درعا على حواجز للنظام منصوبة خارج المناطق التي تغطيها الاتفاقات الروسية، إلى اندلاع أعمال تصعيد. فقد استنفر متمردون سابقون شبكاتهم وهددوا بزعزعة الاستقرار ما لم يُطلَق سراح المعتقلين. أدّى بعض هذه التهديدات إلى مجابهات مسلحة فيما خمد بعضها الآخر، لكن الحقيقة هي أن مجموعات المعارضة لاتزال قادرة على الدفاع عن نفسها ضد خروقات النظام.
في بصرى الشام، كان الوضع أكثر تعقيداً، واتّسم بمزيج من ضبط النفس والتحدي. فالنظام أكثر حذراً إزاء الفيلق الخامس الذي يقود العودة لواءً فيه، لأنه يحظى بحماية روسيا. في الواقع، وفي حالات عدة، أثار العودة ورفاقه حنق العناصر الأمنية والعسكرية من دون التعرّض إلى عواقب. وفي إحدى هذه الحالات، هاجم هؤلاء ضباطاً أمنيين ذُكر أنهم نصبوا حاجزاً في جنوب غرب محافظة درعا وكانوا يسيؤون معاملة العابرين، ومع ذلك لم يتعرضوا إلى أي عقوبة.33
بالمثل، في آب/أغسطس 2019، انهال رجال العودة بالضرب على صحافي موالٍ للنظام عقب دخوله بصرى الشام. كان هذا الصحافي قد نشر مقالاً على فايسبوك أهان فيه عبد الباسط الساروت، وهو لاعب كرة سابق انضمّ إلى المتمردين وأضحى أحد رموز الانتفاضة السورية. وحين سُئل الجاني عما إذا كان خائفاً من انتقام النظام، أجاب: “أعرف أن النظام يريد الانتقام، لا بل أنا تلقيت بالفعل تهديدات غير مباشرة. لكن في وسعي الذهاب إلى دمشق من دون مشاكل لأن أحمد [العودة] يساندني”.34
خارج بصرى الشام وطفس ومدينة درعا، يتمتع النظام بسيطرة أكبر مع أنه لايزال يواجه مشاكل خطيرة. فقد جرت محاولة اغتيال في آذار/مارس 2020 ضد محافظ إنخل – وهذا معقل أمني للنظام – ما يشي بأن قوات النظام لاتزال عرضة إلى الخطر حتى في هذه المناطق.35 وفي جاسم، حيث استعاد النظام وجوده الأمني، لكن ليس بقوة كما في إنخل، تبدو التحديات أكثر وضوحاً. فعلى سبيل المثال، حاول الفرع المحلي لمديرية المخابرات العامة اعتقال قائد فصيل عسكري سابق، لكن بعد أن وصلت إلى مسامع هذا القائد خطة تنفيذ هذه العملية، استدعى رفاقه الذين امتشقوا السلاح وحالوا دون اعتقاله.36 وتم تجريد الجنود العشرين الذين أُرسلوا لاعتقاله من أسلحتهم وأُخذوا رهائن.
على الرغم من أن العنف طغى على الروايات المنطلقة من محافظة درعا، إلا أن سمة أخرى للوضع هناك منذ عودة النظام هي أن المفاوضات وجهود نزع فتيل النزاع كانت متكررة ومتواترة. المثل هنا هو أحمد العودة نفسه، الذي غالباً ما عمل كوسيط لخفض التوترات، كما حدث في واقعة الصنمين. ولأنه يستمد نفوذه من روسيا، في مقدروه مخاطبة كلٍ من النظام وأعضاء المعارضة السابقين.
بيد أن العودة ليس الوحيد في هذا المجال. فاللجنة المركزية في درعا تلعب دوراً مماثلاً في مدينة درعا وفي أشطار أخرى من المحافظة، وتلم شمل قادة معارضين سابقين مدنيين وعسكريين وأعياناً محليين. ولأن هذه اللجنة تتمتع بدعم موسكو ولها روابط في داخل النظام، وتحظى أيضاً بمساندة متمردين سابقين، والرأي العام، وعشائر قبلية كبرى، فهي في موقع جيّد يسهّل لها سُبُل تسوية النزاعات. وقد انخرطت اللجنة في قضايا تتراوح بين الرد على عمليات السرقة والخطف، وإطلاق سراح المعتقلين، وتقليص وتائر العنف المسلح بين الجهات غير التابعة للدولة وكذلك بين المتمردين السابقين والنظام.37 وقد تمدّدت مداخل اللجنة إلى مسؤولي النظام، بتسهيل من روسيا، إلى ما بعد منطقة الجنوب السوري، وشملت مسؤولين كباراً مثل علي المملوك، رئيس مكتب الأمن الوطني لحزب البعث.38 صحيحٌ أن جهود اللجنة لم تتكلّل دوماً بنتائج إيجابية، لكنها وفق أحد المراقبين: “أفادت درعا، بغض النظر عن كيفية تقييمنا لعملها”.39
أخيراً، ثمة سمة إضافية لعودة النظام إلى المنطقة الحدودية الجنوبية، وهي ضعف وعجز المتمردين السابقين الذين لا يحظون، أو لم يعودوا يحظون، بحماية روسيا. وجاء استيلاء قوات النظام على مناطق المتمردين في الصنمين ليُبرز مدى هشاشة وضعف مواقع هذه المجموعات. فقد أظهر أن دمشق، وعلى الرغم من عدم قدرتها على فرض سطوتها على كل أنحاء درعا، إلا أنها تستطيع ممارسة ذلك عبر تركيز طاقاتها في مناطق محلية مُحددة. في هذه الأيام، من الصعب تصوّر أن يكون في مقدور النظام تطبيق ما فعل في الصنمين على بصرى الشام ومدينة درعا وطفس، لأن المتمردين هناك أفضل تسليحاً ويحافظون على هياكلهم التنظيمية ويستطيعون خوض المعارك. لكن، إذا ما تبخّرت تعهدات روسيا بالحفاظ على شروط الاتفاق مع المتمردين، سيكون النظام في موقع أقوى لإخضاع هذه المناطق مجدداً إلى سيطرته العسكرية والأمنية التامة.
لكن روسيا ملتزمة حتى الآن في الحفاظ على الوضع القائم. كذلك، وإدراكاً منها أن إيران وحلفاءها قد تتصدّى للنظام التي أرسته في أجزاء من جنوب سورية، يُحتمل أن تسعى موسكو إلى توطيد نفوذها هناك من خلال تعبئة المتمردين السابقين، وحتى إعادة بعض قادة المعارضة السابقين من الأردن، حيث يقيمون راهناً، إلى درعا.40 في الواقع، ثمة تقارير متواترة في درعا والأردن عن أن هذا الأمر يحدث فعلاً، لكن من المتعذّر إثبات ذلك. مع ذلك، وجّه بعض الأعضاء البارزين في المعارضة في درعا انتقادات إلى روسيا لأنها لم تلعب دوراً استباقياً فاعلاً في التصدّي إلى انتهاكات النظام لاتفاق التسوية.41 ويبدو أن مستويات الالتزام الروسي تختلف من بلدة إلى أخرى. ففي بعض المناطق الخاضعة بإحكام إلى سيطرة النظام، يكاد الالتزام الروسي يكون معدوماً. وقد جادل البعض بأن التزام روسيا الحازم بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في مدينة بصرى الشام يختلف عن اتفاق طفس ومدينة درعا، الذي غالباً ما ينتهكه النظام.42
كل هذا قد يكون صحيحاً، لكن روسيا بقيت في الواقع ملتزمة بجوهر الاتفاق، أي الحرص على أن يظلّ الوجود العسكري والأمني للنظام محدوداً. وهذا من شأنه أن يحدّ بشكل كبير من قدرة إيران والقوات الموالية لها على توسيع نفوذها في المنطقة الحدودية الجنوبية. وفي إطار مساعيها الرامية إلى الحفاظ على الاتفاق، تدخّلت روسيا مراراً وتكراراً في طفس ومدينة درعا من أجل تخفيف حدة النزاعات بين المتمردين السابقين والنظام، والتي كان من شأنها تقويض الاتفاق.43 وعلى حد تعبير صحافي من درعا ملمّ بالواقع الميداني: “على عكس أحمد العودة، لايزال المتمردون في طفس يتصرفون باعتبارهم قوة معارضة. وهم لم يكونوا ليصمدوا لولا حماية روسيا”.44 صحيحٌ أن الضمانات الروسية منحت المتمردين السابقين هامشاً للمناورة، بيد أن ذلك ربط مصيرهم بالوجود الروسي، ما جعلهم أكثر ميلاً لترقية مصالح موسكو في الجنوب السوري.
بعيداً عن لعبة الاغتيالات والتصعيد العسكري الخطيرة، سعى النظام إلى توفير الخدمات والحاجات الأساسية إلى المجتمعات المحلية التي استعاد نفوذه فيها من أجل استتباعها. إذ يبدو أن دمشق تحاول إعادة إحياء العقد الاجتماعي الذي كان سائداً ما قبل انتفاضة العام 2011، والذي كانت الدولة بموجبه توفّر الخدمات الأساسية للمجتمعات المحلية مقابل الولاء المحلي والسلم الاجتماعي.45 ساعد هذا الأمر في ضمان بقاء أسعار السلع الأساسية ضمن الحدود التي يمكن تحمّلها، لكنه أعطى النظام أداة قوية لإحكام سيطرته على المجتمع. وبعد حوالى عقدٍ من النزاع، يبدو أن القيادة السورية لا تزال تعتقد أن هذه الآلية قد تكون فعّالة.
قال الأسد في مقابلة أُجريت معه في أواخر العام 2019: “ما نزال اشتراكيين ]في سورية[. ما يزال لدينا قطاع عام كبير جدّاً”.46 هذا منطقٌ لم يتخلّ النظام عنه تماماً طيلة فترة الحرب، إذ واصل دفع الرواتب لموظّفي الدولة المقيمين في الكثير من المناطق الخاضعة إلى سيطرة المعارضة، بما في ذلك في الجنوب السوري، مع أن التضخم أدّى إلى تدنّي قيمة الرواتب،47 وعلى الرغم من أن ذهاب الأشخاص إلى المناطق الخاضعة إلى سيطرة النظام للحصول على الرواتب، أو على أيٍّ من الخدمات المدعومة من الدولة، كان محفوفاً بالمخاطر الأمنية. لكن النظام أراد الحفاظ على روابطه مع الشرائح السكانية الموالية له أو تلك التي لا تُعتبر مسيّسة. فعلى حدّ تعبير محامٍ من درعا واصلت أسرته تلقّي المعاش التقاعدي، كان النظام يعمل وفق “منطق الدولة”.48
أصبحت إعادة إحياء عملية توفير السلع والخدمات إلى سكان الجنوب السوري أداة أساسية في أيدي مسؤولي النظام ووسطائهم لحشد الدعم في فترة ما قبل الحملة العسكرية وفي أثنائها.49 ويُعزى جزء من جاذبية هذه العملية إلى فشل المعارضة في تقديم بدائل عن الدولة. وهكذا، باتت شبكة المنتفعين من الحرب، والتي نجمت عن تقديم الخدمات والمجالس المحلية وجماعات المعارضة المسلحة، بمثابة تجسيد للإحباط الذي شعر به السكان المحليون حيال مؤسسات المعارضة. وفي هذا الصدد، تحدّث ناشط وصحافي عن حادثة اختطاف شقيقه الذي كان يعمل مراقباً محلياً
لدى منظمة تُعنى بالمساعدات الخارجية:
“كان شقيقي يراقب توزيع المساعدات من قِبل المجلس المحلي للبلدة [في محافظة درعا[ حين لاحظ فقدان 150 سلة غذائية. فرفع تقريراً حول هذا الموضوع. ثم أُبلغتُ باختطافه بعد بضعة أيام. لكننا عثرنا عليه وأُفرج عنه بمساعدة الفصيل المسلّح الذي كان يسيطر على بلدتي، إضافةً إلى قائد معارض نبيل من مدينة نوى. كان شقيقي تعرّض إلى التعذيب الشديد بتهمة أنه أحد عملاء النظام، لكنه اختُطف في الواقع بسبب السلال الغذائية الـ150. فقد اتّضح أن الجماعة المسلحة التي اختطفته كانت مُتفقة مع كلٍّ من المنظمة المعنية بتوزيع المساعدات والمجلس المحلي على سرقة المساعدات. ثمة المئات من القصص المماثلة التي لم تتداولها وسائل الإعلام”.50
حاول النظام بعد عودته إلى المنطقة توفير السلع والخدمات المدعومة كما في السابق. على سبيل المثال، أعاد تزويد المنطقة بالموادّ المدعومة مثل غاز الطبخ، والوقود، والقمح، والتي اعتمد مدى توافرها بشكل أساسي على نية النظام في توزيعها أم لا.51 كانت هذه السلع متوافرة أيضاً في ظل حكم المعارضة، على الرغم من أن الضرائب التي فُرضت عند نقاط التفتيش التابعة للنظام والمتمردين على السواء جعلت أسعار غاز الطبخ وسلع أخرى أغلى مما هي عليه في المناطق الخاضعة إلى سيطرة النظام.52 ومؤخراً، حاولت الحكومة أيضاً التحكّم بأسعار المواد الغذائية غير المدعومة.53
لكن ثمة تفاوت في مدى توفير السلع والخدمات. كانت الحال كذلك في السابق، لكن الحرب فاقمت هذا الوضع. فالسياسات الأمنية التي ينتهجها النظام تقصي بعض الفئات السكانية من الحصول على المنافع؛ على سبيل المثال، أُقصي بعض موظفي الدولة لأنهم كانت لديهم ارتباطات مع المعارضة. فقد أعلن نقيب المحامين عن شطب وإغفال قيد أكثر من 250 محامياً من أصل 700 خلال الحملة العسكرية في تموز/يوليو 2018، وبالتالي لم يعد بإمكانهم مزاولة المهنة.54 تضمّنت مطالب المعارضة بموجب الاتفاق مع روسيا والنظام إعادة جميع موظفي الدولة إلى مناصبهم.55 تراجعت الدولة جزئياً فقط عن هذا القرار، إذ أُعيد بعض المحامين مثلاً إلى النقابة. لكن آخرين يُرجّح أنهم أكثر انخراطاً في المعارضة لازالوا ينتظرون الحصول على تصريح أمني.56
كذلك ساعدت الشبكات والعلاقات الشخصية والنزعة المحلية في إحداث هذه التفاوتات. إذ إن الأشخاص الذين يتولّون مواقع نافذة في المناطق المحلية، أو الذين تربطهم معارف وعلاقات مع أشخاص نافذين، يستطيعون في الكثير من الأحيان تحديد ما يتم توزيعه في بلدة محددة ومن المستفيد، بغضّ النظر عن الطريقة التي استعاد بها النظام السيطرة على المنطقة أو عن قوة وجوده فيها. وحتى قبل النزاع، كانت العلاقات أو العداوات الشخصية قادرة إما على إنجاز المشاريع أو دفنها.57
هذا الواقع لايزال ينطبق اليوم على محافظة درعا. إذ تشي حالات بصر الحرير وطفس وإنخل (ولكلٍّ منها علاقة مختلفة جدّاً مع النظام) بأن العلاقات الشخصية تؤثّر في طريقة توفير الخدمات في منطقة ما، بغضّ النظر عن مدى ضراوة المعارك التي خاضتها ضد النظام. فبصر الحرير، التي
كانت أولى البلدات الكبرى التي استعاد النظام سيطرته عليها، خاضت معركة شرسة ضدّه، ما اضطرّه إلى استخدام القوة العسكرية. لكن رئيس البلدية، وهو من التكنوقراط إنما يُعتبر موالياً للنظام وتربطه علاقات جيدة مع محافظ درعا، واصل تزويد المدينة بالخدمات.58 أما إنخل، وعلى العكس بصر الحرير، فسرعان ما استسلمت لدمشق.59 لكن رئيس البلدية الجديد الموالي للنظام لعب دوراً أساسياً في جذب موارد الدولة الشحيحة إلى البلدة.60 وفي طفس أيضاً، أسهمت العلاقات الشخصية في جذب الخدمات إلى البلدة، على الرغم من أنها كانت معقلاً للأنشطة المناهضة للنظام.61
يُعتبر نقص موارد الدولة عاملاً أساسياً آخر يسهم في مسار الأحداث في الجنوب السوري، وبدا ذلك جلياً من خلال عودة التيار الكهربائي إلى المدينة. روى أحد السكان أنه خلال فترة سيطرة المتمردين على المدينة، تمت سرقة مستودعات مديرية الكهرباء، بما في ذلك الأبراج الكهربائية والتجهيزات والكابلات.62 واقع الحال أن نقص الموارد يحمّل السكان أنفسهم عبء إعادة التأهيل، ما يتسبّب بتفاوتات اجتماعية. ففي وادي اليرموك مثلاً، باتت الدولة تزوّد بلدات عدة بالتيار الكهربائي، وأحياناً لمدة اثنتي عشرة ساعة في اليوم. لكن قرية سحم الجولان زُوّدَت بالتيار الكهربائي قبل حوالى ستة أشهر من غيرها. وقد دفع أبناء البلدة من جيوبهم تكاليف إعادة التأهيل، ما سرّع هذه العملية.63 وشهدت الصنمين أمراً مماثلاً، إذ يقال إن مسؤولين في مديرية الكهرباء اتّخذوا زمام المبادرة وعرضوا على سكان أحد الأحياء تأمين الكهرباء شرط أن يدفع السكان ثمن الأبراج الكهربائية.64
أما على صعيد السلع، فقد بات أصعب على النظام باطّراد الحفاظ على المستويات الحالية من الدعم، أو حتى زيادته، نظراً إلى المشقات الاقتصادية التي تواجهها البلاد. لم يعد الفلاحون، الذين يُفترض أن يكونوا المستفيدين الأساسيين من حكم البعث الاشتراكي، يحصلون سوى على النزر القليل من المساعدة. فأسعار الأسمدة المهمة، مثل سماد اليوريا 46، ونترات الأمونيوم 30، والسوبر فوسفات الثلاثي 46، ازدادت بنسبة 91 في المئة، و190 في المئة، و154 في المئة على التوالي بين عامَي 2017 و2020.65 وقال رئيس اتحاد فلاحي دمشق إن أثر قرار الحكومة القاضي بزيادة أسعار بيع أسمدة أساسية سيكون شديد السوء على الفلاحين، لجهة ارتفاع تكاليف الإنتاج وبالتالي تراجع معدلات الإنتاج الزراعي.66
بما أن الاقتصاد لن يولّد على الأرجح مداخيل كافية للخزينة كي يواصل النظام مساعداته، سعى إلى توجيه المساعدات الإنسانية والإنمائية الآتية من الخارج لدعم مؤسساته والمواد الأساسية. مثلاً، تعمد منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، بدعم من وزارة التنمية الدولية البريطانية، إلى مساعدة الحكومة لتوفير بذور عالية الجودة للفلاحين في جميع أرجاء سورية من أجل التعويض عن النقص الحاصل والحفاظ على الأمن الغذائي. وقبل النزاع، زوّدت المؤسسة العامة لإكثار البذور، وهي مؤسسة تابعة للدولة تؤمّن بذوراً عالية الجودة بأسعار مدعومة، الفلاحين بحوالى 300 ألف طن من البذور سنوياً. وتراجعت قدرتها في العام 2019 إلى 35 ألف طن.67 مثل هذه البرامج قد تسمح للنظام بالحفاظ على بعض برامج الدعم، لكن المسؤولين غير قادرين على إنعاش الاقتصاد القائم على إعادة توزيع الموارد، ما لم يتلقّوا مساعدات خارجية ضخمة. وهذا يُعدّ ببساطة أمراً بعيد المنال في الوقت الراهن.
حقيقة الوضع هي أن سورية مُفلسة. وأبرز دليل على ذلك تراجع قيمة عملتها، منذ عودة النظام إلى الجنوب، من 450 ليرة سورية مقابل الدولار الواحد إلى 2400 ليرة في حزيران/يونيو 2020.68 وقال أحد سكان طفس: “أعتقد أن الدولة لاتملك القدرة على توفير الخدمات. وإلا لكانت فعلت ذلك لإسكات الناس. أشعر في بعض الأحيان أن منطقتنا تصلها الخدمات بشكل أفضل من مناطق النظام. أعتقد أن النظام يريد استرضاء الشعب”.69
من المرجح أن يستمر انعدام الاستقرار السائد في الجنوب في المستقبل المنظور. وسيواصل النظام معركته للاستيلاء على جميع الأراضي التي بقيت خارج سيطرته. مع ذلك، يُرجح أن تُواجه جهوده برفض من روسيا والدول المجاورة لأن عودة النظام إلى السلطة قد تسهّل توسّع دور إيران وحزب الله في المنطقة الحدودية. في الوقت نفسه، ستقوّض موارد الدولة المتضائلة ما تبقى من قدراتها على حشد الدعم، ما يؤدي إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية. وسينجم عن هذه الظروف حالة من اللااستقرار، وبالنظر إلى التداعيات الإقليمية لما يحصل في جنوب سورية، سيبقى خطر اندلاع أزمة أوسع وارداً.
من منطقة حدودية إلى منطقة خلاف إقليمي
حوّلت الحرب في سورية جنوب البلاد من منطقة حدودية، تمتلك جبهة غير نشطة مع إسرائيل واقتصاداً حيوياً عابراً الحدود مع الأردن، إلى منطقة مضطربة باتت نقطة محورية للتنافسات الإقليمية. ومن شأن التطوّرات هناك، التي توجّهها جهات فاعلة محلية وإقليمية ودولية، أن يكون لها تداعيات تصل إلى أبعد من هذه المنطقة.
لا يملك الجيل الشاب في الجنوب ذكريات مباشرة عن الحرب السورية-الإسرائيلية الأخيرة في العام 1973، أي قبل حوالى أربعة عقود من الانتفاضة. مع ذلك، فقد أثّر هذا النزاع المعلّق على الحياة اليومية لسكان المنطقة الحدودية بطرق عديدة. ينطبق هذا خصوصاً على الترتيبات الأمنية في الجنوب، التي تمّ تبريرها على أنها ضرورية على ضوء الصراع مع إسرائيل. على سبيل المثال، نصّ القانون 41/2004، وهو أحدث نسخة من سلسلة قوانين مشابهة، على جعل المعاملات العقارية في المناطق الحدودية – من بناء أو نقل ملكية أو تأجير عقار لأكثر من ثلاث سنوات – رهناً بموافقة مسبقة من الأجهزة الأمنية. وقد برز مطلب إلغاء هذا القانون كأحد المطالب الأولى للمتظاهرين في درعا في آذار/مارس 2011.70 السبب في ذلك هو أن المسؤولين الأمنيين أساؤوا استخدامه لانتزاع الأموال من السكان المحليين. وقد تذكّر أحد الأعيان في درعا حادثة حصلت معه قبل الانتفاضة: “أردت نقل ملكية قطعة صغيرة من الأرض إلى ابني. واستغرق الحصول على الموافقة الأمنية عامين. وفي نهاية المطاف، لجأت إلى صديق تمكّن من التعجيل في المسألة”.71
هذه التعقيدات الحاصلة اليوم في ما يتعلق بإسرائيل تقزّم تلك التي كانت موجودة سابقاً. فقد بات الوجود الإيراني نقطة الخلاف الرئيسة. في تشرين الثاني/نوفمبر 2017، قبل أن تعاود قوات النظام السيطرة على الجنوب، وقّعت الأردن وروسيا والولايات المتحدة اتفاقاً ينصّ على عدم السماح للمقاتلين والقوات الأجنبية بالدخول إلى منطقة تغطي معظم محافظتيْ درعا والقنيطرة.72 رسمياً، لم تكن إسرائيل من الأطراف الموقّعة، بيد أن هذا الشرط بالتحديد رسم صراحةً خطاً إسرائيلياً أحمر مهماً في المنطقة. على هذا الأساس، يُمنع على إيران والقوات المدعومة منها، مثل حزب الله اللبناني، الانتشار في مناطق واسعة من الجنوب بالقرب من مرتفعات الجولان المحتلة، ووضع أسلحة موّجهة هناك، وبناء قواعد ثابتة أو أي نوع من البنى التحتية التي تسمح بشنّ هجمات ضد إسرائيل.73
الأمر عينه بالنسبة إلى الأردن أيضاً، فوجود إيران على مقربة من حدوده يسبّب له مشكلة. في تشرين الثاني/نوفمبر 2017، عبّر الملك عبد الله الثاني عن مخاوفه وتعهّد بالدفاع عن حدود بلاده الشمالية ضدّ “الميليشيات الأجنبية”، في إشارة إلى القوات الموالية لإيران،74 التي خشيت عمان من أن قربها قد يمنحها القدرة على زعزعة استقرار المملكة.75 فالأثر المحتمل المزعزع للاستقرار للوجود الإيراني، وبخاصة في درعا، يشكّل مصدر قلق أيضاً بسبب التأثير الذي قد يخلّفه على اللاجئين السوريين. الجدير ذكره هنا هو أن الأردن يستضيف أكثر من مليون لاجئ ولا يمكنه استيعاب المزيد، ومعلوم أيضاً أن الاستقرار في جنوب سورية ضروري لضمان عودتهم.76
نتيجة لهذه المخاوف الإسرائيلية والأردنية، من المرجح أن ترّد الدولتان على أيّ محاولة من إيران وحلفائها للعودة إلى الحدود. وهذا قد يفسح المجال أمام جهود الوساطة الروسية لتمهيد الطريق أمام عودة النظام إلى الجنوب. من جهتها، أعلنت إيران أنها لن تشارك في أي عمليات عسكرية في جنوب سورية.77 وعلى الرغم من صدور بعض التقارير التي تفيد عن تدخّل بعض الميليشيات المدعومة من إيران، لم تلعب طهران ووكلاؤها دوراً مهماً.78
يبقى التواجد الإيراني، سواء تمّ التعبير عنه مباشرةً أو عبر مجموعات مسلحة محلية وأجنبية، والحجم الفعلي لقوات إيران ووكلائها، موضع جدل. الواقع أن إيران تمتلك موطئ قدم لها في جنوب سورية. فحزب الله متواجد في محافظة القنيطرة قبل هجوم النظام في 2018،79 ووسّع على الأرجح وجوده منذ ذلك الحين. أما التظاهرات المندلعة في الجنوب في مناطق غير خاضعة إلى سيطرة النظام العسكرية والأمنية، فغالباً ما تُطالب برحيل ما يسمى بـ”الميليشيات الإيرانية”، في إشارة إلى حزب الله والجهات الفاعلة المحلية الأخرى التي يُنظر إليها على أنها تعمل بالوكالة لحساب إيران.80 وقد قدّمت بعض منصات المعارضة تفاصيل حول هذا الوجود، زاعمةً أنه لا ينفكّ يترسخ.81 بيد أن مثل هذه الحسابات مبالغ فيها ولا يشاطرها جميع المراقبين هذا الرأي.82
الأساليب التي تنشط فيها إيران في الجنوب تجعل من تقييم عدد قواتها المتموضعة هناك أمراً صعباً. وبحسب تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية الأخيرة، لدى إيران 800 عنصر منتشرين في جميع أنحاء سورية، وهي تعمل من خلال جماعات متحالفة معها.83 من المعروف على نطاق واسع أن لدى الفرقة الرابعة المدرعة التابعة للجيش السوري وإدارة المخابرات الجوية علاقات وثيقة مع إيران. هذا لا يعني التبعية الكاملة، لكن العلاقات قائمة.84 قد تلعب هذه القوات السورية اللعبة الإيرانية، إلا أن هؤلاء ليسوا جنودًا متطرفين يدعمون أجندة إيرانية، وغالباً ما تنطوي دوافعهم على رفع دخلهم أو تعزيز أمنهم الشخصي. أحد المقيمين سابقاً في بلدة في درعا طرح مثل هذا الرأي:
“بعد هجوم [حزيران/يونيو 2018]، قامت الفرقة الرابعة بتجنيد ثلاثين شخصاً من مدينتي. كانوا جزءاً من جيش اليرموك. يمكنني أن أؤكد لك أن هؤلاء الرجال لا يعرفون حصيلة ثلاثة زائد ثلاثة، لكن توجب عليهم حماية أنفسهم. لم يعرفوا أي طرف ينتمي إلى أي قوة دولية. كانوا بحاجة لحماية أنفسهم”.85
بحلول كانون الأول/ديسمبر 2017، أفادت إسرائيل أنها نفذّت حوالي 100 غارة جوية في سورية، والهجمات متواصلة منذ ذلك الحين. بيد أن عدداً قليلاً منها فقط أصاب أهدافاً في الجنوب.86 هذا الجزء الضئيل منها الذي استهدف محافظة درعا دليل على أن خطوط إسرائيل الحمراء لم يتمّ تجاوزها هناك. وقد وفّر تدخّل روسيا في الجنوب وتأثيرها على سورية وإيران ضمانات إضافية لإسرائيل والأردن ضد تمدّد الوجود الإيراني. حتى الآن، تمكّنت موسكو من الالتزام بتعهّدها وحافظت على الوضع السائد كما هو، مقيّدة بذلك نطاق عودة النظام. كما عزّزت مكانتها كضامن لتوازن القوى الهشّ وليس كحليف للنظام.
غيّر هذا الواقع الجديد معالم الحدود بين سورية وإسرائيل. فإذا كان اتفاق فك الاشتباك للعام 1974 يحدّد خط المواجهة السوري – الإسرائيلي قبل انتفاضة العام 2011، فهذا الخط اليوم يحمل خصائص مختلفة تماماً. إذ تمّ تحديده من خلال وجود مروحة متنوّعة من القوات، ومناطق سيطرة دائمة التغيُّر، ومنطقة عمليات عسكرية إسرائيلية تصل على الأرجح إلى عمق الأراضي السورية. بعبارة أخرى، لا يمكن أن تعيد الدولة بسط سيطرتها على الجنوب من دون الأخذ في الحسبان تأثير ذلك على إسرائيل وبدرجة أقل على الأردن. كذلك الأمر بالنسبة إلى إيران، التي لا تستطيع تجاهل المخاوف الإسرائيلية أو الأردنية، أو تخاطر بإشعال مواجهة.
هذه الوقائع الجديدة في الجنوب تشير أيضاً إلى أن خط المواجهة الإيراني مع إسرائيل لم يعد محصوراً بالجنوب اللبناني. هذا لا يعني فوراً أن الحرب وشيكة على الجبهة السورية- الإسرائيلية. بل يعني أن إيران يمكنها راهناً أن تستخدم الأراضي السورية لمقاومة إسرائيل، على عكس الوضع قبل العام 2011. هذا ولا بدّ من فهم ذلك على أنه خطوة تكتيكية لإثبات أهمية الحضور الإيراني على الحدود، أكثر منه كمحاولة كسر التوازن الراهن. لكن، بينما يبدو أن إيران لا تريد تصعيد الوضع في جنوب سورية الآن، يمكن لذلك أن يتغيّر.
خاتمة
ستبقى التقلبات هي السمّة المحدّدة لجنوب سورية في المستقبل المنظور. وستستمر جهود النظام لفرض سيطرة أكبر من خلال اللجوء إلى أعمال العنف، كما ستتواصل مقاومة هذا النهج في الجنوب. في الوقت نفسه، ستعمل روسيا وإيران على تعزيز نفوذهما في المحافظات الجنوبية. وطالما أن خطواتهما لا تتسبب بإحداث تغييرات جوهرية في الوضع السائد الذي اتفقت عليه الأردن وروسيا والولايات المتحدة وضمنياً إسرائيل في 2018، ما يعني فعلياً الحدّ من وجود إيران ووكلائها في الجنوب، سيكون لهذه الخطوات تداعيات إقليمية محدودة نسبياً.
مع ذلك، هذا لا يعني أن حدوث تصعيد خطير أمر مستحيل، أو حتى مستبعد. لا يمكن أن ترضى إيران بأن يكون هامش مناورتها مقيّداً من روسيا، بالاتفاق مع الولايات المتحدة وإسرائيل، اللتين تُعتبران عدوتيها الأساسيتين في الشرق الأوسط. علاوةً على ذلك، يجب النظر إلى الوضع وفهمه في سياق التنافس بين روسيا وإيران في سورية وتأثيرهما على النتائج السياسية في البلاد. ففي حالت تحدّت طهران الوضع القائم حالياً، فقد يكون لذلك تداعيات عابرة للحدود وقد تتسبّب على الأرجح بازدياد الضربات الجوية الإسرائيلية ضدّها وضدّ قوّاتها بالوكالة في جنوب سورية وخارجها. وما قد تؤول إليه الأمور مجرد احتمالات لانهاية لها، وقد ترتبط بقدرة إيران على ردع إسرائيل. ومع أن مثل هذا السيناريو قد لا يكون وشيكاً، إنما لا يمكن استبعاده.
شُكر
أُنتجت هذه الدراسة بدعم من شبكة البحث المحلية حول القضايا العابرة للحدود الوطنية (X-Border Local Research Network) التي تشكّل جزءاً من برنامج الصراعات العابرة للحدود – الأدلة والسياسات والاتجاهات (X-Border Conflict Evidence, Policy and Trends)التابع لوزارة الخارجية والكومنولث والتنمية في المملكة المتحدة، والمموّل من الحكومة البريطانية من خلال مشروعUK Aid.
ملاحظة حول منهجية العمل
نظراً إلى أن الوضع الأمني في جنوب سورية منع المؤلّف من إجراء العمل الميداني، تستند هذه الدراسة في الدرجة الأولى إلى 35 مقابلة أُجريت عن بُعد أو إلى الدراسات الميدانية الثلاث التي قام بها المؤلّف في الأردن في تشرين الأول/أكتوبر 2019 وكانون الأول/ديسمبر 2019 وآذار/مارس 2020. معظم الذين حاورهم المؤلّف كانوا من السوريين الذين يقيمون في الأردن وجنوب سورية، إضافةً إلى العديد من الأردنيين أو الدبلوماسيين الأجانب أو الخبراء المتخصصين في القضايا التي تطرّقت إليها الدراسة. وقد تمّ اللجوء إلى قاعدة التثليث (Triangulation) لربط المصادر الأولية المباشرة بالمعلومات مفتوحة المصدر حيث أمكن ذلك.
تم إصدار هذه الدراسة بدعمٍ من برنامج X-Border Local Research Network (شبكة البحث المحلية حول القضايا العابرة للحدود الوطنية) الذي يحظى بتمويل من مشروع UK Aid التابع للحكومة البريطانية. إن الآراء الواردة في هذه الدراسة لا تعبّر بالضرورة عن السياسات الرسمية للحكومة البريطانية.
هوامش
1 Walid al-Nofal and Justin Clark, “Advancing Damascus-Led Forces Bisect Eastern Daraa Countryside in Battle for Syria’s Southwest,” Syria Direct, June 26, 2018, https://bit.ly/2VpL691.
2 قبل الحملة العسكرية في حزيران/يونيو 2018، شاركت روسيا في عدة اجتماعات مع ممثلين عن المتمردين تضمنت مناقشات حول إيجاد صيغة تسمح للدولة بالعودة إلى الجنوب. مقابلة أجراها المؤلّف مع أحد المشاركين في المفاوضات مع الممثلين الروس، إربد، الأردن، 14 آذار/مارس 2020.
3 للمزيد من الوصف المفصّل، انظر: Humanitarian Access Team, “Southern Syria Reconciliation Agreement Update,” January 2019, https://www.humanitarianaccessteam.org/reports/situation-reports/situation-report-southern-syria-reconciliation-agreement-update.
4 “بشار الزعبي عضو هيئة التفاوض السورية يرفض الشروط الروسية بشأن درعا”، فيديو على يوتيوب، 0:40، نشر بواسطة Eldorar Elshamia، 30 حزيران/يونيو 2018، تمّت زيارة الصفحة في 13 نيسان/أبريل 2020، https://www.youtube.com/watch?v=BhgSOX6ZmfA
5 في إحدى المرات، قامت روسيا والنظام بتنفيذ أكثر من 600 غارة جوية خلال خمس عشرة ساعة عقب جولة فاشلة من المفاوضات. انظر: “More Than 600 Airstrikes Target Daraa Governorate in 15 Hours of the Return of the Hysterical Shelling,” Syrian Observatory for Human Rights, July 5, 2018, https://bit.ly/34yF4XK.
6 Abdullah al-Jabassini, “From Insurgents to Soldiers: The Fifth Assault Corps in Daraa, Southern Syria,” Robert Schuman Centre for Advanced Studies, May 14, 2019, https://cadmus.eui.eu/bitstream/handle/1814/62964/RR_2019_09_EN.pdf?sequence=1&isAllowed=y.
7 على سبيل المثال، في حادثة أخيرة لم يسمح الخصوم حتى لقائد الشرطة بالدخول إلى منطقة سيطرتهم. انظر: “أهالي درعا البلد يرفضون دخول قائد شرطة النظام”، زمان الوصل، 7 نيسان/أبريل 2020،
https://www.zamanalwsl.net/news/article/122703/; انظر أيضاً: مقابلة أجراها المؤلّف مع أحد الناشطين في درعا، سورية (عبر سكايب)، 11 نيسان/أبريل 2020. ثمة أيضاً مجموعة يقودها مصطفى المسالمة (المعروف بلقب الكسم) ، يعمل في مديرية المخابرات العسكرية التابعة للنظام، لكن طبيعة تبعيته الرسمية غير واضحة.
8 Ayman Jawad al-Tamimi, “Tensions in West Deraa Countryside: Interview,” May 21, 2020, http://www.aymennjawad.org/2020/05/tensions-in-west-deraa-countryside-interview.
9 مقابلة أجراها المؤلّف مع أحد سكان طفس، درعا، سورية (عبر سكايب)، 12 نيسان/أبريل 2020.
10 مقابلة أجراها المؤلّف مع عضوين في تجمّع أحرار حوران، إربد، الأردن، 13 آذار/مارس 2020؛ ومقابلة أجراها المؤلّف مع صحافي سوري، عمان، الأردن، 27 تشرين الأول/أكتوبر 2019؛ ومقابلة أجراها المؤلّف مع ناشط وصحافي سوري من درعا يقيم راهناً في باريس، فرنسا (عبر سكايب)، 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2019؛ ومقابلة أجراها المؤلّف مع مسؤول سابق في بلدية درعا، إربد، الأردن، 10 آذار/مارس 2020.
11 “الجمهورية العربية السورية: الحالة الإنسانية في محافظات درعا والقنيطرة والسويداء، تقرير الحالة رقم 6″، مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، 18 آب/أغسطس 2018،
12 “The Rapid Collapses of Jaysh Khaled Ibn Al-Waleed Decrease Its Scope of Control in Daraa to 2% and the Regime Forces Continue Their Military Operations in Yarmouk Basin in Seeking for Ending Its Presence [sic],” Syrian Observatory for Human Rights, July 26, 2018, http://www.syriahr.com/en/?p=98935.
13 مقابلة أجراها المؤلّف مع مسؤول سابق في بلدية درعا، إربد، الأردن، 10 آذار/مارس 2020؛ ومقابلة أجراها المؤلّف مع صحافي سوري، عمان، الأردن، 27 تشرين الأول/أكتوبر 2019؛ ومقابلة أجراها المؤلّف مع أحد المشاركين في المفاوضات مع روسيا، إربد، الأردن، 14 آذار/مارس 2020.
14 من بين المسؤولين البارزين المعنيين نذكر لؤي العلي، الذي يشغل حالياً منصب رئيس المخابرات العسكرية في الجنوب، وخالد الهنوس، محافظ درعا السابق. لاطلاع على المزيد من المعلومات حول مفهوم الوسطاء. انظر:
Kheder Khaddour and Kevin Mazur (Eds), Local Intermediaries in Post-2011 Syria: Transformation and Continuity (Friedrich Ebert Stiftung, June 2019), http://library.fes.de/pdf-files/bueros/beirut/15547.pdf.
15 حصلت محاولة فاشلة لاغتيال مختار بلدة الكرك الشرقي الذي دعم النظام علناً. من مقابلة أجراها المؤلّف مع مقاتل سابق أصبح ناشطاً، عمّان، الأردن، 28 تشرين الأول/أكتوبر 2019.
16 قال أحد سكان اليادودة السابقين: “مختار بلدة اليادودة، وهو من عائلة القدسي، تحدّث علناً عن دعمه للنظام [قبل 2018]، ولم يؤذه أحد. كان لديه منزل في دمشق وآخر في درعا ويتنقل بينهما. كان يدعو إلى عودة مؤسسات الدولة. عندما سيطرت قوات النظام على المدينة، رحّب بها. وهذا ينطبق على رئيس بلدية المسيفرة عبد الإله الزعبي الذي رحب بالنظام عند وصوله”، من مقابلة أجراها المؤلّف مع أحد سكان منطقة قريبة من اليادودة سابقاً، يقيم راهناً في عمان، الأردن، (عبر سكايب)، 29 تشرين الأول/أكتوبر 2019. وقال أحد سكان إنخل سابقاً: “في إنخل، كان ثمة أناس يدعمون النظام علناً من دون أن يستهدفهم أحد بسبب انتمائهم القبلي”، من مقابلة أجراها المؤلّف مع أحد سكان إنخل سابقاً، عمان، الأردن، 27 تشرين الأول/أكتوبر 2019.
17 مقابلة أجراها المؤلّف مع أحد الشخصيات البارزة في مدينة نوى، إربد، الأردن، 15 كانون الأول/ديسمبر 2019. للاطلاع على المزيد من المعلومات حول القصة، انظر: وليد النوفل، “درعا: “قوى عشائرية” تعيق محاكمة مشاركين في سوتشي”، المدن، 2 تموز/يوليو 2018، https://bit.ly/34A324M
18 أوضح أحد الناشطين: “قبل الهجوم، التقى بعثيون من بلدتي بالقرب من خربة غزالة مع المحافظ الذي قال لهم أن يخبروا الناس أن الدولة ستعيد الخدمات إذا تصالحوا”، مقابلة أجراها المؤلّف مع عضوين في تجمّع أحرار حوران، إربد، الأردن، 13 آذار/مارس 2020. وأضاف أحد سكان درعا، “قبل أشهر قليلة من الهجوم، تكثّفت اتصالات النظام بشكل كبير مع لجان المصالحة، التي كانت موجودة في كل مدينة. كانت هذه اللجان حلقة الوصل بين المعارضة والنظام، وجزءًا من حزب البعث. [قبل الحرب] كان لديها أساساً علاقات مع المخابرات السورية”، من مقابلة أجراها المؤلّف مع ناشط وصحافي سوري من درعا يقيم راهناً في باريس، فرنسا (عبر سكايب)، 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2019. كما أشار أحد سكان السهوة إلى أنه “بعد قصف مكثّف، تواصل النظام مع الوجهاء في السهوة، بمن فيهم رئيس بلدية البلدة وأعضاء حزب البعث، وغيرهم، وعبرهم تواصلوا مع الفصائل لتسوية الوضع”، من مقابلة أجراها المؤلّف مع أحد سكان السهوة، وهو يقيم راهناً في دولة أوروبية، (عبر سكايب)، 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2019.
19 مقابلة أجراها المؤلّف مع أحد الشخصيات البارزة في مدينة نوى، إربد، الأردن، 15 كانون الأول/ديسمبر 2019.
20 “الوضع في محافظة درعا بعد سيطرة النظام عليها”، المنصة المدنية السورية، 3 حزيران/يونيو 2019، https://bit.ly/3crC2HL
21 مقابلة أجراها المؤلّف مع صحافي سوري من درعا، سورية (عبر سكايب)، 11 نيسان/أبريل 2020.
22 سيلفا رزوق، “الزعبي لـ“الوطن”: الإرهابي “الصبيحي” قيد الملاحقة والدولة لن تترك المناطق التي يستغلها الإرهابيون في درعا بهذا الشكل”، الوطن، 7 أيار/مايو 2020، https://www.alwatanonline.com/الزعبي-لـ-الوطن-الإرهابي-الصبيحي-ق/
23 Ammar al-Ali, “Gunmen kill 9 Assad regime policemen in SW Syria,” Anadolu Agency, May 4, 2020, https://www.aa.com.tr/en/middle-east/gunmen-kill-9-assad-regime-policemen-in-sw-syria/1828591.
24 وليد النوفل، منشور على تويتر، 5 أيار/مايو 2020، 3:42 فجراً، https://twitter.com/walid_ALnofal/status/1257485672467836929
25 “استنفار وتخوف لأهالي درعا بعد تحرك وحدات عسكرية لقوات النظام في ريف المحافظة”، المرصد السوري لحقوق الإنسان، 6 أيار/مايو 2020،
26 “الجهات المختصة وقوات حفظ النظام تنهي حالة الفلتان الأمني في الصنمين”، الوكالة العربية السورية للأنباء، 3 آذار/مارس 2020، https://sana.sy/?p=1116936
27 انظر على سبيل المثال، “مظاهرات في بصرى الشام بدرعا للتضامن مع إدلب والصنمين”، عنب بلدي، 1 آذار/مارس 2020، https://enabbaladi.net/archives/366976
28 قال أحد المراقبين، “خلال مشاكل الصنمين، اعتقلت المعارضة 54 من العاملين لدى النظام. وأُطلقت سراحهم في ما بعد”، من مقابلة أجراها المؤلّف مع عضو في تجمّع أحرار حوران، إربد، الأردن، 13 آذار/مارس 2020؛ انظر أيضاً: وليد النوفل، “الصنمين تعيد محافظة درعا إلى بدايات الثورة السورية”، سوريا على طول، 2 آذار/مارس 2020، https://syriadirect.org/news/clashes-in-daraa-evoke-memories-of-the-start-of-the-syrian-revolution-1/
29 وليد النوفل، “احتجاجات درعا: الروس مغيبون ودمشق تشهر سلاح “الفتن العشائرية””، سوريا على طول، 5 شباط/فبراير 2020، https://syriadirect.org/news/protests-in-daraa-russia-absent-as-damascus-weaponizes-%E2%80%98tribal-schisms%E2%80%99/
30 “على أنقاض التسوية، التقرير الكامل لعام 2019″، مكتب توثيق الشهداء في درعا، 21 كانون الثاني/يناير 2020، http://daraamartyrs.org/?p=19390
31 مقابلة أجراها المؤلّف مع صحافي سوري، عمان، الأردن، 27 تشرين الأول/أكتوبر 2019.
32 مقابلة أجراها المؤلّف مع عضو في تجمّع أحرار حوران، يقيم راهناً في إربد، الأردن (عبر سكايب)، 30 آذار/مارس 2020.
