عبدلكي مُعتقـَلاً !!/ ياسر صافي
لا يُشعرك يوسف أنك خصمُه وأنت تلعب معه الشطرنج، قد يَدلـّكَ على كمين نصبه لك وهو يحرك السُّكر في كأس الشاي. كأنّه يُقاسمكَ الخسارة !!
” الإنذار قبل الطعن يايوسف!” أقولها، فيضحك…، يلفت نظرنا ذكرُ حمامٍ أصفر يتحرش بأنثاه في باحة المرسم، شجرة نارنج تنتنظر من يُقلـّمها ، ويوسف يبحث عن بستانيّ ربما صار شهيداً أو معتقلا ً. لا فرق ، فالغوطة مُحاصَرة ولن يأتي .
رحيماً كان معي في حصار الملك، وهو الصّارم في قياساته النقدية. رجلٌ لا يعنيه الفوز، فالأداء هاجسه في أي فعل ذهني أو إبداعي، ربما في الحياة والسياسة كذلك . فالخصم ليس سوى شريك محنة ..
عاصر يوسف منذ بدايات وعيه التحولات السياسية والإجتماعية التي عصفت بالبلد والمنطقة بكل تفاصيلها، ومثله لا يعرف إلا أن يكون في قلب الحدَث، محفورته الشهيرة في السبعينيات ” يا طيرَ البرق تأخرت ” وأعمالٌ أُخرى كان لها الأثر الأكبر في تشكيل وعينا البصري (يوسف وقلـّة زاوَجوا بين الإبداع الفني والثوري ) مواقفُه النبيلة المعلنة والمنحازة للعدالة والإنسان كانت تماريناً على الإحتجاج في عهد الأب والإبن ! . لذلك، كان وقـْع خبر اعتقاله ورفيقيه عدنان الدبس وتوفيق عمران، بالغ الأثر ليس على أبناء جيله فحسب، بل وعلى الشباب السوري والعربي عموماً مستنكرين المساسَ بأحد رموز الثقافة السوريين، وواحد من أبرز الحفارين والرسامين، ليعيد إعتقالـُه طرح ملف المعتقلين السوريين في سجون النظام. هذا الملف الذي غطّت عليه صور العنف اليومي والكارثي في الإعلام المرئي والمسموع .. تجدر الإشارة هنا إلى رسوم وملصقات كثيرة أنجزها عبدلكي عن معتقلي الرأي السوريين وغير السوريين في فترات مختلفة.
لم نُنهِ اللعبة …، حديثنا صار متقطعاً كأصوات القصف في دمشق، نعيد تدوير النكتة ، فالظرفاء غادرونا إلى مقاهٍ وعواصم عبست في وجوههم. خارطة جديدة للألم تشكلت بعد موجات النزوح المستمرة. شيءٌ هنا توقف …، اتصال من بيروت “..في أخبار عن يوسف ؟ عرفتوا وينو ؟!!” وآخر من السويد، صديقٌ أنهَى حديثـَه معي:
“.. ليُصبح على خير يوسف العزيز”.
فنان تشكيلي سوري
خاص -صفحات سورية –