يوسف: خالد خليفة
حين عاد يوسف عبد لكي إلى سوريا منذ سنوات لم أكن أعرفه شخصياً، لكننا كنا أصدقاء ببساطة، لم نحتج سوى إلى دقائق قليلة لنتبادل الضحكات والحديث بشتى المواضيع، ويوم وصوله إلى دمشق من منفاه الفرنسي كتبت له رسالة نشرها موقع حجلنامه الذي يديره صديقي الشاعر الكردي المغترب محمد عفيف الحسيني، مازلت أذكر بأنه كان لدي رغبة أن أخبر يوسف عن كل ما جرى أثناء سنوات منفاه، بجدية كاملة أخبرته الحقيقة بأننا لم ننحني يوماً للطغاة، لم نساوم على شرف الثقافة ولم نبع ونشتري تراب أوطاننا ودماء شهدائنا، ضاعت الرسالة الآن وقبل اعتقاله بأيام قليلة وعدته بالبحث عنها وإعادة نشرها في صفحته، لكنني في الكثير من الأحوال إن كتبت له هذه المرة سأقول له كلاماً يخجل يوسف من سماعه، كأن أقول له بأنني فخور بأننا نتنفس هواء المدينة نفسها، ونستمتع و نهزء من أصوات القذائف، نتحدث عن خوفنا وأملنا وألمنا، أرغب بأن أخبر يوسف بالكثير من الأشياء لكنني أعرف بأنني لن أفعل، لأنه ببساطة لا يمكن الحديث مع يوسف إلا ويغرق الحديث في تفاصيل نذهب إليها دون قصد منا ونضيع دوما في التفاصيل، لكنني من المؤكد سأخبره أنني اشعر بالقوة فقط لوجوده هنا، أعرف بأنني لست الوحيد الذي تنتابه هذه المشاعر لكنني سأحدثه باسم الكثيرين الذين لا يعرفون كم هو رائع أن تكون مثقفاً حين يكون يوسف مثقفاً، وفناناً حين يكون يوسف فناناً، وكم هو رائع أن تكون شريك يوسف في حلم كبير، حلم سوريا المدنية والديمقراطية.
لا تطل الغياب لم نعد نحتمل ذلك وكل يوم نتذكرك وسأخبرك بالكثير من الأشياء التي ستجعلك تشعر بأنه يجب أن تتخلى عنه خجلك وتسمح للكثيرين أن يعبروا عن حبهم و إيمانهم بك فناناً وإنساناً ورفيقاً.
خاص – صفحات سورية –