33 مقابلة أجراها المؤلّف مع شخص مقرّب من أحمد العودة، الذي طلب عدم الكشف عن المدينة الأردنية التي أُجريت فيها المقابلة، 9 آذار/مارس 2020.
34 مقابلة أجراها المؤلّف مع عضوين في تجمّع أحرار حوران، إربد، الأردن، 13 آذار/مارس 2020.
35 “درعا.. مجهولون يغتالون مدنياً في “طفس” ويحاولون اغتيال رئيس بلدية “انخل””، زمان الوصل، 25 آذار/مارس 2020،
وأيضاً مقابلة أجراها المؤلّف مع صحافي سوري من إنخل يقيم راهناً في عمان، الأردن (عبر سكايب)، 13 آذار/مارس 2020.
36 مقابلة أجراها المؤلّف مع عضوين في تجمّع أحرار حوران، إربد، الأردن، 13 آذار/مارس 2020.
37 شرح أحد الناشطين قائلاً: “عندما تحدث مشكلة، يميل الناس إلى الشكوى إلى اللجنة المركزية. أتابع قصة شخص سُرقت دراجته النارية في مدينة درعا، واشتكى إلى اللجنة وليس إلى الشرطة”، من مقابلة أجراها المؤلّف مع مقاتل سابق أصبح ناشطاً، عمّان، الأردن، 28 تشرين الأول/أكتوبر 2019. انظر أيضاً: “اجتماع بين “لجنة تفاوض” درعا مع وزير الدفاع وضباط بارزين للنظام بدمشق”، وكالة سمارت للأنباء، 15 نيسان/أبريل 2019، https://bit.ly/3fVJa0B
38 “اجتماع بين “لجنة تفاوض” درعا مع وزير الدفاع وضباط بارزين للنظام بدمشق”، وكالة سمارت للأنباء، 15 نيسان/أبريل 2019، https://bit.ly/3fVJa0B
39 علّق أحد السوريين قائلاً: “يمكنك الوثوق باللجنة. عندما يكون هناك اعتقال يتدخلون. ينجحون في بعض الأحيان. وفي أحيان أخرى يقولون “تم نقل الشخص المعني إلى دمشق، لا يمكننا فعل أي شيء””، من مقابلة أجراها المؤلّف مع أحد العاملين سابقاً في مجال المساعدة الإنسانية، طفس، سورية (عبر سكايب)، 12 نيسان/أبريل 2020. وقال أحد المسؤولين في المجتمع المدني: “عندما اجتمعت اللجنة مع علي مملوك، طلبت إسقاط التهم [الموجهة ضد أعضاء في المعارضة] بشكل نهائي، لكنها لم تفلح سوى في تمديد التسوية مؤقتاً”، من مقابلة أجراها المؤلّف مع مسؤول في المجتمع المدني طلب عدم الكشف عن المدينة الأردنية التي أُجريت فيها المقابلة، 31 تشرين الأول/أكتوبر 2019.
40 مقابلة أجراها المؤلّف مع أحد سكان طفس، سورية (عبر سكايب)، 22 أيار/مايو 2020؛ ومقابلة أجراها المؤلّف مع مسؤول في المجتمع المدني يقيم حالياً في إربد، الأردن (عبر سكايب)، 1 حزيران/يونيو 2020.
41 النوفل، “احتجاجات درعا: الروس مغيبون ودمشق تشهر سلاح “الفتن العشائرية””.
42 انظر على سبيل المثال: Abdullah al-Jabassini, “From Rebel Rule to a Post-Capitulation Era in Daraa Southern Syria,” Robert Schuman Centre for Advanced Studies, June 2019, https://cadmus.eui.eu/bitstream/handle/1814/60664/RSCAS_2019_06.pdf?sequence=1&isAllowed=y.
43 من مقابلة أجراها المؤلّف مع مسؤول في المجتمع المدني طلب عدم الكشف عن المدينة الأردنية التي أُجريت فيها المقابلة، 31 تشرين الأول/أكتوبر 2019؛ ومقابلة أجراها المؤلّف مع مواطن من طفس، سورية (عبر سكايب)، 22 أيار/مايو 2020. انظر أيضاً على سبيل المثال: “مضمون اجتماع لجان درعا المركزية مع الجانب الروسي”، درعا 24، 15 أيار/مايو 2020، https://daraa24.org/مضمون-اجتماع-لجان-درعا-المركزية-مع-الج/
44 مقابلة أجراها المؤلّف مع صحافي سوري من درعا يقيم راهناً في باريس، فرنسا (عبر سكايب)، 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2019.
45 Asef Bayat, Life as Politics: How Ordinary People Change the Middle East (Stanford University Press, 2009), 76; انظر أيضاً: Laura Ruiz de Elvira, Christoph H. Shwarz, and Irene Weipert-Fenner, “Introduction: Networks of Dependency, a Research Perspective” in Laura Ruiz de Elvira, Christoph H. Shwarz, and Irene Weipert-Fenner (eds), Clientelism and Patronage in the Middle East and North Africa Networks of Dependency (New York: Routledge, 2019), 1.
46 “حوار خاص: الرئيس السوري بشار الأسد”، فيديو على يوتيوب، 24:07، برامج الميادين، 9 كانون الأول/ديسمبر 2019، تمت زيارة الصفحة في 13 نيسان/أبريل 2020، https://www.youtube.com/watch?v=HahlZhzXtuk&feature=youtu.be
47 مقابلة أجراها المؤلّف مع أحد سكان درعا السابقين، وهو يقيم راهناً في دولة أوروبية (عبر سكايب)، 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2019؛ ومقابلة أجراها المؤلّف مع مسؤول سابق في بلدية درعا، إربد، الأردن، 10 آذار/مارس 2020؛ ومقابلة أجراها المؤلّف مع أحد الأشخاص المشاركين في المفاوضات مع الممثلين الروس، إربد، الأردن، 14 آذار/مارس 2020.
48 مقابلة أجراها المؤلّف مع محامٍ من درعا، عمّان، الأردن، 15 كانون الأول/ديسمبر 2020.
49 ذكر محامٍ أن “النظام وعد بتوفير الخدمات… معظم الأشخاص الذين أعرفهم سمعوا بذلك من مسؤولين سوريين”، من مقابلة أجراها المؤلّف مع محامٍ من درعا، عمّان، الأردن، 15 كانون الأول/ديسمبر 2020؛ ومقابلة أجراها المؤلّف مع عضوين في تجمع أحرار حوران، إربد، الأردن، 13 آذار/مارس 2020.
50 مقابلة أجراها المؤلّف مع ناشط وصحافي سوري من درعا يقيم راهناً في باريس، فرنسا (عبر سكايب)، 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2019. وقال متحدّث آخر: “كانت الجماعات المسلحة الطرف الأقوى على الأرض. ومارسوا نفوذهم قوياً على المجلس المحلي في بلدتي السهوة”، من مقابلة أجراها المؤلّف مع أحد سكان السهوة (درعا) السابقين، وهو يقيم راهناً في دولة أوروبية (عبر سكايب)، 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2019.
51 أشار أحد مواطني درعا إلى أن “خدمات الدولة كالماء والخبز والكهرباء لم تعُد بشكلٍ متكافئ إلى كل أجزاء درعا. لكن عموماً، تحسّن الوضع فيها كلها”، من مقابلة أجراها المؤلّف مع مقاتل سابق أصبح ناشطاً، عمّان، الأردن، 28 تشرين الأول/أكتوبر 2019. وفقاً لهذا المصدر المعارض على سبيل المثال، أعاد النظام تزويد المخابز بالوقود والقمح بعد عودته إلى المنطقة. انظر “التسوية تفتح موردًا ماليًا لخزينة النظام في درعا”، عنب بلدي، 19 أيلول/سبتمبر 2018،
https://www.enabbaladi.net/archives/252391#ixzz6EKO0Q0Wr زعمت الدولة أنها تزوّد المخابز يومياً بـ230000 إلى 300000 طن من الطحين، لكن هذا لم يكن كافياً لتلبية الحاجات المحلية. انظر وليد الزغبي، “مشكلة تأمين رغيف الخبز في درعا تتفاقم ولا حلول في الأفق تخفف من معاناة الناس”، تشرين، 19 كانون الأول/ديسمبر 2018، http://tishreen.news.sy/?p=256867 انظر “العودة الله: توزيع/87215/ ليتراً من المازوت على مدارس محافظة درعا”، وزارة التربية، 15 شباط/فبراير 2020، https://bit.ly/34A6ax
52 مقابلة أجراها المؤلّف مع أحد الأشخاص المشاركين في المفاوضات مع الممثلين الروس، إربد، الأردن، 14 آذار/مارس 2020.
53 “البندورة بعد أن تجاوزتْ 1000 ليرة، ربّما تعود إلى 100!”، درعا 24، 8 أيار/مايو 2020، https://daraa24.org/tomato/
54 محمد حميجو، “محامون لجؤوا لبيع الدخان والعمل في المزارع لعدم وجود مورد لهم”، الوطن أونلاين، 22 تموز/يوليو 2018، https://www.alwatanonline.com/محامون-لجؤوا-لبيع-الدخان-والعمل-في-الم/
55 “خلافاً لاتفاق التسوية الحكومة السورية ترفض إعادة موظفين مفصولين في ريف حمص الشمالي”، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، https://stj-sy.org/ar/943/
56 مقابلة أجراها المؤلّف مع محامٍ من درعا، عمّان، الأردن، 15 كانون الأول/ديسمبر 2020. يشير هذا المصدر إلى أن 80 محامياً أُعيد إدراجهم في النقابة، فيما لم تتم إعادة الـ120 المتبقين. انظر “سوريا: نقابة المحامين تمنع قرابة 170 محام من مزاولة المهنة في محافظة درعا”، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، https://stj-sy.org/en/syria-the-bar-association-disbarred-170-lawyers-in-daraa/
57 مقابلة أجراها المؤلّف مع مسؤول سابق في بلدية درعا، إربد، الأردن، 10 آذار/مارس 2020.
58 مقابلة أجراها المؤلّف مع أحد الأشخاص المشاركين في المفاوضات مع الممثلين الروس، إربد، 14 آذار/مارس 2020.
59 قال أحد المقيمين: “في إنخل، ذهب وجهاء إلى الفرقة التاسعة في الصنمين واتفقا على تفاصيل الاستسلام للنظام. لم يتحدثوا حتى عن وضع المقاتلين”. مقابلة أجراها المؤلّف مع أحد سكان إنخل السابقين، عمّان، الأردن، 27 تشرين الأول/أكتوبر 2019.
60 مقابلة أجراها المؤلّف مع صحافي سوري من درعا يقيم راهناً في عمّان، الأردن (عبر سكايب)، 11 نيسان/أبريل 2019.
61 مقابلة أجراها المؤلّف مع مسؤول سابق في بلدية درعا، إربد، الأردن، 10 آذار/مارس 2020.
62 مقابلة أجراها المؤلّف مع محامٍ من درعا، إربد، الأردن، 12 آذار/مارس 2020.
63 مقابلة أجراها المؤلّف مع أحد سكان وادي اليرموك، طلب عدم الكشف عن المدينة الأردنية التي أُجريت فيها المقابلة، 12 آذار/مارس 2020.
64 مقابلة أجراها المؤلّف مع محامٍ من درعا، عمّان، الأردن، 27 تشرين الأول/أكتوبر 2019.
65 The Syria Report, “Government Raises Again Fertilizers Prices, Endangering Agricultural Production,” February 27, 2018, https://www.syria-report.com/news/food-agriculture/government-raises-again-fertilisers-prices-endangering-agricultural-production; انظر أيضاً: The Syria Report, “Fertilizer Price Hike to Hit Agricultural Production,” March 11, 2020, https://www.syria-report.com/news/food-agriculture/fertiliser-price-hike-hit-agricultural-production.
66 عبد الهادي شباط، “اتحاد الفلاحين يعترض.. وخلوف: مخالف لما أعلنته سابقاً… الحكومة ترفع أسعار أسمدة أساسية 100 بالمئة!”، الوطن، 3 آذار/مارس 2020، https://alwatan.sy/archives/234828
67 “FAO and DFID Collaboration to Recover the Seed Multiplication System in the Syrian Arab Republic,” FAO, July 25, 2019, http://www.fao.org/resilience/news-events/detail/ar/c/1201280/. على سبيل المثال، تولّى الهلال الأحمر العربي السوري واللجنة الدولية للصليب الأحمر إعادة تأهيل مخبز مدينة درعا الأول. انظر محافظة درعا _الإدارة المحلية، منشور على فايسبوك، 29 كانون الثاني/يناير 2020، https://bit.ly/3bdDEVg
68 انظر: “دولار/ليرة سورية”، موقع الليرة اليوم، 14 حزيران/يونيو 2020، https://sp-today.com/currency/us_dollar
69 شرح أحد الناشطين: “ثمة شريحة كبيرة في المجتمع غير سياسية. تريد فقط تأمين دخل، وتوفير الأمان، والبقاء على قيد الحياة. لا يمكن للنظام التعامل معهم بالطرق الأمنية. البديل هو تقديم الخدمات مقابل الطاعة”، من مقابلة أجراها المؤلّف مع ناشط وصحافي من درعا يقيم راهناً في باريس، فرنسا (عبر سكايب)، 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2019. وقال أحد سكان اليرموك: “على صعيد الخدمات أنا مندهش من أن النظام يستثمر، هو يحاول كسب الشرعية من خلال الخدمات. ويريد أن يظهر أن حكمه أفضل من حكم المعارضة”، من مقابلة أجراها المؤلّف مع أحد سكان وادي اليرموك الأصليين، إربد، الأردن، 12 آذار/مارس 2020؛ ومقابلة أجراها المؤلّف مع أحد سكان طفس، سورية (عبر سكايب)، 12 نيسان/أبريل 2020.
70 “القانون 41 لعام 2004 تحديد المناطق الحدودية”، الجمهورية العربية السورية – مجلس الشعب، http://parliament.gov.sy/arabic/index.php?node=5595&cat=16133; للاطلاع على لائحة المطالب انظر: “الاحتجاجات الشعبية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط: انتحار النظام السوري على إيقاع بطيء”، مجموعة الأزمات الدولية، 13 تموز/يوليو 2011، https://www.crisisgroup.org/ar/middle-east-north-africa/eastern-mediterranean/syria/popular-protest-north-africa-and-middle-east-vii-syrian-regime-s-slow-motion-suicide
71 مقابلة أجراها المؤلّف مع أحد أعيان درعا، إربد، الأردن، 9 آذار/مارس 2020.
72 مقابلة أجراها المؤلّف مع مسؤول أمني بارز سابق مطّلع على المفاوضات، وقد طلب عدم الكشف عن اسمه، (عبر سكايب)، 12 نيسان/أبريل 2020.
73 “إسرائيل، وحزب الله وإيران: منع حرب سورية أخرى”، مجموعة الأزمات الدولية، 8 شباط/فبراير 2018، https://www.crisisgroup.org/ar/middle-east-north-africa/eastern-mediterranean/syria/182-israel-hizbollah-and-iran-preventing-another-war-syria
74 Z. Harel, “Concern in Jordan Over Pro-Iranian Forces on Border,” Middle East Media Research Institute, Inquiry & Analysis Series No. 1359, November 16, 2017, https://www.memri.org/reports/concern-jordan-over-pro-iranian-forces-border#_edn1.
75 مقابلة أجراها المؤلّف مع محلل سياسي أردني، عمان، الأردن (عبر سكايب)، 11 نيسان/أبريل 2020.
76 المصدر السابق. انظر أيضاً: Mohammad Ghazal, “Jordan Cannot Take Any More Syrian Refugees—Officials,” June 25, 2018, http://www.jordantimes.com/news/local/jordan-cannot-take-any-more-syrian-refugees-%E2%80%94-officials.
77 “السفير الإيراني في عمان ينفي وجود قوات إيرانية في جنوب سوريا”، سبوتنيك، 23 أيار/مايو 2018، https://sptnkne.ws/h9G8
78 Caleb Weiss, “Confirmed: First Evidence of Iranian-Controlled Militia Involvement in Southern Syria,” The Long War Journal, June 27, 2018, https://www.longwarjournal.org/archives/2018/06/confirmed-first-evidence-of-iranian-controlled-militia-involvement-in-southern-syria.php.
79 Suleiman al-Khalidi, “Syrian, Iranian Backed Forces Advance in Border Area Near Israel,” Reuters, December 25, 2017, https://reut.rs/2yMDNks.
80 كان إطلاق سراح المعتقلين ورحيل الميليشيات الموالية لإيران أكثر المطالب شيوعاً بين المتظاهرين. من مقابلة أجراها المؤلّف مع صحافي سوري من درعا يقيم راهناً في باريس، فرنسا (عبر سكايب)، 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2019.
81 “Presence of Iranian-Backed Militias in South Syria,” ETANA Syria, June 22, 2019, https://etanasyria.org/presence-of-iranian-backed-militias-in-south-syria-22-6-2019/; ومن مقابلة أجراها المؤلّف مع شخصية معارضة بارزة سابقاً، عمان، الأردن (عبر سكايب)، 9 آذار/مارس 2020.
82 مقابلة أجراها المؤلّف مع دبلوماسي غربي، عمان، الأردن، آذار/مارس 2020.
83 “IDF Recommendation: Intensify Attacks Against Iran in Syria,” Israel Defense, January 14, 2020, https://www.israeldefense.co.il/he/node/41611.
84 مقابلة أجراها المؤلّف مع صحافي سوري، بيروت، لبنان، 7 آذار/مارس 2020.
85 مقابلة أجراها المؤلّف مع أحد سكان السهوة، وهو يقيم راهناً في دولة أوروبية (عبر سكايب)، 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2019؛ ومقابلة أجراها المؤلّف مع أحد سكان طفس، سورية (عبر سكايب)، 12 نيسان/أبريل 2020. بعد عودة النظام، أشار أحد المقيمين سابقاً: “من أجل الصمود، تحالف الناس مع الأقوى. لا يهم من: الفيلق الخامس، الفرقة الرابعة المدرعة، المخابرات الجوية، المخابرات العسكرية، وغيرها”، من مقابلة أجراها المؤلّف مع ناشط وصحافي من درعا يقيم راهناً في باريس، فرنسا (عبر سكايب)، 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2019.
86 “Israeli Missiles Hit Military Post Near Damascus: Syrian State TV,” Reuters, December 2, 2017, https://www.reuters.com/article/us-mideast-crisis-syria-attack/israeli-missiles-hit-military-post-near-damascus-syrian-state-tv-idUSKBN1DW081.
End of document
أرميناك توكماجيان
أرميناك توكماجيان باحث غير مقيم في مركز مالكوم كير– كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، حيث تتركّز أبحاثه على قضايا الحدود والصراع، واللاجئين السوريين، والوسطاء المحليين في سورية.
لا تتّخذ مؤسسة كارنيغي مواقف مؤسّسية بشأن قضايا السياسة العامة؛ تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الدراسة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المؤسسة، أو فريق عملها، أو مجلس الأمناء فيها.
مركز كارينغي للشرق الأوسط
———————————-
درعا البلد: فصل من مقاومة التألّه/ صادق عبد الرحمن
لا يقبل النظام السوري من محكوميه شيئاً أقلّ من الخضوع التام لمخابراته، فمؤسسات الدولة التي يريد النظام عودتها إلى كل مكان من سوريا ليست سوى عناصر الأجهزة الأمنية، الذين كان إصرار النظام على انتشارهم في درعا البلد، وتفتيش كل بيت فيها، عقدةً رئيسية في المفاوضات طوال أسابيع. غير أن النظام وافقَ قبل يومين على أقلّ من هذا، إذ إن الاتفاق الذي تم إبرامه برعاية روسية في درعا البلد يسمح بدخول عناصر المخابرات، إنما مع قيود تحدّ من حركتهم. تُخبرنا التجارب السابقة أن النظام سيحاول التنصّل من الاتفاق، أو نسفه أو تعديل بنوده، في أول فرصة سانحة.
يريد النظام تسليم كل الأسلحة الفردية في درعا البلد، وأن ينتشر عناصر المخابرات فيها بعد ذلك كي يستطيعوا ممارسة «سلطة الدولة». وتعني سلطة الدولة على الطريقة الأسدية أن يستطيع عناصر المخابرات اعتقال وتعذيب وقتل أي شخص، دون الخضوع لأي رقابة من أي جهة ثالثة أو جهاز قضائي أو سلطة تشريعية أو مؤسسات إعلامية، ودون أن يكون في حوزة الضحايا ما يدافعون به عن أنفسهم. هذه القدرة المطلقة للمخابرات هي روح الأسدية وعقلها، ولهذا بالتحديد فإن الوضع في محافظة درعا يسبب لأجهزة النظام الأمنية كثيراً من الضيق.
فهذه مناطقُ يُفترض أنها عادت إلى «سلطة الدولة» باتفاق تسوية عام 2018، غير أنه ما يزال فيها من يحملون سلاحاً خفيفاً دون أن يكونوا منضوين في تشكيلات النظام أو تشكيلات حلفائه الأمنية والعسكرية، ولا يزال فيها من يستطيعون الاحتجاج على النظام علناً ثم العودة إلى بيوتهم دون أن تطالهم أيدي النظام؛ هذا وضع لا يطاق بالنسبة لمخابرات الأسد، وينبغي إنهاؤه بأي ثمن.
كان اتفاق التسوية المضمون روسياً ينص في أحد بنوده على أن مخابرات النظام لن تدخل إلى مناطق التسويات، وكان واضحاً وقتها أن النظام وافق مضطراً على هذا الاتفاق، وهو ما أثبتته مبكراً جداً عشرات الخروقات التي نفّذها النظام، وأبرزها اعتقال أشخاص بعد إجراء تسويات، وتصفية بعضهم في مراكز الاعتقال. يلتقي هذا مع رغبة إيران القوية بتعزيز وجودها في الجنوب السوري، وهو ما ظهر واضحاً من خلال قوات الغيث المدعومة إيرانياً، التابعة للفرقة الرابعة في جيش النظام ورأس حربة هجومه الأخير على درعا البلد.
ما يسعى إليه النظام اليوم هو إعادة صياغة الاتفاق في حوران بدءاً من درعا البلد، بحيث يصير مسموحاً لمخابرات النظام أن تصل إلى أي مكان، وهو ما يقاومه كثيرون من أبناء درعا بالاحتجاجات والسلاح، ويرفضونه مُمثَّلين بأعضاء لجان التفاوض المركزية، التي بذلت كل جهد تستطيعه لتجنّب المواجهة العسكرية، بما في ذلك القبول بدخول القوات الروسية بمرافقة عناصر اللواء الثامن إلى درعا البلد، وتسليم كميات من الأسلحة الخفيفة، وتهجير من لا يقبلون التسوية.
لكن هذا لم يكن نافعاً. لا يقبل بشار الأسد بعناصر اللواء الثامن بديلاً عن مخابراته، فهؤلاء مقاتلون من أبناء حوران، يتبعون اليوم رسمياً للفيلق الخامس في الجيش النظامي ويخضعون للسيطرة الروسية، غير أن ولاءهم ليس له، وقد هتف بعضهم ضده قبل نحو عام من الآن. هذا نذير شؤم على مقاتلي اللواء الثامن وسكّان مناطق سيطرته في بصرى الشام ومحيطها، إذ إن بينهم أشخاصاً هتفوا ضد بشار الأسد ولم تصل إليهم مخابراته؛ ترى هل يستطيع النظام احتمال هذا طويلاً؟
قد يستسهل كثيرون الإجابة على السؤال الأخير بالقول إن عناصر اللواء الثامن، خلافاً لمقاتلي درعا البلد ومناطق غيرها في حوران، محميون روسياً بحيث لن يجرؤ النظام على الاقتراب منهم. ليست هذه الإجابة مقنعة، وتشهد على ذلك أحداث درعا البلد الأخيرة. كان المحامي عدنان المسالمة، الناطق باسم لجنة التفاوض عن درعا البلد، قد قال في تصريح له يوم التاسع والعشرين من آب (أغسطس) الماضي إن النظام يرفض التجاوب مع الطروحات الروسية.
قبلها بأيام، في الرابع والعشرين من آب نفسه، انسحبت دورية روسية من درعا البلد بعد دخولها إليها، وبدا الأمر كما لو أنه فشل للمساعي الروسية. وقد جرى الحديث وقتها عن اتفاق يشمل تهجير رافضي التسوية إلى الشمال بمن فيهم عشرة أشخاص يشترط النظام تهجيرهم بالاسم، ودخول شرطة النظام وعناصر من اللواء الثامن والشرطة العسكرية الروسية دون عناصر المخابرات. خلال ساعات قليلة تم تمزيق الاتفاق برصاص النظام ومدفعيته، وأعقب ذلك تصعيد بالصواريخ ومحاولات الاقتحام. قال النظام وقتها إن سبب انهيار الاتفاق هو خروج ثمانية فقط من المقاتلين العشرة المطلوب خروجهم. وطبعاً، لا يمكن أن يكون رفض شخصين للتهجير سبباً جدياً لقصف منطقة يقطنها آلاف المدنيين بالصواريخ، وخوض مواجهة عسكرية يخسر الطرفان فيها كثيراً من الأرواح. كانت تلك مجرّد ذريعة، وهو ما تؤكده عودة النظام بعدها فوراً إلى شروطه القديمة نفسها، وأبرزها دخول مخابراته والسماح لها بتفتيش كل متر من درعا البلد دون أي مقاومة.
ثمة احتمالان هنا: إما أن روسيا متفقة مع النظام وإيران على مسرحية يتقاسمون فيها الأدوار، أو أن روسيا لا تستطيع فرض إرادتها على النظام وإيران بسهولة. يبدو صعباً ترجيح واحد من الاحتمالين بشكل حاسم، لكن المؤكد أن الضمانة الروسية ليست موثوقة، وأن المسألة لا تتعلق في جوهرها بوجود مسلحين بعينهم، بل تتعلق بالأنشطة الاحتجاجية التي تحتضنها مناطق يحميها مسلحون قادرون على التصدي لدوريات النظام الأمنية، ومنها دون شك المظاهرات الرافضة للانتخابات الرئاسية في درعا البلد في أيار (مايو) الماضي. قبل الاتفاق الأخير بأيام قليلة، قالت مصادر مقرّبة من لجان التفاوض إن النظام يشترط أن تُصدر لجنة درعا البلد بياناً تعترف فيه بعلم النظام وجيشه، وما هو أخطر، أن تعترف ببشار الأسد رئيساً شرعياً منتخباً لسوريا.
يعرف النظام سلفاً أن أعضاء اللجنة لا يستطيعون تقديم اعتراف كهذا، لأن فيه إذلالاً جماعياً لا يقوى أحد على حمل مسؤوليته. لم تكن هذه المطالب تهدف إلى شيء سوى دفع أبناء درعا البلد إلى واحد من ثلاثة خيارات: استئناف القتال في ظل تفاوت هائل في موازين القوة، أو التهجير، أو القبول بإهدار كرامتهم وتسليم أبنائهم لمخابرات بشار الأسد. وقد صمد المقاتلون من أبناء درعا في الميدان، وخاص المفاوضون جولات صعبة انتهت إلى اتفاق هشّ، انتزعَ فيه النظام مكسب إدخال بعض مخابراته إلى درعا البلد، وانتزع فيه أبناء درعا مطلب حماية حياتهم من الاستباحة المباشرة.
بعد نحو سبعين يوماً من الحصار، وأيام طويلة من القصف والاشتباكات، وعشرات القتلى والجرحى من المدنيين والمقاتلين، تم التوّصل إلى اتفاق يقضي بتثبيت أربع نقاط أمنية لمخابرات النظام فقط، دون أن يشمل ذلك تفتيش عناصر المخابرات للبيوت. شمل الاتفاق أيضاً وقف القصف وفك الحصار ودخول الشرطة العسكرية الروسية وافتتاح مركز للتسوية وتسليم بعض الأسلحة الخفيفة، والبدء في العمل على إطلاق سراح المعتقلين وكشف مصير المفقودين من أبناء درعا البلد بعد خمسة أيام من التوقيع. البند الأخير موجود في أغلب الاتفاقات التي تم توقيعها مع النظام، لكن الأخير لم يكن يلتزم به باستثناء إطلاق سراح أعداد قليلة من المعتقلين في بعض الحالات. مثلاً، بالتزامن مع معركة درعا البلد، نقلت صفحة تجمّع أحرار حوران أخباراً عن خروج أهالي بلدة قرفا في ريف درعا الأوسط إلى الشوارع، وذلك احتجاجاً على إخلال النظام بتعهداته بشأن كشف مصير معتقلين من أبناء البلدة. يبذل النظام قصارى جهده في تجنّب تقديم أي تنازلات تحت ضغط من محكوميه، حتى لو كانت كشفاً عن مصير أحبابهم، لأن في هذا مساساً بقدرته على الترويع والبطش.
الأسدية هي الاحتفاظ بقدرة غير محدودة على إيذاء من يعترضون عليها، هي التألّه على الناس مدعوماً بقوانين دولية وقوى إقليمية وعظمى. وهذا التألّه هو ما يقاومه كثيرون من أبناء حوران اليوم في درعا البلد وبلدات عديدة أخرى تشهد احتجاجات واشتباكات وقصفاً، وهو نفسه ما ثار عليه السوريون عام 2011، وهو ما لن يكون ممكناً تغيير الأوضاع في سوريا دون كسر دائرته الدموية.
موقع الجمهورية
————————————–
صندل “أبو علي محاميد” الذي به إنتصرنا/ عمر قدور
“نرجو من أهلنا في كافة المناطق السورية وفي بلاد اللجوء أن يلتمسوا لنا العذر في ما توصلنا إليه من اتفاق، حتى لو كان لا يلبي مطالبنا كاملة، ولن تتغير مواقفنا من الثورة السورية التي قدّمنا فيها الدماء والأرواح حتى تحقيق أهداف الثورة كاملة”. بهذه اللهجة الاعتذارية اختتم أبو علي محاميد ما كتبه على صفحته في فايسبوك إثر الإعلان عن الاتفاق الجديد للهدنة في درعا في الأول من هذا الشهر. المحامي عدنان المسالمة، الذي كان اختير ناطقاً رسمياً باسم لجنة درعا البلد ومجلس عشيرة درعا، نشر على صفحته بنود الاتفاق بلا تعليق. العودة إلى نص الاتفاق كفيلة بشرح اللهجة الاعتذارية لأبي علي، وعدم تقديم السيد المسالمة الاتفاق كإنجاز يُحتفل به.
ينص الاتفاق، بعد الوقف الفوري لإطلاق النار، على بنود عديدة منها فتح مركز لتسوية أوضاع “المطلوبين” وأسلحتهم، ومعاينة هويات المتواجدين في درعا البلد لنفي وجود الغرباء، ونشر أربع نقاط أمنية، وصولاً إلى البند الأخير وهو العمل على إطلاق سراح المعتقلين وبيان مصير المفقودين بعد مضي خمسة أيام على تطبيق الاتفاق. هذه كانت البنود التي لا يريدها الأهالي، والبند الأخير من بينها موجود في تفاهم سابق لم يلتزم به الأسد، والعمل “كما في النص” على إطلاق سراح المعتقلين وبيان مصير المفقودين لا يتضمن إلتزاماً جاداً بالاثنين، فاستخدام تعبير “العمل على” يضمن تسويفاً وتنصلاً ممن سبق له التنصل من إلتزامات أكثر حزماً ووضوحاً.
نجح أهالي درعا البلد في الصمود، ومنعوا اقتحامها خلال حوالى شهرين ونصف الشهر، رغم الحصار المطبق عليهم “متضمناً منع الغذاء والدواء”، ورغم الفجوة الهائلة بين أسلحتهم البسيطة وأسلحة الميليشيات المهاجمة. فلا أحد يستطيع التشكيك بهم أو بشجاعتهم التي بلغت أقصى ما يمكن لهم تحمله، والهزيمة كانت منتظَرة ما لم تتدخل عوامل خارجية لصالحهم. الاتفاق، وفق المعطيات المعروفة، هو أهون الشرور، وفيه من البنود ما سبق رفضه عندما أتى بصياغات مختلفة أثقل وطأة. فنشر أربع نقاط أمنية مثلاً لا يُعرف ما سيجرّه على الأهالي من انتهاكات لاحقة، خاصة بعد تنفيذ بند تسوية أوضاع المطلوبين وتسليم أسلحتهم، وكذلك الحال مع بند التدقيق في هويات المقيمين لنفي وجود الغرباء! فهو بند يتضمن القدرة على إزعاج الأهالي جميعاً بذريعة التدقيق، ولا يُعلم متى سيُستغل بإهانة شديدة متعمدة لاستفزازهم والانقضاض على التفاهم الجديد.
الضمانة الروسية للاتفاق لا قيمة لها، فموسكو كانت ضامنة لتفاهم عام2018 الذي انقض عليه الأسد، إن لم يكن بالتنسيق معها منذ البداية فقد أتى التنسيق لاحقاً. يجدر التذكير في هذا السياق بأن السياسة الروسية في سوريا تسعى إلى تقديم نفسها كأستاذة في فن الـ”خطوة خطوة”، من خلال إبرام التفاهمات ومن ثم الانقضاض عليها، وأفدح مثال عليها “مناطق خفض التصعيد” التي راحت تسيطر عليها واحدة تلو الأخرى، ولا تتوقف عن التصعيد في باقي المناطق كبادرة لإظهار النوايا الروسية اللاحقة. بعبارة أخرى، لا ضمانة حقيقية بعدم التنصل من تفاهم درعا الجديد بعد تجريد الأهالي من مقومات مقاومتهم السابقة.
أهالي درعا البلد وطرق السد والمخيمات، والذين وقعوا الاتفاق نيابة عنهم، يدركون ذلك كله. لكن لم يكن لديهم خيار يصون كراماتهم أكثر من هذه الصياغة غير المأمونة، وليس في وسعهم المجيء بطرف ضامن غير الروس، مع تسجيل إنجاز رمزي بوجود الشرطة العسكرية الروسية كأنها قوات فصل بين دولتين، أو بإدخال علم النظام إلى جانب العلم الروسي! غطّت صورة أبي علي محاميد وهو يفاوض ما قيل أنهم ضباط روس على نتيجة المفاوضات، وظهر محاميد وهو يضع ساقاً فوق الأخرى ويلبس صندلاً “شاروخاً باللهجة المحلية”، ما اعتُبر استهانة بالمفاوضين الروس وإهانة لهم، بل ما اعتُبر انتصاراً لدرعا وللثورة السورية.
هكذا عمّت أفراح الانتصار على وسائل التواصل الاجتماعي، الأفراح التي غابت عن صفحات المفاوضين الذين أتوا بـ”النصر”. صارت جلسة أبي علي “الذي يستحق الاحترام والإشادة” أمام الروس، وما فيها من استياء واضح جراء اضطراره لها، هي النصر. وانتقل المزاج، اليائس بلا إفصاح عن يأسه، من مساندة أهل درعا في ما يقررونه لأنفسهم إلى الاحتفال وكأنما ثمة اتفاق يعكس موازين القوى على غير النحو الذي كان معروفاً أو متوقعاً من قبل. وشاعت المقارنة بين لغة جسد بشار الذليلة أمام الروس وعنفوان لغة جسد أبي علي، وهي مقارنة لا تزيد في كرامة الأخير.
وانتصار درعا يأتي في سياق انتصارات متوالية، احتفى فيها جمهور الثورة بصمود أهالي مناطق أخرى ومقاتليها، ولو اضطر أولئك المقاتلون إلى إبرام تسوية يكونون فيها من عداد قوات الأسد. تفهّمُ ظروف المحاصَرين وشجاعتهم واحد من أسباب الحفاوة ولا يستغرقها كلها، إذ بين الأسباب ذلك التلهف الشعبوي إلى الانتصار، واختراعه عندما يعزّ تحقيقه أو كلما صار تحقيقه بعيد المنال. هناك أيضاً قيادات المعارضة التي يستهويها غرق الجمهور في وهم الانتصار، فهي باقية بلا محاسبة ما دام الانتصارات تتحقق بوجودها، وهي باقية ما دامت الانتصارات تتحقق بلا جهد منها أو فضلٍ؛ فوجودها إذاً غير مؤذ على الأقل. بالطبع، بين هذين الطرفين هناك كثرٌ ممن يفهمون الانتصار على حقيقته، لكن تبقى أفئدتهم مشدودة إلى رمزيات المقاومة إذ يرونها جديرة بالاحتفاء مهما انكسرت، ومهما ابتعدت تلك الرمزيات عن الوقائع.
لا يخرج عن هذا الإطار ما تشعله رمزية الحذاء من حماس، واعٍ أو غير واعٍ. الرمزية، معكوسة، لطالما حضرت لدى أعداء الثورة، فبعض من جمهور الموالاة لدى اندلاعها رفع صور بشار وتحتها عبارة “مطرح ما بتدوس منركع ومنبوس”، ولطالما خرج من بين جمهور حزب الله مَن يقول أنه “فدا صرماية السيد”. أما رمزية صندل أبي علي محاميد فيُراد لها أن تكون على منوال رمزية حذاء منتصر الزيدي، العراقي الذي رمى الرئيس الأمريكي الأسبق بحذائه أثناء مؤتمر صحافي له مع نوري المالكي في بغداد. ربما يذكر كثرٌ الضجة التي أثارها حذاء الزيدي، وكيف عُرضت مبالغ ضخمة لشرائه بسب ما اكتسبه من رمزية وحماس على امتداد البلدان العربية، قبل أن يطوي النسيان تلك الحادثة وتبقى القوات الأمريكية في العراق كخيار ألطف من ميليشيات إيران، ويمضي جورج بوش أيام تقاعده من دون أن يراه الأمريكيون بوصفه رئيساً مهاناً بضربة حذاء.
المدن
——————————
دروس درعا ومستقبل سوريا/ سامر السليمان
انتصرت درعا البلد على قوات النظام السوري والإيراني معاً، ولولا القوات الروسية لحرروا المدينة بأكملها؛ ولا يغير من هذه الحقيقة ما سمعناه، بعد الاتفاق الأخير، أن الأهالي يرفضون الوجود الأمني أو تفتيش البيوت أو تسليم قطع سلاح منزلية إضافية، ويطلبون من الوسيط تأمين طريق للنزوح إلى الأردن أو تركيا، أو أي مكان آمن. “الوسيط” الروسي بين أهل البلاد وقوات الاحتلال الروسي ونظام القمع والنهب في دمشق لم يألوا جهداً في تركيع سوريا ومنها درعا، ولكنه كاحتلال قبل أن يكون وسيطاً، يخوض معركته في درعا وفقاً لأسس التفاوض التي يجريها مع جميع الدول المتدخلة في الشأن السوري، وتحديداً أميركا وإسرائيل وتركيا وإيران، وكذلك بحثاً عن تموقع مستمر في سوريا والمنطقة. وساطته في درعا لكي يوضح للنظام وإيران فشلهما في إحكام السيطرة على تلك المدينة وسوريا من دون إشرافه وتغطيته لأفعالهما إقليماً ودولياً.
انتصرت درعا البلد حينما منعت النظام دخول تلك الأحياء، وحينما ناورت وفقاً لإمكانياتها الشحيحة للبقاء الفيزيائي، وإصرارها على ضرورة تغيير النظام؛ طلبها الأخير بالنزوح يتضمن ذلك الإصرار. التسريبات التي نُشرت عن لسان الضابط الروسي بأن النظام سيعود إلى كل بلدة وحارة توضح سياسة الروس؛ السياسة الداعمة بالمطلق للنظام، والرافضة بالمطلق للمعارضة ولأهل البلاد، وضمن ذلك علينا تأمل دور كل من تركيا وإيران في القبول بخيار أستانا ومناطق خفض التصعيد والتراجع عن القرارات الدولية، وبالتالي إعادة إنتاج النظام، وشطب الثورة وأهلها كذلك، حيث إن التهجير بمنزلة الشطب والإعدام والاجتثاث.
سنتكلم عن دروس درعا، ولو نزح كل أهلها، أو استطاع النظام تدميرها بالكامل وإفناء أهلها! لقد زاوجت بين شبابٍ يقاتل من ناحية، ولجنة مركزية تفاوض، وخضوع الشباب للجنة، أي خضوع العمل العسكري للعمل السياسي، وهو ما فشل فيه المجلس الوطني، والائتلاف الوطني والحكومة المؤقتة واللجنة الدستوري وهيئة التفاوض، حيث لا علاقة فعليه لها مع أية فصائل “وطنية” وأغلب الأخيرات تحولت إلى ميليشيات “وزعران” أو “إسلاميين”، وهذا يتناقض مع الرؤى الوطنية، والثورية، للنهوض بسوريا بأكملها.
نجحت درعا في إبراز قيادة وطنية بامتياز، لم تتخل عن الأرض، وظلت إلى جانب الشعب والفصائل التي تمثلها. هذا عكس رؤية سادت بأوساط المعارضة ومن 2011 بأن مكانها الطبيعي في الخارج! عدم التخلي، سمح لها بالاستقلالية، ورفع عن كاهلها الارتهان للخارج كما في مرحلة غرفة الموك مثلاً، وكذلك منع عنها الإفساد عبر المال، ومختلف أشكال الضغوط، ومنها الترحيل من الدول المجاورة لسوريا. كذلك استطاعت قيادة اللجنة المركزية ضبط رؤية المقاتلين، فلم يتورطوا بأية عمليات انتقامية للجنود والضباط الذين أسروهم في الحصار الأخير لدرعا البلد، منذ أزيد من شهرين.
استطاعت قيادة درعا في الأشهر الأخيرة أن تستوعب جميع التشكيلات المحلية، كالعشائر والفيلق الثامن، ووظفتها من أجل المناورة السياسية مع الوسيط الروسي “المحتل” وحماية المقاتلين والأهالي من الفتك بهم. طبعاً التسريب الصوتي، وموافقة أهل درعا واستمرار النظام وحليفه الإيراني بالحشد على الاتفاق الأخيرة يوضح أن جميع الأطراف لديها أسبابها لتبريد المعركة هناك، ويبدو انتقلنا مجدداً من التبريد إلى الحرب!، وبالتالي هناك ضرورة للتأكيد أن هناك معركة قريبة، وربما تنقلها روسيا وحلفاؤها إلى طفس وسواها، وربما بصرى الشام، وإن كانت الأخيرة تحت “الإبط” الروسي، أي لا ضرورة لاجتثاث الفيلق الثامن حالياً، وربما تعطيه روسيا وظائف جديدة مستقبلا، ولا سيما أن الخلافات مع إيران والنظام ما زالت قائمة، وستتوسع في حال اتفق الطرفان الأميركي والروسي على مسائل جديدة في جولة التفاوض التي ستعقد في هذا الشهر.
شهدنا تحركات متعددة في السويداء، ترفض الحضور الإيراني والنظام، وأصوات تنادي بتقوية العلاقة مع أهل درعا. وهناك الأزمة الاقتصادية العنيفة التي يعيشها سكان المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام، وتُضاعف من الأزمة الاجتماعية، والأزمتان تبرزان أزمة النظام الكبيرة، والتي رأينا بعض ملامحها في انفضاض كتلة كبيرة من الموالين عن تأييده ومحاولتها انتقاده والاحتجاج بل والتظاهر ضده. التململ أصبح خطيراً على مستقبل النظام، ولا سيما مع ترسخ مراكز نفوذ الدول المتدخلة، وتراجع الشعور بالخطر الافتراضي من الإسلاميين القادمين “لابتلاع” الأقليات وسكان المدن الرئيسة.
استطاعت درعا أن تقدم دروساً عديدة، وذكرنا بعضها أعلاه. السؤال هنا، ما هي إيجابيات الائتلاف الوطني وهيئة التفاوض واللجنة الدستورية ووفد الائتلاف إلى لقاء الأستانا؟ أي ماذا تفعل المعارضة السياسية؟ وطبعاً لن أُدخل المجلس الإسلامي السوري فيها، حيث لا أجد له مكاناً هناك، بل يفترض أن يعود إلى دوره الديني فقط، ويترك السياسة وشؤون المرأة “والدنيا” والعلاقة بين المعارضة وتركيا وسواها للساسة وللساسة فقط؛ والرأي هذا نسبة للرداءة التي أبلاها في المواقف إزاء ما ذكرنا وقبلها كثير. السؤال يتعلق بماذا تفعل هذه المعارضة إزاء الأزمة الشاملة المتصاعدة في سوريا؟ إن هزال مؤسساتها، والتراجع الدولي والإقليمي عن تأييدها يوضح رداءة سياساتها، وعدم قدرتها على إنتاج مشروع وطني ليس للمعارضة وللثورة فقط، بل ولكل السوريين، ويقويها بآن واحد.
بوضحٍ نقول، إن مهد الثورة لم يتنازل عن موقعه هذا منذ 2011، وتقسيم روسيا لها منذ 2018 “شرقية وغربية”، وضعف “فزعتها” مع درعا البلد مؤخراً، لا يغير من قوة صمود درعا، وأهمية دروسها. تملل السوريين الشديد، من ممارسات النظام والمعارضة والفصائل وقسد وهيئة تحرير الشام، ولا سيما مؤخراً مع تسليمها بعلاقات “قوية” مع النظام عبر السماح للشاحنات بالوصول إلى إدلب من مناطق النظام. المؤشرات السابقة تقول بأن الأوضاع الداخلية في سوريا تحتاج إلى قيادة جديدة، تشبه قيادة درعا البلد، وترفض بشكلٍ قاطعٍ أية فصائل ترتبط بنزوع جهادي أو منفلتة وبعيدة عن التوافق مع القيادة السياسية، وهذا من دروس درعا.
المؤتمرات الأخيرة الداخلية والخارجية لبعض أطراف المعارضة (جود، ومؤتمر السويداء، ومؤتمر استعادة القرار والسيادة) لا تقدم جديداً، يتجاوز الائتلاف، ولا معنى لوجودها من دون تجاوز ذلك الائتلاف وهيئة التنسيق من أصله؛ الحرتقة التافهة بأنها ليست بديلاً عن مؤسسات المعارضة القديمة، توضح هامشيتها وضعف مؤسسيها، و”شلليتهم” وغاياتها القصيرة الأمد. بالسياق ذاته، لم تعد الانتقادات التي يوجهها مثقفون بارزون، للمعارضة وعقليتها وهزالها مفيداً، حيث التكرار يفسد الأفكار ويسمم الأجواء ويعزز الكراهية!
