لا أريد أن أكتب عن اعتقال يوسف عبدلكي/ هدى بركات
الحقيقة أني، غريزيا، لا أريد أن أكتب عن اعتقال يوسف عبدلكي.
هناك شيء في أعصابي، يشبه القرحة، يجعلني أشعر بألم حادّ كلّما زرت كلّ صفحات المواقع المفتوحة أمامي باستمرار فوجدت أحد الناس، من المثقفين والأصدقاء والكتّاب والصحافيين، يعدّدون مزايا التشكيلي الكبير والإنسان النظيف والحرّ. أوّلا لأن ذلك يعني أنهم لم يطلقوا سراحه بعد… وثانيا لأن هذه الكتابة تشبه، رغم عظيم النوايا، كأن يكون يوسف قد <<مضى>>… ثالثا لأن بي توجّس وخوف من أن يغضب معتقلو يوسف من هذا <<الضجيج>> فيذهبوا إلى النكاية، فقط هكذا، إلى النكاية لأنهم أبناء النكاية والمشرّعون لها.
هل ينفع أن يكتب المدافعون عن يوسف أنّه بريء؟
لا بدّ أنّ من اعتقله يعرف ذلك. فقط بسبب أن يوسف بقي في سورية. بقي هناك، كمن يقول ليس لديّ ما يدعو للخوف. وهو كعادته إنسان <<مكشوف>> حتى السذاجة. واضح حتى الإزعاج الصريح أحيانا… أحيانا أبيض أو أسود. وكنت أقول له في بعض تلك الأحيان يا يوسف هذه قسوة. لا تحتمل الحياة كل هذا الوضوح. ثم كنا نضحك. ثم كان يوسف يستعير مني شرائط <<مدرسة المشاغبين>> و<<العيال كبرت>>… وأهمّ ما كنت أخبره به هو استلامي قنينة عرق بلدي من قريتي…و… أشياء لا أريد الآن أن <<أتذكّرها>> هكذا بلا مناسبة…
حسنا. الآن، عمليا، أفكّر شخصيا وبهبل كبير عمّا يمكن<< فعله>>. كأن أبحث في ذاكرتي اللبنانيّة عمّن يمكن الاتصال به لأرجوه التوسّط لدى <<أحد ما>> ليترجّى <<أشخاصا ما>>، <<أطرافا ما>> كي يطلقوا سراح يوسف بسرعة..لأنهم حتى الآن تأخروا كثيرا.
أنظر إلى بوستر لوحته على حائط بيتي. لا يهمّني الآن لا الفن ولا الثورات. أشيح النظر. معدتي تؤلمني جدا. أدور في أنحاء البيت. يدخل رضا ويسألني بعينيه. أقول له لا ليس بعد.
لا أريد الكتابة عن اعتقال يوسف عبدلكي.
خاص – صفحات سورية –