مستقبل سوريا أيها السادة أصبح معقداً للغاية، ولن أكرّر أنّه أصبح بيد الدول العظمى والإقليمي بشكل رئيسي. الجديد أن هناك تحركات داخلية في سوريا، ويمكن أن يُبنى عليها. شروط البناء تتطلب بالضرورة هيئة سياسية وطنية للمعارضة، ويُقَرُ لها بالقيادة ولتحدث باسم المعارضة؛ هل يستدعي ذلك شطب هيئات المعارضة السابقة؟ القضية هذه تتحقق بالتدريج، ومواقف تلك الهيئات يساهم في إبعادها عن قلب السوريين، وبالتالي، الصراع مع النظام يجب أن تقوده فئات سياسية جديدة.
ليست الأوضاع الداخلية فيها الجديد فقط، بل إن التوافق الأميركي الروسي على مسألة المساعدات الإنسانية، وإعلان واشنطن أنها لن تنحسب حالياً من سوريا بعد مغادرتها أفغانستان، ولا تبتغي تغيير النظام السوري؛ أقول هذه معطيات يجب التفكر بها مليّاً، وقد تؤشر إلى جديدٍ على صعيد الحل السياسي، فهل نرى معارضة تقتدي بالقيادة المركزية لدرعا، التي لازمت شعبها، وفي حالة النزوح ستنزح معه.
تلفزيون سوريا
——————————–
النظام السوري يكثّف القصف على درعا البلد لفرض مطالبه/ عدنان أحمد
يواصل النظام السوري ومليشياته الضغط العسكري على المناطق المحاصرة في درعا البلد والمخيم وطريق السد، عبر تكثيف القصف المدفعي والصاروخي، فيما لا تزال الحافلات في المنطقة بهدف مواصلة عمليات التهجير.
وقال الناشط محمد الحوراني، لـ”العربي الجديد”، إن قوات النظام “كثفت، اعتبارا من منتصف الليل وحتى ساعات الصباح الأولى من اليوم الأحد، قصفها على منطقة درعا البلد، وأطلقت عشرات الصواريخ والقذائف المدفعية، إضافة إلى الرشقات المتوالية بالرشاشات الثقيلة، ما تسبب في إصابة عدد من المدنيين بجروح، وسط تحليق متواصل لطيران الاستطلاع في سماء المنطقة”.
وذكر “موقع تجمع أحرار حوران” إن الفرقة الرابعة والمليشيات الإيرانية قصفت أحياء درعا المحاصرة بجميع أنواع الأسلحة وبشكل “جنوني”، مشيرا إلى أن القصف بدأ منتصف الليل بعد مغادرة وفد عشائر حوران من الأحياء المحاصرة في مدينة درعا، مضيفاً أنّ أكثر من 65 صاروخ أرض-أرض من طراز فيل وجولان سقط على الأحياء السكنية.
وكان جرى اجتماع أمس بين وجهاء من بلدات محافظة درعا مع ضباط روس ومسؤولين في قوات النظام في حي درعا المحطة، واعتبر محاولة أخيرة لإيجاد حلول أخرى بعيدا عن تهجير سكان حي درعا البلد المحاصر، وهو المطلب الذي تقدم به الأهالي لتهجيرهم بشكل جماعي، إذا أصر النظام على مطالبه بتسليم كامل السلاح، وإقامة 9 نقاط عسكرية في درعا البلد، والقيام بحملات دهم وتفتيش في المنطقة.
وكان وجهاء ريفي درعا الغربي والشرقي طالبوا الوفد الروسي واللجنة الأمنية بمنحهم فرصة لقاء اللجنة المركزية بدرعا البلد، وذلك من أجل إيجاد حل واستبعاد التهجير، حيث أعطت اللجنة الوجهاء مدة ساعتين للقاء “مركزية درعا”، وعند خروجهم من درعا البلد بادرت قوات الفرقة الرابعة والمليشيات الإيرانية إلى إطلاق النار عليهم في منطقة البحار، حيث جرى إنقاذ أعضاء الوفد بصعوبة، في حين بقيت سياراتهم في منتصف الطريق.
من جانبها، نقلت وكالة “نبأ” المحلية عن أحد أعضاء لجنة التفاوض قوله إن الجنرال الروسي ورئيس اللجنة الأمنية اشترطا أمس تهجير أشخاص من درعا، منهم أعضاء في لجنة التفاوض، من بينهم الناطق الرسمي عدنان المسالمة وعبد الناصر المحاميد.
وكانت عشائر درعا وعائلات درعا البلد ناشدوا، أمس السبت، الملك الأردني عبد الله الثاني، التدخل أمام المجتمع الدولي لوقف خيارات الإبادة أو التهجير التي يهدّدهم بها نظام الأسد، أو فتح طريق آمنٍ إلى الأردن.
سبق ذلك إعلان المتحدث الرسمي باسم اللجنة المركزية في درعا البلد، عدنان مسالمة، أن اللجنة اتخذت قرار التهجير بسبب انحسار الخيارات أمامها. وكان النظام أمهل، حتى عصر أمس ثم مدد إلى الساعة 12 ليلاً، رافضي تنفيذ شروطه بالخروج إلى الشمال السوري.
بدورها، ذكرت وكالة “سانا” التابعة للنظام أن “الجهات المختصة في محافظة درعا استكملت التجهيزات لخروج دفعة من الإرهابيين الرافضين والمعطلين لاتفاق التسوية من أحياء درعا البلد باتجاه الشمال السوري”. وأضافت أنه “تم تجهيز عدد من الحافلات الكبيرة وإزالة عدد من السواتر والحواجز الترابية والإسمنتية في منطقة الجمرك القديم لنقل المسلحين”.
وفي الشمال السوري، قتل عدد من عناصر قوات النظام والمليشيات المساندة له على يد فصائل المعارضة، صباح اليوم الأحد، خلال محاولتهم التسلل على أحد محاور القتال في جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي.
وذكر الناشط محمد المصطفى لـ”العربي الجديد”، أن مجموعة من قوات النظام حاولت التسلل على محور بلدتي كنصفرة – معرة موخص في منطقة جبل الزاوية جنوب إدلب، فتصدت لهم الفصائل العاملة في المنطقة، ما أسفر عن قتل عنصرين وإصابة آخرين لقوات النظام.
وأضاف المصطفى أنه تبع الاشتباك قصف مدفعي لفصائل المعارضة استهدف موقعاً للنظام جنوبي إدلب، ما أسفر عن عنصرين آخرين وإصابة آخرين بجروح.
من جهتها، قصفت قوات النظام بالمدفعية الثقيلة بلدة كنصفرة والقرى المجاورة لها، في محاولة لسحب جثث القتلى والجرحى من مقاتليها الذين سقطوا في المنطقة.
وكانت الطائرات الحربية الروسية شنت غارات جوية مكثفة بصواريخ شديدة الانفجار على قرية كفريدين في ريف إدلب الغربي، من دون وقوع إصابات.
وفي شرق البلاد، تعرّض موقع يتبع لمليشيا “لواء القدس” المدعومة من روسيا لهجوم شنه مجهولون يُعتقد أنهم تابعون لتنظيم “داعش”. وذكرت شبكة “فرات بوست” المحلية أن مليشيا “لواء القدس” كانت قد جمعت قواتها، فجر أمس، في منطقة الفكة بالقرب من جبال البشري في بادية دير الزور، للبدء بحملة تمشيط ضد عناصر التنظيم، إلا أن الأخير استهدف تجمعهم بقذائف الهاون وقذائف صاروخية، ما أسفر عن سقوط 3 قتلى وعدد من الجرحى في صفوفهم. كما قُتل الملازم في قوات النظام وائل عبد الرزاق سعيد، جراء هجوم مسلح استهدف حاجزاً للمليشيات في بادية أثريا غرب الرقة.
العربي الجديد
——————————-
درعا واتفاقات كسب الوقت/ عبسي سميسم
بدا واضحاً من جميع جولات التفاوض التي قام بها ممثلو النظام السوري مع اللجنة الممثلة لأهالي درعا البلد، أن كل صيغة اتفاق يتم التوصل إليها تحمل في مضمونها ثغرات تُمكّن النظام من استغلالها كذرائع لنقض الاتفاق نفسه. فالنظام والروس قد حددوا الهدف النهائي من جولات التفاوض، وهو بسط النظام سيطرته بشكل كامل على أحياء درعا البلد، وسحب كل السلاح الموجود فيها. مع العلم أن هذا السلاح أقرّ “اتفاق 2018” وجوده. ومن بين الأهداف الإضافية تهجير من يعارضون النظام مع عائلاتهم إلى الشمال السوري. ويعتمد النظام في تطبيق هذا المخطط على الظهور بمظهر المنفتح على التفاوض، واستخدام جولات التفاوض لتحصيل مزيد من التنازلات التي يستخدمها منطلقاً للمفاوضات المقبلة. كما يعمد إلى التلويح باللجوء إلى الحل العسكري من خلال القصف وقتل المدنيين وتدمير بعض المنازل بهدف الضغط على الحاضنة الشعبية في المنطقة، من أجل دفع لجنة التفاوض إلى تقديم التنازلات المطلوبة، بالإضافة إلى استخدام الحصار كوسيلة فعالة في إضعاف المواطنين تحت شعار “الجوع أو الركوع”، والتي من خلالها يتمكن من تحويل قضية درعا البلد من قضية سياسية إلى قضية إنسانية تنحصر المطالب فيها على تأمين المستلزمات الأساسية للمحاصرين للبقاء على قيد الحياة. وطبعاً يتم تطبيق هذا المخطط برعاية وسيط روسي يتبنّى مطالب النظام أصلاً، وبدعم غير محدود ممن يفترض أن يكون ضامناً إيرانياً، يسعى بكل الوسائل إلى فرض سيطرته على المنطقة الجنوبية عبر أدواته من قوات النظام.
وبعدما استبشر سكان درعا البلد خيراً بالاتفاق الأخير الذي تم برعاية روسية، خرق النظام الاتفاق بذريعة عدم تسليم كامل السلاح، وبذريعة وجود مطلوبين اثنين لم يتم تهجيرهما، ارتفع العدد فيما بعد إلى خمسين مطلوباً. ويشي هذا الأمر بأن النظام لن يلتزم بأي بند من بنود الاتفاقات، وإنما يستثمر الصمت الدولي من أجل تنفيذ مخططه في السيطرة على كامل منطقة خفض التصعيد الثالثة “المنطقة الجنوبية”، بذات الطريقة التي سيطر بها على منطقتي خفض التصعيد الأولى “ريف حمص الشمالي” والثانية “غوطة دمشق”، بتواطؤ من كل ضامني مسار أستانة. أما محاولات لجنة الأهالي التلويح بورقة التهجير لكل سكان درعا البلد فلا يبدو أنها ستجدي نفعاً، ما لم يطرأ تغير على مواقف الدول المتدخلة في الشأن السوري، مما يحصل في المنطقة الجنوبية، بشكل يضع حداً للاستفراد بسكان تلك المنطقة.
العربي الجديد
——————————
درعا: خريطة الطريق الروسية تقود إلى دمشق/ وائل عصام
تتبع دمشق سياسة إخضاع حثيثة وطويلة النفس لاستعادة المناطق الخارجة عن السيطرة، وبدا الحليف الروسي متحمسا أكثر من أي وقت مضى لإعادة كل الجنوب السوري إلى سلطة الدولة السورية، كما يقول ضابط روسي رفيع كان يتحدث لوفد المعارضة في درعا في تسجيل صوتي تم تسريبه للإعلام، يؤكد فيه على أن اتفاق 2018 لم يعد صالحا الآن، وهو ما ينسجم مع خطة «خريطة الطريق» التي قدمتها القوات الروسية للجان المعارضة السورية في درعا، والتي تنص صراحة على عودة هيمنة النظام على درعا البلد وطفس، ومناطق الجنوب كافة، وإجراء تسويات أمنية للمسلحين وخروج من لا يرغب بالتسوية إلى إدلب، حيث تنظر دمشق لإدلب على أنها «مستودع» للتخلص ممن لا يمكن التعامل معهم في المناطق التي تستعيدها أجهزة النظام.
ويبدو أن النظام يربط التقدم في ملف درعا مع ملف إدلب لعدة أسباب، أولها عدم القدرة على فتح جبهتين في الوقت نفسه، كما هي عادة النظام، نظرا لمحدودية الجهد العسكري والأمني، ثاني هذه الأسباب، إبقاء إدلب أرضا متاحة لتجميع المعارضين الرافضين للتسوية في درعا، ثالث الأسباب هو مراعاة الحليف الروسي لاتفاقه الأخير مع أنقرة ولو مؤقتا، ومن ثم قد يقول الروس لأنقرة، كما قال الضابط الروسي لوفد درعا: ما اتفقنا عليها سابقا لم يعد ممكنا الآن.
عمل النظام السوري طوال هذه الفترة على استدراج لجان درعا المعارضة لفخ «خريطة الطريق» الروسية، التي يكاد يجمع من قرأها على أنها خطة النظام تم تمريرها من خلال الروس، ويشرح عمر الحريري مدير منظمة شهداء درعا، خطة النظام التي اتبعها في درعا قائلا: «جرّنا النظام إلى المعركة التي يبدع في الانتصار فيها، معركة شراء الوقت بالمفاوضات، هذا الأسلوب الذي نصح يوما ما وليد المعلم خصومه بتعلم السباحة، خوفا من الغرق في تفاصيل المفاوضات». ويبدو أن عمليات سحب الحواجز من وسط درعا البلد، التي تمت قبل شهور، ودخول أرتال من الشرطة الروسية، كان يشار إليها حينها من قبل قطاع واسع من الإعلام المعارض الرغبوي، على أنه «تراجع للنظام من مواجهة الهجمات في درعا البلد» كانت خطة عسكرية منسقة مع الروس لتأمين تمركزات أقوى للنظام في درعا البلد، ويوضح عمر الحريري ذلك في مقاله: اشترى النظام الوقت، سحب الحواجز الضعيفة، وعزز تلك الرئيسية واستقدم التعزيزات وحشّد القوات وأعاد الانتشار، وحضّر نفسه للجولة الثانية من المعركة، الحواجز الضعيفة سهلة الضرب غير موجودة، وتلك الأقوى قليلا باتت أقوى كثيرا، والهجوم عليها بمبدأ العصابات قد يكون ذا تكلفة عالية، واحتمالات تلبية نداءات «الفزعة « من درعا البلد محدودة. استطاع النظام تحييد نقاط ضعفه، بينما خسرت مجموعات المعارضة سلاح العصابات التي امتلكته في الجولة الأولى». من المؤاخذات الشديدة على إعلام المعارضة تصوير الطرف الروسي وكأنه طرف محايد في درعا، يتم الثقة في ضماناته، بينما هو عدو في إدلب، وتم الترويج للفيلق الخامس ومجموعات المعارضة كافة التي عملت مباشرة مع الروس، وكأنها مجموعات تعمل مع طرف كأنه معارض للنظام السوري، لدرجة أن الناشط والكاتب المعارض المنتمي لدرعا عمر الحريري اعتبر في مقال له أن الفيلق الخامس «كان الفخ الذي نصبه الروس لحوران قبل ثلاث سنوات» و»الفخ الذي سقطت فيه وسائل إعلام عديدة ومقاتلون بالمئات ومدنيون بالآلاف، تم اختراع الفيلق وتصويره بأنه الضامن ضد انتهاكات النظام والرادع لتمدد الميليشيات الطائفية في جنوب سوريا».
وبينما كانت المواقع المعارضة تبرز تحركات الفيلق الخامس على أنها جزء من حالة الثورة المسلحة، يعتبر بعض المطلعين الموضوعيين في درعا، البعيدين عن الطروحات الشعبوية، أن الفيلق الخامس بقيادة أحمد العودة هو في الحقيقة موال للنظام، ويدلل عمر الحريري على ذلك أيضا بعدة شواهد يذكرها «في مارس 2020دخل الفيلق معززا بالمقاتلين لتصوير مشهد وساطة في الصنمين، رغم أن الصنمين حينها كانت قد أنجزت كل شيء مع النظام. في مايو 2020دخل الفيلق برتل مجلجل إلى قرفا لتصوير مشهد لجم النظام عن اعتقال عدد من أبناء البلدة، وإطلاق شعارات التهديد للمطالبة بإطلاق سراحهم، لم يطلق النظام سراح أحد في حينها. في يوليو 2020 صور مقاتلو الفيلق مظاهرات، ورددوا شعارات ضد النظام، ثم ذهبوا إلى سلمى في ريف اللاذقية لمساندة النظام، ضد فصائل المعارضة هناك. الفيلق ليس في صفهم، ودرعا البلد فضحت كل شيء».
القدس العربي
—————————
جريمة تهجير جديدة تهدد أهالي درعا البلد/ أمين العاصي
لم ينتظر النظام السوري طويلاً هذه المرة قبل الانقلاب على اتفاق أبرمه مع أهالي أحياء منطقة درعا البلد، جنوبي سورية، محاولاً فرض شروط جديدة لإتمام الاتفاق، وهو ما رفضه الوفد الممثل للأهالي الذي عاد للمطالبة بترحيل جماعي لآلاف المدنيين، إما إلى الأردن المجاور، أو الشمال السوري، فيما كان مشهد وصول “الباصات الخضراء” التي لطالما ارتبطت خلال سنوات الثورة بتهجير السوريين من مناطقهم بعد رفضهم للتسويات المجحفة، يشير إلى أن فرص التوصل إلى تفاهمات جديدة شبه معدومة، لتبقى جميع السيناريوهات مفتوحة.
وكشف الناشط الإعلامي أحمد المسالمة، في حديثٍ لـ “العربي الجديد”، أن القلق يسود أحياء درعا البلد، مع انهيار الآمال بتطبيق الاتفاق الذي أعلن عنه قبل أيام، مشيراً إلى أن “الباصات الخضراء” التي اعتاد النظام على تهجير السوريين بها، وصلت صباح أمس السبت إلى مدينة درعا، في خطوة تؤكد نيّته تهجير عدد كبير من سكان درعا البلد. وتوقّع المسالمة خروج الآلاف من المدنيين من منازلهم، خشية من قيام مليشيات النظام بعمليات تصفية ميدانية وانتهاكات واسعة، في حال دخولها أحياء درعا البلد. من جانبه، أشار المتحدث باسم “تجمع أحرار حوران”، أبو محمود الحوراني، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن الحافلات التي دخلت مدينة درعا هدفها نقل النازحين من الأحياء المحاصرة الموجودين في مباني المدارس في درعا المحطة إلى منطقتي إزرع وخربة غزالة، وليست مخصصة لتهجير سكان درعا البلد.
وكان المتحدث الرسمي باسم لجنة درعا المركزية عدنان المسالمة قد أوضح، يوم الأربعاء الماضي، أن الاتفاق المُبرم مع النظام، تحت إشراف روسي، ينص على “الوقف الفوري لإطلاق النار، ودخول دورية للشرطة العسكرية الروسية، وتمركزها في درعا البلد”. كما نصّ على “فتح مركز لتسوية أوضاع المطلوبين وأسلحتهم، ومعاينة هويات الموجودين في درعا البلد لنفي وجود الغرباء، ونشر أربع نقاط أمنية، وفك الطوق عن محيط مدينة درعا، وإعادة عناصر مخفر الشرطة، والبدء بإدخال الخدمات إلى درعا البلد، والعمل على إطلاق سراح المعتقلين وبيان مصير المفقودين بعد مضي خمسة أيام على تطبيق هذا الاتفاق”. لكن النظام السوري عاد وطالب بتسليم السلاح، ونشر تسع نقاط داخل الأحياء السكنية، عند مدرسة القنيطرة والشلال والحرش في حي طريق السد، وعند مبنى البريد وفي مدخل حي الكرك من الجهة الغربية لدرعا البلد، ونقاط أخرى عند دوار الكازية من جهة حي المنشية ومبنى الشبيبة الواقع بقرب حاجز السرايا، ومسجد بلال الحبشي في حي الأربعين، والمسلخ البلدي بدرعا البلد.
ومع انهيار الاتفاق، طالبت لجنة التفاوض عن الأهالي، بتأمين مكان آمن لكل من يرغب بالخروج من مدينة درعا، بحسب المتحدث الرسمي باسم اللجنة، عدنان المسالمة، الذي أكد رفض أهالي درعا البلد وجود نقاط عسكرية داخل الأحياء السكنية، وتسليم جميع الأسلحة الفردية، وموافقتهم على تسوية أوضاع عدد من الشبان.
وحول هذه التطورات، أكدت مصادر مطلعة في درعا لـ “العربي الجديد” أن ضباطاً في قوات النظام وأجهزته الأمنية موالين للجانب الإيراني “أفشلوا الاتفاق”، مشيرة إلى أن قائد الفرقة الرابعة في محافظة درعا اللواء علي محمود، شدد على أن قوات النظام لن تتوقف عند درعا البلد، بل ستصل إلى بلدة طفس في ريف درعا الغربي، وإلى بصرى الشام في ريف درعا الشرقي، معقل أحمد العودة قائد “اللواء الثامن” التابع للجانب الروسي، ضمن “الفيلق الخامس”. مع العلم أن اللواء الذي يضم مئات المقاتلين من أبناء محافظة درعا، لم يتحرك باتجاه تقديم مساعدة عسكرية واضحة للمقاتلين المدافعين في أحياء درعا البلد.
من جانبه، أوضح أحد أعيان درعا البلد، عماد المسالمة، في حديث مع “العربي الجديد”، أن النظام “انقلب مرتين على الاتفاقات”، مضيفاً: وصلنا إلى طريق مسدود بسبب تعنّت النظام. واعتبر أن وفد النظام نقض اتفاق الأربعاء، مشيراً إلى أنه عاد للمطالبة بمائة بندقية ونشر تسع نقاط عسكرية وأمنية، وتفتيش كل المنازل في درعا البلد. وقال: في المقابل طالبنا بتوفير ممر آمن باتجاه الأردن أو الشمال السوري لنحو 20 ألف شخص من أحياء درعا البلد.
ويعاني آلاف المدنيين من تبعات حصار خانق تفرضه قوات النظام ومليشيات تساندها، منذ أكثر من 75 يوماً، متسبباً بأزمة معيشية تكاد تصل إلى حدود الكارثة مع انعدام الدواء والغذاء، فضلاً عن القصف المستمر الذي يؤدي إلى مقتل وإصابة مدنيين.
وتدل الوقائع على أن الأوضاع في درعا البلد، وفي عموم محافظة درعا، مفتوحة على كل الاحتمالات، بما فيها العودة إلى الصدامات العسكرية في أكثر من بلدة، مع انعدام كل السبل للتوصل إلى اتفاق يرضي الأهالي، الذين طالبوا الأردن بفتح حدوده لاستقبالهم. ويضمً الأردن أساساً أكثر من مليون لاجئ سوري، لذا من المستبعد أن يفتح حدوده مرة أخرى أمام لاجئين سوريين جدد. كما بات الشمال السوري مكتظاً بملايين المدنيين، وجلّهم من النازحين من مختلف المناطق في سورية، وسط ظروف معيشية صعبة. ويتكرر الأمر في محافظة إدلب، شمالي غرب سورية، الخاضعة لسيطرة “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً)، فضلاً عن كون المنطقة هدفاً دائماً للطيران الروسي، الذي يقتل بشكل دائم مدنيين بحجة “استهداف تنظيمات متطرفة”.
وكان واضحاً منذ البداية عدم جدية النظام في التوصل لحل سياسي للأزمة التي افتعلها في درعا البلد، الخاضعة أصلاً لاتفاق تسوية أشرف عليه الروس في عام 2018، وينصّ على عدم دخول قوات النظام إلى الأحياء السكنية، واحتفاظ مقاتلي المعارضة بسلاحهم الفردي. ويبدو أن تسويات عام 2018 كانت خطوة باتجاه عودة قوات النظام والأجهزة الأمنية لاحقاً إلى كل المدن والبلدات في محافظة درعا، كما كان عليه الوضع قبيل انطلاق الثورة السورية في ربيع عام 2011. ويريد النظام فرض سيطرة كاملة على المحافظة لأسباب عدة، بعدما كانت السبّاقة إلى إعلان الثورة عليه في مارس/آذار 2011، مع خروج معظم مناطقها عن سيطرته.
كما يريد النظام وضع يده على الجنوب السوري برمّته والقضاء على معارضيه، في ظل حديث عن محاولة لبنانية لاستجرار غاز من مصر من خلال إحياء مشروع خط الغاز العربي الممتد من مصر مروراً بالأردن وسورية وصولاً إلى ميناء مدينة طرابلس في شمال لبنان. ويرى الباحث السياسي في مركز “الحوار السوري” محمد سالم، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “النظام يحاول استعادة السيطرة على عموم سورية، في إطار سياسة ثابتة معتمدة لديه، ولا يريد أي حل سياسي لأنه يؤدي إلى انهياره. ويشير إلى أن لدرعا رمزية عالية لدى الشارع السوري المعارض، والنظام يريد إجهاض الثورة في سورية بشكل كامل. ويرى سالم أن إيران “تريد تهجير كل الكتلة المعارضة للنظام في جنوب سورية، لاستكمال مخطط التغيير الديمغرافي الذي تقوم به في عدة مناطق سورية ذات مواقع جغرافية مهمة”.
——————————–
اتفاق درعا ينهار من جديد والأهالي يطالبون بترحيلهم جماعياً إلى الأردن أو تركيا/ هبة محمد
قالت وكالة “سانا” التابعة للنظام السوري، إن إسرائيل نفذت ضربات جوية على أهداف قرب دمشق في ساعة مبكرة أمس الجمعة، وإن الدفاعات الجوية السورية تصدت لها دون أن تتسبب الهجمات في خسائر بشرية، وذلك في ثاني هجوم من نوعه خلال أسبوعين. وامتنع جيش الاحتلال “الإسرائيلي” عن التعليق.
وقال الجيش الإسرائيلي إن صاروخ أرض/ جو انطلق من سوريا باتجاه المجال الجوي الإسرائيلي وانفجر فوق البحر المتوسط، مضيفاً “أن السكان في وسط إسرائيل عثروا على عدة شظايا للصاروخ على الأرض”.
وتحدث الكثير من السكان بوسط إسرائيل عن سماع دوي انفجار قوي، في الوقت الذي أعلنت فيه سوريا عن الضربة. وذكر مصدر أمني لبناني لوكالة رويترز أنه أمكن أيضاً سماع دوي انفجارات في لبنان.
وفي الجنوب السوري انهارت اتفاقية درعا التي أبرمت بعد سلسلة جولات تفاوضية بين وفد من النظام السوري، برئاسة رئيس المخابرات العامة حسام لوقا من جهة، واللجنة المركزية المسؤولة عن التفاوض باسم أحياء مدينة درعا من جهة ثانية، نتيجة محاولة وفد النظام فرض شروط إضافية على لجنة المفاوضات.
وقالت مصادر خاصة لـ “القدس العربي” إن رئيس المخابرات العامة الذي يترأس وفد النظام، طرح مطالبه لإنهاء الحصار على الأحياء وسحب القوات المهاجمة مقابل إقامة 9 نقاط أمنية في “درعا البلد”، بهدف فصل أحياء المخيم وطريق السد عن البلد، والسماح لقوات النظام بمداهمة وتفتيش المنازل، بينما طالب قائد الفرقة الرابعة في درعا بتسليم أهالي الأحياء المذكورة كافة الأسلحة التي بحوزتهم.
عضو لجنة التفاوض أبو علي المحاميد أكد لـ “القدس العربي” توقف عملية التفاوض مع النظامين السوري والروسي، وقال إن “إيران لا تريد الاتفاق في درعا وتسعى لإفشال اي اتفاق يبرم فيها”.
كما أعلن الناطق باسم لجنة التفاوض في درعا عدنان المسالمة، الجمعة، عبر صفحته الشخصية على موقع “فيسبوك” انهيار عملية التفاوض مع النظام السوري، وقال “وصلنا إلى طريق مسدود بالمفاوضات مع النظام”، محملاً إيران وأدواتها المحلية مسؤولية توتر الأوضاع، حيث قال “إيران أفشلت ما توصلنا إليه في الاتفاق الذي أعلنا عنه قبل يومين”.
——————————–
سورية: نقطة خلاف رئيسية أدت لانهيار اتفاق درعا البلد/ عدنان أحمد
عادت أجواء الاحتقان إلى محافظة درعا جنوبي سورية، وخاصة منطقة درعا البلد، وذلك بعد يومين من الانفراج الذي حصل إثر التوصل إلى اتفاق بين ممثلي الأهالي والنظام السوري برعاية روسية، حيث يقول الأهالي إن النظام، انقلب على الاتفاق بدعم روسي.
وذكر الناشط أبو محمد الحوراني لـ”العربي الجديد”، أن “مليشيات الفرقة الرابعة والمليشيات الإيرانية عاودت أمس الجمعة، استهداف الأحياء السكنية في درعا البلد، بعد نجاحها في نسف الاتفاق”، مشيرا إلى أن “المليشيات التي تحاصر درعا البلد منذ نحو 75 يوماً، قصفت ليلاً الأحياء السكنية بالأسلحة الرشاشة، بعد يومين من الهدوء الحذر أثناء تطبيق بنود من الاتفاق الأخير”.
وأضاف الحوراني أن النظام “جهز نفسه كما يبدو للانقضاض على الاتفاق، حيث تقوم طائرات استطلاع تابعة له بالتحليق في سماء درعا البلد والمناطق المحاصرة المحيطة بها، فيما أحضرت قوات النظام حافلات مع عناصر من الهلال الأحمر السوري التابع للنظام، استعدادا لتهجير الأهالي”.
وشهد بعد ظهر أمس الجمعة انهيار المفاوضات التي ترعاها روسيا بين لجان التفاوض في درعا واللجنة الأمنية التابعة للنظام، وسط اتهامات متبادلة بين الجانبين حول فشل هذه المفاوضات، وذلك بسبب رفض لجان درعا تسليم كامل السلاح والسماح لقوات النظام بالدخول وتفتيش أحياء درعا بشكل عشوائي، بينما اتهم الجانب الروسي لجان درعا بالإخلال بالاتفاق الذي يقضي بتسليم كامل السلاح والعمل على تسويات جديدة لجميع المسلحين المحليين.
خيارات محدودة
ولدى سؤال “العربي الجديد” المحامي عدنان المسالمة، الناطق باسم لجنة التفاوض المركزية الممثلة لأهالي درعا عن سبب هذه التعقيدات، وهل كان الاتفاق واضحا وتراجع عنه النظام أم هناك اختلاف بالتفسير، أجاب “السبب أن الخيارات أمامنا كانت محدودة. إما قبولنا أن تصبح درعا البلد ثكنة عسكرية لكثرة النقاط الأمنية فيها، أو أن نخوض حربا يتم فيها تدمير كل ما تبقى من بيوت بعد القصف الشديد الذي تعرضت له درعا البلد من بداية الحصار ومقتل الأبرياء، أو أن نترك بيوتنا وأرضنا للحفاظ على أرواحنا”.
وأكد المسالمة أن اللجنة المركزية حددت للروسي أن تكون وجهة التهجير حصراً إلى داخل الأراضي الأردنية أو التركية. وأعلن قبل ذلك أنهم وصلوا إلى طريق مسدود في التفاوض مع النظام بشأن درعا البلد، بسبب “الشروط التعجيزية التي طرحتها اللجنة الأمنية التابعة للنظام وهي تسليم السلاح بشكل كامل وتفتيش منازل المدنيين”.
ويقول ممثلو الأهالي، إن الاتفاق كان ينص على تسوية أوضاع نحو 40 مطلوباً للنظام وتسليم أسلحتهم وإنشاء أربع نقاط عسكرية يتبع عناصرها لأحد الأفرع الأمنية دون دخول أي قوات من الجيش أو آليات عسكرية ثقيلة.
ووفق شبكات محلية، فقد طلب الضباط الروس ورئيس اللجنة الأمنية التابعة للنظام اللواء حسام لوقا، زيادة عدد النقاط العسكرية إلى تسع، وقدموا خارطة تموضع للنقاط وجميعها تقع ضمن الأحياء السكنية، وتضم أحياء المسلخ البلدي ومدخل حيي الكرك ودوار الكازية ومسجد بلال ومبنى البريد في درعا البلد، إضافة إلى مدرسة القنيطرة وموقع القبة والحرش ومبنى الشبيبة في حي طريق السد.
كما طالبت روسيا والنظام مجددا بتسليم كامل السلاح في الأحياء المحاصرة بخلاف ما اتفق عليه الطرفان قبل يومين، إضافة إلى القيام بحملة تفتيش واسعة في الأحياء المحاصرة. وحسب المصادر، فقد حاول الضباط الروس والتابعون للنظام خلال اجتماع يوم أمس الجمعة حصر الاتفاق بدرعا البلد فقط دون الأحياء الأخرى، بهدف القيام بحملة عسكرية تستهدف حيي المخيم وطريق السد بذريعة وجود مطلوبين للنظام.
ومع انهيار الاتفاق، طالبت لجنة التفاوض، الجنرال الروسي واللجنة الأمنية بتأمين تهجير لكل من يرغب بالخروج من مدينة درعا إلى مكان آمن في تركيا أو الأردن، بحسب الناطق الرسمي عدنان المسالمة، الذي أكد رفض أهالي درعا البلد وجود نقاط عسكرية داخل الأحياء السكنية، وتسليم جميع الأسلحة الفردية، وموافقتهم على تسوية أوضاع عدد من الشبان في درعا البلد.
نقطة خلاف رئيسية
ورأى الناشط محمد الحوراني في حديثه مع “العربي الجديد”، أن “نقطة الخلاف الأساسية تتمثل في طلب زيادة الحواجز والنقاط العسكرية داخل درعا البلد، والتي يريد النظام من خلالها فرض رقابة لصيقة على الأهالي ومحاصرة حركتهم وابتزازهم، إضافة إلى فصل منطقة درعا البلد عن حي طريق السد ومخيم درعا، وذلك تمهيداً لشن حملة تفتيش واعتقالات في المنطقة للبحث عن المطلوبين للنظام”.
من جهتها، اتهمت وكالة “سانا” التابعة للنظام من وصفتهم بالمسلحين بتعطيل تطبيق الاتفاق الأخير، بسبب تراجعهم عن تنفيذ شروط قبلوا بها سابقاً وفي مقدمتها تسليم الأسلحة الخفيفة والمتوسطة.
وكان الجانبان توصلا مطلع الشهر الجاري إلى اتفاقٍ جديد قضى بوقف إطلاق النار لمدة 3 أيام، يتم خلالها إجراء تسويات وتسليم قسم من السلاح إضافةً إلى إنشاء نقاط عسكرية يشارك بها اللواء الثامن المدعوم من روسيا، على أن يتم بعد ذلك فك الحصار عن الأحياء المحاصرة، دون دخول النظام إليها.
الى ذلك، قتل شخصان وأصيب آخر، جراء عملية اغتيال بالرصاص نفذها مجهولون، بالقرب من معصرة “الجهماني” بين بلدتي النعيمة وصيدا شرق درعا. وذكر موقع “تجمع أحرار حوران” أن الشبان الثلاثة يعملون لصالح فرع الأمن العسكري في المنطقة.
كما شنت قوات النظام أمس الجمعة حملة اعتقالات طاولت أكثر من 15 شاباً من أهالي بلدة قرفا بريف درعا، بحجة إحراق ممتلكات وتكسير منازل، وذلك بعد خروج الأهالي بمظاهرات وإغلاق عدد من الطرقات.
إلى ذلك، ناشد أهالي وفعاليات مدينة درعا، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، والمبعوث الخاص لها غير بيدرسون، ووزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وسفراء دول أصدقاء سورية، بالتدخل السريع لإنقاذ حياة الأهالي في درعا.
وحث الأهالي في بيان صدر أمس الجمعة على التحرك لإنقاذ أكثر من 50 ألف إنسان “من المدنيين المهددين بإبادة جماعية بعد الحصار القاسي الذي فرضه نظام الأسد على درعا منذ 75 يوماً، في ظل الهجمات العسكرية الهمجية والقصف المدفعي العشوائي على منازل وأحياء المدنيين بمشاركة من المليشيات الإيرانية التي تهدف إلى فرض سيطرة إيران على الجنوب السوري”.
العربي الجديد
——————————
تسوية درعا: احتمال الانفجار يكمن في التفاصيل/ عماد كركص
طيلة الشهرين الماضيين من الأحداث الأخيرة في أحياء درعا البلد في الجنوب السورية، حاولت إيران عبر أذرعها الحيلولة دون التوصل إلى اتفاق ينهي التصعيد، إلا أن الروس فرضوا الالتزام، حتى الآن، باتفاق التسوية الأخير الذي جرى التوصل إليه قبل أيام، والذي أعاد محافظة درعا إلى وضع الهدوء الحذر بانتظار تطبيق كامل بنود الاتفاق. وهو اتفاق عدّه مراقبون انتصاراً لأهالي درعا أمام رغبة النظام والإيرانيين بالتوغل أكثر في المحافظة للسيطرة عليها بالمطلق، وإنهاء أي مظاهر للمعارضة فيها.
وحاول النظام، وبالتحديد الضباط المحسوبين على إيران في اللجنة الأمنية لمحافظة درعا، أول من أمس الخميس، الالتفاف على الاتفاق لجهة تعديله بهدف خرقه، لصعوبة قبول أهالي درعا بالكثير من التعديلات المطروحة. وطالب رئيس اللجنة الأمنية في درعا اللواء حسام لوقا بتسليم عدد إضافي من الأسلحة الفردية، وزيادة عدد الحواجز التي ستنتشر في درعا التابعة لفرع الأمن العسكري، لكن المفاوضين والأهالي رفضوا ذلك، قبل أن تدخل روسيا مجدداً لوضع حلول وسطية، حفاظاً على استمرار الاتفاق. وقضى الاتفاق الرئيسي، بدخول دوريات تابعة للشرطة العسكرية الروسية وتمركزها في درعا البلد، وفتح مركز لتسوية أوضاع المطلوبين وأسلحتهم، ونشر أربع نقاط أمنية، ومعاينة هويات الموجودين في أحياء درعا البلد لنفي وجود غرباء فيها، إضافةً إلى إعادة عناصر مخفر الشرطة، وإدخال الخدمات إلى الأحياء، والعمل على إطلاق سراح المعتقلين وبيان مصير المفقودين.
وقالت مصادر محلية في درعا لـ”العربي الجديد”، أمس الجمعة، إن الأوضاع عادت إلى نصابها بعد التوتر الذي جرى أول من أمس الخميس إثر مطالبة النظام بتسليم قطع سلاح، ونشر نقاط عسكرية بعدد أكبر من المتفق عليه. وكانت قوات النظام والمليشيات قد لجأت إلى نصب مرابض جديدة لصواريخ أرض – أرض من نوع “فيل” في المنطقة الصناعية بدرعا المحطة، بعد مطالبتها بـ40 بندقية إضافية ورشاشي دوشكا، ومحاولة نشر تسعة حواجز بدل ثلاثة، والسماح لقوات النظام بتفتيش المنازل بدلاً عن الجانب الروسي. في المقابل، أشارت مصادر أخرى إلى أن الجانب الروسي لا يزال يرعى مداولات بين ضباط من اللجنة الأمنية ولجنة التفاوض لحل هذه الإشكالات، إضافة إلى التعامل مع الوضع في المخيم المجاور وطريق السد، لأن الاتفاق يشملهما، لأن المجموعات المسلحة هناك لم تعطِ موافقتها بعد على الاتفاق.
من جهته، أشار الناشط الإعلامي، أيمن أبو نقطة، إلى أن محاولات اللواء حسام لوقا، المحسوب على إيران، الالتفاف على الاتفاق وتعطيله، فشلت عندما تم التوصل إلى حلول وسط، لا سيما من خلال عدد الحواجز، إذ طالب لوقا برفع العدد من أربعة إلى تسعة، في حين استقر الأمر على ستة حواجز فقط. وأضاف أبو نقطة في حديث مع “العربي الجديد” أن النظام خرج بمطلب جديد، يتمثل بتهجير اثنين من المطلوبين، وهما محمد المسالمة المعرف بـ”الهفو”، ومؤيد حرفوش المعروف بـ”أبو طعجة”، والاثنان من عناصر المعارضة المسلحة السابقين في درعا قبل اتفاق 2018، وكانا يتبعان لـ”جبهة ثوار سورية”، الفصيل الموالي لـ”الجيش السوري الحر” ويتلقى دعماً غربياً. وأشار أبو نقطة إلى أن النظام يتهم الاثنين بأنهما من عناصر تنظيم “داعش”، وهذا غير صحيح. وأشار إلى أن المطلوبين موجودان في مخيم درعا، وقد أعطاهما النظام مهلة، إما الانصياع للتسوية أو التهجير، أو محاصرة المخيم، ما ينذر بتجدد التصعيد وربما انهيار الاتفاق.
وبنظرة شاملة على الاتفاق وإمكانية تطبيقه كاملاً وصموده، رأى الصحافي علي عيد، ابن محافظة درعا، أن “الاتفاق، وعلى الرغم من أهميته بالنسبة للمجتمع المحلي، لتثبيت الأهالي في أرضهم ومنع تهجيرهم، إلا أنه غير ناجز، لأن بنوده تحمل عوامل تفجير من داخل نصوصها. وهذا ما يحاول النظام استغلاله”.
وكشف في حديثٍ لـ”العربي الجديد” أنه “بالنسبة للبند المتعلق بمطابقة البطاقات الشخصية، كان الحديث عن مطابقة بطاقات الغرباء، ثم تطور إلى مطابقة بطاقات جميع الأهالي القاطنين في أحياء درعا. وكذلك الأمر بالنسبة لقوائم المطلوبين، كان الحديث عن اثنين (المسالمة والحرفوش) وزاد العدد إلى قائمة تضم خمسين مطلوباً بحسب ما وصلني، وربما يتطور الأمر لضم أسماء كثيرة في الأيام المقبلة، لأن القوائم ستتداخل مع بعضها، لا سيما مع وجود قوائم تضم المتخلفين عن الخدمة العسكرية، بالإضافة إلى آلية توزيع النقاط العسكرية داخل ومحيط درعا، يمكن تفسيرها على أكثر من نحو، ما يتيح للنظام، بمعاونة إيران حيناً، وروسيا في حين آخر، استغلالها لنقض الاتفاق”. وأضاف عيد أن الأجندات بالنسبة لكل من إيران وروسيا في درعا مختلفة، فأجندة الإيرانيين متعلقة بالشق الأمني، فيما يركز الروس على الجانب الاقتصادي الذي يوازيه مرور أمني، عبر محاولتهم تأمين كامل المنطقة لتحقيق عوائد اقتصادية من خلال حركة مرور الترانزيت، والحيلولة دون مرور خطي الغاز والكهرباء العربيين، ويريدون أيضاً عوائد سياسية لعكس صورة أمام المجتمع الدولي كقوة كبرى تدخلت لتأمين البلاد، بحسب ادعاءاتهم.
وأفاد عيد أن الاتفاق يتضمن مراحل لم تنتهِ بعد حتى يتم الحكم على الاتفاق، لكن بالعودة إلى مطالبة النظام بتسليم الشخصين المطلوبين أو تهجيرهما أو تسوية وضعهما، فإننا اليوم أمام خيارين: الأول الانصياع، والثاني هو التعامل العسكري معهما. ورأى أن النظام سيلجأ إلى الخيار الثاني، ما سيفجر الوضع مجدداً في درعا، نظراً للحالة الشعبية والعشائرية في المحافظة، وربما يكون هناك التفاف وتضامن مع المطلوبين، سواء من قبل الأهالي ومجموعات المقاتلين السابقين. وشدّد عيد على أن الاتفاق يبقى تحت النظر، مشيراً إلى أن الاتفاق ليس إيجابياً بالمطلق سوى من منع تهجير الأهالي، بعد 70 يوماً من الحصار والقصف، مضيفاً: “علينا وضع عين أخرى على الخطوة التالية التي يتحدث عنها الروس والنظام والإيرانيون، أي الريف الغربي ومدينة طفس، وكذلك الريف الشمالي ومدينة جاسم، وهذا ما سيفتح احتمالية تصعيد جديدة في المحافظة أيضاً”.
—————————
عشرات آلاف المدنيين السوريين مهددون بالتهجير من درعا البلد/ عماد كركص
ناشدت فعاليات من منطقة درعا البلد في محافظة درعا جنوبي سورية، يوم الجمعة، الأمم المتحدة من أجل التدخل السريع لإنقاذ حياة أكثر من 50 ألف سوري يهدد نظام بشار الأسد بتشريدهم مع أسرهم، بعد إعلان مسؤول في لجنة التفاوض قبول المسؤولين الروس بخيار تهجير الأحياء المحاصرة، ووصول مسار تنفيذ بنود التهدئة الأخيرة إلى طريق مسدود.
ووجّهت الفعاليات رسالة للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، ووزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس الأمن، والمبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية، غير بيدرسن، وسفراء دول أصدقاء سورية طالبوا فيها بحثّ روسيا على الحفاظ على اتفاقية 2018 بوصفها ضامناً، لمنع أي هجوم على المدنيين المحاصرين منذ 75 يوماً.
وقال الناطق باسم لجنة التفاوض عدنان المسالمة لتجمع “أحرار حوران”: “اتخذنا قرار التهجير بسبب انحسار الخيارات أمامنا، ولم يبق أمامنا إلا القبول بالعيش في ثكنة عسكرية أو خوض حرب تُدمّر فيها بيوتنا ويُقتّل أبناؤنا، لذا اخترنا أن نهجر بيوتنا للحفاظ على أرواح أهلنا”.
وأشار إلى أنّ الآلاف من أهالي الأحياء المحاصرة في مدينة درعا يتجهزون للتهجير الجماعي يوم السبت نحو الأردن أو تركيا، وأضاف “حددنا للروسي أن تكون وجهة التهجير حصراً إلى داخل أراضي الأردن أو تركيا، وأن النظام انقلب على الاتفاق المبرم برعاية روسية، وقد أخبرنا مكتب المبعوث الأممي بذلك”.
وقال المسالمة، في حديث سابق مع “العربي الجديد”: “لقد وصلنا إلى طريق مسدود بالمفاوضات مع النظام، وطالبنا بالخروج الآمن إلى الأردن أو تركيا لمن يرغب من المدنيين الذين يقطنون الأحياء المحاصرة”.
وذكر موقع “نبأ” الإعلامي أنّ النظام انقلب على الاتفاق الذي نص على تسوية أوضاع نحو 40 مطلوباً وتسليم أسلحتهم وإنشاء أربع نقاط عسكرية يتبع عناصرها لأحد الأفرع الأمنية دون دخول أي قوات من الجيش أو آليات عسكرية ثقيلة.
وأكّد أن الجنرال الروسي من أصول شيشانية، أسد الله، ورئيس اللجنة الأمنية اللواء حسام لوقا، طلبا، الخميس، زيادة عدد النقاط العسكرية إلى تسع وقدّما خارطة تموضع للنقاط وجميعها تقع ضمن الأحياء السكنية.
ولفت إلى أن روسيا والنظام طالبا مجدداً بتسليم كامل السلاح في الأحياء المحاصرة بخلاف ما اتفق عليه الطرفان قبل يومين، كما أضافا مطلب القيام بحملة تفتيش واسعة في الأحياء المحاصرة.
وبحسب تسجيلات حصل عليها الموقع فإنّ الجنرال الروسي أفصح خلال اجتماعه مع وجهاء من المحافظة، عن مسعى دولته والنظام في السيطرة على جميع المناطق في درعا وليس فقط درعا البلد.
—————————-
اتفاق درعا ينهار مجدداً والنظام يتحايل على بنوده: مطالبة لتأمين “طريق تهجير آمن”/ عبدالله البشير
أعلنت لجنة المفاوضات مع النظام السوري في محافظة درعا، جنوبي البلاد، اليوم الجمعة، أن تنفيذ بنود الاتفاق وصل إلى طريق مسدود، بعد محاولة قوات النظام التحايل على البنود التي تم الاتفاق عليها سابقاً برعاية روسية، وأدت إلى توقف إطلاق النار والعمليات العسكرية على أطراف أحياء درعا البلدة المحاصرة منذ نحو شهرين.
وقال الناطق باسم لجنة التفاوض بدرعا عدنان المسالمة لـ”العربي الجديد” لقد وصلنا إلى طريق مسدود بالمفاوضات مع النظام، وطالبنا بالخروج الآمن إلى الأردن أو تركيا لمن يرغب من المدنيين الذين يقطنون الأحياء المحاصرة.
وفي حديث للمسالمة مع تجمع “أحرار حوران” قال “أبلغنا اللجنة الأمنية والجانب الروسي بأن أهالي أحياء درعا المحاصرة غير قادرين على تقبل شروط تسليم السلاح وتفتيش المنازل والتعايش مع وجود حواجز عسكرية في أحيائهم”.
وأشار إلى أنهم طالبوهما بتأمين طريق تهجير آمن لأهالي الأحياء المحاصرة إلى الأردن أو تركيا، لافتاً إلى أن إيران أفشلت ما تمّ التوصل إليه في الاتفاق الذي أعلن عنه قبل يومين.
وقال مصدر من داخل أحياء مدينة درعا لـ”العربي الجديد” إن قوات النظام نشرت 10 نقاط تفتيش داخل الأحياء المحاصرة بدل ثلاث، وطالبت بتسليم المزيد من الشبان، وهدفها من ذلك الاستفراد بكل حي محاصر لتنفيذ الاعتقالات وعمليات السرقة داخله.
وأشار إلى أن أعضاء لجنة المفاوضات عن أهالي درعا دخلوا في اجتماع مغلق من أجل اتخاذ قرار موحد، وإبلاغه للقوات الروسية التي رعت كل الاتفاقيات الأخيرة والهدن، وكونها القوة الكبرى في المنطقة.
وشهد يوم أمس الخميس توتراً إثر مطالبة النظام بتسليم قطع سلاح، ونشر نقاط عسكرية بعدد أكبر من المتفق عليه، كما بادرت قواته إلى نصب مرابض جديدة لصواريخ أرض – أرض من نوع فيل في المنطقة الصناعية بدرعا المحطة، بعد مطالبتها بـ 40 بندقية إضافية و2 رشاش دوشكا، ومحاولة نشر تسعة حواجز بدل ثلاثة، والسماح لقوات النظام بتفتيش المنازل بدلاً عن الجانب الروسي.
وفي الساعات الأولى من صباح اليوم شنت قوات النظام حملة اعتقالات في بلدة قرفا الواقعة بريف درعا الأوسط، وذلك بتهمة إثارة الشغب وحمل السلاح، اعتقلت خلالها 17 شاباً.
وعقب ذلك شهدت البلدة استنفاراً أمنياً لقوات النظام التي عززّت نقاط تفتيشها على أطرافها، بعد مطالبة وجهاء البلدة بتسليم المطلوبين بالإضافة إلى الشباب الذين اعترضوا طريق الدورية.
وكان المتحدث الرسمي باسم لجنة درعا المركزية عدنان المسالمة قد أوضح، الأربعاء الماضي، أن الاتفاق الذي أبرم مع النظام، تحت إشراف روسي، ينص على “الوقف الفوري لإطلاق النار، ودخول دورية للشرطة العسكرية الروسية، وتمركزها في درعا البلد”.
كذلك نصّ على “فتح مركز لتسوية أوضاع المطلوبين وأسلحتهم، ومعاينة هويات الموجودين في درعا البلد لنفي وجود الغرباء، ونشر أربع نقاط أمنية، وفك الطوق عن محيط مدينة درعا، وإعادة عناصر مخفر الشرطة، والبدء بإدخال الخدمات إلى درعا البلد، والعمل على إطلاق سراح المعتقلين وبيان مصير المفقودين بعد مضي خمسة أيام على تطبيق هذا الاتفاق”، وفق المسالمة.
——————————-
“شاروخ أبو علي” في درعا يشغل السوريين.. ما قصته؟
تحول ابو علي محاميد، أحد وجهاء مدينة درعا الذي فاوض الضباط الروس على اتفاق أوقف هجوماً من الجيش السوري النظامي على المدينة، الى الشغل الشاغل للسوريين، وذلك عندما جلس قبالة الضباط الروس واضعاً ساقاً فوق ساق.
وظهر المحاميد في صورة حيث يضع وضع ساقاً فوق ساق، قبالة الضباط الروس، وهو ينتعل “مشاية” في قدمه التي رُفعت قبالة الضباط. وقال ناشطون سوريون ان هذه الصورة “تظهر حجم القوة عند المعارضين” في مقابل “الذل الذي ظهر فيه الاسد لدى اجتماعه بهم”.
الكل تحدث عن {{شاروخ}}ابو علي وجلسته
ابو علي كان واثقا لان وراءه رجال
قلناها منذ نهاية 2016 عندما بدأت الاجتماعات
((اذا لم تكن قويا على الارض لن تستطيع فعل شيء في السياسة))
— صهيب الاشقر (@suhiaba76) September 2, 2021
الكل يجلس مؤدباً في حضرة أبو على محاميد pic.twitter.com/eF6WKK30yQ
— عمار آغا القلعة (@Ammaraghaalkala) September 1, 2021
ويطلق أهالي درعا على المشاية عبارة “شاروخ”، وغردوا في “تويتر” تحت وسم “شاروخ أبو علي” للإشارة الى جلسة ابو علي محاميد قبالة الوفد التفاوضي الروسي.
وأبرم قادة عسكريون روس الاتفاق في وقت متأخر من مساء الثلاثاء لتجنب حرب عصابات دامية، بعدما نفذت الفرقة الرابعة في الجيش السوري أعنف قصف يشهده قلب مدينة درعا خلال شهرين من الحصار.
بعبارة أخرى، كانت الثورة السورية صراعا بين البوط العسكري والشاروخ!
— Mustafa Aljarf (@MustafaAlaziz) September 2, 2021
ورفعت القوات الروسية العلم الروسي والعلم السوري داخل درعا البلد، وقال مفاوضون إن الفصائل المسلحة في المنطقة بدأت بموجب الاتفاق تسليم الأسلحة الخفيفة، بناء على تطمينات بأن الشرطة العسكرية الروسية هي التي ستنفذ الدوريات وتحرس نقاط التفتيش لمنع جماعات مسلحة مدعومة من إيران من الدخول، بما يمنع حدوث عمليات انتقامية. وبدأت الشرطة العسكرية الروسية الأربعاء بتنفيذ دوريات.
#درعا_البلد علّمت العالم معنى الكرامة، بدءاً من كتابة أطفالها على الجدران ٢٠١١، وحتى شاروخ أبو علي محاميد اليوم. pic.twitter.com/2kEeqiRZ3g
— Mohamad Abazeed (@AbazidMohamad) September 1, 2021
الشاروخ يلي مابعجبك بفجك وبكسر راسك وراس يلي خلفك
شاروخ : إسم مذكر مرفوع وعلامة رفعه رِجل ابو علي المحاميد بوجه الإحتلال الروسي والعصابة الأسدية
(الشاروخ تعني النعل باللهجة الحورانية) pic.twitter.com/ZbIR5ahDZd pic.twitter.com/cSapE5P7j4
— أبو العبد الشامي (@dqsOubwDNEvYqTD) September 1, 2021
————————-
العقدة الخفية لإحباط اتفاق درعا..إيران ليست وحدها/ مصطفى محمد
“كلما تم التوصل إلى اتفاق جديد بين اللجنة الأمنية التابعة للنظام، ولجنة المفاوضات الممثلة عن أهالي درعا البلد، تنقلب قوات النظام على الاتفاق، وتفرض شروطاً جديدة، بحيث يبدو الأمر وكأن هناك إصراراً على إجبار الأهالي على النزوح الجماعي”، هكذا شرح أبو علي محاميد أحد وجهاء درعا، والذي اشتهر بطريقة جلوسه قبالة الضباط الروس، واقع حال المفاوضات في الجنوب السوري ل”المدن”.
بعد ثلاثة أيام على الاتفاق النهائي الذي تم التوصل إليه في الأول من أيلول/سبتمبر، أعلنت لجنة المفاوضات في درعا عن الوصول لطريق مسدود، وبعدها طالبت روسيا بتأمين خروج آمن للراغبين من أبناء الحي، نحو الأردن أو تركيا.
الحديث عن إفشال إيران عبر مليشياتها المتسترة ضمن “الفرقة الرابعة”، لا يبدو مقنعاً لمحاميد، فبرأيه “لروسيا كل المصلحة في تثبيت وجود المليشيات المدعومة من إيران على مقربة من الحدود الأردنية، والجولان المحتل، لابتزاز الأردن والاحتلال الإسرائيلي، في ملفات متعلقة بإعادة الإعمار، وتعويم نظام الأسد”.
نصّ الاتفاق الأخير على الوقف الفوري لإطلاق النار، ودخول دورية للشرطة العسكرية الروسية، وتمركزها في درعا البلد، وفتح مركز لتسوية أوضاع المطلوبين وأسلحتهم، ومعاينة هويات الموجودين في درعا البلد لنفي وجود الغرباء، ونشر نقاط أمنية، وبعدها فك الطوق عن محيط مدينة درعا، والعمل على إطلاق سراح المعتقلين وبيان مصير المفقودين بعد مضي خمسة أيام على تطبيق هذا الاتفاق.
لم يتم الحديث مطلقاً عند توقيع الاتفاق الأخير، وفق تأكيد المحاميد، عن تهجير المزيد من أبناء الحي في الاتفاق الأخير، بل عن تسوية أوضاع 33 شاباً، لكن ما جرى الجمعة كان عكس المُتفق عليه.
يقول المحاميد: “فجأة تم نسف الاتفاق السابق، بطرح مطالب جديدة، منها التهجير، وتسليم السلاح الخفيف وحتى الثقيل رغم عدم وجوده، وتفتيش كل المنازل، وكل هذه المطالب الهدف منها السيطرة على درعا البلد بشكل كامل، خدمة لهدف واحد، وهو كسر شوكة الحي، وإجبار سكانه على التهجير”. ويضيف “التهجير هو الخيار الذي بات أمامنا، وهذا ما تخطط له إيران التي تنوي استجلاب عائلات شيعية إلى المنطقة”.
يُدرك الأهالي في درعا، أن المخطط هو سحب السلاح الخفيف، والاكتفاء بذلك في المرحلة الأولى، ومن ثم يعقب تلك المرحلة القصيرة كما هو واضح، تصعيد جديد، وشروط جديدة لا يستطيعون رفضها ولا التفاوض حولها وهم عُزل من السلاح.
ويقول وزير المالية والاقتصاد في الحكومة المؤقتة عبد الحكيم المصري، وهو من درعا، إن لجنة النظام الأمنية طالبت بزيادة عدد النقاط العسكرية داخل درعا البلد، بهدف فصل الحي عن مخيم درعا، وطريق السد، وتفتيش كل منازل درعا، من قبل الفرقة الرابعة.
ويتفق المصري، مع محاميد، في حديثه عن التقاء المصالح الإيرانية والروسية على تمكين النظام من فرض سيطرته على كامل حوران.
ومن الأساس، أعلنتها روسيا على لسان ضابط يدعى “أندريه” خلال المحادثات الأخيرة، أن الانقلاب على تسوية صيف العام 2018، لا يعني درعا البلد لوحدها، بل أيضاً طفس وكل درعا، من دون استثناء أي بلدة، حتى بصرى الشام معقل “اللواء الثامن” المدعوم من روسيا بقيادة أحمد العودة.
وفي هذا الصدد، يقول رئيس “المجلس السوري للتغيير” حسن حريري ل”المدن”، إن من الواضح أن ما يجري هو عبارة عن تمهيد لبسط سيطرة سلطة الأسد على مدن درعا غير الخاضعة، والحديث الروسي يؤكد أن ما يجري هو من وجهة نظرهم يأتي في إطار تنفيذ التهدئة الحاصلة في العام 2018 (اتفاق التسوية).
ويضيف أن روسيا تتعامل مع المناطق المشمولة باتفاق التسوية على مراحل مراعاة للظروف الواقعية، وعليه من المتوقع أن يتم التعامل مع باقي المدن كما تم التعامل مع حي درعا البلد.
لكن مصدراً مقرباً من اللواء الثامن موجود في بصرى الشام، قال ل”المدن”، إنه ما من بوادر لتعميم ما جرى ويجري في درعا البلد على بقية المناطق، وخصوصاً في الريف الشرقي.
وعند سؤاله عن دلالة حديث الضابط الروسي عن تعميم اتفاق درعا البلد على بقية مناطق حوران، قال المصدر: “يمكن تفسير حديث الضابط الروسي أن التسوية الجديدة قادمة لكل مناطق الجنوب السوري، لكن حالياً ما من تأكيد على ذلك”.
في السياق، دعا أهالي وفعاليات مدينة درعا، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، والمبعوث الأممي الخاص غير بيدرسن، ووزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وسفراء دول أصدقاء سوريا، الى التدخل السريع لإنقاذ حياة الأهالي في المنطقة.
وأشاروا في بيان، الجمعة، إلى ضرورة إنقاذ أكثر من 50 ألف إنسان من المدنيين، المهددين بإبادة جماعية بعد الحصار القاسي الذي فرضه نظام الأسد على درعا منذ 75 يوماً، في ظل الهجمات العسكرية الهمجية والقصف المدفعي العشوائي على منازل وأحياء المدنيين.
———————————-
الجيش السوري يستأنف قصف جيب للمعارضة بعد انهيار اتفاق
استأنفت وحدات من الجيش السوري، تدعمها فصائل مدعومة من إيران، قصف جيب للمعارضة في جنوب سوريا، اليوم (الأحد)، بعد انهيار الاتفاق الذي توسطت فيه روسيا للسماح للحكومة باستعادة السيطرة الكاملة على المنطقة، وفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء.
وتوسط جنرالات روس في الاتفاق، الذي جرى التوصل إليه في ساعة متأخرة من مساء يوم الثلاثاء الماضي، لتفادي حرب مدن دامية بعد أعنف قصف نفذته وحدات من قوات النخبة على منطقة تسيطر عليها المعارضة في مدينة درعا، أثناء حصار استمر لشهرين، أجبر كثيرين من السكان البالغ عددهم 50 ألف نسمة على الفرار.
وانهار الاتفاق يوم الجمعة على أثر خلافات حول مدى سيطرة الجيش ونزع سلاح من كانوا من قبل في صفوف المعارضة.
وكانت هذه المنطقة مهداً للاحتجاجات السلمية على حكم الرئيس بشار الأسد وعائلته في عام 2011، وقوبلت تلك الاحتجاجات باستخدام القوة قبل أن تنتشر في جميع أنحاء البلاد وتتطور إلى حرب أهلية.
ورفضت المعارضة وشخصيات محلية نافذة مطالب جديدة للجيش يوم الجمعة، بأن ينشر نقاط التفتيش في أحياء درعا البلد السكنية، ويُجري عمليات تفتيش من منزل إلى منزل، قائلين إن الاتفاق يسمح بوجود أقل انتشاراً عندما تبسط الدولة سيطرتها على المنطقة.
كما قالوا إن على الشرطة العسكرية الروسية تسيير دوريات لمنع الفصائل المسلحة التي طوقت الجيب من دخوله.
وقال عدنان المسالمة المتحدث باسم لجنة التفاوض في درعا البلد لـ«رويترز»، «هذه المطالب الجديدة التي قدمها النظام والروس تعجيزية. وصلنا إلى طريق مسدودة».
واستعادت القوات الحكومية مدعومة بالقوات الجوية الروسية وميليشيات السيطرة على محافظة درعا في 2018. وأكدت موسكو لإسرائيل والولايات المتحدة في ذلك الوقت أنها ستمنع ميليشيات تدعمها إيران من التسلل لمنطقة الحدود.
واضطر الاتفاق عشرات من مقاتلي المعارضة المدعومين من الغرب لتسليم أسلحة ثقيلة، ولكنه حال دون دخول قوات الأسد درعا البلد.
وقال الجيش، اليوم، إنه أعد حافلات لإجلاء مقاتلي المعارضة الذين يعارضون الاتفاق إلى منطقة في شمال غربي سوريا تحت سيطرة مقاتلين مدعومين من تركيا.
وقال متحدث باسم الجيش متهماً مقاتلي المعارضة بالنكوث عن تعهداتهم، إن الجيش يصر على السيطرة على المنطقة بالكامل وعدم الرجوع لحالة الفوضى وغياب القانون.
وقال مفاوضون محليون إن آلافاً من مقاتلي المعارضة السابقين والمدنيين وأسرهم يصرون على عدم المغادرة إلا إلى تركيا أو الأردن اللتين تعدان ملاذين آمنين.
ونظم الجيب والبلدات المجاورة في جنوب سوريا، منذ استعادة الدولة السيطرة عليها، احتجاجات على حكم الأسد الشمولي، وهي أمر نادر الحدوث في المناطق الواقعة تحت سيطرة الدولة.
————————-
المهلة الروسية لأهالي درعا.. حافلات التهجير وصلت وترقب لأحداث الساعة الأخيرة
الحرة – واشنطن
يترقب أهالي درعا بتوتر شديد تطورات ما بعد انتهاء المهلة الروسية التي منحت لهم، وبقي منها ساعات، لاتخاذ قرار نهائي، إما بالموافقة على تسوية تتضمن تسليم سلاحهم، أو تهجير الرافضين إلى الشمال السوري.
وفي محاولة لزيادة الضغط على أهالي المنطقة، وصلت حافلات التهجير فعليا إلى درعا لحمل الرافضين للرضوخ للتسوية للخروج إلى مناطق الشمال السوري.
ويقول مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، في تصريحات خاصة لموقع “الحرة” إنه حتى الآن “لم ترشح أي معلومات مؤكدة حول مباحثات الساعات الأخيرة في درعا، ولكن ما هو مؤكد إمكانية ترحيل المئات للرافضين للتسوية من قبل الروس”.
خياران لا ثالث لهما
وأضاف عبد الرحمن “أن المهلة اعطيت من روسيا لأعيان ووجهاء واللجنة المركزية في درعا، تتضمن خياران لا ثالث لهما، تسليم الأسلحة الفردية والسماح بالقيام بجولات تفتيش مفاجئة في أي وقت وفي أي مكان في درعا بحثا عن وجود أسلحة” أو الخروج للشمال السوري.
لكن عبدالرحمن قال إن خيارا ثالثا لا يزال أمام أهالي درعا هو “الحرب”، وهو “ما لا يريده الجميع في هذه المرحلة، حيث يتباحث الوجهاء حاليا في إمكانية بحث شروط إضافية تمنح لأهالي درعا إذا ما تم الموافقة على الطلبات الروسية”.
كما تتضمن الطلبات تسليم بعض المطلوبين للنظام السوري، وفي مقدمتهم، محمد المسالمة، الذي يعرف باسم “الهفو”.
“توسيع النفوذ الروسي”
واستبعد عبدالرحمن حدوث موجات لجوء باتجاه الأردن أو تركيا، ولكن ما يحتمل حدوثه هو “موجات نزوح لمئات من العائلات من درعا باتجاه الشمال السوري، حيث أدخلت روسيا 22 حافلة سعة كل واحدة منها نحو 50 شخصا”.
وأكد أن الأعيان في درعا “يسعون لإيجاد حل توافقي للتوصل للتسوية، وحل معضلة التهجير الجماعي التي يمكن أن تحدث”.
ويرىعبد الرحمن أن ما يحدث في درعا حاليا “يستهدف بشكل أكبر توسيع نفوذ روسيا في هذه المناطق على حساب إيران”.
هدوء حذر
ونقل المرصد عن مصادر له في درعا أن المنطقة يسودها نوع من الهدوء الحذر، حيث تنشط طائرات الاستطلاع الروسي في التحليق فوق درعا، فيما توقفت العمليات العسكرية، واعطيت مهلة حتى، صباح الاثنين، لتلبية المطالب الروسية.
ويأتي هذا الهدوء بعد انهيار المفاوضات خلال الأيام الماضية بين اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري، ولجنة المفاوضات التي تمثل اللجنة المركزية في درعا.
ويتهم الجانب الروسي اللجان في درعا بـ”الإخلال باتفاق التسليم الكامل للسلاح” والعمل على تسويات جديدة.
وكان الجانب الروسي قد بدأ عمليات عسكرية استهدفت درعا والتي تنفذها قوات الفرقة الرابعة السورية وميليشيات تابعة له.
وشنت الفرقة الرابعة هجوما بريا على أحد أحياء درعا، وأطلقت باتجاه المنطقة صواريخ وذخائر رشاشات ثقيلة.
الحرة – واشنطن
————————
درعا ومنتدى “الجيش 2021”/ إبراهيم العلوش
رغم مرور أكثر من 70 يومًا على حصار درعا، فإن روسيا لم تكن مكترثة بتعهداتها التي ألزمت بها نفسها في العام 2018 بشأن درعا، وكل ما يهمها هذه الأيام هو المنتدى الروسي العسكري (الجيش 2021) الذي يروّج للأسلحة الروسية، وتجنّد له روسيا دعاياتها وتصريحات ضباطها في سوريا التي تحولت إلى “بسطة لبيع الأسلحة” وحقل رمي للجيش الروسي.
لا يخجل المسؤولون الروس من احتقار قيم حقوق الإنسان، ويعتبرونها مجرد أكذوبة غربية لا تليق بثاني أكبر دولة دكتاتورية بعد الصين، لذلك فإن بيع السلاح في منتدى “الجيش 2021” أهم من الترويج لمشروع إنساني يليق بدولة كانت ثاني أكبر دول العالم في الأهمية، فتجارة السلاح أهم من أي تعاون سياسي واستراتيجي مع الشعب السوري للخلاص من القتل والتهجير اللذين ينهمك بهما النظام مع الإيرانيين تحت مظلة الحماية الروسية.
الإيرانيون يكررون لازمتهم الطائفية ذات الأبعاد العنصرية التي تضمر الكراهية للعرب وتستعملهم كوقود لمناوراتها “الدونكيشوتية” في الشرق الأوسط، أما الروس فلا يعتبرون السوريين بشرًا، بل يستعيرون الوطن السوري من أجل بناء أكبر معرض للسلاح الروسي، مع ميادين تجريب لذلك السلاح الفتّاك الذي فاته الكثير من التطور، وهو يقاوم من أجل ألا يصنّف كخردة تكنولوجية.
الطائرات الإسرائيلية تمرّ فوق أحدث الأسلحة الروسية بلا أي خطر تكنولوجي عليها، وبلا أي خوف من الطائرات الروسية المتكدسة في المطارات وبأحدث الأنواع، فهي غير مهتمة ما دام ميناء “طرطوس” وقاعدة “حميميم” غير مهددتين، وما دامت القوات الروسية تستكمل تدريبها، والمصانع الحربية تستمر بعرض مبيعاتها.
“جيش 2021” الروسي يمارس نفس التكتيكات التي مارسها في أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي، والتي تعتمد على التدمير الشامل للمدن وللبشر واعتبار الأغلبية البشتونية في أفغانستان عدوته، ما دفعها للتعاون مع الأمريكيين وطرده من بلادها، وأسهم ذلك الطرد بانهيار الإمبراطورية السوفييتية التي كانت تقودها روسيا.
روسيا اليوم، ومنذ تصريحات لافروف في بداية الثورة السورية التي غازل بها إيران حين قال “لن نسمح للسنّة بتسلّم الحكم في سوريا”، لا تزال تعتمد نفس التكتيك الأفغاني غير مستفيدة من درس الهزيمة الذي تلقته 1989، وهي لا تزال تعتبر الأغلبية السنية عدوتها رغم أنها تشكّل أكثر من 80% من السكان قبل التهجير، وما موقفها من حصار سكان درعا الأخير إلا مثال في الاستهتار وعدم المسؤولية الأخلاقية عن السكان المدنيين باعتبار أنها تصنفهم كأعداء.
لم تتغير العقلية الروسية في تعاملها مع الشعب السوري، بل إن وزير الخارجية لافروف أعاد تعابيره الطائفية، كما نقلت صحيفة “المدن” بداية أيلول الحالي، عندما قال أمام ممثلي الجمعيات الاجتماعية في مدينة فولغوغراد، إن روسيا ذهبت إلى سوريا لحماية المسيحيين، مستعيدًا أجواء الصراع مع الدولة العثمانية وأقوال الدبلوماسيين الغربيين بشأنها في القرن الـ19، ومتجاهلًا وجود المسيحيين في سوريا عبر ألفي سنة، وأعاد لازمته المكرورة بمحاربة الشعب الإرهابي الذي حرّكه “الغرب الاستعماري” ضد نظام بشار الأسد!
“جيش 2021” الروسي جاء لحماية نظام الاعتقال الجماعي والتعذيب حتى الموت، ولا يزال يستعمل المعتقلين كرهائن، ويحمي حرق جثث المعتقلين الذي تخرج صوره وفيديوهاته كل يوم، ولا يزال يسهم بالتدمير اليومي، وكل تهجير للسوريين يعتبره مكسبًا وانتصارًا ضد الغرب الذي يرفض تعويض روسيا عن قنابلها التي تقتل بها السوريين، ويعرقل تمويل إعادة الإعمار الذي تنتظره الشركات الروسية على أحر من الجمر.
منتدى “الجيش 2021” الذي ابتدأت عروضه، في 22 من آب الماضي، في ساحات موسكو وعلى منصات بيع الأسلحة، ودعمته القيادة الروسية في “حميميم” بتصريحات دعائية عن الانتصار الروسي الدائم في سوريا على عكس الهزيمة الأمريكية في أفغانستان، وتفرّغ خلاله وزير الدفاع الروسي شويغو لإلقاء دروس حول أسرار الانتصار الروسي في سوريا، ملمحًا إلى أن تثبيت الدكتاتور، وتوزيع سوريا كحصص على الدول المشاركة بتدميرها هو سر النجاح، وقد تناسى الوزير في تصريحاته هزيمة بلاده المجلجلة في أفغانستان!
منتدى “الجيش 2021” خدشته الطائرات الإسرائيلية ونالت من مصداقية مواصفات السلاح الروسي، وأحبطت إيران الكثير من أهدافه، كما نال الدمار السوري وقصف المدنيين وحصار درعا الأخير من مصداقية وأخلاق ذلك الجيش، وتحوّلت صورته إلى جيش من المخربين والمرتزقة، وفي أحسن الأحوال جيش استعماري جاء من القرن الـ19 ضائعًا بين الأمجاد القديمة، وبين الهمجية التي وصل إليها في سوريا.
—————————
مفاوضات الأسد مع أهالي درعا البلد/ غسان المفلح
وأنا أكتب هذه المادة أهلنا في درعا البلد لا يعرفون أين ستكون وجهة تهجيرهم، تهجير أهل درعا البلد إعلان ميداني على نهاية سوريا، بنسختها الأسدية وغير الأسدية، من درعا البلد كانت الانطلاقة الكبرى للثورة السورية قبل عشر سنوات.
الآن نحن في سوريا المفيدة عصابة طائفية تحكم بقوة الاحتلالات الدولية، حيث هذه سوريا المفيدة، تسيطر عليها روسيا وإيران بالتعاون مع رئيس العصابة الطائفية، بمباركة أمريكية غربية.
كما رفضت أمريكا أي تدخل من شأنه منع تهجير أهل درعا البلد، أو حتى ضمان أي اتفاق مع أهلها، من قبل روسيا والعصابة الطائفية. هجروا أهالي درعا البلد أم لم يهجروا، لا يغير في الأمر كثيراً من زاوية ما آلت إليه الحال في سوريا المفيدة.
من يتحدّث عن مستقبل لسوريا غير هذه الوجهة الدموية الطائفية الاحتلالية، يكون واهماً أو يريد بيع الوهم للناس، سوريا تعفنت على كافة الصعد، وتنتظر أمريكا لكي تطيل التعفين أو تطلق رصاصة الرحمة عليها، سوريا المفيدة تسير نحو نموذج لبنان الإيراني.
هذا تأسس منذ أن أسس حافظ الأسد 1968-1970 أو أعاد تأسيس الجيش بوصفه وظيفة طائفية، هنا كان منبع الخراب لسوريا ووأد لأي مستقبل طبيعي. انسحب هذا التأسيس على كافة مؤسسات البلد الوليدة، إنه ضخ السلطة من فوق للفضاء الطائفي، بواسطة رب عمل هو الدولة المستولى عليها بانقلاب عسكري.
ما يجري الآن هو أيضاً إنهاء هذا النوع من التأسيس الطائفي، نحو نوع جديد من نظام دولي طائفي، بقيادة إيران وروسيا، وغطاء أمريكي أوروبي وتواطؤ تركي عربي.
ضباط الأسد في المفاوضات الأولى مع أهالي درعا البلد، إضافة إلى المفاوض الروسي قالوا لأهل درعا: إذا لم تستجيبوا سندخل ميليشيات خامنئي لتستبيح درعا البلد، فإما أن تدخل المخابرات الجوية والفرقة الرابعة أو تدخل ميليشيات خامنئي.. لكم أن تختاروا.
ضباط الأسد يحملون مطلب تهجير أهل درعا أو محوهم من الوجود أو الاستسلام للاستباحة، لم يكن يوجد من هؤلاء الضباط والمفاوضين سوى ضباط علويون يا للأسف، هذا تعبير عن ضيق خيارات الأسد، عن نهاية سوريا الأسد.
منذ عام 2018 وأنا كنت من الذين طرحوا تسليم المنطقة الجنوبية برمتها لروسيا، كان يقابل اقتراحي هذا بالتخوين، كما طالبت برفع العلم الروسي في المناطق المحاصرة، لكنني التزمت بخيار الناس الذين على الأرض، أيضاً أعدت تكرار نفس الموقف عندما بدأ الحصار الأخير على درعا، أي قبل شهرين تقريباً، ووجهت بما وجهت به سابقاً، أسجل هذا الموقف للتاريخ، بوصفه موقفاً مهزوماً.
في النفس العلوي الأسدي الآن في سوريا المفيدة: قضينا على السنة لمئة عام قادمة، ويجب زرع درعا بطاطا.
أمريكا هي من فرضت هذا الخيار الذي تعيشه سوريا، إنها عصابة طائفية وارتكبت جرائم حرب ضد الإنسانية وستبقى تحكمكم. مذلون مهانون ويصفقون لتهجير أهل درعا، إنه الجحيم الطائفي.
سوريا غير المفيدة بالنسبة للعصابة هي سوريا التركية وسوريا الأمريكية، أمريكا تعيد صياغة أمنية بالتعاون مع تركيا وبعض الدول الأوروبية، لمنطقة شمال سوريا برمتها، بما يضمن احتواء أمنياً لقوى الإسلام السياسي ولحزب البي كي كي وإدخالهم في معارك لا تؤسس سوى لخراب بقية الشعب السوري، كرداً وعرباً، لا تؤسس سوى لمستقبل مناطق أمنية لا تبني أوطاناً.
تنتقد أستانا وتدعم قواها أو تغطي عليها، ترتيب وضع أمني شبه مستدام. تهدد به تركيا وروسيا وإيران عند الحاجة، الموقف التركي من درعا كان روسياً ببساطة ومعه مجمل النخب السياسة والفصائلية، لتسقط درعا.
ها هي درعا سقطت، لا أقول هذا من موقع أن الثورة مستمرة، وكل هذه المنشورات، بل من موقع رفض تهجير أهل درعا فقط. في هذه المعمعة كانت مفاوضات ضباط الأسد مع أهل درعا البلد بوصفهم أعداء طائفيين، بغض النظر عن الأسباب، بالنسبة لهم من يعادي الأسد يعادي العلويين.
بتهجير أهل درعا أو استسلامهم نكون أمام نقلة نوعيّة في تاريخ هذا البلد: عصابة طائفية تحكم بقوة روسيا وإيران وغطاء أمريكي.
حصة تركيا مقلقة في هذه اللوحة، لكنها ستبقى لاعباً في سوريا بحجمها أمام أمريكا وروسيا، لهذا أخذت وضع المزهرية هي ومن يواليها تجاه أحداث درعا تطبيقاً لأستانا.
بقي أن أقول لأهلنا في درعا البلد: هاجروا نحو الأردن أو مناطق قسد ولا تهاجروا نحو مناطق تركيا، التهجير بوصفه عقوبة طائفية.
————————
قصف عنيف في درعا والنظام يصر على أربعة شروط
شهدت درعا البلد قصفاً عنيفاً بالمدفعية والصواريخ، خلال ساعات الليل، في تصعيد هو الأعنف منذ انهيار الاتفاق الذي توصلت إليه اللجنة المركزية وقوات الأسد.
وحسب “تجمع أحرار حوران” فإن “الميلشيات الإيرانية والفرقة الرابعة استهدفتا أحياء درعا المحاصرة بالأسلحة الثقيلة، وسقوط نحو 65 صاروخ أرض- أرض من طراز فيل وجولان”.
وأفاد ناشطون في درعا، أن أحياء درعا المحاصرة تعرضت إلى قصف عنيف براجمات الصواريخ، ما أدى إلى سقوط جرحى.
و تجدد صباح اليوم الأحد، القصف براجمات الصواريخ، تزامناً مع تحليق مكثف لطيران الاستطلاع التابع لقوات الأسد في سماء مدينة درعا.
ونشرت وكالة “نبأ” المحلية تسجيلات تظهر القصف العنيف بالصواريخ والمدفعية الثقيلة من قبل قوات الأسد على درعا البلد، بعد فشل التوصل إلى اتفاق.
#عاجل
استمرار القصف براجمات الصواريخ “فيل” والمدفعية الثقيلة على أحياء درعا المحاصرة من قبل قوات النظام والميليشيات الأجنبية#درعا_البلد#درعا_تحت_القصف #نبأ pic.twitter.com/hlg3BBZAr1
— نبأ (@NabaaFoundation) September 5, 2021
وقال الناطق باسم لجنة التفاوض، عدنان المسالمة، إن “قوات النظام وميليشياته بدأت عملية قصف مكثف بالصواريخ على الأحياء المحاصرة بدرعا بعد مغادرة وفد وجهاء المحافظة مباشرة”.
وأضاف أنه “حتى الآن لم يتم التوصل لاتفاق حول مدينة درعا مع استمرار إصرار النظام على شروطه”.
في حين نقلت وكالة “نبأ” عن أحد أعضاء لجنة التفاوض قوله إن “الجنرال الروسي ورئيس اللجنة الأمنية، اشترطا تهجير أشخاص من درعا، منهم أعضاء في لجنة التفاوض من بينهم الناطق الرسمي عدنان المسالمة وعبد الناصر المحاميد أبو شريف”.
وأكد الإعلامي من درعا، عمر الحريري، لـ”السورية. نت”، إصرار نظام الأسد على أربعة شروط في ملف درعا البلد.
والشروط هي “تثبيت 9 نقاط أمنية وعسكرية داخل درعا البلد، وتسليم كافة الأسلحة، وتفتيش عدد من المناطق، وفصل مخيم درعا عن أي اتفاق أو مفاوضات لدرعا البلد وشن حملة عسكرية عليه”.
وكان مراسل قناة “سما” الموالية للنظام، أكد “إعطاء مهلة ساعتين للوجهاء للدخول إلى درعا البلد ولقاء الممثلين فيها للتوصل إلى حل ورد واضح”.
وكانت اللجان المركزية توصلت إلى اتفاق مع قوات الأسد بضمانة روسية، الثلاثاء الماضي، إلا أن النظام أخل بالاتفاق و أصر على دخول البلد ووضع نقاط تفتيش الأمر الذي رفضته اللجان.
—————————-
قلق يخيّم على درعا قبل جريمة تهجير جديدة
خيّم القلق على مدينة درعا صباح اليوم الأحد، مع استعداد النظام السوري لتهجير آلاف المدنيين، بعد فشل اتفاق التهدئة ووصول الوساطة الروسية إلى طريق مسدود، في مشهد لخصه، كما يقول شهود عيان، وصول الباصات الخضراء، التي شهدت على سنوات من التهجير المنظم للسوريين بعد تسويات مجحفة.
وكشف الناشط الإعلامي أحمد المسالمة، في حديثٍ مع صحيفة “العربي الجديد”، أن القلق يسود أحياء درعا البلد، بعد أن انهارت الآمال بتطبيق الاتفاق الذي تم الحديث عنه قبل أيام، فيما أشار إلى أن “الباصات الخضراء التي اعتاد النظام على تهجير السوريين بها، وصلت صباح أمس السبت إلى مدينة درعا، في خطوة تؤكد نيّته تهجير عدد كبير من سكان درعا البلد”. وحسب الصحيفة عينها، فقد توقع المسالمة “خروج الآلاف من المدنيين من منازلهم، خشية من قيام مليشيات النظام بعمليات تصفية ميدانية وانتهاكات واسعة، في حال دخولها أحياء درعا البلد”.
وكان أهالي وفعاليات مدينة درعا، قد ناشدوا في بيان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش والمبعوث الخاص لها غير بيدرسون ووزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وسفراء دول أصدقاء سوريا، من أجل التدخل السريع لإنقاذ حياة أكثر من 50 ألف من سكان الأحياء المحاصرة بعد تهديدات أطلقتها قوات النظام بشن عمليات انتقام تطالهم وتطال أسرهم، وذاك بعد الحصار القاسي الذي فرضه النظام على درعا منذ أكثر من شهرين مع قصف مدفعي عشوائي طال منازل وأحياء المدنيين بمشاركة المليشيات الإيرانية. ولفت الأهالي في بيانهم أن النظام السوري لا يزال يصر على إخضاع مواطني الأحياء المحاصرة بالقوة والعنف، وتهديدهم بالتهجير القسري.
وأعلن مسؤول في لجنة التفاوض عن أحياء درعا قبول المسؤولين الروس بخيار تهجير الأحياء المحاصرة بعد وصول مسار تنفيذ بنود التهدئة الأخيرة إلى طريق مسدود. وقال الناطق باسم اللجنة المركزية عدنان المسالمة لموقع تجمع “أحرار حوران”: “اتخذنا قرار التهجير بسبب انحسار الخيارات أمامنا، ولم يبق أمامنا إلا القبول بالعيش في ثكنة عسكرية أو خوض حرب تُدمّر فيها بيوتنا ويُقتّل أبناؤنا، لذا اخترنا أن نهجر بيوتنا للحفاظ على أرواح أهلنا”. وأضاف “حددنا للروسي أن تكون وجهة التهجير حصرًا إلى داخل الأراضي الأردنية أو التركية، لكن النظام انقلب على الاتفاق المبرم برعاية روسية، وقد أخبرنا مكتب المبعوث الأممي بذلك”.
وكانت مصادر إعلامية داخل درعا قد تحدثت أنّ النظام تراجع على الاتفاق الذي نص على تسوية أوضاع نحو 40 مطلوبًا وتسليم أسلحتهم وإنشاء 4 نقاط عسكرية يتبع عناصرها لأحد الأفرع الأمنية دون دخول أي قوات من الجيش أو آليات عسكرية ثقيلة، وتحدثت نفس تلك المصادر عن تسريبات عن دور للجنرال الروسي أسد الله مسؤول ملف التفاوض في الشرطة العسكرية الروسية في زعزعة الثقة بين وجهاء العشائر ولجنة التفاوض بدرعا، بتحميل لجنة التفاوض مسؤولية سقوط ضحايا وتدهور الأوضاع في المدينة، خلال اجتماع عُقد بين الجنرال الروسي ووجهاء عشائر المحافظة من دون حضور ممثلي لجنة التفاوض قبل نحو أسبوع. حدث ذلك في الوقت الذي كانت فيه قوات النظام والمليشيات الإيرانية تحاول اقتحام أحياء درعا البلد، وبحسب نفس المصادر فإنّ الجنرال أسد الله أفصح خلال اجتماعه مع وجهاء من المحافظة، عن قرار روسي لتمكين النظام من السيطرة على جميع المناطق في المحافظة وليس فقط درعا البلد.
وفي رده على تلك التسريبات قال الناطق باسم لجنة التفاوض، المحامي عدنان المسالمة، إن “اللجنة أظهرت صلابة في الموقف وثباتًا قلّ نظيره، ولعدم تمكن المفاوض الروسي من فرض شروطه على اللجنة حاول إيجاد شرخ بين الوجهاء واللجنة في محاولة منه لفك لحمة أهالي المحافظة وفزعتهم والثقة باللجنة المفاوضة”. وحول تحميل الجنرال الروسي لجنة التفاوض مسؤولية التصعيد، أشار المسالمة إلى أن الجانب الروسي سعى إلى التنصّل من مسؤولياته التي كان قد تحملها كطرف ضامن لاتفاق الجنوب من خلال إلقاء التهم جزافًا على اللجنة وإعفاء النظام من قتله للأبرياء وتدميره عشرات المنازل والمباني السكنية. وأضاف المسالمة أن “الروس يبحثون عن استقرار الأوضاع من خلال فرض السيطرة المطلقة للنظام على المحافظة لذلك يظهر في كل مرة بصفة مختلفة كوسيط أو ضامن أو ضاغط”.
وكانت لجنة التفاوض قد أعلنت بداية الشهر الحالي التوصل لاتفاق مع النظام والجانب الروسي يقضي بدخول دوريات تابعة للشرطة الروسية إلى درعا البلد، وفتح مركز لتسوية أوضاع المطلوبين وأسلحتهم، ونشر 4 نقاط أمنية، ومعاينة هويات الموجودين في المنطقة، وإعادة مخفر الشرطة إليها، وذلك مقابل الوقف الفوري لإطلاق النار وفك الحصار عن درعا ومحيطها، وإدخال الخدمات إليها، وإطلاق سراح المعتقلين وبيان مصير المفقودين، لكن النظام تنصل من كل بنود هذا الاتفاق.
————————-
=========================
تحديث 06 أيلول 2021
———————–
درعا:صراع النفوذ الروسي الايراني..لم يكتمل فصولاً
المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات
بعد حصار استمر 75 يومًا، توصلت لجنةٌ تمثّل أهالي مدينة درعا البلد، مطلع أيلول/ سبتمبر 2021، إلى اتفاق مع قوات النظام السوري ينص على وقف قصف المدينة، وإنهاء الحصار المفروض عليها، وتسوية الوضع الأمني لسكانها الذين شاركوا في الثورة ضد النظام. وقد شارك الجانب الروسي في المفاوضات، باعتباره الوسيط والضامن للاتفاق، لكن الاتفاق لم يصمد مع ذلك سوى ثلاثة أيام. فقد عاد بعدها النظام إلى قصف المدينة في ما بدا أنه يأتي ضمن استراتيجية لاحتلال المدينة، وفرض مزيد من الشروط على الأهالي ومقاتلي المعارضة الذين طالب بعضهم بتأمين طريق آمنة لهم للخروج إلى الأردن أو تركيا. ولم تعرب الدولتان عن استعداد لاستقبال لاجئين جدد.
خلفيات الأزمة الأخيرة
تحظى محافظة درعا، بما فيها منطقة درعا البلد التي تقع في قلب التصعيد الراهن، بأهمية كبرى لقربها من حدود الأردن والجولان السوري المحتل. كما تحظى بمكانة رمزية؛ باعتبارها مهد الثورة التي اندلعت ضد نظام بشار الأسد مطلع عام 2011. وقد تعرضت مدن المحافظة وبلداتها المنتفضة، كسائر المناطق السورية، لحملات عسكرية، نتج منها دمار واسع وسقوط ضحايا. ومع تحول الانتفاضة من حالتها السلمية إلى المقاومة المسلحة المتشظية في مئات الفصائل، سقطت أجزاء كبيرة من المحافظة بيد فصائل المعارضة، خلال السنوات الأولى للثورة. لكن التدخل العسكري الروسي عام 2015 قلب موازين القوى بشدة لمصلحة النظام. وكانت درعا واحدة من مناطق خفض التصعيد الأربع التي نجحت موسكو منذ مايو/ أيار 2017 في فرضها لتجميد الصراع في سورية، وفق ترتيبات مسار أستانا الذي ضم إلى روسيا كلًا من تركيا وإيران. لكن الخطة الروسية لم تقتصر على تجميد الصراع، بل تضمنت خطوات لعزل المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام بعضها عن بعض، تمهيدًا للسيطرة عليها الواحدة تلو الأخرى. ونظرًا إلى متاخمة المنطقة للحدود مع إسرائيل والأردن، فقد استأثرت باهتمام أكبر لدى الولايات المتحدة الأميركية من بقية مناطق خفض التصعيد. وعمدت موسكو إلى الاستفادة من ذلك لإقناع واشنطن برؤيتها لوضع ترتيبات أمنية خاصة بها لا تتضمن وصول قوات مرتبطة بإيران إلى الحدود. وتوصلت، على هامش قمة دول مجموعة العشرين في مدينة هامبورغ الألمانية في 7 تموز/ يوليو 2017، إلى اتفاق مع واشنطن، وُضِعت تفاصيله بمشاركة الأردن، في اتفاق لاحق في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، وسمح بوقف القتال في المنطقة بين قوات النظام وفصائل المعارضة.
لم تكن مناطق خفض التصعيد سوى محاولة روسية، هدفها الاستفراد بمناطق المعارضة وتصفيتها، الواحدة تلو الأخرى. فقام النظام، في حزيران/ يونيو 2018، بتجريد حملة عسكرية مدعومة روسيًا للسيطرة على منطقة خفض التصعيد في جنوب غرب سورية، التي تشمل درعا، أو فرض اتفاقات استسلام على فصائل المعارضة الموجودة فيها، بعد أن نجح في فعل الشيء نفسه في منطقتي خفض التصعيد في الغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي. لكن قرب المنطقة من الأردن وإسرائيل دفع من جديد في اتجاه توافق أميركي – روسي – أردني جديد، لم تكن إسرائيل بعيدة عنه.
ظهرت مؤشرات على الاتفاق الروسي – الأميركي بشأن درعا في القمة التي عقدت، في 16 تموز/ يوليو 2018 في العاصمة الفنلندية هلسنكي، بين الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب. فقد تطرق بوتين، في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع ترامب بعد القمة، إلى التصعيد العسكري الذي قامت به قوات النظام منذ منتصف حزيران/ يونيو 2018، بدعم روسي مباشر في جنوب سورية وجنوب غربها، ومكّنها من استعادة السيطرة على المناطق المحاذية للحدود مع الأردن وإسرائيل، وربطه بأمن إسرائيل. فاعتبر الرئيس الروسي أن هدف الحملة هو “توفير الأمن لدولة إسرائيل”، بناءً على اتفاقية عام 1974 التي فصلت بين القوات السورية والإسرائيلية في أعقاب حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973. ورأى أن تحقيق ذلك سيكون بمنزلة خطوة نحو إقامة “سلام دائم” بين البلدين؛ امتثالًا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، خاصة القرار رقم 338 (1973).
وكان واضحًا أن إدارة ترامب لا تعارض هذا الجهد الروسي؛ إذ أكد الرئيس الأميركي أن الولايات المتحدة لن تسمح لإيران بالاستفادة من “الحملة الناجحة” التي قامت بها بلاده ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش” في سورية، عبر تمكينها من التمركز قرب الحدود مع إسرائيل. وشدّد على أن بلاده مستعدة للعمل المشترك مع روسيا وإسرائيل لضمان أمن إسرائيل. وكان ترامب واضحًا في قوله إن “جيشَيْنا (الأميركي والروسي) متوافقان منذ سنوات على نحو أفضل من زعمائنا السياسيين. ونحن نتوافق أيضًا في سورية”. وقد حظي تركيز الزعيمين على أمن إسرائيل ومصالحها في السياق السوري بإشادة إسرائيلية؛ وجاء ذلك في بيان صادر عن رئيس الحكومة الإسرائيلية حينها بنيامين نتنياهو.
ظهر توافق ترامب وبوتين حول سورية بوضوح على الأرض؛ إذ لم يلق الهجوم الواسع الذي شنَّته قوات النظام السوري بغطاء جوي روسي كثيف، ابتداء من 19 حزيران/ يونيو 2018، على منطقة الجنوب والجنوب الغربي من البلاد، أي معارضة أميركية؛ ما أدى إلى إخراج قوات المعارضة منها. وكانت واشنطن مهدت لموقفها هذا بإبلاغ فصائل المعارضة السورية، في منتصف حزيران/ يونيو 2018، أن لا تتوقع منها أن تتدخل لحمايتها في الجنوب في حال أقدمت قوات النظام على مهاجمتها؛ وذلك على الرغم من التحذير الذي كانت إدارة ترامب وجّهته، في أيار/ مايو 2018، إلى نظام الأسد؛ بأنها ستتخذ “إجراءات حازمة وملائمة” للحفاظ على “اتفاق خفض التصعيد” في الجنوب السوري، وتحديدًا في منطقة درعا على الحدود الأردنية.
وقد كُشف أيضًا عن اتفاق روسي – إسرائيلي، بموافقة وحضور أميركي، مفاده إبعاد إيران وميليشياتها نحو ثمانين كيلومترًا عن حدود إسرائيل. وفي المقابل، يُسمح للأسد باستعادة السيطرة على المنطقة الجنوبية على الحدود مع الأردن، وعلى المنطقة الجنوبية الغربية على الحدود مع إسرائيل. وقد لمَّح ترامب حينها إلى هذا الاتفاق، حينما قال: “الرئيس بوتين يساعد إسرائيل. لقد تحدث كلانا مع بيبي [نتنياهو]. وهما يريدان [بوتين ونتنياهو] القيام بأمور معيَّنة مع سورية تتعلق بسلامة إسرائيل”. وأضاف: “روسيا والولايات المتحدة ستعملان على نحو مشترك في هذا الصدد”، فضلًا عن قوله: “إن توفير الأمن لإسرائيل أمرٌ أودُّ أن أراه أنا وبوتين على نحو واضح جدًا”.
في النتيجة، أعلنت الولايات المتحدة عن تخليها عن دعم فصائل الجنوب، وأوقفت تزويدها بأي مساعدات، وقامت فوق ذلك بإغلاق غرفة العمليات التي أنشأتها في الأردن لدعم المعارضة السورية في الجنوب وعُرفت باسم غرفة عمليات الموك (Military Operations Center, MOC) وتم التوصل على الأثر، بمشاركة روسية – أردنية، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار تضمن تسليم قوات المعارضة لأسلحتها الثقيلة والمتوسطة، وإجلاء المقاتلين والمدنيين الرافضين للتسوية إلى شمال غرب البلاد.
تجدد القتال
لم يؤد اتفاق 2018 إلى تطبيع الوضع بين النظام وأهالي درعا؛ ذلك أن الأهالي رفضوا المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي أجراها النظام في أيار/ مايو 2021. وفي 25 حزيران/ يونيو 2021، أطلقت قوات النظام حملة عسكرية على درعا البلد وفرضت حصارًا عليها، بعد رفض المعارضة تسليم السلاح الخفيف، باعتبار أن ذلك يخالف اتفاق 2018، الذي سمح للأهالي بالاحتفاظ بسلاحهم الفردي، وانضمام من يرغب من مقاتلي المعارضة إلى الفيلق الخامس الذي شكلته روسيا خصيصًا لضم مقاتلي المعارضة السابقين في مناطق المصالحات. وفي مطلع أيلول/ سبتمبر 2021، أي بعد قرابة شهرين من التصعيد العسكري على أحياء درعا البلد المحاصرة، توصل الطرفان إلى اتفاق برعاية روسية بهدف إنهاء التصعيد. وقد نص الاتفاق على رفع العلمين الروسي والسوري على المؤسسات العامة في المدينة، وإقامة أربع نقاط أمنية لقوات النظام بدرعا البلد، وانتشار قوات من الشرطة العسكرية الروسية في أحياء المدينة، وتسليم المعارضين الراغبين في البقاء في درعا أسلحتهم للروس، في حين يجري ترحيل من يرفض تسليم السلاح إلى مناطق المعارضة في شمال غرب البلاد. لم يصمد الاتفاق سوى ثلاثة أيام بدءًا من موعد سريانه في 1 أيلول/ سبتمبر؛ فقد جددت قوات النظام قصفها المكثف على المدينة، بعد رفض لجنة المفاوضات التابعة للمعارضة شروطًا جديدة للنظام، تمثلت في تسليم كل السلاح الفردي الخفيف الموجود في المدينة، والسماح للنظام بإقامة 9 نقاط تفتيش أمنية بدلًا من 4، إضافة إلى تفتيش المنازل، وتسليم مطلوبين أو ترحيلهم؛ وذلك خلافًا للاتفاق المبرم. وواصلت قوات النظام قصف أحياء المدينة.
تساؤلات عن الدور الروسي في درعا
خلافًا للعادة، لم تتدخل روسيا عسكريًا لمصلحة النظام لحسم أزمة درعا البلد، وإنما فضّلت أن تؤدي دور “الوسيط” بين النظام والمعارضة، رغم أنها تسعى في الحصيلة النهائية لتمكين النظام من استعادة السيطرة كليًا على المنطقة. ومع ذلك، أتاح عدم التدخل الروسي هامشًا لفصائل المعارضة التي تمكنت من السيطرة، في تموز/ يوليو 2021، على عدد من الحواجز العسكرية للنظام في محيط درعا البلد، وأسر عدد من عناصرها. ويعود الموقف الروسي الراهن إلى الرغبة في إبقاء الميليشيات الإيرانية التي تشارك في الهجوم على درعا بعيدة عن منطقة الحدود مع الأردن وإسرائيل، وذلك بموجب تفاهماتها مع إسرائيل. فروسيا تريد أن تستأثر وحدها بالنفوذ في هذه المنطقة الحساسة، في إطار تصورها لمنطقة عازلة على امتداد الحدود مع إسرائيل والأردن، تكون السيطرة فيها للنظام السوري برعاية العسكريين الروس المشرفين على نشاط المعارضة المتصالحة، وليس ميليشيات إيران وحزب الله. ويبدو أن موسكو تتجنب التسبب في أزمة نزوح كبيرة في هذه المنطقة إلى الأردن الذي ينشط حاليًا على المستوى الدولي لصالح إعادة تأهيل نظام الأسد، واستئناف العلاقات الاقتصادية معه، ومساعي إعادة اللاجئين على أمل الشروع في عملية إعادة إعمار بمشاركة عربية ودولية. وقد تجلت هذه المساعي في الزيارات التي قام بها الملك عبد الله الثاني إلى واشنطن وموسكو في الآونة الأخيرة، وكانت سورية محورًا رئيسًا في موضوعات النقاش فيها. وقد نجحت هذه الجهود في تحقيق اختراق في الموقف الأميركي الذي أعفى الأردن ولبنان من تبعات خرق “قانون قيصر”، والسماح بنقل الغاز والكهرباء من مصر والأردن إلى لبنان عبر الأراضي السورية. ويبدو واضحًا أيضًا أن روسيا ترغب في البناء على توافقاتها الأخيرة مع واشنطن بشأن تمديد دخول المساعدات الإنسانية إلى شمال غربي سورية عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا؛ وهذا لا يتحقق إلا إذا استمرت روسيا في التعاون لمنع حصول كارثة إنسانية جديدة في سورية. أخيرًا، فإن عدم وجود فصائل إسلامية متطرفة أو تحمل أعلام تنظيم القاعدة أو ترتبط بداعش في درعا يصعّب على روسيا تبرير أي تدخل عسكري واسع لمصلحة النظام على خلاف ما قامت به في مناطق أخرى.
خلاصة
لم يصمد اتفاق التسوية في درعا البلد سوى أيام قليلة؛ وذلك نظرًا إلى ميل النظام وحلفائه، من الميليشيات الإيرانية المشاركة معه في حصار المدينة، إلى حسم الوضع بالقوة العسكرية. فهناك نزعات انتقامية واضحة تجاه المدينة التي أطلقت شرارة الثورة، ورغبة في معاقبة أهلها بإجبارهم على القبول بشروط مذلّة أو ترحيلهم في حال رفضوا ذلك. وفي حين تستمر روسيا في مساعي التوصل إلى تسوية لأسباب متصلة باستراتيجيتها العامة في سورية، بما في ذلك منع تمركز ميليشيات إيرانية على الحدود مع الأردن وإسرائيل، حتى لا تتحول المنطقة إلى ساحة حرب إيرانية – إسرائيلية، يشجع غياب موقف أميركي واضح مما يجري في درعا إيران وميليشياتها على الاستمرار في تنفيذ الحل الأمني للأزمة، ومحاولة إيجاد موطئ قدم لها على الحدود مع إسرائيل تمنحها أدوات ضغط وعناصر قوة إقليمية إضافية.
—————————-
على هامش ما يحدث في درعا/ حازم نهار
حدث اتفاق في 2018 بين النظام السوري وأهالي درعا، ثم انقلب النظام على الاتفاق في أواخر حزيران/ يونيو 2021، وحاصر درعا. حدث اتفاق جديد برعاية روسية في الأول من أيلول/ سبتمبر، ثم انقلب النظام عليه بعد يومين، ومن ثم حصل اتفاق آخر، والاحتمال المؤكد أن النظام سينقلب عليه، ربما بعد أيام أو أشهر أو أكثر. كل اتفاق مع النظام السوري هو اتفاق مؤقت، فاستراتيجيته واضحة؛ إعادة كل المناطق السورية إلى سيطرته المطلقة، والمسار العام الإقليمي والدولي في مصلحته، فضلًا عن أن تشرذم السوريين وافتقادهم إلى طبقة سياسية متماسكة لديها رؤية وطنية ثابتة كان دائمًا هو النقطة الأساس التي استند إليها في تثبيت وجوده وحربه ضد السوريين.
في لقاءات تضامنية مع درعا وأهلنا فيها، كان السؤال المطروح: ماذا نستطيع أن نقدِّم إلى درعا في حصارها، وكيف يمكننا ذلك؟ وهو سؤال مشروع بالتأكيد، ويمكن فعلًا تقديم الشيء الكثير في حال توافر الوعي والإرادة والتنظيم. لكن، قياسًا بالتجارب السابقة، كان رأيي التحليلي أننا لن نستطيع تقديم الشيء الكثير؛ فمثل هذه الأسئلة تأتينا، ونناقشها، ونحاول البحث عن إجابات لها، في لحظة وقوع الحدث دائمًا، مثل الطالب الذي يدرس في يوم الامتحان فحسب، وهذا الفيلم، فيلم استفراد النظام بمنطقة سورية ما، شاهدناه عشرات المرات خلال السنوات الماضية. ألم يكن متوقعًا أن النظام السوري سوف ينقلب على أي اتفاق يعقده مضطرًا في لحظة ما؟! ألم تكن استراتيجيته معروفة وواضحة طوال السنوات الماضية؟! هذا يعني أننا نتعامل مع كل حدث بصورة منفصلة عن الأحداث الأخرى، ولم نغادر بعد عقلية “النفير” و”الفزعة” عند وقوع الكارثة، بدلًا من بناء استراتيجيا ترتكز على العمل المستمر والصبور على محاولة تلافي وقوع الكارثة أو الحدّ منها أصلًا.
أحيانًا تدفعنا معرفة المسار المتشائم على المستوى الاستراتيجي إلى الصمت، ويبقى هذا الأخير أفضل أو أقل ضررًا من قذف الكلام في الهواء، والصرخات التي لا تقدِّم ولا تؤخِّر. ما الذي يمكن أن نقدِّمه لدرعا في ظل معرفتنا بالأوضاع الإقليمية والدولية المتوافقة مع سياسات النظام السوري في الاعتقال والقصف والتهجير؟! ما الذي يمكن أن نقدّمه لدرعا في ظلّ تشظي الثورة السورية إلى “ثورات” لكل منها خصائصها ومقاساتها وأيديولوجيتها وارتباطاتها وقواها وشخصياتها ومساراتها الخاصة؟! أعتقد، على العكس، أن ابتعاد أولئك الذين ركّبوا وصمّموا الشمال السوري، بكل فوضويته الراهنة، عن درعا، أفضل لدرعا وأهلها. مع ذلك، يبقى السؤال مشروعًا وراهنًا وضروريًا، لكنه يحتاج إلى تفكير مغاير للتفكير الذي ساد طوال عشر سنوات.
تأتي مطالبة بعض المعارضين لدرعا وأهلها بالصمود لتضيف، في الحقيقة، إلى الجرح ملحًا، تمامًا مثل مطالبات النظام السوري لمواليه بالصمود أيضًا. وجه الاعتراض على هذا الأمر هو أن من هم تحت النار هم الذين يحدِّدون، على مستوى هذه النقطة بالذات، قدراتهم، وفي ما إذا كانت تتوافر لديهم مقومات الصمود، وليس غيرهم، وإلا ستكون المطالبة كمن يقاتل بدماء غيره. من واجبنا، وفي حدود قدراتنا، نحن المقيمين خارج سورية، أن نقدِّم تحليلًا صائبًا، ومن دون أن نخدع أنفسنا أو أهلنا بأوهام ووعود لا طاقة لنا بها، فكثير ممن هم خارج سورية لم يقدِّموا لمن هم داخل سورية إلا تحليلات خاطئة، وعنتريات، وبهلوانيات، وشعارات، كانت عونًا لسياسات النظام الإجرامية بطريقة أو أخرى. ما يثير الاستهجان أيضًا أن يدخل البعض في تقييم خيارات أهل درعا، من حيث الصمود أو عدم الصمود، وطنيًا وأخلاقيًا. نقد الخطاب والأداء مطلوب في كل لحظة، لكن تقييم خيارات البشر التي تتعلق بقدراتهم الذاتية، في الصمود أو الرحيل أو أي خيار آخر، مسألة مرفوضة.
فوضى الشمال السوري بهيئاته وأيديولوجياته وأجنداته وسلاحه وارتهاناته وارتباطاته، منفِّرة، ومثيرة للغثيان، ولا تشجع أحدًا، لا من السوريين، ولا من الدول، على فعل شيء ما، وأمره متروك لمزيد من الاهتراء والتفسخ، ليصبح جاهزًا للصفقات والاقتحامات والتهجيرات. الحالة في درعا مختلفة نسبيًا، فقد تغلب الحس السليم، الحس الفطري للبشر؛ هناك شيء من الخطاب الوطني، وشيء من العقلانية في الخطاب والأداء والتفاوض، وشيء من التضامن الداخلي، وشيء من المركزية في القرار، وشيء من الكرامة الوطنية، وهذا أمر مشجِّع، على الرغم من وجود بعض الأصوات الشاذة عن هذا السياق، لكن تأثيرها ما زال محدودًا على المسار العام الصحيح.
كثيرًا ما كانت الدعوة إلى الداخل للصمود والمواجهة من جانب من يعيش في طمأنينة أمرًا ممجوجًا، فهم أدرى بقدراتهم الذاتية، لكن يمكن لمن هو في الخارج أن يدعوهم، بتواضع، إلى الاهتمام بتحقيق انتصار سياسي أكثر كثيرًا من العسكري، وألّا يغفلوا دور الكلمة والخطاب، ودور السياسة، ودور الصوت الوطني، الهادئ والعاقل، الصوت الذي لا يتحدث عن الدماء والانتقام، والذي لا يندرج في لعبة النظام وإيران في جرّ السوريين إلى الخطاب الطائفي.
هل يمكن أن نغني صوت العصافير والدماء من حولنا؟! نعم ممكن. هناك كثير من الألم، وكثير من عض الأصابع. أصلًا النظام جرّ السوريين إلى خطابات متشنجة وكراهية على وقع الرصاص، بحكم معرفته بأن حضور السلاح، وممارسة القتل، سيغيّب العقل، جزئيًا أو كليًا، عند الطرف الآخر، خاصة إذا ما أضفنا إلى ذلك لعبته التي ترتكز على كونه ممثلًا لـ “الدولة” و”الشرعية”، وأي مسلح في مواجهة الشرعية هو إرهابي، هذا هو المزاج العالمي العام على مستوى الحكومات والشعوب. وللأسف فشلت التشكيلات السياسية في بناء شرعية أخرى أمام العالم أو في الأحرى صرفت الشرعية التي حققتها الثورة السورية في البدايات في طرق ودهاليز ذاتية وأيديولوجية وفصائلية وإقليمية، والشمال السوري شاهد كبير على ما أنتجته يداها.
مع بدء حصار درعا البلد منذ أكثر من شهرين، كان رأيي أن السؤال الحقيقي والأجدر الذي يمكن أن يُطرح هو: ماذا تستطيع درعا أن تقدِّم إلى السوريين في هذه اللحظة؟ على عكس السؤال الشائع. وفي تقديري أنها فعلت أكثر كثيرًا من قدراتها. بدلًا من أن يأخذ أولئك الدروس والعبر من حركة طالبان، فليأخذوها من درعا! درعا في كل مرة كانت تعيد الدرس، وتضع القطار على السكة الصحيحة، لكن يبدو أنهم ثابتون على ضلالهم وأوهامهم
المدن
————————–
النهج الإسرائيلي للنظام في درعا/ معن البياري
واحدةٌ من شمائل النظام، غاصب السلطة في سورية، وفاؤه للنهج الإسرائيلي الذي يتّبعه في حروبه المتتابعة ضد الشعب السوري. النهج الذي يأنف من أي صيغةٍ أخرى غير القتل في “التعامل” مع الخصم أو العدو، ويرى أن ما لا يتم حلّه بالقوّة يحلّه مزيدٌ من القوة. من أجل أن “ينتقم” في عام 1982 من نحو 300 “مطلوب إرهابي” من الإخوان المسلمين، يعتصمون في حماة، لا مشكلة أبداً لدى النظام من استخدامه بطشاً مروّعاً وقوة نيرانٍ مدمِّرةٍ، بعد حصار قاسٍ وطويل، فيقتل في الأثناء نحو ثلاثين ألف مدني في المدينة التي لا لزوم لها بحسبه. يفعل المحتلّ الإسرائيلي هذا، يدمّر مخيم جنين في عام 2002، بعد حصار ومعارك ومواجهات، ويهدم 455 منزلاً بشكل كلي و800 جزئياً، ويقتل 65 مدنياً، بينهم مقاتلون، وذلك كله انتقاماً من بضعة محاربين. وأرشيف المشابهات بين الوحشيتين، الإسرائيلية والأسدية، ثقيل. وأظننا، في غضون المقتلة النشطة حالياً في درعا، مدعوّين إلى القراءة فيه جيداً، لأننا سنخلص إلى النتيجة أعلاه: وفاء النظام الحاكم في دمشق لنهجه الإسرائيلي، من قبيل الملحوظ في متاهات مفاوضاته في جنيف وغيرها بشأن لجنةٍ دستوريةٍ ومناطق لخفض التصعيد وحكاياتٍ غيرهما، ورّطنا نظام الأسد، في واحدةٍ من أسوأ نجاحاته، الباهرة حقاً، في التعامل الإعلامي معها بوصفها من شؤون السياسة، فيما السياسة التي يحترفها هذا النظام مُشاغلة خصومه بالدوران في مناطق العبث التي يختلقها، بينما تؤدّي الصواريخ والقذائف والبراميل والغازات المحرّمة وظائفها.
تجري في درعا مفاوضاتٌ بين وفد من النظام برئاسة مدير المخابرات وممثلين من الأهالي المحاصَرين، وبمشاركات روسية وحضور مليشياوي إيراني مسلّح، ثم نطالع أن المفاوضات انهارت، وأن اتفاقاً كان قد جرى الوصول إليه ثم خَرَقه النظام. لا مدعاة لمعرفة بنود الاتفاق المُلغى، ولا مضامين المداولات والمفاوضات، فقد تكفّلت، في غضون لعبة العبث المُضجرة هذه، عشرات الصواريخ والقذائف المدفعية ورشقات الرشّاشات الثقيلة، وكذا القصف الذي أدّته مليشياتٌ إيرانية، (في الليل غالباً)، بإخطارنا بالمفيد، وموجزُه أن الحلّ الإسرائيلي هو الأنجح من اللتّ والعجن، وأنجع من الكلام عن اتفاقٍ جرى الوصول إليه قبل ثلاث سنوات، ويلزم دفنُه الآن، وعن اتفاق آخر، تمّ قبل يومين، ثم تُرديه الصواريخ (زنة بعضها 500 رطل) والقذائف إياها. لنُصبح أمام صيحة الأهالي أن يتمّ السماح لهم بالهجرة الجماعية إلى الأردن أو تركيا، ومناشدة الملك عبد الله الثاني التدخل لدى المجتمع الدولي (!) من أجل إنقاذهم من حالهم مخيّرين بين الإبادة أو التهجير. وفي الأثناء، نُصادف في “التايمز” البريطانية لمراسلٍ لها في الشرق الأوسط كلاماً يشبه تعالُم المستشرقين المبتدئين، أن الجاري في درعا امتحانٌ للرئيس الأميركي بايدن، من أجل التدخل في الشرق الأوسط.
كأن النظام يعمل، بهمّةٍ ظاهرةٍ، من أجل عملية تهجيرٍ يريدها من درعا، إلى الشمال. يقول إن “التسوية” التي يهدف إليها تتضمّن خروج “المسلحين والإرهابيين” إلى هناك. كأن الروس والإيرانيين الذين يشيرون عليه ويستخدمونه يدبّرون وضعاً مستجدّاً في جنوب سورية بمحاذاة الأردن، يغاير الترتيبات التي تم التوصّل إليها، بمشاركة أردنية، في عام 2017، ثم في 2018. يتوسّل هؤلاء وأولئك، وبعونٍ من النظام دائماً، الضغط العسكري على السّكان (أو الساكنة بحسب إخواننا المغاربة)، وبالحصار والتجويع، لينفضّوا عن المسلّحين وأسرهم وعائلاتهم. ويطالب النظام بتسلم “مطلوبين” ليخفيهم وراء الشمس تالياً، وتستمر حملته العسكرية، شديدة النيران، بغرض فرض الحقائق في أمرٍ واقعٍ يريده هو بكيفيةٍ تزيد من منعته ومناعته، وهو المُصان من أي تدخّل أميركي، أو من مجتمعٍ دولي لا تراه الأعين ولا المجاهر الميكروسكوبية، فكما استفرد جيش الأسد بإدلب وحلب وحمص ودوما ومضايا و.. في محطّاتٍ غير منسيةٍ في أثناء “الحرب الأبدية” في سورية، كما يسمّيها زميلنا مراسل “التايمز” ذاك، لا شيء يردُعه من الاستفراد بدرعا. ومعلومٌ أن إرادة “الانتقام” من هذه المدينة، بوصفها مهد الثورة، متوطّنةٌ في دواليب مخابراته وأجهزته ومنظومته الأمنية والعسكرية. والماثل قدّامنا أنه لا يرى غير الحلّ الإسرائيلي وسيلةً تُسعفه في إنجاز انتقامه المشتهى.. كما صنع غير مرةٍ في بطاحٍ وحواضر سوريةٍ كثيرة.
العربي الجديد
—————————–
درعا:لماذا غاب النفوذ الروسي؟/ طه عبد الواحد
لم تكن حملة الميليشيات الإيرانية، بغطاء قوات النظلم السوري، متوقعة على محافظة درعا جنوب سوريا. هذا على الأقل ما يراه كثيرون، انطلاقا من قراءة الاتفاق بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والذي تبنّاه لاحقا الرئيس الأميركي دونالد ترمب وجعل منه اتفاقاً حول ترتيبات الوضع جنوب سوريا، توصل إليه مع الرئيس الروسي خلال قمتهما في هلسنكي صيف عام 2018. الفكرة الرئيسية للحراك الدبلوماسي حينها من تل أبيب إلى موسكو، ومن ثم واشنطن، والذي تمخض عنه اتفاق هلسنكي، هو أن يتم وضع خطوات تضمن أمن إسرائيل، وبصورة خاصة إبعاد الإيرانيين وميلشياتهم الطائفية مسافة آمنة عن الحدود.
وتطلب الاتفاق كذلك بصورة تلقائية، ضرورة وقف القتال في المنطقة بين النظام والمعارضة، لاستعادة الاستقرار. إلا أن روسيا التي اعتمدت أسلوب القضاء على المعارضة لإنهاء القتال مع النظام في أكثر من منطقة، لم تعمد إلى الأسلوب ذاته في جنوب سوريا، وذلك لاعتبارات عديدة، بينها كما يتضح عدم ثقتها بقوات النظام وقدرتها أو حتى استعدادها الحقيقي لمنع التغلغل الإيراني في المنطقة. لذلك مضت روسيا في اتفاق مصالحة، انضمت بموجبه بعض فصائل المعارضة إلى “الفرقة الخامسة” المعروف عنها تبعيتها لروسيا. وضمن تلك الفرقة تم تشكيل اللواء الثامن، بقيادة أحمد العودة الذي كان يقود فصيل فرقة “شباب السنة” في الجيش الحر سابقاً. بهذا الشكل أصبحت المنطقة شكليا تحت سيطرة النظام عبر “الفرقة الخامسة” لكن عمليا بقيت تحت سيطرة روسيا والمعارضة عبر اللواء الثامن.
طيلة السنوات الماضية كانت روسيا مرتاحة لهذه الترتيبات في جنوب سوريا، لاسيما، وبصورة خاصة لأن إظهار قدرتها على ضبط الوضع في المنطقة التي تثير قلق الإسرائيليين، ساهم في اندفاع تل ابيب في عهد نتنياهو نحو تعزيز الاتصالات والعلاقات مع موسكو. كما أن هذا الدور الروسي في الجنوب كان رئيسيا خلال المحادثات الأميركية-الروسية حول الوضع في سوريا، حتى رئاسة دونالد ترمب. في الوقت ذاته كان الحراك الدولي حول الأزمة السورية متواصلا طيلة السنوات الماضية، ولم يفقد زخمه، كما لم تفقد موسكو مكانتها التي حققتها عبر الدور في الأزمة السورية، حين شعرت أنها تحولت إلى قبلة لكبار المسؤولين من مختلف دول العالم، وشعرت من جديد أنها عادت إلى الساحة الدولية لاعباً، يترقب الجميع تحركاته، وينتظرون اشاراته، ويتشاورون معه قبل التحرك بهذا الاتجاه أو ذاك في ما يخص الأزمة السورية.
إلا أن الوضع قد تغير جذرياً في الفترة الماضية. إذ لم يعد الملف السوري رئيسيا على الأجندة الدولية، كما كان منذ 2011 ولغاية 2017، وبالتالي لم تعد موسكو محطة لكبار المسؤولين من مختلف دول العالم. ولم تظهر الحكومة الإسرائيلية الجديدة رغبة بمواصلة اندفاع نتنياهو نحو علاقات مميزة تصل حد الشراكة مع روسيا، حتى وإن كان الوضع متصلاً بالدور الروسي لضمان أمن إسرائيل عبر سوريا. في الأثناء هناك حالة أقرب إلى الجمود ميدانيا بالمعنى العسكري، وسياسيا، حول الوضع إن كان في شمال شرق سوريا حيث الانتشار الأميركي وميليشيات “قسد”، أو في إدلب ومناطق سيطرة الفصائل التابعة لتركيا.
في موازاة ذلك، يبدو واضحاً أن جهود التسوية على المسار الدولي الذي يقوده غير بيدرسن، لا تزال تتعثر بمواقف النظام السوري، ولا تصدر عنها إي إشارات “حياة”، الأمر الذي يبدو أن موسكو لم تعد مرتاحة له. وهو ما ظهر جليا في تصريحات وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف مؤخراً، حين زعم أن “روسيا وفرت الظرف للعملية السياسية في سوريا”، وقال إنها “تسير لكن بشكل لا سيء ولا جيد”، وكأنه يريد القول إنها دخلت حالة “سبات”. وكان لافتاً في تصريحاته تلك أنه لم يذهب كعادته إلى تحميل المعارضة المسؤولية عن تعثر التسوية، واكتفى بالقول إنها تسير بهذا الشكل “لكن ليس بسببنا (روسيا)”. وأغلب الظن أنه التزم الصمت حول من يعتقد أنه سبب تعثر عمل اللجنة الدستورية، لأنه لو نطق سيضطر للقول صراحة إن “النظام السوري هو السبب”.
وسط هذه الأجواء تجدد التوتر في درعا، إلا أنه لم يكن مجرد توتر عابر، بل حملة عسكرية أطلقها النظام السوري بدعم من إيران وميليشياتها، بهدف استعادة السيطرة التامة على المنطقة. واللافت أن روسيا التي تمكنت من كبح جماح النظام طيلة الفترة الماضية، تبنت موقفا مركباً إن جاز التعبير. فهي لم تتدخل عسكرياً لتحسم المعركة لصالح النظام، كما كانت تفعل طيلة السنوات الماضية، وإنما دخلت بصفة وسيط وراعٍ للمفاوضات والاتفاقيات، وظهرت بموقف الطرف الذي يحاول ضبط الوضع. فهي لا تسمح حتى الآن بتدهور خطير ينهي نفوذها في المنطقة، كما أنها في الوقت ذاته لا تبدو معنية بالتخلي عن اللواء الثامن وتركه فريسة للإيرانيين، لأنها لا تريد أن تبدو بمظهر الأميركيين الذين تتهمهم بأنهم “يتخلون عن حلفائهم”. وفي الوقت ذاته لا يبدو أنها تستغل نفوذها كما يجب لإرغام النظام والإيرانيين على وقف حملتهم العسكرية في المنطقة.
لعل روسيا مستفيدة من بقاء الوضع على حاله واستمرار حالة التوتر في جنوب سوريا، لمرحلة محددة من الزمن، تأمل خلالها تحقيق مجموعة أهداف، في مقدمتها استعادة الزخم للاهتمام بالدور الروسي في سوريا؛ إذ طالما كان هذا الاهتمام يصل أعلى درجاته كلما كان هناك تصعيد عسكري خطير في منطقة أو مدينة ما. ولعل روسيا تأمل عبر الحفاظ على الوضع متوترا قرب إسرائيل بأن تدفع حكومة نفتالي بينيت الجديدة لإعادة النظر في توجهها نحو روسيا، وتفعيل الاتصالات مع موسكو مجدداً حتى مستواها في عهد حكومة نتنياهو. فضلاً عن ما سبق ولأن الوضع في المنطقة محكوم بتفاهم روسي-أميركي، ربما تعول موسكو على أن يدفع استمرار التوتر في الجنوب إدارة الرئيس جو بايدن إلى تنشيط الحوار الروسي-الأميركي حول الملف السوري، حتى زخمه في مرحلة اتصالات الوزيرين لافروف-كيري عام 2016.
باختصار ربما تحاول روسيا تسخير الوضع الراهن لاستعادة تأثير دورها في الأزمة السورية على موقعها في الساحة الدولية، ومن جانب آخر لتنشيط المحادثات حول الأزمة السورية مع القوى الدولية والإقليمية. وبالطبع لا يخلو الأمر من رسائل للإيرانيين والنظام أنه من دون القوات الروسية لم ولن تتمكنوا من حسم أي معركة.
المدن
—————————
وفد روسي لتثبيت وقف إطلاق النار وإكمال التسوية في درعا البلد/ جلال بكور
دخل وفد من الشرطة العسكرية الروسية، صباح اليوم الاثنين، إلى درعا البلد بمحافظة درعا جنوبي سورية، بهدف تثبيت وقف إطلاق النار وإكمال عملية التسوية ريثما يتم الاتفاق على بقية النقاط العالقة، فيما يستمر الهدوء في المنطقة تزامنا مع تحليق طائرات استطلاع.
وقالت مصادر مطلعة لـ”العربي الجديد”، اشترطت عدم كشف هويتها، إن دورية من الشرطة العسكرية الروسية يرافقها مسؤولون من النظام السوري دخلت إلى حي الأربعين في درعا البلد، وبدأت عملية تسوية لشبان من المنطقة، وذلك بهدف تثبيت الاتفاق ووقف إطلاق النار ريثما يجرى التفاهم على بقية الشروط التي يريد نظام بشار الأسد تنفيذها في المنطقة.
وذكرت المصادر أن اللجنة المركزية لدرعا البلد تجري اجتماعا مع اللجنة الأمنية التابعة للنظام، وكانت قد وافقت سابقا على العودة إلى تنفيذ اتفاق الأول من سبتمبر/ أيلول الجاري، فيما يستمر النقاش حول بقية النقاط وعلى رأسها انتشار نقاط للنظام داخل درعا البلد.
وشددت المصادر على أنه تجرى في هذه الساعة عملية تسوية أوضاع المطلوبين وتسليم عدد محدود من السلاح الخفيف في مركز حي الأربعين قرب مسجد بلال الحبشي بدرعا البلد.
ويستمر الهدوء في عموم درعا البلد ومحيطها منذ مساء أمس، على خلفية الاجتماع الأخير بين اللجنة المركزية واللجنة الأمنية التابعة للنظام برعاية روسية، والذي جرى خلاله الاتفاق على هدنة حتى الساعة العاشرة من صباح اليوم بالتوقيت المحلي، من أجل موافقة اللجنة المركزية على شروط النظام بهدف وقف حالة التصعيد ضد المنطقة.
ويبدو أن اللجنة وافقت على شروط النظام وحلفائه، لكنها لم تصرح بذلك حتى إعداد هذا التقرير، وكان من المفترض أن تنتهي هدنة وقف إطلاق النار اليوم عند الساعة العاشرة صباحا، وفي حال وافقت اللجنة المركزية على شروط النظام، فسيتم البدء بتنفيذ الاتفاق.
وأوضح الناشط أبو محمد الحوراني في وقت سابق لـ”العربي الجديد” أن النقطة التي يريد النظام تنفيذها تحديدا هي نشر قوات له داخل أحياء درعا البلد، مقابل سحب قوات “الفرقة الرابعة” والمليشيات الإيرانية والتعزيزات الأخيرة من محيطها، إضافة إلى إكمال تنفيذ بقية البنود وتسليم السلاح وتهجير الرافضين للتسوية مع النظام.
وقالت مصادر لـ”العربي الجديد”، اشترطت عدم كشف هويتها، إن الجانب الروسي هدد هذه المرة اللجنة المركزية بأنه سيدعم الحل العسكري الذي يسعى إليه النظام حال عدم الموافقة على الشروط المطروحة، وهو ما دفع اللجنة المركزية إلى العودة للتفكير بالشروط مرة أخرى، ومن المرجح الموافقة عليها.
وكان من المفترض أيضا عقد اجتماع جديد اليوم عند الساعة العاشرة صباحا، من أجل إعطاء النظام السوري وحلفائه الموافقة أو عدمها على الشروط المدعومة من الجانب الروسي.
وعقد أمس اجتماع مطول في الملعب البلدي بدرعا المحطة، بين ممثلين عن اللجنة المركزية وممثلين عن اللجنة الأمنية التابعة للنظام والجانب الروسي، وحضره وفق مصادر ضباط كبار في النظام السوري والقوات الروسية.
وقالت مصادر من درعا إن الاجتماع الأخير حمل تهديدات واضحة وصريحة باللجوء إلى الحل العسكري، كما حصل في الغوطة وحلب ومناطق أخرى، حيث يتمسك النظام بقضية ترحيل الرافضين للتسوية وتسليم السلاح ونشر نقاط عسكرية وتفتيش منازل وإلحاق الشبان بالتجنيد الإجباري.
ويأتي ذلك بعد حصار درعا البلد نحو 75 يوما، تخللتها جولات من التصعيد العسكري من قبل قوات النظام السوري أدت إلى مقتل وجرح العشرات من المدنيين، كما تكبدت قوات النظام خسائر بشرية فادحة في محاولات الاقتحام.
وفي الأول من سبتمبر/ أيلول الجاري، وافقت اللجنة المركزية على شروط النظام، وبعيد بدء تنفيذ الاتفاق، عاد النظام إلى التصعيد العسكري بحجة أن اللجنة لم تلتزم ببنوده في ما يتعلق بتسليم السلاح.
العربي الجديد
————————–
النظام يعتمد سياسة “الأرض المحروقة” لإخضاع درعا البلد/ أمين العاصي
يواجه آلاف المدنيين المحاصرين في أحياء درعا البلد جنوب سورية مصيراً مجهولاً، مع انسداد الآفاق أمام كل الجهود التي تبذل لإيجاد حلول سياسية، حيث لا يزال النظام عند موقفه في توقيع ما يشبه “صك الاستسلام” من قبل مقاتلين محليين يدافعون عن الأهالي، الذين حتى التهجير الذي يطالبون به لم يحصلوا عليه.
وشهد أمس الأحد لساعات طويلة قصفاً عنيفاً بمختلف أنواع الأسلحة على أحياء درعا البلد قبل أن يعلن “تجمع أحرار حوران” (تجمع لصحافيين وناشطين ينقل أحداث الجنوب السوري) أن الجنرال الروسي أندريه فلاديميروفيتش كولوتوفكين، المكلف بمتابعة الملف، أبلغ وجهاء محافظة درعا بوقف إطلاق النار في مدينة درعا حتى الساعة العاشرة من صباح اليوم الإثنين، مهدداً بالتدخل إلى جانب نظام الأسد في حال عدم تنفيذ مطالب النظام.
وقال المتحدث باسم “تجمع أحرار حوران” أبو محمود الحوراني، لـ “العربي الجديد”، إن أمس الأحد شهد قصفاً بقذائف الدبابات من قبل الفرقة الرابعة، التابعة لقوات النظام، على أحياء درعا البلد المحاصرة. وأوضح أن “مليشيات الفرقة الرابعة تحاول التقدم باتجاه الأحياء المحاصرة في درعا، بالتزامن مع تمهيد ناري مكثف بقذائف المدفعية وراجمات الصواريخ”. وأشار إلى أن قوات النظام لم تستثن الجامع العمري، الذي يعد من أقدم الجوامع في بلاد الشام، من قصفها، مبيّناً أن الفرقة الرابعة استهدفته أمس الأحد بصاروخ أرض ــ أرض من نوع “فيل”، ما أدى إلى وقوع دمار كبير فيه.
بدوره، قال الناشط محمد الحوراني، لـ”العربي الجديد”، إن قوات النظام كثفت، اعتباراً من منتصف ليل السبت – الأحد وحتى ساعات الصباح الأولى من أمس، قصفها لمنطقة درعا البلد، وأطلقت عشرات الصواريخ وقذائف المدفعية، بالإضافة إلى الرشقات المتوالية بالرشاشات الثقيلة، ما تسبب بإصابة عدد من المدنيين بجروح، وسط تحليق متواصل لطيران الاستطلاع في سماء المنطقة. وتسبب القصف من قبل قوات النظام بتدمير جزء كبير من أحياء درعا البلد، حيث من الواضح أن هذه القوات عاجزة عن التقدم على الأرض، من دون اتباع سياسة “الأرض المحروقة” التي لطالما انتهجتها في العديد من المناطق ما أدى إلى تدمير أغلبها.
من جانبه، بيّن عماد المسالمة، وهو أحد وجهاء درعا البلد لـ”العربي الجديد”، أن قوات النظام قصفت المنطقة بكل أنواع الأسلحة منذ فجر الأحد، واصفاً القصف بأنه “جنوني” و”كأنها القيامة”. وأشار إلى اندلاع اشتباكات على جميع المحاور بين قوات النظام والمليشيات التابعة لها، والمقاتلين المدافعين عن أحياء درعا البلد وسكانها.
يأتي هذا فيما يحاول وجهاء من محافظة درعا التوصل إلى اتفاق يرضي الطرفين، النظام وسكان أحياء درعا البلد والمقدر عددهم بعدة آلاف مصيرهم مهدد، بسبب إصرار المليشيات وقوات النظام على السيطرة المطلقة على المنطقة وتفتيش المنازل. ويؤكد القصف، الذي لم يتوقف طيلة يومين، أن اتفاقاً سياسياً بعيد المنال مع تمسك النظام بشروطه التي تكاد ترقى إلى “استسلام” الأهالي الرافضين لاتفاقات “مذلة” تعرضهم لكل أنواع الانتهاكات. وكانت الفرقة الرابعة والمليشيات الإيرانية أطلقوا النار، أمس الأول، على وجهاء ريفي درعا الغربي والشرقي، بعد خروجهم من درعا البلد، إثر لقاء مع اللجنة المركزية بدرعا البلد.
من جانبها، نقلت صحيفة “الوطن”، التابعة للنظام، أمس الأحد، عن مصادر “وثيقة الاطلاع” قولها إن “الدولة السورية لا تهجّر مواطنيها، ولكن اللجنة المركزية، هي من طالبت بخروج المسلحين الرافضين للتسوية، وقد يخرج مسلحون منهم ومعهم عوائلهم”. من جانبها، نقلت وكالة “نبأ” المحلية عن أحد أعضاء لجنة التفاوض قوله إن الجنرال الروسي أندريه فلاديميروفيتش كولوتوفكين ورئيس اللجنة الأمنية التابعة للنظام اللواء حسام لوقا اشترطا، أمس الأول، تهجير أشخاص من درعا، منهم أعضاء في لجنة التفاوض، من بينهم المتحدث الرسمي عدنان المسالمة وعبد الناصر المحاميد. وفشلت جهود سكان درعا البلد بالحصول على مكان آمن في الأردن أو الشمال السوري أو تركيا يلجؤون إليه، حيث لم تصدر حتى أمس الأحد أي ردود رسمية من الحكومة الأردنية على مناشدة عشائر وعائلات درعا الملك الأردني عبد الله الثاني، التدخل لوقف خيارات الإبادة أو التهجير التي يهدّدهم بها نظام بشار الأسد، أو فتح طريق آمن إلى الأردن. وليس من المتوقع أن يوافق الأردن أو تركيا على استقبال عدة آلاف من محافظة درعا، بسبب وجود ملايين السوريين اللاجئين إلى الدولتين على امتداد سنوات الأزمة السورية.
وكان الائتلاف الوطني السوري حذر، في بيان السبت الماضي، “من إتمام النظام الإيراني لمشروعه الخبيث في درعا وعموم الجنوب السوري”، مشيراً إلى أن هذا المشروع يهدف “إلى تغيير البنية السكانية للمنطقة.
وأعرب المحلل السياسي محمد العويد (وهو من أبناء درعا)، في حديث مع “العربي الجديد”، عن اعتقاده أن “الجانب الروسي لا يسمح باتساع نطاق المواجهات في محافظة درعا”، مضيفاً: في حال اندلاع مواجهات شاملة يتهدم كل ما بناه الروس خلال 3 سنوات في جنوب سورية. واعتبر أنه على الرغم من الوحشية التي تمارسها قوات النظام اتجاه أحياء درعا البلد، فإن موسكو لن تسمح باقتحام يفجر الوضع برمته في درعا. وأشار إلى أن الانفجار غير مسموح به في درعا البلد لأنه لن يتوقف عند حدودها، بل يعم جنوب سورية، وهذا غير مرغوب به من الأردن وإسرائيل.
وتشمل المنطقة المحاصرة من قبل قوات النظام حي “المخيم” القريب من درعا البلد، والذي يضم لاجئين فلسطينيين. وبيّن أبو محمد الحوراني، لـ”العربي الجديد”، أن المخيم يضم نحو خمسة آلاف مدني، نافياً ذهاب أحد من السكان أو المقاتلين المحليين في درعا البلد إلى المخيم. ووفق وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فقد كان يسكن في مخيم درعا نحو 10500 لاجئ من فلسطين قبل العام 2011. وأشارت إلى أن المخيم “مدمّر”، موضحة أنه “مع اندلاع النزاع الأخير، فقد أصبح المخيم غارقاً في العنف، واضطر 90 في المائة من سكانه إلى المغادرة، والبحث عن الأمان في مناطق أخرى، مثل مدينة درعا أو دمشق أو حتى الأردن”. وأشارت إلى أن 400 عائلة فلسطينية لاجئة عادت إلى المخيم أواخر العام 2018، مع سيطرة قوات النظام مجدداً عليه. ومنذ بدء الأزمة السورية ربيع 2011، غادر عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين البلاد إلى الأردن أو بلدان أوروبية، منها ألمانيا والسويد. وتعرضت عدة مخيمات تضم لاجئين فلسطينيين إلى دمار كلي أو جزئي، بقصف جوي أو مدفعي وصاروخي من قبل قوات النظام.
العربي الجديد
—————————
درعا:هدنة جديدة برعاية روسية..فك الحصار مقابل النقاط الأمنية
أعلن الناطق باسم لجنة التفاوض في درعا عدنان المسالمة أن اتفاقاً تمّ مع الوفد الروسي والنظام السوري، يقضي بوقف إطلاق النار حتى صباح الاثنين، بانتظار جولة جديدة من المفاوضات التي انهارت فجر الأحد بعد قصف النظام للأحياء المحاصرة.
ونفى المسالمة لتجمع أحرار حوران، التوصل إلى اتفاق نهائي مع الأطراف الفاعلة، مشيراً إلى أن مباحثات جديدة ستعقد الاثنين لمناقشة بنود الاتفاق المعلن في 1 أيلول/سبتمبر.
وأشار المسالمة إلى أن “العودة إلى المفاوضات مع النظام جاءت بعد تعهد نائب وزير الدفاع الروسي أندريه كارتابولوف بفك الطوق الأمني عن الأحياء المحاصرة، وسحب التعزيزات العسكرية من محيطها، بمجرد نشر النقاط الأمنية”، فيما قالت مصادر معارضة إن فك الحصار سيتزامن مع نشر 9 نقاط أمنية تضم كل منها نحو 15 عنصراً من قوات النظام.
وقُتل 3 مدنيين جراء قصف قوات النظام للأحياء المحاصرة في درعا، وذلك بعد أن جددت صباح الأحد قصف المدينة إثر انهيار المفاوضات التي ترعاها روسيا.
وحذّر الائتلاف الوطني السوري المعارض من “إتمام إيران مشروعها في درعا والجنوب السوري”، قائلاً إنه يتم بتنفيذ من النظام السوري مع الشراكة الروسية.
وأضاف الائتلاف في بيان، أن “المشروع سيغير البنية السكانية للمنطقة مع استمرار الحصار والقصف وصولاً إلى التهجير القسري”، كما حذر من أن “أضرار هذا المشروع لن تقتصر على حوران أو سوريا، بل ستمتد إلى كل دول المنطقة، ولا سيما الأردن ودول الخليج العربي”.
ودعا الائتلاف الدول العربية وتركيا إلى التدخل بشكل عاجل لإنقاذ أهالي درعا ورفع الحصار عنهم وحمايتهم من وحشية المليشيات.
ودانت دولة قطر الأحد هجوم قوات النظام على درعا، وعدّته امتداداً لسلسلة الجرائم النكراء التي ظل يرتكبها النظام في حق الشعب السوري خلال السنوات الماضية.
وشددت وزارة الخارجية القطرية في بيان، على أن الجرائم المروعة التي مارسها النظام السوري في درعا أدت إلى نزوح عشرات الأسر، الأمر الذي يخالف القانون الإنساني الدولي ويستوجب تحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية.
وجددت الوزارة التأكيد على موقف دولة قطر الثابت بدعم الجهود الدولية التي تهدف للتوصل إلى حل سياسي لإنهاء الأزمة السورية وفقا لبيان جنيف (1) لعام 2012 وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، مما يحقق تطلعات الشعب السوري ويحفظ وحدة سوريا واستقلالها.
كذلك دانت الولايات المتحدة الحملة العسكرية التي يشنها الأسد والميليشيات الطائفية على درعا، مطالبة بوقفها والسماح للمساعدات الإنسانية بالدخول.
وقالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد: “ندين بشدة استئناف نظام الأسد قصف درعا، الذي أسفر عن مقتل الكثيرين وتشريد الآلاف”، مؤكدة أن بلادها ترفض سياسات نظام الأسد المتعلقة بالتهجير القسري. واعتبرت أنَّ نظام الأسد يستخدم سياسة التهجير القسري لأهالي المنطقة كـ”تكتيك” للضغط عليهم، مطالبة بفك الحصار عن الأهالي الموجودين داخل أحياء درعا البلد، وإيصال المساعدات الإنسانية المقدمة من الأمم المتحدة إليهم.
————————-
سوريا.. الشرطة العسكرية الروسية ولجنة أمنية في النظام تدخلان درعا البلد لتنفيذ الاتفاق مع الأهالي
قالت مصادر محلية للجزيرة إن الشرطة العسكرية الروسية ولجنة أمنية في النظام السوري دخلتا اليوم الاثنين أحياء درعا البلد للبدء بتنفيذ الاتفاق المبرم سابقا بين عشائر المنطقة والنظام السوري، ويأتي هذا التطور بعد حملة عسكرية كبيرة انطلقت قبل أسابيع وأسفرت عن ضحايا ودمار واسع.
وأضافت المصادر أن الاتفاق يقضي بتسليم الأهالي مزيدا من الأسلحة للنظام السوري، وإجراء ما يصفونها بتسوية أوضاع الشباب المطلوبين لدى النظام.
اقرأ أيضا
فورين بوليسي: مساع للتصالح مع نظام الأسد.. المنطقة تستعد لخروج الولايات المتحدة من سوريا
بعد رفض “لجنة درعا” خارطة الحل الروسية.. أين تتجه الأوضاع جنوبي سوريا؟
وول ستريت جورنال: مسعى روسيا لنفوذ بالشرق الأوسط تعرقله معركة سوريا الجديدة
وتابعت أن الجانب الروسي كان قد وعد بسحب قوات النظام من محيط درعا البلد، وفك الحصار عند البدء بنشر 9 نقاط أمنية للنظام في أحياء درعا المحاصرة.
وفي وقت سابق، أفادت مصادر محلية للجزيرة بأن لجنة المفاوضات عن أهالي درعا من جهة والنظام السوري من جهة أخرى عادا إلى الاتفاق السابق المبرم بينهما بعد تدخل الجانب الروسي ممثلا بنائب وزير الدفاع الروسي.
وأضافت المصادر أن الجانب الروسي وعد بسحب قوات النظام وفك الحصار عن درعا، بالتزامن مع نشر النقاط الأمنية التسع التي ستضم كل منها نحو 15 عنصرا من قوات النظام.
وأوضحت المصادر أن الاتفاق يتضمن أيضا تسليم مزيد من الأسلحة للنظام بضمانة من نائب وزير الدفاع الروسي، الذي وعد بتطبيق كامل بنود الاتفاق المبرم قبل أيام.
وكان المتحدث باسم لجنة المفاوضات عن درعا البلد عدنان المَسالمة قال في مقابلة مع الجزيرة إن نائب وزير الدفاع حضر خصيصا من موسكو لإتمام الاتفاق.
وقبل العودة لتنفيذ الاتفاق طلبت عشائر المدينة من الجانب الروسي تأمين عملية تهجير جماعي لأهالي درعا البلد إلى تركيا أو الأردن بعد انقلاب النظام على بنود الاتفاق المبرم معها.
ونقل مراسل الجزيرة أمس الأحد عن مصادر محلية أن 3 مدنيين قتلوا جراء قصف قوات النظام السوري الأحياء المحاصرة في درعا بالصواريخ الثقيلة.
الجامع العمري
وحصلت الجزيرة على صور خاصة تُظهر الدمار والخراب الذي لحق بالجامع العمري في درعا البلد.
واتهمت المعارضة السورية النظام بقصف الجامع الذي انطلقت منه الثورة السورية عام 2011 بصاروخ أرض أرض وبعدد من قذائف الهاون خلال تجديد قصفها على أحياء درعا المحاصرة.
ولا تعدّ حادثة استهداف المسجد العمري الأولى من نوعها، إذ استهدفه النظام مرات عدة، أدّت إحداها إلى انهيار مئذنته عام 2013، إلا أن سكان المدينة أصرّوا بعد كل مرة على استمرار إقامة الصلاة فيه.
تنديد وتحذير
وفي ردود الفعل على التطورات في الجنوب السوري، ندّدت دولة قطر بهجوم قوات النظام السوري على درعا، وعدّته “امتدادا لسلسة الجرائم النكراء التي ظل يرتكبها النظام بحق الشعب السوري” خلال السنوات الماضية.
وجدد بيان نشرته وزارة الخارجية القطرية تأكيد موقف دولة قطر الثابت بدعم الجهود الدولية التي ترمي إلى التوصل لحل سياسي لإنهاء الأزمة السورية وفقا لبيان جنيف واحد لعام 2012، وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بما يحقق تطلعات الشعب السوري، ويحفظ وحدة سوريا واستقلالها.
من جهته، حذر الائتلاف الوطني السوري المعارض مما سماه إتمام إيران مشروعها في درعا والجنوب السوري، قائلا إنه يتم بتنفيذ النظام السوري له مع الشراكة الروسية.
وأضاف الائتلاف -في بيان- أن المشروع سيغير البنية السكانية للمنطقة مع استمرار الحصار والقصف وصولا إلى التهجير القسري.
قصف روسي
في تطور ميداني آخر، شنّت مقاتلات حربية روسية اليوم الاثنين غارات عدة استهدفت بلدات وقرى في جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي (شمال غربي سوريا).
وأفاد مراسل الجزيرة في سوريا بأن الغارات الروسية لم تسفر عن خسائر بشرية لكنها ألحقت أضرارا مادية كبيرة بممتلكات المدنيين ومنازلهم.
وأظهرت صور بثها ناشطون تزامن الغارات الروسية مع مرور رتل عسكري للجيش التركي في المنطقة، كما قصفت قوات النظام السوري بالمدفعية بلدات الفطيرة والبارة وعين لاروز في ريف إدلب الجنوبي.
وتشهد محافظة إدلب تصعيدا عسكريا رغم وقف إطلاق النار المتفق عليه بين روسيا وتركيا شمال غربي سوريا.
المصدر : الجزيرة
————————-
==================
تحديث 07 أيلول 2021
—————————-
جنوب سوريا: بدء تطبيق اتفاق باستئناف تسليم السلاح وتسوية أوضاع عشرات المسلحين في درعا البلد/ هبة محمد
وسط هدوء حذر، ووقف إطلاق نار شامل في درعا جنوب سوريا، دخلت الشرطة العسكرية الروسية واللجنة الأمنية الممثلة للنظام السوري، صباح أمس الإثنين، إلى حي الأربعين في درعا البلد، من أجل استكمال تنفيذ بنود الاتفاق الذي أبرم مساء الأحد، بعد جولة من المباحثات أفضت إلى اتفاق جديد، بعد تعديل بنود الاتفاق المعلن عنه. وقال عضو لجنة التفاوض عن أهالي درعا أبو علي المحاميد، إن المنطقة تشهد أولى مراحل تنفيذ الاتفاق. وأضاف “اليوم يستكمل إجراء التسويات في درعا البلد للراغبين بذلك، بحضور لجنة التسويات وبحضور الضامن الروسي كخطوة أولى لتنفيذ الاتفاق”.
ووفقاً لمصادر خاصة لـ “القدس العربي” في درعا، فإن نائب وزير الدفاع الروسي ضغط على ممثلي النظام لتنفيذ الاتفاق والالتزام ببنوده، مرجحا أن يستكمل الاتفاق مراحله دون أي خروقات بضغط من الجانب الروسي.
وأعلنت سلطات النظام السوري أمس استئناف عمليات تسليم أسلحة وتسوية أوضاع عشرات المسلحين من درعا البلد. وذكرت وكالة “سانا” للأنباء التابعة للنظام أن “عشرات المسلحين في درعا البلد بدأوا صباح اليوم (أمس) تسوية أوضاعهم وتسليم الأسلحة التي كانت بحوزتهم للجيش العربي السوري في مركز التسوية في حي الأربعين، وذلك تنفيذاً لاتفاق التسوية الذي طرحته الدولة في إطار جهود الحل السلمي”، الذي يقضي بإنهاء سيطرة المعارضين للنظام و”إعادة الأمن والاستقرار إلى جميع أرجاء المحافظة”.
وأضافت أن الأسلحة التي تم تسليمها تراوحت بين الخفيفة الفردية والرشاشة وقواذف آر بي جي، وعدد من القذائف المتنوعة، على أن يتم فتح مراكز أخرى في أنحاء المدينة لاستكمال عملية تسوية الأوضاع وتسليم السلاح للجيش السوري، تمهيداً لانتشاره في كل أنحاء المدينة وعودة مؤسسات الدولة إليها.
وتوصلت القوات الحكومية السورية ولجان درعا المركزية بوساطة روسية إلى اتفاق يوم الثلاثاء الماضي يقضي بتسليم عدد من مسلحي درعا سلاحهم، وإنشاء نقاط للجيش السوري في محيط أحياء درعا البلد.
——————————–
درعا البلد… تسوية قسرية بطعم الاستسلام/ أمين العاصي
لم يجد أهالي أحياء درعا البلد في جنوب سورية بدّاً من القبول بـ”خريطة حل” روسية لتجنّب الخيارات الأسوأ التي يمكن أن تفضي إلى تدمير هذه الأحياء بشكل كامل، وخاصة أن جنرالاً روسياً لوّح باستخدام الطيران في حال رفض شروط بنود الاتفاق، التي حاول الوفد المفاوض عن الأهالي التخفيف منها، ولكنه لم يستطع.
وأكد أبو محمود الحوراني، وهو الناطق باسم “تجمع أحرار حوران” (تجمع لصحافيين وناشطين ينقل أحداث الجنوب السوري)، لـ”العربي الجديد”، أن دورية من الشرطة العسكرية الروسية دخلت، أمس الاثنين، إلى حي الأربعين في درعا البلد للقيام بـ”تسوية” لشبان مطلوبين للنظام من المنطقة، وذلك بهدف تثبيت الاتفاق ووقف إطلاق النار، ريثما يجري التفاهم على بقية الشروط التي يريد النظام تنفيذها في المنطقة. وأشار إلى أن عملية تسوية أوضاع المطلوبين، وتسليم عدد محدود من السلاح الخفيف، ستجري في مركز حي الأربعين قرب مسجد بلال الحبشي بدرعا البلد. وفي السياق، ذكرت وكالة “سانا” التابعة للنظام أن “عشرات المسلحين في درعا البلد بدأوا صباحاً (الاثنين) تسوية أوضاعهم، وتسليم الأسلحة التي كانت بحوزتهم للجيش العربي السوري في مركز التسوية بحي الأربعين”. وأشارت إلى “أن الأسلحة التي تم تسليمها تراوحت بين الخفيفة الفردية والرشاشة وقواذف آر بي جي وعدد من القذائف المتنوعة”.
من جانبها، ذكرت مصادر مطلعة مقربة من اللجنة المركزية التي تفاوض عن الأهالي أن الاتفاق الذي تم مساء أمس الأول، الأحد، أبرم مع نائب وزير الدفاع الروسي أندريه كارتابولوف وقائد القوات الروسية في سورية فيتشيسلاف سيتكين. ووفق المصادر، فإن الاتفاق يتضمن “تسليم كامل السلاح المتوسط والخفيف، وكل من يخبئ بارودة أو سلاحاً يتحمل المسؤولية وتلغى تسويته ويلاحق”. ونص على “نشر الأمن والنقاط العسكرية في درعا البلد لتحقيق الأمن والأمان، في تسع نقاط، وتسوية أوضاع المطلوبين في درعا البلد ومخيم درعا وحي طريق السد، وإعفاء الأشخاص الذين خرجوا من درعا البلد مع سلاحهم، وسحب السلاح بشكل كامل من المجموعات، بما فيها المجموعات التي تعمل مع أجهزة الأمن التابعة للنظام وغيرها من القوات الرديفة”.
وبيّنت المصادر أن “كل متخلف عن الخدمة الإلزامية يعالج وضعه خلال مدة 15 يوماً من خلال شعبة التجنيد للتأجيل، والعسكري الفار من الخدمة يلتحق بوحدته بعد إجراء التسوية ولا يلاحق قانونياً”. وأوضحت أنه “في حال رغب أحد بالخروج إلى الشمال السوري فإنه من الممكن تأمين خروجه وإيصاله إلى الشمال”، مشيرة إلى أن الاتفاق أكد على أن “إطلاق الإساءات والتصريحات غير المسؤولة والتحريضية على وسائل التواصل الاجتماعي سيعرض صاحبها لملاحقة قانونية”. وتابعت: عند الانتهاء من التسويات، وتسليم السلاح وعودة الحياة الطبيعية إلى درعا البلد، ستزال كافة الحواجز والسواتر. وتضمن الاتفاق “رفع العلم السوري على جميع الأبنية الحكومية في أحياء درعا البلد والجامع العمري، ومنع التظاهرات والحراك المدني بشكل تام في أحياء (درعا) البلد، والشعارات والكتابات على الجدران أو أي أعمال تعتبر معارضة للحكومة السورية”، وفق المصادر.
وفي حديث مع “العربي الجديد”، أشار اللواء محمد الحاج علي (وهو من أبناء درعا)، إلى أن ما جرى “هو اتفاق المغلوب”، مضيفاً: الاتفاق ليس كما يريد أهل درعا، لكن لا يوجد خيار إلا القبول به. إلى ذلك، أكد الناشط الإعلامي أحمد المسالمة، المواكب لتطورات الموقف في درعا عن كثب، أن الاتفاق لا يشمل منطقة المخيم الملاصقة لدرعا البلد، وتضم لاجئين فلسطينيين منذ العام 1948. وأشار، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن الاتفاق يتضمن بنوداً “استفزازية”، وخاصة رفع علم النظام فوق الجامع العمري الذي شهد انطلاقة الثورة السورية في 18 مارس/ آذار 2011. وتوضح نظرة على بنود الاتفاق أن النظام حصل على ما كان يريده، وخاصة لجهة تسليم السلاح ونشر نقاط عسكرية وأمنية داخل أحياء درعا البلد، وإجراء تسويات للمطلوبين، وترحيل الرافضين للاتفاق إلى الشمال السوري، ما يعني وضع يده على هذه الأحياء بشكل كامل. ولكن الاتفاق في المقابل، جنّب أحياء درعا البلد التدمير بشكل كامل على يد قوات النظام والمليشيات الإيرانية، والتي بدأت، السبت الماضي، عمليات عسكرية واسعة النطاق لاقتحام المنطقة.
ولم يجد الوفد المفاوض بداً من الموافقة على الشروط، بعدما هدد جنرال روسي باستخدام الطيران لإخضاع المنطقة، وفق مصادر مطلعة على مجريات المفاوضات. كما لم يجد الأهالي أي مساندة عربية، وخاصة من الأردن، الذي لم يتدخل بشكل معلن بما يجري في درعا البلد، التي لا تبعد سوى عدة كيلومترات عن حدوده الشمالية. ويبدو أن مد أنبوب غاز من مصر إلى لبنان مروراً بالأردن وجنوب سورية كان عاملاً حاسماً في فرض الاتفاق، وهو ما صب في صالح النظام السوري والإيرانيين، الذين باتوا اليوم على الحدود السورية الأردنية عن طريق الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، والتي باتت في عداد المليشيات الإيرانية في سورية.
ولوحظ انكفاء أميركا بشكل كامل عما جرى في جنوب سورية “لأن واشنطن مشغولة حتى العنق في أفغانستان”، وفق المحلل السياسي رضوان زيادة، الذي قال، في حديث مع “العربي الجديد”، إن واشنطن تدرك أن تأثيرها في جنوب سورية محدود ولا تستطيع فرض شروطها، لذا اكتفت بالإدانة. ورأى أن عمّان “فوجئت بتطورات الأوضاع في جنوب سورية، بعدما وطّنت نفسها على إعادة ترتيب العلاقة مع الأسد”، مضيفاً: ليس لعمان تأثير في مجريات الأمور بدرعا.
وبموازاة كل ذلك، أكدت مصادر محلية أن هناك استياء شعبياً من الاتفاق، غير أنها أشارت إلى أنه “لم يكن بالإمكان أفضل مما كان. ليست لدى المقاتلين القدرة على مواجهة الروس والإيرانيين معاً”. وأضافت: عجزت قوات النظام والمليشيات الإيرانية عن التقدم شبراً على الأرض، فلجأت إلى القصف الهستيري بهدف تدمير كل شيء في درعا البلد تحت غطاء روسي وصمت عربي وغربي. وتعتقد هذه المصادر أن النظام “يتطلع الآن لإخضاع كل الريفين الغربي والشرقي للمحافظة، بما فيه بلدة بصرى الشام، مقر اللواء الثامن الذي يضم مئات المقاتلين من المحافظة، ولكنهم تابعون للجانب الروسي، ولهذا لم يتحركوا لنصرة أحياء درعا البلد”.
العربي الجديد
—————————–
سوريا.. هدوء حذر في درعا بعد تطبيق الاتفاق بين النظام والأهالي وجرحى في قصف على إدلب
أفادت مصادر محلية للجزيرة بأن الأحياء المحاصرة في درعا البلد جنوبي سوريا تشهد اليوم الثلاثاء هدوءا حذرا، وذلك عقب تطبيق الاتفاق المبرم بين لجنة أهالي درعا والنظام السوري برعاية روسية.
وقالت المصادر إن عددا من بنود الاتفاق قد نفذ أمس الاثنين منها ما سمّي بتسوية أوضاع عدد من الأهالي وتسليم مزيد من السلاح، وفق ما نص عليه الاتفاق.
وأضافت أن البنود الأخرى من الاتفاق يتوقع تنفيذها خلال الأيام القادمة، ومنها انتشار 9 نقاط عسكرية للنظام داخل الأحياء المحاصرة، ومن ثم انسحاب قوات النظام والمليشيات المدعومة من إيران من محيطها.
وكانت مصادر محلية قالت للجزيرة إن الشرطة العسكرية الروسية ترافقها لجنة أمنية للنظام السوري دخلت أمس الاثنين أحياء درعا البلد لتنفيذ الاتفاق المبرم سابقا بين عشائر درعا البلد والنظام. ويقضي الاتفاق بتسليم الأهالي مزيدا من الأسلحة للنظام، وتسوية أوضاع المطلوبين لديه.
وعلى مدى أسابيع، تعرضت أحياء درعا البلد المحاصرة لحملة عسكرية استخدمت فيها قوات النظام الأسلحة الثقيلة بما فيها صواريخ أرض أرض، مما أسفر عن قتلى ودمار واسع، وشمل القصف الجامع العمري الملقب بمهد الثورة السورية حيث انطلقت منه أولى المظاهرات ضد النظام عام 2011.
وتحت ضغط القصف والحصار، تم تهجير العشرات من مقاتلي المعارضة وعائلاتهم نحو الشمال السوري، وكان أهالي الأحياء المحاصرة طلبوا من الروس ضمان خروجهم جماعيا باتجاه تركيا أو الأردن، لكن تطبيق الاتفاق الأخير حال دون حدوث ذلك.
قصف مدفعي وجوي
في تطور ميداني آخر، أفاد مراسل “الجزيرة مباشر” بسقوط جرحى جراء غارات روسية استهدفت اليوم الثلاثاء مخيما للنازحين بريف إدلب الشمالي.
طيران #الاحتلال_الروسي يقصف مخيماً للنازحين شمال #إدلب ويستهدف المنظومات الإسعافية التي تحاول الوصول إلى المكان #أورينت pic.twitter.com/a4c02Huz9r
— Orient أورينت (@OrientNews) September 7, 2021
وأكد ناشطون تعرّض المخيم للقصف، وذكروا أن الغارات الروسية استهدفت أيضا أطراف مدينة إدلب وبلدة معرة مصرين.
وبالتزامن، أفادت وسائل إعلام سورية وناشطون بسقوط جرحى مدنيين اليوم الثلاثاء جراء قصف مدفعي لقوات النظام السوري على قرية الكفير في منطقة جسر الشغور بريف إدلب الغربي (شمالي غربي سوريا).
وذكرت المصادر أن من بين الجرحى امرأة أصيبت بجروح خطيرة. وبث ناشطون عبر حساباتهم على منصات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو للحظة تساقط القذائف المدفعية في القرية.
وكان مراسل الجزيرة أفاد بأن مقاتلات حربية روسية نفذت أمس الاثنين غارات عدة استهدفت بلدات وقرى في جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي.
وتشهد محافظة إدلب تصعيدا عسكريا من قبل النظام السوري وروسيا، رغم وقف إطلاق النار المتفق عليه بين روسيا وتركيا شمالي غربي سوريا.
المصدر : الجزيرة + وكالة سند
—————————
=======================
تحديث 08 أيلول 2021
—————————–
درعا ونهاية الرهان على الحلّ الدولي في سورية/ برهان غليون
في تعليقه على أحد مقالاتي الأخيرة، كتب أسامة سلو: “صار لنا عشر سنوات نسمع نفس الكلام. اهترأت وانشطرت قلوبنا. نريد الحلول. أنتم بالخارج، لماذا لحد الآن لا تتواصلون مع الشياطين الزرق لحلّ هذه القضية؟”. والمقصود طبعا إيجاد حل للصراع القائم في سورية وعلى أراضيها، والذي تشارك فيه خمس دول على الأقل، وأصبح ذا أبعاد إقليمية ودولية طاغية.
وقد أجبته باختصار بأنّ “الشياطين الزرق” لا يريدون التوصل إلى حلّ. وبعضهم لا يستطيعون أو لا يتفقون على الحلّ: أي على تقاسم الفريسة. لذلك الحلّ عندنا – نحن السوريين – وإلا لا يوجد حل. ولأنّه عندنا، فإنّ من واجبنا أن نبحث نحن أنفسنا عنه. وإذا رفضنا ذلك، أو أخفقنا فيه، ينبغي ألّا نلوم سوى أنفسنا. فلا يمكن أن نتوقع أن يكون “الشياطين الزرق” أرحم بنا من أنفسنا.
وتأتي مأساة درعا الراهنة، وخطر تدمير المدينة وتهجير أهلها، كما حصل من قبل مع مدن سورية عديدة، لإحلال مليشيات إيرانية أو تابعة لطهران مكانهم، لتضع نقطة الختام على هذا الحلّ الدولي الذي ما زلنا نركض خلف سرابه منذ أكثر من عشر سنوات من دون طائل. وإذا استمرّت الأمور على ما هي عليه، لن يتأخر الوقت، حتى نكتشف أنّ الحل الدولي لن يختلف كثيرا عن الحلّ الروسي، ولا عن الحلّ الإيراني الذي يقوم على إعادة تأهيل نظام الأسد بوصفه الغطاء الشرعي للاحتلالات المختلفة، ولتقاسم المصالح والنفوذ في بلدٍ لم يعد له مالك ولا صاحب.
ويبدو لي اليوم أن السبب الأكبر في استمرار المحنة السورية من دون حل هو الاقتناع الذي تملّك أكثر السوريين، من النخبة المثقفة والسياسية والجمهور أيضا، بأنه لا يوجد حلّ في جعبتنا نحن، بل لن يمكننا، مهما كان الحال، أن نصل إلى حل بيننا، بعد الرد الهمجي والصاعق للنظام على جمهور الثورة الذي يمثل غالبية الشعب، وبعد انقسام الرأي العام، وتفتت قوى المعارضة وتهافتها، ونجاح حلفاء النظام وعديد من الدول الحليفة وشبه الحليفة في تغيير النظر إلى ما يحصل في البلاد من مسألة صراع سياسي من أجل الحرية واسترجاع الناس حقوقهم وحرياتهم الأساسية إلى مسألةٍ بدت، في البداية، ثانويةً، لكن سرعان ما تحوّلت إلى المسألة المركزية بالنسبة لجميع الأطراف العربية والدولية، وهي الحرب ضد الإرهاب، وفي ما وراءها لجم الصعود الشعبي الواسع في المنطقة كلها الذي يحمل في طياته، كما لا يزال، الاعتقاد سائدا، انتصار الإسلاموية التي صارت تختصر في نظر كثيرين روح الديانة الإسلامية ذاتها.
بدأت هذه الديناميكية السلبية التي انتهت بتخلّي قطاعات واسعة من الرأي العام، العربي والعالمي، عما سمي الربيع العربي، منذ اللحظة التي واجهت فيها الأنظمة القائمة النشطاء الشباب بوابل من الرصاص، قبل أن يتحول القمع إلى تنظيم للمجازر الدموية، وفي سورية إلى قصف المدنيين وتدمير المدن بالبراميل المتفجرة وعدم التردّد في استخدام الأسلحة الكيميائية. وهذا ما دفع عديدين منا إلى تعليق آمالهم على التدخل الدولي على منوال ما حصل سابقا في ليبيا. وعزّزت هذا الميل حاجة فصائل المعارضة إلى السلاح والذخيرة لمواجهة طوفان المليشيات الإيرانية، وفي مقدمتها حزب الله اللبناني، ووقف عدوانها. لكن تهميش المعارضة وإخراجها من ساحة الصراع، ومعها قضية الثورة التحرّرية ذاتها، لم يتحقق إلا بعد الإعلان المدوي عن قيام دولة الخلافة الداعشية في مدينة الرقة، ورفض فصائل المعارضة التخلّي عن أولوياتها لصالح المشاركة في هذه الحرب، والتفرغ لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية وحده، وهو ما جعل من مكافحة الجائحة الجهادية المعركة الوحيدة المعترف بها في نظر المجتمع الدولي، على الرغم من استمراره في إدانة الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان على يد مليشيات إيران والقوات النظامية الرديفة لها.
وما من شك أيضا في أن تفاقم الانقسامات داخل صفوف الثورة والمعارضة قد عزّز الاعتقاد بقصور السوريين، وعجزهم عن التفاهم في ما بينهم، للتوصل إلى حلول متفاوض عليها وقابلة للحياة. هكذا انتهى الأمر بتسليم أوراق القضية بنسبة 99%، حسب عبارة قديمة لأنور السادات، للمجتمع الدولي، في انتظار أن يحصل التوافق الدولي المنتظر والروسي الأميركي بشكل خاص في يوم ما. وشيئا فشيئا، تقلّص دور المعارضات، بجميع تياراتها، إلى مطالبة المجتمع الدولي بتدخلٍ جدّي، والتذكير بالقرارات الدولية والتمسّك بها كما لو كانت وثائق ملكية، أو آيات “قرآنية” يعزّز تردادها فرص تطبيقها، ويضمن التزام الدول المعنية بتعهداتها. وفي هذا السياق، بدأت مجموعات المعارضة المختلفة سباقها على إنشاء المنصّات السياسية المختلفة، والحصول على دعم العواصم المعتبرة، أملا بأن تحجز لنفسها المكان اللائق بها في أي مفاوضات أو هيئات انتقالية تسفر عنها مفاوضات التسوية السياسية. واستسهل عديدون منها إجهاض مؤسسات المعارضة القائمة: من مجلس وطني وائتلاف وهيئة مفاوضات ثم لجنة دستورية، بأمل انتزاع مواقع أفضل لهم في المؤسسات البديلة التي سوف تحل محلها. والنتيجة فقدان جميع المؤسسات صدقيتها، وانحسار اعتراف الدول واهتمامها بها، بعد انحسار اهتمامها بالقضية السورية ذاتها.
وبعدما خسرنا، كما كان متوقعا، كل ما كنا قد أنجزناه من مكاسب، ومن رصيد سياسي، لقاء سنوات من التضحيات الشعبية الاستثنائية، لم يعد لنا خيار، ولا صار يضيرنا العمل، كقوى رديفة، إلى جانب الدول الأجنبية ولخدمة أجنداتها الخاصة والإقليمية. وبمقدار ما أصبحنا ندين بمواقعنا إن لم يكن ببقائنا لدعم هذه الدول ونفوذها، لم نعد نعرف، على ما ذكّرنا به حازم صاغية، في تعليقه على عاقبة الانسحاب الأميركي من أفغانستان، في ما إذا كان من مصلحتنا أن نطالب برحيل القوات الأجنبية من بلادنا، أم أن نتمسّك ببقائها وتوسيع تدخلها.
لكن، على الرغم من وضعنا ثقتنا كاملة في المداولات الدولية، وتوظيف كل جهودنا في بناء الصداقات مع جميع العواصم المعنية، ها نحن لا نزال نراوح في المكان، ولم نتقدم خطوة إلى الأمام. بالعكس، غاب أفق الحل تماما أمامنا، فلا الأمم المتحدة قادرة على تنفيذ قراراتها، ولا تدخلات الدول تجاوزت مستوى الضغط بعقوباتٍ لا تكلفها شيئا، ولكنها تضعف مقاومة الشعب بمقدار ما تقوّض الدولة وتفكّك النظام وتحوّله إلى عصابات نهب وسلب. ولا يبدو أن هناك دولة، بين تلك التي راهنا على دعمها، ترى أن لها في سورية من المصالح ما يدعوها إلى أن تبذل مزيدا من الجهد، وما بالك بالتفكير بمواجهة طهران، المهندسة الحقيقية للحرب، والمستفيدة الرئيسية منها. بل يعتقد معظمها أن غرق طهران في مستنقع الخراب المشرقي ربما كان الوسيلة الأفضل لاحتواء قوتها العسكرية المتنامية، وتشديد العزلة المفروضة عليها. ولن يضير الدول الأطلسية، إذا ما احتاج الأمر، أن تنسحب من المشرق، وتتخلّى عن مصالحها فيه، إذا كان هذا هو الثمن لتحقيق هذا الاحتواء، ولتجنب أي مواجهة، في انتظار أن يفعل الزمن فعله.
لذلك، لم تعد القضية السورية تحظى، كما هو واضح للجميع، باهتمام كبير، وربما بأي اهتمام، من المجتمع الدولي، وفي طليعته الدول الغربية، والعربية أيضا. ولا يبدو أن الدول الخمس التي تشارك في الحرب السورية مستعجلةً للتوصل إلى حل. بل إن لبعضها، مثل إيران، مصلحة في تعطيل أي حل، لأن مزيدا من الخراب والفوضى والانهيار لدول المشرق ومجتمعاته يعني أيضا مزيدا من الفرص والإمكانات لتمزيق فريستها أشلاء، وتسهيل ابتلاعها وفرض سلطتها ونفوذها في كل المجالات والمؤسسات المنهارة. هكذا تغيب سورية شعبا ودولة عن المشهد باضطراد، ويتزايد غرقها، يوما بعد آخر، بل ساعةً بعد ساعة، في وحل سياسات التطهير الطائفي والتغيير الديمغرافي والتقويض السياسي والثقافي والديني لهوية البلاد ووجودها.
عن الانتقال السياسي الموعود والكاذب… لن نتقدّم أبدا في قضيتنا، طالما بقينا نعتقد أن الحل للمحنة السورية لن يأتي إلا من الخارج، أو هو في يد واشنطن وموسكو وطهران وأنقرة وغيرها، وأننا غير قادرين، أو ليست لدينا القدرة المادية والمعنوية التي تؤهلنا للخروج منها بوسائلنا الذاتية. لقد فقدنا بالتأكيد السيطرة على مصيرنا وثقة المجتمع الدولي بإمكاناتنا السياسية، وأصبحنا ضحية تفاهم دولي على تقاسم مصالحنا، لا على حمايتها أو المحافظة عليها. لكن ينبغي أن يكون هذا الوضع هو الحافز لنا للخروج من سلبيتنا، والسعي إلى استعادة المبادرة في علاج قصورنا وتقرير مصيرنا. وما أفسده الدهر وما لا يمكن للعطار إصلاحه لا يمكن إصلاحه إلا بإرادة قوية وروح مبادرة استثنائية، ومعجزة ذاتية. ولنا في ذلك أسوة في نجاح الشعوب في القرن الماضي في تجاوز الصدمة الاستعمارية التي لم تكن تتوقعها، ولم يكن لها خيار في حصولها، فلم يأت الاستقلال هدية من هذه الدول لأي شعب، ولكنه حصل نتيجة تصميم الشعوب واستعادتها ثقتها بنفسها، وتصلب إرادتها، وعزمها على مواجهة قصورها ونقاط ضعفها وانقساماتها ونزاعاتها الداخلية، أي على تنمية قواها الذاتية واستثمارها الواقع النقيض الذي ولدته الحركة الاستعمارية ذاتها، أعني روح القومية والدفاع عن الهوية والحق في مواكبة المدنية. وهذا ما ألهم الشعوب إبداع استراتيجيات عديدة لإبطال التفوق الاستراتيجي للمحتل، والتعلّم من الانتفاضات المدنية، وحروب العصابات، والحروب الطويلة المدى، التي مكّنتها من بناء قواها الذاتية وتغيير موازين القوة الذي فرض على المحتلين التخلي عن أطماعهم أو التفاوض على مناقشتها.
لا يعني ذلك تجاهل دور المجتمع الدولي، أو التخلّي عن العمل معه وعليه، مهما كان موقف أعضائه، لأننا من دون ذلك لن نستطيع أن نثمر عملنا على المسار الداخلي أيضا. إنما من دون النجاح في إعادة بناء الذات، الذي لا يحصل إلا بالاشتباك مع الواقعين، الداخلي والخارجي، معا، والاستمرار في العمل ومراكمة المكاسب والنجاحات وتثميرها لصالح المشروع الداخلي الوطني، لن تكون للدعم الخارجي أي قيمة تذكر. وقد أظهر الانسحاب الأميركي من أفغانستان، أخيرا، بعد إنفاق أكثر من تريليوني دولار لدعم نظام من صنعها وموال لها، أن التغيير المفروض من الخارج لا أمل له بالبقاء والصمود. وهذا هو أيضا درس العراق الذي لا يزال غارقا في أزمته يحاول عبثا، بعد عقدين، الخروج من الفوضى التي أدخلته فيها التجاذبات الإقليمية والدولية. وهو يؤكد أن الشعوب التي تخفق في معالجة الأسباب الذاتية لأزماتها ونزاعاتها، سواء كانت ناجمة عن الخيارات السياسية الخاطئة لحكوماتها، أو عن الاختلالات والتناقضات البنيوية التي ورثتها من تاريخها وجغرافيتها السياسية وظروف تكوينها، تبقى عرضة لامتحان دائم لوجودها، وتنتقل من أزمة إلى أخرى، ومن انتفاضة إلى انتفاضة، بمقدار ما تعجز عن بناء أسس ثابتة للتفاهم بين جماعاتها ومواطنيها وتُخفق في بلورة إطار وطني شرعي ومقبول من جميع أطيافها.
وفي سورية، كما هو الحال في المشرق وفي جميع أنحاء العالم، ليس هناك حل أو مخرج من دون العودة إلى التفكير في الاختلالات والتناقضات العميقة التي أدّت إلى اختطاف الدولة وانهيار المجتمع، وإيجاد الحلول المناسبة للانقسامات والتصدّعات التي تسببت بها الحرب الدموية التي أعقبتها، والتي تخصّ السوريين وحدهم، حتى لو كان التدخل الخارجي صديقا، وهو ليس كذلك على الإطلاق. بل إن النجاح في حلحلة العقد الداخلية ومعالجة الاستقطابات وأسباب التناحر التي شتتت جهود الناس وحرمتهم من إمكانية العمل بشكل مشترك للخروج من شرك الحرب الطائفية والقومية والإيديولوجية الذي أوقعهم فيه النظام، هو شرط الاستفادة من تناقضات المصالح الدولية والإقليمية، وكذلك من دعم الدول الصديقة وضغوطها الرديفة.
هل أصبح بإمكاننا بعد سنوات طويلة من المعاناة وخيبة الأمل وتغول العدو وتخلي الصديق أن نتغلّب على إحباطنا ويأسنا ونستعيد الثقة بأنفسنا ونأخذ مصيرنا بأيدينا ونستعيد المبادرة لإنجاز ما لم يشأ المجتمع الدولي، أو ما لم يستطع، تحقيقه، ونبدأ نحن أنفسنا في الانفتاح والحوار والتشاور على مستوى الشعب ونخبه الحية، من أجل وضع مشروع الانتقال السياسي في حيز التطبيق بقيادة السوريين هذه المرة بالفعل وملكيتهم وبجهودهم، بدل أن نستمر في رهن مصيرنا لتفاهم الدول وتوافقاتها التي نشهد اليوم مدى هشاشتها وانحيازها في محنة درعا الحالية؟ هذا هو أو ينبغي أن يكون الرد البسيط على فشل الرهان على الآخرين الذين أظهروا أنه ليست لهم أي مصلحة في العمل لبسط السلام والأمن في سورية، ولا من باب أولى إعادة توحيدها.
لن يكون البحث عن تفاهم داخلي سهلا، وليس الطريق معبدا له، ولا الوسائل والتسويات الصغيرة والكبيرة التي علينا صياغتها والقبول بها جاهزة وفي متناول اليد. ولن يكون أيضا ثمرة لمعة عبقرية لفرد أو جماعة. إنه لن ينبع إلا من انبثاق إرادة قوية ومشتركة للخروج من المحنة واستعداد الجميع للمشاركة في التفكير في المشكلات والسياسات التي أدّت، عقودا قبل الثورة، إلى تقويض الدولة وأن تختطفها طغمة لا تشعر بأي انتماء، ولا يهمها مصير الدولة ولا مصير شعبها، بل هي، بالعكس، تشعر بالنصر والفخار لنجاحها في تقويضها وإذلال الشعب وتجويعه وإخضاعه لكل أصناف الاحتلال. ومن دون ظهور هذه الإرادة الموحدة والتحلي بشجاعة الاعتراف بالعيوب والنقائص وتصفية الحسابات المعلقة لبدء حياة جديدة على أسس المساواة والعدل والإنصاف والتعاون والتضامن، كما هو حال الشعوب المتمدنة، لن يكون هناك أي انتقال سياسي، وسيكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، تحقيق الخلاص لأحد.
وفي المقابل، لا يعني فشلنا في ذلك سوى الاعتراف بأننا غير قادرين على التفاهم، وأننا لسنا شعبا أو أهلا لتكوين شعب، ولا يمكن أن نستمر في العيش معا إلا في ظل نظام الاستبداد وقانون القهر والطغيان. وإذا ساد هذا الاعتقاد، وهو في طريقه إلى ذلك، سوف نمهد نحن أنفسنا الطريق، عاجلا أم آجلا، لإعادة تأهيل المجتمع الدولي نظام الأسد، تصديقا لما نسب من قول لعمرو بن العاص: “سلطان غشوم ظلوم خير من فتنة تدوم”. فهل هناك خيارٌ ثالث يجنبنا المحنتين: الفتنة الدائمة أو السلطة الغاشمة؟ هذا هو السؤال وهو التحدّي في الوقت نفسه.
العربي الجديد
—————————-
درعا .. عودة الاستعمار القديم/ غازي دحمان
على مرأى العالم ومسمعه، يجري التنكيل بدرعا. تجتمع قوّة إقليمية مشكّلة من مليشيات سورية وعراقية ولبنانية، برعاية إيران، وإدارة روسية، تضع الخطط، بما فيها التدمير والقتل بمنهجية، وتقديم الغطاء الدبلوماسي، ويُقابل ذلك كله صمت عربي ودولي غير مفهوم، على الرغم من أن أصوات القنابل التي تفتك بدرعا، ورائحة البارود، وأصوات استغاثات أهلها قد مزّقت أسلاك الحدود الشائكة.
تذهب تحليلاتٌ كثيرة، زوراً، أو لعدم فهم، إلى الحديث عن وضع درعا الفريد، بوصفها تقع على خط صدع الصراع الدولي والإقليمي، ومركز لتقاطعات إقليمية ودولية، وسواها من العبارات الطنّانة. والواقع أن هذه ليست سوى كليشيهات يردّدها المحلّلون، الذين يرغبون وسم تحليلاتهم ببعد وعمق استراتيجيين، في حين أن درعا وحيدة تخوض في النار، لا قريب ولا صديق يسمع صدى صرخاتها. ويذهب الممانعون إلى أن الحرب الكونية على نظام الأسد، أو محور الممانعة، بدأت من درعا، وتنتهي اليوم في درعا، في إشارة إلى انتصار محور الممانعة وهزيمة خصومه الافتراضيين.
كل ما يقال من هؤلاء وأولئك لا يمتّ لمجريات الأمور بصلة. وللتأكيد على أن درعا لا هي صدع ومركز للتقاطعات، ولا هي نقطة البداية للحرب الكونية المزعومة. في درعا، ومنذ تشكيل غرفة الموك، بدأت مرحلة تراجع الزخم الثوري. قبل ذلك كان ثوار درعا، وجميعهم من المدنيين، قد حرّروا ما يعادل 75% من مساحة المحافظة، واستولوا على أسلحة معسكرات النظام، وهي بالأطنان. وكانت الخطوة التالية التقدّم باتجاه دمشق، ثم جاءت “غرفة الموك” لتضبط تقدّم الثوار، وتوقف تمدّدهم وتمنعهم من الاقتراب من دمشق، لأسبابٍ سنفهمها بعد ذلك، تتعلق برؤية الرئيس الأميركي في حينه، باراك أوباما، للصراع في سورية، بمعنى أنّ ثمّة أطرافاً أرادت توظيف تقدّم الثوار في مفاوضاتها وألعابها السياسية.
لم يكن صعباً على نظام الأسد التقاط هذا التحوّل الاستراتيجي وفهم أبعاده، وإدراك أنه أمام فرصة لتغيير الوقائع وقلب المعادلة في جنوب سورية، مستخدماً في ذلك خلطةً من الأساليب والوسائل القذرة، أشار الزميل معن البياري إلى إحداها، “النهج الإسرائيلي للنظام في درعا” وهي اتباع النهج الإسرائيلي القائم على استخدام أقصى درجات القوّة في مواجهة مخاطر ليست بالحجم نفسه، من دون مراعاة أي اعتبار أخلاقي أو قانوني.
واللافت أن نظام الأسد دمج، في استراتيجيته في مواجهة ثوار درعا، سياسات بعضها مستوحى من قرون ماضية، مثل سياسة استئصال السكان الأصليين وزرع سكان جدد موالين مكانهم، كما فعل في قرى مثلث الموت بين أرياف دمشق ودرعا والقنيطرة. وبعض هذه السياسات توقف بعد “صلح وستفاليا” في منتصف القرن السابع عشر، استخدام البعد الديني في الصراع، وهو ما يمثله استقدام المليشيات العراقية والباكستانية واللبنانية، والتي ترفع راياتٍ طائفية صريحة، وتحاصر براياتها وأفكار معتنقيها درعا البلد، وتنذرهم بالويل والثبور. وطبعاً من دون نسيان سياسة النفي التي تذكّر بأساليب انتهت على الأقل منذ قرن، وربما آخر حالة نفي تستحضرها الذاكرة العربية، نفي اللورد اللنبي الزعيم المصري، سعد زغلول، سنة 1921، إلى جزر سيشل في المحيط الهندي، وسبق لنظام الأسد أن نفى الآلاف من سكان درعا سنة 2018 إلى إدلب، وما زال يرغب بنفي مزيد منهم.
جديد هذه السياسات، تم استيحاؤه من سياسات الإمبريالية الحديثة، ومن تطبيقات شركات النفط والغاز العالمية، وخصوصا في أفريقيا، حيث قامت بتجريف البيئات المحلية التي تمرّ بها خطوط نقل الغاز والنفط، لضمان عدم اعتراض هؤلاء على مرور أنابيب النفط من أراضيهم، وضمان سلامتها من جهة أخرى. ويبدو أن هذه السياسة يُراد إحياؤها في درعا التي سيعبرها خط الغاز العربي إلى سورية ولبنان، والذي يعتبر مقدمةً لإعادة تأهيل نظام الأسد، بحكم الواقع والضرورة، وإعادة دمجه في المنظومة العربية، بذريعة أنه باقٍ ويتمدّد. وهنا، تبيح البراغماتية وسياسات إعلاء المصالح لأصحابها أن يضعوا أيديهم على آذانهم حتى تنتهي عملية اغتصاب درعا، وتبدّد صراخها في الأثير.
ليست الأساليب وحدها هي ما يكشف عن كنه السياسة الاستعمارية البائدة التي يمارسها نظام الأسد تجاه درعا، وسورية عموماً، بل الجوهر القائم على استخدام نخبة منتقاة من أبناء البلد، لتنفيذ هذه السياسات، إذ طالما استندت الدول الاستعمارية على فئاتٍ معينة، لتحقيق أغراضها. وفي الحالة السورية، النظام بأجهزته الأمنية وفرقه العسكرية منخرط بكليته لتحقيق أهداف إيران وروسيا في سورية.
كذلك، الوضع القانوني للسلطة في سورية شبيه تماماً بوضع سلطات البلدان المستعمرة، فقد ساد، في مرحلة استعمارية متقدّمة، مفهوم شبه الدولة، أو الدولة ناقصة السيادة، ومن أهم معالمها، عدم سيطرة الدولة على حدودها وأراضيها، وسلطاتها خاضعة لحاكم خارجي، وهو ما ينطبق تماماً على سلطة نظام الأسد في وضعها الراهن.
هذه الأنماط من السياسات عادة ما يتم ذكرها بخجل، وتحاول البشرية أن تتخطّاها، وحتى محوها من الذاكرة، لما انطوت عليه من توحّش وانحطاط أخلاقي وقيمي، إذ إن أبشع ما صنعته السياسة منذ عرفها البشر حروب الإبادة والتهجير والقتل على أساس ديني أو لتحقيق مصالح اقتصادية. لكن لمَ يتم غض النظر عنها في درعا اليوم؟
العربي الجديد
——————————-
درعا التي لا حظ لها ولا جيران/ أرنست خوري
لطالما قيل، منذ اندلاع الثورة السورية، إن أقوى سلاح بيد النظام حظه الذي يفلق الصخر، كما يردّد أهل بلاد الشام. والحظ الباسم هنا يشترط وجود آخر بائساً هناك، أي عند الذين يحلمون بالتحرّر من حكم الطاغية، وقد اختصروا المعادلة بلغتهم الشعبية: يا الله ما لنا غيرك يا الله. وربما كانت درعا أوضح مثال على انعدام حظ السوريين ووفرته بالنسبة للنظام. منذ كتب أولئك الأطفال حِكمتهم على جدران درعا، وأهل المحافظة الجنوبية يتساءلون حائرين: كيف يمكن أن تتفق كل الظروف ضدنا إلى هذه الدرجة؟ كيف يمكن أن يكون موقعنا الجغرافي المحاذي للأردن وللجولان لعنة بهذا الشكل؟ لم يتأخر النظام عن تقديم الأجوبة: درعا فرصة استثنائية لبقائي. أميركا شديدة الاهتمام بالمحافظة لقربها من إسرائيل. روسيا وإيران تتنافسان على أرضي، إذاً فلنترك لروسيا أن تكون وسيطاً بين أطراف كثيرة. الجانب الشكلي الذي يظهر اليوم من أكذوبة دور الحكم لروسيا بين النظام وأهل درعا البلد، لا يخفي الوساطة الروسية الحقيقية بين إيران من جهة، وأميركا وإسرائيل من ناحية ثانية. والوسيط في السياسة يمكن أن يصبح حاكماً بأمره مثلما هو معلوم. هكذا أقنعت موسكو واشنطن باتفاقٍ نهاية 2017 لوقف القتال بين قوات النظام ومسلحي المعارضة، وقد مهّد الأرضية لاتفاق روسي – إسرائيلي، برعاية أميركية، لإبعاد إيران ومليشياتها عن الحدود الإسرائيلية عشرات الكيلومترات. كان منطقياً على ضوء ذلك دفن غرفتي “الموك” و”الموم” لتدريب الفصائل المسلحة ودعمها. أهالي درعا، بأوضاعهم الكارثية، ربما رأوا، عن حق، أن الشيطان الروسي ألطف من ذلك الإبليس الإيراني، ذلك أنّ روسيا، التي تتصدر لائحة قَتَلة السوريين، لا ترغب في تغيير التركيبة الديموغرافية للمنطقة على الأقل. أما إيران، فمشروعها الطائفي الإحلالي كفيل بجعل الضحايا يفضلون قاتلهم الروسي.
لم يكن الأردن بعيداً عن جولات الاتفاقات الأميركية الروسية الإسرائيلية. اضطر أن يستضيف أعداداً كبيرة من اللاجئين في الفترة الأولى للحرب، ثم أغلق الحدود. ظل متردّداً بين تفضيله بقاء نظام الأسد وعدم القدرة على المجاهرة بالرغبة الدفينة تلك. منعت المملكة أي شخص سوري يقيم هناك من الحديث في السياسة، وكانت حوادث حظر اجتماعات المجلس الوطني السوري والائتلاف الوطني في الأردن شديدة التعبير عن مدى تضامن عمّان مع الشعب السوري. أما اليوم، فقد دقّت ساعة إعادة تأهيل النظام السوري بالنسبة للأردن. أميركا أصدرت إعفاءات من قانون قيصر لكل من مصر والأردن ولبنان، فها هي الفرصة المؤاتية لتسريع الخطوات باتجاه قطف ما يمكن قطفه بفتح الحدود وتبادل اللقاءات مع حكام دمشق والمساهمة في تحصيل مكاسب إعادة الإعمار والتخلص من عبء اللاجئين وإعادة فتح طريق سورية ــ الأردن ــ الخليج والعمولة المجزية التي تحتاجها خزائن الأردن. لا تركيا ولا الأردن وافقا على استقبال أي من المطلوب تهجيرهم من درعا. حصار الـ76 يوماً لم تسمع به عمّان. هنا الحدود ليست أرحم مما هي في المقلب الآخر، عند الجولان. أما على الجهة الجنوبية الشرقية لدرعا، أي السويداء، فقد تكفل النظام طوال سنوات ببناء جدار طائفي نفسي شديد الارتفاع بين المحافظتين، ونجح في مسعاه. إذاً، لا حدود لدرعا ولا جيران.
سيرفرف علم النظام فوق المؤسسات العامة في المدينة، وسينتشر المحتل المحلي داخل أزقة درعا البلد، وسيسلّم أهل المدينة سلاحهم الفردي الذي آمنوا أنّه يحميهم ولو نفسياً من جرائم الفرقة الرابعة ومليشيات إيران، وسيهجَّر شباب صمدوا كلّ هذه السنوات. استسلام؟ نعم هو كذلك، لكن ما همّ؟ في إدلب وريف حلب دولة “هيئة تحرير الشام” تعزز بنيتها، وأتباع تركيا هناك يظنون أنّ الثورة انتصرت عندهم. غداً يتسابق العرب على إقناعنا بأنّ بشار الأسد تغيّر، مثلما تغيرت حركة طالبان، وأميركا مطمئنة إلى أمن إسرائيل. انتهى العرض، فلتغلق الستارة.
العربي الجديد
———————————
آفاق التصعيد في درعا بعد انهيار اتفاق التسوية الروسي
المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات
بعد حصار استمر 75 يومًا، توصلت لجنةٌ تمثّل أهالي مدينة درعا البلد، مطلع أيلول/ سبتمبر 2021، إلى اتفاقٍ مع قوات النظام السوري، ينص على وقف قصف المدينة، وإنهاء الحصار المفروض عليها، وتسوية الوضع الأمني لسكانها الذين شاركوا في الثورة ضد النظام. وقد شارك الجانب الروسي في المفاوضات، باعتباره الوسيط والضامن للاتفاق، لكن الاتفاق لم يصمد مع ذلك سوى ثلاثة أيام، فقد عاد بعدها النظام إلى قصف المدينة، في ما بدا أنه يأتي ضمن استراتيجية لاحتلال المدينة، وفرض مزيد من الشروط على الأهالي ومقاتلي المعارضة الذين طالب بعضهم بتأمين طريق آمنة لهم للخروج إلى الأردن أو تركيا. ولم تعرب الدولتان عن استعداد لاستقبال لاجئين جدد.
خلفيات الأزمة
تحظى محافظة درعا، بما فيها منطقة درعا البلد التي تقع في قلب التصعيد الراهن، بأهمية كبرى، لقربها من حدود الأردن والجولان السوري المحتل. كما تحظى بمكانةٍ رمزية؛ باعتبارها مهد الثورة التي اندلعت ضد نظام بشار الأسد مطلع عام 2011. وقد تعرّضت مدن المحافظة وبلداتها المنتفضة، كسائر المناطق السورية، لحملاتٍ عسكرية، نتج منها دمار واسع وسقوط ضحايا. ومع تحوّل الانتفاضة من حالتها السلمية إلى المقاومة المسلحة المتشظية في مئات الفصائل، سقطت أجزاء كبيرة من المحافظة بيد فصائل المعارضة، خلال السنوات الأولى للثورة. لكن التدخل العسكري الروسي عام 2015 قلب موازين القوى بشدة لمصلحة النظام. وكانت درعا من مناطق خفض التصعيد الأربع التي نجحت موسكو منذ مايو/ أيار 2017 في فرضها لتجميد الصراع في سورية، وفق ترتيبات مسار أستانا الذي ضم إلى روسيا كلًا من تركيا وإيران. لكن الخطة الروسية لم تقتصر على تجميد الصراع، بل تضمنّت خطواتٍ لعزل المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام بعضها عن بعض، تمهيدًا للسيطرة عليها الواحدة تلو الأخرى. ونظرًا إلى متاخمة المنطقة للحدود مع إسرائيل والأردن، فقد استأثرت باهتمام أكبر لدى الولايات المتحدة الأميركية من بقية مناطق خفض التصعيد. وعمدت موسكو إلى الاستفادة من ذلك، لإقناع واشنطن برؤيتها لوضع ترتيباتٍ أمنيةٍ خاصة بها، لا تتضمن وصول قوات مرتبطة بإيران إلى الحدود. وتوصلت، على هامش قمة دول مجموعة العشرين في مدينة هامبورغ الألمانية في 7 تموز/ يوليو 2017، إلى اتفاقٍ مع واشنطن، وُضِعت تفاصيله بمشاركة الأردن، في اتفاقٍ لاحق في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، وسمح بوقف القتال في المنطقة بين قوات النظام وفصائل المعارضة.
لم تكن مناطق خفض التصعيد سوى محاولة روسية، هدفها الاستفراد بمناطق المعارضة وتصفيتها، الواحدة تلو الأخرى، فقام النظام، في حزيران/ يونيو 2018، بتجريد حملة عسكرية، مدعومة روسيًا، للسيطرة على منطقة خفض التصعيد في جنوب غرب سورية، التي تشمل درعا، أو فرض اتفاقات استسلام على فصائل المعارضة الموجودة فيها، بعد أن نجح في فعل الشيء نفسه في منطقتي خفض التصعيد في الغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي. لكن قرب المنطقة من الأردن وإسرائيل دفع من جديد في اتجاه توافق أميركي – روسي – أردني جديد، لم تكن إسرائيل بعيدة عنه.
ظهرت مؤشّرات على الاتفاق الروسي – الأميركي بشأن درعا في القمة التي عقدت، في 16 تموز/ يوليو 2018 في العاصمة الفنلندية هلسنكي، بين الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب. فقد تطرّق بوتين، في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع ترامب بعد القمة، إلى التصعيد العسكري الذي قامت به قوات النظام منذ منتصف حزيران/ يونيو 2018، بدعم روسي مباشر في جنوب سورية وجنوب غربها، ومكّنها من استعادة السيطرة على المناطق المحاذية للحدود مع الأردن وإسرائيل، وربطه بأمن إسرائيل، فاعتبر الرئيس الروسي أن هدف الحملة “توفير الأمن لدولة إسرائيل”، بناءً على اتفاقية عام 1974 التي فصلت بين القوات السورية والإسرائيلية في أعقاب حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973. ورأى أن تحقيق ذلك سيكون بمنزلة خطوة نحو إقامة “سلام دائم” بين البلدين؛ امتثالًا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، خاصة القرار رقم 338 (1973).
وكان واضحًا أن إدارة ترامب لا تعارض هذا الجهد الروسي؛ إذ أكّد الرئيس الأميركي أن الولايات المتحدة لن تسمح لإيران بالاستفادة من “الحملة الناجحة” التي قامت بها بلاده ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في سورية، عبر تمكينها من التمركز قرب الحدود مع إسرائيل. وشدّد على أن بلاده مستعدّة للعمل المشترك مع روسيا وإسرائيل لضمان أمن إسرائيل. وكان ترامب واضحًا في قوله إن “جيشَيْنا (الأميركي والروسي) متوافقان منذ سنوات على نحو أفضل من زعمائنا السياسيين. ونحن نتوافق أيضًا في سورية”. وقد حظي تركيز الزعيمين على أمن إسرائيل ومصالحها في السياق السوري بإشادة إسرائيلية؛ وجاء ذلك في بيان صادر عن رئيس الحكومة الإسرائيلية حينها، بنيامين نتنياهو.
ظهر توافق ترامب وبوتين حول سورية بوضوح على الأرض؛ إذ لم يلق الهجوم الواسع الذي شنَّته قوات النظام السوري بغطاء جوي روسي كثيف، ابتداء من 19 حزيران/ يونيو 2018، على منطقة الجنوب والجنوب الغربي من البلاد، أي معارضة أميركية؛ ما أدّى إلى إخراج قوات المعارضة منها. وكانت واشنطن قد مهّدت لموقفها هذا بإبلاغ فصائل المعارضة السورية، في منتصف حزيران/ يونيو 2018، أن لا تتوقع منها أن تتدخّل لحمايتها في الجنوب، في حال أقدمت قوات النظام على مهاجمتها؛ وذلك على الرغم من التحذير الذي كانت إدارة ترامب وجّهته، في أيار/ مايو 2018، إلى نظام الأسد؛ بأنها ستتخذ “إجراءات حازمة وملائمة” للحفاظ على “اتفاق خفض التصعيد” في الجنوب السوري، وتحديدًا في منطقة درعا على الحدود الأردنية.
وقد كُشف أيضًا عن اتفاق روسي – إسرائيلي، بموافقة وحضور أميركي، مفاده إبعاد إيران ومليشياتها نحو ثمانين كيلومترًا عن حدود إسرائيل. وفي المقابل، يُسمح للأسد باستعادة السيطرة على المنطقة الجنوبية على الحدود مع الأردن، وعلى المنطقة الجنوبية الغربية على الحدود مع إسرائيل. وقد لمَّح ترامب حينها إلى هذا الاتفاق، حينما قال: “الرئيس بوتين يساعد إسرائيل. لقد تحدث كلانا مع بيبي [نتنياهو]. وهما يريدان [بوتين ونتنياهو] القيام بأمور معيَّنة مع سورية تتعلق بسلامة إسرائيل”. وأضاف: “روسيا والولايات المتحدة ستعملان على نحو مشترك في هذا الصدد”، فضلًا عن قوله: “إن توفير الأمن لإسرائيل أمرٌ أودُّ أن أراه أنا وبوتين على نحو واضح جدًا”.
في النتيجة، أعلنت الولايات المتحدة عن تخليها عن دعم فصائل الجنوب، وأوقفت تزويدها بأي مساعدات. وفوق ذلك، أغلقت غرفة العمليات التي أنشأتها في الأردن لدعم المعارضة السورية في الجنوب، وعُرفت باسم غرفة عمليات الموك (Military Operations Center, MOC) وتم التوصل على الأثر، بمشاركة روسية – أردنية، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، تضمن تسليم قوات المعارضة أسلحتها الثقيلة والمتوسطة، وإجلاء المقاتلين والمدنيين الرافضين للتسوية إلى شمال غرب البلاد.
تجدد القتال
لم يؤد اتفاق 2018 إلى تطبيع الوضع بين النظام وأهالي درعا؛ ذلك أن الأهالي رفضوا المشاركة في الانتخابات الرئاسية التي أجراها النظام في أيار/ مايو 2021. وفي 25 حزيران/ يونيو 2021، أطلقت قوات النظام حملة عسكرية على درعا البلد، وفرضت حصارًا عليها، بعد رفض المعارضة تسليم السلاح الخفيف، باعتبار أن ذلك يخالف اتفاق 2018، الذي سمح للأهالي بالاحتفاظ بسلاحهم الفردي، وانضمام من يرغب من مقاتلي المعارضة إلى الفيلق الخامس الذي شكلته روسيا خصيصًا لضم مقاتلي المعارضة السابقين في مناطق المصالحات. وفي مطلع أيلول/ سبتمبر 2021، أي بعد قرابة شهرين من التصعيد العسكري على أحياء درعا البلد المحاصرة، توصل الطرفان إلى اتفاقٍ برعايةٍ روسيةٍ بهدف إنهاء التصعيد. وقد نص الاتفاق على رفع العلمين الروسي والسوري على المؤسسات العامة في المدينة، وإقامة أربع نقاط أمنية لقوات النظام بدرعا البلد، وانتشار قوات من الشرطة العسكرية الروسية في أحياء المدينة، وتسليم المعارضين الراغبين في البقاء في درعا أسلحتهم للروس، في حين يجري ترحيل من يرفض تسليم السلاح إلى مناطق المعارضة في شمال غرب البلاد. لم يصمد الاتفاق سوى ثلاثة أيام، بدءًا من موعد سريانه في 1 أيلول/ سبتمبر؛ فقد جدّدت قوات النظام قصفها المكثف على المدينة، بعد رفض لجنة المفاوضات التابعة للمعارضة شروطًا جديدة للنظام، تمثلت في تسليم كل السلاح الفردي الخفيف الموجود في المدينة، والسماح للنظام بإقامة تسع نقاط تفتيش أمنية بدلًا من أربع. إضافة إلى تفتيش المنازل، وتسليم مطلوبين أو ترحيلهم؛ وذلك خلافًا للاتفاق المبرم. وواصلت قوات النظام قصف أحياء المدينة.
تساؤلات عن الدور الروسي
خلافًا للعادة، لم تتدخل روسيا عسكريًا لمصلحة النظام لحسم أزمة درعا البلد، وإنما فضّلت أن تؤدي دور “الوسيط” بين النظام والمعارضة، رغم أنها تسعى في الحصيلة النهائية إلى تمكين النظام من استعادة السيطرة كليًا على المنطقة. ومع ذلك، أتاح عدم التدخل الروسي هامشًا لفصائل المعارضة التي تمكنت من السيطرة، في تموز/ يوليو 2021، على عدد من الحواجز العسكرية للنظام في محيط درعا البلد، وأسر عدد من عناصرها. ويعود الموقف الروسي الراهن إلى الرغبة في إبقاء المليشيات الإيرانية التي تشارك في الهجوم على درعا بعيدة عن منطقة الحدود مع الأردن وإسرائيل، وذلك بموجب تفاهماتها مع إسرائيل. فروسيا تريد أن تستأثر وحدها بالنفوذ في هذه المنطقة الحساسة، في إطار تصوّرها لمنطقة عازلة على امتداد الحدود مع إسرائيل والأردن، تكون السيطرة فيها للنظام السوري برعاية العسكريين الروس المشرفين على نشاط المعارضة المتصالحة، وليس مليشيات إيران وحزب الله. ويبدو أن موسكو تتجنّب التسبّب في أزمة نزوح كبيرة في هذه المنطقة إلى الأردن الذي ينشط حاليًا على المستوى الدولي لصالح إعادة تأهيل نظام الأسد، واستئناف العلاقات الاقتصادية معه، ومساعي إعادة اللاجئين على أمل الشروع في عملية إعادة إعمار بمشاركة عربية ودولية. وقد تجلت هذه المساعي في الزيارات التي قام بها الملك عبد الله الثاني إلى واشنطن وموسكو في الآونة الأخيرة، وكانت سورية محورًا رئيسًا في موضوعات النقاش فيها. وقد نجحت هذه الجهود في تحقيق اختراقٍ في الموقف الأميركي الذي أعفى الأردن ولبنان من تبعات خرق “قانون قيصر”، والسماح بنقل الغاز والكهرباء من مصر والأردن إلى لبنان عبر الأراضي السورية.
ويبدو واضحًا أيضًا أن روسيا ترغب في البناء على توافقاتها الأخيرة مع واشنطن بشأن تمديد دخول المساعدات الإنسانية إلى شمال غربي سورية عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا؛ وهذا لا يتحقّق إلا إذا استمرّت روسيا في التعاون لمنع حصول كارثة إنسانية جديدة في سورية. أخيرًا، فإن عدم وجود فصائل إسلامية متطرّفة أو تحمل أعلام تنظيم القاعدة أو ترتبط بـ”داعش” في درعا يصعّب على روسيا تبرير أي تدخل عسكري واسع لمصلحة النظام، على خلاف ما قامت به في مناطق أخرى.
خلاصة
لم يصمد اتفاق التسوية في درعا البلد سوى أيام قليلة؛ وذلك نظرًا إلى ميل النظام وحلفائه، من المليشيات الإيرانية المشاركة معه في حصار المدينة، إلى حسم الوضع بالقوة العسكرية. فهناك نزعات انتقامية واضحة تجاه المدينة التي أطلقت شرارة الثورة، ورغبة في معاقبة أهلها بإجبارهم على القبول بشروطٍ مذلّة أو ترحيلهم في حال رفضوا ذلك. وفي حين تستمر روسيا في مساعي التوصل إلى تسوية، لأسباب متصلة باستراتيجيتها العامة في سورية، بما في ذلك منع تمركز مليشيات إيرانية على الحدود مع الأردن وإسرائيل، حتى لا تتحوّل المنطقة إلى ساحة حرب إيرانية – إسرائيلية، يشجع غياب موقف أميركي واضح مما يجري في درعا إيران ومليشياتها على الاستمرار في تنفيذ الحل الأمني للأزمة، ومحاولة إيجاد موطئ قدم لها على الحدود مع إسرائيل، تمنحها أدوات ضغط وعناصر قوة إقليمية إضافية.
العربي الجديد
———————————–
من درعا إلى وادي بنجشير/ عمر قدور
صباح الاثنين أعلنت حركة طالبان سيطرتها التامة على وادي بنجشير، بعد أيام لم تتجاوز الأسبوع من الإعلان عن محاصرته تمهيداً لاقتحامه. في الوقت نفسه، كانت محاولات اقتحام درعا البلد تبوء بالفشل، رغم مواصلة استخدام تغطية نارية هي الأعنف على بقعة جغرافيا ضيقة، وغير محمية بتضاريس طبيعية. وقد صار معلوماً أن الفرقة الرابعة، بقيادة ماهر الأسد ودعم عسكري مباشر من طهران، تخوض هذه الحملة منذ ما يقارب الثلاثة شهور، تعرضت خلالها لأكثر من فشل مهين.
قبل نحو ثلاثة أسابيع، كان أحمد مسعود قد تعهد بقتال طالبان التي سيطرت على أفغانستان باستثناء الوادي الذي يتحصن فيه، وطلب مساعدة الغرب في مقالين، الأول في “واشنطن بوست” الأمريكية والثاني في مجلة “لا ريغل دو جو” الفرنسية. بقي وادي بنجشير عصيّاً على طالبان أثناء الفترة الأولى لحكمها، كما كان قد استعصى على الاحتلال السوفيتي، وإذا صح إعلان طالبان السيطرة عليه يكون سقوطه السريع بمثابة مفاجأة لا تكشف فقط عن ميزان قوى ميداني.
خاطب أحمد مسعود أمريكا وأوروبا، خاطب فيهما قيم الديموقراطية والحريات، فلم تكترث الحكومات الغربية برسالتيه. تُرك الوادي الذي اكتسب سمعة العَصيّ على الغزاة وحيداً محاصراً، ليكون سقوطه أو استسلامه مسألة وقت، خاصة مع النسخة الجديدة من طالبان التي اكتسبت خبرة قتالية عالية تُوِّجت باستيلائها على العتاد الأمريكي الحديث الذي كان ممنوحاً للجيش الأفغاني.
الأخبار الواردة من درعا، صباح الاثنين أيضاً، تفيد بموافقة المفاوضين باسم الأهالي على شروط للهدنة كانوا رفضوها من قبل، أي أن التفاهم الجديد فيه تنازلات إضافية على السابق الذي نقض التفاهم الأسبق، والحديث هنا عن التفاهمات الثلاثة التي أُبرمت خلال سبعين يوماً من الحصار. المحاصرون توقفوا عن طلب النجدة التي لن تأتي، لا من حوران نفسها ولا من خارجها، مع علم الجميع بأن النجدة المحلية “لو حدثت” ما كان لها أن تغيّر في النتيجة النهائية إذا لم يكن هناك سند دولي مؤثر.
انسحبت واشنطن من سوريا قبل ثلاث سنوات مع انسحابها من دعم جبهة حوران، ولولا رفع المظلة الأمريكية ما كان لقوات الأسد أن تستعيد سيطرتها شبه الكاملة على المنطقة. سبق لواشنطن أن انسحبت من الشمال السوري مسلِّمة أمر الفصائل التي تنشط هناك لأنقرة، ومكتفية بالشراكة مع قسد شرق الفرات ضمن هدف وحيد معلن هو محاربة داعش. بالتزامن مع الانسحاب العسكري والمخابراتي، تخلت واشنطن عن بذل أي جهد سياسي في الشأن السوري، رغم دأبها خلال سنوات على القول أن الحل في سوريا سياسي، واكتفت بمراقبة نشاط موسكو التي ابتدعت مسار أستانة ثم مسار اللجنة الدستورية غير المحكوم بإطار زمني.
لقد كانت غرفة الموك المشرفة على دعم جبهة حوران بمثابة التزام أمريكي، إزاء فصائل تلك الجبهة وإزاء الأردن الذي ينطلق الإمداد من أراضيه. فحوى الانسحاب الأمريكي هو إبقاء الحد الأدنى من القوات الأمريكية من دون التزام إزاء القوى المحلية، بما فيها قسد الشريك الوحيد المتبقي، فالإدارات الأمريكية منذ أوباما حتى بايدن لم تعلن عن أي التزام يخص قسد أو مستقبل المسألة الكردية في سوريا، بل شجعت في العديد من المناسبات التواصل بين الإدارة الذاتية والروس أو بشار الأسد وكأنها تمهّد للحظة الرحيل التي لم تتقرر بعد.
قُرئ السلوك الأمريكي في سوريا على نحو خاطئ، بدءاً ممن توسموا فيه خدعة لتوريط موسكو وطهران واستنزافهما، وصولاً إلى رؤيته كتعبير يائس من مآلات الربيع العربي ومن الشعوب التي ثارت على حكامها. قلائل الذين صدّقوا استراتيجية الانسحاب الأمريكي والتخلي عن الدور السابق كشرطي، وأقل منهم الذين توقعوا حدود الانكفاء الأمريكي. المفاجأة الأفغانية كشفت ما لم ينكشف من قبل بانسحاب “صامت صغير” من سوريا، و”العزاء” أن دهشة الشركاء الأوروبيين بكيفية الانسحاب الأمريكي وما رافقه لم تكن أقل من دهشة باقي الأصدقاء والخصوم.
تأكيد بايدن على الاستراتيجية الجديدة لبلاده دقَّ المسمار الأخير في نعش التكهنات، وبات على كافة القوى كالمعتاد أن تضبط إيقاعها “كالمعتاد” على الإيقاع الجديد لواشنطن، سواء كانت هذه القوى متضررة من النهج الجديد أو مستفيدة منه. ولا شك أن القوى المستفيدة، من الطراز الروسي أو الإيراني، تتلهف لحصد المكاسب بملء الفراغ الذي تخلّفه واشنطن وراءها هنا وهناك، ومن المرجح ألا تلقى سوى إدانات أمريكية من باب تسجيل موقف لا أكثر. هكذا، على سبيل المثال، كان رد فعل إدارة بايدن على تكثيف الهجمات الحوثية على الأراضي السعودية مؤخراً، فاكتفت الإدارة بتنديد معتدل اللهجة رغم التعهد السابق بضمان الأمن المباشر للحلفاء القدامى في المنطقة.
الإعلان الأهم هو أن واشنطن لن تتدخل في أي بلد من أجل تغيير الأنظمة أو نشر الديموقراطية، وستلحق بها أوروبا سريعاً لأنها في الأصل لم تطور أدوات تدخل مستقلة. الإرهاب وحده، إذا مسّ الأمن القومي الأمريكي، سيكون حافزاً للعمل العسكري الذي سيكون متخففاً من الوجود على الأرض. أما أوروبا فتواجه معضلتي الإرهاب واللاجئين، من دون امتلاك استراتيجية خاصة ناضجة لمواجهة الاثنين، ما سيرجّح فيها كفة التيارات المعادية للمهاجرين والمؤيدة للاستبداد ولبوتين وطهران إذا أحسن هؤلاء استخدام قوتهم لقمع الشعوب ومنعها من اللجوء.
لن تكون هناك آذان لسماع أصوات الثائرين أو المسحوقين هنا أو هناك، من درعا إلى وادي بنجشير وسواهما، ولن يتدخل الغرب ” وفق مصالحه ضمن الأمد المنظور” لحماية المستهدفين في الحد الأدنى من حقوقهم أو آدميتهم أو المستهدفين بالإبادة. لم يعد هناك عنوان لتلك الشكاوى المتعلقة بالحريات وحقوق الإنسان، وكأن عصر الليبرالية السياسية قد انتهى لأولئك الذين لم يصلوا إليه بعد. ما كان صعباً جداً من قبل سيتوجب البحث عن إجابات جديدة مختلفة له، إذ سيكون على الشعوب مواجهة حكام مدعومين بفظاظة ووقاحة من قوى أو إقليمية، في حين تفتقر هذه الشعوب لأي سند خارجي فوق تنوعها الذي ينعكس نقمة عليها. الإجابة عسيرة جداً، أقله في المدى المنظور، لكنها قد لا تكون مستحيلة، ففي كل مرة يرينا التاريخ سذاجة المحتفلين بنهايته.
المدن
———————————–
هندسة الحل السياسي.. درعا ثم إدلب والجزيرة/ كمال اللبواني
يبدو أنّ نوعاً من التفاهمات في الأطر العامة ما يزال قائماً بين الروس والأمريكان فيما يخصّ الوضع في سوريا، بدأت هندسته منذ لقاءات بايدن لافروف، ثم كيري لافروف، في جنيف عام ٢٠١٢، وظهر عبر تقاسم الأدوار في أروقة الأمم المتحدة، وفي الميدان، عبر تقسيم الأجواء ثم مناطق النفوذ في سوريا بانسجام تام ودون حدوث أي احتكاك أو توتر، حتى عندما قرر ترامب أن يقصف مطار الشعيرات رداً على استخدام الكيماوي محرجاً، قام بإبلاغ الروس، الذين ينسّقون رحلات الطيران الإسرائيلي نحو الأهداف الإيرانية في سوريا من برج مطارهم في حميميم.
وهذه التفاهمات تقتضي التوصّل لحل يرضى عنه الطرفين ويحقق مصالحهما ويراعي خطوطهما الحمر في سوريا، وهو ما نصّ عليه بيان جنيف ثم قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤، والذي بدأ مرحلة التنفيذ على ما يبدو، أو بالأصح مرحلة التحضير للتنفيذ منذ بداية عام ٢٠٢١، بعد عشر سنوات وضعت لتغطي مرحلة استيعاب عناصر الصراع في سوريا واستنزافها ببعضها.
فالحل الذي اتفقوا عليه هو إدارة الصراع والضغوط العسكرية والاقتصادية للوصول بالسوريين والمتدخلين لمرحلة الاهتراء التام التي تجعلهم يقبلون بأي حل، وهكذا سكتت الدول عن استعادة فرض هيمنة النظام على كل المناطق الثائرة عليه حتى لو حصل ذلك عبر قتل وتدمير وتهجير المدن والقرى (حمص ثم حلب ثم ريف دمشق ثم درعا، ثم جنوب إدلب)، وبنفس الوقت استخدمت تلك الأحداث لفرض ضغوط سياسية واقتصادية على النظام تضعفه لكن تبقيه قادراً على استكمال مهمته في تدمير الخصم الذي يصعب السيطرة عليه، أي الشعب الثائر.
وهذا الحل بالرغم من توحشه ولا أخلاقيته اعتمد من قبل دول عظمى مسؤولة في الأمم المتحدة عن تطبيق القانون الدولي وحماية المدنيين، تهرّبت بكل وقاحة عن مسؤولياتها بحجتين: محاربة الإرهاب، وعدم سيطرتها على الأدوات التي تركتها واستخدمها (الحلفاء على الأرض)، اعتمد ذلك الحل القذر لأنه الأقلّ تكلفة، بل ويبقي على مصالحها في الهيمنة على الشرق الأوسط وشعوبها، فالدول العظمى ما تزال تسلك سلوك الدول الاستعمارية، وهي ستستمر طالما بقيت أقوى وطالما لم توجد سلطة عالمية ملزمة تطبق القانون الدولي، المعطل دوماً بفيتو تملكه خمس دول فقط في العالم.
مؤخراً، وبعد تسليم درعا بقيت هناك قدرات عسكرية في مناطق تستطيع تحدّي إرادة النظام، ظهرت بشكل سافر عندما قرر بشار إجراء الانتخابات، وهو ما دفع بالنظام والروسي لشنّ حملة على الجنوب، باستخدام القوة الإيرانية التي تريد فرض وجودها في الجنوب، والتي انتهت بعد صدام دام شهراً لدخول النظام وتفكيك المنطقة وسحب سلاحها، وعليه وبناء على ذلك التحليل، فإنّ الخطوة القادمة ستكون إدلب، وهنا سيظهر موقف تركيا بشكل أكثر وضوحاً طالما هي أيضاً داخل هذه اللعبة، لكن عدم ثقتها بشركائها تجعلها متمسكة ببعض الأوراق التي تضغط بها مقابل تخلّي الغرب عن قسد، لذلك ستتزامن عملية إدلب مع قرار بالانسحاب الأمريكي من سوريا، وربما العراق أيضاً، كما حصل في أفغانستان، حتى يتمكن النظام وروسيا من فرض نفوذه، كاملاً، لينتقل التنفيذ للمرحلة الثانية وهي قطع رأس النظام الذي أحكم سيطرته، واستبداله برأس جديد يكون قادراً على متابعة السيطرة، وإقناع المهجرين بالعودة والدول بدعم إعادة الإعمار، وهو كما ذكرنا مشروع المجلس العسكري الانتقالي، القابع في الظلال ينتظر تحضير الأرضية.
لكن حسابات الروس والغرب لا تنطبق على النظام وإيران التي تملك الكثير من الأوراق لتلعبها، فإذا كان مصير الأسد يمكن تحديده بعملية اغتيال مدبرة محضر لها مسبقاً، فإن النفوذ الإيراني لن يكون من السهل التعامل معه، وهي مهمة المجلس العسكري والمهجرين العائدين الذي لن ينجحوا في حال استمرّت الفصائل المسلحة وأمراء الحرب الرافضين لأي حل.
—————————————–
درعا البلد: الهدوء رهن مصلحة الراعي الروسي/ أمين العاصي
خيّم الهدوء، أمس الثلاثاء، على أحياء درعا البلد، في محافظة درعا، جنوبي سورية، لليوم الثاني على التوالي، مع بدء تطبيق خريطة حلّ روسية، وضعت حدّاً للعمليات العسكرية التي كانت تقوم بها قوات النظام ومليشيات إيرانية مساندة لها، ومهّدت الطريق لتسوية أوضاع المئات من الشبّان في درعا البلد، الذين دافعوا عن الأهالي لأكثر من 70 يوماً من الحصار الذي فرضه النظام، والذي ترافق مع تصعيد عسكري. وأكدت مصادر مطلعة لـ”العربي الجديد”، أن الهدوء استمر أمس في درعا البلد بضمانات روسية، بهدف إتمام البند الأول من بنود اتفاق التسوية، الذي ينص على تسوية أوضاع جميع المطلوبين وتسليم كل السلاح الخفيف، مع عدم اعتقال أي شخص منهم.
وأكد الناشط الإعلامي أحمد المسالمة، لـ”العربي الجديد”، أن الاتفاق “يجري تطبيقه وفق المخطط الروسي، من دون أي مشاكل”، موضحاً أنه “جرت تسوية أوضاع المئات من المقاتلين، وتسليم أكثر من 60 قطعة سلاح حتى صباح (أمس) الثلاثاء. العملية مستمرة”. وأشار المسالمة، في السياق، إلى أنه “لم يتم حتى صباح الثلاثاء، التعامل مع منطقتي طريق السد والمخيم”، لافتاً إلى وجود تخوف من منع النظام عودة من لا يملك سند تمليك كعقاب قد يفرضه على عائلات المخيم التي لم تقف معه كما حصل في مخيم اليرموك في دمشق. وتضم منطقة المخيم لاجئين فلسطينيين إلى سورية منذ عام 1948.
من جهتها، قالت صحيفة “الوطن” التابعة للنظام، إن المقاتلين في درعا البلد سلّموا، أول من أمس الإثنين، أكثر من 115 قطعة سلاح بين متوسطة وخفيفة، بينها قاذفات “آر بي جي” وصواريخ مضادة للدروع محمولة على الكتف، ورشاشات متوسطة من نوع “بي كا سي” وقناصات وقاذفات قنابل وبنادق آلية. ونقلت “الوطن” عن مصادر في النظام قولها إن “إجمالي عدد الذين تمت تسوية أوضاعهم حتى الإثنين بلغ أكثر من 300 شخص بين مسلحين ومطلوبين”، مشددة على أنه “بعد انتهاء عمليات التسوية وتسليم السلاح، فإن كل من يحوز سلاحاً سيتعرض للملاحقة القانونية”.
وذكرت مصادر مطلعة لـ”العربي الجديد”، أن نائب وزير الدفاع الروسي أندريه كارتابولوف قدم من موسكو لإتمام الاتفاق الذي نصّ على “تسليم كامل السلاح المتوسط والخفيف، ونشر الأمن والنقاط العسكرية في درعا البلد لتحقيق الأمن والأمان في تسع نقاط، وتسوية أوضاع المطلوبين في درعا البلد ومخيم درعا وحي طريق السد، وإعفاء الأشخاص الذين خرجوا من درعا البلد مع سلاحهم، وسحب السلاح بشكل كامل من المجموعات، بما فيها المجموعات التي تعمل مع أجهزة الأمن التابعة للنظام وغيرها من القوات الرديفة”. كما نصّ الاتفاق على نقل كلّ الرافضين للاتفاق إلى الشمال السوري، وعودة الحياة الطبيعية إلى درعا البلد، بالإضافة إلى بنود أخرى، من بينها “رفع العلم السوري على جميع الأبنية الحكومية في أحياء درعا البلد والجامع العمري، ومنع التظاهرات والحراك المدني بشكل تام”. وحول ذلك، رجّح المسالمة خروج عشرات الأشخاص فقط من درعا البلد إلى الشمال السوري، مضيفاً أنه “قد لا يكون هناك تهجير إذا وافق الجميع على التسوية”.
وكانت قوات النظام ومليشيات إيرانية قد فرضت حصاراً عسكرياً على أحياء درعا البلد وحيّ طريق السد والمخيم، منذ 24 يونيو/ حزيران الماضي، منعت خلاله إدخال الأدوية والمواد الغذائية لأكثر من 50 ألف مدني، ما تسبب بكارثة إنسانية. وحاولت هذه القوات اقتحام المنطقة أكثر من مرة، لكنها فشلت، فلجأت إلى قصف مدفعي وصاروخي دمّر أجزاء واسعة من هذه الأحياء، قبل أن تضطر اللجنة المركزية الممثلة لأهالي درعا للموافقة على إبرام اتفاق تسوية، وفق الرؤية الروسية.
وفرض الروس التسوية على النظام والمعارضة في درعا البلد بتوافق إقليمي، بهدف إنهاء التصعيد والتوتر في جنوب سورية، والمستمر منذ نحو 10 سنوات. لكن المعطيات تشير إلى أن الاتفاق حول درعا البلد ربما لن يجلب الهدوء إلى محافظة درعا وفق المخطط الروسي، إذ لا تزال قوات النظام عرضة لهجمات من مقاتلين يُعتقد أنهم من المعارضين لعودة النظام إلى المحافظة. وفي هذا الصدد، ذكر أبو محمود الحوراني، المتحدث باسم “تجمع أحرار حوران”، الذي يضم ناشطين إعلاميين ينقلون أنباء الجنوب السوري، لـ”العربي الجديد”، أن شباناً من المنطقة استهدفوا، فجر أمس الثلاثاء، بالأسلحة الرشاشة وقذائف “آر بي جي”، حاجزاً لفرع أمن الدولة التابع للنظام بين بلدتي محجة والمجيدل في ريف درعا الشمالي، ما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى بين أفراد الحاجز.
إلى ذلك، اعتبر نقيب المحامين الأحرار في محافظة درعا سليمان القرفان أن “النظام وضع يده على درعا البلد في ظلّ التخاذل من كل الأطراف في نصرة درعا البلد”، مؤكداً في الوقت ذاته أن النظام “عاجز عن إخضاع أهالي المحافظة، وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل عام 2011”. وقال القرفان، في حديث لـ”العربي الجديد”، إن النظام “استطاع الدخول إلى درعا البلد بمساندة الإيرانيين والروس، إلا أن الثورة باقية في نفوس أهالي المحافظة، ولن يدفعهم وجود الحواجز وسحب السلاح إلى الكفّ عن المطالبة بتغيير النظام والخروج بالتظاهرات كلّما أتيحت الفرصة لذلك، للتأكيد على عدم قبولهم بهذا النظام بأي حال من الأحوال”.
وكانت روسيا قد رعت في منتصف عام 2018 تسويات في عموم محافظتي درعا والقنيطرة، جنوب سورية، إلا أن هذه التسويات لم تنه التوتر، بسبب سعي النظام إلى إخضاع كل المدن والبلدات التي خرجت عن سيطرته باعتقال أو اغتيال معارضيه. كما لم يعمل النظام على تهيئة الظروف الاقتصادية التي يمكن أن تدفع النازحين واللاجئين من أبناء المحافظة، خصوصاً في الأردن المجاور، للعودة إلى مدنهم وبلداتهم وقراهم.
لكن المحلل السياسي المتابع لتطورات الأوضاع في محافظة درعا محمد العويّد رأى، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “الضامن الوحيد لتنفيذ اتفاق درعا البلد هو الجانب الروسي وليس أي طرف غيره”، مضيفاً أن “مصالح الروس تقتضي استمرار الهدوء والاستقرار النسبي في جنوبي سورية، في محافظات درعا والقنيطرة وجانب من ريف دمشق”. وأشار العويّد إلى أن “سقف التوقعات لدى أهالي درعا البلد كان مرتفعاً حيال تحرك ما في شمالي سورية أو في المحيط العربي للضغط العسكري والسياسي على النظام، لذا كانت الصدمة قاسية عندما لم يتحرك أحد لنصرتهم”. وبحسب العويّد، فإن الأهالي في درعا البلد “سيدفعون باتجاه عدم انهيار الاتفاق”، مضيفاً أن “الأهالي يرغبون في عودة الحدود الدنيا من الحياة وترميم البيوت، خصوصاً أن لا قدرة لديهم على مواجهة عسكرية مع النظام وحلفائه الروس والإيرانيين”.
العربي الجديد
———————————
بعد تطورات درعا.. هل يتحمل الأردن موجة لجوء جديدة من سوريا؟/ ليث الجنيدي
يعيش الأردن ظروفا اقتصادية صعبة جراء الأزمات المتتالية في دول الطوق، فاقمتها تبعات ما يجري في جارته الشمالية سوريا، وعززت التطورات الأخيرة التي شهدتها محافظة درعا من حضورها.
المملكة من أكثر الدول تأثرا بالأزمة السورية المستمرة منذ عام 2011، فقد استقبلت أراضيها قرابة 750 ألف لاجئ، توزعوا على مختلف محافظاتها ومدنها، فضلا عن وجود عدد مماثل دخلوا قبل بدء الثورة بحكم النسب والمصاهرة والمتاجرة.
وعلى مدار سنوات طويلة، لم تغلق عمان أبوابها في وجوه طالبي اللجوء، إلا أنها قررت إغلاق الحدود مع سوريا، التي يصل طولها إلى 375 كلم، بعد تفجيرات الرقبان التي وقعت في حزيران/ يونيو 2016، وأودت بحياة 7 عسكريين أردنيين.
قرار لم يخل من استثناءات، فقد جرى خلال فترات متفاوتة السماح بإدخال حالات مرضية لنازحي مخيم الرقبان، الواقع في المنطقة “المحرمة” بين البلدين على الحدود الشمالية الشرقية للمملكة، والذي يضم ما يزيد على 85 ألف نازح سوري، كانوا ينتظرون السماح بدخولهم إلى الأراضي الأردنية.
كما سمح عام 2018 للأمم المتحدة بتنظيم مرور نحو 800 عنصر من الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، عبر أراضيه؛ لتوطينهم في دول غربية، لـ”أسباب إنسانية بحتة”.
والسبت الماضي، ناشد أعضاء في لجنة التفاوض ووجهاء عشائر في مدينة درعا جنوبي سوريا، الملك الأردني عبد الله الثاني، السماح للأهالي بدخول أراضي المملكة، بعد انتهاك النظام لاتفاق وقف إطلاق النار، والتقدم بمطالب إضافية لم يتضمنها الاتفاق بين الطرفين.
محللون سياسيون أردنيون، رجحوا عدم التفات عمان لتلك المناشدة، خاصة مع الضغط “الهائل” الذي تعاني منه المملكة من تواجد أعداد كبيرة من اللاجئين على أراضيها، لكنهم توقعوا في الوقت ذاته أن يكون لبلادهم دور في حل سياسي يعيد الأمور إلى نصابها، ويحول دون تهجير الآلاف منهم.
الأردن لم يعد قادرا على استقبال المزيد
الكاتب والمحلل السياسي فايز الفايز، قال: “لم يعد خافيا الجهود التي بذلها الأردن وعلى أعلى مستويات الحكم في سبيل الحل السلمي والسياسي للصراع في سوريا والذي تجاوز عقد من الزمن”.
واستدرك: “لكنه اليوم بات على بعد قذيفة من الهجمات الحربية للنظام السوري المدعوم من القوات الروسية والمليشيات الإيرانية، فمدينة درعا المتاخمة للحدود باتت ساحة حرب ضروس بعدما خرقت الأطراف الرئيسة شروط الهدنة والاتفاقات التي تم التوافق عليها مع السكان”.
وأردف: “رسميا، ينظر الأردن بعين الحذر للتطورات المقلقة التي قد تهدد استقرار حدوده والتي حافظ على هدوئها عبر سنوات خلت”.
وأشار إلى أن “الملك عبدالله نقل تصوراته ووجهات نظر العديد من الخبراء في الاستراتيجية الجيوسياسية إلى طاولة البيت الأبيض خلال محادثاته مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، وضغط بشدة لفتح المعابر الإنسانية والتجارية؛ لضمان حركة النقل وتقديم المساعدات للشعب السوري”.
وتابع: “استطاع (الأردن) أن يضمن فتح حدوده الرسمية مع سوريا، بيد أن تفجر الوضع من قبل المليشيات والجيش السوري مدعوم بغطاء روسي أفشل العملية السلمية برمتها حتى اليوم”.
واعتبر الفايز أن “الأردن قد عاد إلى المربع الأول في الأزمة السورية، خصوصا مع استمرار قصف القطاعات العسكرية لمدينة درعا ودرعا البلد، وهي مهد الثورة على النظام، ولكنه لا يستطيع العودة بصفته ملجأ للمواطنين السوريين التي تتحمل الدولة السورية ضمان أمنهم”.
وأكد أنه “رغم ما قيل من مناشدات الأهالي في درعا للأردن كي يفتح حدوده، فإن ذلك ليس في الوارد، فالتنسيق ما بين عمان وموسكو تعدى حدود التفاهمات الأمنية والعسكرية، بل إن الملك عبدالله قام بزيارة لموسكو والتقى الرئيس فلاديمير بوتين (أغسطس الماضي)، ومن المؤكد أن الأزمة السورية كانت هي الأبرز في المحادثات، والدفع بالمصالحة وعودة المهجرين الى منازلهم”.
وأردف الفايز: “لكن بعدها لم تترك اليد الإيرانية مجالا للمزيد من التعاون الأردني لإعادة استتباب الأمن في المدينة المنكوبة، وحتى وفد العشائر الذي كان منخرطا بالوصول اتفاق مع أحياء درعا البلد تم قصف قافلتهم بالمدفعية”.
ومضى قائلا: “لهذا لا يمكن للأردن أن يتحمل التكلفة العالية للصراع المستجد في الجنوب السوري الذي عادت سيطرة القوات الإيرانية والتغطية الروسية عليه فضلا عن قوى النظام”.
ولفت الفايز إلى أن “قطاعات حرس الحدود الأردنية باتت يقظة على مدار الساعة؛ لصد عمليات التسلل لجماعات تتقصد تهريب الأسلحة والمخدرات عبر حدوده، وترصد الاستكشافات العسكرية الأردنية العشرات من مصانع المخدرات التي تتزود من الأراضي اللبنانية”.
ورأى بأنه “من هنا يظهر بوضوح المشروع الإيراني الذي يستهدف الأردن أيضا، بعدما تم تهجير الآلاف من درعا وقراها إلى شمال سوريا، ومحاولة التغيير الديموغرافي للوصول إلى محاذاة الحد الأردني”.
ومتابعا في السياق ذاته، بيّن بأن “الأردن لن يقبل بهذا، ومثله الدعم الروسي للحفاظ على سيطرته رغم النظام، ويبدو أنهم تحركوا مجددا للجنوب السوري كمناورات غير مباشرة أمام قواعد الجيش الأمريكي داخل الأراضي السورية في الجنوب الشرقي وفي الأراضي الأردنية”.
واختتم الفايز: “أي تهديد للأراضي الأردنية سيقطع أي أمل بالسلام، والحل أن يتخلص النظام السوري من عقلية المغالبة التي ورطته فيها قوات طهران بالوكالة واستوطنت الأرض السورية ولا يهمها الاستقرار ولا حماية المواطنين الأبرياء”.
تأهب أردني لكل الخيارات
وقال خالد شنيكات، أكاديمي ومحلل سياسي، إن “الأردن في موقف ليس سهلا بموضوع اللاجئين؛ لأن لديه أعدادا هائلة تزيد على 1.3 مليون منهم، لكنه رغم ذلك متأهب لكل الخيارات”.
ولفت إلى أن “زيارة الملك عبد الله الأخيرة إلى روسيا ربما تناولت شيئا من هذا الموضوع، والأردن يفضل أن يحل الموضوع سلميا داخل سوريا؛ منعا لموجات نزوح جديدة من اللاجئين باتجاه أراضي المملكة”.
واستطرد: “إذا لم يتم الاتفاق بين المعارضة والنظام في درعا، قد نشهد موجات لاجئين، لكن يبدو أن هناك اتفاقا برعاية نائب وزير الدفاع الروسي، يتمثل في الرجوع لاتفاق عام 2018 بنقاط أمنية مشتركة ومعالجة موضوع اللاجئين والمقاتلين، وبالتالي حل الموضوع داخل سوريا”.
واعتبر بأن ما يقلق بلاده من تطورات درعا السورية هو “فقدان الاستقرار في سوريا وتبعاته الاقتصادية، واستمرار دورة العنف، وما يتبع ذلك من تداعيات، وبالتالي مزيدا من التكلفة لما يجري هناك”.
أزمة درعا في طريقها للحل
صايل السرحان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة آل البيت، كان أكثر تفاؤلا من سابقيه، حيث قال: “أعتقد أن موضوع أزمة درعا الأخيرة والمتعلقة بالمسلحين المتحصنين في حي المحطة في طريقها إلى الحل”.
وأرجع السبب في ذلك إلى “أن المقاومين يواجهون ضغطا من الجيش السوري الأقوى عددا وعدة، وضغطا من جانب الأهالي بضرورة الاستجابة لدعوات وقف إطلاق النار والانصياع للتسوية بالرعاية الروسية”.
ونوه السرحان إلى أن “عددا قليلا سيتم ترحيله إلى إدلب، وأعتقد أن الأردن لن يستقبل موجة لجوء جديدة”.
وزاد: “الأردن يرحب بتسوية للصراع السوري بشكل عام، وفي درعا بشكل خاص؛ ليمهد الطريق لاستئناف فتح المعبر بين البلدين للنهوض بالحياة الاقتصادية التي تشكل قضية ملحة له، وقد أشار الملك عبدالله قبل أكثر من شهر إلى ذلك بشكل واضح وصريح”.
وأكد السرحان أن “مصلحة الأردن العليا تكمن في الوقت الحالي، وفي ضوء ما أسفر عنه الوضع إلى تسوية تحفظ وحدة سوريا لما فيه مصلحة شعبها، والحاجة الملحة إلى منح المملكة وضعا خاصا في علاقته معها؛ في ظل قانون قيصر المفروض أمريكيا”.
واستطرد: “بالفعل تم التوصل إلى تفاهمات حول ذلك خلال زيارة الملك إلى واشنطن مؤخرا (يوليو/ تموز الماضي) ولقائه الرئيس الأمريكي جو بايدن”.
وفي 25 يونيو/ حزيران الماضي، فرضت قوات النظام السوري والمليشيات التابعة لها حصارا على منطقة “درعا البلد”، بعد رفض المعارضة تسليم السلاح الخفيف، باعتباره مخالفا لاتفاق تم بوساطة روسية عام 2018، ونص على تسليم السلاح الثقيل والمتوسط.
وبعد ذلك بشهر، توصلت لجنة التفاوض، وقوات النظام إلى اتفاق يقضي بسحب جزئي للأسلحة الخفيفة المتبقية بيد المعارضة، ووجود جزئي لقوات النظام، إلا أن الأخيرة أخلت بالاتفاق وأصرت على السيطرة الكاملة على المنطقة.
(الأناضول)
القدس العربي
—————————-
درعا: هدوء حذر وإعتقالات..مع بدء تنفيذ الاتفاق
تشهد أحياء محافظة درعا هدوءاً حذراً، وذلك عقب البدء بتطبيق الاتفاق المبرم بين لجنة أهالي درعا والنظام السوري برعاية روسية، فيما بدأت عناصر الفرقة بتجهيز 4 نقاط عسكرية في محيط بلدة خراب الشحم غربي درعا.
واستهدف شبان محليّون حاجزاً لفرع أمن الدولة بين بلدتي “محجة-المجيدل” شمالي درعا، بالأسلحة الرشاشة وقذائف “آر بي جي” فجر الثلاثاء، ما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى في صفوف قوات النظام، بحسب ما أعلن تجمع أحرار حوران.
وقال التجمع إن قوات النظام اعتقلت كلاً من قاسم محمد الاسعد الجلم (سائق أجرة) والشاب حسين علي الجباوي من مدينة جاسم، أثناء مرورهم من حاجز “جسر إزرع” صباح الثلاثاء.
وأشار إلى أن عناصر الأجهزة الأمنية اعتقلوا الشاب سليمان عبد المجيد الحلقي من قرية العالية أثناء تواجده اليوم في مبنى الهجرة والجوازات بمدينة درعا. وكانت قوات النظام اعتقلت الاثنين الشاب معمر يوسف الدنيفات من مدينة جاسم، أثناء تواجده في مدينة درعا.
وصعدت قوات النظام من عمليات الاعتقال خلال الساعات الماضية ليسجل مكتب توثيق الانتهاكات في تجمع أحرار حوران 27 حالة اعتقال في محافظة درعا منذ مطلع شهر أيلول/سبتمبر.
وكانت عملية تسوية لأوضاع المطلوبين وتسليم للأسلحة بدأت الاثنين، في مركز حي الأربعين في درعا البلد، بعد العودة إلى الاتفاق الموقّع مع اللجنة الأمنية. وجاء ذلك بضغط روسي خلال اجتماع للجنة درعا المركزية الأحد، مع ضابط مبعوث من هيئة الأركان الروسي.
وأكد المبعوث الروسي للوجهاء واللجنة، ضرورة إنهاء ملف درعا البلد، إما بتسوية بضمانة روسية أو معركة بقيادة روسية، الأمر الذي دفع باللجنة المركزية الى الموافقة والعودة للاتفاق الذي كانت تصف شروطه بالقاسية.
ومن بين الشروط التي يتوقع تنفيذها خلال الأيام القادمة، انتشار 9 نقاط عسكرية للنظام داخل الأحياء المحاصرة، ومن ثم انسحاب قوات النظام والمليشيات المدعومة من إيران من محيطها.
وعلى صعيد متصل بحث مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وإفريقيا ميخائيل بوغدانوف مع رئيس “منصة موسكو” للمعارضة السورية قدري جميل، تطورات الأوضاع في مدينة درعا.
وذكرت الخارجية الروسية أن بوغدانوف وجميل بحثا “الأحوال في محافظة درعا جنوب البلاد بالتركيز على ضرورة اتخاذ كل الخطوات الممكنة لمنع تصعيدها اللاحق”.
——————————
وحدات من قوات النظام تدخل درعا لأول مرة منذ 2011
دخلت وحدات من قوات النظام السوري صباح اليوم (الأربعاء) إلى منطقة درعا البلد وتم رفع العلم الوطني فوق مركز التسوية في حي الأربعين، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.
وذكرت الوكالة السورية للأنباء (سانا) اليوم أن ذلك يأتي في إطار اتفاق التسوية القاضي بتسوية أوضاع المسلحين وتسليم السلاح.
وأشارت إلى أن وحدات الجيش السوري بدأت بتثبيت عدد من النقاط تمهيداً لبدء عمليات تفتيش وتمشيط في المنطقة بحثاً عن السلاح ومخلفات أسلحة وذخائر وعبوات ناسفة، والكشف عن الأنفاق والتحصينات والأوكار تمهيداً لدخول ورشات المؤسسات الخدمية لإعادة تأهيل البنى التحتية والخدمية إلى الحي.
واستؤنفت أول من أمس (الاثنين) عمليات تسليم أسلحة وتسوية أوضاع عشرات المسلحين من درعا.
ويعتبر دخول وحدات من قوات النظام لأحياء درعا البلد هو الأول منذ منتصف عام 2011.
وقالت مصادر مقربة من قوات النظام لوكالة الأنباء الألمانية إن عملية التسوية تسير بشكل جيد وفق ما تم الاتفاق عليه، وقد سلم أكثر من 500 شخص أنفسهم، بينهم مطلوبون للخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية، إضافة إلى تسليم خرائط الألغام التي زرعت في محيط أحياء درعا البلد.
بدوره، كشف مصدر في لجان درعا المركزية عن أن «وجهاء من درعا البلد والشرطة العسكرية الروسية وعناصر من اللواء الثامن الموالي لروسيا وعناصر من القوات الحكومية دخلت أحياء درعا البلد لتثبيت النقاط المتفق عليها وتدقيق بالبطاقات الشخصية للسكان تحسباً لوجود غرباء».
وأكد المصدر أن عدد الأشخاص الذين أجريت لهم تسوية نحو 250 شخصاً، مشيراً إلى أن «القوات الروسية أمرت قوات الفرقة الرابعة التابعة للنظام السوري بالانسحاب من محيط أحياء درعا البلد والتوجه إلى حي الضاحية مدخل مدينة درعا الغربي».
——————————
الشرطة الروسية تشرف على «تسويات الشباب» وتطبيق اتفاق درعا و حذّرت أي شخص من الاحتفاظ بسلاحه
درعا: رياض الزين
دخلت الشرطة العسكرية الروسية ولجنة إجراء التسويات يوم الثلاثاء ولليوم الثاني حي الأربعين بدرعا البلد، لإجراء التسويات للراغبين، واستكمال تسلم السلاح الموجود في المدينة، وللاطلاع على واقعها وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار فيها.
وحسب مصادر محلية من مدينة درعا البلد، فإن «أعداداً كبيرة من أبناء مدينة درعا البلد أجروا التسويات وسلموا سلاحهم للجنة التابعة للنظام السوري في مركز التسويات بحي الأربعين بحضور الشرطة العسكرية الروسية، ويبلغ عددهم أكثر من 300 شخص، منهم معارضون ومطلوبون للنظام، إضافةً إلى متخلفين ومنشقين عن الجيش، وتم تسليم قطع متنوعة من السلاح الخفيف والثقيل والمتوسط، وأن عمليات إجراء التسويات وتسليم بقية السلاح الموجود مستمرة لليوم الثاني، بالتزامن من جولات قامت فيها الشرطة العسكرية الروسية وقوة أمنية تابعة للنظام لدراسة وضع 9 نقاط عسكرية تابعة للجيش السوري وجهاز الأمن العسكري في المدينة، بإشراف الشرطة العسكرية الروسية».
وأضاف المصدر أن المراحل التالية «تتضمن تثبيت النقاط العسكرية في المدينة، وعمليات تفتيش في مدينة درعا البلد وطريق السد والمخيم، بحضور الشرطة العسكرية الروسية وقوة أمنية تابعة للنظام السوري ووجهاء المدينة واللجنة المركزية، تتركز في المناطق التي كانت تشهد مواجهات مع الجيش السوري مؤخراً مثل منطقة البحار والكازية والمناطق الجنوبية من المدينة، وتدقيق هويات سكان المدينة للكشف عن عدم وجود غرباء من خارج درعا، لأن اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري تقدمت بتقرير للجانب الروسي واللجنة المركزية بدرعا البلد في مراحل المفاوضات بوجود سوريين من خارج محافظة درعا، موجودين في المنطقة الجنوبية من مدينة درعا البلد وهي مناطق الشياح والزمل والنخلة، وهم رافضون للتسوية وكانوا متوارين عن الأنظار في تلك المنطقة منذ اتفاق عام 2018 رغم تفتيش هذه المناطق العام الماضي من قوات الفرقة الرابعة والفيلق الخامس، وتشهد هذه المناطق حالياً طوقاً عسكرياً من الفرقة الرابعة، وينص الاتفاق على دخول هذه المناطق وتفتيشها للوقوف على حقيقتها».
وأوضح أن الاتفاق «يجري تنفيذه وفقاً لمراحل حتى تستكمل كل مرحلة ويتم الانتقال إلى بنود أخرى وبدأ العمل بتسليم السلاح المتوسط والخفيف، وكل من يخبئ قطعة سلاح يتحمل المسؤولية وتُلغى تسويته ويلاحَق من الأجهزة المختصة التابعة للنظام، وسيحصل كل متخلف عن الخدمة الإلزامية وأجرى تسوية لوضعه خلال مدة 15 يوماً على تأجيل عام كامل عن السوق للخدمة الإلزامية من خلال شعبة التجنيد التابع لها، والمنشق عن الخدمة يلتحق بوحدته بعد إجراء التسوية العسكرية من القاضي العسكري في درعا ولا يلاحَق قانونياً بعد عودته إلى خدمته بضمانة الجانب الروسي، ودخول مؤسسات الدولة والخدمات إلى درعا البلد ورفع العلم السوري والروسي عليها، وعودة مخفر الشرطة المدنية إلى مقره في حي العباسية».
وأفاد «تجمع أحرار حوران» بأن شباناً محليين استهدفوا حاجزاً لفرع أمن الدولة بين بلدتي «محجة – المجيدل» شمالي درعا فجر الثلاثاء، ما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى في صفوف قوات النظام. وعملت قوات الفرقة الرابعة على إنشاء 4 نقاط عسكرية في محيط بلدة خراب الشحم غربي درعا، وقامت بأعمال تدشيم ورفع سواتر ترابية، وسط استقدام تعزيزات عسكرية جديدة إلى المنطقة مؤلفة من 50 عنصراً إلى المنطقة.
إلى ذلك، قالت وسائل إعلام روسية إن مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا ميخائل بوغدانوف، بحث مع رئيس منصة موسكو السياسي السوري قدري جميل، تطورات الأوضاع في مدينة درعا جنوبي سوريا، وضرورة التركيز على اتخاذ كل الخطوات الممكنة لمنع تصعيدها اللاحق، وعلى الدور الروسي في المفاوضات المتعلقة بالاتفاق مع اللجنة المركزية في درعا، المُتضمن تسليم الفصائل المعارضة في درعا لأسلحتهم والامتثال لبنود اتفاق المصالحة الذي عُقد عام 2018، إضافةً إلى بنود تقنية أخرى، تضمن عودة الأمان والاستقرار إلى المنطقة.
——————————
بعد تطورات درعا.. هل يتحمل الأردن التكاليف العالية للصراع المتجدد في جنوب سوريا؟
في ظل ظروف اقتصادية خانقة فاقمتها جائحة فيروس كورونا، يواجه الأردن تحدياً صعباً مع تفجر الأوضاع في محافظة درعا السورية ومناشدة أعضاء في لجنة التفاوض ووجهاء العشائر الملك عبدالله الثاني السماح للأهالي بدخول أراضي المملكة، بعد انتهاك النظام السوري لاتفاق وقف إطلاق النار.
وكانت قوات النظام السوري قد شنت حملة قصف عنيف على درعا منذ مايو/أيار الماضي، تزامناً مع الانتخابات التي أقامها نظام بشار الأسد، واندلاع احتجاجات رافضة لها في مهد الثورة السورية، وتسبب القصف في مقتل المئات من المدنيين، بينهم عشرات الأطفال، كما أجبر القصف عشرات الآلاف على الفرار من منازلهم هناك.
ورغم أن درعا كانت تخضع لاتفاقية سلام بين المعارضة والنظام السوري برعاية روسية منذ عام 2018، تخلّت بموجبها المعارضة المسلحة في المنطقة عن أسلحتها الثقيلة، لكن قوات النظام -المدعومة من روسيا وإيران وحزب الله اللبناني- انتهكت بنود تلك الاتفاقية سعياً للقضاء على المعارضة وفرض السيطرة بالكامل على محافظة درعا.
وقبل أيام، تم التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار جديد، دخلت بموجبه الشرطة العسكرية الروسية ولجنة أمنية تابعة للنظام السوري إلى المنطقة، بغرض تثبيت وقف إطلاق النار، وتسلم السلاح الخفيف من أشخاص حددهم النظام، وعددهم 34.
قوات روسيا في درعا – الأناضول
وتضمّن اتفاق وقف إطلاق النار عدم تهجير أي شخص خارج المنطقة، وتمركز قوات النظام وفرع الأمن العسكري التابع له في 4 نقاط من المنطقة كقوى أمنية، وعودة مخفر الشرطة وعناصره للمنطقة، بعد خروجهم منها جراء الأحداث الأخيرة. كما تضمن الاتفاق انسحاب الفرقتين الرابعة والتاسعة التابعتين للنظام من محيط منطقة درعا البلد، وفك الحصار عنها.
الأردن وموجات اللاجئين
يمتلك الأردن حدوداً مع سوريا يصل طولها إلى 375 كلم، وتعتبر المملكة من دول جوار سوريا التي تأثرت بالأزمة السورية المستمرة منذ عام 2011، فقد استقبلت أراضيها قرابة 750 ألف لاجئ، توزعوا على مختلف محافظاتها ومدنها، فضلاً عن وجود عدد مماثل دخلوا قبل بدء الثورة بحكم النسب والمصاهرة والمتاجرة.
وعلى مدار سنوات طويلة لم تغلق عمان أبوابها في وجوه طالبي اللجوء، إلا أنها قررت إغلاق الحدود مع سوريا بعد تفجيرات الرقبان التي جرت في حزيران/يونيو 2016، وأودت بحياة 7 عسكريين أردنيين.
وحتى ذلك القرار لم يخل من استثناءات، فقد جرى خلال فترات متفاوتة السماح بإدخال حالات مرضية لنازحي مخيم الرقبان، الواقع في المنطقة “المحرمة” بين البلدين على الحدود الشمالية الشرقية للمملكة، والذي يضم ما يزيد على 85 ألف نازح سوري، كانوا ينتظرون السماح بدخولهم إلى الأراضي الأردنية.
كما سمح الأردن عام 2018 للأمم المتحدة بتنظيم مرور نحو 800 عنصر من الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، عبر أراضيه؛ لتوطينهم في دول غربية، لـ”أسباب إنسانية بحتة”.
والسبت 4 سبتمبر/أيلول، ناشد أعضاء في لجنة التفاوض ووجهاء عشائر في مدينة درعا جنوبي سوريا العاهل الأردني السماح للأهالي بدخول أراضي المملكة، بعد انتهاك النظام لاتفاق وقف إطلاق النار، والتقدم بمطالب إضافية لم يتضمنها الاتفاق بين الطرفين.
ورجح محللون سياسيون أردنيون عدم التفات عمان لتلك المناشدة، خاصة مع الضغط “الهائل” الذي تعاني منه المملكة من تواجد أعداد كبيرة من اللاجئين على أراضيها، لكنهم توقعوا في الوقت ذاته أن يكون لبلادهم دور في حل سياسي يعيد الأمور إلى نصابها، ويحول دون تهجير الآلاف منهم.
سعي الأردن لحل سياسي في سوريا
الكاتب والمحلل السياسي فايز الفايز، قال للأناضول: “لم يعد خافيا الجهود التي بذلها الأردن وعلى أعلى مستويات الحكم في سبيل الحل السلمي والسياسي للصراع في سوريا والذي تجاوز عقداً من الزمن.
“لكنه اليوم بات على بعد قذيفة من الهجمات الحربية للنظام السوري المدعوم من القوات الروسية والميليشيات الإيرانية، فمدينة درعا المتاخمة للحدود باتت ساحة حرب ضروس بعدما خرقت الأطراف الرئيسة شروط الهدنة والاتفاقات التي تم التوافق عليها مع السكان”.
وأشار الفايز إلى أنه من الناحية الرسمية، “ينظر الأردن بعين الحذر للتطورات المقلقة التي قد تهدد استقرار حدوده والتي حافظ على هدوئها عبر سنوات خلت”، مضيفا أن “الملك عبدالله نقل تصوراته ووجهات نظر العديد من الخبراء في الاستراتيجية الجيوسياسية إلى طاولة البيت الأبيض خلال محادثاته مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، وضغط بشدة لفتح المعابر الإنسانية والتجارية؛ لضمان حركة النقل وتقديم المساعدات للشعب السوري”.
“استطاع (الأردن) أن يضمن فتح حدوده الرسمية مع سوريا، بيد أن تفجر الوضع من قبل الميليشيات والجيش السوري مدعوماً بغطاء روسي أفشل العملية السلمية برمتها حتى اليوم”.
واعتبر الفايز أن “الأردن قد عاد إلى المربع الأول في الأزمة السورية، خصوصاً مع استمرار قصف القطاعات العسكرية لمدينة درعا ودرعا البلد، وهي مهد الثورة على النظام، ولكنه لا يستطيع العودة بصفته ملجأ للمواطنين السوريين التي تتحمل الدولة السورية ضمان أمنهم”.
وأكد أنه “رغم ما قيل من مناشدات الأهالي في درعا للأردن كي يفتح حدوده، فإن ذلك ليس في الوارد، فالتنسيق ما بين عمان وموسكو تعدى حدود التفاهمات الأمنية والعسكرية بل إن الملك عبدالله قام بزيارة لموسكو والتقى الرئيس فلاديمير بوتين (أغسطس/آب الماضي)، ومن المؤكد أن الأزمة السورية كانت هي الأبرز في المحادثات، والدفع بالمصالحة وعودة المهجرين الى منازلهم”.
وأردف الفايز: “لكن بعدها لم تترك اليد الإيرانية مجالاً للمزيد من التعاون الأردني لإعادة استتباب الأمن في المدينة المنكوبة، وحتى وفد العشائر الذي كان منخرطاً بالوصول لاتفاق مع أحياء درعا البلد تم قصف قافلتهم بالمدفعية”.
ومضى قائلاً: “لهذا لا يمكن للأردن أن يتحمل التكلفة العالية للصراع المستجد في الجنوب السوري الذي عادت سيطرة القوات الإيرانية والتغطية الروسية عليه فضلاً عن قوى النظام”.
محاولات إيران لزعزعة استقرار الأردن
الفايز أشار أيضاً إلى أن “قطاعات حرس الحدود الأردنية باتت يقظة على مدار الساعة؛ لصد عمليات التسلل لجماعات تتقصد تهريب الأسلحة والمخدرات عبر حدوده، وترصد الاستكشافات العسكرية الأردنية العشرات من مصانع المخدرات التي تتزود من الأراضي اللبنانية”.
ورأى أنه “من هنا يظهر بوضوح المشروع الإيراني الذي يستهدف الأردن أيضاً، بعدما تم تهجير الآلاف من درعا وقراها إلى شمال سوريا، ومحاولة التغيير الديموغرافي للوصول إلى محاذاة الحد الأردني”.
بوتين ورئيس النظام السوري بشار الأسد
ومتابعاً في السياق ذاته أن “الأردن لن يقبل بهذا، ومثله الدعم الروسي للحفاظ على سيطرته رغم النظام، ويبدو أنهم تحركوا مجدداً للجنوب السوري كمناورات غير مباشرة أمام قواعد الجيش الأمريكي داخل الأراضي السورية في الجنوب الشرقي وفي الأراضي الأردنية”.
واختتم الفايز “أي تهديد للأراضي الأردنية سيقطع أي أمل بالسلام، والحل أن يتخلص النظام السوري من عقلية المغالبة التي ورطته فيها قوات طهران بالوكالة واستوطنت الأرض السورية ولا يهمها الاستقرار ولا حماية المواطنين الأبرياء”.
هل يتم التوصل لحل سياسي في درعا؟
وقال خالد شنيكات، أكاديمي ومحلل سياسي، للأناضول إن “الأردن في موقف ليس سهلاً، بموضوع اللاجئين؛ لأن لديه أعداداً هائلة تزيد على 1.3 مليون منهم، لكنه رغم ذلك متأهب لكل الخيارات”.
ولفت إلى أن “زيارة الملك عبدالله الأخيرة إلى روسيا ربما تناولت شيئاً من هذا الموضوع، والأردن يفضل أن يحل الموضوع سلمياً داخل سوريا؛ منعاً لموجات نزوح جديدة من اللاجئين باتجاه أراضي المملكة”.
“إذا لم يتم الاتفاق بين المعارضة والنظام في درعا، قد نشهد موجات لاجئين، لكن يبدو أن هناك اتفاقاً برعاية نائب وزير الدفاع الروسي، يتمثل في الرجوع لاتفاق عام 2018 بنقاط أمنية مشتركة ومعالجة موضوع اللاجئين والمقاتلين، وبالتالي حل الموضوع داخل سوريا”.
واعتبر أن ما يقلق بلاده من تطورات درعا السورية هو “فقدان الاستقرار في سوريا وتبعاته الاقتصادية، واستمرار دورة العنف، وما يتبع ذلك من تداعيات، وبالتالي المزيد من التكلفة لما يجري هناك”.
صايل السرحان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة آل البيت (حكومية)، كان أكثر تفاؤلاً من سابقيه، حيث قال: “أعتقد أن موضوع أزمة درعا الأخيرة المتعلقة بالمسلحين المتحصنين في حي المحطة في طريقها إلى الحل”.
وأرجع السبب في ذلك إلى “أن المقاومين يواجهون ضغطاً من الجيش السوري الأقوى عدداً وعدة، وضغطاً من جانب الأهالي بضرورة الاستجابة لدعوات وقف إطلاق النار والانصياع للتسوية بالرعاية الروسية”.
ونوه السرحان بأن “عدداً قليلاً سيتم ترحيله إلى إدلب، وأعتقد أن الأردن لن يستقبل موجة لجوء جديدة”، مضيفاً: “الأردن يرحب بتسوية للصراع السوري بشكل عام، وفي درعا بشكل خاص؛ ليمهد الطريق لاستئناف فتح المعبر بين البلدين للنهوض بالحياة الاقتصادية التي تشكل قضية ملحة له، وقد أشار الملك عبدالله قبل أكثر من شهر إلى ذلك بشكل واضح وصريح”.
متظاهرون في بصرى الشام بريف درعا يحيون ذكرى الثورة السورية /رويترز
وكانت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية قد نشرت تحليلاً تناول رغبة روسيا في الحفاظ على الوضع الراهن وعدم تجدد القتال في سوريا بعد أن اكتشفت موسكو أن الحفاظ على السلام في سوريا أصعب من القتال في حربها الأهلية. ويرجع ذلك إلى الاعتداء الشرس من جانب قوات النظام السوري ضد إدلب، المعقل الأخير للمعارضة السورية، وفي درعا يؤدي إلى تقويض الهدف الأساسي لموسكو الرامي إلى ترسيخ أقدامها بوصفها وسيطاً قوياً رئيسياً في المنطقة.
وأكد السرحان أن “مصلحة الأردن العليا تكمن في الوقت الحالي، وفي ضوء ما أسفر عنه الوضع، في تسوية تحفظ وحدة سوريا لما فيه مصلحة شعبها، والحاجة الملحة إلى منح المملكة وضعاً خاصاً في علاقته معها؛ في ظل قانون قيصر المفروض أمريكياً”. واستطرد: “وبالفعل تم التوصل إلى تفاهمات حول ذلك خلال زيارة الملك إلى واشنطن مؤخراً (يوليو/تموز الماضي) ولقائه الرئيس الأمريكي جو بايدن”.
—————————————-
هل تستطيع روسيا ضمان الهدوء في درعا أم تستسلم لضغوط الأسد وإيران؟
جاء وقف إطلاق النار في درعا ليلقي الضوء على أهداف روسيا في هذه المنطقة الواقعة جنوب سوريا؛ وهي أهداف لا تتفق بالضرورة مع ما يريده حليفها بشار الأسد.
وليلة الثلاثاء 31 أغسطس/آب الماضي، أُعلنت اتفاقية لوقف إطلاق النار بين ما يُعرف باسم “المتمردين المتصالحين” في الأراضي الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة بمدينة درعا البلد وبين حكومة الرئيس بشار الأسد. وأدت الاتفاقية للقوات الحكومية لرفع الحصار الذي فرضته لأشهر على المدينة التي هاجمتها مؤخراً؛ في محاولة لفرض سيطرتها عليها.
تُعتبر مدينة درعا الجنوبية مهد الثورة السورية، لأنّها المكان الذي اندلعت فيه أول مظاهرة معارضة للنظام عام 2011. وبعد سبع سنوات، وبعد تحوّل الاحتجاجات السلمية إلى حربٍ مُدمّرة، نجحت القوات النظامية المدعومة من روسيا في إعادة السيطرة على درعا، ورفع علم النظام، واستحداث برنامج “المصالحة” مع مقاتلي المُعارضة.
لكن المعارضة استمرت داخل درعا، حتى مع انتقال القوات النظامية بمعاركها إلى جبهات أخرى. وصارت الاضطرابات التي شهدتها خلال الأسابيع الأخيرة بمثابة أحدث التحديات لسلطة الأسد، التي ترسخت بالفعل تحت ضغوط الأزمة الاقتصادية الخانقة وتزايد الخلافات في صفوف حلفائه التقليديين.
وتصاعدت التوتّرات في درعا الشهر الماضي، بعد أن هاجم مسلّحون سيارة زعيمٍ بارز في المعارضة، لأنّه واصل التعبير عن معارضته للنظام حتى بعد أن استعادت قوات الأسد السيطرة على المنطقة.
وبلغت أحداث درعا ذروتها، عند لقي القائد السابق أدهم الكراد، وأربعةٌ من مرافقيه، مصرعهم في حادثةٍ أدّت إلى اندلاع أسابيع من العنف وفقاً لتقارير وسائل الإعلام المعارضة التي أكّدتها جماعات المراقبة والمحللون ومنشورات الشبكات الاجتماعية.
ومنذ نهاية يوليو/تموز، شهدت المدينة تصعيداً عسكرياً بين قوات النظام ومجموعات مسلحة محلية، بعد ثلاث سنوات من تسوية استثنائية رعتها روسيا. وتفاقمت الأوضاع الإنسانية مع حصار فرضته قوات النظام على درعا البلد، أي الأحياء الجنوبية للمدينة حيث يقيم مقاتلون معارضون، تصدوا لمحاولة قوات الأسد التوغل في مناطقهم.
وقال سكان ومسؤولون محليون إن أغلب سكان درعا البلد، وعددهم نحو 50 ألفاً، فروا بعد قصف استمر لأسابيع منع خلاله جيش نظام الأسد دخول الغذاء والدواء والوقود، لكنه فتح ممراً للمدنيين للمغادرة.
شروط اتفاق وقف إطلاق النار في درعا
وتسمح بنود اتفاق وقف إطلاق النار في درعا للشرطة العسكرية الروسية مع لجنة أمنية مرتبطة بالنظام السوري أن تُسافر إلى المنطقة لفرض وقف إطلاق النار.
وطوال الشهر الماضي، قادت موسكو مفاوضات للتوصل إلى اتفاق بين الطرفين، تم خلالها إجلاء نحو سبعين مقاتلاً معارضاً إلى مناطق سيطرة فصائل معارضة في شمال البلاد.
وفي السياق، صرح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن: “بدأ تنفيذ الاتفاق الأخير الأربعاء الماضي بدخول الشرطة العسكرية الروسية إلى درعا البلد”. وحسب المرصد، ينص الاتفاق على وضع قوات النظام ثلاثة حواجز في درعا البلد، على أن يسلم المقاتلون المعارضون الراغبون بالبقاء أسلحتهم، فيما يُرجح أن يتم إجلاء رافضي التسوية”.
وقف إطلاق النار في درعا
وفي هذا الصدد، صرح عمر الحريري الناشط المعارض من مكتب “توثيق الشهداء في درعا” بأن “ما حصل هو إلغاء استثناء حازت عليه درعا قبل ثلاث سنوات”. مضيفاً: “من المتوقع أن تتجه قوات النظام الآن إلى مناطق يتواجد فيها مقاتلون معارضون في ريف درعا الغربي، بهدف التوصل إلى النتيجة ذاتها”.
وقال مفاوضون إن الفصائل المسلحة في المنطقة بدأت بموجب الاتفاق تسليم الأسلحة الخفيفة، بناء على تطمينات بأن الشرطة العسكرية الروسية هي التي ستنفذ الدوريات وتحرس نقاط التفتيش لمنع جماعات مسلحة مدعومة من إيران من الدخول، بما يمنع حدوث عمليات انتقامية.
وقال الجيش السوري إن الاتفاق أعاد أخيراً سيطرة الدولة على منطقة لم تنعم بالأمن منذ فترة طويلة.
الأسد يقدم مزيداً من المطالبات مدفوعاً من إيران
في الوقت نفسه يمكن للمطالبات الجديدة التي قدمها نظام الأسد يوم الجمعة 3 سبتمبر/أيلول الجاري، والتي رُبما قُدمت تحت ضغط من إيران، أن تتسبب في اشتعال الموقف مرة أخرى، حسبما ورد في تقرير لموقع Almonitor الأمريكي.
وكان ممثلون للنظام السوري قد طالبوا بالتسليم الكامل للأسلحة، وإقامة حواجز أمنية في المناطق السكنية، وتفتيش كامل للمنازل. غير أن المعارضة رفضت تلك الشروط، وأصرت على إجلاء السكان إلى تركيا أو الأردن.
مع ذلك يمكن افتراض أن روسيا ستواصل جهودها للإبقاء على الوضع الراهن، إذ إن المسألة مسألة هيبة بالنسبة لموسكو.
وفي أعقاب عملية عسكرية جنوب غربي البلاد ضد جماعات معارضة محلية في صيف 2018، وافقت روسيا على أن تضمن لأولئك المتمردين، وأغلبهم من الجبهة الجنوبية، اعتبارهم حالة خاصة. انتهى المآل أثناء التشاور مع دبلوماسيين من روسيا، وأمريكا، والأردن، وإسرائيل في عمّان إلى تصورات مفادها أن وحدات المعارضة المسلحة قد تبقى، ولن تُنزع أسلحتها بالكامل، حتى قبل بدء هجمات 2018.
رأت الأطراف أن وجود قوات معارضة في تلك المنطقة، ولو بشكل مخفف، يخلق منطقة عازلة من نوع ما على طول الحدود مع إسرائيل والأردن. حينها لم تعد الكلمة العليا حول مصير تلك المنطقة في يد سوريا ولا حليفتها إيران، بل في يد روسيا، التي لم تسمح بنشر قوات تعمل لصالح إيران بالوكالة على طول الحدود مع إسرائيل.
يريد نشر التشكيلات الموالية لطهران في المنطقة
وقد كانت روسيا قادرة على فرض ذلك القرار والدفاع عنه أمام دمشق، برغم الاعتراضات الشديدة من نظام الأسد. نتيجة لذلك حاولت السلطات السورية مراراً وتكراراً أن تستعيد سيطرتها على المنطقة بغرض تحويلها تالياً إلى تشكيلات موالية لإيران، لكن روسيا كانت تحول دون ذلك في كل مرة. بالتالي، وخلال السنوات الثلاث الماضية، ظل الوضع في تلك المناطق الخاضعة لسيطرة المتمردين على ما هو عليه.
في الوقت نفسه، وعلى الرغم من أن موسكو تمكنت من فرض أجندتها الخاصة في النهاية، فإن الوصول للاتفاقات الحالية مع دمشق لم يكن سهلاً.
يضغط الأسد من جهة على القيادة الروسية حيال الحاجة لاستمرار العمليات العسكرية في إدلب. غير أنه بالنسبة للجيش الروسي، فإن بدء عمليات عسكرية جديدة، سواء في الشمال الشرقي السوري أم الشمال الغربي، أمرق شديد الخطورة؛ بسبب احتمالية وقوع اشتباكات عسكرية مباشرة مع تركيا أو الولايات المتحدة، اللتين لديهما قوات مسلحة في المنطقة.
ثم حاولت دمشق نقل عملياتها إلى الجنوب السوري؛ بُغية التأكيد على أنها لا تنوي أن تتراجع عن خطة “تحرير سوريا حتى آخر شبر” التي أعلن عنها الأسد. لكن هناك أيضاً لم يجد النظام السوري دعماً روسياً. لم يُساعد الجيش الروسي قوات النظام السوري في شن هجمات على درعا البلد. بل على العكس كانت موسكو في كل مرة تُحاول إجبار الأطراف على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، حسب الموقع الأمريكي.
رغم أن تقارير أفادت بأن الروس هددوا في بعض الأوقات قيادات درعا بالمشاركة في الهجمات مع الأسد عبر القصف الجوي إن لم يستجيبوا لطالباتهم.
ثأر شخصي للأسد مع درعا
الأسد من جهته لديه ثأر شخصي يدفعه لمحاولة السيطرة على تلك المناطق في الجنوب؛ فأهلها رفضوا المشاركة في إعادة انتخابه في مايو/أيار 2021، بل لم يوافقوا حتى على فتح لجان انتخابية. ذلك يُعقد، بلا شك، موقف موسكو في مطالبتها بتوفير معاملة خاصة لأهالي تلك المناطق.
عناد موسكو مع دمشق مدفوع كذلك بحاجة الكرملين لبيان قدرته على الوفاء بالتزاماته تجاه الدول الأخرى في المنطقة: وهما الأردن وإسرائيل تحديداً. لذلك فالمسألة مسألة هيبة بالنسبة لروسيا، حسب الموقع الأمريكي.
في ذلك السياق، كانت لزيارة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني لموسكو في 23 أغسطس/آب المنصرم ولقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين أهمية قصوى، فكان أحد المواضيع الرئيسية التي ناقشاها هو الوضع في درعا البلد. وتدعي بعض المصادر أنه في أعقاب المباحثات المشتركة اتفق الأردن وروسيا على الحاجة إلى حل النزاع بين الجنوبيين وبين القوات الحكومية التي تحاول إخضاعهم، وذلك عبر حل الأزمة الإنسانية في المقام الأول. وفقاً لتلك المعلومات، فإن عمّان مستعدة لتقديم مساعدات اقتصادية لائقة للمناطق التي عادت سابقاً لسيطرة دمشق عام 2018 لكنها فعلياً ظلت تحت الحكم الذاتي.
علاوة على ذلك، لن ترغب موسكو في المخاطرة بعلاقاتها مع إسرائيل. تواجه روسيا حالة من عدم اليقين بشأن كيفية بناء تفاعل مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة. في حال نقل مناطق الجنوب السوري تحت السيطرة الكاملة للأسد، ستظهر فوراً تشكيلات موالية لإيران، وهي في الواقع القوة الحقيقية وراء العملية في درعا.
وسيؤدي ذلك إلى تصعيد جديد في المنطقة وهجمات للجيش الإسرائيلي على مواقع القوات الموالية لإيران بالقرب من حدودها. لا ترغب روسيا بالطبع في فتح صفحة جديدة في العلاقات مع إسرائيل بهذه الطريقة.
——————————-
برعاية روسيّة… الجيش السوري يدخل إلى “مهد الثورة”
بعد أيام من المفاوضات الشاقة التي أسفرت عن اتفاق تسوية برعاية روسية في محافظة درعا شمال سوريا، دخلت اليوم وحدات من الجيش السوري إلى منطقة درعا البلد وبدأت بتثبيت بعض النقاط العسكرية وتمشيط المنطقة إيذاناً بإعلانها “خالية من الإرهاب”، بعد حصار استمر أكثر من سبعين يوماً.
وأفادت وكالة الأنباء السورية (سانا) بأنّه “تم رفع العلم الوطني فوق مركز التسوية في حي الأربعين، والبدء بتثبيت بعض النقاط وتمشيط المنطقة إيذانا بإعلانها خالية من الإرهاب، وذلك في إطار اتفاق التسوية الذي طرحته الحكومة السورية، والقاضي بتسوية أوضاع المسلحين وتسليم السلاح للجيش”.
من جهته، أكّد “المرصد السوري لحقوق الإنسان” بدء دخول “قوات عسكرية تابعة للنظام” إلى المنطقة.
ووفقاً للمرصد، أنشأت القوات السورية برفقة الشرطة العسكرية الروسية حتى الآن 5 نقاط عسكرية من أصل 9 نصّ عليها اتفاق التسوية، وسيقومون بإجراء حملات تفتيش للمنازل بالإضافة إلى التدقيق بالهويات الشخصية.
وصباحاً، شهدت محافظة درعا هدوءا حذراً في عموم المناطق ولا سيما درعا البلد، وذلك في ثالث أيام تطبيق بنود الاتفاق الأخير برعاية روسية، حيث تستمر عمليات إجراء التسويات للمسلحين المحليين والمدنيين وآخرين مطلوبين للخدمة الإلزامية والاحتياطية، وسط معلومات عن منح المتخلفين عن الخدمة والمنشقين مهلة 3 أشهر للالتحاق بها.
وأفاد المرصد بأنّه جرى تسوية أوضاع نحو 100 شخص ضمن درعا البلد منذ صباح أمس الثلثاء، فيما وصل العدد الإجمالي لمن تمت تسوية أوضاعهم على مدار الاتفاقات السابقة والاتفاق النهائي إلى نحو 940 شخصاً، والذين أجروا التسوية هم من المسلحين المحليين والمدنيين والمطلوبين للخدمة الإلزامية والاحتياطية.
وأشار المرصد إلى أنّه سيتم الانتقال إلى ملف “طريق السد ومخيم درعا” عقب الانتهاء من تطبيق كامل بنود الاتفاق حول درعا البلد، حيث يرفض المسلحون المحليون المتواجدون هناك تطبيق أي اتفاقية حتى اللحظة، وسط توعّد من قبل الجيشين السوري والروسي بشن عملية عسكرية في حال استمرار الرفض.
وكانت القوات السورية قد حاصرت درعا البلد لأكثر من سبعين يوماً، قبل التوصل إلى اتفاق تسوية بعد معارك واشتباكات دامية استمرت نحو شهر.
ولحي درعا البلد قيمة ورمزية معنوية لدى الدولة السورية والمعارضة على حد سواء، باعتباره مهد الاحتجاجات الشعبية التي انطقلت في 18 آذار (مارس) عام 2011، قبل أن تتحوّل إلى حرب دامية أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن نصف مليون سوري وتشريد نصف سكان البلاد سواء نزوحا أو على موجات لجوء كبيرة إلى الدول المجاورة وأوروبا.
النهار العربي
——————————
======================